العودة إلى سنار : محمد عبد الحي - ترجمة للنقاش

Forum Démocratique
- Democratic Forum
عبد الماجد محمد عبد الماجد
مشاركات: 1655
اشترك في: الجمعة يونيو 10, 2005 7:28 am
مكان: LONDON
اتصال:

مشاركة بواسطة عبد الماجد محمد عبد الماجد »

أخانا المبدع مصطفى آدم

لك المودة والتجلّة
عارف يا دفعة يبدو أنو انا أمس كنت مطشش: ردييت عليك بكلام لا علاقة له قوية بماداحلتك, فالمعذرة .

الأستاذة عزة لها الحق في ما تساءلت: الأزرق بتاع الزول دا كأنه بيخلقو هو براهو. أنا زاتي بقول الزول دا بجيبوا من وين!!
أما السفروق ما بجلي أبدا, كان ما اليلة باكر والمطرودة ملحوقة .
نشكرك على فتحك نوافذ للشعر تجعلنا نتذوق ما لا يمكن لنا تذوقه بلغة غير عربية وأقصد ترجماتك إلى العربية وليس منها.
بعدين يا صاحب أساتذتنا الكبار ديل ما نص أعمالهم مكتوب بلغة أجنبية ولو كانت الألفاظ عربية. كثيرا ما يطردني من قراءة الأدب الحديث أن لا علاقة له بالعربية إلا الأصوات والألفاظ. هناك جوانب أخرى كالنَفَس والقافية ومناسبة الموسيقى للمعنى وتعديل العبارات (وفق القاموس الكوني) لتتفق مع ذزائق قراء من مجتمع مختلف .....
دا كلَو يتطلب أن يكون المترجم شاعرا له القدرة على تعريب المسكسن وسكسنة المعرب ..... الخ

تقول لي عنقالي؟ إنت عنقالي يا سيدنا طيب العنقالة يكونوا شنو؟ دا نفس التواضع الذي أدَى بك للزوغان من صفة الشاعرية.


المطرودة ملحوقة والصابرات روابح لو كان يجن قُمّاح
والبصيرةْ قُبِّال اليصر توَدِّيك للصاح
حافظ خير
مشاركات: 545
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:23 pm

مشاركة بواسطة حافظ خير »

ترجمة محمد عبدالحي
إشارات في الماء واللون


سيعذرني القارئون والقارئات على الطبيعة البرقية لهذه المداخلة ، فلا يتوقع أحد أن يسبر المتحاورون هنا الجوانب الشائكة لموضوع ترجمة الشعر ، وهو يتعدى إشكالية من هو المترجم، ليشمل أسئلة أكبر، ربما عن أين يكمن الشعر نفسه الذي نريد ترجمته، وعن ماهية الصورة الشعرية، وعن مادة الكلام الشعري نفسه، الخ...
ولا يسع الكاتبون هنا ، في سياق كهذا، سوى بذل الإشارات للقارئين والقارئات:

كتب
الحسن البكري في معرض العمل على الترجمة المعروضة للنقاش اقتراحاً يليق بالكاتب المجوِّد: إجراء دراسة إحصائية للمفردات المتصلة باللون، بل ربما إجراء بحث صغير، لأغراض الترجمة فقط، حتى تتم مطابقة أقرب إلى روح القصيدة وإلى سياقاتها التاريخية والرمزية المتصلة بهذا الجانب

لـ
عبداللطيف ع. الفكي مقالة لا أملُّ الإشارة الى عنوانها، نظام اللغة، نظام اللون، عرضها علينا في اتحاد الكتاب في نهاية الثمانينات، وهي مقاربة تحاول سبر أغوار القدرات التعبيرية للون في مقابلة افتراضية مع تلك التي للغة كنظام.

سمعت بعض الحضور من التشكيليين يعبرون عن تذمرهم بسبب ما اعتبروه "إجحافاً" من اللساني الضليع ، الذي بدا لهم وكأنه يصف نظام اللون بالـ"قصور" التعبيري (البلاغي؟)...

إعداد قائمة محققة طويلة أو قصيرة بمفردات اللون في اللغة الانكليزية التي يرتجم اليها
مصطفى آدم ستهيئ له مغالبة أمور شائكة في ترجمة النص المعني ، وهي أمور أبرقها له الحسن في شرحه: مقابلة مفردة "السود" بالكلمة الانجليزية dark التي ربما تنطوي على دلالات سلبية لا ينبغي لها أن تستمر مرادفة للون الأسود مما يصب في اتجاه تكريس التقاليد اللغوية التي رسّخت مثل هذه المطابقة الشائنة [….] واقترح إجراء "بحث" علمي باستشكال المسألة، إذ أن "الظلمة" و "السواد" موتيفتان مهمتان بالقصيدة وفي كثير من الأحوال تتواردان متداخلتين، مما يعقد فرزهما.

فرز ألوان وروائح؟
تشيع في الكتابات النقدية العامة (popular criticism) تعبيرات فضفاضة تحاول الإمساك بالخصائص المخاتلة للنص الشعري، فـمن يتنفس "النـَـفَس" الشعري مثلاً أو يتحسسه؟ وهل هو محمول على الهواء (airborne) أم أنه مصنوع من مادة أخرى تحيا في "مكان" ما من النص الشعري؟ وما علاقته بالمفردات – المادة الخام التي يشتغل عليها وبها الشاعر؟ وما هي "روح" النص (ويسألونك عن الروح...) وما هي "اللونية" الشعرية التي قد تصبغ جيلاً بحاله، أو كتاباً بعينه؟

بقراءة أخرى إذن ، يمكنك أن تقول، حينما يتحدث عن "قاموس الألوان" فإن الحسن إنما يدعو مصطفى آدم لـ"إعداد علبة الألوان" ، يحرضه على "التلوين" داخل هذه اللغة الأخرى، ويدعوه في نفس الوقت لأن يبدع – مثلما فعل الشاعر – في بلاغة اللون، خارج اللغة، في هذا المكان المموَّه، هذا المكان المخاتل، الذي نعرف بحدسٍ ما أنَّ محمد عبدالحي كان يرتاده في القصيدة...


