سجّل لي.....!!!

Forum Démocratique
- Democratic Forum
مصطفى مدثر
مشاركات: 935
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 10:26 pm
مكان: هاملتون-كندا

سجّل لي.....!!!

مشاركة بواسطة مصطفى مدثر »

طيب!
وما لو!
خذي عندك.
سلسلة.
مصطفى مدثر
مشاركات: 935
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 10:26 pm
مكان: هاملتون-كندا

مشاركة بواسطة مصطفى مدثر »


بابكر النور وحمد الله
============

خمسون عاماً خلت منذ قتل موبوتو بعون البلجيك ذلك القائد الفريد لومومبا
بالامس استمعت لمحامي الاتهام في القضية المرفوعة ضد الضباط البلجيك
الذين ساعدوا في تعذيب وقتل لوممبا في إقليم كتنقا. فماذا يمكن أن نصنع ياهند ويا كمالا
في معمر القذافي الذي ارتكب جريمة ضد الانسانية وانتهك حقوق الانسان
بقرصنته على الطائرة المقلة للشهيدين بابكر النور وفاروق حمدالله؟
هاهم قتلة لوممبا بعد خمسين سنة سيمثلون أمام العدالة وها هي الايام تقترب وسيمثل
لا محالة السفاح الوضيع عمر البشير قريباً فلماذا لا يمثل القذافي ولو بعد حين
إن محكمة الجنايات الدولية تبشر بأن ينال قتلة شهدائنا جزاءهم وفاقا وأن نتذوّق طعم العدالة
هل من كمال جزولي أو عبدالوهاب بوب أو أحد تلميذهما؟
هاكم هذا الرابط
https://www.rnw.nl/international-justice ... st-belgium
__________________________________

شراب عبد الخالق
=============

رائحة الموت في المكان لها فحيح لكنه استطاع أن يتذكر رائحة مشروبه المفضل
(ما تيسر) أو هكذا قدّر كل ذي جهالة.
عندما سأله ممثل الإدعاء ماذا كنت تشرب من الخمور أجاب عبد الخالق: ما تيسر!
واعتقد المغفلون الذين وزعوا الموت دون أن يخشوا الفقر أن ما تيسر هو نوع من الخمور.
ظلت هذه العبارة على مدى يومين عالقة بذهني وتحتاج أن تكون أنا لتعرف حجم الكثافة
التي نزلت بها على نفسي أو تحتاج أن تكون خارجاً من دوام 12 ساعة لتجد أن الاستور
مغلق تصورت عبدالخالق في ذلك الموقف أيام أحداث إنقلاب هاشم العطا.
إنه شخص لا يني يعبّر ولا يتقاصر عن شرح.
لم ينف شيئاً هو المؤكِد دوماً على الاشياء كلها.
تخيلت عظمة أن تكون صادقاً حتى في ما تفضل من خمور.
أن تكون زاهداً في تسمية النوع الذي تشربه فهو لا يقيّدك ولا أنت عبد لماركة.
تخيلته واقفاً أمام جلاديه في جلباب أبيض، برأس بلا عمامة وليس حسيراً، وبيدين
معقودتين على ظهره وبصبر على الطاغية البليد.
ما تيسر
يالها من عبارة في ذلك المكان وذلك الزمان!
__________________________

مايكروسوفت الغرام
------------------

الجميلة توني براكستون عملت تنصيب ل ويندوز بنجاح في اغنيتها التي تقول فيها
Unbreak my heart
ثم تقول
Undo this hurt
ثم تقول في ماهو تعبير كاسح
Uncry these tears
وأخيراً وبضربة تعبيرية قاضية تقول
Come and kiss this pain away
ورغم ذلك تعاني من الفلس المادي ومتاعب صحية قلبية
يعني هذا الذي تحبه اختار
Decline
وكانت تريده أن يختار
OK
______________________________
مصطفى مدثر
مشاركات: 935
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 10:26 pm
مكان: هاملتون-كندا

مشاركة بواسطة مصطفى مدثر »



سيألسُني قومي إذا جد جدهمو!
---------------------------

بأحلام أكثر من ممكنة صار الرجال فوق سن الخمسين يرتادون المراقص.
بخبرات في الرقص والغزل و(التفاوض حتى) وبعون الله!
وشكا الشباب من ما أسماه عبدالعزيز م داوود، في وصف عالي النبوءة،
الكوامر المعمرة! ومواليد ما بعد الحرب العالمية الثانية (وهذا وصف مضلل
لأنه يضع معهم من ولدوا في السبعينات أو بعدها حتى)!
هؤلاء الذين يطلق عليهم في شمال أمريكا البيبي بوومرز يستحقون أكثر
من عودة واحدة لمواضيعهم التي لن تخلص. فهم لا زالوا يتسيدون المشهد.
بالأمس صعدت أغنية جديدة ل جورج بنسون لتحتل المركز الأول!
على ناصية من مرقص وقف أحدهم يبيع الحبوب التي تطلع بك في العالي
والحاجات السجم التي تفقدك الوعي. وكذلك عنده إذا شئت الحبة الزرقاء.
لكنه في الغالب يبيعها للزبائن الخطأ. أحد الشباب غير المؤهلين لتعاطي
الفياجرا في مدينتنا تم نقله للطوارئ بصداع مخيف أنساه ،بكل تأكيد، الغرض
من الحبة وذلك (لشرفته) وتعاطيه أكثر من حبة!
وهذا مدخل مثل ما كانت الفياجرا نفسها مدخلاً درامياً لعودة الرجل العجوز!
فرغم النتائج المدهشة للفياجرا عند أغلب الناس إلاّ أن ما أعقبها ويُدعى
"سياليس" تطّرف صناعها في الإدهاش. وهو إدهاش يمكن إدراجه في قائمة
الطرائف والمُلح. سياليس يعمل في الجسم مدى 36 ساعة فأطلقوا عليه
إسم حبة الويك اند.
والطريف هو أن تقرأ أن سياليس أحسن من الفياجرا لأن مفعوله يستمر
طوال عطلة نهاية الأسبوع. طيب ويعني وكيف؟
الإجابة:
من الممكن أن تتعاطى حبة فياجرا وفجأة يحل عليك أهل الزوجة
أو بعض الأصدقاء فتبدد مفعولها في الحكي المبالغات معهم وهذا
ما لم يكن في برنامجك! والجملة الأخيرة دي مني! حالتو ما مجرب!
وكذلك ستكون دفعت أكثر من 15 دولار على الفاضي!
شوف التنافس ودا الكيمياء وين؟ شوف ليك جزيئات بتتعرص!
--------------------------------------------

توني براكستون....تاني!
--------------------

صباح كئيب هذا الصباح. مطر وشوارع متخمة بالرطوبة والراديو يحذرني
من الإنزلاق. وهل هناك إنزلاق أكثر من ما أنا فيه من تأمركٍ بغيض؟!
المذيع بحيوية مغيظة يعلن أن توني براكستون. بتاعت مايكروسوفت الغرام
الذي تقدم شرحه ذهبت للمحكمة بطلب اعلان تفليسه! بدا مغيظاً بحق وهو
يعلن بنشوة صباحية سقوط الفراشة في أحبولة عنكبوت الراسمالية!
كل الجمال يا غالي!
توني براكستون السمحة و(عندها القلب) تتهان يا جدعان؟
---------------------------------------------------

