توثيق .... للمؤتمر الخامس للحزب الشيوعى السودانى ...

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ
مشاركات: 226
اشترك في: الأحد مايو 29, 2005 7:59 pm

توثيق .... للمؤتمر الخامس للحزب الشيوعى السودانى ...

مشاركة بواسطة ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ »


النص الكامل لخطاب السكرتير العام للحزب الشيوعي السوداني في المؤتمر الخامس
نقد يقدم خارطة طريق حزبه لحل مشكلة دارفور ويوضح أسباب عدم انعقاد مؤتمرهم العام طوال الأربعين عام الماضية
السكرتير العام للحزب الشيوعي يعدد القضايا التسع التي سيناقشها المؤتمر ويطرح مؤشرات حول مستقبل عمل واسم وفكر الحزب
24 يناير 2009م
?{? تحية إعزاز وإجلال لمؤسسي حزبنا وشهدائه من أجل الاستقلال والوحدة والديمقراطية والاقتسام العادل للسلطة والثروة.
?{? ومن علي منصة المؤتمر تحية للحركة السياسية السودانية بأحزابها ونقاباتها وصحافتها واتحاداتها وروابطها.
?{? تحية لأعضاء الحزب الذين صمدوا واستبسلوا في مواجهة حملات التشريد والقمع والتعذيب الوحشي حد الاستشهاد ثم ثابروا على تجميع وتنظيم فروع الحزب وقياداته المركزية.
?{? تحية للأسر التي فتحت لنا قلوبها ودورها فآوتنا طوال سنوات الديكتاتوريات العسكرية المتعاقبة.
?{? تحية لكل فروع الحزب وأصدقائه في الداخل وفي شتي بقاع العالم واسهامهم المقدر في ابتدار حملات التضامن مع شعبنا وحزبنا. والتحية موصولة من بعد لمنظمات حقوق الانسان وضحايا التعذيب.
?{? تحية للصحفيين الذين استبسلت أقلامهم دفاعا عن حرية التعبير وشرف الكلمة.
?{? تحية للحركة النقابية السودانية التي تجاوزت كل القوانين التي تحرم الأحزاب ولم تحصر دورها في المطالب النقابية بل أسهمت في الحركة الوطنية كتفا لكتف مع الأحزاب السياسية في النضال الوطني وقضايا ما بعد الاستقلال .
?{? 40 عاما بدون مؤتمر !!
من قضايانا الكبيرة التي نتصدي لعلاجها في مؤتمرنا الخامس هذا أن حزبنا لم يعقد مؤتمرا طيلة الأعوام الأربعين الماضية علما بأن النظام الداخلي ينص علي عقد المؤتمر مرة كل عامين .

إن مؤتمرات الحزب هي مواسم التشمير عن ساعد الجد واستنهاض الهمه والفكر لمراجعة أداء الحزب في كل مفاصله وتصحيح الأخطاء وحل المشكلات النظرية والعملية التي تعترض نشاطه ولمحاسبة اللجنة المركزية للحزب عن اعمالها. ان المؤتمرات الحزبية تحتل موقعا مفصليا في ممارسة الرقابة الجماعية والديمقراطية الداخلية والحياة المعافاة داخل الحزب.
?{? ان عدم عقد المؤتمرات الخامس وغياب المؤتمرات طيلة أربعين عاما تقصير جسيم لابد من النظر في أسبابه ومعالجتها وتحديد المسئولية فيها واتخاذ كل ما يلزم لمنع تكراره. ان عقد المؤتمرات في مواعيدها من شروط ترسيخ الديمقراطية في الحزب.
?{? يمكن القول أن السبب الرئيسي لتعطيل انعقاد المؤتمر كان تغليب الاعتبارات التأمينية لسلامة الحزب وكوادره علي ضرورات التمسك بقواعد النظم الحزبية ومبادئها. ولقد كان في الامكان اختيار وتطبيق بدائل تتيح عقد المؤتمر بتنازلات في بعض الجوانب (مثل عدد أعضاء المؤتمر) بأشكال التفويض تجنبا لغيابه اكثر من اربعين عاما. وهو تقصير جسيم تتحمل مسئوليته دون شك اللجنة المركزية.
?{? ماذا يواجه المؤتمر الخامس؟
ينعقد المؤتمر الخامس ليواجه ذات القضايا التي واجهت مؤتمراتنا السابقة وهي قضايا التحول الوطني الديمقراطي ولكن في ظروف جديدة أكثر تعقيدا بما لا يقاس بظروف في مؤتمراتنا السابقة، ما هي هذه القضايا علي رأسها :
القضية الأولي : بقاء الوطن موحدا وديمقراطيا في ظروف سيخوض فيها شعبنا في الجنوب بعد أقل من عامين معركة الاستفتاء من أجل تقرير المصير ما بين الوحدة والانفصال. واجبنا كحزب له تجاربه الثرة في النضال السياسي يتحمل أكثر من غيره مسئولية تجميع أوسع جبهة من القوي الديمقراطية في الشمال والجنوب للمحافظة علي وحدة البلاد والتطور التنموي المتوازن في مناطقها المختلفة خاصة في جنوب البلاد لضمان تنفيذ اتفاقية السلام الشامل باعتبارها قضية كل السودان وليس مهمة الحركة الشعبية وحدها.
حزبنا وهو يستعيد نضاله في تجميع كافة فعاليات ومنابر القوى الديمقراطية كأساس للوحدة الواسعة لا يبدأ من الصفر بل هناك تقاليد راسخة للعمل الديمقراطي والتقدمي ما زالت باقية ولم تندثر رغم الحرب وهذا يستوجب بذل جهود مضاعفة لقراءة مستجدات الواقع في الجنوب بعد اتفاقية السلام الشامل والاستفادة من تجارب الماضي بكل سلبياتها وايجابياتها لبعث عمل القوي الديمقراطية في الجنوب من جديد علي أسس وقواعد تستند علي دراسة عملية للواقع.
القضية الثانية التي يواجهها مؤتمرنا هي تصدي شعب السودان لمهامه المصيرية فيما يتصل بوضع حد لنزيف الدم في دارفور والاستجابة لمطالب أهله العادلة وهي :
عودة النازحين واللاجئين الي قراهم الأصلية واستبعاد الذين استجلبوا من دول مجاورة وتم استيطانهم في تلك القري والحواكير كذلك تطبيق شكل وطني ملائم للعدالة في الاقليم ويري حزبنا أن هذا الشكل ليس سوي العدالة الانتقالية التي طبقت في أكثر من أربعين بلدا أقربها الينا جنوب افريقيا والمغرب ونستطيع أن نضيف اليها من خبرة شعبنا وحكمته الكثير كي نرفد به تلك الخبرة العالمية الواسعة والاستجابة لمطلبهم في الاقليم الخاص في اطار مشروع متكامل لاعادة تقسيم السودان الي تسعة أقاليم ويكون لهم الحق في انشاء أي عدد من الولايات يرونه مناسبا بالاضافة الي أشكال الحكم كقاعدة لا غني عنها في ممارسة الديمقراطية كذلك تمثيل أهل الاقليم تمثيلا عادلا في رئاسة الجمهورية وحصولهم علي نصيب عادل أيضا في الثروة القومية كذلك حصولهم علي ما يستحقونه من مواقع ومناصب في جهاز الدولة بشقية المدني والعسكري ونعتبر هذه بمثابة خارطة الطريق العقلانية الوحيدة للخروج من المأزق الوطني الراهن في هذا الاقليم .
القضية الثالثة التي تواجه مؤتمرنا هي أنه ينعقد والوطن مثقل بتعدد الاتفاقيات ( نيفاشا، أسمرا، القاهرة، أبوجا الأولي وقد تتبعها الثانية الأخري ) ونأمل أن يستجمع شعبنا ارادته لتوحيد وصهر الاتفاقيات في برنامج وطني شامل من أجل السودان الوطن الواحد ودولة مدنية وديمقراطية راسخة وتنمية متوازنة وسلم وطيد.
القضية الرابعة هي استكمال مهام التحول الديمقراطي ويعلم الجميع أن أهم عناصر هذه القضية هو الاصلاح القانوني والشامل من حيث الغاء كل التشريعات التي تتعارض مع الدستور الانتقالي لسنة 2005 وعلي راسها قانون قوات الأمن الوطني لسنة 1999 م وقانون الصحافة الجديد وغيرها من شاكلة هذه التشريعات . ان بقاء هذه القوانين يشكل عقبة كؤود أمام تمتع شعبنا بحرياته العامة وحقوقه الأساسية المضمنة في وثيقة الحقوق بالدستور كشرط لانخراطه في حركة جماهيرية واسعة من أجل انجاز مهام التحول الديمقراطي وبغير ذلك لن تقوم لهذا التحول قائمة مهما تعددت الأشكال الخاوية من المحتوي للمارسة الديمقراطية المظهرية.
القضية الخامسة : هي معاناة الأغلبية الساحقه من شعبنا جراء الضوائق المعيشية التي ما تزال تحكم حلقاتها في كل جوانب الحياة حتي أصبح زهاء 95 % من المواطنين يرزحون تحت خط الفقر وربما يكون مدعاة حقيقية للدهشة والاستغراب أن هذا يحدث في بلد غني بثرواته الزراعية والحيوانية والمعدنية بل واكتشف البترول وصدره للاسواق العالمية.
القضية السادسة هي أن انعقاد مؤتمرنا هذا يتزامن والازمة الاقتصادية والمالية تنشب مخالبها في كيان النظام الرسمالي العالمي حتي تهافت دهاقنته علي المكتبات لاقتناء كتاب رأس المال لكارل ماركس . كما يتزامن مع تصاعد حركة واسعة في بلدان الغرب الرأسمالي الصناعي تستشعر ما ترتبه العولمة الرأسمالية من مخاطر علي شعوب العالم واقتصادياته بما لا تخفف منها في حساباتهم كل مكاسبهم التي حققوها عبر عقود طوال تحت مظلة الضمان الاجتماعي. ان هذه الحركة التي تطلق علي نفسها حركة العداء للرأسمالية هي حركة مستقلة وناتجة من وعي تلقائي بمخاطر الرأسمالية المتوحشة وتنتظم فيها جموع العاملين في هذه البلدان من مختلف المشارب الفكرية والسياسية والدينية ولا يستطيع أحد ان يدعي أنها ( صنيعة شيوعية ) كما دأبت ألة الدعاية الأمبريالية علي وصف الحركات المناهضة لها في زمان مضي .
القضية السابعة : هي النضال الباسل الذي يخوضه إخوة لشعبنا في فلسطين وصمودهم الأسطوري في غزة كما يتزامن مع ما يخوضة اخوتنا في العراق ونعبر عن ثقتنا في قدرتهم علي الانعتاق من اسار الاحتلال والازمة الانسانية والسياسية التي فرضت عليهم.
القضية الثامنة هي أن انعقاد مؤتمرنا هذا يتزامن مع التجارب الجديدة في فنزويلا وبوليفيا وشيلي والبرازيل في أمريكا اللاتينية لا شك أن هذه التجارب تطرح مستويات جديدة من الاسئلة والجدل النظري حول مآلاتها وما يفرضه عليها الواقع من تحالفات وارتباطات وخصومات علي المستوي القاري والعالمي واهتمام حزبنا بتتبعها ودراستها لا يأتي من باب الترف الفكري وانما لما تفرزه هذه التجارب والخبرات من دروس جديدة علي حركة الثورة العالمية وحزبنا جزء أصيل منها.
أما القضية التاسعة ولعلها تكون في مقام القضية الأولي بالنسبة لنا من الزاوية الفكرية والأيدولوجية فهي ما شهده العالم من انهيار للاتحاد السوفيتي والمنظومة الاشتراكية في شرق أوربا واثار ذلك علي الوضع العالمي ومستقبل الحركة الشيوعية العالمية بالأخص خلال العقدين الماضيين وما يتوقع من تداعيات لذلك مستقبلا وهذا أدعي لأن نعرض لهذه القضية في هذا الحيز من كلمتنا .
الاشتراكية :
الادعاء بأن هنالك طريقا واحدا للوصول الي الاشتراكية ينفي حقيقة المميزات الوطنية لكل شعب ويجعل من الاشتراكية عقيدة جامدة وعقيمة ويخرجها من نطاق العلم الي نطاق الخرافة. واذا كانت الاشتراكية العلمية هي حصيلة التجارب الثورية للشعوب فانها تتحقق لدي كل شعب بارتباطها بجذور عميقة في مجري تجاربه الخاصة وفي مجري سماته الحضارية أيضا.
إنجاز المهام الوطنية الديمقراطية يفتح الباب لولوج مرحلة التحول الاشتراكي ويمكن تلخيص سماتها العامة في :
تحرير الإنسان من الاستغلال .
الغاء الامتيازات الطبقية بما ينهي اغتراب الانسان من مراكز النفوذ.
مكافأة الانسان حسب عمله.
تملك الشعب لوسائل الانتاج ونشر عائد الثروة في كل المجتمع.
سلطة سياسية ديمقراطية تعددية لتحالف واسع من الأحزاب والتنظيمات السياسية للطبقة العاملة والمزارعين والمثقفين الثوريين والرأسماليين الوطنيين وتؤسس تلك السلطة من خلال التجارب وزمالة النضال السياسي والاقتصادي والفكري ولا تفرض فرضا.
دعم الديمقراطية النيابية التعددية بالديمقراطية المباشرة.
توفير الشروط اللازمة كيما تصبح المرأة عضوا فاعلا في المجتمع بكفالة الحقوق المتساوية بينها والرجل.
التحرر من الاضطهاد القومي والاستعلاء العرقي والثقافي .
النضال الأممي.
النضال من أجل حماية السلام العالمي ونبذ الحروب والحد من التسلح.
?{? تجديد المشروع الاشتراكي
الدراسة الباطنية لبنية الرأسمالية المعاصرة التي تجاوزت مرحلة المنافسة الحرة خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر وكذلك للآليات والبرامج التي استحدثتها لتطويق أزماتها وللمتغيرات في التركيب العضوي والتقني للطبقة العاملة والفئات الوسطي العاملة بأجر.
التقويم الموضوعي الناقد للعوامل والأسباب الباطنية – موضوعية وذاتية –لانهيار النمط السوفيتي للاشتراكية ولفشل تجارب نمط الحزب الواحد ورأسمالية الدولة والاصلاحات الاجتماعية ( مصر عبد الناصر وتنزانيا نيريري ) ولما استجد في البرامج والمنطلقات الفكرية للنماذج الاشتراكية الماثلة : الصين فيتنام كوريا الديمقراطية كوريا ولما هو جديد في فكر المدارس الاشتراكية في افريقيا والمنطقة العربية وفي امريكا اللاتينية وآسيا وغرب أوربا ولما استجد في روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة وبلدان شرق أوربا .
استيعاب ما استجد واستحدث من مقولات ومفاهيم في العلوم الطبيعية والاجتماعية للوقوف علي مدي أثرها في تطوير أو تجاوز استنتاجات الماركسية باعتبار الماركسية نظرية عامة للواقع والكون وليست منظومة فلسفية مغلقة ومنكفية ذاتيا علي طراز أرسطو وهيجل .
تقويم ناقد لما ورد في برنامج حزبنا ووثائقة الأساسية عن الاشتراكية .
قيادة الحزب الماركسي في ظل النظام الاشتراكي لا يعني وجوب نظام الحزب الواحد. الديمقراطية الاشتراكية ترتكز علي ما حققته الشعوب من حرية للفرد والجماعة في التعبير وحرية الفكر وتستكمل هذا البناء بتحرير الانسان من سيطرة رأس المال والاغتراب .
الالتزام بالدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الانسان التي نصت عليها مواثيق الأمم المتحدة واتفاقيات المنظمات الدولية الأقليمية .
الالتزام بدولة المواطنة والتعددية الحزبية والتدوال الديمقراطي للسلطة.
ويثور هنا بطبيعة الحال السؤال الذي ظل يشغل بال الرأي العام والصحفيين من أصدقاء الحزب ومن خصومه حول اسم الحزب. وليس سرا أن هذا الموضوع ظل مطروحا ضمن المناقشة العامة التي انتظمت صفوف حزبنا منذ بواكير تسعينات القرن المنصرم والآن سيكون مطروحا علي مؤتمرنا حسم هذا التداول الواسع بالتصويت الديمقراطي حيث سيسود رأي الأغلبية بلا شك .
ختاما : إشادة بالجهد المثابر الذي بذلته اللجان التي أعدت مشروع التقرير السياسي، مشروع البرنامج، مشروع النظام الداخلي ومشاريع القرارات التي سيجيزها مؤتمرنا . واشادة مستحقة للجان المناطق وفروع الحزب في داخل والخارج علي تعاملها الجاد مع مهام التحضير للمؤتمر وآمل أن يرتقي اسهام المؤتمر للمستوي الذي يلبي طوحات أعضاء الحزب والمتعاطفين معه وأن يسهم بقسط متواضع في الفكر السياسي السوداني.


ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ
مشاركات: 226
اشترك في: الأحد مايو 29, 2005 7:59 pm

مشاركة بواسطة ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ »

العدد رقم: 1150 2009-01-25

مشاهد من شرفة المؤتمر الخامس للحزب الشيوعي

: المحرر السياسي
نقد .. (الخروج عن النص)



(1)
الامام الصادق المهدي والاستاذة فاطمة احمد ابراهيم (العفو والعافية)
(2)
الاستاذ محجوب شريف وكريمته مي محجوب (ود الوز عوام)
نقد .. (الخروج عن النص)
خرج السكرتير العام للحزب الشيوعي السوداني محمد ابراهيم نقد خلال القائه خطابه عن النص لعدة مرات بقفشات اثارت ضحك الحاضرين. وقال اثناء حديثه عن تغيير اسماء المديريات لاقاليم ثم لولايات بقوله:"دا هسع زي قصة تغيير اسم الحزب الشيوعي زي ما واحد قال ليهم والله لو سميتوا الحزب الاشتراكي الإسلامي في النهاية حيقولوا ديك ياهم الشيوعيين، يعني المسألة ما تغيير اسم"، وحينما دعا لمنح تمثيل دارفور في رئاسة الجمهورية وعدم التعلل بالمؤهلات فقال:"هسع نحن ما شفنا رئيس جمهورية في مايو مؤهلاتوا كانت شنو ؟؟"، واثناء حديث نقد عن الازمة المالية العالمية قال:"ما افتكر عندكم مانع نديكم جرعة صغيرة من الماركسية ما بتسوي ليكم حاجة"، واثناء تعرضه لسفره لكوبا والتقائه الرئيس الكوبي راؤول كاسترو فذكر:"أنا طلعتا من المطار بطريقة قانونية وبتأشيرة خروج". واضاف خلال حديثه عن امكانية القيام بانقلاب عسكري لتطبيق النموذج الاشتراكي والذي اعتبره امراً ممكناً بأنه "ممكن نعمل أنقلاب، ايوا اشتغلنا في الانقلابات منو مننا ما اشتغل في الانقلابات ما الموضوع سوق"، ودعا نقد اعضاء الحزب للاطلاع على الدراسات الباطنية للنظام الرأسمالي التي اعدها الحزب وقال:"لو ما لقيتوها نمشي لي ناس الامن نقول ليهم ادونا نصورها ونرجعها ليكم"، واعتبر نفسه خلال تطرقه لحقوق النساء "اكثر فصاحة من النساء للتعبير عن قضاياهن وحقوقهن وانهن بامكانهن أن يعبرن عنها وينتزعنها".
حضور سياسي كبير
حظيت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر العام الخامس للحزب الشيوعي السوداني بحضور عدد كبير من ممثلي القوي السياسية يتقدمهم رئيس الوزراء السابق رئيس حزب الامة القومي وامام الانصار الامام الصادق المهدي ورئيس التجمع الوطني الديمقراطي رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي مرشد الختمية مولانا محمد عثمان الميرغني ومساعد رئيس الجمهورية نائب رئيس المؤتمر الوطني للشؤون السياسية والتنظيمية دكتور نافع على نافع ونائب رئيس الحركة الشعبية الفريق مالك عقار.
ولا نستطيع أن نقول أننا رصدنا كل قيادات الاحزاب ولكننا رصدنا من رؤساء الاحزاب كلاً من مبارك الفاضل رئيس حزب الامة الاصلاح والتجديد، ابراهيم الشيخ رئيس حزب المؤتمر الوطني، ومحمد على جادين (حزب البعث السوداني)، العميد (م) عصام ميرغني طه رئيس حزب التحالف الوطني السوداني بالانابة.
ومن بين القيادات الحزبية التي رصدناها نائب الامين العام دكتور عبد الرحمن الغالي (حزب الامة القومي)، احمد على ابوبكر، حسن هلال، مولانا حسن ابوسبيب، د. الباقر احمد عبد الله (الحزب الاتحادي الديمقراطي)، نائب الامين العام لقطاع الشمال ياسر عرمان، د.محمد يوسف مصطفي ونائب رئيس المجلس الوطني اتيم قرنق (الحركة الشعبية لتحرير السودان)، المهندس عابدين محيسي (التحالف الوطني السوداني)، دكتور ياسر ميرغني (حزب المؤتمر السوداني)، محمد نور الدين (حركة جيش تحرير السودان جناح مناوي)، (محمد وداعة ويحي الحسين)، مساعد رئيس التجمع للشؤون القانونية فاروق ابوعيسي وجلاء الازهري (الاتحادي الموحد).
برقيات مهنئة
تلت المنصة عدة برقيات وردت اليها مهنئة بمناسبة المؤتمر العام لاحزاب سياسية وهي (تضامن القوي الديمقراطية المتحدة "تقدم"، حزب البعث العربي الاشتراكي- القيادة القطرية، الامة الإصلاح والتجديد، حركة وجيش تحرير السودان جناح مناوي، التحالف الوطني السوداني،الاتحادي الموحد، الحزب الوطني الديمقراطي،التجمع الوطني الديمقراطي، الحركة الشعبية لتحرير السودان والمؤتمر الشعبي).
وأول برقية تليت كانت برقية "تقدم" واطولها كانت برقية التحالف الوطني السوداني الممهورة بتوقيع رئيس الحزب عبد العزيز خالد والتي وضح أنها كانت معدة قبل انطلاق الاحتقال ولم تكتب اثناءه، أما برقية المؤتمر الشعبي فدعت لتحالف عريض لاسقاط الحكومة ..!!.
أما البرقيات التي وردت من الهيئات فرصدنا منها برقيات (اللجنة القومية للمفصولين، تحالف مزارعي الجزيرة والمناقل، التضامن النقابي، ورابطة الاطباء الاشتراكيين).
جفاء (ال المهدي)
توقع الصحفيون أن يقوم رئيس حزب الامة الاصلاح والتجديد مبارك الفاضل المهدي بعد تحيته لمساعد رئيس الجمهورية دكتور نافع على نافع أن يبادر بالسلام على رئيس حزب الامة القومي الامام الصادق المهدي، لكن الرجلين كل منهما (اعرض عن صاحبه) لم يمد مبارك يده واشاح الامام بوجهه في الاتجاه المعاكس لمبارك والذي مر امامه دون إلقاء السلام أو الكلام. المشهد الثاني تكرر حينما خصصت مراسم الجلسة مقعداً لمبارك الفاضل يفصل بينه والامام مقعد، ولم نستمع لما دار بين مبارك الفاضل ومراسم الجلسة لكنه اختار بعدها الجلوس في الصف الثالث. وفسر البعض الجفوة بين الرجلين على خلفية الاتهامات التي تجددت بينهما على خلفية الوساطة التي يقودها وفد النيل الأبيض لتوحيد الحزبين والتي اتهم فيها مبارك الامام "بالتنصل مما تم الاتفاق عليه بإصراره على عودة المنقسمين عن حزب الامة كأفراد لا ككيان".
(الميرغني) مفأجأة الجلسة الافتتاحية
لم يتوقع أي من المراقبين أن يحضر رئيس التجمع الوطني الديمقراطي رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي مرشد الختمية مولانا محمد عثمان الميرغني الجلسة الافتتاحية للمؤتمر العام الخامس للحزب الشيوعي الذي يعد من الاعضاء المؤسسين للتجمع الوطني الديمقراطي في عام 1989م. وصحيح أن الميرغني اكتفي بالحضور على سبيل المجاملة ولم يحضر الجلسة الافتتاحية. ويبقي مغزي حضور الميرغني تعبيراً عن تقدير للحلفاء، وكان رد (الزملاء) تحية احسن منها تصفيقاً وهتافاً.
هتافات بالقاعة
تخللت فعاليات الجلسة الافتتاحية العديد من الشعارات والهتافات التي اطلقها منسوبو الحزب كان اكثرها (شيوعاً) وسط الحضور (عاش كفاح الشعب السوداني، عاش كفاح الحزب الشيوعي، عاش كفاح الطبقة العاملة، جبهة عريضة شمال وجنوب لاجل الوحدة، خالد خالد عبد الخالق، امين امين يا قاسم امين).
الغائبون الحاضرون
خلال السنوات العديدة التي مرت ما بين المؤتمر الرابع للحزب الشيوعي في اكتوبر 1967م وحتي مؤتمره الخامس في 2009م غيب الموت العديد من قيادات واعضاء الحزب الشيوعي السوداني الذين كانوا حضوراً بالمؤتمر من خلال عرض صورهم بالبروجكتر وعلى رأسهم (عبد الخالف محجوب، الشفيع احمد الشيخ، جوزيف قرنق، قاسم أمين، دكتور عزالدين على عامر، بروفسير فاروق كدودة، بروفسير محمد سعيد القدال، فاروق زكريا، دكتور علي فضل، ابوبكر راسخ) ومن طلاب الحزب (محمد عبد السلام، معتصم حامد ابوالقاسم "ابوالعاص") وكلما تعرض صورة احد الاشخاص من خلال شاشتي العرض بالقاعة تدوي الهتافات بالتصفيق الشديد، لكن خلال عرض صورة ابوالعاص اطلق عدد من طلاب الحزب هتافات تطالب القصاص بالرصاص.
الدم بيحن
اتهم الشيوعيون السودانيون بخصلة (الفجور في الخصومة مع المنقسمين عنهم) لكن تلاحظ أن الجلسة الافتتاحية حضرها عدد من المنقسمين من بينهم محمد عبده كبج وتاج السر مكي واخرون لمن نرصدهم، صفق الحضور بحرارة عقب انتهاء البرقية التي ارسلها كبج للمؤتمر رغم أنني توقعت أن لا تعار أي اهتمام من واقع الاتهام الموجه للشيوعيين بخصومتهم الشديدة مع المنقسمين عنهم، ربما توصل الشيوعيون بعد تجربة تزيد عن الستين عاماً أن (التسامي والتسامح يفتح القلوب والعقول أما الفجور في الخصومة فيهدم جسور التواصل ويخلق البغضاء).
الكاتمو في جواي كتير
الشاعر المرهف محجوب شريف تواجد في الصفوف الخلفية مع الجماهير دون ضوضاء أو جلبة، وحينما دعته المنصة للتقدم لالقاء وصلة شعرية شق صفوفه وسط الحشود الضخمة وزف للمنصة بترديد عدد كبير من الحضور لقصيدته (عشا كلمينا ميري ذكرينا) وعانق القيادية بالحزب فاطمة احمد ابراهيم طويلاً. وبعد أن صعد المسرح استهل حديثه بشكر كل الجهات التي دعته طوال السنوات الماضية وسمحت له بالاطلالة عبر منافذها لالقاء الشعر، مبيناً أنه احتراماً لتلك المنابر فظل لسنوات طويلة أن يحتفظ بهتاف عزيز على نفسه في دواخله ولا يقوله وجاء الوقت ليصدح به وهتف:"عاش نضال الحزب الشيوعي عاش كفاح الحزب الشيوعي"، وحينما لمح الامام الصادق المهدي في الصفوف الامامية حياه وشكره على دعوته لالقاء الشعر بالمنتدي في بيته وقدم قصديته الاولي (عشا كلمينا ميري ذكرينا) اهداء لروحي جوزيف قرنق ودكتور جون قرنق، وطالب محجوب شريف وسط ضحك الحاضرين من ابنته مي التي تغني بكورال الحزب الشيوعي مساعدته "باعتباره يدخل ضمن بر الوالدين".
الامر حقيقة
رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر دكتور الشفيع خضر كرر في مستهل كلمته ترحيباً بحضور المؤتمر العام الخامس وكرر ربما تأكيداً:"نعم مرحباً بكم في المؤتمر العام الخامس".
النساء سيدات الموقف
حظيت كل من القيادية بالحزب فاطمة احمد ابراهيم ودكتورة خالدة زاهر بعاصفة كبيرة من التصفيق وهتف الحاضرون للثانية (خالدة زاهر زمنك زاهر) واجهشت السيدتان ببكاء حار. لكن يبقي الهتاف والاستقبال الحاشد لعضوة اللجنة المركزية سعاد ابراهيم احمد التي حضرت اثناء القاء سكرتير الحزب محمد ابراهيم نقد لخطابه الاكثر عاطفية والاشد نظراً لظروفها الصحية حيث لم يتوقع أحد أن تحضر، لكنها فأجأت الجميع وأثبتت أنها لا تزال "هي نفسها العنيدة والصلبة التي واجهت اصعب الموقف بشجاعة كاملة".
أين ذهب ضباط 19 يوليو 1971م ؟؟
تلاحظ أن خطاب اللجنة التحضيرية والسكرتير العام للحزب الشيوعي لم يورد أياً من اسماء ضباط حركة 19 يوليو 1971م الذين تم اعدامهم، باستثناء المرحوم هاشم العطا والمقدم بابكر النور سوارالذهب اللذين عرضت لهما صورتان بالبورجيكتر، فتم اغفال صورة بقية اولئك الضباط.


العدد رقم: 1150 2009-01-25

قولوا حسناً
يوم مع الحزب الشيوعي السوداني

محجوب عروة
كُتب في: 2009-01-25




بدعوة كريمة من الحزب الشيوعي السوداني حضرنا أمس مؤتمره الخامس في قاعة الصداقة.. كان نهاراً حافلاً استمتعنا فيه بعمل ثقافي وأدبي ووثائقى جيِّد، واستمعنا لخطاب السكرتير العام للحزب الأستاذ نقد.
وكان لافتاً للأنظار حضور د. نافع علي نافع ممثل المؤتمر الوطني الحاكم وزعامات الأحزاب الأخرى وكثير من زعاماتها قياداتها.. وكان الحضور كبيراً من مختلف قطاعات الشعب السوداني والمجتمع المدني والقيادات الصحفية، إضافة إلى ممثلي قواعد الحزب الشيوعي والقيادات التاريخية من الجنسين.
قلت لمحدثي من الضيوف إن هذا السودان مختلف عن غيره، فكون أن الغريم والعدو الأساسي للحزب الشيوعي ممثلاً في الحركة الإسلامية وحزبها المؤتمر الوطني الحاكم يسمح بقيام المؤتمر بل يحضره، فهذا يؤكّد تفرّد السودانيين بخصائص غير معهودة في العالم العربي والإسلامي والأفريقي بل العالم الثالث أجمع، حتى الأجنحة الفلسطينية المتخاصمة التي تواجه عدواً واحداً شرساً وفي أحلك ظروفهم تجدهم لا يقبلون ببعضهم .
لا شك أن هذا السودان بلد متفرد ولا شك أن مثل هذا التصرّف من كل القوى السياسية شيء جميل خاصة طرفي النزاع (الشيوعيون والاخوان المسلمون) وليت السلطات سمحت بصدور صحيفة (الميدان) في هذا اليوم حتى تثبت جديتها في التحول الديمقراطي، فلا شك ان وكالات الانباء والقنوات الفضائية ستبث هذا المؤتمر، فيشعر المشاهدون كيف ان السودان سائر في طريق التحول الديمقراطي المنشود.
كان خطاب الاستاذ نقد شاملاً وقد أتفقُ مع كثير مما قاله، ولكن أختلف مع بعضه، وقد كتبت ذلك أمس ولا أريد التكرار، لكن لاحظ المراقبون أن هناك قواسم مشتركة في خطابه تتفق مع ما يطرحه المؤتمر الوطني وباقي القوى السياسية خاصة في جانب موقفه من الولايات المتحدة وانحيازه للحرية ورفض فكرة الحزب الواحد ورأسمالية الدولة، لكن لاحظت أنهم ما زالوا متمسكين باسم الحزب الشيوعي الذي حاول الأستاذ نقد أن يفنّد رؤية من قالوا بضرورة تغييره فما زال يتمسك بالاسم التقليدي القديم ولم يتطوّر بعد إلى آفاق أخرى، كما فعل غريمه الحركة الإسلامية التي اختارت اسماء جديدة لتستوعب المتغيرات و قوى جديدة لم تكن يوماً منظمة معها فكانت أكثر ذكاءً من الحزب الشيوعي.. اسماء مثل المؤتمر الوطني والشعبي استطاعت أن تجذب إليها عناصر وشخصيات جديدة رغم أن الجميع مقتنع تماماً بأن التيار الأصل هم الإسلاميون..
ونصيحتي للمؤتمرين أن يفكروا قليلاً وينظروا للمستقبل فاسماء مثل الجبهة الديمقراطية الوطنية أو الحزب الاشتراكي الديمقراطي تتسق تماماً مع حديث الأستاذ نقد بأن الاتحاد السوفياتي كان يمكن أن يتطوّر إلى تعددية سياسية فما يمنع الحزب الشيوعي السوداني أن يطوِّر نفسه ويعيد بناء نفسه ويغيِّر اسمه ليستوعب عناصر ديمقراطية اشتراكية جديدة؟ ما زال السؤال قائماً..
مهما يكن فقد استمتعنا بشعراء الحزب وشبابه الأدباء والفنانين وذلك التسجيل الوثائقى الذي تم بإخراج رفيع عن تاريخ الحزب، وإن كنت أعيب عليه تركيزه على الشخصيات أكثر من المواقف الفكرية والنضالية.. فحزب عقائدي كالشيوعي يتعيَّن عليه أن يركِّز على الانجاز أكثر من الشخصنة فذلك أقرب الى الطائفية الحزبية.
أما شعار الحزب الذي ركَّز فيه على (ديمقراطية راسخة وتنمية متوازنة ووطن واحد وسلم وطيد) فهذه شعارات ممتازة تصلح لأن تكون هي القواسم المشتركة مع كافة القوى السياسية الأخرى فمن منا لا يريد انجاز وتكريس هذه القواعد الأربع فإذا حدث ذلك فمن المؤكد سننعم بسودان جديد ومتجدد يسع الجميع.. فكفى صراعات الماضي.. كفى..

مناظير
لماذا حزب ولماذا شيوعي؟!

زهير السراج
كُتب في: 2009-01-24

[email protected]


على خلفية انعقاد المؤتمر الخامس للحزب الشيوعي السوداني، لابد ان انتهز الفرصة لأحيي نضال وصمود الاستاذ (محمد ابراهيم نقد) كمفكر فريد، وقائد حزبي، أسهم في بقاء الحزب الشيوعي السوداني حياً ومتماسكاً برغم التجارب العصيبة التي تعرض لها، سواء المتمثلة في حملات القمع خلال الأنظمة الشمولية، أو الصراعات والانقسامات المتكررة داخل الحزب التي واجهها الاستاذ نقد منذ توليه مسؤوليات الأمانة العامة في عام 1971م في ظروف عصيبة جداً فقد فيها الحزب معظم كوادره القيادية والفكرية، بعد فشل انقلاب يوليو 1971 بقيادة المرحوم هاشم العطا، بالإضافة الى فشل التجربة السوفيتية التي ألقت بظلالها القاتمة والسالبة على الأحزاب الشيوعية في معظم أنحاء العالم، مما حدا بمعظمها الى حل أجهزتها أو التخلي عن الفكر الشيوعي، خاصة في المنطقتين العربية والإسلامية، ولم يتبق إلا أحزاب بسيطة وصغيرة تحمل الاسم الشيوعي، وتنتهج الفكر الشيوعي، من بينها الحزب الشيوعي السوداني الذي بقى حياً ومتماسكاً بفضل الفهم الصحيح للفكر الشيوعي والإصرار على التمسك به وتطويره، وبرغم كل التحديات التي واجهته، ولا شك ان الكثير من الفضل في ذلك يعود الى الاستاذ (نقد)، ومجموعة من جهابزة الحزب وعضويته.
* تحيتي للأستاذ (نقد) ذات ثلاثة أبعاد .. الأول فكري، والثاني سياسي، والثالث انساني.
* من المنطق الفكري، فإن الاستاذ (نقد) يستحق التحية والإعجاب الشديد والتقدير، بل أكثر من ذلك، فقد كان من أوائل المفكرين الشيوعيين، على مستوى العالم، وليس السودان فقط، الذي استطاع ان يفهم ويفند (الجمود) الذي حاصر أطروحات (ماركس وانجلز) عن الاشتراكية، وكرّس تصوراً خاطئاً جعل من الاشتراكية نظرية علمية شاملة ومكتملة، ووضع التجربة السوفيتية في مركز هذه النظرية، والنور الذي يضئ الدروب للتجارب الأخرى .. وعندما سقطت هذه التجربة، أصابت الكثيرين باليأس!
* كتب (نقد) عن هذا الجمود والمفاهيم الخاطئة، التي رسختها التجربة السيتالينية، وأطروحات ستالين العقيمة، الكثير من الأوراق والمقالات التي ساهمت بشكل كبير في التحرر من الإرث الستاليني، والأفكار الجامدة، ولعبت دوراً لا يستهان به في تثبيت الفهم الصحيح للنظرية الاشتراكية، وأطروحات (ماركس ولينين). ومن أكثر هذه الكتابات عمقاً ومحاصرة للجمود والأفكار العقيمة، ومحاربتها، ونشر الوعي، الورقة التي كتبها تحت عنوان (كيف حاصر الجمود أطروحات ماركس وانجلز عن الاشتراكية)، ونشرتها مجلة قضايا سودانية (العدد 24 أكتوبر 2000)!
* لو لم يكتب (نقد) سوى هذه الورقة في حياته، لوضعته في مقدمة المفكرين الذين أسهموا في تحرير الاشتراكية من التجربة السوفيتية، والرد على مزاعم سقوطها كنظرية بسقوط التجربة السوفيتية!
* وبقراءتنا لهذه الورقة، نستطيع ان نفهم الى أية درجة ساهمت أفكار (نقد) المتحررة في بقاء الحزب الشيوعي ككيان فكري وسياسي، بل وجماهيري، واحتفاظه باسمه، ليس فقط بعد سقوط التجربة السوفيتية، بل منذ الصراع الذي نشب بين مجموعة (عبد الخالق) ومجموعة (أحمد سليمان) في بداية السبعينيات من القرن الماضي، حول بقاء أو حل الحزب، بعد انقلاب مايو 1969.. وقد انتهى الصراع لصالح بقاء الحزب، ولا يزال موجوداً حتى الآن، بفضل الأفكار النيرة لمجموعة من عضوية الحزب، على رأسهم الأستاذ (نقد)!
* غداً بإذن الله يتصل الحديث .. انتظروني
مناظير
لماذا صمد الحزب الشيوعي السوداني

زهير السراج
كُتب في: 2009-01-25

[email protected]


اختتمت حديثي بالأمس بالقول ان الفهم العميق والمتحرر للاستاذ (محمد ابراهيم نقد) للفكر الماركسي والاشتراكية، قد أسهم بشكل كبير في بقاء الحزب الشيوعي السوداني ككيان فكري وسياسي، بل وجماهيري، في الساحة الفكرية والسياسية، بعد انهيار التجربة السوفيتية في الوقت الذي تهاوت فيه الكثير من الأحزاب الاشتراكية والشيوعية في العالم.
* وفي مجتمع متدين مثل السودان يرفض الفكر الإلحادي الذي راج عن الماركسية، بالاضافة الى الظروف الصعبة التي مر بها الحزب، وتجاربه المريرة مع الأنظمة الشمولية، والصراعات الداخلية، كان الحزب الشيوعي السوداني، أول الأحزاب الشيوعية المرشحة في المنطقة العربية والإسلامية للسقوط والإنهيار والموت بعد سقوط التجربة السوفيتية، ولكن استطاع الاستاذ (نقد) الذي تولى مسؤولية قيادة الحزب عام 1971، في ظروف عصيبة جداً، فقد فيها الحزب معظم كوادره القيادية و الوسيطة، استطاع بفهمه العميق والصحيح للاشتراكية والماركسية، وللتجربة السوفيتية باعتبارها إحدى التجارب الإشتراكية التي تستحق الاحترام والدراسة والنقد، وليست النموذج الذي تتمحور حوله النظرية الاشتراكية، أو مركز الإشعاع الذي يضئ الدروب للتجارب التالية – كما كرر (نقد) في كتاباته وأقواله أكثر من مرة، ان يحمي الحزب الشيوعي السوداني من الانهيار ويبقيه شعلة ماركسية مضيئة ومتجددة في الساحة التي انطفأت فيها شموع كثيرة، ولم يبق منها حتى الرماد!
* وقد ثابر (نقد) في تقديم الأفكار الوضيئة، ووقف سداً منيعاً، بفكره وحصافته، وسعه أفقه وصدره، وليس بالتعصب والغلظة والاستئثار بالرأي، أمام الأفكار الثائرة التي أرادت ان تطيح بماركسية الحزب، وتحوله إلى تنظيم سياسي خاوي الفكر والمنهج، ولو نجحت تلك الأفكار الثائرة في مسعاها، لما بقي الحزب الشيوعي قائماً وصامداً حتى هذه اللحظة، مهما كانت المناهج والمسميات التي كان سيرتكز عليها، والدليل على ذلك.. ان معظم الأحزاب الاشتراكية في العالم التي تجردت من الماركسية زالت من الوجود!
* بل حتى الأحزاب غير الاشتراكية في السودان، التي لديها ثقل جماهيري كبير، وقيادات ذات وزن ديني وطائفي لا يستهان به، كادت تتلاشى بسبب الظروف التي مرت بها البلاد، ولولا وجود هذه القيادات على رأسها (وليس العكس كما يعتقد البعض)، لانهارت وماتت، لعدم وجود المنهج الفكري الواضح، بينما ظل الحزب الشيوعي السوداني صامداً، بل انه يعقد الآن مؤتمره الخامس، بفضل المنهج الذي يقوم عليه، والفهم الصحيح لهذا المنهج، وعمليات التحرير المستمرة له من الشوائب والعوائق والجمود، بما يتناسب مع ظروف الحزب، والبيئة التي ينمو فيها .. وكان للأستاذ (نقد) دوراً كبيراً في ذلك.. بل فعل ذلك حتى وهو في سنوات (الاختفاء) الذي قيد حركته بشكل كبير، ومنعه من (التواصل) مع معظم قيادات وكوادر الحزب، وهو ما يدل على عبقرية (نقد) ومثابرته وصموده!
* وعلى ذكر (الاختفاء).. فهو محطة سياسية (مضيئة) في تاريخ (نقد) السياسي أتناولها بالحديث غداً بإذن الله!
انتظروني!!



السودانى



ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ
مشاركات: 226
اشترك في: الأحد مايو 29, 2005 7:59 pm

مشاركة بواسطة ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ »

الأربعاء 21 يناير 2009م، 25 محرم 1430هـ العدد 5595

مشاهد من وقائع المؤتمر الخامس للحزب الشيوعي


سجلها: خالد البلوله إزيرق

حضور وقلة كلام
وسط مشاركة واسعة من القوى السياسية السودانية بمختلف اطيافها، وحضور دبلوماسي قليل، وفي أجواء شاعرية غلبت عليها الاشعار الحماسية واشواق الماضي، افتتح الحزب الشيوعي السودانى مؤتمره الخامس تحت شعار «ديمقراطية راسخة- تنمية متوازنة- وطن واحد- سلم وطيد» بكلمتين فقط للسكرتير العام محمد ابراهيم نقد، والشفيع خضر رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر.
مؤتمر للتطوير والتغيير
الشفيع خضر بدأ اكثر ثباتاً في خطواته وهو يتقدم نحو المنصة الرئيسية لإلقاء كلمته التى كانت أول فقرة في حفل الإفتتاح، رصدتها أعين الإعلاميين التى كانت تدون كل شيء، لفعالية حزب برع أيما براعة في العمل السري وإخفاء أنشطته، الشفيع تقدم للمنصبة وسط همسات بأنه ربما يكون السكرتير العام القادم، لذا تابع الصحافيون كلمته بتدبر لإستكشاف ما وراءها، ولكن يبدو أن من كان بالقاعة من غير الإعلاميين مهتم بمناسبة إنعقاد المؤتمر وتلاقح الأجيال وإجتماعها لأول مرة تحت اضواء قاعة الصداقه أكثر من غيرها، وهو ما ذهب إليه الشفيع في كلمته بقوله «إنها كلمة إنتظرناها طويلاً ولكننا كنا واثقين أنها ستأتى» واضاف أن الحزب خلال العقود الأربعه الماضية بعد مؤتمره الرابع إكتسب منعة وتضاعفت قدراته أمام التحديات، ونحتاج لمزيد من المجهود والإرادة للتطوير، وتغيير الواقع المرير، وقال «إن المؤتمر منبر لحوار جاد ومسؤول ومنبر للنقد البناء، وأننا نسعى من خلاله لصياغة رؤانا وتصوراتنا وفقاً لما يجري من حولنا، وقال «إنه لا مكان للركون لإفرازات الماضي وحدها» وكان لافتاً تأكيد الشفيع وهو ملوحاً بيده قائلاً «مرحباً بكم في المؤتمر الخامس» أى أنه ليس هناك مؤتمر غيره كما أشيع. ثم حيى الشفيع شهداء الحزب عبد الخالق محجوب والشفيع احمد الشيخ وجوزيف قرنق ومحمد سعيد القدال وفاروق كدوده وفاروق زكريا.
العمائم تسيطر على الثياب الحمراء
بدا واضحاً لكل الناظرين بالقاعة سيطرت العمائم الرجاليه البيضاء على القاعة، مع
إنحسار كبير لوجود الألوان الحمراء عدا «موكيت القاعة وجزء من زي كورال الحزب» وقليل
من الفتيات اللائي تناثرن على جنبات القاعه وقوفاً. كما عكس مشهد الحاضرين قلة الحضور
النسائي بشكل واضح رغم أن الحزب الشيوعي يعد الرائد في الإهتمام بحقوق المرأة ولكن يبدو أن سنى السريه قد أتت خصماً عليها، فرغم الحضور النسائي داخل القاعة إلا أن الطغيان الرجالى ظل سيد الموقف وكان حضورهن قليلاً مقارنه بالرجال
تصفيق داوٍ
لمولانا
حظى دخول مولانا محمد عثمان الميرغنى بتصفيق داوٍ من كل الحاضرين بالقاعة على غير كل الوافدين الى القاعة بمن فيهم السيد الصادق المهدى، المتابعون علقوا على طريقة إستقبال الميرغني بأنها تمت بذكريات التجمع الوطنى الديمقراطى لدى الحاضرين، فيما أشار آخرون الى أنها تبدو في طريقها لتحقيق مقولة «الشيوعيون أقرب للإتحاديين من الأنصار لخلفيتهم الختمية».
نقـد، هــدوء
ونــــقـــد ذاتـــــــى
بدأ سكرتير عام الحزب الشيوعي محمد ابراهيم نقد، أكثر هدوءا وإسترخاء وهو يلقي كلمته، التى حرص من خلالها على توجيه نقد ذاتى للجنة المركزية للحزب الشيوعي في تأخير مؤتمر الحزب بقوله «كان بإمكان اللجنة تقليص عدد الأعضاء وعقد المؤتمر العام كواحد من الخيارات، ولكن التأخير جاء لسلامة كوادر الحزب وبنائه، لأن لوائح الحزب تقر عقد المؤتمر العام كل سنتين والآن مضت أربعون عاماً على المؤتمر الرابع، وهذا تقصير جسيم نتحمل مسؤوليته في اللجنة التنفيذية، وقال إن المؤتمر يأتى لإستنهاض الفكر والتنظيم ونقد الاداء، والمؤتمرات الحزبية لممارسة الديمقراطية وليست مهرجان وكرنفال وإنما ميدان للمحاسبة والتقويم والنقد والنقد الذاتى. ولم ينسَ نقد في خطابه الذي حوي كثيراً من الموجهات حول المؤتمر الخامس أن يجزي التحية في بداية حديثه لملاك المخابئ بقوله «التحية للأسر التى فتحت لنا قلوبها قبل دورها، فآوتنا طيلة سنى الدكتاتوريات، والتحية للصحافيين الذين استلت اقلامهم دفاعا عن شرف الكلمة»، ثم استعرض نقد القضايا الكبرى التى ستشغل مؤتمر الحزب الشيوعي الخامس وقال هى ذات قضايا المؤتمر الرابع كما قال «بقاء الوطن موحد وديمقراطياً في ظروف سيخوض فيها الشعب في الجنوب معارك الإستفتاء، فواجبنا كحزب أن نتحمل أكثر من غيره تجميع أكبر جبهة لوحدة في الشمال والجنوب للمحافظة على وحدة البلاد وتطورها الديمقراطي، وكذلك تحدى تصدي الشعب لمهامه المصيرية لوقف نزيف الدم بدارفور والإستجابة لمطالبهم العادلة بعودة اللاجئين لقراهم الاصلية وإبعاد الذين تم استجلابهم من مناطق أخرى، وقال لابد من شكل وطنى للعدالة في دارفور، وهى العدالة الإنتقائية بإتفاق وتواضع للوصول لتفاهم لحل المشاكل سلمياً، بطلب العفو للجانى من المجنى عليه، وقال هذه لا تحتاج لعبقرية، ثم تحدث عن تحدى الازمة الإقتصادية العالمية وإنعكساتها على البلاد، داعياً لدراسة التجارب الجديده للإصلاح السياسي والإقتصادي في العالم، وتداعيات إنهيار الإتحاد السوفيتي وطريقة تحقيق اصطفاف وطنى مع القوى السياسية وقال «يسقط نظام الحزب الواحد أياً كان» ودعا لعدم الإستعلاء العرقي والثقافي، وقال يجب كذلك أن لانسمح لبلادنا أن تقوم فيها قواعد عسكرية لا للصين ولا لأمريكا، ثم أشار الى مهمة تجديد المشروع الإشتراكى وقال يجب عمل دراسة باطنيه للرأسماليه في شكلها الحالي، وكذلك مسألة الإلتزام بدولة المواطنه والتعددية الحزبية والتداول الديمقراطي للسلطة، وختم القضايا الثمانيه المطروحه على طاولة المؤتمر الخامس بقوله «ان تغيير اسم الحزب الشيوعي ظل مطروحاً منذ فترة وسيكون مطروحاً وسيحسم بالتصويت الديمقراطي».
التمويل من أموال الشعب
لم يبرح الشفيع خضر المنصة وهو يلقي كلمته، إلا أن يشير لمصدر تمويل المؤتمر العام، فلم يكتفِ بما ورد في المؤتمر الصحفي للحزب الشيوعي يوم الأربعاء الماضي، إلا بقوله «إن الممول الدائم لحزبنا هو الشعب السودانى العظيم، «لتدوى القاعة بالتصفيق وهتاف «عاش كفاح الشعب السودانى» عاش نضال الحزب الشيوعي» وقال تدفقت علينا التبرعات من كل أفراد الشعب السودانى العظيم، ثم أرسل شكره لقاعة الصداقة التى قامت بتخفيضات كبيرة من تكلفة إستضافة المؤتمر.
أضبط..همسه
أثناء تقديم محمد ابراهيم نقد لكلمته وعندما دلف للحديث عن المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق وأنها ليست في لبس «البناطلين» همس دكتور نافع على نافع نائب رئيس المؤتمر الوطنى في أذن الصادق المهدى، مما دفع كثيرين تخمين تعليق ما دار بين الرجلين.

محجوب وحميد
حرص الشاعران الكبيران محجوب شريف ومحمد الحسن سالم حميد على الحضور باكراً للمشاركة في جلسات المؤتمر، وقد وجدا استقبالا كبيراً قبل أن يلهبا حماس الحاضرين، وقدم محجوب شريف ثلاثه قصائد رددها معه الحاضرون قبل أن يقول «دعيت لأطل في
منابر كثيره أحترمها واحترم أهلها السودانيين، ولكنى اليوم فخور بأن أطل من
هنا واقول بأنى شيوعي» وشاركته ابنته مى محجوب شريف إلقاءاً مشتركاً
لقصائده، كما قدم محمد الحسن سالم حميد قصيدتين تجاوب معها الجمهور
بتصفيق داوٍ. وكان قد سبقهما كورال الحزب الشيوعي الذي قدم وصلاً
غنائياً تجاوب مع الحاضرين.

مبارك بدون سلام
كعادته أطل السيد مبارك الفاضل المهدى وهو في كامل أناقته ليشارك في الجلسة الإفتتاحية للمؤتمر الخامس للحزب الشيوعي، وبدأ مبارك عند دخوله القاعة في مصافحة جميع الجالسين على المقاعد الأماميه، متخطياً السيد الصادق المهدى رئيس حزب الأمه دون أن يلقي عليه التحية، محدثاً كثيراً من الهمسات والتعليقات وسط الصحفيين الذين كانوا يتابعون بإهتمام حركة مباركة الفاضل داخل القاعة.

مشاهد العناق والبكاء تتكرر
مشاهد العناق الطويل بين الشيوعيين ظلت ترتسم بكل جنبات القاعه التى إمتلأت وتابع كثيرون الافتتاح وهم وقوف على الارجل، ولكن حميمية اللقاء بين من افترقوا طويلا عكست قسوة السنين التى قضاها الحزب الشيوعي في العمل السري بعد أن تفرقت خطاهم ووئدت جلسات أنسهم وليالي سمرهم، حيث ظل مشهد البكاء عند تلاقي كل إثنين داخل القاعة يتكرر بين الفينة والأخرى، فيما علت العاطفة بينهم وإنهمرت الدموع من أعين كثيرين. كما بدأ واضحاً تركيز الحزب على تقديم الدعوة لقدامى تركوا الحزب أو انقسموا منه مثل آمال عباس وعبد الله على ابراهيم وياسر عرمان، وكانت هناك قفشات بين أولئك على طريقة «الضرس بتاور»
«أنثى ولا دستة رجال»
من المناظر التى لم تخطئها عين المتابعين للجلسة الإفتتاحية للمؤتمر حالة الشيخوخة التى بدأت تدب وسط قياداته واعضائه، فالمتفحص لوجوه قادته والمشاركين في مؤتمره يجد أن شيخوخة الحزب بدأت أكثر وضوحاً عندما تلقي النظر في وجوههم، فالمنصبة الرئيسيه جلست عليها سعاد ابراهيم احمد التى جاءت محموله على الكرسي وسط هتاف من شباب الحزب، وكذلك فاطمة أحمد ابراهيم، مع إنحسار واضح لدور الشباب في قيادة الحزب، وبدا الشفيع خضر كأنه اصغر المشاركين.
وكان المؤتمرون يهتفون لفاطمة وسعاد «أنثى ولا دستة رجال»
مشاركة سياسية كبيرة
حرصت القوى السياسية بمختلف اطيافها على مشاركة الحزب الشيوعي افتتاح مؤتمره العام الخامس، حيث كان السيد محمد عثمان الميرغني على رأس وفد الحزب الإتحادى الديمقراطى، ولم يمكث طويلاً رغم الاستقبال الحار الذي قوبل به، وغادر القاعة بعد دقائق من قدومه، والسيد الصادق المهدى الذي قاد وفد حزب الأمه، والدكتور نافع على نافع نائب رئيس المؤتمر الوطنى اللذين إختارا الجلوس سوياً وتجاذبا كثيراً من الأحاديث والقفشات، والسيد مالك عقار نائب رئيس الحركة الشعبية قائد وفدها المشارك، وكان كل ممثلي الأحزاب السياسيه حضوراً مشاركاً. وعلى غير التقليد المتعارف عليه لم يتح الحزب الشيوعي للممثلي القوى السياسيه تقديم كلمات في مؤتمره، فقد اكتفى الحزب بكلمتى الشفيع خضر وابراهيم نقد، وقضي بقية برنامجه في انشاد الشعر والكورال.
تصفيق وهتاف
طغى على الجلسة الإفتتاحية للمؤتمر الخامس للحزب الشيوعي التصفيق الدواى الذي ظل يتخلل كل فقرة أو عند دخول أى من قيادات الحزب ورموزه، ولكن إستعراض سيرة شهداء الحزب من خلال العرض الذي قدم عبر «بروجكتر» او ممن ذكرهم الشفيع خضر في كلمته، نالوا القسط الاكبر من ذلك الإحتفاء الذي صار أدباً من أدبيات الحزب الشيوعي، فقد تم استعراض مسيرة شهداء الحزب منذ القرشي احمد مفجر ثورة إكتوبر إنتهاءاً بآخر شهداء الحركة الطلابية محمد عبد السلام بجامعة الخرطوم، وظل هتاف «خالد خالد يا عبد الخالق» يتكرر كلما ذكر اسم عبد الخالق محجوب أو عرضت صورته على البروجكتر.

