باب للتوثيق عن حياة وفكر الأستاذ محمود..

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
ياسر الشريف المليح
مشاركات: 1745
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:24 pm
مكان: ألمانيا
اتصال:

باب للتوثيق عن حياة وفكر الأستاذ محمود..

مشاركة بواسطة ياسر الشريف المليح »

كتبت هذه المداخلة في بوست الإدارة المخصص للترحيب بالقادمين:
https://www.sudan-for-all.org/forum/view ... ?p=530#530
..
وأحيي الجميع، وأرجو من كل من له شهادة أو وثيقة أو ذكرى شخصية عن الأستاذ محمود وعن حركته أن يسجلها في هذا الباب..
وأشكر الجميع..

ياسر
صورة العضو الرمزية
نجاة محمد علي
مشاركات: 2809
اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
مكان: باريس

مشاركة بواسطة نجاة محمد علي »


الأخ العزيز الدكتور ياسر الشريف

لك عاطر تحياتي، ويسعدني كثيراً أن تكون بيننا، صديقاً وموثقاً لسيرة الأستاذ محمود.
وفي الحقيقة كنت أود الكتابة هنا منذ إنزال الموضوع. لكنني لم أعرف من أي مدخل
أبدأ الكتابة عن ذكريات محفورة في ذاكرتي عن الأستاذ محمود وعن بيته العامر الذي يقع في نفس الشارع الذي فيه بيتنا. فقد عرفته منذ أن كنت صبية في اليوم الذي جاء فيه لزيارة والدي مرحباً بالجار الجديد. منذ ذلك اليوم انطبع في ذاكرتي وجهٌ من الوجوه التي سأظل أتذكرها بكل تفاصيلها، وابتسامة رقيقة خفية لم أكن أدري في ذلك اليوم إنها لن تكون مطبوعة في ذاكرتي فحسب، وإنما في ذاكرة شعب بأكمله.
ربطت بين والدي والأستاذ محمود علاقة طيبة، على الرغم من موقف والدي الناقد للفكرة الجمهورية. وقد كنت دائماً أقوم بدور "المرسال" بينهما لتبادل التحايا وتبادل الكتب.

كنت قبل أيام أتحدث مع بولا عن بعض من هذه الذكريات.
وسأعود لأواصل.
شكراً ياسر على فتح هذا الموضوع.

نجاة
صورة العضو الرمزية
نجاة محمد علي
مشاركات: 2809
اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
مكان: باريس

مشاركة بواسطة نجاة محمد علي »

.

الأخ ياسر والأصدقاء الأعزاء،

تجدون في هذا الرابط اسم الأستاذ محمود ضمن مائة من الأحداث والأشخاص الذين صنعوا أهم تواريخ النضال السلمي في القرن العشرين.
القائمة أعدّها مركز السلام بمونتريال:
http://www.centredepaix.org/non-violence/heros.htm

هذه هي ترجمة الفقرة المكتوبة أمام صورة الأستاذ محمود:
السودان، محمود محمد طه، مفكر مسلم مسالم تمّ شنقه في 18 يناير عام 1985 بتهمة الزندقة. وفي شهر مارس، هبت انتفاضة سلمية، شعبية (80./. من الشعب)، هددت دكتاتورية الجنرال نميري الإسلامية، التي أطاح بها في نهاية الأمر انقلاب عسكري في 6 أبريل.
1985 Soudan Mahmoud Mohamed Taha, intellectuel musulman et non-violent est pendu le 18 janvier pour hérésie; en mars, un soulèvement non-violent, populaire (80% de la population), menace la dictature islamiste du général Ja'far Nemeiry, finalement renversé par un coup d'état militaire le 6 avril

وهذا هو الرابط للحصول على البوستر.
http://www.centredepaix.org/non-violence/affiche.htm

تحياتي للجميع
نجاة
ياسر الشريف المليح
مشاركات: 1745
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:24 pm
مكان: ألمانيا
اتصال:

مشاركة بواسطة ياسر الشريف المليح »

الأخ الكريم عادل عبد العاطي
تحية المودة والتقدير
أشكرك على المرور ورفع البوست..