ج(ي)ن(ي)س تطرف!
-----------

يرغون ويزبدون عن التطرف!
عشرات البرامج وورش العمل والندوات واجتماعات الجواسيس
وجلسات الحشيش الرأسمالية وأقداح النبيذ في عرصات ودهاليز
التآمر والإحتكار وعصفات الدماغ الليبرالية وتحذيرات رؤساء دول
ووزراء خارجية ووعود باطلاق سراح أو إعتقال أو إنذارات مطلقة
هكذا عشوائية وإعلانات إعتقال كاذبة لصنَعة رؤوس نووية
وتظاهرات ضد ومع وبجانب ما تشاءه السي ان ان وفوكس للقرن
العشرين الذي أصبح فوكس للقرن الواحد وعشرين بس خجلانين
يقولوا إنو بهذا السن ولا يخرٍف أو يهذي وهو يهذي يا هذا وهذي!
التطرف نفسه يبدو مع هوجتهم كحلم هادئ في خاطر مرتكبه!
ربما تنحاز له لولا أن يتلطف بك سيد المتلطفين!
قتلوا التطرف بالتغطية. أصبح التطرف، كفعل، يعني صاحبه
أكثر من أن يعني نفسه!
تطرف تطرف تطرف!
ولكن هناك متطرف من المتطرفين يحبونه ويلقى عندهم القبول.
جينيس!
ياخي دا جينيس تطرف!
جينيس لا يرضى إلاً بما هو أقل (ولاحظ دي) أو هو أكثر
(ودي ما ضروري تقيف عندها)!
جينس للأرقام القياسية! Guinness
--------------------------------------

صداع قبل النوم
-------------------
عندما ينهمك المرء في فعلٍ أياُ كان نوعه، عندما تكون حياته سلسلة من الافعال والفعاليات
لا تكون لديه مشكلة مثاليات أو قيّم. فهو يصنعها يومياُ. والفعل يفرز قيمه.
الانسان الفاعل لا يجوع للقيم وبالتي لا يُهرع لسد حاجته من القيم من قوائم جاهزة.
الانسان الذي يعيش حياة حقيقية يصنع قيمه. يصنع عدداً لا محدود من المُثلات.
كم لا متناهي من القيم.
ومن لا يعش حياة حقيقية يشحذ القيم عند غيره. ويمكن أن يجدها في الماضي.
في السيّر والأخبار! فيتحوّل لإنسان ماضوي.
الانسان الوجودي مؤهل لأن يحيا حياة أحسن لأنه في حالة خلق وتحديث دائمة لعالمه القيمي .
وربما يهدم اليوم قيمة من قيم الأمس. إنه انسان أكثر جدوى لكي يصحو غداً!

مأمون التلب
مشاركات: 866
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:48 pm
مكان: السودان/ الخرطوم

مشاركة بواسطة مأمون التلب »

مصطفى، عايز تبدى النقاش؟
طيب، بعد الذي كتبته، عن الإنسان الوجوديّ، بعد كل دروس القرن العشرين، هل لا زلت شيوعيّ؟.
الدرس ده إنت فاهم طبيعتو، وطيب؟
عندما صرخت
لم أشأ أن أزعج الموتى
ولكن السياج عليَّ ضاق
ولم أجد أحداً يسميني سياجا
مأمون التلب
مشاركات: 866
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:48 pm
مكان: السودان/ الخرطوم

مشاركة بواسطة مأمون التلب »

وشوف إنت كاتب شنو:



صداع قبل النوم
-------------------
عندما ينهمك المرء في فعلٍ أياُ كان نوعه، عندما تكون حياته سلسلة من الافعال والفعاليات
لا تكون لديه مشكلة مثاليات أو قيّم. فهو يصنعها يومياُ. والفعل يفرز قيمه.
الانسان الفاعل لا يجوع للقيم وبالتي لا يُهرع لسد حاجته من القيم من قوائم جاهزة.
الانسان الذي يعيش حياة حقيقية يصنع قيمه. يصنع عدداً لا محدود من المُثلات.
كم لا متناهي من القيم.
ومن لا يعش حياة حقيقية يشحذ القيم عند غيره. ويمكن أن يجدها في الماضي.
في السيّر والأخبار! فيتحوّل لإنسان ماضوي.
الانسان الوجودي مؤهل لأن يحيا حياة أحسن لأنه في حالة خلق وتحديث دائمة لعالمه القيمي .
وربما يهدم اليوم قيمة من قيم الأمس. إنه انسان أكثر جدوى لكي يصحو غداً!
عندما صرخت
لم أشأ أن أزعج الموتى
ولكن السياج عليَّ ضاق
ولم أجد أحداً يسميني سياجا
مصطفى مدثر
مشاركات: 935
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 10:26 pm
مكان: هاملتون-كندا

مشاركة بواسطة مصطفى مدثر »

هل لا زلت شيوعيّ؟.


نعم لا أجد لي وجهاً آخر!
طبعاً لو ملاحظ الصداع حصل ودا المطلوب ولكن نقاش كدا عديل ما أظن. يعني ح يكون محوّره شنو؟
أنا ما مؤلف الكتابة الفوق دي (على فكرة تاريخها يرجع لزمن كنت في زي عمرك دا تمنية وعشرين
وكدا). دي إعادة صياغة لشخبطات قديمة ولكن رأيت فيها تجميع لبعض الكلام حول القيّم وما أدراك.
وذلك في المرحلة التي إنتقلت فيها لعضوية الحزب ولم (ولن؟) أتخلص من التفكير الوجودي.
خلينا نقول حبة عن أصل الكلام دا ولكن ما تنسى إنو الخيط خيط منوعات لا يحتمل عيار تقيل!
الوجوديون، على ما اذكر، لم يكن معهم مشكلة مع الشيوعية إلاّ في مسألة الحريات.
أغلبهم كانوا ماركسيين! سارتر نفسه كان بيؤمن بالاشتراكية ولكن لم يحدد كيف يمكن الوصول إليها.
كلامك الفوق دا فيه ريحة هدم الفكرة نفسها لكون التجربة فاشلة. بيشير إلى ظلال التجربة السوفيتية
و..و إلخ. دي تجربة ولا تعني أن الفكرة غير ممكنة أو أن ظلم الانسان لأخيه
الإنسان، ودا ملخص الحياة الرأسمالية، لا يمكن زواله بل هو ممكن خلال برنامج سياسي نضالي
لا يملكه الوجوديون.
الشيوعية طريق سياسي (ماركس وانجلز بعد الفلسفة قاموا طلّعو البيان الشيوعي) طريق سياسي
وتكتنفه صعوبات كثيرة على رأسها مسألة العمل السياسي نفسه.
الوجودية، في ما أعرف، هي تطوًر الشخص الفرد نفسه. إدراكه لقيمه وقيمته وما في انتقاص ليها إنك
تكون ملتزم بحزب مثل الحزب الشيوعي أو هي تنتقص أو تتناقض مع إنتمائك الحزبي.
الحزب نفسه ليس له تدخلات في كيف يرى العضو الملتزم نفسه خارج حدود يقتنع بها أي إنسان
يريد أن يتعاطى بمعقولية مع مجتمع زي السوداني. يعني برضو الأشواق للحرية لا مناص من
لجمها ويكفينا منها أنها أشواق في أغلب زماننا! وهّذا ليس مقبضاً لأنه في حياتنا في مجتمع التملك
الفردي والإحتكار نشتاق أيضاً لأشياء أساسية على رأسها أن نحيا بشروط معززة للبشري وأحواله.
حلم الحرية النهائية واللي شوفها صعب في مسيرة العمل السياسي الشيوعي هو نفسه الحلم
الوجودي فالمجتمع الشيوعي يُفترض أن ليس لنا فيه سوى أن نبدع حياتنا بعد أن
تخلصنا من الظلم. لدينا اسئلة كونية لن نتوفر عليها إلاً بعد القضاء على الرأسمالية. على
التملك الفردي. ولكن الوجوديين يعيبهم الإطلاق. إطلاق أن لا وجود للفرد في اي شئ خارج
معانته هو وخارج حريته هو (التي يصعب تحقيقها بإطلاق). الناس لو وصلوا الشيوعية
الوجوديين ح يجوا لاحقنهم مبسوطين. ولكن الوجودية ليس لها مشروع سياسي وبالتالي
لا تعبر عن الجماعات وحتى الأفراد ولا تعدهم بشئ.
المهم يا زول مش أحسن نرجع لتوني براكستون؟
مصطفى مدثر
مشاركات: 935
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 10:26 pm
مكان: هاملتون-كندا

مشاركة بواسطة مصطفى مدثر »

سنجة!
ذات خريف.
عثرتْ صراصيرٌ على ......

