كتلة ضوئية :الأستاذ محمود محمد طه 1

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
عبد الماجد محمد عبد الماجد
مشاركات: 1655
اشترك في: الجمعة يونيو 10, 2005 7:28 am
مكان: LONDON
اتصال:

كتلة ضوئية :الأستاذ محمود محمد طه 1

مشاركة بواسطة عبد الماجد محمد عبد الماجد »

(1)
خير لمن بلغ خريف العمر أن يسجل بعض وقائع حياته كتابة ولو كانت هذه الوقائع قصيرة أو عابرة لأن العبرة منها ستبقى ولأن النقل الشفهي من جيل لجيل لا بد له من أن ينطوي على تحريف ليس بحتمي أن يكون مقصودا ولكن تفاوت الناس في فهم ما يسمعون يجعلهم يضعونه في قوالب لفظية تحمله ما ليس فيه أو تنقص منه نقصا مخلا. هذا ما دفع بي لتسجيل هذه الواقعة. وأرى أن يسارع كل امرؤ بتسجيل ما لديه قبل فوات الأوان. فمن العيب أن نستمر في تعقب (تلقيط) تاريخنا من شفاه العجائز وكان ذلك جائزا في ما مضى إذ لم يكن من سبيل غيره.


كنت قرأت له بشغف وإعجاب كل ما وقع على يدي مما كتب وبعضا مما كتب تلامذته وأتباعه المخلصون. وكان يشدني إليهم سلوك شخصي راق ونظام حياة دقيق لا سبيل فيه للفوضى والعفوية مما امتازوا به على الكثيرين ، وترعرعت بيننا صداقات لم يكتب لها الاستمرار بسبب ظروف الحياة ولكن بقيت ذكريات قوية سدتها أصالة الفكر ولحمتها صدق النوايا (نعم أحسن بهم الظن على غير ما هو عليه الحال مع الساسة المحض).

وبدون الخوض في تقييمي الخاص للتجربة المحمودية وأبعادها الفلسفية ومناهل استسقائها - كما بدا لي آنئذ – أورد ( تذكرا) حوارا دار بيني وبين الأستاذ محمود محمد طه لما قصدته في بيته بالثورة أستحلي رأيه في جانب لا استصوبه في فكره: كان يرتابني شك شديد في أن دعوة الأستاذ محمود ستلتزم بالنضال السلمي وأن طرحها كان مؤقتا وأنها ستلجأ للعنف يوما ما أو يضطرها إليه آخرون (الفكر المضاد الذي يتبناه الطرفان القصيان(وكنت آنئذ من غلاة التغيير بالعنف، وقد أدعو إليه متى ما استقر في ذهني أن جهة ما تأتمر على وحدة السودان)).بمعنى أنه حتى لو سلمت بخطأ قراءتي لاستراتيجية الدعوة الجمهورية وافترضت صدقها في تبني الحوار السلمي, فهذا لا يستتبعه حتما أن لا يجرجره الآخرون للمنطق الذي كان يعيبه عليهم. سيدير لهم خده الأيمن وهو عيسوية لا ينكرها محمود بل يتبناها برغم أنه يصرح كثيرا بأن البشرية لم تطقها مما حتم استبدالها بموسوية السن بالسن والعين بالعين التي لم تطقها البشرية أيضا فارتأت السماء – وفق فهمي لما قرأت – أن تضمن الرسالتين في رسالة واحدة ذات مستويين(الإسلام في صورته الأخيرة). وطبقا لهذا التقسيم كان التشريع على مستويين: الاختيار بين العفو والتسامح من جهة وبين القصاص أو الرد بالمثل من جهة.هذا على مستوى القانون الجنائي وهو أمر يكاد يتفق عليه غالبية البشر على مر العصور، أي: أن العفو والصلح هما أفضل الخيارات مع شك شديد في تقبل طبيعة الإنسان لخيار العفو بخاصة لما يبلغ الغبن الجماعي الحناجر. ولكن بدا لي أن الأستاذ محمود محمد طه في سعيه لإعادة تنشئة الناس وتربيتهم على أساس التأسي بالمستوى الأول لن يفلح في إعادة خلق الإنسان بالتربية وحدها طالما أن طبيعة البشر ظلت – باتفاق النقيضين (اللاهوت والناسوت) – تؤكد على أن الصراع بين الناس كان ولا زال وسيظل قائما (سواء أسميته صراعا أو سنة لله في الأرض ).

