وثائـــــــــــــق .. مُهـــــمـَـــــــلة .. !!

[ياسر عبيدي]

معذرة للمتابعين ... حدث خطأ فى ترتيب الإقتباس من كتاب (سعد الدين فوزى) و تم تعديله فى بداية الإقتباس مع إضافة فقرة جديدة فى الرسالة المعنونة: (تكوين لجان الورش) ..

فمعذرة لهذا الخطأ فى الترتيب ..

[ياسر عبيدي]

مراجعات و تصحيحات:

1) كنت فى الرسالة المعنونة (مدرسة الصنائع عطبرة) ذكرت عن الصور الخمس المعروضة أعلاه لطلاب هذه المدرسة، بأنها تعود لدفعة تتكوّن من إحدى عشر طالباً منهم خرج رواد الحركة العمالية السودانية. و لكن بعد تكبير هذه الصور و إعادة تحميلها لاحظت أن مجموعة الإحدى عشر طالب فى كل صورة تختلف عن الأخرى فى بقية الصور، و كأن الدفعة تتكوّن من 55 طالب و ليس 11 فقط. و تفسيرى لذلك أن مجموعة الـ55 كانت مقسّمة إلى خمس مجموعات، و قد يكون أن كل مجموعة منها كانت تـُقيم فى عنبر داخلية منفصل، و أُخِذَت لكلٍ منها 5 صور و هم: فى ملعب الجمباز و فى أزياء الكشافة و الدراسة التطبيقية و كرة القدم و الرّاحة. و لابد أنه ـ للذكرى و التاريخ ـ أن دفعة الـ55 تبادلت الصور فإحتفظت كل مجموعةٍ أو فردٍ منها بصورةٍ لواحدةٍ من المجموعات الخمس فى هيئةٍ مختلفة.
و بالتالى يكون التعديل:

حيث من دفعة الـ55 هذه بالتحديد خرج بعض روّاد الحركة العمالية مِمَّنْ قدحوا شرارة العمل النقابى فى السودان.

2) كذلك إختلطت علىّ الأمور و تشابه علىّ البقر فيما إذا كنت رسمت (تولستوى) أم (دافنشى) كما ذكرت أعلاه فى تعقيبى على مُداخلة د. (النور حمد)، و يبدو أننى قد رَسمت الأخير مرّتين، مرّة بقلم الرّصاص ثم نفس الرّسمة مرّة أخرى بألوان الماء. و لأن الخلط كان مصدره ـ فى ماعدا شكل الأنف و إلى حدٍ ما إتجاه زاوية الوجه ـ تشابه الوجهين من حيث الصلعة الأمامية و الشعر المتساقط من الخلف و العيون الزُرقْ و الحواجب الغزيرة، و الشارب و اللِحية الكـثــّة اللّذَينِ بالكاد يسمحان للشفتين بالظهور، و إشتعال كل ذلك شيبا. و لأن حصولى على كتاب (تولستوى) و رسمى لـ(دافنشى) كانا فى نفس الفترة تقريباً، فقد حسبت رسمى للأخير بإعتباره رسماً للأول. غير أنـّى أذكر جيداً الآن أن الرّسمتين كانتا لـ(دافنشى) و ليس لـ(تولستوى). و يبدو أننى لم أكن أجد وقتها فارقاً بين ملامح الإثنين. و قد أكون جمعت بين ملامح الشخصيّـتين معاً فى نفس الرّسم. ذلك أننى عثرت على نسخةٍ أخرى قديمة جداً لنفس كتاب (ليو تولستوى) بغلاف مقوّى، طباعة المطبعة العصرية بمصر، لصاحبها (ألياس أنطونى ألياس/ 6 شارع الخليج الناصرى بالفجالة بمصر ـ بدون تاريخ) و لم أعثر على الرّسم بألوان الماء حتى الآن، و قد ذكّرنى عثورى الآن على هذا البورتريه بقلم الرّصاص لـ(دافنشى) .. أننى كنت حينها قد ألصقته على الغلاف المقوّى لنسخة كتاب (تولستوى) القديمة هذه ذو اللون الرّمادى السّادة حتى يبدو، فيما أظن، كصنوهِ كتاب الهلال الملوّن الجميل:




للمقارنة مع بورتريه (دافنشى).

[ياسر عبيدي]

تابع الإقتباس من (سعد الدين فوزى):

كان تكوين لجان الورش نتيجة لمبادرة من لجنة العمل، و هى هيئة إستشارية تكونت لأول مرّة فى عام 1921، و فى عام 1936 أعيد تكوينها بواسطة الحاكم العام، و هى تتكون من عدد من مديرى المصالح الحكومية تحت رئاسة السكرتير الإدارى، و تتمثل مهامها فى الآتى:

1) العمل كهيئة إستشارية للحكومة فى كل ما يتعلق بشئون العمل و العمال (المحليين و الأجانب).
2) مع أنها ليست هيئة تنفيذية، إلاّ أنه لها حق المبادرة بالإجراءات التنفيذية التى تعتبر ضرورية، شرط موافقة الحاكم العام عليها، و لها حق التأكد من تنفيذها بالشكل المطلوب.
3) أن تـُمثـّل فى أى مفاوضات حول مشاكل العمل بين حكومة السودان و أى أطراف أخرى، و أن يقوم حكام المديريات و رؤساء المصالح و قوة دفاع السودان بالرجوع إليها قبل الدخول فى أى عمل قد يؤثر فى المستوى العام للأجور أو فرص العمل.
4) أن تطلب أى معلومات خاصة بقضايا العمل، و أن تطلب موظفى الإدارات و غيرها لحضور إجتماعاتها.
5) إختيار أى من موظفى حكومة السودان للعمل معها كأعضاء، مؤقتين.

فى عام 1945 تحركت اللجنة، بعد سنوات من الجمود، و بدأت تركز على وسائل و طرق تحسين شروط العمل، ففى إجتماعها السادس عشر، الذى إنعقد فى مايو 1946، قامت بدراسة الفصول الملائمة من كتاب وزارة العمل البريطانية المعنون Industerial Relations Handbook (طبعة 1944) الخاصة بتنظيم و أغراض المجالس الصناعية المشتركة و لجان الورش:

صورة لغلاف كتاب وزارة العمل البريطانية (1)

و كانت اللجنة قد أخذت، وقتها، بالرأى الذى يقول:

"إن السودان لم يصل بعد المرحلة التى تسمح بتكوين تلك المجالس أو بأن تلعب أى دور مفيد." و عموماً، فقد كان الرأى أنه يمكن الشروع فى تكوين لجان العمل. لذلك وجهت اللجنة سكرتيرها إلى: "الإتصال بكل المخدمين الكبار فى السودان، سواء كانوا فى القطاع الحكومى أو فى القطاع الخاص، لشرح طبيعة لجان الورش بتفصيل كامل، و توضيح أن لجنة العمل تشجع تكوين مثل هذه اللجان، فى أى مكان تتوفر فيه شروط تكوينها، و ذلك، بشكل عام، لمصلحة العمال و اصحاب العمل فى نفس الوقت."

كان هذا الإقتباس المطوّل من كتاب (سعد الدين فوزى) ضرورياً إستكمالاً لما ورد فى كتاب (الطيب حسن الطيب) حتى تتخلّق أمام ناظرينا صورة أشمل و أكثر تفصيلاً عن تلك الحقبة من تاريخ السودان و الحركة العمالية على وجه الخصوص. إن الصورة البصرية لأى تاريخ مهمّة للغاية و بالنسبة لتاريخ السودان نجدها معدومة تماماً، لذا يعانى السودانيون من ضعف الذاكرة التاريخية. من أجل ذلك سنحرص على الزّج بأى تفصيل قد يساعد على توسيع زاوية المشهد التاريخى فى سبيل تخليق صورة بصرية عنه. و قد قصدت بالإقتباس الطويل التمهيد لعرض الوثائق التالية التى قد تـُسهمُ فى صناعة هذه الصورة.
.......

ــــــــــــــــ

1) وقعت على هذا الكتيّب ضمن محتويات مكتبة الوالد و لكنه تاه منى وسط "الزحمة" و حتى الآن فشلت فى العثور عليه. سأضع صورة غلافه فى مكانها حال عثورى عليه، و كذلك أى أوراق قد لها علاقة بهذا الموضوع.

[علي عجب]

ياسر عبيدي سلامات


استمتعت بهذا المجهود الرائع......ومتابع

بانتباه
لك الود

[ياسر عبيدي]

عزيزى على عجب

سعيد بإستمتاعكم .. و أقبل وافر شكرى على المتابعة و الإهتمام.

عاطر التحايا ..
ـــــــــــ

مقدّمة أو"ترويسة" قوائم توقيعات العمال

إن ما جاء فى كتاب (سعد الدين فوزى) عن معلومة جمع توقيعات العمال تأييداً لفكرة قيام لجنة تمثلهم أمام المسؤولين الإستعماريين و تدافع عنهم و تحمى مصالحهم، و لم يأتى (الطيب حسن الطيب) على ذكرها، هى عبارة عن قوائم كُتِبَ أعلى كلٍ منها مقدمة صغيرة، و لأن هذه المقدمة لم يكتبها شخص واحد لإختلاف الخط المكتوب بها فى كل ورقة ـ و قد يكون لأن فكرة اللجنة لم تتضـّح جيّداً و كانت مشوّشة، أو بالأحرى لأن العمال كانوا يحاولون إخفاء نواياهم الحقيقية عن الإنجليز بما كانوا يهدفون إليه من وراء إنشاء لجنة قد تتطوّر لاحقاً إلى تنظيم نقابى كبير ـ نجد صياغة هذه المقدمة (كما واضح فى الوثيقة [1])، و التى جاءت هكذا:

هيئة شؤون العمال

لقد فكر بعض من العمال بإنشاء جبهة لتنوب عنهم فى مطالبهم و هذه الجبهة سـُميت بـ(هيئة شؤون العمال) و لا يخفى عليكم بأن هذه الهيئة إن لم ترتكز إلى مجموعة تشد أزرها سوف لا تكلل أعمالها بالنجاح فمن كان منكم مؤمناً بهذه الفكرة و مؤيداً لهذه الهيئة فاليوقع إسمه أدناه و شكراً.

ثم يلى ذلك قائمة توقيعات العمال.

تختلف بشكل طفيف فى القوائم الأخرى. و لكن مقدمة قسم الهندسة فى الوثيقة [2] التى تليها جاءت بشكل مختلف تماماً:


حضرة رئيس لجنة شؤن عمال السكة حديد التمهيدية
المحترم

نتقدم و نرفع إليكم بكل إجلال و إحترام هذه العريضة نحن عمال مصلحة هندسة السكة الحديد الموضـّح أسماؤنا أدناه لإنضمامنا تحت إشراف لجنتكم الشريفة التى ستتولى النظر فى شأن مظلمة لأى عامل مصلحية أو خلاف ذلك بالطرق المشروعة و إعانة المنكوبين و وقع إختيارنا على ..................... بالنيابة عنا و تفويض إمورنا تفويضاً تاماً فى جميع ما يخص بنا و ما تختاره اللجنة العامة و نرجو الله أن يكلل مساعيكم بالنجاح و السلام.

ثم يلى ذلك قائمة توقيعات العمال.

............

[ياسر عبيدي]

.. عن هذه القوائم لتوقيعات عمال السكة حديد بعطبرة عام 1946، تشهَدْ الأوراق التالية المُلطـّخة بالزيوت و الزِّفِتْ مِن جرّاء آثار أيدى العمال و بصماتهم. و يمكن تصوّر كيف كانت الورقة تمُر خِلسةًً عليهم للتوقيِع عليها أثناء تأدية عملهم، و هم فى غاية الحرص و الحذر عسى أن يراهم "الخواجة" باشكاتب الورش ذاك الفظ الغليظ القلب.
إستدعاءً للتاريخ، و إجلالاً و إكباراً لهؤلاء العمّال الشجعان، اللذين ضحّوا بالكثير من أجل تثبيت العمل النقابى فى السودان ثم غابت ذكراهم و إنطوت فى غياهب النسيان، لنحرص على قراءة الأسماء فى هذه القوائم فرداً فرداً:

الوثيقة (1)




الوثيقة (2)



..............