(الفاضل الهاشمي يلتقط الإشارة ويصف الحسن الروائي بـ"الفنان" ، مقابلاً إياه بالشاعر – الفنان حسن موسى - الذي أتانا راكضاً في "قمصان الماء"...)

ما الذي يجعل الشعرَ عصياً هكذا، لنبحث عنه في العمى المطلق، لنلتقطه التقاطاً في فضاءات أكثر مخاتلة، مثل فضاء "اللون" أو في فضاء "الروح"؟

وماذا سيفعل مصطفى آدم بقاموس الألوان أمام الشعر الذي هو لعبدالحي؟

نعرف أن المترجم – حدَّاد الكلمات، the wordsmith – سيطرِّق المفردات تطريقاً، وسيبحث في دلالاتها ومحمولاتها الثقافية والتاريخية والرمزية؛ سيدرس الأفعال ومآلاتها، المصادر وذخائرها الكامنة، سينقب عن "المخاطر" و"الإنزلاقات" التي ستواجه النص المترجَم في الطريق الى اللغة الأخرى، ليهيئ لنا النص الشعري المهاجر في اللغة الأخرى، فتلك مهمته الأولى...
.
لكنه من جهة أخرى سيعمل على مادة مخاتلة أخرى في نص ع.الحي ، على "الإيقاع الداخلي" مثلاً (هذه الكلمة الفضفاضة الأخرى)؛ وسيحسب "المسافة" و"الزمن" الذي سيستغرقه
"أول الطيور" كي "يمرَّ فوقنا" مثلاً، وقد يمضي لحد التفكير في قياس قـُطر "الدورتين" التي يدورها أول الطيور "قبل أن يغيب"...
(ستسألين ، وأنت القارئة الحصيفة، إن كان أول الطيور يحلق على صفحة الورق أم في "الهواء"، إن كانت الصورة في الذهن ـ أم أنها تـُستدعى من الذاكرة؟)
إنه سينصت أيضاً الى "الصوت"، ولكنه سيتخيل الصوت... هل سيسمعه من داخل"أبواب سنار" ، فيأتيه صارخاً، متوتراً ، يأتيه من بعيدٍ بعيد... أم سيقف مثل شبحٍ معجزٍ خارج التاريخ (خارج الكتاب) كتفاً بكتف مع ناطق الصوت فيأتيه الصوت هامساً، رخيماً وقريباً؟
(ستسأل وأنت القاريء الحصيف ، هل سيسمع الصوتَ، أم سيراه؟ وهل الصوت هو لونٌ آخر؟)

لا أقترح أن مهمة المترجم مستحيلة، بل بالعكس؛
أقترح أن الأماكن التي يعمل فيها الشاعر ليست أماكن "أسطورية" ، بل العكس، هي أماكن قابلة للإكتشاف؛
وأقترح أنَّ الصمت العالق بين كلمة وأخرى (والذي يحلم حسين شريف بإلتقاطه، في نص آخر) هو في الحقيقة لونٌ ..

هذه كلها إشارات في اللون والماء لن تكتمل، حول "العودة الى سنار" وحول مائيات عبدالحي...



ح.خ


...
حافظ خير
مشاركات: 545
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:23 pm

مشاركة بواسطة حافظ خير »

[align=left]Dear Mustafa Adam

Thank you so much for sending me the Arabic revisited version of The Return to Sinnar. I got it! s

Your trust, ya Mustafa, and confidence in my potential contributions is both flattering and trap-all-some!
What a task you setup yourself for, and, subsequently, what are you getting us into? s
This is obviously more dangerous than treading Hussein Sharif’s waters! s

I’ve spent good few days looking at the first two paragraphs of “The Sea”, comparing
your translation to the original text; and I saw how you must have spent
hours and hours to deal with the slightest of detail! And here I am, using
your hard work to tweak here and there, play with “tone” and
alter the “fluency of the voice” and perhaps add some colour [yes, colour!], etc. These
are the areas I always found fascinating and troublesome; (ironically, these terms
will fit nicely into what I described above as vague terms of popular criticism). ss
But without too much ado, here is a take on the first 16 lines of The Sea. We will inevitably
disagree or agree about details, but hopefully our discussion will
get us somewhere, on how to deliver Sinnar into English. ss
(I numbered the lines to come later with my notes on my choices and “readings”, if they were not clear already)

The Sea

I behold how the first of birds soared
........ 1
Above our heads, circling twice before they vanish
Into the dimness of light, into the sparkling garden of dusk
The sun a fusion of phosphors and blaze
Plummeting into the bosom of the waters at the western line
........ 5
A garden whose fruits are fakes
Whose demonic splendours
Of dates and pomegranates, of apples hanging treeless,
Shimmer fleetingly and disappear in the blazing flames
........ 9


And then we attained the first of offerings:

A shade of a world to become,
Snarls of sea-lichens in the salty waters
And yarns of the remains of dead trees,
Where the busy creatures of the deep,
........ 14
In their blinded mirth,
Oblivious to the images of day
Erased by the images of night,
Engrave in their darkness
The primal shapes of life
In the world of sea leeches
........ 20


...
حافظ خير
مشاركات: 545
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:23 pm

مشاركة بواسطة حافظ خير »

[align=left]....