الأخت الأستاذة نجاة،
تحية المودة والتقدير وقد اندهشت عندما علمت بما تفضلت بكتابته عن ذكرياتك، وأرجو منك ومن جميع من له ذكريات أن يكتبها فهذه أمانة عندكم للأجيال الجديدة الذين لم تتح لهم المقادير أن يروا الأستاذ محمود أو يسمعوه.. ويحزنني جدا أن رجلا بقامة الأستاذ محمود لا يأتي له أي ذكر في التاريخ الذي يدرسه التلاميذ والطلاب في السودان.. فلنقم نحن بواجبنا في تعريف الناس بما نعرفه وشاهدناه، وطبعا كتب الأستاذ محمود التي بلغت في مجموعها حوالي الـ 34 كتابا، وكتب الجمهوريين التي بلغت في مجموعها من يقرب من الـ 300 كتاب وكتيب هي أيضا أمانة لدى من يملكون نسخا منها ويجب عليهم أن يهتموا بالمحافظة عليها وبسطها للدارسين والباحثين، وهذه مهمة قد شغلت بها نفسي منذ حين من الوقت بجانب مواد أخرى كثيرة ستكون ذخيرة كبيرة عندما يطلع عليها الناس..

أشكرك يا أستاذة نجاة وأحييك وأحيي معك أستاذنا الدكتور عبد الله والأسرة..

لدي اقتراح هو استخدام غرفة مفتوحة في البالتوك في المناسبات الثقافية والفكرية والأدبية لنقل الفعاليات التي تتم في مختلف أنحاء العالم.. مثلا يتم يوم السبت القادم إحياء الذكرى الأربعينية لرحيل الأستاذ الخاتم عدلان في قاعة بلندن.. فلو كان هناك إمكانية توصيل جهاز كومبيوتر [لابتوب مثلا] بالانترنيت من هذه القاعة يمكن بث المناسبة عبر البالتوك.. امتلاك غرف البالتوك المفتوحة أمر هين ولا يكلف أي شئ، ويمكن السيطرة على الغرفة بحيث تكون للإذاعة والاستماع فقط..

ياسر
ياسر الشريف المليح
مشاركات: 1745
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:24 pm
مكان: ألمانيا
اتصال:

مشاركة بواسطة ياسر الشريف المليح »

نسيت أن أشكرك على توفير وصلة "قائمة السلام بمونتريال"، وكنت قد تلقيتها منك قبل عدة شهور وقمت بوضعها في بوست منفصل في "منبر الفكر" القديم، ولكنه تعرض للتدمير فضاعت بعض المواد وكان ذلك البوست من بين تلك المواد.. وكنت أيضا قد أرسلتها إلى صالون الجمهوريين وهي لا تزال موجودة هناك..

الإنسان يشعر بالفخر عندما يرى أن هناك مثقفون في العالم يهتمون بالأستاذ محمود وبحياته وسيرته ونضاله السلمي من أجل حقوق الإنسان..
ياسر الشريف المليح
مشاركات: 1745
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:24 pm
مكان: ألمانيا
اتصال:

مشاركة بواسطة ياسر الشريف المليح »