الأحد 25 يناير 2009م، 29 محرم 1430هـ العدد 5595

الشيوعي يطالب بنموذج جنوب أفريقيا للخروج من أزمة لاهاي
نقد:مهمة توحيد البلاد ليست مسؤولية الحركة الشعبية وحدها

الخرطوم: علوية مختار

دفع الحزب الشيوعي بما أسماها «خارطة طريق عقلانية» للخروج من أزمة الجنائية الدولية ، يأتي في مقدمتها تنفيذ برنامج العدالة الانتقالية الذي طبق في جنوب افريقيا، ودعا الى عقد مؤتمر قومي لمناقشة مقترح الحزب في اعادة تقسيم البلاد لمديريات كما كان في السابق ، وطالب بتجديد الاشتراكية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي .
ومن ابرز الذين حضروا الجلسة الافتتاحية زعيم حزب الامة الصادق المهدي ، مساعد رئيس الجمهورية نافع على نافع ،وحياها رئيس الحزب الاتحادي محمد عثمان الميرغني .
ودشن الحزب الشيوعي أمس مؤتمره العام الخامس بعد اربعين عاماً ، وسط حضور جماهيري وسياسي ودبلوماسي، اعترفت خلاله اللجنة المركزية بالتقصير في الالتزام باللائحة التي تدعو لاقامة المؤتمر مرة كل عامين، واكدت تمسك الحزب الشيوعي باسمه .
ورهن سكرتير الحزب الشيوعي، محمد ابراهيم نقد، ايقاف الحرب في دارفور بإرجاع النازحين واللاجئين لمناطقهم. وقال لدى مخاطبته الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الخامس بقاعة الصداقة «اذا لم تتم اعادة نازحي ولاجئي دارفور لقراهم الأصلية واستبعاد من استجلبوا من الدول المجاورة، أو جاءوا متسللين وتم استيطانهم فلن يقف نزيف الدم وستتجدد الحرب»، واعتبر «غزة خير مثال» لذلك.
وساق نقد ما يتجاوز الـ «15» قضية ينتظر ان ينظر فيها المؤتمر العام ،ابرزها قضايا وحدة البلاد ودارفور والتعددية الحزبية والتحرر من الاضطهاد القومي وحماية السلام وتجديد الاشتراكية، وشدد على ضرورة ايجاد شكل وطني ملائم للعدالة في اقليم دارفور، وحصره في تطبيق العدالة الانتقالية التي اشار لتطبيقها في اربعين دولة على رأسها جنوب افريقيا والمغرب ،وقال «لابد من الوصول لاتفاق وتواضع وتفاهم للوصول لحل المشاكل بصورة سلمية، وذلك بتطبيق نموذج جنوب افريقيا في العدالة الانتقالية بعرض الاعترافات عن ارتكاب الخطأ للرأي العام في وسائل الاعلام المرئية والمسموعة» واضاف «احياناً الاعتراف بالخطأ اصعب من العقوبة» .
وأكد نقد ان مهمة توحيد البلاد ليست مهمة الحركة الشعبية وحدها، وقال «ان واجبنا كحزب له تجارب مرة في المجال السياسي ،ان يتحمل أكثر من غيره مسؤولية تجميع أكبر جبهة ديمقراطية في الشمال والجنوب للمحافظة على الوحدة والتطور التنموي المتوازن، خاصة في الجنوب».
وطالب بعدم السماح ببناء قواعد عسكرية أمنية بالبلاد وأوضح «لابد من حماية السلام العالمي وعدم السماح بقواعد عسكرية في بلادنا لا من الصين ولا امريكا»، وشدد على وقوفه ضد امريكا بشكلها الاستعماري وجدد الالتزام بدولة المواطنة والتعددية الحزبية والتداول السلمي للسلطة، وطالب بسلطة سياسية ديمقراطية تعددية بتحالف واسع من الاحزاب والمنظمات والطبقة العاملة والمزارعين والمثقفين، مؤسسة على تجارب، وطالب بسقوط الحزب الواحد.
وقال «ان المهام الوطنية الديمقراطية تفتح الباب للاشتراكية واردف «ولكن دائماً ما نُربط بالانقلابات ولكن لن نقوم بانقلابات ،رغم اننا مثل الكل كنا جزءًا من انقلابات سابقاً وممكن نعملها».
وأكد حسم اسم الحزب بالتصويت الديمقراطي وتحفظ عن كشف نتائج التصويت في الوقت الحالي، بينما قالت مصادر لـ «الصحافة» ان هناك شبه اجماع في اللجان الخمس على ابقاء الحزب على اسمه القديم والمعروف به.
إلى ذلك رحب حزب الامه الاتحادي الديمقراطي والمؤتمر الوطني بانعقاد المؤتمر الخامس للحزب الشيوعي داعين الاحزاب لمعالجة قضاياها بجدية لمواجهه الظروف التي تمر بها البلاد
واعتبر رئيس الحزب الاتحادي محمد عثمان الميرغني ،انعقاد المؤتمر للحزب الشيوعي خطوة مهمة لبناء الديمقراطية ، وقال في حديث للتلفزيون "نسعي لدرء المخاطر لان الامر يتطلب التفاكر والتشاور"، واضاف"نحن في نشاط متصل للخروج بالبلد من المخاطر"
وحذر الميرغني من التعامل مع مصالح البلاد العليا بمنظور حزبي ضيق،ودعا الى التوافق على الحد الادنى من السياسات.
من جهته اكد رئيس حزب الامة الصادق المهدي ان البلاد تواجه تحديات خطيرة داخلية وخارجية ،داعياً الاحزاب الى معالجة قضاياها بجدية واحاطة .
من جانبه رحب مساعد رئيس الجمهورية دكتور نافع علي نافع بانعقاد المؤتمر ،واعتبر ان قيام مؤتمر الشيوعي بعد 40 عاما ، يبشر الساحة السياسية بعمل جاد ونقلة نوعية نرحب بها ، واكد نافع دعمه حزبه لقيام مؤتمرات كل الاحزاب ، وقال (نظل نتعاون وندعم كل عمل في العمل السياسي من اجل الوطن)

الصحافة
ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ
مشاركات: 226
اشترك في: الأحد مايو 29, 2005 7:59 pm

مشاركة بواسطة ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ »

[color=cyan]الشيوعيون : حضور علني لافت .. ومتغيرات في الأفق
الكاتب/ مشاهدات: يوسف سراج الدين
Sunday, 25 January 2009
أكثر الشيوعيين تفاءلاً لم يكن ليتصور انعقاد "المؤتمر العام الخامس للحزب " بتلك الصورة النادرة واللافتة التي شهدتها افتتاحية أعماله بقاعة الصداقة بالخرطوم أمس ،

غير أن الحزب يعقد مؤتمره بعد (40 ) عاماً منذ آخر فعالياته العامة بقيادة زعيمه الراحل عبدالخالق محجوب ، فثمة منعطفات كثيرة وأحداث سياسية وفكرية عظيمة على الصعيدين المحلي والعالمي هزت برياحها العاتية بنيات الحزب المختلفة ، وآثر الحزب حيناً من الدهر ليس بالقليل ممارسة نشاطاته العديدة بسرية لازمته لدرجة وصف ظهور قياداته أخيراً بالخروج من باطن الارض ، فيما يحلو لمنتسبي الحزب وصفه بملح الأرض .. كان المشهد في باحة قاعة الصداقة استثنايا من حيث الإنفعالات الصادقة والفرحة البادية على وجوه عضوية الحزب التي تقاطرت من مدن البلاد عبر فروعه التنظيمية .. وشكل إيقاع " الشتم " الذي ظل يضرب عليه نفر من عضويته مما يجبر القاصدين الى القاعة للتوقف و الإستراحة قليلاً مع الأنغام التي تماثل فعل " ايقاعات النوبة " لرجال الطرق الصوفية ويشحذ الخواطر بالتأمل وربط هذه المشاهد بايدولوجية الحزب ذات المنطلقات المادية .. ولعل المشهد ترجمة للصبغة الوطنية الخاصة بالحزب الشيوعي السوداني والتي تتجلى في حرص قياداته على التمسك بالقيم والتقاليد السودانية ويدعم ذلك ظهور غالبية القيادات وهم يرتدون " الجلابية والعمامة " .. وعند البوابة الرئيسية لمدخل القاعة تشهد احتشاد أنيقاً للشباب من الجنسين وهم يتنقلون بين معارض الكتاب والصور التي تحكي عن مسيرة الحزب وشهدائه على مر الحقب من تاريخ السودان الحديث ، ومن داخل القاعة التي ضاقت بها جموع الحاضرين مما إضطر المنصة للاعتذار لممثلي بعض القوى السياسية الذين رصدتهم وقوفاً بسبب امتلأ المقاعد ، تعالت هتافات المشاركين تتخلها الأناشيد الثورية والحماسية التي يتفرد بها الشيوعيون في مختلف نشاطاتهم .

وكان المرحوم عبدالخالق محجوب الامين العام السابق للحزب الشيوعي الغائب الحاضر في كل منعطفات الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الخامس بقاعة الصداقة فصورته تقع عليها أعين المؤتمرين وضيوف الحزب ، فقد علقت وبجوارها صورة زميله في الحزب والإعدام عام 1971 جوزيف قرنق ، وظل اسم عبد الخالق يتردد في هتافات الحضور وكلمات وأشعار شباب الحزب الذين كانوا يعطرون القاعة بأناشيد لم تترك مكاناً لتسرب الملل الى الحضور. كما لم يغب اسم عبدالخالق من الخطاب الرسمي الذي قدمه خليفته محمد إبراهيم نقد والذي استدعى اسم سلفه وهو يحي شهداء الحزب خلال مسيرته في الأربعين عاماً الماضية مستشهدا ببعض كتاباته " والتي من الواضح أنها ستكون من وثائق المؤتمر المطروحة للمناقشات " لافتا الى إسهاماته الفكرية والداعية لاسقلالية الحزب عن تجارب الآخريين .

وتجاوب الحضور بالهتاف والتصفيق مع كل لحظة يدلف فيها أحد قيادات الحزب ورموزه النضالية حيث رددوا هتافات تحي دور الأستاذة فاطمة أحمد إبراهيم وزوجها الراحل الشفيع أحمد الشيخ ، كما هتفت أصوات تحي دور الأستاذ خالد زاهر ، وكان مشهد حضور القيادية البارزة في الحزب الاستاذة سعاد إبراهيم أحمد محمولة على أيدي مجموعة من الشباب والشابات حرصا منها على المشاركة برغم ظروفها الصحية مؤثرا للغاية فدمعت أعين عدد غير قليل خاصة وانها ذات علاقات اجتماعية واسعة ، وتجاوب الحضور مع المشهد مما دعى سكرتير عام الحزب لقطع خطابه حتى استقرت " سعاد " في مقعدها بالمنصة الرئيسية .

وحملت مشاركة زعماء الاحزاب المعارضة في مؤتمر الحزب أدلالة خاصة حيث صفقت الجموع لمقدم رئيس حزب الامة القومي الإمام الصادق المهدي الذي قام بتقبيل الاستاذة فاطمة احمد ابراهيم على رأسها في مشهد يعبر عن تقديره لدورها النضالي ونسيانه للمشاحنات التي جرت بين الامة وفاطمة أثناء معارضة النظام في الخارج واختطف الإمام الأضواء لبعض الوقت وغطى على قيادات أخرى تزامن دخولها معه أو أعقبته بثوان ، ثم أعقبته إطلالة رئيس التجمع الوطني وزعيم الحزب الاتحادي الديمقراطي محمد عثمان الميرغني الذي اكتفى بتحية الجمهور يصحبه السكرتير العام محمد إبراهيم نقد والتي تفاعل معها الحضور بشكل لافت قبل أن يغادر القاعة سريعاً بينما بقى الإمام المهدي حتى نهاية الافتتاحية ، وبرغم التباعد الكبير في المواقف على الساحة السياسية بين الحزب الشيوعي والمؤتمر الوطني إلا أن الأخير دفع بنائب رئيسه للشؤون السياسية والتنظيمية الدكتور نافع علي نافع مشاركاً في فعاليات الجلسة الافتتاحية للمؤتمر ، " ويبدو أن قراءة خاصة ربما ظلت تجول بذهن القيادي الأكثر ديناميكية في الحزب الحاكم وهو يتابع فقرات المؤتمر المتنوعة " والتي احتوت بالضرورة على غمز ولمز للحركة الإسلامية من خلال أشعار الشباب أو هتافاتهم وشاركت كافة القوى السياسية حيث شكل القيادي بالحركة الشعبية ياسر عرمان حضورا لافتا داخل وخارج القاعة وظل في حالة مصافحة مستمرة وعناق مع زملائه السابقين في الحزب الى جانب ممثلي أحزاب البعث والمؤتمر السوداني ، كما شارك رئيس حزب الامة الاصلاح والتجديد مبارك الفاضل المهدي ولفيف من قيادات الاحزاب السياسية .

والهب العرض المصور لمسيرة الحزب وتخليد رموزه النضالية من الشهداء والراحلين والذي تم عبر شاشات " البروجكتر" مشاعر المؤتمرين وتم إطفاء الإنارة داخل القاعة لفترات منفصلة حيث تابع المؤتمرون مشاهد من مسيرة الحزب وتمجيد رموزه تخللتها هتافات من شاكلة " عاش كفاح الطبقة العاملة " وعاش نضال الحزب الشيوعي" كما حيّا الحضور الراحل قاسم أمين بأبيات ظل يرددها الطلاب والشباب في الحزب تدلل على التزامه بقضايا الطبقة العمالية والإنحياز لها مثل : " ماشين في السكة نمد من سيرتك للجايين شايفنك ماشي تسد وردية ياقاسم أمين " ، وجاء دور مبدعي الحزب من الشعراء والمغنيين الذين ما أنفك الحزب عن الارتباط بهم وظلوا رافده الرئيسي الي وجدان الجماهير وأسهموا كثيراً في التعبير عن قضاياه الفكرية والسياسية حيث قدم " كورال الحزب " مقطوعات إنشادية اتسمت بالثورية حيث تجاوب معها الحضور ، قبل أن تعلن المنصة عن تقديم الشاعر الكبير محجوب شريف الذي شق طريقه بصعوبة بالغة ووسط تصفيق كبير من الحضور ، واستهل شاعر الشعب بالتعبير عن ماوصفه بالهتاف الحبيس في حلقه لسنوات طويلة لم يجد له الفرصة إلا من خلال المؤتمر حيث هتف " عاش نضال الحزب الشيوعي " وبعدها أنشد رائعته المعروفة التي يقول في مطلعها :

ميري كلمينا

عاشة ذكرينا

كل سونكي أحسن يبقى مسطرينا

نحن شعب أسطى

جيبوا طوب ومونة ... يلا يلا نبني

مصنعاً وبوستة ..

جاي وجاي وجاي ....... مافي حاجة ساي

الكلوا عندوا دين والكل عندو راي .

واستعان الشاعر بابنته مي " عضو الكورال" في قراءة نص آخر تجاوب معه الحضور بشكل كبير .. ثم جاء دور الشاعر المعروف محمد الحسن سالم حميد والذي ارتبط اسمه بأدبيات الحزب لدى الاجيال الشابة ، وأنشد حميد الذي اطل بمظهره البلدي رائعته التي يقول في بعض أبياتها :

من حقي أغني لشعبي

من حق الشعب علي .. لابيدك تمنع قلبي ولاقلبي كمان بأيدي

علمني أغني الطين

المخرطة والطورية

الناس الصابرة سنين .. بالحالة المادغرية

القابضة الجمرة في ايدا والجمرة تلهلب حية . .

\\\\\\\\\\\\\

قدم نقدا للتجارب الماركسية

نقد : يسقط نظام الحزب الواحد يمينياً أو يسارياً

استهل رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر العام الخامس للحزب الشيوعي الشفيع خضر كلمته بالترحيب بالمشاركين وضيوف المؤتمر ، وقال " مرحباً بكم في المؤتمر الخامس للحزب " كلمة انتظرناها لأربعة عقود جرت فيها مياه كثيرة من تحت الجسر وخاض خلالها الحزب تجارب سياسية وقدم تضحيات جسام ، قال إنها أكسبته منعة مشيراً الى أن فعاليات المؤتمر العام الخامس تأتي في ظروف بالغة التعقيد تحتاج الى إرادة الصمود والعمل الخلاق ، وأضاف تواثقنا على أن يكون منبراً للتلاقح الفكري ونسعى لصياغة دور يستصحب المستجدات الواقعة والمتغيرات على كافة الصعد الاقتصادية والاجتماعية والعلمية وأضاف " لامجال للركون الى الماضي وسنختار بوابتنا ولا نمنع الآخرين من ذات الاختيار، مؤكداً أن الحزب ظل يدفع نحو تحقيق أهدافه ومبادئه السياسية والفكرية وأنه نشأ وترعرع عبر مسيرة شائكة ودفع ثمناً باهظاً في سبيلها مهره الشهداء ، وحيا ثلاثة من الرموز النضالية في رمزية لكل الشهداء هم الشهيد عبد الخالق محجوب والشفيع أحمد الشيخ وجوزيف قرنق "الذين قضوا بتنفيذ الإعدام عليهم من قبل النظام المايوي " كما حيّا خضر في كلمته كل من الراحل الدكتورفاروق كدودة والراحل الدكتور محمد سعيد القدال والراحل الأستاذ فاروق زكريا والراحل زين العابدين صديق البشير، وقال خضر إن المؤتمر تم بتمويل من قطاعات الشعب السوداني المختلفة وأصدقاء الحزب داعياً القوى السياسية الى تفكير جمعي لجهة تفكيك حلقات الأزمة السودانية ولانتشال الشعب السوداني من كربته وحل الأزمات في دارفور والجنوب وشرق السودان . مبيناً أن المؤتمر ينخرط في جلسات تشاورية مغلقة وبحث عدد من أوراق العمل قبل أن يجري ترشيحات لعضوية اللجنة المركزية ، على أن يختتم أعماله الثلاثاء المقبل .

من جهته قدم السكرتير العام للحزب الشيوعي محمد إبراهيم نقد خطاباً شاملاً تطرق فيه للعديد من الجوانب السياسية والفكرية في مسيرة الحزب مقراً ببعض الإخفاقات التنظيمة التي أدت لتأخر انعقاد مؤتمره العام الخامس ، وبدأ نقد كلمته بتحية العضوية وحيّا نضالاتها في مواجهة ما وصفه بحملات التشريد والتعذيب عبر الحقب الدكتاتورية المختلفة ، قال نحي الأسر التي فتحت لنا قلوبها في كل فروع الحزب في البلاد وأسهمت في أن يمارس الحزب عمله برغم الظروف المحيطة به . كما حيّا نقد منظمات حقوق الإنسان ومساندتها للضحايا من الأحزاب والصحفيين ، وثمن دور الحركة النقابية ، وقال إن تأخير انعقاد المؤتمر العام الخامس تقصير جسيم نتحمل مسؤوليته ، ودعا لمراجعة أداء الحزب وتصحيح الأخطاء ومحاسبة اللجنة المركزية ، وأضاف أن المؤتمر ليس مهرجاناً أو كرنفالاً ، مشدداً على ضرورة مخاطبته لقضايا التحول الديمقراطي الأكثر تعقيداً -على حد تعبيره- مؤكدا أن الحزب يضع في أولويات برنامجه للمرحلة المقبلة دعم الوحدة الوطنية قبل الاستفتاء المقبل بشأن الجنوب وقال " واجبنا تشجيع أوسع جبهة وطنية للمحافظة على الوحدة وتحقيق التطور التنموي المتوازن ، مشيراً الى أنها ليست مهمة الحركة الشعبية وحدها ، مشيراً الى مشاركة وفد من أعضاء الحزب ضمن فعاليات المؤتمر، كما دعا سكرتير عام الحزب الشيوعي الشعب للتصدي لمهامه الرئيسة والمصيرية في دارفور مشدداً على ضرورة عودة النازحين واللاجئين الى قراهم واستبعاد المجموعات المتسللة للإقليم من دول الجوار قال " مافي أعز من مسقط الرأس " مشيراً بذلك الى دارفور وغزة ، وتمسك نقد بحق أهل دارفور في المطالبة بإقليم واحد ومنصب نائب الرئيس ، وقال يمكن تحقيق ذلك بدعوة المختصيين والاداريين لمناقشة مسألة التقسيم الاداري ، وأشارنقد الى الأزمة المالية العالمية التي قال إنها نشبت بأظافرها في النظام الرأسمالي وقال " كان أديناكم جرعة من الماركسية مابتضركم " مشبهاً القضية بالأزمة الكبرى في العام 1929 وتابع إن الازمة الراهنة دفعت بمفكري الغرب للبحث عن كتاب " رأس المال" لكارل ماركس مفكر الشيوعية الاول ، وابدى سكرتير الحزب تعاطفه مع القضية الفلسطنية مطالباً بتكوين هيئة دائمة تتابع الأزمة في غزة ، وقدم نقد نقداً لجوانب التجربة الماركسية وقال " يسقط نظام الحزب الواحد يسارياً أم يمينياً " مستشهدا في ذلك بفقرات قرأها من وثائق خطها سلفه الراحل عبد الخالق محجوب ، وقال إنه لولا الحصار والمؤامرات المحاكة من الغرب لأتجهت روسيا الى التعددية ، كما انتقد التهور الذي شهده قطاع السكة الحديد في السودان ، وتناول عدداً من القضايا الاجتماعية والسياسية التي تتصل بعدم ممارسة الاستعلاء العرقي والثقافي وتوفير الشروط اللازمة لأن تصبح المرأة عضواً فاعلاً في المجتمع ، الى جانب الدعوة لإعمال الفكر في دراسة باطنية للرأسمالية المعاصرة وإجراء التقويم الموضوعي لفشل تجارب الحزب الواحد واستيعاب المستجدات العلمية والالتزام بدولة المواطنة والتعددية الحزبية والتداول الديمقراطي للسلطة .

\\\\\\\\\\\\\\

سليمان والشفيع متفائلان

عبد الله علي إبراهيم

وصف المفكر والكاتب عبد الله علي إبراهيم للأخبار تجمع الشيوعيين في قاعة الصداقة بالـ"بوش " التقى فيه الأعضاء وغير الأعضاء والمتعاطفين مع الحزب الشيوعي وقال إنها

كانت لحظة روحية عالية سيتأثر بها كل من هو عضو في الحزب أو صديق له مشيرا إلى أن جميع من حضر تأثر بأن تسال ذكريات 40 سنه أمامه وخاصة العرض الجميل عبر الشاشات وكل المؤثرات الصوتية والدرامية وقال علي إبراهيم (انفعلت جداً بما قدم رغم أني لا علم لي بما يدور في المؤتمر) وذكر أن الجلسة الافتتاحية كانت واجبة لحزب لم يجتمع إلا على شيء من الخسائر وعلى مصطلحات التضحية والشهادة مؤكداً أن الجلسة خلقت تنقية روحية وفيها ذكر لأسماء عظيمة وجميلة قدمت الكثير للوطن والجماهير وذكر دكتور عبد الله أن على كل وطني أن يهنئ الحزب الشيوعي على أنه موجود وحي يرزق وباق في الساحة السياسية قائلاً هذا ديدننا كديمقراطيين ويجب أن نسعد لأن المنظمات الديمقراطية لم تهزم ولم تختف وصمدت في وجه البطش والتنكيل

سليمان حامد

وقال عضو اللجنة المركزية سليمان حامد للأخبار كان يمكن أن ينعقد هذا المؤتمر من زمن وبذلنا جهد لقيامه ولظروف موضوعية وذاتية قدر أن ينعقد في هذا اليوم وما حدث إنجاز معقول وحضور أعداد كبيرة من الشباب مثلوا أكثر من 80% يدل على ان مسيرة الحزب الشيوعي مستمرة ومتجددة رغم الظروف التي عاشها لنؤكد أن الحزب الشيوعي السوداني باق ولن يزول بسهولة وسيظل موجود مثل الحشائش كل ما قطعتها ستزيد اخضراراً ونموا

وقال سليمان نحن واثقون من أن هذا المؤتمر سيقود لوحدة الحزب وتجديده وسيضع أسس واضحة لإستراتجيات عمل الحزب في المرحلة القادمة

وأشار سليمان إلى أن من يعتقد أن المؤتمر الخامس سيغير الحزب تغييرا جذريا أو أنه سيدفع الحزب دفعة هائلة يبالغ في تصوره للأمور لأن الحزب عاش فترات عصيبة جدا وتعرض لتنكيل وبطش وخلال الأربعين سنة الماضية ظل تحت الأرض ولم يخرج إلا قبل سنوات قليلة مشيرا إلى أن نتائج المؤتمر ستعبر عن جوانب ضعف في الحزب يجب أن يتخطاها

وأكد سليمان أن المؤتمر الرابع وجد ظروفاً أفضل وما خرج به كان مدروساً بدقة شمل جميع السودان بعد زيارات ميدانية لذلك السكة أمام المؤتمر الخامس ما تزال طويلة وسيجد كثيرا من العراقيل

الشفيع خضر

واعتبر رئيس اللجنة التحضيرية والقيادي بالحزب الدكتور الشفيع خضر أن ما تم في الافتتاح قمة لمجهود وتحضير أستمر لشهور شاركت فيه قطاعات واسعة من عضوية الحزب في مختلف المجالات من جمع الوثائق و الخدمات اللوجستية و في أول الأمر كان الاهتمام بجمع الوثائق التي سيعتمد عليها الحزب في العضوية

وقال إن انتخاب المناديب اكتمل منذ شهرين الذين شكلوا بعد ذلك لجان مختلفة لمناقشة الدستور الجديد وخط الحزب في الفترة القادمة وترشيح العضوية ولأن المؤتمر لا يعني احتفال وإنما عمل جاد سيؤثر على مسيرة الحزب في المستقبل

وأكد الشفيع أن المؤتمر سيختتم في يوم الاثنين كل المشاورات ليخرج بعدها بالتوصيات لتبدأ يوم الثلاثاء جلسة عامة لكل المؤتمرين ليصوتوا على التوصيات والمشاريع التي ستمر وينتخبوا القيادة الجديدة

وأشار الشفيع أن المؤتمر الخامس سيدفع مسيرة الحزب قائلا ان هذا الحضور الكبير سينتظر أن تترجم كل توصيات المؤتمر إلى أعمال في السياسة والحياة اليومية ليعود الحزب كما كان

يوم بهيج
الكاتب/ فيصل محمد صالح
Sunday, 25 January 2009
كان يوم أمس يوما بهيجا ومفرحا، حمل دفقات من الأمل في أن كل ما نحلم به ممكن أن يحدث.

كنا شهودا على احتفال الحزب الشيوعي السوداني بافتتاح أعمال مؤتمره العام الخامس، وهو المؤتمر الذي تأخر عقده لقرابة الأربعين عاما، وأعلن السكرتير السياسي للحزب تحمل اللجنة المركزية لأسباب التأخير، رغم أن فيها أسباب سياسية معروفة لنا جميعا.

تستحق إرادة الاستمرار عند أعضاء الحزب والمضي في الطريق الذي اختاروه رغم صعوبته ووعورته ومخاطره تحية خاصة. لقد تعرض الحزب وأعضاؤه لكل أشكال وأنواع التعويق والملاحقة بأقسى صورها، خلال عهود شتى، لكن اختار معظمهم أم يبقى صامدا في خندقه. ومر الحزب بظروف اضطر فيها للعمل السري، الذي هو بطبيعته عدو الأحزاب الجماهيرية، لكن لأنه لا بد مما ليس منه بد، فقد كان هذا هو خيار المضطر، لأن بديله هو حل الحزب أو تجميد عمله.

ثم مرت ببلادنا والعالم ظروف عامة غيرت مجريات الأحداث في الدنيا، وتجاوزت تحديات قديمة وخلقت تحديات جديدة، وبالذات أمام دول المعسكر الاشتراكي والأحزاب الشيوعية والاشتراكية في العالم كله، وقد أنهت هذه الظروف وجود أحزاب وغيرت اتجاهات بعضها، لكن كان تفاعل الحزب في السودان معها أقل مما هو متوقع لنفس الظروف السابقة.

لأعضاء الحزب اهتماماتهم ومشاغلهم بمجريات المؤتمر، ولكن لنا نحن أيضاً، المهتمين بتجربة الحزب وباستقرار الحياة الحزبية والسياسية في بلادنا، مشاغل واهتمامات بمؤتمر الحزب وبنتائجه المنتظرة. ونحن نقبل من البداية أن النتائج قد لا تكون بحجم التحديات والتوقعات، لأن تراكمات سنين الاختفاء والعمل السري لا زالت موجودة، بما يعني أن وجود الحزب في الهواء الطلق لا زال أمراً حديثاً لم يعطي مفعوله الأكيد حتى الآن.

فليغتنم أعضاء الحزب الفرصة لبدء عمل سياسي جاد للتواصل مع قطاعات الشعب السوداني والتعامل مع قضاياه المختلفة بمنظور مفتوح ومنفتح على كل التجارب العالمية. ولينتهزوا فرصة الشفافية المتاحة الآن لترسيخ القيم الإيجابية في مسيرة الحزب وتغذية أوردته وشرايينه بالدم النقي. إن أعظم ما في تجربة الحزب الشيوعي السوداني، وما يميزه عن تجارب عربية وأفريقية أخرى، هو ارتباطه الشديد بالواقع المحلي وبحثه الدائب عن جذور محلية ينغرس فيها ويتلاقح مع مخصباتها، وهذا هو الطريق الذي يحتاج لكل جهد ممكن.

نحن لا ننسى أن أول من طرح وتبنى الحكم الذاتي للجنوب كان الحزب الشيوعي وحلفاؤه، وكانت تلك رؤية بعيدة النظر، وليس غريبا إذن أن ننتظر رؤى ومقترحات أخرى تعبد طريق الحل السلمي لمشاكل بلادنا وأطرافها الأخرى.

تحية للحزب الشيوعي وأعضائه وقياداته الذين جاءوا من كل حدب وصوب، وبكل طريقة ممكنة، ولو على الكراسي المتحركة كما جاء الخال فرح عثمان شرفي والسيدة العظيمة سعاد إبراهيم أحمد، ليقولوا نحن هنا. وكان عظيما أن نرى الميرغني والمهدي ونافع وكل قيادات القوى السياسية في صف واحد. هذا هو الشعب السوداني الذي نعرفه ونحبه ونأمل أن يقدم للعالم كله تجربة رائدة ومتسامحة في العمل السياسي والوطني.


الاخبار
[/color]
ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ
مشاركات: 226
اشترك في: الأحد مايو 29, 2005 7:59 pm

مشاركة بواسطة ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ »

صحيفة أجراس الحرية
https://www.ajrasalhurriya.net/ar/news.p ... ew&id=1573
--------------------------------------------------------------------------------
الكاتب : admino || بتاريخ : الأحد 25-01-2009
عنوان النص : بانوراما من شرفة مؤتمر الحزب الشيوعي
: الجلابية تسيطر على أزياء معظم (جيل البطولات) في عضوية الحزب الشيوعي
مبارك الفاضل جلس على مقربة من الإمام الصادق دون أن يتصافحا
حضور كبير لقيادات الحركة الشعبية و(أنثى ولا دستة رجال) لسعاد إبراهيم
إعداد: قمر درلمان- الفاتح عباس- زحل الطيب
تنظيم رائع وحضور أنيق صاحب فعاليات الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الخامس للحزب الشيوعي السوداني.. الحزب الشيوعي الذي اختار الديمقراطية الراسخة والتنمية المتوازنة والوطن الواحد والسلم الوحيد شعاراً لمؤتمره الخامس بدا قوياً ومتماسكاً وأكثر حيوية مما مضى.





الشيوعي بدأ جاداً في مواصلة النضال من أجل التغيير.. استجابت أرضيات القاعة الرئيسة بقاعة الصداقة التي انعقد فيها مؤتمر الحزب الشيوعي ليتحول لونها من الأخضر الغامق الى الأحمر الذي يسر الناظرين..



الرعيل الأول من كوادر الحزب الشيوعي أخذوا أماكنهم مبكراً.. القوى السياسية توزعت في المقاعد الأمامية.. الدواعي البروتوكولية منعت هتافات ضد نائب رئيس المؤتمر الوطني للشؤون التنظيمية نافع علي نافع الذي لم يكن حضوره مرحباً به خاصة لدى طلاب الحزب الشيوعي المشاركين في فعاليات المؤتمر.. مولانا محمد عثمان الميرغني استقبل بهاتف جميل ووقف له أعضاء المؤتمر دقائق عدة إجلالاً لنضالاته..



(الجلابية) كانت تسيطر على أزياء معظم الحضور من كبار السن (جيل البطولات) في عضوية الحزب الشيوعي...



(أنثى ولا دستة رجال) هتاف خاص استقبلت به المناضلة سعاد أحمد إبراهيم التي أتت محمولة على أكتاف الزملاء..



السخرية وحكمة ود البلد كانت حاضرة في حديث سكرتير الحزب الشيوعي محمد ابراهيم نقد الذي داعب مناصريه قائلاً (إذا لم تجدوا بعض وثائق الحزب الشيوعي أمشوا جيبوها من جهاز الأمن)، ثم سخر من الحكومة بقوله: (جرعة من الماركسية ما بتضركم).



هتافات مثل (عاش نضال الحزب الشيوعي.. خالد يا عبد الخالق.. أمين أمين قاسم أمين.. عاش كفاح الطبقة الكادحة) شعارات استمرت حتى نهاية الجلسة الافتتاحية.



عاطفة جياشة ودموع صاحبت عرض الفيديو الذي حسد نضالات الحزب الشيوعي واستعرض مسيرة شهدائه.. يمكن أن نقول بأن كل الغائبين من قيادات الحزب حاضرين بأرواحهم (عبد الخالق محجوب ـ الشفيع أحمد الشيخ ـ جوزيف قرنق ـ فاروق كدودة ـ محمد سعيد القدال ـ فاروق زكريا ـ زين العابدين صديق ـ شهداء الحركة الطلابية)..



المناضلة فاطمة أحمد إبراهيم التي جلست في الصف الأول تابعت فقرات البرنامج بسعادة كبيرة.. مبارك الفاضل جلس على مقربة من ابن عمه الإمام الصادق دون أن يتصافحا نتيجة حضور الأول متأخراً.. قيادات الحركة الشعبية (مالك عقار ـ ياسر عرمان ـ عبد العزيز الحلو ـ بيتر أدوك ـ أتيم قرنق أول الحاضرين من القوى السياسية ـ كمال عمر وعبد الله حسن احمد وعبد الله دينق حاضرين من الشعبي ـ حاتم السر الناطق باسم الاتحادي الديمقراطي ظل موجوداً حتى نهاية البرنامج بالرغم من مغادرة مولانا محمد عثمان الميرغني)...



المعارض المصاحبة زينت الصالة الخارجية للقاعة وحضور اعلامي كثيف وإجراءات امنية محدودة وانحصر التواجد الأمني في بوابة الدخول الخارجية..



أحضان ودموع ومشاعر صادقة قابل بها زملاء الحزب الشيوعي بعضهم البعض عقب الفراغ من اعمال الجلسة الافتتاحية...



عمار محمد آدم (إحدى اسقاطات الحركة الإسلامية) ارتدى جلباب أحمد كامل هو يشارك الشيوعيين أعمال مؤتمرهم الخامس..



أكد محمد ابراهيم نقد السكرتير العام للحزب الشيوعي السوداني في افتتاح المؤتمر الخامس للحزب بقاعة الصداقة صباح أمس أن اللجنة المركزية للحزب الشيوعي تتحمل خطأ عدم عقد مؤتمر الحزب في موعده المقرر وفق اللائحة الداخلية للحزب وقال: (نعم أربعون عاماً قد مضت منذ المؤتمر الرابع للحزب.. ووفق اللائحة الداخلية والتي تقرر عقد المؤتمر العام كل عامين) إلا أنه برر غياب المؤتمر لأربعة عقود للظروف السياسية التي عايشها الحزب والبلاد منذ المؤتمر الرابع. واصفاً عدم انعقاد المؤتمر العام بأنه خطأ جسيم.



إلى ذلك حدد نقد مهام المؤتمر الحالي بخمس مهام وهي:



أولاً: قضايا التحول الديمقراطي وبقاء الوطن موحداً وديمقراطياً.. لم يتم هذا الا بخلق جبهة ديمقراطية عريضة للحفاظ على وحدة البلاد والتطور التنموي المتوازن.



ثانياً: تصدي شعب السودان لنزيف الدم في دارفور والاستجابة لمطالب أهل دارفور العادلة.. وحدد نقد مطالب اهل دارفور.. أنهم يطالبون باقليم واحد وكذلك يطالبون بتمثيل عادل في السلطة والثروة وهذه مطالب ليست تعجيزية..



واستطرد نقد قائلاً: لماذا لا يعود مسمى المديرية إلى أقاليم السودان المختلفة، فالاسم القديم هو الذي يرسخ في الأذهان.. وقال ضاحكاً: هذه المشكلة واجهتنا عندما ناقشنا موضوع تغيير اسم الحزب.. وكان هناك رأي يقول (لو سميتو الحزب الاشتراكي الاسلامي برضو الناس ح تقول ديلك الشيوعيين).



ويواصل الاستاذ في تحديد المهام محور المهمة الثالثة: يعيش العالم الرأسمالي اليوم أزمة اقتصادية طاحنة والذين قرأوا التاريخ يشبهون ما يعيشه العالم اليوم بالأزمة الاقتصادية عام 1929م علماً بأن هذه الأزمة الراهنة أعمق بكثير عن كارثة 1929م.



أما المهمة الرابعة: فهي تتمثل فيما يتحمله الشعب الفلسطيني من كوارث (ان ما يواجهه الشعب الفلسطيني هو فوق طاقة البشر) ودعا نقد إلى تنظيم حملة تضامن جادة (هيئة دائمة) نعلم بأنّ هناك هيئات تعمل للتضامن مع الشعب الفلسطيني ولكن نطالب بهيئة دائمة تضم كل أطياف الشعب السوداني للتضامن مع الشعب الفلسطيني.



وعلى الصعيد الفكري والآيديولوجي والذي جاء بالمهمة الخامسة قال نقد: لقد حدثت تجارب جديدة للاصلاح الاقتصادي والاجتماعي خلاف النظم التي كانت سائدة من قبل. ولابد من دراسة هذه القضايا الجديدة فيجب قراءة فنزويلا وشيلي والبرازيل في التحول الاشتراكي وكذلك يجب اعادة قراءة تجربة دول عدم الانحياز على ضوء المتغيرات الحادثة في عالم اليوم. ودعا نقد لاعادة حملات التضامن مع الشعب الذي يعاني من القهر والظلم (لقد تضامنت معنا شعوب العالم ويجب أن نتضامن معها في محنتها). ثم تناول نقد تجربة انهيار الاتحاد السوفيتي و وصفه (بالعظيم): (لقد انهار الاتحاد السوفيتي كبيوت الكرتون والذي لم ينهار عندما كانت الجيوش النازية على بعد 15 كلم من العاصمة السوفيتية موسكو) ونادى نقد بالتمسك (بالنهج الاشتراكي) تجربة الاشتراكية على النمط السوفيتي، نعم لقد كانت تجربة ولكن لازمت تلك التجربة أخطاء جسيمة (وهنا هتف نقد: يسقط نظام الحزب الواحد شيوعياً أو يسارياً أو يمينياً) إلا أن نقد وجد العذر لتجربة الاتحاد السوفيتي في تبني نظام الحزب الواحد.. لقد بدأت السلطة السوفيتية بعد ثورة اكتوبر الاشتراكية العظمى بالنظام التعددي، ولكن حلقات التآمر الخارجي تضاعفت على الدولة الوليدة فكان لابد من توحد مصدر القرار. وحدد نقد بأن الدخول في مرحلة الاشتراكية يمكن أن يأتي عبر انجاز مرحلة المهام الوطنية الديمقراطية.. وقال ساخراً: الاشتراكية لن تأتي بالانقلابات.. نعم حتى الحزب الشيوعي لم يسلم من تبني الانقلابات واصفاً إياها بأنها كانت (سعر السوق). وجدد مؤكداً أن النظام الوطني الديمقراطي يفتح الباب واسعاً نحو الاشتراكية.



هذا فقد استهل السكرتير العام للحزب الشيوعي حديثه بالتحية والاعزاز لمؤسسي وشهداء الحزب الشيوعي السوداني وتحية كل الحركة السياسية السوداني بمختلف مدراسها وخص بالتحية الصحفيين.. (تحية للصحفيين السودانيين الذين استبسلوا في الدفاع عن الديمقراطية وحرية الرأي) كما حيّا نضال المرأة السودانية مطالباً بالتعامل معها وفق قدرتها الجسدية والذهنية في تولية الشأن العام شريطة الأجر المتساوي مع الرجل، واستدرك: لن أستطيع الدفاع عن حقوق النساء أكثر منهن.



* اضاءة على مؤتمرات الحزب الشيوعي السوداني منذ تأسيسه:







* المؤتمر الأول: انعقد في مايو 1949م وكان أول مؤتمر للحركة السودانية للتحرر الوطني (حستو) منذ تأسيسها قبل ذلك بثلاث سنوات. وقد دعي للمؤتمر عبد الخالق محجوب بعد توليه المسؤولية السياسية لحستو في فبراير من نفس العام. وكان دافعه هو حالة الركود التي سادت عمل المنظمة في اعقاب معركة مقاطعة الجمعية التشريعية في نهايات عام 1948م.



وقد كانت الجمعية أبرز مشاريع خطة التدرج الدستوري التي هدفت السلطة الاستعمارية منها لتدجين نضال الشعب السوداني من أجل حريته السياسية. لكن الأحزاب والمنظمات الوطنية نهضت في وجه المشروع واتحدت لمقاطعة انتخابات الجمعية، وساهم الشيوعيون تحت قيادة منظمتهم الوليدة بدور بارز في المعركة بالمنشورات والليالي السياسية والمظاهرات. واستطاعوا بجسارتهم أن يجتذبوا قطاعات واسعة من الشباب انتظموا كأعضاء في حستو. غير ان المقاطعة رغم اتساعها في كل ارجاء البلاد ورغم التضحيات التي بلغت حد الاستشهاد، عجزت عن اسقاط الجمعية التشريعية، وتدريجياً تحول المد الجماهيري الى جزر، انعكس بوضوح في تقلص عضوية حستو واضطرابات اجتماعات فروعها وقلة حصيلتها.



وقد ناقش المؤتمر التداولي هذا الوضع، وكان من أهم ما خرج به أن عمل الشيوعيين لا يعرف الموسمية، وأنه ينبغي أن يتواصل في ظروف المد والجزر على السواء، لتوعية الجماهير وتنظيمها وقياداتها في الدفاع عن مصالحها.



* المؤتمر العام الأول:



انعقد المؤتمر العام الأول لحستو في أكتوبر 1950، تحت شعار (محاربة الانعزالية) مواصلاً الوجهة التي أرساها المؤتمر التداولي، مهتماً بقضايا بناء الحزب والحركة الجماهيرية. وانتخب المؤتمر لجنة مركزية لأول مرة في تاريخ حستو، اذ كانت اللجنة المركزية تشكل قبل ذلك عن طريق الضم والتصعيد.



* المؤتمر الثاني:



انعقد المؤتمر الثاني في اكتوبر 1951م، في صراع بين اغلبية اللجنة المركزية وتيار قاده عوض عبد الرازق، حول الطبيعة الطبقية لحستو واستقلالها كمنظمة للطبقة العاملة ومناهج العمل السياسي والبناء الحزبي الذي يميزها. وفتحت اللجنة المركزية مناقشة عامة في منابر الحزب حول هذه القضايا، صارت بمثابة تحضير للمؤتمر الثاني.



وتوجت المناقشة بانتخاب مندوبين من الفروع شهدوا المؤتمر. وعندما تبين أنه لم يكن بين المندوبين أحد من التيار الذي كان يقوده عوض عبدالرازق، قامت اللجنة المركزية، حسب صلاحيتها بتعيين مندوبين للمؤتمر كمراقبين بدعوة أربعة من ذلك التيار بمن فيهم عوض نفسه، الذي كان بالقاهرة، ولكنه رفض الحضور بينما شارك الثلاثة الآخرون في أعمال المؤتمر.



وبعد مناقشة أتيحت فيها كل الحرية للجميع، انتهى المؤتمر الى رفض أفكار عوض عبد الرازق بإجماع المندوبين المنتخبين، ومع ذلك فقد انتخب المؤتمر أحد أعضاء التيار المهزوم حسن سلامة في اللجنة المركزية.



وفي فبراير 1952م نظم عوض الانقسام، الأول في الحزب من مجموعة قليلة من الاعضاء.



* المؤتمر الثالث:



عقد في فبراير 1956م بعد قرابة شهرين من اعلان الاستقلال تحت شعار (أجعلوا من الحزب قوة اجتماعية كبرى). وقد شارك فيه أكثر من مائة من الاعضاء انتخبوا لجنة مركزية من واحد وثلاثين عضواً. أجاز المؤتمر التقرير السياسي المعنون (عشرة أعوام من النضال) وبرنامج الحزب المعنون (من أجل تعزيز الاستقلال والديمقراطية والسلم)، كما أجاز دستوراً جديداً للحزب وغير اسم الحزب من (الحركة السودانية للتحرر الوطني) إلى الحزب الشيوعي السوداني.



في مؤتمره الثالث المنعقد في فبراير 1956م طرح الحزب الشيوعي السوداني مهام الثورة بعد اعلان الاستقلال السياسي، مشيراً الى هذه المهام تستهدف دعم الاستقلال السياسي بالتحرر الاقتصادي.. وبالنهضة الثقافية القائمة على اكتشاف تراث شعبنا الحضاري ودفعه في مدارج التقدم وادخاله بين عالم القرن العشرين. أكد مؤتمر الحزب الثالث ان الطريق لهذا هو اتحاد الجماهير الوطنية في النضال لتؤثر على مجريات الأمور في بلادنا، ولتقترب من السلطة ثم تصل اليها في نظام وطني ديمقراطي يضمن تجديد الحياة للكادحين ويبني وطننا على قاعدة ثابتة في الانتاج، وبهذا يفتح الطريق للنمو الاشتراكي في بلادنا.



(نستطيع القول أن الحزب الشيوعي في مؤتمره الثالث كان الحزب الوحيد الذي استطاع بقدر مستوى المعرفة وسطه ان يستشعر التغيير الجديد في العمل السياسي والظروف الموضوعية التي تدفع بالثورة الوطنية الديمقراطية الى مستوى أعلى)...



عبد الخالق محجوب. (الماركسية وقضايا الثورة السودانية).



* المؤتمر الرابع:



عقد في 21 أكتوبر 1967، في أعقاب هجمة شرسة ضد الحزب الشيوعي نظمتها الأحزاب اليمينية، بلغت حد الهجوم على دور الحزب والاعتداء على كوادره واستصدار قرار غير مشروع بحظر الحزب وحله بالأغلبية الميكانيكية في الجمعية التأسيسية وطرد نوابه المنتخبين.



شارك في أعمال المؤتمر مائتا مندوب انتخبتهم هيئاتهم الحزبية ناقشوا وأجازوا التقرير السياسي وبرنامجاً ودستوراً جديدين وانتخبوا لجنة مركزية من 33 عضواً بينهم 4 نساء لأول مرة في تاريخ الحزب.



* المؤتمر التداولي الثاني:



انعقد في أغسطس 1970م، وحضره 113 عضواً يمثلون الكادر السياسي (اعضاء اللجنة المركزية + الكادر المتفرغ + مندوبين منتخبين من المناطق والمكاتب المركزية). ناقش المؤتمر وثيقتي عبد الخالق ومعاوية إبراهيم وعدد من المساهمات المكتوبة من عضويته ومشاريع قرارات. ثم أصدر القرارات التالية:



- رفض التكتيك الانقلابي.



- تكتيك الحزب ينتقل من الدفاع الى الهجوم بعد أن تهيأت الظروف نتيجة للتغيير الذي تم، وذلك لتنفيذ أجزاء من برنامج الثورة الديمقراطية، ودعم ايجابيات السلطة والاحتفاظ بالموقف المستقل من نقد سلبياتها ومساعدة الطبقة العاملة لتلعب دورها القيادي، وأهمية وضرورة الوجود المستقل الفعّال للحزب الشيوعي.



- كما حدد المهام المطروحة لاستكمال الثورة الزطنية الديمقراطية.



- أدان المؤتمر التيار اليميني في الحزب الذي يمهد لتصفية الحزب والذي يهول من دور البرجوازية الصغيرة ويقلل من دور الطبقة العاملة، ويطرح مشروع الحزب الحاكم الواحد وذوبان الحزب الشيوعي في تنظيم السلطة ويتخلى عن الماركسية ويجمد الثورة في حدود المرحلة الوسيطة في الثورة الديمقراطية ويضعف الانضباط الحزبي بخرق اللائحة وتجميع المواقف الفردية وممارسة النشاط التكتلي.



- حدد المؤتمر المهام المطروحة لاستكمال الثورة الوطنية الديمقراطية.



- اتخذ المؤتمر قراراً حول التحضير للمؤتمر الخامس ووضع أجندته ـ التقارير وانتخاب القيادة الجديدة.



- حدد وسمى جهات التحضير للمؤتمر الخامس بالمكتب السياسي ولجنة فحص الكادر.



* المؤتمر الخامس: ينعقد في يناير من عام 2009م بعد خروج الحزب من أعنف المعارك ضد أعنف الديكتاتوريات العسكرية في تاريخ السودان تعرضت فيها عضويته وقيادته للمشانق والرصاص والتعذيب والسجن والتشريد.



(ديل أنحنا القالوا رحنا وقالوا متنا وقالوا للناس انتهينا، جينا زي ما كنا حضنك يحتوينا).



خطاب هام لنقد في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الخامس للشيوعي
_POSTEDON 28-1-1430 هـ _BY admin



والمهدي والميرغني ونافع على رأس الحاضرين

الخرطوم : أخبار اليوم
دشن الحزب الشيوعي السوداني صباح أمس بقاعة الصداقة مؤتمره العام الخامس بعد تأخير دام لأكثر من أربعين عاما منذ انعقاد المؤتمر الرابع، وصاحب الافتتاح احتفالية كبرى نظمها الشيوعيون السودانيون فرحا بانعقاد المؤتمر الذي شارك فيه بالحضور تمثيل نوعي لقيادات القوى السياسية، حيث حضر أولا منهم الامام الصادق المهدي زعيم حزب الأمة القومي الذي استقبله الشيوعيون وأصدقاؤهم بالتصفيق الحاد المتواصل لفترة طويلة، كما حضر السيد محمد عثمان الميرغني زعيم التجمع الوطني رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الذي أطال الشيوعيون والديمقراطيون التصفيق أثناء دخوله بصحبة السكرتير العام الشيوعي محمد ابراهيم نقد، وحيا الميرغني اعضاء المؤتمر الذين هتفوا يمجدون قيادته للتجمع، وشارك ايضا الاستاذ محمد ابراهيم كبج وهو عضو منتخب باللجنة المركزية للحزب الشيوعي قبل أن يترك الحزب في العام 1970م حيث صفق له المؤتمر طويلا ايضا رداً على البرقية التي أرسلها وحيا فيها المؤتمر، وحضرت كذلك الحركة الشعبية لتحرير السودان ممثلة في ياسر عرمان نائب الامين العام ومالك عقار حاكم النيل الازرق وعبدالعزيز الحلو والدكتور محمد يوسف احمد المصطفى وعدد آخر من القيادات، وكذلك المؤتمر الوطني ممثلا في الدكتور نافع علي نافع مساعد رئيس الجمهورية الذي صافحه الامين العام للشيوعي هو والإمام الصادق المهدي الذي ودعه المؤتمرون في نهاية الجلسة بالتصفيق الحار له.

