د. قرنق : نريد تغيير السودان بشكل حقيقي

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
ãåÏí ãÍãÏ ÎíÑ
مشاركات: 22
اشترك في: الاثنين مايو 23, 2005 7:48 pm
مكان: UK

د. قرنق : نريد تغيير السودان بشكل حقيقي

مشاركة بواسطة ãåÏí ãÍãÏ ÎíÑ »

قرنق لـ«الشرق الأوسط»:

الجنوب لم يشهد تنمية منذ خلق آدم وحواء

زعيم الحركة الشعبية السودانية

من يفكر في نقض اتفاقية السلام سيكون «انتحاريا» سنخوض حرب السلام كما خضنا حرب الغابة من أجل تحقيق "السودان الجديد"

حوار سياسي: مصطفى سري

قال زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان، الدكتور جون قرنق، في حوار شامل مع «الشرق الأوسط» ان حركته ستخوض معركة جديدة بالطرق السلمية من أجل تحقيق هدفها باقامة «السودان الجديد» الذي يكفل العدالة والمساواة لكل مواطنيه، مؤكدا انه سينجح في هذه المهمة الصعبة كما نجح في حرب البندقية والغابة طوال 21 عاما. وقال قرنق في حديث أجري معه في معقله برومبيك جنوب السودان، انه واثق بان حركته التي ستتحول الى حزب سياسي ستكتسح الانتخابات المقبلة، إلا انه اشار الى تحديات كبرى في الطريق، من بينها تحدي تقرير المصير الذي سيمارسه الجنوبيون بعد ست سنوات للاختيار بين الوحدة مع الشمال أو الانفصال منه.
وقال ان التنمية في الجنوب ستكون من اولويات حكومته، وسيبدأها من قطاعات التعليم والصحة والمياه ورصف الطرق. وأكد ان طرقا برية ستربط مدن الجنوب بالشمال والى كينيا واوغندا واثيوبيا والكونغو. وكشف عن وجود خطة لتدريب قوات الجيش الشعبي للانخراض في الأعمال المدنية. وأشار الى وجود انفلات أمني بسبب وجود هذه القوات بين المدنيين في القرى حاليا بسبب نقص الغذاء. وقال ان توجيهات صدرت بعودة هذه القوات إلى ثكناتها، وان هناك خطة لتوفير غذائها ومنحها رواتب شهرية. وعن مفوضية الدستور التي تقوم حاليا بصياغة دستور انتقالي للسنوات الست المقبلة، كرر قرنق موقف الحركة الرافض لمشاركة أي حزب سياسي يرفض اتفاقية السلام. وقال ان الدستور هو جزء من هذه الاتفاقية وعدم الموافقة عليه هو رفض للاتفاقية. واكد زعيم الحركة الشعبية وجود ضمانات كافية لاستمرار اتفاقية السلام رغم وجود رصيد سوداني في نقض العهود، من بين هذه الضمانات وجود الجيش الشعبي والقوات الدولية، واستقلال الجنوب ماليا. وقال ان أي شخص يحاول نقض الاتفاقية فانه كمن يقوم بعمل «انتحاري».

واشار قرنق في الحوار الشامل الى ان حركته لا شأن لها بمحاكمة المتهمين بانتهاكات في دارفور، لانها «ليست جزءا من الحكومة»، كما انه لن يكون لاحقا الوحيد في الحكم ليصدر قرارا في هذا الموضوع، قبل ان يستدرك قائلا ان «قضية دارفور ستكون وجدت الحل قبل ان يكون هو جزءا من الحكومة في الخرطوم


* ما الذي يجعلك واثقا بأن اتفاق السلام بينكم وبين الحكومة السودانية سيصبح مستقرا؟

ـ هذا سؤال جيد.. لأن معظم الاتفاقيات في الماضي تم نقضها، وأظنك تعلم ان ابيل ألير (نائب جنوبي للرئيس السوداني في عهد نميري) قد كتب كتابا عنوانه «نقض العهود والمواثيق». ولكن رغم كل ذلك، فان هذه الاتفاقية لا يمكن نقضها بسبب وجود «ضمانات ذاتية»، ولانها مختلفة.