https://www.sudaneseonline.com/cgi-bin/s ... 1094452883

في هذا البوست قام الأخ حليم بإيراد مقالة للدكتور منصور خالد كتبها في أبريل عام 1969 بعد أشهر قليلة من مهزلة محكمة الردة، وقبيل إنقلاب مايو العسكري.. والمقالة كما يقول الأخ حليم نشرتها صحيفة الأيام في 21/4/1969م..وتم إعادة نشرها في كتابه حوار مع الصفوة..دار النشر جامعة الخرطوم ..طبعة 1974م... وكان الأخ حليم يود إنزال المقال كاملا، ولكنه لم يوفق إلى ذلك.. ارجو أن يكون من القارئين لهذا التوثيق ويساهم في إنزالها كاملة..
++++========
(رجل مسلم ملئ بالإيمان حتى المشاش ، ومفكر يشرف الفكر الإسلامي... رجل مثل محمود لم ينج من تهمة الزندقة لجسارته الفكرية ولمحاولته الرائدة وضع الدين في إطار العصر... والحرب ضده حرب غير أمينة وليست من أخلاق الإسلام في شئ... حرب تنقل القضايا الفلسفية الفكرية في أسلوب غير أمين الى الشارع ليتجادل فيها العامة الذين لا يملكون المواعين الفكرية لاستيعابها... بعبارة أخرى ينقل الحديث نقلا خاطئا إلى الأذن الخاطئة لتفهمه الفهم الخاطئ وتنفعل به الإنفعال الخاطئ. فمفاهيم الاستاذ محمود محمد طه الفلسفية مفاهيم يقبلها القابلون ويرفضها الرافضون، ولكن الحقيقة الهامة هي أن هذه المفاهيم هي امتداد للفكر الاسلامي .. بل أذهب لأقول ان الاستاذ محمود هو السياسي الوحيد من مواقع اليمين الذي يفكر برأسه ويأتم بعقله.)

(فالرجل.. وهو المفكر السياسي الوحيد بين ظهرانيكم .. لم يبتدع مبدأ إجتلاء الحقيقة بالتأمل ... ولم يبتدع مبدأ اتصال العقل الانساني بالعقل الفعال.. ولم يبتدع مبدأ الأداء الباطني للفرائض... هذه جميعها مرتكزات أساسية للفلسفة الإسلامية.. ومبادئ عامة نجد لها صدى عند كل قمم الفكر والفلسفة الإسلامية.. إبتداء من الغزالي وابن رشد الى البسطامي والرومي... نجدها عند ابن سيناء في (مقامات العارفين) "ولكن جل جناب الحق عن ان يكون شريعة لكل وارد أو يطلع عليه الخلق الا واحدا بعد واحد".. وعند ابن القيم في (مدارج السالكين) "ان هذا العلم مبني على الارادة فهي أساسه ومجمع بنائه وهو يشتمل على تفاصيل أحكام الارادة وهي حركة القلب ولهذا سمي علم الباطن".. وعند ذي النون المصري "عرفت ربي بربي ولولا ربي ما عرفت ربي".. وليست هذه طلاسم بل تلخيص لفلسفة متكاملة تقوم على العلم والمعرفة... معرفة العامة ومعرفة الحكماء ومعرفة الأولياء.. الاولى بالتقليد والثانية بالتعليم والثالثة بالإلهام.)

(نريد -من قضاة الشرع- وقد خرجتم من اطار سلطانكم المشروع كقضاة أنكحة وميراث.. نريد أن نسمع حكم الاسلام في الغي الموفي بأهله الناروالذي يعيشه أهل السودان كما سمعنا حكمكم بالأمس في ردة المستضعف محمود محمد طه... نريد أن نسمع رأي حكم الإسلام في الأمير الكاذب والوالي الظالم والوزير السفيه.. وللاسلام حكم في كل هؤلاء" سيكون من بعدي أمراء تغشاهم غواش فمن دخل عليهم فصدقهم بكذبهم واعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه".. وأنا اعيذكم بأن لا تكونوا من صحب محمد.. نريد حكمه في السفاه السياسي الذي نعيشه اليوم وهو سفاه شيوخ لا حلم بعده... شيوخ يرتدي بعضهم قفطانا مثلكم..ويتمنطق بحزام مثلكم .. ويضع على رأسه عمامة كشأنكم..والسفاه يوجب الحجر في شرع الأئمة الأربعة... نريد حكمه في القاضي الماجن وهو منكم على مرمى حجر..والطبيب الجاهل وصفحات الصحف تنضح بالأنباء عن ضيعة الحياة في مسنوصفات السودان.. والمكاري المفلس ودولتكم تكاري وهي لا تملك سداد التزامها اليومي..للاسلام حكمه في كل هؤلاء.. ولست حاجة في أن أذكر فقهاء الحنفية بفقه الحنفية.. فمحاكمكم تلتزم قضاء الصاحبين وتنهج نهج الشيخين.. وتسير بهدى الطرفين... روى السرخسي في المبسوط عن أبي حنيفة " أن الحجر واجب على القاضي الماجن والطبيب الجاهل والمكاري المفلس.. لأن الاول يفسد على الناس أجسامهم.. والثاني يفسد عليه أديانهم.. والثالث يفسد عليه أموالهم")
ياسر الشريف المليح
مشاركات: 1745
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:24 pm
مكان: ألمانيا
اتصال:

