اٍختفــــاء: حكــايات الزمـــن المــوات

Forum Démocratique
- Democratic Forum
محمد النور كبر
مشاركات: 33
اشترك في: الثلاثاء يونيو 07, 2005 9:16 am

مشاركة بواسطة محمد النور كبر »

اٍختفــاء

2.



حينــما نزلت في مطــار القاهرة .. بكيتُ .. بكيتُ.. بعويل هادر .. و كانت وفاء ، شقيقتي الصـغرى ، تدفع اٍنتصــار على كرســي المعوقين ..!!
و كانت اْنتصــار .. تلبس ثوبا ســودانيا يانع الخضــرة .. و تغطي وجهها بنظارة سميكة ســوداء.. و خلفهما تقف أمــيرة و بعض الأصــدقاء ..
حملوني على أكتافهم كالعريس .. و كانت كافة خــلق اللــه تشــهد و تستغرب ..!
احضـروا سيارة ألأجرة البيجــو.. و لم أكن أفهــم جيدا في تفاصــيل القاهرة ..
همســتْ اٍنتصــار : نحن نقيم في ميــدان المحكمة بمصــر الجديدة ..
قلتُ : هل هــو حي جميل ؟
قالتْ : حمـــيم جـــدا ..
و كنت أمتع نفســي بزحام الســيارات .. الإضــاءات .. و مناظر الحياة ، التي لم يغشــاها ســيل الزمن المــوات العرمرم ..

***


حينما دخلنا الشــقة .. كانت الأجــواء كاتمة .. أشبه ببؤرة الإختناق الواسعة ..
قالتْ أميــرة : أكره حياة الشــقق.. فاٍنها ضــيقة .ز و ليست بها براحات واسعة..
جلســتُ على الكاوتش العريض ..
ســـألتُ وفاء عن أمــي و أبي ..
صــمتتْ ..
و صمتتْ أميـــرة أيضــا..!
ثم قالتْ اٍنتصـــار : ســـوف تتزوج وفاء قريبا .. و ستذهب الى ملبـــورن .. فقط كنا ننتظر قــدومك ..
شـــعرتُ بالخـــوف و التوجــس الحقيــــقي ..
قالتْ أميـــرة : لا عليــك الآن .. اٍنتصــار ســـتقول لك عن كل شـــئ ..أصــبر يا صـــديقي ..
و بكيـــتُ ..
بكيـــتُ بحـــرقة ..
أنســـحبتْ وفاء و أميـــرة الى داخــل غرفتهما ..
و حملتُ اٍنتصــار على أكتــافي ..الى الغرفة الأخــرى .. وهمســتُ في الطــريق اليها : منــذ اليــوم لن تحتــاجي الى هــذه الآلــة .. فســوف أحملك على أحضــاني .. و قبلتها ..!
وضــعتها على الســرير العريــض .. و قلتُ لها : الدنيا ليـــل .. يجب أن تخــلعي النظــارة.. فلقد اٍفتقدت عينيك زمانا ..
ابتســـمتْ اٍنتصــار .. و ضـــحكتْ بصــفاء ..ثم قالتْ : عــودتني أن تنزع عني أشــيائي .. و لكم اٍفتقدتُ ذلك كثـــيرا .. و لا بأس أن تفعــل ذلك الآن .. فأنا احــبك يا صــديقي .. و بالجــد أشــعرُ بهــدير الـــفــــرح العارم ..!
ركعـــتُ أنا على حافــة الســـرير .. ووضــعتُ وجهــها بين راحــتيّ .. و كانت هـي تمسّـــد شــعرات صــدري بيـــديها .. التي شــعرتُ فيهما بضــعف غريب ..!

قــلتُ : دعيــــني أتلـــو صــلاة الإفتتـــاح و ترانيمــه البهيــّة ..
باٍســــم الحــب .. و أســماء من اٍبتلعتهم ابار الغياب النهمـة..
و باٍســـم الفــرح .. و ألأشـــياء كافة .. أنزعُ النظـــارة عن وجــه حبيبـــتي وصــديقتي ووردتــي الكبرى .. اٍنتصـــار .. !
أزحــتُ النظــارة ..
شـــعرتُ بالدنيــا تــدور .. و ظللتُ انتحــبُ بحــرقة .. كانت عينها اليســرى قد أصــبّحتْ حفــرة عميقة .. أما اليمـــنى ، فلقد كانت مغلقــة تمــاما ..!!
كنتُ اضـــمها بجـــنون الى صـــدري ..ألّتبســتْ على الأحاسيس ..هــذيانا .. صــراخا.. ضحكا .. غنـــاءا .. و فحيحا منكســر .. منكســر .. منكســر ..!
و في مغبـــة تلك اللحظـــة ، قلتُ لها : فلنرقص..!!!
و كانت هــي أكثر تماســـكا منـــي ..
ثم قالتْ : قــد تكـــون هي مفــاجأة ..!
قلتُ بلا شــعور : أريــد العرق .. اريد غيبــوبة ..تحتمل نيابة عني ..
صـــمتتْ .. تتركني لهــواجس كافرة .. لئيمة ..
قلتُ : أريد أن أخرج .. توا ..
قالتْ : ما هكــذا يــورد الشـــوق .. دعني أبلُ شـــوقي .. فلقد نشف حلقه ..
و كانت جادة ..