* هل يمكنكم شرح هذه الضمانات؟

ـ أهم هذه الضمانات هي انها لا تعتمد على أشخاص او الطرف الآخر كما كان في الماضي. ومن بينها ايضا ان للحركة الحق في الاحتفاظ بجيشها في الفترة الانتقالية، وهذا هو الضمان الأكبر فالذي يريد ان ينقض هذه الاتفاقية سيتردد. وهناك ضمانة أخرى، وهي ان للجنوب سلطات حقيقية، ولا تستطيع أي حكومة في الخرطوم حل او اسقاط حكومة الجنوب، كما كان يحدث في الماضي، وكذلك فان تقسيم الثروة ضمانة كبرى.
ولدينا استقلالية حقيقة، فميزانية حكومة الجنوب ومرتبات الموظفين لن يتم اعتمادها من الخرطوم، لدينا اعتماداتنا المالية من عائدات البترول، وما يتم جمعه من ضرائب وخلافها. كما ان المساعدات الدولية ستصل الى الجنوب مباشرة وليس عن طريق الخرطوم.

الى جانب كل ذلك، هناك ضمانات دولية ولدينا في هذه الاتفاقية قوات من الأمم المتحدة ستكون موجودة خلال اعوام الفترة الانتقالية الستة، ولذالك لا اعتقد ان اي شخص يمكن ان ينقض هذه الاتفاقية، وأعتقد ان من يحاول ذلك سيكون أشبه بالانتحاري!


* الآن انتم تنتقلون الى الحكم بعد 22 عاما من الحرب ما هي أولوياتكم؟

ـ حسننا كما رأيت فى رومبيك، وسبق لك ان زرتها عدة مرات، هناك مجهود تم بذله خلال الأشهر الماضية، لكن نحن نبدأ من الصفر لا يوجد اي شيء في البنيات التحتية خاصة الاقتصادية. لذلك فان الاولويات لدينا ان نشكل اساسيات الحكم فى الجنوب. وما أسميه البنيات التحتية للحكم في الجنوب ان نشكل حكومات الولايات العشر والادارات المدنية والشرطة المدنية وحكم القانون وتحقيق الاستقرار. كما ان البنيات التحتية فى الاقتصاد والتعمير والتي بدأناها من قبل تتمثل في بناء الطرق التي تربط اقاليم الجنوب. كما تعلم ان مساحة الجنوب تساوي دولتي كينيا وأوغندا مجتمعتين، وهناك طرق ستربط الجنوب بالشمال ودول الجوار مثل كينيا، والتي قطعنا شوطا كبيرا في توصيل الطريق الى حدودها، كذلك أوغندا، فان الطريق اليها شارف على نهايته. وهناك طرق ستربط بين الجنوب مع اثيوبيا والكونغو، الى جانب إعادة خطوط سكة الحديد مع الشمال وتمديد اخرى مع كينيا وأوغندا.

نحن فى الجنوب لم نشهد تنمية منذ ان خُلق آدم وحواء، لذلك فان العمل يتطلب مجهودات عظيمة في البنيات التحتية والأساسية مثل إمدادات المياه وتوصيل الكهرباء والاتصالات والخدمات الاجتماعية خاصة التعليم، ودعونا كل الأطفال ان يذهبوا الى المدارس. وفي السنوات الست القادمة، فان كل الاطفال في سن التعليم سيذهبون الى المدارس. كما ان اهتمامنا سيكون بالخدمات الصحية، خاصة ان الجنوب فيه كثير من الأمراض، ونحن سنستفيد من عائدات النفط وثروات الجنوب الاخرى مثل الزراعة التي لم تشهد استثمارا منذ زمن طويل. ولذلك سنستخدم عائدات البترول في التنمية الزراعية وتدريب الكوادر البشرية.

الآن لدينا نازحون ولاجئون بدأوا بالعودة ولا توجد اي بنيات لتوطينهم وهذا سيخلق مشكلات أمنية فى الجنوب، وهم نحو ثلاثة ملايين نازح سوداني في مناطق الشمال او مدن الجنوب، ولدينا مليون لاجئ في دول الجوار بدأوا بالعودة، لكن حتى المجتمع الدولي الذي وعد بتقديم المساعدات لم يصلنا منها شيء، وهذا يجعلنا نعتمد على ما لدينا من مصادر، وهي قليلة وهذا سيخلق مشاكل أمنية خاصة في التنافس على الموارد.


* طموحات المواطنين عالية في ظل هذه الأوضاع التي ذكرتها كيف ستقابلون وتديرون هذه الطموحات؟

ـ نعم حقيقة ان طموحات شعبنا عالية ولدينا القدرة حال ما نشكل الحكومة الجديدة في الجنوب والحكومة المركزية على تلبية هذه الطموحات لشعبنا ونحن قبل الوصول وتشكيل الحكومة نبذل مجهوداتنا في اتجاه تلبية متطلبات الشعب. ونقوم الآن بتحويل أذهان المواطنين بدل الاعتماد على الإغاثة إلى الانتاج وبناء اقتصادنا الذاتي المنتج من المواطنين انفسهم واعتقد اننا نستطيع ان ندير طموحات المواطنين.