(إقرأ النص كاملاً أسفله)
آخر تعديل بواسطة مصطفى مدثر في الجمعة نوفمبر 26, 2010 5:12 am، تم التعديل مرة واحدة.
مصطفى مدثر
مشاركات: 935
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 10:26 pm
مكان: هاملتون-كندا

مشاركة بواسطة مصطفى مدثر »


تحت سقف من مطر
مرقنا أنا والمغني!
لا أكاد .....

(النص الكامل أسفله)
آخر تعديل بواسطة مصطفى مدثر في الجمعة نوفمبر 26, 2010 5:14 am، تم التعديل مرة واحدة.
مصطفى مدثر
مشاركات: 935
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 10:26 pm
مكان: هاملتون-كندا

مشاركة بواسطة مصطفى مدثر »


تنويه
------
الكتابة عن سنجة في تجربة شخصية تتواصل بعد حين!

جاك دريدا ودم المحيض:

تستهويني دائماً مسألة كيف نُسمي الاشياء.
أو " وعلمه الأسماء كلها..." ولاحظ كلها هذه وكم هي محيّرة!
والتسمية هي النومينكلاتشير...تلك الكلمة التي صقعنا بها مدرس علم النبات
ونحن بعد غرٌ ميامين...أولاد وبنات.
فعلمنا أن المسألة أبعد من مصلحة المواليد والمهمات...إن كان ذلك إسمها!
كنا برالمة في جامعة الخرطوم لا يعكر صفونا سوى التعلم والمحاضرات!
وعندما خرجنا إلى عالم الأدوية، صارت هوايتي هي رصد كيف تكتسب الأدوية
أسماءها.
ولأنني أود الدخول في الموضوع فسوف أقفز فوق البنسلين والمورفين والدراما مين
وغيرهما وأبدأ بواحد من الأدوية المفضلة لدى الجميع، الفعَلة وغيرهم!
هل تذكرون نورديت؟
حبوب منع الحمل؟
كانت النساء من أنحاء سعد قشرة أو حوالي ميدان الشهدا بام درمان ومن
كل فج يأتين في طلاب هذه الحبة الدارئة للفضيحة بأكثر من منعها للتكاثر!
فكرت حينها كيف توصلوا لتسمية هذه الحبة نورديت. ولم أتعب كثيرا في معرفة
أصل البادئة نور وكذلك اسعفتني الموظفة الظريفة في الشركة التي تبيع هذه
الحبة وكان اسمها كلوديت. فتذكرت جولييت وكوليت (خيري؟) واقتنعت أنهم، أي
صنّاع هذه الحبة، أخذوا أول اسمها من بادئة في الاسم الكيميائي لأحد عناصرها
وجاملوا زميلة لهم (أو ربما حبيبة العالم الساينتيست) فطلعوا بالإسم نورديت.
ولكن الأمر تتطور إلى آفاق فلسفية وعنصرية وأدبية حين أقدمت إحدى الشركات
التي تصنع نسخة رخيصة من الأدوية، أقدمت على تصنيع نفس النورديت ولكن
تحت إسم لا هظار فيه فأسمت نسختها بورشيا!
هل تذكرون بورشيا؟ تلك المرأة الذكية في كوميديا شكسبير "تاجر البندقية"؟
وللتذكير فإن شايلوك، اليهودي في المسرحية، أراد قتل الرجل الطيب الذي استلف
منه مبلغاً من المال ليعطيه لصديقه بأن يسترد منه المبلغ، إذا لم يف الرجل وعده،
بقطع رطل من لحمه. هكذا كان العقد بينهما: تدفع في ميعادك أو أقطع من جسدك
رطلَ لحم على رؤوس الاشهاد! وتطور الأمر لمحكمة. وتنكرت بورشيا التي عُرفت
بذكائها في زي محام ودخلت ترافع عن الرجل المسكين الذي سيقتطع منه رطل
لحم مما سيؤدي لموته طبعاً. حجة بورشيا هي أن العقد لم يتطرق لما سيُهرق من
دم! بورشيا بذكائها حوّلت القضية ضد شايلوك وتفريطه في دم إنسان مسيحي.
(مقابل كون الشاكي شايلوك يهودي وكذلك بعد دهور جاك دريدا!)
بورشيا تحكمت وصانت الدم!
حبة بورشيا في الأسواق لمنع الحمل وتحقيق حيض مريح وكذلك للتحكم في
دورات شرسة تحدث عند بعض النساء.
بورشيا موجودة في كندا بواقع 42 سنت للحبة مضافاً إليها رسم الصرف!
والآن إليكم المفاجأة!
إتصلت بالشركة المنتجة لتأكيد صحة تفسيري لتسمية هذا الدواء. فقال لي الموظف
الذي لم يبد عليه أي تأثر بمسألة ذكري لمسرحية شكسبير، بل ربما أرعبه تفسيري
للتسمية. قال لي الموظف:
أبداً. في الحقيقة مدير الشركة هو صاحب الإسم وقد سمى العقار على سيارة
بورش لانه معجب بها كسيارة أنيقة وقد كان يتمنى دورة أنيقة لكل إمرأة مع هذا
العقار!
ولكن أين يأتي هذا المتعوس اليهودي جاك دريدا في هذه الحكاية؟
آخر تعديل بواسطة مصطفى مدثر في الجمعة أكتوبر 29, 2010 6:31 am، تم التعديل مرة واحدة.
مصطفى مدثر
مشاركات: 935
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 10:26 pm
مكان: هاملتون-كندا

مشاركة بواسطة مصطفى مدثر »


ساعداي ساعداني أن أباعد بين ....

(النص الكامل أسفله)
آخر تعديل بواسطة مصطفى مدثر في الجمعة نوفمبر 26, 2010 5:16 am، تم التعديل مرة واحدة.
مصطفى مدثر
مشاركات: 935
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 10:26 pm
مكان: هاملتون-كندا

صدقي كبلو من أقدم الشيوعيين على كوكب الأرض

مشاركة بواسطة مصطفى مدثر »

سلام لمامون التلب مع حبي
يا مامون التلب أنا ما قلت ما تعقب كلو كلو!
أنا عايز تعقيب لايت زي ما مرة قال حسن موسى يعني ما يكون فُل فلايفر!
(مبلغ علمي انو حسن موسى ما دخن سجاير زاتو!)
طيب هاك دا عشان تعرف الشيوعيين السودانيين ناس ما تيبيكال لياتو درجة.
نحنا ما بتندق علينا طابعة يا مامون:
كتب الدكتور صدقي كبلو في بوست حسن موسى ماذا نفعل بالشهداء:

ولكن ما قصدت هو موقف ذاتي حول وحدتي وتكاملي كإنسان لذاته، فأنا عندما أواجه الحدث
الذي قد يؤدي للإعتقال ، التعذيب أو الموت أواجهه بما يحقق تكاملي ووحدتي كذات إنسانية، ليس
نيابة عن الإنسانية المجردة وليس بالتالي نيابة عن الحزب أو الشعب أو الطبقة إلا بقدر ما يمثلون
في تكويني الذاتي النفسي والأخلاقي والفكري والثقافي كذات إنسانية تحقق نفسها، فالقضية تصبح
وجودية بحتة حول أن أكون أنا أو لا أكون مهما تكون نتائج الإختيار هذا.
ولعلك ترى أن الأزمة ليست في إختياري، بل فيمن أواجه من نظام سياسي/إجتماعي وأجهزة
أمنية، أسرة أصدقاء وحتى أحيانا حزب ورفاق.
أنا لست مشروع للإنسانية، أنا إنسان قابل للتطور والتغيير ولكن غير قابل للتنازل أو الإنقسام عن/على ذاته.


