جنازة الخط..ميلاد الكتابة

Forum Démocratique
- Democratic Forum
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

جنازة الخط..ميلاد الكتابة

مشاركة بواسطة حسن موسى »



1
هوية الكتابة العربية
و كتابة الهوية العربية

ملاحظات في فن الخط العربي المعاصر

العرجا لمراحها
كتبت الجزء الاول من هذا النص، في منتصف نوفمبر 2010، بغرض الإسهام في منتدى موضوعه [ فـنّ الخطّ العربي : المدونة الجمالية و رهانات التصنيع الفني 2011 ] و ذلك بناء على دعوة كريمة من طرف مؤسسة " بيت الحكمة " التي يديرها الباحث الكبير عبد الوهاب بوحديبة. و لم يجفل الاستاذ بن يوسف خالد ، منسق التظاهرة ، حين كشفت له بأن مساهمتي تأتي من واقع كوني شخص متطفل على حرم الخط " لأني لست خطاطا كما انني لست باحثا مختصا بتاريخ الخط العربي. أنا تشكيلي يجول في أرض الخط العربي بأدوات الباحث الغرافيكي و هموم الرسام الخارج من تقليد الرسم الاوروبي، و ذلك بعد ان اغرتني اكثر من ثغرة مفهومية و تقنيه بتقحّم هذه الدار التي هجر جل القائمين عليها هم الإختراع منذ قرون . و اظن ان الرجل اولاني ثقته و تقبل حضوري بين كرام الباحثين بسماحة منهجية كبيرة ، ربما لأنه شاهد بعض تصاويري الخطوطية في الإنترنيت فحفزته على دعوتي أو أن أحد معارفي اوصاه بي خيرا و الحمد لله على كل شيئ.
" و هكذا يا سادتي" أفسح لي أهل بيت الحكمة براحا في المحور الاول للملتقى و موضوعه
: " التلازم الدلالي بين الشكل و المضمون في مدونة الخط العربي .. السياق الثقافي ".
فكان ان عكفت على الكتابة حتى خلصت من الجزء الاول من هذا النص و عنونته:
" جنازة الخط .. ميلاد الكتابة " و بعثت به للقوم.. و سار كل شيئ على ما يرام إلى أن تفجرت الثورة التونسية المنسوبة للياسمين فانقطع الإتصال مع أهل " الحكمة" و " انحترت و انبترت " كما يقول رواة الاحاجي السودانية في خاتمة الحكاية . وبقى عزائي اليوم في أن الشعب التونسي" أراد الحياة" فاستجاب له القدر و انجلى عنه ليل بن علي و حرمه المصون و عشيرته وانشغل الناس عن سؤال الخط العربي بأولويات هذه الثورة الفريدة التي لم تجد بعد حقها من التقويم النقـّاد في مشهد ديموقراطية العولمة.
ثم مرت أمواه الثورات و الإنتفاضات تحت جسور الانظمة العربية و بقي كل شيئ على ما هو عليه تقريبا: " الشعب يريد تغيير النظام " و دول حلف شمال الاطلسي " تشرّك و تحاحي " لدعاة التغيير من البحرين للعراق للسعودية لسوريا لمصر لليمن لليبيا و المغرب إلخ.. حتى هلّ صباح رن فيه جرس الهاتف و سمعت محدثي ينقل إلي رغبة نفر كريم من أصدقاء الشارقة بدعوتي للمشاركة في برنامج " حوار الفكر" بمساهمة حول الخط العربي. فرحت كثيرا بالدعوة كونها ستمكنني من بذل نصي حول الخط العربي للجمهور الخليجي مثلما تمكنني من لقاء الاصدقاء السودانيين بالشارقة الذين ما ان سمعوا بموضوع حوار الفكر حتى شرعوا في تنظيم انفسهم لمشروع ندوة او محاضرة [ ناهيك عن الونسات الإستطراديات الموعودات في جيوبوليتيك الثقافة السودانية ] في المنتدى السوداني. المهم يا زول، راجعت نصي التونسي الذي كان معنونا على منطق المرآة:
جنازةالخط..ميلاد الكتابة
و الذي بدا لي منغلقا على مباني التقنية الاداتية، و عنّ لي أن استطرد له في تفاكير المعانى ما يفتحه على إشكالية السياسة العربية، سّيما و نهضة الخط العربي المعاصر تدين بالكثير لمؤسسات الرعاية السياسية المزدهرة بجاه البترودولار و التي توسمت في تقليد الخط قابلية على حمل مشروع جمالية بصرية للهوية العربية. اقترحت على ناس حوار الفكر عنوانا اكثر سعة [ على منطق مرآة جيوبوليتيك الثقافة و السلطة ] هو :
"هوية الخط العربي و خط الهوية العربية" ، فرحبوا و اتفقنا على تقديم المحاضرة في الاسبوع الاخير من شهر يونيو 2011، و سار كل شيئ على ما يرام حتى قادتني قدمي لعيادة طبيبي في زيارة روتينيه، " و ما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين " [ التكوير ] .كشف عليّ الطبيب و القلق على وجهه ثم حولني لأخصائي القلب الذي حولني بدوره، و بمزيد من القلق ، لأخصائي الجراحة الذي حولني بدوره ـ بلا قلق ـ لأخصائي التخدير إلخ.. فـ "انحترت و انبترت " من جديد حجوة مساهمتي في برنامج "حوار الفكر"، و أهو: " يلمّها النمل و يطاها الفيل " و الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه.
في ساعات الإنتظار الطويلة أمام أبواب الأخصائيين، و هي الساعات التي تهيّئ الشخص المعافى لقبول دور المريض،و العافية و المرض أدوار و درجات حسب الحكمة غير المعروفة.أقول: في ساعات الإنتظار التي يقلّب فيها المنتظرون صفحات المجلات المصوّرة القديمة، شغلت نفسي بتقليب التفاكير في اشكالية الخط العربي المعاصر كوجه من وجوه الممارسة السياسية العربية التي يتضامن عليها الخطاطون العرب و رعاتهم القابضون على أزمّة مؤسسات الرعاية العربية . رئيسة فريق الممرضات في قسم جراحة القلب ، القت نظرة على اوراقي و سألتني إن كنت اقرأ العربية؟ كان سؤالا تقريريا لا ينتظر إجابة لأنها تذرعت به لتقول بانها من اصل عربي جزائري و تحسّرت على كونها لم تتعلم العربية، لغة والديها ، كانت من سلالة الجزائريين الذين يشبهون الاوروبيين و لا شيئ في وجهها بشي بأصلها العرقي. نابني من نظرتها في اوراقي نوعا من التضامن الرمزي السري الذي يقوم بين عرب فرنسا و مسلميها كانت عاقبته اننى خرجت من دائرة التنكير المهني الذي يحكم العلاقة بين المرضى و المعالجين في ذلك المستشفى النصراني الذي تزيّن ممراته ايقونات النصرانية الشعبية..

و ماذا نصنع بـ " فن الخط العربي"؟
" و هكذا يا سادتي "، فالاسطر القادمة هي بعض من حاصل ملاحظاتي القديمة و المتأخرة في شأن الخط العربي المعاصر أرجو أن تخصّبوها بتفاكيركم و أن تقوّموا عوجاتها حتى تنفع في تقعيد "هذا الشيء الذي نسميه فن الخط العربي " ، على مقعد النقد، و ربما تصعيده لمقام السلاح الجمالي في الثورة العربية القادمة. و " الثورة العربية القادمة " ـ يا لها من عبارة ! ـ قادمة لا محالة وفق جغرافيا ثورية جديدة تتجاوز التحديد العرقي المتعسف الذي سجنها في فضاء ضيق " من الخليج إلى المحيط " بينما شرط العولمة يمنحها فضاء الدنيا بحالها. ذلك ان الشعوب العربية التي ترغب في الخلاص من تحالف الإستبداد المحلي و العالمي، مطالبة بأن تبني استراتيجيات بقائها في ما وراء هذا الفضاء الرمزي المسموم الممتد " من الخليج إلى المحيط" و الذي تمكنت دوائر رأس المال من إحكام قبضتها عليه بشكل حاسم منذ حرب الخليج الاولى التي اصطفت فيها جيوش البلدان العربية تحت راية أمريكا لـ " إعادة الديموقراطية "في الكويت و في العراق و في غيرها و القضاء على الإرهاب ضمن يوتوبيا " النظام العالمي جديد " الذي سيكون جنة الله في ارضه و غير ذلك من ترهات البروباغندا التي تبثها أجهزة الاعلام الإمبريالي الرسمية [ و الشعبية] في بلاد العرب.. الثورة العربية القادمة لن تقوم لها قائمة ما لم تعرّف مكانها بين ثورات شقيقات يتلمسن فرص البقاء ضد قوى القهر العولماني في الفضاء الجديد الذي خلقه واقع هيمنة رأس المال المتعولم في العالم العربي و في إفريقيا و آسيا و أمريكا اللاتينية مثلما خلقه في أوروبا و في امريكا نفسها.و حين يتمكن هؤلاء الناس الذين يعرّفون ذواتهم على مرجع التاريخ العربي اليوم، حين يتمكنون من خلع قميص العروبة الحديدي الموروث من عهود المجد العربي البائد ، فهم سيستعيدون القدرة على حرية المناورة الثقافية بمرونة فكرية و جمالية تؤهلهم من إعادة موضعة مجتمعاتهم كجزء من كل متضامن لصالح الحرية و الديموقراطية و التنمية و السلام ضمن منظور الثورة العالمية التي لا تعرف الحدود. هذا الافق الطوباوي الذي نستشرفه للثورات العربيات هو ايضا الافق الذي نتصور داخله تطورالإشكالية الجمالية للخلق الفني داخل مجتمعات العالم العربي المعاصر. و ضمن هذا المشهد نؤسس لمشروعية التساؤل حول مآل هذا الشيئ الذي يسمّي نفسه فن الخط العربي .و أقول " هذا الشيئ " لأني لا أجد ـ حتى اشعار آخر ـ عبارة مناسبة تغطي جملة الفئات المفهومية الهلامية المتخلقة داخل عبارة " فن الخط العربي" و التي تنتحل مواريث التاريخ العربي و تدّعي حماية الهوية الجمالية للعرب بذريعة إنشغالها بصيانة تقليد" الاقلام الستة". فماذا نصنع بهذا الشيئ الذي يسمي نفسه " فن الخط العربي " و يتوسّل بصفتي " الفن " و " العروبة " ليفرض على العرب المعاصرين هوية جمالية ضيقة و صمّاء متعالية على أسباب الحياة و على أسباب الموت في آن؟ ماذا نصنع بهذا الشيئ الذي يسمي نفسه " خط الفن " العربي الرسمي ويعربد في الساحة الثقافية العربية [ و غير العربية ]باسم العروبة [ و قيل باسم الإسلام ] و بمباركة السلطات العربية المحافظة ؟ماذا نصنع بهذا الشيء الذي يسمي نفسه " فن الخط العربي " ويتصدّق بتاريخ لا يملكه لسلطات لا تستحقه ؟
طبعا لن تقوم برمي هذا" الشيئ الذي يسمي نفسه فن الخط العربي " في قمامة التاريخ الحضاري العربي ، فهو مقيم في قاعها منذ عقود بفضل جهود سلطات الرعاية الآيديولوجية التي مسخت الممارسة الفنية لمجرد اكسسوار في سوق الهويولوجيا العربية. و لا ينبغي لنا أن نغسل أيادينا من حبره ، كما غسل" بيلاطس" يديه من دم المسيح. فنحن غارقون في حبر الخط العربي و لات مناص و ذاكرتنا الجمالية تمور بالطيب و الخبيث من مواريث هذا الشيئ الذي يسمي نفسه" فن الخط العربي "، و ليس أممامنا من مخرج سوى الصبر على فحص " هذا الشيئ" و فرز عناصر الحياة فيه من عناصر الموت حتى نتمكن من تمليك الشعوب المعنية بالكتابة العربية المفاتيح المفهومية التي تيسّر لها الإستهداء ـ على درب الثورة العربية ـ بضوء كل الاقلام/ النجوم الآفلة منذ العصر الوسيط . و عيننا تتابع تجارب الخطاطين المعاصرين ، عربا كانوا أو عجما، و تنتقي منها أكثر من قبس خلاق باق للخلف الصالح من كل ملة بلا استثناء.
و" هكذا يا سادتي " يسعى طموح هذه الورقة ـ و باسم أضعف الإيمان ـ نحو تعريف مشروع لتخليص فن الكتابة العربية من اثقال التاريخ الجمالي المحافظ التي يلبّك بها حراس التقليد في المؤسسة التعليمية كاهل الخطاط وأثقال التاريخ السياسي التي تفرضها السلطات الآيديولوجية على جمهور الخط .


..........