* أمامكم تحد أكبر هو كيفية تحويل الحركة التي اعتمدت على حرب «الغوريلا» (العصابات) الى حزب سياسي بعد 22 عاما من الحرب؟

ـ نعم كنا نحارب كـ«الغوريلا» لأكثر من 21 عاما، والآن نحتفل بالعيد الـ22 لتأسيس الجيش الشعبي والحركة الشعبية لتحرير السودان، واعتقد انه سيكون الاحتفال الأخير لنا في الغابة. وكما انتصرنا في كل حروبنا سننتصر في حرب التحول الى حزب سياسي. نحن مررنا بفترات صعبة وقاسية، وانتصرنا فيها، حاربنا 21 عاما من اجل حقوقنا واستطعنا ان ننال هذه الحقوق وانتهت الحرب بتوقيع اتفاقية السلام. وشهدت الحركة انقساما كبيرا عام 1991، لكن القيادات التي انشقت عادت الى صفوفنا وتوحدنا من جديد. والتحدي الاكبر بالنسبة لنا يبدأ من تاريخ 9 يناير (كانون الثاني) 2005 (تاريخ توقيع السلام) الى 6 يناير 2011 (نهاية الست سنوات للفترة الانتقالية). هذه الفترة ستشهد الاستفتاء على حق تقرير المصير للجنوبيين، وبالتالي فهي الأصعب لأن الاستفتاء سيكون على خياري الوحدة او الانفصال.

وهناك مرحلة أخرى، وهي ما بعد 2011. ورغم اننا لا نعرف نتيجة الاستفتاء الذي سيسبقها، لكن سنواصل نضالنا بالطرق السلمية بذات الشراسة التي خضنا بها الحرب، وسنتحول الى حزب سياسي في كل السودان لأننا نريد تغيير السودان كله وعلينا البدء بأنفسنا ِبأن نتحول الى حركة سياسية فاعلة. واؤكد لك اننا نستطيع اكتساح الانتخابات في كل السودان ونحن نعمل حاليا على تدريب كوادرنا وتنمية المهارات. والمواطنون حينما يقومون بأفعال خاطئة ليس بسبب انهم يريدون ذلك بل بسبب فقدانهم المهارات، وهذا سيتم تصحيحه بشتى انواع التدريب. وسنقوم بتحويل عناصر الجيش الشعبي الى كوادر فاعلة في الخدمة المدنية. وهناك هياكل عديدة لاستيعابهم. كما تعلم ان هذا الجيش كان موجودا في القرى بين المواطنين وحدثت شكاوى عديدة، والآن اصدرنا توجيهات مشددة على ان يتوجه كل جندي الى معسكرات الجيش الشعبي. فى السابق، كان وجودهم في القرى مبررا خاصة انه لم يكن لديهم غذاء، لكننا الآن نستطيع ان نمدهم به. وعند تشكيل الحكومة ستصبح لهذه القوات مرتبات.


* لكن هناك انعداما للأمن في مناطق عديدة تسيطر عليها الحركة، ولقد سمعت ان رومبيك نفسها تشهد هذا الواقع، فما هي معالجتكم لهذه القضية خاصة ان مسألة انعدام الأمن بدأت بعد توقيع الاتفاقية؟

ـ صحيح هناك بعض الانفلات الأمني وعدم الاستقرار لكن نحن خارجون من حرب طويلة وشرسة، وحققنا السلام باتفاقية مع حكومة الخرطوم، ونعمل الآن على عقد اجتماعات بين السلاطين (زعماء قبائل جنوبية) وقيادات الجيش الشعبي لمعالجة هذا الانفلات، وهي كما اعتقد بسب شح الغذاء، سواء لقوات الجيش الشعبي او المواطنين. سنقوم بإجراء تحقيقات ومحاكم لكل من يثبت تورطه في أحداث نهب من الأهالي الذين عانوا كثيرا خلال الحرب، والذين سنقوم بتعويضهم.

* كم عدد قواتكم؟ وهل ستخفضونها؟

ـ أنا نفسي لا أعرف عدد القوات.. لكن الاتفاقية نصت على تخفيض القوات من الجانبين، واذا بدأ الطرف الآخر بتخفيض قواته بنسبة 30% سنفعل ذلك من جانبنا بذات النسبة، وهناك قوات مشتركة من الجانبين قوامها 40 الف جندي 20 الفا من كل جانب، ولدينا قوات كافية لحماية الاتفاقية.