سأعود لورطة دريدا مع الحيض ولسنجة ولغيرهما!
مصطفى مدثر
مشاركات: 935
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 10:26 pm
مكان: هاملتون-كندا

مشاركة بواسطة مصطفى مدثر »

________

جاك دريدا ودم المحيض 2

يدعونا دريدا: أنصتوا لبورشيا*
وينصت هو نفسه للمسرحية كما لو كانت نموذج درامي لنظرية في الترجمة.
والإمعان في هذه النقطة ليس مكانه هذه الكتابة اللايت!
وينصت دريدا أيضاً لبورشيا في حديثها عن أن "اليهودي ينبغي أن يرحم"
كمحتالة لم يهمها سوى أن يدفع شايلوك أقصى ما يمكن. فهي خطيبة الرجل
الدائن نفسه!
وبورشيا التي صيّرها باعة الدواء، آخر الزمان، إلى وسيلة لتنظيم النسل يمكن
أن تحل محلها بكل يسر الخطط البديلة أو مايعرف ب بلان ب Plan B، كالعزل
أو حتى الإعتزال نفسه! بورشيا هذي في نظر دريدا (اليهودي المولود في الجزائر)، هي
المحامي عن القيم المسيحية في مقابل جشع اليهودي. وبالمناسبة من القيم المسيحية
التي تشير إليها المسرحية مركزية ترافق الدم واللحم كما شرحها المسيح في عشائه الأخير:
خبز ونبيذ أحمر (ولقد عاش في قديم الزمان في السودان من دافعوا عن الواين على
قلة نسبة الكحول في دمه بأن قالوا إنه دم المسيح وعلى ما أذكر لم يكن فيهم
مسيحي واحد!)
والمرابي اليهودي شايلوك لم يفعل سوى أن تمسك بحرفية إتفاق التسليف الذي تم بينه
وبين خطيب بورشيا و.....لسوء حظه لم يترجمه!
حتى رطل اللحم لم يخطر بباله أن يترجمه إلى لحم زائد دم!
وبحسب مرافعة بورشيا الذكية ولكنها جائرة في نفس الوقت فإن شايلوك لا يجب أن
يتنازل عن دعواه ضد خطيبها وعن أمواله فحسب بل أن يتحوّل، إقرأها يترجم نفسه، إلى
المسيحية!
ولكن دريدا في محاضرته عن الترجمة الصائبة** يبدو سواء، رضي أم أبى، متحيزاً
لليهودية. بل يقال إنه مات على دين أبيه!
* https://www.jcrt.org/archives/08.3/Eisenstadt2.pdf
** https://www.wehavephotoshop.com/PHILOSOP ... ion%3F.pdf
______________
لست مطمئناً لعبارة "ما هي الترجمة الصائبة" كترجمة (صائبة) لعنوان محاضرة دريدا:
What is a relevant translation
نجدة من مصطفى آدم أو حافظ خير أو إبراهيم جعفر قد تفيد!

--------------------
قصة قصيرة

قال له: تعرفت عليها بالامس.
سأله: وقلت لي متى الزواج؟
قال : غداً!
سأله: يا للعجلة؟ أظنك تريد أن تنام معها والسلام.
قال : أبداً والله. سبحان الله أنا تعرفت عليها في السرير!

حكمة الأمس
=========

كلُ حيٍ فيه كلبٌ يزدريه عبورُ كلبٍ ليس منه!

آخر تعديل بواسطة مصطفى مدثر في السبت نوفمبر 06, 2010 7:23 am، تم التعديل مرتين في المجمل.
صورة العضو الرمزية
مصطفى آدم
مشاركات: 1691
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 5:47 pm

مشاركة بواسطة مصطفى آدم »

وين النص التاني يا مصطفى :
قال له: أبداً في الحقيقة وسبحان الله فقد تعرفت عليها في السرير
لماذا حذفت سبحان الله من النص و هي التي تبرر الكثير لدي أولاد العرب و أولاد المسلمين الوقوع في الشبكات .
جاييك بعد ما أقرا روابط جااااك (جنس) ديريدا
مصطفى مدثر
مشاركات: 935
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 10:26 pm
مكان: هاملتون-كندا

مشاركة بواسطة مصطفى مدثر »


أها كدا كيف يا مصطفى آدم؟
أنا بس كنت اليوم داك خايف. كان عندنا
هنا عاصفة ورعود!
لكي تصدق يلزم أن تتحرر من الخوف!
على الأقل في كندا!
مصطفى مدثر
مشاركات: 935
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 10:26 pm
مكان: هاملتون-كندا

مشاركة بواسطة مصطفى مدثر »


بلينق بلينق فاتورة
---------

فاتورة الغاز الطبيعي الأخيرة ولكونها جاءت "غير طبيعية" في قيمتها فرضت عليّ
طريقة معينة في الجلوس والوقوف ونوّمتني على جنبة لم أعتد النوم عليها كما تداعت
بي في دروب قديمة وحيشان وحبال غسيل تنوء بملايات زرق وأقدار مكتنزة بالفول
و صفائح من حلويات سعد ونزوات صغيرة لم أنج منها إلاّ بالتوبة وقول الروب.
وقادني المبلغ المطبوع على الفاتورة بعين البصارة والدبارة المفقوءة لمتابعة قنوات
تلفزيونية وإذاعية لم أعلم بوجودها سلفاً!
كما أنها، أي الفاتورة اللعينة، لم تعفني من أقداح غير ضرورية ومن شحذ عجيب
لبصيرة مهملة وإعادة نظر في قضايا فكرية هامة. مثل الرجوع بالأشياء لأصولها
وإن لامستْ فيه حوافرُ خيلي مناطق اللاتوازن.
ولقد نشأت علاقة غريبة بيني وبين شخوص عابرة في الأخبار والمدونات ومجرات
الانترنيت البعيدة. وفي وهلة بلهاء، متسربلة بغير ثيابها، فكرت أن مجرد متابعة
أخبار من لديهم المال أو الاعتبار بخبراتهم قد يغير الحال والمآل. وأنا من المؤمنين
بأن (يهد) فيك من تريد له ذلك.
تذكرت أن هناك آلية يمكن أن استجلبها هنا إلى المضيق الذي اصطكت فيه سفينتي
الاقتصادية بفعل فاتورة. إنها آلية التخيّر التفاضلي تلك التي فلقت بها رؤوس أبنائي
ومختصرها أن لا تصاحب البليد (في المدرسة) ولا تمشي مع من ليس له خطة لحياته!
رغم أن هذه الآلية فشلت بإمتياز مع جمعيهم بما فيهم أنا نفسي!
وأول الشخوص العابرة التي رغبت في التعرف عليها (بحقد) وقد عبر أمام عيوني
مرتين في شهر واحد هو هذا ال آنتربرونور العجيب!
شخص يستثمر في السياحة الكونية. كأن ينظم لك معسكراً في كوكب الزهرة لمدة
إسبوع. والتذكرة لمثل هكذا سفرة تكلف حوالي عشرين مليون دولار( فقط) وقد
تصل المعسكر وقد بلغت من العمر عتياً!
في المرة الأولى التي شاهدته فيها كان هذا المستثمر مستثاراً بشكل فلكي إثر خبر
إكتشاف كوكب شبيه في ظروفه لكوكب الأرض. فتحدث عن الفرص الماسية التي سيفتحها
هذا الاكتشاف فيما يختص بالسياحة الكونية لافتاً نظر المشاهد أن هذا الاكتشاف يضاف
لاكتشاف سابق أن الكوكب نبتون به بحر ولكنه من ماس وليس ماء، والماء هو ما يهفو إليه
الإنسان السوي فيما يختص بالرحيل لكوكب آخر غير الأرض.
ماس! داياموند!
نبتون فيه آلاف الماس بيرج (على وزن الآيس بيرج أو قمة جبل جليد الغارق في الماء!)
ودعانا الرجل قائلاً: تصّور ذلك!
وفي معرض حديثه المبهر عن اكتشاف الكوكب الشبية بالأرض لم ينس أن يتحشر في ما
لا يعنيه بأن قال إن هذا الإكتشاف سيجعلنا نعيد النظر في الأديان وفي انتماءاتنا!
ما دخل ذلك بالسياحة يارب؟ إن لم يكن للرجل عروض خاصة للملحدين!
صحت في شاشة التلفزيون أمامي:
لا تذهب بعيدا يا هذا وأطلعنا كم عملت من الفلوس في مشروعك الفلكي. وكيف أقنعت
الزبائن بنزهة يمكن أن تستغرق عهود؟!!!
ولكي لا تستأنس عزيزي لأي نباهة في سؤالي فإنني أبادر باخبارك أنني على ثقة من أنه
قد راكم بطريقة ما ملايين الدولارات إذ هي تبدو عليه!
ولو كنت أنا قادرا على الإجابة على السؤال: كيف؟
لكنت دفعت فاتورة الغاز!
---------------------------------