حجوة ياقــــوت
قالوا أن المستعصم، آخر خلفاء العباسيين، كان على ولع مشهود بفن الخط.و كان مجلسه عامرا بخيرة خطاطي عهده.
قالوا أن الخليفة كان يولي عناية خاصة لأحد عبيده ممن أظهروا البراعة في فن الخط اللّيّن الذي أرسى قواعده أبو الحسن علي بن هلال المعروف بـ " ابن البوّاب" عميد الخطاطين العباسيين.
قالوا أن العبد الخطاط، جمال الدين ياقوت ،
الوافد من نواحي آسيا الصغرى، فضلا عن تجويده للخط على طريقة ابن البوّاب، كان فطنا واسع الثقافة، عارفا بالآداب، فلقبه أهل زمانه بقبلة الكتّاب،
قالوا أن ياقوت الذي كان يعرف اعجاب الخليفة بخط ابن البوّاب، كان يعرض على مولاه كل يوم نماذجا مما يستنسخه من آثار ابن البواب.و كان الخليفة ينظر في الخطين و يخلص في كل مرة الى تفضيل خط ابن البواب على خط مملوكه ياقوت.
و جاء وقت شعر فيه ياقوت أن خطه يضاهي خط ابن البواب ان لم يكن يفوقه.و عزم على حمل مولاه على تغيير رأيه ، فكتب سطرين و وضع على احدهما توقيعه الخاص و على الآخر توقيع ابن البواب و وضعهما بين يدي الخليفة.
قالوا أن المستعصم نظر في السطرين و فضّل سطر ابن البواب كعادته. عندها قال ياقوت:
" الحمد لله ، لقد حكم الخليفة باستحقاق ثناء كتابة عبده الحقير".
قالوا أن الخليفة امتعض من هذه الحادثة و أهمل ياقوت زمنا و لم يظهر له علامات الاستحسان.و من جهته لم يعد ياقوت يحرص على عرض خطوطه لمولاه و زهد في تجويد الخط.
حكاية ياقوت عامرة بالمواعظ و العبر في مشهد جدل العلاقة المركّبة بين خطاط السلطان و سلطان الخطاط . ذلك ان الخطاط يبني نفوذه في دوائر السلطان من واقع تفوقه في صناعته، و قد كان ياقوت واعيا بوزنه الإبداعي بين اهل زمانه الذين منحوه لقب " قبلة الكتـّاب" بين خطاطي زمانه، و هو لقب كان صاحبه يقبله كاستحقاق طبيعي، و له في موقف الإعتداد بصناعته شعر يقول فيه:
و قــد ابدعــت خـــطـّـا لـم تنلــه
سراة بني الفرات و لا ابن مقلة
فان كانت خــطــوط الناس عينا
فـخـطـّي في عـيون الخـط مقلة
.[1]

المبنى كمعنى
الكتابة كممارسة جمالية تبرّر نفسها ، في ما وراء المنفعة الادبية ،كنص " لا أدبي"[ إقرأ : غير كلامي ]. و في هذا المقام التشكيلي تبذل الكتابة قوانينها الخاصة كأثر مادي بصري متخلـّق عند تقاطعات الزمان و المكان و ضالع ، بالقوّة ، في تناقضات التاريخ الإجتماعي .
و رغم ان الكتابة قد تطورت كوسيلة للأدب الكلامي إلا أن المكتوب يموّه في ثناياه اكثر من نص بما يجعل من قراءة النص الادبي مجرد إحتمال بين القراءات . و في هذا المشهد، مشهد الكتابة المقيمة خارج فضاء الكلام ،أتدبـّر فحص هذا المصنـّف الغرافيكي المسمى بالخط العربي بوصفه كتابة بصرية تشكيلية مقروئيتها مبذولة لكافة أهل البصائر داخل و خارج حدود قرّاء اللغة العربية. و المقروئية هنا تتجاوز معنى النص لتتمدد في معنى التدابير المادية التي تصنع من العلامات الغرافيكية كتابة [ إقرأ " معنى " ] بدءا من مقروئية الاداة لمقروئية الحركة لمقروئية الخامة و المسند .

كتابة ما قبل الكتابة
أظن أن خبرتي بالكتابة (و بالقراءة ) بدأت قبل دخولي للمدرسة ، و أظنني دخلت على الكتابة أولا من باب الرسم قبل أن أدخل عليها من باب الأدب. وقبل أن أدخل المدرسة كنت أرى إخوتي الأكبر سنا يكتبون في كراساتهم و يقرأون، و كانت كتاباتهم و قراءاتهم تبدو لي ضربا من السحر العجيب فاتخذت لي أقلاما و أوراقا أخربش عليها شيئا شبيها بالكتابة، نوع من خربشات تنتمي للمنطق الخطوطي لعلامات الكتابة و لتنظيم وحداتها القرافيكية على نحو الكتابة الرسمية.و أظن أن خربشاتي ـ التي كانت تغادر الورق للحيطان و جوانب الأثات ـ كانت تقابل بشيئ من السخرية من قبل الكبار العارفين بالكتابة كونها من جهة أولى مفارقة للكتابة المدرسية الرسمية ، و من الجهة الثانية لم تكن تندرج في مقام الرسم الإيضاحي الذي كانت لي فيه مهارات.هذه "الكتابة المزيفة" التي كنت أمارسها، كإحتمال في الرسم، كانت مقروءة لي( وحدي؟) كنص بصري خامته الكتابة، و في هذا المشهد كنت اتعامل مع الكتابة في غير مقام النص، كأهل قسطنطينية مع كتابة الخطاط ابن مقلة :قال الثعالبي في " ثمار القلوب " ان الخطاط العظيم ابن مقلة ( المولود في 886 م )" كتب كتاب هدنة بين المسلمين و الروم بخطه فهو إلى اليوم في كنيسة قسطنطينية يبرزونه في الأعياد و يعجبون من فرط حسنه و كونه غاية في فنه ". لكني كنت رغم ذلك أتحرق شوقا لليوم الذي أتعلم فيه سر هذه الشفرة السحرية التي تملك أن تفتح مغاليق عوالم غريبة من القصص و الأخبار و الأحابيل .. ثم جاء وقت تعلمت فيه شفرة الكتابة المدرسية و تكشـّف لي أمر جديد: الإستخدام الأداتي المدرسي للكتابة يخون معانيها الجمالية كممارسة تشكيلية غرافيكية. لكن إكتشافي المحزن لم يثبّط من همّتي في تقصي دروب الكتابة الجمالية التي تذهب فيما وراء النص، بل حتى فيما وراء تقليد الخط الجميل القائم على قوالب "الأقلام الستة" ذلك ان قدر الخطاط المجوّد ـ إن طلب رضاء المؤسسة ـ هو ان يبقى رهينة في إسار" الأقلام الستة ".
حين التحقت بكلية الفنون بالخرطوم في مطلع السبعينات هجرت الخط إلى التصوير الزيتي حتى جاء يوم ، في منتصف الثمانينات احتجت فيه لتصوير صورة المكتوب العربي خارج مقام النص.كانت تلك فترة عملت فيها مصمما لديكور فرقة " بالي نايلي" التي تخصصت في عروض الرقص الفولكلوري المغاربي للجمهور الفرنسي.و قد استخدمت فيها الخط ضمن عرض حي للكتابة على خشبة المسرح. كانت تلك حيلة لبناء ديكور عربي سريع غير مكلـّف( فقد كنا فقراء بين الفقراء). و كانت سرعة التنفيذ تفرض علي الإقتصار على ما هو جوهري ، و هو الحضور البصري للكتابة العربية. و من هذه التجربة [و سأعود لهذا في مقامه] ساغ لي ان اتقصّى إمكانية خط تشكيلي لا يعني بالنص إلا كإحتمال في تنظيم الوحدات الغرافيكية. مثلما مكنتني نفس التجربة من تعريف اسس جمالية للعمل في ورش الخط العربي مع جمهور أوروبي يجهل العربية لكنه قادر على التعامل مع الحاصل المرئي للكتابة العربية ضمن مقروئية جمالية غير نصوصية..و في هذا المنظور التشكيلي يملك فن الكتابة الجمالية العربية ان يستشرف أفقا اوسع من أفق القوالب" الستة" [ أو العشرة إلخ] ليبذل للإنسانية فرصة الإنتفاع بهذه التجربة الجمالية الفريدة.تجربة التنظيم التشكيلي الحر لعلامات الكتابة العربية.

جنازة الخط

في تقديمه لكتاب الخطاط العراقي الفرنسي المعاصر " حسن المسعود" حكى الكاتب " غي جاكي"
Guy Jacquet
أن نفرا من خطاطي اسطنبول سيّروا موكبا وراء نعش وضعوا فيه أقلامهم و محابرهم إحتجاجا على استقدام المطبعة الحديثة الذي اعتبروه بمثابة إعلان موت تقليد الخط .[2].و خطاطو اسطنبول محقـّون في روعهم من عواقب استخدام المطبعة ،فقد أجـْلـتهم هذه الآلة الجهنمية ، بين عشية و ضحاها، من موضع الحظوة الذي كانوا يشغلونه في قربهم الحميم من السلطة التنفيذية ، ككتـّاب للسلطان ، بما يترتب على ذلك من إمتياز إقتصادي ، مثلما اجلتهم من راحة التمدّد الطويل على ميراث الأقلام الستة بكل ما يترتب على ذلك من زعزعة جمالية غير مسبوقة .و خطاطو اسطنبول، الذين أعادوا للذاكرة مشهد النساجين البريطانيين " اللوديين " [ من حركة " اللوديين
Luddisme
" الذين نشطوا على تحطيم آلات النسيج الحديثة في مطلع القرن التاسع عشر ، لأنهم رأوا فيها نهاية حرفة النساج اليدوي] .
أقول : خطاطو اسطنبول الذين شيّعوا الأقلام و المحابر لمقبرة التاريخ، افتتحوا، بعداء المطبعة، الفصل الاول في كتاب اللبس المستطيل حول الموقف من الاداة في منظور تقليد الخط ، فالمطبعة ـ في منظور منهج الخلق ليست سوى أداة في يد المبدع مثلها مثل القصبة،و الاداة جماد خامل عاطل عن حظوة الإرادة، حظوة الإنسان وشقائه في آن. و أول اللـّبس يكمن في كون متظاهري اسطنبول لا يشكـّلون فئة إبداعية متجانسة و إن انتموا لفئة مهنية واحدة ، و آخرة يكمن في كون هؤلاء الناس تعاموا عن رؤية هذه البداهة المفهومية، بداهة استحالة قيام مواجهة جمالية بين الأدوات ،و تمادوا في غيّ مفهومي لا يليق بفطنة من هو في مقامهم العالي : " مقام خطاطي اسطنبول " ، و غي القوم يضمر أن فرص الإبتداع الجمالي مودعة في الأداة و ليس في بصيرة الخطاط المبدع .و موقف معاداة الأداة ـ أو موقف عبادتها ـ بغيرنظر نقدي يسحب الخط ، كممارسة فنية ، من مقام الإختراع و يزج به في مقام التقليد.و في مقام التقليد تكسب الكتابة ، المحنـّطة في قالب جمالي نهائي ، مضمونا جديدا بإعتبارها ضمانة لثباث الهوية الطبقية للجماعة المتضامنة على صيانة نوع قرافيكي بعينه ، قبل أن تكون ممارسة معرفية . و في هذا المشهد يتم استبدال موقف الإجتهاد المعرفي المتوقع من الخطاط [ و من جمهوره ] بموقف المداهنة الغوغائية للعواطف الدينية للجمهور، الأمر الذي يسوّغ توثين الخط كمتاع تمائمي " فتيشي "
Fétichiste
للمسلمين، اكثر منه إختراعا يتخلّق على دياليكتيك تداخل البصائر و الوسائل.و فئة " المسلمين " التي تصون الخط كعلامة هويـّة إجتماعية ، تنقله لمقام الإلتباسات الرمزية و السياسية بوصفه تجسيدا للمقدّس[3]. و ربما لم يخطر لخطاطي اسطنبول أن موقف العداء للمطبعة يملك ان ينطوي على أية عواقب سياسية، لكن موقفهم من الاداة إنما ينطوي ،إمّا على غشامة سياسية غليظة ، أو على تغرير أخلاقي مجحف بالجمهور الذي يعزّ الخط كتعبير تشكيلي عن حركة الفكر .و سواء انطوى موقف خطاطي اسطنبول على معنى الغشامة السياسية او على معنى التغرير الاخلاقي فالحاصل النهائي يتلخص في تفويت فرصة ذهبية لتثوير فن الكتابة العربية بوسيلة المطبعة الحديثة . وإن كانت الغزّالة القديرة " تغزل بظلف حمار "، كما تعبر بلاغة الشعب ، فما بالك بهذه الآلة الجبارة التي بذلتها ملابسات الحداثة الصناعية لخطاطي اسطنبول قبل غيرهم من خطاطي المجتمعات الكاتبة في الابجدية العربية؟ أحيانا يخطر لي أن جماعة خطاطي اسطنبول كانوا سيفعلون الأفاعيل بالحاسوب لو أن ملابسات التاريخ القت به بين ايديهم. و الحمد لله أن عواقب استقرار الحاسوب في فضاء الكتابة العربية المعاصرة يجسدها القبول الشعبي العام لهذه الوسيلة الجديدة مثلما يجسدها السعي الجاد للمصممين " التيبوغرافيين" المعاصرين ، العرب و المستعربين، الذين يفاوضون، بين البصيرة و الوسيلة [ قصبة كانت أو حاسوبا]، فرص مخارج جمالية جديدة للكتابة العربية. هذا القبول العفوي المتزايد لحضور طـُرُز كتابة الحاسوب هو بمثابة القاعدة التي ستمكن أجيال الكتاب الصاعدة [ و أجيال القراء ] من بناء جدل الوصل و القطع مع التقليد الجمالي للكتابة العربية.


كتابة الرغبة
لكن الخط ، كحاصل بصري جمالي ، لا يكون إلا كشراكة بين البصيرة الجمالية للخطاط الكاتب و البصيرة الجمالية للقارئ الناظر في الأثر المخطوط.و الخطاط الكاتب الذي يباشر فعل الخط بقصبته و بيده و ببصيرته إنما يتوجه لقارئ ينظر في صورة المخطوط و يقرأ في الأثر حضور الاداة في يد الخطاط و حضور اليد في ملكة البصيرة . و الشراكة بين البصيرة الكاتبة و البصيرة القارئة ، تضامنا على الإحتفاء بالأثر المخطوط ، هي ، في نهاية التحليل ، حافز المتعة الجمالية الخطوطية مثلما هي وسيلتها و غايتها في آن واحد .
معظم أدبيات الخط العربي القديمة تسمي الخطاط "كاتبا " ،[و يالها من كلمة جبّارة!]. و أنا أحبـّذ صفة "الكاتب " لتعريف هوية من يمارس الخط ، كون صفة الكتابة تسع كل "انواع" الخط بما فيها نوع " الاقلام الستة " الذي يحتكر لنفسه صفة " فن الخط". ولو ساغ لي إجتثاث الكتابة من تركيب محيطها الرمزي و النظر إليها في بعدها المادي البحت ـ و هيهات ـ لعّرفتها ، على طريقة أهل المعاجم، بكونها تصوير المعاني برسم مشفـّر على اصطلاح مصنوع
ملزم لأهل الجماعة الكاتبة القارئة . هذا التعريف الواسع رحيم بأهل الكتابة كونه يشمل مطلق من كتب بدون فرز. و رحمته " وسعت كل شيء" [ الأعراف.156].
لكن سعة التعريف لا ترحم الكاتب من تبعات الفرز الجمالي بين تصانيف الكتابة التي يبذلها الكاتب لجمهور القراء. و في مقام الفرز يتم تكريس كتابة ما ككتابة جميلة و كـ " خط " مثلما يتم استبعاد غيرها من حظوة الإنتماء لدائرة الخط . و إنمساخ الأثر المكتوب من هيئة الكتابة لهيئة الخط إنما يرتهن اولا بإرادة الكاتب ثم يرتهن ثانيا بنوعية الإستجابة التي تجود بها بصيرة القارئ. و رهن الكتابة ـ في مشهد الكاتب ـ بالإرادة يقعّدها في المقام الوجودي للرغبة.و رغبة الكاتب في رفع الكفاءة التواصلية للعلامة المكتوبة تحفزّه على العناية بأسباب مقروئيتها وضبط حالها الادبي و المادي ، مثلما تلهمه العناية بموقعها كصورة للمعنى داخل السياق" الغرافيكي " المكتوب نصّا .و الكاتب في هذا المشهد، مشهد البحث الجمالي يتخذ سمة الباحث عن افضل المخارج الجمالية لمشكلة الكتابة .و في موقف البحث مخاطرة كونه موقف مفتوح معرّض لكل ريح قد تأتي ،أو قد لا تأتي ، بجديد. و في أفق البحث يتربـّص الباحث بالعلامات القادرة على مراودة بصر البصيرة القارئة و استمالة القارئ لصالح الخيار الجمالي للكاتب.و هذا المسعى يمسخ فعل الكتابة لمقام مكيدة رفيعة من مكائد الغواية التشكيلية.
أقول: الخط كتجسيد للطموح الجمالي يبدأ في حيز الرغبة و ينتهي فيه.ذلك ان الرغبة هي محرك الإرادة. و من اللحظة التي يرغب فيها الكاتب في إحسان الكتابة فهو ينخرط في كفاح الخط . و انقطاع الخطاط المبدع ، من شاكلة ياقوت المستعصمي، عن الممارسة إنما يفهم في مقام أحوال الرغبة.و تقعيد الكتابة على مقعد الرغبة يصعّد الممارسة من مقام المنفعة الإجتماعية لمقام المنفعة الوجودية كتعبير عن فرادة حال الكاتب و كتجسيد لأناه. و في مشهد التعبير الوجودي لا يبالي الكاتب بتصانيف الكتابات الموروثة إلا كآثار لفرادات وجوديات تقاطعن مع أثره ضمن تداخلات الأزمنة و الامكنة .في مشهد التعبير الوجودي يعيد الكاتب اختراع الكتابة في كل مرة يخط فيها حرفا مثلما يعيد الكائن الحي اختراع الحياة في كل مرة ينجز فيها حركة.و ضمن منطق " الحاجة "، التي هي" أم الإختراع" ، يسوّغ الكاتب المشروعية الجمالية لجملة التدابير المادية و الرمزية لفعل الكتابة . و لا شك أن معالجة الكتابة في مقام التعبير الوجودي تلغي حظوة الخط كمصنـّف جمالي مميز و تمسخة لمجرد تنويع بين تصانيف الكتابة الأخرى ، لكن هذه الوضعية تملك ان تـُمـَلّك أي كاتب إمكانية إختراع خط جديد فرادته من فرادة الحال الوجودي للكاتب. و هكذا يمكن لوضعية التعبير الوجودي ان تقعـّد الكاتب المعاصر ضمن الشروط و الملابسات الإبداعية التي ألهمت رواد الخط العربي إختراع اساليب الكتابة الجمالية في سياق النهضة الحضارية العربية.[4]

