ناس الخرطوم

Forum Démocratique
- Democratic Forum
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

ناس الخرطوم

مشاركة بواسطة حسن موسى »


ناس الخرطوم 1

هذه الأسطر تطمح لسرد إنطباعات عابر سبيل على عجلة من أمره ـ و العجلة منها الشيطان ـ بين نواحي الخرطوم و أهلها، و قد كتب علي أن أسعى وراء أزمنة الناس و أمكنتهم و زمني لا يحوق و حيلتي بايظة ،و من بوظان حيلتي أنني أخلفت بعض المواعيد [ و أعتذر للصحاب ] بسبب تباعد المسافات و الخوتة و الإرهاق ، و قيل "الشيخوخة" ،و أنا كما أشاع عني محمد عثماننا الذي رحّب بي[ في "الرأي العام" و هو في أوستراليا ] ، رجل " في مقتبل الشيخوخة". و ذلك بذريعة شهادة ميلادي الذي أشاعت دوائر الإحصاء أنه في الفاتح من يناير[ مثل جميع أهل السودان] من مفتتح الخمسينات،" مقتبل" شنو يا زول، أنحنا الشيخوخة دي زاتها تجري ورانا و ما تلحقنا، و زي ما قال أخونا الفنان التشكيلي القدير حسين عبد الرحيم سالم الجنوبأفريقي ": أنحنا شتـّتنا الشتات زاتو".و الله يا محمد عثمان ـ كان ما نخاف الكضب ـ لو سابقتك هسع دي لسبقتك و أنا على" مقتبل الشيخوخة" الشايفها دي فعليك بالتمرين واستعد من الآن ، و قد جاء في الأثر [ من إختراعي طبعا]:" و علموهم الرياضة و الكتابة و ركوب الخيال" ، شايف؟
أقول قولي هذا و استغفر الله لي و لك و أنا عارف أن " الشيخوخة" في مشهدك تكنّي عن الحكمة، و أنت "ولد خلفاء" يوقرون الكبير و يعلون قدر من رأى الشمس قبلهم و الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه . المهم يا زول، حين نظرت في حقيبة الغنائم المادية و المعنوية التي عدت بها من الوطن المحزون على طور السنين، كان في خاطري الإنتفاع بها كمسند لسرد أيامي العشرة في الخرطوم،و هذه حيلة في الكتابة و بين الروائيين نفر يباشر الكتابة على إستعادة ما ترسب في ذاكرة الأدوات و المتاع.أقول نثرت غنائمي الخرطومية: كتب و قصاصات صحف و بطاقات زيارة و أرقام هواتف محمولة و عناوين تقريبية و أسماء و تصاوير فتوغرافية و غبار إنطباعات و حرباشات لا إسم لها.حاولت تنظيم الحكايات بطريقة تجنبني التكرار و التطويل و قلت أكتبها على طريقة دفتر اليوميات [ من الجمعة للخميس سيما و الحكاية كلها محصورة بين الثلاثاء 22 ديسمبر و و الخميس 31] و كمان أسميها "روزنامة الخرطوم" و أرسلها لكمال الجزولي يسد بيها فرقة عشان أنا عارفو مشغول في عرس "الملكة" أروى،[ مبروك يا أروى و إنشاء الله بيت مال و عيال و فن و أدب و ديموقراطية و حرية و سلام و تنمية كمان ].لكن المشكلة مع منطق الروزنامة هي أن توزيع الحكاوي على الأيام لا يبالي بنوعية الحكاوي التي قد تطول و تطفح عن إطار أيام الأسبوع، و قلت: يا زول اجعل منها "شهنامة" بالمرة، و الشهنامة "كتاب الملوك" ، أزرط من الروزنامة، و هي قصيدة طويلة من خمسين ألف بيت كتبها الفردوسي ليحكي فيها تاريخ ملوك فارس. و بعد أن خلصت من كتابتي في خصوص مقالة محمد عثماننا عن " المصالحة الثقافية" بدا لي أن شكل الشهنامة لا يشفي الغليل و أن من الأفضل أن أجد لـ " تاريخ ملوك الخرطوم في عشرة أيام" شكلا أكثر براحا، و بعد تأمل و تفكّر توصلت إلى أن خلاصي إنما يكون في صيغة الـ " مهابهاراتا"، و هي من أطول الأشعار الملحمية السنسكريتية و أبياتها التي تبلغ مئتي و خمسين ألفا تجعلها أكبر خمسة عشر مرة من الإلياذة..و فرحت بالمهابهاراتا سحابة يومي[ يا لها من عبارة] ثم نظرت في قائمة الحكايات التي تنتظر التدبير من حكايات السفر لحكايات صلاح حسن عبد الله لمنعم الخضر و حسان علي أحمد لعلاء الجزولي و[أخوانه] حسن الجزولي وكمال الجزولي و جرجس الجزولي و إنت طالع على شرحبيل أحمد و حيدر إدريس لحيدر إبراهيم و كوثر إبراهيم و عبد الله علي إبراهيم[يس يو كان و ستين كان]و إنت ماشي على الأمين محمد عثمان و أخوه فتحي محمد عثمان و " أخوهم " حسن محمد عثمان الرسام الملون[ و هو غير أخوهم الحقيقي الشاعر حسن محمد عثمان المقيم في نواحي فاس الماوراها ناس] و محمود عمر محمود [ و هو نفس محمود عمر محمد عمر صاحب " الحصان الأبيض"] و العوض مصطفى و أبوسبيب و أحمد سالم [أبن أخيه ]عبد الرحيم حسين سالم الجنوب أفريقي و لا تنس أبو سفة و النشادر و التلب و الجريفاوي و عادل كلر و ناس الميدان في دارهم العامرة و ناس الرأي العام و عيسى الحلو و يحيى فضل الله و هم في حصنهم الهش الذي يجعلهم فريسة سهلة لكافة أصحاب الأفكار المسروقة[ الناس خلوا كل شي و بقوا على سرقة الأفكار] وناس مركز عبد الكريم ميرغني العامر و إتحاد الكتاب و أتحاد التشكيليين السودانيين و أفراحهم و أتراحهم..
حين نظرت في هذه القائمة الجهنمية باظت أموري من جديد و استقر أمري على الإقتصار على عنوان متواضع بعيد عن أي طموح أدبي من نوع " سيرة ناس الخرطوم"، فكتبته و نظرت فيه من مسافة و حذفت منه " سيرة" فصار " ناس الخرطوم" هكذا بغير حذافير.ترتيب العناوين الجانبية حسب الإعتباط الأبجدي الذي يبدأ بحرف الألف و ينتهي بحرف اليأس و يمكن تجاهله عند اتلضرورة و لو كان عندكم طريقة أفضل من طريقتي فهاتوها ينوبكم ثواب.


