وقائع وخلاصات ونتائج ندوة لاهاي حول التحول الديمقراطي

Forum Démocratique
- Democratic Forum
محمد جمال الدين
مشاركات: 1839
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:52 pm

وقائع وخلاصات ونتائج ندوة لاهاي حول التحول الديمقراطي

مشاركة بواسطة محمد جمال الدين »

الأعزاء والعزيزات،
مرحبا بكم في هذا الخيط الذي سنتناول فيه بالتفصيل الممكن وقائع وخلاصات ونتائج ندوة لاهاي حول دور المثقف السوداني في المنفى في عمليتي الإصلاح السياسي والتحول الديمقراطي في السودان. إنعقدت الندوة يوم أمس السبت الموافق 15 سبتمبر 2007 بمدينة لاهاي وفق ما هو معلن لها في هذا المكان.

الحدث كان ممتازا ومميزا في تقديرنا. الشي الذي جعلنا اكثر رغبة في اطلاع أكبر قدر من الناس المهتمة بالأمر والسعى الى إشراكهم في الحديث حول ما حدث.

تحدث في هذه الندوة (المهرجان) د. حسن موسى. و تحدث الجميع بلا إستثناء. وأدار اللقاء موفقا الأستاذ محمد عبد الحميد.

سنخص هذا المكان بكل الممكن من تفاصيل وقائع وخلاصات ونتائج هذا اللقاء.


قد نحتاج قليلا من الوقت لنبدأ جديا. ما نفعله الآن هو تحديد "الميس" مع محاولة حجز مساحة لنا (هنا) في خواطركم بقدر الإمكان، ليس الا.



لطفا، كونو معنا.

تحياتي

محمد جمال الدين
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

شكرا

مشاركة بواسطة حسن موسى »

محمد جمال
شكرا لكم يا صديق على الأمسية بفصولها و بامتداداتها الحافلة بالحوار و بالونسات مما جميعو.
أنا بصدد بعض الأضافات البسيطة على نصي في موضوع " أدب الشفاء" قبل تنزيله هنا لفائدة الجميع فصبرا.
المودة للصحاب و التحية لكل من ساهم في إنجاح هذا المحفل الخلاق.
حسن موسى
محمد جمال الدين
مشاركات: 1839
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:52 pm

مشاركة بواسطة محمد جمال الدين »

وشكرا لك أنت يا حسن،

على تكبد معاناة السفر في طريقك إلينا ذهابا وإيابا.

وعلى تكبد مشقة الفكرة. وعلى قيادتك الموفقة لمجريات النقاش حول إطروحة اللقاء.

وعلى تحملك لنقاشنا المثمر جدا في تقديري والشرس جدا في بعض الأحيان في تقديري أيضا (أوان جلسات اللقاء). فكانت النتيجة كما توقع سلفا كثير من الحضور، جيدة.

ثم، دعني أقول لك الحق كما رأيته من زاويتي، فقد كنت صلدا وصبورا بلا حدود (عكس ما توقع البعض وأنا منهم) عندما كلنا لك كل تلك الأسئلة الحائرة والفظة بلا وازع أو هدنة حول قضايا متعلقة بالأمر وأخرى شتيتة، أوان جلسنا جميعنا بعد انتهاء اللقاء بشكله الرسمي (فلم يكن مجرد لقاء حميم، كما خطط له بعض الأصدقاء) . كانت بدورها جلسة (عارمة) مثمرة لا تقل من تلك الرسمية في شي.

فلك التحية ونتطلع الى مزيد من التعاون في مثل هذه القضايا.

وفي إنتظار ورقة أدب الشفاء

ويتواصل الحديث عن الندوة (بس قد نحتاج شوية صبر، أقله، ثلاثة من أعضاء اللجنة المنظمة "صبحو عيانين" bodily
)

ولك ولكل متابعينا (هنا) كل المودة

محمد جمال الدين
محمد جمال الدين
مشاركات: 1839
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:52 pm

مشاركة بواسطة محمد جمال الدين »

من هو المثقف؟:

قبل أن تبدأ الندوة بقليل تم طرح سؤال إفتتاحي على الحضور على الوجه التالي: من هو المثقف في هذه القاعة؟. من منكم يعتبر نفسه مثقفا؟.

عدد قليل جدا من الحضور رفع يده (مصنفا نفسه) في عداد المثقفين.


بعد ذلك قمنا بإختيار ثلاث أشخاص (بشكل تلقائي) ممن اعتبرو انفسهم مثقفين وثلاثة ممن لم يعتبرو انفسهم في عداد المثقفين، وسألناهم مجددا، كل على حدة، لماذا وعلى أي أساس اعتبر المثقف نفسه مثقفا والعكس صحيح، على أن تكون الإجابة في جملة قصيرة، فكانت الإجابات متباينة جدا.

فعلى سبيل المثال عد عبد المنعم مختار(من جامعة بريمن) نفسه مثقفا كونه يمتلك قدر معين من المعلومات في مجالات مختلفة من الحياة وفوق ذلك فهو مهموم بقضايا مجتمعه (الوطن) والإنسانية جمعا،، وتدارك عبد المنعم بانه يعتبر نفسه مثقفا بنسبة 17 في المئة.

بينما شكك الروائي رؤوف مسعد في كونه مثقفا بإعتبار أن المثقف من وجهة نظره لا يكون الا ذلك الذي يمتلك رؤيا كلية (جامعة) للحياء والأشياء وهو لا يشعر بانه يمتلك هذه الرؤيا.
.
وبالرغم من انه لم تكن هناك خلاصة واضحة في هذه النقطة فان شعور الجميع كان شبه موحد حول ان ما يجمع الناس هنا حول موضوع الندوة هو الهم العام المشترك بالقضايا الحيوية المتعلقة بالبلاد التي ينتمون اليها مثل قضايا الديمقراطية الحقة والسلام الشامل والعادل والتنمية المتوازنة ، بغض النظر عن حدود ثقافة الفرد أو درجة تعليمه الأكاديمي .

ثم بدأت الندوة (من جزئين) وثالث إبداعي.

تحدث في الجزء الأول د. حسن موسى مفتتحا الحوار حول دور المثقف السوداني في عملية الإصلاح السياسي والتحول الديمقراطي في السودان على وجه العموم، مع تركيز خاص على ما أسماه أدب الشفاء (د.حسن موسى وعدنا بأن يمدنا بورقة تتضمن معظم أراءه حول أدب الشفاء لنشرها في هذا المكان) . ثم كانت هناك مساحة من الوقت لمداخلات وتعليقات وأسئلة الحضور.

الجزء الثاني من الندوة كان عبارة عن نقاش مفتوح حول موضوع الحوار، تطرق الى قضايا مختلفة (متعلقة بالأمر) مثل:

reconciliation or justice في الحالة السودانية

السلام الشامل

الديمقراطية

التنمية العادلة والمتوازنة

إضافة الى موضوع الهوية


ونواصل

محمد جمال الدين
ÚíÓì íæÓÝ
مشاركات: 26
اشترك في: الأربعاء يوليو 26, 2006 10:38 pm

مشاركة بواسطة ÚíÓì íæÓÝ »

الأعـزاء محمد جمـال ودكتور حسن،، سلام عليكم،، وكل الشكر الجـزيل على اللقاء المفيد والجـامع،، وشكـرا يا حسن على المحاضرة القيمة وزي ما قال محمد برضو لك الشكر أولاً على تكبد مشاق السفر، و(قالوا): بل العـذاب قطعة من السفـر..وعلى كل شي، وشكـراً ليك يا محمد ولكل من معك في NSON على تنظيم ذاك اليوم الرائع، en niet geheel onbelangrijk : على الفطـور الكارب!!..ورغـم عن ضيق الوقت الذي لم يسمح لي بطـرح كل أسئلتي أو تعليقي (وهو كان حال الجميع) كانت الفائدة عظيمة، وارجـو أن يكون هذا البوست لمواصلة الحـوار، والآن لا أريد أن أقطع عليكم المواصلة ونشيل الصبر ال يبل الآبري في رمضان دا لغاية ما دكتور حسن يأتينا بتكملة (أدب الشفاء)،، ويفـرغ الأخ محمد من إستعراض مجريات اليوم؛ ثم نواصل معاكم بالأسئلة والنقاش وصور المعـرض للتشكيلي عمر دفع الله والنحات عروة وغير ذلك.. فإلى اللقاء..
محمد جمال الدين
مشاركات: 1839
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:52 pm

مشاركة بواسطة محمد جمال الدين »

مرحب بيك عيسى وشكرا ليك على المجاملة الجميلة
وفي إنتظار صور التشكيل والنحت. وبالطبع سنسعد بمساهمتك معنا.



وحاجة تانية (نداء للكل) الفديو (بتاع الندوة) تاعب أحمد الملك واحمد تاعبني!. رافض انزل كلو.

آخر حاجة قررناها انو ننزلو في شكل حتت مع انو ما محبذين المسألة دي، كونها بتقلق المتابعة من وجهة نظرنا.
بس يبدو انو ما عندنا طريقة غير كدا، الا واذا في زول عارف بمثل هذه الشئون وتبرع بشرح الخطوات هنا.

بعد الفديو وشوية مداخلات بالضرورة حا ننشر بيان نتائج الندوة وحا نعرف الناس بقدر الإمكان على الخطوات التالية (المستقبل القريب).

مع الود

محمد جمال الدين
محمد جمال الدين
مشاركات: 1839
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:52 pm

مشاركة بواسطة محمد جمال الدين »

لسعه ربما كنا في إنتظار أحد العارفين شوية بأمر كيفية تنزيل فديو الندوة (بكامله) ، والا حا ننتظر لغاية (بكرة) أو لبعض الوقت.

وهذا تلفون أحمد الملك (0031616171916) لمن اراد مساعدتنا live.
وهذه صفحة الروائي أحمد الملك لمن لم يمر عليها بعد ( https://www.geocities.com/penubes/malik1.htm) دا بس عشان المناسبة جابت المناسبة، في خاطري.

وشي مختلف، نحن قررنا أن نواصل الحوار حول الندوة في هذا الخيط وليس ذاك القديم المخصص للإعلان عنها، على أمل ان نركز على موضوعنا شوية (خلاصة الندوة) في هذا الخيط الجديد.

بس (لسه كمان) من أراد بعض المعلومات حول نصون (المنظمة) أو الاطلاع على بعض الافكار و المداخلات، يستطيع (لطفا) ان يذهب الى اللنك التالي (بوست الإعلان عن الندوة):

https://sudan-forall.org/forum/viewtopic ... ddf5872039

ففيه ببعض ما قد يطلبه الطالب في هذا الشأن. والمداخلات لسه مرحب بيها هناك، وبقدر اعظم هنا.

مع اسمى معاني الود

محمد جمال الدين
صورة العضو الرمزية
أحمد الملك
مشاركات: 5
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 8:46 pm
اتصال:

مشاركة بواسطة أحمد الملك »

تحياتي لك يا محمد ولدكتور حسن موسى .
يبدو أن جهود يومين من العمل على ملفات الفيديو لم تثمر كثيرا. عموما نظل نحاول رغم بعض المشاكل مثل عدم المعرفة الكافية بالبرامج اللازمة وكذلك كبر حجم الملفات خاصة الملف الذي يحوي المحاضرة.
شكرا للأخوة منعم شوف وعمر الأسد فقد حاولا المساعدة عبر الهاتف. وربما ألجأ اليهما في النهاية إن لم تثمر كل المحاولات. عموما هذه محاولة لإنزال الفيديو في اجزاء صغيرة .
تحياتي وأمنياتي الطيبة.


[video width=400 height=350]https://www.youtube.com/watch?v=RaOaNYiGFF4[/video]
محمد جمال الدين
مشاركات: 1839
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:52 pm

مشاركة بواسطة محمد جمال الدين »

هنا جزء من بداية الندوة (بدون المقدمات) :


سنواصل

م.جمال
آخر تعديل بواسطة محمد جمال الدين في السبت سبتمبر 22, 2007 11:57 am، تم التعديل مرة واحدة.
محمد جمال الدين
مشاركات: 1839
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:52 pm

مشاركة بواسطة محمد جمال الدين »

معذرة لسحب هذا المقطع الصغير من مجريات الندوة.

سنحاول مساء اليوم إنزال الفديو كامل (مباشرة) في سودان فورأوول بدلا من بثه بهذه الصورة المتقطعة بواسطة يوتوب. مع تركيز اكبر على الجزء الثاني الخاص بالنقاش لأن على كل حال ورقة حسن موسى (الجزء الأول من الندوة) سيتم نشرها في هذا المكان في غضون الساعات المقبلة.
صورة العضو الرمزية
طارق ابو عبيدة
مشاركات: 404
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:20 pm

مشاركة بواسطة طارق ابو عبيدة »

الاخ محمد جمال

ارجو ارسال الفايل علي ايميلي و في حال وصولة ساعمل علي معالجته و انزاله في اقل من ساعه
غالبا مايكون المشكل في الكونفيرت او الكومبرس لحجم يسمح برفعة علي السيرفا

تحياتي
محمد جمال الدين
مشاركات: 1839
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:52 pm

مشاركة بواسطة محمد جمال الدين »

أهلا بيك طارق
وتشكر يا عزيز على استعدادك لمد يد العون في موضوع الفديو.

مؤقتا اتحلت.

لك الود

محمد جمال الدين
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

أدب الشفاء

مشاركة بواسطة حسن موسى »

Denhaag texte




أدب الشفاء
…………
هذا النص يحتوي على مجموعة التفاكير التي ألقيتها على الأصدقاء الذين حضروا محفل لاهاي يوم 15 سبتمبر 2007 بدعوة من منظمة "نصون" لمناقشة عامة حول دور المثقف السوداني في قضايا التحول الديموقراطي.


وما المثقف؟
لوكان في وسعي أن ألخص دور المثقف في عبارة لقلت

المثقف يصنع حلم اليوتوبيا ويصونه كنوع من الوهم النافع الذي يلهم الناس أسباب التضامن على مشروع الخلاص الاجتماعي.