و ما الكتابة؟
أقول أن الكاتب ، بسبيل رفع كفاءة المكتوب ، مضطر للعناية بالبعد المادي لعملية الكتابة في مقام تدبير علاقة اليد و الأداة و المسند و في مقام صناعة الصورة، سواء كانت صورة حال الفكرة في خاطر الكاتب أو صورة حال الكاتب في لحظة الكتابة.
كيف نعرّف الكتابة خارج ـ و داخل ـ فضاء منفعة التوثيق ؟ و ما الفرق بين الكتابة و الخط في مشهد جماليات الكتابة المعاصرة؟
في مستهل كلامي جازفت بتعريف الكتابة "في بعدها المادي البحت ".." بكونها تصوير المعاني برسم مشفـّر على اصطلاح ملزم لأهل الجماعة الكاتبة القارئة.هذا التعريف البدائي للكتابة كفعل مادي لا يؤدّي، ما لم نعضّده بمعنى الكتابة كقيمة ثقافية ذات محمول تاريخي ، رمزي و سياسي، يملك، في بعض الملابسات، أن يؤثر ـ سلبا أو إيجابا ـ و بشكل حاسم على البعد النفعي للكتابة كوسيلة إتصال. و رغم ان الكتابة ، كظاهرة ثقافية ، تتجاوز منفعة الإتصال و التوثيق لتصبح قرينة للهوية الجمعية و بعضا من رأس المال الرمزي للجماعة إلاّ أن هذا المبحث يركز على المحمول المادي في عملية الكتابة.و في هذا المنظور نترك جانبا ، بشكل مؤقت، انواع الكتابات غير الخطية أو غير الغرافيكية .ذلك ان الكتابة التي تهمنا هنا هي الكتابة الخطية الغرافيكية، كتابة تمثيل الفكرة المودعة في النص،و هي تهّمنا بوصفها إحتمالا في معالجة "الرسم "[ في معنى
Drawing , Dessin
.بل هي أكثر أشكال الرسم شعبية لو اعتبرنا كل كاتب رساما، كون الكاتب، بصرف النظر عن المحتوى الأدبي لنصه، ينخرط في عملية يدوية بالغة التعقيد حين يباشر تنظيم العلامات الغرافيكية وفق منطق اللغة المكتوبة.
و إذا استثنينا الكتابات الإيديوغرافية [التصويرية]
idéographie
كالهيروغلوفية و الصينية جانبا، مؤقتا،فالكاتب /الرسّام في الكتابة الأبجدية ينظم الحروف ـ التي هي علامات هندسية تجريدية ـ على اساس منطق حركي معين يصدر عن اليد التي تمسك بالأداة لتكوّن الوحدات الغرافيكية الأساسية في شكل الكلمات.و الكلمات المرسومة تتبع بدورها منطقا في التكوين الحركي التشكيلي يراعي إتفاقات الإتجاه و السرعة و الحجم و الهيئة و اللّون وعلاقة الكلمات ببعضها ضمن وحدة غرافيكية أعلى هي السطر.و فوق مستوى الكلمات يؤدي منطق التنظيم المادي للوحدات الكتابية الجديدة[الكلمات]، يؤدي بالكاتب الرسّام لمستوي تدبير علاقة الأسطر بالفقرات.و هذا الواقع ينقل المعالجة الغرافيكية للكاتب لمقام تنظيم "جسد النص" المقيم في الصفحة المكتوبة.و عبارة " جسد النص" هنا تتكئ على بلاغة الجسد الإنساني وتستلف المفهوم التشريحي للجسد لمقاربة التدبير الكتابي كوجه من وجوه فن التشكيل المكاني،و لو شئت قل: التشكيل كطريقة في تنظيم عناصر الكتابة داخل فضاء الورقة.ذلك أن النص المكتوب يسكن فضاء الورقة كما يسكن جسد الراقص فضاء الخشبة.و في ما وراء مجاز "جسد النص" الذي يقوم على مفهوم الكتابة كتدبير مادي للعلاقة مع مكان الورقة كـ " مسرح للكتابة"[ سارتر]، يطرح فعل الكتابة بعدا زمانيا مهما، من جهة الكاتب، لأن إنجاز مسلسل العلامات الغرافيكية إنما يتم داخل حيز زماني "كرونولوجي" قوامه يمتد بين أول و آخر العلامات، من جهة الكاتب و من جهة القارئ أيضا ، لأنه يتابع امتداد النص عبر تعاقب الصفحات ضمن زمن القراءة.هذه الطريقة في النظر للكتابة تفتح الممارسة الكتابية على فضاء الكرونولوجيا بما يحيل الصفحة لنوع من وحدة زمنية[ "تمبو"
tempo
في رطانة الموسيقيين] تندمج ضمن منطق زمني خاص بالقارئ.
و ضمن هذا التقديم ، فمسعاي المُغـْرِضْ إنما يتلخـّص في الإنزلاق بمعنى الكتابة لفضاء جديد تتداخل فيه مقتضيات الرسم ، باعتباره فن تدبير علاقة العلامة مع المكان، كما في" الغرافولوجيا"، مع مقتضيات " كوريغرافيا" تعقلن الحركة الجسدية للكاتب الرسام. ذلك أن إيعاب تدابير الغرافولوجيا و الكوريغرافيا و الكرونولوجيا في مبدأ الكتابة يشرعن للكاتب ـ أي كاتب ـ إنتحال موقف الرسام مثلما يشرعن للرسام فرص المراوحة بين أرض الرسم و أرض الكتابة في عفوية حرة لا تحدها الحدود المدرسية البائدة.
و ما الخط؟
قلت فيما تقدم أن " الخط" ، ما هو إلا إحتمال بين أحوال الكتابة، في معنى أن الخط ليس كل الكتابة.و أنا استخدم عبارة " الخط" في المدلول المعاجمي الدارج الذي يعرف الخط كفن الكتابة الجميلة. لكن الكتابة كتعبير وجودي عن حال الكاتب تظل ضالعة بالقوة في الجمالية الوجودية للكاتب.و هذا الزعم يجعل من كل كتابة " كتابة جميلة" ،و ذلك على إطلاق الكتابات.كل كتابة هي خط ، فيما لو قبلنا ان ننظر فيها باستقلال عن أنماط الكتابة المكرسة خطّا من قبل السلطات و قولي هذا يضمر أن الخط هو كتابة السلطة، و قيل، في نهاية التحليل ، هو كتابة الطبقة ، و هذا باب للريح أنوي فتحه بالتدرّج في شعاب تفاكير هذه العلاقة المريبة التي سمّمت الفضاء المفهومي لفن الكتابة العربية : علاقة الخطاط بالسلطان.
و حين أعمّم صفة الجمال على كل كتابة فأنا أنظر وجهة الكتابة الشخصية الخاصة التي تنطوي على الفرادة الوجودية للكاتب، فرادة بصيرته و فرادة علاقته بوسائل الكتابة. و حصيلة الفرادات المادية و الرمزية هي التي تجعل من كل كتابة شخصية توقيعا أو علامة دالة على شخصية كاتبها.و لو شئت قل: هي هوية " غرافولوجية"
Graphologie
لفرادة الكاتب.و في موقف بحر الفرادات المتلاطمة تغرق مركب الخط و تسلم ألواح الكتابة [ عبد الجبار النفري،" موقف البحر"]، و يطفو الكاتب جنبا إلى جنب مع الخطاط .
في هذا الموقف الابتدائي المفتوح على كافة الإحتمالات، يطمح بعض الكتاب ـ و قيل جلّهم ـ لإسترضاء النموذج الرسمي و للإمتثال لمقتضيات الكتابة الجمالية المسنودة بمؤسسات السلطة السائدة.بيد أن هناك نفر مغاير من الكتاب تنطوي كتابتهم على طموح سري بالسوح في شعاب الفراديس التشكيلية المجهولة، أو الممنوعة ، على أنماط الكتابة التطبيقية . أهل هذا الطموح السرّي هم القمينون باختراع الخط الجديد خارج دائرة "الاقلام السُّلطة"!،[ التصحيف مقصود].
و إذا دأب سدنة فن الخط " الكلاسيكي؟"[ يا لها من عبارة!] على النعاس في مراقد التقليد الزخرفي البائد فهذه مسؤولية الخطاطين الذين تجنبوا المخاطرة فلم يلقوا بأيديهم " إلى التهلكة"[ البقرة 195]. لكن " التهلكة" حاصلة في الإمتثال الاعمى لتراث الاسلاف المحنّط المحفوظ في حرز السلطات. و لا نجاة للخطاط المعاصر إلاّ " في المخاطرة" [ النفري] مخاطرة إختراع علاقة جديدة بين البصائر و الوسائل.و من نافلة القول أن المطبعة ـ ناهيك عن الحاسوب ـ روّعت خواطر خطاطي اسطنبول لأنها انطوت على مخاطرة أداتية ذات عواقب مفهومية جبارة أقلها إنمساخ الخطاط المقلد لمصمم " تيبوغرافي ".
Typographe
مبتدع عارف بإمكان الأداة . لكن المخاطرة الاداتية لم تغادر أبدا مجال القصبة التقليدية. و قد اورثنا أدب الكتابة العربية إنتباه السلف الصالح لمركزية دور الأداة في صناعة الكاتب المبدع حتى قال المقر العلاني ابن فضل الله: " جودة البراية نصف الخط " [ القلقشندي ، صبح الأعشى] و هي قولة مراميها تتجاوز الإحتفاء العادي بضرورة تحضير الأداة [ القصبة ] لتبلغ فرص منـَهـَجـَة فعل الكتابة كمفاوضة مستمرة بين البصيرة و الوسيلة.و لو كانت بصائر خطاطي اسطنبول منفتحة على هم العناية بالأداة لكانوا اعتنوا بالمطبعة و احتفلوا بها كتمديد لفرص القصبة في خدمة الخطاط . لكن أهل اسطنبول في نهاية القرن التاسع عشر اختاروا موقف " آخر الموهيكان " في آخر عنقود الخطاطين المحافظين الذين استجاروا برمضاء الإتباع هربا من نار الإبتداع الأداتي و صانوا الفقر الاداتي لفن الكتابة العربية كعلامة على الاصالة الفنية.و كون أجيال الخطاطين ثابروا عبر القرون على استخدام نفس الاداة " القصبة"، و بقطـّة شبه ثابتة ، فذلك أمر لا يمكن تفسيره بمجرد الرغبة في صيانة الأستمرارية الأكاديمية للسلف الصالح. و أظن ، غير آثم ، أن واقع الفقر الاداتي الذي لازم ممارسة الخط عبر القرون قد أضعف الحساسية الأداتية للخطاطين و ثلم بصائرهم في مقام الوسائل التقنية حتى ساغ لخطاطي اسطنبول تكريس ذلك اللبس الشنيع الماثل في موكب المشيعيين المشهود .