[أ] أهــــــلــي:
في المطار ناداني صلاح حسن عبد الله من أعلى شرفة المستقبلين و تصافحنا و تواعدنا على اللقاء مساءا في المعرض المقام بصالة المركز الثقافي الفرنسي، معرض أصدقاء النيل .و هو موعد ضربته لأكثر من صديق قبل مغادرتي لفرنسا.قضيت النهار مع عشيرة الأرحام في أمدرمان ثم قفلت راجعا نحو موعدي الخرطومي في معرض المركز الفرنسي حيث عشيرة الفن التحمت حول معرض الأصدقاء حسان علي أحمد و شرحبيل أحمد ومعتز الإمام و حيدر إدريس و عبد الرحمن شنقل و علاء الجزولي و الفنانة الإثيوبية القديرة جنات أليماو.قضينا الأمسية في السلامات و التحيات و لم أتمكن من مشاهدة الأعمال المعروضة.قلت في نفسي " غدا أمر"، و كان في خاطري مشاهدة الأعمال المعروضة قبيل المحاضرة التي سيقدمها علاء الدين الجزولي، و كان هذا تفاؤلا كبيرا من جانبي.فقد إنقضت الأمسية في السلامات و لم أشهد من المعرض سوى شذرات لا يشفين الغليل. بعدها إلتقيت الأخ حيدر في دار إتحاد التشكيليين و حكى لي ملابسات تأسيس" مجموعة أصدقاء النيل". و كانت المبادرة الأولى من بعض التشكيليين المقيمين في السودان و مصر حيث كانت فكرتهم تنظيم معرض متجول بين مصر و السودان و إثيوبيا .و لم يتحمس المسؤولون السودانيون في البداية للفكرة،[ كالعادة] فسافر التشكيليون بأعمالهم لأديس أبابا و أقاموا معرضهم ، و لاقى المعرض نجاحا واسعا حتى أن وزير الثقافة و السياحة الأثيوبي إقترح عليهم تكوين مجموعة من التشكيليين و المثقفين من دول حوض النيل و القرن الإفريقي " لتبادل الخبرات و المساهمة في توعية مجتمع المنطقة عبر الثقافة عموما و التشكيل بصفة خاصة. و قد كانت البداية هي المجموعة السودانية و المجموعة الإثيوبية، و تم تبادل الزيارات و المعارض". و قمت "الجهات المعنية " فيما بعد بما ينتظر منها و لا شكر على واجب
هذا المعرض الذي أقيم في صالة عرض المركز الثقافي الفرنسي يثبت للمرة الألف حالة اليتم الكبير الذي تكابده حركة التشكيليين السودانيين بدون صالة عرض سودانية مصممة منذ البداية لعرض آثار التشكيليين. و هذا من أبسط واجبات مؤسسات الدولة المعنية بالثقافة ، يثبت المعرض أيضا أن التشكيليين السودانيين فهموا أخيرا ضرورة أن يتولوا أمر حركتهم بأنفسهم دون إنتظار العون من الدوائر الرسمية. و في الفترة الأخيرة ظهرت في ساحة العمل العام التشكيلي مؤشرات إيجابية عديدة على قدرة حركة التشكيليين السودانيين على طرح و تحقيق المبادرات الثقافية و التنظيمية ذات القيمة.أقول قولي هذا و في الخاطر سلسلة المعارض الكثيرة المهمة التي تنظم بالعون الذاتي للفنانين و على رأسها " معرض الملتقى" الذي أقيم في 2008 و الحركة الفاعلة لـ الإتحاد العام للتشكيليين السودانيين بفضل الشباب الناهض المفعم بالتفاؤل رغم ضيق ذات يده الفادح، لغاية مجلة " الوسيلة " التي صدر عددها الثالث بجهد نفر محدود من التشكيليين،بل و لغاية كتب الأطفال التي تصدر داخل السودان و خارجه بدون عون من أية جهة ثقافية رسمية . و يبدو أن الجهات الثقافية الرسمية تعودت على واقع كون التشكيليين شغالين بالعون الذاتي فاكتفت بالجلوس و مراقبتهم من بعيد و كلما ظهرت فيهم" كدّة" ينط فيهم وزير البتاعة الفلانية أو مدير البتاع الفلتكاني و يجي يقص ليهم شريط الإفتتاح و أهو " بيزينيس آز يوشيوال" و ترجمتها في لسان العربان: الخيل تقلّب و الشكر لسجم الرماد.
[ أرجو من الصحاب الذين تتوفر عندهم صور الأعمال المعروضة و صور المعرض أن يتكرموا بتنزيلها فالصور التي في حوزتي نوعيتها لا تسر البصر]
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

