فيما ما يزال صوت زيدان يسري في شراييني

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
عادل القصاص
مشاركات: 1539
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 4:57 pm

فيما ما يزال صوت زيدان يسري في شراييني

مشاركة بواسطة عادل القصاص »

(دَمْعَنة)

هذا النَّصُّ عبارة عن إعادة إنتاج كتابية لبعض وقائع وردت خلال حوارات، للدقة ونسات لي مع الصديق يوسف درع عن علاقته بزيدان ابراهيم. كان يوسف درع، المعروف أحياناً بـ"يوسف القِصيِّر" أو "يوسف الصغيِّر"، يعمل سبَّاكاً في السودان، ويمارس الغناء في نطاق جدّ محدود. عقب قدومه إلى أستراليا، واصل امتهان السِّباكة في مدينة ملبورن. كما عُرِفَ أيضاً بمساهماته الغنائية في عدد من مناسبات الجالية السودانية في المدينة، أحياناً في غيرها من المدن الأسترالية. له منِّي، لأجل زيدان، دمعة ودندنة.



سِنَّار، المبتدأ
بعد أن لفظت مؤخرتي مقاعد الدراسة بإحدى مدارس سِنَّارالابتدائية، عملتُ "صبي محل" لدى صائغ مشهور بسوق سنَّار. كان معلِّمي الصائغ – إلى جانب براعته في مهنته – حاذقاً في العشق أيضاً. وعلي الرغم من أنَّ الحظَّ بخُلَ عليّ برؤية عشيقتة، إلَّا أنني كنت أتعرَّف على حضورها من خلال البهاء الفريد الذي كان يجلو وجهه إذ تعانق أذنيه، عبرالسمَّاعة السوداء السميكة لهاتف المحل، صوت العشيقة. ياطالما شاركت معلِّمي في حبِّ تلك الحبيبة لا لشئ إلَّا لأنَّ الصائغ كثيراً ما كان يهيئ وجدانه، بنوع خاص من الوضوء، يتمثَّلُ في تشغيل شريط كاسيت لزيدان إبراهيم قبل المُهامَسة الهاتفية معها. ثمَّ ما تلبث عقيرة زيدان أن تتحوَّل إلى خلفية رقراقة وخافتة قليلاً أثناء المُهامَسة، فإلى نسائم، عطورٍ وأضواء راقصة بعدها.

كان من اللافت كذلك أن معلِّمي الصائغ كثيراً ما أفسح السماعة لأذنيْ حبيبته كي تتمرَّغا في صوت زيدان، دونما إشرافٍ من فمه أو مزاحمةٍ من أُذُنيه.
لقد كان معلِّمي عاشقاً حاذقاً، كما كان صائغاً بارعاً.

ألآن أُفكِّرُ في أنه ما كان من الممكن أن يصير هكذا – في الحقلين – بغيرما معونةٍ جليلةٍ من أغاني زيدان.

الشِّقْلة، خبرٌ أوَّل
خلال احدى سنوات النصف الثاني من ثمانينيات القرن الفائت، ذهبتُ لزيارة أقرباء لي في الشِّقْلة، التي كانت وقتها ضمن الأحياء التي يُطلَقُ عليها مصطلح "السكن العشوائي". أمُّونة، إحدى قريباتي هناك، كانت ملمَّةً بإعجابي بزيدان إبراهيم. فأرادت أن تعطِّر حفاوتها بزيارتي بمفاجأة – وقد كان لها ذلك:

- يوسف، إنت عارف إنُّو زيدان إبراهيم حيجي يسكن جنبنا هنا؟
- زيدان منو؟!
- زيدان إبرهيم
- تقصدي زيدان إبراهيم الفنان؟
- أيوه زيدان إبراهيم الفنان
- ويسكن وين؟
- في البيت الجنبنا ده...يعني حيكون جارنا طوَّالي
- إنتِ خرَّفتي ولا شنو يا أمونة؟ شنو البخلِّي زيدان بجلالة قدرو يخلِّي العباسية ويجي جنبكم بيجاي؟
- إنت ما عارف إنُّو بيتو بتاع العباسية بيت إيجار..وصاحب البيت رافع فيهو قضية عشان يطلِّعو؟
- أيوه عارف...لكن حتى لو طلع من البيت داك، شنو البخليهو يجي هنا؟
- ومالها "هنا"؟
- لا، العفو يا أمُّونة...بس يعني الحتَّة دي ما مخطَّطة وما فيها مواسير مويه اتوصّّلت وما فيها خدمات أساسية تانية كتيرة...يعني هسَّه إنتي ذاتك يا أمُّونة كان لقيتي سكن في المايقوما أو الحاج يوسف المخطَّطة ديك وبي مواسيرها – مع إنها ناشفة من عدم الموية – مش أحسن ليك من "الحتة أم حجَّاً للصهريج دي"؟...ده شي، والشي التاني أنا البتقولي ده زاتو ماداخل لي في راسي وبفتكرو إشاعة ساكت أو في واحد تاني إسمو زيدان، أو زيدان إبرهيم تاني، باني البيت ده وحيجي يسكن فيهو...يعني مافي زول تاني إسمو زيدان إبرهيم إلَّا زيدان إبراهيم؟
- زيدان تاني شنو يا يوسف؟ يا هو زيدان إبراهيم الواحد ده... وأنا شفتو، وكمان قابلتو، أكتر من مرة لمَّن كان بيجي يتفقَّد بيتو ده! وكان مكضَّبني أمشي أسأل محمد زيدان!
- محمد منو؟
- محمد زيدان، الزول الهسَّه ساكن في بيت زيدان
- وده ولدو كمان؟
- ياخي ولدو شنو؟ دا واحد معجب بي زيدان ومقعِّدو حارس ليهو البيت لحدِّي ما يرحل
- واسمو محمد زيدان... والله صدفة عجيبة!
- ولا صدفة ولاحاجة...نحنا ناس الحلة السمّيناه محمد زيدان عشان ساكن في بيت زيدان...وكمان ما كنا عارفين إسم أبوه...وبيني بينك، ما كنا محتاجين نعرف ليهو إسِم أبو...وحتى لو كنا عارفين أبوه، برضو حنقوليهو محمد زيدان
- والله تمام...كان كده حأمشي أزوره بعد شوَّيتين...وأخش بيت زيدان للدنيا والزمان!

وبالطبع لم أنتظر حتى تمضي الشوَّيتين ولا حتى شويَّة واحدة. كان بيتاً ذا مساحةٍ واسعة (قُلِّصَتْ فيما بعد، عقب مجئ التخطيط العمراني للمنطقة) وقد شُيِّدَت جدرانه بالطوب الأحمر، بينما عُرِشَت غُرَفه بالزنك. غير أن فتحات نوافذه كانت خاليةٍ من النوافذ وقد غُطَّت بقطعٍ من الخيش. تلقَّفني محمد زيدان بحرارة. وبعد أن غمرني بآيات الترحيب، لم يستطع التحكُّم في شغفه بإسماعي بعضاً من أدآته العنيدة لأغاني زيدان بالإضافة إلى محاولاته المستميتة في العزف على العود. وفيما تواترت زياراتي إليه بعد ذلك – آملا طبعاً في مصادفةٍ تجمعني بزيدان – تحوَّلتْ زياراتي إلى بيت أمُّونة إلى شبه غشوات.

للإعراب
فيما كان الصادق المهدي مهموماً بالتنقيب عن رفاة عمَّه الهادي ونقلها إلى ما ينبغي أن يكون محلَّاً لردِّ الاعتبار، كان الأمر القضائي المحتوم بإخلاء منزل العباسيَّة ينهشُ روح زيدان إبراهيم.

الشِّقْلة، خبرٌ ثان
في المرة الوحيدة التي حاولتُ فيها أن أحضَّ قدميَّ على شئٍ من الديموقراطية، بالذهاب إلى بيت أمُّونة أوَّلاً، هتفتْ الأخيرة في وجهي بوجهٍ مُفعمٍ بالبشارة:

- زيدان رحل يايوسف...جاب أمُّو، أم الحسين، وجاب عفشو وجا!

وبعد دقائق، بعثتْ أمُّونة بإبنها إلى صالون زيدان حاملاً إليَّ طاقيَّتي، حلقة من المفاتيح ونظَّارتي الشمسية؛ كما لفتْ انتباهي إلى مزقةٍ في كُمِّ قميصي تسبَّب فيها نتوء في الباب الخارجي لبيت أمُّونة.