[ÚÈÏ ÇáÛäí ßÑã Çááå]

الحبيب، استاذ ياسر عبيدي..

كم سعدت بهذا المجهود الخلاق في التوثيق،
ولمرحلة مهمة جدا، تكاد تؤشر ما اعقبها من مراحل، في فهم الوطن... وتلك النخبة التي قادت البلاد لما عليه الآن، من مثالب ومزايا...وخاصة الحركة العمالية، وما جرى في مدينة عطبرة، والتي لا شك، دفعت ثمن صدقها، وثورتها، هذا الاحجاف، وسوء الظن من الحكومات الوطنية "طبعا مجازا، حكومات وطنية"، اعقبت المستمر، فرأينا الاهمال الحصل..

من الكلمات الغريبة، التي ذكرها استاذ محمود لتلاميذه، حين يزورن مدينة عطبرة هي زيارة المقابر، فقد قال لهم "انهم شهداء الرزق الكفاف"، وهم جماع من قبائل شتى، ومدن شتى، جمعهم المكان، والظلم؟ والكفاف..

انا مؤمن بأن التاريخ سر الحياة، وبأن الحاضر هو ابن الماضي، ومن يجهل ماضيه، يجهل جذوره، وطاقاته، ويترنح في مستقبله، فاللحظة الحاضرة، حتى على مستوى الوقت، والفيزياء، والكمياء، وعلوم أخر، هي أبنة اللحظة الفائتة، تحمل حرارتها، أو برودها، أو سرعتها...

فقراءة الماضي، بكل تفاصيله الصادقة، يشئ بكثير من العصب، والخلايا الميتة في جسد تاريخ الوطن، ويؤشر امراض خفية، ومقدرات منسية في جبلتنا، وقدت في تاريخنا، ولكنا نعاب كقصيد المتنبي... كنقص القادرين..

يجب مراجعة التاريخ، ومسأئلته، ومحاسبته، وعشقه، وإدرك كنوزه الغائبة، وفهم طريق سيره، وتفكيك بنيته... فالحكوما تطمس التاريخ، وتدفنه، لحسابات وقتية، (الاسلام يجب ما قبله)..

سعيد بهذا الدفق التوثيقي الهام.. وسعيد أكثر أني اراك كلفا به، سعيدا به، وهذا اس التوفيق، وكما يقول شيخنا الطيب صالح، أن العمل بمحبة يكشف الكثير، ويعني على الفهم الماهل، ويضئ المعتم من القضية المعالجة

وعلى المستوى الشخصي، أضاف لي هذا العمل الكثير الكثير، بل واسعد وجداني،
ولي قدام، ومتابعة صادقة..


والله كنت اود كتابة مداخلة في البوست، مقبل، ومن بدري شديد، ولكن آثرت هنا، كي لا افسده، وأتركك تتداعى، فأحيانا المداخلة تفسد تسلسل البوست، وزي ما بقول (ما تقطع حبل تفكيرنا)، ولاشك فتح البوست الكثير من التساؤلات، والهموم..

ملحوظة،..

وبمناسبة بابا كوستا، هل تصدق كنا مهمومين ومعي الاخت الشاعرة نجلاء التوم لكتابة نص عنه، وهجرته، وعوده ابنه، ..

عميق الاعجاب لهذا المجهود الكبير، الصادق..


تحياتي..

[ياسر عبيدي]

عزيزى .. عبد الغنى

أعلم – من رسالتك تلك - إهتمامك و مشاعرك النبيلة تجاه عملى هذا فى عرض هذه الوثائق، و الذى سأظل أعتبره متواضعاً و لا يرقى لمستوى التوثيق العلمى لحدث تاريخى فى حجم تاريخ الحركة العمالية السودانية، و أتمنى أن يظل الآتى هكذا مفيد لديك فى مسيرة هذا "البوست" الطويلة. عميق شكرى و تقديرى للإهتمام و المتابعة.
و قد فاتنى أن أسبق الوثيقتين أعلاه بهذا الإقتباس من (سعد الدين فوزى) الذى يذكر فيه بالتحديد معلومة جمع توقيعات العمال تأييداً لفكرة قيام هيئة العمال. كما بالإقتباس معلومات أخرى عن عملية تكوين الهيئة، ثم سنواصل بعد ذلك تحميل بقية قوائم توقيعات العمال.

و أقبل عميق شكرى و تقديرى لشخصكم الكريم.
ـــــــ

الإقتباس:

{ و من جهة ثالثة، لم يتضمن برنامج هيئة شئون العمال على أى أهداف سياسية. فالبند الأول من الدستور يركز على أن الهيئة لا دخل لها بالسياسة و لا علاقة لها مع الأحزاب و الطوائف الدينية. و هذا، أيضاً، هو ما ركز عليه الخطاب الأول الذى كان يطلب الإعتراف بالهيئة، و الذى يقول فيه السكرتير:

"يهمنا، هنا، أن نؤكد أن الهيئة ليست لها أهداف سياسية، و ليست لها أى علاقة كانت بأى شىء خارج نطاق مصالح العمال، كما أنه ليس لها أى علاقة أو إرتباط بالأحزاب السياسية. و هدفها الوحيد هو خدمة العامل بالطرق المشروعة و المسؤولة".

و عضوية الهيئة مفتوحة لأى عامل بشرط أن يكون سودانياً. و يبدو أن الدستور ليس واضحاً فى هذه النقطة، و لكن من المفترض أن تنحصر العضوية فى العاملين فى السكة حديد. و بالنسبة للعمال غير السودانيين فالبند 13 يعلن، بكل وضوح و لبرالية، إمكانية قبول عضوية هؤلاء، ربما بقرار من مجلس الهيئة. و للمجلس، أيضاً، سلطة فصل الأعضاء الذين لا يلتزمون بالشروط التى يحدّدها الدستور أو الذين يرتكبون جريمة أو يفشلون فى دفع الإشتراكات (خمسة قروش فى الشهر) لثلاثة أشهر متتالية. و العضو المُنذَر بالفصل له حق الدفاع عن نفسه أمام لجنة يعينها المجلس من بين أعضائه. و كان المجلس يتكوّن من عشرين عضواً ينتخبهم الإجتماع لمدة سنتين. و أعضاء المجلس ينتخبون لجنة تنفيذية تتكوّن من الرئيس، و نائبين للرئيس، و سكرتير، و مساعد سكرتير، و أمين للخزينة، و محاسب. يمثل الرئيس الهيئة فى كافة المجالات الرسمية. و يُمكن الدعوة لإجتماع عام فوق العادة بالشروط التالية:

(1) بطلب من الرئيس، بشرط حصوله على موافقة أغلبية أعضاء المجلس.
(2) بطلب من أمين الخزينة، إذا كانت هناك أزمة مالية.
(3) بطلب من نصف الأعضاء.

إن الخطوة الأولى لتكوين الجمعية كانت تتمثل فى الدعوة لإجتماع العمال، الذين تم إختيارهم بشكل يضمن تمثيل مختلف ورش مصلحة الميكانيكا. و قد إنعقد هذا الإجتماع فى 29 يونيو 1946، و إتخذ ثلاثة قرارات هامة. فقد إتفق فى البداية على أن تحمل الهيئة إسم (هيئة شئون العمال)، و أُتفِقَ، ثانياً، على أن يقوم كل عضو بحملة دعائية فى ورشته لشرح فكرة الهيئة و أهدافها. و كذلك أُتفِقَ على أن يقوم كل عضو بمحاولة جمع توقيعات أكبر عدد من زملائه العمال و ذلك كدليل على موافقتهم على تكوين الهيئة و المشاركة فيها . و أُتفِقَ، ثالثاً، على عقد إجتماع آخر فى المستقبل القريب لمناقشة تقارير العمل فى مختلف الورش و لإنتخاب لجنة مؤقتة تقوم بالإتصال بالإدارة لطلب الإعتراف بالهيئة كممثل للعمال.
و فى الإجتماع الثانى، الذى إنعقد فى التاسع من يوليو، طرحت تقارير عن العمل فى تسع من الورش المختلفة. و طلب الإجتماع من ممثلى الورش الخمس الأخرى الإستمرار فى بذل المزيد من الجهد لكسب تأييد زملائهم العمال. و كان هناك إقتراح بجمع التوقيعات من عمال السكة حديد خارج مدينة عطبرة، و لكنه لم يجد القبول. بالإضافة إلى ذلك تم إنتخاب لجنة مؤقتة، و تقرر عقد إجتماع عام بعد الحصول على الإعتراف بالهيئة من الجهات المسئولة و ذلك لإنتخاب لجنة دستورية.}

إنتهى الإقتباس.
ـــــــــ

و ثيقة رقم (3)



"روّست" هذه القائمة بـ: { نحن الموقعين أدناه نؤيد هذه الجبهة التى يُطلق عليها هيئة شؤون العمال التى ستقوم بمطالب العمال بالطرق المشروعة بعد التصديق عليها }.

يبدو إسم الوالد (محمد عبيدى بردويل) فى مقدّمة العمود الأول من قائمة التوقيعات هذه، و أُرجّح أن إسم ( الشفيع أحمد الشيخ ) هو الذى يبدو فى الترتيب العاشر من العمود الثانى، ذلك أنه يمكن أن يحدث ـ كما حدث معى فى البدء ـ خلط بينه و بين الإسم رقم (21) فى الوثيقة رقم (5) و هو: (الشيخ محمد الشيخ).

و أستطيع أن أؤكد أن هذه التوقيعات تمّت بأيدى العمال أنفسهم و لم يتولى التوقيع عنهم أحد، ذلك أنه بالإضافة لتباين خط التوقيعات يُلاحظ أن مَنْ لا يستطيع الكتابة من العمال كان "يـَبْصُم" بإبهامهِ أو يستخدم ختماً لإسمه كما هو واضح فى أول وثيقتين أعلاه.

و لهذه القائمة بقيّة توقيعات على ظهرها كُتِبَ أعلاها: (أنظر الصفحة الأولى - تابع ما قبله - البنوكه)، كما يبدو ذلك فى الوثيقة التالية:

و ثيقة رقم (4)



و ثيقة رقم (5)



يتـــــــــبع ..

[ياسر عبيدي]

نواصل عرض قوائم توقيعات العمال تأييداً لقيام (هيئة شؤون العمال) و هى عبارة عن (14) وثيقة قد تكون كل التوقيعات التى جُمِعَت و قد تكون هناك قوائم أخرى لم أعثر عليها أو ضاعت أو موجودة فى مكانٍ آخر. و بمقارنة مُقدّماتها مع مُـقدّمة النموذج الأول فى الوثيقة رقم [1] أعلاه، نجدها كلها مختلفة عنها ما عدا وثيقة واحدة، و هناك قوائم بدون مقدّمات. و لكن كل هذه المُقدّمات غالباً ما تتـّـفق فى التأكيد على الإسم: (هيئة شؤون العمّال) و أحياناً (جبهة أو لجنة شؤون العمّال)، و كذلك فى الحرص على كتابة ما قد يأتى فى صيغة: (بعد التصديق من الجهات المختصة) و (التفاهم فى مصلحة العمال بالطرق المشروعة أو القانونية) (1). و فى بعض المُقدّمات ظهر ضعف اللغة و لكنها بدت مشحونة بالحماس و الصِدق و الثقة.

