اشكاليات الجمالية الأوروبية

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
ÚãÑ ÇáÃãíä
مشاركات: 328
اشترك في: الاثنين أكتوبر 02, 2006 1:26 am
مكان: حالياً (مدينة ايوا) الولا يات المتحدة الامريكية
اتصال:

مواصلة لما سبق

مشاركة بواسطة ÚãÑ ÇáÃãíä »


أخى شقلينى:
لقد قلت فى جزء من اعتذاريتك:
( إن لتعقيد حياة الأنثى في مجتمعاتنا والظلم الكبير الذي لحق ولم يزل يلحق بها في كل منعطف من منعطفات الحياة هو حافز للنظر بعمق في ذلك الجرح المفتوح على تراث مجتمعنا وآلامه التي لم تلق ما يستحق من الهمة للعمل الجاد لتغييره ) أهـ
ولست فى مكان يمكننى من فحص ( ظلم المجتمع ) كى أقرر أنه ظلم مخصص للنساء لوحدهن أم أنه ظلم لضلعى المجتمع نساء ورجال لا يقوم به المجتمع استناداً الى جذوره الثقافية، بل ينهض كنتيجة لاستسلام المجتمع مع سارقين تاريخيين لمقدرات فعالياته، خصوصاً فى دائرة تكوين النخب التاريخية. وهذه تشكل واحدة من اشكالات حالة الإنتقال غير السلسة من البداوة الى انحرافات عتيقة فى شروط التمدين.
ودى فولة دايرا ليها مكاييل تانية ستنحرف بباب نقد الجمالية الأصلو تعبان من تداخلات فعاليات التمرد التاريخى العتيق على الثقافة.
لكن هذا لا يمنع من تفكيك مقولة الظلم الذى تعانى منه جنس النساء مما ذكرته أعلاه مقروءاً مع ترتيبات أطروحة العقل والدين. فمجبورة خادم الفكى على الصلاة
وكأنك تقول أن نقص العقل الذى أقول به يعنى لك أن النساء لا يفكرّن أى يتصرفن دون تفكير، وهو يعنى كذلك أنهن لا شأن لهن فى الحكمة والمعرفة. وهذه قراءة خارج النص لا تلتزم بأى قدر من احترام للأطروحة بالوقوع فى ما حذرت منه خاصة ضعف ترجمة مصطلح العقل التى تمثل فى حقيقتها مصطلح الذهن الموجود لوحده فى بنية الذهن الأوروبى حيث أوضحت كيفية افتقادهم للعقل إصطلاحاً و معنى بجهد تفكيكى لغوى لا يمكن تجاهله والقفز من فوقه كى نقرر أن مقولة نقص العقل عند النساء والأوروبيين ـ مع فارق مسببات الحالتين ـ هو ظلم وصلب للنساء. وربما هو عندك صلب للأوروبيين أيضاً.
وهذه حالة شجب غير نقدية لا نرضاها فى حق مفكر فى قامتك، كنا نرجو منه تفنيداً لمقومات الأطروحة بدلاً من ارتكاب المواقف (العقيدية) غير القابلة للتفكيك المفاهيمى.
والزعل فى الفكر ممنوع ومرفوع كما فى قولك : (ولكنا نتعجب من أن رؤى بمثل تلك القسوة الظاهرة والباطنة تأخذ طريقها ببنان مُخضب بالكتابة ويستند إلى العلم والمعرفة ، وهو يتطلع لتأثيث المعرفة العلمية على رؤى غير ما أراد السياسيون والفلاسفة أن ينسبوا رؤاهم للعلم.) خاصة إذا كان الزعل من وجود الفكرة الواضحة الأركان البتحتاج للتقليب الفكرى.
وأتفق معك أن الفكرة فى أصلها بائنة الغرابة. أنا والله زاتى لما أقراها مرات مرات تبدو لى غرابتها ـ الماحقتى ـ حتى أقول : يا سبحان الله كم نحن جهلاء، وكم هو قليل ما أوتينا من علم.
العقل يا أخى الشقلينى لا يعنى نقصه أى قدر من نقصان الملاحظة أو الإستنباط أو تقليب الفكرة فى ذاكرة العارف، أو شحذ الذهن لحل المعضلات الحيوية المتشابكة أو حتى تراكم الحكمة أو اتخاذ صفة الفيلسوف. فهذا كله مبذول فى خانة مكفولة للإنسان لتدبير شئون حياته وهذا ما سميته بالمعرفة الذهنية، وأرجو مخلصاً منك مراجعته وسبر أغواره. لكن فلا بد لهذا الذهن أن يتوقف عند الإجابة على أسئلة الوجود الكبرى وملحقاتها، خاصة هضم ما فى حالة الموت من أفول للحياة.
وهذه تقتضى حالة اتصال خاصة بالناموس يطلب فيها من الذهن التأدب والكف عن التفكير والإستسلام حتى يؤخذ بمقود المتفكر الى خارج ذاته حتى ينظر إليها كما ينظر لأى ظاهرة كوجود خارجي غيرى أى بصورة قد لا تعنيه فى نفسه أو فى ذاته بل تعنيه فى مطلق وجوده خارج هذه النفس. وديدن هؤلاء قول سيدى الشيخ ابن عطاء الله السكندرى الشهير : ( أحسن التدبير هو أن تحسن تدبير أن لا تدبر فى الأمر شيئاً ) أى تعيش مستسلماً للمشيئة وتبطل الفرفرة الما جايبا حقها دى. و أول التدبير هو تربيط وتكتيف وزجر الذهن كى يخرج العقل بسلام. وهو لا يخرج إزاء أى حالة اهتزازات أو توترات ذهنية، بل فى سكوت وخفوت ذهنى تام، وخلوة من النفس حتى ليصير السمع والبصر ليس كما هو سمعنا وبصرنا الذى نتعود على إجالتهما، بل يصيران حاستان مختلفتين تماماً. يبدآن من دحول حضرة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، وينتهيان الى حضرة الأنس العظيم وذلك فى بدايات مراحل الإنتظام لدخول الحضرة المحمدية العظمى، حضرة كمال العلم وكمال العقل.
والنساء غير مطالبات بالتكتيف والتربيط والتعقيل، بل هن مترفقات بهن يدخلن هذه الحضرة بما هو أهون وأسهل من ذلك، فقط أن يقصرن كيدهن بالطاعة وعدم المشاققة، وفقط بتأديب النفس الأمارة بالسوء أكثر من قتلها. ومن ثم فالنساء جاهزات لكى يكن معبودات المجتمع برجاله وشبابه وأطفاله.
لذلك فعبارة نقص العقل هى عبارة دقيقة المعنى وناجزة لا نتوصل إليها بالتعاطف والإنحياز العاطفى بل بنصب الموازين العلمية الدقيقة التى تكيل بالقسط والعدل.
ما هو نقص الدين.
وقبل أن أدلف على هذه النقطة فحالة من العجب تعترينى إذا عانى أهل الحداثة من اتهام فى هذا الجانب من المقولة. فنساء الحداثة فى أصلهن متمردات على الدين ودرجة عدم قبول بصريح النص القرآنى. قال حسن موسى: (غايتو يا زول أنحنا الرجال خلينا لكن في المنبر دا في نسوان (ناقصات دين) كان مرقن عليك بعقولهن( الله لا حضّرنا). و الله يطلعن دينك ضحى) وفى هذا اعتراف صريح بنقصان الدين.
الدين هو حال الكائن الإنسان الحى الذى يقوم على اعتراف انه لا يملك من حياته شيئاً أكثر من كونها (دين) عليه ممن يمتلك ناصيته حياةً وموتاً. لذلك نجد أن إحدى تسميات الإله واهب هذه الحياة اسم (الديّان):
قال الشاعر أحمد شوقى مخاطباً النيل:
دين الأوائل فيك دين مروءة لم لا يؤله من يقوت ويرزق
لو أن مخلوقاً يؤله لم تكن لسواك مرتبة الأوهة تخلق
دانوا ببحر بالمكارم ذاخر عذب المشارق مده لا يلحق
لذلك فعلاقة المدين بالديان هى علاقة العبد بسيدة. لذلك سميت ممارسة الدين بالعبادة أو التعبد، أو ممارسة حقوق الربوبية على العبد.
وقد تطور الدين فى سيرورته التاريخية من عبادة الأشياء والكائنات الحية، الى عبادة الذات المتعالية على التاريخ وعلى الطبيعة، أى على الزمان والمكان، فسادت عبادات التوحيد الثلاثة اليهودية والمسيحية والإسلام. وهذه هى الأديان الثلاثة ذات الأصول الإبراهيمية تستند الى الإسلام فى معناه النهائى اى السلام مع النفس ومع العوالم الطبيعية والمجتمعية نزولاً الى مقام الفطرة البشرية السليمة من الحق والخير والجمال.
والجنان جنتان، جنة دنوية للأفعال الحسية تتحق بالسلام المجتمعى، أى بملء الأرض عدلاُ بعد أن ملئت جوراً. وجنة أخروية حيث البعث والنشور. وكلاهما صورتان لا نعقلهما و تنوء تصوراتنا لهما بطفولية مضحكة.
والتدين هو أن تحمل على عاتقك انجاز مهام تكليف إلهى فى طريق تحقيق الجنتين، وهى مهمة لا تشديد على النساء فى حرفية الإلتزام بها بحسب مسئولية تكفى النساء شر ( المجاهدة) بالسيف أو حتى تخفيف الجهاد الأكبر وهو جهاد النفس لصالح حملها هموم استمرار النوع البشرى بما تبذله من أمومة. لذلك فمبرر نقص تدينهما الغير مقبول من الرجال مهما كانت المبررات.
قالت سيدتنا أم المؤمنين (أم سلمة) مخاطبة سيدتنا عائشة: عليهن رضوان الله وسلامه ومعترضة خروجها على أمير المؤمنين سدينا على عليه السلام فى واقعة حرب الجمل الشهيرة : ( واعلمى أن عمود الدين لا يقوّم بالنساء وإن كبر اعوجاجه) حتى قالت : ( جهاد النساء ليس بالخروج وشهر السيوف، إنما جهادهن لملمة الأطراف واسدال الذيول) أو كما قالت رضى الله عنها. راجع ابن عبد ربه الأندلسى ، العقد الفريد، الجزء الخامس.
والخصوصية النسائية تبدو فى كل المناشط التى تمارسها المرأة مقارنة ببمارسة الرجل لنفس المناشط كما فى الرياضة مثلاُ. ولو أردت تعضيد ذلك لأوافيك بكيفية استوصاء الرياضيين خيراً بالنساء وأريك إياه مدعوماً بالشواهد والحقائق. وبالمناسبة كاتب هذه السطور عمل مدرباً للفريق القومى النسائى السودانى للكرة الطائرة العام 1984م. وقام فى العام 1986م بالمشاركة فى تدريس كورس تأهيل المعلمين والمعلمات فى ولاية كردفان فى حاضرتها الأبيض كى يعملن مدربات مدرسيات للعبة الكرة الطائرة فى المدارس المتوسطة والثانوية ضمن خطة الولاية. وأستطيع فى هذا الشأن أن أجهز على قول كل خطيب لا يؤمن بنظرية الإستوصاء بالنساء خيراً من الواقع الحياتى العملى.
أخيراً أحب أن اوضح أننى مبسوط 24 قيراط من مداخلتك. وهى بالغة من التأدب أجمله. لكنى عاتب فقط على التنابذ بالألقاب. لذلك أرجو أن تخاطبنى بأخى عمر لا بأى لقب آخر، وحتى إذا عن لك أن تستعمل ألقاباً فأن لقبى الذى أحاطنى به أهلك السادة الصادقاب هو أكثرها قبولاً عندى، وأجمل من لفظة الشيخ أن يقال لى يا (فقير)، فتخير ما أحب من الألقاب جزاك الله خيراً وفقهك فى الدين وعلمك التأويل.
انت عملت العليك أين هن الزميلات؟ عوووووووووووووووك
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

https://sudanray.com/Forums/showthread.php?p=15593#post15593
صورة العضو الرمزية
ÚãÑ ÇáÃãíä
مشاركات: 328
اشترك في: الاثنين أكتوبر 02, 2006 1:26 am
مكان: حالياً (مدينة ايوا) الولا يات المتحدة الامريكية
اتصال:

عدّل المداخلة يل شقلينى

مشاركة بواسطة ÚãÑ ÇáÃãíä »

أخى الشقلينى
لا أظن أن البقر تشابه عليك لدرجة لا تجعلك تفرق بين خيط الجمالية و خيط (ماذا نفعل مع المسلمين مـ...... ) فما يحمله الرابط أعلاه عن المصريين أحسبه رد على مقولتى بخيط ( ماذا نفعل ) التى تقول بوحدة تاريخية بين (المصريين و النوبة والأقباط وبنى اسرائيل والبجا السودانيين والعرب).
لا أستطيع بالطبع اقحام هذا الموضوع مع أطروحات الجمالية, لكنى آمل منك تعديله أى سحبه من هنا وتثبيته هنالك حتى استطيع أن أدلى فيه بدلوى، ولك كل شكرى وتقديرى على مداومة التداخل المثرى للحوار.
للجميع حبى واقديرى
صورة العضو الرمزية
ÚãÑ ÇáÃãíä
مشاركات: 328
اشترك في: الاثنين أكتوبر 02, 2006 1:26 am
مكان: حالياً (مدينة ايوا) الولا يات المتحدة الامريكية
اتصال:

مواصلة لما سبق

مشاركة بواسطة ÚãÑ ÇáÃãíä »

بعد البسملة والسلام الكتير
والشوق لى زيارة البشير

وما زلت عند موقف التبيين لنقص العقل والدين عند النساء. وهو نقص لا ينقص بالضرورة مقدّراتهن التفكيرية لكنه، ويا للعجب، يزيدها بعدم (تكتيف) الذهن أى منعه أو تقييده. قال المصطفى لإعرابى وهو يتحدث له حول ناقته: ( أعقلها وتوكل) وبهذا المعنى الواضح، تصير معنى الكلمة (أعقلها) لا تعنى بأى حال من الأحوال إعمال لأية آلية بل تبطيل لهذا الإعمال وتوقيف له.
وقد وقع مفكرو ما بعد دولة الحداثة، أى الذين نالوا تأهيلهم الأكاديمى فى المدرسة الغردونية، وهم كل طلاب المدارس الحديثة فى السودان منذ مطلع العام 1905 م، وقعوا فى إشكال فى ترجمة خطأ تخلط ما بين العقل والذهن. فانطمس المفهوم العربى الصحيح تحت ركام هذه الأخطاء الترجمية، ثم ما طفق القوم يبنون مفاهيمهم على هذه المصطلح الخاطى الذى لا يقوى على الوقوف أما أقل جهد تفكيكى لغوى صحيح.
والحال هذه فلا بد من انطمار معانى القرآن الكريم والحديث النبوى الشريف ومعهما كل ما صاغته اللغة العربية فى مجمل تاريخها الثقافى الباهر، تحت هذا الركام من سوء التراجم حتى يصبح نقص العقل يعنى نقص المقدرة على إجراء التفكير بدءً من الإستقراء والإستنباط والقياس واجراء المقارنات الذهنية ، الى سبك المفاهيم والنظريات.
فى حين أن كل ذلك مكفول للنساء مقروءاً مع حسن التجريب الذى يستفاد منه بتكراره مع تحاشى تكرار التجريب الخطأ وهو موقف يقع فى قمة فى التفكير الذهنى الإنسانى ويسميه البعض بالفلسفة وتعنى حب الحكمة. وهذا كله مبذول للمرأة تعب منه ما تشاء وتتمثله دون أى نقص أو دفع بعدم الكفاءة.
والمرأة هى فى نهاية أمرها كما أسلفت الذكر هى أم. والأم فوق الوزن والتقييم والمقارنة. فهى معبودة كيفما تكون، وشكلما تكون. والحق يقال ـ يا أخ حسن ـ فتلك الصورة هى ما فقع مرارتنا وجعلتنا مطأطئى الرؤوس أمام أمهاتنا لا نكاد نستطيع أن ننظر الى وجوههن، هى صورة (أصل العالم) التى أبتذلت فيه الأمومة المقدسة المعبودة وتم حشرها ـ بلا خجلة ـ فى ألة الجنس. وهى صورة لا تنسب تأدباً الى الأمومة بل ننزها عنها، ثم ننتسب اليها نحن مقطوعى الطارى دون أن نكون مطالبين بأن ننظر إليه. سُئل الشيخ فرح ودتكتوك عن أصله فقال:
أصلى منى
مزروعة فى مكاناً شنى
كان ما حكم ربى الغنى
شيتاً عفن ما بدنى
وقال أحد العارفين عن أصله حديثاً نسيت نصه لكنه أشبه ما يكون بالآتى:
أنا نطفة مذرة
أصير الى جثة قذرة
وبين هذا وذاك أحمل العذرة
المهم فى الأمر، فإن أى أنثى هى فى نهاية أمرها مشروع أم، وهى بهذا مشروع آلهة تعبد، وكعبة مقدسة نطوف حولها. فالمعبود يكون مطلوق الصراح ولا يتم تقييده بأى قيد كان، والعقل قيد غليظ.
فما رأيكم دام سعدكم؟ للجميع حبى وتقديرى
صورة العضو الرمزية
ÚãÑ ÇáÃãíä
مشاركات: 328
اشترك في: الاثنين أكتوبر 02, 2006 1:26 am
مكان: حالياً (مدينة ايوا) الولا يات المتحدة الامريكية
اتصال:

مواصلة ما مضى

مشاركة بواسطة ÚãÑ ÇáÃãíä »

بسم الله نواصل من حيث كان وقوفنا الأول قبل الدخول فى شرح كمال ذهنوية النساء الذى يستدعى نقصان العقل.
وقد يسيئ الى النساء ـ حسب مفهومى الخاص ـ ربطهن بنقصان ذهن الأوروبيين نساء ورجال. إذ أن ذلك لا يشابه النقصان النسائى عند نسائنا لأنه نقصان فى مكان وزيادة فى مكان آخر لأغراض وظيفية بحتة. أما عند الأوروبى فهو نقصان ناتج عن اختلال وظيفى نسائى ورجالى أوروبى كبير وذلك نتيجة لخلو المكون الثقافى فى المجتمع الأوروبى من كافة موجباته خلواً كاملاً مسلماً لا شية فيه. فالثقافى قد عاش ضائعاً فى أوروبا قبل أثينا وروما، ثم (راح) وتم فقدانه تماماُ منذ عصور الظلام، فعاشت أوروبا نهضتها على استعمار واستحمار واستعباد بقية العالم فكانت نهضتها نهضة يمكن قبول تشييدها على أى أساس إلا على أسس انسانية كان وما يزال يفتقدها المحتمع الأوروبى تماماً.

عودة الى ذهنية مجيهة ومخالفة لذهنية التنطع الطفولى الأوروبى:

قلنا أن الذهن يعمل ـ بحسب ارتهانه على مقاربات فى غالبها ذاكروية ـ فى ماضوية ممعنة فى ماضويتها. ذلك أن أى إعمال الفكرلا يوقف زمن الفعل المراد تفحصه. وعند اكتمال صورة الفكرة فى الذهن يكون الفعل قد انسحب فعلاً وصار فعل ماضى.
عليه: تعمل إذهاتننا فى ماضوية تفكيرية قد نستشرف بها مقاربات يمكنها أن تصير تنبؤات أو قل مقترحات للحاضر والمستقبل كليهما معاً.
لذلك فتحديد نطاق العمل الذهنوى ربما يعيننا على فعل مضارعة الفكرة للحاضر. وهو شأن ينفيها كفكرة ويصيرها (حال) فى الآن أو نبوءة فى المستقبل. معاى
الموضوع داير ليهو مباصرا..... عشان كدى بنمشى فيهو بشيش بشيش.
سأعود غذاً ان شاء الله
صورة العضو الرمزية
ÚãÑ ÇáÃãíä
مشاركات: 328
اشترك في: الاثنين أكتوبر 02, 2006 1:26 am
مكان: حالياً (مدينة ايوا) الولا يات المتحدة الامريكية
اتصال:

مواصلة لما سبق

مشاركة بواسطة ÚãÑ ÇáÃãíä »


بسم الله،
واتمها بالله،
فإنه لا حول ولا قوة إلا بالله.
وأصلى من الصلاة أفضلها وأكملها ومن التسليم أوجبه وأتمه على حبيب الله،
وعلى آل بيته أهل العزم الحزم و النهى والجاه،
وبعد:
قضيت عشرة أيام و أنا غير قادر على الدخول لتنفيذ وعد قطعته بمعاودة الموضوع فى تالى أيام آخر رسالة أرسلتها وهو يوم 8 من هذا الشهر. وقد كان سبب التأخير أنه قد ضرب جهازى (هكر) إحتار من (تحكره) فى قلب جهازى المسكين خبراء الرقميات هنا. وقد قال لى أحد هؤلاء ، وهو من الإخوة السودانيين : " غيّر رقم اشتراكك فى (الميديا كوم) " وهى الشركة صاحبة (السيرفر) الذى يمكننا من الدخول للإنترنت. وقد استسلم جهازى للحكم بالإعدام ربما كعلامة احتجاج على (ملاوة ومعافرة) الأخ خبير الرقميات لهذا الهكر الذى قال عنه: " والله زى دا أنا ما شفتو؟ يبدو أنه صنع خصيصاً"
والآن هذا جهاز جديد وصلنى كهدية من أحد الإخوة الكرام كتضامن ضد ما لحق بجهازى.
ما علينا... نواصل:
توقفنا عند حدود يمكن بعدها تبيين الحقيقة التالية: الجمالية الذهنية ـ بحكم سيادة الذاكرة التصويرية ـ يمكن إجمالها فى وصف الجمالية البصرية. وذلك لأنها أحسن ما يمكن مقابلة الوصف الذى لا بد لنا من إنزاله لوصف الجمالية العقلية بالجمالية البصيروية.
والبصر هنا فى هذا التعريف أعلاه ينبغى أخذه كممثل لبقية الحواس الخمس.وذلك نفسه شأن البصيرة التى ربما تكون بصيرة سماعية أو ربما هى بصبرة من يرى فيتبصر.
ويجول بالخاطر مؤلف قيم أهدانى إياه الأستاذ الإذاعى المعروف صلاح الدين الفاضل ضمن فصل كان يدرسنا فيه جماليات السمع. عنوان ذلك الكتاب القيم (الرؤية بالأذن). وقد استعمت لتمثيل ذلك السفر الهام فى أستديو صوتى أداره الكاتب وهو مطفأ الأنوار لأجل جلاء السمع دون تشويش. وكانت بالنسبة لى تجربة ظاهرة الإدهاش، سمّاها الأخ الشاعر المفوه الأخ الأستاذ قاسم أبوزيد الذى كان زميلاً ضمن ذلك الفصل: "رسم صوتى للجغرافيا فى الدراما الإذاعية" (إقرأ السماعية).
فإذا ما كانت بداهة هذه الجمالية البصرية لا تنفك ترتبط بالذاكرة البصرية، فهى كما هى وسيلة العمل الذهنوى (جمالية قياس) على أبعاد الذاكرة الجمالية ، أو إن شئت فقل: الخبرة المتراكمة من الكم الجمالى المختزن. وهى كما الذهن ماضوية لا تنفك عن ماضويتها، ولا تفارقها قيد أنملة الى أرض بكر الجمالية لا تكاد تعرف الأذهان شيئاً عن ملامحها. وليس ذلك إلا بسبب خلو مخزون الذاكرة عن مقبلات وآنيان رؤى سابقة للإستيعاب الذاكروى.
إقرأ الآيات الكريمات: ( إنا جعلنا فى أعناقهم أغلالاً فهى الى الأذقان فهم مقمحون * وجعلنا من بين أيديهم سداً ومن خلفهم سداً وأغشيناهم فهم لا يبصرون"
وأتساءل ويكاد يقتلنى التساؤل حيرة، هل هى نفسها (الأذقان) عند تأويلها هى (الأذهان) ...... واللهم أنت ورسولك وآل بيته أدرى.
فإذا كان ذلك كذلك : (على حد تعبير الأخ الصديق كمال الجزولى) فإن العقل فى مبدأ معرفة كيفية إعماله هو ترك القياس. إذ كيف يتسنى مقايسة ما لا عين رأت ولا إذن سمعت ولا خطر على قلب بشر؟؟!! فالعقل لا يعمل إلا وهو محرر تماماً من أى فعل أو رد فعل قياسى أو استنباطى، وهذا هو مجمل ما تعرّفنا له عباداتا مجتمعة، أن استمعوا لما يوحى إليكم من ربكم، وخذوا أمركم طازجاً من مصدره وذلك بتنظيف مواعين استيعابكم من ترهات الماضى وإباطيله، ومن شيطانية القياس وأفاعيلها، فأنتم لا تحتاجون لكل ذلك بعد أن وفر وذلل لكم ربكم طريقاً سالكاً الى نبع العلم الصافى، الى مناط الروح التى لم تؤتوا من علمها إلا القليل، فتعالوا و هلم إلى لتتعرفوا عليها كما هى على حقيقتها، فتعرفون أنفسكم لا كما تظنون معرفتها فيما ظللمتم من تضليل ذهنياتكم الأسيرة لماضويتها.
لذلك فالصلاة هى إطراق لا يتأتى إلا بتنكيس البصر الى موضع السجود، وترك الخيالات الخبالات بحسن التعبد فى رؤية موضع السجود، موضع إذلال النفس وزجرها وتأديبها بوضع هامتها ورمز شموخها وأنفتها الزائفة فى الثرى.، أن اسكتى وأطرقى ولا توسوسى ولا تتخنسى. إستنطى الى ما يتلى عليك أو ما يوحى من آيات أو من كتاب ربك.
أقول قولتى هذه ونتذكر قول الحق جل وعلا مخاطباً نبيه الكريم: (واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك لا مبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدا * واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى يريدون وجهه ولاتعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطاً).
ويقودنا التذكر الى أية سورة النور الجليلة : ( والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب )
وأظن أمثله العزوف عن صعوبة الإلتزام والمرابطة على مرابط العقل كثيرة وعلى قفا من يشيل، فهى فعل إنسانى لا يكل المولى جل وعلا يدعونا كل حين وأن الى رؤيتها فى حقيقتها ثم التخلص منها كطفولية لا تليق ، تؤدى كل الطرق لبيان يفاعتها وخفة وزنها وحيوانيتها وجسدانيتها كما هى الجمالية الأوروبية والتى هى اليوم قوام الجمالية على نطاق كوكبى، لبست كل الجماليات التى كانت ذات خصوصية وتفرد أزياءها وتمخطرت بها وتوجتها ـ بوعى منها أو بدونه ـ كسيدة للجماليات الإنسانية. ورغم أن الجمالية الأوروبية تعانى الآن من نضوب وجفاف شديدين فى مصادرها ومناهلها، لكنها وجدت فى نضوج ثمار القطف السياسى الأوروبى ، إثر استواء عملية استزراع نبتتة التمرد الحضارى الأوروبى العتيقة (الدولة الوطنية القطرية) فى كافة أركان المعمورة، ورعايتها بمبيدات المحاصيل الأخرى خاصة محاصيل الثقافة الوطنية، فإن الجمالية العالمية اليوم قد أضحت هى المزوّد الذى يسد فراغ نضوب المناهل الأوربية وذلك ضمن عسف الدخول الى حيز الإستعراضى ذو المقابل النقدى، وكمقوم من مقومات منظمة التجارة العالمية، سلعة تباع وتشترى وتحتكر وتتعرض لتلاعب النخبة بحكم أمزجتها التسويقية . لكننا نحسن ونجيد الهروب عن التكليف فنظل قابعين فى انسانيتنا المتناقضة غير عابئين بنداء الى ارتفاق الى قامة بشريتنا الذى يصيح فينا أناء الليل وأطراف النهار كل يوم خمس مرات، أن هيا الى الصلاح ، وهيا الى الفلاح.
وأظن ظناً يشوبه القليل من الشك، أن ظاعن الإملاء قد وصل بنا أو كاد الى منتهاه. وقد أحتاج للرجوع لبيان بعض الأمثلة، أو توضيح بعض ما غمض.
لا أطمح فى معارضة واضحة وصريحة، فمدرسة الجمالية الأوروبية ومن يقفون على شئون فلسفة أطروحاتها فى غالبهم نافرون عن دخول معمعة المواجهة مع هذه الأطروحة ولسان حالهم يقول ،كما عبر لى أحد الأخوة المهمومين بأطروحاتى: "خلوهو ينبح براهو، بعد شوية بيزهج ويسكت ولا يزهج منو الناس وينصرفوا" ورغم ثبات قراء هذا الخيط وتوارد ورودهم الذى يثلج صدرى، فإننى أرجو أن يقيض الله لهذه الأطروحة منهم من يحمل كلها حتى يمكننى من فتح نوافذ وأبواب أخرى تحتاج لمن يحفر ما تركم على جوانب مبانيها من ركام، حتى يمر الهواء على رواقاتها المقفلة الموحشة، أو دخول جاداتها و تنظيف الطريق وربما تعبيده لأجل تسهيل دخول آخرين عليها أكان صحت التجارة.
أخيراً أرجو أن يمكننى الله من تكملة هذا السفر فى كتاب ربما يحمل نفس عنوان هذا الخيط أو يزيد قليلاً بإضافة أطروحة الصراع التاريخى بين الحضارة المعاصرة والثقافة. وآمل كذلك فى بذل جهد فى ترجمة أطروحة الجمالية هذه كى يطالعها الأوروبيون، والباب فى هذا الجانب مفتوح للمشاركة، فقط بعد الإتصال بى لأجل التشاور فى كيفية انجاز العمل بحكم ما أود إضافته أو حذفه من هذا الخيط مما يجعله صالحاً ليكون سفراً مكتوباً.
ليس هذا بوداع لأنى سأعود لاحقاً لعمل ختمة تليق. وأرجو قبلها من الإخوة الذين واعدونى بالعودة للتعليق أو التحاور أن لا يتأخروا على بذلك. وللجميع حبى وتقديرى

صورة العضو الرمزية
ÚãÑ ÇáÃãíä
مشاركات: 328
اشترك في: الاثنين أكتوبر 02, 2006 1:26 am
مكان: حالياً (مدينة ايوا) الولا يات المتحدة الامريكية
اتصال:

الختام

مشاركة بواسطة ÚãÑ ÇáÃãíä »