في الإيداء:
ادبيات التقنية الخطوطية العربية [ و الغربية] تصنف ادوات الخطاط في مقام الوسائل المادية التي يتوسل بها الخطاط لتحصيل القيمة التقنية لجمالية الخط . لكن من ينظر في ادبيات التقنية الخطوطية التي أورثنا إياها اساطين الخط و الرسم في الشرق الاقصى يلمس مركزية الموقف من الاداة في قلب الممارسة الإبداعية للخطاط الرسام حتى تكاد العناية بأداة الكتابة أن تصبح هي غاية الكاتب الاولى عند الخطاطين الصينيين الذين يعرفون الكتابة كـ " فن الفرشاة" أو "فن الحبر" [ شيتاو ] [ 5].و رغم ان الخطاطين العرب المعاصرين قلما يفصحون عن طبيعة علاقتهم بالأداة إلا أن من ينظر في تاريخ الخط العربي في العصر الوسيط يرى عناية أهل الخط بالاداة كطرف اصيل في المسعى المفهومي للخطاط المبدع.فالأداة[ القلم و الحبر و الورق وغيرها] هي الطرف الغليظ الملموس من ممارسة جذورها ضاربة في أرض الجسد و فروعها سامية في تهاويم الفكر.و أول ادوات الإنسان يده، و لو شئت قل : الإنسان يده، كون "اليد ليست أداة العمل فحسب و إنما هي ايضا نتاج العمل" [6]، فمع العمل تعلم الإنسان ان يصنع الأدوات وأن يمدد بها أعضاءه و يرفع من كفاءتها. و لمولانا " فريديريك إنجلز " مبحث شيق في الدور الذي لعبته يد الإنسان في تطور الحضارة الإنسانية .لكن اليد هي ايضا مستودع التفرّد الإنساني سواء كتبت او رسمت نحتت او لمست أومأت.و هذا البعد الوجودي لعمل اليد هو الذي ألهم أنصار الـ"أسلوبية اليديائية"[ لو جاز لي ان أترجم المصطلح اللاتيني الأصل " مانيريزم" المنحوت من أصل عبارة تدل على اليد: " مان"
Manière, manniérisme ,main,
Manner,Mannerism]
و لسان العرب يخلّق من عبارة اليد فعل الإيداء فيقولون: أيدى إيداءا عند فلان و إليه في معنى إتخذ عنده يدا ،أي أنعم عليه، فهو مُوْد و ذاك مُوْدى إليه و يقال: يَدِيَ فلان من فلان في معنى نال منه برا و إحسانا ، و يادى مياداة الرجلَ في معنى جازاه وأعطاه يدا بيد،. و في معني اليد القدرة و السلطة و الجاه، يقال:"ما لك عليه يد"، أي ولاية.و يقال: "هذا في يدي"، أي في ملكي.و تأتي اليد بمعنى الجماعة فيقال:" القوم عليه يد واحدة"أو مجتمعون على عداوته،و الشخص اليدي هو الحاذق اليدوي ،و الأنثى يدياء.و يقال عيش يدي للدلالة على رغد العيش.و من "الإيداء"، في معنى اتخاذ اليد ،أعوّل على سماحة فقهاء العربية الكرام و أسوّغ لنفسي الإنزلاق لمعنى إتخاذ الأداة و الوسيلة التي تؤدّي بصاحبها لغايته. و لو نظرنا في معاجم الناطقين بالفرنسية أو في معاجم الناطقين بالإنجليزية أو الإسبانية لوجدنا أن كل لغة تفسح براحا كبيرا لتصاريف الكلام من مادة اليد. وسير الخطاطين عامرة بأطرف الطرائف حول عناية الخطاطين بأمر هذه الأداة البالغة التركيب المسماة يدا، و قد روى الشاعر و الخطاط بهرام ميرزا الصفوي حكاية الخطاط نظام الدين بخاري، من القرن العاشر الهجري ،:
" نظام الدين الذي يحسن الأقلام السبعة،قليل من أمثاله في البسيطة يكتب الثلث بطرف اصبعه، إلهي، من رأى منكم خطاطا مثله، أصبعه قلمه؟" [ 7]
.و هناك قولة منسوبة لإبن البواب فحواها قيام فن الكتابة على خمس هي: قوة الأخماس و حدة الألماس و جودة القرطاس و لمعان الأنقاس [ الحبر] و حبس الأنفاس. و الأخماس هي الأصابع أما الألماس فقد احتار الباحث الخطاط الجزائري ،محمد بن سعيد شريفي، في تفسيرها، فهو يفهم منها" القلم نفسه و حدّة سنـّه" مثلما يفهم منها" حدّة اللمس في أصابع اليد" التي يجد لها " أثر قوي في معرفة أدنى ذبذبة للقلم و الشعور بها.و أظن ان حيرة شريفي بين التفسيرين مشروعة، و مفتاح مشروعيتها إنما يكون في تجربة شريفي نفسه كباحث يؤهله عكوفه على الممارسة أن يدمج القلم في يده دمجا عضويا، فيكون القلم يده و تكون يده قلما يترجم "هندسة الروح" كما يترجم جهاز قياس ذبذبات الزلازل، " السيسموغراف"، قوّة الزلزلة و طبيعتها.و قد اورد شريفي عن ابي حيان التوحيدي،[ رسالة في علم الكتابة]، عن علي بن جعفر الكاتب، و كان حسن الخط ، قوله:" لا شيء انفع للخطاط من أن لا يباشر شيئا بيده من رفع و وضع، خاصة إذا كان ذلك الشيء ثقيلا".." و لقد رفعت يدي بسوطي إلى الدابة مرارا فيى بعض الأيام و قنعتها به فتغيّر خطي مدّة "." أما الخطاط الإيراني السيد حسين" فقد كان يضع في رقبته منديلا، و عندما يمشي يعلق يده في المنديل لكي لا تتعب زاعما أن يده إذا اهتزّت انحط حسن خطه".[ شريفي، خطوط المصاحف24].

" و القلم و ما يسطرون "

تطرقت لمعاني "اليد/الأداة" في عملية الكتابة كتوطئة لمقاربة القلم، هذه الأداة المادية التي تتوسّط بين الجسد و رسم الكتابة.وقلم الخطاط ليس مجرد اداة يغطيها التنكير بين جملة أدوات مشابهة أخرى،فهو في الغالب يرتبط بنوع اليد التي هيّأته ليتبع حركتها، و من فرادة حركة كل يد تكون فرادة تجهيز كل قلم. و في أدب الخط العربي قلّما تخلو رسائل الدارسين من وقفة متأنية في صدد الطريقة التي يدبر عليها الخطاط تهيئة أدواته.ذكر القلقشندي[ في صبح الأعشى [8] ]:
" .. ان الأحول المحرّر كان عجيب البراية للقلم، فكان خطه رائعا بهيجا من خير إحكام و لا إتقان.قال الأنصاري المحرر: كنت اكتب في ديوان الأحول، فقربت منه و أخذت من خطه، و سرقت من دواته قلما من أقلامه، فجاد خطي به، فلاحت منه نظرة إلى دواتي، فرأى القلم فعرفه، فأخذ القلم و ابعدني.و كان إذا أراد ان يقوم من مجلسه أو ينصرف قطع رؤوس اقلامه كلها."و اسحق بن ابراهيم الأحول خطاط يتفكّر في الممارسة و له رسالة في الخط سماها " تحفة الوامق".و قد عرف عنه إختراع الأقلام كـ " قلم النصف و خفيف الثلث و المسلسل و الحوائجي و غبار الحلية و قلم المؤامرات و قلم القصص"[9] .
لقد وقعت ، في اكثر من موضع [ شريفي وناجي والأعظمي ] على حكاية الأحول المحرر الذي كان يقطع رؤوس أقلامه ضنّا بخصوصية كتابته، و قد أوردها الباحث الخطاط العراقي وليد الأعظمي في كتابه : تراجم خطاطي بغداد المعاصرين،[10]
لإثبات أريحية استاذه هاشم محمد البغدادي الذي قال عنه أنه، على خلاف الأحول " كان يقط اقلامنا جميعا"، إلا أن كرم الأستاذ هاشم البغدادي الذي يقط اقلام تلاميذه يموّه وراءه سطوة مؤسسة النموذج الأمثل.و هي سطوة لم تهتز عبر القرون. ذلك ان الأستاذ الذي يهيئ أدوات تلاميذه إنما يهيئ لهم، بالإجمال، الأداة التي يهيّئها لنفسه، ليده.و في هذا المشهد فالأستاذ لا يرى تلاميذه إلا كإمتداد لفرادة ذاته، كأدوات تمدّد من فاعلية جسده في فضاء الكتابة دون اعتبار لخصوصيات الأخماس و الألماس التي تتفاوت بين الصغير و الكبير و الايمن و الأعسر الأحول و الأحور إلخ.و لو كنت في مكان الأستاذ هاشم البغدادي لقطعت رؤوس اقلامي كما فعل الأحول و لوجهت التلاميذ أن يتولى كل واحد براية قلمه بالطريقة التي توافق يده و" كل شاة معلقة من قطـّتها" كما يقول المثل[ غير] المعروف بين الخطاطين.ذلك ان مجد الكتابة كممارسة ابداعية إنما يكون في قدرة كل خطاط كاتب على إختراع أسلوبه الوجودي المتفرد الذي يوافق يده التي لا تشبه أي يد اخرى.و مجد العلاقة التعليمية إنما يكون في قدرة الإستاذ على الإحتفاظ بمسافة نقدية تصون فرادته كخطاط راشد مثلما تصون الفرادة المتكنـّزة في هشاشة وجود التلميذ كخطاط كامن.
و قطـّة القلم ظلت تشغل الخطاطين و الباحثين عبر القرون باعتبارها أحد المحاور المهمة التي تتقاطع عندها أسئلة الخط كحاصل مركب للعلاقة بين الحركة الجسدية و الأداة و الأثر البصري المبذول على الورق كصورة للفكرة.وفي مشهد الأدب المتواتربذريعة القطـّة استرعت انتباهي المؤاخذة الصادرة من الباحث الدكتور صلاح الدين المنجد في حق الخطاط و الباحث الدكتورمحمد بن سعيد شريفي.كان شريفي قد أورد في بحثه" خطوط المصاحف عند المشارقة و المغاربة من الفرن الرابع إلى العاشر الهجري، 1975"أن الخطاط ياقوت المستعصمي "قد خلد ذكره بقطـّة القلم المحرّفة التي ابتدعها، و التي لم تتغير حتى الآن"[ص 136]ثم قال:" كانت قطة القلم عند ابن البواب مستوية " مدوّرة". و القط المحرّف بدأ يستعمله ياقوت في القرن السابع..".و كتب المنجد:" و قوله[ شريفي] أن ياقوت ابتدع القطة المحرّقة، و بدأ يستعمل القط المحرّف في القرن السابع خطأ واضح للأسباب الآتية:
1ـ إن التحريف في القط عرف منذ القرن الثالث الهجري، قبل ياقوت بأربعة قرون. و كان الكتاب الخطاطون ينصحون به.جاء في شرح المقامات للشريشي [ ص107]: قال الحسن بن وهب[ توفي في حدود سنة 250 هـ ]: يحتاج الكاتب إلى خلال: جودة بري القلم، و إطالة جلفته، و تحريف قطّته، و حسن التأتـّي لإمتطاء الأنامل، و إرسال المَـدّة بعد إشباع الحروف" [11]
و يفنـّد المنجد دعاوى شريفي، بجملة من الحجج التي تتقصّى تاريخ القطّة المحرّفة، متحركا بين شهادات الحسن بن وهب و ابن مقلة وابن الصايغ و ابن الوحيد بطريقة تكشف عن محورية فعل القط في مشهد الممارسة.و المنجد يقرأ شريفي بعناية كبيرة لا بد ان شريفي الباحث سعد بها، فما كل يوم يتسنى لباحث في مقام شريفي أن يستأنس برفقة قارئ في صرامة المنجد.
يقول المنجد:" أما قول شريفي" كانت قطة القلم عند ابن البواب مستوية " مدوّرة" . فهذا إطلاق لا يجوز.فلم يصل إلينا جميع ما كتب ابن البواب لنطلق هذا الحكم الشامل على ما كتب.و لأنه هو نفسه في قصيدته يقول عن القط :
لكنّ جملة ما أقول فإنـّه ما بين تحريف إلى تدوير.
و قد فسّر ابن الوحيد، و هو خطاط مجوّد كبير، قول ابن البواب هذا فقال: " إن المعنى أن لكل قلم قـُطـّ صفة.فقطّة الريحاني أشدّ تحريفا ، ثم يقلّ التحريف في كل نوع من أنواع قطّ الأقلام، حتى تكون الرقاع أقلها تحريفا"[12]
و أمر آخر يوجب التصحيح فيما قاله شريفي" هو ان القطّة المحرّفة التي كتب بها ياقوت لم تتغير حتى الآن".
فهذا قول تنقصه الدقـّة، لأننا رأينا أن الكتاب بعد ياقوت بعضهم اتـّبع طريقة ابن البواب و منهم من اتبع طريقة ياقوت.و قد اختلفت القطّة عندهم بإختلاف الطريقة التي اتبعوها. و الذين جروا على طريقة ابن البواب كثيرون..".." و حتى الذين اتبعوا طريقة ياقوت، و منهم الخطاطون الأتراك، لم يتقيدوا بطريقته تماما، بل حسّنوها تحسينا كبيرا.."،[13]

معمار النفس و هندسة الروح
أقول قولي هذا و استغفر الله لي و لكم كوني اقحمتكم في شعاب شقاق القطـّة البعيد الغور.وما حفزني على الخوض في مشهد القطّة إلاّ زعم معاند، قائم على تجربة عملية ، بأن أكفأ مقاربة لعقلنة فن الخطاط المبدع إنما تكون من المدخل المادي للممارسة، مدخل الأداة: القلم.فالوعي بالأداة هو، في آن،" آلة" القارئ الناظر في الخط ، فيما وراء المقروئية الأدبية، بقدر ما هو آلة الكاتب الذي يحرّك القلم.ذلك ان الأداة تصبح مدخلا لمقروئية ثانية للأثر البصري كشهادة مادية في المكان لحركة اليد في الزمان.هذه المقروئية الحركية لأثر الكاتب هي التي تمكن القراء، الذين قد لا يتقاسمون إتفاقات المقروئية النصوصية للكتابة، تمكنهم من إدراك المعاني الجمالية للكتابة في مقام تعبير جسدي" كوريغرافيا" يتحقق في مكان و زمان فعل الكتابة.و في هذا الأفق، الكائن وراء منفعة تقييد الكلام بالرسم ،يتاح للجميع التأمل في الكتابة في جوهرها كتجسيد مادي لمعمار النفس لحظة الكتابة ،و لا أجد عبارة افضل من هذه العبارة الغريبة المسكونة بالتناقض : " معمار النفس ". لكن هذا التناقض الظاهر بين قيمةالثبات المعماري و قدرالاضطراب الذي يلازم أحوال النفس يسوغ في خاطر من يقبل بمقولة الكتابة كـ " هندسة روحانية".و مسوغ هذا المفهوم الغريب الغميس المسمّى بـ " هندسة الروح"، يتلخص في قدرته على الإنفتاح بمعاني الكتابة الجمالية نحو مقام التحليل النفسي للأثر البصري كشهادة على هوية النفس في منظور منهج تأويل العلامات الكتابية، لو جازت ترجمتي لعبارة الـ " غرافولوجيا"
Graphologie
و ميزة اعتماد منهج الغرافولوجيا في النظر للأثر المكتوب تتلخص في أن القارئ الغرافولوجي يقبل أي كتابة على الإطلاق. و قبول الكتابات كلها بلا استثناء يلغي حظوة تصانيف الكتابة التي تزعم نفسها "كتابة جميلة" .لكن منهج الغرافولوجيا، الذي لا يبالي بالخط "الرسمي" ، يفتح الباب في نفس الوقت للنظر لأي كتابة شخصية كمشروع خطوطي من اللحظة التي يعمل فيها الكاتب ـ أي كاتب ـ على إحسان كتابته بنية تصعيدها لمقام الجمال.ذلك ان" فن الخط" الماثل بين أيدينا اليوم كنموذج للكتابة الجميلة، لم يولد بأسنانه بين يوم و ليلة.و إنما هو نتاج تطور متشعّب طويل، تقني و مفهومي من جهة الخطاطين، و سياسي من جهة السلطات التي ترعاهم و تنحاز لبعض تصانيف نتاجهم الخطوطي.