ظللـــنا نهمــس لبعضـــنا البعض حـــتى الســـاعات الأولي من الفجــر ..
عند الخامســة قالتْ اٍنتصــار ، بعد أن فــرغتْ من ســرد الأشــواق و تأريخها العصــيّ ، : أريد أن أُكلمــك في شـــئ ..
قلتُ : اني صــاغ يا اٍنتصـــار .. و ســأحتمل كل ما تبقى من تفاصــيل غابتْ عـــني بســبب الإعتقال .. على الأقــل لم تبتلعني بئر الإختفــاء الأبدية ..
اٍبتســمتْ ، و قالتْ : توفتْ أمُــك بداء الســكر .. و انا أســميه اٍنتحار و اٍحتجــاج ..و كانت تتوقع حضــورك .. أما أبــوك ، فلقد اٍختـــفى تمــاما .. و هي الحالة الوحيدة التي عجزنا عن تحديدها.. لا ندري هل هوحيّ أم ميّت .. اٍجتهدنا كلنا .. و لكنا عجـزنا .. أو ربما كانت مجريات الأحداث تتطلب منّا الإجتهــاد في أمور أخـرى ..
كل البنــات تعرضــن للإغتصــاب .. و أعقــاب الســجائر المطفــأة على ظهــورهنا ..أردافهن ..أفخاذهنا .. و أميــرة وحـــدها ..تحمل وشــما مغايرا .. فهي أكثرنا تميّـــزا و ذكاء ..لذلك كان ما نالته أكثر تميزا .. فهـي تحمــل أثار الكـــي على ظــهرها .. و اوراكهــا.. أردافها.. و ســاقيها.. و لكن .. أجمل ما فيها .. أنها لا تخجل من بقايا الزمن الموات ..المرسومة على تفاصيل جســدها .. و لم تزعجها ، اٍن قُطعتْ حلمــة نهــدها الأيســر..
صــدقني يا صــديقي .. تعّلمنا.. المعنــى الحقيقي للعــذرية .. و الشــرف .. فروحي عــذراء .. و نبضــات قلبي عــذراء .. و ذاكـــرتي بكــر .. تنتظــر مطــر الخصــوبة بشهــيّة..
عـرفنا ما حــدث لك .. و لغيرك من الأصــدقاء الرفاق ..و لكن .. كان لابد أن تذهــب الأشــياء في ذاك المنحـــى ..
وصمــــتتْ ..
قبّلتها بعنف ..و سحــبتُ الغطـــاء عليها .. و أنا أقــول تصــبحين على فـــرح ..
قالتْ : وانت من أهـــله ..
همســـتُ اســـألها : و كيـــف تنام العميــــاء ؟!
ضـــحكتْ اٍنتصـــار بخــلاعة ..لا تشــبه نداوة ذلك الفجـر و تفاصيله الناعسة ..
و قالتْ : يا لهــــــوي ..!!
ثم أضــافتْ ، بعد أن فرغتْ من ضحكتها الميمونة ،: ما ينام هو العقل يا صــديقي..و العين أداة مســاعدة لتخبر المشــاهد .. هي اٍشــارة النـــوم ..
تنــام العميــاء ، يا صــديقي ، مثل كافة خــلق اللـــه.. و تأتيهــا الأحــلام و الكوابيس و الذكــريات.. و تفاصيـــلك حفظتها عن ظــهر قلب .. فالقلب هو ما يرى الآن ..!
اٍنحـــدرتْ الدمعــة على خــدي .. تســـللتُ خارجا عن الغرفة ..

***


نواصــل

محمد النور كبر
مشاركات: 33
اشترك في: الثلاثاء يونيو 07, 2005 9:16 am

مشاركة بواسطة محمد النور كبر »

اٍخـتفـــــــــاء

3.