ختام الجمالية الأوروبية:
وهو ما أرجو أن يكون ختاما مفتاحياً لبابين كبيرين. أولهما باب إعادة النظر فى أسس وتشرطات الجمالية البشرية التى سلمت قيادها لحادى ركبها الجمالى ، فأصبح الأوروبى وأمسى هو صاحب الصيغ الجمالية التى تسَوق وتسّوق لجمالية بشرية مقطورة رواحلها خلف هذا الحادي.
ثانيهما أن مبحث الجمالية، بحسب موضعته كتجربة معرفية انسانية، فذلك يمكن من النظر إليه فى صياغ وسياق ـ إذا ما صح أمر سباكة التعبيرين اللغويين ـ آفاق هذه المعرفة ومشارعها ـ من مشرع ـ .
ورغم أن الباب الأول مربوط بثراء التجريب الجمالى الإنسانى بوصفه حقوق جمالية مكفولة، فإنه من باب أولى أن يكون مكفولاً أن ننظر كناقدين لمسلكنا الحر هذا. إذ أن الحرية هنا قيمة خدّاعة ومضللة فى كثير من جوانبها. ووجه خداعها أنها موضوعة فى غير موضعها الصحيح والحقيقى فى غالب أمرها. فالحرية البصرية هى ـ كما خبرتها شخصياً ـ لا تخرج عن كونها حرية (مزاج) والذى هو فى نهاية أمره ( شغف شخصى ممعن فى هذه الشخصانية بفعل ما)، وهى فى مجال البصريات محاولة للقفز أعلى مما هو مشمول داخل أطر الممنوعات البصرية التاريخية. ولو جنحنا ناحية (حصر) هذه الممنوعات البصرية فلن يصمد أمام تاريخانية هذه الحواجز التصويرية سوى ظاهرة التعرى الجسدى. هذه قضية ليست سهلة التناول، إذ أنها تستحوذ على جل المنتوج الجمالى البصرى الأوروبى ، لذلك فهى من أكبر القضايا التصويرية التى ينعكس فى مرآتها ما أسميته ( بالمزاج التصويرى)، إقرأ (المزاج البصرى).
إشكالية التعبير الجمالى الجسدانى ، أن ممنوعاتها مركبة بالغة التركيب ما بين المزاحية البصرية وتقييم هذه المزاجية الناقد لمعرفيتها من ناحية، وقضيا الحرية (المزاجية البصرية)من ناحية أخرى. وعند هذا المخاض الإشكالى (تبين الكوكة ) التى يخجلون ويتحاشونها كأطروحة، رغم أنها مطروحة عليهم بقوة فى جوانب متعددة متصلة. ودون ما حاجة للتفصيل الممل، فإن الممنوع معترف به على نطاق واسع، وهو اعتراف يحملنا فى كثير من الأحيان الى سلوك تربوى نأتى به تجاه أبنائنا كى نجنبهم زلل بعض المزاجيات المهلكة. فإنه ومما هو متفق عليه على نطاق واسع، هو درء التجريب الجنسى لمن هم فى مرحلة الطفولة. ويعتبر مثل هذا التجريب من أبشع الجرائم فى الغرب ، إذا ما مارسة بالغ عمره 18 أو 19 أو20 سنة مع من لم يبلغ بعد هذا العمر أى 17 أو 16 أو 15 رغم ضعف الفارق العمرى وعدم وجود مفارقة تفاوت فى الخبرة والمعرفة والقدرة على التجريب. لذلك فالسلوك التربوى المتعارف عليه يتجه فى الغالب الى تجنيب (الفتاة ) ضرر إنجاب غير (مخطط) له تخطيط جيد وواعى، وهذه فى الغالب مهمة الأمهات تجاه بناتهن، وتجنيب الفتيان مغبة الإنسياق غير المضبوط الذى قد يصل درجة التعدى.
وقد يلاحظ الملاحظ خلو قائمة التعدى على فتيان دون ال18 سنة أى فى عمر 17 و 16 و 15، مع كثرتها الواضحة ضد الفتيات. وليس هنالك من سبب يجعل نساء بالغات ـ ربما فوق الثلاثين ـ فى منجاة من مثل هذا النوع من التعديات، لكن وما يلاحظ أن هذا النوع من التعديات مسجل فقط على رجال، وغالباً فى مراحل التعليم قبل المدرسية.
ولا ينكر منكر أن مثل هذا السلوك الجنسى لليافعين سلوك ينبغى تجنبه ومنعه، ومن هنا جاء تقييمه كواجب تربوى نلجأ فى غالب الأمر الى أن نجنب أبناءنا مغبة الوقوع تحت طائله.
كذلك هنالك سلوك كشف عنه النقاب عند حادثة (تسونامى) حول ولع بعض السياح (الجنسيين ) اليونان بسياحة فى تلك المنطقة التى ضربتها عاصفة تسونامى، فكشفت أن ضحايا (يونان) راحو فى تلك العاصفة البحرية الكبيرة، كانوا هناك يمارسون سياحة خاصة بمن لهم فى ولع خاص بممارسة الجنس مع أطفال نظير مال يدفعونه بسخاء قصاد تلبية رغبات هذا الولع المسكوت عنه. وهذا مزاج نتفق على أنه مزاج منحرف لا يستحق ولا يقوى على الخروج الى دائرة الضوء.
قصدت من هذه الأمثلة توضيح أن هنالك اتفاق معروف ضمنياً، أنه ما كل (المزاجات ) ينبغى سربلتها ومدها بحرية التجريب. لذلك فهو مبرر وجود قائمة ممنوعات تربوية و قانونية تضع كم مقدر من هذه المزاجيات فى قائمة المهلكات بل والممنوعات. لذلك وبناء عليه فإنه مبرر طلب الفحص لهذه المزاجات للتأكد من عدم تجاوزها لما هو متعارف عليه كفعل منكر. وليس التعرى الجسدى الذى تمارسه الجمالية البصرية الأوروبية فى مجمل تاريخها مما يفترض فيه أن يكون خارج هذه الفحص والتقييم لمجرد أن (المزاجية) البصرية هى مما لا يجوز تحديده وتكبيله بالعراقيل. ولنا فى الصراع ما بين الأخ الفنان التشكيلى حسن موسى والكنيسة الفرنسية الذى يجرى متزامناً مع نشر هذا الختام المباحثى لإشكاليات لجمالية الأوروبية خير مثال لمثل إختلافات الرأى حوله حتى داخل حوش الجمالية الأوروبية فى شأن مزاجيتها التنشكيلية أمام المؤسسة الدينية هناك.
وهناك إشكاية مصاحبة لا بد من التعرف عليها وإعطائها حقها من الإعتبار المباحثى. وهو وجود (مسالب) معترف بها لحرية (المزاج) كقيمة مضافة للحرية المعتقدية، عانى منها الإنسان الأوروبى الذى فرضت عليه وصاية كاملة (مزاجية) و(معرفية) و (عرفية) و(قانونية) بواسطة السلطة الدينية درجة تفتيش الضمير كما هى (محاكم التفتيش) فى عصور الظلام الأوروبية فى العصور الوسطى. وكذلك مثله ما فرض على الضمير المسلم فى مجمل تاريخ السلطة الإسلامية إلا قليلاً، وذلك بعيد انتقال المصطفى ـ عليه أفضل الصللاة وتم التسليم ـ الى الرفيق الأعلى. وهنا يختلط الحابل بالنابل. فالمزاجية (اليافعة) التى تقتضى المعالجة التربوية، والتى قد تتصل كثيراً بسلطة تقديرية لنظم الثقافة المجتمعية، غالباً ما تتضافر جهود التخلص من (تكبيلها) مزاج (التغيير الثورى) للمجتمع ، وهو فى الغالب مصوب ناحية البنى الفوقية المتحكمة بقوة القانون بالمجتمع، فيتم توجيهه فى نفس الوقت تجاه الممسكين بعصا مايسترو قياد اوركسترا المجتمع لعزف توليفة الثقافة المجتمعية. والسلطة هنا تقديرية ( للأب ) الذى يحمل قائمة من الممنوعات المرفوضة مجتمعياً، وموجب الخلط أن عرف النمجتمع يتحول عند هذه الفرضية الخاطئة الى سلطة (تقديرية ) متحكمة لا يتم التفريق بينها وبين السلطة السياسية:
أنظر لشاعرنا الكبير الأخ الصديق محمد المكى ابراهيم حينما يقول ـ وهو فى فورة الصبا ـ وفى ديوانه (أمتى) ناعياً هذه السلطة الأبوية التقديرية:
كم ذا لعنت قنوعكم وخنوعكم وقعودكم ضرعى على أجداث من سلفوا وما تركوا لكم
إلا قصور ذواتهم عن قمة الفرح المؤشب والحياة

وما هى أوجه هذا القصور الذاتى؟
أنظر إليه وهو يقول فى نفس قصيدته هذه :

فى ظلمة (التابو) تسلقنا نحاس البوق وانفتحت مسالكنا الى رحم الحياة وطيبات عطائها
أنثى من اللحم الصقيل توهجت خصباً وضج النسل فى أعضائها
ومواسماً دفء الربيع مواسماً طفح النبيذ سرى
تذوقنا حلاوة أن نعيش الرعب والحمى ونصمد للجليد

وبالطبع ـ وكما قال لى الأخ الحبيب وصديقنا المشترك الجنرال أحمد طه، أن أخانا وحبيبنا الأستاذ محمد المكى ابراهيم قد تجاوز هذا المحطة بقصيدته مدينتك الهدى والنور. لكننا ما زلنا نطمح منه مزيد من هدى مدينة الهدى والنور مما لا نشك فى مخزون معرفته التى طغت على كل الحوامل المعرفية الحداثية فصارت لسان حال ذكاء بصرى فاق الكبار والقدرو، تمثل فى مقولته (أكتوبر الأخضر) كرمز اخضرار فاقع الإحمرار، مثلته فى مقال سابق باخضرار الطماطم.
لذلك فقد صار اللجوء لتقييم (المزاجية البصرية) لازماً كى يتم فرز هذا التشابك. ومن ثم وضع أى بذور فى حقلها التى نبتت فيه، فلا يختلط حابل الثقافة مع نابل السلطة والسياسة، ولا يختلط حابل السلطة الدينية التقديرية التحتية بالسلطة السياسية الحقوقية الفوقية، ولا يختلط كذلك النضال الثقافى بنضال الحرية السياسية.
خلط هذه البذور ، ومن ثم زراعتها فى غير حقولها المخصصة، فذلك لا يتوافق مع حسن التنظيم المطلوب بشدة. والمسائل هى كلها و فى كل حالاتها عرضة للبحث والجدل والتحاكم المعرفى. لكن (قعيد المسائل) هو ما يجب أن يكون، وذلك لكى نتأكد من حسن التقييم، والذى يقود لحسن التصنيف وجودته ثم لحسن التسعير وحسن البيع لبضاعة نظيفة غير مغشوشة ولا مضروبة.
لذلك وبناء عليه، فإن انقطارنا خلف قطار الجمالية الأوروبى يقع فى اشكاليتين، ذاتية وموضوعية. الذاتية تتصل بشكلانية الخيارات البصرية للجمالية الأوروبية فى وقوعها وراء مادة التعبير الجمالى للجسد البشرى المتعرى، وما فى ذلك من ضعف فى مزاجية هذا الخيار. أما الموضوعية فكون الجمالية الأوروبية تحتل مكانتها ضمن ذاكرة اليفاعة والطفولة البشرية كما سبق لنا تفحصه فى هذا البحث مما يخرج مثل هذا الترتيب الجمالى البصرى تماماً من حضرة جمالية عقلانية علمية يؤهل الإنسان نفسه إليها بارتفاقه الى مقام العلم ومقام العقل عند باب الخروح من مشروع (انسانيتنا) المتساوقة ما بين الحيوان والإنسان الى أن نصير (بشراً سوياً) فى نهاية مطاف (رجوعنا انقلاباً) الى ربنا.
أتوقف هنا عند عتبات الدخول فى الباب (ثانياُ ) من هذا الختام، بوعد معودة فحص موقع هذا التصنيف الجمالى من سياق المعرفة الإنسانية وصياغها. فهو فى هذه الحالة نهاية وبداية فى آن واحد. فما انطرح فى ثنايا هذا البحث من رؤوس مواضيع لم تنل حظها من البحث والتقصى فسيفنى عمرى دون تكملة غرفة (دواية) واحدة من مداد كلماتها.
للجميع حبى وتقديرى.
صورة العضو الرمزية
Elnour Hamad
مشاركات: 762
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:18 pm
مكان: ولاية نيويورك

مشاركة بواسطة Elnour Hamad »


الأخ الكريم عمر الأمين

عاطر التحايا لك، ولآل بيتك، وسائر أهل مدينة "أيوا سيتي" الكرام.

وبعد،

لا أراك خرجت كثيرا، عبر هذه المطولة، على منظومة الفكر الإسلامي "التبريري"، و"الإعتذاري"، الموروث، الذي يريد أن يقول إن كل ما قاله النبي الكريم، لا تلحق به صفة المرحلية، وإنما هو حي، وفاعل، في كل مكان، وفي كل ظرف، مهما اختلفت الأمكنة، ومهما اختلفت الظروف. هذه البنية المفهومية الجامدة، تثبت ثابتا أوليا، لاتحيد عنه، وهو أن كل ما قاله النبي، وكل ما جاء به القرآن، ثابت لا يتغير!! وفق هذه البنية المفهومية، لا يهم الإختلاف بين الأمكنة والظروف. الذي يهم ، هو أن نصوص القرآن، صالحة جملة وتفصيلا، لكل زمان وكل مكان، وأن أحاديث النبي الكريم هي الأخرى، صالحة لكل زمان ومكان ولا تلحق بأي منها صفة المرحلية. وما من شك عندي، أن هذا هو نفس الترديد الذي ظل الفقه العثماني، يبثه في عقول أهل الشرق العربي عبر القرون الأربعة الأخيرة. فالفقه العثماني، هو الذي أغلق باب الإجتهاد، وظل يبث وبإلحاح، في عقول العامة، أن "الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان". ومن هنا ظل من ينافحون عن الإسلام، لايأتون بغير التبريرات الفجة.

ليس كل ما جاءت به الجمالية الأوروبية باطل. وما يجب أن ننزلق في تبرير قصورنا الفكري والحقوقي القانوني بالزعم بأننا، حين نفعل ذلك، إنما ننأى بأنفسنا عن مرجعيات الجمالية الأوروبية، وعن فكر الحداثة. كثير مما جاءت به الجمالية الأوروبية، وما جاء به فكر الحداثة، ذي سمات كوكبية universal، ولا ينفع معه التخندق وراء مزاعم الخصوصية، ودعاوي التأصيل القاصرة، فكريا، ومنهجيا.

تقول فيما كتبت، وأنت تعترض على قول الدكتور حسن الترابي، بأن المرأة "ليست ناقصة عقل ودين": ((فإنى أعوذ بالله من تعديد ما يمكن أن يستخرج منه من مفتريات، أيسرها هو وقوع المصطفى ــ عليه وعلى آله أفضل و أزكى الصلاة وأتم و أوجب التسليم ـ فى أخطاء فكرية تنتظر الدكتور الشيخ حسن كى يصححه)) ـ هكذا وردت في نصك: "يصححه" وليس "يصححها" ـ. فبالله عليك، ماذا أبقيت في اتباع نهج تملق السائد والقائم، وفي نهج التخويف الرادع الذي ينتهجه وعاظ المساجد، في تأليب العامة على العلماء والمفكرين، وفي القمع الاستباقي لمحاولات التجديد؟! فعلى الرغم من اختلافي مع الدكتور حسن الترابي ونهجه المعروف، في لبوس مختلف الألبسة، لمختلف المناسبات، وفقدانه الإتساق، والإنسجام في الطرح، وفي المواقف، إلا أني أرى أن في نفيه "نقصان العقل والدين" عن النساء، على إطلاق العبارة، بلا مراعاة لفروق الأزمنة، والأمكنة، نفي صحيح.