و ربما نفعنا التأني و التأمل في مشهد علاقة الخطاط بمؤسسات السلطة السياسية في تفهم أسباب ظاهرة الفقر المفهومي في مقام العلاقة مع الادوات بين أجيال الخطاطين . فالخط كفن إنما نشأ و ترعرع تحت رعاية السلاطين . سواء كانوا سلاطين العصر الوسيط او سلاطين الزمان المعاصر. و الخطاط ، في نهاية التحليل ،عبد السلطان و موهبته رهينة للمقروئية الطبقية لأهل السلطة. و الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه .
و حكاية ياقوت مع سيده المستعصمي تردنا لمحاولة فحص هذه الممارسة السحرية الخاصة و العامة التي نسميها الكتابة.
إن جاز تعريفي اعلاه لـ " الكتابة "، و هيهات!، فسماحة القارئ تسوّغ لي العودة لتمحيص تعريف " الخط" ، من منظور القارئ . فما الخط ، فيما يرى القارئ الناظر في صورة المكتوب ؟
أقول : الخط يبدو كإحتمال بين احتمالات التدبير المادي للكتابة.و تعرّف المعاجم الخط بعبارة " فن الكتابة الجميلة".فما هي شروط الكتابة الجميلة؟
أول شروط الكتابة الجميلة هي مقروئيتها
Lisibilité/legibility
لأن غياب المقروئية يرفع صفة الكتابة عن نسق العلامات الخطية الغرافيكية المبذولة للنظر.و المقروئية هي الطريقة التي تشفـّر عليها الجماعة بنية الإتفاقات بين العلامة الغرافيكية و المعني الذي تحمله.و اضطراب شفرة الكتابة ينفي الكتابة لخارج دائرة اللغة لأنه يلغي مقروئيتها كأثر للغة الكلام.وغياب المقروئية في الكتابة الأجنبية التي نجهل شفرتها، أو في الكتابة المعكوسة على المرآة مثلا، يرفع عن الكتابة الأجنبية و عن الكتابة المعكوسة صفة الكتابة و يمسخها نوعا من التراكيب الزخرفية التي تبذل مقروئيتها في مقام الجمالية التشكيلية البصرية.
و ثاني شروط الكتابة الجميلة هو تجليها كرغبة ـ واعية او لا واعية ـ في بذل نفسها كتجسيد لطموح جمالي، و لو شئت قلت: كـ " خط".و الكتابة التي تتجلى كـ " خط" تتوسل لذلك بجملة من الوسائل المفهومية و المادية.و أدب الخطاطين في العصر العباسي عامر بنصوص كثيرة تعدد وسائل الخطاط و تتفكر فيها بما يحفزني على إعتبار إحسان تملك الأداة بين شروط المقروئية. وثمة قولة مشهودة، منسوبة لإبن البواب، تلخص تراكب وسائل الخطاط بذكاء بين " قوّة الأخماس و حدّة الألماس و جودة القرطاس و لمعان الأنقاس و حبس الأنفاس. و دوامه في تركيب المركبات و في ترك المنهيات و المواظبة على الصلوات".


جثـّة المـِثال بين يدي السلطان
قلت ان حكاية ياقوت مع المستعصمي تتيح لنا التفكر في الطبيعة السحرية للخط بوصفه تكريسا اعتسافيا
Arbitraire
لخيار غرافيكي بعينه لمقام المثال الجمالي السامي. و صفة "السحر" في طبيعة الخط إنما تتأتى من كون الخط لا يصبح خطا لأن الخطاط [ ياقوت ]اجتهد في تخليقه و لكن لأن السلطان [ المستعصمي ] قبله و أجازه. و اعتباطية التكريس تكمن في الطبيعة التي تجيز بها السلطة السياسية تصعيد كتابة بعينها لمقام المثال و موالاتها بالتعضيد المادي و الرمزي لتصبح خطـّا [ إقرأ:" خطـّا سياسيا "] وميسما للسلطة . و السلطة ـ في نهاية التحليل السياسي ـ إنما تنهض على جملة من المياسم و العلامات الإصطلاحية التي تندمج في حياة الناس كأمور طبيعية بديهية فيقبلها الناس الذين هم على دين آبائهم، بقوة العادة غالبا، و يقبلون معها حضور السلطة التي تبثـّها و تدعمها كأمر واقع. و من يتأمل في صورة الخط العربي المعاصر ضمن واقع جيوبوليتيك الثقافة العربية يلمس القبول التام ـ و أحيانا الحماس الكبير ـ الذي تبديه سلطات الثقافةالرسمية ، من الخليج إلى المحيط تجاه الخط العربي.و يلتقي في ذلك الحماس كافة القائمين على مؤسسات الرعاية الثقافية سواء صدروا عن حساسية قومية علمانية او صدروا عن حساسية قومية دينية. و حماس سدنة السلطة ضمن أنظمة الطبقة الوسطى العربسلامية لفن الخط كقرينة هوية ثقافية يموّه ، بشكل أخرق ، موقف الإستحواذ السياسي لفن الخط ـ المعرّف بـ " العربي " تارة و بـ " الإسلامي " طورا ـ باعتباره رافعة سياسية مهمّة ضمن آليّات الواقع السياسي للمجتمع العربسلامي المعاصر. و منفعة تملّك السلطات السياسية المعاصرة لفن الخط تتجاوز مجرّد صعود السلطان على كاهل الخطاط المعاصر ، بذريعة رعايته، لتشرعن لهذا السلطان حق القوامة الرمزية على كامل ميراث التقليد الخطوطي منذ العصر الوسيط .

أقول: رغم اعتداد ياقوت بقدراته العالية إلا أن اسمه بقي في ذاكرة التاريخ مقرونا باسم مولاه فعرف بـ " ياقوت المستعصمي". ذلك ان فن الخط، في مشهد التاريخ العربي، كان هو فن السلطان. و في مقام "فن السلطان" كان الخطاط عبد السلطان. لكن علاقة الهيمنة و الخضوع التقليدية بين السلطان والعبد، كانت تنمسخ لنقيضها ،ضمن بعض ملابسات الأخذ و العطاء المادي و الرمزي بين فنان السلطة و سلطة الفنان. طبعا الفرق كبير بين مقام فن السلطة و مقام سلطة الفنان،فالفن في يد السلطان أداة من أدوات تعضيد بأسه السياسي و فرض هيمنته على الرعية ، بينما هو في يد الفنان سلطة مرهونة بتقدير العارفين بعلم الفنان و بحق الاستاذية. و قد استفاد فن الخط من حرص السلاطين و الامراء على تعلم الخط باعتباره بعض مستلزمات تأهيل الامير. كان تعليم الخط كتعليم الكتابة جزءا اصيلا من تربية السلطان و كان السلاطين يحرصون على تعليم الخط لأولياء عهودهم.و في هذا الأفق يحتاز خطاط السلطان على حظوة الأستاذية عند تلميذه الصائر سلطانا.
و "حق الأستاذية" مفهوم مركزي في تاريخ فن الخط العربي ورعايتة أمر مقدس في تقليد صناعة الخط . لأن الخطاط ينتسب الى شيخه في الصنعة
كما جاء في ادب الخط:
و لابد من شيخ يريك شخوصها يساعد في ارشادها و يعين
و من لا له شيخ و عاش بعقله فذاك هباء عقله و جـنون .


فيما وراء " حق الأستاذية":

قالوا أن الخليفة امتعض من هذه الحادثة و أهمل ياقوت زمنا و لم يظهر له علامات الاستحسان.و من جهته لم يعد ياقوت يحرص على عرض خطوطه لمولاه و زهد في تجويد الخط.

ترى هل تنفع أحاجي الخطاطين و السلاطين اعلاه في الوفاء بحق الأستاذية في منظور منهج التربية الفنية[ و السياسية] للخطاط المبدع؟ الله أعلم !فحق الاستاذية، إذا تأملناه من زاوية الكتابة الخلاقة ، يصبح أكثرتركيبا من مجرد لعبة التقليد و المضاهاة التي تطبع علاقة الأستاذ و التلميذ بطابع السيد و العبد على صورة العبارة المأثورة:" من علمني حرفا صرت له عبدا". و مشهد ياقوت و المستعصمي أمام خط ابن البواب يستحق بعض التأنـّي في خصوص الموقف من مفهوم النموذج المثالي في أفق الممارسة الفنية.فالخليفة كان ينظر لخط ابن البواب باعتباره النموذج المثالي الذي تتأسس عليه احكام القيمة الجمالية للممارسة.و لا عجب فابن البواب في منظور التاريخ يقيم في مقام الخطاطين "الفحول" ، لو جازت العبارة الذكورية على صورة "الشعراء الفحول" ، والخليفة ، من موقف الخطاط الهاوي الذي لا يستغني عن قدسية النموذج المثالي، يجد صعوبة نفسية كبيرة في الإعتراف بحدود النموذج المنسوب لإبن البواب، سيّما و ان من ينازع ابن البواب هنا هو خطاط بين خطاطي الأمير و عبد من عبيده .و النموذج المثالي مفهوم فاسد في أفق الخلق .و فساد النموذج ـ مطلق نموذج ـ يتلخص في كونه يقيم على ثبات نهائي في منطقة القداسة الدينية، خارج عقلنة التاريخ، و يمتنع على إحتمالات التطوّر. و هذه الصفات تجعله غير قابل للتقليد، لا لأن تقليده مستحيل تقنيا و إنما لأن قبول الكتـّاب لفكرة إدراك النموذج تنسف مبدأ النموذج من اساسه ،فما نفع النموذج إن كان بوسع المقلد إدراكه؟و هنا يمكن تفهم امتعاض الخليفة من فعله ياقوت كون العبد الخطاط تجاسر على تحطيم عقيدة رمزية عزيزة["دوغما"] ،لا على الخليفة وحده بل على جملة الأعيان و المقربين و العلماء من طبقة " سراة بني الفرات" الذين يقاسمون الخليفة المستعصمي الإحتفاء بنموذج ابن البواب.
و من جهة ياقوت يمكن تفهّم جرأته على نموذج ابن البواب ـ بل و على نموذج ابن مقلة نفسه ـ بكون الممارسة
الخطوطية الابداعية في ذلك العهد كانت ما زالت نبتة غضـّة في طور التخلّق و لم يدركها بعد اليباس الأكاديمي اللاحق الذي حنّطها
في قداسة القالب المعروف بـ " الأقلام الستة".فبين العهد الذي عاش فيه ابن مقلة و عهد ابن البواب و ياقوت تتداخل خبرات
الأجيال و تتقاطع أقدار الرجال.

و من جهته لم يعد ياقوت يحرص على عرض خطوطه لمولاه و زهد في تجويد الخط.
ترى ما الذي حدث لياقوت ، الملقب بـ "قبلة الكتاب"، حتى يزهد في الممارسة التي حصّل من خلالها كل عزّ العبد العالم المعتد بقدر صناعته؟هل لأنه وقع بدوره صريع سلطة النموذج فكأنما كل جهده و كل صبره على الممارسة لم تكن له غاية أخرى بخلاف إثبات قدرته على إدراك نموذج ابن البواب و تزييفه و الإلتباس به في عين الخليفة نفسه؟ربما، فياقوت ـ في نهاية تحليل ما ـ ابن عصره ، يرى الخط رهن النموذج السائد،فإن تم للخطاط إدراك النموذج السائد فهو قد وصل لمبتغاه ولا حافز يدفعه بعد ذلك للتوغل في دروب البحث بعدها, بيد أني ـ من فرط افتتاني بهذا الخطاط المتمرد ـ أجدني ميالا لنهاية تحليل ما، آخر، يفترض أن ياقوت بعد ان كسر اللعبة، لعبة النموذج المثالي الذي اورثه ابن مقلة و ابن البواب لسراة بني الفرات ، لا بد انه عكف على شيء آخر بخلاف تكرار النموذج السائد. هذا الـشيء الآخر قد يكون الرسم و تزيين الدور فيما عرف عنه أنه كان يزين المساجد و أنه دفن في المسجد الذي زينه بخطوطه.و قد يكون أسلوبا مغايرا في اجتراح الكتابة لم يحفل به تاريخ الخط العربي آنذاك كونه مفارق للإتفاقات الجمعية التي تصنف بعض الكتابات خطا و بعضها الآخر غيره.أقول قولي هذا و استغفر الله لي و لكم على كل هذا الرجم الأبيض الذي لا يسنده سند بخلاف نظري ـ الضعيف ؟ ـ في ما هو تحت بصرنا من تصاوير ياقوت التي نسميها خطا.و ما الخط إن لم يكن ضربا من ضروب التصاوير التي تتوسل بالكتابة لترسم من صورة الفكرة الأدبية فكرة جديدة للصورة التشكيلية؟.
و ما الصورة؟
سأعود


هوامش
[1] توفي ياقوت ببغداد عام 698 هـ
1298 م، و دفن في المسجد الذي زينه بخطوطه، وبعض مصاحفه محفوظة في المتحف الاسلامي باسطمبول والمكتبة الوطنية بباريس و دار الكتب و الوثائق المصرية بالقاهرة . أنظر محمد بن سعيد شريفي،خطوط المصاحف عند المشارقة و المغاربة، الجزائر 1975، الشركة الوطنية للنشر. و صلاح الدين المنجد،ياقوت المستعصمي، ،دار الكتاب الجديد، بيروت،1985.
[2]
Hassan Massaoudy ,Calligraphie Arabe Vivante, , Flammarion, 1981

