رحل العالم الجليل والمناضل الفذ أسامة عبدالرحمن النور

Forum Démocratique
- Democratic Forum
ãÍÓä ÎÇáÏ
مشاركات: 130
اشترك في: الاثنين إبريل 09, 2007 4:10 pm

مشاركة بواسطة ãÍÓä ÎÇáÏ »


ألف تحية للراحل في الخالدين. بقدر ما أشعل حياته لتستنير بها عقول البشرية جمعاء. فعلمه لم يكن شيئاً يسيراً ولا سهلاً ليكون حكراً على بني السودان وحدهم. فهو المعرفي الذي صَوَّح عمره طوعاً وتقدمة، مبتكراً، وباحثاً، ومدرساً، ومثابراً في كل أفانين المعارف وحقولها. برحيل الأستاذ أسامة تفتقد حركة الثقافة الإنسانية والسودانية عَلَماً من أبرز سراتها الباسلين والقابضين على جمرة العلم والجِدّ لآخر لحظة من حياتهم. فقَلَّ من هم في قَدْرِه ومقامه، ومقام تحصيله وعطائه. ليكن بخير أينما حَلَّ، وعليه وعلى روحه السلام.
عبد الله بولا
مشاركات: 1025
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 7:37 am
مكان: الحرم بت طلحة

مشاركة بواسطة عبد الله بولا »

تعرفتُ على العالم الجليل والمثقف والمبدع الشامخ البروفيسور أسامة عبد الرحمن النور من خلال كتاباته قرب نهاية الثمانينيات عندما كنت أعمل في مركز الدراسات الإفريقية بمدينة سبها بالجماهيرية الليبية. ثم تعرفت عليه بصورة مباشرة في النصف الأول من التسعينيات في القاهرة، تعرفاً عابراً، بسبب انتهاء فترة الإجازة التي كنتُ أقضيها بها. إلا أن اللقاء العابر لم يحُلْ دون ملاحظتي لصفة المثقف والمناضل الفذ المتجسدة في شخصيته بصورةٍ ساطعة، "منذ اللقاءِ الأولِ". ثم تعرفت عليه بعد ذلك من خلال الإيميلات التي كان يبعث بها إليَّ شأنه مع الكثيرين والكثيرات غيري، مزينة بواحدٍ أعداد أركماني. ثم تعرفتُ عليه عن قربٍ شديد في داره العامرة بليبيا، حين تلقيتُ دعوةً للمشاركة في مؤتمرٍ حول العولمة والهويات الثقافية الإفريقية. وقد كان في أصل الدعوة (بالإضافة إلى أصدقائي من الأساتذة والباحثين الليبيين بجامعة سبها)، البروفيسور أسامة الذي كان حتى آخر أيامه أستاذاً مشرفاً على بحوث الدراسات العليا في علمي الآثار والأنثروبولوجي بالجامعة. وهو الذي هاتفني مشدداً على ضرورة حضوري للمؤتر. وأضاف قائلاً "حتنزل معاي في البيت ما تقول لي ماشي لي فلان ولا علان".
وقد نزلت بالفعل معه في بيته، في ماعدا أيام المؤتر الثلاثة التي قضيتها في الفندق الذي أقيم المؤتمر في قاعة المحاضرات والمؤتمرات التابعة له.
ولم يؤثر ذلك في بقائنا على صلةٍ يوميةٍ مستمرة في قاعة المؤتمر وبعد انتهاء الجلسات، فقد كان أسامة إنساناً باهراً قوي الحضور، عامر القلب، لا يسهل الابتعاد عنه طالما كان القرب منه في متناول التحقُّق. ثم انتقلتُ بعد ذلك إلى منزله لأقضي معه خمسة عشر يوماً بصحبة ابنه فاروق الذي هو شبلٌ من ذاك الأسد، إن جاز هذا التعبير الذكوري في حق أسامة وفاروق. ولم تكن رفيقة عمره الدكتورة آمال معه في تلك الايام إذ كانت في رحلة عمل توثيقي ميداني بالخرطوم يتعلق بتحضيرها لرسالة الدكتوراه. كما لم يكن ابناه الآخران، تهارقا، وعبد الرحمن النجومي، هناك. وهذا من سوء حظي، إلا انني عرفت من أسامة، من خلال معزته وتقديره لها، ولابنيه الآخرين، أن أولئك الأشبال كانوا أيضاً ثماراً لجينات العبقرية والإنسانية العامرة لأمٍ أصيلة ومثقفةٍ جليلة أيضاً.
لم أعرف في الحقيقة احتفاء إنسانٍ بالناس في داره مثل احتفاء أسامة الذي كانت داره منتدى للحفاوة والتضامن والعلم والكرم بالنسبة لجميع السودانيين المقيمين بمدينة سبها، والليبيين من طلابه وزملائه. كانوا يتقاطرون عليه بمحبةٍ تكاد تقول خذوني. ولم أعرف أستاذاً "أجنبياً" بجامعة سبها يستقبله طلابه وزملاؤه وجميع العاملين في الجامعة والمعاهد التابعة لها بمثل ذلك الحب والتقدير، وتلك الحفاوة، التي كانوا يستقبلون بها أسامة. فبمجرد ما كان يدخل مكتباً من المكاتب فإذا بالعاملين به يلتقونه بالقبل والأحضان.