شخص عابر آخر أعادني لتذكر مسح ميداني أُجري قبل سنوات في كندا.
هذا الشخص كان من أغنى أغنياء العالم. تاجر مخدرات إسمه بابلو اسكوبار
قضى نحبه في معركة روتينية مع الشرطة والحمد لله. أسكوبار هذا في واحدة
من مطاردات الشرطة له، وكان الجو بارداً، ولم يجد شيئاً يحرقه للتدفئة، فأحرق
من الأوراق المالية الخضراء أثنين مليون دولار لكي يتدفأ!
يعني لم يحتج لغاز طبيعي حتى وبالتالي لم ولن تأتيه فاتورة!
ولكنني سأثابر في إجابة السؤال: لماذا أعادني هذا المعتوه الهالك لذلك الاستطلاع.
كانت اسئلة الاستطلاع تدور حول وجود خالق للكون ومن بينها سؤال عجيب هو
هل تعتقد بأن الخالق دشّن أو أطلق صفارة البداية لخلق الكون ثم تركه يتخلق بنفسه!
هذا السؤال وجد حماساً من خمسة وثلاثين بالمائة من الافراد المستطلَعين!
وهي نسبة كبيرة جداً!
ولقد قال أحد المستطلَعين : هذا التفسير يبدو معقولاً. فلا يعقل أن يقف الخالق وراء
كل شيئ. وكذلك يفسر هذا مسألة الأكواد فالكون ملئ بالكودات codes. إنه شبيه
بأن يترك لك جدك وصية إن تتبعها تصل إلى كنز أو غيره. وأضاف الشاب:
كنت سأفعل نفس الشئ! (ويقصد لو كنت مكانه!)
إن من النوائب المعزولة التي تطلبت تدخلاً مباشراً وفورياً من الخالق لهي ما تم
في تلك الليلة التي تدفأ فيها اسكوبار بحرق إثنين مليون ورقة دولار!
حقيقة إنه بالفعل أعطانا الأكواد codes وترك الباقي علينا!
ولكن لا بد لي أن أضيف أن المؤمنين بهكذا علاقة بين الخالق والخلق هم أسوأ
كثيرأً من غير المؤمنين به أصلاً!
تصوّر لو سقط جميع الممتحنين من مدرسة (الدوش) في امتحانات الشهادة الثانوية
فإن الدوش، مؤسس المدرسة، لن ينجو من وابل الشتائم من الطلاب وأولياء الأمور!
مصطفى مدثر
مشاركات: 935
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 10:26 pm
مكان: هاملتون-كندا

مشاركة بواسطة مصطفى مدثر »



الروائي حسن إبر اهيم

أثناء تجوالي في مكتبة المدينة هاملتون، وقعت على رواية سودانية بعنوان
حكايات البيت المسكون
مشاهد من أم درمان
يطيب لي أن أوصي من لم يقرأها أن يفعل. قراءة جيدة
الرواية توثق لتجربة بيوت الأشباح. وحسن إبراهيم مقنع تماماً كروائي يملك أدواته
بشكل جيد. كون الرواية مبنية على ما تواتر من قصص التعذيب لا يؤثر فيها كرواية
وكون أن هناك عبارات تقريرية مبثوثة هنا وهناك، كل ذلك لم يفسد الرواية!
من التقنيات الذكية تناوب الرواة في القصة الذي يومئ إليه المؤلف باكراً حين يكتب
(كان صاحبي يحكي القصة والشاب الذي أتى بصحبته يرتعد ويتفاعل مع الأحداث
كأنه لم يكن بطلها) ولعمري فإن الكاتب هنا يعتذر ضمنياً من أن الرواية قائمة على
روايات شفهية لا يمكن أن تسلم من إضافات وبرغم ذلك فهو يؤسس على ذلك
رواية ممتعة و(كرافتي جداً)! فقط لم يجد كاتبها رجاء نقاش لينقش له ما تيسر من المجد!
معلومات عن الرواية:
طبعة 2005
لوحة الغلاف والرسوم الداخلية حسانين
تصميم الغلاف آفاق
صادرة من آفاق للنشر والتوزيع بالقاهرة
تليفاكس 022027933811

أنتي هيرو


" مصطفى سعيد أنتي هيرو (في سودان ما بعد الاستقلال وحتى صدور الرواية في 1971)
لا أدري من يمّثل من جيله؟
إنه شخص مريض تماماً!
صورة شائهة تماماً للمثقف السوداني في مقابل صورة المثقف الذي تعلم في اوربا وعاد ليسهم بفعالية
في بناء سودان ما بعد الإستقلال بغض النظر عن إخفاقات السياسة.
لم يقنعني الطيب صالح بهذه الشخصية التي رسمها. المثقف الأستاذ الجامعي الذي يطارد النساء
في المطاعم والحانات وهي صورة لا يقبلها العقل اصلاً. المثقف الجامعي الذي يعتقد أنه سيحرر
أفريقيا بذ.... الوضيع الذي يسرق نساء غيره. المجرم الذي يقتل لاسباب غير مقنعة.
المتخثر أخلاقياً حتى في صباه. البعيد وجدانياً حتى عن أمه!
إنه صورة شائهة تماماً وغير دقيقة للمثقف السوداني وللسوداني بشكل عام بغض النظر عن مدى بعده
أو قربه من قضايا وطنه."

هكذا كتبت أواخر السبعينات ولم أواصل!
لم أواصل لأن الرواية بالفعل جيدة ومكتوبة بتكنيكات عالية. هناك مقاطع من الرواية أكثر العودة
إليها للتفكر في قيمتها العالية وهناك مقاطع أخرى لا تعجبني خاصة تلك التي تتشابه في سلبيتها مع
مواقف الطيب صالح نفسه من قضايا على أرض الواقع!
المقطع الآتي مشحون بطاقة درامية لا تصدق. ولو كنت سينمائياً لبرعت في (أسنمة) هذا المشهد
بحيث يكون ذروة عملي وأحرز من قوته......سعفة أو ......!!


صورة
صورة
صورة
مصطفى مدثر
مشاركات: 935
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 10:26 pm
مكان: هاملتون-كندا

مشاركة بواسطة مصطفى مدثر »


وشاية البروق

سنجة!
ذات خريف.
عثرتْ صراصيرٌ على زئير أسد فنهشته إلى شرائح رفيعة ومستطيلة تُغنيِها لدهور من زعيق وراءه ألف طائل!
يا لدَعة الصراصير! تقطع من الزئير على مقاس زعيقها لتتفرغ للجنس الماجن، ربما. جنس مدفوعة آهاته!
سنجة!
ذات خريف.
رعب البروق أقوى من صدى المدن الثلاث البعيدة. بعيدة الآن في جوف جفافها !.
ومعنا عودٌ نداري أوتاره الخمسة من المطر الكاسر. ومافهمنا! فالسحاب يدنو كي يرّبت على كتف المدرس المائل
ويمد العودَ بسحر تدركه خواتيم الحواس قبل عشاء وخيم أو يحاول شيئاً من دو ري مي تفض بكارة (الزيفة)!
وأهتف: يا سنجة أنت آخر من ظننت أن له امتثال في الذاكرة!
ولك في الخلود ماءْ.
أتفوقين سنار؟! ويح ممالك التشكل من وعورة الولادة الزنيمة!
ويح ممالك الزرق بادت عن آثارها....
سنجة!
ليس في وسع إمرئ أن ينتحر والغمام يستبيه بوعود أسمى من ورق الكوتشينة!
سنجة!
يا خوفاً طفولياً من دنو السحاب!
سنجةَ المدرس الذي يداري عوده من البلل ويحرضني على قطف الغمام!