وإذا كان الصراع قانونا حتميا أو سنة قرنتها السماء بوجود النوع البشري (حقيقة القانون أعم وينطبق على جميع أنماط النشاط الحي) فبالإمكان أن نتفق مع من يعتقد في حتمية الصراع أو نختلف معه في كيفية استغلال هذا القانون أو توجيهه بطريقة ما يستفاد منها في تغيير مستويات الحياة على الأرض، أما إلغاؤه فهو محال لا يستعصي على المخيلة اللاعلمية (الخيال العلمي لا يغير قوانين الطبيعة ولكنه يغير أوجه النشاط المعهود بمحاولة تصور إيجاد علاقات جديدة بين قوانين الطبيعة السائرة:أي بإمكان الخيال العلمي تجريب تداخل معطيات طبيعية لم تتحقق في الماضي (أي في ذاكرة البشر) برغم أن هذا التداخل موجود بالقوة على الدوام. وهكذا يعتبر كل إنجاز حققه الإنسان (وفي أي من الحقول : فيزياء أو اجتماع أو غيره) هو نتيجة خيال علمي أخرج شيئا من حيز القوة لحيز الفعل. وبعضهم يكرر التجربة (يعيد الانقلاب العسكري مثلا). قصدت أن أقول حتى الانقلابات البغيضة ترتكز على علمية تنهض فيها جهة في تجميع خصائص موجودة بطريقة قد تكون معهودة (بليدة) أو جديدة (ماكرة) لتوليد نوع من أنواع القوة (الطاقة) لاستخدامه في تغيير واقع حالي ويقيم المحصلة بمدى الفائدة والمنفعة أو شموليتهما (وهو مبحث: منفعة من؟ وما هو تعريفها، ومتى تكون رزقا ومتى تكون كسبا (يلح عليّ رأي ابن خلدون في الفرق بين الكسب والرزق)…الخ قائمة الأسئلة ).

لم أستطع ابتلاع الفكرة القاضية بأن الصراع بين الطبقات يمكن أن تنتهي أو أنه قد دنا ظرف انتهائها. صارت غصة في الحلق تحول بيني وبين مجرد شم رائحة البهار في صحن محمود الطازج واشتهاء يوم يتساوى فيه الناس في جل الأوجه ويصير لهم نظام عادل ينبثق مما نما معهم ونموا عليه وليس بمستورد أو مرقع: ربا الأمل وانتعش وسط جحافل من الشباب المسلم (وغير المسلم) في فتح باب لا ينتهي عند بائعي الصحائف الصفراء ممن يفترش للزبائن جوالات الخيش في ميدان ابو جنزير يعرضون فيها ورقا وعروقا (جذور) وبعض قوارير كلها تعالج وتطبب وتجلب الحظ وتطرد النحس وتزيل البؤس وكيف لا وفي هوامشها أسماء أعلام من الشيوخ والسادة 0جالينوس والشيخ الرئيس وطاليس وبعض من أفلت من قماقم سليمان !!!!: استطال الخرف وعم الظلام. ولكن شمعة توقدت ذاتيا في رفاعة. وظهر للناس في الحلم محمود:

"كأن كتلة ضوئية قدمت من عالم الغد لتخترق الزمن عكسا وتحط في سرة الزمن الغابر المدلهم " كانت إضاءة حقا ولكنها محض حلم جميل أو شطط خيال.

لم أر طريقا وسطا بين ما ذهب إليه الإسلام النقي (موجود بالقوة وحاول محمود تحقيقه في عالم الواقع… وهو مشروع قائم يمكن أن يستفاد به من الفكر الجمهوري ولكن لا يمكن أن يبنى عليه لأسباب منها ما أورد هنا ) وبين ما ذهبت إليه الماركسية (وهي أيضا مشروع قائم ولكن للاستفادة وليس للتكرار) .

الشرائع السماوية تحاول تخفيف حدة الصراع ( قيم العفو والزكاة والتصدق وإغاثة الملهوف …الخ) أما المادية في مظهرها الماركسي تعتمد تصعيد حدة الصراع للوصول لمجتمع خلو من الاحتياجات التي تولدت عنها مفردات التهدئة والتخفيف (قيم العفو والزكاة والتصدق وإغاثة….الخ (كأن هذه القيم إفراز أخلاقي لمعطيات مجتمع الطبقة؟!)).