ناس الخرطوم2

مشاركة بواسطة حسن موسى »

ناس الخرطوةم 2



[أ]" أطفالنا. "السهام الحية"
" إن أطفالكم ما هم بأطفالكم
فلقد ولدهم شوق الحياة إلى ذاتها
".."
و أن عاشوا في كنفكم فما هم ملككم"..
أنتم الاقواس، منها ينطلق أبناؤكم سهاما حية "
[جبران " النبي"].
كلمات هذا "النبي" الكاتب و الرسام القدير برنامج لا يستغني عنه أي عمل غايته العناية بأدب الأطفال ـ و أنا استخدم عبارة "أدب الأطفال" في مدلولها التخصصي النصوصي و في معناها الجذري الحضاري ـ.ذلك أنه ينظر للطفل كمشروع وجودي مفتوح على كل الإحتمالات و ليس كمجرد نسخة من وجود والديه. مجاز الطفل كـ " سهم حي " ينطلق من قوس أبويه و يتبعه نظرهما الرؤوف القلق أخطأ أم أصاب الهدف، يجعل من الإنشغال بأدب الأطفال مسؤولية كبيرة ، ذلك أن هدف الرامي الراشد ليس هو بالضرورة هدف ذلك السهم الحي الذي يتملك مصير مساره و يملك أن يغير إتجاهه تحت ملابسات و تأثيرات لم تكن في حسبان الوالدين.هذا الواقع يجعل من شاغل أدب الأطفال ساحة معركة آيديولوجية بالغة التعقيد.و في السودان أدب و سجال مهم حول أدب الأطفال مثلما فيه تقليد متصل و ميراث كبير لم يأخذ حقه من النقاش.و قد سعدت كثيرا حين عرفت بأن الصديق الفنان علاء الجزولي سيقدم ورقة حول أدب الأطفال في المركز الثقافي الفرنسي عنوانها :
" واقع كتب الأطفال المصورة، صناعتها و أحوال رساميها و عادات القراءة لدى الأطفال في السودان". و قد نشر نص الورقة في صحيفة الميدان في مطلع هذا الشهر ، أنظر رابط العدد
https://www.midan.net/nm/private/almidan/m2172/m2172.htm
جاءت في ورقة علاء الدين إشارة للدور الكبير الذي لعبته مجلة " الصبيان" كأول [ و آخر؟] مجلة سودانية متخصصة للأطفال.و قد كانت الصبيان تصدر عن دار النشر التربوي[ مكتب النشر] بوزارة التربية و التعليم و هي من دور النشر الرائدة في القارة.و قراء الصبيان من جيلنا و الأجيال السابقة يحفظون لدار النشر التربوي كونها لعبت دورا كبيرا في فتح بصائرهم و أبصارهم على كنوز من المعارف و الآثار الأدبية و العلمية و التشكيلية على صفحات مطبوعاتها.أقول " من جيلنا" لأننا كنا أول جيل شهد إنقطاع الصبيان في 1963 لتحل محلها مجلة بروباغاندا مضجرة إسمها " الشباب و التربية"، أصدرها مكتب النشر في عهد الديكتاتورية العسكرية الأولى. و قد كتب الصديق الفنان الشاعر محمود عمر، الذي عمل رئيسا لمكتب النشر لفترة قصيرة، كتب مقالة شيقة ترصد تاريخ مجلة الصبيان نشرتها " الوسيلة" مجلة التشكيليين الديموقراطيين[ العدد الثالث ، يناير 2009] و قد تطرق محمود لجانب مهم في علاقة الصبيان بالقراء الصغار، ذلك أن الصبيان، من خلال شبكة مراسليها المعلمين المنتشرين في أقاليم السودان " أفردت حيزا كبيرا لمساهمات النشء و مشاركاتهم الكتابية و الإبداعية المختلفة"، و ما زلت أذكر مرة و نحن في المدرسة الأولية نشرت فيها الصبيان رسما لأحد تلاميذ مدرستنا[ الشرقية الخامسة] مع صورته، فكان أن طوّف المدرس بالمجلة يعرض الرسم في كل الفصول و أظننا في ذلك اليوم خرجنا من المدرسة يغمرنا إحساس بكوننا أعلى قدرا من عامة التلاميذ في مدارس الأبيض الأخرى.

و قد حضرت المحاضرة التي أختتمت بمناقشة عامرة ساهم فيها نفر من التشكيليين و الكتاب و الناشرين و طرحت فيها تصورات و قدمت إقتراحات و مشاريع عمل متفائلة و العين بصيرة و اليد كذلك لكن شوف العين لا يكتل غزال إلا في بعض الحالات الإستثنائية، و حيوية التشكيليين السودانيين حالة إستثنائية.
[ سأعود لكل هذا بتفصيل عند تناولي المقبل لإصدارات مركز الدراسات السودانية الأخيرة في مجال أدب الأطفال].
صورة العضو الرمزية
تماضر شيخ الدين
مشاركات: 356
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 9:14 pm
مكان: US

مشاركة بواسطة تماضر شيخ الدين »

(قدلة يا مولاى .....بالسفنجة )



ماذا يفعل الحاسد مع الرازق
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

مشاركة بواسطة حسن موسى »

.

صورة

.
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

مشاركة بواسطة حسن موسى »

.