ظــللتُ جالســا على الكاوتش حــتى شــروق الشــمس ..
و لم تكن بــي رغبـــة في النــوم .. أو التذكــر.. أو حــتى ممــارســة حلم اليقظــة..
عند الظهــيرة .. جاءتْ أميـــرة .. و هي ترتدي رداء جينز أســود قصــير ..توقف فـوق الركبة بمسـافة .. و قميــص أصــفّـر .. بأكمام قصــيرة .. نحـــلتْ كثيرا .. و لكنها تبـدو جميلة.. اثار الكـــي .. تتمـــدد براحــة عميقة على أجزاء جســدها.. و كانت ترتدي نظارة ســوداء ..
قالتْ : صــباح الخير ..
قلتُ : صــباح الــورد .. لماذا تضــعين النظارة ؟
اٍبتســمتْ و قالتْ : لا أريدك أن ترى عيــنيّ في عــز النهــار ..!
قلتُ : يكــفي ماريته في اٍنتصـــار ..
صـــمتتْ اميـــرة بحـــزن .. و كانت مــرتبكة بحــق و حقيـــقة ..
قلتُ : حكتْ لي اٍنتصــار عن كل شــئ ..حتــى وفاة أمــي و اٍختفــاء ابي..
تهللتْ أســاريرها .. كأنما عبء اُزيح عنها ..
اٍبتســمتْ قائلة: و هل كفت الليـــلة في ســـرد كل هــذه التفاصيل ؟
قلتُ : الخير في اٍنتصــار .. فاٍنها تجيد ســرد الأخبــار .. دونما اٍختزالها أو اٍبتســارها ..
قالتْ : بالجــد اٍفتقدناك ..
و كانت وفــاء قد خـرجتْ من الحمــام و هي مبتــلة ..
ســـألتُ أميرة : من ســـيتزوجها ؟
قالتْ : أحــد شـــبابنا .. و هــو يحتــرمك جــدا ..
قلتُ : يجــب أن اراه ..
قالتْ: ســـيأتي بعــد قليـــل ..
وقتهـــا ، كان صــوت اٍنتصـــار ينادي من داخـــل الغــرفة ..و هــرولتُ نحــوها ..
دخلتُ الغرفة ، وكانت هي تجلس في ســُرة الســرير العريض ..
اٍحتضنتها .. قبلتها فوق جبينها .. وقلتُ ك:صــباح الخير على الملكـة ..
قالتْ : صــباح الورد يا صــديقي ..
ثم جــذبتني نحــوها .. قبلتني بعنف .. ســألتني بغتة : لماذا لم تمارس النــوم ؟
قلتُ : لقد نمــتُ ..
صــفعتني اٍنتصــار على خـدي الأيمن .. و قالتْ تحذرني : اٍياك و الألاعيب ..فأنا اعرفك اكثر من نفســك ..!
حملتها الى الحمــام .. و كنت أغســلُ جســـدها براحة عميقة .. ثم أحضــرتُ البشـاكير النظيفة.. و جففتُ جســدها و شــعرها..
جلســنا اربعتنا .. على طـاولة الغــداء .. و كنا صــامتين..
قالتْ اٍنتصـــار : ارجوك يا أميرة ، نريد ان نســمع موسيـــيقى .. فالصــمتُ يذكرني بالموت..
أدارتْ أميــرة صــوت الموســـيقى .. و كان ينســاب هــادئا ..
ضـحكتُ انا .. و قلتُ لإنتصــار : غريبة ..كنت تجبين ســماع الموسيقى بصــوت عالى و صـاخب ..
ضــحكتْ هي ، و قالتْ : في زمــان مــا.. و في مكــان مــا .. كان ذلك .. و لكني الآن أحب أن أسمعها و أحبها عندما تكون هادئة ..ثم أضـافتْ : هل كنت تســمع الموسيقى في المعتقل؟
قلتُ بجــدية : طبعا .. كثير من موسيقى الأنين .. و حنــان بلوبلو ..
تبادلنا الذكريات الصــافية .. و عنــد الثالثة حضــر الينا الصــادق ، خطيب شـقيقتي وفاء ..
تــحدثنا قيلا ..
و أبتدرتُ اســـأله : هل ترغب فــعلا في الزواج من وفــاء؟
قال ن وهــو ينظر اليها بعمق ، : بكــل تاكيــد ..
قلتُ : و هــل تعرف ما حــدث لها و لغيرها من البنات ؟
صــمت الصــادق قلــيلا .. ثم قال لي : صــدقني .. أن أقســـى حالات الخيـــبة و المرارة ، حينما تكون روح الإنســان هي المغتصــبة .. أما اٍغتصـــاب الجسد فلا يعنيني كثيرا ..
وفاء عــذراء بروحــها و اٍنســانيتها.. و هــذا يكـفيني ...!!
شـــعرتُ انا برغبـــة كبيرة في الصمـــت ..
عند صـــدر المســاء .. ودعـــنا الصــادق و خــرج ..
و خرجتُ انا .. من بعده بقليل .. أتجـول في شــوارع الحي الصغيرة.. حــذرتني أميـرة ..و هي تقــول بأنني ســاتوه ، وأضــل طريقي.. و عليّ أن اعــود باكرا حتي تخرج هي معي ..
اشــتريت صــحف المســاء .. و عــدتُ ..
كانت اٍنتصــار تجلس و هي تغطي جســدها بالثــوب الأســود .. و خطــوطه الذهبية .. لكم أحببته .. و أحبــه ..
قلتُ لهـا : أنت الآن وردة كبيــرة .. !!
ضـحـكتْ هي ، وقالتْ : أكثر ما يزعجــني فيك .. قــدرتك الفائــقة على قــول الحــب و اٍبتذاله في شــكل الغــزل العارض ..!
قــلتُ : الغــزل اســاس الحــب ..!
قالتْ : دعــك من هــذه التخــاريف ..
وصمــــتنا ..
بعــد برهة قالتْ اٍنتصــار : ســتخرج أنت مع أميــرة .. و ســنبقى أنا ووفــاء .. عليك أن تتأمــل القاهرة جيــدا .. لتحكي لي .. فســوف تكون حاســة شــوفي الكبرى ..!
شــعرتُ أنا برغبــة حقيــقية في البكـــاء ..
و كانت أمـيـــرة تراقب ذلك .. جــذبتني من يدي و قالتْ : ســنخرج الآن ..