الشِّقْلة، خبرٌ ثالث
خلال زيارة تالية اليه، سألني زيدان:

- إنت شغّاَل شنو يايوسف؟
- سبَّاك
- ياسلام! إنت كان كدا ما وقعت لي في جرح!...تعرف، الخرطوش الأسود التخين بتاع ماسورة الحوش مقطوع أو ما موصَّل كويس...ولمَّا المويه تجي بالليل بنصبح نلقى الواطة كلها مبلولة...تقدر تعمل ليهو حاجة؟
- أيوه، طبعا يا أستاذ..ده خرطوش البُولِسِين..تصليحو ما صعب

وبعد أن عدَّلت وأعدت إحكام توصيلة خرطوش البوليسين، قلت لزيدان:

- بالمناسبة أنا عندي هواية الغُنا يا أستاذ..وناوي أستمر فيها..ممكن تنصحني بي حاجة تنفعني في المجال ده؟
- الغُنا إحساس يايوسف

لم يزد على ذلك أية جُملة إضافية. أزعم أنَّ تأمُّلي المستمر في مقولته تلك أعانني كثيراً، ليس في تطوير علاقتي بالغِناء فحسب، وإنَّما بأشياء أو ممارسات أخرى كقيادة السيارة، الطعام، ومهنة السِّباكة، التي ما أزال منخرطاً فيها.

للإعراب
كان باب بيته بالشِّقْلة مفتوحاً دائماً. لم يكن يغلق الباب الخارجي ليلاً حتى يتيح لعدد غير قليل من جيرانه، وغير جيرانه كذلك، ممن لم تكن شبكة المواسيرقد وصلتهم بعد، من المجيئ لأخذ مؤونتهم من الماء، الذي لم يكن يسري في مواسير بيت زيدان إلَّاً ليلاً.

ملبورن، خبرٌ رابع
قبيل ستة أو سبعة شهور من وفاته، قالت لي أمُّونة عبر الهاتف:

- زيدان قال لي: (أمُّونة، إنت وين قريبكم السبَّاك، "يوسف الصغيِّر" داك؟..لي سنين ودنين ما شفتو)
- قلت ليهو (يوسف ليهو زمن في أستراليا)
-قال لي: (عليك الله أدِّيني تلفونو عشان أتصل بيهو)

ملبورن، خبرٌ خامس
في هاتفٍ تالٍ، علمتُ من أمُّونة بأن زيدان سافر إلى القاهرة، برفقة عبدالله الكُردفاني، للعلاج. طلبتُ إليها أن تجيئني برقم هاتفٍ له أو للكردفاني أو لأي مرافق آخر له في القاهرة لأنني أردت الاطمئنان على صحته؛ كما كنت أرغب في أن أرسل إليه مبلغاً متواضعاً من المال. قبل أن تتمكَّن أمُّونة من الحصول على مثل ذلك الرقم، علمت بأنَّ زيدان قد فارق "دنيا المحبَّة" من وسائل الإعلام. فهاتفتُ أمُّونة. وكان من بين أسئلتي الأخيرة لها:

- إنت هسّه وين يا أمُّونة؟
- في بيت البِكا طبعاً..البِكا ما بكانا يا يوسف.

للإعراب
أؤمن بأنَّ العدَّ التنازلي لحياة زيدان بدأ لحظة أن أُرْغِمَ على انتزاع جسده من العبّّاسية.
آخر تعديل بواسطة عادل القصاص في الأحد مايو 21, 2017 3:36 am، تم التعديل 6 مرات في المجمل.
مازن مصطفى
مشاركات: 1045
اشترك في: الأربعاء أغسطس 31, 2005 6:17 pm
مكان: القاهرة
اتصال:

مشاركة بواسطة مازن مصطفى »

..
آخر تعديل بواسطة مازن مصطفى في الأحد يناير 06, 2013 3:00 pm، تم التعديل مرة واحدة.
iam only responsible for what i say, not for what you understood.
مأمون التلب
مشاركات: 866
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:48 pm
مكان: السودان/ الخرطوم

مشاركة بواسطة مأمون التلب »

ووووب علي
عندما صرخت
لم أشأ أن أزعج الموتى
ولكن السياج عليَّ ضاق
ولم أجد أحداً يسميني سياجا
إيمان أحمد
مشاركات: 774
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:27 pm

مشاركة بواسطة إيمان أحمد »

وووووب علي انا

يا مامون جيت بي وووب لقيتك قلتها قبالي، فطبقتهن وووووبين

ويا عادل القصاص شن اقول غير وووبين علي؟

إيمان
صورة العضو الرمزية
عادل القصاص
مشاركات: 1539
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 4:57 pm

مشاركة بواسطة عادل القصاص »

قولي لي كما تقول صديقتي اللدودة هالة الأحمدي: الليلة ووب!
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

قال زيدان قال!