صورة

علاء الدين الجزولي
المركز الثقافي الفرنسي
.
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

أعراس الفن

مشاركة بواسطة حسن موسى »

ناس الخرطوم 3

[أ] الإتحاد العام العام للتشكيليين و أعراس الفن
لعقود طويلة كان إتحاد التشكيليين في ذاكرتنا مجرد مشروع أو هو موضوع نزاعات و مشاحنات لا تنتهي بين أهل التيارات السياسية المتناقضة التي عبرت العقود الماضية، و قد أدركني فرح حقيقي حين وصلت أمام تلك الدار المتواضعة في هيئتها المعمارية و التي تحمل لافتة خشبية كتب عليها إسم الإتحاد.كان المكان الضيق عامرا بعدد كبير من الفنانين الشيب و الشباب و ما بين .كانت هناك أعمال معلقة على الجدران .و كانت المناسبة فريدة في نوعها، لأن المعرض لم يكن معرضا عاديا و إنما هومجموعة أعمال لأصدقاء الفنان التشكيلي أحمد عمر البطحاني عقدوا ورشة عمل على شرف قران صديقهم الفنان و عرضوا نتاج الورشة في محفل بهيج أطلقوا عليه " زفة ألوان"، و قد قام الإتحاد برعاية زفة الألوان في مبادرة لطيفة أرجو لها أن تتصل، يعني أي تشكيليين عاوزين يعرسوا مطلوب منهم يعملوا لينا "زفة ألوان" مفتوحة للجمهور عشان نخارج الناس من شكل محفل العرس الراهن الخاوي من أي محتوي رمزي أو مشهدي غير شذرات من فولكلور العرس المقطوع من سياقه الثقافي التقليدي، فمشكلة محفل العرس الحضري الراهن يمكن تلخيصها في كون المحفل إنمسخ لحالة مشهدية غريبة ناتجة من سفاح النسخة الخليجية لزفاف المسلسلات المصرية مع نسخة فولكلور الحبوبات السودانيات التي تكفلت ثقافة الطبقة الوسطى العربسلامية بتصعيدها لمقام علامة مميزة [ لوغو] للقومية السودانوية. و مطالبتي بتعميم نموذج زفاف الألوان يمكن أن يتعدّى قبيلة التشكيليين ليطال الأدباء و الشعراء و المسرحيين و الموسيقيين إلخ. و كل زول عاوز يعرس يقوم ينظم لينا محفل إبداعي . بس المسألة عاوزة لائحة تنظيمية عشان ما يجونا الجماعة الطيبين الكايسين العرس ساكت ينظموا أمورهم و يعملوا لينا المعارض مثنى و ثلاث و رباع على زعم أن الله ما شق حنكا ضيّعو.
سأعود للقاء الونسة التي نظمها الإتحاد بمناسبة الصدفة التي جمعت التشكيليين المشتتين بين السعودية و الخليج و فرنسا و أوستراليا و جنوب أفريقيا و .. الخرطوم.
الصور المرفقة
صورة جماعية أمام دار الإتحاد
بطاقة" زفة الألوان"
عرسان الفن
و غنانا المغنون من تشاكيل ألحانهم
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

السهام الحية

مشاركة بواسطة حسن موسى »

سلام يا تماضر جبرين
وينك أخبارك منقطعة النظير
أنحنا ما زلنا في إنتظار عرس فنان لسهمك الحي الذي أطلقتيه فأصاب هدفه في بلادنا.
التحيات لبقية السهام في كنانتك
[ شايفة كنانتك دي كيف؟]
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

مشاركة بواسطة حسن موسى »

.

صورة

.
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

مشاركة بواسطة حسن موسى »

.

صورة

.
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

مشاركة بواسطة حسن موسى »

.

صورة

.
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

مشاركة بواسطة حسن موسى »

.

صورة

.
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

مشاركة بواسطة حسن موسى »

.

صورة

.
صورة العضو الرمزية
ÇáÈÑÇÞ ÇáäÐíÑ ÇáæÑÇÞ
مشاركات: 180
اشترك في: الأربعاء يناير 07, 2009 7:12 pm

مشاركة بواسطة ÇáÈÑÇÞ ÇáäÐíÑ ÇáæÑÇÞ »

يا حسن موسى
نكورك ليكم ما تجو.....!!!!
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

الوسيلة

مشاركة بواسطة حسن موسى »

[و] " الوسيلة"