و قد جاءت مقدّمة توقيعات (قسم النجـّـارين) فى الوثيقة رقم [6] كالتالى:

{مَنْ أراد أن يؤيّد إقامة لجنة من العمال بعد التصديق من الجهات المختصّـة للتفاهم مع المصلحة بخصوص العامل بالطرق المشروعة فاليتكرّم بتوقيع إسمه أدناه}.
و حين لاحظت فى هذه القائمة إسمين هما: إسماعيل على دينار رقم (17)، و هارون على دينار رقم (40)، تذكرت عندها أن الوالد كان له صديق عزيز ينتمى لـ"الديناريين":

و ثيقة رقم [6] ـ توقيعات (قسم النجـّـارين)



و دَعت مُقدّمة الوثيقة رقم [7] التى يبدو أنها تابعة لـ(قسم النجّارين) – حيث كُتِبَ على ظهر القائمة "النجارين" - لجنة العمّال التمهيدية التى تروّج لفكرة الهيئة بـ"حضرات الأبطال الصُـنـّـاع"، و مَنْ صاغها لم يلتقط صيغة "ديباجة" التقديم ـ التى يبدو أنها قد تم الإتفاق عليها بين مروّجى الفكرة ـ كما ينبغى:

حضرات الأبطال الصناع

نحن نؤيد إقامة لجنة من العمال و تسمى جبهة شؤون العمال بعد التصديق من الجهات المختصة للتفاهم مع المصلحة بخصوص العامل فليضع إسمه فى هذا الكشف:

و ثيقة رقم [7] – تابع (قسم النجّارين)



و لأن بعض ورق قوائم التوقيع كان منزوعاً من دفاتر السكة حديد الإدارية، مثل هذا:



.. بل قد تكون التوقيعات على المُستعمل من هذا الورق .. كما يبدو ذلك فى الوثيقة رقم [8]، و قد يكون هذا الورق مقطوعاً فى شكل شريحة بطول الورقة: يتساءل المرء ما إذا كان العمال فى ذاك الوقت يجدون صعوبة فى الحصول على ورق جديد للكتابة، و لكن لمّا كانت بعض القوائم مكتوبة على ورق "فـُلُسكاب" مُسطـّر أُرجّح أن الحماس و العَجَلة فى جمع التوقيعات كان وراء ذلك. نوع ورق إدراة السكة حديد المستعمل يبدو واضحاً على خلفية الوثيقة رقم [8] ـ التى لم توضح القسم الذى ينتمى إليه العمال الموقعين ـ حيث يظهر عليها خِتـْم و توقيع أحد الموظفين الإنجليز مع بعض الكتابة من أثر الكربون الأسود. و قد كُتِبَ أعلاها:

{حضرة رئيس إتحاد جبهة العمال
نحن الموقعين أدناهم نريد إنضمامنا إلى إتحاد جبهة العمال}

وثيقة رقم [8] مع صورة لظاهرها



و على شريحة مقطوعة من ورقة "فـُلُسكاب" جاء تأييد (عمال الكهرباء)، و يظهر لنا عدم ثبات إسم (هيئة شؤون العمال) و إستخدام مسميات أخرى لابد أنها كانت من ضمن الأسماء المُقترحة، فكتبوا فى الوثيقة رقم [9] :

حضرة المحترم سكرتير إتحاد جبهة العمال بعطبرة

بعد التحية

لقد وافق عمّال الكهرباء على تكوين إتحاد الجبهة و قد سجّـلوا أسماءهم هنا للمعلومية كما و أنهم إنتخبوا الزميلين محمد محجوب و قاسم أمين مندوبين عنهم . نرجو من الله التوفيق و الإعانة و شكراً.

محمد محجوب
مندوب عمال الكهرباء
التوقيع

وثيقة رقم [9] توقيعات (عمال الكهرباء)



و هنا قائمة توقيعات طويلة من ثلاث ورقات لا يوجد بها تقديم و قد يكون التقديم فى ورقة أخرى فـُقِدَت، و هى تخص توقيعات (السوّاقين و العطشجية) حسب ما دوّن أعلى أعمدة التوقيعات، و هما مهنتان متلازمتان فى السكة حديد:

وثيقة رقم [10]



وثيقة رقم [11]



وثيقة رقم [12]




ـــــــــــــــ

1) أشار (سعد الدين فوزى) إلى حرص العمال على الإلتزام بالطرق المشروعة و القانونية فى سعيهم لتحقيق هدفهم هذا، و وعيهم بأن مطلبهم هذا هو حق من حقوقهم و لا دخل للسياسة و الأحزاب به.

[ياسر عبيدي]

تصحيح:

معذرة، رغم أنى لاحظت من قبل أن أسماء العمال الـ(24) فى الوثيقة رقم [8] هى نفسها الموجودة فى الوثيقة رقم [9] مع فارق أن الأولى بها توقيعات ناحية اليمين أمام الأسماء المكتوبة ناحية اليسار، بينما الثانية ليس بها توقيعات و بها ثلاثة أسماء إضافية – إثنان فى نهاية القائمة و واحد يقع فى الترتيب رقم أربعة - و هم:
1/ عبد الرحمن ساتى 2/ الفكى على 3/ سيد عثمان.
و هى مكتوبة بنفس الخط المكتوب به القائمة الأولى، كما أن المقدّمة هى نفسها فى الوثيقتين مع خطأ فى كلمة (أدناهم) فى مقدّمة الوثيقة [8]، إلاّ أنه فات علىّ عند التحميل ملاحظة ذلك. و الواضح أن القائمة الثانية [9] تم تجهيزها للتوقيع و لكن لسببٍ ما - قد يكون لإكتشافهم خطأ الأسماء الزائدة - لم يحدث ذلك، و العجلة فى تصحيح هذا الخطأ هى ما قد يُفسّر لنا إستخدامهم لورق إدراة السكة حديد المُستعمل فى القائمة الثانية الصحيحة و الموقعة من قِبَل (24) عامل.
قد أقوم بتصحيح تعليقاتى المكتوبة بجانب الوثيقتين أعلاه متى ما سنحت الفرصة.

ـــــــــ

و هنا قائمة توقيعات مكتوبة على شريحتى ورق شفـّـاف – حمّلتهما مُلتصقتين معاً لأفضلية عرضهما بهذا الشكل – تؤكد لنا أن مناديب العمال المكلفين بجمع التوقيعات كانوا يجمعون العمال و يشرحون لهم فكرة (الهيئة) ثم يطلبون مِن مَنْ إقتنع بالفكرة التوقيع على القائمة. مما يعنى أن العمال الرّاعين للفكرة كانوا أمينين فى أسلوب دعوة و إقناع زملائهم و حريصين على جمع توقيعات عمال مقتنعين بالفكرة و ليس طمعاً عن دعم زائفٍ لها. فقد جاء فى مقدمة هذه الوثيقة بخط جميل بالحبر السائل الأسود:

هيئة شئون العمال

حضرات المحترمين أرجو كل من آمن بهذه الفكرة على حسب ما شرحت لكم فليتكرم بإمضائه أدناه و شكراً.
[align=left]
مندوب العمليات
و توقيعه غير مقروء.

و فيها يبدو عدد من أختام العمال غير المتعلمين واضحاً.

وثيقة رقم [13]



و هذه قائمَـتىْ توقيعات تخص (النقــّـاشين) و عمال (قسم الموازين) كُتِبَت على قصاصتىْ ورق ألصقتهما معاً لزوم العرض. و قد وُقــِّـعَت القائمة الثانية بـ: "المندوب (عبد الرحيم على)".

وثيقة رقم [14]



و هذه توقيعات عمال (ورش المرمّة)، كُتِبَ أعلاها:

إتحاد شئون العمال
كشف ورش المرمّة

و إن كانت القائمة مكتوبة بخط شخص واحد و لايوجد بها توقيعات.

وثيقة رقم [15]



و هنا قائمة أسماء عمال (العمليات) فى قـُصاصة كُتَِبَت بخط شخص واحد. و أسفلها توقيع يبدو أنه بالإنابة عن المجموعة بإسم: (عبد القادر سالم)، و إسمه ضمن قائمة الأسماء فى الترتيب رقم (8). ثم توقيع مندوب العمال و هو تقريباً نفس توقيع مندوب سابق ذكرت أنه (غير معروف) فى قائمة أخرى فشلت الآن فى تحديد موضعها.

وثيقة رقم [16]



و هنا (السوّاقين) و (العطشجية) مرّة أخرى مسجلين أسماءهم أو موقعين فى قائمة كُتِبَ أسفلها تاريخ قيامهم بذلك: 26/ 10/1946 .

وثيقة رقم [17]



و هنا قائمة مكوّنة من توقيع شخصين: (فضل المولى المكى – محمد صديق)، و خِتم الإسم الظاهر لـ(لفضل المولى). قد تكون هذه الورقة تتمة لقائمة أخرى، رغم أنه ليس هناك ورقة توقيعات أخرى شبيهة لها.

وثيقة رقم [18]



و عن هذه الإستجابة القوية من عمال السكة حديد لتأييد فكرة (هيئة شؤون العمال)، التى بدت لنا من خلال هذا العرض لقوائم التوقيعات، نستطيع أن نستنتج أن العمال أصحاب الفكرة قد أبلوا بلاءً حسناً فى حملة جمع التوقيعات، لذلك جاء حصادهم وفيراً. و رغم أن معظم مجموعة القوائم الأخيرة هذه قد ظهر بتقديم ضعيف الصياغة و أحياناً بدون تقديم يوضّح الغرض من هذه التوقيعات، نجد أن قائمة التوقيعات التى أشرنا إليها أعلاه و هى توقيعات عمال قسم (المجارى)، هى الوحيدة بينها التى إلتزمت بصياغة "ديباجة" التقديم أو "الترويسة" التى بدت كما لو كان قد إتفـَقَ عليها العمال أصحاب الفكرة، و تكرّرت فى عدّة قوائم بإختلافات طفيفة أحياناً و بصورة مشوهة فى قوائم أخرى، و التى جاءت فى أسلوب لا يخلو من "ثورية شاعرية":

{لقد فكر بعض من العمال بإنشاء جبهة لتنوب عنهم فى مطالبهم، و هذه الجبهة سُمِيَت بـ(هيئة شؤون العمال)، و لا يخفى عليكم أن هذه الهيئة إن لم ترتكز إلى مجموعة تشد من أزرها سوف لن تكلل أعمالها بالنجاح، فمن كان منكم مؤمناً بهذه الفكرة و مؤيداً لهذه الهيئة فاليوقع إسمه أدناه. و شكراً.}:

وثيقة رقم [19] – توقيعات عمال قسم (المجارى)



.....................

[ياسر عبيدي]

شِـعْـر العُمّـال

و قد إجتهد العمال من خريجى المدارس الصناعية، بالرّغم من بؤس المتوفـّر بين ظهرانيهم من مصادر معرفيّة، على تثقيف أنفسهم ذاتيّاً، فتأثروا بالوافد عليهم من مصر التى كانت تبدو مصدر معرفتهم الوحيد و سبب حصارهم الثقافى، فحفظوا بحور الشعر العربى عن ظهر قلب حتى أشعَرَ البعض منهم، فأخذوا يتعاطون قضايا النضال شعراً يُلقونه فى تجمّعاتهم و إحتفالاتهم و تظاهراتهم السياسية و يشتركون به فى المسابقات الأدبية، و يتهادونه فيما بينهم .. بل قد "يناكِفون" به بعضهم البعض:

مهداة للأستاذ (كُدُودَة) الباحث للزعيم المثالى (1)

إن كنتَ ترجو يا كُدُودَةَ خــادماً للــشعبِ تــمـلأ قلـبـَهُ الأصـلاحُ
فأحْمِل على متنِ القيادةِ (عاملاً) تجتاحــَهُ بــين الضِّــلوعِ جــراحُ
ذو همّةٍ يلـقى الصّعابَ تـجلـّـداً حــربُ الــعدوِ شِـعارهُ الوضّـاحُ

****

قـُـل لـى بربّكَ ما الكـفـاح لـعلـهُ فى عُرفِ بعضهم غـدْى و رواحُ
و لـعلهُ فى عُرفِهم لو أخلــصوا صيحـاتُ جهـلٍ فى الهـوى و نُـباحُ
بل علـّـهُ تضلـيلُ شـعبٍ حـائـرٍ و تظـاهرٍ بـين الـوَرَى و نـُواحُ

****

إن الكــفاحَ إذا أرَدْتَ حـقـيـــقةً ظـلمٌ يُـزاحُ و غــاصبٌ يُجـتاحُ
فى ثورةٍ تطوى الهضابَ كأنها قـَـذفـاتُ جُـنـدٍ كُـلـّهـُن رِمـــاحُ

[align=left]عطبرة
محمد عبيدى بردويل



صورة لمسوَدّة القصيدة مكتوبة بقلم الرّصاص على قـُصاصة صغيرة بخط الوالد.