More tweaking to The Sea







The Sea



I behold how the first of birds soared ….. 1
Above our heads, circling twice before they vanish
Into the dimness of light, into the sparkling garden of dusk
The sun a fusion of phosphors and blaze
Plummeting into the bosom of the waters at the western line
….. 5
A garden whose fruits are fakes
Whose demonic splendours
Of dates and pomegranates, of apples hanging treeless,
... 8
Shimmer fleetingly and disappear in the blazing flames ….. 9



But then we attained the first of offerings: ..... 10

A shade of a world to become, .... 11
Snarls of sea-lichens in the salty waters
And yarns of the remains of dead trees, ... 13
Where the busy creatures of the deep, ... 14
In their blinded mirth, ... 15
Oblivious to the image of day
Erased by the image of night,
... 17
Engrave, in their darkness, the primal shapes of life
Deep in this world of sea leeches
..... 20


And then the air brought the smells of Land! ...21
Brought the shades of a hue
Other than the greenness of this abyss
Other than the dying mutterings
Of a language echoing salt
….. 25


From the darkness, .... 26
From the deepening hollow of silence
In the cycles of uttering sounds
Beyond the darkened hilltops
Above the trees
….. 30
Lanterns of villages rose
Floating nearer, then drowning
In the haze of mist and vapour


Falling, like ripened fruits,
.... 34
Into the dense of silence, …… 35
At the edging borders
Between dreary dreams
And the birth of longing


And out of the shadows of Land
Soared the birds of fire
…. 40
And now behold
The brimming trunks of living trees,
... 42
The flesh of earth, ... 42
Behold the blooms



......
....
صورة العضو الرمزية
مصطفى آدم
مشاركات: 1691
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 5:47 pm

مشاركة بواسطة مصطفى آدم »

شايف يا حسن الفرق بين " المترجم" و " الشاعر"؟
يا لسعادتي بك يا حافظ يا " فردة" !@ الترجمة/الشعر
سأنتظر حتى " تكتمل "شعرنة" الترجمة
و أجيك في بعض الاختلافات البسيطة .
مع خالص المودة
حافظ خير
مشاركات: 545
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:23 pm

مشاركة بواسطة حافظ خير »

العزيز مصطفى آدم

لك شكري على كلماتك الطيبة دائماً ، وأنا ممتن يا صديقي لـ"رفقة الشعر والترجمة" وثمارها التي أتاحها لنا هذا الموقع،
كنت أود أن أثرثر عن اختياراتي التي ضمَّنتها الترجمة ، ولكني أظنها واضحة، على الأقل بالنسبة لك وأنت اللصيق بهذا النص الجميل المعقد...
وأنا مهتمٌ جداً بملاحظاتك والاختلافات "البسيطة وغيرها" ، فهي مادة النقاش التي سنتعلم منها جديداً دون شك.
...
سأتوقف عند هذا الجزء من النشيد الأول ، على أن أعود - معك وربما مع البكري، ومدثر ونجاة وعادل عثمان والآخرين - لشيطان التفاصيل والحوارات والملاحظات
آملاً أن تثمر "ورشتنا" بنص "مكتمل" نطمئن له، ما أمكن.


سلامٌ لروح الشاعر
مُحمَّد عبدُالحَي في الصمت...

والود المقيم، دائماً

ح.خ
صورة العضو الرمزية
مصطفى آدم
مشاركات: 1691
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 5:47 pm

النشيد الثالث الليل

مشاركة بواسطة مصطفى آدم »

[color=indigo]The Return to Sinnar[align=left]
The Third Song
The Night
My city
Opens up
Its sumptuous bosom –
What magnificent rivers
And forests
Of lightening and thunder-
My parts dissolve,
Into red vapour,
In their own blood melts.
My soul ; a white bird ,whirls,
Above its water.
The night closes in,
And, on the bone- white skull,
A legend it unveils,
And little by little,
Things regress
Into their elemental beginnings,
wherein,
Flames ripen,
In the bones of their sweltering indigo sun.
The phoenix, then, crosses dreams,
Fully clad,
In his shirt of shimmering sparks.
At night, where, the red fruit;
The bud and the flower,
In their primal solitude,
Before discerning what trees are;
At night, the night’s falcon filches
The shredded morsels of flesh on naked bone,
Then, blood gushes up;
A sliver cloud above the water line.
The primal images wriggle;
Floats above waters of silence,
Where the song reassumes
Its ancient rythme;
Before it is able to give names or is being named;
In the unique transfiguration of its essential being;
Before, what it is not,
It becomes,
Before the alphabet carves out its new form
.[/color]
صورة العضو الرمزية
مصطفى آدم
مشاركات: 1691
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 5:47 pm

مشاركة بواسطة مصطفى آدم »

صورة
صورة العضو الرمزية
مصطفى آدم
مشاركات: 1691
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 5:47 pm

مشاركة بواسطة مصطفى آدم »

صورة
صورة العضو الرمزية
مصطفى آدم
مشاركات: 1691
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 5:47 pm

مشاركة بواسطة مصطفى آدم »

]شكراً يا نجاة على استعدال الخيط
و شكراً للحسن بكري على التعديلات و الاقتراحات القيمة التي " استعدلت" الترجمة " مش الشعر يا حسن موسى
]
صورة العضو الرمزية
مصطفى آدم
مشاركات: 1691
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 5:47 pm

مشاركة بواسطة مصطفى آدم »

Floats should be float in line 8 from bottom in page 2
محمد جمال الدين
مشاركات: 1839
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:52 pm

مشاركة بواسطة محمد جمال الدين »

لا يسعنى إلا أن أقول "أعترف" الليلة يومي كل ضاع عشان أقدر أفهم أنا ليه ممتع "متكيف" للكلام دا؟. برغم أني مرات بفهم سطر وأفط سطر!. (لازم أرجع تاني وتاني من الأول).
روعة. أنا سعيد بيكم.