وترجمة العبارة هي أن الحلم الطوباوي برنامج،وحلم المدينة الفاضلة التي يسودها حكم مثالي ويحيا فيها شعب سعيد، هوالخامة الابتدائية التي ينتفع بها الناس في صناعة الرباط الاجتماعي كخيار واعي وضروري للحياة في تعبيرها الجمعي والفردي. وفي منظور الخلاص الاجتماعي ينطرح الحلم الطوباوي كضرورة تهم الجميع فيؤدبها الأدباء ويشكّلها التشكيليون ويموسقها الموسيقيون مثلما يفلسفها الفلاسفة ويسيّسها السياسيون، مثلما يهندسها المهندسون ويرقصها الراقصون إلى آخر كلام الشعراء. واليوتوبيا تملك أن تتجسد في جسد الدين( الأرضي أوالسماوي) مثلما تملك أن تتجسد في جسد الفكر المادي. ولوخلصنا إلى أن لا خلاص بغير يوتوبيا نخلص لأن لا يوتوبيا بغير مثقفين.

سورة التور؟
لقد استهل الأخ محمد جمال الندوة بمحاولة تعريف المثقف وسعى بالميكروفون وسط الحاضرين يسألهم إن كانوا يعتبرون أنفسهم مثقفين أم لا. وتعددت الإجابات بين من اعتبر نفسه مثقفا ومن أنكر عن نفسه صفة المثقف، وسعى بعض المتحدثين لمعارضة المتعلم بالمثقف مثل الدكتور عبد المنعم مختار الذي أعلن بأنه "مثقف بنسبة 17 في المية" كما سعى بعضهم لتصنيف المثقفين بقدر قربهم أوبعدهم من السلطات السياسية، مثل الروائي المصري رؤوف مسعد الذي استبعد المثقفين المتواطئين مع السلطات من دائرة المثقفين. وأظن أن أفضل تعريف للمثقف هوتعريف جان بول سارتر الذي قال مرة" المثقف شخص ينشغل بما لا يعنيه" يعني "مُتلقّي حجج". وأظنه تعريف يناسبنا جميعا في الموقف الذي نقفه هنا في هذا المقام الجمعي الجليل، وقد وفدنا من أنحاء جغرافية عديدة ومن خلفيات ثقافية وسياسية متباينة لنتلقى حجج هذا الشأن العام، شأن الممارسة الديموقراطية الذي رغما عن كوننا لم ندرسه في الجامعات ولم نتخصص فيه إلا أنه يهمّنا ويهجس أحوال حركتنا وسكوننا، فنتقحّم مقاماته ونتطفل على النفر الذي استبدّ واحتكر حق الحديث فيه ولا يهمنا إن أفسدنا عليهم بهجة نادي المتخصصين.
نعم،في مقام مناقشة قضية الديموقراطية فكلنا مثقفون على صورة ذلك الإمام المزارع في حكاية "سورة التور". وهي حكاية سمعتها مرة من بعض أصدقائي الجمهوريين في السبعينات. والحكاية تحكي ما حصل لعالم أزهري درس الفقه وجوّد علوم الدين ونال الإجازة من الأزهر وعاد ليشغل وظيفة في ديوان الإفتاء. قالوا أن الرجل في طرق عودته قرر المبيت في قرية صغيرة منسية قبل أن يستأنف سفره في الصباح. واستضافه أهل القرية في مسيدهم وأكرموه وهم لا يدرون شيئا من أمر تخصصه. وحين جاء وقت صلاه العشاء اصطف القرويون وراء إمام القرية ليصلوا وحذا العالم الأزهري حذوهم. وما أن شرع الإمام في الصلاة حتى تبين للشيخ الأزهري أن هذا الرجل الذي يؤمّهم يغلط في القراءة ولا يعرف كيف يؤدي الصلاة بشكل صحيح. فصبر عليه حتى سلّم وعاجله:
يا زول قرايتك وصلاتك كلها غلط في غلط.
فرد الإمام مندهشا:
وإنت منوعشان تغلّطني في قرايتي وصلاتي؟
فرد العالم الأزهري:
أنا فلان ودرست علوم الدين في الأزهر الشريف وبكرة الصباح ماشي أشتغل مفتي في الخرطوم.
فرد الإمام:
وأنا فلان تعلمت القراية والصلاة هنا وبكرة الصباح بمشي اشتغل في زرعي.
فأراد العالم أن ينهي المجادلة بإفحام الإمام المكابر فقال له:
إنت كان بتعرف القراية كدي أقرا لينا سورة البقرة قدام المسلمين الصّلّيت بيهم ديل.
فوجم الإمام لحظة واسقط في يده. فهولا يعرف من سورة البقرة وآياتها المئتين وستة وثمانين إلا أولاهن التي تبدأ بـ "آلم". وحقيقة لم يكن إمام القرية شخصا متبحرا في علوم الدين ولم يكن تجويد القراءة بين أولوياته. كان مزارعا أميا يدبر أموره على الحس السليم ولا يخوض في أمور الدين المشتبهات. وكان أهل قريته يولونه ثقتهم ويستفتونه ويصلون وراءه ورغم أن كل حصيلته من القرآن لم تكن تتجاوز معرفة الفاتحة وبعض السور القصيرة.
ساد صمت ثقيل في المجلس وأهل القرية يجيلون النظر بين العالم المزهووإمامهم المطرق.
فجأة رفع الإمام رأسه وخاطب العالم قائلا:
أنا بقرا ليك "سورة البقرة" بس إنت تقرا لينا "سورة التور" في الأول.
فانتفض العالم واقفا كأن عقربا لدغته وصرخ:
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، يا زول استغفر، القرآن مافيهو سورة اسمها "سورة التور".
فالتفت الإمام ناحية الحضور وسأل مجموعة الرجال الغبش المقرفصين حوله:
يا جماعة، الله قال: ما فرطنا من شيء في الكتاب، أها هل يجوز إنو البقرة الإنتاية يكون عندها سورة في الكتاب والتور الضكر ما يكون عندو سورة؟
فأجاب الحضور في صوت واحد:
لا، حاشا،إذا كان في الكتاب سورة للبقرة فضروري يكون فيهو سورة للتور كمان.
والتفت الإمام نحو العالم الواقف وقال:
إنتو الله دا شافوه بالعين ولا عرفوه بالعقل؟
قالوا أن العالم الأزهري انحنى وطوى مصلاته وحمل متاعه وقرر أن لا يبيت ليلته مع القوم الجهلة الزنادقة.
بعدها لسنوات ظل أهل القرية يتندرون بحكاية هذا العالم" المثقف" الغريب الذي يجهل "سورة التور". بينما هم لم يكن يداخلهم الشك في وجودها في الكتاب. وظل إمام القرية " المثقف" يؤم الصلاة كعهده ويقرأ ما تيسر بطريقته دون أن يحتاج يوما لقراءة سورة البقرة أوحتى لقراءة سورة التور.
وهكذا فكلنا مثقفون ولا فضل لفقيه على مزارع إلا بحرصه على أولوية الممارسة الديموقراطية، والحسّاس يملا شبكتو.

لكن المثقفين في بلادنا طبقات، وهم في طبقاتهم " خشوم بيوت" وقيل "لحمة راس". وثمة مثقف ومثقف، ومن اختلاف المثقفين نقول ب ثمة يوتوبيا ويوتوبيا،لأن اليوتوبيا، على صورة صناعها، طبقية. وكل طبقة تخترع حلمها الطوباوي من واقع مشروعها التاريخي ومن صميم مصلحتها المادية. وفي هذا المشهد تتعارض يوتوبيا الفقراء مع يوتوبيا الأغنياء. وقد شهد مجتمعنا في تاريخه الحديث تواتر الطوباويات الكبيرة ابتداءا من اليوتوبيا المهدوية ليوتوبيا "وحدة وادي النيل" ليوتوبيا "الوحدة العربية"( الاندماجية كمان) أويوتوبيا الإشتراكية السودانية "السودانوية" المستوحاة من واقعنا وتقاليدنا المحلية، ويوتوبيا ديكتاتورية الطبقة العاملة، ويوتوبيا "الرسالة الثانية من الإسلام" ويوتوبيا "المشروع الحضاري الإسلامي" رجوعا ليوتوبيا "السودانوية السعيدة" في نسخة "السودان الجديد" التي صارت تستهوي الشباب المتفائل. وفي قلب هذا التواتر البديع شهد المجتمع السوداني صعود وهيمنة رهط مثقفي الطبقة الوسطى المدينية الذين تخرجوا في المؤسسات التعليمية الأسطورية لعهد الاستقلال(حنتوب ووادي سيدنا وخورطقت إلخ) والتقوا على صيانة الحلم الطوباوي العربسلامي، في مؤسسات التعليم العالي المدنية (جامعة الخرطوم) والعسكرية (الكلية الحربية) فتزاملوا وتحالفوا وتصاهروا وتناسلوا وأثروا وكدّسوا الأرصدة في المصارف الأجنبية وورّثوا ذريتهم الامتيازات واستفردوا بالشعب الأعزل يعربدون بلا رقيب على سطح الحياة الاجتماعية. . . وأهو عايرة وأدّوها سوط.

قلت أن المثقفين"خشوم بيوت" وهم في تنوع مشاربهم ومآكلهم إنما يعكسون صورة تناقض المصالح في المجتمع السوداني. لكن يبقى أن الفرز ضروري بين أنواع المثقفين السودانيين، وضمن هم الفرز أقول أن أغلب المثقفين السودانيين يقيم على هم اليوتوبيا ويبذل في سبيل فكرة المدينة الفاضلة والمجتمع السعيد جزءا كبيرا من جهده ومن وقته وفيهم من يبذل الروح ويلتحق برهط الشهداء والصديقين في جنات الخلد ولوتوسل إلى ذلك بوسائل الفكر المادي، و" كل شي جايز في هادي الأيام" كما قال رحمة الله ود الكاشف (بندرشاه).

فماذا نفعل بتركة البرامج الطوباوية التي أورثنا إياها السلف الصالح (والطالح)؟هل نضيف عليها طبقة جديدة أم نرميها في نفايات التاريخ؟وهل على المثقف السوداني المعاصر مصالحة الطوباويات في نسخة جامعة جديدة أم هجرانها بالكلية والانشغال بالخلاص الفردي على منطق "خلّص طيزك" ومن بعدك الطوفان؟

حلف الفضول
من مشهدي الشخصي أرى كل اليوتوبيات مقبولة مبدئيا، وأن تعارضت مصالح سدنتها، من حيث كونها تتلاقى عند هم العمل العام الذي يستهدف تحقيق حلم خلاص الجمعي. اليوتوبيا بطبعها حلم جمعي لا مكان فيه للمشروع الشخصي. وهذه الصفة تجمع الضالعين في الحلم الطوباوي ضمن فئة أو جبهة واحدة. وضمن تضارب المصالح الظاهرة والمستترة في المشهد السوداني مطلوب من المثقفين السودانيين تعريف منطقة الحد الأدنى التي يمكن أن يتضامن عليها أهل جبهة الطوباويات في شكل برنامج وعملي، وقيل براغماتي، يمثل الطرف الممكن (في شرط الآن وهنا) من المشروع الطوباوي المسقط على شاشة المستقبل.
هذا "الحد الأدنى" هوأولا تجنب الاقتتال وصيانة ما أنجز من مشروع السلام الهش المتبرعم وسط حقل الألغام الرمزية الواسع المسمى بالوطن. وهوثانيا تجنب الخصام المجاني غير النافع الذي يشوّش ويعكر رؤية الخصام الحقيقية ويموّه من حضور الخصوم الحقيقيين وراء ستار الخصوم الوهميين، وهو ثالثا صيانة حد أدنى من التدبير البراغماتي الذي يوفر الجهد والمال في أمور عملية لا خلاف عليها،مثل الخدمات الصحية والمواصلات إلخ. وكلها تدابير يمكن الاتفاق عليها بين الفرقاء المتضامنين على خصومة العقلاء،القائمة على ما هو جوهري في الخلاف السياسي. (وعلى سبيل المثال لابد للسلطات، مهما كان لونها السياسي، من أن تحظر على تجار المواد الغذائية من إضافة مواد كيماوية ضارة بالصحة للطعام كما حدث في قضية الخبز المسمم بالكيماويات،والتي ورد ذكرها في الصحف قبل أسابيع). فكيف نؤسس لهذا البرنامج البديهي الذي يبدو في متناول اليد من مشهد المتفائلين مثلما يبدو بعيدا عسير المنال من مشهد المتشائمين؟ التأسيس الناجز لبرنامج "الحد الأدنى" البراغماتي و"غير السياسي" لا يكون إلا بعمل سياسي. وهذا النوع من العمل السياسي ممكن رغم صعوبته التي تتلخص في ضرورة مقاربة الخصوم السياسيين لتعريف حدود الخصومة ومشروعيتها وعقلنتها. وللمثقفين من سدنة اليوتوبيات في هذا المشهد مهمة تاريخية فرص تحقيقها ترتهن بجدية "إيمانهم" بالحلم الطوباوي. وكما ترون فكل هذا يردنا في النهاية إلى " حظيرة الإيمان" فهل الاعتقاد الطوباوي وجه من وجوه العبادة؟ مندري؟ ولوكان بينكم من يدري فلينفعنا الله بدرايته.