زاد من ارتيابي أن محمودا كان ذا ذكاء شديد وذاكرة أشد وأقوي وبقدر لا يسمح له بالوقوع في هذه الحفيرة (ولا أقول هوّة وهو وصف يناسب ما سيترتب في الجانب العملي من خطة محمود (هي خطة في نظري وفوق ذلك سياسية : تكتيك شائع ويتكرر عند الساسة أما على مستوى الفكر النظري والتمهيد لإرساء قواعد لمجتمع جديد فهو أمر يجافي العلم والمنطق: "الوقعة متعمّدة، إذن"؛ قالت نفسي و:"هو كالآخرين يظهر ويبطن …الخ.") وقطعا للشك والوسواس اتجهت لمقابلة الأستاذ في بيته وكان بصحبتي ابن خالة لي (نهائي بيطرة) متصوف و"غرقان" تائه ولكنه ثاقب الفكر ولا يدلى برأي إلا قليلا وكنت أعرف أنه لا يريد أن يدلى عن محمود بكلمة عدا بعض ابتسامة لا تتعدى الثغر والعينين لما يذكر الأستاذ.


رحب بي الأستاذ– كعادته وهش أكثر لما قدمني له أصدقاء جمهوريون (لعله كان يعلم أني صديق منهم وأنهم كانوا يبتدرون بزيارتي في المناسبات الخاصة وأحيانا من أجل الحوار واقتربت المسافة بيننا كثيرا فتأثرت بفكرهم في جانب العبادة (الجانب التصوفي الشخصي)، غير أني لم اقتنع أبدا بأن بوسع الطرح الفلسفي المحمود أن يساعد في تحقيق الغايات الجماهيرية المعلنة. ( آمل أن أتوسع في تدوينها إيمانا مني بأن التركة المحمودية لا يمكن أن يستغنى عنها مستقبلا شريطة أن تنتقد وتراجع ويحذف منها مبحث فلسفة الوجود برمته …وأن يسودن الكثير منها ويؤفرق بقدر يتصالح ولا يصطدم مع التراث البشري بغض النظر عن الخلفيات الجغرافية والتاريخية والإثنية وبلا ميل (وفي المصطلح الجمهوري بعض ميل وبه متعارضات عجيبة كأن يوغل في تفصيل مقولة مشرقية تمهيدا لتحقيق علاقات اجتماعية واقتصادية متأصلة في قطب آخر مضاد أو مجابه ).

لعلكَِ قارئي/قارئتي سئمتَِ هذه الاستطراد، فالمعذرة. وأدخل في الحوار الذي دار بيني وبين الأستاذ محمود وأنا مطمئن في أني أنقل العبارات بصورة لا تخرج في المعنى عما دار ولا أطمئن للتذكر الدقيق للألفاظ لأن ذلك يستحيل نقله من الذاكرة بعد عقود ثلاثة:


عبدالماجد محمد:

أستاذنا محمود، أنت تقول أن ماركس قد أخطأ لما اعتمد قانون الصراع وأن خطأه يكمن في أنه نظر في تاريخ البشرية فوجده مبنيا على الصراع ويتولد منه، وهو في نظري لم يخطئ لأنه بنى نظريته على واقع، أما أنت – أستاذنا – فأراك تستغني عن هذا القانون وتستبدله بالدعوة السلمية - أي تستغني عما يرتبط جوهريا بالاقتصاد ومن ثم بالاجتماع الخ- وهكذا تكون نسجت قانونا في رأسك وبنيته على تصور ذهني بحت منفصل عن تجربة الإنسانية. أعتقد أن موقف ماركس أفضل من موقفك لأنه بنى على تجربه وأنت بنيت على تصور ذهني لم تفترضه إلا على فعل الخيال المحض، فما رأيك؟


الأستاذ محمود:

سؤال جيد يا ابننا عبدالماجد والرد أن ما بنى عليه ماركس كان صحيحا في وقته ولكنه لا يصح الآن لأن هذا القانون إن لم يزل فهو في طريقه للزوال وخاصة بعد التنافس في صنع الأسلحة الفتاكة وإنه بعد هيروشيما وامتلاك الدول ٍأسلحة نووية رادعة لن يستطع أحد بعد اليوم أن يوجه ضربة للآخر. إذن سيضطر الناس للحوار السلمي والدعوة بالتي هي أحسن. أليس كذلك؟


عبدالماجد محمد:

من قولك هذا أستطيع أن أحكم على الفضيلة التي تسعي لنشرها بأنها فضيلة زائفة طالما هي نتجت عن خوف الناس من بعضهم البعض، هي لم تنبت من القلب إذن