محمد جمال الدين
مصطفى مدثر
مشاركات: 935
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 10:26 pm
مكان: هاملتون-كندا

مشاركة بواسطة مصطفى مدثر »

سلام يا مصطفى آدم
ورمضان كريم
ليك ول محمد جمال الدين.
والله دخلت أسلم وأقول ليك تشاور منو وفي شنو؟
ترجمتك تعلو على المشورة يا رفيق!
صورة العضو الرمزية
مصطفى آدم
مشاركات: 1691
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 5:47 pm

مشاركة بواسطة مصطفى آدم »

النشيد الثالث
الليل
و فتحت ذراعها
مدينتي
و حضنها الرغيد

-أيّة أنهارٍ عظيماتٍ
و غاباتٍ
من البروق و الرعود-

تنحل أعضائي
بخاراً أحمراً
يذوب في دمائها

تعوم روحي
طائراً أبيض
فوق مائها

و يطبق الليل الذي
يفتح
في الجمجمة البيضاء

خرافة تعود،
وهلةً و وهلةً ،
إلى نطفتها الأشياء

فيها ؛ و ينضج اللهيب
في عظام شمسها الزرقاء
الفائرة الزرقاء

و يعبر السمندل الأحلامَ
في قميصه
المصنوع من شرار

في الليل؛ حيث الثمرُ الأحمر،
و البرعم ، و الزهرةُ ، في وحدتها الأولى-
من قبل أن تعرفَ ما الأشجار

في الليل ، ينتاش بقايا
خرقةِ اللحم على العظام،
صقر الليل ، ثم تصعدُ الدماء

غمامة فضية فوق حدود الماء

و تتلوى الصور الأولى
و تطفو في مياه الصمتِ
حيث يرجعُ النشيد

لشكله القديم،
قبل أن يسمي أو يسمى،
في تجلّى ذاته الفريد

من قبل أن يكونَ
غير ما يكونُ
قبل أن تجوّف الحروف شكله الجديد.

شكراَ مجمد جمال على المؤازرة ولك شكري على ما تتحفنا به من كتابة شيقة ، وأعلاه النص الأصلي للنشيد الثالث ، طبعة 1985 المعدلة
صورة العضو الرمزية
مصطفى آدم
مشاركات: 1691
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 5:47 pm

مشاركة بواسطة مصطفى آدم »

صديقي ( رغماً عن أنفك و أنف حسن موسى و أضنين أفغانك الذين نسوا حكم طالبان فضحكوا )مصطفى
ما زلت استخدم عبارتك الشائقة " مع المودة المعطونة في الغرض" و غرضي ما بيغباك ! تحياتي و شكري
صورة العضو الرمزية
مصطفى آدم
مشاركات: 1691
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 5:47 pm

مشاركة بواسطة مصطفى آدم »

النشيد الرابع
الحلم
الصقر عاد للجبل
من صيده الليل أحمر المخالب
لكي ينام. عشه القصيّ من ريش العصافير و من صوف الأرانب
و اهتزت النخلة في رشاقة و فوقها برج النجوم المكتمل .

سأعود بترجمة النشيد الرابع ... يبدو أنها قد نضجت ،أيضاً، بين ذراعي شيخ يعرف خمر الله و خمر الناس !
Ahmed Sid Ahmed
مشاركات: 900
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 3:49 pm

مشاركة بواسطة Ahmed Sid Ahmed »

سعيد بعودتك فى أول مايو يا مصطفى لهذا " الخيط "، وقد غادر أبريل " الشهر القاسى. " إليوت "
إستمتعت بجهدك الخلاق وبما أثاره من مداخلات شيقة فى السابق.
صورة العضو الرمزية
مصطفى آدم
مشاركات: 1691
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 5:47 pm

مشاركة بواسطة مصطفى آدم »

شكراً يا أحمد ...
من أمس قاعد ... في الحقيقة فعلاً " قاعد" ... اباصر مسألة تحميل النص كملف بي دي إف و ما قادر ...!
صورة العضو الرمزية
مصطفى آدم
مشاركات: 1691
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 5:47 pm

مشاركة بواسطة مصطفى آدم »

صورة

صورة


صورة


صورة


صورة


النص العربي الأصلي كما جاء في نسخة الديوان، الطبعة الثانية المنقحة من دار النشر جامعة الخرطوم 1985 :

النشيد الرابع
الحـــــــلم

الصقرُ عادَ للجبلْ
من صيده الليل أحمرَ المخالبِ
و اهتزت النخلة في رشاقة وفوقها برجَ النجوم المكتمل

يجنح للأفول
كملكٍ قتيلْ
ورجع السبعُ إلى عرينه ؛ و نزل الجاموس للمياه.