هذه القصيدة هى التى فازت بجائزة مسابقة شِعريّة يبدو أن موضوعها كان: (الزعيم المثالى)، و التى نظـّمتها صحيفة (الصراحة) العدد 97 بتاريخ 12/1/1951 ـ و لكن بما أنها (مُهداة للأستاذ "كُـدُودَة"الباحث للزعيم المثالى)، هذا قد يعنى أن الشاعر (عبد الرحيم كُدُودَة) شارك أيضاً فى هذه المسابقة بقصيدة قد يكون عبّر فيها بأنه قد أصابه الإعياء من البحث عن هذا "الزعيم المثالى" الذى يستطيع أن يشعر بآلام الشعب و نبضه و يخدمه بتجرّد و نكران ذات ؟ و أن مثل هذا الزعيم لا وجود له و لا جدوى من البحث عنه. و لمّا كنت غير متأكد من تفاصيل موضوع قصيدته لا أستطيع أن أجزم بذلك .. و لكنى أذكر جيّداً أن القصيدة أعلاه و قصيدة (كُدُودَة) عن نفس الموضوع كانتا تتردّدان مراراً و يدور حولهما نقاش طويل و مناكفات و إستعراضات و قفشات شعرية عند زيارة (كُـدُودَة) للوالد، و معها كانت تتردّد ضحكاتِهما الصاخبة العذبة التى تُسيلُ معها الدّمعات. و قد جاء رد كاتب القصيدة أعلاه بأن هذا "الزعيم المثالى"، الذى يبحث عنه (كُـدُودَة) و لا يجده، إنما هو (العامل) ـ و هو ما تؤكده الوثيقة التالية المكتوبة بخط رئيس تحرير صحيفة "الصراحة" الصحافى المعروف (عبد الله رجب) بتاريخ 2/ 1/ 1951:




2/ 1/ 1951

الأستاذ محمد عبيدى بردويل

كل عام و أنتم بخير. تهنئكم الصراحة بحرارة على فوزكم فى مسابقة الزعيم المثالى كما هو معلن بالعدد 97 12/ 1/ 51

(1) الجريدة من العدد المذكور ستصلكم حتى آخر مارس 1951
(2) هناك كتاب من هنا نبدأ و إذا فضلتم غيره أفيدونا
(3) بالطبع نحن نشعر معكم بتفاهة الجائزة من الناحية المادية و لكن قصيدتكم لم نمنحها نحن الخلود الذى نالته بفضل مواهبكم (1)

و شكراً و إلى اللقاء
[align=left]
المخلص
عبد الله رجب
(2)



===== *** =====



العدد رقم (127) من صحيفة ( الصَّــراحَـة ) صادر فى يوم الأحد 16 صفر 1379 الموافق أغسطس 1958 السنة التاسعة، 4 صفحات الثمن 15 مليم. جريدة يومية مستقلة تأسست سنة 1949 المحرّرون: عبد الله رجب (3) / محمد سعيد معروف – محمد الحسن أحمد / إبراهيم عوض بشير. و فيها خبر عن رغبة بعض الدول فى ترشيح محمد أحمد محجوب لمنصب رئاسة الأمم المتحدة جاء فيه:

ترشيح المحجوب لرئاسة
الأمم المتحدة يُعرض على مجلس الوزراء

عَـلِم مندوب الصراحة أن السيد عبد الله عبد الرحمن نقد الله وزير الخارجية بالنيابة ذكر لمجلس الوزراء فى إجتماعه أمس أن بعض الدول أبدت رغبة فى ترشيح السيد محمد أحمد محجوب وزير الخارجية لرئاسة الجمعية العمومية للأمم المتحدة فى الدورة القادمة، و ذكر السيد نقد الله فى عرضه لهذا الموضوع أن هذا يعنى أن يبقى المحجوب – إذا أُنتـُخِب – فترة كبيرة من السنة خارج السودان.
و قد رأى المجلس أن يترك نقاش هذا الموضوع حتى عودة السيد محجوب.

قارن بين السمعة الدولية التى كان يتمتع بها السودان آنذاك بمستوى إيلائه الثقة من قِـبـَل بعض الدول لرئاسة المنظمة الدولية و بين سمعته اليوم و رئيسه و مسؤوليهِ السياسيين مُطاردين من المحكمة الجنائية الدولية لإرتكابهم جرائم ضد الإنسانية !!؟؟

.......................

ــــــــــــــ

1) الأستاذ (كُـدُودَة) – بضم حرفىْ الكاف و الدال الأولين و فتح الدال الثانية، و ليس بفتحهما معاً كما يفعل "الناطقين بغيرها!"، و تعنى فى اللغة النوبية: "صغير" – هو خِـدْن الوالد الحميم الشاعر: (عبد الرحيم محمد كُـدُودَة) الأخ غير الشقيق لـ(فاروق كُـدُودَة) السياسى المعروف . إلتحق أولاً بـ(الأزهر) للدراسة و لكن سُرعان ما تركه فقد كان يسارىّ الهوى، فإلتحق بـ(معهد العلوم) أو (المعهد العلمى) بالقاهرة، و قد كان شاعراً بحق و حقيقة يعيش حياة الشعراء الطليقة حتى فى مظهره المُهمَل و شعره المتناثر. و قد كان أبناء (كُــدُودَة) كلهم معروفون بحدّة الذكاء و التفوّق، و يُحكى عن (النور كُدُودَة) الأخ غير الشقيق لكلا (عبد الرحيم) و (فاروق)، الذى تقلّد منصباً فى وزارة الثروة الحيوانية لفترة خلال النظام المايوى، أن (نميرى) كان يحذر منه، لا سيّما و أن (النور) حباه الله بسطةً فى العافية و له عينين جاحظتين، فقد تعاصرا فى (حنتوب)، و حين زاره (نميرى) فى مكتبه محاولاً إستعراض "شفتنتهِ الرئاسية" بوصفهِ رئيساً للسودان، إستشاط فيهِ (النور كُدُودَة) .. و خبط بيده من فرط الغضب طاولة مكتبه قائلاً: (شوف يا "نميرى" .. أنا عارف أى سِوْسيوَة حايمة فى السودان دة .. ما تعمل لىّ حركات الـ ....)، فما كان من (النميرى) إلاّ أن وضع "برنيطته" على رأسه و شـَتـّت .. فقد أوشكَ الكبشُ ينطحُ، و لا يفِلُّ الفتوَنـَة إلاّ الفتوَنـَة. (كُـدُودَة) الأب أو بالأحرى (محمد كُدُودَة) من قدامى القضاة، عمل بجنوب كردفان بمنطقة (تـلودى) حيث وُلِدَ (عبد الرحيم كُدودة) فعُرِفَ بـ(عبد الرحيم "تلودى"). و قد فارق هذه الفانية بعد رحيل الوالد ببضعة أعوام، بحثت عن صورة له بين الموجود منها فلم أجد له صورة، و قد أكون لم أتعرّف على ملامحهِ نظراً لأن معظم الصور قديمة جداً.

.. و عَلِمت مؤخراً أن إسم "كُدُودَة" يوجد أيضاً عند (الجعليين) !!؟؟ و منهم المحامى المعروف (صدِّيق كُـدُودَة)، و الذى يُحكى عن براعته فى المحاماة عبر قصة دفاعه عن بعض المتهمين ـ و كان هو من ضمنهم ـ بتهمة قيادة تظاهرة حين كان يعمل فى نيابة (الأبيض). و حين سأله القاضى كمتــّهم ما إذا كان لديهِ أسئلة لأحد الشهود من أفراد الشرطة بعد إنتهاء الإدعاء من إستجوابه، قال: (نعم). فسأل (صدِّيق كُـدُودَة) الشرطى: (هل كانت التظاهرة حجمها صغير أم متوسط أم كبير جدّاً؟) فأجاب الشرطى: (كانت كبيرة جدّاً). فسأله: (هل كنا نحن المتهمون نقود هذه المظاهرة فى المقدّمة أم كنا نسير مع بقية الجموع فى الخلف ؟). فأجب الشرطى: (كنتم تقودون المظاهرة فى المقدمة). فسأله مرّة أخرى: (عند مشاهدتك لنا، هل كنت أنت تسير أمام هذه التظاهرة أم فى وسطها أم فى آخرها ؟) فأجاب الشرطى: (كنت أسير فى آخرها). عندها سأله (صدِّيق كُـدُودَة): (طيّب، إنت شفتنا كيف ؟! .. كـِـدَة ـ و يُشير بيده و ساعدهِ بحركة مسرحية جانبية مقوّسة فى مسار Curved ـ و لاّ كـِـدَة ـ و يُشيرُ بيده و ساعدهِ بحركة مسرحية أمامية من أعلى إلى أسفل: Diving، أو كما إسقاط الكرة فى شكل Lope ـ ؟!) ، فإنفجرت المحكمة بقاضيها و حاجبها بالضحك .. و كان لابد من شطب البلاغ و إطلاق سراحهم، حيث إتضح أن الأمر لا يعدو مجرّد مكيدة من الشرطة.

2) طيف الذكريات يصوّر لى فى جلسات الوالد تلك مع "كُدُودَة" أن تعليقاته الساخِـرة كانت تتناول طرافة و دبلوماسية خطاب (عبد الله رجب) فى قوله:

(بالطبع نحن نشعر معكم بتفاهة الجائزة من الناحية المادية و لكن قصيدتكم لم نمنحها نحن الخلود الذى نالته بفضل مواهبكم)

و قد كان الوالد شديد الإعجاب بعصامية (عبد الله رجب) و كفاءته و تفوقه معرفياً على خريجى التعليم النظامى و الجامعات.

3) كُنتُ فى مرحلةٍ ما مُدمناً على قراءات مقالات و ترجمات شيقة لـ(عبد الله رجب) يدور موضوعها حول تنمية الملكات العقلية بواسطة تمارين ذهنية، مثل محاولة الإستماع لأصوات الطبيعة المتعدّدة فى آن واحد. و قد أفادتنى و أمتعتنى كثيراً.

[ياسر عبيدي]

تصحيح:

ذكرت أعلاه فى الرسالة التى تحمل عنوان (شِعر العُمال)، أن صحيفة ( الصراحة ) نظمت مسابقة شعرية و أعلنت عنها فى العدد رقم (97 ) بتاريخ 12/1/1951. و هذا خطأ، فالتاريخ هذا هو تاريخ إعلان نتيجة المسابقة الشعرية فى الصحيفة، ممّا يعنى أن الإعلان عن تنظيمها كان قبل ذلك. و لكن تاريخ رسالة (عبد الله رجب) - 2/1/1951 السابق لتاريخ إعلان النتيجة فى الصحيفة 12/1/1951- و التى جاء فيها :
{تهنئكم الصراحة بحرارة على فوزكم فى مسابقة الزعيم المثالى كما هو مُعلن بالعدد (97 ) 12/ 1/ 51 }، كان سيكون مفهوماً إذا جاء بصيغة: {كما سيُعلن عنه بالعدد (97 ) 12/ 1/ 51}، و لكن بما أنه لم يأتى بتلك الصيغة هذا يعنى أن الرسالة تـُعلمنا قبل عشرة أيام من صدور عدد الصحيفة بأن نتيجة المسابقة قد سبق و أن أُعلِنت فيها !! و هذا لا يستقيم إلاّ إذا كان تاريخ الرسالة هو 20/1/1951 ، أى بعد صدور العدد (97) بثمانية أيام، و زال الصفر من الرسالة المكتوبة بالحبر السائل بعامل الزمن. أو أن (عبد الله رجب) قدّر أن وصول رسالته إلى عطبرة – و قد يكون وقتها يستغرق عشرة أيام ! – سيتوافق مع تاريخ إصدار خبر النتيجة بالصحيفة فى 12/1/1951، بالذات إذا كانت الصحيفة تصدر فى فتراتٍ متباعدة و ليس بصفةٍ يومية.