وحيا المؤتمرون كذلك التجاني مصطفى زعيم البعث القطرية السودانية وابراهيم الشيخ عبدالرحمن زعيم المؤتمر السوداني، وحضر المؤتمر ايضا محمد علي المحسي وكذلك قيادات المؤتمر الشعبي وصفق المؤتمر للبرقية التي بعثوا بها يهنئون الشيوعي السوداني بمؤتمره العام الخامس، حيث كان بالجلسة الافتتاحية المحامي كمال عمر عبدالسلام الامين السياسي للحزب والاستاذ عبدالله دينق نيال، وحضر البعث السوداني ممثلا في الامين العام محمد علي جادين والمحامي يحي الحسين والمهندس محمد وداعة وغيرهم من القيادات بجانب ممثلي القوى السياسية السودانية الاخرين.
وعلى مستوى قيادات الحزب الشيوعي حضر أعضاء اللجنة المركزية المنتخبون وهم محمد ابراهيم نقد والتجاني الطيب بابكر وسليمان حامد الحاج وسعاد ابراهيم احمد التي استقبلت بهتافات وتصفيق من قبل كافة اعضاء المؤتمر والشيوعيين المشاركين وأصدقائهم وحملت على الاعناق وهي في طريقها الى المنصة الرئيسية للمؤتمر اثناء خطاب السكرتير العام نقد، حيث جلست الى جانب جوزيف مديستو وصالح محمود والتجاني الطيب بابكر ويوسف حسين وسليمان حامد والدكتور الشفيع خضر، وحضر أيضا من بين أعضاء اللجنة المركزية المنتخبين فاطمة احمد ابراهيم واستقبلت بعاصفة من التصفيق والهتاف فيما لم تتأكد الصحيفة من حضور محجوب عثمان وهو أحد المنتخبين من المؤتمر العام الرابع.
وصاحب الاحتفالية الحزبية قرع للنحاس خارج قاعة المؤتمر حيث شارك السكرتير العام المحتفلين بالخارج بعد نهاية الجلسة الافتتاحية، لكن أكثرهم فرحا من بين المشاركين علي عسيلات أحد أبرز القيادات النقابية للحزب الشيوعي الذي استمر هو يقرع النحاس تارة ويحتفل وهو (يعرض) مع المشاركين الآخرين تارة أخرى وكذلك محمد الطاهر محمد عثمان الذي لم يكن أقل فرحا من بين كوادر الشيوعي وابراهيم عيد وهو من المخضرمين من بين كوادر الحزب التي شاركت في الاحتفال وغيرهم، وشهد الاحتفال أيضا حضور الصحفي عمار محمد آدم وهو يرتدي بزة سودانية من اللون الأحمر وكان يحتفل مع الحضور وهو (يعرض) أيضا.
أما بداخل القاعة فقد أنشد عدد كبير من الحضور بقيادة عاصم نقد الله وهو أحد القيادات الشابة للحزب الشيوعي واحدة من قصائد الشاعر محجوب شريف الذي استقبل بحرارة فوق العادة ووقف احتفاءً به عدد كبير من الحضور بجانب القيادات الشيوعية الجالسة على المنصة الدينية، واستهل شريف قصائده بتلاوة (الفارس معلق) ثم نشد قصائد اخري بصحبة كريمته مريم.
وكذلك أحسن المؤتمر استقبال الشاعر محمد الحسن سالم حميد الذي اتحفهم بعدد من قصائده، وغنى كورال الحزب الشيوعي عدداً من الاناشيد الجميلة.
سكرتير الشيوعي : لا خيار لنا إلا التعددية بعد فشل رهاننا على الإنقلابات
الخرطوم : التجاني السيد
دعا الأستاذ محمد ابراهيم نقد - في فاتحة أعمال المؤتمر الخامس للحزب الشيوعي السوداني أمس الذي جرى وسط مراسم وكرنفالات وحضور واسع لزعماء الأحزاب بقاعة الصداقة - الى جبهة عريضة تشكل أساساً لتحالف يجمع كل الشرائح والاقليات لتولي مهام الحكم مستقبلا.
وقال نقد بأن الحزب الشيوعي يقف مع خيار التعددية ومناهضة الانقلابات كخيار للوصول للسلطة وحتى إن جاءت بحزبهم للحكم.
وأضاف نقد بأن حزبه يبدأ عقد مؤتمره الخامس بعد 40 عاما من المؤتمر السابق وهو أكثر قناعة بضرورة تجديد المشروع الاشتراكي عبر القيام بدراسة (باطنية) للرأسمالية المعاصرة بتقويم كل العوامل من خلال فهم جديد للماركسية مع تأكيده بانه لا يتوقع ان يكون هناك اي تعديلات في موضوع الاسم وقال :إذا سميناه الحزب الاشتراكي الاسلامي سيقول الناس أيضا اننا شيوعيون. وأكد أن تجربة الاتحاد السوفيتي كانت وستكون مكان دراسة في ظل انهياره ولذا لا بد من تفكير جديد في موضوع السلطة والحريات والتعددية وزاد (يسقط نظام الحزب الواحد حتي ولو كان الحزب الشيوعي).
وقال إن الحزب الشيوعي سيعمل على أساس برنامج يرجح خيار الوحدة بين الشمال والجنوب وإيجاد حل واضح لمشكلة دارفور بإعادة الاقليم لوضعه السابق تخفيفاً للاعباء الادارية وتمثيل ابناء دارفور في السلطة للتفرغ لقضايا اخرى.
الشيوعي يبقي على الإسم ويفرغ من توصياته وينتخب لجنة مركزية جديدة
الخرطوم : أخبار اليوم
حسم الحزب الشيوعي السوداني الاقتراح المقدم من بعض المشاركين في المؤتمر العام الخامس بتغيير اسم الحزب الى اخر، وذلك بالابقاء على الاسم الحالي وهو الشيوعي الذي اطلق على الحزب اول مرة في العام 1956م بعد أن كان يدعى بالحركة السودانية للتحررالوطني (حستو).
وقال السكرتير العام للحزب محمد ابراهيم نقد - في الكلمة التي القاها في المؤتمر وتنشرها (أخبار اليوم) كاملة - إن الحزب حسم القضية عن طريق التصويت الحر الديمقراطي. وعلمت (أخبار اليوم) ان التوصيات التي ينتظر ان يتم الفراغ منها الليلة (امس) سيكون من بينها الإبقاء على الاسم الحالي وسيحسم المؤتمر ايضا في اي لحظة قضية انتخاب لجنة مركزية جديدة ينتظر ان تضم عددا معقولا من القيادات الحالية وستقدم الترشيحات أيضا ليلة امس على ان ينتظر حسمها ايضا في اي لحظة وذلك باختيار لجنة جديدة، كما يناقش المؤتمر مقترحا بانتخاب السكرتير العام للحزب مباشرة من جانب عضوية المؤتمر وهو ما سيتيح تجديد الثقة في السكرتير العام الحالي محمد ابراهيم نقد بأغلبية كبيرة في حال تقدم منافسين ضده وهو أمر مرجح بأن يتقدم أحد المرشحين لمنصب السكرتير العام ويرجح أن يكون الدكتور الشفيع خضر.
ومن جانبه دعا السكرتير العام للشيوعي السوداني محمد ابراهيم نقد الى توفير الحل السياسي لقضية دارفور بالاستجابة العادلة لمطالب أهلها ممثلة في إعادة النازحين واللاجئين الى المناطق التي هجروا منها وإبعاد الذين حلوا محلهم منها، مبينا أن ذلك اذا لم يحل فإن القضية ستظل مستمرة والحرب لن تنتهي، ودعا نقد أيضا لتطبيق العدالة الانتقالية في الاقليم واستلهام تجربة جنوب افريقيا والمغرب، وأوضح أن المسألة بسيطة وتمثل جزءا من تقاليد البلاد وأن كل من ارتكب أي اخطاء في حق اهل دارفور عليه الاعتراف بذلك صراحة، لكنه استدرك بالقول بأن الاعتراف بالخطأ صعب، وفي ما يلي تنشر (أخبار اليوم) كلمة السكرتير العام للحزب:
وأعلن الدكتور الشفيع خضر رئيس اللجنة التحضرية للمؤتمر العام الخامس أمام الحضور أمس عن تدشين اعمال المؤتمر العام للحزب، واشار الى انقضاء اربعة عقود جرت خلالها مياه كثيرة تحت الجسور خاض الحزب فيها نضالا اكسبه الخبرة وتضاعفت قدراته في مجابهة التحديات، واشار الى ان المؤتمر سيكون منبرا للصراع الفكري، مبينا انه لاركون للماضي وحده خاصة وان الحقيقة لا نهائية، مقرا في نفس الوقت بتعدد أبواب الوصول اليها وقال (نختار بوابتنا للوصول لها لكن الشيوعي لا يمنع الاخرين من الوصول اليها) وأشار الى ان الحزب دفع خلال الاعوام الماضية فاتورة باهظة بفعل الحصار والملاحقات والتصفية التي كان يتعرض لها أعضاؤه وكوادره، وحيا الشهداء لكنه اختزل التحية في الشهداء عبدالخالق محجوب والشفيع احمدالشيخ وجوزيف قرنق، وأضاف: (نرمز بهم الى كل شهداء الحزب) وحيا كذلك الراحلين وهم الدكتور فاروق كدودة عضو لجنة صياغة مشروع البرنامج والراحل عمر الفاروق على زكريا عضو لجنة التقرير التنظيمي والراحل زين العابدين صديق عضو لجنة مشروع الدستور، وحيا الراحل الدكتور محمد سعيد القدال، وحيا كذلك اصدقاء الحزب ومناصريه، وأوضح ان الممول الرئيسي للمؤتمر هم الشعب السوداني الذين وفروا المال لمشاركة اكثر من 400 مندوب، ودعا لتوثيق صلات الحزب مع الجماهير وتعهد بمواصلة النضال والمضي قدما نحو تحقيق آمال الشعب السوداني، وتقدم الدكتور الشفيع بالشكر لادارة قاعة الصداقة التي قال انها بسطت تكلفة الايجار.
القوى السياسية ترحب بانعقاد مؤتمر الشيوعي
إلتقاط : أخبار اليوم
رحبت القوى السياسية السودانية بانعقاد المؤتمر العام للحزب الشيوعي السوداني في ظروف وصفها قادة الاحزاب بأنها استثنائية، وقال د. نافع علي نافع نائب رئيس المؤتمر الوطني للشئون السياسية والتنظمية في حديث لقناة الشروق الفضائية إن انعقاد مؤتمر الحزب الشيوعي يعتبر اضافة كبيرة للحركة السياسية في البلاد في التوجه نحو حرية التعبير مؤكدا ان المؤتمر الوطني ظل يتعاون ويدعم كل عمل الاحزاب السياسية في سبيل ان يكون العمل من اجل هذا الوطن.
فيما دعا الصادق المهدي زعيم حزب الامة القومي الي ضرورة خلق التوازن السياسي في البلاد من خلال المدارس السياسية والفكرية المختلفة.
ومن جانبه اكد مولانا محمد عثمان الميرغني زعيم الحزب الاتحادي الديمقراطي وقوفه خلف رئيس الجمهورية للخروج بالبلاد من المخاطر المحيطة بها مشددا على اهمية الوصول الى حد ادنى من الوفاق الوطني الشامل من اجل الوطن والمواطن مشيرا الى ان مؤتمر الحزب يعتبر خطوة هامة قام بها الحزب الشيوعي في البناء الديمقراطي في السودان.
ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ
مشاركات: 226
اشترك في: الأحد مايو 29, 2005 7:59 pm

مشاركة بواسطة ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ »

العدد رقم: 1151 2009-01-26

قولوا حسناً
نقاش هادئ مع الشيوعيين

محجوب عروة
كُتب في: 2009-01-26




أستطيع أن أفهم الدوافع التي حدت بالأستاذ نقد أن يدافع عن الاستمرار في اسم الحزب الشيوعي عندما ألقى خطابه في افتتاح مؤتمر الحزب الخامس ظهر السبت الماضي، كما أستطيع أيضاً فهم الدوافع لكثير من عضوية المؤتمر التي تتمسَّك بالاسم التقليدي للحزب، فلذلك بريقه وتاريخه السياسي والنضالي. وليسمح لي الأخوة الشيوعيون بمناقشة هادئة لهذا الأمر وأرجو مخلصاً ألا يظن بي بعضهم الظنون أن تلك مؤامرة أو من شخص ارتبط تاريخه بالحركة الإسلامية لأكثر من خمسة وثلاثين عاماً كان عدوَّها الأول هم الشيوعيون في المدارس والجامعات والمجتمع السياسي العريض، قاموا بحله مكايدة ونكاية عام 1966م، فذلك أمر قد مضى وأصبحنا الآن أكثر تفتّحاً ووعياً، وأعتقد جازماً أن حلّ الحزب الشيوعي آنذاك كان خطأً سياسياً كبيراً فتح على السودان باباً من جهنم، الانقلابات والانقلابات المضادة، والثورات المسلحة والمدنية كانت سبباً مباشراً في عدم الاستقرار واستمرار الحروب الأهلية والتخلّف الاقتصادي بل في مجالات الحياة السودانية كافة انتهت إلى تدخّل دولي كثيف.
الحيثيات التي أقدمها لتغيير اسم الحزب الشيوعي إلى اسم آخر يكون مقبولاً لدى قاعدة الشيوعيين وأصدقائهم ومناصريهم هي الآتي:
أولاً: اسم الحزب الشيوعي كان نتاجاً للماركسية اللينينية التي حكمت الاتحاد السوفياتي عقب انتصار البلاشقة في روسيا، وكما قال الأستاذ نقد في خطابه كان يمكن للاتحاد السوفياتي أن يكون نظامه تعدّدياً لولا الصراع مع المعسكر الغربي الذي رفض ثورة البلاشفة، ولعل كلمة (سوفييت) نفسها تعني الكميونات أي (المحليات) وليست نتاج الفكر الماركسي، بل إن كلمة البلاشفة تعني الأكثرية، ولكن بسبب الصراع مع الغرب غابت فكرة التعددية السياسية في روسيا وبرز الحزب الشيوعي الماركسي اللينيني فالستاليني، وأصبح الحزب المحتكر للعمل السياسي، فقهر كل القوميات وأي فرصة للتعددية الفكرية والسياسية، وما أن انتهى الجيل الثاني للحكم السوفياتي حتى انهار الحزب والامبراطورية الشيوعية، وأصبح الحزب الشيوعي الروسي الآن حزباً صغيراً في نسيج الحياة السياسية الروسية..
ثانياً: هناك حراك سياسي واجتماعي واسع في السودان ودخلت أجيال كثيرة في صلب الحياة خاصة في الأعوام العشرين الأخيرة التي انتهت فيها الشيوعية عالمياً واقليمياً وصارت كلمة (شيوعية) أشبه بكلمة على أحسن تقدير مثل اليوتوبيا الاشتراكية في القرن التاسع عشر، فلماذا التمسك باسم عتيق لا يعني الكثير للقوى الجديدة، فلماذا يريد الشيوعيون أن يسدوا الأفق أو يقصوا من حزبهم عناصر كثيرة ليست منتمية لأي تيار فكري آخر، فالآن هناك ما يمكن أن يطلق عليه الأغلبية الصامتة المؤثرة غير المنتمية، ومن المستحيل أن تنتمي إلى حزب عقائدي شيوعي يستمد أفكاره من نظام الاتحاد السوفياتي الذي انهار أمام أعينهم ورفضته أوروبا قاطبة، بل العالم أجمع حتى الصينيون اتجهوا نحو اقتصاد السوق.
ثالثاً: ذكر الأستاذ نقد -الذي استصحب معه أطروحة المرحوم عبد الخالق محجوب- أن المدارس الاشتراكية عديدة وفكرها متجدد والماركسية أحد روافدها، فإذا كان ذلك كذلك، فلماذا التمسك بالفكر الماركسي العتيق الذي مضى عليه أكثر من مائة عام، ولم يصلح في أوروبا الصناعية حيث طبقة البروليتاريا أوسع، فهل يصلح كأطروحة فلسفية أو اقتصادية للعالم الثالث الذي له ثقافته الخاصة. ومعلوم أن ماركس كان يظن أن الشيوعية ستسود في بريطانيا حيث قاعدة البروليتاريا الصناعية وليس روسيا أو الصين حيث القاعدة الأساسية هم الفلاحون.. هذا مع تقديري للأخوة الشيوعيين وأفكارهم فهم أولى بلحم ثورهم..

العدد رقم: 1151 2009-01-26

حديث المدينة
نظام (الحزب الواحد).. وحزب (النظام الواحد) ..!!

عثمان ميرغني
كُتب في: 2009-01-26

[email protected]


في المؤتمر العام الخامس للحزب الشيوعي هتف الأستاذ محمد ابراهيم نُقُد (يسقط نظام الحزب الواحد ..) واحتفت مانشيتات الصحف بالهتاف.. هل يأذن لي زعيم الحزب الشيوعي بتكملة الهتاف .. (يسقط نظام الحزب الواحد.. ويسقط حزب النظام الواحد) .. أيضاً..
نظام الحزب الواحد الذي قصده الأستاذ نُقد.. هو النظام الذي لا تسمح المعادلة السياسية في داخله إلا بوصول حزب واحد فقط لسدة الحكم..حتى ولو تعددت الأحزاب ..وقد يتكون الحكم من عدة أحزاب.. ولكن في سياق (وسط الزهور متصور..).. أحزاب تكمل الزينة ويجوز في حقها بعض الحقائب الوزارية بشرط أن (تحفظ أدبها) وتدرك قاعدة (لزوم ما لا يلزم)..
لكن زعيم الحزب الشيوعي في حاجة ماسة ليدرك – أيضاً – أن (حزب النظام الواحد) مآله إلى سقوط.. الحزب الذي تبنى فرضياته وأدبياته على أنه كتلة صخرية صماء واحدة .. يفكر برأس وعقل واحد.. وإذا أطل رأس آخر فلا يجني إلا الإنسلاخ أو الإنفصام في حزب جديد آخر.. وتلك أحد أكبر معطلات العمل السياسي الحزبي في ديارنا السودانية.. قدسية الأحزاب من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار..
الأحزاب السياسية الرشيدة هي مجرد منابر Platform تسمح لكل من يأنس في نفسه الرشد الوطني أن يعتليها ويمارس الطموح السياسي على مد قدراته ومؤهلاته.. لكن المشكلة في سوداننا أن الأحزاب هبة السماء.. قادتها رسل مخلدة.. لا ينازعنهم في قياداتهم إلا هالك (سياسياً) .. فخطورة (النظام الواحد) على الأحزاب لا تقل عن خطورة (الحزب الواحد) على الأنظمة..
والحزب الشيوعي السوداني مؤهل فكرياً وتنظيمياً لممارسة بروسترويكا رشيدة تؤسس لحزب ما بعد الألفية الثالثة.. الحزب الذي يحكم أحفاد الإستقلال.. فقط لو تبصر في منهج لا يتعبد في المسلمات التي عاش بها.. فالفكرة الماركسية التي أكد على اتباعها الأستاذ نقد .. والإسم – الحزب الشيوعي - الذي استعصى على التغيير ليس مشكلة في حد ذاتهما.. لكن المشكلة في أن يكون في الحزب ما لا يمكن تغييره ..(نظام واحد) لا يقبل المراجعة.. صحيح قد يُرضِي ذلك (الذكريات) و خلود الخبرة .. أو (الوفاء!) للماضي.. لكن من اليقين مع الزمن سيتحول الحزب الشيوعي إلى نادي (المحاربين القدماء) .. فيتلاشى مع تلاشي الممسكين بتلابيب الحل والعقد فيه..
المدهش لحد الإنبهار.. أنه في ذات الوقت الذي يتحول فيه الحزب الشيوعي – وهو في المعارضة - إلى مؤسسة جهرية في الهواء الطلق.. تتحول الحركة الإسلامية – وهي في سدة الحكم - إلى منظمة سرية.. تدير إجتماعاتها بمنتهى التكتم والتعتيم.. فيعقد الشيوعي مؤتمره في قاعة الصداقة.. وتعقد الحركة الإسلامية مؤتمرها في أرض المعارض في منتهى السرية ..
أتريدون أن أكشف لكم السر .. حسناً.. سأفعل باذن الله ..!!

العدد رقم: 1151 2009-01-26

مناظير
اختفاء (نقد)!!

زهير السراج
كُتب في: 2009-01-26

[email protected]


* قلت أمس ان (الإختفاء) محطة سياسية مهمة ومضيئة في تاريخ الأستاذ (محمد ابراهيم نقد).. ولكنه – أي الإختفاء – أكبر من ذلك، فهو ليس محطة فقط، ولا سياسية فقط، ولا في تاريخ الأستاذ (نقد) فقط!
* وإنما هو مرحلة تاريخية كاملة بكل جوانبها في تاريخ الحزب الشيوعي السوداني بأكمله وليس في تاريخ الأستاذ نقد فقط!
* بل هو السبب الرئيسي الثاني، بعد المنهج الماركسي، في بقاء وصمود الحزب الشيوعي السوداني حتى هذه اللحظة!
* يعتقد البعض ان الهدف الرئيسي من (الاختفاء) هو حماية قادة الحزب، والحفاظ على حياتهم من الخطر، وهو اعتقاد صحيح، ولكن ليس على إطلاقه! فالهدف الأساسي من (الإختفاء)، ليس فقط حماية قادة الحزب والأشخاص المؤثرين فيه، وإنما حماية الحزب، والمحافظة على حيويته وبقائه، وتوفير حرية الحركة لقادته للعمل بعيداً عن المراقبة والمضايقة والاعتقال، وكل الأشكال والأنشطة الأخرى التي تهدر الوقت وتشتت الجهود، بما في ذلك المجاملات الاجتماعية أو اللقاءات مع الزوار من السياسيين والدبلوماسيين الأجانب .. الخ.
* حدثني الأستاذ (عبد الله نقد) الشقيق الأصغر للأستاذ (محمد ابراهيم نقد)، أنه احتج على الأستاذ (محمد ابراهيم نقد) عندما قررت أجهزة الحزب نزوله تحت الأرض، والعودة للاختفاء مجدداً في عام 1994، بأن الاختفاء يضيع عليه – أي على الأستاذ محمد ابراهيم نقد، فرصة اللقاء مع السياسيين والدبلوماسيين الأجانب الذين يزورون السودان، خاصة بعد ان صار الحزب الشيوعي السوداني، والأستاذ (محمد ابراهيم نقد) على وجه الخصوص، قبلة السياسيين الأجانب، الزوار أو المقيمين بالسودان، للتفاكر حول الشأن السوداني، الأمر الذي يعني ضياع هذه الفرصة على الحزب لشرح وجهة نظره عندما يختفي قادته وعلى رأسهم سكرتيره العام، تحت الأرض، وكان رد الأستاذ (نقد) ان وجهة نظر الحزب صارت معروفة للكل، كما انها يمكن ان تصل لأي شخص عبر وسائل أخرى، بما في ذلك اللقاءات المباشرة المكشوفة، مع أعضاء الحزب الموجودين فوق الأرض، إلا ان استمرار العمل اليومي للحزب، وممارسته لأنشطته بشكل طبيعي، وبقدر كبير من حرية الحركة بعيداً عن الرقابة والمضايقات والاعتقالات.. يتطلبان النزول تحت الأرض والاختفاء، وممارسة العمل السري!
* وبالضبط، كان هذا ما يحدث في كل حالات الاختفاء التي مر بها الحزب خلال تاريخه الطويل، فقد وفر له (الاخفتاء) الوقت وحرية الحركة، للتفكير والحوار وعقد الاجتماعات والاتصال ليس بعضويته فقط، وإنما بآخرين، واتخاذ القرار والتنفيذ بتأن واتقان، بعيداً عن عيون الرقابة والمضايقات والاعتقالات، وتبديد امكانيات الحزب في توفير الحماية لقادته، وبالتالي يمكن القول بلا أدنى شك ان (الاختفاء) لعب دوراً كبيراً في بقاء الحزب وصموده وحيويته، وليس العكس كما يظن البعض!
* تخيلوا معي ماذا كان سيحدث للحزب، لو ظل الأستاذ (نقد) أو كوادر الحزب التي نزلت تحت الأرض في حقب سياسية مختلفة، فوق الأرض تواجه الرقابة اللصيقة والمضايقات والاعتقالات، وماهو أفظع من ذلك.. هل كان بمقدور الحزب ان يحافظ على بقائه ونشاطه؟!
* صحيح ان الحزب تأثر كثيراً باختفاء كوادره القيادية والنشطة، وفقد بعض ديناميكيته وحضوره في الساحة، ومعها عدداً لا يستهان به من عضويته، بالاضافة الى فقدان الاتصال اليومي المباشر بعدد من الكوادر المهمة، ولكن هل تقارن هذه الخسائر بوجود واستمرار الحزب؟!
* بالتأكيد (لا).. والدليل ان الحزب برغم (فلسفة) الاختفاء والعمل السري، التي ظل يلجأ اليها سنوات طويلة لحماية بقائه وممارسة انشطته، هاهو يخرج الآن بعد فترة اختفاء طويلة ظنها البعض (ركوداً).. ليعقد مؤتمره الخامس، بكل هذه الديناميكية والتنظيم الدقيق .. والجماهيرية الواسعة!
* فضلاً عن ذلك، فإن ما يظنه البعض (اختفاءً) أو (ركوداً)، هو في حقيقة الأمر ليس كذلك، وإنما عمل دؤوب ولكنه (سري).. بعيداً عن الأضواء والعيون، وإذا أخذنا كمثال على ذلك، الأستاذ (نقد)، الذي اختفى ثلاث مرات خلال رحلته الطويلة مع الحزب الشيوعي، أولها خلال سنوات الحكم العسكري الأول، وثانيها واطولها خلال سنوات الحكم العسكري الثاني، وثالثها، وربما ليس اخرها، خلال سنوات الانقاذ، فإنه يظل يحضر اجتماعات الحزب بشكل منتظم، ويلتقي بعدد كبير من كوادر الحزب، وبكوادر الأحزاب الأخرى وقياداتها، بل ويجامل في بعض المناسبات الاجتماعية، بالاضافة الى القراءة والبحث والتأليف والتحضير الفكري والعملي لاجتماعات الحزب، ومنها المؤتمر الخامس، الذي ابتدر الأستاذ (نقد) التحضير له خلال فترة الاختفاء الأخيرة، ولولا ثغرة في التأمين الحزبي، جعلت جهاز الأمن يصل الى بعض وثائق الحزب، خلال مداهمة الاستاذ في مقر اقامته، قبل أيام قليلة من الموعد المقرر لظهوره الى العلن .. لانعقد المؤتمر الخامس قبل وقت طويل من الموعد الحالي .. وأرجو ان أجد الفرصة مستقبلاً للحديث عن تلك (الثغرة) بعد جمع المعلومات المطلوبة!
* بقي ان أقول ان (الاختفاء) بكل فلسفته وجوانبه، لم يكن (ممكناً) لولا المساعدة التي وجدها الحزب من كثيرين جداً ليست لهم صلة من قريب أو بعيد بالحزب الشيوعي السوداني، وهو ما يفسر لماذا ظل (نقد) وقادة الحزب، يشكرون الشعب السوداني، كلما سنحت لهم الفرصة، على توفير (الحماية والأمن والرعاية) للحزب الشيوعي السوداني، وعضويته عوضاً عن الأشياء الأخرى!
ويتصل الحديث غداً بإذن الله .. انتظروني

العدد رقم: 1151 2009-01-26

كلام الناس
رسالة الشيوعي لأهل السودان

نور الدين مدني
كُتب في: 2009-01-26

[email protected]


التظاهرة الاحتفالية التي صاحبت انعقاد المؤتمر الخامس للحزب الشيوعي السوداني صباح ومساء امس الأول بقاعة الصداقة بالخرطوم رغم حيويتها وجرعة الابداع المكثفة التي اختتمها عملاق افريقيا الفنان المبدع الدكتور محمد وردي لم تطغ على المعاني والدلالات التي جسدها الحزب الشيوعي خاصة في كلمة السكرتير السياسي للحزب الاستاذ محمد ابراهيم نقد.
* كان الحضور البديع لاهل السودان بكل الوان طيفهم السياسي، الحزب الاتحادي الديمقراطي بقيادة مولانا محمد عثمان الميرغني وحزب الامة القومي بقيادة الامام الصادق المهدي وحزب المؤتمر الوطني الذي مثله الدكتور نافع علي نافع وحزب الحركة الشعبية الذي مثله اتيم قرنق ومالك عقار وياسر عرمان وحزب المؤتمر الشعبي الذي مثله عبد الله دينق وكمال عمر وحركة التحرير (مني) التي مثلها محمد نور الدين والبعث والتحالف الوطني ... الخ مما لم نذكر إلى جانب رموز وقيادات عمالية ونسوية وشبابية كان صورة حية للسودان التليد المتجدد.
* الرسالة القوية التي وجهها نقد، رغم رسائله الكثيرة للخارج والداخل كانت عندما تحدث عن التحديات التي تواجه الحزب في هذه المرحلة ووضع في مقدمتها بقاء الوطن موحدا وديمقراطيا ومتطورا تنمويا تنمية متوازنة خاصة في الجنوب, ووضع حد لنزيف الدم في دارفور وذلك بالاستجابة لمطالب اهله العادلة مع الالتزام بمبادئ العدالة الانتقالية التي تشبه أهل السودان في الاعتذار والعفو.
* النقطة الثانية المهمة في رسالة نقد لاهل السودان اشادته بالتجارب الجديدة التي بدأت وسط الاحزاب السياسية من اجل الاصلاح السياسي والاقتصادي واشارته بشكل خاص لجهود الصادق المهدي في حزب الامة والشريف حسين الهندي في الاتحادي الديمقراطي.. وفي هذه النقطة اعترف نقد بسقوط تجارب الحزب الواحد واكد اهمية الاعتراف بالتعددية الحزبية والديمقراطية النيابية مع دعمها بما اسماه بالديمقراطية المباشرة, كما دعا إلى قيام سلطة سياسية ديمقراطية تعددية من الاحزاب دون ان تفرض فرضا.
* تعرض نقد لقضية التحول الاشتراكي ووصفها بانها انما تعني تحرير الانسان من الاستغلال ومكافأة الانسان حسب عمله وتمليك الشعب وسائل الانتاج.
* كان نقد قد حيا في بداية كلمته التي توقفنا عند بعض اشاراتها الحركة السياسية السودانية والاسر السودانية التي فتحت قلوبها قبل ابوابها لهم وللحركة العمالية وللصحفيين الذين استبسلوا باقلامهم ولم ينس المرأة التي شكلت حضورا فاعلا في الجلسة الافتتاحية بحضور د.خالدة زاهر وفاطمة احمد ابراهيم وسعاد ابراهيم احمد ولم ينس ذكر عطبرة مدينة الحديد والنار والرجال.
* الحزب الشيوعي السوداني قال كلمته في الهواء الطلق وفي انتظار ثمار هذا المؤتمر المفصلي في تاريخ الحزب دعونا نتفاءل بأن يكون هذا المؤتمر صفحة جديدة لدفع الحراك السياسي وتفعيله ديمقراطيا وتنظيميا وسط كل الاحزاب الحاكمة والمعارضة.


السودانى
ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ
مشاركات: 226
اشترك في: الأحد مايو 29, 2005 7:59 pm

مشاركة بواسطة ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ »

يكاد يكون الطيب مصطفى من القلائل الذين انتقدوا قيام المؤتمر الخامس للحزب الشيوعى وعبر عن ذلك بمقال فيه عن رايه بصراحة لنرى ماذا كتب وما قال وما هدف اليه ...



زفرات حرى

الحزب الشيوعي السوداني والبيات الشتوي!!

الطيب مصطفى

شعرتُ بالاشفاق والله على الحزب الشيوعي السوداني عندما قرأت تصريحات رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الخامس الشفيع خضر بأن الحزب (متمسك بالماركسية كمنهاج ومرشد للحزب)!!

بربكم هل من غفلة ورجعية أكبر من هذه... ماركس مات وشبع موتًا وسقط المعسكر الاشتراكي وقُذف به في مزبلة التاريخ وانهار الاتحاد السوفيتي (العظيم) كما انهار جدار برلين الذي كان يحول دون هروب وفرار شعب المانيا الشرقية من سجن الماركسية الذي كان يقبع فيه ومن رقِّها وظلمها وظلامها وانضمت المانيا الشرقية الماركسية إلى المانيا الغربية محتكمة الى مرجعيتها الفكرية وها نحن نشهد انهيارًا وموتًا بطيئًا لكوريا الشمالية الماركسية التي تعاني من أبشع صنوف القهر والاستعباد بينما تعيش كوريا الجنوبية في رغد العيش وبحبوحته بعد أن أصبحت قوة اقتصادية هائلة، وبالرغم من كل ذلك يخرج علينا هؤلاء الرجعيون ليحدثونا عن تمسكهم بالماركسية التي لا تعدو أن تكون أفكارًا لرجل ككل الرجال وليس نبيًا رسولاً يوحى إليه!!

إنه الإنسان الظلوم الجهول حين تأخذه العزة بالاثم (ويركب رأسه... إنه مثال حي للأخسرين أعمالاً الذين ضلَّ سعيُهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً) أولئك الذين لا يردهم أو يردعهم الواعظ الأكبر (الموت) الذي يرونه يتخطَّف رفاقهم آناء الليل وأطراف النهار ورغم ذلك يصرون على انتهاج روح القطيع التي تقول (إن المريد لشيخه كالميت بين يدي الغاسل) فهم للأسف كالموتى بين يدي شيخهم الكافر الملحد الهالك ماركس لم يتعظوا بتجربة الحزب السياسية في السودان والتي جعلت تنظيمهم مجرد (خميرة عكننة) في السياسة السودانية لا دور له غير اشعال الحرائق وافتعال الأزمات وإحداث الاضطرابات السياسية التي قعدت بالسودان وعطّلت أو انهكت مسيرته السياسية.

يدهشني أن الحزب بعد كل التجارب المريرة لم يتصالح مع واقعه المحلي وظل يعرض (بره الطاره) ويغرد خارج سرب المجتمع السوداني وظل يستمسك برؤية الملحد ماركس حول الدين بلسان الحال على الدوام وبلسان المقال أحيانًا الأمر الذي جعله ينأى بعيدًا عن ثقافة ووجدان الشعب السوداني الذي لفظه لفظ النواة وإلا فقولوا لي بربكم ماذا يعني أن يقول الشفيع خضر إنهم مستمسكون بالماركسية كمنهاج ومرشد بالرغم من خطورة هذه المقولة في ميزان العقيدة الإسلامية بالنظر إلى أن المنهاج الوحيد للمسلم هو الإسلام الذي يحتم على المسلم أن يؤمن به عقيدة وشريعة ونظام حياة كما ينبغى للمسلم أن يوحد الأمر كله لله وهذا هو جوهر التوحيد المنافي للشرك الذي يجعل البعض يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض كما أن المسلم يؤمن بالله الحي القيوم ويسلم له تسليمًا مطلقًا وليس بماركس الملحد المقبورالذي لو عاش إلى زماننا هذا لكان له رأي آخر حول خطرفاته الخرقاء.

يعلم هؤلاء المساكين أن الصين لم تحقق طفرتها التنموية والاقتصادية الحديثة إلا بعد أن لفظت الماركسية وانتهجت اقتصاد السوق بعد أن أخذت بحكمة قائدها دينق هيساو بينج الذي قال (لا يهم لون القطة بقدر ما يهم قدرتها على اصطياد الفئران)!!

لا أقول ذلك اقتناعًا باقتصاد السوق المجرد من الأخلاق والملئ بالظلم والنقائص التي أنتجت الأزمة الاقتصادية الأخيرة وإنما لمجرد المقارنة بين نظام يقتل الدافع الشخصي ويجعل الإنسان آلة في ماكينة الدولة ونظام آخر يعترف بالملكية الخاصة وبالقطاع الخاص كمحفِّز للنهضة والبناء... أما المنهاج الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فهو اقتصاد يقوم على مبادئ الإسلام وقيمه الأخلاقية ويعترف بالملكية الخاصة وباقتصاد السوق الخاضع للضوابط الأخلاقية التي تمنع الظلم وتضبط الغاية بسمو الوسيلة وهذا حديث يطول.

أرجو أن أتعرض في مقال قادم لزيارة قمت بها إلى رومانيا قبل سقوط شاوسيسكو حين كانت ترزح تحت نير الماركسية حتى أُطلع القارئ على أنموذج حي لنظام قهري يقوم على الماركسية التي لا يزال محمد إبراهيم نقد والشفيع خضر يتغنيان بها ويهيمان!!

ينعقد المؤتمر الخامس للحزب الشيوعي السوداني بعد أكثر من أربعين عامًا من آخر انعقاد له عام 1967... ولكم أن تتخيلوا حزبًا يظل تحت نفس القيادة التي مات من أعضائها الكثيرون خلال هذه السنوات الأربعين وبالرغم من ذلك يرفع الحزب عقيرته وصوته صباح مساء وينادى بالديمقراطية!!

مما سيناقشه المؤتمر - ويا للعجب - تقرير تنظيمي عن أداء الحزب بين المؤتمرين!! أى أداء الحزب خلال الاثنين وأربعين عامًا الماضية!!

طبعًا لم أدهش لحضور ياسر عرمان فهذا دأب الحزب العجوز الذي يجيد امتطاء الآخرين والصعود على أكتافهم لإنفاذ مخططاته من خلالهم بعد أن تبين له تعذر بلوغه أهدافه فوق حصانه العليل ولا غرو أن نراه يقود قطاع الشمال في الحركة الشعبية لتحرير السودان وينشئ التجمع الوطني الديمقراطي... ذلك الكائن الهلامي الذي مات بأكثر مما مات ماركس لكنهم يتشبَّثُون به بأكثر مما تشبَّث الجن بسليمان بعد وفاته ظناً منهم أنه حي يرزق!!
ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ
مشاركات: 226
اشترك في: الأحد مايو 29, 2005 7:59 pm

مشاركة بواسطة ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ »

همزة وصل بين مؤتمرين

(سياحة في ذاكرة محاضر المؤتمر الرابع للحزب الشيوعي السوداني المنعقد عام 1967)

حسن الجزولي
[email protected]

* كثير من المياه جرت تحت جسور وبين أخاديد أودية وخيران الأحياء الشعبية البائسة منذ انعقاد الرابع

* أبناء من كانو يفعاً في الستينات يشاركون اليوم في أعمال المؤتمر الخامس بكامل عضويتهم ووعيهم

* شيخ الخير عن قطاع المزارعين كان أكبر المؤتمرين وعباس الطاهر الأصغر عمراً بينهم

مع الفلق الباكر لصبيحة يوم السبت الحادي والعشرين من أكتوبر عام 1967، كانت نسمات ثورة أكتوبر تهب على سكان العاصمة و جماهيرالأقاليم التي إستعدت قواها السياسية والاجتماعية وتأهبت للاحتفال بالذكرى الثالثة لثورة الجماهير التي انتفضت في مثل ذلك اليوم قبل نحو ثلاث سنوات منه.. أولئك السكان وتلك الجماهير التي دكت حصون الديكتاتورية العسكرية الأولى واستلمت السلطة كل السلطة في أياديها لحين من الدهر!.. هكذا.. عنوة واقتداراً.

كانت أجواء ستينات القرن الماضي تختلف نوعاً عن أجواء هذه الألفية التي فيها نحن الآن، فأجواء عام 67 كان لها نفس وروح تختلف تماماً عن رئة هذه السنوات في السودان والتي تبدو للناظر إليها وكأنها تتنفس اصطناعياً!. كان عام 67 من الأعوام التي يؤرخ لها السودانيون بأنها ضمن العصر الذهبي الذي مر على البلاد !، فعام 67 من أعوام الستينات التي كانت سمحة ندية ومترعة بالتفاؤل المديد.. والطمأنينة لمستقبل سوداني واعد بالبشر والفرحة ، خاصة مع الثقة بالنفس وإرادة الشعب الغالبة .. التي دكت حصون الديكتاتورية العسكرية المتغطرسة في الحادي والعشرين من شهر أكتوبر.. عندما الشعب هبً وثار.. رغماً عن الانتكاسة التي منيت بها شعارات أكتوبر نفسها! .. ورغماً عن التآمر الباكر علي كيفية إدارة اللعبة الديمقراطية ( الماكرة).. والتي بها تم حلً الحزب الشيوعي السوداني !.. ما جعل مواطناً سودانياً يستشيط غضباً ليعبر عن احتجاجة بطريقته المأساوية تلك .. حينما أشعل النار( حراقة براقة) على جسده الغض في إحدى التظاهرات الجماهيرية.. والتي كثيراً ما خرجت في تلك السنوات منددة بذلك العسف والتجني على الديمقراطية والحريات العامة التي بدأت تتسرب كالماء من بين الأصابع !.. نعم فقد كان ضمير المواطن السوداني ( عبد الله السماني) .. والمنتمي لمدينة واد مدني وهو يشعل النار على جسده في تلك السنوات.. وكأن ضميره .يردد بصدق ثوري ووطني كلمات الروائي أبكر إسماعيل :-

إن قلتها تمت

وإن لم تقلها تمت

فقلها ..

ومت.!.

ومع ذلك ليست للناس صورة فوتوغرافية ولو واحدة لذلك المواطن!.. صورة واحدة فقط!

ومع ذلك كانت حياة الناس تسير.. والكل فرح بارادة الشعب الغلابة، وبالاطمئنان لانصاف القانون وبمحكمته الدستورية!، ونزاهة القضاء الذي يسهر على حريات الناس وحقوقهم في التمتع بحياتهم في ظل وطن حر وديمقراطي وتعددية تسع الجميع وتكفي .. لو كان البعض منا وضعوا} الرحمن في قلوبهم{!..

في عام 67 .. أخرجت المطابع أفخم الكتب والدوريات في مختلف ضروب المعرفة والفهم .. قدم المسرح روائع العبادي وأبو الروس والفاضل سعيد }المك نمر، إبليس وأكل عيش { المسرحيات الأشهر في تاريخ المسرح السوداني .. واجتهد الشعراء والمطربون والملحنون في إصدار الأغنيات المترعة بالبهجة والطرب العام، فظهرت أغنيات جديدة لنج لحمد الريح مع عثمان خالد في رائعتهما }إلى مسافرة{، وتعرف المستمعون على المطرب محمد ميرغني في أغنيته البديعة} مين فكرك ياحبيب{.. وإبن البادية في }حسنك أمر{ وأحمد الجابري مع }هوج الرياح{ وترنم الناس مع وردي في }يا أعز الناس{ و}يانسمة{ عندما التقى مع الشاعر مبارك بشير لأول مرة.. وغيرها من أغنيات مطربي تلك الفترة.. وفي الكورة كان جكسا وكان قاقرين وناس سبت دودو وبشير عباس وود الديم وعمر التوم وود الزبير وبشارة وسانتو .. كان الفريق الأهلي السوداني يهز ويرز!.

مع فلق صبيحة ذلك اليوم إستعدت جماهير أكتوبر للاحتفال بثورة أكتوبر .. ,وللأمر نفسه استعدت في ذلك اليوم سيدات منظمة الهلال الأحمر لتوزيع الكسوة على أهالي أم القرى إحتفاء بثورة أكتوبر!.. ورتبت الجمعية العمومية لفريق الهلال العاصمي لعقد جمعيتها العمومية في اليوم التالي على شرف ذكرى أكتوبر.. وأجرت صحيفة الرأي العام في عددها الصادر صباح ذلك اليوم حواراً مطولاً مع الفرقة الصومالية الفنية التي وصلت البلاد للمشاركة في احتفالات ثورة الشعب.. واستعدت دور السينما في ذلك اليوم لتقديم أجمل الأفلام لجمهورها، فأعلنت سينما النيل الأزرق عن فيلمها الفرنسي }الحسناء الغبية {للممثلة الجميلة بيرجيت باردو مع أنتوني بيرقر والوطنية بحري فيلم }الطريق الوعر{و الصافية قدمت شامي كابور في الفيلم الهندي الأشهر } جانوار{.

مع فلق صبيحة ذلك اليوم ظهرت صحف العاصمة اليومية تحمل مانشيتات تحتفي وعظمة المناسبة.. }عاشت ذكرى ثورة أكتوبر{ قالت الصحافة.. والسودان الجديد قالت } الهبة الشعبية وضعت حداً للتسلط والارهاب{ .. والأيام }تحيي ذكرى شهداء الثورة{ وبيانات ومنشورات وتصريحات وأناشيد أكدت على إصرار الشعب ومواصلته لمسيرة إنتزاع حقوقه كاملة غير منقوصة .. فقدم وردي نشيدي }إنني أُؤمن بالشعب حبيبي وأبي{ و} لو لحظة من وسن{!.. وكانت ملحمة أبو اللمين وهاشم صديق تصدح ك}مارسيل سوداني بحت!{ كان إصرار الشعب يؤكد على مواصلة مسيرته لانتزاع حقوقه كاملة.. دون أي شق أو طق!.

وأما فيما يخص الأزمة السياسية التي بدأت تطفو على سطح الحياة الاجتماعية رويداً رويداً منذ بدايات بوادر التآمر على ثورة أكتوبر فقد عبرت عنها أخبار الصحف التي ظهرت صبيحة ذلك اليوم } برقية من الخرطوم لوزيري المالية والحكومات المحلية للتوجه من الكويت للسعودية للحصول على قرض!{.. } عدد من النواب يطالبون بتوبيخ الشيخ علي أمام الجمعية التأسيسية!{.. } طرح الثقة في الحكومة إذا لم يقتنع النواب برد رئيس الحكومة!{.. }الصادق المهدي يصرح :- قيادة حزب الشعب رفضت الديمقراطية وأيدت الديكتاتورية!{!. }الجمعية الطبية تحتج وتقرر الاضراب يوم السبت!{ .. } هل يهدف الاستجواب للنائب محمد توفيق إسقاط الحكومة؟{!.

مع فلق صبيحة ذلك اليوم كان كل هذا يجري..

ومع فلق الصباح لذلك اليوم، كانت مجموعة منتقاة تتكون من مائتي أمرأة ورجل تستعد للاحتفال بطريقتها.. فقد كانت تنتظرها مهمة تاريخية تختلف جملة وتفصيلاً!.. كانت تلك الفصيلة تتحسس خطاها بحذر وتكتم وهي تتوجه من أطراف ووسط وأقاصي البلاد للعاصمة.. وفي العاصمة نحو مدينة الخرطوم بحري تحديداً.. وفي مدينة بحري تحديداً صوب منزل محدد كائن بحي الصافية في تلك المدينة! .

200 امرأة ورجل .. ما أن إكتمل وصولهم حتى إنتظم جمعهم داخل ( الصالون ) المتواضع لذلك المنزل.. ليقف أحدهم معلناً بفخر عن إفتتاح أعمال المؤتمر الرابع للحزب الشيوعي السوداني في ذلك اليوم الأغر!.

200 أمرأة ورجل .. أكبرهم عمراً كان المرحوم شيخ الخير عن قطاع المزارعين.. والأصغر عمراً كان عباس الطاهر( أُقروب) .. كان كل من خليل الياس وجلال السيد عن قطاع الشباب وعثمان النصيري وعبد المنعم عطية عن قطاع الطلاب وفائزة أبوبكر عن قطاع النساء .. رجال ونساء .. فتية وفتيات.. جل قياداتهم كانوا في ريعان الشباب والفتوة والأناقة والوسامة .. عبد الخالق والشفيع وقرنق والتيجاني كانوا في بداية الأربعينات من عمرهم.. وغالبيتهم شباب تتقارب أعمارهم .. كانوا رجالاً وكن نساءاً .. الشيوخ الأجلاء فيهم يحدوهم الأمل بطمأنينة وثقة.. وتبرق أعين شبابهم بأشعة المستقبل والانتصار لقيم الخير والسعادة الدائمة لهم ولشعبهم!.

نساء ورجال.. منهم من ساهم في تأسيس الحزب الشيوعي.. ومنهم من عاصر عنبر جودة ، وأيام سودة.. منهم من صارع الديكتارية العسكرية الأولى في حياة الشعب السوداني.. أولئك الذين} حكموا عليها بأعمالها{ فمرغوا أنف الديكتاتورية نفسها في التراب، و منهم من نال شرف المشاركة في ليلة المتاريس التي شيدت بأجساد الجماهير الثائرة كدروع بشرية سداً منيعاً ضد عودة الجيش لحكم البلاد في أعقاب سقوط حكم عبود وجنرالاته، ومنهم من إستبسل دفاعاً عن دار الحزب الشيوعي في إعقاب تآمر أحزاب القوى اليمينيه على شرعية وجوده في الحياة السياسية السودانية، لا سيما في أحياء العباسية وبيت المال بأمدرمان!.

إذن فقد جاء إنعقاد المؤتمر الرابع للحزب في ظل كثير من الأحداث المحلية والاقليمية والدولية التي كانت تمسك برقاب بعضها البعض.. فقد تم إختيار تاريخ إنعقاد ذلك المؤتمرلأسباب مقصودة لذاتها، ولها علاقة مباشرة بصرامة تأمين المؤتمر والمؤتمرين نسبة للظروف البالغة الحساسية والتي كان يمر بها الحزب في تلك الفترة نتيجة لتكالب قوى الثورة المضادة ممثلة في أحزاب اليمين التقليدي بحله عام 1965 لتحرمة من حقه الديمقراطي الحر في الوجود والنشاط القانوني، بعد أن هدد مواقعها في أعقاب انتصار ثورة 21 أكتوبر.. فبينما كانت البلاد مشغولة طيلة ذلك اليوم تحديداً باحتفالات أكتوبر، إنشغل الحزب الشيوعي تحت الغطاء الذي وفرته المناسبة بالفصل الآخيرلعقد مؤتمره الرابع بتكتم بالغ التأمين والحذر!.

و صادف تاريخ انعقاد المؤتمر الرابع للحزب جملة من الاحداث التاريخية ..فقد شهد يوم 21 أكتوبر ميلاد العالم والمخترع السويدي الفريد نوبل عام 1833!.. وصادف تاريخ ذلك اليوم اكتشاف العالم الأمريكي توماس أديسون للمصباح الكهربائي منذ عام 1879!.. وصادف تاريخ ذلك اليوم الغارة الامبريالية والتي عرفت فيما بعد بالعدوان الثلاثي الذي أغارت فيه طائرات كل من بريطانيا وفرنسا واسرائيل على المدن والمطارات المصرية لارغامها على فتح قناة السويس عام 1956!. فضلاً عن أن أعمال المؤتمر الرابع تأتي في أعقاب مؤتمر القمة العربي بالخرطوم والذي عقد في 29 أغسطس من نفس العام وعرف بمؤتمر اللاءات الثلاثة .. لا اعتراف .. لا تفاوض.. لا صلح!.. حينها أطلقت سيدة الترانيم الفخمة} فيروز{ أنشودتها العذبة :-

الطفل في المغارة

وأمه مريم .. طفلان يبكيان

ياقدس!

وجاء إنعقاد المؤتمر الرابع للحزب في أعقاب الهزيمة العسكرية التي منيت بها الجيوش العربية وفي مقدمتها قوات مصر المسلحة في 5 يونيو عام 1967.. وقبل أقل من شهرين من انتصار (شعب) اليمن الجنوبي بانتزاعه لاستقلاله من المستعمر الانجليزي وتأسيس قواه التقديمية لسلطتها .. سلطة الجبهة الوطنية التقديمية في 30 نوفمبر عام 1967!.. وبعد إثني عشر يوماً من الاستشهاد البطولي للقائد الأممي أرنستو تشي جيفارا في أحراش بوليفيا بعد أن حاصرته جحافل الديكتاتورية البوليفية المكونة من ما يقارب العشرة آلاف جندي بعد تلقيهم لمساعدات لوجستية من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية!.. وليس أخراً كان شهر أكتوبر من عام 67 هو الذي استقبل فيه قراء العالم الطبعات الأولى لرواية (مائة عام من العزلة ) للأديب الكولومبي التقدمي قابريال قارسيا ماركيز!.

بدأت أعمال المؤتمر الرابع تمام الثامنة صباحاً واستمرت لمدة يوم واحد إنتهى في العاشرة مساءاً .. ناقش فيه المؤتمرون وثائق المؤتمر الرئيسة كالتقرير السياسي ومشروعي البرنامج واللائحة فضلاً عن التقريرين التنظيمي والمالي وانتخاب اللجنة المركزية للدورة الجديدة.

في هذا المؤتمر الذي تولى رئاسته أحد النقابيين من عمال السكة حديد بعطبرة والذي أنتخبه المؤتمرون للمهمة، وردت العديد من برقيات التحايا والتهانئ بانعقاد مؤتمر الشيوعيين السودانيين من بعض الأحزاب الشيوعية في المنطقة العربية وقارات أسيا وأفريقيا وأوربا، حيث تولى الراحل سمير جرجس تلاوتها .. وتخللت المداولات فترات راحة، لآداء صلوات الظهر والعصر والمغرب، علماً أن تقرير هذا المؤتمر الذي صاغة الشهيد عبد الخالق محجوب صدر فيما بعد في كتاب بعنوان (الماركسية وقضايا الثورة السودانية).

في هذا المؤتمر تقدمت القيادة السابقة، بأسماء مرشحيها للجنة المركزية } كما جرت العادة!{.. إلا أن إعتراض البعض على هذا الشكل، أخضع الاجراء لمناقشة مستفيضة، بعد أن اتضح أن عدداً من مناديب المؤتمر، أبدوا رغبتهم في الترشح، فكان أن قرر المؤتمر، فتح باب الترشيح لمن يرغب، إلى جانب القائمة المقدمة من اللجنة المركزية السابقة.. والشاهد فإن إجماعاً قد تم، حول ترشيح عدداً كبيراً من المرشحين، الذين تقدمت بأسمائهم اللجنة المركزية، من بين عدد 150 مرشحاً، وفي ذلك المؤتمر، نال سبعة أعضاء إجماع المؤتمرين! بينما تفاوتت حظوظ البقية، وكان كل من، عبد الخالق محجوب والشفيع أحمد الشيخ والتيجاني الطيب بابكر، قد نالوا أعلى الأصوات.

في هذا المؤتمر، دخلت أربعة شخصيات نسائية، لأول مرة إلى عضوية اللجنة المركزية، هن كل من فاطمة أحمد أبراهيم وسعاد أبراهيم أحمد ومحاسن عبدالعال ونعيمة بابكر، ضمن ال33 عضواً الذين إنتخبهم المؤتمر، لعضوية اللجنة المركزية الجديدة.علماً بأن كل من فاطمة وسعاد، لم تشاركا في أعمال ذلك المؤتمر، الأولى لارتباطها المسبق مع منشط من مناشط الاحتفال باكتوبر باعتبارها عضوة في الجمعية التأسيسية كمستقلة عن دوائر الخريجين كأول أمرأة تدخل البرلمان ممثلة للمرأة في السودان والمنطقة، و أما الثانية فقد كانت في فترة وضوع.

في هذا المؤتمر تم انتخاب - إلي جانب الشخصيات النسائية الأربعة للجنة المركزية - كل من أبراهيم حاج عمر، أبراهيم زكريا، التيجاني الطيب، الجزولي سعيد، الشفيع أحمد الشيخ، أحمد سليمان، الطاهر عبد الباسط ، الأمين محمد الأمين، جوزيف قرنق، الحاج عبد الرحمن، حسن قسم السيد، خضر نصر، سليمان حامد، سعودي دراج، شريف الدشوني، صلاح ميزري، عبد الخالق محجوب، عزالدين علي عامر، عبد المجيد النور شكاك، عمر مصطفى المكي، عبد الرحمن عبد الرحيم الوسيلة، عبد العاطي محمد، عبد القادر عباس، فاروق محمد إبراهيم، محجوب عثمان، محمد أحمد سليمان، محمد إبراهيم كبج، محمد إبراهيم نقد، معاوية إبراهيم سورج .. أحد عشرة منهم شكلوا عضوية المكتب السياسي }عبد الخالق، الشفيع، قرنق، عمر مصطفى، الطاهر، عز الدين، نقد، مازري، فاطمة، سليمان حامد، محمد أحمد سليمان{ .. و3 أعضاء شكلوا عضوية سكرتارية اللجنة المركزية.. هم كل من عبد الخالق والشفيع وسليمان. كما انتخب المؤتمر عبد الخالق محجوب سكرتيراً سياسياً للحزب.

من هؤلاء تم إعدام 3 أعضاء، هم الشهداء عبد الخالق محجوب،جوزيف قرنق والشفيع أحمد الشيخ .