و لمْ يزلْ طيرُ دمي يصيحْ
كجرس في الريحْ
طير دمي...
طير دمي...
طير دمي...
ويضرِبُ الموجُ براري حُلُمِي ؛ و تحملُ الرياحْ
لي مرّةً ثانية رائحة البحر و نقشاً من نقوش لغةٍ ميتةٍ على الجراح.
أ دعوة إلى السفر؟

أم عودة إلى الشجر ؟

أم صوت بشرى غامضُ يرجف كالسحلية الخضراء تحت خشبات البابْ

يبعثه من آخر الضمير مرَّةَّ عواء آخر الذئابْ

في طرف الصحراءِ ، مرَّةً رنين معدنٍ في الصمَّتِ ،
مرةً حفيفُ السمك الراقص في دوائر النجوم في النهرْ؟
ومرةً همس عصافير الثمار حينما يلمسه باللهب الأزرق جنٍىُّ القمر ؟

أم صوت باب جبلٍ يفتحه

في آخر الليل وقبل أول الصباح

المَلَك الساهر في حديقة الورد البدائية في إشراقة الجراح،

يَمُدُّ لي يديه

يقودني عبر رؤى عينيه

و عبر أدغال ليالي ذاتك القديمة

للذهب الكامن في صخورك القديمة

فأحتمى – كالنطفة الأولى –

بالصور الأولى التي تضئ

في الذّاكرة الأولى ،

وفى سكون ذهنك النقيّ

تمثالاً من العاجِ،

وزهرة

وثعبانا مقدساً وأبراجاً

وأشكالاً من الرخامِ والفَخّارْ.

حلمُُ ما أبصرُ أم وهمُُ؟

أم حق يتجلّى في الرؤيا ؟

في هاجرةِ الصَّحْراء أزيح قباب الرملَ

عن نقشٍ أسودَ ، عن مَلِكٍ

يلتفًّ بأسماء الشفرةِ والشمسِ

والرمز الطّافرُ مثل الوعلِِ

فوق نحاسِ الصَّحراءْ.

أسمع صوت امرأةٍ

تفتحُ بابَ الجبلِ الصَّامت ، تأتي

بقناديل العاج إلى درجات الهيكل والمذبحْ



ثم تنامُ – ينامُ الحرَّاسْ –

لتولد بين الحُرحُر والأجراسْ

شفةً خمراً ، قيثاراً ،

جسداً ينضج بين ذراعي شيخٍ

يعرف خمرَ اللهِ وخمر النّاسْ.

لغة’’ فوق شفاهٍ من ذهبٍ

أم نورٌ في شجر الحُلمِ المزهرْ

عند حدود الذَاكرةِ الكبرى

الذّاكرة الأولى؟

أم صوتي

يتكوَّر طفلاً كي يولدَ

في عتباتِ اللغةِ الزرقاءْ ؟


وتجئُ أشباح مقنّعة’’ لترقص حرَّةً ، زمناً،

على جسدي الذى يمتد أدغالاً ، سهوباً : تمرح الأفيالُ،

تسترخى التماسيح ، الطيور تهبُّ مثل غمامةٍ ، والنحل مروحة’’

يغنِّى وهو يعسلُ في تجاويف الجبالِ ،؛وتستدير مدينة’’ زرقاءُ

في جسدي، ويبدأ صوتُها ، صوتي ، يجسِّد صوت شعبي ، صوت موتاي الطليقْ.


حلم’’ ؟ رؤىِّ وهميّة’’ ؟ حقُّ؟

ماذا أكون بغير هذا الصوت ، هذا الرمز ، هذا العبء ِ

يخلقني وأخلقه على وجه المدينة تحت شمس الليلِ والحبِّ العميقْ .


وحينما يجنحُ آخر النجوم للأفولْ

ويرجع الموتى إلى المخابئ القديمة

كيما ينامون وراء حائط النّهارْ

أنامُ في انتظارْ

آلهة الشمس وقد أترعَ قلبي الحبُ والقَبُولْ.


صفحات 33 -38 من :
العودة إلى سنار : قصيدة من خمسة أناشيد
الناشرون : دار جامعة الخرطوم للنشر
الطبعة الثانية " منقحة" 1985

آخر تعديل بواسطة مصطفى آدم في الخميس مايو 03, 2012 10:30 am، تم التعديل 3 مرات في المجمل.
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

تحية إلى رفيقنا " في الغار " الأستاذ مصطفى آدم ، الذي أصابته جرثومة الشعر منذ زمان بعيد ، وسكت على أحمالها المُعِدية ، وبدأ يترجم بثياب الخوارج ، ليأتينا من النافذة مترجماً لأعصى القصائد الشعرية العربية في زمان مولدها ومخاضها .
نعود لملف هام يتعلق بحياة الشاعر محمد عبد الحي :
ورد من كلمة زوجة الشاعر الراحل وهي الدكتورة ( عائشة موسى ) ...