المهم يا زول،
على أي قاعدة نؤسس لإنقاذ السلام في وطن الأخوة الأعداء؟
السلام ينبني على قاعدة العدل والديموقراطية. وأول خطوة لإحلال مباديء العدل هي رد الحقوق المهضومة لأهلها والاقتصاص ممن ظلموا واعتدوا وجاروا على الناس بغير وجه حق. وأول خطوة لإحلال مبادئ الممارسة الديموقراطية هي ضمان سلطات الدولة لاستمرارية العدالة من خلال مؤسسات مستقرة مستقلة عن السلطة السياسية. وكل هذا البناء لا يكون إلا على أساس من التضامن على الوضوح الفكري بين الفرقاء، وعلى قاعدة من الثقة الفادحة المتبادلة التي تسوغ تقديم السماحة الثقافية على الفسالة العرقية وعلى الضيق العقائدي بين كافة الأطراف ذات المصلحة في إنجاز المشروع الطوباوي السوداني. أو كما قال:" ولوشاء ربّك لآمن من في الأرض كلهم جميعا،أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين" (يونس 99)، و"فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها وما أنت عليهم بوكيل"(الزمر 41).
كل هذا البناء لا يقوم إلا بعمل عام سياسي ينخرط فيه المثقفون الطوباويون بأسلوب يعيد تأهيل الممارسة السياسية كشأن عام يخص كل الناس على اختلاف تخصصاتهم وعلى تباين حظوظهم من المعارف. فالممارسة السياسية شأن جليل لا يليق بنا أن نهجره فيستفرد به نفر من محترفي السياسة الذين يبررون بأسهم السياسي بذريعة خبرتهم التقنية بآليات الممارسة السياسية، ولا يبالون إن اتخذوا القرارات السياسية الخرقاء المكلفة التي تدخل البلاد بحالها في ذلك الموضع الحرج من الوزّة. وأنا لا أقول بأن يهجر الأدباء والعلماء مجالات عملهم ليتفرغوا للسياسة ولكني أطالبهم بالانتباه لما يحدث في ساحة السياسة السودانية ومتابعته ومساءلة الناشطين السياسيين في وسائل وغايات حركاتهم السياسية. وقد جاء في المثل أن "البلد الما فيها التمساح يقدل فيها الورل". وضد عربدات الورل الجائر في ثقافتنا المعاصرة أدعو قبائل المثقفين الطوباويين لتأسيس نوع معاصر من "حلف الفضول" على صورة ذلك الحلف الذي أسسه بعض فضلاء مكة في أواخر القرن الميلادي السادس، وفحواه مناصرة المظلومين وتقعيد التسامح في الحياة العامة. وبالنسبة للباحث القانوني العراقي والناشط الهميم في مجالات حقوق الإنسان الدكتور عبد الحسين شعبان "يمكن اعتبار حلف الفضول أول رابطة لحقوق الإنسان" مؤسسة على" رفض الظلم والعمل على إلغائه
- المساواة بين أهل مكة ومن دخلها من سائر الناس، أي احترام الآخر بغض النظر عن انتمائه.
- إحقاق الحق ونصرة المظلوم ورد حقوقه
- الحفاظ على حياة الناس وكرامتهم
- اللجوء إلى هيئة "فضلاء" لرد الظلم. "..."
- وبخصوص حلف الفضول قال ابن الأثير:
- "ثم إن قبائل من قريش تداعت إلى هذا الحلف، فتحالفوا في دار عبد الله بن جدعان، لشرفه وسنه. وكانوا بني هاشم وبني المطلب وبني أسد بن عبد العزّى وزهرة بن كلاب وتميم بن مرّة، فتحالفوا وتعاهدوا ألاّ يجدوا بمكة مظلوما من أهلها أومن غيرهم من سائر الناس إلاّ قاموا معه، وكانوا على ظالمه، حتى ترد مظلمته. فسمّت قريش ذلك الحلف حلف الفضول"
- ويرى عبد الحسين شعبان أن الإسلام اتخذ "موقفا ايجابيا من حلف الفضول "الجاهلي"، وقد ألغى النبي محمد جميع أحلاف الجاهلية، باستثناء حلف الفضول. ويوم سئل عنه أجاب:
- "شهدت مع أعمامي في دار عبد الله بن جدعان حلفا لوأنني دُعيت إلى مثله في الإسلام لأجبت" (عبد الحسين شعبان، فقه التسامح في الفكر العربي الإسلامي، دار النهار 2005).

ضمن هذا المشهد العام أحاول معالجة وجه من وجوه المسعى الطوباوي في طرح بعض المثقفين السودانيين " الفضلاء" المتحركين ضمن مشهد العمل العام السياسي المعاصر. هذا المسعى الطوباوي هوما طاب لي أن أسميه بـ "أدب الشفاء" في السياسة السودانية.

أدب الشفاء
عز المثقفين السودانيين

" يا عبد الله، نحن كما ترى نعيش تحت ستر المهيمن الديّان، حياتنا كد وشظف لكن قلوبنا عامرة بالرضى، قابلين بقسمتنا التي قسمها الله لنا. نصلي فروضنا ونحفظ عروضنا، متحزّمين ومتلزّمين على نوايب الزمان وصروف القدر. الكتير لا يبطرنا والقليل لا يقلقنا، حياتنا طريقها مرسوم ومعلوم من المهد إلى اللحد. القليل العندنا عملناه بسواعدنا ما تعدينا على حقوق انسان ولا أكلنا ربا ولا سُحت. ناس سلام وقت السلام وناس غضب وقت الغضب. الما يعرفنا يظن أننا ضعاف إذا نفخنا الهوى يرمينا، لكننا في الحقيقة مثل شجر الحراز النابت في الحقول، وأنت يا عبد الله جيتنا من حيث لا ندري. كقضاء الله وقدره ألقاك الموج على أبوابنا: ما نعلم انت مين وقاصد وين، طالب خير أو طالب شر. مهما كان، نحن قبلناك بين ظهرانينا زي ما نقبل الحر والبرد والموت والحياة. تقيم معنا لك ما لنا وعليك ما علينا، إذا كنت خير تجد عندنا كل خير وإذا كنت شر فالله حسبنا ونعم الوكيل. "
خطاب محمود في استقبال ضوالبيت.
الطيب صالح " بندر شاه" 112. دار العودة
1971

وفي استخدامي لعبارة " أدب الشفاء" أحيل معنى" الأدب" في عبارة "أدب الشفاء" لمدلول "الأدب" في المعنى الواسع الذي تدل عليه عبارة " الثقافة" مثلما أحيله إلى المعنى النصوصي للممارسة التعبيرية التي اصطلحنا على تسميتها بالأدب. وعلى هذا الفهم تدل عبارة "أدب الشفاء" عندي على موقف الناس الذين عبروا بلاء المواجهة العنيفة الدامية وتعلموا بالتجربة ضرورة التعايش على منطق السلم ومنفعة قبول الآخر وأنتجوا في سبيل ذلك نوعا تعبيريا غايته شفاء النفوس من منطق العنف.

أدب الشفاء في مشهد العلاقات بين أهل السودان سجل مشرّف وراءه تاريخ طويل ومركب لذلك الميل الطبيعي للسودانيين نحو الحياة المسالمة المبدعة القائمة على إعلاء قيم العدل والمساواة وحب الخير. وربما كان لتاريخ التعدد الثقافي والعرقي الذي طبع تداخل العلاقات بين أهل السودان الأثر الأكبر في تحفيز السودانيين على صيانة أدب للشفاء من عواقب الصراع المادي والرمزي الذي يواجهونه ضمن مسارات التطور التاريخي للمجتمع.
والمقتطف من" بندرشاه" الذي يتصدر هذه الأسطر ما هو إلا بعض من خطاب ممتد في أدب الشفاء قد نجد طرفا منه في كتابات معظم الكتاب السودانيين الذين لم يملكوا غير الكلم الطيب لدفع شياطين العنف والفرقة والحزن عن حلم الأمة المتضامنة على قيم السلم والعدل والديموقراطية والحرية. أدب الشفاء الذي صاغه الطيب صالح على لسان" محمود " نلاقيه عند بابكر بدري كما نلاقيه في بعض أشعار المجذوب كما نصادفه عند فرانسيس دينج في دراساته أوفي آثاره الأدبية مثلما نقرأه في كتابات وخطب جون قرنق وفي أشعار ودراسات محمد عبد الحي ومحمد المكي إبراهيم والنور عثمان وآخرين ممن تحلقوا حول حلف" الغابة والصحراء" أو في الجهد الفني والنظري التمازجي العربي الأفريقي لمفهوم "مدرسة الخرطوم" عند الصلحي. وبصرف النظر عن نوعية النقد المحتمل لأدب هؤلاء وأولئك على صعيد المفاهيم السياسية والجمالية فإن قاسمهم المشترك يقيم في مقام الحلم الطوباوي النبيل الذي يشرفهم كمثقفين. . . ومن الضروري فتح باب خاص بالدور النوعي المميز الذي لعبه مثقف كالأستاذ محمود محمد طه في الستينات أبان المناقشة حول الدستور الإسلامي والموقف من ولاية غير المسلمين والموقف ضد العنف والكلام عن فقه التسامح وإصلاح الشريعة وقانون الأحوال الشخصية إلخ. ذلك أن للأستاذ محمود مساهمة رئيسية في تثبيت خطاب مميز في منظور أدب الشفاء في السودان، سيما وأن الرجل دفع غاليا ثمن تمسكه بمبادئ أدب الشفاء الجمهوري. . ولعل أكثر الأشكال المؤسسية تجسيدا لأدب الشفاء هوما أطلقه نفر من الأدباء والفنانين الديموقراطيين في النصف الثاني من الستينات تحت مسمى "أبادماك" الإله النوبي الماثل برؤوسه المتعددة كأفضل تعبير عن استقرار موضوعة التعدد الثقافي والعرقي للسودان ضمن المشهد الثقافي الحديث. وقد كانت أهم منفعة لهذا التقليد الحديث أن تهيأت النفوس في سودان السبعينات لظهور مؤسسات حكومية رسمية معنية بالتعبير الثقافي كمدخل ضروري للوحدة الوطنية من خلال التعدد وللتنمية الاجتماعية المتوازنة. فظهرت وزارة الثقافة وملحقاتها الرسمية المعنية بإحياء وصيانة آداب وثقافات شعوب أهل السودان (مصلحة الثقافة، مركز دراسة الفولكلور، المجلس القومي للآداب والفنون إلخ).
وإلى أن يظهر في أرض أدب الشفاء السوداني نوع الباحثين الذين يمنهجون النظر في تلاوينه الكثيرة بأفضل مما أفعل في هذه الأسطر المتفائلة، أبذل لكم تفاكيري (على هشاشتها) في نقد بعض تعبيرات أدب الشفاء التي جادت بها أقلام مهمومة بشفاء السودانيين من عواقب عقود من المواجهات الدامية، وطموحي أن انتفع بنقدكم في إصلاحها وتقويم ما انعوج منها. . فقد حفزني لكتابة هذه الكلمة انتباهي لتواتر المقالات التي تصاغ أحيانا باسم " الجنوبيين" أو باسم "المهمشين" وتخاطب جهة غامضة اسمها "الشماليين" أو"الوسط" أو"المسلمين" أو"العرب" أو"الأحزاب الشمالية" أو"الحكومة" أو"الجيش" مطالبة بأن يقوموا بالاعتذار للجنوبيين أو للمهمشين أو لعدد من ضحايا الصدامات السياسية الدموية كشرط ضروري لاستتباب السلام الاجتماعي السياسي والرمزي بين أبناء الوطن الواحد.
والاعتذار، كوجه من وجوه أدب الشفاء السوداني، موضوع عامر بمفاهيم متضاربة، فرزها وتمحيصها يملك أن يجرنا خارج حدود المنفعة السياسية التي يسعى إليها المطالبون بالاعتذار ممن نصّبوا أنفسهم ناطقين باسم الضحايا في الجنوب أوباسم الضمير الحي في الشمال. وهذه السطور القليلة تحاول أن تساهم في فرز وتمحيص الخلفيات السياسية والرمزية لمطلب الاعتذار كموقف رمزي يتأسس عند تقاطعات الدين والسياسة في السودان. ذلك أن المطالبة بالاعتذار الجمعي عن خطايا الأسلاف، بما تنطوي عليه من رجاء الغفران والعفو والمصافاة النهائية بين النفوس المتعارضة، تسحب الممارسة السياسية الراهنة لمنطقة العبادة وتثقل مشروع الوفاق السياسي بين شعوب السودان بأثقال البرنامج الديني، فكأننا نتخلص من عبء الرجل المسلم لنرزح تحت عبء الرجل النصراني.