نواصـــل
محمد النور كبر
مشاركات: 33
اشترك في: الثلاثاء يونيو 07, 2005 9:16 am

مشاركة بواسطة محمد النور كبر »

اٍختــفــــاء

4.

اٍمتطـــينا صــهوة متــرو عبد العزيز فهــمي .. و كنتُ أتأمــل الشــوارع .. و السيارات .. والناس .. وواجهــات المحـــلات الأنيقـــة ..
نزلنــا في روكســـي .. و دخلنــا كافيــة أنيق .. جلسنا في تربيزة على أحد أركانه .. طلبتْ أميرة قهـــوة لي .. و لها كابتشـــينو ..
و ظللنــــا نـــدخن بصـــمت ..
قلتُ : و هــل يقيمون النـــدوات السيــاسية هنا ؟
اٍبتســـمتْ أميـــرة بحــزن .. و قالتْ : ليســت الأشــياء كمــا تبــدو من الداخـــل .. انه عهــر يا صــديقي .. و الناس الطيبــون يتقاتلون في صفــوف برامج اٍعـادة التـوطــين.. ولا يتـورعون في اٍفــتراء الكــذبات الصغـــيرة ما أستطاعوا اليها ســـبيلا .. أما القطط الكبيرة ، التي نُزعت عنها أسباب الرفاه ، تجتهد أن تعود اٍليها أسباب الرفاه ..!
في كل الأحايين يغدو الخطاب واحــد .. و لكن طــرائق تســـليّكه مختلفة .. فاٍن كانت عفاريت الزمن المــوات تلتحــف التزمت المغشــوش .. فالأخرون لهم تزمتهم ، و الذي لا يعدو أن يكون تزمت باللفـــة .. فلا تفــرح يا صــديقي .. فاٍنك ســوف تُبــاع في المنعطف القادم .. مثلما كانت تباع قـوافل الرقيق في الزمن الســابق .. أما أكـــذوبة القضــايا الكبرى ، فهي أقنومة الكذب المجنــح .. الكــذب الأنيــق .. الذي نجتهــد فيه لأن يكون أكثر تهــذبا ..
فقط وضــح لي .. أن الناس لا تعرف بعضــها البعض .. و هم يتدافعون .. يتدافعون نحو السـراب .. أما تفاصـــيل الزمن المــوات ، فلقد ضــاعتْ في زحمــة الأشــياء ..

شـــعرتُ بالمــرارة تســـد حلق أميــرة .. و أيقنتُ أنه زمــن غيــر مناســب للتحــدث في مثل تلك الأشــياء ..
و بعد صــمت .. قلتُ لها : لك أن تخـــتاري ما نتحـــدث فيه ..
أرتبكتْ هي قليلا.. ثم انفــرجتْ أســاريرها .. و أخــذتْ تحــدثني عن قــراءاتها ..تهللت بفرح طفـولي عـــذري .. و قالتْ تحــدثني :
واصــلتُ القراءة .. و مواصــلة لقراءاتنا القديمة في حــواري المدينة لمشــاريع بودليارد .. خصوصا (شــرط ما بعد الحداثة) و تقريره المحكم حول المعرفة .. و فرحتنا العظيمة حينما أدعينا .. و بكل غرور .. أن زمان التجاوز قد أتي أوانه ..
سنحتْ لي هنا .. في القاهرة .. ســانحة أن أواصل القراءة .. قــرأتُ لك و لعصمت .. و لإنتصــار .. و لغيركم .. و قرأتُ لبودليارد ..( التبادل الرمزي و الموت).. ثم أبتهجتُ كثيرا حينما عثرتُ على فـوكو في مشــروعه حـول أصــل السجون .. و تأريخها الشــخصي .. فالإقصــاء يا صــديقي .. فكرة قديمة .. و قد تكون داخل الجدران الحقيقية و الوهمية.. وقد تكون في داخل اٍطار الحياة نفسها.. و الفعل واحد.. قد تقوم به عفاريت الزمن الموات كبيرها و صغيرها.. في أي مكان و في أيّ زمان..!!
ثـم واصلتْ اميــرة تحدثني عن بقية بهجتها .. غوتاري ودولوز .. أدرنو .. هابرمس .. و كشكول غــني .. ينضح بتلاوين القول .. و لم أكن اتصــور فيها كل تلك القدرة على التحليل و الصــبر ..
مكثنــا ســاعتين .. و خــرجنا من ذلك الكافيـة الأنيق ..
كنــا نتمشــى .. و كانت أميــرة تدندن بصــفاء مدهش .. و هي تردد محمد أحمد عــوض باٍصــرار عجيب ..