[3]
في مطلع 1990 قام مصمم الأزياء الفرنسي، كارل لاغرفيلد.
, Karl Lagerfeld
بعرض مجموعة من فساتين السهرة تستلهم أجواء الشرق. وكانت بعض قطعه تحتوي على خطوط عربية لجزء من نص قرآني مطرّز بخيوط مذهبة.لم يتنبه المصمم لعواقب حضور النص المخطوط على تصميماته إلا حين بدأت برقيات الإحتجاج و مكالمات التهديد بالهاتف تتوارد على مقر عمله من أقاصي العالم الإسلامي و بالذات من نواحي جنوب شرقي آسيا [اندونيسيا و باكستان ]. بعدها اعتذر لاغيرفيل للمسلمين في مؤتمر صحفي و أحرق مجموعته. و في هذه الحالة تجدر ملاحظة ان معظم مسلمي جنوب شرق آسيا لا يقرأون القرآن في الأبجدية العربية و مصاحفهم تحتوي غالبا على سطر مترجم في لغتهم مقابل سطر النص العربي.هذا النوع من المصاحف متداول في كل المجتمعات الإسلامية التي لا تقرأ العربية، لغة القرآن.و قارئ هذه المصاحف ينتهي بشكل عفوي إلى التعامل مع صورة الكتابة العربية كتمثيل غرافيكي للمقدس.
هذا النوع من اللبس المفهومي يستقوي ، في خاطر الجماعة المسلمة المحتجة ، حين يستجيب شخص مثل لاغيرفيل لمطالبهم و يتراجع عن مشروعه بالكلية.
.
[4] من يتأمل في آثار رواد فن الخط في العصر الوسيط يلمس بيسر حضور الفرادة الغرافولوجية للكاتب في تنظيم العلامات بأسلوب شخصي ظاهر قلما نلحظه في كتابات الخطاطين الأكاديميين المتأخرين المنصاعين لسطوة النموذج. و قد فصّل الباحث الجزائري شريفي مبحث الفرادة الغرافولوجية للخطاطين الروّاد بمنهجية عالية استثمر فيها خبرته كخطاط قادر على تحرّي المسالك و التدابير التشكيلية التي يستعين بها كل خطاط في خلقه. و كتاب شريفي عن خطوط المصاحف يظل من بين المباحث الرائدة التي تحاول النظرفي فن الكتابة العربية كقنطرة بين مقام البصيرة الفردانية و مقام الوسيلة المادية الجمعية.
[5] انظر: شيتاو، رسالة في الرسم للراهب" القرع المر". :
Shitao.Les propos sur la peinture du moine Citrouille-amère,
Traduction et commentaire de P. Rickmans,1984,Hermann,Paris
[6] [ إنجلز، دور العمل في تطور القرد إلى إنسان" انظر ترجمة نص إنجلز في الرابط
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=128329
[7] إقتطفه شريفي من
Huart Cl.Les calligraphes et les miniaturistes de l’ Orient Musulman, Paris 1908]

[8]،أنظر الرابط
https://www.al-eman.com/islamlib/viewtoc.asp?BID=234
[9] أنظر: هلال ناجي، تحفة أولي الألباب في صناعة الخط و الكتاب لعبد الرحمن بن الصائغ، دار بوسلامة للنشر ، تونس 1967]
[10] أنظر وليد الاعظمي، تراجم خطاطي بغداد ، دار القلم بيروت و مكتبة النهضة ببغداد، 1977.ص 39]
[11] أنظر شرح المقامات للشريشي ، ص 245، في الرابط
https://malikiaa.blogspot.com/2009/06/bl ... _7857.html

[12] صبح الأعشى، شرح الرائية لإبن الوحيد، ص 17].
[13] صلاح الدين المنجد،ياقوت المستعصمي، 1985،دار الكتاب الجديد، بيروت، ص 32].
صورة العضو الرمزية
ãÍãÏ ÚãÑ ÈÔÇÑÉ
مشاركات: 95
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 12:11 pm
مكان: Oxford,UK
اتصال:

مشاركة بواسطة ãÍãÏ ÚãÑ ÈÔÇÑÉ »

[align=left]Mark T. once told me the story of a woman in a psychiatric hospital He didn't tell what name they gave to her craziness.
Everyday she unrolls a long sheet of paper from one
end of her room to the other. Then she starts drawing,
standing above the paper and slowly advancing across the room.
In between her two feet,
her hand with a piece of charcoal,
she draws a continuous line,
always changing direction,
but gradually approaching the other end
of the room.
She looks intensely to "where she is"
and maybe sometimes glances to
"where she is going"
but she never turns back.
Never.
After, the paper was thrown away
and a new roll was waiting for the next day

John Berger

"Berger on Drawing"
page 125

was first published by Occasional Press in September 2005
www.occasionalpress.net
إيمان أحمد
مشاركات: 774
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:27 pm

مشاركة بواسطة إيمان أحمد »

[align=left].




I quote Betty Edwards from her book: The New Drawing on the Right Side of the Brain
(P.253)
"
?Is Beautiful Handwriting a Lost Art

Today, handwriting is no longer a subject of interest. Like the times tables, moral sayings, and polite manners at tea parties, handwriting -if it is thought of at all- is relegated to quaint customs of the past century
"
.....

To her I say, you ought to have said centurIES and perhaps separated the ancient art and skill from VICTORIAN table manners

...............

For a long time, I have been thinking of my lost handwriting, my becomingly ugly scripture and my fingers taking the shape of claws to suit the spiritless FLAT board I am using, to produce those CHARACTERLESS letters, standing in a SOLDIERLY fashion. I can assure you that these characterless letters do not even compare to soldiers on a chess board. The latter often have more personality!c


I kept comparing, what skill I have gained versus what I have lost. Have I lost it forever?! I asked, time and again, and never found an answer

Have we regressed to our ancient predecessor animals - in re-acquiring those
?"claw hands"

!Perhaps

I also recall reading you here, Hassan Moussa, on the ancient Quran books, where letters had no dots on them. And then, sometime later, seeing some of these ORIGINAL, "RETRIEVED" Quran books at THE BRITISH LIBRARY

It kind of hit a nerve - a bare one. seemingly the same nerve that was hit when I saw ORIGINAL, "RETRIEVED" pieces of West African sculpture and art at LE MUSÉE D'ETHNOGRAPHIE DE GENÈVE, savagely marked as "GIFTS" from this FRENCHMAN, or that SWISSMAN



I will never rest my case



Iman


النذير حجازي
مشاركات: 535
اشترك في: الجمعة يناير 11, 2008 7:27 pm

مشاركة بواسطة النذير حجازي »

سلام يا د. حسن وضيوفه الكرام

في البدء حمد لله على السلامة يا د. حسن وشدة وبتزول. أظن أن هذا البوست - أدناه - للخطاط السوداني محمد مختار جعفر سيكون مفيد في بحثك هذا:

اضغط هنا: محمد مختار جعفر وأعمال لها بريقها

وهذه صورة له وهو يقوم بتدريس فن الخط العربي في إحدى دول الخليج:
صورة

تحياتي للجميع
آخر تعديل بواسطة النذير حجازي في الأحد أكتوبر 23, 2011 10:21 am، تم التعديل مرة واحدة.
give me liberty or give me death
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

؟؟؟

مشاركة بواسطة حسن موسى »

.
محمد و ايمان و النذير
شكرا على المتابعة
أحاول وضع بعض التصاوير لكن حيلتي الرقمية عاجزة.
سأعود
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

الصور

مشاركة بواسطة حسن موسى »

حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

صورة المقدس

مشاركة بواسطة حسن موسى »

صورة
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

صورة المقدّس2

مشاركة بواسطة حسن موسى »

صورة
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

صورة الصورة!

مشاركة بواسطة حسن موسى »

بعون مبارك من نجاة تمكنت من الإحتيال على تنزيل تصاوير الكتابة أعلاه خاصة بول كلي و ابراهيم الصلحي و مصمم الأزياء لا قارفيلد. "ميرسي" يا مدام لأن الكلام بدون تصاوير مستحيل في هذا الخيط..
سأعود
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

جنازة الخط2

مشاركة بواسطة حسن موسى »


صورة الأمّة




نعم ما الصورة؟

في مستهل كلامي تساءلت عن هويةالكتابة و عن منفعتها.و قد حاولت التبصر في الكتابة كوجه من وجوه فن التصوير.أقول : تبدو الكتابة، في نظري ،و الكتابة إنما تكون في النظر ، تبدو كأثر منظور إليه كشهادة بصرية عن حضور حركة الجسد[ اليد] على المسند . هذه الشهادة تبدو كصورة لنصف حقيقة يبذلها الكاتب حتى تكون مع نصفها الآخر الكامن في بصر بصيرة القارئ . و حقيقة الصورة هنا إنما تكون في علاقة الشراكة بين الكاتب و القارئ ، الكتابة تبدو و لا تكون إلا كطريقة بين طرائق صناعة الصورة. و الصورة في يد المصوّر/ الكاتب وسيلة ـ بين غيرها ـ للإحاطة بذلك الطرف من الوجود الذي يستجيب للتدابير الجمالية لصنـّاع الصور، أو قل: ذلك الطرف البالغ التركيب الذي يمتنع على غير وسيلة الصورة المبذولة ضمن سياق الكتابة. و حين اقول أن غاية الكتابة إدراك الوجود في بعده المتاح ضمن ماعون الصورة فقولي يضمر أن إدراك الوجود إنما يتم داخل سياق مادي و رمزي الصورة فيه جزء من كل متعدد الأبعاد .
و فكرة الكتابة كصناعة للصورة قديمة في تقليد الكتابة العربية، و لعل افضل الامثلة على تمظهر الكتابة كصورة جمالية هو حين يقع البصر على كتابة أجنبية لا ينوبه منها سوى دينامية العلامات و انسجام نسقها التشكيلي. في هذه الحالة يقرأ الناظر في الكتابة نصا آخرا غير النص الادبي الذي يزعم توصيل مضمون المكتوب.و الكتابة كنص يسكن في ما وراء [ أو ما قبل ] حيّز التعبير الأدبي، اعني الكتابة كموسيقى بصرية مفهوم مركزي عند فنان حديث مثل " بول كلي "
Paul Klee
.ففي مجموعة دراساته عن الرسم الخطي سعى بول كلي لعقلنة الرسم الخطي مستلهما قواعد التأليف الموسيقي [ موضوعات الإيقاع و الهارموني و الكونتربوينت و الخط الميلودي إلخ]. و قادته تلك المباحث الرائدة لإستكشاف قارة منسية بين مقام الرسم التقليدي و الكتابة النفعية. و ميراث بول كلي ما زال ماثلا كمنارة يهتدي بها التشكيليون الباحثون في شعاب ارض الرسم.[ أنظر : بول كلي كتابات في الفن،1، التفكير الخلاق. و 2، التاريخ الطبيعي غير المتناهي، 1977 ] [1]
و ميراث بول كلي[ و كاندنسكي و غروبيوس آخرين ] [2] ممن خرجوا من تجربة مدرسة ال، " باو هاوس "
Bauhaus
مسؤول لحد كبير عن الشكل الذي تطورت عليه مناهج الخلق التشكيلي في القرن العشرين.و لا اشتط كثيرا لو قلت أن تجربة الـ " باو هاوس " مسؤولة عن شكل البيئة البصرية الحديثة التي نعيش وسطها في أنواع المتاع و المسكن و الملبس و كل ما له شكل في عالمنا المعاصر.
و أهمية مساهمة بول كلي في مبحث الكتابة " التجريدية" تتجلى في كونه فتح الباب لأكثر من جيل من الرسامين المعاصرين لإستكشاف ارض الكتابة و اغتنام اللقيات المفهومية و الاسلوبية و التقنية التي جعلتهم يثوّرون فن الرسم بطريقة غير مسبوقة في تاريخ الفنون الغرافيكية. أقول هذا و في خاطري تجارب فنانين متنوعي المشارب منهم من خرج من تلافيف المبحث الحركي البدائي لـ" الأوتوماتية السوريالية "
Automatisme pictoral (Ecriture automatique)
مثل "آندري ماسون" و" ماكس إرنست" و "خوان ميرو" و "هارتونغ" و" سولاج"، و منهم من خرج من حساسية الخامات و المساند المادية الجديدة ، كمثل " دوبوفيه" و" أنطونيو تابييس " و منهم من خرج من خبرة " التجريدية التعبيرية"
Abstract expressionism
في أمريكا مثل " جاكسون بولوك" و " آشيل غوركي " و " كلاين" و" توومبلي" .
بعد الحرب العالمية الثانية استقرت مناهج و تعاليم مدرسة الـ "باوهاوس" بشكل نهائي في مؤسسات تعليم الفنون في العالم الاوروأمريكي و توابعه الثقافية، بحيث لم يعد بوسع دارس الفنون [أو العمارة أو التصميم الصناعي أ و علوم الجماليات الحديثة] ، أن يجهل تجربة الرواد الذين نظـّروا لفن التشكيل المعاصر.
و في هذا الأفق يمكن فحص تجربة الفنانين العرب المعاصرين ، الذين ابتدروا ما صار يعرف منذ منتصف الستينات بـالتجربة " الحروفية" ، سيّما و جلّهم تخرج في مدارس الفنون الأوروأمريكية في الفترة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية [ صلحي و شبرين من السودان ].و هي تجربة غنية بالعبر و المواعظ كونها تعكس بطريقة مركّبة جدل القطع و التواصل بين حركة التشكيل في المجتمعات غير الأوروبية و حركة التشكيل في المجتمع الصناعي الأوروأمريكي. فقد بعث المجتع العربسلامي الحديث بأبناء و بنات الطبقات الوسطى المدينية إلى الدراسة في معاهد و كليات الفنون في سنوات ما بعد الحرب الثانية. و هناك تفاعلوا بأساليب مختلفة مع الواقع الثقافي الأوروأمريكي، لكن القاسم المشترك بين هؤلاء الوافدين من خارج دائرة التقليد الثقافي الأوروبي كان يتمثل في موقفهم الغريب المجدول من مزيج الرفض و القبول و الكره و المحبة و الإعجاب و الإحتقار الذي طبع منهجيتهم في التعاطي مع التجربة الثقافية الأوروبية.في ذلك العهد كان المجتمع الأوروبي ، في مشهد الرواد المبعوثين من البلدان العربية ، كان يطرح نفسه كنموذج للتقدم التقني و كقيّم على معاني الحداثة و التقدم ، و كوريث شرعي لقيم الإستنارة و الثورة الإنسانية و حقوق الإنسان. لكن الواقع الذي خبره هؤلاء الرجال و النساء الوافدين من المستعمرات ـ و فيهم من ساهم في الكفاح ضد السلطات الإستعمارية في مواطنهم ـ كان يكذّب إدعاءات أوروبا رأس المال الإستعماري و يطعن في أحقية الاوروبيين الأخلاقية في وراثة قيم الإستنارة و التقدم الإنساني. و من جملة تناقضات الحياة كطلاّب معرفة من جهة و كمراقبين ناقدين للمجتمع الأوروبي من الجهة الأخرى طوّر المبعوثون الرواد موقفا إنتقائيا غايته صيانة نوع من الإستقلالية الأخلاقية و السياسية بالنسبة لقيم الثقافة الأوروبية. و في هذا السياق ثبتت عندهم قناعات عامة فحواها
الحماية :
ـ نحن مختلفون ثقافيا عن الأوروبيين و عناصر إختلافنا ليست مما يشين و إنما يجب ان نصونها لحماية هويتنا الثقافية .
الإنتقاء:
ـ ما كل ما تجود به الثقافة الأوروبية صالح للتبني في مجتمعاتنا و علينا إنتقاء ما يوافقنا و لفظ ما لا يوافقنا.
التوفيق :
ـ الفن عنصر مهم في عملية بناء الوحدة الوطنية و التنمية الإجتماعية. لكن الفن الذي نريده من واقعنا و تقاليدنا يجب ان يوفق بين إلتزامنا بأصالة الموروث الثقافي و إنخراطنا في الحداثة المكتسبة من ثقافة العصر.
هذه القناعات كانت تجد سندها السياسي في ادبيات حركة التحرر الوطني الصادرة عن طبقة وسطى تعد نفسها لقيادة النهوض القومي ضد الإستعمار و الإمبريالية . و هكذا" لاقى شن [ الفنان] طبقه [ السياسي]" ضمن ملابسات صعود الانظمة العربية ذات التوجّه القومي ، و كسب الفنانون عناية أوّل مؤسسات الرعاية الرسمية في الانظمة التي ابتدرت ا ستراتيجيات سياسية للثقافة ترعاها وزارات للثقافة و جملة من المؤسسات الثقافية الرسمية التي كان يغيب عليها ـ في اغلب الأحايين ـ فرز التنمية الثقافية الجادة عن البروباغاندا السياسية . ضمن هذا المشهد يبدو لقاء الفنانين مع الاجهزة الرسمية كزواج مصلحة يستجيب الفنانون فيه لمقتضيات البروباغندا السياسية مقابل وفاء اجهزة الثقافة الرسمية بمقتضيات الرعاية. و هو تبادل أملته ملابسات مجتمع بدون سوق للفن و بدون مؤسسات و تقاليد رعاية فنية ، مما يجعل من الدولة ، من خلال مؤسساتها ، الراعي الأوحد للفنانين الراغبين في مزاولة الفن كمهنة. و ضمن هذه "العلاقة المحرّمة " بين الفنان و أجهزة السلطة السياسية تتباين مصائر الفنانين بين الفئة المناوئة التي تتعرض للتجاهل و ربما للملاحقة و الإعتقال ، و قيل الإعتداء [و عند اللزوم : التصفية الجسدية بالمرة] ، و الفئة المُمالئة التي تستفيد من رضاء السلطات و تكسب الحظوة بأنواعها المادية و الرمزية و فيها من يتسنـّم أعلى المناصب السياسية .و ذلك دون ان يعني إنخراط بعض " المُمالئين " في سياسات الأنظمة القومية أن كل الفنانين المتعاونين مع الاجهزة هم عملاء يحركهم منطق الإنتهاز و الكسب الشخصي. فهناك بعض الحالات التي يعانق فيها مشروع الفنان طموح الآيديولوجيا الرسمية و يلتحم به بالكلية.
ضمن هذا المنظور تطوّرت حركة "الحروفيين " العرب كمساهمة جمالية ذات بعد سياسي قومي عروبوي. و رغم أن الحركة كانت موجودة بشكل برعمي في مطلع الستينات إلا أن المد السياسي العروبي الذي انتظم المجتمع العربي بعد حرب 1967 ساهم لحد كبير في مأسسة الحركة كتوجه واع بغايات التحرر القومي العربي. وضمن هذه الملابسات علا نجم عدد مشهود من رواد التجربة الحروفية الذين وفرت لهم المؤسسات السياسية القومية [ حزب البعث العراقي في عصره الذهبي مثلا ] جملة من وسائل الإنتشار الإعلامي غير المسبوق في العالم العربي حينها. كانت مهمة الحروفيين العرب هي تصميم نوع من معادل جمالي عربي معاصر للخطاب السياسي العروبوي . و في هذا السياق تمت معالجات تشكيلية للكتابة العربية ، جديدة على مستوى العالم العربي ، لكنها في حقيقتها لم تتجاوز جهد الإنتقاء و التوفيق على لقيات رواد الـ "باوهاوس " و أتباعهم الأوروأمريكيين. كانت الكتابة العربية عند هؤلاء الفنانين الذين صاروا يعرفون بـ " الحروفيين " فيما بعد ، تمثل نوعا من أيقونة عربية ذات كفاءة عالية في تجسير المسافة بين التقليد الفني المحلي [ تقليد الخط ] العربي و التقليد " العالمي" [ إقرأ "الأوروبي" ] الذي يتوسل لحرم التجريد بوسيلة الكتابة. بل أن استخدام الكتابة العربية في اللوحات الـ " عربية " صار يجد قبولا و حماسا ظاهرا من بعض مؤسسات الرعاية الأوروأمريكية المحافظة التي بدأت ،مع نهاية السبعينات ، تتهجأ لغة الخطاب الجمالي العرقي الذي هيّأ الجميع لقبول خرافة "حوار/حرب الحضارات" التعيسة.
الإجتهاد التشكيلي الحروفي العربي ينطرح في أفق تاريخ حركة الرسم الحديث كنوع من تغرير رمزي بالغ الإلتواء بميراث حركة الـحداثة التشكيلية عند رواد ال " باوهاوس " ، مثلما هو غش و تدليس ثقافي شنيع في حق جمهور التشكيل العربي الذي انتحلوا له حاصل المعالجات التشكيلية الأوروبية للكتابة كمتاع جمالي عربي أصيل .لكن شقاء جمهور التشكيل العربي لم ينته بإضمحلال خرافة " عبء الرجل العربي " الذي كان يحلم بالحرية و الإشتراكية و الوحدة العربية من الخليج إلى المحيط. فما ان انفض مولد العروبة [ كامب دافيد ، حرب الكويت، حرب العراق إلخ ] حتى أتته " الصحوة الإسلامية " بـ " عبء الرجل المسلم ". و مع عبء الرجل المسلم ظهر للحروفيين رعاة جدد ورثوا مناهج الرعاة المتقاعدين على طموح سياسي يتجاوز ضيق جغرافيا عروبية محدودة بين "المحيط و الخليج " نحو جغرافيا إسلامية تتخلل " المخيط و المحيط" لأمّة تعدادها يتجاوز المليار من المسلمين ! [
هؤلاء الرعاة" المؤمنون" هم فصل مجهول من كتاب تاريخ التشكيل المعاصر و هم ـ على إختلاف ألسنتهم ـ واعون تماما بالمرامي السياسية لرعاية فن إسلامي و معاصر مصيره أن ينخرط ـ بطريقة أو بأخرى ـ في المنازعة الطبقية الحاصلة في زمن العولمة.
سأعود