هذا من ناحية، و من ناحية أخرى إذا كان عدد الصحيفة - المُعلن فيها نتيجة المسابقة الشعرية بتاريخ 12/1 - سيصل للفائز آخر مارس 1951 أى بعد أكثر من شهرين و نصف من إعلان نتيجة المسابقة: (الجريدة من العدد المذكور ستصلكم حتى آخر مارس 1951)، فإن تبرير تباعد التواريخ هذا بين الإعلان عن النتيجة فى الصحيفة، و رسالة إخطار الفائزة بها، و وصول عدد الصحيفة إليه، لا يمكن أن يُفهم إلاّ إذا إعتبرنا أن الصحيفة وقتها لم تكن تصدر يومياً - قد يكون إسبوعياً أو نصف شهرياً - و كذلك قد يكون ما إعتدنا عليه فى عصرنا هذا من سرعة فى الإتصال هو ما يجعلنا نجد من الغريب أن إرسال صحيفة من الخرطوم إلى عطبرة كان يستغرق أكثر من شهرين و نصف (من تاريخ إصدارها فى 12/1 إلى تاريخ وصولها آخر مارس)، أو يستغرق حوالى شهرين و عشرة أيام (من تاريخ الرسالة 20/1/ إلى تاريخ و صولها آخر مارس) !!.

هذا و قد يكون هناك تفسير آخر لا علاقة له بما ذكرته عاليه.

...........................

[ياسر عبيدي]

و الآن لنحاول جمع شتات هذه الوثائق مقروءة مع ما ورد فى كتابى (الطيب حسن الطيب) و (سعد الدين فوزى) عن بدايات نشأة (هيئة شؤون عمال)، و ذلك حتى نخلق تصوّر واضح مدعّم بالوثائق لنشأة (هيئة شؤون العمال) من العدم. و بالتالى سنعيد قراءة الفقرتين التاليتين من كتاب (سعد الدين فوزى) اللتين تتحدثان عن هذه البدايات مقروءَتين مع فقرة من كتاب (الطيب حسن الطيب)، و منهما سنحاول تحقيب الخطوات التى إتخذها العمال فى إنشاء تنظيمهم الجديد لنكوِّن منها معاً ذاك التصوّر للمشهد التاريخى الأكثر تفصيلاً. أقول ذلك لإعتقادى أن مُجمل مسودّات خطابات العمال فى تلك البدايات، و التى توثق للأحداث المذكورة في هذين الكتابين، موجودة بين أيدينا.

بعد إنزال الإقتباسين فيما يلى سنقوم بعدها بترتيب ما جاء فيهما بالتسلسل التصاعدى تبعاً للوثائق التى بطرفنا.

...............

[ياسر عبيدي]

معذرة، سنبدأ بإقتباس (الطيب حسن الطيب) و سيكون أكثر من فقرة واحدة:

تبنى إقتراح تكوين هيئة شؤون العمال

قدم الإقتراح، كما ذكرنا، للجنة جمعية خريجى المدارس الصناعية فتبنته اللجنة و عملت على تحقيقه بكل ما أوتيت من قوة و كانت اللجنة فى سنة 1946 مكونة من السادة:

بشرى عدلان رئيساً
عبد الرازق حمّاد نائباً للرئيس
بابكر عبد الله سكرتيراً
محمد عبيدى بردويلى نائباً للسكرتير
عبد الله أحمد الطيب أميناً للصندوق
محى الدين زمراوى عضواً
سيد أحمد عبد المجيد عضواً
دهب عبد العزيز عضواً
حسن عبد المجيد عضواً
صالح عبد الخير عضواً

و بعد ذلك تقدم سكرتير الدار السيد بابكر عبد الله بدعوة للمندوبين و هم: الحاج سليمان موسى ممثلاً للحملة الميكانيكية، سيد أحمد الصاوى عن النجارين و دهب عبد العزيز عن التصليحات و البوهيجية و الطيب حسن الطيب عن المسبك و الحاج عبد الرحمن عن العمليات و محمد الحسن خلف الله عن الحدادين و عبد الدائم محمد فضل عن العربات و محمد أحمد حمد عن النحاسين و محمد الصافى عن العمرة و قسم السيد صباح الخير عن المخارط و محمد فودة عن السواقين و عبد الجليل النذير عن العطشجية و عبد المعروف إبراهيم عن البرادين و قاسم الأمين و محمد محجوب عن الكهرباء و الفاضل آدم و صادق عثمان و يحضر كل منهم إحتياطى كمندوب لقسمه. فكان الفاضل آدم إحتياطى لعاصم الصافى و صادق عثمان إحتياطى للحاج عبد الرحمن و لكن لما لم يكتمل العدد أُجِّـل الإجتماع إلى موعد آخر. و بعد مضى يومين تكامل العدد و دار نقاش حول تكوين هذه اللجنة و ذلك بعد إنتخاب الحاج سليمان موسى رئيساً لهذا الإجتماع بحكم سنه، و توالت الإجتماعات و إستمر البحث إلى أن إستقر الراى على تسمية هذه اللجنة بإسم هيئة شؤون العمال فأنتخب الحاج سليمان موسى رئيساً و الطيب حسن الطيب مساعداً للرئيس و محمد عبيدى بردويلى سكرتيراً و قاسم الأمين مساعداً للسكرتير و سيد أحمد الصاوى أميناً للصندوق و البقية أعضاء ـ ثم بعد ذلك كونت لجنة داخل الورش لجمع المال و الدعاية لمساعدة هيئة شؤون العمال فى تكوين المكتب و ما تحتاج إليه، فكانت هذه اللجنة برئاسة أحمد على قرونى و ليختار من يرى أنهم أكفاء لمساعدته و حدد الإشتراك بقرشين فقط فى الشهر ليسهل الدفع أولاً و لتساعد هذه المبالغ فى مقابلة النفقات التى تقوم بها اللجنة التمهيدية. بعد ذلك بدأت اللجنة فى مكاتباتها لمدير عام السكة حديد بواسطة مدير عام الورش فكانت الردود مخيبة للآمال و لكنها تدور حول أشياء وهمية و خلق لجان تمثيلية كانت الحكومة تنوى تطبيقها على العمال. و كانت اللجنة حريصة كل الحرص على ألا تـُطبق على العمال هذه اللجان التمثيلية فكانت اللجنة كلما تكتب خطاباً للمدير كان يصل رده بإسم أحد الأعضاء و بصفته الشخصية بمعنى أن هيئة شؤون العمال عندما ترسل خطاباً يكون التوقيع بإسم سليمان موسى ملاحظ بالحملة الميكانيكية !!
...............................

الجمل المظهَّرة سأعود إليها بالتعليق و الوثائق .. ثم سنواصل إقتباس فقرتين من (سعد الدين فوزى) عن نفس الأحداث، لنعود مرّة أخرى للإقتباس من (الطيب حسن الطيب)، حيث من هذه الإقتباسات فقط مع الوثائق ذات الصِلة بها سنتمكن من خلق تصوّر معقول عن تلك الأحداث من تاريخ الحركة العمالية السودانية مُمثلةً فى هيئة شؤون العمال.

[ياسر عبيدي]

من أين إستقى العمال معلوماتهم عن العمل النقابى

يقول (الطيب حسن الطيب) فى مقدّمة كتابه : أن {.. المؤرخ المخلص و المدقق إذا أراد أن يسجل تاريخاً للحركة العمالية فى السودان فإنه لن يجد لها أثراً قبل سنة 1935 لأن العمال لم يكتمل وعيهم حينئذ كما لم تكن لهم أغلبية مطلقة فى دور الحكومة و لا مع المقاولين فى الأعمال الحرة لأن الأغلبية العظمى كانت من الأجانب}، و أنه فى عام 1938 بدأت أولى الخطوات لتكوين كيان للعمال بقيادة خريجى المدارس الصناعية بتقدّم مُعلمو مدرسة الصنائع عطبرة بطلب للسلطات للسماح لهم بدار تجمع شتاتهم، و التى كانت أولاً بتلك الدار رقم 444 شارع بربر السكة حديد عطبرة قبل أن يبنوا داراً مُستقلة عام 1940 (أُنظر أول مداخلة أعلاه). فإذا إعتمدنا شهادة ميلاد الوالد بتاريخ 11/8/1920، بحكم إنتمائه لأحد أجيال هؤلاء الخريجين الذين تصادف خروجهم للحياة العملية إنخراطهم فى مَعْمَعان بدايات تكوين (هيئة شؤون العمال)، و الصادرة من عمودية (عَمارَة) [1] بتاريخ 19/9/1927 :

===***===



===***===

يكون الوالد فى عام 1935، و قت لم يكتمل وعى العمال بقضيتهم حسب (الطيب حسن الطيب)، يبلغ من العمر خمسة عشر عاماً، بينما فى عام 1938 حين بدأ معلمو مدرسة الصنائع عطبرة أولى خطواتهم كان قد بلغ ثمانية عشر عاماً. إذ أنه يداخلنى الشك أن يكون تحرك هؤلاء المعلمين و من ورائهم الخريجين قد كان عفوياً خالياً من أى تصوّر واعى و قراءة مستقبلية مبنية على خلفية معرفية لما سيؤول إليه تحرّكهم هذا، ففى ظنـّى أن بعض المعلمين و الخريجين كان على معرفة ما بقضية العمال و حقهم فى تكوين كيانات تحميهم و لم تكن الدار أو (نادى الخريجين) سوى الخطوة العملية الأولى المُمَوِّهَة للشروع فى مثل هذا العمل. و أنا أبنى شكـّى هذا على الوثيقة التالية ( عبارة عن 3 أوراق غير مؤرّخة مطبوعة على ورق "رّونيو"، بقلم "شاكر أفندى بطرس") و التى تعرّف بالعمل النقابى و قوانينه. و رغم أن هذه الوثيقة صادرة مباشرةً بعد نشر قانون نقابات العمل – الذى نـُـشر حديثا كما جاء فيها ـ مما يعنى أن غرضها كان تنوير العمال بهذا القانون الجديد عليهم، حيث نقرأ في صفحتها الأولى:

العمال و نقابات العمل

ماذا أستفيد من نقابات العمل التى لم تكن عندنا من قبل ؟ هذا سؤال مناسب سوف يسأل نفسه عنه كل إنسان مُفكر و ربما يجد صعوبة فى الحصول على الجواب لنفسه بقراءته لقانون نقابات العمل الذى نشر حديثاً. إن كل قانون موضوع بلغة و بطريقة تعطى صورة واضحة للقضاة و للإختصاصيين فى تفسير القانون و لكن ربما يربك الآخرين و هذا القانون كغيره من القوانين.

1) إن العمال فى كل المهن و الحرف و الصنعة يمكنهم الآن تكوين نقابات عمل أو هيئات.
2) إن هذه النقابات العمالية أو الهيئات يصح للحكومة الإعتراف بها.
3) يمكنهم أن يتساوموا مع المخدمين أو جماعة من المخدمين بخصوص فئات الإجور و شروط العمل لأعضائهم.
4) يمكنهم تحصيل الإشتراكات من أعضائهم حتى يتمكنوا من القيام بعمل خيرى و لإعطاء المساعدات القضائية و لدفع مساعدات للبطالة أو المساعدات فى حالة الإضراب أو أى غرض آخر لفائدة الأعضاء عامة.
5) إنهم محصونين من المحاكمة فى حالة التآمر إذا كانوا داخل الحدود المعقولة.
6) إنهم غير مسؤولين عن أى خسارة أو تلف مدنى ناتج عن الإضراب.
7) بإستثناء ماهو مذكور أدناه يمكنهم عمل إضراب.

إن هذه الحريات هى نتيجة لكفاح سنوات عديدة من العمال فى البلدان الأخرى و أنها ليست بأقل من الحريات التى يتمتع بها العمال الآن فى بريطانيا العظمى و أصبحت الآن حق للعمال فى السودان.
الحرية تعنى الحق لأكون سيداً لشئونى الخاصة و كلنا يملك مثل هذه الحرية و أن القانون لا يعمل أكثر من أن يحمينا من التداخل فى حرية الآخرين. كيف ينظم علم الحقوق حريتنا فى هذ القانون ؟

===***===

رغم ما قد يبدو على حداثة هذه الوثيقة الصادرة بعد نشر (قانون نقابات العمل)، و ما هو ياترى هذا القانون ؟ و هل نـُشر متوافقاً مع أم قبل تكوين (هيئة شؤون العمال) بزمن، أم كان مضمّـناً فى "كتيّب وزارة العمل البريطانية - Industerial Relations Handbook" المُشار إليه أعلاه و الذى ما زلت أبحث عنه بين الأوراق ؟! إن كان الأخير فهذا يعنى أن وثيقـتـنا صدرت فى مَعـْمَعان صراع العمال مع السلطات فى رفضهم لهذا القانون الذى يسعى لتكوين "مجالس صناعية مشتركة" و "لجان للورش" تقوم بدور الوسيط بينهم و أرباب العمل فى إمور محدودة، و تمسكهم بإنشاء كيان عمالى جامع و مستقل يعنى بتصريف إحتياجاتهم كلها، فأقرت "الهيئة الإستشارية" - التى تكونت لأول مرّة فى عام 1921 و أعيد تكوينها فى عام 1936 بواسطة الحاكم العام و التى كانت تتكون من عدد من مديرى المصالح الحكومية تحت رئاسة السكرتير الإدارى - بعدم إمكانية تكوين "المجالس" و عملت على تنفيذ فكرة "لجان الورش" التى إصطدمت هى الأخرى برفض العمال خريجى المدارس الصناعية.