* الحوار جنوب ـ جنوب الذي انعقد في نيروبي في ابريل (نيسان) الماضي لم تكن نتائجه في المستوى المطلوب بسبب غياب قيادة المجموعات العسكرية الجنوبية التي تدعمها الخرطوم.. كيف ستتعاملون معها؟

ـ الحوار جنوب ـ جنوب كان ناجحا وشارك 24 من القيادات السياسية الجنوبية فيه، وصحيح ان قادة المجموعات العسكرية التي تدعمها الحكومة كانت غائبة عن هذا الحوار المهم، ليس لأنهم كانوا لا يودون الحضور بل بسبب ان حكومة الخرطوم منعت حضورهم. لذلك فان الحوار الجنوبي الذي تمت رعايته من قبل مؤسسة الرئيس الكيني السابق دانيال آراب موي خرج بوثيقة أكد فيها المؤتمرون ضرورة تحقيق الوحدة بين الجنوبيين ودعمهم لاتفاقية السلام الشامل والتي وقعناها مع الحكومة وتشكيل حكومة راشدة في الجنوب في الفترة الانتقالية تستوعب الاحزاب السياسية الجنوبية. بالنسبة للمجموعات العسكرية، سنقوم بتنظيم ورشة عمل ثانية عند تشكيل الحكومة الجديدة في الجنوب والحوار مع قادتها الذين تم استيعابهم في الجيش الحكومي لكن هم إخوتنا ومن الجنوب، سنتحدث اليهم مباشرة ونحن على اتصال بشكل او آخر مع هذه القيادات، وأعتقد ان بإمكاننا حل هذه القضايا معهم. وفي وجهة نظري هي قضايا بسيطة. وهذه المجموعات العسكرية تتلقى الدعم من الخرطوم خلال فترة الحرب، والآن هذه الحرب انتهت فليس هناك معنى لمواصلة هذا الدعم ولا أعرف سيُوجه ضد من، حقيقة ان الحكومة لن تكون في حاجة اليهم وستقصيهم لكن نحن يمكن ان نستوعبهم في الجيش الشعبي، والشرطة، والسجون، وقوات الحياة البرية، والخدمة المدنية. إذن هناك وظائف عديدة لهم ونحن لا نريد إقصائهم مثل ما فعلت الحكومة لأنهم من أبناء شعبنا. لذلك لا اعتقد ان الحكومة الجديدة التي سنصبح جزءا منها ستواصل دعم هذه المجموعات العسكرية لتبدأ حرباً في الجنوب، وهذا لن يحدث مطلقا. كيف لحكومة تقوم بدعم مجموعات عسكرية لتخوض حربا ضد نفس الحكومة.

* ما هو تقييمكم لشركائكم الجدد في الحكم خاصة في تنفيذ الاتفاقية؟

ـ هم شركاؤنا في اتفاقية السلام الشاملة وفي تنفيذها، والآن لدينا وفد كبير موجود في الخرطوم، وهناك مفوضية لمراجعة الدستور الانتقالي وصياغته، والتي ستحضر من الخرطوم الى رومبيك في الخامس والعشرين من هذا الشهر.

* هل الأموال الخاصة بالجنوب، والتي يُفترض أن تقدم لكم بعد توقيع الاتفاق وصلت إليكم؟

ـ منذ يناير الماضي لم نحصل على هذه الأموال (نسبة الـ50% من تقاسم الثروة)، لكن هذا ليس بسبب أن الحكومة لا تريد ان تحول هذه الأموال، فهي محفوظة في حساب خاص في البنك المركزي في الخرطوم، وهناك آليات بدأت العمل في هذا الشأن، وبعد أيام قليلة ستظهر نتائج هذه الآلية. ونعمل الآن على تأسيس بنك الجنوب من داخل بنك السودان المركزي، وعند اكتمال الإجراءات سيتم تحويل هذه الأموال مباشرة الينا.

* عندما تذهبون الى الخرطوم كنائب أول للرئيس، وأنتم في ذات الوقت رئيس حكومة الجنوب، من الذي سيخلفك في جوبا؟

ـ حكومة الجنوب مكونة من مجلس وزراء، والنائب الأول يمكن ان يتنقل الى الخرطوم ويحضر الى جوبا، هذا ترتيب فريد من نوعه في هذه الاتفاقية. واذكر اننا عندما كنا نتفاوض مع ذات الحكومة في مفاوضات ابوجا بداية التسعينات، كنا نتحدث عن رئيسين ضمن نموذج كونفدرالي رئيس للجنوب وآخر في الشمال ثم مجلس رئاسي من الرئيسين لكن تمت التسوية في نيفاشا بان يكون هناك رئيس لكل السودان ونائب اول للرئيس في الحكومة الاتحادية، وهو نفسه يصبح رئيس حكومة الجنوب، والرئيس في الحكومة الجديدة لن يتخذ قرارات في الحكم بمفرده، وسنجد طريقة لمتابعة مكتب رئيس الجنوب ومكتب النائب الأول للرئيس في الخرطوم.