مشاركة بواسطة ياسر الشريف المليح »

لقد وجدت هذا البوست متميزا
https://www.sudan-for-all.org/forum/viewtopic.php?t=90

وهو من رسالة للأخ صلاح شعيب عنوانها:
كورنيل يضع محمود محمد طه في القمة ويقسم امريكا إلي دوغمات
وقد قمت بوضعها في "منبر الفكر الحر" هنا في بوست أسميته "الأستاذ محمود محمد طه في الشبكة العالمية.. مواد للتوثيق":
https://www.minbaralfikr.org/viewtopic.php?p=67#67
والشكر له ولجميع المداخلين ..
صورة العضو الرمزية
نجاة محمد علي
مشاركات: 2809
اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
مكان: باريس

مشاركة بواسطة نجاة محمد علي »

التقديم الذي كتبه البروفيسور سمير أمين للترجمة الفرنسية لكتاب الأستاذ محمود محمد طه "الرسالة الثانية"*

ترجمت هذا التقديم من اللغة الفرنسية
نجاة محمد علي
باريس 9 أبريل 2004


نحو لاهوت تحرير إسلامي؟
سمير أمين


هل تعلن أعمال محمود محمد طه عن مولد لاهوت تحرير إسلامي؟ على كلٍ لا يمكن أن تمر قراءة أهم أعمال هذا الشيخ السوداني [كتابه الرسالة الثانية في الإسلام، الصادر في الخرطوم عام 1971] دون أن يترك تأثيراً في النفس. إن قناعته العميقة كمسلمٍ، ومعرفته المتبحرة بالدين، وقوة حجته في سبيل تفسيرٍ جذريٍ جديدٍ للإسلام يؤسس لقطيعة تامة مع تيار التعصب الديني المحافظ الرسمي المسيطر، لهي شاهدٌ على أهمية مساهمته في تجديد إسلامي يذكِّرنا، في كثيرٍ من أوجهه، بالتجديد الذي جاء به لاهوت* التحرير المسيحي.

رسالتـــا الإســـلام

يرى محمود محمد طه أن للإسلام رسالتين، رسالةٌ وقتية، هي الرسالة الأولى (وفق اصطلاح محمود محمد طه)، ورسالةٌ أخيرة (الرسالة الثانية). إن البدء بمعرفة الرسالة الثانية يعيننا على فهم فحوى الأولى، وعلى فهم السبب الذي يجعل التيار المسيطر يكتفي بها.
إن الإسلام الحقيقي لا يتحقق وجوده دون إيمانٍ بالرسالة الثانية. ومن الممكن لنا أن نلخص هذا الفهم في هذه العبارة: إن الإنسان قد خُلق على صورة الله، ومن ثَمَ، فهو حرٌ، ومسئولٌ وقابلٌ لبلوغ الكمال. وحياة الإفراد هي صراعٌ دائمٌ لا معنى له إلا بالنظر إليه من منظور الصراع في سبيل الاقتراب من الكمال الإلهي والنأي عن كل المزالق التي تحول دون بلوغ هذا الكمال. إن حياة المجتمعات هي أيضاً، لا معنى لها هي الأخرى سوى معنى صراعها في سبيل المُضِيِّ نحو الكمال.