وأعود لموضوع مرحلية بعض أقوال النبي الكريم، وهو أمر سبق أن عالجه بتوسع كبير، الأستاذ محمود محمد طه، في معرض أحاديثه الكثيرة عن الفرق بين الشريعة والدين، والفرق بين السنة والشريعة. فلكي يدلل الأستاذ محمود على مرحلية بعض أقوال النبي الكريم، ظل يورد في كتبه،ومحاضراته، أحاديث مثل: ((كنت قد نهيتكم عن زيارة المقابر، ألا فزوروها)). وقول النبي الكريم، أيضا: ((كنت قد نهيتكم عن إدخار لحوم الأضاحي، ألا فادخروا)). في هذه الأحاديث نهى النبي الكريم عن أمور مثل، "زيارة المقابر"، و"إدخار لحوم الأضاحي"، ولكنه عاد بعد فترة وغير الحكم المتعلق بها، من المنع، إلى الإباحة. فعل ذلك حين انتفت حكمة المنع في شأنها. إذن، الزعم بأن أقوال النبي الكريم أقوال صالحة كلها، لكل زمان ومكان، زعم باطل، شديد البطلان. فالنبي في حياته نفسها، غيَّر بعض الأحكام، وذلك حين اختلف الظرف، واقتضت الحكمة أن يغير النص. كذلك يورد الأستاذ محمود، كثيرا، الحديث القائل: ((نحن معاشر الأنبياء، أُمرنا أن نخاطب الناس على قدر عقولهم)). وعقول الناس في العصر الواحد تختلف، كما تختلف عبر العصور بقدر أكبر.

نقص عقل ودين النساء المذكور في الحديث نقص مرحلي. ما في ذلك أدنى ريب. والسبب هو نقص التجربة. لقد كان المجتمع في ذلك الوقت مجتمعا ذكوريا بأكثر مما هو عليه اليوم. لقد كان مجتمعا حربيا، وكانت الفضيلة فيه، حينها، للعضل، وليس للعقل، ولا نزال نحن اليوم نعيش أخريات مرحلة فضيلة "العضل" هذه. ((الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنقوا من أموالهم)). تم تفضيل الرجال بقوة عضلهم وبقدرتهم على الإنفاق على النساء. وفضيلة الإنفاق في ذلك الزمان، جاءت نتاجا طبيعيا لفضيلة العضل، التي لم يكن الكسب المادي ممكنا بغيرها، آنذاك. الشاهد، أن عهد فضيلة العقل المطلقة لم يدخل في الوجود بعد. لم تُعط المرأة في الماضي فرصة التجربة، وفرصة الاحتكاك، وفرصة التعليم، ولذلك لم تتح لها فرصة أن تكمل، في حين أتيحت كل الفرص للرجال. وما من شك، أن العقل المحبوس في الخباء لا يجد فرص الإحتكاك والتجربة التي تعينه على الإكتمال. العقل لا يكمل إلا باتاحة فرص الحرك والتقلب في مسارات الحياة اليومية. فنحن اليوم نعيش أخريات مرحلة "المجتمع الذكوري" ونستقبل تباليج فجر حقبة "المجتمع الإنساني"، التي تنمحق فيها فروقات الجندر، فيما يتعلق بالكفاءة العقلية والخلقية، وتنداح فيها دوائر المساواة أمام القانون، إلى غير حد.

سمعت الأستاذ محمود يعيب على الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي، قوله، وهو يخاطب محبوبته: ((فكَمْ عَهِدَتْ ألا تحولَ، وأقْسَمَتْ، وليسَ لمخضوبٍ وفاءٌ بأيْمانِ)). وأضاف الأستاذ محمود، في هذا الصدد، ((إن إبن عربي، على جلال قدره، لإبن وقته، أيضا))!

لقد أورد الصديق، عبد الله الشقليني، الحديث النبوي القائل: ((خذوا نصف دينكم من هذه الحميراء)). كان إيرادا موفقا جدا. فهذا الحديث يأمر الرجال، المفترض فيهم "كمال العقل" أن يأخذوا نصف دينهم من إمرأة! وهي كإمرأة ـ لو نحن طبقنا عليها الحديث، بحرفية ـ تتسم مثل بقية النساء بـ "نقصان العقل". فكيف يتفق إذن أن يأخذ الرجال نصف دينهم من إمرأة. ألا يوجب هذا الوضع إعمالا للفكر؟ ألا يوجب علينا، على الأقل، أن نباعد بين أنفسنا وبين الانجرار وراء متحفيات الفقه العثماني التي لا تحفل بغير التبرير للعقيدة البسيطة التي ترى أن أقوال النبي،كلها، صالحة لكل زمان ومكان؟

كملت النساء في الماضي في أعداد قليلة، وهن سوف يكملن في المستقبل في أعداد مستفضية. جاء في الحديث الشريف: ((كَمُلَ من النساء اثنتان: مريم إبنة عمران، وآسيا زوجة فرعون، وإن فضل عائشة على النساء لكثير)). إذن كمال النساء ممكن، بل هو قد حدث فعلا! إذن "نقص العقل"، و"نقص الدين"، ليسا صفة ملازمة لجنس النساء، وإنما هما سمتان مرحليتان سببها أن الحياة نشأت في الغابة، وظل قانونها هو قانون الغابة، حيث الفضيلة للعضل. وحين تخرج الحياة من "الغابة" إلى " المدينة" وتتراجع فضيلة "العضل" وتحل محلها فضيلة "العقل والخلق"، ينفتح الباب للنساء لكي يكملن، بأعداد مستفيضة.

أخي عمر، ما تقول به من "دوام نقص عقل ودين النساء"، أمر تترتب عليه فروق قانونية، تمس حقوق المرأة في الدستور وفي القانون. جاء في القرآن الكريم: ((واستشهدوا شهيدين من رجالكم، فإن لم يكونا رجلين، فرجل وامرأتان، ممن ترضون من الشهداء، أن تضل إحداهما، فتذكر إحداهما الأخرى)). الشهادة في الشريعة أمرأتان مقابل كل رجل واحد. والسبب هو: ((أن تضل إحداهما، فتذكر إحداهما الأخرى)). يرى الأستاذ محمود محمد طه أن هذه الآية آية فروع، وحكمها حكم مرحلي. فحين تتعلم المرأة، وتصبح رشيدة، ومدركة، وناضجة، يجب أن تصبح شهادتها مساوية تماما لشهادة الرجل. أكثرمن ذلك، يقول الأستاذ محمود أننا حين نقول بدوام حكم هذه الآية ندخل أنفسنا في تناقض فظيع. فنحن اليوم، ندخل البنات كلية القانون اليوم، فيتخرجن قاضيات، وبعضهن يحرزن نتائج أفضل من نتائج الأولاد. القاضية حين تجلس على منصة القضاء تقوم بتقييم شهادات الشهود، من الرجال والنساء. ويمكنها، وفقا لتأهيلها، أن ترفض شهادة أي رجل، إن رأت شهادته معيبة. يقول الأستاذ محمود: هل يستقيم عقلا، أو دينا، أن نرفض شهادة هذه القاضية، حين تجيء شاهدة في قضية، ونطالبها بأن تأتي معها بقاضية أخرى، لكي نقبل شهادتها، في حين نقبل شهادة الرجل الأمي، لمجرد كونه ذكرا؟

مما تقدم في موضوع الشهادة، يتضح أن بعض النصوص القرآنية نفسها مرحلية، فما بالك، إذن، بالأحاديث النبوية، التي هي أقل في الحجية من النص القرآني؟. وأختم مداخلتي هذه بتقديم سؤال لك، وهو: هل ترى وفقا لوجهة نظرك أن شهادة المرأة يجب أن تظل على الدوام على النصف من شهادة الرجل؟ وهل بناء على فهمك، تعترض على أن تصبح المرأة قاضية؟ ولو كنت توافق على أن تكون قاضية، فكيف يستقيم توليها للقضاء وهي لا تصلح أصلا، وفق النص القرآني، أن تكون شاهدا كاملا؟


((يجب مقاومة ما تفرضه الدولة من عقيدة دينية، أو ميتافيزيقيا، بحد السيف، إن لزم الأمر ... يجب أن نقاتل من أجل التنوع، إن كان علينا أن نقاتل ... إن التماثل النمطي، كئيب كآبة بيضة منحوتة.)) .. لورنس دوريل ـ رباعية الإسكندرية (الجزء الثاني ـ "بلتازار")
صورة العضو الرمزية
ÚãÑ ÇáÃãíä
مشاركات: 328
اشترك في: الاثنين أكتوبر 02, 2006 1:26 am
مكان: حالياً (مدينة ايوا) الولا يات المتحدة الامريكية
اتصال:

أى تبريرات؟

مشاركة بواسطة ÚãÑ ÇáÃãíä »