* هناك قرار صادر عن مجلس الأمن الدولي بتقديم 51 شخصا متهما بجرائم حرب ضد الإنسانية، ضمنهم مسؤولون في هذه الحكومة كيف ستتعاملون مع هذا القرار؟

ـ تقصد القرار (1593) الخاص بدارفور، نعم هذا القرار يشمل ثلاث مجموعات; الاولى تمثل بعض المسؤولين في الحكومة، والمجموعة الثانية مليشيات الجنجويد، والثالثة الحركات المسلحة في دارفور. نحن أمام مرحلتين، في هذه المرحلة نحن لسنا جزءا من هذه الحكومة الحالية. وعندما كنت في اوسلو اصدرنا بيانا بذلك واقترحنا ان تجلس الحكومة الحالية ومجلس الأمن الدولي لحل هذا المأزق، ونحن الآن لسنا طرفا في هذه الحكومة، لكن عندما نصبح جزءا من حكومة الوحدة الوطنية سيصبح ذلك واقعا آخر.

وعندما تشكل الحكومة الجديدة يفترض ان تكون مشكلة دارفور قد حلت سياسيا وكذلك مشكلة شرق السودان، لأنه لا يمكن ان يكون لديك سلام فى جنوب السودان وفي ذات الوقت حرب في دارفور وشرق السودان. وجهدنا في الحكومة الانتقالية ان يكون هناك سلام شامل وعادل في كل أرض السودان. وبعدها اذا كان هناك مطلوبون للمحكمة الدولية فلن تكون هذه قضية الحكومة الجديدة وانما هم أفراد يطالب بهم مجلس الأمن الدولي. وهذه جرائم تمت في دارفور، لذلك فان الحكومة الجديدة التي سنشكلها لا دخل لها في ذلك.


* واذا طلب مجلس الأمن الدولي من الحكومة الجديدة التي ستشكل خلال اشهر ان تقوم بتسليم هؤلاء الضالعين في جرائم حرب الى محكمة العدل الدولية هل ستفعلون ذلك؟

ـ الحكومة الجديدة حاليا غير موجودة، ودعنا ننتظر حتى تتشكل، ودعنا نعبر الجسر عندما نصل اليه، وحتى الآن لم اعبر الجسر لأنني لم أصله، والشيء الثاني الحكومة الجديدة ستضم اطرافا اخرى لذلك لن يكون القرار لي وحدي، ولذلك لا يمكن ان اتحدث عن حكومة هي أصلا لم تتشكل بعد.

* بالرغم من انكم وقعتم اتفاق سلام مع الحكومة، غير انها لا زالت تمارس الاعتقالات، وفي ظل وجود وفدكم في الخرطوم، لماذا لم تقوموا بخطوات لإيقاف هذه الاعتقالات مع شريككم المرتقب؟

ـ حسنا، نحن في عملية تحول وتغيير، والحكومة الحالية ليست هي الحكومة الجديدة التي ستشكل وفق اتفاق السلام، ونحن الآن نعمل من اجل تنفيذ هذه الاتفاقية، والأولوية الآن لصياغة الدستور الانتقالي، ونعمل فى ذلك من خلال مفوضية مراجعة الدستور التي تعمل في الخرطوم. وبدون الفراغ من صياغة الدستور لن نشكل حكومة جديدة او حكومة الجنوب، ونحن لدينا مهام محددة الآن، ومبدئيا حقوق الانسان يجب ان تجد الاحترام. وعندما تتشكل حكومة الوحدة الوطنية الجديدة سأظهر لك واقعيا انه لن تكون هناك اعتقالات بسبب الآراء السياسية وسنحترم حرية التعبير.

* بتوقيعكم لاتفاق السلام، هل تعتقدون ان أهداف الحركة ورؤيتها قد تحققت؟ وما هي سلبياتها؟

ـ بالتأكيد نحن حققنا جزءا كبيرا من اهداف الحركة التي حاربنا من اجلها 22 عاما. وكانت الرؤية واضحة بتوصيف وتعريف مشكلة السودان وقلنا انها ليست مشكلة الجنوب. صحيح ان الاتفاقية الآن تتحدث عن الجنوب لكن هناك جبال النوبة والنيل الأزرق. وهناك حروب في دارفور وشرق السودان. حتى في اقصى الشمال يتحدثون عن التهميش، لذلك اهدافنا بتحقيق السودان الجديد كانت صحيحة، وكذلك ممارسة حق تقرير المصير بالاستفتاء لجنوب السودان هو هدف صحيح، لان الوحدة لا تأتي بالقوة. ومنذ الاستقلال عام 1956 كانت هناك وحدة في السودان لكنها لم تكن فعالة لأنها لم تقم على وحدة طوعية، والوحدة تقوم على أسس العدالة والمساواة، لذلك اذا اختار الجنوبيون الانفصال فهذا حقهم. حتى دارفور والشرق يجب ألا يخضعوا الى الوحدة بالقوة. بالطبع نحن لم نحقق السودان الجديد لكننا عمليا نسعى الى تحقيق ذلك عبر تنفيذ اتفاق السلام.