مشاركة بواسطة حسن موسى »

سلام يا عادل
يازول زيدان بتاع شنو؟! الحاجة دي ما عندها علاقة بزيدان. دي مكيدة سردية رائعة ،في نواتها حكاية هذا الشعب العشوائي مجسدا في " محمد زيدان" . و حكاية محمد زيدان في بطن حكاية "أمونة" و حكاية أمّونة داخل حكاية يوسف الصغير [ و كمان جايب معاهو حكاية حب في التلفون ] أما حكاية يوسف الصغير [الموجودة داخل حكاية عادل القصاص ] فهي تلخيص لحكاية شعب الشتات السوداني بين الشقلة و استراليا.. شايف؟
Ashraf Elshoush
مشاركات: 163
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:23 pm

مشاركة بواسطة Ashraf Elshoush »

سلام...

كدا وووب و كدا ووووووب!
ناعي ... ومنعي.
الله "يقصقص"! أطرافك ياالـ ...

...

"مكيدة سردية رائعة!!!"

حسن موسي بطل جرسة.
"" الحقيقة تبدو ... ولا تكون ""
سالم موسي.
عادل عثمان
مشاركات: 845
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 12:14 pm
مكان: المملكة المتحدة
اتصال:

مشاركة بواسطة عادل عثمان »

كأنّما اقارب سمعوا بالوفاة متأخرين، فسافروا الى بيت البكا وانفتح البكاء من جديد.
حكاية زيدان ابراهيم حكاية سودانيين وسودانيات كثر دخل حياتهم وغيّ(رها) الى الابد.

حقّيت اللسم يا عادل "القصّاص".


صورة
الخرطوم:حسام ميرغني

تقديرا لدوره ومساهماته فى مجال التعليم بالحي .سجلت طالبات مدارس الاساس بمربعات الشقلة الحاج يوسف لفتة بارعة باقامة طابور المدرسة الصباحي امام منزل الراحل زيدان ابراهيم بحى الشقلة..وكانت مجموعة من الطالبات (200) طالبة قد وفدن لتقديم العزاء لذوي واصدقاء الراحل يوم الاحد الماضى .
وقال احد المقربين من الراحل جمعت بينهما صداقة منذ العام 1988 في ذات العام الذى رحل فيه زيدان من العباسية ليسكن بحى الشقلة العشوائى حينها قبل تخطيطه منتصف تسعينيات القرن الماضي قال ان زيدان ظل يكرس معارفه لخدمة المنطقة واسهم فى تشييد كوبري فى مدخل الحي يعرف الآن بكوبري زيدان ..

وعن لفتة طلاب المنطقة بإقامة الطابور أمام منزله لثلاث مرات الاسبوع الماضى قال ان زيدان شيد مسجدا في احدى مدارس المنطقة وكان يخفى اعماله الخيرة من دفع رسوم للطلاب المعسرين، وزاد ان معظم جيرانه من ابناء الولايات الجنوبية واسهم زيدان كثيرا فى مشاركتهم فى السراء والضراء واكثر من ذلك كان لا يغلق بيته حتى وان كان على سفر وقبل ان تدخل الكهرباء الحى ظل زيدان يفتح بيته للطلاب للمذاكرة فهو الوحيد الذى كان يمتلك مولدا كهربائيا فى المنطقة.
There are no people who are quite so vulgar as the over-refined.
Mark Twain
مازن مصطفى
مشاركات: 1045
اشترك في: الأربعاء أغسطس 31, 2005 6:17 pm
مكان: القاهرة
اتصال:

مشاركة بواسطة مازن مصطفى »

..
آخر تعديل بواسطة مازن مصطفى في الأحد يناير 06, 2013 3:00 pm، تم التعديل مرة واحدة.
iam only responsible for what i say, not for what you understood.
مأمون التلب
مشاركات: 866
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:48 pm
مكان: السودان/ الخرطوم

مشاركة بواسطة مأمون التلب »

https://teenia.blogspot.com/2011/11/blog-post_09.html
عندما صرخت
لم أشأ أن أزعج الموتى
ولكن السياج عليَّ ضاق
ولم أجد أحداً يسميني سياجا
صورة العضو الرمزية
حاتم الياس
مشاركات: 803
اشترك في: الأربعاء أغسطس 23, 2006 9:33 pm
مكان: أمدرمان