الوسيلة هي الغاية، خطرت لي العبارة كشعار مناسب لـ " الوسيلة" ،مجلة التشكيليين الديموقراطيين، و هي إصدارة فريدة من نوعها، و أصل فرادتها يتأتى من جهة كونها أول مجلة سودانية مطبوعة متخصصة في الشأن التشكيلي ، مثلما يتأتى من جهة كونها مجلة ثقافية متخصصة تصدر و توزّع بالعون الذاتي للقائمين عليها و هم نفر قليل . في كلمة العدد الأول الصادر في يونيو 2006 أشار المحرر إلى أن إسم المجلة ينطوي على لفتة إجلال للمناضل عبد الرحمن عبد الرحيم الوسيلة سكرتير الجبهة المعادية للإستعمار قبل الإستقلال و الذي عرف" بمساهماته في مجالي الترجمة و الكتابة، خاصة على صفحات الصحف اليومية".
.في محل عمل الأصدقاء صلاح حسن و منعم الخضر كانت نسخ العدد الأخير من " الوسيلة" [ يناير 2009] تحتل جزءا من أرض المكتب.و على غلافها عناوين المواد المنشورة:
ـ 53 عاما من إستقلال السودان.. ماذا حصدنا؟ هيئة التحرير.
ـ ظل وجب عليه مفارقة إعوجاج العود أو نكسة في الأفق. راشد مصطفى بخيت.
ـ الصلحي، العدو العاقل بين فنان السلطة و سلطة الفنان، حسن موسى
عرض لكتاب " التفضيل الجمالي، دراسة في سايكولوجية التذوق الفني"، د. شاكر عبد الحميد.عرض و تقديم عواطف علي محجوب.
ـ الصبيان، المجلة المدرسية، محمود عمر.
الحقيبة، عبد المنعم الخضر.
ـ الفن التشكيلي المعاصر في السودان، محمد عبد الرحمن حسن.
ـ عمل الإتحاد في جمع العباد للتشكيليين البعاد،عبد الله علي الفكي.
دور الثقافة في بناء السودان الجديد، صلاح حسن عبد الله.
ـ الإتحاد العام للتشكيليين السودانيين [ مقترح سمنار المهن التشكيلية]
ـ التشكيل من الحلول الفردية للحماية الجماعية.إستطلاع أسامة عباس، جريدة الصحافة.
المشكلة الرئيسية أمام " الوسيلة" ـ و أمام معظم الإصدارات السودانية المشابهة ـ تظل مشكلة التوزيع، فالوسيلة توزع بالعون الذاتي و من يد ليد و أظن أن في هذا خسارة كبيرة بالنسبة للتشكيليين الذين عرفوا بمقدراتهم التنظيمية و مواهبهم في إبتكار الحلول لأصعب المشكلات. و قد إقترحت على الأصدقاء ـ في إنتظار تأسيس نظام للإشتراكات ـ أن ينظموا سلسة من حملات البيع الموضعية في كل مناسبة يجتمع فيها نفر من المبدعين بحيث يتولى عدد من التشكيليين توزيع و بيع الوسيلة و ذلك من باب القحة خير من صمة الخشم.
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

الكواريك

مشاركة بواسطة حسن موسى »

البراق شكرا على الكواريك و مودة و سلام. إنت بتكورك من وين؟
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

مشاركة بواسطة حسن موسى »

.
صورة

.
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

مشاركة بواسطة حسن موسى »

.
صورة

.
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

شعر الرسامين

مشاركة بواسطة حسن موسى »

[ ش] شعر الرسامين
إلتقينا في بيت الصديق الفنان الأمين محمد عثمان في أمسية الثلاثاء، كانت لمّة تشكيليين و شعراء و غاوين و أخرج تشكيلي من الرعيل الأخير عودا و غنانا و أطربنا و تساءل صديق عن السر في ظاهرة تعدد الغوايات الإبداعية عند التشكيليين و انفتحت مناقشة بلا قاع حول مزايا التشكيليين السودانيين و أفضالهم الإبداعية على حركة العمل العام. و لما كنا أغلبية من قبيلتنا فقد استعنا على صديقنا الكاتب الشاعر بالمنطق و بالكثرة فأسكتناه و أستأنفنا الغناء و كأن شعر التشكيليين أمر في طبيعة الأشياء، لكن التساؤل بقي في قاع الخاطر: ما الذي يجسّر التشكيليين السودانيين على الخروج عن أرض التشكيل و طلب الشعر و الموسيقى و الفنون المشهدية في أقاليم الخلق المستبعدة ؟. كانت جلستنا ذلك المساء ذات نهرين ، و قيل ذات لسانين : لسان الغناء في الداخل و لسان الشعر في الحوش. و كنا نراوح بين هؤلاء و أولئك و نتجاذب أطراف الونسة بين الفجوات. كنت أعرف ـ منذ وقت طويل ـ أن الصديق الفنان العوض مصطفى بين متعاطي الشعر ـ لكن كانت تلك أول مرة أسمع فيها العوض مصطفى يقرأ بصوته بعض من لطائف أشعاره. و العوض من جنس الشعراء الذين يحفظون شعرهم في ذاكرة مرهفة فتخرج كلماته كما لو كانت هي المرة الأولى التي يخرجها للناس.قرأ علينا العوض بعض أشعاره بالفصحى و بالعامية دون أن نحس بالفرق بين الأثنين. ألحيت على العوض أن ينشر أشعاره و جادلت في مزايا النشر الأسافيري فأعطاني إجابة طيبت خاطري و وعد و من ديك و عيك.يا عوض لو كنت تقرأ هذه الكلمة فلا تبخل علينا بما قد يفرّج علينا و على غيرنا بعض من غبن الزمان و ينوبك الثواب .
كان في الجلسة تشكيلي و شاعر آخر هو الصديق العزيز محمود عمر. و محمود عمر من قدامى التشكيليين الشعراء و تاريخه في مقارعة الشعر بأنواعه قديم و متأصل منذ الصغر. و حين أقول: " الشعر بأنواعه" فأنا أعني أن الشعر ككلام منظوم ما هو إلا طرف من حالة وجودية مركّبة يكون التعبير الكلامي فيها إحتمالا بين إحتمالات تعبيرية كثيرة فيها الرسم و الرقص و الحكي و التأمل و ذلك الشيء الذي قد نسميه الكينونة ضمن تداخل الأحوال الوجودية. و محمود لا يحفظ شعره كما العوض،ربما لأن شعر العوض سمعي و شعر محمود بصري، شعر بصري يبذل نفسه كما المنظر و ينتظر من عين القاريء ان تنساب بين الحروف و تتسلق الكلمات و المقاطع قبل أن تهبط نحو القرارات في قاع الصفحة..طالبناه أن يقرأ علينا شيئا من الشعر فأخرج كتيبا صغيرا من جيب جلبابه و أكرمنا و أطربنا بشيئ من أشعار ديوانه الأخير " سيناريو الحصان الأبيض"[ 2006] ...
برزخ الماء
إنها آية الزمن المستحيل
نمتطي صهوة الماء للماء
لا جوف
لا خوف
لا طوق
لا فوق
لا حر يلعق هاماتنا
و لا شجر يُستظل به أو مقيل
مماحكة الجدل الآدمي
لا شيء يطفو
و لا صوت
يعلو على الموج يصانعه ثم يطفو
و يا ماء
يا أيها الساحق الماحق المتلاحق
من أين جئت بنا؟
ثم إلى أين بنا سوف تمضي؟
............