* ما شهدته فترة الحرب من تجاوزات من الطرفين لم نجد له نصا يتحدث عن الحقيقة والمصالحة في الاتفاقية لماذا؟

ـ أولا الجيش الشعبي من تسميته مكون من الشعب، ونحن لسنا جيشا أتى من الخارج وكنا في حالة دفاع عن مواطنينا وكذلك حاولنا تعميم ما حدث في جنوب افريقيا بمفوضية الحقيقة والمصالحة لكن الحكومة رفضت ذلك. نحن في الجنوب قمنا بنداء في مؤتمر الحوار الجنوبي ـ الجنوبي، وتحدثنا فيه بصراحة ووضوح عما حدث من تأثيرات خلال فترة الحرب، لذلك ليس هناك سبب فى جنوب السودان بان لا تجري الحقيقة والمصالحة بين شعبنا، والتي كان يمكن ان تجري بشكل قومي لكن الحكومة في مفاوضات نيفاشا رفضت ذلك وسنواصل الحقيقة والمصالحة فى الجنوب من خلال الحوار الجنوبي.

* هناك تخوف من ان تتشكل الحكومة في الجنوب على أساس قبلي، وأن يتم استبعاد قبائل او قوميات جنوبية من الحكم؟

ـ هذا ليس صحيحا وليس هناك طرف قبلي سنبعده. حكومة الجنوب ستمثل من كل القوميات وليس من قبائل النوير او الدينكا، لن تكون هناك مشكلة او تخوف، المساواة والعدالة والحكم الراشد وحقوق الإنسان هي اساسنا فى حكومة الجنوب التي ستشكل. المساواة في الخدمات الاجتماعية وتوزيعها على كل المناطق في الجنوب، لذلك لن تجد مجموعة قبلية تشعر بالظلم.

* هناك اتهام بأن الجيش الشعبي استخدم الأطفال كجنود في الحرب الأهلية ما صحة ذلك؟

ـ لم يكن لدى الجيش الشعبى اي اطفال في صفوفه، بل اننا قمنا بارسال الاطفال الى المدارس. نحن في الجيش الشعبي نختلف عن الحركات المسلحة التي تعرف بحركات «الغوريلا». مثلا الآن هناك في اميركا اطباء ومهندسون، بل انني استمعت فى إحدى الاذاعات عن فنان من أبنائنا، إذن هؤلاء الأبناء نحن من قمنا بإرسالهم الى المدارس فى اثيوبيا، حيث لم تكن لدينا مدارس. واقعنا يختلف عن حركات «الغوريلا» في افريقا. نحن لم نمارس أية انتهاكات ضد الأطفال، ونحن توصلنا الى اتفاق سلام ويمكنك الذهاب الى كل مناطقنا، وأجزم انك لن تجد اي جنود من الاطفال.

* لننتقل للحديث عن مفوضية الدستور، هناك بند في الدستور الانتقالي يشر الى ان أي حزب لم يشارك في هذه المفوضية ليس له الحق في المشاركة في الانتخابات بعد اربع سنوات، هل هذا اتجاه لديكتاتورية جديدة؟