السن بالسن
بعيد سقوط نظام النميري، حكى صديقي الحاج علي، وه وشيوعي يعمل بالمحاماة أن أحد رفاقه السابقين في حركة الطلاب اليساريين في جامعة القاهرة ( فرع الخرطوم) دخل مكتبه ليطلب منه أن يساعده في رفع دعوى قانونية ضد أحد زبانية أمن النميري الذي كان قد اعتدى عليه بالضرب والتعذيب في مكاتب الأمن في مطلع الثمانينات.
سأل المحامي صديقه المغبون: هل عندك شهود على واقعة التعذيب ؟ فرد الصديق:
لا ما كان في شهود غير ناس الأمن. فقال له المحامي:
إذا ما عندك شهود ما عندك قضية.
فتساءل الصديق في دهشة كبيرة: طيب زول زي دا نعمل ليهو شنو؟
فرد المحامي ممازحا: والله إلا تنسى الحكاية أو كمان تمشي تخلص حقك بإيدك وتضربو زي ما ضربك.
وعلى هذا غادر الشاب المغبون المكتب دون أن يعلق على الأمر.
قال الصديق المحامي أن ظروفا جمعته بالرفيق المغبون بعدها بأسابيع فسأله في عز الثرثرة:
أها عملت شنومع زولك بتاع الأمن؟
فرد الصديق المغبون:
والله مشينا أنا وأولاد أهلي ضربنا ليهو الباب ولمن طلع وقعنا فيه ضرب شديد بالعكاكيز لمن خلصت حقي. وبعد داك ركبنا رجعنا حلتنا.
فسأله الحاج:
وأهله عملوا شنو؟
فرد الصديق:
قلنا للناس الكانوا واقفين من أهله وجيرانه إنو الزول دا كان ضربني في مكاتب الأمن وما فيهم زول قال حاجة.
وهكذا طوى الرفاق وأهلهم البواسل صفحة شخصية من ميراث المظالم المايوية على شرع العهد القديم ويبقى السؤال:
لأي حد يمكن تصفية ورثة المظالم والتجاوزات والحزازات السياسية بمنطق السن بالسن والعين بالعين وقد تراكمت مظالم عهد الإنقاذ على مظالم عهد مايو على مظالم عهود أوغل في الظلام؟
قال" المهاتما غاندي" مرة لبعض خصومه السياسيين الذين كانوا يجادلونه بحجة " العين بالعين": هؤلاء الناس قمينون بتحويل الهند إلى شعب من العُوُر. وقولة الرجل الحكيم تظل عامرة بأكثر من معنى حسب المحمول السياسي الكامن وراء العبارة في منظور كل من الفرقاء الضالعين في النزاع الاجتماعي. ورغم بداهة القاسم الأخلاقي المشترك المضمر في عبارة غاندي بين موقف الغفران النصراني وموقف اللاعنف الهندوي في تحرير المجتمع من عبء صيانة العنف المؤسسي، إلا أن بين غايات الغفران النصراني واللاعنف الهندوي، فارق سياسي كبير فحواه أن أهل الغفران النصراني يتسامحون ويحيلون سؤال العدالة ناحية الإرادة الإلهية العليا، وقد يؤجلون" الحساب ليوم الحساب"، بينما لا يستغني دعاة موقف اللاعنف عن إقامة العدل ورد المظالم المادية والرمزية في إطار المجتمع الواقعي. واللاعنف مكيدة فردية بأسها الرمزي يعتمد على منطق القناعة الأخلاقية الشخصية لكسر حلقة العنف، وذلك من خلال معارضة فقه العدل الثأري الذي تتولى أمره، نيابة عن الأفراد، الدولة أو المؤسسة الجمعية المختصة، معارضته بفقه اللاعنف. وحيلة اللاعنف تنطوي على إرادة سياسية غرضها أن تفلت، في آن معا، من طائلة الغفران الديني النصراني ومن طائلة العنف السياسي (المؤسسي والعفوي).
لكن موقف اللاعنف، بحكم قاعدة القناعة الأخلاقية الشخصية التي يتأسس عليها، يبقى باهظ التكلفة في حساب الزمن السياسي وفي منظور الواقع الاجتماعي. ولهذا يبقى موضوعا طوباويا نبيلا يكيل له السياسيون المستعجلون آيات الإطراء لكنهم، على المستوى العملي، يفضلون عليه مسالك أخرى. وهذا الواقع يردنا للخلاف القديم بين حكم الفيلسوف وفلسفة الحاكم. . .
وفي هذا المنظور لا أرانا في حال من السعة المادية التي تسوّغ لنا أن ننصّب الفيلسوف حاكما بيننا، كما لا أحسبنا في حال من السماحة الرمزية التي تسوّغ لنا أن نعهد بتفاكيرنا إلى سلطان جاهل قادته ملابسات العنف الغاشم إلى سدة الحكم. وربما كان المخرج في أن نحفظ للفيلسوف خانة في مقام السلطان وأن نفتح للسلطان نافذة نحو مقام الفلسفة. أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم كوننا جميعا نتحدث داخل أرض الفلسفة بينما السلطان الغاشم مشغول بأولويات حماية نفسه الأمّارة المتآمرة وتأمين امتيازاته المذنبة. هذا السلطان الغاشم مشغول بمصلحته الضيقة ولا علاقة له بالعمل العام ولا بالحلم الطوباوي. بل هو شخص غريب وخارج بالكلية على الآيديولوجيا الطوباوية التي يمكن للسودانيين أن يفبركوا على قاعدتها اتفاقات الحد الأدنى للعمل العام.
سؤال جانبي: هل نخلص من هذا إلى الانصراف عن نهج المهاتما غاندي في تدبير شفاء مجتمعنا من عواقب سنوات العنف ؟ مندري، بيد أن الوعورة الأخلاقية لدرب اللاعنف الغاندوي تنطرح في أفق الشفاء السوداني كتحد حضاري يغري بالمحاولة. . والمحاولة لا تضيرنا في شيء إن لم تنفعنا بطريقة ما والأرضة جرّبت الحجر كما تقول بلاغة الأهالي. وأرض الواقع السوداني عامرة باحتمالات ومفاجآت لا يعرفها الأدب السياسي لغير السودانيين.
هل سمعتم بحكاية الأستاذ مصطفى حامد.
قالوا أن مصطفى حامد كان رجلا رقيقا طيب المعشر يدين بالبوذية. وأظنه كان البوذي الوحيد في عصره. قالوا أنه احتاج لطاولة فطلب من نجار في الحي أن يصنع له الطاولة واتفق معه على الأجل والثمن. وبنيته الصافية دفع للنجار حقه مقدما، فوعده النجار بتسليم الطاولة خلال أسبوع. لكن النجار لم يرعى وعده ومرت أسابيع ومصطفى يلاحقه بالسؤال والرجل يماطل. إلى أن جاء يوم قال مصطفى للنجار: إذا لم تسلمني الطاولة فعليك أن تتحمل مسؤولية موقفك. قالوا أن النجار رد ساخرا: يعني حتعمل لي شنو؟ فقال مصطفى: إذا لم تسلمني الطاولة خلال أسبوع فسأقوم بإضراب عن الطعام بلا نهاية. قالوا أن النجار ضحك ومضى لحاله. لكن مصطفى انتظر نهاية الأجل المحدد ودخل في إضرابه عن الطعام. وبعد يوم انتشر خبر إضراب مصطفى عن الطعام في المدينة. ولما كان الناس يعرفون جدية مصطفى وصدق عزمه بدأ القلق يتسرب إلى نفوسهم من عواقب الإضراب وأخذ الناس يتقاطرون على دار النجار وورشته يلومونه على قلة أمانته ويطالبونه أن يسرع في تسليم الطاولة خوف العواقب الوخيمة التي يتحمل هو وحده مسؤوليتها. وكانت نتيجة هذا الضغط النفسي الكبير أن النجار وجد نفسه في حرج كبير دفعه للإسراع في إنجاز طاولة مصطفى وتسليمها بأسرع وقت.
وإذا كان موقف اللاعنف "الغاندوي" عند مصطفى حامد الأمين يملك أن يفرض على الصنايعي الأمي احترام العقد الأخلاقي بينه وبين زبونه فمن باب أولى أن الشعب المسالم يملك من الحيلة ما يمكنه من أن يفرض على السلطان الغاشم صاحب الإدعاءات الطوباوية احترام العقد الاجتماعي بينه وبين الرعية.


"لحم" الحقيقة والمصالحة؟
لجان الحقيقة والمصالحة، ولنسمها "لحم"، مفهوم قديم في العمل العام سابق بعقود لاستخدام الجنوب أفريقيين له. فمذ بداية السبعينات بدأ مفهوم الحقيقة والمصالحة في الظهور مع نهاية عهود الديكتاتوريات الدموية في بلدان أمريكا اللاتينية (الأرجنتين وشيلي). ورغم أن بعض هذه اللجان اهتمت بـمفهوم "الحقيقة" أكثر من اهتمامها بمفهوم" المصالحة" إلاّ أن فكرة المصالحة الوطنية ظلت ماثلة في خواطر القائمين على هذه اللجان بصورة أو بأخرى. ويمكن تلخيص السمات المشتركة بين غالبية لجان الحقيقة والمصالحة في السعي لشرعنة التحقيق وجمع المعلومات عن فترات انطبعت حوادثها بطابع السرية والكتمان، وأن طبيعة الأسئلة التي تشغل القائمين عليها تدور بطريقة أو بأخرى حول التجاوزات الإجرامية في تعامل السلطات مع حقوق المواطنين أفرادا وجماعات وحول ضرورة تحديد المسئولية والخروج بنتائج واضحة ضمن جدول زمني محدد. فضلا عن أن معظم لجان الحقيقة والمصالحة تجعل الأولوية لممارسة صلاحياتها على المستوى الرمزي (معرفة الحقيقة) قبل المستوى العدلي (معاقبة المسؤولين أو العفو عنهم).
وأهم تجليات "لحم" تتمثل في تجربة أهل جنوب أفريقيا بعد انهيار نظام التفرقة العرقية المعروف بالـ "أبارتايد". وهو النظام الذي حكمت عليه الأقلية البيضاء أغلبية السكان السود على مدى ثلاثة قرون، وباركته الكنيسة الإصلاحية الهولندية ( بروتستنت) منذ عام 1948 بحجة أنه تعبير عن إرادة الله، بينما " تحملته" ولم تعارضه الكنائس الإنجليزية الأصل. وفي الحقيقة لم يكن في مصلحة الأوروبيين من أتباع الكنائس البيضاء التخلي عن الامتيازات المادية والرمزية التي كان يوفرها لهم نظام الأبارتايد. وقد ألغت حكومة " دوكليرك" نظام الأبارتايد عام 1989 وأطلقت نلسون مانديلا وفتحت الأبواب أمام جنوب أفريقيا ديموقراطية متعددة الأعراق.
في ظل النظام الجديد بدأت أصوات تنادي بنسيان الماضي وفتح صفحة جديدة، بينما نادت أصوات أخرى بمحاسبة المسؤولين عن الجرائم التي ارتكبت في حق السود أبان عهد الأبارتايد، وعلى خلفية هذا الخلاف حول الأسلوب الذي تبتدر به جنوب أفريقيا طريق مستقبلها بدأت أطراف مجهولة في تصفية حسابات ميراث الأبارتايد يشكل دموي.
ضمن هذه الملابسات ظهرت فكرة " لجنة الحقيقة والمصالحة " كأفضل الحلول لمعالجة تركة الماضي الجنوب أفريقي بأقل الخسائر الممكنة.
وقد طرحت " لحم" على نفسها مهمة مركبة مراميها الرمزية والسياسية على قدر كبير من الأهمية. وتركيب المهمة يتأتّي من كون " لحم" آلت على نفسها أن تعتني بالطرفين في آن معا:الطرف الضحية والطرف الجلاد.
فمن جهة الضحية تسعى اللجنة لأن توفر للضحايا الاعتراف بهوية الضحية وسماع معاناتهم وإشهار عذاباتهم أمام الملأ وهو أمر كان في حكم المتعذر أيام الأبارتايد.
ومن جهة الجلاّدين تسعى اللجنة لأن يقوموا بالاعتراف بخطاياهم أمام الجمهور وأن يشهروا ندمهم وأن يطلبوا الغفران من الضحايا جهارا. ومقابل هذا الطقس التطهري (كاثارسيس) يمكن للجلاد أن يتطهر من خطاياه السابقة ويندمج من جديد في نسيج الحياة الاجتماعية بلا ملاحقة من طرف ضحاياه الذين غفروا له.
وربما كان لطبيعة الجهة الكنسية التي صاغت المفهوم الجنوب أفريقي لـ "لحم" أكبر الأثر في إكساب المبادرة صفة الطقس الديني الذي يستغني بالمعاني الرمزية الدينية عن الإجراءات العقابية للقانون المدني. فـ "لحم" تدين بالكثير لواقع الانتماء الديني النصراني لكل من الضحايا والجلادين. ووجود الأسقف الجنوب أفريقي الأسود "ديزموند توتو"، الحائز على جائزة نوبل للسلام، على رأس "لحم" يكسبها ثقلا رمزيا نوعيا يسوّغ مصداقيتها بكفاءة كبيرة داخل جنوب أفريقيا وخارجها في نفس الوقت.
وهكذا نجح المسيحيون الجنوب أفريقيون في أن يجعلوا من " لحم " نسخة محلية من طقس الاعتراف والتطهر النصراني. وهو أمر من الصعب تقويمه سياسيا الآن بحكم التداخل الكبير للشأن الديني مع الشأن السياسي في مجتمع جنوب أفريقيا. والوقت ما زال مبكرا والتجربة ما زالت قيد التأمل.
لكن النجاح المحتمل لتجربة لجان الحقيقة والمصالحة في مجتمع جنوب أفريقيا النصراني لا يعني بحال أنها ستنجح في مجتمع السودان المطبوع بتعدد العقائد والثقافات. وهذا الواقع المخالف يفتح الباب، باب الاجتهاد، أمام السودانيين لإختراع صياغة جديدة لحقيقة سودانية ولمصالحة سودانية.
. .

كل نفس بما كسبت. . وكل شاة. . والحساب ولد.

جاء في الأثر أن "الناس على دين آبائهم" وجاء فيه أيضا أن انخراطنا في دين الآباء إنما هو" مسلك فطرة"، شيء "في طبيعة الأشياء" بما يجعل مسلك الارتداد عن الدين الموروث نوعا من مخالفة الطبيعة "ومن خالف أباه فقد ظلم"، وقيل كفر.
ماذا نفعل مع تركة الخطيئة الدينية التي ورثناها فيما ورثنا من متاع الأسلاف؟ أقول "الخطيئة الدينية" وفي خاطري مواقف الديانات الرئيسية التي أسست مفهومها للوجود على تقليد الخطيئة الأصلية السابقة لكل الخطايا والمؤسسة لمبدأ الذنب الذي يتحالف على صيانته الأبناء والآباء كدستور لكل تبادل اجتماعي.
التقليد الديني الهندوي الذي يعتمد مبدأ تناسخ الأرواح يفسر شقاء الإنسان (أو سعادته) بطبيعة المسلك الذي اتخذه ضمن حياة سابقة. وهو ما يعرف بمفهوم الـ "كارما". والكارما انعكاس لأفعالنا في حيواتنا السابقات على حياتنا الراهنة. والعمل السيئ، عند البوذيين، يسوء الكارما مثلما أن العمل الحسن يحسّنها. وقبل أن يبلغ التناسخ مرحلة الهيئة الإنسانية يعبر الكائن المتناسخ أثنين وخمسين مليون ميلادا. مما يجعل من ميلاد الكائن في حال الإنسان نوعا من حظوة عزيزة ينبغي على الفرد أن لا يهدرها في كرما السيئات حتى لا يرتد لمرحلة ما قبل الإنسان. وبلوغ الخلاص يكون في سعي الإنسان لتحسين قدر الكارما بالمزيد من الأعمال الطيبة التي تؤهله لإدراك السعادة في مقام ال، " موكشا".
ومفهوم الكارما الذي يحمل الفرد مسؤولية أعمال تمت ضمن وجود سابق على قرابة وثيقة بمفهوم الخطيئة الأصلية في التقليد اليهودي النصراني. وهو التقليد الذي ورثنا منه جدائل مضفورة مع تعاليم الإسلام مثلما ورثنا منه أمشاجا تخلـّلت وجودنا مع استقرار ثقافة النسخة الأوروبية لحداثة رأس المال في مجتمعنا.
والإثم في التقليد اليهودي النصراني كامن في صميم الطبيعة الإنسانية، ولو شئت قل أن الإثم هو الطبيعة الأصلية عند الإنسان. وربما كان في هذا الموقف بعض تعالي الثقافة على الطبيعة وتحسبها من الجموح الطبيعي للحيوان الكامن في الإنسان. ولعل أكثر أشكال إدانة الثقافة للطبيعة تتمثل في ترسانة الطقوس والشعائر التطهرية التي غايتها ضبط موضع الطبيعة:الجسد الحي الحيوان، والتحكم في أحوال حركته وسكونه.
قال عيسى المسيح: لا يدنس الجسد ما يدخله وإنما يدنسه ما يخرج منه. لكن ما يخرج من الجسد كثير، بل قل: يخرج منه كل شيء. تخرج منه الحياة كما يخرج منه الموت. تخرج منه التناقضات. تناقضات الحياة كسعي تراجيكوميدي نحو الموت. تناقضات الحياة كرغبة عن الموت ورغبة فيه في آن. . وهكذا، وبقدرة قادر، تصبح الحياة، حياة الحيوان في الإنسان، هي الدنس الأكبر في مشهد التقليد الديني الذي ينظم التبادل الاجتماعي من خلال ضبط أحوال الجسد.
" وكلم الرب موسى قائلا: كلم بني إسرائيل قائلا إذا حبلت امرأة وولدت ذكرا تكون نجسة سبعة أيام". . " ثم تقيم ثلاثة وثلاثون يوما في دم تطهيرها. كل شيء مقدس لا تمس وإلى المقدس لا تجيء حتى تكمل أيام تطهيرها. ومتى كملت أيام تطهيرها تأتي بخروف حوليّ مُحْرَقَة وفرخ حمامة أو يمامة ذبيحة خطيّة إلى باب خيمة الاجتماع إلى الكاهن فيقدمها أمام الرب ويكفّر عنها فتطهرُ من ينبوع دمها "(الإصحاح 12- سفر اللاويين – العهد القديم)