تحت سقف من مطر
مرقنا أنا والمغني!
لا أكاد ألامس الدروب من فرط وحشتها. بينما هو يعيد ترتيب أحجارها بشئ من المودة.
هناك، يا إلهي، من يوادد الحجر!
كان المغني يجّد في طلب (الميز) ولا ينتظر الرعود مثلي. فبعضها، كالوعود، لا يأتي رغم سطوة (العبادي)!
وكنت أعجب. بعض البروق عقيم كبعض الرجال الذين ترزم دعاواهم بالفحولة!
ولم أفرح ب"عيد الكواكب"، وكان لا بد أن يأتي ذكره. لم أفرح بالكواكب نفسها وأنا أراها تساقط دون أن يعنيها غياب
الدوي من سقوطها. تسقط كما الأحداث الجسام داخل أضغاث الأحلام!
يقول المحتفون بهذا العيد الخرافي، وهو عيد من مستحدثات السبعينات، إن فيه نور الدنيا صفاه ثاقب!
يمجدون الجهرة والإبهار والعشا الليلي....وكذلك رعب الطبيعة!
هكذا يبدعون الطلاسم المقيمة.
كانوا في تلك الأيام قد استعادوا مجد أغنية قديمة ل"عثمان الشفيع". لم أكن أعرف بالضبط لماذا لم تكن أغنية زمانها
أو لماذا هي فجأة أغنية زمان آخر يأتيك بأخبارها كل ذاهب على دروب القعدات!
سنجة تستمد قوتها، إذاً، من البروق ومن أغنيات ذاهلة.
هنالك رغبة عارمة لديّ لعقد مقارنة بين سنجة وسنار مبتعداً بإصرار عن التماهيات التاريخية وأخيلة التصوف. أو أي
مجد مندرس لا أثر له إلاً في أمانينا. وبعض تكتكات فرح. ولكن لا وقت لذلك وأنا أطل من شباك كئيب في (الميز).

ساعداي ساعداني أن أباعد بين أنفي وروائح صغيرة تتقافز بين بقع على خشب النافذة. سعوط، أعقاب سجائر
مندرسة وبصقات الخسارة الوخيمة في (الكنكان). الملك الشائب يتبوّل على بنت شيرية. وبنت شيرية تنشغل
عن مائدة الكوتشينة. تسمع صوتا ثقيلاً. شئ يسقط من سقف الحمام.
وتحت البروق أرى المعدن الماخر لجج الظلام. لاندروفر قديمة. يرصعها البرق فتجفل من حفرة لعشبة ويجفل
من بداخلها. كدت اسمع صياحهم والفوضى المطيرة. وكان لخيالي، يسكره هذا المشهد، صليل كصليل سنجة!
كان الخوف كله بجانبي، وبجانبهم مجون السفر.
تذكرت مشهدا مماثلا لكنَ دمعي ضيعه البلل.
من نفس تلك النافذة المتسخة وكان الوقت عصرا على أعتاب الأصيل. نفس هذا اللاندروفر الذي يبدو ماجناً هو
الآخر. تتكسر أعضاؤه فوق لجج السراب.
ولكن هل في سنجة ثمة سراب؟ فالماء في سنجة الحقيقة.

تصايحت نسوة الليلة وهن يغادرن اللاندروفر يتبعهن السائق وبين يديه زجاج يصطك وخلفه خف رجل آخر ينوء
بكتلة لم أتبينها. وكنت قد عجزت قبلاً أن أتبين الاشياء التي كانت تفرفر داخل الجوال في ذلك اليوم.
قلت له: رائحتك خمر. ماذا أحضرت؟
نظر إليّ نظرة استنكار عابرة ثم تبسم قائلاً: خروفين جاهزين للطبخ.
قلت له ساخراً: طبخ؟ عليك ذبحهما أولاً. ألا ترى أنهما يتحركان داخل الجوال؟
ضحك وتراجع للركن الذي رمى فيه الجوال وبحركة خفيفة من اصبعه انبجست قرقرات صغيرة.
ألجمتني الدهشة. كانت تلك أصواتاً آدمية. نظر لي مبتسماً واطمأن أني فهمت طرفًا من الحكاية.
قال:
- بنتان صغيرتان سرعان ما تتعلمان.
ولم أفهم الشعور الذي انتابني لوقوعه بين الفجيعة والتوقع الغامض لشهوة. عبر ذهني طيف من تذكرٍ لا يخصني!
سيد وسياط وعبيد. يا للفداحة! صبيتان بكر يقدمهن الفقر قرباناً لنفسه! واصل هو قائلاً بنبرة جادة:
- أعرف خالتهما. امرأة طيبة تثق بي. أنت تعلم. أكرمتني ببعض صنيعها قبل أن يُؤتى إلىً بالصبيتين !
ثم بنظرة عميقة داخل عيوني قال: هي تثق أن لن يصيبهما سوء من عندنا.
وأطرق حزيناً وقال: لن أتمكن من رؤيتها قريباً. الوالدة. أرجو أن تعيش حتى أراها!

سهرة الميز تبدو لي كطواف مخمور حول منضدة. هو الميز كما زرته أكثر من مرة. تتغير الوجوه.
قال المغني:
- لا نسأل أحداً عن سبب وجوده بيننا. ما على المرء إلاً أن يتمثل هنا!
قلت وقد تبخرت فكرة أن أتقمص أني في مهمة:
- لا زلت غير مصدق لما حدث.
قال بعد صمت:
- لابأس أن تعود إلينا كلما خطر لك ذلك.
إختفى وتركني أحدق من النافذة في أفق بعيد تصطرع فيه الرعود.
البرق يكاد سناه يكشف ورق أحدهم للآخر. يصخبون وأعينهم على الورق. يشرحون اللعبة الخاسرة بالصوت العالي
نكايةً ويبدون صادقين. تبدو خسارة بعضهم كالرعود الآفلة. كنت دائماً أحاول أن أتصالح مع لعب الورق بلا فائدة!

النسوة بعد أن تسللن خفافاً من اللاندرفر عبرن ممراً مفضياً للغرف ثم خرجن و قد تحلل بعضهن من بعض الثياب
لكنهن عجزن عن تغييرالمنظر. دك الكوتشينة كان ظني. دق مدماك الشهوة في قلب برندة الميز النملية!
كان المغني قد انشغل عني وعن أن يغني بواحدة منهن . جميلة يغازل بياض عيونها البرق والرجال. تظنها تصغي
له لكنها ترسل وعداً لغيره طي برقية. ترى مع من أتت ؟ لن تفتك بي على كل حال. وعبرت في ذهني صورة يوسف:
- قلت لك إنها طيبة القلب.
- أبعد عنها يا أخي.
ضاعت مني لحظة أن بدأ الصخب.
قال: أدمنتُ أفعالها الصغيرة.
استفظعت صراحته.
وانطلقت نقرشة العود من ركن آخر من البرندة الطويلة انتقل إليه المغني ولما يزل يرمقني بنظرة شفوقة.
إشتغل ذهني برصد اللحاظ والدلائل الدقيقة في شفاه تبرطم أو في هنيهة أن تسترخي خائنة الأعين.
عندما سألت المغني في موقف البص كيف ميزني من بقية الركاب الذين هربوا يتحررون من ضيق البص وحره إلى فضاء الرذاذ
والوصول قال لي:
- الشبه! ثم ضحك لبرق كان ينتظر اسنانه فشاعت القناعة داخلي أنني إزاء مدينة من الغرابة الندية. أكثر الغرابات شجن.
لم أدر لماذا اخترعت فكرة أنني في مهمة تتعلق بوصية تخيلتها ليوسف. شجبتُ حالة الوثوق التي تلبستني وتجلت في تحيتي
له الخالية من الامتنان. تلك التحية المتعجرفة! فالذي لا أساس له هو أنني بالحدس سأقرأ أخبار الدقائق السابقة لذهاب يوسف ولكن
ماذا يفيدني هذا؟
في مرات سابقة كانت سهراتهم أكثر رصانة من سهرة الليلة ونساؤهن مخبوءات إلاّ مَن إقترحن. كانت هناك مهابةٌ ما تتلاصف
في عيون الرجال يشعلها وجوده. كأن الكوتشينة مهرب من سطوة. وأكثر ما أزعجني تلك الفتاة. كان يحرص عليها.
قال أحدهم إنه يحلم كثيرا أنه ضرط أمام خطيبته. جاءه الرد بارداً. وجه بين أوراق الكوتشينة:
- هذا ليس حلم إنها نبوءة. خذ (فام لاكس).
وانفجر ضحك فاحش.
لو توليني إحدى النساء غيرها أكثر من نظرة علّني أطرح عنها شكوكي! ولكن كيف ذلك والفتنة مدلوقة على المناضد وبرائحة البيرة.
لا أستطيع أن أميز بين مذاق شفاه ورحلة صيد!
بعض النسوة تعرفن عليّ وبدا السؤال عن سبب عودتي للميز عالقاً. تناقلوه مثل طبق مزة. وكبرياء الحدس يلقي الحدس على قارعة التوقع.