وقد استمعتُ إليه مطولاً، بمتعةٍ ساحرة، وهو يتحدث عن مناهج علم الآثار "الغربي" النظرية في تناولها لحضارات السودان، وإفريقيا، والعالم الثالث، وعن فساد قراءات الكثير منها بسبب عجز مؤسسيها عن إنصافٍ حقيقي لحضارات هذه الشعوب، ودورها في رفد المعرفة والفن والحكمة إلخ، والوعي بوحدة تاريخ الإنسانية المشترك الذي جهلته وأجحفته إيدبولجيات الاستعمار والمركزية الأوربية أيما جهلٍ وإجحاف، ما زالت آثارهما باقية منيعةً وممتنعةَ ومتمنِّعة، بصورٍ ودرجات مختلفات. وكم أمتعني أيضاً حديثه الصادق الموضوعي عن مكنونات المناطق الأثرية الليبية التي كان يعمل ضمن قادة فرق حفرياتها. وهذا مما سأتحدث عنه بتفصيلٍ في مقامٍ آخر.

وكم أسرني أسامة في تلك الأيام التي قضيتها معه. وكم "جشمني" من مشقة فراقه. الذي لم يكن فراقاً في حقيقة أمره إلا من باب المجاز. فقد بقي أثراً دائماً في قلبي وروحي وعقلي، وسيبقى ما حييت.

وفي عام 2004، سعدنا، نجاة وشخصي، بمجيئه للمشاركة في مؤتمر المَرَوِيَّات. وكنتُ أتوقع وأدرك أن دور أسامة في بعث الحيوية والحوار النقدي في ذلك المؤتمر، وإضفاء روح الندية، ورح الدعابة الناقدة العذبة أيضاً، عليه في مواجهة زملائه من الباحثين الآثاريين الفرنسيين الأوروبيين والأمريكان، سيكون متفرداً. وقد كان. والواقع أنني، لم أشهد إلا عدداً قليلاً من مثقفي ومبدعي العالم الثالث يصدُرون عن موقف الندية الخالي من الشعور بالدونية، والمعافى من الادعاء والغرور والكراهية، في شتى محافل الحوار العلمي النقدي مع "الغربيين"، مثل أسامة.

لقد فقدنا بالفعل عالماً جليلاً، ومثقفاً عظيماً، ومناضلاً فذاً.
وفقد أهله وأصدقاؤه المقربون درةً فريدة في عقد المحبة النضيد.
فقدوه حضوراً مجسداً، أما العالم والمثقف والمناضل فستظل مساهماته ونموذجه الجدير بالاحتذاء باقيةً ما بقي الدهر.

يا لأسفي عليك وضيعتي أيها الصديق الحبيب، وما أعظم أملي في أنك ستظل منارة ً بين مناراتنا الكبرى التي ستعلم الأجيال اللاحقة كيف يكون المثقف.