من هؤلاء انقسم 12 عضواً نتيجة لقيادتهم للتيار الذي تكتل وخرج على قرارات المؤتمر التداولي الذي عقد عام 1970 وحسم أمر الخلاف الفكري حول تاكتيكات الحزب والموقف من إنقلاب 25 مايو 1969، الأمر الذي اعتبرته قيادة الحزب إنقساماً واضح المعالم وتعاملت معه على هذا المستوى فقامت بفصل كل من أحمد سليمان، نعيمة بابكر، معاوية أبراهيم سورج، عمر مصطفى المكي، محاسن عبد العال، الأمين محمد الأمين، فاروق محمد أبراهيم، عبد القادر عباس، الطاهر عبد الباسط ، الحاج عبد الرحمن، أبراهيم حاج عمر، محمد أبراهيم كبج.

من هؤلاء إستقال عضوان، أحدهما عن الحزب بكامله وهو محمد أحمد سليمان أثناء إجتماع اللجنة المركزية في مارس عام 1969، والذي إنضم فيما بعد إلى المنقسمين، بعد المفاصلة الفكرية، والآخر شريف الدشوني المستقيل من اللجنة المركزية، لأسباب خاصة محتفظاً بعضويته الحزبية.

من هؤلاء رحل كل من :- أبراهيم زكريا، عز الدين علي عامر، الجزولي سعيد، صلاح مازري ، عبد الرحمن عبد الرحيم الوسيلة، معاوية أبراهيم سورج، عمر مصطفى المكي، الأمين محمد الأمين، عبد المجيد النور شكاك، حسن قسم السيد، خضر نصر ، الطاهر عبد الباسط ، الحاج عبد الرحمن، أبراهيم حاج عمر.

200 أمرأة ورجل إجتمعن واجتمعوا في ذلك الصالون الماهل خلسة .. وتفرق جمعهم كما تداعوا زرافات ووحداناً.. جلهم لا يعرف عنهم أحد ولا يودون ذلك .. عادوا من حيث أتوا .. بعد أن أنجزوا سفراً أودعوه التاريخ، وأرشيف حزبهم الذي أكلت بعضه ( الأرضة) ومشي بعضه الآخر مع الذين مشوا منهم وهم يتوزعون على فجاج المقابر! .. وأما الأحياء منهم فقد (توزعوا) على البسيطة من داخل ذلك المنزل المتواضع الذي جمعهم بعد أن أدوا المهمة التاريخية .. على كل الشوارع والأزقة والحوارى الضيقة ولسان حال بعضهم يردد قول صلاح عبد الصبور الذي أنشد لآمثالهم :-

ولكني إنسان فقير الجيب والفطنة

ومثل الناس أبحث عن طعامي..

في فجاج الأرض!.

ثم توزعوا على فجاج أرض السودان الواسعة على أية حال!.

جاء إنعقاد المؤتمر الرابع بعد مضي أحد عشرة سنة من إنعقاد المؤتمر الثالث عام 1965، باسم }الحركة الوطنية السودانية للتحرر الوطني{عندما تأسست في أغسطس 1946 لهدف مباشرمتمثل }في الجلاء التام وحق تقرير المصير، وبعد الاستقلال نشأت ظروف جديدة تناولها بالدراسة والتحليل المؤتمر الثالث في وثيقة سبيل السودان نحو تعزيز الاستقلال والديمقراطية والسلم وهي أن البلاد دخلت فترة جديدة تتطلب مواصلة النضال من أجل استكمال الاستقلال السياسي بالاستقلال الاقتصادي والثقافي وبأنجاز مهام الثورة الوطنية الديمقراطية{.

صحيفة الميدان كانت محجوبة عن قراءها في تلك الفترة بحكم القرار( الاداري) الصادر عن الجمعية التأسيسية بأغلبيتها الميكانيكية التي قررت حل الحزب الشيوعي السوداني وتحريم نشاطه القانوني من الحياة السياسية السودانية، ولكن صحيفة أخبار الأسبوع التي كانت تصدر في تلك السنوات تولت مع صحف أخرى إعلان نبأ إنعقاد مؤتمر الشيوعيين السودانيين الرابع للرأي العام!.

و الآن يأتي إنعقاد المؤتمر الخامس بعد سنوات طوال.. طالت واستطالت! .. أعمل فيها السودانيون شجونهم وعقولهم وأقلامهم وأحبارهم لأجل أن ينعموا باستقرار سياسي واقتصادي واجتماعي .. وما حصدوا سوى الحصرم .. سنوات جرت فيها مياه كثيرة تحت الجسور و بين أخاديد الأودية وخيران الأحياء الشعبية البالغة البؤس! .. سنوات طالت واستطالت.. فمن كانوا شفعاً يفعاً في عام 1967 يلهون حفاة بين الشوارع والأزقة وبراءة الأطفال في عيونهم، يُمثل اليوم أبناؤهم وكريماتهم كعضوية أصيلة بالمؤتمر الخامس للحزب الشيوعي!.. هذا إذا قسنا السنوات }ششنة{ كما يقولون! .. أو دعونا نحسبها بطريقة ( جماعة أبادماك) - التي حسبت سنوات الاستقلال في بيان مشهور لها بمناسبة ذكرى حلوله في سنوات مضت – فكانت كما يلي :-

21 أكتوبر 1967 حتى 31 ديسمبر 2008 تكون كالآتي :-

41 سنة وشهرين و10 أيام.

فيها 494 شهراً و10 أيام.

فيها 2141 أسبوعاً.

فيها 15047 يوماً.

فيها 3611280 دقيقة.

فيها 1300060800 ثانية.

بالتمام والكمال!..

فمتى ستحل مواعيد إنعقاد السادس؟!..

هذا ما سيجيب عليه .. الخامس! ..

وكل عام والسودان وشعبه وقواه الحية وأحزابه الوطنية .. جميعها.. بألف خير!.
ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ
مشاركات: 226
اشترك في: الأحد مايو 29, 2005 7:59 pm

مشاركة بواسطة ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ »

الثلاثاء 27 يناير 2009م، 1 صفر 1430هـ العدد 5597

نقد سكرتيراً سياسياً
إعادة انتخاب جميع قيادات سكرتارية الحزب الشيوعي القدامى

الخرطوم: علوية مختار

أعلن الحزب الشيوعي انتخاب «46» عضواً في اللجنة المركزية منهم خمسة كاحتياطي،بينما نال السكرتير العام للحزب محمد ابراهيم نقد الذي أعيد انتخابه سكرتيراً سياسياً للحزب ،أعلى أصوات الناخبين إلى جانب القيادي التجاني الطيب وآخر من أبناء الولايات الجنوبية، وينتظر أن يعلن الحزب اليوم بيانه الختامي وتوصيات مؤتمره الخامس،بينما طالب نقد بسحب يد المجتمع الدولي عن حل أزمة دارفور وحسمها سودانياً.
وأبلغت مصادر نافذة «الصحافة» بإعادة انتخاب جميع قيادات سكرتارية الحزب الشيوعي القدامى وعلى رأسهم سليمان حامد ود. الشفيع خضر ويوسف حسين، واشارت لانتخاب ست نساء هن سعاد ابراهيم وآمال جبر الله وهنادي فضل الله ونور الصادق وبثينة خرصاني ونعمات مالك، واشارت لانتخاب ثلاثة من أبناء الولايات الجنوبية الى جانب عدد مقدر من الشباب.
وتوقعت ذات المصادر ان تنهي اللجنة المركزية الجديدة في وقت متأخر من ليل أمس عملية انتخاب المكتب السياسي من تسعة اعضاء واشارت لوجود اتفاق عام على إعادة نقد سكرتيراً سياسياً في قمة الحزب. وذكرت ان الحزب قرر الرجوع للنظام القديم المكون من المكتب السياسي خاصة وان السكرتارية استحدثت بعد احداث 1971م، وما تعرض له الحزب من ضرب لتسيير اعماله.
وفي السياق ذاته، قال مقرر المؤتمر العام الخامس للحزب الشيوعي محمد سليمان في تصريحات للصحافيين ان العملية الانتخابية تمت في جو ديمقراطي ، واشار لاستلام هيئة رئاسة المؤتمر قائمة الاعضاء الجدد المنتخبين للجنة المركزية، واوضح ان هناك اسماء في اللجنة المركزية لن تعلن لدواعٍ لم يسمها.
وعلى ذات المنحى، أكد القيادي في الحزب الشيوعي الشفيع خضر لـ «الصحافة» دعوة القيادة الجديدة لاجتماع لاجازة البيان الختامي والتوصيات الخاصة بالمؤتمر واعلانها من خلال الجلسة الختامية والمؤتمر الصحفي اليوم.
وقال ان اللجنة المركزية ستدخل في سلسلة اجتماعات لتكملة الاجراءات الخاصة بالمكاتب والسكرتارية واشار لاجازة كافة الوثائق والبرامج المتعلقة بالعمل التنظيمي للحزب.
وعلى ذات الصعيد، شدد السكرتير السياسي للحزب الشيوعي محمد ابراهيم نقد على ضرورة الاتفاق على شعار وحدة البلاد وقال لدى مخاطبته عدد من عضوية المؤتمر بدار الحزب أمس لابد من التمسك بالقضايا التي طرحت في المؤتمر وتوعية الشعب بها لا سيما وان الواقع متحرك والازمات مازالت ماثلة، وشبه دارفور والوحدة «بالورم» في جسد الشعب، واشار لضرورة توحد القوى السياسية برغم اختلاف برامجها والوقوف سوياً لحل معضلة الانفصال وجعل الوحدة خياراً جاذباً لمواطني الجنوب، وشدد على ضرورة الانسجام والعمل على حل مشكلة دارفور داخلياً وقال «لابد ان ننسجم سوياً ونشكر المجتمع الدولي ولا نعتمد عليه في حل ازمة دارفور» وتعهد بتفادي التجربة السابقة لانهيار المعسكر الاشتراكي وايجاد تجربة جديدة تكون مقبولة لدي المجتمع السوداني.
الصحافة
-------------------------------------


الحزب الشيوعي انتخب لجنته المركزية الجديدة ونقد حصل على أعلى الأصوات
_POSTEDON 30-1-1430 هـ _BY admin



نقد: سأبذل كل وقتي وماتبقى من عمري من أجل الحزب والعمل السياسي بالبلاد
الخرطوم : أخبار اليوم
فرغ الحزب الشيوعي السوداني من كافة أعمال مؤتمره العام الخامس وانتخب قيادة جديدة مكونة من (41) عضوا هم أعضاء اللجنة المركزية المنتخبة بدلا عن السابقة المكونة من (33) عضوا.
وستعقد اللجنة المركزية الجديدة التي حاز الاستاذ محمد ابراهيم نقد على أعلى الاصوات فيها وتلاه جوزيف مديستو ومن ثم بقية العضوية التي من بينها التجاني الطيب بابكر .. ستعقد اجتماعا اليوم تتسلم فيه تقرير لجنة الانتخابات ومن ثم تعلن البيان الختامي والقرارات في مؤتمر صحفي يعقد اليوم بدار الحزب بالخرطوم (2).
وقال الاستاذ محمد ابراهيم نقد الذي تم تجديد الثقة فيه عضواً مرة اخرى باللجنة المركزية التي انتخبها المؤتمر الخامس، انه سيبذل كل وقته وما تبقى من عمره من أجل الحزب الشيوعي والنشاط السياسي بالبلاد، وأضاف في تجمع عضوي بسيط بدار الحزب بعد الفراغ من الانتخابات التي استمرت طوال ليلة امس الاول وصباح أمس، إن هناك واجبات يجب الا تغيب عن الشيوعيين، مؤكدا أن المؤتمر العام لم ينته بعد لأنه يلقي بأعباء كبيرة على كافة الشيوعيين، مؤكدا أن هناك قضايا مطروحة وشعارات مرفوعة في ظل الواقع المتحرك والأزمات التي تحيط بالبلاد وتزداد تفاقما كل يوم، ودعا نقد لأن يرتبط المؤتمر العام بدفع القدرات لمواجهة المسئوليات الملقاة على عاتق (الناس) ودعا نقد ايضا للتعامل بأخذ وعطاء مع الحركة السياسية والنقابات، مؤكدا أن على الشيوعيين التفاعل مع الجماهير لا ان يحاولوا تنويرها لانها تدرك كل شئ
وذلك من اجل خلق رأى عام مستمر لان ما تواجهه البلاد ليس بسيطا وهو ان يبقى الوطني او ينفصل، داعيا للتركيز على الوحدة، مؤكدا ان ذلك هو واجب على كل الناس، مبينا ان للحزب الشيوعي دوراً يجب أن يلعبه من أجل الوحدة.

وأوضح ان دارفور وقضية الجنوب تمثلان (حبناً) في جسد البلاد لذلك يجب ان تتفاعل كل الجهود الوطنية على اختلافها وتعمل على حل قضية دارفور وانفاذ نيفاشا لدفع الجنوبيين للتصويت للوحدة.
وأكد أن قضية دارفور طال أمدها وأن عمق المأساة حولتها لمشكلة عالمية، داعيا لحلها وأن يلعب السودانيون الدور الرئيسي في الحل، ودعا نقد الى ممارسة ضغوط على الحكومة من اجل توفير فرص العمل للشباب من الخريجين وغيرهم.
واشار الى ان مبدأ الاشتراكية سيظل باقيا على ان يتم البحث عن أشكال جديدة للتجربة، مبينا أن معيار مصداقيتها هو قبول الشعب لها، واشار الى جفاف الحياة الروحية للشعب السوداني، داعيا الى العمل على تلبية هذه الاحتياجات، كما دعا لان يكون الشباب في الطليعة.
وحث نقد فروع الحزب الشيوعي لان تفتح دورها في العاصمة والولايات امام المواطنين وأن لا تتحول هذه الدور لمنابر لعقد الندوات والليالي السياسية فقط وانما تعمل على تلبية الاحتياجات الثقافية والروحية والفنية للناس لاخراجهم مما هم فيه الآن من جفاف، وحث نقد ايضا منظمات الحزب الشيوعي وفروعه المختلفة لان تقوم بتعبئة انفسها حول نتائج المؤتمر العام الخامس الذي شبهه بـ (الطلق) وأن تقوم بدراسة الوثائق والمقررات ومعالجتها محليا وإرسال أي نقد حولها للمركز، مبينا أن (يوم الفناء) لم يحن بعد، معربا عن ثقته في الشيوعي والقوى السياسية، مبينا أنه عندما تأتي ساعة الصفر فإنها ستقول كلمتها في النظام، لكنه عاد وقال إن هذه القوى تحتاج الى صبر لازالة هذا النظام. ودعا نقد الى التفكير في كيفية تنظيم المؤتمرات الحزبية، مؤكداً أن المؤتمر الاخير كان تجربة.
ومن جانبه قال الدكتور الشفيع خضر عضو اللجنة المركزية المنتخب في تصريحات صحفية امس إن اللائحة التي اجازها المؤتمر الخامس تقضي في بعض نصوصها بان تقوم هيئة رئاسة المؤتمر باعلان النتائج النهائية للمؤتمر وعقد لقاء مع اللجنة المركزية السابقة، واشار الى ان اللجنة دعت لاجتماع للجنة المركزية الجديدة اليوم لاجازة البيان الختامي واعلانه، واوضح ان اللجنة المركزية الجديدة المكونة من (41) عضوا ستعقد مؤتمرا صحفيا اليوم لاعلان البيان الختامي والتوصيات والقرارات، واوضح ان اللجنة ستدخل بعد ذلك في اجتماعات لتكوين سكرتارية جديدة ومكاتب.
على صعيد متصل علمت (أخبار اليوم) ان اللجنة المركزية الجديدة ستقوم بانتخاب سكرتير جديد من بين عضويتها في وقت لاحق، وتوقعت المصادر تجديد الثقة مرة اخرى في محمد ابراهيم نقد، وكان المؤتمر قد جدد الثقة في بعض اعضاء اللجنة المركزية السابقة المنتخبين وهم محمد ابراهيم نقد والتجاني الطيب بابكر وسعاد ابراهيم احمد وسليمان حامد الحاج، بينما اعتذرت فاطمة احمد ابراهيم، ولم يتأكد إن كان الاستاذ محجوب عثمان قد تشرح أم لا، وهؤلاء الستة هم من بين القيادات من الاحياء ممن انتخبهم المؤتمر العام الرابع وهم الذين لم يتركوا الحزب بعد المؤتمر التداولي الذي عقده الحزب في العام 1970م.
ومن بين النتائج اللافتة في انتخابات المركزية الجديدة فوز سبع من النساء ووجود اخرى في الاحتياطي وكذلك فوز عدد مقدر من أعضاء اللجنة المركزية من المنتخبين من المؤتمر الرابع والمصعدين وإن كان بعضهم قد عانى الامرين قبل أن يفوز وكذلك نجاح بعض القيادات التي تحظى بدعم وسط مختلف الشيوعيين مثل التوم ابراهيم النتيقة أحد الكتاب الصحفيين من الاقليم الاوسط وكذلك فوز كل المرشحين من ابناء الاقليم الجنوبي وفوز ابناء دارفور بشكل لافت.
وكان أحد أعضاء هيئة رئاسة المؤتمر وهو الدكتور محمد سليمان قد أعلن أن العضوية الجديدة للجنة المركزية تبلغ (41) اضافة الى (5) من الاحتياط، مبينا انه لم تحدث مشاكل أثناء الانتخابات وان التالف من الاوراق كان عبارة عن ورقتين، مبينا ان اللجنة لن تعلن الاسماء ولكنها ستسلمها للمركزية الجديدة التي هي حرة في اعلان بعضها إن كانت راغبة، مؤكدا أن عددا كبيرا من النساء قد احرزن النجاح (وتمت مقاطعته بزغرودة من احدى النساء) واكد أن المرشحين من ابناء الجنوب قد فازوا جميعهم وان التمثيل الجديد في اللجنة المركزية المنتخبة يضم جيلا قديما واخر جديد ونساء بصورة مميزة وتمثيل مريح لكل اقاليم البلاد.
صورة العضو الرمزية
مصطفى آدم
مشاركات: 1691
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 5:47 pm

مشاركة بواسطة مصطفى آدم »

فاروق ابوعيسى مفاجآت التكوين الجديد.. دخول (10) من التيار المتشدد لمركزية الحزب الشيوعي



اكتسحت قائمة الاستاذ محمد إبراهيم نقد سكرتير الحزب الشيوعي انتخابات مركزية الحزب التي انعقدت امس، بينما تمكن 10 من ممثلي الجناح الايدولوجي المتشدد بقيادة السر بابو من دخول اللجنة التي تتكون من (41) عضواً.وابلغت مصادر وثيقة الصلة بمؤتمر الحزب الشيوعي امس أن اللجنة المركزية السابقة المكونة من (14) عضواً رشحت قائمة موحدة من (41) عضواً للجنة.

وذكرت ذات المصادر ان نقد حاز على اصوات فاقت الـ (290) بينما احرز د. الشفيع خضر وسليمان حامد نسبة متوسطة من الاصوات. وقالت المصادر ان (4) من الجنوب و(8) نساء التحقوا بعضوية اللجنة المركزية إلى جانب الاستاذ فاروق ابوعيسى مفاجآت التكوين الجديد وستجتمع اللجنة لاحقاً لاختيار المكتب السياسي الذي يحدد سكرتير الحزب. ونوهت المصادر إلى ان المؤتمر كان اسقط مقترحات تقدم بها نقد تطالب بتغيير اسم الحزب إلى الاشتراكي وتحظر دخول المكتب التنفيذي لمن تجاوزت اعمارهم (60) عاماً.


وأضافت الأخبار إن محمد إبراهيم نقد احتفظ بمقعده سكرتيراً عاماً للحزب الشيوعي السوداني بعد أن حاز على (270) صوتا تفوق بها على منافسيه سليمان حامد والشفيع خضر، وكشفت مصادر مطلعة بالحزب الشيوعي إن إنتخاب نقد جاء عقب اجتماع سري استمر لمدة (30) ساعة داخل (فيلا) بمنطقة سوبا حيث حصل سليمان حامد على (170) صوتاً وكاد يخرج الشفيع خضر من السكرتارية لولا تصويت أحد الممتنعين لصالحه. وأشارت المصادر الى ان أبرز القضايا الخلافية في الإجتماع السري كانت قضية المحكمة الجنائية وموقف الحزب في التعامل معها، بجانب مناقشة التقرير السياسي للحزب بعد مطالبة أحد ممثلي الطلاب داخل المؤتمر بأهمية خروج الحزب من البرلمان.


وفي السياق أجاز المؤتمر الخامس للحزب أمس مشاريع قرارات لجان المؤتمر المختصة بالإجماع، بينما انتخب المؤتمر (41) عضواً للجنة المركزية ومازال الفرز جارياً حتى فجر أمس الأول. وأقر المؤتمر الإبقاء على اسم الحزب الشيوعي السوداني مع استناده في التكوين على الطبقة العاملة وكل الفئات والطبقات الثورية. فيما يصدر المؤتمر اليوم بيانه الختامي ويعقد مؤتمراً صحفياً بدار الحزب.

وقال سليمان حامد عضو اللجنة المركزية بالحزب أمس إن الشيوعي خرج من مؤتمره الخامس موحداً على مستوى القيادة والقواعد ولم يتحقق كل ما كان يتمناه أعداء الحزب الذين كانوا يروجون أن ينقسم الحزب إلى كتلتين بحسب قوله. وأشار الى أن اللجنة المركزية الجديدة دخلتها عناصر جديدة من الشباب والمرأة والمتخصصين بأكثر من «50%»، وأشار إلى أن المؤتمر إبقى على عدد كبير من أعضاء المركزية القدامي، فيما اعتذر البعض بسبب كبر السن. وأوضح أن المركزية القديمة ستسير أعمال الحزب لمدة أسبوع الى أن تنتخب سكرتارية الحزب لتتم عملية التسليم والتسلم. وقال حامد: «خرج المؤتمر بقرارات قوية وعلى رأسها الإبقاء على اسم الحزب كما هو ويستند في تكوينه على الطبقة العاملة السودانية وكل الفئات والطبقات الثورية التي تقبل تنفيذ البرنامج الوطني الديمقراطي وصولاً للأفق الإشتراكي». ويسترشد الحزب بالمنهج الماركسي في قراءته واستنتاجه للواقع السوداني في سبيل تطويره للأفضل
*****************
عن مركز أخبار السودان الجديد
https://www.newsudan.org/play.php?catsmktba=703
صورة العضو الرمزية
مصطفى آدم
مشاركات: 1691
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 5:47 pm

مشاركة بواسطة مصطفى آدم »

بقلم: أتيم قرنق دينق - نائب رئيس المجلس الوطني



بمناسبة المؤتمـر الخامـس للحزب الشيـوعي السـوداني
الرفيقات والرفاق، المناضلون والمناضلات
تحية ثورية خالدة
• يسعدني أن أكون من بين المشاركين في افتتاح أعمال مؤتمركم العام هذا وبلادنا في حاجة إلى تضامننا أكثر من أي لحظة من حقب تاريخنا الوطني. ينعقد مؤتمركم ووطننا في مفترق الطرق بين أن يكون موحداً قوياً مزدهراً متقدماً معاصراً أو إن يتشظى ويتشتت ويصير منسياً مندثراً.
• أيها الرفاق أنتم اليوم تعقدون مؤتمركم وأنتم تعلمون الدور النضالي الايجابي الذي قام به حزبكم كفصيل فعال من فصائل النضال الوطني في السودان. إن ما كانت تعرف بمراكز الشبيبة لحزبكم في منتصف القرن الماضي كانت هي الفضائية الأولى في السودان في نشر الوعي عن العمل النقابي وعن النضال الثوري وعن حقوق المواطنة في السودان وعن حقوق الشعوب المضطهدة في أرجاء العالم. فلولا مجهودات حزبكم، الحزب الشيوعي السوداني، فمن أين لنا في السودان في ذلك الزمان الذي لم يكن توجد فيه الأجهزة الكافية من راديوهات الترانستر ناهيك عن التلفزيون، نعم من أين كان لنا أن نعرف عن نضال الشعب الفلسطيني البطل وعن الثورة الجزائرية الفدائية وعن نضال الشعب الفيتنامي المقاوم وعن جهود الشعب الصيني العظيم في بناء أمة حديثة قوية. لقد قمتم بنشر الوعي الثوري عن حركات التحرر الأفريقي، عن عبد الناصر، نكروما، نياريري، مانديلا، سوكارنو، نهرو، جيفارا، بن بله، كاسترو، بن بركة، هوش منه وغيرهم من ثوار العالم.
• إن دوركم في رفع الوعي النضالي في السودان هو دور ريادي وقيادي كما أنه لم يسبقكم في نصرة المرأة السودانية أي فصيل من فصائل العمل السياسي أو العمل الاجتماعي في السودان باستثناء الشيخ العظيم بابكر بدري الذي سبقكم في سبيل حق تعليم المرأة السودانية.
• أيها المناضلون والمناضلات: لقد تعرض حزبكم من بين فصائل النضال الوطني في السودان لأكثر النكبات والاضطهاد السياسي في أزمنة الحكومات الديمقراطية والحكومات الشمولية، إنها مهزلة التاريخ. نكبتكم كانت أكثر من نكبة البرامكة. ولكن ها هو أنتم اليوم تجتمعون في نصف النهار في قلب الخرطوم والكل حضوراً وشهوداً. لقد تغيرت الكثير من المفاهيم في هذا الوطن بعضها ايجابي وبعضها سلبي. نعم ها هنا أنتم بعد أن عبرتم بحراً هائجاً من حقب التاريخ وها هم أنتم اليوم قد خرجتم من نفق مظلم من فصول التاريخ السياسي السوداني. وهنا مرة أخرى التقيتم بالنور وهنا في قلب الخرطوم التقى "جيل التضحيات بجيل البطولات".
• نعم: ولكن إلى أين من هنا نحن ماضون وكيف نضمن وحدة وقوة ورفاهية هذا الوطن؟
لقد تولى عهد تصنيفنا لبعضنا البعض بأوصاف ونعوت عفى عنها الزمن بالضرورة (رجعي، تقدمي، عميل، كافر، ملحد، مجاهد، مؤمن الخ...)
نحن اليوم (سودانيون بالمواطنة) نحن اليوم نبحث عن كيفية تقوية تنوعنا وتعدديتنا. إن السودان بحدوده الحالية هو من صنع الآخرين ولكن الاحتفاظ بالسودان بحدوده هذه هو من صميم إرادتنا القومية، ووحدته وديمومة الوحدة هي من واجباتنا الوطنية وعلى ضوء هذا أتمنى أن تكون خطواتكم القادمة هي تحقيق استقرار ووحدة الوطن من خلال التنوع السوداني.
* التحية لشهدائكم، عبد الخالق محجوب، الشفيع أحمد الشيخ، جوزيف قرنق وغيرهم من أبناء وبنات وطن النجوم والنيل
أتمنى النجاح لمؤتمركم
والسلام عليكم،،،



أتيم قرنق دينق
24/1/2009م الخرطوم
https://www.alsudani.info/index.php?type=3&id=2147539265
ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ
مشاركات: 226
اشترك في: الأحد مايو 29, 2005 7:59 pm

مشاركة بواسطة ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ »

شكرا لك اخى مصطفى ادم على المساهمة بالتوثيق
واشكرك شكرا خاصا

========================

الأربعاء 28 يناير 2009م، 2 صفر 1430هـ العدد 5598

نص راي
أيها الرفاق كل هذا حسن.. ولكن!!

خالد التيجاني

حالة الفرح التي عمت الشيوعيين السودانيين وأصدقاءهم، وغشيت الساحة السياسية على امتداد طيفها، وهم يرون الحزب العتيد وقد تسنى له أخيرا وبعد انتظار طال أربعة عقود أن يعقد مؤتمره العام الخامس، أطلقت أجواء عريضة من التفاؤل والأمل بأننا بدأنا الطرق على أبواب تطبيع النشاط السياسي في البلاد، ووضعت لبنة في طريق التحول الديمقراطي.
ولئن كانت هذه الفرحة والأجواء السياسية المفعمة بالتفاؤل مستحقة، ومبررة بل ومطلوبة، إلا أنها تعكس في الوقت نفسه عمق أزمة النظام السياسي السوداني الذي تضاءلت طموحاته إلى درجة أننا بعد أكثر من خمسين عاماً من الاستقلال لا تزال تفرحنا أشياء صغيرة، مجرد أن يتمكن حزب سياسي عريق من عقد مؤتمره العام، حتى ولو بصيغة مبتكرة نصفها جهراً والآخر الأهم سراً، مدعاة لأن نحظى بكل هذا الموجة من الغبطة والسرور واتساع مساحات الأمل.
ومع ذلك يستحق الحزب الشيوعي السوداني أن نشد على يده مهنئين مرتين، مرة لأنه تمكن من تجاوز العقبات التي حالت دون أن يعقد مؤتمره العام منذ أربعين عاماً، ومرة لأنه يثبت أنه لا يزال يملك طاقة إطلاق حراك في الساحة السياسية المجدبة، ويملك قدرة الإسهام على تحفيز الرأي العام بالوعي وبعث الأمل بإمكانية التغيير.
وعلى الرغم من أن غياب الحزب عن عقده مؤتمره العام طوال هذه الفترة مما يعد منقصة في حق حزب في عراقته ودوره الوطني المشهود، ومما اعتذر عنه زعيمه مقراً بالتقصير، إلا أن ذلك لا يعني كل شيء، فالعبرة ليست في كثرة المؤتمرات الحزبية أو قلتها، فهي على أهميتها تبقى مجرد وسيلة مؤكدة على الممارسة السياسية السليمة لقواعد اللعبة الديمقراطية، فهناك من الأحزاب من يعقد مؤتمرات منتظمة في توقيتها بدقة الساعة السويسرية، ولكن ذلك لا يمنحها صكاً بديمقراطية ممارستها السياسية، لأنها في الواقع ليست سوى مناسبات احتفالية بيروقراطية، لا تقول شيئاً جديداً ذا نفع ولا تفعل ما يستوجب عقدها أصلاً، لأنها لا تنعقد إلا لتكريس الأمر الواقع، ولتأكيد أن كل شيء يسير على أحسن حال وفق ما هو مرسوم، ولتجديد الثقة في الزعامة الملهمة التي لا يمكن الاستغناء عنها.
ولذلك لا يضير الحزب الشيوعي هذا الغياب الطويل عن عقده مؤتمره العام، اللهم إلا إذا كان سينتهي للنتيجة نفسها التي تخلص إليها عادة الأحزاب المدمنة لعقد المؤتمرات المنتظمة التي لا تضيف جملة سياسية واحدة مفيدة لصالح ترشيد الممارسة السياسية.
ولا نريد هنا أن نناقش الحزب الشيوعي السوداني في أفكاره الأيديولوجية أو خياراته، والمراجعات التي يجريها لتوفيق أوضاعه في ظل تطورات هائلة معلومة في الساحة الدولية والمحلية، فهذا شأن المؤتمرين من أعضاء الحزب، ولكن ما يهمنا في هذا الخصوص كيف سينعكس ذلك كله على الممارسة السياسية الديمقراطية في البلاد، وهل سيسهم إيجاباً أو سلباً في عملية التحول الديمقراطي المنشودة؟
ومن المهم الإشارة هنا إلى أن الحزب الشيوعي أعلن في مؤتمره الخامس عن أجندة ومواقف سياسية جديرة بالتقدير تخاطب الهموم الوطنية الملحة، وفي مقدمتها طرحه لرؤية موضوعية لإنهاء مأساة دارفور ومعالجة الأزمة التي دخلت البلاد بسبب تبعاتها وتداعياتها في نفق ضيق، وفي صلب ذلك القضية المحورية المتعلقة بتحقيق العدالة، فرفض التدخل الدولي بشأنها لا يكفي، ولا يلغي الحاجة الملحة والضرورية واللازمة لها، ولا بد من بديل لإقامتها، لأنه لا يمكن رؤية تحقيق سلام عادل ودائم بلا عدالة، وفي خضم أوضاع شائكة وبالغة التعقيد يبرز طرح الحزب الشيوعي لـ «تطبيق شكل وطني ملائم للعدالة» وهو ما شبهه بنهج العدالة الانتقالية القائم على الاعتراف والتعافي والتصالح بديلاً وطنياً موضوعياً وعقلانياً يمكن التوافق عليه، ويشكل ترياقاً للتدخل الخارجي باسم تحقيق العدالة الغائبة أو المغيبة لضحايا الحرب في دارفور.
ولعل المهم في ما طرحه زعيم الحزب الشيوعي من خيارات لحلول بشأن سبل تسوية قضية دارفور تنطوي على موقف وطني جاد، أنه لم يجنح إلى تصفية الحسابات بنظرة حزبية ضيقة اهتبالا لفرصة المأزق السياسي الذي يعيشه المؤتمر الوطني، ومن المؤكد أنه لم يفعل ذلك من باب المجاملة السياسية، ولكنه موقف متوقع من حزب مدرك لحجم دوره الوطني، وملتزم بمسؤوليته تجاه شعبه، وواعٍ لأهمية تجنيب مواطنيه المزيد من المعاناة.
ومن القضايا الملحة التي أعلن فيها الحزب الشيوعي عن موقف جدير بالتقدير انحيازه لقضية الحفاظ على وحدة السودان، وهي قضية محورية لا تدانيها أولوية أخرى في أهميتها، ومع أنه لم يتبق سوى عامين على «معركة» الاستفتاء من أجل تقرير المصير كما سماها الأستاذ محمد إبراهيم نقد، وهي معركة السودان الكبرى بالفعل، إلا أنها مع ذلك للأسف الشديد تكاد تأتي في أدنى سلم أولويات القوى السياسية بما في ذلك شريكا اتفاقية السلام، المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، ومع أن الاتفاقية تجعل الأولوية للحفاظ على الوحدة، وأن مسؤولية جعلها جاذبة تقع على عاتق الطرفين، وروح الاتفاقية وترتيباتها إذا نُفذت بإرادة سياسية بناءة ونزيهة من المفترض أن تجعل من ممارسة الاستفتاء على تقرير المصير مناسبة لتأكيد الوحدة، ولكن قضية بهذه الخطورة والأهمية بقيت يتيمة بين الزاهدين في الوحدة والمتعجلين للانفصال دون تبصر في العواقب الوخيمة التي ستلحق بالبلاد سعياً وراء وهم حل كاذب.
وأحسن الحزب الشيوعي بإعلانه انحيازه لصالح خيار الوحدة واعتبار العمل على تحقيقها «واجبنا باعتبارنا حزبا له تجاربه الثرة في النضال السياسي يتحمل أكثر من غيره مسؤولية تجميع أوسع جبهة من القوى الديمقراطية في الشمال والجنوب للمحافظة على وحدة البلاد والتطور التنموي المتوازن في مناطقها المختلفة خاصة في الجنوب» كما ذهب إلى ذلك الأستاذ نقد في كلمته.
ويسدي الحزب الشيوعي للشعب السوداني خدمة ثمينة، ويحسن صنعاً إن مضى قدماً في الدفع بقضية الوحدة وجعلها هماً مركزياً له في الفترة المقبلة، في وقت تتقاعس فيه أغلب القوى السياسية عن لعب الدور المطلوب منها في أهم قضية لن تحدد مصير الجنوب فحسب بل ومصير البلاد بأكملها، إما جهلاً بتبعات وتداعيات التفريط في وحدة البلاد أو فقراً في الوعي بذلك وعجزاً عن تحمل مسؤوليتها ودفع الاستحقاقات المطلوبة لتمكين الوحدة. و«معركة الوحدة» تحتاج فعلاً لمن يحمل لواءها ويتقدم بها الصفوف، ولئن كان دور الشيوعيين مشهوداً في التصدي لمهمة التحرر الوطني، وأسهموا بفعالية في تحقيق الاستقلال، فقد جاءت الفرصة مجدداً ليتبنى الحزب بإرثه وتقاليده في العمل الوطني معركة تأكيد معاني الاستقلال ببقاء الوطن موحداً وديمقراطياً حقاً.
وعلى الرغم من أن خطاب زعيم الحزب الشيوعي تطرق للعديد من القضايا الأخرى التي تواجه الحزب وتشكل تحديات حقيقية في مؤتمره الخامس، وكلها قضايا مهمة تستوجب الحوار بشأنها سواء التحديات الفكرية والأيديولوجية بشأن تجديد المشروع الاشتراكي على خلفية انهيار المعسكر الاشتراكي والتطورات في الساحة العالمية، أو التحديات التنظيمية، أو تلك المتعلقة بقضية التحول الديمقراطي، إلا أنني أريد التركيز هنا بشكل خاص على قضية «استكمال مهام التحول الديمقراطي» كما سماها نقد، الذي اعتبر أن أهم عناصر هذه القضية مسألة الإصلاح القانوني الشامل، لافتاً إلى ضرورة إلغاء التشريعات التي تتعارض مع الدستور وعلى رأسها قانونا الأمن الوطني والصحافة، وقال إن بقاء هذه القوانين «يشكل عقبة كؤودا أمام تمتع شعبنا بحرياته العامة وحقوقه الأساسية المضمنة في وثيقة الحقوق بالدستور باعتبارها شرطا لانخراطه في حركة جماهيرية واسعة من أجل إنجاز مهام التحول الديمقراطي، وبغير ذلك لن تقوم لهذا التحول قائمة مهما تعددت الأشكال الخاوية من المحتوى للممارسة الديمقراطية المظهرية»، والأستاذ نقد محقٌ في ما ذهب إليه في هذا النص من خطابه.
وصحيح أنه بدون إصلاح قانوني مؤسسي يجسد الحقوق الدستورية، تصبح الحريات العامة والحقوق الأساسية للمواطنين منحة تعطيها السلطة التنفيذية عندما تريد وتسلبها عندما تشاء، تفسرها على هواها ولا تعوزها سوق المبررات لتسويغ ذلك، ولكن مع ذلك فإن الإصلاح القانوني المؤسسي ليس هو العنصر الوحيد الأكثر أهمية، فالجناح الآخر الذي يوازيه أهمية ويجعل التحول الديمقراطي نسراً يحلق عالياً هو الإصلاح الحزبي المؤسسي، فالأحزاب السودانية على امتداد طيفها تعاني من فقر مدقع في الممارسة الديمقراطية الرشيدة، فقد تحولت على مر السنوات إلى كيانات مستلبة مشوهة ترفع شعارات منادية بالديمقراطية والحرية والتداول السلمي للسلطة، ثم إذا هي عاجزة عن تجسيدها واقعاً داخل مؤسساتها، تديرها لوبيات ومراكز قوى لا ترى بأساً في تغييب كل القيم التي تنادي بها، وتكرس نمط الزعامات الخالدة في المؤسسات الحزبية السودانية حتى بات ذلك في حكم المسلمات، ومن الغرائب أن الامر الوحيد الذي يجمع بين القوى السياسية المختلفة، هو هذا الاتفاق العجيب على تخليد الزعامات، وما من فكاك من ذلك سوى تدخل عزرائيل عليه السلام، أو اللجوء إلى الانشقاقات والانقسامات التي اسهمت هي الأخرى في ضعضعة المؤسسة الحزبية في البلاد.
وودت لو أن الأستاذ نقد في إشارته للقضايا التي تجابه الحزب الشيوعي في مؤتمره الخامس، أشار إلى ضرورة الإصلاح الحزبي إلى جانب الإصلاح القانوني باعتبارهما مرتكزين أساسيين لعملية الإصلاح السياسي، الفريضة الغائبة في مشروع التحول الديمقراطي، صحيح أن الحزب الشيوعي طرح مسألة تجديد أطروحاته الفكرية ومنطلقاته الأيديولوجية، لكن ذلك لا يغني عن عملية إصلاح الممارسة السياسية المؤكدة على قيم التحول الديمقراطي، بغض النظر عن توجهات الحزب الفكرية.
وما رشح من أنباء عن أن الأستاذ نقد اختير لمواصلة مهامه سكرتيراً عاماً للحزب، وأكتب هذه المقالة قبل إعلان الحزب رسمياً لقيادته بعد المؤتمر الخامس، أصاب دعاة التحول الديمقراطي بخيبة أمل كبيرة، والتحفظ هنا ليس على شخصية نقد الجديرة بالمنصب، ولكن لأن الآمال كانت معقودة على حزب ديمقراطي تقدمي أن يبادر ويقود عملية الإصلاح السياسي، فممارسة التداول السلمي للسلطة لن تكون ممكنةً على الإطلاق ما لم تبدأ ممارسةً عمليةً وفعليةً على المستوى الحزبي تكرس لمفهوم التداول الحقيقي للقيادة، ومن أسباب المأزق السياسي الذي تعيشه البلاد انسداد أفق التغيير، بسبب تحكم العقلية التي تروج بأن هناك زعماءً لا يمكن الاستغناء عن قيادتهم، ورحم الله الجنرال ديغول الذي رد على الذين طالبوه بالاستمرار في القيادة بقوله إن المقابر ملأى بالرجال الذين كان يُظن أنه لا يمكن الاستغناء عنهم، وبعده قال وليم هيج زعيم حزب المحافظين البريطاني الذي تسلم زعامة حزبه وهو لم يتعد السادسة والثلاثين واستقال وهو في الأربعين فقط، قائلاً إنه لا يوجد رجل لا يمكن تعويضه.
وقد نجد بعض العذر للأستاذ نقد، فربما أراد أن يجنب حزبه المصير الذي لا يزال يتعافى من آثار انقسامه المريرة قبل أكثر من ثلاثة عقود، والتي أقعدت بواحد من أكثر الأحزاب الشيوعية صيتاً في العالم الثالث في عصره الذهبي، وربما اقتضى استمراره في موقعه أن يمثل دوراً وسطاً بين تيارات متصارعة داخل الحزب لا تلبث أن تعيد سيناريو الانقسام ما لم يتم تدارك ذلك، وقد فقد الحزب بالفعل عدداً لا يُستهان به من قياداته وكوادره المتميزة في السنوات الخمس عشرة الماضية.
ومع وجاهة المبررات التي تساق لعدم تجديد الحزب الشيوعي لقيادته في مناسبة مؤتمره الخامس، فإن ذلك لا يبرئ التيارات المختلفة داخل الحزب من تحمل مسؤوليتها في تعويق عملية التحول الديمقراطي التي يجب أن تكون هدفاً أكبر من أية مناورات لتحقيق مكاسب ضيقة.
ولكن مع ذلك فإن المطلوب لصالح عملية الإصلاح السياسي في البلاد من الحزب الشيوعي أكثر بكثير من غيره، وهو حزب طليعي يؤهله تاريخه في النضال الوطني لأن يكون بوسعه تقديم نموذج يحتذى ومشجع للآخرين، وهو قادر بالتأكيد على القيام بدور طليعي بأكثر مما هو مطلوب من القوى السياسية الأخرى المثقلة بإرث تقليدي يجعلها تقدم رجلاً وتؤخر أخرى، ولا يتوقع لها أن تكون في طليعة عملية الإصلاح السياسي والتغيير المنشود.
وليت الأستاذ نقد دعا إلى «يسقط نظام الزعامة الواحدة» إلى جانب هتافه في المؤتمر «يسقط نظام الحزب الواحد». إذاً لكان نجح في تحقيق اختراق في عملية الإصلاح السياسي لم يسبقه إليه أحد.
ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ
مشاركات: 226
اشترك في: الأحد مايو 29, 2005 7:59 pm

مشاركة بواسطة ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ »

الأربعاء 28 يناير 2009م، 2 صفر 1430هـ العدد 5598

مركزية الحزب الشيوعي ... نفس الملامح والشبه


الخرطوم :علاء الدين محمود

شكل احتفالي لف وقائع المؤتمر الصحافي للحزب الشيوعي السوداني امس كختام لفعاليات المؤتمر العام الخامس التي بدأت في السبت الرابع والعشرين من الشهر الجاري، وفي الطريق الى الداخل استوقفت بغرض السلام والمباركة الاستاذ من الله عبد الوهاب الذي تم انتخابه عضوا للجنة المركزية الجديدة ، وقال لي مداعبا الطبقة العامة الان اصبح لها وجود داخل المؤتمر العام ! الفرحة نفسها لفت الوجود ، داعبت وانا في طريقي الى الداخل العضو الجديد التوم النتيفة صاحب النضال المبذول في سبيل الحزب الشيوعي ، في الداخل كان الزحام هو سيد الموقف وبينما توقعت ان يقتصر الحضور على الصحافيين فقط احتل اعضاء الحزب الشيوعي المكان تماما فرحين بانعقاد مؤتمرهم الذي طال انتظاره.
لم يتفاجأ احد عندما تلى امس الاستاذ التجاني الطيب بابكر عضو اللجنة المركزية المنتخب للحزب الشيوعي اسماء اعضاء اللجنة المركزية الجدد الذين انتخبهم المؤتمر العام الخامس للحزب الشيوعي السوداني، في مؤتمر صحافي عقد بدار الحزب امس كختام لفعاليات المؤتمر الخامس ،لم يتفاجأ احد والتجاني يتلو اسماء نفس الوجوه القديمة ، ومصدر انعدام الباعث على الدهشة ان كل السيناريو الذي تلاه التجاني بابكرـ القائد الذي كان عليه « الرك » في عودة الحزب من غربته ـ كان متوقعا. نفس الاسماء القديمة هاهي تعود مرة اخرى لقيادة الحزب ليأتي ذلك متوافقا مع توقعات العديدين ان ينتج المؤتمر الخامس نفس الوجوه القديمة وبالتالي نفس المنهج في القيادة ونفس طرائق التفكير ونفس الخط السياسي المهادن للحزب في مواجهة السلطة لتكون اللجنة المركزية بعد المؤتمر هي نفس اللجنة المركزية القديمة بعد المؤتمر مع تغييرات بسيطة وبالتالي هي نفس اللجنة المركزية التي لم تجتمع ـ كما قال تاج السر عثمان بابو ـ بعد انقلاب الجبهة الإسلامية بعد مرور ست سنوات على تاريخ الانقلاب في عام 1995م وبالتالي وكما قال تاج السر نفسه غابت الرؤية لمواجهة نظام الانقاذ ، احد الحضور للمؤتمر الصحافي من اعضاء الحزب الشيوعي _ فضل عدم ايراد اسمه _ قال لي ان كل الذي حدث هوعبارة عن توسيع للجنة المركزية القديمة .. الحضور كانوا في انتظار الشباب خاصة وان صحف الخرطوم نقلت على لسان قيادات في الحزب الشيوعي عن وجود شباب في التوليفة الجديدة للجنة المركزية الا ان القائمة التي تلاها التجاني الطيب بابكر خلت من الوجوه الشابة فيما عدا الاستاذة هنادي فضل الله وبينما نحن جلوس وزعت علينا من قبل اللجنة المنظمة للمؤتمر الصحافي بيانا اصدره مؤتمر الحزب العام للحزب الشيوعي تعاهد خلاله المؤتمرون على « مواصلة » نضال الشيوعيين السودانيين من اجل بقاء السودان وطنا موحدا وديمقراطيا ومن اجل استكمال مهام التحول الديمقراطي دون ان يضع البيان اشارة واحدة تحدد موقف الحزب في مواجهة السلطة الحالية، وفي ما يختص بالموقف من السياسة الاقتصادية اكتفى البيان بعبارة : «من اجل رفع معاناة شعبنا من جراء الضائقة المعيشية » بعبارة مقتضبة تماما كما جاء في خطاب نقد في الجلسة الافتتاحية عندما تحدث في الشأن الاقتصادي دون ان يحدد موقفا من سياسة السوق الحر، وتعاهد المؤتمرون على الوطن الموحد الديمقراطي من اجل وضع حد لنزيف الدم في دارفور عبر الاستجابة لمطالب اهله العادلة وتطبيق مبدأ العدالة الانتقالية تجاه الانتهاكات وصهر وتوحيد الاتفاقات المبرمة في برنامج وطني شامل من اجل استكمال مهام التحول الديمقراطي، وقال البيان ان المؤتمر اجاز التقارير المقدمة بعد ادخال عدد من التعديلات عليها وهي التقارير المقدمة عبر لجان مناقشة مشروع تقرير القضايا التنظيمية ومناقشة مشروع التقرير العام ومشروع دستور الحزب ومشروع برنامج الحزب . احد الصحافيين توجه الى الاستاذ محمد ابراهيم نقد عضو اللجنة المركزية بسؤال مفاده ان الحزب اعلن تمسكه بالماركسية وفي نفس الوقت تحدث نقد عن وجود تحديات كبيرة وان الماركسية تقرأ قراءات متعددة في صياغات تاريخية متعددة ، متحدثا عن مدارس اشتراكية عديدة بالتالي فان التمسك بالماركسة فقط يكون متناقضا وهذه النقطة تنسحب كذلك على اسم الحزب، واضاف الصحافي في سؤاله للاستاذ نقد ان المؤتمر الرابع اعلن تمسكه بالماركسية، معززا ذلك نظريا بوثيقة «الماركسية وقضايا الثورة السودانية » وبالتالي لكل مرحلة خط ما يشكل رأي الحزب ؟ وبدلا من الاجابة على السؤال وجه الاستاذ نقد في تهكم واضح الصحافيين بضرورة « القراية » عندما قال « كان قريتو بتريحونا وتريحوا رقبتكم » في اشارة منه الى ان التقرير السياسي الذي نشرته الميدان قبل المؤتمر قد حوى على ما أثاره الصحافي من سؤال ويبدو ان ما فات على الاستاذ نقد السكرتير السابق واللاحق للجنة المركزية على الحزب الشيوعي هو ان ما نشرته الميدان هو مشروع التقرير السياسي قبل ان يجيزه المؤتمر العام مع الحاق التعديلات الكافية عليه طبعا لا _ كما قال الصحافي محمد امين _ اذا كان التقرير هو نفسه التقرير . الاستاذ التجاني طلب بعد هذا الجدل ان يتلو اسماء اعضاء اللجنة المركزية المنتخبين من قبل المؤتمر العام وهم:
محمد ابراهيم نقد
صديق يوسف
يوسف حسين
تاج السر عثمان
جوزيف موديستو
تعبان مونلي
صالح محمود
عبد القادر الرفاعي
محمد عبد القادر هلال
سيد أحمد الخطيب
النعيم عوض
من الله عبد الوهاب
فرح حسن ادم
التجاني الطيب بابكر
نور الصادق
صدقي كبلو
امال جبر الله
بثينة خراساني
الحارث التوم
علي بابكر
ويستو كير
علي خليفة
محمد مختار الخطيب
نعمات مالك
محمد سليمان محمد
ميرغني عطا المنان
حاتم قطان
عبد الجليل عثمان
بشرى عبد الكريم
التوم النتيفة
حسن العبيد
سعاد ابراهيم أحمد
عبد الحميد علي
هنادي فضل الله
محي الدين جلاد
سليمان حامد
الشفيع خضر

وبالرغم من اعلان عدم ترشحه الا ان القائمة حملت اسم التجاني الطيب بابكر وحملت القائمة من الجدد التوم النتيفة ، من الله عبد الوهاب ، سيد أحمد الخطيب وصدقي كبلو و تعبان مونلي . انتهت فعاليات المؤتمر الخامس لتعود نفس الوجوه القديمة الى قيادة الحزب ليكون السؤال القائم اين هو التجديد على مستوى القيادات؟.
[email protected]

--------------------------------------------

نقد يدعو الحركة الشعبية للتعاون مع القوى السياسية

الخرطوم: ضياء الدين عباس

انتخب المؤتمر العام الخامس للحزب الشيوعي السوداني اللجنة المركزية الجديدة للحزب، وعلمت «الرأي العام» أن عدد المرشحين للجنة «121» مرشحاً، فيما ذكر البيان الختامي للمؤتمر أنه تقدم للترشيح «80» مرشحاً تم انتخاب «41» تتشكّل منهم قيادة الحزب الجديدة حتى المؤتمر السادس، وأبرزهم من اللجنة السابقة: محمد إبراهيم نقد، وسعاد إبراهيم وسليمان حامد، والشفيع خضر، وصديق يوسف ويوسف حسين والتيجاني الطيب، ومن الجدد الذين تم انتخابهم للجنة: تعبان قوليلو وعبد القادر الرفاعي ونعمات مالك وصدقي كبلو، بجانب خمسة أعضاء إحتياطي. وفيما أشار البيان الى أن عدد أعضاء المركزية «41» عضواً كشفت منصة المؤتمر الصحفى الذى عقده الشيوعي أمس بداره عن «37» عضواً وأمسكت عن البقية. واوضح البيان أن نسبة الأعضاء الجدد في المركزية بلغت «68%»، فيما زاد عدد النساء إلى «7» أعضاء. وقال البيان: «إن المؤتمرين تعاهدوا على مواصلة نضال الشيوعيين السودانيين من أجل بقاء السودان موحداً ووضع حد لنزيف الدم في دارفور، عبر الإستجابة لمطالب أهله العادلة». ودعا البيان الختامي الى صهر وتوحيد للاتفاقيات المبرمة «السلام الشامل والقاهرة وأسمرا وأبوجا وأية إتفاقات قادمة» في برنامج وطني شامل. وطالب محمد إبراهيم نقد سكرتير العام للحزب بمؤتمر قومي دستوري يدمج الإتفاقات كافة في برنامج وطني توافق عليه الحركة الشعبية والقوى السياسية الجنوبية والشمالية. وقال: «يجب أن يتحرّر الناس من عبارة الشريكين وحتى لو كانت هنالك بوادر إنفصال ينبغى أن تعمل الأحزاب كافة من أجل وحدة السودان». ودعا نقد الى ما أسماه بالتحالف المرن من أجل تنفيذ إتفاقية السلام وقال: «بجانب ذلك يمكن أن نستفيد من هذا التحالف في عملية الاستفتاء ليكون عائد العمل الجماعي يقود الى أغلبية الكتلة الجنوبية المؤيدة للوحدة». ووصف نقد نشاط حزبه في الجنوب بالمحدود، وعزا ذلك الى ما أسماه بآفة تشريد العمال، غير أنه أشار الى أن حزبه نشط في الفترة الأخيرة وقال: «سنواصل تفعيل نشاط الحزب في الجنوب حسب القدرات المتاحة». وفيما يتعلق بالتنسيق بين الشيوعي والحركة من أجل الوحدة قال نقد: «كانت لدينا ملاحظات على نيفاشا ووعدت الحركة بمناقشتها معنا منذ أيام الراحل قرنق، لكن يبدو أنّ الحركة انشغلت حينما جاءت الى سدة الحكم»، وأضاف: «نحن نتمنى من الحركة أن تمد يدها للحركة السياسية (ليس بالبيانات والشعارات) وقال بالرغم من تقديرنا لانشغالها بتحسين أوضاع الجنوب لكن يجب عليها أن تنظم صلتها بالأحزاب»، وزاد: «لن يفيد تباعد الحركة واعتبارها أن حلقة الوصل الرئيسية هي اتفاقها مع المؤتمر الوطني. وأكد أنه لم يأت الى مركزية الحزب لما وصفه بالصفقة وقال: «بعض الناس أشاروا الى أن ترشيحي للمركزية كان تغطية لانقسام داخل الحزب، وقال: «على القاصي والداني أن يعلم وهو يتعامل معنا بأننا ماركسيون»، وأقر نقد بأن هنالك تغييرات في الفكر الماركسى.


الراى العام

----------------------------------------



صباح الـخير يا الحزب الشيوعي السوداني..