...................................... .
[1]
Paul Klee,Ecrits sur l’ Art, I,La pensée créatrice
& II,Histoire naturelle infinie,Dessain et Tolra,Paris 1977
[2]
الباوهاوس عبارة ألمانية تعني " دار البناء " و هي مدرسة فنون و عمارة و تصميم أسسها المعماري والتر غروبيوس على طموح عقلنة الخلق التشكيلي على مراجع الحداثة التي طرحتها تجربة المجتمع الصناعي الحديث. انظر الـ " باوهاوس " في الرابط:
https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A8%D8% ... 9%88%D8%B3
[3] عن قلق الأعلام النصراني من نمو عدد المسلمين
انظر الرابط
https://www.washingtonpost.com/wp-dyn/co ... 00012.html
و الرابط
https://www.nytimes.com/2011/01/27/world ... ml?_r=1&hp

.
صورة العضو الرمزية
ãÍãÏ ÚãÑ ÈÔÇÑÉ
مشاركات: 95
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 12:11 pm
مكان: Oxford,UK
اتصال:

مشاركة بواسطة ãÍãÏ ÚãÑ ÈÔÇÑÉ »

[[align=left]I was asking you : where are we when we draw
The question seems to be expecting a spatial answer, but mightn't it be a temporal one
Isn't the act of drawing, as well as the drawing itself, about becoming rather than being
Isn't a drawing the polar opposite of a photo
The latter stops time, arrests it, whereas a drawing flows with it. Could we think of drawings as eddies on the surface of the streams of time
You used the idea of an electric current, but whether it's electricity or in water, it's a flowing. And going with it means losing ourselves...being carried away
At the same time, drawing is nothing if not a process of continuous correcting- and to correct one has to stand back and not be carried away
Puzzling "

"Lobster and three fishes"
A Dialogue between John Berger and Yves Berger

Pages 124-5
صورة العضو الرمزية
ãÍãÏ ÚãÑ ÈÔÇÑÉ
مشاركات: 95
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 12:11 pm
مكان: Oxford,UK
اتصال:

مشاركة بواسطة ãÍãÏ ÚãÑ ÈÔÇÑÉ »

[web]https://www.occasionalpress.net/publicationsbod.htm[/web]
إيمان أحمد
مشاركات: 774
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:27 pm

مشاركة بواسطة إيمان أحمد »

" Lagerfeld apologized and destroyed all three dresses adorned with the phrase"

!Pity
صورة العضو الرمزية
محسن الفكي
مشاركات: 1062
اشترك في: الثلاثاء مارس 17, 2009 12:54 am
مكان: ميدان الخرطوم

الناس في شنو ومحسن الفكي في شنو..!

مشاركة بواسطة محسن الفكي »

إنطباعات شخصية
اثناء وعقب فراغي من قراءة اكثر من 70% من المداخلة الاولي او لنقل الكتيب المصغر، قلت لمحسن الفكي،هسه كلام حسن موسى ده لو جا قالوا لينا في محاضرة مالو ..؟
الظروف ما معروفة،ولينا ولي زماننا نقابل الزول ده.
وفعلا قررت الذهاب لمركز الخطوط في المدينة التى اقيم فيها(ميدان الخرطوم) كي احقق امنيتي.
لم يسعفني الوقت في اليوم الاول، لكن مساءا عرفت ببوادر اضراب بالمؤسسة التي يتكون منها مركز الخطوط.
صباح الخميس توجهت الى باب دخول الموظفين ليخبرني الامن بأن المركز مغلق حتي صبيحة الاحد 30 اكتوبر2011.
تجولت بلا اهتمام وسط جموع المضربين والمعتصمين، شعارات وكلام ومطالب وهتافات وصلوات جماعية ، المشهد يتكرر في كل مكان، ربما اكثره وضوحا في صراع ما بين القاضى والمحامي وكيفية تنظيم العلائق القانونية بينهما. فضلا عن محاصرة وزارة الداخلية من منسوبيها أنفسهم ..والبلاد مقبلة على اعياد وإنتخابات.. ويصاحب ذلك إنفلات امني بالشارع العام.
-
يا محسن انت ماشي لمدير مركز الخطوط الما عارف نفسو انو المعتصمين خاتينو في القائمة السوداء ويقولون له ارحل ودي قاقيdégage لغير الناطقين بالعربية ..!
ولا مدير مركز المخطوطات الذي كتب "الغوغاء" انه يسرق مؤلفاته وبها اخطاء علمية ..!
وبالتالي يجب ان يرحل...!
وبعدين دي خفتك ذاتها البينتقدها حسن موسى ، هسه الناس في شنو والباحثين عن فن الخط العربي المعاصر وعصره مع هوية الخط والكتابة و ..و ..الخ.
رغم اني لا امثل الا نفسى، سأواصل جهدى ما امكن حتى نهاية اسبوع ما قبل العيد والإجازات، لتحقيق مرادى. والارضة جربت الحجر .
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

كتابة المجنون

مشاركة بواسطة حسن موسى »

جنازة الخط 3


شكرا للصديق محمد عمر بشارة كونه رفد الخيط بتفاكير مولانا "جون بيرجر" في خصوص الرسم عبر حكاية هذه الرسامة" المجنونة ! " التي تُردُّ الرسم لأصله كـشهادة مادية عن حال حركة الجسد بين المكان و الزمان.و" جون بيرجر"، بين نقاد الرسم ، رجل شوّاف نظره الحديد يملك أن يفلق الشعرة ثم يملك أن يميّز بين فلقتيها [ كما جرت عبارة أستاذنا محمود محمد طه ]
".. كانت تنظر بتركيز لحيث تقف
و ربما، من وقت لآخر، ترمق حيث تقصد
لكنها لا تلتفت للوراء أبدا " [ جون بيرجر ـ في الرسم ]