سرَى أثر السكر مثل الخيانات الصغيرة لتنقلات أوراق اللعب تلمع لمن يقتنصها واستيقظت هفوات الجسد. قبلة سريعة لإمرأة رجل آخر
ربما أجدى من الآس، من البنت، من كل اللعب وأورقه. ورويداً اندلقت الأسارير على حل شعرها وهان الكلام. ارتفع الحرج كما البخار
لا يلوي على شئ. تذكرت (ميزات) أخرى دعاني إليها. لم أكن أجهد في معرفة مَن هي فتاة مَن. لكني هنا والآن أرى وداً خصيصاً
من الجميع للجميع. إلتصاقات لا أحتجاج عليها. مناخ للغيرة تعدو فوق فصوله الشهوات. حتى من بدأوا تنظيم السهرة بحنكة اضطروا
لتجاوزات فاضحة. فعبروا تهدلات الشبق باعتذارات باهتة. وانكسرت كؤوس مصحوبة بشهقات منتقاة.
مرت أمامي أكثر من مرة وألقت بنصائح عامة للاعبي الورق وكانت عيونها ترعى ذهولي كأنها المستفيد من وخزه. ها هي تستأنف إذاً.
قلت في نفسي إن هذه خدعة. يستطيع أي إنسان أن يبدو بكيفية ما لمن يبحث عنه. رغبت أن لا تكون هي لكن البرق أراني ذلك الندب
الجهير في ظاهر كفها اليمنى!
بلغوا عيد الكواكب بُعيد اختفائها. أخذها أحدهم الى غرفته!

نمت أغلب النهار.
عندما صحوت كان الميز صامتا كأن لم يكن صاخباً في أمسه. تعثرت في طريقي للنافذة. كنت دائماً أهفو لتلك النافذة. رأيتني أتقدم، بحذر، نحو
اللاندروفر، نفس اللاندروفر، وقد تعكر مزاجي. لم يرقني مشهد فتاة كانت بجانبه. لاحظ هو ذلك فقال لي وهو يميل على الدركسون قليلاً ليراني:
- حجزت لك في أول بص صباح الغد أنت والصبيتين. ثم صمت قليلاً. كانت الفتاة باسطة ذراعها على اطار النافذة وقد بان ندب طويل على
ظاهر يدها اليمنى. أضاف وفي محيّاه ابتسامة غامضة:
- ستعجبك يوماً. إنها فتاة طيبة.
عبر إعتداد بالنفس على وجهها أثار حفيظتي. كان هو أنيقاً ووسيماً بأكثر من ما كانت تقول أمي وبدا أصغر كثيراً من عمره. وهي لم تبعد كثيراً عن
الطفولة وعن أن تسبب لي ضيقاً. نظر إليّ وإليها بمرح مفاجئ وقال لي:
- تعال من هذه الناحية.
قفز خارجاً من السيارة ودعاني أن أقودها. ترددت وكان يعرف أنني ما فعلت ذلك في حياتي بالمرة. قال لي:
- يا أخي (سوق)! هي فرصتك لتتعلم القيادة.
فتح باب السيارة الخلفي وتبعته هي. جلسا في انتظاري أن أتولى القيادة!
قال لي وهو يميل نحوها:
- هيا يا صاح! لأول مرة في حياتك. ولاندروفر. فقط تذكر هناك فرامل وبنزين وعصا تحركها. أمر بسيط. هيا.
كدت اسأله لماذا يستعجلني لكنني أدركت بلاهة السؤال. إنه يومي الأخير معه.

واجهت الحقول الخضراء أمامي بسيف مشهر وانطلقت كأنني سائق مخضرم. لم أهتم بالمزروع أمامي ولا المرعي.
كان الغيم يجري أمامي وفوقي كأنا نتسابق مَن يدق نحاس الشفق قبل الآخر. بينما قررت طيور أن تستأنف نزهتها
لاحقاً.
وفجأة انتبهت للمرآة. كانا في عراك محموم.
اتسع صدري للدنيا كلها في تلك اللحظة. قهقهت بجنون للظلال المسرعة. وكانت السيارة مثل جواد مطّهم بالدهشة.
غفرت له أمر الفتاة وجرأته. أن يقبلها في حضرتي. بل أحسست أنني أقود سيارة محملة بقبلات العالم كله.
وكانت خراف وماعز وأشجار صبورة تقف على جانبي الطريق. تنتظر مروري.
لم تبد الطبيعة قلقة ومنفعلة. كان كل شئ في مكانه الصحيح من نبض قلبي المتسارع.

وظهر اللاندروفر طافياً فوق البلل. أحسست بالمغني يقترب من ورائي.
قال:
- يبدو أنهم وجدوا لك مقعداً في بص ما بعد الظهيرة.

انتهت
آخر تعديل بواسطة مصطفى مدثر في الجمعة نوفمبر 26, 2010 7:46 am، تم التعديل مرة واحدة.
مصطفى مدثر
مشاركات: 935
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 10:26 pm
مكان: هاملتون-كندا

مشاركة بواسطة مصطفى مدثر »

معذرة للتكرار
مصطفى مدثر
مشاركات: 935
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 10:26 pm
مكان: هاملتون-كندا

مسجد برخت

مشاركة بواسطة مصطفى مدثر »