أخى العزيز الدكتور النور محمد حمد
السلام ليك ولزوجتك الكريمة بنت الكرام وللأبناء ولكافة الأصحاب والأحباب.
طلتك على تسعدنى إذ تعيدنى دائماً الى أيام خضراء خوالى كانت حبلى،
وأظن أخى أننا ونحن ملزمين بتربية مواليدها، نخشى الوقوع تحت طائلة تحذير الشاعر الحردلو، أننا لو ولدنا (المحن) فلا بد أن (نلولى) صغارها. والمحن هنا هى محن فكرية، حمانا الله جميعاً من أن (نلولى) صغارها.
سأحاول أن أنظم استيعابى لما طرحته أعلاه، وأرتبه حسب فهمى كى أرتب أفكارى التى لم تطاوعنى فتستأنس به مثلما كانت تستأنس بسابق محاوراتنا. إذ يغلب على ما طرحته هذا المرة ـ فيما يبدو لى ـ ضيقاً وتبرماً بأطروحتى يصعب تخفيته، إذ يظهر واضحاً بين ثنايا ما دفعت به أعلاه بوصفك إياها ب(المطولة). والضيق بأطروحاتى شأن قد لا يزعجنى إذا جاء ممن لا أثق فى أناته وصبره المعرفى، لكنه إذا ما جاء من موضع ثقة فهو بالغ الإزعاج. مع ذلك فيستحسن بى لإن لا أبادله ضيقاً وتبرماً بضيق وتبرم مضاد، ولا أظننى سأستسلم له، لكنى سأقاومه وأدافعه وأدافره حتى يعود لى أخى كما عرفته، متفتح القريحة، لماح ومتقد الذكاء، يملك موهبة قياد التفاكير الى ما لا يلحظ مداخلها ومخارجها سواه.
لك اعتراض أساسى وشامل، يقوده سؤال واضح يأتى كما يلى:
هل يعتبر الخطاب القرآنى وخطاب السنة النبوية الشريفة خطابان ثابتان لا يتغيران حسب تغير الظروف الزمانية والمكانية والبيئوية، أم هما خطابان لا ثبات ينبغى أن يضفى عليهما إذ يجب مضاهاتها وفق هذه المتغيرات التى قد تنسخ بعضها وتغير من فهمنا للبعض الآخر؟
وبالطبع أخى قصدت من لملمة المتغيرات كالزمان والمكان والبيئة إجمال يتجاوز المتغيرات الثانوية كالتاريخ والثقافة التى تشمل العادات والتقاليد، والحضارة التى تشمل النظم والقوانين من معاملات ومعالجات للشأن التحضرى التمدينى
وأعلم أخى أن هذا الحديث هو مربط فرس (الرسالة الثانية من الإسلام) لشهيدنا محمود محمد طه، وهو طرح أوجب علينا شهيدنا مناقشته بوضوح بحكم شهادته التى وضع تبعاتها علينا كلنا. وقد سبق لى أن قلت أنى أحضر فى نفسى للرد ومناقشة هذا الطرح بمسئولية كى أحدد موقفى الذى لا يمكن قبول مجافاته عن هذا الشهادة وذلك لتحديد موقف واضح، إما القبول بها كلها أو رفضها جملة وتفصيلاً أو طلب التعديل لبعض ما ورد فى متنها مما يحتاج للتعديل. لذلك فما تقود إليه مداخلتك من وضع لها فى مواجهة فكر شهيدنا فهو ـ مع القبول به ـ فهو على مقولتين. الأولى هو احتياج أطروحة الرسالة الثانية من الإسلام الى مواجهة شاملة وليست جزئية لها منطقها الخاص. وهذا الفهم يقود الى القول بأن أى مواجهة جزئية قد تأتى بها مواجهة فطيرة لا تأخذ حقها من النضج والوضوح. أما المقولة الثانية فهى تتصل باشكالات أعتراضاتك الحالية بما لا يماسس بالضرورة أى نقد للأطروحة الأم. وهذا ما يجب توضيحه ومن ثم المضى قدما فى بيان ما لا اتفق على صلاحية وروده فى حق مفكر فى قامتك أخى الدكتورالنور.
أولاً : شأن الفكر التبريرى ضد الحداثوى:
من فهمى لما دفعت به مما جعلك تسبغ صفة التبرير على مقولات الجمالية الأوروبية هو حديث خطابى يخلو خلواً تاماً من أى تسبيب يسد احتياج منطق الدفع بتهمة التبرير هذه. إذ أن التبرير ـ كما هو مفهوم ـ يحوى صفة الدفاع غير (المبرر) وهو فى الغلب دفاع مختلق لا يليق بحكم ضعف بياناته الى الأخذ به كأسباب حقيقة معترف بمنطقها وبتأثيرها المباشر على وقوع وقائع ما، بما فى ذلك الأفكار كوقائع تحتاج الى منطق وقوع وتثبت ذو أركان قوية.
والتبرير يأتى فهمه من قولك : " ليس كل ما جاءت به الجمالية الأوروبية باطل. وما يجب أن ننزلق في تبرير قصورنا الفكري والحقوقي القانوني بالزعم بأننا، حين نفعل ذلك، إنما ننأى بأنفسنا عن مرجعيات الجمالية الأوروبية، وعن فكر الحداثة. كثير مما جاءت به الجمالية الأوروبية، وما جاء به فكر الحداثة، ذي سمات كوكبية universal، ولا ينفع معه التخندق وراء مزاعم الخصوصية، ودعاوي التأصيل القاصرة، فكريا، ومنهجيا. " وهذا يأتى بعد أن تقول : "لا أراك خرجت كثيرا، عبر هذه المطولة، على منظومة الفكر الإسلامي "التبريري"، و"الإعتذاري"، الموروث، الذي يريد أن يقول إن كل ما قاله النبي الكريم، لا تلحق به صفة المرحلية، وإنما هو حي، وفاعل، في كل مكان، وفي كل ظرف، مهما اختلفت الأمكنة، ومهما اختلفت الظروف. هذه البنية المفهومية الجامدة، تثبت ثابتا أوليا، لاتحيد عنه، وهو أن كل ما قاله النبي، وكل ما جاء به القرآن، ثابت لا يتغير!! وفق هذه البنية المفهومية، لا يهم الإختلاف بين الأمكنة والظروف. الذي يهم ، هو أن نصوص القرآن، صالحة جملة وتفصيلا، لكل زمان وكل مكان، وأن أحاديث النبي الكريم هي الأخرى، صالحة لكل زمان ومكان ولا تلحق بأي منها صفة المرحلية. وما من شك عندي، أن هذا هو نفس الترديد الذي ظل الفقه العثماني، يبثه في عقول أهل الشرق العربي عبر القرون الأربعة الأخيرة. فالفقه العثماني، هو الذي أغلق باب الإجتهاد، وظل يبث وبإلحاح، في عقول العامة، أن "الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان". ومن هنا ظل من ينافحون عن الإسلام، لايأتون بغير التبريرات الفجة."
ما هو وجه التبرير هناّّّ؟! وأين هو الفكر التبريرى؟! وأى اختلاق أود أن أبرر به.
وأرى، وربما كان تقديرى معتلا، أن هذا الموقف يصعب وصفه بالتبريرى بل الأقرب هو وصفه بالجمود الفكرى، فهو ليس تبريراً لأى وقائع القول بأن حديث المصطفى صالح لكل زمان و مكان. وعدم القبول بالوصف بالتبرير كتحجيج هورفض لاعتلال فى التوصيف. لذلك فالقبول بالاتهام بالجمود الفكرى والتحجر وعبادة النصوص والعيش خارج العصر وخارج الحضارة ربما الرجعية أو السلفية هو وصف يناسب أهل طريقة الثفكير التى تقول بنسخ ومرحلية حديث المصطفى ـ أصلى عليه وعلى آلا بيته الى أن أموت، صلاة لا نتهذ ولاتنعد ولا تنقض ولا تنفض ـ إذ يقدمونه كصحيفة اتهام صالحة أكثر من الدفع باتهام التبرير.
وهذا ضعف لا يليق ـ أخى ـ بتاريخ أطروحاتك الناضجة القوية.
ثانياً : التحجج بالعالمية أو الكوكبية:
ليس هذا الضعف مصادفة اتفق حدوتها ملتصقة بعدم مواتاة تهمة التبرير، بل هو ظاهر فى اركان عديدة فيما طرحت. أنظر لقولك : " ليس كل ما جاءت به الجمالية الأوروبية باطل. وما يجب أن ننزلق في تبرير قصورنا الفكري والحقوقي القانوني بالزعم بأننا، حين نفعل ذلك، إنما ننأى بأنفسنا عن مرجعيات الجمالية الأوروبية، وعن فكر الحداثة. كثير مما جاءت به الجمالية الأوروبية، وما جاء به فكر الحداثة، ذي سمات كوكبية universal، ولا ينفع معه التخندق وراء مزاعم الخصوصية، ودعاوي التأصيل القاصرة، فكريا، ومنهجيا." وهل يمكن الدفع بصحة منطق أطروحة ما أو وقائع من مجرد كونها أصبحت عالمية ؟؟؟؟!!!
فما هو رأيك فى عالمية وكوكبية ظاهرة الإتجار فى البشر؟؟؟!!!!
وما هو رأيك فى كوكبية الإتجاه لوضع (الثقافة) كبند من بنود حرية التجارة تحت وصاية منظمة التجارة العالمية ؟؟!!!
وما هو رأيك فى عالمية وكوكبية (السياحة الجنسية)؟؟؟!!!
فهل ترى من مسوغ قبول بهذه القيم لمجرد كوكبيتها أوعالميتها؟؟؟!!!
قد تقول ـ على سبيل المثال ـ أن الديمقراطية صارت قضية كوكبية، لكن هل تبرر هذه الكوكبية الديمقراطية كممارسة أصبحت طاغية كخيار عالمى كوكبى ، لكن هل ذلك ناتج عن كوكبيتها أم نتيجة لمنطق الديمقراطية الخاص؟؟؟!!!
إنى لا أربا بك ـ أخى ـ الوقوع تحت طائلة مثل هذه التعميمات المهلكة لزرع وحرث ونسل الفكر، ولكنى أحتار فى كيفية وقوعها، أهو استعجال فى خدمة الأطروحة ؟ أم ماذا أخى ؟ ... رسينى بالله عليك على بر آمن رسّاك الله على بر السكينة والأمان.
ثالثاُ : وهذا هو الأهم فيما أراه من ضعف واضح فى خدمة الطرح. اعتراضك على مقولتى فى القبول بمطلق حديث المصطفى ـ أصلى عليه وعلى آل بيته الى أن اموت، صلاة لا تنهد ولا تنعد ولا تنفض ولا تنقض : :(المرأة ناقصة عقل ودين) فهل طالعت أطروحتى أخى النور واستوعبت مضمونها؟
إنى أشك فى ذلك.
ولو فعلت لما تساءلت عن رأيى فى تعيين إمرأة كقاضية أو القبول بشهادتها وتركت لب الأطروحة وأساسها التى تقوم عليه بنائيتها ألا وهو ما دفعت به من فهم لكلمتى (العقل والدين ) خاصة كيفية فهم مصطلح العقل وعلاقته بالعلم ومصطلح الذهن وعلاقته بالمعرفة. وقد استوعب ردى على الأخ الباشمهندس عبدالله الشقلينى الحديث عن مقدرات المرأة التفكيرية، وهل التفكير نتاج عقلى أم ذهنى؟ وهل التعقل هو انطلاق تفكيرى أم هو تقييدله.
ومع القبول بالتساؤل حول أهلية شهادة النساء مقروءة مع حديث : (خذوا نصف دينكم ) ففى ذلك تحججاً يخرجه من حسن النظر والبحث الرصين المتأنى المقارن لجوامع كلم من لا ينطق عن الهوى: ـ عليه أفضل وأكمل الصلاة وأتم وأوجب التسليم ـ . ويمكن استعماله بسهولة لبيان تهافت القول بمرحلية حديث صاحب جوامع الكلم التى لا يعتبر بأكثر من قصور قامة فكر الذين يرونه مرحلياً ، وإلا لما كان جوامع كلم، فانظر وتأدب لا تخويفاً، فطلب التأدب لا يخوف به بقدر ما يلفت به النظر الى العماء فى رؤية الأمور فى حقيقتها وفى جلاءها العلمى، خارج أطر ذهنية العصر والعالمية والكوكبية الى ذهنية الحق والتحقيق والنظر الفاحص فى ثنايا الظواهر لا فى مظاهرها وشكلانيتها.وآسف على هذه الخطابية غير المبررة بغير ضيق وقتى الحالى والتى أعد بأن أعود لتفصيلل أركانها. وقد أعود كذلك الى بيان كيفية أن حديث خذو (نصف) هو أكثر ما يبين فيه هذه الخصوصية النسائية فى شئون الدين والعقل. وكيف أن فى ذلك بيان كمال لا يراه من يرون كمال النساء فى شكلانية (الدخول لكلية القانون ) ومن ثم (التأهيل لتولى وظائف القضاء) فى دولة الحداثة. وما هى كلية القانون ؟ وما هى دولة الحداثة؟ أنك يا أخى تجعلهما مرجعية للإنسانية دون أن تقودنا ال تسبيب مقنع أن نترك ثقافتنا ونفقدها جراء نماذج فطيرة ربما يأتى يوم ننعى فيه على أنفسنا اللإنقياد خلفها. فالدولة ليست مسلم به انسانياً ولا الحداثة كذلك،. فهما لا يعدوان أن يكونا أطروحتين لا تحتويان على أى قدر ولو أقله من المسلمات، إنما فقط موضوعات للحوار والنقاش قد يُرى فى كثير من جوانبها أنها مواجه باتهامات متلتلة، و أنها لا تمثل أكثر من اختراقات مخصصة لهدم حصون الثقافة لصالح (حداثة) جل مواردها ومناهلها مشبوهة وغالب هذه المناهل مكسو بالوحل والطين و الأوساخ العالقة بالتجربة البشرية.
مع ذلك فلى آمل أن تتمكن من قراءة أطروحتى ـ المطولة ـ بتمعن إذا كنت تنوى فعلاً أن تتداخل وتناقش قضايا العصر ونقصان عقل النساء. و أرجو كذلك أن لا يطول انتظارك لما أنوى أن أدفع به من طرح فى شأن شهيدنا الأستاذ محمود وحمد طه. ومجمل أطروحاته.
وتفضل بقبول فائق آيات شكرى وتقديرى على طلتك على التى أرجو مخلصاً أن لا تنقطع.
ملجوظة : الضمير فى (كى يصححه ) راجع الى المصطفى ـ ـ أصلى عليه وعلى آل بيته الى أن اموت، صلاة لا تنهد ولا تنعد ولا تنفض ولا تنقض ـ وليس الى الأخطاء.
وللجميع حبى وتقديرى.

صورة العضو الرمزية
Elnour Hamad
مشاركات: 762
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:18 pm
مكان: ولاية نيويورك

مشاركة بواسطة Elnour Hamad »

[color=indigo]الأخ عمر الأمين
شكرا على التعقيب
ولدي تعقيب سأوافيك به قريبا، إن شاء الله[/color]
((يجب مقاومة ما تفرضه الدولة من عقيدة دينية، أو ميتافيزيقيا، بحد السيف، إن لزم الأمر ... يجب أن نقاتل من أجل التنوع، إن كان علينا أن نقاتل ... إن التماثل النمطي، كئيب كآبة بيضة منحوتة.)) .. لورنس دوريل ـ رباعية الإسكندرية (الجزء الثاني ـ "بلتازار")
صورة العضو الرمزية
ÚãÑ ÇáÃãíä
مشاركات: 328
اشترك في: الاثنين أكتوبر 02, 2006 1:26 am
مكان: حالياً (مدينة ايوا) الولا يات المتحدة الامريكية
اتصال:

مزيد من التوضيح

مشاركة بواسطة ÚãÑ ÇáÃãíä »