تحولات تاريخية إيجابية اخرجت الشيوعيين من تحت الأرض إلى سطحها..
الحكاية عمرها أكثر من نصف قرن.. ولكن هكذا تطوّرت الأمور
حل - الشيوعي 66 أتى بنميري في مايو - وسـقوط الترابي 86 «مع عوامل أخرى» أتى بالإنقاذ والبشير في يونيو
عجيبة: الغرب الأمريكي تحوّل من حليف لليمين الديني إلى حليف لليسار الشيوعي..!
الحزب الشيوعي السوداني ظلّ - سوداني القيم والمُثُل والأخلاق.. ولم يعد - يلحد أبداً..!
مشهد تاريخي مبهج: الذين حلوا الحزب منذ «40 عاماً» حضروا ميلاده الأخير..!



قضـية/ سيد أحمد خليفة



يمكن لأنّ أول مجال عمل دخلته في النصف الثاني من خمسينيات القرن الماضي كان بالسكة الحديد - مدرسة النضال الوطني - وساحة العمل الشعبي الخلاّق ضد الإستعمار وبعده، فإنّ عواطفي - وسلوكي الحياتي - كان إلى - الإشتراكيين والشيوعيين أقرب..!.
ولكن الذي أذكره للآن هو وقوفي - الفطري في البداية - وموقفي الفكري والروحي في النهاية من مسألة موقف - الشيوعية الأممية «ولا أقول السودانية - من الدين» مع أني وطيلة صداقتي وعلاقتي بالشيوعيين والنقابيين السودانيين ذوي الصلة بالحزب الشيوعي السوداني الذي كان وبلا منازع يهيمن على الحركة النقابية السودانية - لم أسمع كلمة - إلحاد - أو إعلان شيوعي سوداني واحد عن إلحاده، بل الواقع كان الشيوعيون السودانيون - وأنا صديق لصيق بالعديد منهم في ذلك الزمن البعيد كانوا إلى - الخلق والسلوك الإسلامي القويم أقرب في العديد من سلوكياتهم وحياتهم اليومية..!.
ربما لأنّ عدوهم الرئيسي وهي - الرأسمالية الغربية والأمريكية خاصة - كانت تستخدم «الدين» وموقف الشيوعية الفكري من الأديان عندما يقول ماركس أو لينين - لا أذكر على وجه التحديد - «إنَّ الدين أفيون الشعوب»..!.
وهذه نشرحها باختصار كما كان يشرحها الشيوعيون السودانيون الأوائل في دفاعاتهم عن فكرهم وإنتمائهم..!
يقول إنّ معركة لينين والبلاشفة الشيوعيين ضد النظام الملكي أو الامبراطوري أو الرأسمالي في روسيا والدول الاشتراكية الشرقية نعت الدين بأنه - أفيون - لأنّ الكنائس والكهنة.. والقساوسة.. وسائر الأنشطة اللاهوتية بما في ذلك الأنشطة الإسلامية في آسيا الوسطى - بخاري - وغيرها كانت توظّف «الدين» أو الأديان في خدمة الأنظمة..الرجعية.. والقمعية.. أي أنَّ الدين يستخدم كمخدّر.. أو «أفيون» لمنع تحرر الشعوب وتحريرها من أصفاد وقيود الأنظمة الرجعية المتخلفة والمهينة لكرامة الإنسان.. والمسرفة في عبوديته..!.
إذن لم يكن توظيف مقولة «الدين أفيون الشعوب» أو «لا إله والحياة مادة» يتم من خلال - الأبواق والمؤسسات الغربية المناهضة للشيوعية والإشتراكية وحسب، بل كان لابدّ من توظيف «أهل الأديان» ومعتنقيها - الأساسيين والمهنيين - لذلك نشأت الجماعات والمنظمات والأحزاب الإسلامية من «إخوانية» وسلفية كما تم تنشيط وتحريك المذاهب والمدارس الدينية لاستخدامها كسلاح روحي فعّال في وجه المد الشيوعي والإشتراكي الذي اكتسح العالم الثالث خاصة، والذي كان يتطلع آنذاك للتحرر من قبضة الإستعمار الغربي ببلدانه وألوانه المختلفة..!.
ولقد كان السودان في تلك الحقب البعيدة من القرن الماضي مركزاً مهماً من مراكز الصراع بين القوتين حيث كان كل طرف دولي ايدولوجي يستخدم - أعوانه - والمنتمين إليه إلى أن حدث ما حدث في نهاية القرن العشرين من انهيار للمعسكر الإشتراكي برمته وبالتالي نهاية - الشيوعية - كنظام حكم عقائدي أساسي - إلاّ من بعض النماذج القديمة مثل - كوبا - وكوريا الشمالية، ثم أخيراً فينزويلا وبوليفيا..
وهذه صاحبة شكوى ومرارة وإحساس بالظلم والتعدي من أمريكا أكثر من كونها أنظمة ذات إنتماء عقائدي للشيوعية حيث يمكن القول إنها أنظمة - اشتراكية - ذات شيوعية مخففة جداً..!.
إنّ السودان - وطن أكبر وأقوى وأهم حزب شيوعي في العالم - في تلك الحقبة - لم يكن استثناءً من الوضع الدولي الجديد ذاك، ففي مراحل ثلاث تعرّض حزبه الشيوعي الكبير والمهيمن على معظم - مفاصل النقابات والقوى الحديثة - لثلاث ضربات خطيرة وكبيرة..!.
الأولى: حل الحزب ومنازعته ومصارعته إبان حقبة ما بعد ثورة أكتوبر 1964 حيث تحرّكت أو حُرِّكت أحزاب اليمين - والوسط الإتحادي - وقادت معركة - حل الحزب الشيوعي السوداني- وفقاً لأسباب واهية، ولكن من الواضح أنّ - آلية الغرب الأمريكي والرأسمالي - في السودان كانت رأس الرمح في تلك المعركة التي انتهت بأمرين مهمين هما:
* تشويه النظام الديمقراطي ومنع أو تحجيم نموه.
* جعل الحزب - الكبير والخطير - وبعد أن أصبح خارج حلبة النظام الديمقراطي التعددي الذي وافق - الشيوعيون - على العمل ضمن نظمه وقوانينه ومنافساته الشرعية والمشروعة - يفكّر في - الإنتقام وتحقيق أهدافه في الوصول إلى السلطة أو على الأقل التواجد فوق ساحة العمل السياسي، ولكن باسلوب ضار ومعوّق للنظام الديمقراطي وتدرجه الطبيعي..!.
وعندها كان - انقلاب مايو - الذي نفّذه تحالف يساري لا يمكن القول بأنّه كبير أو عريض، ولكنه على كل حال تحالف ضمّ في الأساس فئتين سياسيتين - ما - الحزب الشيوعي أو أغلبيته المؤسسية والفردية.. وبعض أو كل أحزاب اليسار وقواه الصغيرة - من بعثيين.. وناصريين.. وقوميين.. وخلاف ذلك من جماعات - التسويق الأيدولوجي - التي كانت تحسب «بالكيف» ولا تقال بالكم لأنها ما كانت تملك كماً جماهيرياً يؤهلها للحكم في يوم من الأيام..!.
ومعروف بعد ذلك ما حاق بالحزب الشيوعي وقياداته ومؤسساته إلى أن التحق بذلك الواقع الأليم الموقف الدولي الخارجي الممثل في انهيار المعسكر الإشتراكي - الأب الروحي - لكل الأحزاب والحركات والجماعات الاشتراكية في الخارج..!.
* إذن وبعد العام 1989 حدث في السودان تحول كبير وخطير عندما وصل - الخصوم الأساسيون والعقائديون والتاريخيون للحزب الشيوعي وللشيوعية والشيوعيين إلى السلطة وانتقلت ساحة الصراع من ميدان أو ميادين خصومة شبه متعادلة في السنوات الأخيرة إلى صراع بين حزب شيوعي مضروب في الداخل والخارج وخصم إسلامي استطاع الوصول للسلطة، بل والإستقرار فوق مقاعدها لنحو عشرين عاماً الآن، وهو أمر عجز عنه الحزب الشيوعي السوداني عندما وصل للسلطة في بداية مايو - كشريك - وعندما استولى عليها لثلاثة أيام من 19 يوليو 1971 حى 22 يوليو 1971 أو ما عرف بانقلاب الرائد هاشم العطا والذين معه من شهداء الصراع السياسي في السودان..!.
كانت حقبة الإنقاذ الأولى حقبة تصفية حسابات تاريخية بين الخصمين.. وهما الشيوعيون والإسلاميون.. وتحديداً - الأخوان - جناح الشيخ الترابي، لأنّ الحركة الإسلامية أو الاخوانية نفسها شهدت وعاشت وتعيش انقسامات خطيرة وكبيرة..!.
ولقد كان من نتيجة هذه التطورات في تاريخ الحزب الشيوعي السوداني أن يتبدّل الموقف الدولي والعلاقات وأن تتداخل المصالح.. والصلات والارتباطات الخارجية..!.
فالحزب الشيوعي السوداني - المضروب - بل والمطرود - بعد الإنقاذ وبعد أن أضحى عنصراً فاعلاً وقائداً ومتحركاً بقدراته وخبراته التنظيمية في الخارج، أضحى حليفاً لذات القوى التي - حلته.. وحظرته خلال فترة ما بعد ثورة اكتوبر 1964.. بل أكثر من ذلك حيث تبدّل التحالف الدولي ذاته وأضحت أمريكا والغرب - وهو العدو الايدولوجي للشيوعية والشيوعيين - هي الملاذ إن لم نقل - الداعم والحليف - والمأوى للشيوعيين، ولكن الأغرب والأكثر إثارة هو أن العكس قد حدث - حيث تحوّل - اليمين الإسلامي والأخواني إلى عدو لدود لأمريكا والغرب - أو هي - أمريكا - تحوّلت من تحالف مع اليمين الاخواني والإسلامي المذكور ضد الشيوعية إلى حليف للشيوعيين - ولا أقول الشيوعية كفكر.. أو كنظام حكم، وبالتالي إلى عدو لدود للأخوانيين والإسلاميين إن لم يكن كأفراد وقيادات - تحركت ولجأت لأمريكا لتحتمي بنظامها الديمقراطي المفتوح فإن العداء للأنظمة الإسلامية أو حتى ذات «الرائحة الإسلامية» وفي ذلك يعينها ويؤيدها خصمها القديم اليسار الشيوعي - الذي وجد في أمريكا الملاذ والحليف - وفي هذه الجزئية اسألوا صديقنا - ياسر عرمان - الماركسي القديم القح الذي كان يقول في أمريكا والنظام الرأسمالي ما قاله عنها الإمام الخميني - يرحمه الله - من أنها - أي أمريكا - هي الشيطان الأعظم.. فإذا بالأخ عرمان والحركة الشعبية ذات - المنفستو الماركسي الأساسي تتحوّل إلى حليف قوي - مأمون ومضمون لأمريكا..!.
إنني وقد كنت ولازلت صديقاً للإشتراكيين والشيوعيين السودانيين القدامى.. لأنه في تصوري لا يوجد «شيوعيين جدد» يمكن أن يراهم المرء بالعين المجردة - أقول إنني شاهد عصر على أن الحزب الشيوعي السوداني بقياداته وكوادره وبرنامجه الذي أعرف ظلّ هو الأقرب للقيم والأخلاق والرجولة والبطولة السودانية، حيث كانت لوائح الحزب الداخلية في تلك الحقبة - التي أعرف وأتابع وأطلع - كانت تدعو الشيوعيين إلى القيم.. والفضيلة والتمسك بالعادات والتقاليد السودانية والتحلي بالروح الإسلامية في إطار الحياة اليومية والإجتماعية وفي إطار الأسرة.. وتوقير واحترام الصغير والكبير والإبتعاد عن كل أمر يجرح الحياء أو الذوق أو الأخلاق العامة..!.
وبعد...
هذه تهنئة تحليلية وتوثيقية بمناسبة انعقاد مؤتمر الحزب الشيوعي السوداني هذه الأيام حيث إنّ الذي سرّني أو سرّتني هي عدة أمور أُلخصها هنا في الآتي:
أولاً: حضور وأداء.. وقيادة أصدقاء ومعارف وزملاء عمر ومهنة من الشيوعيين التاريخيين - الأستاذ نقد.. والتجاني.. والشفيع خضر سعيد - وهو شيوعي.. ورث العقيدة من والده - سائق القطار المرحوم - خضر سعيد - أقوى نقابي عرفته السكة الحديد في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي..!.
ثانياً: وهذه ملاحظة أو واقعة تاريخية مدهشة أُذكِّر بها الناس أو الذين لا يعرفون أو لا يذكرون وهي أنّ ذات الذين جلسوا منذ يومين فوق منصة ضيوف وحضور مؤتمر الحزب الشيوعي السوداني، هم أنفسهم - وفي مقدمتهم الامام الصادق المهدي وإلى جواره الدكتور نافع وخلافه من خصوم الحزب التاريخيين، أقول هؤلاء أنفسهم هم الذين قادوا معركة حل الحزب الشيوعي السوداني في العام 1966 - إن لم تخنِ الذاكرة المزدحمة بالأحداث..!.
ولكنني أبدي هذه الملاحظة ليس من باب تقليب المواجع السياسية والحزبية والعقائدية في وطن عذّبته.. وأرهقته.. وأضرّته تلك الصراعات - الطفولية - الطابع.. بل من اثبات حقيقة أنّ السودان وحركته السياسية بدأ - يشب عن الطوق - ويكبر فكره.. وفهمه.. ويطبق قادته القاعدة البسيطة القائلة «إنّ الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية»..!.
وليكن حضور مَنْ حلوا الحزب الشيوعي عام 1966 ومهدوا الطريق لانقلاب مايو 1969 هو بمثابة اعتذار ونقد للذات - وتوبة تاريخية - من نظرة ونظرية الإقصاء..!.
ولا يفوتني هنا بالطبع أن أقول وبكل شجاعة:
إنني لا أُبريء نفسي من لعبة الإقصاء القديمة تلك حيث قدت معركة إقصاء قائد وشيخ الإسلاميين والاخوانيين في انتخابات 1986 في دائرة الصحافة وجبرة، حيث سقط الشيخ، وكان سقوطه وإقصاؤه بالتحالف الحزبي العريض مدخلاً لحقبة انقلابية جديدة..!.
ألم أقل لكم إنّ حل الحزب الشيوعي 1977 أتى بإنقلاب نميري..؟!.
نعم.. وأقول الآن إنّ إقصاء «الترابي» عام 1986 - أي بعد عشرين عاماً من قيادته هو لاقصاء وحل الحزب الشيوعي أدى إلى انقلاب الإنقاذ المتدرج الآن - بفضل الله - نحو نظام ديمقراطي تعددي من سماته وعلاماته الخيرة انعقاد مؤتمر الحزب الشيوعي فوق سطح الأرض.. وبحضور عتاة اليمين الحاكم والمعارض..!.
ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ
مشاركات: 226
اشترك في: الأحد مايو 29, 2005 7:59 pm

مشاركة بواسطة ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ »

التاريخ: الأربعاء 28 يناير 2009م، 2 صفر 1430هـ


مؤتمر جناح أيسر الفريق القومي

د. عبد الله علي ابراهيم

سمعت من الدكتور خالد التجاني، محرر "إيلاف" والكاتب بحس سليم، نادرة صالحة لأعيدها على الأسماع في مناسبة انعقاد مؤتمر الحزب الشيوعي الخامس في عطلة الأسبوع المنصرم. قال إنه في الثمانينيات اصطدم الشيوعيون والأخوان المسلمون بجامعة الخرطوم بعنف خلف قتيلاً هو المرحوم الغالي. وأغلقت الجامعة بعد قسم الإخوان الغليظ أن لا يسمحوا أبداً للشيوعيين بعدها بالنشاط السياسي في الجامعة حتى قيام الساعة. وانفتحت الجامعة بعد الأجاويد كلية بعد كلية تحسباً من تجدد العنف على نطاق واسع. وكانت أول كلية انفتحت هي كلية الطب. وقام الطالب آنذاك أحمد سيد أحمد المطيب (أخ مسلم وزميل دكتور خالد في الغرفة بالداخلية) مع البياحة من داخليات الوسط قاصداً كلية الطب ليرى إن كان الشيوعيون قد تحدوا قسم الإسلاميين. ووجد على شجر الكلية صحيفة الجبهة الديمقراطية، مساء الخير، معلقة. فعاد أدراجه إلى داخليته في وسط الجامعة واقتحم الغرفة على خالد ومن معه وهو جذل: الشيوعيون علقوا مساء الخير، الشيوعيون علقوا مساء الخير. واستجمع أنفاسه وقال: "والله السياسة بلا شيوعيين ذاتها ما عندها معنى".
وددت من غير الشيوعيين أن ينتهزوا فرصة انعقاد المؤتمر الحامس للحزب للتصالح مع فكرة سبقنا إليها المطيب. فقد أزعجني إلحاف البعض على ضرورة تغيير اسم الحزب أو ضرورة اسقاطه الماركسية حتى بعد أن تواضع مؤتمر الحزب أن لا داع للمسألتين.. فليس من حق أيًّ منا أن تكون له مواصفات لما ينبغي أن يكون عليه الحزب الشيوعي. تلك مهمة نعلقها بذمة عضويته ونعينهم بالموعظة الحسنة. ثم نستبشر بما اتفق لهم على سنة الديمقراطية. وهذا ما وقع للمطيب بالسليقة وهي أن الشيوعيين قد عادوا ليبقوا وأسعده ذلك لأن السياسة بدونهم ماسخة . إن حديثنا هنا هو حول ضرورة أن ننمي العادة الديمقراطية التي هي خلق في لمصالحة مع الحقائق غير السارة لقلب المرء. ويقولون في اللغة الإنجليزية لمثل هذا التجمل "get used to them ". فالتغاضي عن الخصم الكعب واحتماله هما بداية اكتساب العادة الديمقراطية. ولم أجد لهذه العادة تمثيلاً مثل فيلم صور حياة السيد هفنر صاحب مجلة "البلايبوي" التي تحتفل بالجنس وصوره العارية لا غير. فقد عادته المدينة التي بدأ فيها الإصدار قبل الرحيل إلى كليفورنيا. بل حاول أحدهم إغتياله فأصابه إصابة جعلته لزيم الكرسي المتحرك. وتعاورته المحاكم لحجب صحيفته. وفي لحظة درامية غراء من مرافعته تجلى فيها من مثل دور هفنر سأل المحلفين أن ينتصروا له لسبب شاذ. قال لهم أنا أسوأكم بلا منازع فإذا لم تشملوني بالديمقراطية وحرية التعبير فستنزعون هذا الحق قريباً عن المحسنين منك. وأضاف أن ضمانة الديمقراطية في أن يتمتع بها الأسوأ لأنه مقياس سعتها واستدامتها الوحيد والمؤكد.
كان المؤتمر الخامس حالة استثنائية من الوجد تنفس الشيوعيون فيه الصعداء فرحاً ببقاء الحزب في وجه من دبروا لإستئصاله من وجه السياسة السودانية. يكفي أن المقطع المركزي لخاطرة المؤتمرين ورفاق طريقهم مثلي كان من قصيدة للشاعر محجوب شريف يهزأ بمن فارقوا عادة الديمقراطية في قبول الشيوعيين على علاتهم:
ديل نحنا
القالو فتنا
وقالو متنا
وقالو للناس انتهينا
وكضباً كاضب. ولابد لأولئك الذين أرادوا أن يكون الحزب الشيوعي نسياً منسيا أن يحزنوا لأن حزباً بإمكانياته قضى الشطر الناضج من عمره مهجساً ببقائه. وهذا قريب من نبت لصحراء ينبت الشوك الغليظ لأن منطق الجفاف حرمه من الإيراق كسائر شجر الماطرة. وهذا إهدار في موارد الوطن.
وأزعجنى من شوك الحزب أنه كرر خطأ احتفاله بعيده الأربعين كما كتبت عنه في 1988م، فالحزب لا يتمثل في خطبه أو عروض صوره إلا بمن ماتوا على العقيدة الصافية أو من ظلوا عليها. فأنت لا تجد ذكراً لمن خدم الحزب بغض النظر. ولو فعلوا لكتبوا عند الناس من أهل العادة الديمقراطية. ومع زهدي الطويل في عرفان الشيوعيين بخدمتنا القصيرة لهم وجدت بعض العزاء حين قال رفيق جالس إلي جنبي لدى عرضهم على الشاشة صورة لأبادماك الإله الأسد: "وعبد الله علي إبراهيم" إشارة لكوني زعيم تجمع يساري للكتاب والفنانين في نهاية الستينيات اتخذ اسم ذلك الإله القديم. فالعادة الديمقراطية مثل رقصة التانجو تحتاج إلى اثنين لكي تفرخ. فالشيوعيون ايضاً ملزمون باكتسابها بغير زمزغة. فلم يعجبني مثلاً خفوت صوت الشيوعيين في تثمين زيارة السيد نافع علي نافع لمؤتمرهم. فقد امتثل الرجل للعادة الديمقراطية كمسئول حزبي حكومي ولو خيروه كنافع الإسلامي لأختار ربما ألا يكون بين الشيوعيين في ذلك السبت الأحمر. لقد قطع الرجل فجاجاً نفسية عديدة لمؤتمر جماعة تربى على أن لا تكون فحسب. وهذا من مباديء التحول الديمقراطي فاتت على الشيوعيين في خياراتهم في الانفعال بزوار مؤتمرهم.
وأدل الدلائل على العادة الديمقراطية هو النكتة. فالنكتة ديمقراطية تتساوى عندها المظاهر الموجبة للمؤاخذة بالتفكه. فكل سييء تمجه نفسك ينتهي إلى نكتة قياساً بقول الفرنسيين إن كل شيء ينتهي إلى أغنية. والشيوعيون أضحوا منذ عهد بعيد موضوعاً للنكتة السودانية. هاك منها. فقد روى الدكتور مكي سيد أحمد عن رجل جاء إلى الأستاذ محمد إبراهيم عبده "كبج" المشرف على نشاط الشيوعيين في المديرية الشمالية القديمة. وكان كبج يضع صورة ماركس فوق حائط المكتب المقابل لزواره. وكان غرض الرجل من المجيء أن يطلب تسفيره إلى موسكو للعلاج. فتحير كيف يبدأ الحديث حول مطلبه الصعب. فنظر إلى صورة ماركس وقال لكبج:
- دا الوالد. ما شاء الله من أهل الدقون الدائرة.
أو تلك المروية عن أستاذنا عبد الخالق محجوب. جاءه أحدهم يطلب بعثة لإبنه. فقال له:
- والله يا استاذ تشوفليهو بعثة من بعثاتكم للسويد.
فقال عبد الخالق: والله يا فلان لو أنا برسل طلاب للسويد ما كنته لقيتني هنا. قول المجـر قول بولندا. والله لو عندي سكة للسويد زمان كنت مزنبع في ستوكهولم. يا راجل.
يأمل كل وطني وديمقراطي ان يكون مؤتمر الحزب الشيوعي قد وضع حداً لأطول أحزاننا وهو ضيقنا ببعضنا الآخر مما لايكون به الوطن وطناً ولا النظام ديمقراطياً. وستهون أهوال الشيوعيين التاريخية لو فشت فينا عادة الديمقراطية بدءاً بتوقير المؤتمر الخامس والكف عن "مجارطته" من غير الشيوعيين . وستكون دموع السبت الأحمر (بما في ذلك دموع رفيق الطريق كاتب هذه السطور) هي آخر الدموع.

------------------------------------------------
مناظير
عودة الروح!

زهير السراج
كُتب في: 2009-01-28

[email protected]


خرج الحزب الشيوعي السوداني من مؤتمره الخامس منتصراً بكل المقاييس فهو (أولاً).. قد اثبت علو كعبه في ممارسة الديمقراطية الحقيقية، وبرهن أن شعار (الديمقراطية) الذي يرفعه، ليس مجرد لافتة، وإنما (ممارسة فعلية).. وفكر متجذر في أجهزته ومؤسساته على كافة مستوياتها ابتداءا من أصغر (فرع) وحتى اعلى اللجان والمكاتب.. والهيئات!
* وكصحفي أسعى للحصول على المعلومات الصحيحة، قبل إبداء الرأي، استطيع القول ان الممارسة الديمقراطية كانت الأساس في كل أعمال هيئات الحزب، واختيار المناديب، والترشيح والانتخاب في كل هيئات الحزب داخل وخارج السودان، فقد حضر للمؤتمر الخامس مناديب من كل أنحاء العالم، تم اختيارهم بالانتخاب والممارسة الديمقراطية، ولم تعينهم اللجنة المركزية، أو المكتب السياسي، كما يشيع البعض، وإنما جاءوا من (القواعد) التي ظلت في حالة انعقاد دائم، وحركة مستمرة.. وهو ما يدل على حيوية الحزب، واستعادته لكامل نشاطه وديناميكيته اللذين تأثرا بظروف العمل السري، والأوقات العصيبة التي مر بها الحزب في السنوات الماضية والتي يعرفها الكل!
* هذه الحيوية، والعودة القوية ليست مكسباً للحزب الشيوعي وحده، وإنما لمجمل الحركة الديمقراطية، بل مجمل الحركة السياسية والاجتماعية في السودان التي عانت من ضعف الاحزاب، والصراعات التي تعصف بها!
* أثبت المؤتمر الخامس ان الحزب الشيوعي قد تخطى (بنجاح) امتحان الخلافات، واختلاف وجهات النظر، وعبر عن ذلك بروح ديمقراطية عالية!
* ثانياً.. كسر الحزب (حاجز) السرية الذي كان يحيط به من كل جانب، وخرج بأفكاره ومناهجه وديمقراطيته واعضائه الى العلن، بدون وجل أو خوف، بل (بروح) وثابة، تسعى نحو (التغيير) بالوسائل الفكرية والديمقراطية، وهو حق مشروع! ليس التغيير السياسي فقط، بل التغيير الاجتماعي، الذي يسعى لترقية المجتمع في كل جوانبه.
* (ثالثاً) .. تجديد التفويض للأفراد والهيئات بالانتخاب، وضخ دماء جديدة في شرايين الحزب، وردم الهوة بين الأجيال التي نتجت عن ظروف الانقطاع والعمل السري، واليأٍس الذي أصاب البعض بعد انهيار التجربة السوفيتية باعتبارها مركز الحركة الاشتراكية، إلا ان الحزب الشيوعي السوداني بأفكاره وأطروحاته العميقة المدركة لطبيعة تلك التجربة، والظروف المحيطة به، استطاع ان يتخلص من عقدة (الانهيار السوفيتي)، ويقنع الكثيرين كحزب وطني ينتهج الفكر الماركسي بما يتناسب مع ظروفه، والبيئة التي ينمو فيها، فظل مركز جذب لكثيرين برغم الظروف الصعبة التي مر بها، وهاهو يصعد ببعض هؤلاء الى مراكز اتخاذ القرار والقيادة.
* (رابعاً).. التعاطف الجماهيري الواسع الذي وجده الحزب وهو يعقد مؤتمره الخامس، ويخرج الى العلن، ويجدد علاقته الوثيقة بجماهيره واصدقائه.
* (خامساً).. البعد الإعلامي الداخلي والخارجي الواسع، وتصدره للأخبار، بعودته القوية للساحة السياسية والعمل العلني!
* ولا شك ان كل ذلك سيصب في مصلحة الحزب الشيوعي، والحركة السياسية السودانية بل ونظام الحكم الذي سمح بقيام مؤتمر الحزب، وممارسة الحزب لأنشطته بدون تبرم أو ضيق!
* والكاسب الأول والأخير من كل ذلك.. هو السودان وشعب السودان!
------------------------------------------------


فضيلي جماع:

برغم كل شيء..قولوا للحزب الشيوعي السوداني:أحسنت!

(نشر بجريدة "الأحداث"-الثلاثاء 27 يناير)

ليس من أولياتي وأنا أكتب هذا المقال "التحية" أن أبادر بالقول أنني لست شيوعياًً ، فالشيوعية ليست تهمة لأبادر بنفيها؛ ولا هي سبة ليرميني بها أحد. هذه كلمات أقرب إلى الخاطرة التي تمليها تداعيات حدث. وهي تحية من مواطن سوداني يعرف أن وطناً لا يسعه مع الآخرين بمختلف مشاربهم ، هو أكثر ضيقاً من مساحة زنزانة مهما ترامت أطرافه ، واتسعت أوديته وسهوبه للضباع وبنات آوى دون الخيرين من أبنائه وبناته. هذا المقال كما أسلفت خاطرة في صيغة تحية، قصدت أن أرفعها في العموم لعضوية حزب سياسي ظل فاعلاً في الساحتين: السياسية والثقافية في بلادنا لأكثر من نصف قرن حتى وهو في أكثر فترات ضعفه وانزوائه. وأرفعها في الخصوص لأصدقائي من منسوبي هذا الحزب الذين جمعتني بهم أحلك الليالي وأصعب الظروف، فعرفت فيهم أجمل ما في إنسان هذا الوطن من شهامة ورحابة صدر وكبرياء نفس. شكراً لنضال شعبنا الذي أعاد إلى نبض أمتنا فضيلة الاختلاف في الرأي، وأن يكون للآخر المختلف عيد نشاركه فيه الحفاوة والفرح.
لعل من نافلة القول أن أسوق معلومة يعيها كل متابع لخط سير أمتنا في العراك السياسي والثقافي، تلك المعلومة الأولية هي أنّ اليسار السوداني كان له – في معظم الأحايين - القدح المعلى في نشر الوعي والتبشير بالجديد. فالعمل النقابي في القطاعات العمالية والمهنية كانت القيادة فيه – في معظم الأوقات – لليسار السوداني. وقضايا مثل الانحياز للمرأة وحقوقها لم تكن لتجد الإضاءة الكاملة – رغم جهد الرواد في هذا المجال (عبدالرحمن المهدي وبابكر بدري) - لو لا جرأة اليسار في دعم قضايا وحقوق المرأة. كان اليسار إذن نعمة في حياتنا.
يعترف كاتب هذه السطور أن العلاقة بينه وبين أنصار الفكر الماركسي بدأت متعثرة. كان ذلك في سنوات الدراسة الثانوية ثم فترة الجامعة. كنت وإياهم على طرفي نقيض. بل كنت حتى منتصف المرحلة الجامعية أقرب إلى تيار الحركات الإسلاموية، رغم تمردي المبكر على التأطير وبحثي عن كل ما هو أرحب. حتى جاء يوم أن ضمتنا زنازين ضيقة وأسوار شاهقة صماء. وفي السجن وفي السفر وفي غربة الدار تظهر معادن الناس!
عرفت في سجن كوبر وفي معتقل شالا بعض منسوبي الحزب الشيوعي السوداني، وبعضاً من اليساريين السودانيين غير المنضمين لعضوية حزب أو نقابة. وعرفت عن كثب مثقفين شيوعيين كانوا يعرفون قيمة الحوار والجدل الفكري.. يصيخون السمع ويصبرون على طيش وترهات الخصم حين يتوه بنا درب الحوار الهادئ ويحمى وطيسه. عرفت في رحلة السجن (18 شهراً) – على سبيل المثال لا الحصر- الدكتور عبد القادر الرفاعي ‘ الأديب الذي ضل طريقه إلى الهندسة الزراعية، وعرفت الدكتور هلال – الصيدلي الهادئ الوقور ، وسيد عيسى المحامي الذي يعيش تحت حائط السجن هادئاً رابط الجأش وكأنه في بيته. عرفت خليل الياس..يغيب ضوء الشمس ولا تغيب ابتسامة خليل الياس وسخريته حلوة المرارة!! عرفت السر شبو وسامي وخالد الذكر فارس الحرية الخاتم عدلان. ثم جمعتني سنوات المطاردة والحرمان من الوظيفة فيما بعد بأدباء ومثقفين شيوعيين ويساريين نعمت بصحبة بعضهم عن كثب وتبادلنا المودة والاحترام ، بل تجذرت علاقتي ببعضهم لتصبح صداقة أنا فخور بها حتى اليوم! بعض أصدقائي هؤلاء كتبوا الشعر والنقد والمقالة السياسية فأضاءوا ظلام حاضرنا الثقافي بضوء كلماتهم السامقة وألحان أغنياتهم الجميلة. تشرفت أن تواصلت معرفتي في إطارها الإنساني بالشعراء كمال الجزولي والراحل المقيم على عبدالقيوم ومبارك بشير والياس فتح الرحمن وحنجرة جيلنا – اللحن الخالد مصطفى سيد احمد وهاشم صديق وآخرين كثر من الشيوعيين ومن قبيلة اليسار قاطبة. أشهد أنني تعلمت منهم الكثير .
ثم إنني عرفت في المنفى من هم أكثر صبراً من الصبر ذاته ، أذكر منهم المناضلة الجسور فاطمة احمد ابراهيم (كانت تصر على ارتداء الثوب السوداني في برد لندن القارس وكأنها تقول للعالمين: أنا من السودان!) التقيت التجاني الطيب الصحفي رقم واحد في السودان لو لا أنه يحرر المقال السياسي من وجهة نظر صحيفة حزبية لا تخلو من التخندق! وعرفت المناضل الدكتور خالد التوم والراحل المقيم خالد الكد ثم إنني عرفت ولسنوات طويلة شاعر الشعب محجوب شريف، فعرفت النزاهة والنقاء وعفة اللسان وشجاعة الرأي تمشي على قدمين. محجوب شريف في نظري صوفي زاهد دخل التصوف من باب الانتماء حتى الفناء لإنسان السودان البسيط..الإنسان صانع التحولات.
ثم إنني وآخرين من أبناء حقبتي (النصف الثاني للسبعينات) تتلمذنا على أطروحات يسارية في صناعة القصيدة الجديدة. قرأنا بانبهار للشعراء عبد الرحيم ابوذكرى، مصطفى سند، علي عبد القيوم ، كامل عبد الماجد ، محمد تاج السر وآخرين. وحين يتحدث كاتب هذه السطور عن بصمات مثقفي اليسار عليه باكراً فإنه لن ينسى المثقف الخجول الذي آثر أرقام الاقتصاد على الأدب..الدكتور صديق ام بدة الذي علمني كيف أقرأ سند ويوسف الخال وآخرين! وتعلمت من الشيوعي سابقاً- الطبيب الوقور المثقف آدم احمد علي بقادي كيف أقرأ الشاعر والروائي الانجليزي توماس هاردي وأنا يافع بعد. بل أذهب بعيدا لصباي الباكر في مسقط رأسي المجلد لأذكر كيف أنني ملئت إعجاباً بشجاعة يساريين من عائلات كبيرة في مركزها وعلمها .. كان همهم التعليم ومحاربة الأمية والإدارة الأهلية ..أذكر منهم الراحل مهدي احمد الرفاعي والشهيد محمد سليمان قور والأستاذ آدم جبريل القوني أطال الله عمره.
تعلمنا إذن من اليسار..أخذنا منه ، ولنقل إنه كان محمدة في حياتنا. أهم من ذلك أن معرفتي من قرب بمعظم من ذكرت من مثقفي اليسار العريض أومن منسوبي الحزب الشيوعي السوداني أبانت لي الجانب المشرق في أعماق الكثيرين منهم: أريحية في النفس وبعدها عن السفاسف وحبها حتى الثمالة لكل ما يمت إلى الوطن وإنسانه بعلاقة ! وتلك لم يجلبها الشيوعيون من الخارج ..بل تلك تربية إنساننا السوداني في مدنه وأريافه.

نعيب - حين ننبري بالنقد والتشريح – نعيب على الحزب الشيوعي السوداني كذا وكذا وكذا.. وقد نكون محقين، ونعيب على الشيوعيين وحزبهم كذا وكذا وكذا. بيد أننا في غمرة توزيع التهم المجانية ننسى أن من أجمل ما قدمه الحزب الشيوعي وهو يكافح الاستعمار مع الحركات الوطنية السودانية الأخرى منذ مطلع القرن الماضي – ننسى أنه ساهم في نشر الوعي بين الطلاب والطبقة العاملة بصفة خاصة. ظل الشيوعيون واليساريون – رضي البعض أم لم يرضوا – أنصارا للتقدم، دعاة ضد الخرافة والمد الرجعي بكل أشكاله. وقفوا مع محو أمية السودانيين ووقفوا مع المرأة كقضية عادلة وعاجلة، فكانت مجلة "صوت المرأة"، الناطقة باسم الاتحاد النسائي أحد روافد الحزب الشيوعي السوداني والتي ساهمت في نشر الوعي بين جماهير النساء بصفة خاصة.

أخطأ الشيوعيون طبعاً.. وعلى قول السيد المسيح عن المرأة التي زنت: من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر!
من أخطاء الحزب باعتقاد كاتب هذه السطور أنه في تصديه لقضايا الفلاحين والعمال – ومعظمهم في القرى والبوادي- كان قد حصر نشاطه النقابي والسياسي بين جمهرة طلاب الثانويات والجامعات ونقابات العمال في المدن الكبرى، أي أن الحزب كان أقرب إلى يسار المدن منه إلى تجربة حركات التحرر الوطني التي قادها على مدى قرن من الزمان يسار أفريقيا وآسيا وأميريكا اللاتينية.. نذكر على سبيل المثال فقط: ثورة الاتحاد الوطني الأفريقي بقيادة نيلسون مانديلا في جنوب أفريقيا ، وسامورا ميشيل في موزامبيق وثورة الماوماو بقيادة جومو كينياتا في كينيا ومعلمو جوليوس نايريري في تنزانيا وهوشي منه وثورة الفيات كونق في فيتنام ..وأخيراً.. جون قرنق دي مابيور في السودان.، حيث انطلقت كل تلك الجبهات الثورية الناجحة من عمق الريف. مشى الحزب الشيوعي إلى الريف السوداني .. لكن في استحياء!!
كذلك أخطأ الشيوعيون حين عمدوا إلى التواطؤ في تغيير نمط النظام الديموقراطي بانقلاب جعفر النميري (مايو 1969م).. ثم انقلابهم الفاشل في 19 يوليو 1971 على سلطة نميري نفسه – ذلك الانقلاب الذي جاء بخيرة كوادر الحزب إلى المقصلة.

لكنا نعود مرة أخرى لنقول: يجدر بمن يشمرون عن سواعدهم لمحاسبة الشيوعيين على تلك الأفعال أن يطرحوا السؤآل: هل اعتذر حاضرنا لماضينا القريب عن الخنجر الذي سددته الأحزاب السياسية السودانية وتحت قبة برلمان فترة ديموقراطية إلى صدر الفعل الديموقراطي يوم طردوا في مؤامرة وضيعة نواب الحزب الشيوعي السوداني وحلوا الحزب وصادروا حق منسوبيه في الممارسة الديموقراطية؟ لم ينبس ببنت شفة لدحض هذا التصرف الأرعن سوى المفكر الشهيد محمود محمد طه. كان شجاعا في رفضه للممارسة وشجبه لها ..وذهب أكثر من ذلك ليشير إلى أن أحزاب الطوائف في السودان تتسابق لإقامة الدولة الدينية! مؤامرة حل الحزب الشيوعي إذن كانت هي ثقب الأوزون الذي تدلت منه على رقاب السودانيين قوانين سبتمبر سيئة السمعة والتي انتهت بمسلسل كارثة اسمها (الإنقاذ)!
حدث كل هذا وحدث أكثر منه المطاردات والسجون لقيادات وعضوية الحزب وتصفيات للخصوم ، ولم يفتح الله على الساسة السودانيين كثيري "النضم" ، قليلي الفعل بما يستر عورة سقطاتهم التاريخية التي رمت البلاد في جب سحيق. كان يمكن أن يقولوا: كفى ؛ وأن يضموا اليسار كفصيل متقدم في النضال من أجل قضايا شعبنا كما ظل يفعل.. لكنهم آثروا غير ذلك فكانت خيبة أمل شعبنا فيهم!
وفي المقابل لم يقل الشيوعيون: هذا ليس وطننا أو هذا ليس شعبنا! لم يجربوا الانتقام وتصفيات الخصوم كما تفعل كثير من حركات اليسار الطفولي والحركات القومية في أفريقيا والعالم العربي. من تربية شعبهم المسامح والديموقراطي بطبعه عرف الشيوعيون أن التصفيات الجسدية عمل جبان ، لا يمت إلى ثقافة وأعراف شعبنا وبلادنا بأية صلة. لم يطلقوا النار على أحد، وهم الضحايا لمعظم فترات الظلام والغيبوبة وقضم الحريات. ظل الحزب الشيوعي السوداني قيادة وجماهير الابن المخلص لهذه الأمة، منحازاً لها ‘ راضياً دائماً بخيارها الديموقراطي.

أساتيذي وأصدقائي وصديقاتي في اليسار العريض وفي الحزب الشيوعي السوداني، تعلمت منكم الكثير المفيد، وجاء يوم أن أقول من قلبي.. شكراً لكم!
ويا جماهير شعبنا السمح الأصيل، قولوا للحزب الشيوعي السوداني: أحسنت !!

فضيلي جماع
ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ
مشاركات: 226
اشترك في: الأحد مايو 29, 2005 7:59 pm

مشاركة بواسطة ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ »

الحزب الشيوعي بعد مؤتمر (جمع التأخير)!



فتحي الضّـو



[email protected]



لعل أبغض الحَلال إلى نفسي أن تضطرني الظروف إلى الكتابة في موضوع تكثُر فيه الأقلام، ليس بسبب تعالٍ أو ما جاوره من النعوت كما يتبادر للذهن، ولكن لقناعتي التى استقيتها من واقع عليل...وهي أن الموضوع الذي يتدافع نحوه الكُتاب والصحفيون بالمناكب غالباً ما تخالطه عواطف مشبوبة، لدرجة أنه يمكن أن يرى الناس في بعض الأحيان إفراطاً في الانفعال وتفريطاً في معايير الموضوعية والمنطق، ولأننا قوم تجمعنا العاطفة كثيراً ويُفرِّقنا العقل أحياناً، فلن أجد مشقة في التأكيد - استناداً إلى خبرتي المتواضعة في متابعة حركات وسكنات الصحافة السودانية - أن الموضوعات التى يُقبِّل عليها الكُتاب والصحفيون بنهم حد الشراهة، غالباً ما تكون موضوعات مادحة تُكتب بعين الرضا الكليلة والتي لا ترى في الممدوح عيباً وإن كثرت نقائصه. وفي زمننا هذا زاد عليها أصحاب ”الأقلام المتوضئة“ إسقاط شعيرة الحياء التي كانت تُميز السودانيين عمَّن سواهم من خلق الله، ولم أر إقبالاً (شرساً) قطً نحو موضوع تناول احدى عِللنا السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية، والتي غالباً ما يكون تناولها فرض كفاية، أي أن قيَّض الله لها نبِيَّاً ليُوصِّل رسالته لبني قومه، فسينظر إليه الآخرون كأنه كائن غريب قدم من كوكب آخر، مع أن العكس هو الصحيح! والذي يزيد النفس حيرة أن القضية التي يتناولها المبعوث بالهداية أو العناية أو التسريح بإحسان، هي من صميم الواقع المعاش ويراها الناس بأم أعينهم ولا تحتاج لـ ”مجهر“ يضاعف حجمها أو سوءاتها!

أغفر لنا يا عزيزي القارىء... يبدو أنني شطحت في شىء تمني عقلي الباطني السباحة في بحره المتلاطم، ولكن بعد أن بلغت القلوب الحناجر فلندع هذا ليوم باتت العصبة ذوي البأس تراه أقرب إليها من حبل الوريد، وقد صدقت ”نبوءتنا“ فقد كنا نراه قريباً ويرونه بعيداً، وقلنا لهم لا يغُرنَّكم بالله الغَرور فتذكروا ما قاله كعب بن زُهير الشاعر الذي خلع عليه رسول الله (ص) بُردته بعد أن أسمعه (لاميته) الشهيرة ”كل إبن أنثى وإن طالت سلامته/يوماً على آلة حدباء محمول“ لكن على أية حال فلنترك وعظ الآخرة هذا جانباً ولنعد أدراجنا لحديث الدنيا، فقد كنا بصدد تفسير الاسباب التي فرضت علينا الخروج عن بيت الطاعة للمشاركة بالرأي في أمر كثُرت فيه الأيادي إحتفاءً وإفتراءً...فقد قلت لنفسي باختصار لا ينبغي لها أن تنذر للقراء صوماً بعد رؤية حدث تاريخي بزغ في سماء الحزب الشيوعي السوداني، وها نحن نكتب الساعة بعد أن إنفض السامر وطوى المؤتمر الخامس صحائف الحدث الذي إنتظره الشيوعيون وحلفاؤهم من القوى الوطنية والديمقراطية لأكثر من أربعين عاماً!

أذكر ذات يوم من أيام شهر أغسطس العام 1985 والذي تسمع لـ ”سخانته“ تغيظاً وزفيراً، جئت مستجيراً من رمضاء الكويت بنار الخرطوم، في زيارة عمل لإجراء حوارات صحفية مع نخبة من السياسيين، وقد استهدفت تحديداً الذين تسنَّموا مواقع وزارية في الحكومة الانتقالية الوليدة، إلى جانب قادة ورؤساء الأحزاب...وهل يستطيع صحفي أن يدَّعِي أنه جاء للخرطوم من دون أن تكون حوارات السياسة غاية همه ومبلغ علمه؟ وكانت أجواء الخرطوم يومذاك مفعمة ببقايا إنتفاضة ابريل رغم إرهاصات وأدها المبكر...وأيضاً قل لي بربك يا قارئي الكريم ومنذ متى كانت أجواء الخرطوم غير مفعمة بالغيظ والغضب والثورة؟ على كلٍ أذكر أن الاستاذ محمد أبراهيم نقد كان في طليعة اهتماماتي وقصدته بعد لأيٍ شديد وجهد جهيد، والواقع أنه كان يومذاك محط أنظار المراقبين والصحفيين معاً، لأن ظهوره بعد الاختفاء القسري عن أنظار أمن المخلوع نميري أضفى على شخصيته هالة من الاثارة في نفوس الذين كاد أن يقتلهم حب الاستطلاع. وبناءً على موعد ساهم فيه صديقي دكتور مصطفي خوجلى إلتقيت الرجل في منزله بضاحية الرياض إن لم تخن الذاكرة، وأظنه رأى حبيبات العرق التي تفصَّدت في جبيني جداولاً فقال لي بعد التحية مباشرة: أعتقد بطيخة مناسبة في ”السخانة“ دي؟ فقلت له أوافق على الإقتراح رغم أنها لن تفعل شيئاً للسخانة السياسية، فجاملني الرجل بإبتسامة بشوشة، وعندما جاء بالبطيخة قلت له من باب المداعبة أيضاً: حتى بطيخكم فاقع الحمرة يا أستاذ (والحقيقة أنها كانت كذلك)؟ فضحك ضحكة مجلجلة وقال لي كأنه يصل إلى نتيجة نهائية في مسألة حسابية معقدة.. ده كان زمان!

ساهمت تلك ”القفشات“ في ترطيب الأجواء بيني وبين الرجل الذي إلتقيته للمرة الأولي، وزاد على ذلك بأريحية بالغة في قوله أنه رغم ظروف الاختفاء كان يتابع كتاباتنا الناقدة لنظام نميري في صحيفتنا ”الوطن الكويتية“ ثمَّ حملني شكره وتقديره للزملاء الديمقراطيين العاملين في الصحافة الكويتية بوجه عام والوطن بوجه خاص، ولا أظن أنه يمكن أن تستعصى على قارىء حصيف حصيلة هذه ”الونسة“ التي فتحت شهيتي لحوار إستثنائي طمحت فيه أن تكون تجربة الاختفاء مرتكزه الأساسي، وأذكر أنني ألحيت عليه إلحاحاً شديداً لكشف تفاصيل الستة عشر عاماً، والمعروف أنه تخللتها نصف ساعة فقط ظهر فيها وشارك في اليوبيل الفضي لمدرسة حنتوب في مناسبة كان نميري أحد حاضريها، وتمت الخطوة بعد أن قدمت له اللجنة المنظمة للاحتفال ضمانات في عدم المساس به، لكن نقد قال لي أن نميري أقدم على ذلك وهو مُرغم، وأضاف بأنه ما كان ليجرؤ على الحنث بوعده نسبة لأن هناك وفداً زائراً كان برئاسة كوزموتسوف نائب رئيس مجلس السوفيت الأعلى، وذلك للقيام بوساطة بين الحزب الشيوعي ونظام نميري!

مع ذلك رفض رفضاً باتاً الكشف عن تفاصيل اختفائه وقال لي مُنهياً الجدل الدائري حول الموضوع (يا أخي مش ممكن نحتاج ليه مرة ثانية؟) وعوضاً عن ذلك شنَّف أذني بنذر يسيرة روت ظمأ حب إستطلاعي، وأذكر قال لي أنه كان يعيش حياة طبيعية، بمعنى أنه كان يمشى في الأسواق ويجامل في الاجتماعيات السودانية من فرح وترح ويتابع النشاط السياسي في البلاد بما في ذلك إدارة نشاط الحزب، وأكد لي أنه لم يشعر بالملل إطلاقاًً ولم يتخلل اليأس إلى نفسه ولو لمرة واحدة. وبالطبع احتاج نقد لتكرار التجربة للمرة الثالثة في العام 1995 بناءً على تقديرات حزبية كانت ترى أن حياته مهددة بالخطر في ظروف سادت فيها جاهلية العصبة ذوي البأس تطرفاً وإقصاءً ومغالاة، ولم تكن المرة الثالثة كالثانية ولا الأولي التي دامت لثلاث أعوام (1959- 1961) في عهد نظام عبود أو ما أصطلح بتسميته الديكتاتورية الأولي، ففي الثالثة إنكشف سره وخرج للعلن مختتماً تسع سنوات، ولعلها كانت أضعاف ذلك بمعايير المعاناة!

عموماً يمكن القول أن تجارب الاختفاء عن عيون الانظمة الديكتاتورية سُنَّه مارستها قيادات الحزب الشيوعي بصورة شبه جماعية، في حين جاراهم قلة من أحزاب أخري. وبغض النظر عن جدوى الاختفاء أو عدم جدواه فقد كان مُبرراً غير مباشر للحزب في تفسير أسباب عدم إنعقاد المؤتمر الخامس لأكثر من أربعة عقود زمنية، وهو تفسير إلى حد ما يبدو واقعياً أكثر من كونه منطقياً، فعلى سبيل المثال هيأت الحقبة البرلمانية الديمقراطية المؤودة فرصة لانعقاد هذا المؤتمر. وبالرغم من قصرها (ثلاثة سنوات ونصف) لو أن الحزب استطاع عقد المؤتمر خلالها لانعكس ذلك إيجاباً على احواله التنظيمية وادائه السياسي المناهض للانقاذ، كما أنه كان سيكون أكثر بريقاً وفاعلية وتأثيراً في الأحداث لو أنه استطاع قهر الظروف الواقعية تلك وعقد مؤتمره، فذلك كان من شأنه أن يقدم رسائل قوية ومحيرة مثل حيرة تجارب الاختفاء تماماً. وأتمنى أنه لو صحت تقديراتي هذه أن يكون ذلك مُحفِّزاً للجنة المركزية الجديدة في بسط موازين الحساب والمحاسبة، وذلك درءً لأي تأويلات ومنعاً لتكرار ظاهرة تعد رجساً من عمل الديكتاتوريين في النشاط السياسي، وفي هذا الصدد أسعدني ما ذكره نقد في خطابه الضافي في قوله ”تأخير إنعقاد المؤتمر العام الخامس تقصير جسيم نتحمل مسؤوليته“ وهي عبارة تحتاج إلى تفعيل وتطبيق عملي من شأنه تكريس مفهوم النقد الذاتي الذي درج الحزب على ممارسته في ظل تقاعس الآخرين!

على الرغم من تضحياته التي لا ينكرها سوى مكابر، وعلى الرغم من أنه تولى مقاليد القيادة في ظروف مفصلية كان الحزب مهدداً فيها بالفناء، وعلى الرغم من أنه ما يزال قادراً على العطاء، وعلى الرغم من حسابات مُعقدة يُعتقد أنها دفعت بالحزب لاعادة إنتخابه سكرتيراً عاماً، إلا أنني كنت أتمنى لو أنه الاستاذ نقد ترجل من مقعد القيادة بمحض إرادته، كان ذلك كفيل أن يفسح له مكاناً واسعاً في صوالين التاريخ، وفي نفس الوقت كان يمكنه أن يسحب البساط من آخرين تشبثوا بالقيادة دونما أدني ظروف قاهرة وجعلوه هو ذريعه لتبرير خطئتهم، وكنت أعتقد أن عقلاً مفكراً في الحزب العتيد لن تستعصى عليه إبتكار صيغة وسطية تواءم بين ضرورات وجوده وبين حتمية التجديد والدفع بوجوه شبابية نحو المقدمة، كأن يُقترح مجلس إستشاري يرأسه هو ويضم الآخرين الذين أسماهم صديقي الاستاذ التيجاني الطيب تفكهاً بـ ”الديناصورات“ ولم يستثن نفسه، وهي قيادات لا يمكن لأحد أن يطعن في كفاءتها أو نزاهتها أو تجردها لوجه الله والحزب والوطن!

بالطبع لكل منَّا منظاره الخاص الذي يُقوِّم به الأمور، بيد أنني لا أخفي سعادتي في انعقاد هذه المؤتمر، لايماني بأنه سينعكس إيجاباً على الشئون التنظيمية ويساهم في بناء حزب قوى يكون سنداً وعضداَ لأي نظام ديمقراطي مرتجى، وكذلك من منطلق قناعتي بأن المؤتمر سيبعث برسالة قوية لعصبة أخذتها العزَّة بالأثم وسدرت في غيِّها وأيقنت أن بقاءها على سدة السلطة رهين بضعف وإضعاف الآخرين، ويأمل المرء أن يكون في إنعقاد المؤتمر رسالة لقوى حزبية أخرى، إما لحذو حذوه أو محاولة مساعدتها للانفكاك من ربقة مؤتمرات ”ديكورية“ تُعد قراراتها وتوصياتها قبل قيام المؤتمر، ورغم ذلك لا تجد طريقها نحو التطبيق العملي! وعليه سواء بالنسبة لها أو الحزب الشيوعي لا نعتقد أن العبرة في عقد المؤتمرات بقدر ما العبرة في ترجمة نتائجها. كذلك من المفارقات التي استعصت على فهمي أن البعض إنشعل كثيراً باسم الحزب، من منطلق هل الضرورات تبيح له تغييره أم المحظورات تتطلب منه الابقاء عليه. وفي تقديري أن كلا الموقفين غرقا في الشكليات، فلا أظن أن الحزب سيجني كثيراً لو غير أسمه ولا سيخسر أكثر لو أبقي عليه، فليس المهم الاسم بقدر ما الأهم ما الذي سيصنعه الاسم في قضايا الناس المختلفة. و لا أظن أنني ساكترث كثيراً إن كان قادته على قلب رجل واحد في الماركسية أم قلوبهم شتى، لأن المهم عندي توظيف هذه الماركسية في قضايا الناس إن كانت لا تزال تمثل مرتكزاً فكرياً للحزب، وعليه يكون انتقاد الحزب في نجاحه أو إخفاقه في حل القضايا السودانية لا بإدانته أو تبرئته من الماركسية!