ما تزيدي قلبي جراح
الفات تركني حزين
ما بعودو تاني نواح
كفاية نوح يا عين
الفات تركني حزين
ما بعودو تاني نواح
مالية الدموع طرفي
من اوجدوه شاف
سكن الألم قلبي
و انا الأسى احلاف
غلّب الطيب طبي
و البي ما بنشاف
كل العرفتو محال
قلب العشوق يرتاح
ليه يا دنيا محكوم
عليّ طزل عمري
وفيك أعيش محروم
كل يوم يزيد جمري
صـابر و كلي هموم...*
... ...
كنتُ أتابعها باٍهتمام .. و أنا أشعر بفرح حقيقي .. فكلما غنـتْ أميــرة ، كلما دلّ ذلك على أنها في بــؤرة التوازن ..!
ضــحكتْ هي قائلة : تعجبني اغنيات محمد احمد عوض ..
و أضفتُ أنا بخبث : ربما هي الطاقية الحمراء .. التي تقف عنوان لزمن الوسـامة الوضــئ ..!
ضحكتْ هي بصــفاء .. و قالتْ : أمي كانت تموت في الجــلابية البيضــاء و الطاقية الحمراء ..ثم و اصــلتْ بجديّة و هي تقــول : فقط اٍستخدامه للطبــول بصــورة مذهــلة.. و كما تعلم ، الغناء مرحلة ســابقة في وجــودها للآلة..
ثم أضــافتْ : أقتنيتُ كل مجموعاته تقريبا .. فلقد وهبتني كثيرا من الصــفاء و الذكريات ..محمد أحمد عوض .. يا صــديقي .. هو امدرمان الحقيقية .. تلك التي عرفتْ كيفية التصــالح مع ذاتها و أشيائها .. و هو الخيط .. الذي يحــدّث عن تفاصيل الزمن الغرير ..

اٍمتطينــا المتـــرو .. عــدنا الي الشــقة ..


نواصــــل


* مع الإعتذار لشاعر الأغنية
محمد النور كبر
مشاركات: 33
اشترك في: الثلاثاء يونيو 07, 2005 9:16 am

مشاركة بواسطة محمد النور كبر »

اٍختفــــــــــــاء

5.

كانت اٍنتصــار ترقد على الســرير .. دخلتُ عليها .. و جلستُ بالقرب منها .. على حافة الســرير..
قالتْ : اخلع حــذائك و بنطالك ..
وفعلتُ أنا كذلك ..
كنتُ أضــع يديها على حجــري .. و قالتْ : احكي لي ..
قلتُ : لقــد تأزّمتْ أميــرة من ســـؤال ..
و قبل أن اكمل .. قالتْ اٍنتصــار بصــبر : لقد فات عليّ أن أنبهك الى انها لا ترغب في الحديث عن السياسة و أهلها .. فهي محبطة تماما ..
و صمــتتْ ..
ثم ســألتني مستفسرة : هل أنت معــي ..؟
قلتُ : أريد ان أسمع منك المزيد ..
قالتْ اٍنتصــار ، بعد أن عدلتْ وضـع الوسادة ، :
أميــرة أصبحتْ تدخــن بشــراهة .. و هـذا قد يكون مصــدر اٍزعاج بالنســبة لي .. و لكن لها أشــياء عديدة و مفرحة .. فلقد قــدمتْ بحوث جادة .. و لها دراســات جيــّدة .. و الأهم من كل ذلك .. اٍهتمامها بالعمل الطوعي .. فلقد يئست من مشــكل المؤسسة و جمودها .. و عهرها.. ودهائها و مكرها .. وقدرتها الفائقة على اٍدرار لبن الكذب الـمُـر ..
وكم من مــرة أعلنتْ بيأس .. بأنه لا يوجد فرق البتة .. فالكل يقتات طعامه من دم الذين طوتهم أبار الغياب و الموت.. و كل تفاصيل الزمن الموات الموجعة.. و لكن أجمل ما فيها .. صــبرها .. و اٍصــرارها .. فلقد ذهبت الى القرية .. و أقامتْ مشــروع تشــجير ..
ثم ضـحـكتْ اٍنتصــار بصــفاء .. و قالتْ : هل تصــدق .. أميرة صــارت تــؤمن بحقوق البيئة أكثر من اٍيمانها بحــقوق الناس .. و زرعتْ شــديرات عــديدة .. أســـمتها بينها و بين نفســها
" بنات عصــمتْ " .. و أقامتْ وحدة طبية متطــورة .. و هي تســعى لإقامة مدرســة مختلطـة و اصـبحتْ تــؤمن بضــرورة العمل على مســتوى القرية .. وصــارت تكفر بالمدينة و الدولة..