حديث بن سيرين

من حديث بن سيرين..
كل من رأى في المنام ..
حديقة ورد
أو شجيرة رمّان
إنما رأى امرأة لا محالة..
لكنني
مذ رأيتكِ
وردة بزغت من رماد المدن
طوّقتِني
فاحتواني شذاك
اشتريني، إذا، بحفنة ريح
من الوطن المتهدّل في داخلي..
كالهزيمة
إني أسير هواه
و إني أسير هواك

::::::::::::

شكرا للأشياء

كل شيء
تباهى حواليكِ
مطّرحا شكله
إذ تناهى لديكِ
و استعار شفيف معانيكِ
و رتـّب هيئته
كي يصطفيني إليك
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

و شعر الرسامين 2

مشاركة بواسطة حسن موسى »


شعر الرسامين2

نفر قليل من الشعراء انبرى لممارسة الرسم ـ رغم القرب الحميم بين عشائر الشعر و عشائر التشكيل ـ و بين هذا النفر يمثل أستاذنا الشاعر محمد المهدي المجذوب في موقع الصدارة.ربما لأن شاغل الرسم عنده ظل يلازم شاغل الشعر منذ البداية ، و في أسلوب المجذوب الشعري مزاج الرسام الذي ينظر في تراكب الأشياء و الأحياء و يرسم بخامة الكلمات تصاويرا شعرية فريدة في نوعها
أستاذنا الفنان عثمان وقيع الله كان في طليعة الرسامين الذين قسموا طاقتهم الإبداعية بين الرسم و الشعر و الموسيقى و من المؤسف أن شعره لم يجمع بعد في سفر واحد يتيح إضاءة تكامل تجربته الإبداعية .و هناك نفر من التشكيليين من شاكلة أستاذنا الفنان و السينمائي حسين شريف ممن بقي شعره مكنونا في حرز اللغة الإنجليزية فلم يسمع به قراء الشعر السوداني إلا فيما ندر. غير عثمان وقيع الله و حسين شريف هناك أعداد من التشكيليين و التشكيليات الشعراء و الشاعرات ممن لا يعرف شعرهم إلا أقرب الأقربين.فلا أحد، سوى القلة، يعرف شعر صديقتنا الفنانة دار السلام عبد الرحيم لأنها لم تنشره أبدا،[ سلام يا دارو] و لو لم تنشر نائلة الطيب بعض أشعارها في الصحف لما عرف أحد بكلاماتها من نوع
" أنا شاعرة أسقي الكلمة بكفي .."
[ أنظر نص قصيدة " الفاشست و البلور" في الرابط
https://sudan-forall.org/forum/viewtopic ... 1031#16423

ديدي بين اللغات
و على سيرة البلور فقد سعدت أيما سعادة يوم أهداني الصديق الفنان و الموسيقي [و الممثل أيضا] الدرديري محمد فضل [ ديدي] ديوانه الشعري المعنون " أشعار"و الصادر عن دار نشر "سو برس" بأثينا عام 2001 .و الديوان يحتوي على أشعار بالعربية و بالإنجليزية و ترجمات بالإغريقية و تصاحبها رسومات بالأبيض و الأسود بريشة الدرديري.
نظرت في ناحية الأشعار المكتوبة بالإنجليزية و قرأت:
MUSES
Love !
Oh Art cast an eye,
The past is painful
The future is dark
Love, love hug me
Hug meb, cardle me to
The bones.
Stir me stripped
No land
No memories
No childhood
As Art wandering
Freely gazing from above
Thou, Art never die.

Athens, 1999
بين فخذي المدينة
فساد الأمكنة ... هنالك
على حافة الدماغ...هنالك
في العمق حيث عشعشت
في الزوايا بين التراكم و الركام
نسجت العناكب خيوطها
و اعتلاها الغبار.."
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

شعر الرسامين 3

مشاركة بواسطة حسن موسى »


شعر الرسامين 3


نور على نور:

النور الأول
أذكر مرة في صيف 1987 وصلتني رسالة من الصديق النور حمد، و كان يقيم وقتها في السودان على حزن غضوب. و انتهت رسالته تلك بعبارة يائسة " و على كل فبلادنا ملأى بخيبة الأمل من كل الأنواع"..أرفق النور مع رسالته تلك" قصيدة ، بلا عنوان ، وصفها بـأنها " قصيدة من أشعاري الجديدة بعد أن هجرت الشعر لـخمسة عشر عاما".اليوم ردتني تفاكير " شعر الرسامين" لرسالة النور فنبشت أضابيري و أخرجتها و قرأتها مجددا فوجدت فيها صورة رجل يحفر في مطمورة الوجدان و يزيح التراب ليستخرج من طياته درع الشاعر و يتجمّل بالقصيد ضد هجوم القبح الجارف في سودان نهاية الثمانينات. و تلك عادة معروفة عند شعب الشعراء كلما تحالفت عليهم كوارث الطبيعة مع كوارث السياسة . لا أظن أن القصيدة نشرت من قبل و استميح النور عذرا لو أزعجه نشرها هنا :