كلمة الأستاذة عائشة موسى السعيد أول المتحدثين تحت عنوان : محطات في حياة عبدالحي - الرياض - السعودية :
*

النادي السعودي الأدبي بالرياض منبر تشرفت بالانتساب لعضويته والمشاركة في أنشطته طيلة سنوات عملي بجامعتي الملك سعود والأمير سلطان، وتحت مظلته استمعت وتعرفت على العديد من الأصوات والسير الخالدة لعلامات ثقافية سعودية وعربية وعالمية أثرت وجودي بهذه البلاد الرحبة وقد شرفني النادي بشهادة تقدير اعتز بها.
لذا فأنا احمد هذه السانحة التي هيّأت لي فرصة الشكر والعرفان للنادي الأدبي بالرياض والجمعية السودانية للثقافة والآداب والفنون للحفاوة بشخصي وبالفعالية التي نعتبرها حدثاً هاماً ضرورياً في الأسرة وفي السودان وهاهي منذ سنوات تتجاوز تلك الحدود وباستضافتكم لذكرى شاعر سوداني والنظر في شعره إضافة ثمينة عملية في طريق وحدة الثقافة العربية وما أصدق ما قرأته اليوم لكاتب قال: الثقافة تتعمق بالتعدد .واسمحوا لي في هذه اللحظة أن أحيي أولادي يتابعون هذه اللحظة حفاوتكم عبر الفضاء.

تحدثت كثيراً عن محمد عبد الحي الذي تتحدثون عن شعره اليوم، لكنني ترددتُ هذه المرة في الحديث....
فالمستمع هذا المساء فوق انه استثنائي فقد اقتطع من أمسية رمضانية تأتِ مرة واحدة كل عام ليستمع لامرأة من السودان تتحدث عن زوجها وليشارك في إحياء الذكرى بالاستماع لشعره!
ولكن شهادتي أمام الله وأمامكم أن الرجل يستحق منا أن نسمع ما قال! يستحق سعيكم الذي سأحمله قلادة تزين ما مكنني منه محمد عبد الحي هذا المساء ومنذ أن رحل.
لأختصر حديثي وأنا مدرسة وكثيرة الكلام سأقف فقط في ثلاث محطات تهم موضوعكم هذا المساء والذي يمثل جزء من شعره فرضت علينا تسميته واهتمام محمد به، أن نوفيه حقه من البحث والتفسير. وهو مطولته العودة إلى سنار التي سمعناها من الابنة شيراز والتي تحفظ كل أشعار ابيها.

الأولى:
كنتُ في منتصف الستينات في بعثة بجامعة ليدز البريطانية للتدريب لنيل دبلوم اللغة الانجليزية كلغة أجنبية وبحكم أنني كنت سكرتيرة الجمعية السودانية فقد كُلّفت بمقابلة المبعوث محمد عبد الحي الذي سيحضر لدرجة الماجستير بنفس كليتي فذهبت وصديقتي الكندية لمقابلته بمحطة السكة حديد كما نسميها فجاء من لندن فقابلناه وعشيناه ووجدنا له سكن مؤقت ورجعنا لشقتنا وأصدرنا شهادتنا عنه:
كان رجلاً وسيماً شديد الغرور واسع المعارف عربي الملامح وأضافت الكندية:
But he is a gentleman
وبما أنني إقليمية من غرب السودان فقد رأيته مختلفاً عن الشكل السوداني المألوف (وأمامكم نماذج).
خلال ذاك العام علمت انه شاعر وان ليس له دواوين منشورة إلا أن الشارع السوداني صدح بأنشودته وراء جثمان الشهيد القرشي في ثورة اكتوبر 1964م ..عريس المجد؛ وقد عاصر بليدز الشاعر عبد المجيد حاج الأمين رحمه الله فكان معظم من يستمعون لأمسياتنا الشعرية يصفقون لعبد المجيد ولا يعبأون لما يقوله عبد الحي إلا قلة منهم فقط فلم تكن الآذان قد سمعت هذا الصنف من القصائد.
كان يُطلب منه القراءة وبعد إلحاح يقف ليقرأ واحدة من قصائده التي تشبه الهايكو الياباني في قِصرها ودلالاتها الرمزية الغريبة في معظم الأحيان مثل:
الحمامة الخضراء:
وتخرج الحمامة الخضراء
من جسد القتيل
تنوح في حديقة النخيل
أو
الحواس الخمس:
مغسولة كل الحواس فارحلي مع الطيور
يا روحُ حرةً فإن مطر الصباح أيقظ الجذور
بين صخور الزمن المهجور
أو
الشجرة الأخيرة:
تستيقظ كل الدروب
بين الدم والثور
للشجرة المشتعلة
تضيءُ في الفجر مثل النسر

وكان في ذلك الوقت يدور الجدل حول الشعر الحديث والشعر الملتزم بالبنية الشعرية التقليدية وقصيدة النثر وغير ذلك..
عموماً انتهى العام بأن غيّرت رأيي كقارئة للشعر والآداب بأن محمد عبد الحي يتحدث عن أشياء سابقة للعصر الذي نعيشه.

كانت رسالته للماجستير عن شاعر اسكتلندي إدوين موير- فُتحت له أبواب واسعة من خلال أستاذه وكان شاعراً هو الآخر لمقابلة والاضطلاع على الكثير من الشعر الأوروبي المعاصر وقام بعدة ترجمات من الانجليزية والفرنسية التي تعلمها خصيصاً لقراءة الشعر الفرنسي. فقد كان تخصصه الآداب المقارنة. وجُبنا أصقاع اسكتلنده وشمال انجلترا بعد ذلك إلى أن التقى زوجة موير وهي على فراش الموت تقريباً وأظنها رأت فيه البطل الأفريقي الذي رآه قومها فينا فأتحفته بما سماه كنوز من المعارف.
حصل علي درجة الماجستير في الفلسفة بتوصية الترفيع للدكتوراه الا انه آثر الانتقال إلي كلية برايزنوس بأكسفورد وكان قد جاءه القبول قبل إجازة الماجستير وحرر رسالته في كتاب باللغة الانجليزية أسماه:
The Angel and the Girl العذراء والملاك
لم يجد حظه من النشر بعد.