فمن أين ياترى كان لخريجى المدارس الصناعية عطبرة بمعرفة عدم ملائمة هذا النوع من التكوينات لإدارة شئونهم إن لم تكن مثل هذه الوثيقة المكونة من 3 ورقات:



غاية الحديث، إن كانت هذه الوثيقة حديثة أم أكثر قِدَماً .. فإنها تؤكد لنا أن خريجى المدارس الصناعية عطبرة كانت لديهم خلفية معرفية ما عن العمل النقابى قبل سنوات من الشروع فى إتخاذ أى خطوة نحو ممارسته، و قد وصل إليهم من خلال مَنْ سنحت له فرصة إطلاع أوسع أمثال (شاكر أفندى بطرس) – و الأقباط من الفئات التى حصلت على عناية فى التعليم خلال التركية و الإستعمار الإنجليزى – بل قد يصلهم سِرّاً من بعض مرؤوسيهم الإنجليز ذوى الميول اليسارية الذين لم يكن يرق لبعضهم سياسات بلادهم الإستعمارية.

قصدت بإيراد هذه الوثيقة أن الفترة بين عامَىْْ 1935 حين لم يكتمل وعى العمال بقضيتهم حسب (الطيب حسن الطيب) و حين كان أحد مؤسسى (هيئة شؤون العمال) يبلغ من العمر 15 عاماً، و عام 1938 حين بدأ معلمو مدرسة الصنائع عطبرة أولى خطوات العمل النقابى بإنشائهم "دار للعمال" فى الوقت الذى بلغ فيه إبن الـ15 عاماً 18 عام، أنها تمثل نموذج لوسيلة من الوسائل التى كان خريجى المدارس الصناعية عطبرة يتلقون بها معارفهم حول العمل النقابى خلال تلك الفترة الممتدة بين 1935 – 1938، ذلك أن "الهيئة الإستشارية" التى هدفت لتحسين شروط العمل و قامت بدراسة الفصول الملائمة من "كتاب وزارة العمل البريطانية" الذى قد يكون "قانون النقابات" المنشور ـ كما ورد فى الوثيقة ـ مضمّناً فيه، قد أُعيد تكوينها فى 1936 و لكنها تحرّكت لتحسين شروط العمل إبتداء من 1945 بينما ظهرت (هيئة شؤون العمال) للوجود فى 1946. هناك بالطبع عوامل عدّة و متداخلة أسهمت فى تحرك السلطات لتحسين شروط العمل و ظهور حركة العمال، و لكنى من خلال مقارنة سِنى الوالد قصدت إضافة عامل آخر هو إحساس السلطات ببداية ظهور الوَعى الحقوقى بين العمال فى 1935 – و التى يمكن أن نسميها بداية مرحلة يفاعة أو مراهقة الحركة العمالية السودانية - لذلك أعادت تكوين "الهيئة الإستشارية" عام 1936- و التى تكونت لأول مرّة فى 1921 –و ذلك تحسّـباً منها لِما هو آت. و لكنها بدأت تتخذ خطوات عملية لتحسين شروط العمل فى 1945 بينما أجبرها خريجى صنائع عطبرة قسم الميكانيكا على الرّضوخ لإرادتهم و ظهور (هيئة شؤون العمال) بعد عام من ذلك فى 1946، و تلك كانت بداية مرحلة شباب الحركة العمالية السودانية، و هذا ما قد يفسّر لنا إجتهاد و حماس عمال الصنائع لتنفيذ فكرتهم و تصلب رأيهم من أجل تحقيقها و لابد أن يقف كل ذلك على خلفية معرفية بالعمل النقابى بغض النظر عن مستوى هذه المعرفة. و قد رأيت أن ذلك توافق مع المراحل العمرية للوالد حسب شهادة ميلاده التى يبدو أنها أُستـُخرجت بعد سبعة أعوام من مجيئهِ إلى الدنيا و الذى لابد أنه حدث بغرض تسجيله للدراسة.

و قد يكون هناك وثائق أخرى مشابهة لوثيقة (شاكر أفندى بطرس)، سأعرضها حال عثرت عليها.
...........................

ـــــــــــــ

1) (عَمارَة) تقع شمال (عبرى) ببضعة كيلو مترات.

[ياسر عبيدي]

تصحيح:

تحت الرسالة المعنونة (قوائم توقيعات العمّال [2]) كتبت فوق الوثيقة رقم [7] :

و دَعت مُقدّمة الوثيقة رقم [7] التى يبدو أنها تابعة لـ(قسم النجّارين) – حيث كُتِبَ على ظهر القائمة "النجارين" - لجنة العمّال التمهيدية التى تروّج لفكرة الهيئة بـ"حضرات الأبطال الصُـنـّـاع"، و مَنْ صاغها لم يلتقط صيغة "ديباجة" التقديم ـ التى يبدو أنها قد تم الإتفاق عليها بين مروّجى الفكرة ـ كما ينبغى:

حضرات الأبطال الصناع

نحن نؤيد إقامة لجنة من العمال و تسمى جبهة شؤون العمال بعد التصديق من الجهات المختصة للتفاهم مع المصلحة بخصوص العامل فليضع إسمه فى هذا الكشف:

و قد ظلمت عمال (قسم النجارين) فقد كتبوها كالتالى:

مَنْ يؤيد إقامة لجنة من العمال و تسمى جبهة شؤون العمال بعد التصديق من الجهات المختصة للتفاهم مع المصلحة بخصوص العامل فليضع إسمه فى هذا الكشف:

و هو مشابه للتقديم فى قائمتهم الثانية فى الوثيقة رقم [6].

ــــــــــــ

و قبل المضى فى ترتيب الوثائق السابقة تصاعدياً مقارنة مع ما ورد فى الكتابين المذكورين، سنتوقف أمام مجموعة وثائق مرتبطة بأحداث وقعت فى أوائل عام 1943، و أعتبرها هامة لأنها تعطينا صورة واضحة عن تفاصيل المطالب والمكاتبات بين (لجنة دار العمال) و السلطة بعد حوالى عامين إلى ثلاثة أعوام من إفتتاح مبنى دار العمال أو الخريجين الجديدة عام 1940. و بدت لى أن لها علاقة بما ورد فى كتاب (الطيب حسن الطيب) دون أن يحدّد التاريخ و لكن ما أوردَه بدا و كأنه وقع قبل عام 1940 ـ و قد يكون هو كذلك ـ و لكنى أجد ما جاء فى هذه الوثائق التى وقعت أوائل 1943 إرتباط يبدو لى إلى حدٍ ما مُتطابقاً لحد بعيد لما جاء فى كتابه، فقط الإختلاف يكمن فى تاريخ وقوعِها، فبينما يوحى ما جاء فى الكتاب بوقوعها قبل عام 1940 دون أن يؤكد ذلك، تصدّر وثائقنا التاريخ المُمتد بين 28 يناير و 25 فبراير 1943.

جاء عند (الطيب حسن الطيب):

{ و فى ذات يوم و لأول مرة فى تاريخ السودان يتفق عمال ورشة النجارين و عمال ورشة العمرة على الخروج فى شبه مظاهرة ليحتجوا على غلاء المعيشة و سوء الحالة فى السوق بغرض أن يؤثر مشهد المتظاهرين على رؤساء المصلحة ليوصوا لهم بعلاوات أو أى شىء يخفف الضغط عليهم.
و لكنى فوجئت عندما تقهقر القوم عند رؤيتهم لباشكاتب الورش ففروا حتى لا يراهم أو يتعرف على أحد منهم و كان هذا الباشكاتب فظاً غليظ القلب.}

بهذا الإسلوب إذاً بدأ العمال مطالبهم الحقوقية بعد أن بلغ بهم الضيق مُبتغاه. بدأوا بإسلوب التظاهر و الذى لابد أن يسبقه وَعى بهذه الحقوق التى قد يكونوا أدركوها من خلال تلك الشروحات عن العمل النقابى و حقوق العمال كما رأينا فى ورقة (شاكر أفندى بطرس) نموذجاً. و أسلوب التظاهر هذا يُرجّح أنه قد صدر عن الجناح المتطرّف بين العمال و الذى لابد أن عِماده كان شباب العمال. و لكن بعد فشل هذا الأسلوب تراجع الجناح المتطرّف أو الراديكالى عن القيادة و أفسح المجال للجناح المعتدل، حيث جاء عند (الطيب حسن) بعد الفقرة أعلاه:

{ و بعد مضى يومين تجمع العمال مرة أخرى و قابلوا مدير الورش و كان هذا اللقاء فى زمن راحتهم أى فى وقت الإفطار حتى لا يُقال أنهم تركوا العمل و أتوا لمقابلة المدير، قَبِلَ المدير كل ما قيل له و كوّن مندوبين من العمال ليحضروا إجتماعات التموين بالمركز و خلافه.
كان هذا أول تجمع للعمال أخذوا منه الدرس و العظة للمستقبل. }

و فى ظنى أن هذا الدرس الأول الذى عناه (الطيب حسن) هو إدراك العمال بعد لقاء مدير الورش فى راحة الإفطار إلى أن مطالبهم يمكن الحصول عليها بالتفاوض. و هو التفاوض الذى تطوّر إلى دعوة مدير الورش إلى حفل شاى فى حديقة منزل (سليمان موسى) الذى سيصبح أول رئيس لـ(هيئة شؤون العمال).
تعالوا نعرض ما بأيدينا من وثائق علّها تفصح لنا عن شكل هذا الأسلوب التفاوضى السلمى الذى عوّل عليه الجناح المعتدل بين العمال لتحقيق مطالبهم المشروعة، و ما إذا كان قد نجح فى تحقيق ما لم يستطع الأسلوب الآخر تحقيقه.

تقدِّم لنا مسودّة الخطاب التالى (الوثيقة رقم [1]) ـ و هو ليس أول خطاب مطلبى و لكنه قد يكون الثانى، لأنه يتحدّث عن إتصالات سابقة بمدير عام الورش تمت مرّة كتابةًَ و مرّة شفاهةًً ـ تصور عن المحاور التى كانت تدور فيها هذه المطالب فى تلك الإتصالات الشفهية و الكتابية السابقة، لأنه حسب ما جاء فى المُسوَدّة أنه سبق أن رُفِعت و لم يُستجَب لها:

سعادة مدير عام الورش

بكل إحترام و أدب نرجو أن نشير إلى المقابلة التى حصلت مع سعادتكم بالأمس بخصوص مطالبنا التى تقدمنا بها إليكم كتابياً من قبل ثم شفاهياً بعد ذلك، و قبل أن نلخص مطالبنا التى سنذكرها فيما يلى نرجو ألاّ يُحمل طلبنا لمقابلة سعادتكم محمل الثورة ضد قوانين المصلحة:

1) حل المربوط:
إن مرتبات العمال لتقف عادةً فى 4500 مليم/جنيه ثم فى 6000 مليم/جنيه ثم نهائياً فى 10500 مليم/جنيه، مالم يساعده الحظ بالترقية إلى وظيفة كُـمُندَة. و نحن لا نرى مُبرراً لذلك قط و نرجو أن يتساوى مع غير السودانيين الذين يؤدون نفس الأعمال التى يؤديها.

2) إدخال درجات موظفى الحكومة:
نرجو أن يطبق نظام الدرجات على العمال إذا قضى أكثر من عشر سنوات خدمية تعتبرها المصلحة خدمة مُرضية.