كنتُ أتابع باٍهتمام .. و أنا أحس بطبــول الفرح تضــج في دواخلي ..
واصلتْ اٍنتصـــار قائلة :
تنبهتْ أميرة لأمر مهم .. و لها دراسة عميقة حول أثار الزمن الموات في نفسية المرأة بالمنطقة .. و لها اٍحصــائيات دقيقة .. يعول عليها كثيرا .. و هي تصــر أن ما قامتْ به البنات .. شــئ متميز و يجب ألا يمرر و يضيع في زحمة الأشياء ..
صمتتْ اٍنتصــار .. تستجمع أنفاسها .. و كنتُ أنا أعلم أن أميرة لها القدرة على فعل ذلك و أكثر ..
قبلتُ اٍنتصــار .. و قلتُ : ارتاحي قليلا .. و ســوف نواصل غــدا..
ضحكتْ هي و قالت : لم تحدثني عن بقية التفاصيل..

و ظللتُ أنا أعدد لها كافة المناظر التي شــاهدتها في لحظة خروجي مع أميرة ..
ضحكتْ و قالتْ تســألني : و ما هو لون الكـشُري ؟
جذبتها من اذنها و قلتُ : هـو لون زينب ..!!
ســحبتُ الغطــاء من حــولها ، وقلتُ : نامي ..

و خرجتُ من الغرقة ..
كانت أميــرة تجلس على الكاوتش و هي تشــاهد فيلم أجنبي .. اسمه (صــوت الموسيقى )..
جلســتُ بالقــرب منها .. و شــعرتُ بأني أريد أن أضمها و أحتويها بين يديّ .. و كانت هي ، كأنما قرأتْ ما جال بخاطري .. و ضــمتني اليها بقــوة.. وضــعتْ رأســها بين أحضــاني لبرهة من الزمن و هي صــامتة ..
قلتُ ، بعد أن قبلتها على جبينها ، : شــكرا ..
اٍبتســمتْ هي بصــفاء ، بســمة مقتضبة ، و قالتْ : حســنا .. فأنت الوحيد الذي كنتُ أعلم بأنه سـيدرك أبعاد ما فعلتُ .. و ما ســأفعلُ ..
وجلســنا في صمت .. أحسه يضج يغناء عذب ..
خبطتني أميرة على أكتافي و قالتْ : لا خروج غـدا.. لقد أحضرتُ كثيرا من الخرز و السكسك الملون .. أريدك أن تمشــط لي شــعري .. كذلك اٍنتصــار ووفاء ..
ثم أضــافتْ : عصمــتْ كان يحب تواقيـــع الخــرز في خصـــلاتي ..!!

اٍنقضضتُ عليها .. و أحتصنتها على صــدري بقوة .. و كنتُ أنا الذي يبكي ..

تركتني أميــرة أبكي على صــدرها ..

وبعد برهة .. كفكفتْ هي دمعــاتي .. و طبعت قبلة على خــدي الأيســــــــر و هي تقـول .. احببتُ الحياة من أجله.. لأنه كان يكره الحزن و يزعجه صــوت العويل .. و كثيرا ما قال لي ..يربكني صـوت الدمع الهــدار .. عليك أن تتعلمي كيف تضحكين على الدنيا.. و تبصقين على قفــاها المهـــترئ ..
صــمتتْ..
و بعد برهــة ..قالتْ : أحــب أن اضــحك نيابة عــنه ..!
و فعـــلا ضــحكتْ أميــرة ضــحكة كبيرة .. تغرق في عــوالم صــفائها الخــلاسي ..
ثم أجلســتني على الأرض .. و جلســتْ قبــالتي .. وضـعتْ يــدي على حجــرها الدافئ ..و قالت: فعلتُ الكثير .. و الفضــل يعــود الي اٍنتصــار .. لأنها ، أحيــانا كثيرة ، كانت تضــع الخطط بوضـــوح .. و لم يكن مني ســوى تحقيقها على الجانب العملي .. فهـي سعيدة وفرحة .. أنا ايضـا.. و أنت ســتفرح بها .. فهي بالجد انتصــار حقيقي و اٍنحيــاز للفكرة !!

ثــم صــمتتْ ..
قالتْ بدمــعة حــرى : هي اٍنســانة عظيمــة ..!!
و بعــدها مباشــرة قامت أميرة .. و قالت لي : تصــبح على فــرح ..!