الأستاذ محمود: حتى وإن بنيت على الخوف نتيجة التوازن العسكري فإنها لا تلبث أن تتحول إلى عادة تتأصل في الناس


عبدالماجد محمد:

كويس (ولكني قلت في نفسي :" تتأصل في الناس بالوراثة …هذا ما وجدنا عليه آباءنا !!) واستدرت لسؤال آخر:


عبدالماجد محمد:

طيب يا أستاذنا، إذا سلمنا بأن دعوتك سلمية وأن هذه السلمية عندك مبدأ أساسي، فهل هذا يضمن لك بأن لا يبتدرك الآخرون بالعداء؟ ما ستفعل لو استخدم معك الأخوان المسلمون – مثلا - أو الشيوعيون طريق العنف وجرجروك للحرب؟ هل ستدير لهم خدك الأيسر؟


الأستاذ محمود:

في اليوم داك " حاقلّم أظافرهم.


عبدالماجد: إذن أنت تعد العدة لذلك اليوم.


ولا أذكر ما دار بعد ذلك ولكني ثبت لي – أن دعوة السلمية كانت مرحلية فقط وأنه سيتجه للعنف لاحقا.


وبرغم ذلك استمر إعجابي بالرجل وتثميني محاولته فتح باب أوصد وكنت آمل أن يتجدد هذا الفكر (يتطور) بحذف وإضافات.


وغبت عن السودان فترة طويلة وقبل عامين زرت دار الاخوة الجمهوريين مع أخ حبيب وفي لأستاذه فأسفت لما سمعت الترانيم والمدائح والبكائيات: لعل الآلاف من بني وطني المغبونين بحق وحقيقة ينشدون الرجعة. ولم أجد متسعا لأناقشهم لضيق وقتي ولاعتقادي أنهم ربما آثروا التحوط بالتقية مرحليا. وأهم من ذلك يعجبني احتفاظ الناس بمشاعر المرارة والغبن. هذا الاحتفاظ وحده هو ضمانة استمرارية الجذوة التي ستنطلق منها ثورة جديدةً مقاصد وطرائق


عبدالماجد محمد
المطرودة ملحوقة والصابرات روابح لو كان يجن قُمّاح
والبصيرةْ قُبِّال اليصر توَدِّيك للصاح
صورة العضو الرمزية
Elnour Hamad
مشاركات: 762
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:18 pm
مكان: ولاية نيويورك

مشاركة بواسطة Elnour Hamad »

الأخ عبد الماجد
تحية ومحبة
شكرا على طرقك لهذا الشأن الهام. وقبل أن أجد فسحة من الوقت لكي أعود إلى خيطك هذا، لي سؤال أرجو أن تتفضل بالرد عليه. والسؤال هو: هل تكتب أسئلتك التي تقدمت بها للأستاذ محمود وأجوبته لك من ذاكرتك، أم أن هذا نقل من تسجيل صوتي. سبب السؤال هو قولك بأنك فهمت أن الأستاذ محمود لا يستبعد استخدام العنف إن اضطرته إليه الظروف. وأرجو ألا أكون قد أسأت فهم عباراتك واستنتاجك الذي تضمنته. فعبارة "سأقلم أظافرهم" ربما عنت أنه سوف يتمكن من نزع فتيل العنف من هذه القوى، أي أنه سوف يستبق عنفهم المحتمل ضده بترويضهم عن طريق الفكر والحوار وعن طريق خلق الرأي العام الرافض لأساليب العنف. بمعنى آخر، "سأقلم أظافرهم" ربما لم يقصد بها العنف بهم، وإنما قصد بها جعلهم "بلا أظافر" يمكن أن يعنفوا بها.

صحبت الأستاذ محمود قرابة الخمسة عشر عاما، ولم أحس يوما أنه كان يعد العدة لمواجهة العنف بالعنف. وبطبيعة الحال فإن العنف قد طال الأستاذ محمود في نهاية الأمر، ولم يقم في المجتمع السوداني حتى يناير 1985 رأيا عاما مستحصدا يملك القدرة العملية على أن يقف حائلا دون العنف بالمفكرين.