أخى العزيز الدكتور النور محمد حمد
بعد السلام ورفع التمام
لى أبواتك الزينين الهمام
من ود الترابى لى ام عضام
قبل عودتك الميمونة ـ إن شاء الله ـ للتعقيب، ارجو أن تسمح لى بمراجعة بعض ما يلزمه المزيد من التوضيح، والمزيد من تكريب طريقة العرض. فالقصد والنية هو الوصول لأحسن ما يمكن فهمه من حديثنا كلينا، ومن ثم تأسيس مواقفنا الفكرية عن بعضنا البعض على أساس من الوضوح غير الملتبس بأى درجة من درجات الغموض أو الضبابية.
وأول ما اود مراجعته هو فهمى لأطروحتك عن نقص العقل بوصفة منقصة للكمال النسائى، حيث يفهم ( الكمال النسائى) ليس بوصفه صفة (نوعية للنساء) بل بوصفة مضاهاة وتضاد مع كمال الرجال. وفى رأيى المتواضع أن هذا توصيف متعسف لا يفهم النساء كظاهرة لها خصوصيتها الذاتية بنفس قدر كونها ظاهرة لها موضوعيتها. وذلك فهم ربما قاد الى فهم نقصان العقل والدين عند النساء كمنقصة نوعية تكوينية لهن فهو فهم أحادى أكثر تحجراً حتى من تحجر الفهم العثمانى البخوفونا بيهو دا زاتو. ذلك أن النساء ظاهرة قابلة للتفكيك فى شأن وجودهن النوعى كشق مجتمعى ذو وجود ذاتى مستقل لا يتأثر بجدلية الوجود النوعى الموضوعى الآخر بما يلغى خصوصيته النوعية. كذلك فالوجود النوعى الرجولى هو وجود له خصوصيته الذاتية والموضوعية بالمقابل. وذلك يعنى مباشرة أن الخصائص النوعية للنساء لا يتم تبريرها بسلب الرجال خصائصهم النوعية، بنفس القدر الذى لا ينبغى سلب خصائص النساء لأى أسباب نوعية رجولية. وأظن أن شأن تصنيف الخصائص النوعية الذكورية والنسائية هو تصنيف علمى بايولوجى لا تتناطح فيه عنزتان.
وكمال هذا فى سلب حصائص هذا، فهو إحدى أكبر الإختراقات الحداثية اللعينة التى لا تفتأ تتحدث عن تحرير المرأة من ( عبودية القبضة الرجولية المتحكمة فى المجتمع). ولو أمعنا النظر الى هذه القبضة، لرأينا التزييف فى موضوعها وكذلك فى شكلها الطبيعيان المستمدان من التصنيف والفرز التاريخى الوظيفى لضلعى المجتمع. ذلك أن ما تم من فرز لم يتم التوصل إليه عبر مركز للتحكم يبرر به حدوث عبودية على نوع ما حتى ثم تتم المطالبة بتحريرها من قبضته، بل تم التوصل إليه فى أجواء طبيعية و عبر مختبر حياتى حقيقى طبيعى وتاريخى طويل وعريض.
مع ذلك فالحرامى فوق راسو ريشة.
أنظر أخى النور الى فعل من أصفهم بفعاليات التمرد الحضارى التاريخية وحاول رصد تصنيفهم المتعسف لصالح تشويه شروط انتقال المجتمع من حالة البداوة الى حالة التمدين. أنظر أخى الى ما صاحب ذلك من تآمر تاريخى ضد الثقافة المجتمعية وضد الدين وضد شكل الأسرة ذات القياد (الأبوى) كواجهة تصميمية للشكل الثقافى للمجتمع بوصفها لبنة الثقافية المجتمعية الأولى. فقد يبدو واضحاً النظر الى نهايات مصير استهداف وضع الأب فى الأسرة لا عن أطروحة مجتمعية مغايرة يمدفوع بها بقصد بناء شكل ثقافى مغايرعليها ، بقدر ما هو جهد تكسيرى تدميرى لبنائية الأسرة بمثابرة ودأب يقصد تفكيكها، ومن ثم نقض نسيج المجتمع من خلال نقض نسيج ثقافته، لا لأى قصد غير احكام آلية التحولات الحضارية لصالح نخبة تود أن تتحكم فى المصير البشرى. وتلك نخبة تقف الثقافة المجتمعية ، أياً كان شكلها ، فى مواجهة أحلامها (الأنوية) المريضة بدائها (الأنوى ) هذا. وتفكيك الأسرة كقيدومة لتفكيك الثقافة المجتمعية، ثم كقيدومة هى الأخرى لتفكيك المجتمع،وذلك ليس خيالاً من عندى، بل هو أدب مطروق فى حاضرنا، أصبح مصرحاً به دونما خوف أو حياء على عينك يا تاجر فى العالم الأول الأوروبى.
وأقول إفتراضاً مبنى على هذا القول، أنه يمكننا بسهولة ويسر ،إذا ما تحاشينا خلط العجين المباحثى لأمكننا تفادى الوقوع فى لخبطة التصنيف الوظيفى الطبيعى النسائى والرجالى وتفادى تزويرية أحلال وإبدال فى الشأن الوظيفى لضلعى المجتمع تعاكس كل حقائق الطبيعة والتاريخ.
وبالمناسبة فإنك أن كنت تعنى بمجتمع (فضيلة العضل) أنه هو المجتمع الذى كان يتم تأمينه من خلال المقاتلة والمصارعة اليدوية أو بالسلاح اليدوى، فإن مقاتلى أهل التمرد الحضارى، ومن خلال نجاحهم منذ القرن التاسع فى استعمال(الحيلة العسكرية) فى الإنتصار على أصحاب قوة السلاح اليدوى العضلية سواء أكانت الراكبة أم الراجلة، فإن فضيلة التحكم الذكورى الرجولى من خلال تمييز جنس الرجال بالقوة العضلية قد إضمحلت إن لم تكن قد تلاشت مرة واحدة.
مع ذلك فقوامة الرجال المبررة فى القرأن الكريم بقوله ـ جل وعلا ـ (بما فضل الله بعضهم على بعض وبما ينفقون من أموالهم ) فقد تفسر الشق الثانى المعطوف وهو شق الإنفاق من الأموال بمعقولية كونه نتاج للقوة العضلية الرجولية التى كانت من سبل كسب العيش الأساسية فى ماضى الإنسانية. مع ذلك فتحول الإنفاق من قوة العضل الى (سعة الحيلة) فى شأن كسب المال فى معاصر تاريخنا بما يعطى المرأة القدرة على اكتساب المال، بل ويوسع من حظوطها فى الكسب أكثر من حظوظ الرجل ـ كما نلحظه فى حاضر تمديننا ـ فمقبول أن يكون فى ذلك ارهاصات مفارقة مجتمع (فضيلة العضل) فأنت لم تجانب الصحة فى قولك هذا. لكن .... هل فضل الله الرجل على النساء وجعل لهم القوامة نتيجة (لفضيلة العضل ) فقط؟؟؟!!! وهل عطف عنصر الإنفاق الى عنصر التفضيل فى اية الكريمة مربوط بالضرورة بالتفضيل كنتيجة للتفضيل العضلى للرجال على النساء؟؟؟
إنى أخشى يا أخى أنك تدخل الرحمن ـ جل وعلا ـ فى تناقضات فهمك للتاريخ. وتدخله فى متشابك تعقيدات ظاهرة الثابت والمتحول، وتعقيدات الأساسى والثانوى. وما ينبغى بنا هو تنزيه الرحمن ـ جل وعلا ـ أن يكون هو الذى قادنا الى هذا التخليط المباحثى غير المبرر لا ذهنياً ولا عقلياً . والله يجازى الكان السبب.
فببساطة، فتقرير هذا الآية حسب تفسيرك سيقود الى الفهم الآتى:
(الرجال فوامون على النساء..) مرحلياً (بما فضل الله بعضهم على بعض ...) بفضلية القوة العضلية ( وبما ينفقون من أموالهم) التى يكتسبونها بقوتهم العضلية هذه. وأعوذ بالله من استنتاجات منطقية يقود إليها هذا الفهم أيسرها ـ واعوذ بالرحمن من قولتها التى أجبرت لأسباب توضيحية أن أقولها أن الرحمن ـ جل وعلا ـ لا يفهم مستقبل التطور (الذهنى ) الذى سيصيبه جنس النساء، فيقيم مصلبة تجهز على معانى تشريعاته التى لا بد أن تكون حينهما بالفهم النسائى السليم المتحرر من قيد العبودية للرجال كالآتى : (النساء قوامات على الرجال بما فضل الله بعضهن على بعض وبما ينفقن من أموالهن) وهذه نتيجة يبررها تغير ظروف (تلاشى ظاهرة فضل العضل) إذا ما كانت كظاهرة هى التى تشكل السبب الذى قرر به الرحمن ـ جل وعلا ـ هذا التفضيل. هنا من يسأل من عن التناقض فى النصوص ؟؟؟؟!!!!! ومن يسأل من عما فى ذلك من تضليل لطرق التفكير. اللهم أنى أعوذ بك من الضلال والتضليل.
لذلك فالقول بمرحلية التشريع الإلهى فهو قول بالغ الخطورة، لا يكاد يفهم إلهية التشريع؟؟؟؟!!! وهو منحى شركى خطر وأكبر تعدياً وأشد فتكاً بالفهم المحمدى القويم ... الذى يضع التشريع الإلهى كله فى مكان مطلق الصحة، ويأخذ المنسوخ والمرجوء وبالفهم المحمدى الصحيح، أن المنسوخ موضح بالتنصيص الذى لا يقبل القفز فوقه أو تجاوزه، فلا تعمل مباضع الإلغاء لبتر الشرع لصحة مطلقة فى نصوصه التى لا ينبغى الطعن فى مطلق صلاحيتها على كافة عناصر الزمان والمكان، و لا يتم تجاوزها كنصوص، بل لا يتجاوزها الإنسان إلا بالترقى الى موضع تشريع أرقى ومقام أعلى كقول المصطفى ـ أصلى عليه وعلى لا بيته إلى أن أموت صلاة لا تنعد ولا تنهد ولا تنقض ولا تنفض : ( حسنات المقربين سيئات الإبرار) فالأبرار لا يوقعون أنفسهم فى مواقع تهلكة تشريعات عامة المسلمين، بل ويتجاوزوا برقيهم حتى حدود تشريعات المؤمنين والمحسنين، تلك التى لا يلغيها إلا تجاوز البشرية الوقوع تحت طائلتها، ليس بالمؤسسات الدستورية ولا بكليات القانون، إنما بالسلوك البر القويم. لذلك فلا يمكن لإنفاق العفو ـ وهو ما زاد عن الحاجة ـ أن يلغى انفاق الزكاة المحددة التقديرات، بل يكون انفاق العفو عن الحاجة هو تشريع خاص مضاف يأخذ به أهل العزائم ممن يتوخون رضاء الله ويعتبرونه فوق كل اعتبار. وهو لا يعفيهم من انفاق الزكاة، مع ذلك وبالمنطق القويم فالمنفقون العفو لا يمتلكون ما يحول عليه الحول من المال والأنعام حتى يخرجوا منها زكاتهم،ذلك أن زكاتهم هى كما قال سيدى (أويس القرنى) رضى الله عنه وأرضاه هى أن المال كله لله ويجب انفاقه كله.
و أرجو كذلك أن أدفع بمثال يتجاوز مثال القاضية التى ادخلناها كلية القانون، ثم استنكرنا حجب حقها فى الشهادة. وأطرح مثال آخر لا يقل فى حيويته ومشروعيته. وليكن الرجل الذى قبلنا بشهادته هو نفس ذلك الأمى الذى نستنكر إحلال شهادته بدلاً عن شهادة القاضية لعدم وجود زميلة لها تذكرها أن حدث ما يوجب تضليلها.
ما هو موقف هذه القاضية، إذا ما كانت أم ، وواجهت تعديات يقوم بها ابنها ضد آخرين بما يشكل جرماً يعاقب عليه قضائياً، فهل نطمح منها لوحدها الإدلاء بشهادة كهذه ؟؟؟!!! إننا حينها سنطالبها بما لا طاقة لها به، أما إذا ما كانت معها إمرأة أخرى، فيمكن حينها قبول دمج الشهادتين فى شهادة واحد، ثم الخروج باستنتاجات معقولة.
ومن أمثلة الجمع بين الشهادتين ثم استنتاج الحكم كما فى قصة النزاع بين إمرأتين إدعتا كلاهما أمومة وليد متنازع عليه بينهما أمام القاضى، فاستعمل القاضى تضاد إدعاءاتهما بفرضية القبول بكلتا إفادتيهما لأنه كان مواجهاُ بحالة عدم وجود اثبات آخر، وقرر تقسيم الرضيع الى شقين بالتساوى بينهما. قبلت الأم المزيفة التى كانت تدافع عن كيانها كأنثى غير عابئة بالرضيع، بينما رفضت الأم الحقيقية تقطيع الوليد وفضلت أن يعيش حتى ولو كان مع أخرى، فحكم القاضى للأم الحقيقية.
وأدفع بمثال آخر لا يفيد أحادية التفضيل العضلى الرجولى.
فالمرأة ، خاصة المتمدينة، تخاف خوفاً قد يفقدها صوابها أو حتى القدرة على التصرف إذا ما واجهت خطراً مباشراً على حياتها كوجود أفعى سامة وشرسة ومتحفزة بالقرب من كرسيها التى تجلس عليه فى حديقة منزلها المتصل بالحدائق النيلية حيث تكثر الأفاعى، كما كان عندنا فى منطقة الجريف غرب الشيطة بالخرطوم. وهذا المثال الذى أضربه فهو مثال من الواقع الحقيقى المعاش.
ولو كانت تلك المرأة قاضية أو مهندسة أو طبيبة أو خلافه، وكانت مزودة بعصاتين صغيرتين محنوف مقدمتيهما، أطوال أى منهما حوالى ال 75 سنتمتر، وهما آلتان كافيتان لتخليص أى إنسان وجد نفسه فجأة أمام مثل تلك الأفعى، لما كان ذلك كافياً. لأن مثل ذلك الحدث ـ ومن تجريب عملى ـ يزلزل كيان المرأة مهما كان درجة تعليمها وتثقيفها، إلا اللهم أن كان تخصصها فى نفس مجال دراسة سلوك الأفاعى. ولو مر صاحبنا الرجل الأمى على أختنا القاضية/ المهندسة /الطبيبة وهى فى أوج معاناتها من وجود تلك الأفعى، لاستدعته مطالبة إياه بسرعة القدوم، وسلمت إليه مطلق التصرف، ثم تنفست الصعداء حامدة شاكرة لمبعوث العناية الإلهية الذى ساعدها فى تجاوز تلك المحنة العظيمة.
مثل هذا الموقف، وله مطابقات متكررة كثيرة، لا يمكن الحاقه الى القوة العضلية، بل الى رباطة الجأش عند مواجهة الخطر والتهديد المباشر للحياة. ومعروف أن المرأة لا تتفاعل مع مثل هذه الظروف برباطة الجأش، خاصة الشابات صغيرات السن قليلات الخبرة فى مواجهة مثل هذه المواقف. فى حين نجد شباب الذكور مهيئين لذلك، ومن شبابهم الباكر، يتمنون فرصاً كى يستعرضوا فيها على آبائهم مدى رباطة جأشهم وثباتهم فى المدلهمات.
وسأعود لمهابشة فهم (خذوا نصف دينكم)
للجميع حبى وتقديرى
آخر تعديل بواسطة ÚãÑ ÇáÃãíä في الاثنين أغسطس 17, 2009 6:46 pm، تم التعديل مرتين في المجمل.
صورة العضو الرمزية
ÚãÑ ÇáÃãíä
مشاركات: 328
اشترك في: الاثنين أكتوبر 02, 2006 1:26 am
مكان: حالياً (مدينة ايوا) الولا يات المتحدة الامريكية
اتصال:

تصحيح

مشاركة بواسطة ÚãÑ ÇáÃãíä »

أرجو المراجعة بعد أن صححت الأخطاء وعدلت بعض الصياغات.
صورة العضو الرمزية
ÚãÑ ÇáÃãíä
مشاركات: 328
اشترك في: الاثنين أكتوبر 02, 2006 1:26 am
مكان: حالياً (مدينة ايوا) الولا يات المتحدة الامريكية
اتصال:

المزيد

مشاركة بواسطة ÚãÑ ÇáÃãíä »

مع ذلك أخى النور، فلو كنا نحكم على الأمور بعد حسن تقليبها، لرأينا أن أعقل العقلاء هو الذى يعيش لله، أى هو الذى يتوخى وجه الله فى كل حركاته وسكناته. وهذا نسميه متوكل على الله، أى يقفل ذهنه بالضبة والمفتاح عن التفاكير والتدبيرات، ويعيش فقط على الواردات. لذلك فقد قال جل وعلا : ( أتأمرون الناس بالبر ...) فهؤلاء مفكرون، بل يمكننا أن نقول أنهم من كبار المفكرين. ثم أضاف : (وتنسون أنفسكم وانتم تتلون الكتاب ....) وفحواها أنكم تنسون أن تأمروا أنفسكم بالبر كما تأمرون الناس حسبما تقرأون عليهم من الكتاب، وهذا تدبير ماكر. وختم الآية الكريمة بقوله جل وعلا : ( أفلا تعقلون ) أى أفلا توقفوا تدبيراتكم الماكرة هذه بمعالجة آلية التدبير عندكم فتربّطوها وتكتفوها وتتحكموا فى انطلاقتها. أرأيت أخى كم هم عاقلون هؤلاء الذين تمكنوا من زجر فهومهم الماكرة بفعل التربيط هذا؟
وكم هى بعيدة عن ذلك النساء. فهن و بحكم تكوينهن الوظيفى فهن منفعلات بأبنائهن درجة الشرك المجاز غير المحرم فى حقهن. فهن وبحكم أن حياتهن مبذولة كلها لأبنائهن، فهن غير مطالبات بكمال التوحيد الذى لا يترك فى القلب من مكان للإقامة فيه لغير الله. إذ لا تشارك النساء محبتهن الجارفة لوليداتهن محبتهن لله وحسب، بل وقد تتفوق فى كثير من الأحيان محبتهن لوليداتهن على محبتهن لله، وهن معذورات فى ذلك. وذلك أخى نقصان عقل ونقصان دين أى نقصان فى كمال العبودية لله. مع ذلك فهو كمال انسانى، يمتلئ بحسن التدبير وحسن التفكير الإنسانى، لكنه يحتوى على نقص بشرى بين وواضح.
ولو قرأت الأية الكريمة، لرأيت أن نقص التوكل على الله النسائى هو مربط فرس السماح النسائى فى شأن نقص العقل والدين. فالتوكل على الله هو ماركة رجالية مسجلة. فالنساء يشاركن الرجال فى غالب موصوفات التدين إلا التوكيل، أقرأ الأية الكريمة ثم تدبر الأمر: (إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما) 35 الأحزاب.
ولو قرأت ـ أخى النور القرآن الكريم من إحدى دفتيه الى الأخرى فإنك يا أخى لن تجد عبارة (متوكلة أو متوكلات أو تتوكل أو يتوكلن) نكرة كانت أم معرفة.
والوكيل بالطبع هو الله، ومن قال بوكيل غيره أشرك. وموكلوه هم المؤمنون من الرجال. وهم الذين بايعوا الله ، أى باعوا نفوسهم كلها غير منقوصة إليه، فأصبحوا متوكلين عليه. فهم منفعلون بالله، لا وكيل لهم غيره.
و النساء إضافة الى أنهن يشركن بانفعالهن بأبنائهن، فهن منفعلات بتخلق الرجال. لذلك فقد قلن : الراجل عيبو جيبو، أى عدم قدرته على الإنفاق وليس شكله وهيئته. ومن عيوب الرجال عندهن كذلك البخل والشح والإمساك، وكذلك الجبن والخوف من مواجهة المدلهمات. لكن فليس هنالك أى ذم فى جمال الرجل الجسدانى، فهو لا يملك لهن موصوفات جمالية جسدانية لرجولته يُتفاعل بها ومعها كما هو عند النساء فى مواجهة الرجال، بل يعتبر تخلق الرجال هو تخلق وظيفى قد يأتى فى موصوفات غير مواتية ومخالفة تخصيصاً للجمال الجسدانى كقولهم : أنا الكعب .... أنا الشين ...أنا الشافو خلو ... أنا الشافو فكوا ليهو الدرب. أو أنا الصاقعة. و أنا الجدرى العم الضهارى الخ الخ من الصفات التى تبدو كأنما هى مذمومة أكثر منها ممدوحة.
ويستمر الحديث مؤجلاً حول خذوا نصف دينكم.
للجميع حبى وتقديرى.