المجتمع المثالي هو ثمرة الصراع الاجتماعي

يستخلص محمود محمد طه من هذه الرسالة الأساسية استنتاجاً جذرياً هو: إن المجتمع الذي يجب أن يكون هو الهدف الذي ترمي إليه معركة الصراع الاجتماعي، هذه المعركة التي تخلق الشروط التي تسمح للإنسان الفرد بأن يقود معركته الخاصة في سبيل الاقتراب من الله والتي بدونها يقع الإيمان ضحيةً للحدود التي يفرضها المجتمع لتحول دون تفتح الحرية المسئولة التي يمتلكها الأفراد، هذا المجتمع لا يمكن له سوى أن يكون مجتمعاً اشتراكياً وديمقراطياً.
إن الاشتراكية وفقاً لمحمود محمد طه هي رديفٌ لتمكُّن البشر جميعهم من أخذ نصيبهم المتساوي من الثروة المادية التي استطاعت أن تنتجها عبقرية الإنسان. وبذلك، فإن هذا التعريف يجعله في واقع الأمر أكثر قرباً لمفهوم الشيوعية من تجارب وبرامج الاشتراكية التاريخية الحديثة. لأنه، في رأي محمود محمد طه، طالما لم يتم توفير هذه الشروط الاجتماعية، فإن الفرد سيبقى أسيراً للنزعات الأنانية التي تُقْعِدَهُ وتُحِدُّ من قدراته الكامنة التي تنطلق به نحو الكمال الذي يقرِّب الإنسان من الله.
و في تعريفه للثروة المادية، يطرح محمود محمد طه مسألة العلاقة بين الإنسان والطبيعة من مفهوم الرسالة الثانية الذي يقترحه. فالطبيعة هي أيضاً من خلق الله، مثل الإنسان الذي يكوِّن جزءً منها. وبالتالي، فإن الطبيعة ليست منظومة تقع تحت تصرف البشرية بلا حدود. ولذا، لن يتسنى للإنسانية الاقتراب من الكمال الإلهي إلا إذا توصلت إلى عقد علاقة متوازنة مع الطبيعة، لتعمِّق بذلك وعيها بانتمائها للكون في مجمله. وهكذا، تحدد هذه القاعدة الغايات والشروط التي تنظِّم إنتاج الخيرات المادية التي تفضي إلى تفتح وازدهار المجتمعات والأفراد. وبدورها، فإن هذه الاشتراكية (أو الشيوعية)، كنظامٍ اجتماعي، مثالي، لا معنىً لها إن لم تكن ديمقراطيةً، أي إن لم تكن، وفقاً للغة التي يستخدمها محمود محمد طه، مبنيةً على حرية الأفراد المطلقة. لأن هذه الحرية المطلقة هي الشرط اللازم للوفاء بالمسئولية، وهي الضمان الذي يكفل للخيارات التي يتخذها البشر في كل لحظةٍ، وفي كل مقاصدهم، أن تقرِّبهم من الله (أو تبعدهم عنه).
ومن هنا، يميز محمود محمد طه بين المشروع الذي يدافع عنه باسم الدين الإسلامي وبين مشاريع الاشتراكية التاريخية الحديثة. إن المثال السوفيتي، ضمن أمثلة أخرى، ظلّ، كما يراه محمود محمد طه، يستند على الرغبات الأنانية عند الأفراد. ويتقاسم المجتمع السوفيتي هذه الخاصية مع المجتمعات الرأسمالية الحديثة. إن احتقار الديمقراطية في التجربة السوفيتية يأتي، وفقاً لمحمود محمد طه، من هذا التناقض بين الغاية المعلن عنها (الاشتراكية كإلغاءٍ لكل أوجه الظلم) وفلسفتها المادية، التي تفرض اللجوء إلى وسائل من شأنها إثارة الرغبات الأنانية عند البشر. وإذا لم يكن من الممكن للإيمان أن يتفتح ويزدهر في عالمنا الحديث الرأسمالي (بما في ذلك البلدان المسلمة)، مثلما لم يكن من الممكن له أن يتفتح ويزدهر في الأنظمة السابقة، فذلك لأن الظلم الذي نتج عن استخدام وسائل تفسح الطريق لأنانية البشر، جعل هذه الأنانية تدوم، وبدون إيمان حقيقي، فإنه لا سبيل أيضاً لتحقيق الإشتراكية.