أردت فقط تمحيص الإستنتاج الذي خرجت به. وبغيتي هي أن يكون الإستنتاج مدعوما بالحقائق التاريخية، وبالنصوص المكتوبة، لا غير. وشكرا لك مرة أخرة بتفضلك بطرق سيرة الأستاذ محمود وفكره.
((يجب مقاومة ما تفرضه الدولة من عقيدة دينية، أو ميتافيزيقيا، بحد السيف، إن لزم الأمر ... يجب أن نقاتل من أجل التنوع، إن كان علينا أن نقاتل ... إن التماثل النمطي، كئيب كآبة بيضة منحوتة.)) .. لورنس دوريل ـ رباعية الإسكندرية (الجزء الثاني ـ "بلتازار")
عبد الماجد محمد عبد الماجد
مشاركات: 1655
اشترك في: الجمعة يونيو 10, 2005 7:28 am
مكان: LONDON
اتصال:

مشاركة بواسطة عبد الماجد محمد عبد الماجد »

الأخ الكريم النور حمد
لك الود والتقدير
حقيقة لم أكتب الأسئلة ولم أسجل الأجوبة كتابة: كل ما أوردته هنا اعتمادا على الذاكرة فقط وعليه يكون كل ما جئت به من قبيل " خبر الواحد، هل يحتج به أم لا؟" (وفيه مسائل)
أما في ما يختص بفهمي لاستخدام العنف فقد كان مبنيا على فهمي وفهم محمود نفسه لطبيعة البشر (هو يقر بأن العنف اصطحب الناس زمنا وأن قراءة ماركس كانت صحيحة في ما يختص بالماضي والماضي فقط). لكني أخالفه بقبول مقولة انتهاء عهد العنف. وساورني الشك في موقفه هذا . ولهذا قصدت التقاءه. وهناك وجدت – أو بدا لي – أن شكي كان في موضعه ومنه مسألة تقليم الأظافر التي لك فيها قراءة مختلفة كما أوردت في مداخلتك:


"....فعبارة "سأقلم أظافرهم" ربما عنت أنه سوف يتمكن من نزع فتيل العنف من هذه القوى، أي أنه سوف يستبق عنفهم المحتمل ضده بترويضهم عن طريق الفكر والحوار وعن طريق خلق الرأي العام الرافض لأساليب العنف. بمعنى آخر، "سأقلم أظافرهم" ربما لم يقصد بها العنف بهم، وإنما قصد بها جعلهم "بلا أظافر" يمكن أن يعنفوا بها" (النور حمد)

. قراءتك هذه لها وجه ربما هو ما قصده الأستاذ محمود ، ولكن هذا المعنى لم يرد علي ذهني آنئذ.
ولذلك لا بد من تقليب الأمر على الوجهين للانطلاق في تطوير الفكر الجمهوري وهو أمر ضروري ويكون على الجمهوريين بالتحديد فرضا.
وأستطيع أن أتنبأ اليوم (في هذه اللحظة) وبأن الفكر الجمهوري سيتفرع منه اتجاهان مختلفان. ومنشأ الاختلاف سيكون بسبب اختلاف القراءتين (بالطبع هناك خيوط أخرى نأمل أن تطرق)، هذا إذا استطاع الفكر الجمهوري النهوض للإسهام في تغيير وجه المجتمع سياسيا واقتصاديا.
وإن لم يستطع النهوض في أمر السياسة فإن هذا الفكر سيبقى في صورة طريقة صوفية جديدة قد تتمدد كما تتمدد حبال البطيخ وتضرب في أقطار بعيدة، وقد ينتهي إلى دين آخر
.
المطرودة ملحوقة والصابرات روابح لو كان يجن قُمّاح
والبصيرةْ قُبِّال اليصر توَدِّيك للصاح
صورة العضو الرمزية
Elnour Hamad
مشاركات: 762
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:18 pm
مكان: ولاية نيويورك

مشاركة بواسطة Elnour Hamad »

شكرا الأخ عبد الماجد

في البدء، أشكر لك كونك أعطيت اعتبارا للتفسير الذي أوردته أنا لما سمعته أنت من الأستاذ محمود. أنا ممن يأخذون بـ "أحاديث الآحاد" ولذلك فإنني لم أشكك في رواية ما نقلته أنت عن الأستاذ. كل ما في الأمر أردت أن أعرف الكيفية التي وفقها تم نقل المقولة، أو المعلومة عن الأستاذ محمود. يضاف إلى ما تقدم، فإنني أقرأ االروايات مستصحبا النصوص الأخرى المستفيضة الواردة في الآثار المكتوبة للأستاذ محمود محمد طه. كما أنني أستصحب أيضا تجربتي في ملازمة الأستاذ محمود لفترة خمسة عشر عاما.