"
1
أي شيء كنت أستدعيه في عينيك
يا ذات العيون العسلية؟
أي موت فيك أرجو؟
هل لأني
عندما ضجّت بقلبي
عاديات الريح فجرا
كنت أنداح بريقا
في أضابير كياني؟
أم لأني، و لأمر، كنت أستبقي
إئتلاقات المعاني
كلما استحصد في قلبي
صدى الخاطر يسعى
لطلاق الروح
في شطآن هاتيك المروج السندسية
أم لأني قد حلمت اليوم في قيظ الظهيرة
أن ركبا من فراشات يغني
طاف بالقرية يسعى منشدا لحنا شجيا
فارقدي في كفـّي الراعش يا حورية النيل الفتية
و اطمئنـّي
حيث أني جئت للشعر حفيا بك
يا عصفورتي ثمّ حفيّا
و اشربي من هام تاج الورد
رِيَّ النفس
وامشي
همهمات تستحث الخطو للسوح الندية
××××
2
أي عتق كنت أرجوه لروحي
من خرافات القبيلة؟
من عبادات الطواطم
من ضياعي
وضياع العقل في قاع القماقم
يا رجالا يمزجون التبغ بالكلمات
يستحيون عِرض النيل
في كل المحافل
و يلوكون أحاديث عن الحرف المقاتل
ليس في الجبة غير الوجد و الشوق و غيري
فاهرعي فالطلق قد أضفى
من الرونق بحرا
شق صدري
و اكتست زغب الحواصل
×××
3
جيء بي للسيف مخفورا بأرجاس المدينة
و أنا لست حزينا
فالأماسي جرّعتني كل أوشاب التلقي
و غدا همّي الترقي
يا عصارى الصيف و الأطيار عادت
أين مني صدرك الحاني
و أين النطع كي أنحر نفسي؟
ثم اهذي بالذي يأتي
و لا يأتي دواما
فالأراجيف توالت
و تعالت
و استطالت
فأتني بالنطع كي أنحر نفسي
آه يا توأم روحي
آه يا مغرب شمسي
آه يا قنديل رمسي
أين أنت؟
أين مني؟
أين أنت؟
×××
تبا لكل هؤلاء الرسامين الذين يلقون الشعر على الأسماع الصديقة في آخر الليل أو يقيدونه على وريقات تتكرمش في تلافيف الجيوب إلى أن تلقى حتفها في الغسيل و آخر الداء الكي.. تبا لهم إذ يجعلون من الشعر شأنا سريا و يعبرون ظلام الوجود وفي كناناتهم أسهم القصيد المضيئة تستنكف عن كشف الهدف، و ما الهدف؟مندري؟؟
أظن أن أكثر ما يميز شعر أصدقائي التشكيليين هو كونه يصالحني مع الشعر كصناعة إبداعيةـ و أنا ـ بطبعي [ طبع صانع التصاوير الذي يناصر المصورين على عداهم] ـ أتحسب و أرتاب في مبدأ الشعر نفسه، و صناعة الشعراء تلهمني الحذر ربما لأن خامتها، الكلام، تمثل كمستوي من سوء الفهم الطوعي المباح للغاشي والماشي ـ و أظن أن شعر أصدقائي التشكيليين يصالحني مع الشعر، ربما، لأني أجدني فيه في موضع حظوة القريب الذي يدخل " مطبخ" الشاعر و يرقبه و هو يطيب غذاء الوجدان من طين الكلام. و أظن أن شعر الشعراء البعيدين من مبدأ التشكيل [ اللعب بالأشكال] يمثـّل، بطريقة ما ، نوعا من إستحالة منطقية كونه لا يبالي ببُعد الشكل إلا من حيث هو كمنفعة عملية لتوصيل مادة الأدب[ البروباغاندا السياسية أو العاطفية ]. و أظن أيضا بأن واقع الإستخدام النفعي للشكل الشعري يؤدي بأهله غالبا لهجران الشعر بعد إستنفاد أغراض البروباغاندا[ و ثمة قولة شهيرة منسوبة للشاعر الروسي يوفتشنكو فحواها: من الصعب نظم الشعر بعد الثلاثين..و أظن أن الرجل كان يعني طائفة الشعراء من ذوي الشكل الواحد حين يصلون لنهاية مطاف شكلهم. ولتمحيص هذا الأمر، أمر مبدأ التشكيل في الشعر، فنحن بحاجة لبراح أرحب و لوسائل أكثر كفاءة مما هو متاح هنا،لكن أهلنا قالوا : القحة أخير من صمّة الخاطر،و الحمد لله على كل شيئ.
النور الأحمر:
في كلية الفنون تعودنا على الفرز بين النور محمد حمد و النور أحمد علي بتعريف الأخير بـ " النور الأحمر" تنويها بلون بشرته الأدخل في مايسميه السودانيين " الحُمرة"،و قد طابت لنا ـ و ربما للنور نفسه ـ صفة " الأحمر" لما كانت تنطوي عليه من إشارة للون النور أحمد علي السياسي،وقد كان رئيسا لتنظيم الجبهة االديموقراطية بكلية الفنون في مفتتح السبعينات..