هذه هي "الرسالة الثانية" (الرسالة الأخيرة) للإسلام، كما يراها محمود محمد طه. وهذه الرسالة يتقاسمها الإسلام مع كل أشكال التعبير الديني التي عرفتها الإنسانية عبر كل الأزمنة وفي كل الأمكنة. لأن هذا الفهم للإسلام كان موجوداً منذ الأزل، ولا "يتأرَّخ" بنزول القرآن. إن الإسلام الذي هو دين الله الشامل (وفق تعبير محمود محمد طه)، أي الدين الذي ظلّ موجوداً عبر الأزمنة، قد عبَّر عنه، ضمن ديانات أخرى، نزول اليهودية والمسيحية.
إذن، وبنفس الصورة ، التي عرف فيها دين الله (الإسلام بالمعنى الشامل) صوراً من التعبير سبقت نزول القرآن، فإن هذا الأخير يحتوي، إلى جانب رسالته النهائية، على رسالة وقتية مرتبطة بظروف النزول.
ولأن الله حاضرٌ على الدوام، فإنه يتدخل في حياة البشر والمجتمعات. إذ يبعث إليهم برسالاته وتعاليمه، وبفروضه التي يتم تبليغها بواسطة الكلام الذي يستطيعون فهمه في لحظة محددة من الزمان. إن هذه الرسالات، المرهونة بزمان محدد، تعين البشر والمجتمعات في تصحيح نفسها، وأن تحقق خطوة في الطريق القويم (حتى وإن كانت خطوة واحدة). لذا من الممكنأن تبدو هذه الرسالات متناقضة، إذا ما تمّ تفسيرها تفسيراً حرفياً، وإذا ما أعْطِيَت مغزىً مطلقاً لا تحمله. وهكذا، تجلّى الله عبر رسالات رسل بني إسرائيل، وعبر رسالة المسيح.
وبالتالي، فإنه يجب التمييز في نص الرسالة القرآنية، كما في السنة، بين رسالة الإسلام النهائية وفروضه المرهونة بزمان محدد. يشير محمود محمد طه في تحليله المحكم الرصين للنصوص إلى أن الرسالة الثانية احتلت مكاناً مركزياً في ترتيب نزول الوحي، أي في السور المكية. ففي هذه السور لا تنشغل الرسالة بمسائل تنظيم المجتمع، وإنما تهتم فقط بجوهر الإيمان (حرية الإنسان ومسئوليته في سعيه للاقتراب من الله). وفي المقابل، فإنه بتوفر الفرصة في المدينة، بتنظيم مجتمعٍ حول الرسول أفضل قليلاً من سائر مجتمع الجزيرة العربية في تلك الفترة، مجتمعٍ قادرٍ على تحقيق بعض خطوات في الاتجاه السليم، وعلى فتح طريق نحو تطوير الإيمان، فإن الله، لم يتوانَ من التدخل في مساعدة البشر في صياغة هذا المجتمع. ويرى محمود محمد طه إنه يجب النظر إلى التعاليم التي أوصى الله هذا المجتمع باتِّباعها، باعتبارها مرتبطة بزمانها، وليس باعتبارها الصورة النهائية التي يجب أن يكون عليها المجتمع الإسلامي المثالي. أي إنه لا يجب النظر إليها باعتبارها الإنجاز الأفضل والمطلق. وفي هذا الخصوص، يعالج محمود محمد طه ثماني قضايا متتالية، ينظر إليها المسلمون عادةً باعتبارها أموراً قد حسمتها الشريعة بصورة نهائية وقاطعة في مجتمع المدينة، هي:
1ـ الجهاد
2ـ الرق
3ـ الرأسمالية، التي يمكن النظر إليها باعتبارها جملة المسائل التي تتعلق بالإدارة الاقتصادية للمجتمع عن طريق الملكية الخاصة والتجارة المشروعة
4ـ المساواة بين الجنسين
5ـ تعدد الزوجات
6ـ الطلاق
7ـ الحجاب
8ـ المساواة بين الرجال والنساء في الحياة العامة.