جلستُ انا أحــدق في صمـت غرفة الجلوس .. , أنا أعيــد التفاصــيل بحرقة .. و فرح .. و غبن ..
انحدر الدمع غــزيرا .. و لم أكن أدري كم هــو أمد اللحظة تلك.. و أخرجني من ذلك الدوار العاتي صــوت اٍنتصــار تناديني ..
كان الفجــر قــد تسلل بوضــوح ..
كفكفتُ دمعي .. و ذهبتُ اليها .. كانت هي غاضبة بحق و حقيقة .. قلتُ أسألها : ماذا حدث ؟
و صــاحتْ هي تشــتمني .. كلماتها تتدافع .. حتي شــعرتْ أميرة بصــوتها.. و جاءت الينا تركض ..
ســألتنا أميرة : ماذا حــدث ؟
و قبل ان أجيب .. قالت اٍنتصــار بغضب : حــدثها ماذا فعلت..
قلتُ لأميــرة : لم أنام ..!!
ضــحكت أميــرة بصــفاء اٍنســاني رحب .. و قالت : بســيطة تنام الآن ..
قالتْ اٍنتصــار : أريده أن يرتاح..
قالتْ أميــرة : حســنا .. فلينام قربك .. و عليك أن تحرسي نومه ..!
و فعــلا انتابتني نوبة نوم .. و نمتُ علي صــدر اٍنتصــار .. كطفل ..

***


نواصــل
محمد النور كبر
مشاركات: 33
اشترك في: الثلاثاء يونيو 07, 2005 9:16 am

مشاركة بواسطة محمد النور كبر »

اٍخــــتفـــــــــــــاء

6.


تعلمتُ كثيرا من تفاصيل القاهرة .. و صــرتُ أخــرج لوحدي .. أمــلأ عينيّ بالزحام .. و تأمل الوجــوه .. التي تنهم الحياة بشــراهة و طمــأنينة..
حدثتني أميرة عن المحاضــرة التي ســتلقيها اٍنتصــار بجامعة يــورك في تورنتــو .. أستطبتُ أنا هــذه الفكــرة ..
و قتها .. كانت وفاء ، شــقيقتي ، قد تزوجتْ و ســافرتْ مع زوجــها الصــادق الي ملبــورن .. و كنتُ أنا قد فـرغتُ من اٍنجاز بعض الدراســات .. و حســدتُ أميــرة على قدرتها على الســفر.. و كم من مرة .. رجتني اٍنتصــار ، قبل ســفر وفاء ، أن أسـافر مع أميـرة .. و لكني رفضـتُ ..

قــرأتُ خطــاب الدعــوة الموجــه لإنتصــار .. و تممنا على التذاكر .. و موقع الإقامة ..و تلفونات الأصــدقاء بكندا و امريكا ..
قالتْ اٍنتصــار : هي أمانة في أعناقنا .. يجب أن تصــل الي كل الشــرفاء و ذوي العقول المتحررة ..!
و أضــفتُ أنا باٍستهزاء : و القلوب الشابة ..!
ضـربتني اٍنتصــار على كتفي .. و قالتْ : كن جادا قليلا ..
قلتُ : لا زال في المشــوار بقيــة ..!

***


نواصــــل
محمد النور كبر
مشاركات: 33
اشترك في: الثلاثاء يونيو 07, 2005 9:16 am

مشاركة بواسطة محمد النور كبر »

اٍخــتفــــــــــــــــــاء

7.






ذهبنا الى جامعة يــورك ..
كانت القاعــة كبيرة .. وبها حشــد من الناس .. رجالا و نســاء .. و مختلف الأعمار ..
همســتُ لإنتصـــار : انه كشــكول ..!
حركتْ رأســها .. و هي تميل نحــوي .. و قد اهتزتْ الخرزات على خصــلاتها و هي تحدث تواقيع حميمة .. و قالتْ :كيف ؟
قلتُ : من كل جنس بشــري في هــذا العالم يوجد ممثل ..!
ضــحكتْ هي ضــحكتْ صــغيرة .. وقالتْ : أخــوان في الإنســانية ..!

قــدمتها بروفســير جــوزفين ســفاريس .. و قالتْ عنهـا كــلام طيب ..
و حينما تحــدثت اٍنتصـــار .. كانت اٍنســانة أخرى .. كأني أراها لأول مرة في حــياتي ..!
خاطبتهــم قائلة :
" أشــكركم جميعا ..
و أشــكر صــديقي و حبيبي ..عبد الرحمن عجــاج .. الذي لا زال يأمــل أن يغبّر دنياوات الزمن المــوات بغبار حــذائه الأجـرب .. أمــلا أن يعمي عيونها عن سـرب الضحايا المحتملين..!
و الذي علمني الكثير .. و تقاســم معي الكثير .. و قبلني بكل عاهاتي .. تشــوهاتي .. اٍنكســاراتي.. وافراحي .. و طموحاتي .. فما فعله ، يندر أن يفعله اٍنســان ..! "

ثم واصلتْ تحــدثهم عن تجـربة المــرأة في غياهب الزمن المــوات..
كنتُ لا أشــكُ ، مطلقا ، في لغتها الإنجليزية .. و لكن أدهشــتني طــلاوتها.. و قــوة تعابيرها المنتقاة بدقة و نفاذ ..