وقد ذكر الأب الدكتور "جيوفاني فانتيني" في "تاريخ المسيحية في الممالك النوبية القديمة والسودان الحديث"(الخرطوم 1978) بعضا من الطقوس النوبية الباقية في ممارسات الأهالي من آثر يهودي نصراني قديم كطقس التطهّر بعد " أربعين الولادة". حين تحمل الأم وليدها لتغسله وتغتسل في النيل بمصاحبة نساء أخريات يحملن أغصان النخيل ويغنين بعض الأغاني الشعبية: "وتغسل الوالدة وجهها ويديها ورجليها وتقوم بغسل وجه الوليد ورجليه بينما تطلق رفيقاتها "..." الزغاريد. وقد تعود هذه العادات إلى الطقوس المماثلة التي تتم عند عماد الطفل بالغطاس. وربما دمجت فيها طقوس مسيحية أخرى تحويها الرتبة المدعوة(دخول الوالدة إلى الكنيسة). ونلاحظ أن التقليد المختص بأربعين الولادة كما رسمه "سفر اللاويين"، أو الأخبار،
- 4-11-12 لا يزال متبعا في بعض الكنائس الشرقية بمصر وأثيوبيا وغيرها. " ص 202.
"وهناك عادة أخرى في بعض القرى ما بين وادي حلفا ودار سكوت ودار المحس حتى ضواحي دنقلا. ويسمى هذا الاحتفال " مارية ". بعد الولادة بيومين أو ثلاثة تحمل النساء المولود إلى النيل ليغسلن وجهه ويديه ورجليه وتقود الموكب القابلة (الداية) حاملة الوليد. وتحمل امرأة أخرى طبقا مصنوعا من الأعشاب وفيه أدوات الولادة والنفايات المجموعة بعد تكنيس البيت ويضاف إليها قرص من الخبز، ويرمى الطبق بمحتوياته في النهر وتأخذ النساء قليلا من الماء إلى البيت ويحفظنها بعناية لبضعة أيام ثم يرمينها.
ويذكر بعض المواطنين أن في بعض القرى لا يزال الأهالي في هذه المناسبة يغطسون الطفل في ماء النيل قائلين: "أغطسك غطاس حنا" وهو يوحنا المعمدان. وبعيد هذا الطقس إلى أذهاننا رتبة المعمودية من جهة وعادة المسيحيين في نقل بعض الماء المبارك إلى منازلهم وحفظه فيها. وتذبح في هذه المناسبة ضحية ويحرص الأهالي على أن لا يكسر منها عظم، ويوضع على حائط البيت رسم يد تحمل دم الضحية. ونعتقد أن هذه الطقوس أثر من ذبح الحمل الفصحي في العهد القديم الذي خلده المسيحيون في عشية الفصح الجديد" (فانتيني 202).
وتمثلات التقليد اليهودي النصراني ضمن الممارسات الثقافية للمجتمع الإسلامي لا تقتصر أهل وادي النيل وحدهم، فضلا عن أن هناك الكثير من الجماعات التي تعيش ضمن المجتمع الإسلامي وتمازج الأديان السماوية والأرضية،كما عند بعض جماعات الصابئة الحنفاء جنوبي العراق وإيران، والتي تعتبر القديس يوحنا المعمدان (وهو يحيى) نبيها، وهم موحدون يطبقون بعض قواعد الشرع الإسلامي ويعتبرهم بعض فقهاء الإسلام (ابن تيمية) بمنزلة الكتابيين. ويمارسون التعميد على سنة يوحنا. وتعميدهم متعدد بين تعميد الوليد(بعد الولادة ب 45 يوم) وتعميد الزوجين وتعميد الجماعة وتعميد المحتضر.
ومغزى التعميد في التقليد اليهودي النصراني هو تطهير الجسد الطفل من دنس الخطايا الموروثة بغاية تأهيله للاندماج في جسد الأمة المؤمنة. والتطهير يتم بغسل الجسد بالماء سواء بالإرتماس والانغمار الكامل أو بمجرد دلق الماء على الرأس.
" وإذا كان الشعب ينتظر والجميع يفكرون في قلوبهم عن يوحنا لعله المسيح،
أجاب يوحنا الجميع قائلا: أنا أعمدكم بماء ولكن يأتي من هو أقوى مني الذي لست أهلا أن أحلّ سيور حذائه. هو سيعمدكم بالروح القدس ونار"
(الإصحاح الثالث، إنجيل لوقا). وتعميد الكنيسة الكاثوليكية اليوم يتم في مرحلة الطفولة الباكرة مع تعهد الوالدين والعرابين بتنشئة الطفل على النصرانية. "

وعند مفهوم الخطيئة الموروثة يتم الفرز والتعارض الكبير بين النصرانية واليهودية
فشرع موسى الذي يؤكد على المسؤولية الفردية يقول:
" الابن لا يحمل من إثم الأب والأب لا يحمل من إثم الابن. برّ البار عليه يكون وشرّ الشرير عليه يكون"( سفر حزقيال، الإصحاح 18) و". . حسب ما هومكتوب في سفر شريعة موسى حيث أمر الرب قائلا لا يقتل الآباء من أجل البنين، والبنون لا يقتلون من أجل الآباء. إنما كل إنسان يقتل بخطيئته"( سفر الملوك الثاني، الإصحاح الرابع عشر،6). "


ويرى فاليه أن النظرية النصرانية قد زاوجت بين شرع موسى الأول الذي يصون وزر الآباء على كاهل الأبناء وتعديلات أسفار الأنبياء اللاحقة:
"ومن حينه تنتقل الخطيئة الأصلية بين الأجيال لكنها تنمحي بالتجسّد. والشر الكامن بشكل مسبّق في الشرط الإنساني يصان أبدا من عمر لعمر، إلا أن الله الذي يتجسد في الإنسان يحمل عنه ثقل الخطيئة، ويقول لكل شخص:" انطلق،فخطاياك مغفورة". وهو الاختلاف الكبير الثاني بين النصرانية والهندوية. فبالنسبة للهندوية تتراكم الآثام مثلما تتراكم الحسنات عبر تعاقب الحيوات. في حين أن الغفران الإلهي يملك، بالنسبة للنصارى، أن يبيض من صحائف الآثام ويرد العداد لدرجة الصفر. (وهنا منفعة الاعتراف بالنسبة للكاثوليك)، فضلا عن أن الحساب عند البعث النصراني إنما يتعلق بالحياة الواحدة وليس بسلسلة من الحيوات التي تناسخت عليها روح الإنسان. وهكذا يرى النصارى موت الإنسان العادل خلاصا نهائيا من قدر الخطيئة. أو كما قال القديس بولس: "أين شوكتك يا موت؟" (رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورينثوس، الإصحاح الخامس عشر 56). "
Odon Vallet, Petite grammaire de l’érotisme divin, Albin Michel, 2005

وفي المطالبة التي صاغها المطالبون بالاعتذار يبدوجليا مسعى توريث الأبناء وزر الآباء من خلال تكريس وتثبيت هوية عرقية وجغرافية لمجمل الأفراد الذين يمكن وصفهم بـ "الشماليين" في مواجهة أولئك الذين يمكن وصفهم بـ "الجنوبيين" أوالـ "أفارقة" أو "السود" أو "المهمشين، والاعتذار المطلوب من " الشماليين" أومن "العرب" أومن المسلمين "هو من نوع الاعتذار النصراني عن خطيئة موروثة عن الأسلاف. والمطالبة بالاعتذار تنتمي لتقليد الاعتذارات النصرانية التي تحتوي على منافع الاعتذار من غفران وتبييض وتكريس لعلاقة السيطرة الرمزية بين الجلاد بالوراثة والضحية بالوراثة. ذلك أن الشخص الذي ينتمي لهذا الكيان الغامض المسمى ب" الشماليين" حين يقدم اعتذاره فهو، فضلا عن تنصيب ذاته ناطقا رسميا باسم مجموعة لم تصطفيه،إنما يستعير موقف الجلاد بالوراثة ويجد في مواجهته من يستعير موقف الناطق الرسمي باسم الضحايا بالوراثة. وبين هذا الجلاد المزيف والضحية المزيفة يتم تحرير نوع من عقد نفسي يصون حالة من الالتباس الرمزي تتيح للمذنب الحقيقي أن يفلت من القصاص الحقيقي كما تتيح للضحية الحقيقية أن تمدد من حالة الحظوة المرَضية (المازوشية) لموقف الضحية الأزلية. وعلاقة الإلتباس الرمزي بين المذنب بالوراثة والضحية بالإعارة تمنع أجيال السودانيين الأصغر سنا، من المنخرطين في منطق تركة الخطيئة الأزلية، تمنعهم من أن يتحرروا من أثقال ماض لم يصنعونه ليأخذوا بأسباب حاضرهم وليبنوا مستقبلهم بلا عقد.
والنجاح النسبي لمنطق الاعتذار والعفو النصراني للجنة الحقيقة والمصالحة الجنوب أفريقية ر بما كانت له علاقة بالوضع الخاص لمجتمع جنوب أفريقيا الذي يختلف عن حالة السودان بكونه مجتمع نصراني ينتفع بالمؤسسة الكنسية في لحم مكوناته العرقية. إلا أن المشكلة في السودان تنطرح ضمن واقع مغاير قوامه التعارض بين الإسلام والنصرانية والتعارضات داخل معسكر الإسلام نفسه، ناهيك عن محمول الاعتقادات الدينية المحلية غير الكتابية.
أقول: ربما اقتضى الأمر بضعة عقود حتى تتضح الرؤية لفهم المردود السياسي لتجربة " لحم" في جنوب أفريقيا. وفي نهاية تحليل ما يبقى التحفظ المبدئي من عواقب تمرير العمل العام السياسي من قناة المؤسسة الدينية وإنمساخ الممارسة السياسية وجها من وجوه العبادة النصرانية في بلد ينظر إليه الأفارقة، على اختلاف أعراقهم وثقافاتهم، كنموذج للديموقراطية والتعددية. لكن ربما كان أهل جنوب أفريقيا قد اختاروا درب العبادة لأنهم استشعروا فيه نوعا من الأمن الرمزي الذي قد يميل إليه هؤلاء النصارى السود الذين ضعضعتهم الصدمات الرمزية الفادحة على مدى القرون. فخيار العمل العام بذريعة العبادة النصرانية يبدوأقصر الطرق نحو إنجاز إعادة التأهيل الرمزي للضحايا. وأعني بــ "إعادة التأهيل الرمزي للضحايا" تلك الوضعية النفسية التي تتيح للضحية أن يتعالى على جلاده بذريعة العفو الذي يمنحه له طوعا. فالضحية يرفض أن يكون مثل جلاده فيرد له العين بالعين والدم بالدم، كما في القانون اليهودي القديم. الضحية النصراني يصلي من أجل جلاده على صورة السيد المسيح الذي يحب أعداءه. " أحبوا أعداءكم "، ولم لا؟ فـ " الله محبة " أولا وأخيرا. فالمحبة، كما في رسالة بولس الرسول، هي كل شيء ". . المحبة ". . "تحتمل كل شيء وتصدّق كل شيء وترجو كل شيء وتصبر على كل شيء" ( رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورِنـْثوس، الإصحاح 13. 7).
ومن علياء المحبة النصرانية يتصدق الضحية على الجلاد بصدقة العفو ويرحمه. وفي هذا المشهد لا يستعيد الضحية سيادته الرمزية على ذاته فحسب، بل هو يسود على جلاده ويصلي من أجل خلاص روحه. بيد أن الوصول لمقام الاعتراف والغفران لا يكون إلا على اتفاق ديني مسبّق يتضامن على صيانته كل من الضحية والجلاد ضمن ديمومة العلاقة. هذا الاتفاق الذي في أصل الدين يصمّم فرص خلاص الإنسان ضمن مقام الغفران ويفترض، منذ البداية، أن الإنسان كائن آثم، وأن الإثم طبيعي مودع في دخيلته كقدر لا فكاك منه ما لم يرحمه الله بنعمة الغفران.