نحن نتمني أن يلعب الحزب دوراً فاعلاً في قضية التحول الديمقراطي، وفي قضية وحدة السودان والنزاعات المسلحة التي باتت تهدد وجوده، فكل ما جاء في التوصيات حول هذه القضايا هو محض تنظير ما لم تترجم عملياً وتنزل على الناس وتنعكس على واقعهم، ولا أعتقد أن الناس يمكن أن تسمح بعدئذٍ للحزب أن يجعل منهم ”حائط مبكى“ أي إن مُنع من إقامة ندوة سياسية أو حُجبت ”الميدان“ عن النشر هرع إليهم وشكا مر الشكوى، فإن حدث ذلك فهؤلاء الناس يريدونه أن يقول لهم ماهي خياراته المتاحة والتي سيستثمرها وفقاً للقانون والدستور! ويطمح الطامحون في ”بروسترويكا“ إعلامية حقيقية تجتاح أركان الحزب، ومن خلالها يمكن النظر بعين الشفقة لصحيفته الوحيدة ”الميدان“ فكل الظروف التي يمكن أن تُقال لن تشفع له في تواضعها، وبغض النظر عن الامكانات فالصحيفة لم تخرج من القوقعة الحزبية التي حبست فيها نفسها لأكثر من نصف قرن، فلتتمدد صفحاتها للرأي الآخر دون خوف أو وجل!

نُهنئكم يا رفاق الدرب الطويل...في انتظار المؤتمر السادس والذي نطمح أن نتابع وقائعه على شاشة قناة الحزب الفضائية، وذلك ليس على الوطن بكثير!

عن (الأحداث) 1/2/2009


--------------------------------------------

الخميس 29 يناير 2009م، 3 صفر 1430هـ العدد 5602

الشيوعي يختار مكتبه التنفيذي


الخرطوم: الصحافة

انتخبت اللجنة المركزية المنتخبة للحزب الشيوعي ،أمس الأول، ،المكتب التنفيذي للحزب من تسعة مكاتب، واختارت بالاجماع محمد ابراهيم نقد مسؤولاً سياسياً، وعلي الكنين مسؤولاً للتنظيم، والشفيع خضر مسؤولاً للاتصالات السياسية، ونعمات مالك للعمل النسوي، ويوسف حسين للإعلام، والحارث التوم مسؤولاً لشؤون الدار، والتجاني الطيب مسؤولاً للنشر والارشيف، بجانب مكتب العلاقات الخارجية والمكتب المالي.


الصحافة

-----------------------------------

نقد إمام الوسطية في الحزب ..!
_POSTEDON 3-2-1430 هـ _BY admin
موسى يعقوب

[email protected]

اظهرت انتخابات اللجنة المركزية للحزب الشيوعي في مؤتمره الخامس هذا الاسبوع ان الوسطية والاعتدال هما سيدا الموقف في الحزب الذي يخطو نحو السبعين من العمر. وما يفيد بهذا ان الاغلبية الساحقة من اعضاء المؤتمر (270) عضوا من جملة الـ(خمسمائة) او (الاربعمائة) عضوا الرقم الذي شابته الضبابية ? قد انحازت الى جانب الاستاذ نقد السكرتير العام السابق للحزب. فهو في السياسة السودانية وليس الحزب الشيوعي وحده يعتبر من ائمة الوسطية والاعتدال. ولهذا شواهده الكثيرة عند من تابع وقرأ ورصد مسيرته السياسية وفي احلك الظروف والاوضاع المحلية والعالمية. وقد كان لكل منهما اثره ومردوده على الحزب وعقيدته السياسية وعلى الوطن في الفترة لاخيرة ـ فترة مهددات الوحدة الوطنية في دارفور وغيرها والاستهداف الخارجي عبر الجنائية الدولية وغيرها ايضا..
ويعكس انحياز الحزب الشيوعي الى نهج الوسطية والاعتدال ممثلَين في اعطاء الاستاذ نقد اربعة سنوات اخرى للاستمرار في نهجه (تحت الارض وفوقها) عبر اكثر من 37 عاما قاد فيها الحزب، العدد المتدني للغاية الذي حصل عليه في مواجهته الاستاذ سليمان حامد. وهو بنظر البعض (متنطع) او متشدد بجدارة اذ لم يتجاوز ذلك العدد الـ170 صوتا اي بفارق مائة صوت..!

ان (الفرقة ) كبيرة بل بعيدة على كل حال. وذلك كله كان متوقعا منذ البداية لان التعويل والرهان على القيادات التاريخية المخبورة-فيما يبدو- كان هو الارجح . وكأن لسان حال تلك الاغلبية كان يقول:الثمر في الشجر الكبار..! ولا ادري ان كان ذلك من ناحية علم النبات وعلم الانسان هو كذلك ام لا ...؟!بيد ان الغالب والراجح في علم السياسة وممارستها ان الاستاذ محمد ابراهيم نقد وبالتجربة هو إمام الوسطية والاعتدال في معسكر اليسار اجمالا.. فالتهنئة له مشفوعة بالدعاء بالتوفيق وكل مؤتمر عام والحزب الشيوعي في حالة تجديد للذات والفكر وان تعذر عليه الذهاب الى سجل المواليد ليعدل في اسمه تبعا للمتغيرات والمستجدات ...!

-----------------------------------
رغم ان الاستاذ موسى يعقوب كتب مقالا ايجابى فى معناه وهو من تنظيم الاخوان الا ان ربيع عبد العاطى ابى الا ان يتجه فى الاتجاه المعاكس وهو من نفس التنظيم ... فكتب كلاما لا نقول عليه راى وانما شىء يمكن ان نطلق عليها كتابات والسلام كتب من منظور ضيق اضيف من ثقب الابرة ..فهذا رايه الذى استطاع ان ينشره ويسجل به موقفه حول هذا المؤتمر التاريخى انظروا بالله ماذا قال ..


وقائع وتوقعات

د. ربيع عبد العاطي عبيد

عودة الأموات!!

{ لقد تلقى الحزب الشيوعي ضربات قاضية في عهد النظام المايوي، بإعدام قياداته وملاحقة كوادره وفضح فكره الذي لا يتواءم مع شعب مسلم وجمهور يعتقد بمنهج الدين والتسليم بقضاء الله وقدره كطريق يؤدي إلى الفلاح في الدنيا والآخرة.

فالشيوعيون أمام قوة الثقافة المجتمعية التي تعود إلى قواعد الدين وأصوله، حاولوا التراجع عن كثير من مبادئهم وشعاراتهم، بحيث أنهم لم يتجرأوا على العمل بصورة مكشوفة للتعبير عما أفصح عنه منظرو الماركسية، الذين أعلنوها صراحة بأن الدين هو أفيون الشعوب وأن الغاية تبرِّر الوسيلة وأن لا إله والحياة مادة.

{ وكان الشيوعيون يتهربون من تلك الشعارات والعقائد الفاسدة ويدّعون أنهم لا ينكرون وجود الله ويؤدون الصلاة ويدفعون الزكاة.. وهذا الزعم لا ينفصل عن تطبيقاتهم لما كان قد قرره ماركس ولينين بأن الغاية تبرر الوسيلة.

{ فوسائل الشيوعيين ظلت تتخذ هذا الطريق لإفساد الأخلاق وإشاعة الرذيلة وإغراء الفتيات باتباع ما تنتجه بيوتات الأزياء من آخر صحيات الموضة التي من شأنها أن تشجع على السفور والتعري وعرض مفاتن الأجسام كما تُعرض الأزياء.

{ومن خلال متابعتنا للمظاهر التي شاهدها الجميع عند انعقاد مؤتمر الحزب الشيوعي بقاعة الصداقة، فإن الشيوعيين قد وجدوا ضالتهم فيما أُتيح من حريات فجمعوا لذلك بقايا من النساء والشباب الذين خدعتهم شعارات الشيوعية الجوفاء.. فكانت الشابات حاسرات الرؤوس يرتدي معظمهن ما ضاق من الثياب وتكسو وجوههن الألوان من الكريمات التي تدعو إلى الفجور وإغراء المراهقين من الشباب والفاسدين من الشيوخ.

{ لقد بُعثت الشيوعية من جديد بعد أن أُهيل عليها التراب، وكان المشير جعفر نميري هو الذي أصاب الهدف وأبطل الباطل وانتصر على نظرية الإلحاد. غير أن مناخ الحرية الجديد قد أفسح المجال تارةً أخرى لإحياء البذرة الخبيثة، ونمو شجرتها، وهم في مضمون خطابهم، وخطاب كبيرهم الذي أعادوه مرةً أخرى لم يشيدوا بنظام الإنقاذ، ولم يحمدوا له عملاً، ويردوا له جميلاً، لكنهم وعدوا بإسقاطه.. وهو إعلان بمثابة النية المبيَّتة لمن يحترم اللئيم، وأماط عنه اللثام الذي جعل فمه مكمَّماً ومحروماً من التعبير والظهور ردحاً طويلاً من الزمان.

{ إن الشيوعيين هم الشيوعيون.. لا تجدي معهم حرية.. فالحرية لديهم إباحية، كما أن للدين في وجهة نظرهم صورة ليست بمنجى من التهكُّم والاستهزاء، وانه لمن العجب ان تشهد قاعة الصداقة مؤتمراً يعود بالسودان القهقري لتحيا الشيوعية من جديد بعد أن اعتقدنا أنها كالحمر المستنفرة التي فرت من قسورة وسبحان الله الذي يحيي العظام وهي رميم!!.




الانتباهة
ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ
مشاركات: 226
اشترك في: الأحد مايو 29, 2005 7:59 pm

مشاركة بواسطة ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ »

الحزب الشيوعي السوداني وأحلام المستقبل بعد 'نهاية التاريخ'
ffالحزب الشيوعي السوداني وأحلام المستقبل بعد 'نهاية التاريخ'fff

د. عبدالوهاب الأفندي

في احدى المناسبات في أيام مناكفاتنا مع الحزب الشيوعي السوداني ـ سقاها الله- كتبت معلقاً على الدور النشط الذي كان الحزب يلعبه في إطار التجمع الوطني الديمقراطي المعارض، مستشهداً في ذلك بتعليق ساخر لأحد كتاب جنوب افريقيا عن الحزب الشيوعي هناك في مطلع التسعينات.
قال ذلك المعلق عن الحزب في تلك الفترة التي شهدت انهيار الاتحاد السوفييتي وبداية تفكيك نظام الفصل العرقي في جنوب افريقيا: 'إننا البلد الوحيد في العالم الذي يعتقد فيه الحزب الشيوعي بأن له فيه مستقبلاً!' وقد أضفت أنا بعد إيراد ذلك التعليق قائلاً: 'إن لنا في السودان ميزة أفضل، فنحن البلد الوحيد الذي يؤمن فيه الشيوعيون بالبعث بعد الموت!'
تذكرت تلك الملاحظات وأنا أراقب بمزيج من الدهشة والاهتمام انعقاد المؤتمر الخامس للحزب الشيوعي السوداني الأسبوع الماضي، وهو مشهد تم بث جوانب منه في التلفزيون الرسمي، وكان أشبه بحفل زواج لدى إحدى العائلات الأرستقراطية، يتسابق أعيان البلد لحضوره والتقاط الصور مع العروسين وذويهما. ولعل هذا كان المؤتمر الوحيد لحزب شيوعي في أي مكان في العالم تحضره قيادات دينية وممثلو أحزاب إسلامية وكل القيادات السياسية في البلاد تقريباً. وفيما عدا تعليقات قليلة من خصوم ألداء، وبعض المداخلات النقدية اللينة، كان هناك ما يشبه الإجماع في الإعلام السوداني احتفاء بمؤتمر الحزب الذي ينعقد بعد أكثر من أربعة عقود من مؤتمره الرابع الذي الـتأم في عام 1967.
ويشير هذا الاحتفاء إلى المكانة التي نجح الحزب أن يحتلها على الساحة السياسية السودانية، حيث ظل الحزب يحظى باحترام كبير بين القوى السياسية، بما في ذلك الحكومة وحزبها الحاكم. ولا أذيع سراً لو قلت بأن نظام الإنقاذ سعى جاهداً في مطلع التسعينات إلى كسب الحزب إلى جانبه أو على الأقل لتحييده، وذلك إدراكاً للدور الفاعل الذي كان يلعبه في المعارضة من جهة، واعتقاداً بأن الحزب يشاركه بعض أطروحاته الراديكالية المعادية للغرب والولايات المتحدة من جهة أخرى. ولكن تلك المساعي لم تنجح بسبب عداء الحزب لفكرة الدولة الدينية وأجندته الاجتماعية الليبرالية وتحالفه مع الحركة الشعبية لتحرير السودان، إضافة إلى عدم الجدوى السياسية للتقارب من وجهة نظر الحزب.
ويعبر هذا الاحتفاء كذلك عن نهاية الحزب الشيوعي كحزب ثوري يهدد المؤسسات السياسية والاجتماعية القائمة، واكتمال 'تدجينه' والقبول المتبادل بينه وبين مؤسسات المجتمع الطائفية والحزبية والقبلية. فقد مرت بالحزب والبلاد مرحلة كانت الأحزاب والقوى السياسية مهووسة فيه بخطر شيوعي داهم، وهي مخاوف (وأوهام) ساهم في إذكائها كثير من السياسيين وخاصة الإسلاميين من بينهم (بسبب المنافسة التقليدية بين الإسلاميين والشيوعيين في الجامعات ووسط ما سمي بـ'القوى الحديثة'). وقد زادت بعض المخاوف حين نجح الشيوعيون وحلفاؤهم في الهيمنة على أول حكومة تم تشكليها عقب ثورة تشرين الاول/أكتوبر عام 1964، وأدت إلى دعم القوى السياسية الرئيسية لقرار حل الحزب الشيوعي وطرد أعضائه من البرلمان في عام 1965.
كان ذلك القرار ذا عواقب كارثية على التجربة السياسية السودانية، خاصة حين تحدى البرلمان قرار المحكمة العليا بإبطال قرار الحل، مما وضع السلطتين التشريعية والقضائية على مسار اصطدام قوض الشرعية ومهد للإنقلاب العسكري الذي دعمه الحزب الشيوعي في ايار/مايو 1969. وبينما كان قرار حل الحزب الشيوعي كارثياً على الديمقراطية في البلاد، فإن تأييد الحزب الشيوعي لانقلاب ايار/مايو كان كارثياً على الحزب بنفس القدر الذي أصبح فيه انقلاب 30 حزيران/يونيو كارثياً على الحركة الإسلامية. ولا نريد هنا أن ندخل في السجال غير المفيد حول مدى دعم الحزب وقيادته لانقلاب ايار/مايو 1969، أو المحاولة الانقلابية الفاشلة ضد ذلك النظام في تموز/يوليو 1971. فمهما كانت فحوى المداولات الداخلية والخلافات بين القيادات، إلا أن الثابت أن كوادر الحزب على الأرض كانت في طليعة المؤيد للانقلابيين بصورة شهدت عليها جماهير الشعب، مما جعل الحزب يدفع الثمن في المرتين. وبينما كانت المأساة الدموية والإعدامات التي طالت قيادات الحزب بعد انقلاب 1971 هي التي مثلت المشهد الأكثر درامية وأوحت عنوان كتاب فؤاد مطر الشهير: 'الحزب الشيوعي السوداني: نحروه أم انتحر؟'، إلا أن العملية الانتحارية الأبرز كانت تأييد الحزب الشرس لانقلاب ايار/مايو في المقام الأول، وخاصة الدور الذي لعبته كوادره في ذلك في جامعة الخرطوم. ففي الفترة التي سبقت تلك المرحلة، كان الحزب الشيوعي وخصومه من الإسلاميين فرسي رهان في السباق على قيادة الحركة الطلابية. ولكن انحياز الحزب الظاهر للسلطة ومساهمته في حل اتحاد الطلاب أصابه بنكسة سياسية لم يفق منها تماماً حتى اليوم.
مهما يكن فإن الحزب الشيوعي (الذي يؤمن بالبعث بعد النحر أو الانتحار، سيان) عاد إلى الساحة السياسية بقوة بعد سقوط نظام الرئيس النميري في عام 1985، ولعب دوراً محورياً في إنشاء وقيادة التجمع الوطني لإنقاذ الوطن الذي وحد القوى السياسية ما عدا الإسلاميين في الجبهة القومية الإسلامية، وشكل الحكومة الانتقالية برئاسة د. الجزولي دفع الله. ولا تكمن قيمة ذلك الإنجاز فقط في أنه كان تكراراً مدهشاً لدور الحزب عقبت انتفاضة أكتوبر، وفي استغلاله سياسياً لسقوط نظام النميري مثل ما استثمر من قبل وصوله إلى السلطة، بل أيضاً في أن الخطاب السياسي للحزب أصبح هو المهيمن على الساحة السياسية، وطغى على كل خطاب آخر. وقد ظل الحزب يتمتع بهذه الهيمنة الأيديولوجية على الساحة السياسية السودانية حتى بعد أن حقق مكاسب متواضعة في الانتخابات البرلمانية عام 1986، وحتى بعد انقلاب 1989، حيث لعب في عام 1991 كما أسلفنا دوراً محورياً في إنشاء وقيادة التجمع الوطني الديمقراطي الذي ضم حينها كل الأحزاب المعارضة الرئيسية.
والملفت أن الحزب قد شهد في الآونة الأخيرة نمواً ملحوظاً في عضويته رغم أفول نجم الفكر الماركسي وانهيار التجارب الشيوعية في العالم وانحسار القناعة في أوساط الحزب نفسه بمنطلقاته الأيديولوجية.
وقد ترجم تضاؤل القناعة بعقيدة الحزب في الانشقاق الكبير لتيار مهم شكل كياناً منفصلاً ممثلاً في حركة 'حق'، وأيضاً في طرح مقترح تغيير اسم الحزب أثناء مداولات المؤتمر الخامس. وعليه فمن الواضح أن ما يحققه الحزب الشيوعي من زيادة ملحوظة في السند الشعبي، وما حظي به من وزن سياسي بين الأحزب جاء على الرغم من أيديولوجيته الماركسية وليس بسببها.
ولعل أهم رصيد للحزب كان وما زال في قياداته التي حرصت، إضافة إلى حنكتها السياسية، على احترام تقاليد وقيم المجتمع السوداني وظلت تجسدها في سلوكها. ولم يعدم الحزب في قياداته أو كوادره ممارسات صبيانية تستهتر بالواقع وتحاول القفز عليه، كما في الحادثة المؤسفة التي أدت إلى حل الحزب، أو الانقلابات التي أكد كثيرون أن زعيم الحزب وقتها عبدالخالق محجوب كان يقف ضدها، وغير ذلك. ولكن قيادة الراحل عبدالخالق وخليفته محمد ابراهيم نقد احتفظت إلى حد كبير بالبوصلة في مكانها الصحيح.
وهناك واقعة رواها لي الأستاذ الرشيد الطاهر زعيم الإخوان المسلمين الأسبق عن عبدالخالق ـ رحمهما الله- تلقي الضوء على هذا التوجه. فبحسب الطاهر الذي حوكم بالسجن في عام 1959 بتهمة المشاركة في انقلاب فاشل ضد حكومة الفريق ابراهيم عبود (سجن فيه شقيق عبدالخالق أيضاً) فإنه بعد سجنه قاطعه كل رفاقه من قيادات الإخوان بسبب خلاف سياسي حول ظروف الإنقلاب. وقد تم فصله من منصب المراقب العام وهو في السجن، ولم يقم أي من رفاقه بزيارته وهو في محبسه. وبالمقابل فإن عبدالخالق الذي كان منزله في أم درمان قريباً من السجن دأب على إرسال الطعام إليه بانتظام، بل وكان يبعث من يأخذ ملابسه ليغسلها كل أسبوع. إضافة إلى ذلك كان يكثر من زيارته في السجن ويحضر له كتباً إسلامية!
إضافة إلى هذه الميزة المهمة فإن الحزب الشيوعي والحركة اليسارية عموماً حققت هيمنة مبكرة في الميدان الثقافي، حيث دأب الحزب على احتضان واستمالة وتشجيع المبدعين في الفن والشعر والغناء والفكر، مما انعكس على وزنه السياسي، ومكن لخطابه من أن يهيمن على الساحة حقبة من الزمن. سياسياً أيضاً نجح الحزب في تحقيق حضور قوي في الساحات الطلابية والنقابية. وقد كانت نشأة الحركة الإسلامية في المجال الطلابي في أواخر الأربعينات عبارة عن رد فعل على الصعود السياسي القوي للحزب، وظلت الحركة إلى وقت قريب مشغولة بالحزب الشيوعي باعتباره الخطر الأكبر على الإسلام في البلاد.
إضافة إلى كل ذلك فإن الحزب اتخذ خطاً ليبرالياً اجتماعياً داعماً للحريات الشخصية والحداثة مما جعله جاذباً لقطاع واسع من الشباب. وعلى الرغم من الخطاب الماركسي الطبقي لحزب الطبقة العاملة، إلا أن الحزب ظل في الواقع يعكس ميول الطبقة البرجوازية المفتونة بالثقافة الغربية، خاصة في مجالات الفن والموسيقى والموضة. وقد كان هذا عامل قوة، رغم تناقضه مع أطروحات الحزب الأيديولوجية. ولا بد أن نضيف هنا أن الحزب لا يختلف في هذا عن كثير من الأحزاب الشيوعية في الغرب التي كان مفكروها وقياديوها بالضرورة من الطبقة البرجوازية (ولا ننسى أن ماركس ولينين وكثيرا من السابقين الأولين كانوا أيضاً من البرجوازية). اعتمد الحزب إذن على ليبراليته أكثر مما اعتمد على ماركسيته لتحقيق المكاسب السياسية. ورغم سقطة الحزب القاتلة في دعم الدكتاتورية النميرية، وهي سقطة دفع ثمنها غالياً كما أسلفنا، إلا أن الحزب حافظ رغم ذلك على سمعته باعتباره منافحاً قوياً عن الديمقراطية بحكم نضاله الطويل ضد الحكومات العسكرية، بما في ذلك تلك الحكومة التي جاء بها إلى السلطة. والملاحظ أن شعارات المؤتمر الخامس لم تذكر الماركسية ولا حتى الاشتراكية، بل اقتصرت على إشارات إلى الديمقراطية، التنمية، وحدة البلاد والسلام. ولم يغفل خطاب الأمين العام في نهاية خطابه الإشارة إلى التحدي الأساسي الذي يواجه الحزب، أي النكسة الكبرى التي مني بها الفكر الماركسي بعد سقوط الاتحاد السوفييتي وصعود الرأسمالية في عهد 'نهاية التاريخ'، والإشكالية التي يواجهها الفكر الاشتراكي نتيجة لذلك. واستبشر نقد خيراً بالتجارب الاشتراكية الجديدة في أمريكا اللاتينية وبالأزمة الكبرى التي ضربت الاقتصاد العالمي، حيث رأى في الظاهرتين بشرى خير لبعث موعود للفكر الماركسي.
ولا شك أنه من الطموح الزائد للحزب أن يحلم بمساهمة حاسمة في هذا البعث الموعود، خاصة وأنه يجتمع لأول مرة للتداول حول هذا الأمر بعد قرابة عقدين من سقوط حائط برلين بعد أن جرت مياه كثيرة تحت الجسر. ولعل أحلام إخوانهم الأقربين في بعث الخلافة الإسلامية من الخرطوم تكون أقرب إلى التحقق من شروق شمس الماركسية من جديد من على ضفاف النيل. فإصلاح ما أفسده عطار الممارسة التي يعترف الحزب باختلالها (رغم أنه لم يعلن حتى اليوم توبة نصوحاً من ماضيه الستاليني كما فعل المنشقون عنه) وإعادة البريق إلى الماركسية الآفلة يحتاج ـ إن كان ممكناً أصلاً- إلى أكثر من الأدوات المتاحة لحزب يعتبر مجرد نجاحه في عقد مؤتمر علني بعد أربعين عاماً من الغياب معجزة تسير بها الركبان. وتكفي الحزب معجزة واحدة في الخروج من التابوت، أو لنقل تحقيق المستحيل كما في المقولة الساخرة: 'المستحيل ننجزه فوراً، أما المعجزات فتأخذ منا وقتاً أطول بقليل'.
هذا لا يمنع أن يكون للقوم أجر المجتهد، كما أنه لا يغير في واقع أن الحزب ما يزال قوة فاعلة على الساحة السياسية بالرغم مما مر به وما عليه حاله.
وعليه في هذا المقام أن يتقدم بأسمى آيات الشكر لإخوانهم في حكومة الإنقاذ وممارساتهم التي جعلت كوادر الحزب يبدون كالقديسين بالمقارنة.

' كاتب وباحث سوداني مقيم في لندن
ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ
مشاركات: 226
اشترك في: الأحد مايو 29, 2005 7:59 pm

مشاركة بواسطة ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ »

صحيفة أجراس الحرية
https://www.ajrasalhurriya.net/ar/news.p ... ew&id=1754
--------------------------------------------------------------------------------
الكاتب : admino || بتاريخ : الإثنين 02-02-2009

عنوان النص : د. الشفيع في حوار ما بعد المؤتمر الخامس للحزب الشيوعي 1- 2
:
*لجان المؤتمر الخامس للحزب ضمت كوادر خارج اللجنة المركزية
*حسم المؤتمر قضية الإسم والاهتداء بالماركسية الملائمة للواقع السوداني
*(العدالة الانتقالية) نطرحها كمخرج لأزمة المحكمة الجنائية الدولية
*ندعو لـ (توافق وطني) يحمي كل المكاسب التي جاءت بالاتفاقيات
*ضرورة مراجعة الجهاز القضائي مطلب اجمعت عليه كل القوى السياسية
*لا حوار مع المؤتمر الوطني.. وما تم مؤخراً كان لقاءاً وليس حواراً!!
*نعم لعودة الخارجين عن الحزب.. شريطة عدم الخيانة أو الاختراق الأمني
*الاستاذ فاروق أبو عيسى..الحزب يناقشه في كل القضايا المهمة!!
*بشرى الصائم.. كتب ما كتبه اعلاناً وهو يعلم بأنه لن يناقشحوار: الفاتح عباس


تم اجراء هذا اللقاء صبيحة الجمعة الماضي – وعندما سألت (أجراس الحرية) د. الشفيع عن توزيع مهام مكاتب سكرتاية اللجنة المركزية.. أجاب بأن هذا الأمر سوف يحسم مساء اليوم.. (الجمعة) تناول الحوار قضايا الساعة بالوطن والحزب الشيوعي السوداني وأهم ما تم طرحه واجازته بالمؤتمر الخامس للحزب الشيوعي السوداني التي انتهت اعماله في الأسبوع الماضي.. وبالطبع كان طابع الحوار فكرياً اكثر من تظيمياً.. إذ تناول مسألة الأيدولوجية التي تحكم الحزب والرؤى والمفاهيم حول الاشتراكية في عالم تسوده ما يعرف بـ (العولمة) وكذلك وضع الطبقة العاملة والكادحين الذين يتبنى الحزب قضاياهم بالسودان..

*قبل الحديث عن المؤتمر.. كيف سارت الترتيبات لعقد المؤتمر الخامس بعد أربعين عاماً؟
بداية لقد تم تحضير وثائق بتكليف من لجان واسعة.. هذه اللجان التحضيرية تكونت من كادر الحزب من اللجنة المركزية ومن خارجها بل معظم عضوية تلك اللجان كان من خارج عضوية اللجنة المركزية..
*هل تعني كوادر من فروع الحزب؟
لا.. من الكادر المتخصص مثلاً في البرنامج الاقتصادي ثم الاستعانة باقتصاديين من خارج اللجنة المركزية والتعليم والصحة.. وهكذا.. بعد اعداد تلك الوثائق في شكلها الأولي تم صياغتها في شكل مسودات.. هذه المسودات خضعت لنقاش عميق قبل اجازتها في ورش عمل عديدة.. ثم ادخلت بعض التعديلات على تلك المسودات على ضوء نتائج ورش العمل تلك.. وبعد ذلك قدمت الى اللجنة المركزية السابقة.. ومن ثم قررت اللجنة المركزية نشر تلك المسودات التي اصبحت في شكل وثائق وأوراق عمل وهذا العمل تم خلال العامين السابقين.. بعد نشرها تم فتحها للنقاش لكل عضوية الحزب وهذا النقاش تم في شكل سمنارات إذ تم تثبيت ندوات ثابتة اسبوعياً تعقد بالمقر العام للحزب الشيوعي بالخرطوم.. هذه الندوات تم عقدها لمدة (3) شهور.. وكانت اللجنة التحضيرية للمؤتمر شديدة الحرص ان يطلع كل عضو من عضوية الحزب على تلك الوثائق.. كل هذا العمل تم جمعه وتلخيصه وتبويبه.. الخطوة الثانية كانت عملية انتخاب مناديب المؤتمر.. وتم هذا عن طريق الانتخاب المباشر بنسب معينة بفروع الحزب بالداخل والخارج.. المناديب المنتخبون تم توزيعهم على لجان حسب الرغبة والتخصص..
*هل تم اصطحاب النقاش الطويل الذي بدأ منذ بدايات التسعينيات في تلك المراحل؟
كل الحوار والنقاش والآراء والأفكار التي تم تداولها في النقاش الطويل وسط عضوية الحزب ثم اصطحابها في الاعمال التحضيرية للمؤتمر الخامس.. لقد اتفقنا ونحن على اعتاب المؤتمر حول أمرين: أولهما: هناك قضايا ومسائل لا يمكن حسمها الآن بالمؤتمر الخامس، اذ هي قضايا تتطلب مزيداً من الحوار وهذا أفيد لحسم تلك القضايا.. هذه القضايا تتعلق بالطابع الفكري الواسع والأيدولوجية الماركسية.. كذلك استنتاجات انهيار المعسكر الاشتراكي.. وكذلك قضايا بلورة والاهتداء بالفكر الماركسي على الواقع السوداني.. الأمر الثاني الذي اتفقنا عليه هو ان يحسم أمر مسألة اسم الحزب وعمله التنظيمي والسياسي بالفترة القادمة داخل المؤتمر الخامس للحزب..
*حدد السكرتير العام محمد إبراهيم نقد مهام محددة تواجه الحزب والوطن.. كيف تمت معالجتها داخل اروقة المؤتمر الخامس للحزب؟
القضايا التي طرحت بالجلسة الافتتاحية بواسطة السكرتير العام، هي قضايا رئيسية بالنسبة الى لجان المؤتمر.. مثلاً القضية المتعلقة باتفاقيات السلام المختلفة.. استاذ نقد ذكر في الجلسة الافتتاحية بأن توجه الحزب ان تصهر كل تلك الاتفاقيات في طابع برنامج وطني.. كما ظل الحزب الشيوعي يطرح دوماً ضرورة التوافق على برنامج وطني تجمع عليه كل القوى السياسية.. هذا الطرح عبر عنه بشكل جزئي أو كامل في عدد من الاتفاقيات.. اتفاقية السلام الشامل 2005م.. هنالك اشارة الى ضرورة التوافق الوطني وكذلك اتفاقية القاهرة هناك اشارة الى ضرورة العمل على اجماع وطني لحل كل قضايا الوطن وهكذا.. الفكرة الرئيبسية من طرح برنامج التوافق الوطني يرجع الى ان تلك الاتفاقيات هي في الأساس حلول جزئية أو في الأصح هي (حلول بالقطاعي) في حين ان الازمة هي ازمة واحدة تتمثل في ازمة السودان المعاشة اليوم.. متجلية في اشكال مختلفة.. لكن الطرف واللاعب الأساسي الذي لعب دوراً فاعلاً في كل الاتفاقيات كان المجتمع الاقليمي او الدولي.. فالفكرة تعود الى دمج تلك الاتفاقيات وطرحها في برنامج عمل وطني عريض من خلال مؤتمر أو حوار بين القوى السياسية السودانية المختلفة.. مع الأخذ بعين الاعتبار عدم المساس بكل المكتسبات التي اكتسبتها الجماهير من تلك الاتفاقيات..
*هل هذا يعني ان تجمع كل الاتفاقيات وتصاغ في شكل اتفاقية واحدة؟
ليس بهذه الطريقة الميكانيكية. نريد التوافق الوطني وهذا ليس موضوع الساعة.. الشكل يحدد لاحقاً.. فالمسألة ليست مسألة جمع وطرح في هذه الاتفاقية أو تلك.. جوهر التوافق الوطني هو مناقشة ودراسة كل الاتفاقيات وصولاً لهذا التوافق برضاء كل القوى السياسية السودانية..
هذا التوافق يغير الى الابد: نغمة ثنائية هذه الاتفاقية أو تلك الجزئية والتخوف من تشرذم الوطن.. التوافق الوطني يعني ادارة بصورة قومية واسعة..
*المساءلة والمصالحة الوطنية؟
ويقول د. الشفيع عن المساءلة والمصالحة الوطنية والمحاكمات في الجرائم التي ارتكبت بدارفور.. بداية لا بد من رفع راية الحوار وبأن اللجوء الى العمل العسكري هو خيار فاشل ومدمر.. قضية المساءلة والمصالحة الوطنية، ولكنها تحتاج الى الجهود.. ومن هنا نتحدث عن الحوار الدارفوري وضرورة المشاورة الواسعة لكل أهل دارفور بما فيهم قيادات دارفور المحلية.. تطرح قضايا للحوار وليس طرح مواقف بدءاً.. من مطلب الاقليم الواحد لدارفور، الحزب الشيوعي يرى هناك صوت عالي باقليم دارفور ينادي بالاقليم الواحد وداخل هذا الاقليم تؤسس ولايات.. أما فيما يتعلق بموضوع المحاكمات لمرتكبي جرائم بدارفور فقد طرح الحزب الشيوعي على لسان سكرتيره العام مسألة (العدالة الانتقالية) وفي رأينا يجب على الجميع التعامل مع هذا الأمر بصورة جدية.. لقد عبرنا ومن خلال التجمع الوطني الديمقراطي من ضرورة مراجعة الأجهزة العدلية بالسودان.. لقد جاء ذلك في اتفاقية السلام الشامل إذ ان هناك نص واضح ينص على ضرورة مراجعة الجهاز القضائي لضمان استقلاله وحيدته وقوميته.. وهذه قضية جوهرية اذ لا يمكن لأي شخص أن يعيش في بلد بسلام وأمان وهناك شكوك حول جهازه القضائي والعدلي.. وضع الجهاز القضائي بالسودان كان من أحد أهم الأسباب بارتفاع صوت المحكمة الجنائية الدولية..
*استاذ نقد في خطاب الافتتاح لم يشر بخير أو شر لمسألة المحكمة الجنائية الدولية.. فهل تم مناقشتها داخل المؤتمر؟
تحدثنا بالمؤتمر عن العدالة الانتقالية..
*هل الحزب مع المحكمة الجنائية أم ضدها؟
في العمل السياسي ليس هناك مكاناً لسؤال أجب بـ (لا) أو (نعم)..
*جميل بصورة أخرى أضع السؤال.. ما هو رأي الحزب الشيوعي في المحكمة الجنائية الدولية؟
لقد أوضح الحزب رأيه في وقت سابق وكان واضحاً واضيف بأن الحزب يرى بأن انشاء محكمة جنائية من حيث المبدأ فهو مكسب لشعوب العالم.. وظل مطلباً تطالب به الشعوب لعقود من الزمان بضرورة انشاء محكمة حتى (تلجم) الخروقات التي تتم على المستوى الوطني والدولي.. فهذا امر مرتبط بالقانون الدولي.. ولهذا فقد وقعت جمهورية السودان على ميثاق روما الأساسي لانشاء المحكمة الجنائية الدولية..
*هذه الاجابة ليست كافية بالنسبة لي؟
لقد طرح الحزب بمؤتمره الخامس مسألة (العدالة الانتقالية) لمخرج من ازمة المحكمة الجنائية الدولية.. فالعدالة الانتقالية سوف تكون مخرجاً مرضياً للأزمة الراهنة وكل الازمات المتعلقة بموضوع المحاسبة والمساءلة في الجرائم المتعلقة بحقوق الانسان.. مفهوم العدالة الانتقالية أصبح اليوم مفهوماً دولياً واتمنى بأن يفتح نقاش واسع وعميق حول هذا الموضوع.. نقاش بالشكل البسيط.. وليس بالشكل القانوني المعقد.. العدالة الانتقالية التي يطرحها الحزب الشيوعي السوداني هو اشبه بموضوع (المصارحة والحقيقة) الذي تم في جنوب افريقيا والمغرب.. تجربة جنوب افريقيا كانت تجربة عظيمة وقد تابعتها باهتمام بالغ.. لقد كانت وقائع تبث مباشرة على التلفزيون وفي حلقات نقاش عامة.. يأتي الضحية والمتهم الذي تعتبر الضحية بأنه ارتكب جرماً في حقها.. المتهم يقر بأرتكاب تلك الجريمة أو تبريره لارتكاب تلك الجريمة والضحية هي التي تقرر العفو او عدمه وفي هذه الحالة تكون اجراءات المحاكمة..
*لكن المناخ السياسي والظروف بالسودان تختلف عن ظروف جنوب افريقيا؟
طبعاً..
*تحديداً هل يتوقع الحزب الشيوعي السوداني بأن يقف المؤتمر الوطني أو أحد رموزه كما حدث بجنوب افريقيا؟
لهذا نحن نطرح العدالة الانتقالية للمناقشة وحتى اللحظة لم نسم رأي من أي كيان سياسي بالحكومة أو خارجها لهذا اكرر ضرورة طرح مسألة (العدالة الانتقالية) لنقاش عام واسع.. فطرح (العدالة الانتقالية) في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الخامس كان مقصوداً ونتوقع ان يحدث نقاش مع القوى السياسية الأخرى..
*الإمام الصادق المهدي طرح مؤخراً مشروع (المحكمة الهجين) هل هناك نقاش بينكم وبين الإمام الصادق؟
الحزب الشيوعي دائماً في حالة نقاش وحوار مع كل القوى السياسية.. في الايام الأخيرة كنا (مشغولين) بموضوع المؤتمر الخامس للحزب. لكن، بالعكس الحزب الشيوعي مع أي طرح يجنبنا التصادم والاستقطاب الحاد..
*الإمام الصادق ذهب في راحة (المحكمة الهجين) تفادياً لمصادمة المجتمع الدولي.. اكثر من (العدالة الانتقالية) هل توافق؟
الحزب الشيوعي طرح (العدالة الاجتماعية) الإمام الصادق المهدي طرح (المحكمة الهجين) وآخر يطرح طرح ثالث ومن هنا تأتي اهمية الحوار والنقاش حتى نصل الى الهدف المنشود.. العدالة الانتقالية.. عندما طرحها الحزب الشيوعي لا يعني على الاطلاق قبولها أولاً..
*هناك حوار بين الحزب الشيوعي والمؤتمر الوطني.. هل طرحتم فكرة (العدالة الانتقالية)؟
(الاجابة بحدة) ما في حوار.. ما عندنا حوار.. ما كان عندنا حوار أصلاً..
*كان هناك حواراً توقف بعد مقتل الطالب بجامعة الجزيرة.. فكيف لم يكن هناك حواراً؟
نعم لقد توقف.. وعندما اقول بأنه ليس هناك حواراً بيننا وبين المؤتمر الوطني اعني بأن الحزب الشيوعي اوقف الحوار نهائياً مع المؤتمر الوطني بعد مقتل طالب جامعة الجزيرة..
*لقد تم لقاء بين الحزب الشيوعي والمؤتمر الوطني قبل أسابيع من المؤتمر الخامس باسابيع.. لقاء وليس حواراً..
*وما الفرق بين اللقاء والحوار؟
لقد تم اللقاء بطلب من المؤتمر الوطني وكان حول التداعيات التي يمكن ان تحدث في حال صدور قرار المحكمة الجنائية الدولية وكذلك حول التداعيات المتوقعة بعد الاستغناء حول حق تقرير مصير جنوب السودان، وكذلك حول ازمة دارفور..
*طيب في ذلك اللقاء.. هل طرح الحزب الشيوعي موضوع (العدالة الانتقالية)..
لقد أشرنا إليه اشارة..
*كيف كان رد فعل المؤتمر الوطني؟
ذلك اللقاء كان الهدف منه تقديم رؤى حول المسائل التي طرحت.. لقد قدم المؤتمر الوطني رؤى واستمعنا اليه وكذلك قدمنا رؤى واستمع المؤتمر الوطني إلينا.. وفي اعتقادي بأن الطرح الجاد لـ (العدالة الانتقالية) يبدأ منذ الآن.. لقد طرح الحزب الشيوعي هذا الأمر وتم اجازته بالمؤتمر الخامس.. وبهذا يصبح طرحاً حزبياً يأخذ شرعيته بموافقة المؤتمر الخامس عليه..
*في الجانب الفكري والأيدولوجي للحزب.. ماذا ناقش المؤتمر الخامس؟
في الجانب الفكري والأيدولوجي قرر المؤتمر بأنه من القضايا التي يجب بالضرورة مواصلة النقاش حولها.. لكن المؤتمر حسم بالتصويت وبالاغلبية الساحقة بأن يبقى الاسم هو الحزب الشيوعي السوداني.. كذلك أكد المؤتمر اكد على طبيعة الحزب المنحاز للطبقة العاملة وكل الكادحين وهو حزب يستند الى المذهب الماركسي.. وعبر المنهج الماركسي يستنبط الحزب البرامج والرؤى والمفاهيم لتطبيقها على الواقع السوداني.. وأكد المؤتمر على ان الحزب لا يتعارض مع النصوص الماركسية أو مقولات جامدة وانما يشكل مرشداً ومنهجاً للعمل اليومي للحزب..
*كان هناك صوتاً خافتاً بالمؤتمر بعودة الخارجين والمنشقين عن الحزب.. فهل هذا هو موقف الحزب؟
نعم.. لقد تم طرح مسألة العودة للخارجين والمنشقين.. ولكن بضوابط.. طبيعة الحياة تحدد ضوابط لكل عملية فالفكرة تدعو أي شخص خرج من الحزب لخلاف فكري أو سياسي او لاختلاف في البرنامج او تنظيمي.. يعني باختصار أي شخص لم يخرج من الحزب لأسباب تتعلق بالخيانة او الاختراق الأمني..
*بشرى الصائم.. اصدر كتيب في شكل رسالة للمؤتمر الخامس.. هل ناقشتم تلك الرسالة خاصة وانها تدعو لعودة (المظلومين) للحزب؟
لم يناقش هذا الكتيب.. لأن بشرى الصائم ليس عضواً بالمؤتمر.. كتب.. ما كتب من باب العمل الاعلاني.. وهو يعرف جيداً بأنه لن يتم مناقشة ذلك بالمؤتمر.. فالمؤتمر له برنامجه واجندته وأوراقه المحددة..
*الاستاذ فاروق ابوعيسى.. نفى في بيان انه عضواً بالحزب.. واعلم بأنه قد عاد لعضوية الحزب بعد احداث شعبان 1974..
نعم لقد عاد الاستاذ فاروق ابو عيسى للحزب بعد احداث يوليو 1971 بعد ان قدم نقداً ذاتياً لكن مع تطور العمل السياسي للاستاذ فاروق وشغله الأمين العام لاتحاد المحامين العرب اصبح وضعه اقرب للدبلوماسي.. ورأى الاستاؤ ابو عيسى بأنه من الأنسب بأن يكون لا حزبي عبر هذا المنصب.. لذلك قرر الابتعاد عن العمل بالحزب الشيوعي..
*هل تقدم باستقالة ام جمد نشاطه فقط؟
خرج الاستاذ فاروق ابو عيسى من الحزب ليس خروجاً عدائياً.. بالعكس فالعلاقة بين الحزب والاستاذ فاروق وثيقة للغاية ودائماً يشاوره الحزب في كل القضايا لكن تنظيمياً هو خارج الحزب...

--------------------------------------------------


صحيفة أجراس الحرية » الأخبار » الحوارات


د.الشفيع في حوار ما بعد المؤتمر الخامس للحزب الشيوعي (2 ـ2)
بواسطة: admino
بتاريخ : الإثنين 02-02-2009 10:23 صباحا



* المؤتمر لم يضع برنامجاً ورؤية تفصيلية للانتخابات.. وهل ستجرى؟!

* كنَّا أمام خيارين: لجنة مركزية مصغرة أو موسعة.. واخترنا الثاني

* لا يمكن الحديث عن انتخابات ودارفور تحترق!

* السودان اليوم كله يغلي مع اضافة المحكمة الجنائية الدولية

* الحركات النشطة في عالم اليوم تعددت وسوف نمد أيدينا للكل

* لم نهمل الجانب التثقيفي ولن تكون مناجاة داخلية فقط.. فالثقافة للجميع

* مسألة الأجنحة والتيارات داخل الحزب تجاوزها الزمن

* العشرون عاماً الماضية شهدت دمار قطاعي الصناعة والزراعة

* لن نصدَّ الباب أمام أعضاء (حق) بالعودة للحزب




حوار: الفاتح عباس

يواصل د.الشفيع خضر عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني الحديث عن علاقة الاستاذ/ فاروق أبوعيسى بالحزب ويقول: (علاقة الاستاذ ابوعيسى بالحزب علاقة استشارية، ودائماً ما يتم ترشيحه لمهام او اجتماعات، ويرى الحزب أنه ليس بالضرورة ان يكون حاضراً. فهو يعبِّر عن قوى واسعة ديمقراطية، لكن تنظيمياً ليست له علاقة بالحزب).

* فيما يتعلق بالرؤية المستقبلية للحزب.. ما هي رؤيتكم واستعدادكم للانتخابات القادمة؟

ـ المؤتمر الخامس لم يضع برنامجاً تفصيلياً للانتخابات، وانما خرج بسلسلة مؤشرات عامة، لقد تم انتخاب لجنة مركزية واسعة تشمل 40 عضواً بالاحتياطي. هذا العدد من العضوية للجنة المركزية للحزب لأننا نرى أن السودان يواجه وسوف يواجه تحديات جسام. لقد كان المؤتمر أمام خيارين: الأول انتخاب لجنة مركزية مصغرة باعتبار (الهاجس) ان التطورات الأمنية غير معروفة وغير مضمونة النتائج. والخيار الثاني تشكيل لجنة مركزية موسعة واذا وقع أي حدث علينا التصرف وفق معطيات ذلك الحدث. لذا اختار المؤتمر الخيار الثاني الهادف الى توسيع عضوية اللجنة المركزية، حتى يكون التمثيل بداخلها أوسع، وفي ذات الوقت تكون لجنة مركزية سوف توزع حسب التخصصات المختلفة. أعود وأقول بأن الانتخابات بالنسبة للحزب تشكل جبهة رئيسة. والحزب حين يقول بأن الانتخابات جبهة رئيسة لا يعني فقط العملية الانتخابية ولكن يطرح الحزب عدة تساؤلات: متى تقوم الانتخابات؟ هل سيخوض الحزب الانتخابات بتحالفات مع قوى وأحزاب سياسية أخرى؟ حقيقة، المؤتمر لم يناقش هذه القضايا بالتفصيل، لكن من حيث المبدأ العام نحن مع اجراء انتخابات حرة نزيهة كما اننا مع تنفيذ اتفاقية السلام الشامل التي حددت موعد تلك الانتخابات.

* عدم مناقشة الانتخابات انما يعني ان الحزب الشيوعي يشكك في قيام الانتخابات في موعدها؟

ـ لا يمكن الحديث عن انتخابات بمعزل عن ما يجري في دارفور، ونفترض أننا طرحنا مشروعاً لتأجيل الانتخابات فماذا يكون من بعد لهذا يجب ان يكون ذهننا مفتوحاً لكل الاحتمالات مع ضرورة مناقشة تلك الاحتمالات، مثلاً اذا طرحنا مسألة تأجيل الانتخابات، فهذا التأجيل سوف تترتب عليه تبعات معقدة. أول تلك التعقيدات هي: ما هي الحكومة الأنسب بعد تأجيل الانتخابات؟! وهكذا. المهم لم تناقش مسألة الانتخابات بالمؤتمر بالطرح الذي أجبت فيه عن سؤالك. لكن بصفة عامة وضع مؤشرات عامة واللجنة المركزية الجديدة مناط بها دراسة مسألة الانتخابات مع كل الاحتمالات والسيناريوهات وهذا بالضرورة يجب ان يتم بالنقاش مع كل القوى السياسية السودانية، فقضية الانتخابات من القضايا التي كل ما توافقت حولها مع القوى السياسية الأخرى تكون النتائج أفضل.

* السكرتير العام للحزب (نقد) في تصريح له قال: لن ندخل الانتخابات ما لم يحسم أمر تسجيل الحزب الشيوعي، وكذلك مالم تحسم قضية دارفور، أليس هذا موقف واضح من الانتخابات؟

ـ هذا هو موقف الحزب الشيوعي العام، ونرى انه من الصعوبة والاستحالة اجراء انتخابات بتجاهل دارفور.

* التجربة السياسية السودانية مليئة بالمفاجآت.. فاذا افترضنا مفاجأة اجراء الانتخابات، فهل يعني ذلك أن الحزب الشيوعي لن يشارك ؟

- كما قلت اننا سوف (نشوف) الانتخابات الموعد المقرر لها هو شهر يونيو من هذا العام، فهل يعقل أن تجري انتخابات في شهر يونيو؟! إلا اذا كانت سوف تجري تلك الانتخابات على غرار انتخابات اتحاد طلاب جامعة الخرطوم، واذا كان البعض يأخذ الأمر بهذه الكيفية فانها كارثة! العملية الانتخابية، عملية معقدة، ولا تقتصر على العملية الفنية والاجرائية فقط. يجب ان يطرح سؤال ما هو الاجدى لمصلحة الوطن؟! وهل نخوض انتخابات والحرب (مولعة) في دارفور؟ بداية يجب ان تتوحد الجهود للخروج من أزمة دارفور بالحل الديمقراطي العادل وبعد ذلك تجري الانتخابات. فهذا يتطلب قراءة جديدة للواقع السياسي السوداني. وهل تستمر تركيبة الحكومة بذات النسب المئوية السائدة اليوم؟

* اذا نظر الحزب الشيوعي لهذا الأمر بهذا الشكل فهذا يقود الى تعديل اتفاقية نيفاشا؟

ـ لقد سمعت قبل فترة تصريحات من بعض قيادات الحركة الشعبية تقول: اذا كان من مصلحة البلد التنازل عن بعض حصص الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني لصالح آخرين.

* بدون مقاطعة.. تلك التصريحات قالت ان الحركة الشعبية سوف تتنازل من بعض حصتها لأقليم دارفور بالتحديد؟

ـ على كل العملية في مجملها صراع سياسي. الاتفاقية التي يقال عنها انها خط أحمر، لقد حددت تاريخ قيام الانتخابات في موعدها الوارد بالاتفاقية، فلماذا لا تقوم؟

* الشريكان يصران على قيام الانتخابات في موعدها؟

ـ (شوف).. البلد اليوم كلها تغلي واضيف عامل آخر ساعد من حدة ذلك الغليان وهو موضوع المحكمة الجنائية الدولية. كيف يعني؟! هذا الأمر يتطلب ان يجلس الجميع ويفكرون في هذا الموضع بصورة أحسن. لا يستقيم عقلاً ان تكون هناك جهة ما تفكر وتخطط وتقرر وتطلب من الآخرين ان يعملوا وفق ذلك التفكير والتخطيط.

* لكن هذا هو الواقع.. على الحزب الشيوعي التعامل معه أو الانسحاب؟

ـ الحزب الشيوعي حركة سياسية لها عشرات الخيارات، ولن يتوقف نشاطنا في خانة ان نكون متلقين لحلول واطروحات الآخرين. الحزب الشيوعي، ليس حزباً وليد الأمس فلنا تاريخنا السياسي العريض الواسع والثر والعميق جداً في التعامل مع الأحداث وتداعياتها.

* نخرج قليلاً في شكل (استراحة) علاقة الحزب الشيوعي الاقليمية والدولية.. كيف تبدو خاصة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي العظيم وكل التجربة الاشتراكية؟

ـ داخل هيكل الحزب الشيوعي السوداني جزء خاص بتولي شؤون العلاقات الخارجية، بل هذا مقنن بالنظام الداخلي للحزب. الحزب الشيوعي يرى أن كل الشعوب المستضعفة والتنظيمات التي تعمل من أجل شعوبها، على الحزب الشيوعي مد يد العلاقة لها. طبعاً بالأخص تلك المنظمات ذات التوجه الفكري القريب لطرحنا الفكري. في هذا العالم المتغير اليوم، اصبحت عملية النضال العام من أجل التغيير متشعبة وواسعة، هناك حركات بسط السلام ومنع الحروب، هناك حركات من أجل حماية البيئة على كوكب الأرض. هناك حركات عاملة لرفض العولمة في شكلها المتوحش هذا. هناك الحركات المطالبة بهويتها القومية. هناك المتغيرات السياسية التي حدثت في بلد دول امريكا اللاتينية.. فنزويلا.. البرازيل، وشيلي، وعلى ضوء هذا فالحزب يعمل على تطوير مفهومه للعلاقات الخارجية من أن تكون علاقات فقط مع الأحزاب الشيوعية والعمالية الى علاقات أوسع مع القوى الاقليمية والدولية لتبادل مصالح مشتركة ولقضية التقدم في العالم بشكل عام.

* هنا يجب طرح سؤال في شكل اتهام. يتهم البعض الحزب الشيوعي بأنه أهمل الجانب التثقيفي لعضويته او كادت ان تغيب.. ماذا تقول؟ وهل هذا جاء نتيجة أن الفكر الماركسي لم يعد جاذباً؟

ـ أولاً عملية التثقيف لا تعني التثقيف بالفكر الماركسي فقط. فاذا كنت تقصد من سؤالك البرامج التثقيفية التي تعقد بدور الحزب المختلفة. فانها موجودة ففروع الحزب لا تعلن عن برامجها التثقيفية عبر وسائل الاعلام المختلفة. مازالت هناك المدارس الحزبية، هناك مكتب للتعليم والتثقيف الحزبي. وفي اعتقادي ان هذا المكتب قام بنشاط واسع في الفترة السابقة. لكن بالطبع كل ما ذكرته ليس كافياً. وهذا يعني أن جزءاً من الاتهام يكون صحيحاً. لأن الحزب الشيوعي حقيقة يحتاج الى عملية تثقيف أوسع وسط عضويته وكذلك لا ينبغي ان ينظر الحزب لمسألة التثقيف من باب (المناجاة الداخلية) بل يجب ان تتسع لتشمل آخرين خارج عضوية الحزب. وهذه هي ظروفنا انهماك في عملية التحضير للمؤتمر والذي جاء بعد خروجنا من ظروف العمل السري. اعتقد أننا بعد خروجنا من المؤتمر الخامس يصبح في الامكان وبل المطلوب الاهتمام بالعمل التثقيفي ومفهوم (رفع القدرات) أصبح علماً قائماً بذاته يقوم على برنامج محدد. كذلك سوف نهتم اهتماماً خاصاً بالمثقافة الماركسية وهي مسألة ضرورية وحيوية للغاية. فالتعليم الحزبي لا يعني تعليم نصوص واحاديث وانما هو بالضرورة يجب ان يصب في اتجاه تعزيز وتطوير المعرفة الماركسية. أما في جانب (المثاقفة العامة) وسط الجماهير خارج عضوية الحزب والمثقفين فانها قضية سوف تواجه الحزب بشدة في الفترة القادمة.