صورة العضو الرمزية
ÚãÑ ÇáÃãíä
مشاركات: 328
اشترك في: الاثنين أكتوبر 02, 2006 1:26 am
مكان: حالياً (مدينة ايوا) الولا يات المتحدة الامريكية
اتصال:

مواصلة لما سبق

مشاركة بواسطة ÚãÑ ÇáÃãíä »

بسم الله أواصل فى هذا الشهر الفضيل
وقد توقفت على باب الدخول لتحجج الأخوين د. النور محمد حمد والأخ الباشمهندس عبدالله الشقلينى بحديث المصطفى ـ عليه وعلى آله أفضل وأزكى الصلاة وأتم واوجب التسليم : " خذوا نصف دينكم من هذه الحميراء".
ولو كان فى المقدور تتبع ترابط جوامع كلم صاحب جوامع الكلم مع بعضه البعض، ورؤية كيفية انسجام بعض حديثه مع كل حديثه بلا تناقض أو تعارض ، لرأينا كيف يعضد بعض حديثة بعضه الآخر، ورأينا كيف أن هذه الكلم فى هذا حديث (خذوا نصف دينكم ..... ) يقول بوضوح حقيقة أن النساء ناقصات عقل ودين بحيث يمكننا استنتاج هذه النتيجة من هذا الحديث حتى ولو لم يقلها صراحة فى حديث آخر صريح.
كيف ؟
وهاك الجواب فى بساطة البداهة وسهولتها مما لا يمكن أن يغيب إلا على ذهن مغيب هو فى أصل تفاكيره. فلو كانت النساء كاملات الدين لما كان من المنطق أن يقال (خذوا نصف) لكان قد قال : " خذوا دينكم من هذه الحميراء" بكماله مما يمكننا أن نعتبر أن الحميراء كاملة الدين يكمل الأخذ منها دين من يحتاج للتكميل. خاصة أنه قد قال فى حق صحابته من الذكور : " أصحابى كالنجوم، بأيهم اقتديم اهتديتم " والإقتداء هنا أخذ لكمال الدين غير متباعض أو متناقص جزئياته. وقال أيضاً : " أنا مدينة العلم وعلى بابها، فمن أراد المدينة فليأتها بالباب) أو كما قال. وفى هذا الحديث تحديداً فالأخذ من أمير المومنين سيدنا على لهو أخذ يبلغ ما هو زيادة فى الكمال والتمام الإيمانى، أى أخذ خاصة الخاصة من علم الخواص الذى خصص به أمير المؤمنين ـ كرم الله وجهه.
والواضح أنه مثل هذه الصيغة البالغة التوزين، إذا ما كانت قد قابلت ذهنية منور لها بنور الإيمان، لفُهم منها أمر نقصان دين النساء ونقصان عقواهم، ذلك النقصان الذى لا يقدح كمال النساء النوعى ولا يقلل من أهلية النساء الذهنية التفكيرية، ولا يعيب النساء فى انسانيتهن أو ينقصها لهن، إنما يشير الى كمال نوعى انسانى له مميزاته الخاصة التى لا تتوفر عند الرجال، ذوو المميزات النوعية الأخرى التى لا تتوفر بدورها عند النساء.
لذلك فالوجود النسائى الرجالى ـ فى انسانيته ـ فهو ليس وجود تنازع و صراع وتسابق، بل هو وجود تتكامل فيه الصفات النوعية لكليهما مع بعضها البعض، فيسد النقص فى هذا بتلك الزيادة هناك، ولا يكتمل هذا الكمال إلا عندما يزود بما يفقده مما هو متوفر فى ذاك الجانب، وهكذا دواليك.
أرجوأن أكون قد تمكنت من الإبانة والتوضيح لهذا المفهوم الشائك المحمل بما لا يحمله حقيقة من معانى.
والفرصة سانحة لك أخى دكتور النور للتعقيب.
وللجميع حبى وتقديرى

صورة العضو الرمزية
ÚãÑ ÇáÃãíä
مشاركات: 328
اشترك في: الاثنين أكتوبر 02, 2006 1:26 am
مكان: حالياً (مدينة ايوا) الولا يات المتحدة الامريكية
اتصال:

مزيد من التوضيح

مشاركة بواسطة ÚãÑ ÇáÃãíä »

بسم الله ما شاء الله
ونعم المصلون على رسول الله
وعلى آل بيته وصحابته ومن والاه.
كل عام وانتم بخير، أعاده الله علينا جميعاً بالخير واليمن والبركات.
وأنا أهم بختم مداخلتى مع دكتورنا الهمام سليل السادة الكرام الأخ النور محمد حمد، أجدنى أتمثل عبارة الأخ الحبيب عبدالماجد محمد عبدالماجد التى تقول: " المطرودة ملحوقة، والصابرات روابح لو كان يجن قُمّاح" وذلك تمثيلاً لما أود أن أبذله من صبر فى انتظار تعقيب الأخ الدكتور النور. فهو مصبور على تأنيه لأسباب عدة منها أنه بجانب ما يخطه قلمه من رسومات كاريكاتيرية بالغة التجويد يملأ بها فراغ ملحوظ فى هذه الساحة التعبيرية الهامة، فإن أطروحة الجمالية وملحقاتها هى مما يحتاج للتروى ومغالبة الإندفاع.
لذلك فقد رأيت أن اتعجل بما كنت أدّخره انتظاراً لموعود التعقيب من الأخ الدكتور، ثم أمضى قدماً بعدها فيما بدأته من ختم للأطروحة، فلا ضير أن يتبدل الحال فيأتى التداخل بعد ختام الأطروحة، ذلك الذى سبق لى وصفه أنه ليس ختاماً مطلقاً بقدر ما هو بداية للمزيد من تشخيص الظاهرة الجمالية فى مختلف تجلياتها.
وفى النفس شيى من حتى التبرم على وصف أخى الدكتور النور لأركان هذه الأطروحة بالجمود كما هو جمود (الفقه العثمانى) الذى أصاب الفقه الإسلامى بمقتل التحنيط بقفله باب الإجتهاد.
التهمة كما صاغها الأخ الدكتور النور جاءت ذات قاعدة ثلاثية منصوص عنها كالآتى:
الأولى : ليس كل ما جاءت به الجمالية الأوروبية باطل. فكثير مما جاءت به الجمالية الأوروبية، وما جاء به فكر الحداثة، ذي سمات كوكبية universal، لا يجوز معه دعاوى التخندق وراء مزاعم الخصوصية، ودعاوي التأصيل القاصرة، فكريا، ومنهجيا.
الثانية : اعتمادى على منظومة الفكر الإسلامي "التبريري"، و"الإعتذاري"، الموروث، الذي يريد أن يقول إن كل ما قاله النبي الكريم، لا تلحق به صفة المرحلية، وإنما هو حي، وفاعل، في كل مكان، وفي كل ظرف، مهما اختلفت الأمكنة، ومهما اختلفت الظروف. هذه البنية المفهومية الجامدة، تثبت ثابتا أوليا، لاتحيد عنه، وهو أن كل ما قاله النبي، وكل ما جاء به القرآن، ثابت لا يتغير!!
الثالثة : ما أقول به من "دوام نقص عقل ودين النساء"، فهو أمر تترتب عليه فروق قانونية، تمس حقوق المرأة في الدستور وفي القانون. وذلك لأن كمال النساء ممكن، إذن "نقص العقل"، و"نقص الدين"، ليسا صفة ملازمة لجنس النساء، وإنما هما سمتان مرحليتان.

وهذا تلخيص يمكن تجاوزه بالرجوع الى مداخلة دكتور النور أعلاه للإستئناس بالمزيد من منطق مداخلته. وما أرجود أن يقبل أخى الدكتور النور والإخوة القراء الكرام بدفوعاتى التالية:
أولاً: لا أجد نفسى راضية أن يبتسر أخى دكتور النور كل جهدها فى تفكيك مقومات الجمالى الأوروبى، فيستند الى اعتراض جزئى أن بعض الجمالية الأوروبية ذو سمات كوكبية. ثم يخلص بعد ذلك مباشرة الى زعم مجانى يلصقه علىّ أننى (أتخندق) تحت (دعاوى التأصيل) القاصرة، فكريا، ومنهجيا.
وبالطبع فلا أستنتج بقدر ما استند الى تناول سائد أن دعاوى التأصيل هو مما يصب فى وعاء أهل أسلمة السياسة المعاصرة، أى أولئك الذين (حشروا) المشروع الإسلامى الكبير فى كستبانة الدولة المعاصرة. وذلك يجلب بالطبع ضمن ما يجلب تهمة (إنقاذية) شنيعة فى نظر أهل الحداثة من جمهوريين ويساريين تتنازعهم أطروحات الماركسية من جهة وأطروحتا (فوكوياما وهاتنتن) من جهة أخرى.
الوزن السليم للحقائق إزاء احساس بابتسار الجمالية الأوروبية فى هذه الأطروحة داخل أطر سلبية ينبغى أن يكون لفت نظر أكثر منه اعتراض. إذ يطالب المطالب بالعدل ذكر محاسن الجمالية الأوروبية جنباً الى جنب مساوئها غير المنكورة فى قول الدكتور (ليس كل ما جاءت به الجمالية الأوروبية باطل). لكن كل العيب يجيئ عندما يعرض (من يحتوى فى داخله على الباطل) لقياد الأطروحة الجمالية الإنسانية على عمومها.
نحن كبشر ، أو أن شئت الدقة والعلمية فقل كمشروع بشر، لا ذنب لنا أن وجدنا مقودنا مربوط بفعل سياسى يسوق جماليتنا (ذات الخصوصية ) لتصير تابعة و مقلدة خلف الجمالية الأوربية رغم كثرة ما تحتويه من (باطل ) معترف به. هنا يصير مبرراً تجاهل (كوكبية) بعض ما تتميز به الجمالية الأوروبية وذلك من أجل تجنب قيادها لجماليتنا فنعيد تجريب باطلها الذى قد لا نتمكن من معالجة أمراضه المهلكة إذا ما استوطنت مفاصل جماليتنا.
عشان كدا أخى دكتور النور أنا ما خاتى على الجمالية الأوروبية ولا معتدى مشيت اتعدى عليها فى ديارها. هى الجاتنى، وهى العملت ليها وكلاء جماليين دايراين فينا بمنطقها الجمالى يكسروا فى بناءات جمالياتنا الثقافية داخل ديارنا الثقافية. بكرة نتلفت جاى وجاى فلا هويتنا الثقافية نلقاها، ولا بيقبل بينا الأوروبيون ضمن تراص صفوفهم الحضارية إلا كتوابع.
ثانياً : أما الإعتراض على الذين يرون كمال وشمول البيان فى حديث الحق ـ جل وعلا ـ و حديث صاحب جوامع الكلم ـ عليه أفضل وأزكى الصلاة وأتم وأوجب التسليم ـ وعلوه على التحقيب الزمانى والمكانى، فذلك له فى هذا التعقيب شأن خاص يختلف عن ما سبق من تعقيبات. إذ ننظر إليه هذه المرة فى كلية لا تتأثر بتجزيئية قضايا الفاعلية البشرية كتولى القضاء أو مناقضة قانون الدولة الخ الخ.
ويظلم هؤلاء أنفسهم قبل أن يجروا احكامهم الظالمة على التنزيل الحكيم ـ قرآن وسنة ـ . فصاحب جوامع الكلم ـ أصلى عليه وعلى آل بيته الى أموت، صلاة لا تنعد ولا تنقض ولا تنهد ـ لا ينطق عن الهوى، بل حديثه ما هو إلا وحى يوحى.
وحديث المصطفى وحياته كلاهما نموذجين يُتأسى بهما. وهما بلا شك تنزيل حكيم جاء وفق هذا النموذج المتنزل. لذلك فقد صار حديثه جوامع كلم، وبلاغ مبين للمكلفين من الناس كافة، من لدن سيدنا آدم الى أن يرث الله الأرض ومن عليها. فمن هم قبل سيدنا آدم ـ عليه السلام ـ فهم ليسو بمكلفين. ولهذا الترتيب التنزيلى شكل اتمنى أن اتمكن من انزاله قريباً، وسنقصّر الحديث على الأمة المحمدية البعدية، أى التى أتت بعد سريان الرسالة الخاتمة.
أكمل بعث مصطفى ـ عليه وعلى آله أفضل وأزكى الصلاة و
اتم واوجب التسليم ـ دورة السلام الثانية التى بدأت ببعث سيدنا آدم ـ عليه السلام ـ وبدأ الثالثة التى سارت بعد انتقاله الى الرفيق الأعلى بحجية آل بيته ودلالتهم على مشروع البنى آدمية البشرى، ذلك الذى سيكتمل ببعث المصطفى الأخير من آل بيته جنباً الى جنب سدينا عيسى الذى هو فى أصله ومنذ بدايته ذو رسالة محمدية.
ويأتى كمال البلاغ وكمال بيانه تحججاً فى يوم سيقال فيه ( يا ليتنى كنت تراباً) فإنه حينها أشرف للتراب ترابيته من انسانية كان عليها أن ترى ما كان بأيديها من نعيم أضاعته ببلادة حسها وحيوانيتها. لذلك فالحجة بالغة، وسيقرأ الكل كتابه بنفسه ويحاسب نفسه بنفسه، وحينها سيكون البلاغ الواضح المبين الذى لا يحتمل أى غموض فى تفسير مقولاته هو دموغ التحجج. لذلك فلم يتحدث المصطفى مطلقاً بحديث يحتوى على أسرار أو علوم مكتنزة مما يمكن أن يتحجج به عليه أن ذلك بلاغ غير مبين. فقد كان ـ عليه وله كل الصلاة والسليم ـ أعدل الناس فى تفهيمه وأوضحهم فى خطابه وأبيتهم فى بيانه و أفصحهم فى بلاغته وإعرابه، فلم يزاوغ الى شوارد أو يوارد الى موارد إلا موارد المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك نفسه بنفسه.
لذلك فقد قال : ( نحن معشر الأنبياء أمرنا أن نخاطب الناس على قدر عقولهم ) .... أى لا قدر عقول الأولياء والأنبياء. وقد التزم ـ عليه وعلى آل بيته أفضل وأزكى الصلاة و أتم وأوجب التسليم ـ بهذا التحديد أيما التزام. وهذا هو سر حديثه الشهير : ( أنا مدينة العلم وعلىُُّ بابها، فمن أراد المدينة فليأتها بالباب ) مقروءاً مع حديثه الذى يقول فيه ما معناه أنه قد تم تعليمه ثلاثة علوم، علم أمر بتبليغه وعلم خيّر فى تبليغه وعلم أمر بكتمانه. أو كما قال، عليه وعلى آل بيته أفضل وأزكى الصلاة و أتم وأوجب التسليم . وضمن ما خيُّر فى تبليغه مما لا يمكن الإحتجاج بصعوبة بلاغه هى علوم الحساب والجبر والكيمياء والفيزياء الخ الخ مما علمه المصطفى ـ عليه وعلى آل بيته أفضل وأزكى الصلاة و أتم وأوجب التسليم ـ لسيدنا على، ثم جعل تعلمها خيار للراغبين إذا ما راموا الترقى فى فهم الرسالة مما يستشكل على ذوى الفهوم الغضة من العامة. لذلك فسيدنا على ناطق بوحى الرسالة المحمدية الخاصة، وهو ليس بنطاق عن الهوى على أى حال من الأحوال، فهو مكلف بأن يكون لسان المصطفى ـ عليه وعلى آل بيته أفضل وأزكى الصلاة و أتم وأوجب التسليم ـ به يكتمل كمال بيان الرسالة الى الخاصة، ويظل بيان المصطفى ـ عليه وعلى آل بيته أفضل وأزكى الصلاة و أتم وأوجب التسليم ـ بيان كامل لا نقصان يعتريه يمكن من أن أن يحتج المتحججون على ضعف بيانه.
وأواصل من هذه الجزئية ان شاء الله.
للجميع حبى وتقديرى.