عموما أشكرك على إثارة هذا الموضوع الهام. وأتفق معك علي ضرورة إعادة قراءة الأستاذ محمود على ضوء ما استجد في العقدين الأخيرين من أمور غير مسبوقة. فاحتمال أن ينتهي فكر الأستاذ على أيدينا، نحن تلاميذه، إلى مجرد طريقة صوفية جديدة وارد تماما. أسوأ من ذلك!! بل حتى إلى جماعة سلفية، أو نِحْلة ذات تصورات منغلقة ومعزولة عن نبض الواقع، أمر ممكن جدا، وقد بدأت بوادره تبدو.

هناك حوار يجري الآن وسطنا، نحن تلاميذ الأستاذ محمود محمد طه. وما من شك أنه سوف يخرج إلى النطاقات الأوسع قريب جدا.

جوهر ما جاء به ماركس حول أنه لا مجال لتحقيق حالة انسانية إلا بعد تجاوز الحالة الرأسمالية، لا يزال قائما كما هو. فلماركس رجعة، وللأستاذ محمود محمد طه رجعة أيضا، ولكن شرط هذه الرجعة لكليهما ولمن يشاركونهم "هم الحالة الإنسانية المقبلة"، هو قدرتنا نحن جميعا على "التوليف" الذي يتخطي ثنائيات حقبة الحداثة من شاكلة "مثالي" و"علمي"، و"تقدمي" و"رجعي" وما شابه. ولا أخفي عليك، فإنني أنظر بكثير من الشك في إحتمال أن تحدث التغييرات المستقبلية عن طريق العنف. ولربما أكون أكثر ميلا إلى نهج الإصلاح الوئيد باستخدام وسائل الضغط المختلفة ورفع وعي المظلومين بالظلم الواقع عليهم. المظلومون في الولايات المتحدة يدافعون عن النظام القائم، بل وعن حروبه الخارجية!! استطاعت الآلة الإعلامية الرأسمالية أن تجعل من المقهورين والمهمشين يؤمنون بأن الحالة القائمة الآن إنما تمثل دفاعا عن أمنهم الشخصي!! "ولا صوت يعلو فوق صوت المعركة" !! وكتر خير بن لادن ورهطه الذين أعطوا النظام الرأسمالي في نسخته الأمريكية ـ وهي الأبشع ـ عمرا جديدا.

العنف هو خيار الأقلية، وهذا ما أشار إليه الأستاذ محمود محمد طه، وليس خيار الأكثرية. وأي تغيير تقوم به أقلية ـ وأعني هنا تغيير نخبوي ـ سيواجه مصاعب أساسية، أقلها عدم الديمومة وعدم الإطراد. هذا إن كان لا يزال القيام بمثل هذا العمل ممكنا في الأساس.

هذه عجالة تيسرت لي. أسمع منك،
وأعود.
((يجب مقاومة ما تفرضه الدولة من عقيدة دينية، أو ميتافيزيقيا، بحد السيف، إن لزم الأمر ... يجب أن نقاتل من أجل التنوع، إن كان علينا أن نقاتل ... إن التماثل النمطي، كئيب كآبة بيضة منحوتة.)) .. لورنس دوريل ـ رباعية الإسكندرية (الجزء الثاني ـ "بلتازار")
عبد الماجد محمد عبد الماجد
مشاركات: 1655
اشترك في: الجمعة يونيو 10, 2005 7:28 am
مكان: LONDON
اتصال:

مشاركة بواسطة عبد الماجد محمد عبد الماجد »

الأخ النور حمد

إني لجدّ سعيد وسأزداد سعادة كلما اجتمع ثلاثة (او اثنان أوحتى واحد/واحدة) لمراجعة أفكارهم وتنقيحها وتغذيتها ........ وإن كان فينا من سكن في التاريخ واستوطن في قباب الماضي وما صلّى في محاريبها ولم يع أبجديات قاموسها فضلا عن أنه خرج عن مولد اليوم بلا حمص ّّّ!!!! عبدة العمائم و......القفاطين وليهم يوم (سأفتح بوستات أخرى . ولكنهم يكرهون الحرف مكتوبا ويتحاشون .....!!!)
هناك حوار يجري الآن وسطنا، نحن تلاميذ الأستاذ محمود محمد طه. وما من شك أنه سوف يخرج إلى النطاقات الأوسع قريب جدا.
المطرودة ملحوقة والصابرات روابح لو كان يجن قُمّاح
والبصيرةْ قُبِّال اليصر توَدِّيك للصاح
أضف رد جديد