صــفق لها الناس بحمــاس .. ووقفــوا عن بكرة ابيهم تحية و اٍجــلالا لها .. و كانت هي فــرحة.. و اميــرة فــرحة .. و أنا أيضــا مـــلأني الفرح و الحبور ..!

ثـم كانت الأســـئلة المتنــوعة الثرة .. و كانت هي تجيب بوضــوح و دقة .. !
همســتْ لي : اٍنهـــم يعــرفون الكثيــر عنــا ..
قلتُ : يبــدو أن صــوتنا كان عالي قليــــلا ..!!


عنــد باب الخــروج .. كانت المناضــد العريضــة .. قد أكتظتْ بكتب اٍنتصــار الثــلاثة .. ألاف النســـخ .. تقف بحماس و تعظيم .. نادر الوفاء ..!
و كانت هي تجلس على كرسيها المتحــرك .. و تعطي الأتوجراف بفرحــة عميقة .. تكتب اٍسمها بطريقة عجيــبة .. تجعل من دائرة حرف الصــاد و جــه كبــير .. و تجعل من نقطتيّ حرف التاء عينين .. و من نقــطة حــرف النــــون انفــا ..!!
و كنتُ أنا أغالب الضــحك ..
في طريقــنا الى فـندق كوالتي ون .. مقر اٍقامتنا .. قلتُ لها : اٍنك تجعلين الوجـه بلا أنف ..!
قالتْ بجــديـّة : بالعكس ، نقطة حرف النون هي الفم .. و لا حاجة الى الأنف .. فالكلمة اقـوى من حاســة الشــم ..!!
صـــمتنا ..
و بعد برهــة ..ســـألتني : أحكي لي عن المناظــر ..
قلتُ : الجليــد يتناثر على الطــرقات ..
جــذبتني من كتــفي .. واحتضنتْ يدي بقوة ، وهي تضمها على صــدرها .. و همســتْ بدلال: اريد أن أذهــب الى كـــادوقلي ..!!

و قبل ان ابتدرُ الحديث .. واصـــلتْ اٍنتصــار قائـــلة :
اريد أن اقــول شـــكرا ليحي فضـــل اللـــه .. ألم يقـــل عنها " المدينة التي علمتني التأمل" ..وجـوه المدائن ، أعمق من وجــوه البشــر .. و ترســـخ في الذاكرة ..!
قلتُ لإنتصــار : بالمناســبة ، انه يســلم عليك .. و سيلتقيك قـريبا ..
صمـــتتْ برهـة ، وقالتْ : أريـــد أن اذهــب الى كــادوقــلي ..!!

كان هـــدير الطــبول .. ينســاب في ضــوء القمــر .. و تماهـتْ مــلامح الذاكــرة مع نبض النهــار التشــريني ، الموغــل في غـــلالات الجليــد البيضـــاء .. و ضجيج حــركة الحيــاة في مدينة تــورنتــــو ..

غنيـــتُ .. و غنــّتْ معــي اٍنتصـــار .. و بكينا .. و ضــحكنا ..
و رقصــتْ معي بقلبها و روحهـــا ..
و شـــلنا الفاتحـــة على روح الزمــــن المــــــــــــــــواتْ ..


محمد النـــور كـبّر
26-29 كانون اول 2003
الســــاعة 8:30 مساءا
Regina
محمد النور كبر
مشاركات: 33
اشترك في: الثلاثاء يونيو 07, 2005 9:16 am

مشاركة بواسطة محمد النور كبر »

صــديقي و استاذي عادل عبد العاطي .. حبابك
كتر خيرك على الحضور هنا .. و التشجيع ..
و نسمع منك تاني يا صديق..
و دمت
ÌãÇá Úáí ÇáÊæã
مشاركات: 1
اشترك في: الأحد مايو 22, 2005 10:45 pm

مشاركة بواسطة ÌãÇá Úáí ÇáÊæã »

الاخ العزيز كبر
تحياتي الكثيرة
يبدو ان تداعيات الزمن قد فعلت فيك فعلها الايجابي نضوجا وحرفية في الكتابة ، وحسنا فعلت بتغييب لغة القانون الجامدة والانفتاح للغة إنسانية بليغة ، تثير كثيرا من المواجع مثل ما تفعل رائعة عبد الرحمن منيف : شرق المتوسط مرة أخرى و تقارير مركز النديم لعلاج ضحايا التعذيب في القاهرة حول التعذيب والانتهاكات التي تعرض لها أبناء شعبنا ، وروايات كثير من الضحايا الذين يبدو ان حلم القصاص لهم ومعاقبة القتلة والمجرمين في حقهم وحق الانسانية قد ينسدل في غياهب النسيان بفعل اليات ما يصفه البعض بالواقعية السياسية ، حسنا تفعل بإبقاء هذه الجروح مفتوحة حتى تكون هناك بيننا إرادة إنسانية قادرة على بسط العدل ورد الحقوق والتعويض ولو قليلا على فقد لا يعوض وقيم أهدرت قد لا تسترد مرة ثانية.
أضف رد جديد