والمسلمون؟
ماذا فعل المسلمون بتركة الأديان السابقة على الإسلام؟
أفضل الحديث هنا عن" المسلمين" وليس عن" الإسلام " وذلك في محاولة لتجنب التعميم التجريدي الذي يملك أن يجرنا في مباحث ومناقشات بلا نهاية عن هذا الموضوع الواسع الهلامي الذي ينطوي في ثنايا هذه الكلمة المبهمة: " الإسلام". وحين أقول المسلمين أنا استعيد في الخاطر صورة المسلمين الذين نعرفهم من أهلنا الذين كتب عليهم أن يتمسكوا بدين الفطرة والحس السليم بعيدا عن الأمور المشتبهات ( من نوع فتاوى إرضاع المرأة لزملاء العمل لرفع الحرمة عن الاختلاط) لأنهم وجدوا في إسلام الحس السليم منفعة اجتماعية براغماتية تفوق المنافع اللاهوتية والعرفانية التي تشغل خواطر أهل الذوق الصوفي.
المسلمين الذين استحضرهم هم على صورة الأهالي الذين يعتقدون في إمكانية وجود "سورة الثور" بجانب "سورة البقرة".
طبعا هذا الدين الشعبي الذي صانه الأهالي مختلف عن ما اصطلح عليه، في سنوات السبعينات، بعض المثقفين التمازجيين "السناريين" بمفهوم "الإسلام السوداني" المتسامح المسالم الذي انتفعوا به سياسيا في معارضة " الإسلام الأصولي" السلفي. فالدين الشعبي دين براغماتي لكن براغماتيته لا تزكيه في كل الأحوال، فالتاريخ يحفظ لنا أمثلة كثيرة من براغماتية الدين الشعبي التي دفعت به في دروب مظلمة سلفيتها لا تقل عن سلفية غلاة الأصوليين. وسأعود لحكاية " الإسلام السوداني" لاحقا.
الإسلام كرسالة خاتم الأنبياء ينطوي على إتراف ضمني بمشروعية الأنبياء السابقين ويتكئ على ميراث الديانات السابقة في موضوعات محورية مثل الوجود والعدم والحرية والمسئولية والإثم والغفران والبعث بعد الموت إلخ. والمسلمون رغم اعترافهم بسلسلة الأنبياء اليهود على وعي بأوجه الخلاف بينهم وبين اليهود والمسيحيين. وفي السودان ـ بحكم غياب الأثر اليهودي، يعرف المسلمون الحدود بينهم وبين الآخرين على أساس تراتب هرمي يكون النصارى فيه بمثابة أقرب الأقرباء للإسلام. والمسلمون يعون أوجه الاتفاق مع النصارى على أساس فكرة التوحيد مثلما يعون الفرق بينهم وبين النصارى على رفضهم لمفهوم التجسّد النصراني. ف " الله أحد، الله صمد لم يلد ولم يلد ولم يكن له كفوا أحد". .
لكن المسلمين يلتقون مع التقليد اليهودي والنصراني عند تقاطعات مفاهيم الخطيئة الأولى والغفران بأشكال متفاوتة ومركبة. وكل هذا يحتاج تمحيصه لفريق بحث بحاله في سوسيولوجيا الدين. لكني أخلص من هذا لاستنتاج بدائي فحواه أن بعد المسلمين السودانيين عن طائلة الثقافة النصرانية يثلم حساسيتهم الدينية تجاه المطالبة بالاعتذار عن تركة خطايا الأسلاف سيما والاعتذار مطلوب من جماعة هلامية سياسيا لجماعة أخرى لا تقل عنها هلامية على مستوى الانتماء السياسي. فلكل نفس ما كسبت وعليها ما احتسبت و"الحساب ولد" على المستوى الفردي. ناهيك عن أن المطالبات بالاعتذار التي تصدر عن منظمات سياسية ليست منزّهة تماما، من وجهة نظر صحيفة سوابقها في منظور حقوق الإنسان، تملك أن تضعف من مصداقية دعوى الاعتذار في خاطر الشعب، إن لم تبتذلها كمجرد مناورة سياسية عادية.


أخلص من هذا أن أهل الديانات السماوية والأرضية يخلصون إلى حل مشاكل الحياة (والموت) بعيدا عن الحياة الحقيقية في الآن وهنا، الحياة الدنيا التي نتقاسمها جميعا على اختلاف دياناتنا ومعتقداتنا. وعند "هؤلاء الناس" تعتبر فكرة "الحياة الأخرى" (أوالحيوات الأخريات") إجابة عالية الكفاءة لسؤال الموت. وضمن مفهوم الحياة الأخرى يحلون كل مشاكل الحياة الدنيا. فمن يتوب عن خطاياه ويعتذر ويطلب الغفران يغفر له ومن يتجبر يعاقبه الله أو تدركه "كارما" تليق بفداحة أعماله. طبعا المشكلة مع هذا المخرج الماورائي هو أنه لم يعد مقنعا للأشخاص غير المتدينين. فما العمل؟ وكيف السبيل إلى مخرج يليق بتركيب الواقع الذي نسعى ضمنه لتأسيس أدب لشفاء السودانيين من عواقب عهود العنف؟.
وبعد
وقبل. .
هذه المفاكرة تستحق براحا أوسع من هذا الذي تسمح به فرصة المحاضرة. ولا بد أننا سنعاود هذا الحديث بشكل أكثر تفصيلا. وحتى أعود أرجو أن أكون قد تمكنت من طرح الطبيعة المركبة لهذا النوع الأدبي الجليل الذي سميته ب "أدب الشفاء" والذي أطمح لأن تكون مساهمتي المتفائلة مجرد صفحة في كتابه.
شكرا لكم.

محمد جمال الدين
مشاركات: 1839
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:52 pm

مشاركة بواسطة محمد جمال الدين »

الأعزاء والعزيزات،

ورقة حسن موسى جيدة، من وجهة نظري. أعتقد أنها جديرة بأن تكون أس لنقاش عملي مثمر حول دور المثقف في التغيير والاصلاح السياسي والتحول الديمقراطي في السودان، ليس في هذا المكان وحسب بل على طول المشهد وعرضه!.


وهناك مداخلات عديدة حفلت بها الندوة حول الموضوع في عمومه وحول كلام د. حسن موسى بشكل خاص.
الشي الذي قد نتطرق له لاحقا.


الفرصة بعد متاحة للتداخل لمن أراد. دونما انتظار.


تحياتي
محمد جمال الدين
محمد جمال الدين
مشاركات: 1839
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:52 pm

مشاركة بواسطة محمد جمال الدين »

سلام يا ناس البلد.

اشعر بأن هذا البوست ما زال في طور ما قبل البداية. فهو يحتاج للكثير منا، من قبيل مناقشة الورقة القيمة لحسن موسى والمداخلات العديدة التى حفل بها اليوم. اضافة الى الفديو وصور المعارض و الخلاصات والنتائح والخ.

الا انني أعترف بانني مشغول بلا حدود هذه الأيام. اعرف انه ربما كان هذا حال العديد منا. وربنا يفك زنقة الجميع.

لا بد ان نصبر ونواصل المشوار.

محمد جمال الدين
ÚíÓì íæÓÝ
مشاركات: 26
اشترك في: الأربعاء يوليو 26, 2006 10:38 pm

مشاركة بواسطة ÚíÓì íæÓÝ »

الأخ العـزيز حسن موسى والجميع،، سلام عليكم..
أولاً شايف في ورقتك أعلاه أن الحرف الأول من كل سطر ما واضح، فأرجو لو أمكن أن تنزلها مع هامش لتكون أريح في القراءة خاصة بالنسبة للناس الما كانوا حاضرين الندوة..
قلت في ختام القصة: ( فكلنا مثقفون و لا فضل لفقيه على مزارع إلا بحرصه على أولوية الممارسة الديموقراطية).. وخلاصتك هذه تسمح لي بالمشاركة باعتباري من جماعة (سورة التور)،، وفي مجال الحرص على الممارسة الديمقراطية، أعتقد أن الكثير من المثقفين هم أقل من ذلك، لأنهم ما حافظين حتى تلك السورالقصيرة التي تعينهم على أداء واجبهم الديني، أقصد الديمقراطي، ولكنهم يحفظونها بطريقة ( يوم يلِد ويوم ما يلِد ويوم يلِد ولادة ما ليها حد)..واستغفر الله العظيم..فأرجو الآن أن أورد بعض (الخواطر) أو الخطوط العامة حتى حين..
في ورقتك أفردت حيزاً كبيراً للحديث عن أدب الشفاء، وللنموذج الجنوب أفريقي والتسامح النصراني،، والمصالحة أم المحاسبة،، وأن ذلك النموذج لا يناسب السودان أو بالأحرى (الشمال المسلم) لإختلاف المنطلق الديني رغم محاولة بعض المشاركين للتدليل على وجود مبدأ العفو والغفران في الدين الإسلامي بإيراد بعض النصوص التي تحث على العفو، وأنا أرى أن المثال العملي في (إذهبوا فأنتم الطلقاء) لهو خير دليل على ذلك رغم أن ذلك صادر عن النبي المعصوم .. لكن أنا أرى أن نتيجة: كل شاة معلقة من عصبتها هلى التي يجب أن تتم في (النموذج السوداني) بعيداً عن أي منطلقات دينية، فنحنا عايشين في الدنيا دي ودايرين الناس أو العندو حق ياخدو في الدنيا..وبالمقارنة مع نموذج (لحم)، فالإختلاف ليس فقط في إختلاف الخلفيات والأسس الدينية أو حتى العرقية، ولكن لإختلاف أصل المشكلة أو المشاكل كلها وأسبابها.. ففي بداية الندوة مثلاً أذكر أنك قلت عبارة بمعنى (الإستقلال الملغوم)..واللغم هنا هو مشكلة جنوب السودان التي بدأت قبيل الإستقلال، فهل كان (الشمال) هو السبب ونعلم أنه لم تكن قد تكونت بعد (حكومة أقلية شمالية) كما سماها الأخ دينق في سودايزأونلاين عوضاً عن جلابة،، ولكن كان هناك إحتلال... ثم تعاقبت الدكتاتوريات طويلة الأمد على السودان (عبود، نميري، الجبهة).. فهل الأحزاب الشمالية، والتي كما ذكرت أنت تلعب الآن دور الجلاد المزيف، هل يجب عليها تحمل تبعات ما أقترفته تلك الحكومات الشمولية؟ وهي، أي الأحزاب الشمالية نفسها، قد ذاقت كل ويلات القتل والتعذيب والسجون والمعتقلات والتشريد ومصادرة الأملاك الخ من قبل تلك الحكومات. سيكون زي ما بقولوا (من سخريات الأقدار) أن تتحمل الأحزاب الشمالية الكبيرة التي هي ايضاً كانت وما زالت ضحية تتحمل جرائم الأنظمة التي سامتها سوء العذاب،، وسمعنا وقرأنا بل وشفنا الكثير من ذلك مثل ما يرويه العميد ود الريح أو الدكتور فاروق احمد آدم في رسائله الشهيرة للرئيس التي يروي فيها قصص تعذيبه، والآن يحضرني منظره وهو ينتحب (والعبرة خانقاه) لموت مجذوب الخليفة... عليك النبي يا دكتور دا إسمو (أدب) شنو؟ وهل دا شفاء أم مرض..
الشي التاني لماذا يتحمل الشمال عواقب ما أسماه أحد الأخوة المشاركين في اللقاء بالظلامات التاريخية: أقصد هل يوجد شي اسمو الشمال اصلاً كجسم واحد، وإذا قلنا أن الشمال هذا تمثله الأحزاب الشمالية الكبيرة (الإتحادي، الأمة، الشيوعي الخ) لكن اقصد هل حصل أنو (جدودنا زمان) ناس سورة التور ديك، حصل اجتمعوا بالليل بعد صلاة العشا في بيت الإمام وقالوا يلاّ يا اخوانا فكِّروا لينا في طريقة نعمل بيها عملة في الجماعة ديل (الجنوبين أو النوبة أو أهل دارفور) عشان تاني ما تقوم ليهم قشة لي يوم الدين؟ في إعتقادي أن شيئاً كهذا لم يحدث ابدأ حتى نقول يجب أن يتم (إعتذار جماعي).. وإنما هناك الكثير من الظروف المعروفة التي ساهمت في خلق هذه المشاكل والحروب أهمها في راي حرص الحكومات الشمولية (وليست الشمالية) على أمنها واستمرارها بقمع وإرهاب كل ما يطالب بحقه في اي جزء من السودان،، إضافة إلى عوامل أخرى كما ذكرت الآن..
من جهة تانية: كيف لنا أن نمارس الحقيقة والمصارحة والمصالحة واليوم مثلاً ممنوع رسمياً فتح اي بلاغ ضد نميري على الإطلاق،، يعني في ناس نميري دا كاتل آباءهم لكنهم لن يقدروا على (تحريك قضية) ضده،، وفي نفس الوكت ولأن السلطة تحمية فلن يقدروا أيضا على أن ياخدوا حقهم بضرعاتهم مثلما فعل ذلك الرفيق.. وأنت قد أشرت أيضاً للجان مشابهة لي (لحم) في أميركا اللاتينية ولكناّ رأينا قبل يومين كيف أن البيرو قد طالبت ب واستلمت رئيسها السابق فوجيموري لمحاكمته مثلما كانت هناك أيضاً محاكمة لدكتاتور شيلي الراحل بينوشيه...
هذه كما ذكرت في البداية مشاركة مستعجلة ارجو أن تسهم في دفع الحوار، هناك جوانب أخرى أرجو أن أعود إليها لاحقاً مثل الحديث عن أهمية تأمين الخدمات الأساسية،، ولك الشكر الجزيل..
الفاضل الهاشمي
مشاركات: 2281
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:14 pm

مشاركة بواسطة الفاضل الهاشمي »