مع أحر تعازيَّ لأسرتية، الصغيرة منهما والممتدة، ولأسرته الكبيرة المكونة من أصدقائه وصديقاته وطالباته وطلابه وقارئاته وقرائه في، ومن، مختلف أنحاء العام.

عبد الله بــولا
آخر تعديل بواسطة عبد الله بولا في الاثنين أغسطس 18, 2008 2:20 pm، تم التعديل مرتين في المجمل.
صورة العضو الرمزية
الحسن بكري
مشاركات: 605
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:51 pm

مشاركة بواسطة الحسن بكري »

بموت بروفيسر أسامة عبد الرحمن يفتقد علم دراسة الآثار في السودان واحدا من أميز علمائه. بزيارة عابرة لموقعه الكتروني، أركماني، تتجلى عظمة هذا الرجل الذي أفنى حياته باحثا ومنقبا بمثابرة لا تعرف الكلل. لكن الهموم العلمية العديدة لم تثن بروفيسر أسامة عن التصدي لواجباته الوطنية والنضالية، وفي أحواله كلها، عالما باحثا ومناضلا مقداما، كان مثالا للتواضع ونكران الذات.

دعونا نبقي ذكرى الرجال والنساء الأفذاذ الراحلين من أبناء شعبنا باقية ومضيئة بتمثل القيم الكبيرة، الراسخة التي كرسوا لها حياتهم.
ماجد السناري
مشاركات: 13
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:26 pm

مشاركة بواسطة ماجد السناري »

والله إني لأبكيك اليوم
ولكن عزاؤنا ما تركت لنا من إرث ومواقف
متي يا الله نكتشف عشبة الحياة الآبدة
منصور المفتاح
مشاركات: 239
اشترك في: الأحد مايو 07, 2006 10:27 am

مشاركة بواسطة منصور المفتاح »

اللهم ألبسه جلباب النجاة من النار وأدخله الفردوس دخول الأنبياء اللهم أكرمه بما ترك من تركة معرفيه ستظل قبسا هاديا ما ظلت الأرواح الوثابه تطلع للمعرفه والإهتداء إليها...



منصور
ßãÇá ÚÈÏ ÇáãÌíÏ ÃÍãÏ
مشاركات: 25
اشترك في: الأربعاء يوليو 20, 2005 12:19 am
مكان: New York

مشاركة بواسطة ßãÇá ÚÈÏ ÇáãÌíÏ ÃÍãÏ »

-

للفقيد الرحمة ،،

و ليتنـا ننشر هنا بعض مما قدم للبشرية ، وارجو أن يسعني الوقت لمشاركتكم ،،

دمتم


-
-
-
-
-
مازن مصطفى
مشاركات: 1045
اشترك في: الأربعاء أغسطس 31, 2005 6:17 pm
مكان: القاهرة
اتصال:

مشاركة بواسطة مازن مصطفى »

..
آخر تعديل بواسطة مازن مصطفى في الأحد يناير 06, 2013 1:12 pm، تم التعديل مرة واحدة.
iam only responsible for what i say, not for what you understood.
صورة العضو الرمزية
ÃÓÇãÉ ÚÈÏ ÇáÌáíá
مشاركات: 12
اشترك في: الأربعاء فبراير 15, 2006 1:00 pm
مكان: Iowa City,IA, USA

مشاركة بواسطة ÃÓÇãÉ ÚÈÏ ÇáÌáíá »

كنت أمني نفسي بلقاء آخر معه منذ لقائنا القصير والوحيد في عام 1988
فلقد ترك لدي أثر لا يمحي وعرفت تماما معنى الأخلاص المهني والأنحياز للمعرفة.
رافقته في رحلة مهنية وكسبت منها ما لم يكن متاحا في سواها.

أدعو له بالرحمة والمغفرة وصونوا اسهاماته للأجيال فلقد كان رجلا عظيما.
[b]
صورة العضو الرمزية
ÚÈÏ ÇáÝÊÇÍ ÓÚíÏ ÚÑãÇä
مشاركات: 365
اشترك في: الخميس ديسمبر 21, 2006 2:45 am

مشاركة بواسطة ÚÈÏ ÇáÝÊÇÍ ÓÚíÏ ÚÑãÇä »

May God rest his soul in peace
Fatah
أضف رد جديد