هذه الكتابة التي "لا تلتفت للوراء أبدا " تطرح نفسها كسعي محموم لتملك طول و عرض فضاء المسند. فحين تبلغ الكاتبة "حيث تقصد" ترمي الورقة جانبا و تتخذ لها ورقة جديدة و تواصل مسارها "الجنوني".["و ما صاحبكم بمجنون" ـ التكوير ـ] .. و في حالة الرسام "العاقل"، الذي يصون استمرارية تقليد الرسم المدرسي ، فالمقصود من فعل الرسم هو التوصّل للصورة الباقية أثرا على المسند، و هذا ما يدفع الرسام للإلتفات للوراء و التأمّل في الاثر الباقي على المسند، و ربما تحويره و تعديله وفق مقتضيات الصورة الجميلة السائدة. لكن هذه الرسامة المشـّاءة تقطع المكان و الزمان لنهاية المسند ولا تبالي بالأثر الباق إلا كما يبالي الراقص بأثر أقدامه على أرض الرقص بعد إنقضاء الرقصة.و تتخذ مسندا جديدا و تنطلق في رقصة تتجدد بلا نهاية.
و هذا يا إيمان فضل الكتابة على الرسم الكلاسيكي: كون الكاتب الرسام " المجنون" [ "جن" الأمين علي مدني[1] ] لا يلتفت للوراء ليتأمّل في جمال الأثر لأنه يرى الجمال في حال الحركة التي أنتجت الأثر. و في هذا المشهد تتعارض جمالية الثبات بجمالية الحركة بما ينقل الكتابة من مقام صناعة الخط الغرافيكي المتشيّئ تحفة نهائية لمقام المبادرة الجسدية الحرة المنفتحة على كافة الإحتمالات. و أعني الكتابة كلحظة فرادة لا تتكرر عند تقاطع الزمان و المكان.و لو شئت قلت: الكتابة كرقص مستديم، ولا شطط!
في أغسطس الماضي، سافرنا للصين لقضاء ايام مع ميمان في مدينة " كونمينغ " عاصمة إقليم " يونان" في جنوب غربي الصين. و ذات نهار حار كنا نتجوّل في حديقة كبيرة غنـّاء وسط المدينة ،[ حديقة " تسويخو" و ترجمتها: حديقة بحيرة الزمرّد]، و سميناها نحن " حديقة المغنين " ، لأن دروبها الظليلة عامرة على الدوام بمجموعات الرجال و النساء الذين يواظبون على هم الغناء بشكل يومي. على غير انتظار وقعنا على حلقة وسطها شاب و شيخ كل منهما منهمك في الكتابة على بلاط الساحة بفرش ذات مقابض طويلة تتيح للكاتب أن يعمل واقفا.كانا يغمسان الفرش الصفراء الغريبة في الماء و يباشران الكتابة في تراكيب خطية متنوعة ، سريعة و رشيقة، كمثل راقصين يتحاوران أو كمثل فارسين يتبارزان بوسيلة الكتابة على بلاط هذا المسرح المرتجل تحت قيظ الظهيرة . كان الشاب الجاد يعمل في سمت التلميذ و يتابع عمل الشيخ بصمت بينما كان شيخه الباسم يعمل و هو يوزع القفشات الساخرة التي تتوجه للشهود الواقفين.و من جهة الحضور كان هناك من يعلّق من وقت لأخر بردود مستحسنة، لكن المشهد برمته كانت تخيّم عليه روح الإحترام تجاه شيئ نادر و قيّم لا يتيسر للناس كل يوم . ربما لأن هذا "العرض" ينهض بشكل أساسي على مبدأ الهشاشة الفانية التي لا تتكرر، وذلك بحكم أن العلامات المرسومة بالماء على صخر البلاط الحار تجف في دقائق معدودات و لا تترك " أثرا" . وقفنا وسط الحاضرين نرقب معهم هذا الإستعراض المسرحي العجيب في صمت تقطعه عبارات الإستحسان من وقت لأخر.أخرجت باتريسيا كاميرتها في تردد و التقطت صورا للمشهد. وسألنا أحد الحضور إن كان هذا "العرض" الذي يستخدم الكتابة بالماء على الأرض طرف من تقليد قديم في الخط الصيني أم هو مبادرة فردية حديثة اجترحها الخطاطان. رد علينا الرجل بمزيج من الصينية و الإنجليزية استنتجنا منها أنه لم يفهم مبتغانا. فجأة رأيت الشيخ الخطاط يقصدني و يمد لي فرشاته في عبارة صينية متحدية و ساخرة خمّنت أنها تعني: " هاك ورّينا البتقدر عليهو !".ضجّت الحلقة بالضحك و أظن ان بعض الحضور تبرّع بعبارات مشفقة من نوع "لكن الزول دا أجنبي! حرام عليكم! و مافيش لزوم للإحراج.. إلخ".أخذت الفرشاة و تفحصتها عن قرب: ذراع طويلة تقارب المتر ، هي أنبوب من الألمونيوم المغطى بالبلاستيك و في نهايته ثبتوا فرشاة مصنوعة من الإسفنج الصناعي و قد تمت تهيئتها في شكل مخروط دقيق الرأس. أشار علي "التلميذ" الصامت بأن أغمس الفرشاة في حوض البلاستيك القريب ففعلت و خاطري مشغول بنوع الصورة التي يمكن ان تستجيب لفرشاة الإسفنج و الألمونيوم. قالت باتريسيا ـ وفرشاة الإسفنج تشرشر عند قدمي و "الشيخ" الخطاط يرميني بنظرات فيهن من السخرية بقدر ما فيهن من الفضول من وراء هدبين أجعديين ـ
: " أعمل ليهم خط عربي!" .
خط عربي؟ و بمثل هذه الفرشاة العجيبة؟
لم يزعجني طول الفرشاة بقدر ما أزعجني رأسها الإسفنجي المدبّب.
ترددت ثم حاولت استعراض سلسلة من أحابيل ورشة الخط العربي التي شغلتني لفترة مع جمهور يجهل العربية.و عمل الورشة شيئ " عملي" [ يالها من عبارة! ] يتم في منطقة الأدوات و الحركات الجسدية التي لا تنفع معها اللغة الأدبية .استقر أمري على صورة "عصفور الخط"، و هي صورة بين أحابيل غرافيكية قديمة مجرّبة،تكمن كفاءتها التشكيلية في سرعة إنجازها التي تعينها على مباغتة الناظر بالإضافة لسهولة مقروئيتها البصرية.و فكرتها الأساسية في الإنزلاق التدريجي من معنى الكتابة الوظيفية لمعنى الصورة التشخيصية
Figurative
ذلك لأن الكتابة الأبجدية ما زالت تموّه تحت ظاهر العلامات التجريدية الإعتباطية جملة من الأنفاق و الدروب السرية التي تقود للصور التشخيصية التي ترُد الأبجدية لإصول إيضاحية [هيروغلوفية مصرية و إيديوغرافية أو بيكتوغرافية صينية
Idéogramme, Pictogramme[
ثم كانت هناك مشكلة هذه الفرشاة الغريبة. فخبرتي بالخط انبنت على عادات القلم الصلب الذي ينزلق على سطح المسند . قلم الخط العربي بهذا يفرض نوع حركى إنزلاقي، ينوّع القلم فيه من طبيعة و حجم العلامة حسب الطريقة التي يسوق بها الحبر أمامه[ أو يسحبه خلفه أو ينزل أو يصعد به]، بينما فرشاة الخط الصيني تفعل فعلها على منطق حركي مغاير، كون التنويع في طبيعة العلامة و حجمها يعتمد، من جهة، على الضغط الرأسي الذي يمارسه الخطاط على شعيرات الفرشاة الواقفة رأسيا على سطح المسند، كما يعتمد على نوعية الحركة الإنزلاقية الأفقية التي يكنس بها الخطاط مسطح المسند.و أظن ان الأدبيات التي تعالج علاقة الكاتب مع الفرشاة عند الصينيين تكاد تشكّل نوعا أدبيا قائما بذاته [ وهذه فولة تستحق مكيالا مستقلا يليق بمقامها] .
المهم يا زول، توكلت على الحي القيوم و دخلت الحلبة. بثلاث حركات سريعة متتالية: رسمت "خاء" كبيرة مستقلة هي بمثابة "الإطار"أو "القاعدة" التي ستنبني عليها بقية تراكيب لصورة ، ثم وضعت نقطة الخاء في إبط الزاوية بحيث أستفيد منها كعين للعصفور القادم.ثم عدت لأسفل نقطة البداية و رسمت " أصبع الطاء" نازلا نحو مركز الدائرة الكبيرة و استأنفت منه قوس التقويرة التي تقفل بيضة الطاء و تلتف راجعة نحو الميمنة بحيث يمنحني الحاصل شكل عصفور يفرد جناحيه. كان مقصدي معالجة رسم كلمة " خط " بالتحوير التدريجي لتصبح صورة للعصفور.في ورشة الخط أشرح للمتابعين طريقة الكتابة العربية من خلال كلمة من حرفين فيطمئن خاطرهم وينزلقون ، بلا خوف، في ارض الرسم.لكني هنا، في معية هؤلاء الصينيين الأماجد، بعيد عن مقام ورشة الخط.أنا على خشبة مسرح مرتجل بين ريبة الجمهور و فضول الممثل العجوز الذي أقحمني في عرضه الخاص.
ما أن خلصت من رسم العصفور حتى اتبعته بعصفور آخر هو في الحقيقة الجزء الثاني من تمرين ورشة الخط.و فكرته هي مغادرة حيز المقروئية النصوصية و تقعيد رسم الكلمة في مقروئية تشكيلية قوامها التشخيص. وعلى المستوى العملي يبدأ التكوين من نفس البداية لكنه يتوجه وجهة استكمال العناصر التشريحية لجسم العصفور.[ الرسم].
أكملت عصافيري و رددت للخطاط فرشاته "فبهت الذي كفر"،و ضحكنا كلنا و حيّيتهم و انصرفت و تركت ورائي كتابة عربية فانية ستجف و تختفي بعد دقائق.
سأعود يا محمد لموضوعة الرسم كـ "مشي" ـ نزهة ـ داخل فضاء المسند. و سأعود يا إيمان لموضوعة " الكتابة الضائعة" و أهلنا قالوا " مافي شي رايح"..
" مركز الخطوط " دا وين يا محسن؟ نوّرنا ينوبك ثواب.

..................
[1]
"..
أنا شاعر بلا قيد و لا شرط، لا أعرف الوزن و لا أجيد القافية
".." أنا الشاعر المجنون و هم الشعراء العقلاء لأني أطير يأجنحة غير أجنحتهم و أحلّق في فضاء غير فضائهم " [ الأمين علي مدني، أعراس و مآتم]
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

كتابة الماء1

مشاركة بواسطة حسن موسى »

صورة
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

فرشاة الإسفنج

مشاركة بواسطة حسن موسى »

صورة
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

عصفور الخط

مشاركة بواسطة حسن موسى »

ليس في حوزتي صورة للشيخ الخطاط الضاحك و لم تتمكن باتريسيا للأسف من إلتقاط صورة لعصافيري المائية على بلاط الحديقة. معليش و" الجايات أفضل من الرايحات" .و للتوضيح أنتقيت لكم "عصافير" مشابهة من ورشة للخط أقمتها العام الماضي بمدينة " غاياك" في جنوب غربي فرنسا .



صورة
صورة العضو الرمزية
ãÍãÏ ÚãÑ ÈÔÇÑÉ
مشاركات: 95
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 12:11 pm
مكان: Oxford,UK
اتصال:

مشاركة بواسطة ãÍãÏ ÚãÑ ÈÔÇÑÉ »

[/[align=left]A FEW DAYS AGO I went to see a Swiss guy and the drawings he brought back from Peru. His name is Alain
Alain uses drawings in very specific way:
to collect and pass on information. An example. He stays in an Indian village for a few weeks to learn about how they live,
and what happens between them and their environment. How they hunt
fish,
cultivate,
harvest,.
How they pray to the forest.
He makes drawings of each of these activities with the people concerned.
He askes them questions and he shows them how he draws their answers. They say:
It's not quite like that...
the bow is a little bit bigger,
the head is closer to the arrow...
Yes, now it's all right,
now it's like it is.
Some who at first didn't want to explain how things happened in their community became, in front of the the drawings, willing and excited. They couldn't stop adding observations to make the drawings more precise. Sometimes they would argue between themselves about how something should be drawn, just as they sometimes argue about how a given job should be done
It seems there isn't much difference between climbing a tree to collect the fruit and looking at a drawing of a man climbing a tree to collect fruit

"A DIALOGUE BETWEEN JOHN AND YVES BERGER"

PAGE 141
Ahmed Sid Ahmed
مشاركات: 900
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 3:49 pm

مشاركة بواسطة Ahmed Sid Ahmed »

يا حسن موسى ، كيف حالك.
أتابع بإهتمام هذا الخيط (الخط)! المنساب. أمتعتنى سردا ومضمونا قراءة الحكوة اللطيفة عن الرسامين الصينين
والتجربة التى أدخلاك فيها. أو بالأحرى أدخلا نفسيهما فيها.! وذلك عندما ألقى " موسى بعصاتهم " ! فابتلعت الخاء "" ثعابينهم المائية.! و بيضة أو نقطة الخاء التى فعلت السحر وأنجبت عصفورا .!

تذكرت يا حسن قصة ذلك الباحث الَذى جاب البلاد بطولها وعرضها يجمع الأمثال والحكم الشعبية. إلتقى فى أحدى البلدان بشيخ وجلس يسأله أن يزوده بما عنده من حكم وأمثال. فما كان من الشيخ إلا أن قال له :- " هسع إنت يا ها دى شغلتك ؟ صحى قالو " الفايق يهمز أَمو".!! فهلل الشاب الباحث فرحا ، وقال للشيخ :- " أهى زي دى الأنا كايس ليها. "!!!
دحين يا حسن يا خوي لو تذكر فى بوست " وقال لى أكتب " كنت قد سألتك بعد عودتك من الصين إن كنت قد تمكنت من عمل بعض الإسكتشات خاصة تلك التى بالألوان المائية؟ وما أجبت . وها أنت هنا تحدثنا عن الرسم ليس بالألوان المائية وإنما بالماء.!! ذلك السائل الشفاف الذى( لا لون له ولا طعم ولا رائحة ) ولكن له شكل.!! شفت كيف إنى ماكنت " فايق " لما سألتك ! وها أنا أهلل فرحا !

أذكر فى سنواتنا الأولى فى كلية الفنون كان قد زار الكلية رسام صينى لا أذكر تفاصيل وحيثيات ولا سبب الزيارة. ولكنى أذكر أدواته المكونة من ذلك العدد المهول من الفرش المدببة بأحجامها المختلفة "وقارورة الحبر الأسود ورزمة من الأوراق البيضاء. كان يرسم الحصين فقط، (من الزاكرة) . فى لحظات سراع كان يرسم الصورة تلو الصورة للحصان أو الحصين، فى حركات وزوايا مختلفة . معظمها "بجرة فرشة ".! كم أثارت دهشتنا . وزع علينا الفرش والأوراق ودعانا لسباق الفروسية.! كنا وقتها نقضى آخر النهار حتى قبيل غروب الشمس فى أسطبلات" إشلاق البوليس بالخرطوم غرب نتدرب على رسم الحصين، نترحل من ظل إلى ظل، وأحيانا يرحل عنا الحصان المستهدف تاركا لنا فى " الصقيعة ".! ولم تخلو تلك التجربة من مواقف طريفة.! وأيضا صاحبت تجربة الرسم مع الرسام الصينى مواقف طريفة ومثيرة للضحك. فما إستطعنا سيطرة على فرشه ولا على فرسه.! وخالجنا بعض الشعور بالفشل، ولكنه زال بعد أن طلبنا منه أن يرسم شيئا آخر غير الحصان. ولا أستطيع أن أ قول " فبهت الذى شنو ما عارف..!" لأنه أجاب باسما فى هدوء وسكينة أنه يرسم الحصين فقط.! كانت حصيننا التعبانة ذات الخطوط المترددة فيها من الروح قدر معقول. أما هو والبرغم من مهارته التى جعلتنا نفغر أفواهننا دهشة فقد إنتهى فى نظرنا بأنه " ترزى بتاع حصين " .!! والآن يا حسن ب " ريفليكشن " أرى حصينه التى لا تشبه حصين الواقع أو حصين الناس الواقعة، أراها خطوط! دون أن أقرأها حصين.! هل نظرنا إليها وقتها كخطوط جميلة أم حصينا مدهشة.؟
يعجبنى تفكيرك المسموع / المكتوب يا حسن، فواصل بدون فواصل. وشكرا لك على إشراكننا تفاكيرك.
آخر تعديل بواسطة Ahmed Sid Ahmed في الجمعة نوفمبر 04, 2011 1:49 am، تم التعديل مرة واحدة.
أضف رد جديد