3) نظام مال التأمين:
و نرجو إعادة نظام مال التأمين بحيث يشمل العمال الذين لا يدخلون الدرجات .

4) نظام تعويضات الإصابات:
عند تقدير تعويضات الإصابات نرجو أن تلاحظ المصلحة أهمية العضو المفقود، فمثلاً نحن نعتقد أن مبلغ 20 جنيه مبلغ منسب كتعويض لفقد أصبع فيجب تقدير المبالغ للأعضاء الأخرى بحسب أهميتها و بهذه النسبة.

4) علاوة الحرب:
أن غلاء وسائل المعيشة، غلاءً فاحشاً يجعلنا غير قادرين على شراء ضرورياتنا فى أبسط مظاهرها، هو الذى دعانا إلى طلب علاوة الحرب. و علاوة الحرب الحالية لا تتناسب قط مع الغلاء الذى نعانيه.


الوثيقة رقم [1] (مُسوَدّة الخطاب)



بقية الوثيقة [1]



====***====

إن إشارة المُسوَدّة: (إلى المقابلة التى حصلت مع سعادتكم بالأمس) يجعلنا نتساءل ما إذا كان المقصود بهذه المقابلة اللقاء الذى تم أثناء راحة الفطور أم لقاء حفل الشاى بمنزل (سليمان موسى) الذى سنأتى عليه لاحقاً ؟ و الأرجح أن المقصود هو اللقاء الأول لأن الوثيقة تشير إلى أن كل الإتصالات التى سبقتها عبارة عن إتصالين: أحدهما تم عن طريق خطاب و الثانى كان لقاء شفاهي: (بخصوص مطالبنا التى تقدمنا بها إليكم كتابياً من قبل ثم شفاهياً بعد ذلك). و على أيةَ حال يمكن إعتبار هذه الوثيقة هى مُسوَدّة الخطاب المطلبي الثانى بما أن هناك مطالبتين أخريين سبقتاها واحدة كتابية و أخرى شفاهية. و لكن من المؤكد أن كلاهما كانتا تدوران حول نفس نقاط الوثيقة عاليه.

فماذا حدث بعد تقديم هذا الخطاب المطلبى إلى مدير عام الورش ؟! هذا ما سنحاول إكتشافه من خلال عرض الوثائق التالية التى تقع فى الفترة الممتدة من 28 يناير 1943 إلى 25 فبراير 1943 .

>>>>>>>>>>>>>>>

[ياسر عبيدي]

(وثيقة رقم [2]) بتاريخ 28 يناير 1943



نص خطاب (الوثيقة رقم [2]) باللغة الإنجليزية:
[align=left]
CHIEF MECHANICAL ENGINEER’S OFFICE
A T B A R A
28/ January 1943

MS/842.2/10

Yehia Zakaria
Fitter, Running Shed
Thro’ Dist Loco Foreman
Atbara

The attached letter, signed by you, Anwar Ibrahim and Awad Saad Murgan has been submitted on behalf of the Apprentice Fitters

Aletter or petition must bear the signatures of all those who subscribe to its contents

Furthermore such a letter must state clearly and separatly each point which the pititioners wish to put forward. This has not been done in the letter attached

It is impossible for the Government to deal with a petition unless written in accordance with the above and clearly signed by all those who subscribe to its contents

A new petition should be submitted which meets with the above requirements. It may be written in Arabic if the petitionners so wish

CHIEF MECHANICAL ENGINEER

ترجمة الخطاب أعلاه:

مكتب مدير عام الورش
عطبرة
28 يناير 1943

يحيى زكريا
برّاد بورشة المَرَمّـة

بواسطة جناب ملاحظ ورشة المرمّة
بعطبرة

الجواب المرفق الموقع عليه منك و من أنور إبراهيم و من عوض سعد مرجان قدم إلىّ بالإنابة عن تلامذة البرّادين.

يجب أن تحمل العريضة إمضاءات كل الذين يشتركون فى كتابة محتوياتها و زيادة على ذلك يلزم أن يُبين مثل هذا الطلب بطريقة واضحة و على حده كل نقطة يرغب الطالبون تقديمها الشىء الذى لم يتبع فى الخطاب المرفق.

ليس فى إستطاعة الحكومة أن تتخذ إجراءات بصدد أى عريضة مالم تكتب حسب ما جاء بعاليه مع التوقيع عليها بوضوح من كل الذين يشتركون فى كتابة محتوياتها ـ يجب تقديم عريضة أخرى تتوفر فيها هذه المطالب و يمكن كتابتها باللغة العربية إذا رغب ذلك الطالبون.

مدير عام الورش

===***===

ممّا جاء في الخطاب عاليه نعلم أن المطالب الواردة فى مسوَدّة الخطاب السابق (الوثيقة [1]) قد تم تقديمها فى خطاب موجّه إلى مدير عام الورش مباشرةً ـ و يبدو أن ذلك كان أول خطاب عمالى مطلبى تم تقديمه ـ و وُقـِّــعَ بأسماء: يحيى زكريا و أنور إبراهيم و عوض سعد مرجان بالإنابة عن عمال قسم (البرّادين)، و لكن الرّد الرافض للأسلوب الذى به قدموا مطالبهم جاء موقــّـعاً بواسطة رئيس الهندسة الميكانيكية دون الإشارة إلى توقيعه نيابة عن مدير عام الورش بينما فى الترجمة كُـتِبَ مدير عام الورش!

و الأرجح أن توقيع خطاب العمال المطلبى هذا بأسماء هؤلاء الثلاثة قد تم لأسباب أقدمية خدمتهم و كِبَرَ سنـّهم، ذلك أن بين الثلاثة توقيعات يوجد توقيع (أنور إبراهيم) و هو من بين قدامى خريجى مدارس الصنائع عطبرة الذين تنادوا بعد تأسيس دار العمال أو (نادى الخريجين) لتكوين "لجنة" تمثل العمال و تكون بمثابة حلقة إتصال بينهم و مدير الورش كما جاء عند (الطيب حسن):

{ و فى إحدى حلقات النقاش و التى تضم الأخوان بابكر عبد الله و صادق عثمان و محمد صالح كرار و عبد الرحمن إبراهيم و أنور إبراهيم و على طه و على عثمان و آخرون تقدم الأخ محمد محمد على الكنزى و محى الدين زمراوى و الفاضل آدم جبال بإقتراح و هو لماذا لا نكوّن لجنة لتكون لنا حلقة إتصال بمدير الورش ترعى مصالحنا و تريحنا من هذا العذاب و توفر علينا الشكاوى و توقف عنا الظلم .. و قد سبق لهم أن ناقشوا هذا الإقتراح داخل الورش و أصروا على تقديمه للجنة الدار. } (الطيب حسن صـ 6 ــ)

و بما أن هذا الخطاب فى الوثيقة [2] كان رَداً على أول خطاب مطلبى للعمال و الذى رفع المطالب الواردة فى مسودة الخطاب أعلاه (الوثيقة [1])، فإن كتابة عريضة موقعة من قـُـدامى العمال بالإنابة عن الآخرين كان هو أول أسلوب توصل إليه العمال فى التعبير عن مطالبهم عند التخاطب مع السلطة الإستعمارية، إذ لم يكن لهم جهة إعتبارية يخاطبون من خلالها تلك السُـلطة الظالمة. و هذا الوضع، وضع أسلوب المطالبة العمالية الغير مقبول من السُـلطة الإستعمارية مع غياب الجهة الإعتبارية المُمَـثلة للعمال التى يستطيعون من خلالها مطالبة السـلطة بحقوقهم، أدّت إلى نقطة صدام بين العمال و السُـلطة كما سنعلم من بقية وثائق 1943. و هذا ما دفع العمال بعد نحو أكثر من عامين للتفكير جدّياً فى تكوين كيان لهم يعبر عن مصالحهم و يطالب بحقوقهم و الذى تمخض عن ظهور (هيئة شؤون العمال).

نستنتج من كل ذلك أن العمال بتجربتهم مع الخطاب المطلبى الأول هذا قد وّعووا درساً آخر فى مسيرة نضالهم من أجل تحقيق مصالحهم، و يظهر وعيهم هذا بحرصهم لاحقاً على جمع توقيعات العمال تأييداً لفكرة قيام (هيئة شؤون العمال) كما راينا أعلاه، و ذلك قبل تقديمهم لمطلبهم هذا لنفس السلطة التى رفضت من قبل عرائضهم المقدمة بواسطة ممثلين لهم وقعوها بالإنابة عنهم.

بناء على ذلك نستطيع القول أن العمال بعد خوضهم لهذه التجربة فى مخاطبة السلطة كتابياً ما كانوا بالغباء ليكرّروا هذا الأسلوب الذى إتضح لهم خطأهُ و أنه لن يجد أذناً صاغية لدى خصمهم، الأمر الذى يدعونا للإستنتاج بأنهم لم يرسلوا خطابهم المطلبى الثانى الذى لابد أن تكون الوثيقة رقم [1] مسوّدَتهِ الأولية، و نستنتج أن رَد رئيس الهندسة الميكانيكية بأسلوبه ذاك قد إستفزاهم و اثار غضبهم، لذلك عوضاً عن إرسال خطابهم المطلبى الثانى موقعاً بـ(خريجى المدارس الصناعية عطبرة) مع توقيعاتهم، بعثوا ببرقية بإسم خريجى المدارس الصناعية يطالبون فيها اللقاء بمدير عام الورش. و هذا ما يُشير إليه الخطاب التالى (الوثيقة رقم [3]) المؤرّخ 15/ فبراير 1943 و الموقع بإسم (هـ. ر. روبرتسون) بالإنابة عن المدير العام رداً على برقيتهم تلك، حيث خاطبهم بـ: (تلامذة الصنائع بعطبرة) عوضاً عن (خريجى المدارس الصناعية) أو (الخريجين) كما وقـّـعوا هم برقيتهم:

(الوثيقة رقم [3])



إلى تلامذة الصنائع
بعطبرة

وصلنى تلغرافكم بتاريخ اليوم و إنى أنصح إليكم بمقابلة جناب مدير عام الورش بمدرسة الصنائع فى تمام الساعة 14/30 اليوم و هو سيشرح و يهوّن عليكم مستقبلكم المظلم

الإمضاء
هـ. ر. روبرتسون
عن المدير العام

و فعلاً قد إلتقى العمال بمدير عام الورش بمدرسة الصنائع ـ و يبدو أن هذا اللقاء قد خُـصّصَ لـ"تلامذة القسم الأوّلى" ـ فأرسلوا مباشرةً فى اليوم التالى 16/ فبرابر 1943 برقية أخرى (وثيقة رقم [4]) إلى المدير العام، لابد أنها مرّت عبر (هـ. ر. روبرتسون)، يبدو فيها أن غضبهم من تسويف السلطات الإستعمارية و الإلتفاف على مطالبهم قد بلغ حداً خطيرا:

(وثيقة رقم [4]) مسوَدّة برقية العمال بتاريخ 16/ فبرابر 1943



حـديـد عـطـــبرة قـابـلــنا مـديـر الــورش
كأمـركـم تـفـاوضــنا معـه فـلـم يـقـنـعـنـا
أعــطى فــريـقــاً مـن الـعــمـال وعـــداً
فــلـم يـعــدنا نـحـن بالـمـنـازل تــحــت
أمـــــركـم بـعـــد رد الـــمـظــالـم أو ِ
الـــــوعــد الـــصـارم.