ـ نحن ضد الحكومات الديكتاتورية ايا كان شكلها. ومن جانبنا، قلنا اي حزب سياسي لا يوافق على الاتفاقية، لا يحق له المشاركة في الانتخابات. والدستور هو جزء اساسي من تنفيذ الاتفاقية. اذا كنتَ تريد حقوقك وترفض في نفس الوقت حقوقنا. واذا لم توافق على الدستور الانتقالي الذي يوفر لك الحقوق ثم تريد ان تقوم بنشاط سياسي عبر الدستور الذي ترفضه ألا يشكل هذا تناقضا. الدستور ليس حدثا عارضا بل هو عملية مستمرة، اذ ان هناك ثلاث مراحل; الأولى استطعنا فيها إيقاف الحرب عبر اتفاقية السلام بين الحركة والحكومة لتقودنا الى فترة انتقالية أساسها دستور انتقالي لتشكيل حكومة وحدة وطنية في الخرطوم وحكومة الجنوب. اذن صياغة الدستور شملتها الاتفاقية وهي الجزء الاساسي في التنفيذ. واناشد كل القوى السياسية المشاركة في هذه المرحلة لأننا نريد تحولا حقيقيا فى السودان، فالأحزاب التي تريد ان تبعد نفسها فى هذه المرحلة لن نوصد الأبواب امامها. المرحلة الثانية هي اجراء الانتخابات بعد ثلاث او اربع سنوات، وعلى كل المستويات من البرلمان المركزي والولائي حتى الرئاسة، وهذا سيخلق واقعا جديدا في البلاد وسيصبح لدينا هيكل في الحكم منتخب، والبرلمان الذي سيحكم البلاد قبل الانتخابات سيتم تعيينه. وعبر البرلمان المنتخب يمكن مراجعة الدستور مرة اخرى. المرحلة الثالثة هي الاستفتاء على حق تقرير المصير في الجنوب بنهاية الفترة الانتقالية، فاذا صوت الجنوبيون للوحدة فيمكن ان تتم مراجعة الدستور ليصبح دائما لكن اذا صوتوا للانفصال سيصبح هناك دستوران لدولتين مختلفتين، ونحن سنواصل الحوار مع الأحزاب التي لم تشارك في مفوضية الدستور، ولن نوصد الباب أمامها وعليهم ان يقدروا ما نقوم به من عمل لأننا نريد تغيير السودان بشكل حقيقي، ونتمنى ان ترتبط الاحزاب في هذه العملية لأن الدستور لكل السودانيين. وهل الذين يعارضون اتفاقية السلام يريدون إحداث انقسام في السودان أم هو تهديد لوقف عملية السلام التي تم انجازها بعد 22 عاما من الحرب، واقول لهم لن تكون هناك حرب اخرى في الجنوب وهذا لن يحدث مطلقا.

* لماذا ترفضون عقد المؤتمر الجامع الذي تطالب به قوى المعارضة؟

ـ نحن من اوائل الذين دعوا لعقد المؤتمر القومي الدستوري، وكان ذلك عام 1986. نحن الذين بادرنا بذلك وذات الأحزاب التي تطالب بعقد المؤتمر وما تسميه بالجامع هي التي رفضت ما كنا نطالب به آنذاك، وهبْ اذا انعقد هذا المؤتمر ما هي القضايا والمشاكل الجوهرية التي يريدون حلها؟ نحن في اتفاقية السلام التي وقعناها أوقفنا الحرب، وهذه قضية اساسية وجوهرية ونعمل الآن على صياغة دستور انتقالي عليها. يمكن ان يكون هذا المؤتمر الجامع في مراحل اخرى مثلا بعد الانتخابات او عقب اجراء الاستفتاء، ووقتها اذا صوت الجنوبيون للوحدة يمكن عقد هذا المؤتمر أما اذا صوتوا للانفصال فهذا سيخلق واقعا آخر. والذين يطالبون بعقد هذا المؤتمر الآن يريدون مراجعة اتفاقية السلام، لماذا؟ هل هذا حل لمشاكل السودان وهل سيحمي البلاد. هم لديهم وجهة نظرهم، لكن الاتفاقية تمت إجازتها من مجلس التحرير الوطني في الحركة الشعبية والمجلس الوطني في الخرطوم وستتم اجازة الدستور الانتقالي من قبل الشعب السوداني، وهذه هي المرحلة المهمة. لقد كانت هناك حرب في الجنوب والآن لدينا وقف إطلاق نار شامل وكذلك في جبال النوبة والنيل الازرق وأبيي، لكن هناك حربا في شرق السودان لا يوجد وقف اطلاق نار، وكذلك دارفور تشهد حربا ولم تلتزم الاطراف المتحاربة باتفاق وقف اطلاق النار، هل من الجدية الحديث عن مراجعة اتفاقية اوقفت الحرب ام اطفاء النيران المشتعلة في شرق البلاد وغربها، نحن اوقفنا الحرب فى الجنوب والمناطق الثلاث. ماذا يريدون بعد كل ذلك؟

* هل يمكن ان يصبح النفط في مرحلة ما محل صراع في الجنوب كما كان في الماضي، وان تتوسع المطامع من أطراف داخلية او خارجية؟