الثانية:
كانت دراسته في أكسفورد والتي جمعت بين الدراسة الأكاديمية والاجتهاد الفكري الثقافي الأدبي و الفني والرياضي .. كان يجتهد باللقاء برموز وشباب كل هذه المجالات ونشط إنتاجه الأدبي فنُشرت له عدة مقالات في دوريات عالمية ولم تكن سنار تشغله في هذه الفترة وكأنها بلغت سن الرُشد لديه فاحتفظ بها في ملفِ قصي. كان أستاذه البروفيسور مصطفى بدوي فارتبط نشاطه بمدرسة الدراسات الشرقية التابعة لسانت انتوني للدراسات العليا بأكسفورد فشارك في كتابة ومراجعة عدد من المعاجم والقواميس وانتهت الدكتوراه بتشخيص حالة ضيق الصمامات وضرورة العملية التي حال دونها إضراب عام في مستشفيات انجلترا فسافر رافضاً الانتظار .
وانتقت جامعة أكسفورد لتُحرر للنشر ونشرتها ايثاكا برس وموضوعها تأثير الأدب الأمريكي والانجليزي على الشعر الرومانسي العربي، نُشرت بالانجليزية وطلب مني محمد ترجمتها ورغم أنني لم أكن قد ضلعت في الترجمة في ذلك الحين أو شغلتني ظروف المرض والعمل والعيال فقمت بالترجمة خلال شهور العدة الأربع وظلت تنتظر من ينقحها وهي الآن تحت يد الدكتور عبد الله علي إبراهيم للتحكيم والنشر إن يسر الله.
أعقب عودته نشاط زائد لأجل الاستقرار وقد أصبحت له أسرة والعمل العام والبلد في حالة حراك وتأسيس قسم الترجمة بجامعة الخرطوم ثم رئاسة قسم اللغة الانجليزية والانتداب لإدارة مصلحة الثقافة والتي كانت القشة التي قصمت ظهر البعير..
فقد أنجز للثقافة والمثقفين أعمال عديدة بدأت البناء لسياسات ثقافية معافاة لو وجدت من يتفهمها: مثل مراكز ثقافة الطفل وتطوير العمل المسرحي وتفعيل دور التشكيليين في المجتمع ومعهد الموسيقى والمسرح والأكروبات والفرق الشعبية وفتح المراكز الثقافية الإقليمية والملحق الثقافي للصحافة الذي ابرز الوجه الأدبي بشعره ونثره ونقده وبدء تقليد المهرجان الثقافي والذي دعي له رموز لامعة للآداب والفنون كان من ضمنها الوفد السعودي وأذكر أن جاءت ضمنه الدكتورة فاطمة عميدة كلية البنات بجامعة الملك سعود.
وتخلل كل هذا حرباً ضدية شرسة تستنكر تعامله مع السلطة العسكرية أو هذا أو الآخر من الأحزاب السياسية.
وبالفعل كانت فلسفة محمد أن تستخدم الوسائل المتيسرة المشروعة والمتاحة لتحقيق الأهداف الكبيرة لبناء الأمة ثقافياً وأن الطاقة الكبرى الكامنة التي يجب استغلالها لإحياء الثقافة السودانية هي التعدد والتباين العرقي بلا خدش لأصالته ولا إهانة أو مسخ لجذوره فهو الدانة التي تحتوي تفاصيلها على هوية أهل هذا البلد وإغفالها يؤدي إلى شتات لا مفر منه.
ومن منظوره أن صهر أو ربما مزج أصح هنا، هذه الثقافات المتعددة في سنارِ واحد يُثبت وحدة التراب الذي نمت فوقه هذه النخلات المتحدة الجذور والسوق المتعددة الفروع والتي يشير إليها قوله:
عربيٌ أنت؟......لا- - من بلاد الزنج؟......لا- - أنا منكم تائه جاء يغني بلسان ويصلي بلسان.

الثالثة:
سمعتُ في التعليق على شعر محمد عبد الحي انه كان متأثراً بالثقافة الغربية.
نحن في بلاد ما أُطلق عليه العالم الثالث رغم أولويته في ما يهمنا، نصنف التحضُر والتأخر حسب الملبس والمأكل و المشرب والمظهر وكان محمد يهتم كثيراً بمأكله وملبسه فأجرى عليه المجتمع ذات المقياس الذي استخدمناه أنا وزميلتي الكندية. خاصة وان إجادته للانجليزية لغة وآداباً عميقة الظلال وقد عزى البعض ذلك لطول إقامته هناك إلا أن هذا غير صحيح فهو ذات الشخص الذي التقيته في الستينات وفارقته في الثمانينات. وقد أثرت في نمط حياته وشعره وسلوكه أشياء أخرى ربما يتحدث عنها احد الأخوة هذا المساء .
هو الشيخ المتبحر في فتوحات محي الدين بن عربي والطبقات وما شابه الفصيح اللسان الدارس بعمق فقه اللغة والذي لا يقبل الخطأ اللغوي من طفل وكأنما أراد الله أن يمتحن هذه القدرات إذ فُلج محمد في عام 1980م وفقد النطق تماماً والحركة في الجانب الأيمن إلا انه بإصرار أسطوري استعاد من القدرات ما مكنه من الحياة الطبيعية رغم رأي الطب في الإصابة؛ ظل يكتب باليد اليسرى والتي كان قد روضها للكتابة قبل المرض ساخراً بنفسه إذا أصابه مكروه .
واستطاع أن يقدم ورقة وهو بعد في فترة النقاهة بأكسفورد عن الشاعر شيللي والعرب لمعهد الدراسات الشرقية كُنت اقرأ عنه ويحاول الشرح والإجابة على الأسئلة مستعيناً بالإشارات وقد كان جهداً خارقاً يستحق التصفيق الداوي والتهاني التي أعقبته.
ومن الأصدقاء المقربين في ذلك الحين والذي قد يكون حاضراً تلك الندوة الأخ الدكتور علي جاد والذي لن أنسى فضله إذ جاء خصيصاً من الرياض لعيادة محمد بعد العملية بلندن فليت تحياتي تصله وأسرته هذا المساء.