صورة العضو الرمزية
ÚãÑ ÇáÃãíä
مشاركات: 328
اشترك في: الاثنين أكتوبر 02, 2006 1:26 am
مكان: حالياً (مدينة ايوا) الولا يات المتحدة الامريكية
اتصال:

مواصلة لمحاوراتى مع دكتور النور

مشاركة بواسطة ÚãÑ ÇáÃãíä »


ما زلت أواصل فى الجزئية التى تتصل باعتراض الأخ دكتور النور محمد حمد على اعتبارى لحديث المصطفى ـ عليه وعلى آل بيته أفضل وأزكى الصلاة وأتم وأوجب التسليم ـ حديث ذو ثبات ، أى أنه حديث صالح لكل زمان ومكان. وقد ذهبت فيما مضى من مداخلة الى توضيح كيفية البلاغ المبين الذى أداه المصطفى ـ عليه وعلى آله أفضل وأزكى الصلاة وأتم وأوجب التسليم ـ وكيفية أن حديثه من فرط بيانيته المبذولة للعام والخاص، أتى بما يصلح لإقامة حجة التبليغ المبين. خاصة من ناحية خلوها من أى غموض أو ابهام أو اكتناز أسرار. ولو ورد أى اشكال صعوبة فهم لمستوى عامة الناس بسبب احتواء حديثه على خطاب يمكن أن يقال أنه خطاب للخاصة من ذوى الفهم العالى من أمته، لكان ذلك مبرراً كافياً لاحتجاج ذوى مستوى فهم العامة أن البلاغ ليس مبيناً بما فيه من غموض لا تقوى عليه فهوم هؤلاء.
وإضافة الى ما أوردته أعلاه أواصل متجاوزاً بيان حجيّة البلاغ المبين الى ثبات هذا البلاغ. فقد قال بلسانه الحق جل وعلا : " وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لا يعلمون" 28 سبأ. وكافة الناس هنا تعنى كل الناس من لدن سيدنا آدم ـ عليه السلام ـ الى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين، أى لكل زمان ومكان دون أدنى استثناء فى هذا الخطاب. لذلك فكل رسالات السماء مما حمله الأنبياء ـ عليهم أجمعين السلام ـ مستمدة من رسالة المصطفى. ويأتى التكليف بها بحسب ما نقله هؤلاء الأنبياء مما تم تكليفهم به من أداء لهذه الرسالة المحمدية الواحدة العظيمة. الى أن بعث المصطفى جسماً كتتويج لبعثه الروحى، فجاء مباشرة بحديثة الذى ستظل حجيته الى قبيل قليل من يوم البعث والنشور، حيث سيُرفع حينها القرآن الكريم، إيذاناً بالدخول الى حظيرة خطاب أخر مباشر من الحق جل وعلا. لذلك فقد تقيد الكتاب الكريم بخط متوسط كى يسير الإنسان على هداه. ثم يرتقى الخطاب بزيادة قابلية الترقى عند المؤمنين، لكنه لا يقل مطلقاً. ذلك أنه يشكل الحد الأدنى لرشاد الإنسان فى سيره نحو بنى آدميته. وذلك طريق واحد وسالك سمى بالصراط المستقيم، مندوبة الإنسانية للسير طبق خطاه، أى حذو النعل بالنعل، على اختلاف عصورها ودهورها.
المقابل الإنسانى الأولى الذى يبدأ من المسلمين الذين يسلم المسلمون من لسانهم ويدهم، فذلك يشكل قيمة بنائية أولية من حيث القيم الحاكمة للنموذج الإنسانى فى سيره. والبناء الحضارى اللاحق الذى اختطته التجربة البشرية، لا يزيد عن كونه تجربة دالة على ضعف بين فى كافة المشاريع التى قامت على أمزجة وخيارات انسانية. فهى على عهمومها يشوبها الكثير من ضعف الفلاح والصلاحية، وذلك سار بلا أدنى استثناء منذ مصر القديمة وبابل وأثينا وروما ثم الدولة الأوروبية الإستعمارية الحاكمة الى يومنا هذا. فتطور الأساليب الحضارية لا يعدو أن يكون بناء أسس على شفا جرف هار جراء انعدام الثقافة، والتى تشكل الحارس الأمين للقيم الإنسانية التى تميل بعيداً عن موجبات حيوانية البشر الى قيم بنى آدميتهم وبشريتهم.
وبضرورة منطق الحق، فما يثبت هذه القيم، هو ما يفترض فيه أن يكون المنهج الذى يحكم دوال هذه القيم وبالتالى دوال خطابها. ولما كان أحسن متوسط لتلك القيم ولخطابها هو خطاب جوامع كلم المصطفى ـ أصلى عليه وعلى آل بيته الى أن أموت، صلاة لا ترتد ولا تنهد ولا تنقض ولا تنعد ـ لذلك فهى صاحبة الأمر ثباتاً فى مفاهيمها، وثباتاً فى لغتها البيانية، وثباتاً فى بلاغتها التى تنحل أمامها ذرى أى معنى بلاغى أو فصاحى.
وكما ذكرت، فأمر هذه البلاغة لا ينعقد فى كماله، إلا بعد إضافة لسان المصطفى الى أهل العلم، لسانه الى خاصة أمته، صاحب البيان والفصاحة والفهم المصطفوى الدقيق الذى لا يجارى، لا فى الأولين ولا فى الآخرين، أمير كل المؤمنين بمن فيهم مؤمنى الأنبياء والمرسلين، باب مدينة العلم ، مولود الكعبة الذى لم تخر جبهته لا لصنم المثّال ولا لصنم المال، سيدنا على كرّم الله وجهه.
للجميع محبتى وتقديرى، ويتواصل البحث

صورة العضو الرمزية
ÚãÑ ÇáÃãíä
مشاركات: 328
اشترك في: الاثنين أكتوبر 02, 2006 1:26 am
مكان: حالياً (مدينة ايوا) الولا يات المتحدة الامريكية
اتصال:

ختم المداخلة

مشاركة بواسطة ÚãÑ ÇáÃãíä »

بسم الله، واتمها بالله،
وبالصلاة على رسول الله،
وبمن من صحبه تبعه ووالاه،
وبآل بيته دليل طريق الفلاح وربابنة سفينة النجاة، وبعد،
رجائى أن أكون قد أوضحت فى نقاط موجزة ردودى على اعتراضات الأخ د. النور محمد حمد التى لخصتها فى ثلاث نقاط حول كوكبية ما جاءت به الجمالية الأوروبية، ومرحلية التقرير فى قول المصطفى ـ أصلى عليه وعلى آل بيته صلاة لا تنهد ولا تنقض ولا تنعد ولا ترتد ـ "النساء ناقصات عقل ودين" ، والخطأ فى مطلق اعتبار قول المصطفى ـ أصلى عليه وعلى آل بيته صلاة لا تنهد ولا تنقض ولا تنعد ولا ترتد ـ كقول ثابت لا يعتريه التغيير زمانياً ومكانياً.
وظنى أن النقطتين الأولى والثانية قد نالتا كفايتهما من التبيين. وكذلك الثالثة، إلا قليل من التلخيص والترتيب.
وما أود أن أضيفه هنا هو فقط ترتيب وتلخيص فى شكل نقاط.

1/ رسالة الإسلام هى رسالة واحدة، وذات منهج واحد وثابت ومستقيم وسهل الفهم وليس معقداً. فهى تسير من مبدأها الى منتهاها الى إضاءة عتمات الطريق المستقيم. ذلك الذى يخرج الإنسان من انسانية إقتضت ظروف نشأتها أن تلتصق بحيوانية كانت وما زالت طاغية يصعب لجمها وتقييدها وتثقيفها. وذك للسير الى بشرية تم مهرها بالإرتفاق الى مقام بشريات البنى آدمية.
2/ اقتضت وحدة منهجية هذه الرسالة، أن يكون خطابها حاوياً على مستويات تتناسب وقدر فهوم مراحل الترقى الإنسانى البشرى. فهناك خطاب للإنسان فى حيوانيته الأولى، ثم فى بدائية انسانيته، ثم فى مختلف مراحل تحضره منذ الدولة المصرية القديمة وما حولها تاريخياً، الى معاصر حضارة القرن الحالى.
3/ ما يجده الإنسان من هدى فى أى من مراحل الترقى هذه، ينقله بطريقة آلية من خطاب مرحلة الى خطاب مرحلة أرقى مما هو مبين بوضوح فى صلب الرسالة الخاتمة.
4/ لذلك فالمسلم يرتقى عبر مرحلتين ايمانيتين الى مصاف المسلمين مروراً بمراحل المحسنين ثم القانتين ثم المقربين ثم المتوكلين ثم الأبرار. وذلك دون توقف على شروط هذا الترتيب.
5/ أى خطاب لأى من هذه المراحل، فقد جاء كاملاً ومكملاً لا غموض ولا ابهام فيه. فهو واضح تمام الوضوح لمقابلة أذهان أى مرحلة من هذه المراحل. ويأتى ضمن هذه الخطاب تحرير العقل واخراجه من الذهن، الى حين اكتماله فى حضرة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
اللهم هلا قد بلغ المصطفى ـ أصلى عليه وعلى آل بيته صلاة لا تنهد ولا تنقض ولا تنعد ولا ترتد ـ ببساطة ووضوح وكمال هذه الفهم كاملاً لعقول مؤهلة وقادرة على فهمه فاشهد.
للجميع حبى وتقديرى.
صورة العضو الرمزية
ÚãÑ ÇáÃãíä
مشاركات: 328
اشترك في: الاثنين أكتوبر 02, 2006 1:26 am
مكان: حالياً (مدينة ايوا) الولا يات المتحدة الامريكية
اتصال:

القارئ رقم 29992

مشاركة بواسطة ÚãÑ ÇáÃãíä »

نبدأ بسم الله، ونثنى بالصلاة على رسول الله وعلى آل بيته عظيمى الجاه، وبعد:
حرصت أن أكون القارئ رقم 29992. تفاءلت بأن أكونه فى معرض استعدادى لختم ختمة هذا البوست التى تطاول بها العهد.
وسأعود بإذنه تعالى لنشر هذه الختمة بعيد القارئ 30003. وبعد داك راقد لى فوق راى، أحسن نخليهو لى وقتو.
للجميع حبى وتقديرى وبخاصة للمتابعين الذين لم ينقطع سيلهم وهم يطالعون هذه الوريقات التى أرجو أن يمكننى الله من أن أعيد تجميع شتات شواردها فى كتيب جامع ومانع، إنه بالإجابة جدير ، فيانعم المولى ونعم النصير.
صورة العضو الرمزية
ÚãÑ ÇáÃãíä
مشاركات: 328
اشترك في: الاثنين أكتوبر 02, 2006 1:26 am
مكان: حالياً (مدينة ايوا) الولا يات المتحدة الامريكية
اتصال:

هل انت عاقل؟

مشاركة بواسطة ÚãÑ ÇáÃãíä »

وبعد، فهذه وكما ترون ليست أطروحة جديدة، ولا فهماً جديداً، سيصير الى حجة بالغة فى يوم الحساب والميزان.
وحينها فسنكون مكلفين بالإجابة ضمنما سنجيب عليها هو السؤال:
هل انت عاقل؟
فلو كانت إجابتك بنعم، وكنت واثقاً من عقلك، فذلك يوجب عليك أن تظهر العقال الذى عقلت به للتأكد من مدى كفاءته العقلية وذلك لتفادى أسئلة تالية ستكون:
وبماذا عقلت؟ واين هو ما عقلت به؟ و ما هى قدرة ما عقلت به على إحكام العقل؟
الذهن غير الموثوق بعقال كفء لن يكون عليه أن يجيب بنعم، لأنه سيكون حينها مكشوف الحال فى هيئة مطلق السراح، وذلك بالطبع لا يشمله السؤال الإبتدائي. وذلك هو اليوم الذى يحاسب فيه نفسه فيقول : (ياليتنى كنت تراباً) أى خاماً ولم اتشرف بحمل فضيلة التخليق بكونى ذهناً حتى أكون فاشلاً فى أن اربط رتاجى بهذا العقال الصغير.
النساء لن يسألن عن عقالهن، ولا عن كونهن عاقلات أو متوكلات، وسيكن فى مقام سماح إلهى عريض عن هذه المقصلة الإلهية التى ستدور رحاها طاحنة كل الرجال غير العاقلين.
وهنا يرد سؤال هو من الدقة بمكان:
وهل يرى العاقلون الجمال؟
وقد يتحجج بعض المتحججون بالقول : أن الله جميل ويجب الجمال، فيرددون قوله جل وعلا: ( وجوه يومئذ ناضرة لربها ناظرة). فيظن أن الجمالية العقلانية هى من جنس هذا النظر. وهذا مقام تخليط معرفى ينبغى الوقوف على تفاصيل تفاصيله. وسأعود لذلك ان شاء الله.
للجميع حبى وتقديرى
صورة العضو الرمزية
ÚãÑ ÇáÃãíä
مشاركات: 328
اشترك في: الاثنين أكتوبر 02, 2006 1:26 am
مكان: حالياً (مدينة ايوا) الولا يات المتحدة الامريكية
اتصال:

الجمالية العقلية

مشاركة بواسطة ÚãÑ ÇáÃãíä »

بسم الله، وأتمها بالله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وإلا بالصلاة على رسول الله، وإلا بالصلاة على آل بيته الكرام الثقاة، وعلى مَن مِن صحابته فى حياته وبعد مماته أحبه والاه.
وبعد:
أواصل بعد طول غياب من حيث توقفت، وأتطرق لختم الرسالة بالحديث عن الجمالية العقلانية.
أبدأ فأقول أنى لا أدّعى التربّع داخل حضرة العلم المنيفة، وهى حضرة اكتمال العقل، لكنى استعمل التدليل بالضد على فعالياتها، واستعمل أحياناً أخرى سيرة رجال عاقروها ونهلوا من معينها، لكنهم كتموا أسرارها تأدباً لصاحب هذه الحضرة، وانتظاراً لاطلاقه لفعالياتها.
وحضرة كمال العقل، لا ترْفَضُ من حول الحديث (إن الله جميل يحب كل جميل)، لكنها لا تكاد تعتمد عليه، وذلك لعلمها أن الجمال كما هو معروف عند الإنسان، فهو رؤية ونظر ومشهد. وقد أسهبت فى جزءٍ متقدمٍ من هذه الدراسة حول النظر الذى يقود الى جمال يقع فى الخارج من نفس المشاهد. كذلك تحدثت عن ارتباط هذا الجمال الخارجى بالشكلانية. فغاية التقويم الجمالى البصرى هو جمال الشكل. والشاهد أن تقييم الجمال بشكلانيته يعبر تعبيراً ناقصاً عن قيمه التى يُفترض فيها أن تحوى الجمال البصيروى، وهو جمال لا يرى بالعين المجردة بل بعين البصيرة. كذلك فهنالك جمال معنوى يتصل بمردود المعنى الذى قد يثير فى كثير من مناحيه شعوراً طاغياً وإحساساً بجمال محسوس حساً غير بصرى. وبالطبع فلا يمكن حساب الجمال المعنوى ضمن الجمالية البصيروية، لكنه قد يكون دليلاً يقود إليها بحسب تنبيهه أن الجمال لا يقع فقط فى الشكلانى.
ورغم أن الجمالية العقلية لا تنبذ الشكلانية خارج الإطار الجمالى جملة وتفصيلاً، لكنها مع ذلك تكون متحررة من إسقاطات النفس ـ الأمّارة أو اللوامة ـ عند ترجمتها للجمالية الشكلانية، فإذاما كانت الحريّة حمراء لأن لها باب بكل يد مضرّجة يدق، فاللون الأحمر عندها ليس بالضرورة ملتبساً بهذا الإسقاط، إذ أن حضرة اللون عندها هى حضرة تتغير تأثيراتها كل حين وآن، حتى تعبر حاجز السكون الإسقاطى الى دائرة الإنعكاس الآنى الحى الحار.
واحدة واحدة، جاى راجع عندالقارئ 33133.
للجميع حبى وتقديرى.
أضف رد جديد