مقاربــــة دينيـــة بحتـــة

دافع محمود محمد طه عن فهمه للدين عبر تحليلٍ دقيق للنصوص الدينية، مركِّزاً على التأويلات التي توضح، وفقاً للطريقة التي تتم بها قراءتها، الصفة الوقتية للحلول التي قدمتها الشريعة، في مكانٍ وزمانٍ محددين. ونجد إن الفصول التي تتناول هذه الأسئلة الثمانية يحمل كلٌ منها عنواناً معبراً عن السؤال المعنِّي ... الجهاد ليس أصلاً في الإسلام ... تعدد الزوجات ليس أصلاً في الإسلام ...
لكن، للأسف، فإن المسلمين، مثل آخرين غيرهم (اليهود)، اكتفوا بهذا المستوى من الرسالة، وبتعاليمه، وصبوا كل تركيزهم في اتِّباع هذه التعاليم بصورة حرفية، بأن جنبوا أنفسهم تحمل العبء الأكثر مشقةً، عبء المُضِيِّ في الطريق الذي أشارت إليه الرسالة الثانية. لقد حولوا الدين إلى ممارسةٍ طقوسيةٍ متشددة (كان ذلك شأن قوى الرجعية والسيطرة والاستغلال). وبذلك، يتوصل محمود محمد طه إلى استنتاجٍ جذريٍ وحاسم: لم يبنِ هؤلاء مجتمعاً من "المسلمين" بل مجتمعاً من "المؤمنين".
لذلك حرص محمود محمد طه على الدعوة بمثابرة في كتاباته، وأحاديثه، و بتنظيم تلاميذه الناشطين من حوله. وقد تركزت دعوته على نقد جذري للتفسير المحافظ، الطقوسي، الشكلي، المتقيد بالرسالة الوقتية وحدها. ونادى بتفسيرٍ يوضح الرسالة الثانية، التي تدعو إلى العمل على تحقيق تحويل المجتمع في اتجاهٍ يعزز انتشار العقيدة الصحيحة.
كانت تلك هي الجريمة التي اقترفها في نظر الساسة الذين نبذوا الديمقراطية بتسترهم وراء قناع الإسلام السياسي، وفتحوا الباب على مصراعيه لكل أشكال الظلم الكامنة في طبيعة الرأسمالية، وبسطوا سلطتهم المطلقة، محولين شعوبهم إلى حالةٍ من العبودية الأخلاقية. لقد حكمت عليه بالإعدام "محاكم" نظام الأخوان المسلمين بقيادة الشيخ حسن الترابي. ونُفِّذ فيه حكم الإعدام شنقاً وهو في السادسة والسبعين من عمره، ومُنعت كتبه وحُرقت."



* ترجم الكتاب إلى اللغة الفرنسية
محمد البارودي وكارولين باي
صدرت الترجمة عن دار لارماتان للنشر
Mahmoud Mohamed Taha
Un Islam à vocation libératrice
Traduit par Mohamed El Baroudi & Caroline Pailhe
L'Harmathan, Paris ,2002
ياسر الشريف المليح
مشاركات: 1745
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:24 pm
مكان: ألمانيا
اتصال:

مشاركة بواسطة ياسر الشريف المليح »

صدف غريبة..
لقد قمت بوضع وصلة لترجمتك هذه يا أستاذة نجاة اليوم في سودانيز أونلاين في معرض تعليق على رد أحد المشاركين وهو السيد تبلدينا..
https://www.sudaneseonline.com/cgi-bin/s ... 1117586697
أشكرك أجزل الشكر..

ياسر
ãÍãÏ ÇáÌÒæáí
مشاركات: 329
اشترك في: الأحد مايو 15, 2005 10:06 pm

مشاركة بواسطة ãÍãÏ ÇáÌÒæáí »

.. .. .. .. ..
UP

.. .. .. .. .. ..
تخريمه ..
( الماعندو محبه ماعندو الحبه والعندو محبه ماخلى الحبه )
ياسر الشريف المليح
مشاركات: 1745
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:24 pm
مكان: ألمانيا
اتصال:

مشاركة بواسطة ياسر الشريف المليح »

شكرا للأخ محمد الجزولي والأخ الصديق عادل عبد العاطي وتحية لهما وللجميع..

في هذه المداخلة أحب أن أضع وصلة توثيقية لمقالات ورد فيها إسم الأستاذ محمود محمد طه في جريدة الصحافة..
https://minbaralfikr.org/viewtopic.php?t=24

....
أضف رد جديد