كان محمد في تلك الفترة يرى منامات كثيرة منها انه رأى البوصيري على حماره وقال له شيئاً ما وكان قد فرغ من قصيدته التي أسماها معلقة الإشارات: قصيدة نبوية في مقام الشعر والتاريخ وفيها الرد على من ظنوا أنهم رأوا في شعره نكهة شعراء الانجليز وقد جاءت الإشارات وفقاً لترتيب الأنبياء :
إشارة آدمية: بالأسماء ،نستدعي العالم من فوضاه؛ البحر. الصحراء. الحجر. الريح. الماء. الشجر. النار. الأنثى والظلمة والأضواء.
وإشارة نوحية؛ وإشارة إبراهيمية؛ وإشارة موسوية؛ وإشارة عيسوية؛ وإشارة محمدية:
فاجأتنا الحديقة انعقدت ورداً وناراً في قلبها الأضواء..والخيول النورية البيضاء..والطواويس نشّرت في بلاد الصحو ريشاً مُنسّجاً.. كل شئ في غصون الحقيقة..آس نارِ وموجةٌ في بحارِ عميقة
وكان مسكوناً بالهوية والشأن السوداني كثير التنقيب عن كل ما كُتب فيه وقد جمع عددا من المخطوطات نعكف الآن على ترتيبها ووضعها تحت يد من يفقه أمرها.
عاد هاجس سنار ينام به ويصحو ولولا قصر نظري في أمور الشعر وتحليله لجزمت انه نثر ما قاله في سنار في كل قصائده الأخرى فقد كان يعتبرها الرسالة التي يود توصيلها وقد اكتملت. فرفض المجموعات الباكرة من شعره وقال انه أحرقها إلا أن بعض أصدقائه مازالوا يتحفوننا بشذرات منها آخرها طرحها اليوم الدكتور عبد الرحمن الخانجي والذي كان على صلة وثيقة بمحمد. وقد تستطيع الابنة شيراز قراءتها إذا سمح الوقت رغم أنها لم تُوثق بعد.
ومن حرصه على سنار تركها وديعة لدى دار الوثائق السودانية وأوصى بفتحها بعد عشر سنوات من وفاته. وفعلاً ذهبت وابني وضاح لفتحها وأنا أمني النفس بثروة تعينني على تربية العيال فإذا بها تخصكم فقد كانت خمس مسودات لسنار تقاربت في لغتها ومحتواها واختلفت في نظمها ومازالت الوديعة طرف دار الوثائق وهي متاحة للبحث.
في عام 1987 وهو يزورني في مدينة مانشستر حيث ابتعثت لإكمال الماجستير فقد ذات أمسية الحركة تماماً ثم استعاد النصف الأعلى. وكما كان يقول ضاحكاً كعادته :خرجت من السودان على اثنين وعُدت على أربع.
وعلى تلك الأربع باشر حياته العادية بجامعة الخرطوم إلى أن فارقنا ذات أربعاء.
فانطفأ النور الذي لدربنا أضاء.
رحم الله عبده محمد عبد الحي ابن الحاجة عزيزة
والحمد لله رب العالمين.

انتهى نص الدكتورة عائشة موسى
*
تعليق عبد الله الشقليني:

لمنْ بُردة النبي .. يا تُرى ؟

تلك البُردة قد فضّ غلافها سيدنا في الأعالي ،
وفي الهمهمة الصادرة من أزيز النفوس حين تتلاقى ،
هذه أمسية ، لحَضرة نيرة ، للأرواح المؤتلفة أن تلتقي بعضها ،
على نار الحفاوة بعندليب الشِعر العربي " الدكتور محمد عبد الحي " ، بغنائيته بنظم جديد وأبجدية جديدة للطرب .
هذا يوم للوفاء للكلمة التي هي أمضى من النصال ، وأورق من شجر الربيع ،
انزاحت البسمة عن غيمة الرحيل ، ولبس الحُزن ثياب الفرح ، فعادت عذوبة الشاعر وقد مدّ ذراعيه إلينا ، ووشوشت الريح بلغة أبلغُ من الهمس ،
واخضرّت الأمسية بذاكرة تترنح في التفاف الدَرويش في لولبية عُرس الطرب .
هذا يوم ننحني فيه ، ونمسحُ جبين التاريخ أن مهدَ لهذا الجمع أن يلتقي، ونحن قد غيبتنا المهالك .
هذا الضوء الخافت من خلف نواح الفراق يمدُ أذرع الخير الشعري وهو يلثُم ذكرى نبيل الشِعر العربي الوثيق الصلة بتاريخ أمته " عبد الحي "
الشكر للجميع ، ومحمد عبد الجليل ، ونخُص الفاضلة بهية القِوام :
الدكتورة " عائشة موسى "
https://www.sudaneseonline.com/cgi-bin/s ... 584&rn=172
*
أضف رد جديد