ـ الحرب في الجنوب اندلعت عام 1955 وخاضتها الأنانية لمدة 17 عاما وفي ذلك الوقت لم يكن هناك نفط في الجنوب. ومنذ توقيع اتفاقية اديس ابابا عام 1972 لم يشهد الجنوب حربا لمدة عشر سنوات ثم اندلعت الحرب عام 1983 بقيادة الجيش الشعبي لتحرير السودان والآن نحتفل بالذكرى 22 لتأسيس الحركة، لذا عندما اصبح النفط عاملا اضافيا في الحرب استمرت طوال هذه الفترة وعقدت الحرب. كما ان النفط شارك ايضا في عملية السلام. واثناء الحرب حدثت انتهاكات واسعة لحقوق الانسان في اقليم أعالي النيل حيث ان شركات النفط مثل تلسمان الكندية مع الحكومة السودانية قامتا بترحيل اكثر من مائتي الف مواطن من أعالى النيل قسرا الى جانب قتل المئات بغرض النفط كما تمت حماية حقول النفط بنصف الجيش الحكومي وتسليح مجموعات كبيرة. كذلك في مفاوضات السلام كان النفط عاملا اساسيا في كيفية تقاسم الثروات وعائدات النفط اذن تجد هذا العامل شكل نقطة جوهرية في الحرب والسلام لكن نحن سنعمل على استخدام النفط في التنمية والاستقرار ولا اعتقد ان يكون عاملا للصراع مرة اخرى في الجنوب.


* لديكم الآن عُمله متداولة فى الجنوب لكن فنيا ورقة العملة رديئة، وشكا منها المواطنون، هل هي عملة بديلة وكم تساوي قيمتها؟

ـ صحيح ان الجنيه الجديد ورقته رديئة وهذه الأمور فنية تتم مراجعتها لكن هذه العملة المتداولة ليست بديلة لأن لدينا اتفاقا مع الحكومة بطباعة عملة جديدة يتم تداولها فى كل السودان لكن الى حين ذلك لا بد ان تكون هناك عملة متداولة، لذلك قمنا بطباعة هذا الجنيه واحتفظنا بقيمة الجنيه الذى كان متداولا منذ عهد الرئيس الأسبق جعفر نميري لكن فئاته الورقية اصبحت قديمة ولا تصلح للتداول كما ان هناك عملات اخرى متداولة كينية وأوغندية والدينار السوداني، لذلك قمنا بطباعة هذا الجنيه لكن اوكد لك اننا ملتزمون بما اتفقنا عليه مع الحكومة في هذا الشأن.

* اخيرا لديكم 22 عاما فى الغابة هل انت نادم على هذه الحرب وما هي الذكريات العالقة في ذهنك طوال هذه الفترة الى جانب ان هناك احباطا وسط المواطنين لبطء تنفيذ الاتفاقية؟

ـ ليس هناك شيء يجعلني اندم عليه نحن خضنا هذه الحرب طوال 22 عاما من اجل حقوق مواطنينا لينالوا كرامتهم وحرياتهم. اذن هذه الحرب من اجل التحرير والحرية والكرامة، وهذه مبادئ لا يمكن الندم عليها. الآن نحن في العتبات الاولى للتحرير والحرية وفق اتفاق السلام الذي وقعناه في الجنوب وجبال النوبة والنيل الازرق وأبيي. هذه الاتفاقية حققت الحرية والكرامة لشعبنا فى هذه المناطق. كما اننا خضنا حربا بطولية 22 عاما. هذا هو الاحتفال الأخير لنا في الغابة قبل تشكيل حكومة الوحدة الوطنية وحكومة الجنوب، ومن أهم ما احتفظنا به من ذكريات 22 عاما، شهداؤنا الذين استشهدوا خلال الحرب، وفي هذا المقام نسجي لهم أعظم التحايا ونحن لم ولن ننساهم ونعمل من أجل القضية التي استشهدوا من اجلها لتحقيق السودان الجديد. أما سؤالك عن توقعات المواطنين وما ذكرته من ان هناك احباطا، فان شعبنا ينتظر الكثير لما يمكن ان تقدمه الاتفاقية لهم، وهم يعتقدون ان تنفيذها يسير ببطء، وهذا فيه نوع من الصحة، اذ قضينا اربعة اشهر من الفترة قبل الانتقالية، ومدتها ستة اشهر، اذن بقي لنا شهران، وأعتقد ان عملية التنفيذ تسير بشكل معقول ونحن الآن في مرحلة عمل مفوضية صياغة الدستور الانتقالي، وهذا جزء مهم في تنفيذ الاتفاقية، وبعدها سيتم تشكيل حكومة الوحدة الوطنية في الخرطوم وحكومة الجنوب. ومع ان توقعات المواطنين كبيرة في استثمار عملية السلام لكن لدينا القدرة على تلبية هذه الطموحات.

https://www.asharqalawsat.com/details.as ... issue=9674
أضف رد جديد