الخريجين
16/ 2/ 43


يبدو أن هذه البرقية التى أعقبت اللقاء مع مدير عام الورش بورشة مدرسة الصنائع عطبرة يوم 16/ 2/ 1943 كانت بمثابة الشرارة التى أشعلت المواجهة بين السلطة الإستعمارية و العمال الذين إتضح أن بعضهم كان فى حالة إضراب عن العمل كما سنعلم من الوثائق التالية. هذه المواجهة إستهدفت أول من إستهدفت مُمثلى العمال الموقعين بالإنابة عنهم فى خطابهم المطلبى الأول و بعدهم عدد غير معلوم من العمال. و أستطيع أن أؤكد من بين الموقعين الثلاثة بالإنابة عن العمال فى ذاك الخطاب إستهدفت السلطات الإستعمارية (يحيى زكريا) تحديداً فى تاريخ 17 فبراير 1943، كما ستخبرنا بذلك الوثائق التالية. (1)

>>>>>>>>>>>>>

ـــــــــــــــــــــــ

1) أثناء البحث عن مَنْ يُعيننى على معرفة موضوع قصيدة للوالد عنوانها: (أرفع الصوت للكفاح) و كتب تحت العنوان: ( مُهداة للزميل هاشم العبد لمناسبة إهدائه القصيدة للزميل الشفيع ) ـ و بالتحديد معرفة من هو (هاشم العَبـْـد) هذا و إتجاهه السياسى إذ من معرفة ذلك فقط ستحُـل 75% من شفرة هذه القصيدة التى سنأتى عليها لاحقاً، فـ(الشفيع) معلومٌ مَنَْ هو ـ وافانى صديق مشكوراً بتلفون (الصادق زكريا) الذى علمت منه أنه إبن (يحيى زكريا) موضوع رسالتنا التالية، و كان المُقدّر أن يرافقنى لزيارة (محمد عثمان شريف) أو (فرح عثمان شرفى) من قـُـدامى نقابيى عمال السكة حديد ـ أطال الله فى عمرهما و متعهما بوافر الصحة و العافية ـ حيث من الجلوس مع أحدهما قد نصل لفض سِـر هذه القصيدة. و لكن حتى الآن مرّت شهور عديدة و لم نستطع اللقاء لإنجاز هذه المهمة. و هذه من الإمور التى تحدث عادة فى الخرطوم، أعنى مجرّد لقاء شخص من أجل التحقق من معلومة صغيرة قد يستغرق منك دهراً.

[ياسر عبيدي]

يـحـيَى زكــريـّـا

(وثيقة رقم [5]) 17 / فبراير 1943



نص الوثيقة باللغة الإنجليزية:

CHIEF MECHANICAL ENGINEER’S OFFICE
A T B A R A
17th. February, 1943

[align=left]Yahia Zakaria

In the interview I gave to the Elementary Apprentices of Atbara at the Technical School Workshop on 15/2/1943, I explained fully to you the progress which had been made in dealing with the petition of the Atbara Apprentices, and informed you that the outstanding points are being dealt with as expeditiously as possible. I then advised you to return to and remain at your work

As you have not complied with this advice and returned to work, nor have you taken the advice of the D/General Manager, which he gave to your representatives in a two hour interview on 16/2/43, when he explained all points to them I much regret that I have no alternative but to suspend you from 17/2/43 for a minimum period of one month, after which your return will be considered

CHIEF MECHANICAL ENGINEER

نص الترجمة العربية:

مكتب مدير عام الورش
أتبرا 17/ فبراير 1943

يحيى زكريـّا

عندما قابلت تلامذة القسم الأوّلى بعطبرة فى ورشة مدرسة الصنائع يوم 15 فبراير سنة 1943 شرحت لكم بإسهاب المرحلة التى قطعها الطلب المقدم من تلامذة عطبرة و أخبرتكم أن النقط التى لم يُـبَت فيها بَعدْ تـُـتــّـخذ الآن بصددها إجراءات بإسرع ما يُستطاع و لقد نصحتكم وقتئذ أن تعودوا و تستمرّوا فى أعمالكم.

و حيث أنك لم تعمل بهذه النصيحة و لم تعد للعمل و لم تعمل أيضاً بنصيحة سعادة نائب مدير السكة الحديد لمندوبيكم أثناء مقابلته لهم التى إستغرقت ساعتين يوم 17 فبراير سنة 1943 و التى شرح سعادته لهم فيها كل النقط أخطركم على أسف منى أنه لا مناص لى من أن أوقفك عن العمل إبتداء من يوم 17/ 2/ 1943 لمدة لا تقل عن شهر بعد نهايته سينظر فى أمر رجوعك للخدمة.

مدير عام الورش

===***===

اليوم يمر حوالى 67 عام و عشرة أيام منذ إتخاذ (يـحـيى زكـريـّـا) و زملاؤه ذاك الموقف الشجاع و تلقيه أمر إيقافه عن العمل لمدّة شهر يُنظر بعدها فى أمر إعادته للعمل.
تحيّة نضالية نبعثها له و لزملائه العمال نهاية العقد الأول من القرن الحادى و العشرين و الحركة العمالية السودانية التى أفنوا زهرة شبابهم فى بنائها قد أصبحت كاليتيم على مائدة اللئيم يقودها إنتهازيون أسلموا قيادهم للسلطة كالحَمَـل و باعوا عرَق العمال الغالى لغلاظ القلب أرباب العمل.

[marq=right]عاش نضال الحركة العمالية السودانية [/marq]

[ياسر عبيدي]

تبعات الصِدام المُبكّر:

سيتأكد لنا أن العمال لابد أن يكونوا قد أدركوا من تجربة صدامهم المُبكر هذا مع السُلطة الإستعمارية أهمية و جود كيان يتحدّث بإسمهم و يشكل حماية لهم فى حال إضرابهم أو وصول صدامهم مع السلطة مستوى إيقافهم عن العمل. فمن أهم مهام الكيان النقابى الصَّرف من رصيد ماليته المُستقطعة من رواتب العمال على العمال المضربين بما يمكنهم من الصمود أثناء فترة الإضراب أو الإيقاف. إن غياب هذا الكيان فى ظرف إحتداد الصراع مع السُلطة أو أرباب العمل يجعلهم فريسة سهلة المنال و يمكن لَىّ ذراعهم بسهولة. نعم، لقد تعلّم العمال من هذا الصِـدام المُبكر دَرساً عن مكامِن ضعفهم و قوّتهم، مما أضاف لهم خبرة فى العمل المطلبى العمالى إستفادوا منه مستقبلاً و هم يواصلون النضال من أجل إنتزاع حقوقهم المشروعة.

لم أعثر على بقية أسماء العمال الموقوفين حتى الآن، و لكن من المؤكد أن مع (يَحيَى زكـريّـا) أوقف عدد من العمال رفضوا الإنصياع لأوامر السلطة فى مواصلة العمل مالم تنفـّـذ مطالبهم المشروعة كما سيتبين من الوثائق التالية. و من ضمن هؤلاء الموقوفين كان خرِّيجى (القسم الأوّلى) بمدرسة الصنائع عطبرة. إن مَنْ دعاهم (هـ. ر. روبيرتسون) المُوَقــِّـع بالإنابة عن المدير العام فى ذاك الخطاب بـ"تلامذة الصنائع عطبرة"، هم خرّيجون يعملون بمصلحة السكة حديد عطبرة و يتقاضون رواتب. نعلم ذلك من مسوَدّة خطاب العمال بدون تاريخ الذى سنعرضه فى الوثيقة قبل الأخيرة من مجموعة وثائق 1943 هذه.

و لكن الآن دعونا نواصل تطوّرات أحداث هذا الصِـدام الذى و صل إلى إيقاف مناديب العمال المضربين عن العمل و الموقعين على تلك العريضة (أنظر وثيقة رقم [1] 1943) عن العمل يوم 17 / 2 / 1943 و معهم خرّيجى الصنائع "القسم الأوّلى". فبعد أستلامهم لخطابات إيقافهم كتب العمال خطاب آخر بتاريخ 20 / 2 / 1943 مُوجَّـه لمدير عام الورش فى مسوَدّة الخطاب العربية، ولكن فى المسوَدّة الإنجليزية وُجِّـهَ إلى مدير عام الورش بالإنابة و هو رئيس الهندسة الميكانيكية. و قد يكون هذه المرّة أرفقوا قائمة توقيعاتهم مع هذا الخطاب حيث يُلمس من نهاية المسوَدّة الإنجليزية ذلك حين نقرأ: (See next sheet please.)، و لكنى لم أعثر على هذه التوقيعات. و ما يتم عرضه هنا من خطابات العمال هى مُسوَدّات يتم ترجمتها فيما بعد إلى اللغة الإنجليزية و طباعتها بعد ذلك على الآلة الكاتبة و قد يُجرى لها بعض التحرير خلال هذه المرحلة من حذف و إضافة، و هذا ما نفهمه من نهاية خطاب رئيس الهندسة الميكانيكية المتعجرف الغليظ القلب الذى يخاطب العمال بالإنابة عن مدير عام الورش و الموجه إلى (يـحيى زكـريّـا) فى الوثيقة رقم [2] حين قال: (.. و يمكن كتابتها باللغة العربية إذا رغب ذلك الطالبون). سنعرض أدناه وثيقة المسوَدّة العربية لهذا الخطاب يليها مسوَدّة اللغة الإنجليزية:

(وثيقة رقم [6]، مسوَدّة الخطاب بتاريخ 20/ 2/ 1943)





سعادة مدير عام الورش المحترم

لقد سبق لسعادتكم مقابلتنا فى ورشة مدرسة الصنائع يوم 15 فبراير شرحت لنا فيها المرحلة التى قطعها الطلب المقدم منا فى يوم 26 يناير، و لقد عرفنا من شرحكم أن لا طلب هنالك من تلك الطلبات يُرجى تحقيقه لذلك لم نقـتنع، و عليه بعثنا ببرقية لسعادة مدير عام السكة حديد بالنيابة فى يوم 16 فبراير طالبين منه بياناً أوضح، فكان من سعادته أن إستدعى مندوبين و دارت المحادثة بينه و بينهم زهاء ساعتين بـيّنَ لهم فى خلالها الحلول التى و صلت إليها بعض الطلبات مع إستمرار البحث فى الأخريات، فإقـتنع مندوبينا بذلك ثم إجتمعوا بنا فإقـتنعنا كذلك، و لكن طلبنا من سعادته بواسطة أحمد أفندى التجانى أن يُبـيّن لنا ذلك فى نشرة رسمية كما سبق لسعادة المدير العام أن بعث لنا بنشرة من الخرطوم ليزداد يقيننا، و لكنكم لم تبعثوا لنا بتلك النشرة بل بعثتم لنا بخطابات أوقفتمونا فيها مدّة شهر يُنظر بعد إنتهائها فى رجوعنا للعمل، فنحن نرى أنه لا يمكننا أن نقبل بهذا الإيقاف المجهول النهاية كما أننا نراه سواء طالت مدّته أو قـَـصُرَت ضاراً بنا ضراراً بالغاً، إذ لا يمكن لأحد أن يكون مفيداً فى عمل لا يأتيه منه رزقه، فنرجو من سعادتكم إما أن تبعثوا لنا بنشرة كتابية تتضمن ما قاله سعادة المدير العام و إما أن تستغنوا عنـّـا نهائياً من تاريخ 17 / 2 / 43 مع إعطائنا شهاداتنا عن مدّة خدمتـنا و شهادة خلو طرف و تصاريح السفر لبلادنا.

(مسوَدّة خطاب الوثيقة [6] الإنجليزية بتاريخ 20/ 2/ 1943)




نـَّـص المسوَدّة الإنجليزى

[align=right] ATBARA, 20th. Febr. , 1943

[align=left]Chief Mech. Engineer

Sir

From your interview with us on 15th. inst. in the Tech. School, rightly or wrongly, we understood, that nothing of the contents of our petition of 26 / 1 / 43 has been granted and it seems evident that we misunderstood you

We, therefore, having been still unsatisfied wired the Deputy General Manager on 16/2/43 to let us know if anything could be done for us. He very kindly summoned our representatives, and in an interview which lasted for about two hours, he fully explained the position to our representatives and showed them what could so far be achieved of our grievances. Our representatives were satisfied and conveyed what they heard from the Deputy General Manager to us through Ahmed Eff. Hassan Khalifa with the request of some written confirmation of what had taken place in the interview in form of circular like the one sent by the General Manager from Khartoum or in any other form

We have been waiting for such confirmation, but instead we received letters suspending us for a period not less than one month after which our return to work may be considered

We now see that we can not tolerate such unlimited suspension and we find that suspension whether for a long or a short period is harmful to us as we are living on our salaries which we graw from the Railways

We can not stay without earning our livings as we will be considered still being in the service and can not join any service anywhere else

[align=right]See next sheet please.

>>>>>>>>>>>>>

[ياسر عبيدي]

***