* فيما يتعلق بقطاعي الطلاب والمرأة داخل الحزب يشعر الانسان بفتور من هذه القطاعات حول قضايا الحزب.. هل التقصير منكم او منهم؟ وفي قطاع المرأة يشعر الشخص ان هناك جناح الاستاذة فاطمة احمد ابراهيم، وجناح سعاد ابراهيم احمد؟

ـ يا أخي مسألة الاجنحة هذه تجاوزها الزمن. نحن اليوم في مرحلة جديدة. دخلنا مرحلة ما قبل المؤتمر، والآن نحن في مرحلة ما بعد المؤتمر. بالنسبة للمدارس الفكرية سواء لقضية المرأة، في اعتقادي بانها ظاهرة صحية ولا يجب ان نشعر بالقلق تجاهها. نعم هناك مدارس فكرية مختلفة داخل الحزب فيما يخص قضايا المرأة. فهناك من يرى ألا يطرح هذا الموضوع وكأنه موضوع يخص المرأة مروراً بوجود تنظير فكري يحدد هذا الأمر بالعكس، هذا التباين في وجهات النظر هو بلا شك مصدر ثراء. لو تذكر ان الحزب الشيوعي فتح نقاشاً في منتصف الثمانينيات حول العمل وسط النساء وحالياً لقد حدثت تطورات على المستوى النظري على نطاق العالم بالنسبة لوضع المرأة في المجتمع ودورها فيه (يعني حكاية الجندر) لكن لا توجد حاجة تسمى أجنحة لأن الحزب الشيوعي ليس بداخله ما يسمى بالتنظيم النسائي. فالنساء عضوات بالحزب. لكن خصوصية هذه القضية يمكن ان يولد مفاهيم مختلفة حولها.

* نأتي للطبقة العاملة والفلاحين وكل ما يعرف ما آلت اليه الصناعة والزراعة في السودان مؤخراً؟

- المؤتمر ناقش باستضافة أن هناك تدميراً مريعاً في قطاعي الصناعة والزراعة. ولقد تحدث الاستاذ نقد حول هذا الموضوع وضرب مثالاً بحال السكة حديد والنقل النهري والمنطقة الصناعية بالخرطوم بحري التي اصبحت اليوم خرابات. لقد أقر المؤتمر بان النمو الاقتصادي بالسودان هو نمو للرأسمالية الطفيلية خلال العشرين عاماً التي مضت وافرازات هذه العملية الاقتصادية هو تدمير الطبقة العاملة في السودان، وتحويلها الى (جيش عطالة). فالمصانع بالسودان تكاد تكون معدومة، وعلى قلتها فانها تدار باعداد قليلة من العمال. كذلك حدث الدمار في القطاع الزراعي.. مشروع الجزيرة آل ما آل اليه وتحول المزارع لعامل زراعي في حواشات المزارع الأغنى او هاجر وشد الرحال الى الخرطوم. المؤتمر وجه اللجنة المركزية أن تواصل ودراسة الواقع في القطاعين الصناعي والزراعي.

* ما فاهم.. وجود طبقة عاملة وفلاحين يعني وجود مصانع ومزارع؟

ـ لا.. الحزب الشيوعي لن يبني المصانع ويقيم المزارع.. فقط نحن بصدد دراسة هذا الواقع حتى نرى الى أين تسير هذه التركبية.. وما هي حقيقتها.. حتى يكون هناك تعامل وأقعي مع المتغيرات الحادثة في السودان.

* مسألة عودة الخارجين عن الحزب.. الأخ قرشي عوض اذا جاءكم وقال انا ومجموعة (حق) نريد العودة لصفوف الحزب.. كيف تتعاملون مع هذه الرغبة؟

ـ الأخ قرشي عوض.. عاوز يرجع للحزب كفرد او تنظيم؟

* نفترض كأعضاء؟

ـ كأعضاء، أي شخص مرحباً به. ليس لدينا أدنى تحفظات حول اي شيوعي سابق خرج من الحزب. التحفظ الذي لا تراجع فيه هو فقط من خان الحزب. لكن من اختلف مع الحزب فكرياً او تنظيمياً.. الى خلافة.. مرحباً بكل من لم يخن الأمانة او الوطن أو الحزب. فالباب مفتوح.

* رؤيتك الشخصية لمستقبل الحزب الشيوعي السوداني؟

ـ المؤتمر الخامس للحزب دفع في العضوية روحاً معنوية عالية جداً لسببين، الأول: انعقاد المؤتمر بعد اربعين عاماً. والثاني: هزيمة التيار الذي كان يشكك في انعقاد المؤتمر. عقد المؤتمر أحدث زخماً سياسياً عريضاً فالكل يتحدث عنه. التحدي الذي يواجه الحزب الشيوعي اليوم، هو كيف توظيف هذه الروح المعنوية العالية حتى تترجم الى عمل؟ بالطبع هناك اقرار بانه سوف يكون هناك هبوط وصعود في عمل الحزب خلال مسيرة العمل، ولن يسير العمل بالصورة التي يتمناها الشخص. هذا التحدي اذا لم يستثمر بالصورة الجيدة سوف تخطئ في حق الحزب والوطن. الشيء الآخر هو بأننا واثناء مسيرة العمل فان برامج واطروحات الحزب ليست بالجامدة او الساكنة بل هي متجددة دوماً. لذا لابد من استيعاب كل المتغيرات، دون هذا سوف يتقوقع الحزب الشيوعي.

انتهى الحوار بالسؤال عن توزيع واعلان اسماء اللجنة المركزية والمكتب السياسي للحزب وكانت الاجابة واردة في مقدمة هذا الحوار
ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ
مشاركات: 226
اشترك في: الأحد مايو 29, 2005 7:59 pm

مشاركة بواسطة ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ »

الحزب الشيوعي السوداني ..... تأملات وملاحظات

الكاتب/ د.أماني الطويل
Thursday, 05 February 2009

كان انعقاد المؤتمر الخامس للحزب الشيوعي السوداني مناسبة للملاحظة والتأمل في الأحوال السودانية القادرة دائماً على تقديم المفاجآت على الساحة السياسية ومناسبة للنظر في حالة اليسار بشكل عام ومدى قدرته على المساهمة في عملية الإصلاح السياسي والتحول الديمقراطي .


ولعل مايثير الأنتباه والدهشة بأمتياز هو اجتماع الفرقاء التاريخيين في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الحزب التي حضرها رموز الدولة السودانية من الإسلاميين الذين ناصبوا الشيوعيين عداء معلناً ومراً في برلمانات السودان الديمقراطية أكثر من جولة , حين كانت تتعالى الصيحات تنديداً وعداء مستحكماً , واتهامات بالكفر والردة . وهي حال كانت خصماً على السودان واستقراره وفرص بنيه فى التنمية الاقتصادية . صحيح أن ظروف الحاجة الى مخاطبة المجتمع الدولي قد دفعت الى انعقاد المؤتمر في قاعة الصداقة واتاحة كافة التسهيلات لهذا الانعقاد , و لكن من الصحيح أيضاً أن هناك مياهاً كثيرة قد جرت تحت الجسور وأن هناك خبرات جديدة مضافة لكلا الفريقين الشيوعيين والإسلاميين فلم يستطيع أحدهما أن يقضي على الآخر بضربة لازب , كما أن الأطروحات السياسية لكليهما في حالة التفاعل الناضج يمكن أن تنتج نوعاً من الخطابات السياسة التي يحتاجها واقع الناس المعاش خصوصاً في دولنا المتخلفة .

وعلى الرغم من أن الفكر الماركسي قد فقد الكثير من بريقه مع تجربة الاتحاد السوفيتى السابق وأنهياره بالشكل الذي جرى إلا أن الحزب الشيوعي السوداني مع انعقاد مؤتمره الخامس حظي بكثير من الترحاب من جانب الرأي العام السوداني باعتباره صاحب أدوار حيوية في الحركة السياسية السودانية خصوصاً في التمهيد لفترات الديمقراطية القصيرة في السودان , وهذه الأدوار جعلته يحتل ركناً مضيئاً من ذاكرة اليسار العربي حين كان يصنف كأحد أقوى الأحزاب العربية . ويبدو أن هذا التصنيف مازال قائماً على اعتبار أننا لانكاد نلمح وجوداً لأحزاب عربية شيوعية ناهيك عن هذه القدرة على عقد مؤتمر عام بحجم ملفت للغاية مقارنه بأوضاع اليسار في المنطقة .

وفيما يبدو أن الأزمة الاقتصادية العالمية وصعود اليسار في أمريكا اللاتينية من تحت الركام والتحركات المناهضة للعولمة, والاخفاقات المؤثرة التي منيت بها حركات الإسلام السياسي قد ساهمت في أن يصر الحزب وقياديه على عدم التخلي عن اسمه والتمسك بتراثه دون تقديم رؤى نقدية لهذا التراث أو ممارسة النقد الذاتي بشكل علني , قد تكون الخلافات الداخلية شبه المعروفة والرغبة في إخراج المؤتمر في أبهى حلة قد ساهمت في هذا التوجه وهو أمر مشروع ولكنه لايعني التخلي عن فكرة المراجعة نهائياً وخصوصاً ما يتعلق منها بالمسئولية عن الانقلابات العسكرية على سبيل المثال , وتأصيل الأفكار الخاصة بمناهضة اللجوء الى العنف كوسيلة للتغيير .

أفضل ما قدم في سياق الخطاب الجديد للحزب هو ماقالت به الزعامة التاريخية للحزب (محمد إبراهيم نقد) من أن حكم الحزب الواحد مرفوض من اليمين ومن اليسار , وهو أمر جدير بالاحتفاء من جانب أصحاب منهج نظري مارس الشمولية الى حد التقديس في أجزاء متفرقة من العالم . وهو بلا شك جدير بالملاحظة والسودان في نفق التفاعل القلق في مواجهة أزمات داخلية مستحكمة وضغوط خارجية عنيفة , وقد كان هذا الخطاب مقدمة طبيعية لتداول أفكار حول حكومة جديدة في السودان تتفاعل مع هذه التحديات نرجو إلا تكون قد قيلت بمناسبة عقد مؤتمر الحزب وغابت عن التدابير التي يجري بحثها حالياً إزاء سبل مواجهة استحقاقات المحكمة الجنائية الدولية التي قد تسفر عن انهيار الدولة وشرذمتها .

تجديد الخطاب النظري الذي جاء على لسان نقد كنّا نتمنى أن يواكبه تجديد في مقعد القيادة التي ندرك أن قامة نقد أصبحت أكبر منها بدوره النضالي الطويل وتضحياته التي لايمكن الاستهانة بها. وعطاءه النظرس المتميز لكن مطلب تداول السلطة في كل مؤسساتنا السياسية أصبح أستحقاقاً لازماً لا على الأحزاب الحاكمة فقط ولكن على كل أحزاب المعارضة أيضاً لأنه بهذه الطريقة فقط يمكن ضمان تجدد الدماء المعطاءة وتجدد الخطاب السياسي بما يواكب المتغيرات العالمية والمحلية , وأيضاً اكتساب المصداقية أمام الجماهير والنخب السياسية .

نعلم أن أنتخاب نقد جاء تلبية لضرورات حماية الحزب من مخاطر الانقسام في هذه المرحلة الحرجة من تاريخه ومن تاريخ السودان مهما نفى هذا نقد بحسه السياسي الذكي , ونعلم أن الحزب قد استعاض عن التجديد في مقعد القيادة بتجديد في عضوية اللجنه المركزية بنسبة تقول أدبيات المؤتمر أنها قد وصلت الى الثلثين تقريباً , ولكن تبقى في تقديرنا مسألة عقد المؤتمر سنوياً و تداول السلطة من الأولويات الواجب التعامل معها بجدية وايجاد حلول لها تحت مظلة الاختلافات الراهنة حول البرامج والسياسات .

المهام الوطنية التي أخذها الحزب على عاتقه في المرحلة القادمة تعاملت مع فكرة وحدة البلاد بنضج وفاعلية مشهودة , كما طرحت أفكار بشأن الحل الوطني الشامل المتضمن الاعتراف بالاتفاقات المبرمة كنيفاشا وأخواتها مع إمكانية استيعاب الأزمات المستجدة كدارفور وأخواتها , هي معضلة تستوجب أن تصدر عن الحزب خلال فترة وجيزة تصورات وآليات عن كيفية تحقيقها سواء في ما يتعلق بالتعامل مع الفصائل المسلحة في دارفور , أو ما يتعلق بمناهج صقور السلطة في الإصرار على خيارات الحسم العسكري , أو بمدأ قبول شريكي الحكم لأفكار قد تخصم من مكاسبهما الخاصة في سبيل الحفاظ على السودان من مخاطر التقسيم أو العنف .

حافظ الحزب على نسبة التمثيل النسوي فيه وعلى تراث فاطمة وسعاد الذي تتشرف به النخب النسوية العربية والأفريقية , وذلك على الرغم من تراجع المناخ الداعم للتمثيل النسوي في البيئة السياسية العربية , وهو أمر يكشف أن بنات وأحفاد فاطمة وسعاد في الحزب الشيوعي السوداني يمتلكن أيضاً الصبر والمثابرة والقدرة على التضحيات وتقديم النماذج المشرفة للمرأة .

بقي في الأخير دعوة لهؤلاء الذين يفارقون بعضهم البعض في أحزابنا ومنظماتنا السياسية حول الرؤى النظرية والتطبيقات العملية , الى الحد الذي يجعل تجديد الحزب يعني المخاطرة بانقسامه بأن نمد جميعاً البصر الى العالم الغربي الذي لانسمع فيه عن أحزاب تلد أحزاباً , ولكن نعرف عنها مباريات حامية يرفع فيها الفريق المهزوم القبعة للفريق المنتصر انتظاراً لجولة أخرى تحسمها دائماً الانتخابات الداخلية ولا تحسمها أبداً المؤامرات أو التلاسن والتراشق العلني على صفحات الجرائد .


الاخبار

---------------------------------------------

لسبت 7 فبراير 2009م، 12 صفر 1430هـ العدد 5607

الحزب الشيوعي السوداني يسرج خيوله




دشَّن الحزب الشيوعي السوداني مرحلة جديدة في حياته، وحفلت الأيام الماضية بمجموعة من التطورات التي سوف يكون لها انعكاساتها الإيجابية على حياة الحزب الداخلية، وحتماً سوف تطوّر علاقته بالجماهير في سبيل انجاز برنامجه لإنقاذ البلاد وتحقيق برنامج مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية، ومنذ الإعلان عن بدء التحضير للمؤتمر الخامس للحزب وللأهمية الكبيرة لقيام المؤتمر بعد التطوّرات العاصفة في مجرى السياسة العالمية والتي إنعكست على الحزب وأثّرت على حياته، وأيضاً كان الترقّب في أن يسفر المؤتمر الخامس عن تغيير نوعي واستراتيجي في طريقة التفكير في قيادة الحزب ولعل هذه الآمال، كانت تحدو الحريصين على بقاء الحزب، وفي الجانب الآخر كان سقف طموحات المتربصين بالحزب كبيراً حيث تطوّرت أحلامهم بأن يكون المؤتمر الخامس هو المقبرة التي سوف يدفن فيها الحزب إلى الأبد حسب طموحاتهم العالية، وظلت هذه الطموحات ترافقهم وتراودهم الأحلام بأن تحمل إليهم الأيام خبر إنقسام الحزب وتفرق دمه، وبين هذا وذاك جرى المؤتمر مجراه وأنهى أعماله بنجاح ونجح في اختيار قيادته.
ما بين التحضير وإكمال الجلسات كان هناك الكثير من السلبيات وأيضاً الكثير من الإيجابيات.
هناك العديد من الإشارات المهمة التي أطلقها المؤتمر الخامس للحزب الشيوعي ويجب إلتقاطها..
دشّن الحزب الشيوعي بإعلانه أعضاء اللجنة المركزية بمن فيهم الاحتياطي مرحلة جديدة من تاريخه، حيث حفل تاريخ الحزب بالسرية التامة والمطلقة التي أحاطت بعمله على مدى عقود طويلة وكانت سبباً أساسياً في ضعف عمله، والسرية كانت مطلوبة باستمرار للمحافظة على كيانه من التفتت والتشرزم ولكنها أيضاً تحوّلت إلى عقلية ظلت تحكم عمل الحزب حتى في السنوات القليلة للديمقراطية، وذلك أعاق عمل الحزب كثيراً، وبخروج الحزب من هذه القوقعة يكون قد أسرج خيله للنهوض بالعمل بشكل صريح وصبور وجسور ومصادم، وسوف ينقل هذا الذي جرى، الحزب خطوات كبيرة، وهو يرسل إشارة واضحة لكل من يتربّص بالحزب ويبتهج حين إلتقاط معلومة عن (اجتماع لجنة مركزية، اجتماع موسع... إلخ)، ولكن من الآن لن تعود لديه فرحة تغمرهم قريباً، فبذلك يستطيع الحزب إعلان اجتماع اللجنة المركزية على صحيفته الجماهيرية، وأن يقيم اجتماعه داخل دار الحزب مباشرة ودون أدنى خوف من انكشاف ذلك السر، وهل هناك سر في أن يناقش الحزب مجموعة من القضايا التي تتعلّق بمستقبل البلاد ويرسم الحزب طريقاً للتحول الديمقراطي ويقاوم من أجل وحدة البلاد؟!
وهناك قضية أخرى على قدر من الأهمية وهي التركيب النوعي للجنة المركزية الجديدة:
أولاً: اللجنة المركزية الجديدة بها عدد مقدَّر من النساء وذلك يعكس تطوراً جديداً في تكوين اللجنة المركزية وذلك سوف يضيف أفقاً جديداً تجاه قضايا النساء التي ناقشها الحزب منذ وقت طويل، وكان من أول التنظيمات السياسية التي دافعت عن حقوق المرأة ويطالب بحياة أفضل لمجموع النساء، وقد كان صاحب السبق والقدح المعلى حيث ولجت قبة البرلمان أول النساء في تاريخ السودان وكانت الأستاذة فاطمة أحمد إبراهيم، وسوف يؤدي وجود هذا العدد في اللجنة المركزية إلى مزيد من الوضوح النظري حول قضايا المرأة وذلك أيضاً يوفر المزيد من الجهود وزوايا النظر المختلفة التي تنصهر وتنتج موقفاً متماسكاً من هذه القضايا وإن شئنا الإيضاح أكثر، فلمجموعة النساء التي ولجت اللجنة المركزية متباينة في تأهيلها العلمي وثقافتها وتجربتها، وذلك سوف يضيف خبرة وتجربة جديدة.
ثانياً: ولوج هذا العدد الكبير من المثقفين الثوريين، ذوي التأهيل العلمي العالي في كافة التخصصات سوف يغني اللجنة المركزية وسوف يمدها بأفق متسق مع العالم، ومرتبط بعجلة التقدم في العالم، حيث أن الحزب يواجه مجموعة من القضايا المعقدة والتي تحتاج إلى ذهن منفتح ومستعد لاستيعاب منجزات العلم والتكنلوجيا، ومستعد لإلتقاط الأفق الذي يحكم العالم ويدير السياسة، وتوفر خبرات في مجالات متباينة في شتى مناحي العلوم (السياسة، الاقتصاد، الطب، طب المجتمع... إلخ) سوف يزيد من كفاءة عمل اللجنة المركزية.
ثالثاً: وجود هذا العدد من الشيوعيين الجنوبيين في اللجنة المركزية هو انتقال نوعي في طريقة التفكير، حيث تم الانتباه إلى أهمية أن يكون الحزب قادراً على التعبير عن أوسع قطاع من المجموعات الإثنية والمختلفة ثقافياً، ويمزج كل ذلك ويصهره في بوتقة الأفكار، خاصة أن الحزب سبَّاق إلى ذلك، فقد أنتج وجود الشهيد جوزيف قرنق في قيادة الحزب معرفة عميقة بواقع الجنوب، وأنتج موقفاً متماسكاً ما زال فتحاً على مستوى مناقشة ومعالجة مشكلة الجنوب، فرؤية الحزب لقضية الجنوب كانت سابقة لكل القوى السياسية، ومتقدّمة في الأفق العام الذي حكم مواقف الحزب منذ بيان يونيو 1969، حول مشكلة الجنوب وحتى الموقف من اتفاقية نيفاشا، ووجود هؤلاء الشيوعيين الجنوبيين سوف يقدّم رؤية متكاملة حول قضية الجنوب وسوف يعزز قدرة الجزب على انفاذ رؤيته وسط الجماهير.
رابعاً: رؤية الحزب للهامش وموقفه الرافض للتنمية غير المتوازنة التي أنتجت كل هذه المآسي من الحروب والتشرزم، كانت رؤية الحزب تنبني في إطار التنمية المتوازنة بين أقاليم البلاد، وتنمية إنسان الريف وأن يأخذ حقه في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وفي ذات السياق جاء تركيب اللجنة المركزية ممثلاً لتلك المناطق المهمّشة، دارفور، نهر النيل، الجزيرة والمناقل، ومناطق الجنوب، وحين التأمل في كل ذلك نجد أن هناك نتيجة نهائية وهي خليط وتباين حميد في تركيب اللجنة المركزية، حيث تتألق قضية دارفور وتأخذ الكثير من الحظ العام في تسليط الضوء جاء متسقاً مع وجود عضوين من تلك المناطق في اللجنة المركزية.
تقاطر الكتّاب من الجانب الآخر في الإشادة بالحزب الشيوعي ومنجزات مؤتمره العام الخامس، وذهبوا مذاهب بعيدة في تقريظ دور الشيوعيين في نهوض السودان والمساهمة الفاعلة في تفتّق الوعي الوطني، ولكن هل يعفيهم هذا من أنهم هم من أراق دماء الشهداء، علي فضل، محمد عبد السلام، أمين بدوي... إلى آخر الشهداء معتصم أبو العاص، لن نقبل بإعتذار.. هناك كشف حساب، ومسؤولية عن ماذا حدث، ومن المسؤول.
لا نقبل إعتذاراً.
نقبل بعمل الحزب في جبهات تطوير الديمقراطية داخله ويسعى لسد الفجوات والأخطاء التي رافقت المؤتمر الخامس، هذا واجب الشيوعيين في أن لن ننتظر فرصة أو منحة للعمل أو تصديق من مجموعة كتّاب مأجورة تسعى لتوقير ماضٍ مأفون ودماء، يتحملون المسؤولية كاملة، ان ماذا جرى لشهداء 19 يوليو وأين قبورهم، ومتعلقاتهم!!
ماذا جرى بشأن اغتيال الشهداء في بيوت الأشباح (علي فضل، عبد المنعم سلمان، عبد المنعم رحمة، أبو بكر الراسخ، أمين بدوي؟!
ماذا اغترفت يد النظام الوالقة في الدماء؟!
إن مؤتمر الحزب وقيامه والفرحة التي تغمر الإسلاميين ليس منحة من أحد وإنما هو مجهود الشيوعيين وصمودهم منذ اعتقالهم في أقبية النظام الملكي في عهد الملك فاروق بمصر الملكية وحتى اغتيالهم في عهد الجبهة الإسلامية في السودان.
ترى هل أشرقت شمس دون أن نكون هناك؟!
هناك مجموعة من الأخطاء التي رأفقت كل شيء نحن أقدر على تلافيها وقتلها وبترها والعودة إلى حيث الإشراق والروح المثابرة القوية.

محمد حمزة

الصحافة
ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ
مشاركات: 226
اشترك في: الأحد مايو 29, 2005 7:59 pm

مشاركة بواسطة ãÚÇáí ÇáÔÑíÝ »

[B] وكانت صحيفة الصحافة افردت ملفا خاصا بالحزب الشيوعى بتاريخ 22/1/2009 قبل انعقاد المؤتمر بيومين ..وكان ملفا شاملا انزله هنا وانا اوثق لهذا المؤتمر الهام ..

مؤتمرات الحزب الشيوعي العامة




منذ تأسيسه في اغسطس عام 1946م باسم الحركة السودانية للتحرر الوطني « حستو » عقد الحزب الشيوعي فقط اربعة مؤتمرات ، طبعا بخلاف الاجتماعات الموسعة التي كان يعقدها الحزب.
المؤتمر الاول:
انعقد المؤتمر الأول للحزب في اكتوبر 1950م، وطرحت اللجنة المركزية في ذلك المؤتمر قضايا سياسية وفكرية وتنظيمية أمام المؤتمر لاتخاذ قرارات بشأنها، كما اجاز المؤتمر لائحة ساهمت في الاستقرار التنظيمي وفي اعلاء مبادئ التنظيم اللينيني ، كما انتخب المؤتمر اللجنة المركزية والتي قبل ذلك كانت عضويتها تكتسب بالتصعيد« أى بقرار منها بضم اعضاء اليها». كما أشار المؤتمر الي ضرورة ربط العمل الفكري بالعمل الجماهيري واستقلال الحزب في نشاطه بين الجماهير واعلان موقفه المستقل في كل المسائل من منابره المختلفة .
المؤتمر الثاني:
بينما انعقد المؤتمر الثاني في 1951م، والذي حسم الصراع الفكري الداخلي في اتجاه دراسة النظرية في ارتباط بالواقع، واستقلال الحزب، وترسيخ المفهوم السليم للتحالف مع الرأسمالية الوطنية.
المؤتمر الثالث:
وعلى ذات الطريق سار المؤتمر الثاني للحزب الشيوعي والذي انعقد في عام 1956م تاريخ استقلال السودان عن المستعمر الانجليزي، بالتالي جاء وهو يحمل هموم تلك المرحلة واضعا برنامج « سبيل السودان » الذي اتسم كما يقول نقد بطابع الجبهة السياسية الوطنية الواسعة التي توحد كل القوى المعادية للاستعمار، وطرح البرنامج تمثيلا عادلا للقوى الموجودة في الجمعية التأسيسية داخل الحكومة ، ومنع سيطرة قسم خاص بالبلاد على جهاز الدولة ، او دكتاتورية حزب واحد.
المؤتمر الرابع:
يعتبر من اهم المؤتمرات العامة التي عقدها الحزب الشيوعي عام 1967م ، فيه تمسك الحزب باستقلاليته وبالماركسية اللينينية وبالنظر الى الواقع السوداني من هذا المنطلق وفي هذا المؤتمر قدم المعلم عبدالخالق محجوب سفره المهم « الماركسية وقضايا الثورة السودانية » وهو التقرير الذي اجازه المؤتمر وعلى ضوء النظرية الماركسية يتصدى التقرير لمشاكل الثورة السودانية، ويقدم لأول مرة فى التاريخ الفكر الماركسى فى السودان تحليلا أشمل للوضع الاجتماعى والطبقى، مؤكداً بالدراسة أن المجتمع السودانى دخل مرحلة التقسيم الطبقى. والتقرير هو أول وآخر وثيقة شاملة يصدرها الحزب الشيوعي السوداني ملتزماً بالنهج الماركسي.

---------------------------------------

امتدت لستة عقود: الحزب الشيوعي.....مسيرة السر والعلن


خالد البلوله إزيرق

بعد إنقطاع دام لأكثر من «40» عاماً قضاها ممتطياً دروب السرية في نشاطه السياسي احياناً، والعلنية أحياناً أخرى، بعيد إنعقاد آخر مؤتمراته العامة عام 1967م، أعلن الحزب الشيوعي السودانى إنطلاقة مؤتمره العام السبت المقبل، بجلسة علنية أختيرت قاعة الصداقة أن تكون الحاضن لها، بعد أن وزع الحزب رقاع الدعوة التى يهدف بها لحشد غير القليل من نظرائه واصدقائه وقادة العمل السياسي والدبلوماسي بالبلاد لمشاركته عرسه السياسي الخامس وسط متغيرات دولية ومحلية في مسيرة الحزب، وغير القليل من التقاطعات المحلية والتحديات الداخلية التى تواجه بناءه وفقاً لمتطلبات المرحلة التى يمر بها السودان.
وبدأ إعلان موعد المؤتمر الخامس كأنه وضع غير طبيعي للمتابعين لمسيرة الحزب الشيوعي الذي إتسم نشاطه السياسي بالسرية في معظم الأوقات، وهى مسيرة شهدت البلاد خلالها الكثير من التطورات والتغيرات، شارك الحزب الشيوعي في جزء منها، وأخرى كان أحد ضحاياها، ولكنها فترة تميز طابعها الأغلب في مسيرة الحزب الشيوعي بالعمل السري من تحت الأرض، وهى ممارسة إتخذها الحزب فراراً من بطش الحكومات العسكرية التى تعاقبت على البلاد، واختلف حول تقييمها الكثيرون بين مؤيد لممارستها وبين رافض لمبرراتها.
ويمثل المؤتمر الخامس الذي يلتئم السبت، تدشين بداية مرحلة جديده في تاريخ الحزب الذي تأسس في عام 1946 وكان يعرف باسم الحركة السودانية لتحرر الوطني منذ تأسيسه حتى عام 1956، تاريخ إنتقاله لإسم الحزب الشيوعي السودانى، وقد تأثر الحزب الشيوعي في بداياته بالحركة الشيوعية المصرية بقيادة هنري كورييل الذي ربطته بهم عرى وثيقة، إضافة الى تأثر بعضهم ببعض الضباط الشيوعيين في الجيش البريطاني.
فيما يصف مراقبون المؤتمر الخامس للحزب الشيوعي بأنه سيشكل مرحلة فاصلة في تأريخ الحزب، لأن أعضاءه المؤتمرين سينتظرهم قرار حسم إسم الحزب، ليبقى الحزب الشيوعي منذ انطلاقته، أم أن المؤتمر سيختار إسماً جديداً وبالتالى مولداً آخر لحزب جديد، وفقاً لرؤى وآيديولوجية وخارطة سياسية جديده، أم أن التغيير سيشمل الاسم مع الإبقاء على إرث الفكر الشيوعي للحزب الشيوعي. وهو ما ذهب إليه الدكتور أمين حسن عمر في مقاله بالزميلة الأخبار بعنوان «الماركسية وقضايا الثورة السودانية» بقوله «لم يخبرنا أحدٌ حتى الآن بعد عودة الحزب الشيوعي السوداني للساحة السياسية العلنية، إن كان ما يزال حزباً ماركسياً لينينياً كما كان في آخر مؤتمر عام في 1967م، أم أن الماركسية اللينينية لم تعد مرجعية للحزب وإنما مشرباً فكرياً تستلهم منه الأفكار، وعلاقة الحزب بالماركسية اللينينية مهمة للغاية لمعرفة كونه حزباً اشتراكياً في ساحة سياسية ليبرالية أم أنه ما يزال حزب الطبقة العاملة الشيوعي الذي يدعو لأن تحتل الطبقة العاملة دوراً مركزياً في قيادة العمل السياسي في إطار رؤية الديمقراطية الجديدة التي دعا إليها الحزب في العام 1967م، وفي ظل التزام الحزب المركزية الديمقراطية منهجاً للعلاقات التنظيمية الحزبية». ويظل تحدى تجديد القيادة في الحزب الشيوعي اكبر التحديات التى تواجه المؤتمر الخامس، فغالبية الذين يتولون القيادة الحالية جاءوا بالتعيين، ولم يتبقَ مِن الذين جاءوا عبر المؤتمر الرابع إلا قِلَّة.
ويواجه المؤتمر الخامس للحزب الشيوعي جملة من التحديات التى تتمثل في تحدى تجديد القيادة وفسح المجال للشباب، ورسم خارطة تحالفات الحزب وعلاقاته مع القوى السياسية، بعد أن تغيرت خارطته التحالفية بعد أن فقد حلفاءه في الحركة الشعبية والقوى السياسية الأخرى بعد نيفاشا، إضافة إلى مستجدات الساحة السياسية الداخلية، وبروز التشكيلات الجديده عبر الحركات المسلحة التى بدأت تؤثر على تشكيل الساحة السياسية وإرتباطاتها، وكذلك قدرته على تجاوز تأثير الأحداث الخارجية على الحزب الشيوعي وفكره، والتغيرات التى حدثت للفكر الشيوعي عالمياً، وحول التحديات التى تنتظر مؤتمر الحزب الشيوعي الخامس قال الدكتور عبد الله على إبراهيم استاذ التاريخ بجامعة ميسورى الأمريكيه لـ»الصحافة»إن المؤتمر الخامس للحزب الشيوعي تأخر جداً بحيث أن إنعقاده نفسه ينبغي أن يكون مناسبة يهنئ الشيوعيون أنفسهم بها، وقال إنه ينظر إليه كمحفل طقوسي أكثر منه كمحفل لإختراق سياسي أو إقتصادي أو تكتيكي، وأن مجرد انعقاد المؤتمر هو كسب ينسب الى وجود الحزب أصلاً لا وجوده بشكل ديناميكي، وإذا لم يبلغ التغييرات المعلقة عليه مثل الإسم والفلسفة والقيادة الجديده اعتقد أن المؤتمر الخامس احتفال ببقاء الحزب في الساحة السياسيه السودانيه برغم متاعبه التاريخيه العديده في الداخل أو هزائمه الكثيره في العالم، واضاف يجب أن لا يكون مناسبة خلافيه من أى نوع، وأن يرتب الشيوعيون انفسهم لمناسبة قادمه تكون فيها أجندة التغيير محمية بطول التفكير فيها، وبخروج قيادات تحمل هم التغيير وآفاقه لا مجرد أشواق وتمنيات للتغيير.
مسيرة سياسية ونضالية إمتدت لأكثر من سبعة عقود عاشها الحزب الشيوعي السودانى بين نشاط علني، وآخر سري من تحت الأرض، وتقلد قيادة الحزب الشيوعي أربعة زعماء تصدوا لتولى قيادة الحزب، كان أولهم عبد الوهاب زين العابدين أول من تولى مسيرة قيادة الحزب الشيوعي السودانى عند تأسيسه «1946-1947» وخلفه الاستاذ عوض عبد الرازق الذي تولى القيادة في «1947 الى 1949» لتؤول ريادة الحزب بعد ذلك للاستاذ عبد الخالق محجوب اشهر القيادات الحزبية والسياسيه التى مرت في التاريخ السودانى «1949 الى 1971»، وبعد إعدامه في عهد النظام المايوي برئاسة المشير جعفر نميري، تم إنتخاب محمد ابراهيم نقد بعد أسابيع قليله من إعدام عبد الخالق محجوب، الذي يعد السكرتير الرابع للحزب الشيوعي في عام 1971م حتى الآن. ويحمد للحزب الشيوعي انه حزب رائدات الحركة النسوية في السودان، وقد أعطى الفرصة مبكراً لمشاركة المرأة في العمل السياسي، ولكن نشاطها وتطوُّرها توقَّف بسبب مرض الجمود الذي أصاب الحزب بكل مكوِّناته، والتى انعكست على دور المرأة في الحزب، وهو ذات ما انطبق على الشباب الذين إختفى دورهم في قيادة الحزب.
فترة طويله مرت على إنعقاد المؤتمر الرابع في العام 1967م شهدت خلالها الساحة السياسيه متغيرات وأحداث كثيره في السودان والمحيط الدولى، وبرزت تحديات جديده، لم تسعف الحزب الشيوعي من عقد مؤتمره العام الخامس، رغم أن البعض يشير الى أن الحزب توفرت له فرصة عقد مؤتمره العام بعد انتفاضة ابريل 1985م وطيلة فترة الديمقراطية الثالثه قبيل انقلاب الإنقاذ، ولكن الأستاذ صالح محمود قال لـ»الصحافه» بعد المؤتمر الرابع كان هناك إحتياج ملح ليطور الحزب برنامجه السياسي واهدافه السياسيه لتكون منسجمة مع ظروف البلد والتحديات الكبيرة التى تواجه كل القوى السياسيه، ولكن عدم إنعقاد المؤتمر الخامس في موعده لم يكن لرغبة الحزب ولكن لظروف موضوعيه، إرتبطت بإشكاليات وجود الحزب تحت الأرض ونشاطه السري، فلم تتح الظروف المناسبه لقيام المؤتمر الخامس، والمؤتمر في حد ذاته ليس غاية وإنما وسيله، لذا الإعداد الجيد كان مطلوباً للمؤتمر، وقال صالح «رغم الصعوبات ظل الحزب موجودا وتمدد في مناطق الاطراف في دارفور والشرق والجنوب، وهناك مناديب من كل مناطق السودان مشاركون في هذا المؤتمر، الذي من إيجابياته أنه فرصه لتنوع الأجيال وتبادل الأفكار والتجارب والإستماع لأفكار جديده من الشباب، مشيراً الى أن الحزب محظوظ سيجتمع في مؤتمر فيه تنوع للأجيال المختلفه» وأضاف أن الأوضاع منذ الإستقلال لازالت تحتاج للكثير من المعالجات، فنظام الحكم مثلا لم يستقر على صيغة بعد، وظلت كثير من القضايا عالقة لم تتح الفرصة لمعالجتها، وقال إن من أكبر التحديات التى تواجه المؤتمر الخامس هناك تركة حروب متطاوله، فتحقق السلام في الجنوب، ولكن دارفور مازالت تنزف، وهناك قضايا التهميش وعدم التنمية المتوازنه».
وقد تميز الحزب الشيوعي عند انطلاقته اثناء فترة النضال الوطنى من أجل الاستقلال، بمناداته بحق تقرير المصير للسودان، ويناوئ كل من مصر التي كانت تطمح في ان يتحد السودان معها، وبريطانيا التي كانت تعمل على الاستمرار في بسط سيطرتها على السودان، وفي خضم هذا المعترك تمكن الحزب من توسيع عضويته خاصة في أوساط الطلاب والمهنيين الجدد والطبقة العاملة الصاعدة. وتميز بقدرة كبيرة على النشاط في أوساط الحركة النقابية العمالية، واحرز نجاحا كبيراً في تنظيم عمال السكة حديد في مركزها الرئيسي في مدينة عطبرة شمال السودان، وتحت اشرافه ورعايته تم تأسيس إتحاد عام نقابات عمال السودان الذي أصبح فيما بعد احدى اكبر الحركات النقابية في الشرق الاوسط، كما تمكن الحزب من ممارسة نفوذ قوي على اتحاد مزارعي الجزيرة، وبنهاية الخمسينيات وبداية الستينيات كان لعدد كبير من اعضاء الحزب والمتعاطفين معه وجود مؤثر في المفاصل الهامة للمجتمع السوداني.
ويشير متابعون لمسيرته الى أن الحزب الشيوعي رغم النجاحات الكبيرة التى حققها كحزب تقدمى في الساحة السياسيه السودانية وتغلغله وسط الطبقة المثقفة والمستنيره في المجتمع، إلا أنه رغم ذلك ظل حزبا سياسيا ضعيف القبول والتمدد الجماهيري في مجتمع تقليدي يتوزع ولاؤه بين حزبين سياسيين طائفيين كبيرين هما حزب الأمة الذي يمثل طائفة الانصار والحزب الاتحادي الديمقراطي الذي يمثل طائفة الختمية.
فيما يصفه مراقبون بحزب التحالفات ويشيرون الى عجزه في انجاز مشروع سياسي بمفرده، وأنه يمتاز بصناعة التحالفات لإنجاز برامجه السياسيه منذ الإستقلال، وهو وضع تعذر فيه على الحزب الشيوعي ان يصل الي السلطة بمفرده، لذا يتجه الحزب بتاكتيكاته الي تكوين الجبهات المختلفة مع التنظيمات الاخري، وبدأ ذلك بإعادة تنظيم قواه باسم «الجبهة المعادية للاستعمار» اثناء اول انتخابات برلمانية جرت في السودان عام 1953 والتي اسفرت عن فوزه بمقعد واحد احتله حسن الطاهر زروق. وفي عام 1955 حاول الحزب بناء الجبهة الاستقلالية، ثم حاول مرة اخرى في العام التالي ان يكون جبهة تجمعه ببعض القوي الاقليمية في الجبهة الوطنية الديمقراطية.
وإعتبر متابعون انقلاب 17 نوفمبر 1958 بأنه شكل حدا فاصلاً لمرحلة جديده في تاريخ الحزب الشيوعي السوداني، تمكن الحزب من خلال هذه الفترة من توسيع قاعدة نفوذه السياسي وقيادة الحركة المناهضة للحكم العسكري بفاعلية كبيرة، وانضم الحزب لجبهة احزاب المعارضة التي ضمت كل احزاب الحركة السياسية السودانية، كما تمكن الحزب الشيوعي السوداني بنفوذه الكبير في الحركة النقابية السودانية ومنظمات المهنيين والطلاب من الدعوة الي الاضراب السياسي الذي اطاح بالحكم العسكري في ثورة اكتوبر 1964. وقد تمكن الحزب الشيوعي من الاستفادة من نشاطه السياسي الذي إطلع به في مناهضة الحكم العسكري الأول، وتجلى ذلك خلال الفترة الديمقراطية التي إمتدت من 1964 الى 1969م، ففي الإنتخابات التي أجريت في مايو 1965م أحرز الحزب احد عشر مقعدا برلمانيا، كأعلى نسبة مقاعد يحرزها الحزب في إنتخابات عامه، ومن بين تلك المقاعد كان مقعد واحد لاول امرأة تنتخب الى البرلمان في الشرق الاوسط وهي السيدة فاطمة احمد ابراهيم عضوة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي.
ولكن لم يمضِ الحزب الشيوعي كما خطط لمسيرته في ذلك العقد من الستينيات، فقد جاءت رياح الإسلاميين بما لا تشتهي سفنه، فتحت وطأة مخاوفهم من المد الشيوعي المتزايد نظموا حملة ضد الحزب الشيوعي بدعاوي الإلحاد ومناهضة الاسلام وانتهت بحل الحزب الشيوعي وحظره وطرد نوابه من البرلمان في 24 نوفمبر 1965م بعد حادثة طالب «شوقي محمد على» بكلية التربية بجامعة الخرطوم التى أدلى فيها بحديث يسيء للسيده عاشئة رضي الله عنها، وهى الواقعه التى إستغلها مناوئو الحزب في تنظيم المظاهرات والضغوط ضده والتى أسفرت عن حظر الحزب وطرده من الجمعية التأسيسيه. ولتفادي قرار الحظر عمد الحزب الي تغيير إسمه للحزب الاشتراكي وفاز بمقعد واحد في الانتخابات البرلمانية التي اجريت في انتخابات 1968م، وقادت تداعيات حظر نشاط الحزبي الشيوعي الى تدبير قادته لإنقلاب 25 مايو 1969م الذي أطاح بالديمقراطية الثانية وأحزابها، قبل أن ينقلب الإنقلابيون على الحزب الشيوعي نفسه يوجهون له أكبر ضربة يتلقاها في تاريخه السياسي بعد أن فقد بسببها معظم قادته الذين أعدمهم النظام، واجبر من تبقي منهم لممارسة عمله سراً لما يقارب الخمسة عشر عاماً.
كما مثل الانقلاب العسكري في مايو 1969م والذي دعمه الحزب الشيوعي، الفترة الاكثر اضطرابا في تاريخ الحزب الشيوعي، فقد ادى تباين الآراء في الموقف من الانقلاب الي انقسام حاد للآراء داخل الحزب حيث ايد بعض قادة الحزب «حركة الجيش الثورية» معولين على تقدميتها ومعاداتها للطائفية. وتم تعيين عدد من رموز هذه المجموعة كوزراء في حكومة الانقلاب وساندت هذه المجموعة دعوة النميرى بان يحل الحزب نفسه اسوة بتجربة الشيوعيين في الجزائر ومصر والانخراط في الاتحاد الاشتراكي السوداني الذي أسسته الحكومة، اما التيار الآخر الذي قاده الامين العام للحزب عبد الخالق محجوب فقد تمسك مبدئيا بتحفظه على الانقلابات العسكرية، ورفض فكرة حل الحزب ودعا الي مواصلة السعي لبناء جبهة وطنية ديمقراطية يشارك فيها الحزب محتفظاً باستقلاليته.
بتصاعد حدة التوتر بين الحزب والسلطة قام الرئيس النميري بطرد الوزراء الشوعيين من الوزارة في 16 نوفمبر 1970 وفي فبراير 1971 اعلن النميرى عن عزمة على تحطيم الحزب الشيوعي واتبع اعلانه بحل تنظيمات الطلاب والشباب والنساء التي يسيطر عليها الشيوعيون.
تحسبا للهجمة القمعية على الحزب نفذ الضباط الشيوعيون انقلابا عسكريا مضادا في 19 يوليو 1971 واعتقلوا النميري واعلنوا السودان جمهورية ديمقراطية، الا ان عدم اكتمال التحضير الجيد والدور المصري الليبي المضاد أديا مجتمعين الي فشل الانقلاب واعتقل قادة الحزب وأعدم منهم عبد الخالق محجوب، جوزيف قرنق والشفيع احمد الشيخ والضباط الشيوعيون الذين نفذوا الانقلاب، فيما لم تتأكد بصورة قاطعه الى الآن ان هيئات الحزب اتخذت قراراً بتنفيذ إنقلاب هاشم العطا. وبعد أسابيع قليلة من إعدام عبد الخالق محجوب إختار الحزب محمد ابراهيم نُقُدْ أمينا عاما له في سبتمبر 1971م حتى الآن.
ظل الحزب الشيوعي السواني محظورا طوال الأربعة عشر عاماً التي أعقبت ذلك وواصل انشطته ونضاله السري ضد النظام، لكنه فقد مركزه الرئيسي كحزب لا طائفي لصالح الاخوان المسلمين الذين تحالفوا مع النميري منذ عام 1977 مما مكنهم من اقامة بنائهم التنظيمي داخل هياكل الدولة.
ليستعيد الحزب الشيوعي شرعيته عقب إنتفاضة أبريل 1985 التي أطاحت بحكم النميري عندما إنضم الي التجمع الوطني الديمقراطي الذي قاد الانتفاضة، وأسفرت الانتخابات التي جرت عام 1986 عن فوز الحزب الشيوعي بثلاثة مقاعد في البرلمان، مقعدين عن مدينة الخرطوم العاصمة ومقعد ثالث من اقليم بحر الغزال في الجنوب.
ويشير مراقبون لمسيرة الحزب الشيوعي الى أنه على الرغم من مشاركته في آخر حكومة منتخبة ديمقراطياً في 1986م، إلا أنه لم يترك أثرا كبيراً على التطورات السياسية أثناء فترة التعددية الحزبية بتراجع سيطرته السابقة على الحركة النقابية والاتحادات الطلابية نتيجة لفترات طويلة من القمع الذي تعرض له طوال فترة حكم النميري.

------------------------------------------------

الدكتور الشفيع خضر رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الخامس:


حوار- خالد سعد:

قال عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي ورئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر العام الخامس الدكتور الشفيع خضر، انه لا توجد قوائم جاهزة لقيادة جديدة للحزب، وقال ان عملية اختيار اللجنة المركزية ستتم عبر الانتخاب من قبل المناديب المشاركين في المؤتمر.
وتوقع خضر ان تكون مسألة إعادة بناء الحزب، القضية الرئيسية أمام المؤتمر، ورأى ان عملية بناء الحزب حديث لا يعني التخلي عن منهج الماركسية، وإنما باستخدام «طريقة خلاقة» للمنهج الماركسي في النظر الى القضايا التي تواجه البلاد سياسيا وثقافيا وفكريا.
وتاليا نص المقابلة مع الدكتور الشفيع:

* لنبدأ بما نشر بالصحف عن تقديم موعد انعقاد المؤتمر بدلا من موعده المقرر اصلا؟
حسب علمي أن الخبر نشر في جريدة الصحافة فقط، وليس في عدد من الصحف، وكنت أعتقد أن الصحيفة اعلم مني بصحة هذا الخبر، ونحن منذ فترة نتحدث عن 24 يناير، ولاحظت انه كتب في صحيفة الصحافة بطريقة غير الطريقة الخبرية المعتادة، كان يمكن الاتصال بي للتأكد باعتباري رئيس اللجنة التحضيرية، لكن يبدو ان الخبر استنتاج بناء على توافد المناديب المشاركين في المؤتمر.
* إذن المؤتمر سينعقد في موعده يوم 24 يناير؟
مؤتمرنا سيعقد في موعده، بجلسة افتتاحية في قاعة الصداقة «مفتوحة»، وبعد الانتهاء من حفل الافتتاح ستبدأ جلسات المؤتمرين، وستستمر الى اليوم الختامي «27 يناير».
* من أين لحزب واجه المحاصرة الاقتصادية والحظر والتشريد، أن يجد تمويلا لانعقاد هذا المؤتمر؟
هذا هو سر عظمة وقوة الشيوعيين السودانيين، نحن عندما خرجنا من ديكتاتورية النميري، أقمنا احتفالا في قاعة الصداقة ايضا، وخضنا الانتخابات، والقاصي والداني في السودان، يعلم أن تمويل الحزب من اعضائه، وأنتهز هذه الفرصة لتحية كل السودانيين الشرفاء الذين سارعوا للتبرع للحزب من اجل عقد المؤتمر، حتى إنها فاقت ما كنا نتوقع، إذن فالمؤتمر ، ممول من اعضائه واصدقائه، والمواطنين الشرفاء، والذين لديهم مصلحة حقيقية في ايجاد تعددية في البلد.
* كيف تمت عملية مشاركة مناديب الحزب في المؤتمر العام؟
تمت عبر الانتخاب السري المباشر، وعبر الجمعية العمومية للمنطقة المعينة، وفي كل الاقاليم، وكنا ننشر حينها الاخبار بهذا الخصوص، وكان يحضرها ممثلون للجنة التحضيرية للمؤتمر للاشراف على الاجراءات، وكان يتم انتخاب المناديب بالتنافس الحر الشريف، ولم يحصل أن انتخب مناديب بالتزكية الا في منطقة أو منطقتين.
* هل صحيح أنه تمت دعوة اعضاء سابقين للمشاركة في اعمال المؤتمر؟
لا. كلهم اعضاء في الحزب، وكلمة سابق غير واردة هنا، والذين يشاركون المؤتمر مقفولة على نوعين من المشاركين، من سيشارك في مداولات المؤتمر «المقفولة» مناديب يحق لهم التصويت، وكان لدينا معايير على ضوئها وضعنا نسبة التمثيل، فمثلا لابد في التمثيل الذي سيشارك في المؤتمر أن يكون بناء على العضوية النشطة، حتى نفرق بيننا وبين «فك التسجيلات»، الفكرة انها العضوية التي ظلت تعمل بانتظام، وتقوم بتغذية مالية الحزب بانتظام، لكن طبعا في النهاية الفيصل هو الانتخاب المباشر.
«اما النوع الثاني من المشاركين في مداولات المؤتمر» فهم 10% او اقل وهم المناديب المراقبون، وهؤلاء الذين لم يترشحوا لسبب او لاخر، لكن هم عضوية لديها الخبرة، وقدرة في الاصلاح وادارة المناقشة، وهؤلاء سيشاركون في المؤتمر ولكن لا يحق لهم التصويت.
* معايير المشاركة في المؤتمر، الا يحتمل انها وضعت من اجل وصول مناديب مؤيدون لتيار محدد داخل الحزب؟
اذا كان الفيصل هو الانتخاب الحر المباشر، إذن يبقى اي كلام عن معايير عملت من اجل كذا وكذا، هو حديث بلا معنى، نحن لا ننتخب الشيوعيين من كليات، وكل الفروع لديها ممثل، هذه الطريقة في التمثيل تقطع الطريق امام أي «قصص بوليسية» تتحدث عن معايير محددة لتيارات بعينها.
* ما هو تأثير الجدل الذي أثير حول قضايا الحزب على أعمال المؤتمر الخامس؟
أنا اتصور، أنه مصدر ثراء، لأنه كلما تعددت المناقشات ودارت من مختلف المنطلقات كلما كان هذا مصدر اثراء، خاصة اذا تمت اجادة لهذا الحوار، واعتقد أننا نجحنا في الحزب، في مناقشة كل الاطروحات الفكرية والسياسية التي طرحت في مختلف الصحف، وتم التفاعل معها في مؤسسات الحزب، ومعكوسة في وثائق الحزب.
* في تقديرك ما هي ابرز القضايا التي ستتصدر اجندة المؤتمر؟
أنا عكس ما يتصور كثيرون، أنا اعتقد أن اكثر القضايا أمام المؤتمر، هي التحديات التي تواجه البلاد وتواجه الحزب، وكيف نبدأ من هذا المؤتمر في اعادة بناء حزب قوي يواجه هذه التحديات، هذه هي القضية الرئيسية.
القضية ليست في طبيعة الحزب أو منطلقه الفكري، هذه قضية بالنقاش يمكن أن اقول: لا يوجد خلاف جذري حولها، فالحزب يستند الى المنهج الماركسي، وفي هذا السياق يتعامل الحزب مع المنهج الماركسي بطريقة خلاقة، ليس بطريقة نصوص، وليس بطريقة أن هنالك مقولات ستطبق، وباستخدام المنهج الماركسي بطريقة خلاقة نبحث في مستخلصات لارثنا الفكري والثقافي والسياسي «السوداني»، وهو حزب يستند الى الكادحين والطبقة العاملة، وحلفائه من المزارعين وخلافهم.
القضية الرئيسية، هي كيف نبدأ في مشوار بناء حزب حديث، بمعنى مستجيب للعصر، من حيث الحداثة في عمل الحزب، ومناهج عمله، ورفع قدرات عضويته .. الخ، حتى نستطيع مواجهة قضايا البلاد الكبيرة التي لها علاقة بايقاف الحرب الاهلية، والاستفتاء، وبناء نظام ديموقراطي، وقضايا الجهويات والتهميش، والتنمية المتوازنة، والسلطة العادلة، لذلك جاء شعار المؤتمر بهذه العبارات.
* لكن البعض يخشى أن يقود الخلاف حول هذه القضايا داخل المؤتمر الى انشقاق جديد؟
الان كل الدلائل تشير الى أن المؤتمر الخامس سيخرج بحزب موحد في قيادته، وسيخرج بحزب موحد في رؤاه الفكرية والسياسية، وموحد في برنامجه، أنا اعتقد أنه تم الترويج لقضايا فكرية ببعض الصحف بطريقة مبتثرة، وطريقة غير جوهرية، ولم تعبر عن جوهر ما هو مراد طرحه، لكن عندما دارت المناقشة داخل الحزب، كل الناس فهمت ما هو المقصود وماهو المطروح، ولا أرى الان أي مشروع قرار متناقض بشكل جذري داخل الحزب، بل على العكس هي تعبر عن اطروحة واحدة ورؤية واحدة. الاختلاف حول اجودها واكثرها قدرة على تطبيق الواقع، هذا ما يدور الان.
* الى أين وصلت المناقشات العامة حول قضايا الحزب المختلفة؟
كان لدينا كم هائل من ملخص المناقشات، وقد استخدمنا اسلوب طرح كل القضايا في كل المناطق، وكونا لجنة خاصة لتلخيص هذه المناقشات، ويتم الان تداول ملخص المناقشات بين كل المؤتمرين، وكل شخص تقريبا وجدت فكرته صدى يعبر عنها، ولكن قبولها او لا ، سيقرر فيه المؤتمر، لكن الامر الايجابي أن ملخص المناقشات عكس أنه لايوجد خلاف أساسي او محوري أو مفصلي في ما هو مطروح من قضايا، بالفعل هنالك قضايا حولها خلاف ولكن في اطار الوحدة وفي اطار التمسك بالحزب واطروحاته الأساسية.
* الا يتطلب تحديث الحزب، تحديث منهجه القديم «الماركسية»؟
«الماركسية» ليست مقولة داخل كتيب ما، لكنها من وجهة نظري هي مرشد ومنهج عمل، وفي داخلها تتحدث عن التجديد والتطوير، والمنهج الماركسي الجدلي منهج علمي، وليس منهجا ايدلوجيا، او فلسفيا بالمعنى المحض للكلمة التي تقبل صحيح او خطأ، وبالتالي استنادا على المنهج الماركسي يمكن ان نبني حزبا حديثا «دون تسميع مقولات» أو اجترار تجارب سابقة ما في موقع ما.
* هل تتوقع أن يطرح موضوع تغيير الاسم خلال المؤتمر؟
طبعا، لأنها واحدة من القضايا التي طرحت في المناقشة العامة، ومنذ فترة طويلة طرحت القضية، خاصة بعد انهيار المعسكر الاشتراكي، فقد تحدثنا عن ضرورة تجديد الحزب واعادة النظر في كثير من قضاياه بما فيها برنامجه ولائحته، ومنذ ان طرح الموضوع يدور النقاش، وطبعا أي فكرة هنالك معيار لمعرفة مدى صحتها، وفي أي منظومة لا يوجد اختبار لمعرفة مدى صحة الاطروحة الا عبر المستوى الاول، وهو ان تنال الاطروحة رضا الغالبية - وهذا لا يعني أيضا أنها صحيحة- والمستوى الثاني هو المحك العملي، ودارت نقاشات طويلة حول موضوع «اسم الحزب» وكل عنده مسبباته المحترمة، وانا ضد تفكير تجريم هذا او ذاك، والايجابي في ملخص المناقشات أن كل الحيثيات لديها مبرراتها المحترمة، ولاحظت ان التيار الغالب في ملخص المناقشات هو الابقاء على اسم الحزب الحالي، وهذا حديث محترم، «هو الحزب الذي تربينا فيه ولا يمكن ان ينكر»، لكن نعطي اعتبارا لمن يرى تغيير اسم الحزب، وهذه هي الديموقراطية، أي قبول الاخر.
* هل تتوقع انتخاب اللجنة المركزية الحالية من المؤتمر؟
أي حديث حول هذا الأمر، خاصة من رئيس اللجنة التحضيرية، يجعلني غير مؤهل لهذا المنصب. فنحن ليست لدينا قوائم جاهزة، ومثلما دارت انتخابات للمناديب ستجرى انتخابات للقيادة بالاقتراع السري للقيادة، والمؤتمر سيحدد عدد اعضاء القيادة الجديدة، والاحتياطي.
* هل يتوقع أن يعلن المؤتمر عن اسم اخر غير الاستاذ نقد في قيادة الحزب المنتخبة؟
كل شئ جائز في المؤتمر، نحن نناقش داخل المؤتمر ما هي القيادة التي تصلح للحزب في المرحلة القادمة في اطار الجماعية والمؤسسية، وفي اطار ان القادة كلهم متساوون داخل القيادة، وأرى أن المؤتمرين قادرون على اختيار قيادة قادرة على ذلك، واذا رأى المؤتمرون ان اختيار الاستاذ نقد فهذا مكسب ايضا للحزب.