أدب الشفاء يجرى وينجمْ
تهنئة:
نهنئ ناس محفل لاهاى على عولمة محاضرتهم القيّمة وقد قرأتها قبل يوم بمبادرة الأخ معتز فى سودانيزاونلاين. وأحيّى أيضا الصديق حسن وهويراكب صعبا ويدعو لجبهة عريضة للأنقاذ (أنا قلت الأنقاذ؟)
أحصائية عشوائية:
تقول بت المدنى فى حياتها أن كبابيها التى أستلفها أهل العرس لقضاء مناسبتهم مازالت "تجرى وتنجمْ" أى أنها لم تحصل عليها حتى تلك اللحظة و"لِحقَن مِريقْد أبوى" أى يشبهن فى عدمهن مرقد "رقاد وهو النوم" أبيها الذى مات منذ زمان وشبع موتاً... وكان لسان حالى عند نهاية المحاضرة القيّمة يشبه لسان حال بت المدنى خاصة حينما وصلت لنهاية المحاضرة لأن النهاية كانت عبثية وعدمية وخلاصتها
"أن أهل الديانات السماوية والأرضية يخلصون إلى حل مشاكل الحياة (والموت) بعيدا عن الحياة الحقيقية في الآن وهنا، الحياة الدنيا التي نتقاسمها جميعا على اختلاف دياناتنا ومعتقداتنا. وعند "هؤلاء الناس" تعتبر فكرة "الحياة الأخرى" (أوالحيوات الأخريات") إجابة عالية الكفاءة لسؤال الموت. وضمن مفهوم الحياة الأخرى يحلون كل مشاكل الحياة الدنيا. فمن يتوب عن خطاياه ويعتذر ويطلب الغفران يغفر له ومن يتجبر يعاقبه الله أو تدركه "كارما" تليق بفداحة أعماله. طبعا المشكلة مع هذا المخرج الماورائي هو أنه لم يعد مقنعا للأشخاص غير المتدينين"
وهل تساءل أحد المتداخلين هنا عن أدب الشفاء أم أدب الموت؟ ولو سألنا عن احصائية غيرالمتدينين وأهل الديانات السماوية والأرضية؟
احد المسوحات التى قامت بها شركتى تايلار نيلسون سوفريس ومؤسسة قولاب العالمية Gallup International Association & Taylor Nelson Sofres marketing research firms
فى 60 دولة غطّت اكثر من بليون مواطن مسلم ومسيحى ويهودى وهنو وبوذى أسفرت عن 87% متدينين و 13% غير متدينين. وفى غرب أفريقيا 99% قالوا أنهم متدينين. لو أفترضنا أن متديّنى أهل العالم الثالث يمثلون 95% وأستصحابا للخلاصة أعلاه فأن السواد الأعظم من أهل الأرض يحلّون أسئلة الحياة الوجودية (واللا وجودية) بعيدا عن البحث فى المعيّن والملموس وبعيدا عن الواقع الماثل الزمكانى (الآن وهنا) وكلهم بحمده تعالى(أهل الميمنة وأهل الميسرة – التور والبقرة) مثقّفون ونحن بصدد بحث أدوارهم جميعا فى قضايا التحوّل الديمقراطى. ويحلّون مشاكل الدنيا بالدين، بيريود. وكأن بالأجتماعى والجيوبولتيك (من ماء ونار وكلأ وزيوت وسُلطة وثروة وطبقات وقوميّات وأعراق الخ) يلوذ صامتا خارج المعادلة. مربط فرس العبارة الجامعة وجامحة هو انو"ضمن مفهوم الحياة الأخرى يحلّون كل مشاكل الحياة الدنيا" ... وبعيدا عن عدمية المشهد فأن هناك فرضية تنام بين السطورنعل الله من أيقظها وهى (أنا المنعول أذن) وهى لا عقلانيّة هؤلاء أو اولئك!! ان افتراض أن الناس لاعقلانيين لا يجوز علميا In & of itself واذا كان حال المثقفين السماويين هو أنهم "ضمن مفهوم الحياة الأخرى يحلّون كل مشاكل الحياة الدنيا" فهم غير جديرين بالتذكير بالمانفستوالطوباوى التالى:
"وأول خطوة لإحلال مبادئ الممارسة الديموقراطية هي ضمان سلطات الدولة لاستمرارية العدالة من خلال مؤسسات مستقرة مستقلة عن السلطة السياسية. وكل هذا البناء لا يكون إلا على أساس من التضامن على الوضوح الفكري بين الفرقاء، وعلى قاعدة من الثقة الفادحة المتبادلة التي تسوغ تقديم السماحة الثقافية على الفسالة العرقية وعلى الضيق العقائدي بين كافة الأطراف ذات المصلحة في إنجاز المشروع الطوباوي السوداني"
لاأعتقد بان أهل الأرض يفكرون بهذه الطريقة بما يكفى لأثبات عدم موضوعيّتهم/ن.
ونهاية المحاضرة هذه قد عمّمت كثيرا ما توصّلت اليه صائبة فى منتصفها تقريبا حين حاولت أن " تساهم في فرز وتمحيص الخلفيات السياسية والرمزية لمطلب الاعتذار كموقف رمزي يتأسس عند تقاطعات الدين والسياسة في السودان. ذلك أن المطالبة بالاعتذار الجمعي عن خطايا الأسلاف، بما تنطوي عليه من رجاء الغفران والعفو والمصافاة النهائية بين النفوس المتعارضة، تسحب الممارسة السياسية الراهنة لمنطقة العبادة وتثقل مشروع الوفاق السياسي بين شعوب السودان بأثقال البرنامج الديني"
أذن لماذا تسحب نهاية الورقة كل الممارسات لمنطقة العبادة؟ لعلّها الرغبة فى تقعيد حساسيّة النصارى واليهود الدينية "تجاه المطالبة بالأعتذار عن تركة خطايا الأسلاف"
ولم أطرب رقصا بل توجست من برنامج الجبهة العريضة ،جبهة أدب الشفاء للأ نقاذ ومفتاح الحل حين تقول: "وبصرف النظر عن نوعية النقد المحتمل لأدب هؤلاء وأولئك على صعيد المفاهيم السياسية والجمالية فإن قاسمهم المشترك يقيم في مقام الحلم الطوباوي النبيل الذي يشرفهم كمثقفين" لأنى أخشى أن من بين هؤلاء من كان اليد اليمنى لنميرى والترابى/البشير، حتى منصور خالد توعّد الجنوبيين" بالتعريب بالحسنى" فى مقدمة كتابه جنوب السودان فى المخيّلة العربية!!
كل هذا يحدث فى "حقل الألغام الرمزية الواسع المسمّى بالوطن" كما يقول حسن موسى.
وبعد، حتى الوهم "نافع" كما ذكرت المحاضرة فى مقدّمتها الرصينة والطروبة فى آن ، وبلحيل بقت لى أخير... وبقت "النهاية المحزنة " والتى لم تدهش صاحب الطبقات وأديب الشفاء مولانا حسن ود موسى لأنه تساءل مالعمل وما المخرج؟
فى المنهج:
المثقف (سيد التور والبقرة) فى كل شبر من تلك البقعة السودانية محكوم منهجيّا ووجوديّا بأزمة ولعنة تفاقمت وتأثننت ethnicized على بركة الماضى الحاضر فى المستقبل وهى أن لا مناص ل"ود البلد" "أخو عازة" والذى" يرضع من شطرٍ عربىٍ واحد!!" سيجد سِنة ريشته متورّطة فى مخاطبة الجماعة العاربة المسلمة مهما تسلّح بالحساسية وملأ شبكته منها. ورغم أن الورقة استصحبت كل الحضارات والأقوام الأ انها مثل غيرها –لا أبرئ نفسى- تخاطب المسلمين "من أهلنا الذين كتب عليهم أن يتمسكوا بدين الفطرة والحس السليم بعيدا عن الأمور المشتبهات ( من نوع فتاوى إرضاع المرأة لزملاء العمل لرفع الحرمة عن الاختلاط) لأنهم وجدوا في إسلام الحس السليم منفعة اجتماعية براغماتية تفوق المنافع اللاهوتية والعرفانية التي تشغل خواطر أهل الذوق الصوفي"
[وماأدراك ما الحس السليم؟ وهل هنالك حس سليم واحد؟ وهل الحس السليم خارج النص التاريخى والتجربة؟ ساعود لغموض العبارة التى لم تسعدنى خاصة عبارة "اسلام الحس السليم" وعبارة أخرى محرقانى وهى "الميل الطبيعى للسودانيين نحو الحياة المسالمة المبدعة القائمة على أعلاء قيم العدل والمساواة وحب الخير" –التشديد من عندى ]
وال Big picture بتاعة النص وأفقه العام تمسك بتلابيبه وأمشاجه تفاصيل سورة البقرة والأزهر وديوان الأفتاء (البركة فى يوتوبيا السودان الجديد وفرانسيس دينق) وقضية الخبز المسمم بالكيماويات والايات القرانية وموقع الوزه والورل القدّال بذريعة غياب التمساح وحلف الفضول كأول رابطة لحقوق الأنسان وأبن الأثيروبندر شاه وكل نفس بما كسبت.. وكل شاه.. والحساب ولد..الخ.. وحضور الندوة الأثنى كما أتخيّله وحتى الكتابة بالعربى ، قول يا لطيف، وما تقول لى البديل شنو؟ مانى عارف؟ ومن لم يمت بسيف السناريين مات بغيره والحمد لله. وهل لدى بديل من هذه الورطة؟ طبعا لا.
من أبهى اليوتوبيات المقابله للسناريين ،فى أعتقادى، هى حلم ووهم شفاء "السودان الجديد" الذى طرحه اليسارسياسيا منذ زمان ولكنه لم يكن مستعدا لخوضه ثقافيا لأنه راهن على صنّاع الأنتفاضة المدينيين وحدهم(ودا كلام داير بحت شديد فى مجال اخر).
والورقة افترضت أن الأعتذار يقوم به أشخاص أحياء من دون جريرة سوى أنهم أبناء وأحفاد. وهو أعتذار عن تركة خطايا الأسلاف ورث فيه الأبناء وزر آبائهم. وحول هذا النوع من الأعتذارالذى يقوم به أشخاص نيابة عن الأجداد وشماليين وعرب ومسلمين استندت الورقة. وقد ضيّق هذا الأفتراض أفق الورقة فى التصدى لهذا التعريف المحدود حتى أضطرت الورقه للقول بنجاح منطق الأعتذار والعفو فى حالة جنوب أفريقيا ل "كونه مجتمع نصرانى ينتفع بالمؤسسة الكنسية فى لحم مكوناته العرقية" فى مقابلة مع "بعد المسلمين السوادانيين عن طائلة الثقافة النصرانية يثلم حساسيتهم الدينية تجاة المطالبة بالأعتذار عن تركة خطايا الأسلاف" مع انو منطق وذهنيّة –بل ايدولوجيّة-"عفا الله عما سلف" فى السودان ،حقيقة أو متوهّمه، سدت كل شبابيك اصلاح ذات البين فى الوسط . أما جنوب السودان وغربه قد فرطق فقاعة تلك الذهنيه وفارقها فراق الطريفى لى جملو.
على كل حال ساقنا منطق الورقة فى النهاية لتصوّر معظم الكائنات الأرضية كعباد "يحلون كل مشاكل الحياة الدنيا" ضمن مفهوم الحياة الأخرى!!
أدب الشفاء الحالم يغالى فى التديّن:
يبدأ أدب الشفاء بأفق غاندوى لا غبار عليه مستلهماً ذهنية وعقلانيّة "الذين عبروا بلاء المواجهة العنيفة الدامية وتعلموا بالتجربة ضرورة التعايش على منطق السلم ومنفعة قبول الآخر وأنتجوا في سبيل ذلك نوعا تعبيريا غايته شفاء النفوس من منطق العنف"
لكنه يتغاضى عن واقع القمع والعنف الذى وثّقته القراءات وعشناه بواقع "أدب الشفاء في مشهد العلاقات بين أهل السودان سجل مشرّف وراءه تاريخ طويل ومركب لذلك الميل الطبيعي للسودانيين نحو الحياة المسالمة المبدعة القائمة على إعلاء قيم العدل والمساواة وحب الخير. وربما كان لتاريخ التعدد الثقافي والعرقي الذي طبع تداخل العلاقات بين أهل السودان الأثر الأكبر في تحفيز السودانيين على صيانة أدب للشفاء من عواقب الصراع المادي والرمزي الذي يواجهونه ضمن مسارات التطور التاريخي للمجتمع" ويهدف لدفع: " شياطين العنف والفرقة والحزن عن حلم الأمة المتضامنة على قيم السلم والعدل والديموقراطية والحرية" وبرنامجه يتكئ على مسند "من الثقة الفادحة المتبادلة التي تسوغ تقديم السماحة الثقافية على الفسالة العرقية وعلى الضيق العقائدي بين كافة الأطراف ذات المصلحة في إنجاز المشروع الطوباوي السوداني"
ولأن قوام أدب الشفاء هو قوام واحد لمسلمين عاربة كما فهمت من الخطاب الموجّه اليهم/ن (من دون البقية الباقية فى السودان) فأنه استدعى له من خاطرالقِبلة "حلف فضول" جاهلى مكى من القرن الميلادى السادس كرمز ل"مناصرة المظلومين وتقعيد التسامح" –وكأن تاريخ دفع المظالم لم يتطوّر منذها- ومن الداخل ينتقى eclectically أدب الشفاء لنفسه صورة "المسلمين الذين نعرفهم من أهلنا الذين كتب عليهم أن يتمسكوا بدين الفطرة والحس السليم بعيدا عن الأمور المشتبهات ( من نوع فتاوى إرضاع المرأة لزملاء العمل لرفع الحرمة عن الاختلاط) لأنهم وجدوا في إسلام الحس السليم منفعة اجتماعية براغماتية تفوق المنافع اللاهوتية والعرفانية التي تشغل خواطر أهل الذوق الصوفي"
(بالمقابلة يمكن القول أن حس رأسماليى البنوك الأسلامية السليم قد وجد فى صيغ مرابحاته ومضارباته منافع اجتماعية براغماتية تفوق منافع بنات الحور التى راهن عليها شهداءهم فى الجنوب!)
وقد قبضت السماحة والحس السليم والمحبه والغفران النصرانى اليهودى على خناق أدب الشفاء وحرمته من رؤية بقية الآفاق الواقعية الكالحة حتى خلص الى "أن أهل الديانات السماوية والأرضية يخلصون إلى حل مشاكل الحياة (والموت) بعيدا عن الحياة الحقيقية في الآن وهنا، الحياة الدنيا التي نتقاسمها جميعا على اختلاف دياناتنا ومعتقداتنا. وعند "هؤلاء الناس" تعتبر فكرة "الحياة الأخرى" (أوالحيوات الأخريات") إجابة عالية الكفاءة لسؤال الموت. وضمن مفهوم الحياة الأخرى يحلون كل مشاكل الحياة الدنيا"
لاأعتقد أن أهل الديانات يحلّون مشاكل حياتهم "بعيدا عن الحياة الحقيقيّة" بل بذات الواقع الملموس (أذهبوا أنتم أدرى بأمور دنياكم، كما قال الرسول لأصحابه)... وان كانوا ملء المغالطات فمالنا بهؤلاء الدراويش؟
أزعجتنى المسحة المحافظة التى طغت على العقيدة الطوباوية وأضرب مثلا على ذلك حين تقول:
"جاء في الأثر أن "الناس على دين آبائهم" وجاء فيه أيضا أن انخراطنا في دين الآباء إنما هو" مسلك فطرة"، شيء "في طبيعة الأشياء" بما يجعل مسلك الارتداد عن الدين الموروث نوعا من مخالفة الطبيعة "ومن خالف أباه فقد ظلم"، وقيل كفر"
لا أخفى جذلى عند بداية الورقة لكن أنطفأت جذوته سريعا. لم تنس الورقة أن تذكرنا باكراً بجوهرية الأجتماعى والثقافى لأن: "اليوتوبيا ،على صورة صناعها، طبقيّة" ففى البدء كانت الطبقة والأجتماعى وحين قالت: "أن المثقفين"خشوم بيوت" وهم في تنوع مشاربهم ومآكلهم إنما يعكسون صورة تناقض المصالح في المجتمع السوداني. لكن يبقى أن الفرز ضروري بين أنواع المثقفين السودانيين"
وأيضا تشع حكمة ادب الشفاء فى العبارة:
"ذلك أن المطالبة بالاعتذار الجمعي عن خطايا الأسلاف، بما تنطوي عليه من رجاء الغفران والعفو والمصافاة النهائية بين النفوس المتعارضة، تسحب الممارسة السياسية الراهنة لمنطقة العبادة وتثقل مشروع الوفاق السياسي بين شعوب السودان بأثقال البرنامج الديني"
وبلحيل سرّت بالى وقلنا شيخ حسن قال لينا "كلام سمِح سمِح لامن بكينا" كما قال الأنصارى الذى يحكى لأهله بلاغة سيدى عبدالرحمن المهدى فى خطبة الجمعة التى سافر لسماعها، وحينما ألحّوا اصرارا وطلبوا منه الأستشفاء بالشرح قال: "هوْ كلام سيدى دا كمان بتعرِف!!"
داير أقول دون ذلك فأن باقى الكلام مليان بالمحافظة والتديّن.
سأعود للحديث عن أرث لجان الصلح "لص" السودانية مقابل "لحم" وعدم جوهريّة "المطالبة بالاعتذار عن تركة خطايا الأسلاف" لأن المسألة تتعلق بخطايا الأحياء وممتلكات الأحياء ولا حوجة البتّه لمنطق الأعتذار والعفو النصرانى عندنا لأن من عفا وأصلح فأجره على الله. وقد قال بعض الضحايا فى السودان بعضمة لسانهم(د.فاروق أحمد أبراهيم مثلا) أنهم يبتغون الأعتذار، وبس. وهناك من ينتمى الى "وأن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فأن الله غفورٌ رحيم" (التغابن 14)
وحتى مسك العصاية من النص على طريقة "عتق رقبة" الأسلامية مابطالة لأن المال "تلتو ولا كتلتو" . تبقى أسئلة أخرى:
ما هو موقع الضحية الكبرى، ضحية اسماعيل الذبيح، من مرافعات الضحية والجلاد ومفهوم "الاستشهاد" ؟؟ مندرى...
مودتى
هاشمى
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