" سهو الآتي" ديوان شعر من إصدار دار الإنتشار العربي [ 2004] مكتوب عليه " الإخراج و التصميم و التنفيذ و الرسومات و الغلاف" من عمل النور أحمد علي. و هو نفس النور أحمد علي الشاعر التشكيلي المتمرس الذي مزج في هذا الديوان بين خبرة الشاعر و خبرة التشكيلي فخرج ديوانه كأثر تشكيلي مبتكر، النص الأدبي فيه يتضامن مع النص البصري ليجعل من الديوان خلقا فريدا بين أنواع فن الكتاب.و الشعر التشكيلي، و لو شئت قل : التشكيل الشعري،عند النور، يبدأ من الغلاف المركب من تصميم بالحبر مع خط العنوان " سهو الآتي" [بقصبة الصديق الفنان الخطاط السر حسن].و الشعر هنا يسابق التشكيل فيحضر في الغلاف الأمامي في المقطع:
" الملك الممسوس خلف الباب
يراقب الأطفال و الكتـّاب و الكتاب
و الجند و الحراس في الحديقة
يراقبون مولد الحريقـــــــــة "
فكأن االقارئ يدخل في متن الكتاب من مقام الغلاف / الباب ، و حيلة المصمم ـ أم هي أريحيته ـ تلغي الباب بحيث يجد كل من يقرأ العنوان نفسه في المتن.. ثم يهدي النور ديوانه لرمز الحكمة الشعبية و التمرد على السلطات :الشيخ فرح ود تكتوك حلال المشبوك في إهداء/ قصيدة نصه:
" إلى ود تكتوك
تاج الكلام أنت.
و أنت تقرأ النهار، و تحرس الديار بالعمار
فكيف تحُضـّني أن اصطفيك؟
و أنت مملكة مسيّجة بآلاف الحكايا
مكوار أيقظت الهوى في الروح
حرّرت الكلام من الكلام
أمّمت المرايا "
و الديوان مركب من جملة من التصاوير بالأبيض و الأسودأ بعضها مستقل بصفحته و بعضها الآخر يحتل أعلى صفحات النص.و النص مقسم لعدد من القصائد الطويلة تتقسم كل واحدة منها لمقاطع تطول أو تقصر حسب مقتضى الحال الشعري.
و من قصيدته الطويلة المعنونة " القافات" [ 20 مقطعا] و التي تبدأ بـ " ق التوحد " و تمر على " ق الخلق" و" ق الشبهات" و ق البوح" إلخ.. أختار" ق الريح" [ ص 21] كونها تبذل نفسها مثالا طيبا على نوع الشعر البصري الذي ينتفع بمكائد التصميم التشكيلي وبالتنضيد الطباعي كطريقة في تصعيد الكتابة الشعرية لما فوق مقام الكلام المقيد على الورق، فالنص [ في " ق التشرد " و " ق الشبهات و" و" ق الريح"] منظم بطريقة تتيح قراءته بالطريقة التقليدية التي تراعي التتابع المنطقي للأدب كظاهرة زمانية " كرونولوجية". لكن نفس التصميم يملك أن يحفز القارئ ـ و لو شئت قل المشاهد ـ لأن يقرأ القصيدة كما تقرأ الصورة، كظاهرة مكانية، بدون حظوة خاصة للمنطق الكرونولوجي.أو على الأقل ، فقد قرأتها أنا كذلك ، قافزا من سطر لآخر يجاوره و وجدت لها مذاقا مخالفا. هو مذاق الصورة البصرية التي تمنح المشاهد حق الدخول إليها من أي موضع يشاء.
[ أنظر الصورة]
و أظن ، غير آثم أ أن النور، في هذا المسعى التشكيلي ، يدين ـ مثل كثيرين ـ بالكثير للشاعر التشكيلي محمد عبد الحي ـ و أقول :"الشاعر التشكيلي" في معنى الشاعر المهموم بالشكل البصري للقصيدة[ بالذات في" العودة إلى سنار"] . و النور يعي هذا التأثير و يحفظ لعبد الحي [ الصديق] "قارئ الماء و حارس مملكة العمار" حقه بطريقة شاعرة في قصيدة " ديك الجن":
"
[1]
شجر الطلح على النهر أضاء
ناشرا كل طيور الظل للنهر رداء
و على الشط
مناجاة و أشجان حميمة
تغزل الدمع وشاحا للنساء
و تساقي الرمل و الماء شجون الأوفياء
يا صديقي
ثمر الكرخ الذي أحببته
دسّ في أعطافه طعم الدماء
و انثنى ينشر ألحان الهزيمة
2
و طيور الماء عند الشجر الكالح
تزهو
ثم تزدان بصمت الكبرياء
3
و المدى ليل
و ديك الجن في الصحراء مذبوحا يغنـّي
آه.. يا صمتا من الشعر و مني
عبّأ الجرح رمادا
و انتظرني
ريثما يزهر دنـّي
جرحه أزهر ماء
4
كان ديك الجن مهموما بتطبيب النساء
كان عند الليل يرتاد الحوانيت الكئيبة
يزدري صمت الحيارى بالغناء
كأسه نار و في القاع رماد
و إذا ما أشرقت في روحه
روح الغناء
صاغ من ثوب بلاياه بلادا و بلايا و نساء
5
يا صديق البحر
أعفتني سنون الكدح و العفـّة
عن دمع الرياء
6
من ترى يغسل عهر السمك الميـّت
في صيف المفازة
أوترى يشعل صمت النار في هذا الهباء
7
يا صديق الصمت
في البحر الحريق
و على النطع بقايا وجه محبوبتك الأولى بسنار
القديمة
حجرا يشهد ميلاد الجريمة
::::::::
في أعلى صفحة الغلاف الأخير عبارة:
" الآتي حالة كون الرجل ينتسب إلى فعله"

أضف رد جديد