----------------------------------------------------

العضو الشيوعي السابق محمد علي خوجلي في إفادات ساخنة:


حوار: امل مؤمن ورميساء يحيى

مع إعلان قيام مؤتمر الحزب الشيوعي، تنشط جهات وشخصيات لإبراز وجهة نظرها للمؤتمر.. وفي هذا الحوار يقدم محمد علي خوجلي ـ وهو أحد الذين تم فصلهم عن الحزب ـ إفاداته لـ «الصحافة».

? ما هي توقعاتكم لهذا المؤتمر؟
- في الواقع إن ما يمكن أن يخرج به المؤتمر الخامس للحزب رهين بالمهمات المطلوب انجازها. ونجد أن تركيبة المؤتمر وقيادة جهاز الحزب الشيوعي وضعت مهمتين، اولاهما ما اطلقت عليه «تجديد الحزب»، ثم شرعية القيادات، فالمؤتمر بمقياس القيادة ناجح تماما، وهي خططت تماما لنجاح مؤتمرها، وافلحت في اقصاء وطرد التيار المعارض لها من عضوية الحزب، واستطاعت بذلك الافلات من المحاسبة وتأجيل كتابة تاريخ الحزب الحقيقي و......
? «مقاطعا» عفوا ولكن ما هي المحصلة النهائية لكل ما ذكرت؟
- باختصار سيتم حل الحزب ذاتيا بأداة المؤتمر، وقد يتم الاحتفاظ بالاسم امعانا في التضليل كما فعلت بعض الاحزاب الشيوعية في المنطقة، كما ان الابقاء على الاسم قد يربك استمرار الحزب الشيوعي.
? يعني أنت هنا تبدو متحاملا بعض الشيء.. الا تتوقع اي نجاح لهذا المؤتمر، خاصة أنه يأتي بعد فترة طويلة من آخر مؤتمر عام عقده الحزب؟
- نجاح المؤتمر من حيث تركيبته يعتمد أساساً على مقدار تعبيره عن قواعد الحزب بحق، أي بمقدار مراعاة الديمقراطية في التصعيد للمؤتمر، وكل الشواهد المتوفرة الآن لا تدعو للتفاؤل، خاصة ان من يتولى التحضير للمؤتمر نفسه يعاني من نقص في الشرعية الحزبية، واتجه نحو المؤتمر مكرها، واعتمد ذات الطرق الستالينية القديمة للتآمر لانجاز هذا الواجب. ومما جاء فإن ما يقدر بـ 70% من أعضاء المؤتمر هم من ولاية الخرطوم والمكاتب المركزية والهيئات، مقابل 30% للولايات الاخرى وفروع الحزب بالخارج، ولا نندهش إذا وجدنا أن معظم أعضاء اللجنة المركزية الجديدة من الذين لم يتم تصعيدهم من أسفل الى أعلى.
? نجد أن معظم قيادات الحزب الحالية تتحدث عن ضرورة التجديد وهذا شيء جيد.. إلا اذا كان لكم رأي في التجديد؟
- سأكون صريحا معكم، فنحن ليس لدينا رأي في التجديد، ولكن مفهومنا للتجديد يختلف عن مفهوم التيار اليميني له، فبينما نحن نرى ان تجديد الافكار والقيادات واساليب العمل تتم من خلال تقييم تجارب الحزب في مسار عمله اليومي وتجاربه بين المؤتمرين، مع مراعاة المستجدات على النطاق الوطني والاقليمي الدولي، فإننا بالمقابل نجد أن التجديد بمفهوم التيار اليميني هو حل الحزب كما ذكرت، مع الإبقاء على اسم الحزب أو ربما تغييره. وفي الواقع نحن نرى أن التجديد من الأمور الطبيعية، ولا تحتاج الى زفة او كورال أو استلاف أزمة الحركة الشيوعية العالمية لتكون هي أزمة الحزب الشيوعي السوداني.
? أنت ذكرت أن ما وصفته بمؤتمر التيار اليميني سيحل الحزب الشيوعي.. هذه النقطة تحتاج الى توضيح؟
- ما عنيته هو أن الدليل على إرادة حل الحزب الشيوعي يتمثل في مشروع النظام الاساسي ومشروع البرنامج، وهما يصلحان لاي حزب سياسي سوداني آخر بخلاف الحزب الشيوعي. فنلاحظ مثلا أن مقدمة مشروع البرنامج اكدت حرصها على مصالح الطبقة العاملة وعموم الكادحين، ولكن عند بحث المشروع لا نجد شيئا من ذلك، بل اعتمد المشروع على التلاعب بالمفردات في محاولة اخفاء حقيقة البرنامج، وعلى سبيل المثال استخدم البرنامج مفردات مثل «التنمية الواعية»، و«التنمية المستقلة» كبديل للتنمية الرأسمالية التابعة، بل أن مشروع البرنامج وهو يطرح استراتيجية التنمية الوطنية الديمقراطية أحال للدولة «الحكومة» مهمة رسمها، وبالتالي رفع الحزب يده تماما عنها، بمعنى أنه يترك مهمة التنمية التي يبشر بها للحكومة، لذلك يمكن القول إن مشروع البرنامج تم تصميمه لتلبية طموحات واحتياجات الطبقة الرأسمالية بالتالي ضاعت فيه مصالح الطبقة العاملة، مشروع النظام الاساسي، فقد تخلى صراحة عن الايديولوجية وطمس طبيعة الحزب ومحتواه، وواصل تكريسه للستالينية، وهذا باختصار ما عنيته في حديثي معكم عن الحل الذاتي المقصود الذي سيتم، بدلالة أن مشروع النظام الأساسي ظل معمولاً به لعدة سنوات، فماذا نتوقع من المؤتمر الخامس..!!
? ظللت تقدم نقدا لاذعا لقيادات الحزب، وهي القيادات التي استلمت قيادة الحزب في ظل ظروف صعبة، وتعرضت للاعتقال والتعذيب والتشريد.. الى ماذا ترمي من وراء هذا النقد على قيادات الحزب؟
- إننا نفرق تماما بين عضوية الحزب الشيوعي والحزب المؤسسة، وبين قيادات جهاز الحزب التي ظلت تحتكر سلطة الحزب بوضع اليد، وبقيت لسنوات طويلة يعين بعضها بعضا، وبالتالي هي تخدع نفسها عندما تظن ان الحزب الشيوعي هو عبارة عن ملكية خاصة لجهاز المتفرغين المندمج في هيئات الرقابة والمعلومات، لذلك فإن استيلاء هؤلاء على الحزب وانقلابهم على نظمه ولائحته شيء، والحزب المؤسسة وعضويته شيء آخر.
وأكدت تجربة انهيار الأحزاب الشيوعية العالمية أن لاجهزة الاحزاب تلك مصالحها باعتبارها فئات اجتماعية طفيلية، لذلك سرعان ما تحول افراد تلك الاجهزة الى اعداء صريحين للماركسية بعد اقامة احزابهم الجديدة الرأسمالية، وتبني سياسات التحرير والسوق الحر والخصخصة غير العشوائية..!!
ونلاحظ ان المنهج الستاليني القديم يرى أن كل من ينتقد السكرتير العام سيجعل من انتقاده هذا مدخلا للهجوم على الحزب، وطبعا المقصود من الحزب جهازه، فالسكرتير العام هو رئيس جهاز الحزب. ولكننا الآن نعيش في عصر التعددية الفكرية، وبالضرورة التعددية التنظيمية، متى ما لم يتم الاعتراف بالتيارات في اطار الفكرة الواحدة.
? ماذا تعني بقولك إن قيادة الحزب افلتت من المحاسبة ومازالت تتبع المناهج الستالينية؟
- ما قصدت ذلك، لكن بعد اقرار مشروع التقرير الرئيسي للمؤتمر فإن المركزية المطلقة «الستالينية» قد سادت في الحزب، وأنه تسببت في مصادرة الديمقراطية الداخلية وتجميد برنامج الحزب، وكل ما قرره المؤتمر الرابع بشأن استقلالية فروع الحزب وديمقراطية التنظيمات الديمقراطية والجماهيرية ..الخ، وما حاق بالعضوية من فصل وطرد من الحزب بسبب الخلافات الفكرية التي كان يتم إجهاضها بالاجراءات التنظيمية ...الخ، وبعد ذلك الاقرار كان المطلوب كشف الأخطاء السياسية والتنظيمية وجرائم الستالينية وتصحيح الاخطاء ورد الاعتبار للضحايا ومحاسبة المتسببين، لكننا نجد أن المتسببين هم الذين يتولون الآن مهام التحضير للمؤتمر ومهام التجديد، وهم بذلك يفلتون من المحاسبة، أما بخصوص مواصلة تكريس الستالينية فأنا اعطيكم نموذجا واحدا.. فإننا نجد ان مشروع النظام الاساسي قد نص على أن اللجنة المركزية هي القيادة الفكرية والسياسية والتنظيمية للحزب ما بين المؤتمرين، وهذا هو جوهر الستالينية «احتكار القيادة»، وهذا النص لا يكتفي فقط بقتل المبادرة، بل يحظر أيضا صراع الأفكار، ويحول كل الكادر والعضوية ما دون اللجنة المركزية لمتلقين ومنفذين للاشارة. وفي السياسة العملية اليوم اتذكر انني اوضحت ان النظام الاساسي الموجود معمول به قبل نشره على العضوية..!! ونجد أن النص طبق حرفيا عند مشاركة الحزب في السلطة السياسية باسم التجمع الوطني الديمقراطي، هذه هي القيادة السياسية..!! ونشاهد يوميا الارتباك في مختلف القضايا، ومنها قضية مبدأ السيادة الوطنية، واكتفي بما ذكره تاج السر عثمان بابو في سودانيز اون لاين، عندما قال إن موقف محمد ابراهيم نقد من توقيف البشير مخالف لخط الحزب السياسي. وشخصيا لا اتوقع مناقشة تلك القضايا في المؤتمر الخامس.
? هل تتوقع أن يتم انتخاب محمد ابراهيم نقد سكرتيرا عاما مرة اخرى؟ ام ان هنالك آخرين جددا؟ وما هو موقفكم انتم؟
- اريد ان اوضح لكم في البدء أن كل عضوية الحزب الشيوعي متساوون في الحقوق والواجبات، وهم جميعا مناضلون من أجل القضية، واختيار القيادة يجب ألا يتجاوز مفهوم الادارة وتنسيق الانشطة، ولذلك فإن العمل القيادي لا تقصد به اللجنة المركزية، بل القيادات على جميع مستويات الحزب، وأهمها القيادات في فروع الحزب، التنظيمات القاعدية. وبسبب الاختلاف في هذا المبدأ فإن القيادة الجماعية في الحزب تتلاشى. وثانياً نجد ان محمد ابراهيم نقد لم يكن سكرتيرا عاما للحزب..!! وحتى عندما تم انتخابه سكرتيرا سياسيا للجنة المركزية تم ذلك بالتكليف الى حين انعقاد المؤتمر الخامس، وبما أن نقد يجد قبولاً من اليمين في السلطة والمعارضة معا، فهناك امكانية لفوزه إذا ترشح. والذي يبدو صراعا في الظاهر ليس صراع أفكار، بل على سلطة الحزب من شرائح تيار واحد هو التيار اليميني، ولا فرق عندي بين نقد والشفيع وبابو، لذلك فإن مثل هذه الترشيحات لا تعنيني كثيرا.
? ما هي القضايا الأخرى التي ترى أن على المؤتمر الخامس أن يهتم بها؟
- هناك قضايا على مستوى الحزب غير قابلة للتأجيل، واهمها مبدأ الديمقراطية المركزية الذي تم حذفه من مشروع النظام الاساسي، ومشكلة الكادر او العمل القيادي وهي قضية مؤجلة منذ المؤتمر الرابع، ومشكلة اعضاء الحزب المسرحين والمطرودين ومنحهم حقوقهم اللائحية، الى آخر المقترحات التي قدمها الأستاذ بشرى الصائم عضو الحزب الشيوعي في رسالته المفتوحة للمؤتمر التي أثارت قضايا مهمة ذات علاقة بتنظيم الحزب التي سلمت لادارة المؤتمر وسكرتارية اللجنة المركزية، كذلك نرى أن على المؤتمر الخامس التعرض للاتفاقيات الموقعة مع الحكومة، مبتعدا في ذلك عن التبسيط وعن قراءة الآخرين مثلا لموقع نيفاشا في مجرى حركتنا السياسية. واعتقد أن ما افتقده موقف الحزب تجاه الاتفاقيات كلها ونيفاشا على وجه الخصوص، هو النظر اليها من خلال المنهج الطبقي، وهذا يعني اختلال الموقف الحزبي وفقده لاستقلاليته ويصبح ذيليا، لذلك ننتظر من المؤتمر الخامس أن يخرج بهذه القضية الى حيز الوضوح الفكري من الموقع الثوري، وأن يصوغ خطابا لابناء الجنوب على وجه الخصوص يساهم في تطوير وعيهم وادراكهم ويقربهم من معارك التطور الاجتماعي. فتصحيح الموقف من كل الاتفاقيات، هو مدخل كبير لإعادة معالجة موقف الحزب الشيوعي من قضايا جماهير القطاع التقليدي، كما هو في المصطلح الموروث أو قضايا المهمشين في التعبير الدارج اليوم، ولا ساعد في هذا السبيل التخلي عن مفهوم «الثورة الوطنية الديمقراطية» لصالح مفهوم «النهضة»، فمن يريد أن يخرج مفهوم الثورة من المصطلح لا يرغب في إجراء تغيير عميق في علاقات الانتاج الاجتماعية، بل يرغب في نهوض علاقات الانتاج الحالية في الريف والمدينة من الناحية الكمية على أساس إصلاحات غير جذرية أدنى من الإصلاح الزراعي الديمقراطي الذي يمس اوضاع المزارعين والرعاة مسا جذريا.. وبدون برنامج ثوري للريف لا يمكن أن يتم بناء حلف مع حركة الريف الناهضة، وسيظل الحزب الشيوعي يستجدي هذا الحلف الى الأبد إن هو تنكر لبرنامجه الثوري الديمقراطي الذي نجد أسسه الناضجة في أعمال عبد الخالق محجوب «حول البرنامج»، حيث تلعب السلطة الوطنية الديمقراطية دورها المركزي في التنمية، وفي استخلاص ومعالجة الفائض، وهو موقف مناقض لموقف دعاة الخصخصة والسوق الحر وآلياته. ونحن أيضا ندعو المؤتمر الخامس الى معالجة التناقضات التي يحفل بها مشروع البرنامج، إن كان يرجو للحزب أن يضع اقدامه على الطريق التي توصله الى حلف مع جماهير وتنظيمات الريف السوداني. وتتاح له فرصة الآن لا تعوض لخطاب عميق للجماهير في جنوب الوطن وفي دارفور وكردفان وفي الشرق والوسط. وفرصة لبناء قواعد الحزب هناك من جديد على أساس ثوري ووفقا لخصوصية كل منطقة، وأن يعالج مرة أخرى وعلى أساس التطورات الحالية قضايا الحلف الوطني الديمقراطي، واضعا في الاعتبار الظرف الموضوعي والذاتي الذي خلفته مناهج العمل اليمينية التي قلصت وجود الحزب وأخفت وجهه.

---------------------------------------------------
انقسامات في مسيرة الحزب
انقسام عوض عبد الرازق



كان انقسام مجموعة عوض عبدالرازق عام 1952م هو الانقسام الاول في تاريخ الحزب الشيوعي، وكانت مجموعة عوض عبد الرازق تحمل افكارا تتمثل في دراسة النظرية اولا، ثم العمل الجماهيري ، علي ان يتواصل نشاط الحزب الشيوعي من داخل الأحزاب الاتحادية.
تمت هزيمة افكار مجموعة عوض عبدالرازق في المؤتمر الثاني عام1951م، والذي حسم الصراع الفكري الداخلي في اتجاه دراسة النظرية في ارتباط بالواقع، واستقلال الحزب، وترسيخ المفهوم السليم للتحالف مع الرأسمالية الوطنية، وبعد المؤتمر وقع الانقسام، وقررت اللجنة المركزية فصل المنشقين من الحزب.
انقسام القيادة الثورية:
وهو الانقسام الذي قاده أحمد شامي ويوسف عبدالمجيد في اغسطس 1964م في اعقاب ثورة اكتوبر على خلفية صراع فكري داخل الحزب وكانت المجموعة المنقسمة ترى بعدم امكانية انتصار قضية الشعب بدون الثورة المسلحة وان الاضراب السياسي العام لن ينجح بدون حمل السلاح . تم وصف هذه الافكار من قبل الحزب بالافكار اليسارية وتم رفضها وفصل المجموعة الانقسامية..
انقسام 1970م:
وكان ذلك من اكبر الانقسامات في تاريخ الحزب الشيوعي في اعقاب انقلاب جعفر نميري في 25 مايو 1969م ووقع خلاله انقسام كبير في صفوف اللجنة المركزية للحزب بين مجموعة بقيادة المعلم عبدالخالق محجوب ترى باستقلالية الحزب ومواصلة نشاطه الدؤوب وسط الجماهير، واخرى تريد الذوبان في تنظيم السلطة السياسي « الاتحاد الاشتراكي » ، وكان من ابرز رموز هذه المجموعة الاستاذ معاوية سورج وأحمد سليمان المحامي وكبج ومحمد مصطفى المكي وقد شارك بعض قيادات هذه المجموعة في العسف الذي حاق بقيادات الحزب وتصفيتهم في يوليو1971م.
انقسام الخاتم عدلان:
وقع الانقسام الذي قاده المرحوم الخاتم عدلان في عام 1994م في اعقاب انهيار المعسكر الاشتراكي وجاء بعد خمسة اعوام من انقلاب الجبهة الإسلامية، وفي مؤتمر صحفي بلندن حددت مجموعة الخاتم اسباب خروجها عن الحزب في فشل المشروع الماركسي للتغيير الاجتماعي ، وفشل ثورة البروليتاريا، والتطور الاجتماعي وانفجار ثورة العلم والمعرفة والتكنلوجيا المعاصرة التي وضعت الاسس لتنظير جديد وهي النقاط التي تضمنتها ورقة الخاتم عدلان داخل الحزب الشيوعي « آن أوآن التغيير»، اضافة الى ذلك قال المرحوم الخاتم في المؤتمر الصحفي ان سلبيات برزت داخل الحزب وان القيادة الحالية عاجزة عن مواكبة التحولات الجديدة التي طرأت على الساحة السياسية خاصة بعد انقلاب الجبهة الإسلامية، وقال الخاتم ان هذه القيادة برغم معرفتها بالانقلاب لم تعلن حالة الطوارئ داخل صفوف الحزب.

-----------------------------------------------------
من ذاكرة الشيوعيين واليسار السوداني:
كيف قادت 19 يوليو «71»ملف خاص بمناسبة إنعقاد المؤتمر الـ(5) للحزب الشيوعي

إعداد: خالد سعد

البلاد إلى أقصى اليمين..؟!
كان عُمر حركة 19 يوليو 1971م الانقلابية ثلاثة أيام، لكنها بحساب السياسة كانت نقطة تحول هائلة في الساحة السياسية بالسودان، دفَّعت الحزب الشيوعي الثمن غالياً ولم تـزل. وقادت 19 يوليو 1971م، الى حركة تغيير في الخارطة السياسية بالسودان، فقد تحول مسار اليسار السياسي الذي كان سائدا آنذاك إلى أقصى اليمين، وانخرطت الولايات المتحدة الأميركية بقوة في الشأن السوداني، وتغلغل اليمين العالمي بعمق ومايزال رغم مرور 38 عاما على حركة الايام الثلاثة.

وقيّم الشيوعيون انقلاب 19 يوليو في يناير 1996م، وكتبت وثيقة مطولة عن الحادثة التي غيرت وجه السودان السياسي، وكتبت الصحف، وتحدث بعضهم في التلفاز و كُتبت مراجع كُثر على مر السنوات، لكن الضباب والغموض كما يقول الاستاذ عبد الله الشقليني في موقع سودانيات على الانترنت، هو الذي غلف الرؤى جميعاً، فخرجت الحقيقة من باب ولم ترجع حتى الآن، فقد اختلطت أحلام العسكر بمكر السياسة، غير أن الباب ظل مفتوحا أمام رياح التغيير والتبديل والالغاء، وحتى الاساطير كانت مختلفة بعد 19 يوليو.
وفي كتابه «عنف البادية» يحكي الدكتور حسن الجزولي روايات عديدة عن حياة عبد الخالق محجوب مستشهدا ببعض الإفادات، وتطرق الكاتب لعدة قضايا جديدة لم تطرق من قبل، وفتح اسئلة ومواضيع دون الاجابة عليها بخصوص احداث يوليو.. إضافة لذلك استطاع الكاتب الوصف والتعبير بدقة متناهية لأحداث تلك الأيام العصيبة بصورة مثيرة للدهشة والإعجاب.. وخاصة اللحظات الأخيرة لعبد الخالق قبل القبض عليه التى أسماها الكاتب «يوم ضاقت أم درمان».. وأشد الفصول تراجيديا الفصل الأخير «أزير المشنقة». وعبر عن تلك اللحظات المؤرخ الراحل الدكتور محمد سعيد القدال الذى كان معتقلا فى ذلك الوقت قائلا: «عندما افقنا صباح ذلك اليوم كانت هناك بقايا مطر انهمر فى الليل، فسمعنا ان المطر كان ينسكب، وأن الريح كانت تعصف فى ساعة الإعدام، لتجعل من تلك المأساة كأنها إحدى مسرحيات شكسبير التراجيدية التى تأبى الطبيعة إلا أن تشارك فيها».
وقدم الكتاب صورة لمقتل البطل التراجيدي، وانحسار فعالية حزبه، وتلك التشوهات الفكرية التي حاول أن يجهز عليها في صراعه الفكري معها، فأجهزت على الكثير المستقبلي.
وتأتي نهاية البطل التراجيدي في كتاب «عنف البادية»، في اللحظة التي يقرر فيها المخلصون المخطئون إصلاح خطئهم، بإعادة الكرة، انقلاب عسكري جديد يبتغي فتح الطريق من جديد للديمقراطية، وحتى لا يتحمل البطل التراجيدي نتائج أفعالهم مرتين، يسعون وينجحون في تهريبه من المعتقل، وإخفائه ببطولة نادرة، ثم يستبقون موافقة الحزب أو رفضه أو إعطائه الفرصة لترتيب الأمور مع الجبهة التي يستهدف إقامتها، ويقومون بانقلاب عسكري.
كما تبقى قصة مجزرة بيت الضيافة أسطورة ايضا.. قرابة الثلاثين ضابطا يقتلون بالنيران وهو مقيدون في غرفة من القصر؟ من الذي فعل ذلك ولماذا؟!! فرغم مرور 38 عاما على حركة 19 يوليو، الا ان هنالك أسرارا وقصصا لم تروَ بعد..!! فلا تكفي لأرواح ضحايا السودان في كل زمان كلمات عزاء أو اساطير أو بينات تأكيد البينات يلتف عليها ولم يتحقق من صحتها أحد.
فلا يزال الحزب الشيوعي يحاجج في مسؤوليته عن 19 يوليو .. وتتناقض تصريحات قادة الرفاق .. منهم من يبدو قانعا بأنها كانت حركة بعلم وتوجيه الحزب، لكنه يخشى البوح بذلك في ظل سيادة الحركة اليمينية العالمية وتكتيكات السياسة الداخلية، ومنهم من موجة الأحزاب السودانية المعتادة في الهروب بعيدا عن تحمل مسوولية الانقلابات العسكرية.. لكن البعض الآخر من «الزملاء» يلتزم حرفيا بما جاء في وثيقة الحزب الشيوعي عن 19 يوليو.
لكن الوثيقة نفسها، لم تضف غير مزيد من الجدل، فقد ارتأ الحزب فيها نظرية الباب الموارب، فلم يفتح الحزب باب الاعتراف بمسؤوليته عن الحركة، ولم يغلقه في وجه الزملاء الذين كانوا مؤيدين لها.. حتى ان الوثيقة راوغت في التوصيف .. فتارة تصفها بأنها كانت حركة وتارة أخرى تصفها بالثورة التصحيحية .. وتارة تنأى عنها بعيدا حتى تكاد تقول إن الحزب الشيوعي برئ براءة الذئب من دم ابن يعقوب في حركة 19 يوليو.
يقول الدكتور عبدالله علي أبراهيم حول الواقعة: نعم هناك مؤيدون داخل اللجنة المركزيه لانقلاب مايو.. لكن هل يمكن أن نحاسب كل الحزب على تصرف هذه المجموعة المؤيدة؟!!
يقول الراحل الاستاذ الخاتم عدلان الشيوعي الذي انشق عن الحزب وكون حركة القوى الديمقراطية الحديثة في شهادته عن 19 يوليو إنه يعرف أن الحزب الشيوعي قادها سياسيا، ورأى بأنه فعل الشيء الوحيد الصحيح في تلك اللحظة التاريخية، بصرف النظر عما إذا كانت 19 يوليو ستنتصر أو تنهزم.
واقرَّ الراحل بتأييده لـ 19 يوليو، ومات وهو على ذات الموقف، ويبرر ذلك بأن 19 يوليو ليست انقلابا على الديمقراطية، بل كانت انقلابا على انقلاب، ومحاولة لإعادة الديمقراطية وفق المفاهيم التي كانت سائدة وقتها. ومن هنا يجب إدراجها في سياق إعادة الديمقراطية في السودان.
ويتحدث الراحل الخاتم ايضا عن افتراض نجاح الحركة، ويقول إن السؤال الكبير حول ما إذا كنا سنقيم نظاما شبيها بالدكتاتوريات التي أقيمت في المنطقة حينذاك، باسم الماركسية أو الاشتراكية، لكنه يعود ويقول إن مثل هذا النظام لم يقم ولا يمكن محاكمة الشيوعيين باعتبار ما سيكون، أي أنهم إذا أمسكوا بالسلطة فقد كان حتما أن يقيموا دكتاتورية، ولن يغيروا موقفهم ويضطروا بحكم الظروف نفسها إلى قبول مشاركة واسعة في السلطة من كل ألوان الطيف السياسي. وإلا لصح ذلك على الجمهوريين أيضا، فنقول إنهم كانوا سيقيمون دولة دينية إذا استطاعوا إسقاط نميري، ونتعامل مع استشهاد الأستاذ محمود على هذاالاساس. ويضيف الراحل الخاتم عدلان: الحقيقة إن موقف عبد الخالق من الشيوعية كانت به بعض أوجه الشبه من موقف الأستاذ محمود من الإسلام، اي أن الرجلين كانا مجتهدين ومبدعين، ولم يكونا من عبدة النصوص. ويمكن إدراج محاولة عبد الخالق لتكوين الحزب الاشتراكي والتخلي عن الشيوعية ولو مؤقتا، في سياق اجتهاده باعتباره قائدا سياسيا ذا إحساس غير عادي بمشاعر ومزاج شعبه.
لكن جدل المراجع والوثائق والكتابات، بات أمرا مقلقا اكثر منه أمرا مفيدا في حالة 19 يوليو، إذ يقول الراحل الدكتور محمد سعيد القدال إن انقلاب 19 يوليو 1971م لم يبرح دفتر الأحوال ليدخل سجلات التاريخ. لكن كيف ترتبط المحاولة الانقلابية في 19 يوليو، بما يجري في السودان وجرى خلال 38 سنة؟ في هذا الخصوص يرى المحللون السياسيون تحولا كبيرا أحدثته الحركة في مسار السياسة السودانية، فالدكتور حسن مكي المفكر الاسلامي المعروف، يرى أن فشل الحركة أظهر ممارسة جديدة في الحركة السياسية السودانية، وهي ظاهرة التصفيات بين الاحزاب والنخب، ودخلت البلاد مرحلة وصفها مكي بمرحلة «أدب التصفيات السياسية» بعيدا عن ساحات القضاء والعدالة، مشيرا إلى حالات الاعدام التي نفذت بعد فشل الحركة في اوساط قيادات الحزب الشيوعي، مشيرا الى ان الحركة أدت الى القضاء على قيادات بذل في اعدادها قرابة الاربعين عاما.
فيما يرى آخرون أن آثار حركة يوليو مازالت تثير الجدل في اتجاه إذا كانت قيادات الحزب الشيوعي أعطت الضوء الأخضر للانقلاب أم لا ؟!!، لكنه يبدو أن من أهم آثار فشل الحركة، هو انهاء البريق الشيوعي، وهو الحزب الذي كان يوصف بأنه أقوى الاحزاب على مستوى الدول العربية، ولم يكن حزبا صفويا، بل كان موجودا في النقابات والعمال.
ويرى آخرون انه لولا الانقلاب لكان وضع الحزب الشيوعي الآن افضل، لكن ضرب الحزب الشيوعي عقب انقلاب يوليو منح الفرصة لصالح العدو اللدود للشيوعيين، وهم الإسلاميون، بأن يتسللوا الى الفئات الحديثة.
وما ترتب على فشل 19 يوليو، كان ارتماء نظام النميري في حضن الغرب واميركا وحلفائها من الدول العربية، في مواجهة أثيوبيا - ليبيا- اليمن، واصبح السودان ثاني اكبر حليف للولايات المتحدة الاميركية في المنطقة.
ويقول شيوعيون تركوا الحزب ورحلوا، إن من اهم نتائج 19 يوليو في السودان، فتح الطريق للتنمية الرأسمالية على مصراعيه، وزحف الاحتكارات الدولية والشركات متعددة الجنسيات، ويضيف محمد علي خوجلي، أن نتائج عملية يوليو أدت بالسودان الى ان يصبح تحت رحمة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وبدأ الهجوم على مؤسسات القطاع العام، وتسبب انهيار عملية يوليو في فقدان الحركة الثورية لقادة شجعان ومفكرين خسرتهم الإنسانية.
ومع ذلك، فإن الدروس والعبر المستقاة من تجربة 19 يوليو، تشير بما لا يدع مجالا للشكك، إلى أنه ليس هنالك مجال لمحاولة فرض وجهة نظر واحدة في الحكم بالسودان، وليس هناك فرصة نجاح لجهة ما في الانفراد بالسلطة، وأن الطريق الوحيد الذي لم يجرب بصدق هو طريق الاجماع الوطني على مبادئ يرتضيها معظم السودانيين، لأن التعويل على طريق الانتخابات قد يفشل أيضا في ظل أوضاع غير مهيأة سياسيا أو أمنيا، وفي ظل حالة استقطاب شرسة بين القوى المتناحرة والمتشاكسة والرافضة بقوة لقبول الآخر.

-----------------------------------------------------
على طاولة المؤتمر الخامس للشيوعي: الصراع الفكري حول نظرية الحزب واسمه


إعداد : علاء الدين محمود

نالت قضيتا المرتكزات الفكرية للحزب واسم الحزب الشيوعي الاهتمام الاكبر من التناول في المناقشة العامة التي انتظمت الصفوف منذ عام 1990م وكذلك في الكتابات للصحف.
المرتكزات الفكرية للحزب
ويبدو ان القضية الاكبر والشاغل الاهم لمؤتمر الحزب الخامس تتمثل في المراجعات الفكرية وكيفية النظر الى المرجعيات والمرتكزات الفكرية والفلسفية التي قام عليها الحزب الشيوعي في ظل الانهيارات الكبيرة وعملية التراجع عن الفكر الماركسي التي شملت احزابا شيوعية كثيرة في المنطقة بل وفي العالم أجمع، وفي ظل جماعات في الداخل تدعو الحزب الى التخلي عن هذه المرتكزات والتخلي عن اسم الشيوعي الى اسم آخر على نحو ما فعل د. فاروق محمد ابراهيم القيادي السابق بالحزب الشيوعي، والذي دعا الى تحويل الحزب الشيوعي الى حزب اشتراكي ديمقراطي، وهذه العملية هي احياء لطرح قديم منذ 1965م، في مؤتمر دعا الى قيام الحزب الاشتراكي ، ود. فاروق يدافع في هذا الحوار عن ذلك الطرح باعتباره احد القيادات التي شاركت في ذلك المؤتمر، وانحازت لهذا الطرح وبسببه ترك الحزب في تلك الفترة الى ان عاد اليه مرة اخرى في فترة الانتفاضة، ثم خرج عنه مرة اخرى وعاد اخيرا بدايات هذا العام ليوجه رسالة الى مؤتمر الحزب الخامس، داعيا إياه الى الاخذ بافكاره التي نفض عنها غبار القدم، داعيا الى رد الاعتبار الى مؤتمر الجريف عبر تحويل الحزب الى اشتراكي ديمقراطي، متهما قيادات الحزب الشيوعي بأنهم قد اجهضوا هذه العملية، ويرى فاروق في خلاصة فكرته : « السؤال المطروح هو ما العمل الآن هل نجدد الحزب بصورته القديمة، ونجدد الماركسية ، و.. الخ.. ام ان سبب الجمود هو الماركسية نفسها وفهمنا لها، وتجربتنا معها؟ وبالتالي ان تكون الماركسية هي احد المصادر، وبالتالي نتجه نحو ان يصبح الحزب حزب برنامج وليس حزب نظرية وهذا طرحي انا» وتجديد د. فاروق لدعوته في هذا التوقيت لها اكثر من مغزى أو كما قال لي الماركسي أبو بكر الأمين ان هذه المحاولات في هذا التوقيت الغرض منها التأثير على موقف الشيوعيين لانهم على وشك عقد مؤتمرهم ويرى الامين ان هذا التيار تيار قديم انطرح منذ الاربعينات. محاولات فاروق والنسخة الجديدة منها سبقتها محاولات للراحل الخاتم عدلان في ورقته «آن أوان التغيير» ولعل محاولات الخاتم عدلان ليست بعيدة عن المحاولات الموجودة ولا تزال موجودة داخل الحزب الشيوعي ولعل دستور الحزب الجديد هو الأكثر تعبيراً عن الاقتراب من موقف الخاتم عدلان فمشروع الدستور الجديد عمل على استبعاد الماركسية كمرشد للعمل والاستفادة من كافة النظريات، كما ان البرنامج الواسع والمستمد من الواقع ومعطيات العلم حل محل المساحات التي كانت تحتلها الآيديولوجيا واستبق مبدأ المركزية الديمقراطية، والديمقراطية المركزية. ولعل هذا ما جعل الخاتم عدلان وهو يقف مخاطباً طلاب جامعة الخرطوم في يناير 4002م وهو يلوح بمشروع الدستور الجديد مشيداً ومثمناً وحينها قال الخاتم »قد وقعت في يدي وثيقة جماهيرية وهي الدستور الذي اقرته اللجنة المركزية للحزب الشيوعي وقد جاءت في هذه الوثيقة الجديدة المطروحة للمؤتمر الخامس تغييرات ايجابية لأبعد الحدود وأنا مهتم بهذه المسألة نسبة للماضي الشخصي في الحزب الشيوعي، ولأنني أؤمن ان الحزب الشيوعي به راسخو القدم في خدمة الشعب وان أي تغيير ايجابي في الحزب يمكن أن يكون له تأثير ايجابي كبيراً جداً على الحياة السياسية السودانية وهذا يعني ان الانتقادات التي كنت أوجهها للحزب الشيوعي السوداني ليست مسألة شخصية بأي حال من الأحوال فأنا طرحت قبل اثنتي عشرة عاماً تصوراً للتغيير من داخل الحزب الشيوعي واعتقد ان هذا النظام «الدستور» يقترب منه كثيراً على الرغم من انه قد تم رفض هذه المقترحات عندما عرضتها للحزب قبل اثنتي عشر عاماً، وكوني خرجت من الحزب الشيوعي نتاج هذا الرفض لا يغير مُطلقاً من ان اقول «بالصوت العالي» ان هذه نتيجة ايجابية لابعد الحدود وانا اثمنها وهي خطوة «إلى الأمام» بالطبع كان هذا الموقف من الخاتم هو استجابة لدستور الحزب الجديد الذي يرى فيه الخاتم عدلان اقتراباً من اطروحاته هو في «آن أوان التغيير» وهو ايضاً اقتراب من موقف فاروق محمد ابراهيم الذي يطالب بمشروع ارشادي جديد وحزب برنامج وليس حزب نظرية وهو ايضاً ما كان ينادي به الخاتم عدلان والذي يقول «الحزب الشيوعي رجع لما ناديت به وهي ان يقتصر البرنامج على تنفيذ برنامج للنهضة الوطنية الشاملة في السودان، وان يتخلص من الحمولة الآيديولوجيا الثقيلة التي قصم بها ظهر قوى التقدم في السودان» وبمثل بما وصف مؤتمر الجريف الذي ينادى فاروق بالعودة إليه بالانحراف اليميني وصفت كذلك محاولات الخاتم عدلان بأنها اتجاه يميني تصفوي ولكن الواضح ان هذا التيار مازال موجوداً داخل الحزب الشيوعي نفسه وهذا واضح من خلال عتابهم للخاتم عدلان بأنه قد «تعجل» اذاً الاختلاف مع الخاتم - الذي كان شجاعاً وخرج لينادي بافكاره بعيداً عن الحزب - هو انه قد تعجل ولم يمضِ في ذلك الاتجاه مع المجموعة التي هي في داخل الحزب الشيوعي. يقول صدقي كبلو ان التيار اليميني الهادف الى تصفية الحزب الشيوعي موجود داخل وخارج الحزب وهذا التيار سينحسر بالانفراج الديمقراطي وملاقاة جماهير الحزب. ولكن اين يقف هذا التيار اليميني التصفوي هذا السؤال طرحته لصدقي كبلو والذي اجاب بانه لا يستطيع القول بانه موجود في مواقع قيادية ام لا ويبرر صدقي تلك الاجابة بانه غير مطلع على افكار القياديين داخل الحزب باعتبار ان المساهمات تنشر باسماء حركية!! غير ان الكثير من قيادات الحزب لها تصريحات متوفرة تسير في اتجاه يقترب من افكار الخاتم وفاروق فالسكرتير السياسي للحزب محمد ابراهيم نقد يقول «لابد من نظرية ثورية جديدة، الماركسية سيكون لها تأثير ولكن ليس تأثير المرشد وانما تأثير الفكر الانساني، نحن نبحث في جذورنا وتجربتنا وفي واقع السودان من المباديء النظرية الاساسية التي يمكن ان تقودنا» الا ان نقد فيما يبدو قد تراجع عن ذلك الطرح ايام ملاقاته جماهير الحزب في ندوة الديم الشهيرة في اول لقاء جماهيري له اعقاب خروجه الى العلن عندما قال « نحن مازلنا ماركسيين ، نحنا ما نطينا، نحنا بنواصل ما كنا عليه وما بنط من كلامنا ولا منهجنا ولا رؤية حزبنا» ، وكذلك في حوار مع صحيفة يمنية عندما قال :« نحن لازلنا حزبا ماركسيا.. وهناك قضايا توصلنا اليها قبل انهيار الاتحاد السوفيتي مثل موضوع التعددية» وأكد على أن الحزب لا يزال حزباً شيوعياً ماركسياً رغم انهيار التجربة السوفيتية.. وأن الحزب يبحث عن تحقيق العدالة الاجتماعية بطرق ووسائل مبدعة.. بعيداً عن لعنة الحزب الواحد«، وكذلك في » موجهات لاجل البرنامج « عندما اشار نقد الى انهم لن يصبحوا كاحزاب في المنطقة ألقت براياتها الماركسية عندما قال انهم لن يفرون من المعسكر المهزوم الى المنتصر، وهذا ايضا ما اكده المناضل الراحل فاروق كدودة في سياق اجابة على سؤال لصحيفة «الصحافة» عندما قال ان تغيير الاسم لا يعني بالضرورة تغيير سمات الحزب ونظريته الأساسية.وقال ، ان الحزب الشيوعي سيحتفظ بسماته ونظريته الاساسية بطريقة جديدة مستنيرة . غير ان في قيادات الحزب من يجهر بقناعات تغيير طبيعة الحزب والتخلي عن نظريته الاساسية يقول الشفيع خضر «كنا في حزب ننطلق فيه من طرح يقول ان النظرية العامة له هي الماركسية التي تتجلى حسب القسمات الخاصة بكل بلد ونحن نستمد القوانين الخاصة بتطور الثورة السودانية من هذه النظرية العامة الماركسية، ما نحن بصدده هو عكس هذا الطرح اي بدلا من الانطلاق من نظرية عامة لبناء واقع نظري خاص نبدأ من دراسة الواقع السوداني، ومن هذه الدراسة نخرج بتعميمات نظرية، وطرحنا يتبنى تقليص مساحة الآيديولوجيات في الحزب على اساس زيادة مساحة البرنامج الواسع الممتد من الواقع وفق معطيات العلم وبمشاركة اصحاب المصلحة الحقيقيين كل في مجاله، نحن نتحدث عن تعدد المصادر النظرية ولا نوصد الباب امام النظريات غير الماركسية» ولعل كل هذه الآراء لقيادات الحزب الحالية او فاروق محمد ابراهيم آراء الخاتم عدلان كلها متحققة في مشروع دستور الحزب الجديد او كما يقول محدثي الشيوعي الذي طلب عدم ذكر اسمه ان جميع هذه الافكار خرجت من كنانة واحدة وهي جميعها تسعى الى تصفية الحزب الشيوعي وان اختلفت مبرراتها ويرى هذا المراقب ان نقد عندما واجه جماهير الحزب جمد قناعاته وتحدث بغيرها كموقف تكتيكي ولكن لماذا تسعى جميع هذه التيارات ما عدا تيار الراحل الخاتم عدلان الى الاعلان عن افكارهم وقيام حزبهم الجديد على انقاض الحزب الشيوعي؟ محدثي ابوبكر الامين على هذا السؤال بان هذه التيارات المتفقة تسعى الى ايجاد شرعية في عملية التحول هذه من حزب شيوعي الى حزب آخر مثلما حدث في مصر حيث تم التغيير على يد الشيوعيين انفسهم ويرى ابوبكر الامين يرد على هذا السؤال ان المجموعة الموجودة في قيادة الحزب الآن لم تقم بأي مجهود فكري تجاه هذه الافكار التصفوية وتصالحت معها وانهم يطرحون المسائل التاريخية هروبا من طرح المسائل الجديدة والمعقدة، وهذا ـ حسب محدثي ـ يشير الى تركيبتهم الطبقية ويرى الامين ان ما اجيز في مؤتمر الحزب الرابع 1967م كان نشاطا فكريا متقدما وعلى اي مؤتمر قادم ان يطور ما جاء في المؤتمر الرابع لا ان يتراجع عنه.
اذاً الصراعات الفكرية المحتدة بين التيارات المتباينة داخل وخارج الحزب الشيوعي تغطي المشهد الشيوعي الآن وفي انتظار ما يسفر عنه المؤتمر العام للحزب
اسم الحزب الشيوعي
ويبدو ان اسم الحزب « الشيوعي » من القضايا التي اثير حولها جدل كثيف حول ان يبقى الاسم « الشيوعي » او ان يتم تغييره باسم آخر على شاكلة اشتراكي ديمقراطي او ديمقراطي اشتراكي، وفي هذا الصدد أكد الاستاذ محمد ابراهيم نقد للاهرام العربي ان تغيير اسم الحزب من القضايا التي سيتم طرحها في المؤتمر العام الخامس المزمع عقده قريبا، مبينا ان تغيير الاسم لم تمله أي ضغوطات، لكن هناك تحولات حدثت وأحزابا شيوعية فشلت، كما أن تغييرات كثيرة في العالم أحس بها الحزب ومن بينها موضوع الاسم، ويقول الشفيع خضر القيادي بالحزب في حوار للزميلة آخر لحظة، ان هناك اقتراحات «قوية جدا» باخفاء أو التخلي عن اسم « الشيوعي » ، وهناك اقتراحات اخرى تطالب بالتمسك به وان كل ذلك _ بحسب الشفيع خضر _ في انتظار المؤتمر الخامس لحسمه ، وعلى الرغم من لغة الشفيع خضر المرجحة لانتصار اقتراح التخلي عن اسم الحزب «الشيوعي» الا ان هنالك من يؤكد _ من خلال ما رشح _ على ان الحزب في طريقه الى الابقاء على اسمه خلال مؤتمره القادم ، ومن خلال المناقشة العامة فان مسألة اسم الحزب تكتسب اهمية مقدرة، وفي هذا الاتجاه يقول المناضل الشيوعي الراحل فاروق زكريا في حوار لي معه : « ان اسم الحزب الشيوعي صاغه الحزب في مؤتمره الثالث في عام 1956م ومن ذلك الاسم يمكن لأي شخص ان يتفهم بسهولة ان الشيوعيين السودانيين ينظرون الى مسألة الاسم بوصفها تعبيرا عن مهام في مرحلة بعينها، اي عندما نجح الشعب السوداني في المعركة ضد الاستعمار ونيل الاستقلال اصبح اسم الحركة السودانية للتحرر الوطني _ برغم عدم اكتمال عملية التحرر الوطني _ فترة اجتازها شعبنا وحزبنا ، والآن عند الكثيرين اصبح اسم الحزب ـ الشيوعي ـ يرتبط بمؤسسة مكونة من لحم ودم ويعرفهم شعبنا الاحياء منهم والشهداء شخصا شخصا ولم يعرفهم كفارا او تجار دين أو افاقين سرقوا المال ، وممتلكات الشعب ويدعون الاسلام . ففائدة تغيير اسم الحزب في نظر الشيوعيين ترتبط بالمرحلة التي يمر بها نضال الشعب ونضال الحزب ، اسم الحزب ارتبط ايضا بالحزب المناضل والمثابر والمتمسك بالديمقراطية وتجديد السودان وتخليصه من التخلف ، وبقياداته الذين علقوا على المشانق «، ويرى الشهيد فاروق زكريا ان بعض الذين يدعون الى تغيير اسم الحزب هم من اعدائه في السلطة : « جرى جدل حول اسم الحزب في الصحف ، وفي التصريحات ، وفي دعوة من اعداء الوطن في السلطة وفي المؤتمر الوطني ، والغريب انهم يدعون الحزب الشيوعي الى تغيير اسمه ! لذلك يمكن ان نقول : ماذا يفيد تغيير اسم الحزب اذا كان هذا هو مصدره ودافعه ؟! يدعون الى تغيير اسم الحزب في حملتهم الدعائية اليومية ضد الحزب الشيوعي السوداني ويدعون ان اسم الحزب وطبيعته ضد الدين وهم تجار الدين »، وربما من خلال هذا السرد الصادق والمرافعة القوية للمناضل الشيوعي الراحل فاروق زكريا يتضح من يقف خلف الدعوة الى تغيير اسم الحزب الشيوعي، غير ان عددا من المتابعين للحزب الشيوعي يرون في الاتجاه الى ابقاء اسم الحزب الشيوعي بمثابة رمي عظمة لالهاء من يتهمون قيادة الحزب بالتراجع عن مرتكزاته الفكرية، غير ان هذه المسألة فيما يبدو قد حسمها الاستاذ محمد ابراهيم نقد السكرتير السياسي للحزب عندما قال في حوار مع صحيفة يمينية » نحن لازلنا حزبا ماركسيا.. وهناك قضايا توصلنا اليها قبل انهيار الاتحاد السوفيتي مثل موضوع التعددية« وهي ذات العبارات التي رددها نقد عند خروجه الى العلن في ندوة الديم الشهيرة، عندما قال » نحن مازلنا ماركسيين ، نحنا ما نطينا، نحنا بنواصل ما كنا عليه وما بنط من كلامنا ولا منهجنا ولا رؤية حزبنا» ، وأكد على أن الحزب لا يزال حزباً شيوعياً ماركسياً رغم انهيار التجربة السوفيتية.. وأن الحزب يبحث عن تحقيق العدالة الاجتماعية بطرق ووسائل مبدعة.. بعيداً عن لعنة الحزب الواحد»، وكذلك في « موجهات لاجل البرنامج » عندما اشار نقد الى انهم لن يصبحوا كاحزاب في المنطقة القت براياتها الماركسية عندما قال انهم لن يفروا من المعسكر المهزوم الى المنتصر، وهذا ايضا ما اكده المناضل الراحل فاروق كدودة في سياق اجابة على سؤال لصحيفة «الصحافة» عندما قال ان تغيير الاسم لا يعني بالضرورة تغيير سمات الحزب ونظريته الأساسية.وقال ، ان الحزب الشيوعي سيحتفظ بسماته ونظريته الاساسية بطريقة جديدة مستنيرة .

------------------------------------------------------------------------------
محمد ابراهيم نقد ومهمة البحث في الجيوب المبعثرة




صعد محمد ابراهيم نقد إلى منصب السكرتير السياسي للحزب الشيوعي، خلفا للمعلم عبد الخالق محجوب. وانتخب محمد ابراهيم نقد لقيادة الحزب في اعقاب استشهاد قيادات الحزب وتعليقهم على اعواد المشانق في عام 1971م، وهي المرحلة التي أعقبتها مطاردة شرسة واضطهاد واعتقالات وتشريد وتعذيب لكوادر الحزب، مما أدى الى تراجع دور الحزب السياسي والفكري في ظل العمل السري للحزب، وامام هذا الواقع قال زعيم الحزب الشيوعي إن كوادر الحزب الآن يبحثون في جميع جيوبه المبعثرة حتى يصنعون منها تنظيما، وبعد أن يستقر التنظيم، سيبدأ الحزب في العمل السياسي لمجابهة الانتخابات السودانية المقبلة. وأبان نقد أنهم قاموا بتبسيط الماركسية والاشتراكية لعامة الناس، وأن لديهم قدرة على العمل السياسي والدعائي، وبالمثابرة عليه سيتم إقناع الناس.
يقول الصحافي عثمان تراث إن نقد قاد الحزب الشيوعي السوداني في أكثر مراحل هذا الحزب العريق حساسية وتعقيدا وصعوبة، وبذل منذ أن تم اختياره سكرتيرا سياسيا للحزب في 1971م، جهودا سياسية وتنظيمية وفكرية جبارة لقيادة حزبه. وللأسف فإن معظم السنوات التي مرت منذ ذلك الحين وحتى الآن، سيطر فيها النظام العسكري الديكتاتوري على الحكم في السودان، ما اضطر نقد إلى الاختفاء لقيادة العمل السري للحزب الشيوعي.
ونقد سياسي مناضل سيحتفظ تاريخ الحركات الثورية باسمه وسيرته مدى الدهر، وهو كذلك باحث جاد ومفكر عميق مدَّ المكتبة بعدد من البحوث والمؤلفات القيمة مثل «علاقات الرق في المجتمع السوداني» و«علاقات الأرض»، و«حوار حول النزعات المادية في الفلسفة العربية والإسلامية» وغيرها. وهو الآن في عقده السابع من عمره لازال يتوهج كاريزما، ويتقد نشاطا في قيادة الحزب الشيوعي الذي يستعد لعقد مؤتمره العام الخامس.

--------------------------------------------------------

أسماء في ذاكرة المؤتمر الرابع
ملف خاص بمناسبة إنعقاد المؤتمر الـ(5) للحزب الشيوعي



انتخب المؤتمر الرابع للحزب الشيوعي 1967م اللجنة المركزية المكونة من أسماء رفاق أسهموا في مسيرة الحزب الشيوعي، منهم من انتقل إلى الرفيق الاعلى، ومنهم من انقسم عام1970م، ومنهم احياء. والاسماء التالية هي اللجنة المركزية التي انتخبها المؤتمر الرابع:
عبد الخالق محجوب.
قاسم أمين.
الشفيع أحمد الشيخ.
جوزيف قرنق.
عز الدين علي عامر.
خضر نصر.
محمد محمود الشايقي.
عبد المجيد شكاك.
صلاح ميزني.
فاروق زكريا.
التيجاني الطيب.
محمد ابراهيم نقد.
فاطمة أحمد ابراهيم.
سعاد ابراهيم أحمد.
يوسف حسين.
سليمان حامد.
سعودي دراج.
محجوب عثمان.
معاوية سورج.
أحمد سليمان.
محمد ابراهيم كبج.
الحاج عبد الرحمن.
الأمين محمد الأمين.
فاطمة بابكر.
مصطفى محمد صالح.
محمد ابراهيم كبج.
عمر مصطفى المكي.
محاسن عبد العال.


الصحافة
22/1/2009
[/b]
أضف رد جديد