مسجد برخت
رأيت فيما أرى وأنا نائم أن أحدهم سرق سيارتي من موقف في الخرطوم بحري. وأني ذهبت لأقرب نقطة شرطة
وجلست إلى الضابط وحكيت له وأخذ هو ما أراد من البيانات. وكنت أثناء انخراطه في الكتابة أجيل النظر
حولي وقد بدا أني أعرف المكان.
نعم. لقد كان مسجداً وها هو، يا سبحان الله، صار نقطة شرطة.
ورأيت من مجلسي سقف الحجرة يتحوّل الي شكل مخروطي متحرك إلى أعلى تماماً مثل خلاط الاسمنت الذي
تراه أمام مبنى تحت التشييد. واعتقدت أنهم، ربما، تركوا مئذنة الجامع كما هي على الرغم من أن دوران الخطوط
المخروطي كان يصدر أصوات أكثر إزعاجاً من تلك التي تصدرها المآذن ، عادةً.
جلستْ على منضدة مجاورة إثنتان من بنات الليل أمام ضابط آخر. أزعجني مشهد بنات الليل في عز النهار.
وتمنيت لو انسخطن وطاويط.
وليتني ما ذكرت الوطاويط فلقد اندفعت من الحفرة المخروطية عشرات منها وبدا من طيرانها المتعرج حولنا
أنها تستهدفني أنا والضابط ولكن الضابط لم ير الأمر كما رأيته فبدا ساكناً وعاكفاً على كتابة ما كان يكتب.
ولم يكن واضحاً لي ما فعلته بي الوطاويط لا في الحلم ولا بعد أن صحوت!
قبل أن تهدأ عاصفة الوطاويط غيرت المرأتان مجلسيهما فصارتا قبالتنا وقد انحسرت عن افخاذهن الثياب وضحكن
حين بدا أنني نسيت تماماً واقعة الوطاويط. وقام الضابط الذي كان يجلس إليهن وهو يلف ذراعه بالثوب الذي نزعه
من إحداهن وصعد إلى أعلى في ذلك المخروط وفي يده بعض الملفات داخل غلاف عليه صور فاحشة.
هتفت نحوه بفرح:
- هذا المكان كان مسجداً في السابق. أليس كذلك؟
حاول أن يلتفت نحوي لكنه، حسب رواية طويلة لم أصدقها، لم يستطع فأجابني وهو يستأنف صعوده:
- لا لم يكن مسجداً.
وفجأة زال ما به من طارئ فإلتفت إليّ مبتسماً ابتسامة رؤفة وأشار أن أتبعه.
سرنا في اتجاه معاكس، تتراقص على جنبيه نساء حسناوات، صوب باب الخروج من نقطة الشرطة وقال لي:
- تعال معي!
ركبنا سيارة حكومية قادها هو مكتوب على جانبها آية قرآنية لم أتبين ماهي رغم أنني راجعت سريعاً في
ذهني، وبلا توّقع إيجابي، ما إذا كان هناك آيات تنفع في وصف ما تفعله الشرطة.
قاد الضابط السيارة عبر شوارع لم أشهدها من قبل ولسبب من حرصي على السيارة المفقودة انتبهت لمعرفة
خط سيرنا وبي شئ من الاطمئنان أن الضابط كان يقودني إلى مكانها.
قال الضابط وكان من النوع الذي لا يلتفت إليك وهو يحدثك أثناء قيادته للسيارة وهو أمر جيد:
- الناظر حسين. عمك أليس كذلك؟
قلت له بلا دهشة:
- نعم.
- أتذكر أيام كان في كوستي؟
قلت له باهتمام:
- نعم!
صمت ثم قال:
- يعني ألم تذكرني؟ لقد كنت تأتي لهم في الاجازة المدرسية وكنا نلعب سوياً. كنا دفعة يارجل ألا تذكر؟
وقبل أن يمنحني فرصة للتذكر قال:
- طبعاً كنت أحب بنت عمك سهير وكنا سنتزوج لولا الظروف!
وتسمرت عيوني على (بروفايله) فهو لم يلتفت إليّ حتى وهو يقول كل هذا البهتان. وأحسست بالمؤامرة
أو اي شئ مماثل لها. فالرجل كاذب في أمرين وكذبته في ثانيهما كانت بلقاء تماماً.
أولاً لا يمكن له أن يكون دفعتي حتى لو كان مدير الشرطة. بل حتى لو كان وزير الداخلية الأسبق.
فهو ببساطة (شافع) بالنسبة لي أنا الباحث عن سيارتي على أطراف أرذل العمر القريبة.
وثانياً ماذا قال عن إبنة عمي سهير؟
يا للبهتان!
سهير لم (ولن) تعرف ولم تحب (ولن) رجلاً غيري فهي ببساطة زوجتي (دائماً) وأبنائي منها تاجر
وسمسار أراضي وغيرهما...
وتصاعد الدم الساخن إلى وجهي ولكني تذكرت السيارة فقلت له:
- إلى أين نحن ذاهبان؟
قال لي:
- وصلنا
وتوقف أمام مسجد ضخم مبني على طراز موغل في الفخامة. قال لي:
- هذا هو المسجد الذي عنيته أنت.
ثم نزل من السيارة ومشى أمامي نحو بوابة المسجد. وقبل أن يدخل إلتفت يدعوني بإشارة ملّحة من يده.
فأشرت لدكان صغير قبالة المسجد وصحت:
- أنتظرك هنا.
ذهبت تحت شمس حارة نحو الدكان الذي تحوّل لكافتيريا مألوفة لي ولكنه عاد، بغتةً، دكاناً باهتاً.
وجدت عنده بيبسي بارد. اشتريت زجاجة وشربت نصفها دفعة واحدة من الغضب وفار نصفها الآخر واندلق
على ملابسي فطفقت ألحسها كالكلب المسعور. ورأيت على (بنك) الدكان لافتة مكتوب عليها:
هل تستخدم الشرطة المعلومات لنسج الأكاذيب عن الناس. ثم ثانياً متى تم ترحيل مسجد من مكانه؟
لم أسمع مثل هذا الهراء قبلاً.
وتبادلنا أنا وصاحب الدكان نظرات حائرة.
وبعد ثوان خرج الضابط في ملابسه العسكرية المرتبكة وحوله مئات من المصلين في جلابيب بيضاء.
ولكي أداري حرجي، ولأن عشرات من الرجال كانت تشير إليّ، قررت أن أضيع وسطهم وكان الغاز
يواصل تدفقه العارم من فوهة زجاجة البيبسي. وبينما أنا أحاول إبصار ما تبقى من غاز في قاع الزجاجة،
بحسب أوامر من شرطي آخر برز فجأة، أحسست بيد غليظة تهزني وهتف عثمان:
- قم يا زول. كم مرة أصحيك. هيا نلحق الجمعة!
قلت له وأنا مستسلم تماماً لحالة حيرة وغيظ فاترين:
- طيب دش سريع!
عند خروجي من الحمام حكيت له في ما يشبه الشكوى حكاية الحلم والسيارة وما أدراك.
فقال لي:
- ومنذ متى عندك أنت سيارة؟
ولم أشاركه الضحك بل قلت له كأنني اكتشفت ما يتمناه اليوم:
- سنصلي الجمعة في مسجد لم يحدث في الخرطوم بحري!
قال لي مفجوعاً:
- بحري؟ قعدة ما أمشيها في بحري وتريدني أذهب لصلاة؟
وخرجنا في سيارة زوجتي المرسيدس الجديدة تقودها هي لأنها رفضت أن تخليني أسوقها لسوء سجلي القيادي.
ولم تخني ذاكرة المكان فسرنا بطرق صحيحة رغم أن المباني التي مررنا بها كانت غريبة علينا.
وسألتني سهير وهي تتفادى أحدهم لاح في طريقها ثم تلاشى:
- هل أنت متأكد من وجود هذا المسجد. وأضافت:
- وماله مسجد الحي ؟
قلت لها بإقتضاب وكنت أفضل أن أشتم ذلك الشبح الذي تلاشى:
- المكيف متعطل.
وأضاف عثمان:
- والخطيب دمه ثقيل!
وسد الأفق فجأة ذلك المسجد المهيب المبني، بلا شك، على غرار مسجد عظيم في مكان ما من الدنيا.
قلت لسهير:
- ما تنزلي معانا يا حاجة!
فكرمشت وجهها وانطلقت نحو سوق الخضار كما قالت!
وفوجئنا أنا وعثمان بجيش من رجال الشرطة يتوسطه شخص مدني واحد يخرج من المسجد.
سألت عثمان:
- فاتتنا؟
ولم يكن هناك. لم أجده.
بحثت عنه وراء كل الأجساد الشرطية التي لا حصر لها وأنا أصرخ:
- عثمان! فاتتنا يا عثمان؟ فاتتنا يا عثمان؟
وصادفت اليد الصغيرة الناعمة بصفعتها أنفي. فتحت عينيّ مذعوراً
فقالت لي:
- جدو قم! صلاة الجمعة.
صرخت فيها: يابنت طيري! جمعة في عينك!
وأغمضت عينيّ مرة أخرى وضيقت ما بين جفنيّ أبحث عن شئ آخر غير النوم وسمعتها
تقول مبتعدة:
- سأذهب لوحدي!
حفيدتي ذات الخمسة أعوام!
مصطفى مدثر
مشاركات: 935
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 10:26 pm
مكان: هاملتون-كندا

Re: مسجد برخت

مشاركة بواسطة مصطفى مدثر »

تكرر
أضف رد جديد