سورة الديموقراطية

مشاركة بواسطة حسن موسى »

سورة الديموقراطية
الأعزاء المتابعين
سلام
الأخ عيسى
شكرا على خواطرك السديدة وعلى" سربعتك" الطريفة:" يوم يلد و يوم ما يلد و يوم يلد ولادة ما ليها حد"و" السربعة" في تعريف للصديق الفنان محمد بهنس( الذي نبّهني لبعض سربعات مشهودات للصديق الشاعر خطّاب حسن أحمد)، (و أين محمد بهنس؟): هي نوع من توليدالمعاني الجديدة من خلال اللعب بالمباني القديمة، و أهلنا الفرنسيس يعرفون سربعتهم بعبارة عجيبة هي ال" كونتر بيتري" أو
Contrepèterie
و ترجمتها الحرفيةتعطينا " الزراط المضاد"، و قيل :" فن الزراط المضاد".و الكونتربيتري تقليد في تقنية التعبير الأدبي تواتر في أدب القوم عبر العصور ، و ينتفع بها الكتاب المتمكنين من صناعتهم بين " رابليه" و " بريفير" , " كونو" و رهط السورياليين كما انتفع شعراء العربية بتقنية التصحيف المتعمّد في توليد آيات التعبير الأدبي الذي لا تطاله حيلة الترجمان و لو كان من المجودين.
المهم يا زول، أظننا بحاجة للتأمل في المضمون الأيديولوجي لسربعات الأهالي الغبش ، بالذات في مقام النصوص الدينية، كون السربعة الشعبية ، فيما وراء منفعة النكتة الطريفة ، إنما تنطوي على مسعى تحرري غميس، فهي في الغالب نوع من مكيدة عفوية ترد وسيلة اللغة إلى نسبية كفاءتها و محدوديتها. و و في هذا المنظور فالسربعة قد تحرر اللغة القديمة من أثقال القداسة الدينية التي تلبّكها و التي تمنع المتلقي من إدراك المعني الأصلي المفترض في الأدب توصيله.
و حكاية " سورة التور" ليست سوى محطة ضمن سعي الأهالي الأميين لتملّك مفاتيح وجودهم و إعادة إختراع الدين على قدر مقاسهم.ولا جناح على القوم كونهم اخترعوا للتور سورة، فهم لم يفعلوا ذلك من باب التشنيع على عقيدتهم و إنما من باب تقعيدها كنموذج للإنسجام وفق منطقهم ، منطق" الحس السليم "الذي يتحسّب منه أخونا الفاضل الهاشمي،( اصبر عليّ يا هاشمي). و هذا الموقف يردنا لمحدودية النص ، أي نص، مثلما يردنا لنسبية كفاءة النص المقدّس الذي يمثله القرآن في هذه الحكاية،فالنص القرآني نتاج تاريخي فاعليته ترتهن بنوع الإستجابة التي يلقاها من طرف الناس المنتفعين به و ليس من طبيعته الداخلية كموضوع قدسي مكتف بذاته.و هذا التحليل، الذي يثبّت للأهالي الأميين مشروعية إختراعهم لسورة للتور، يجعل من نفي العالم الأزهري لسورة التور في القرآن مجرد قراءة أخرى بين القراءات المتعددة، و قيل المتعارضة ، بتعدد و تعارض المصالح .و تناقض المشروعيات لاينتقص شيئا من مشروعية قراءة العالم الأزهري العارف بالنصوص لكنه يموضعها ضمن سياق إجتماعي كموقف طبقي.و هذا يعني أن كل قراءة إنما تؤسس مشروعيتها من المصلحة الطبقية التي ينتظرها منها أهلها.ودرس حكاية " سورة التور" إنما يتجسد في تضامن الأهالي حول إمامهم و نصرتهم لرأيه، ضد العالم الأزهري، كنوع من ردة فعل عفوية غايتها حماية عالمهم ، عالم سورة التور، من زعزة الغرباء الذين لا يوثق في مراميهم.
عيسى
تقول:" و خلاصتك هده تسمح لي بالمشاركة باعتباري من جماعة (سورة التور)"، و أنا أقول لك :كضبا كاضب، و ذلك ببساطة لأن أهل سورة التور لم ينالوا يوما حظوة الوقوف من اعتقادهم موقفا يؤهلهم للنظر للأمور من هذه المسافة النقدية الثمينة التي تعطيك حق اختيار سورة التور إنحيازا لقضية الديموقراطية.أهل سورة التور يا صديقي لم يختاروا للسور ثورة( و هذه سربعة عفوية فلا تأخد بها) و لا ينبغي لهم، إنهم ببساطة لا يتصورون أن لا تكون للثور سورة في الكتاب. و المسافة التي نقفها ،أنت( في هولندا) و أنا ( في فرنسا) و الفاضل( في كندا) وأمثالنا( في السودان)، من أمور دين أهلنا، هي مسافة بنيناها من واقع التأمل و التعلّم و البحث عن المخارج الأقل ضررا، و نحن نقيم( بالوراثة) في مقام حظوة طبقية انتهزناها ضمن واقع الصراع الإجتماعي في بلادنا و الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه.و في هذا المشهد الآثم أقول: لن نتخلى عن حظوتنا التاريخية ـ على الأقل في مستواها المادي ـ و في إيدنا القلم، ولن نعتذر عنها ابدا، فما العمل؟ العمل الوحيد الممكن في مثل حالنا هو توسيع فضاء هذه الحظوة فتشمل اكبر عدد ممكن من الناس.كيف؟ بالإنتماء لجماعة " سورة الديموقراطية". و لو في زول بفتكر إنو مافي حاجة اسمها" سورة الديموقراطية" في الكتاب فبطريقتو.شايف؟
و غير ذلك أوافقك في أن القاموس السياسي السوداني ملغوم بأنواع العبارات الهلامية الغامضة التي تتعدد دلالاتها بتعدد أغراض مستخدميها من نوع العرب و الأفارقة والجنوبيين و الشماليين و المهمشين و أهل الوسط و المركز و الجلابة و السود و البيض إلخ.و لعلنا بسبيل الخروج من الأزمة الراهنة ، نحتاج أولا لتحديد دلالة العبارة بشكل أكثر كفاءة حتى نتجنب سوء الفهم المجاني.
أما عن سؤالك في خصوص تصنيف إنتحاب" الدكتور فاروق أحمد آدم في رسائله الشهيرة للرئيس"(" و العبرة خانقاه" لموت مجذوب الخليفة") و الذي استفاد منه الفاضل في دعم تيار الغفران الإسلامي، في قوله: " و لا حوجة البتّة لمنطق الإعتذار و العفو النصراني عندنا لأن من عفا و أصلح فأجره على الله. و قد قال بعض الضحايا في السودان بعضمة لسانهم ( د. فاروق أحمدابراهيم مثلا) أنهم يبتغون الإعتذار ، و بس." فكل ما يمكنني قوله في هذا المقام هو أن لضحية التعذيب كل الحق في أن يبذل عفوه لجلاده على المستوى الفردي مثلما له كل الحق أن يحمل عكازه و يخلص حقه بيده ( و دي طبعا لمن استطاع إليه سبيلا ).لكننا يا صفوة لو أردنا نوع العمل العام المؤسسي الذي نعرّف عليه أسس الحياة المشتركة التي تقوم على الديموقراطية و العدالة ، و التي تملك ان تجنبنا مستقبلا تجاوزات المتجاوزين فعلينا ان نترك الضحية و جلادة يصفون حسابهم على المستوى الفردي لو أرادوا، لكن ذلك لا يغنينا عن التفاكر في أسس تصفية الحساب الجمعي.و كلامك عن" حرص الحكومات الشمولية ( و ليست الشمالية) ".." على قمع و إرهاب كل من يطالب بحقه في أي جزء من السودان .." سديد، و انظر لهذا النميري الديكتاتور الشمولي السابق و الذي ، بجاه الديكتاتورية الشمولية الراهنة ، ما زال يمشي في الأسواق و يتفاصح في منابر الإعلام و يده ملطخة بدماء الضحايا.و مافي زول يقول يا جماعة البغلة في الإبريق و الإبريق شايلو الورل و ماشي يقدل ساكت و التمساح عامل ميّت إلى آخر بلاغة البسطاء.
أرجو أن تعود، كما وعدت ، للحديث عن "أهمية تأمين الخدمات الأساسية". و سأعود بعد تقليب حديث الفاضل.
مودتي
ÚíÓì íæÓÝ
مشاركات: 26
اشترك في: الأربعاء يوليو 26, 2006 10:38 pm

مشاركة بواسطة ÚíÓì íæÓÝ »

إستراحة: تحية للجميع؛
في ذلك اليوم ـ الندوة، كانت هناك أنشطة إبداعية أخرى، منها معـرض الفنون التشكيلية للفنان عمر دفع الله،، وكناّ قد عرفنا عمر دفع الله كرسام كاركتير متميز في أعماله التي نشرت على عدة مواقع إنترنيت منها سودانفوراول،، أو في بعض الصحف العربية، لكن بالنسبة لي على الأقل فهي المرة الأولى التي أشاهد فيها أعمالاً تشكيلية له،، وكمتابع لأعمال الأخ عمر دفع الكاركتيرية أجد أن (نفس) ولمسة الكاريكاتير يبدو واضحاً في لوحاته التشكيلية الملونة، وأترك لكم أمر تذوقها أوتوجيه نظرة نقدية لها الخ،، وللفنان عمر دفع الله نفسه أن يحدثنا عنها هنا.. كما شارك الأخ عروة بعدةأعمال في فن النحت.. هنا بعض الصور

صورة

صورة

صورة

صورة

هـناك أعمال أخرى للمبدعين عمر وعروة ساضيفيها في إستراحة تالية..
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

التصاوير و التصاويت

مشاركة بواسطة حسن موسى »

الأخ عيسى
شكرا لك على الإشارة و إيراد أعمال الأصدقاء الفنانين عمر دفع الله و عروة زايد ، و لا شك أن إسهامهم التشكيلي يقعد الندوة في مقام التضامن الكبير بين كل هؤلاء الناس مختلفي المشارب الذين التقوا على هم العمل العام و كل يحمل قدحه العامر.و التحية من على البعد للأخ مصطفى السني( بدون قرص) و الأخ المليجي بما قدما من تصاويت حبيبة تجمّلنا بها في تلك الأمسية الملهمة.
ملهم أيضا ذلك الفطور الرمضاني الذي تفننت في تحضيره و اخراجه ايادي فنانة خبيرة بقيت في الكواليس ضمن طبقات الجهد غير المنظور، و الذي لا تقوم لعمل عام قائمة بدونه.
يا محمد جمال الناس النظّموا الفطور ديل عندهم أسماء أم نضيفهم لحساب " الجندي المجهول"؟
مودتي
أضف رد جديد