مشاركة بواسطة حاتم الياس »

كتابة وكاميرا وتكنيك سردى بديع ..تنتظر فقط ان تفرد لها شاشة سينما ويتلقى مخرج نجيض يستطيع ان يلم فضائها فى صوره..واٍن كانت هى مكتفية بذلك ولكن هذه هى أمنيتى الشخصية كما تمنيتها من قبل لعنف البادية لعلاء الجزولى...ففيها ايضاً نواة عمل سينمائى

على العموم نحن ماناس ووبات وده خارطة نفسية للعبارات لم يضع قاموسها جدى..لكن بالدرب البنعرفو (عفيت منك)
صورة العضو الرمزية
عادل القصاص
مشاركات: 1539
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 4:57 pm

مشاركة بواسطة عادل القصاص »

شكرا ياحسن. وإلى حين عودة، إليك هذه "الواقعة" أيضا:

قيل ان عددا من "شعراء الحقيبة" قاموا بزيارة جماعية الى القاهرة. وخلال تلك الزيارة، دعاهم أحمد شوقي الى مأدبة بفيللته الواقعة على كورنيش النيل بالجيزة. طبعا تحولت تلك الفيللا بعد وفاته الى ما يعرف اليوم ب"متحف أحمد شوقي". وبعد أن إستمع شوقي إلى بعض قصائدهم، سألهم،أثناء الونسة:
"ياترى انتو في السودان ساكنين في بيت زي ده"؟
فأجاب أحدهم:
"نحنا كان عندنا بيت زي بيتك ده، شعرنا ده كان نزّلناه قرآن عديل كده"!
صورة العضو الرمزية
عادل القصاص
مشاركات: 1539
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 4:57 pm

مشاركة بواسطة عادل القصاص »

ياميمانا، مازن ومامون

فيما انتما مع الأصدقاء والصديقات، الآن هناك، لنأخذ نخبه، نخبنا!

يا ايمانّا،

انّما المؤمنات والمؤمنون بالفنّ، كما هو شأنك، مغيّرات ومغيّرون، مغيرات ومغيرون!

يا أشرف،

الزول زولنا ياأشرف، الزول زولنا.

ياحاتم،

أشكر لك المقترح الأخضر. أشكر لك الثقة. أشد على يدك.

يا عادل،

لقد قلتها، ياسلام عليك!، حكاية التغيير.

وانت حقيت الفهم! بالحضن ياأيّها الصديق.
ÅÓãÇÚíá Øå
مشاركات: 453
اشترك في: السبت سبتمبر 10, 2005 7:13 am

مشاركة بواسطة ÅÓãÇÚíá Øå »

شكرا الاستاذ عادل لهذا النص البديع, والذي قد يخفف من لوعتي وحسرتي لرحيل زيدان, وقد كنا نمني النفس ان نحضر له حفل اخر. كنا صبيان ايفاع حينما شدا لنا بروائعه فوق مسرح السينما الوطنية بحلفا الجديدة ذات مساء في اواخر السبعين, ولا زالت اغنية فراش القاش التي الهبت المشاعر انذاك باقية في الوجدان. الا كلام ناس الحقيبة الي ورد في ردهم "لامير الشعراء" شوقي, حيرني وقد اختصر الفنان زيدان الامر, اي امر الغناء, والشعر في الاحساس " الغنا احساس" وبعدين حسب علمنا المتواضع الابتدائي السمت القران دا قيل ان صاحبنا كبير المسلمينو كتبه في غار حراء ولا عار ثور ولا مش عارف ايه من الغارات الارضيةو فما علاقة الشعر بالقصر؟ هذا الحديث يذكرني بحديث للكاتب العصامي محمد شكري مع محمود درويش الذي استفزه قائلا بانه لا يملك فيلا مثل بول باولز الكاتب الامريكي, فعلق محمد شكري قائلا بان محمود درويش يتعطر بفاخر العطور ليلقي شعرا عن المقاومة الفلسطينية , او كما قال في وجوه. شكرا مرة اخرى للنص ومعذرة ان خرجت عن الموضوع قليلا. .
صورة العضو الرمزية
عادل القصاص
مشاركات: 1539
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 4:57 pm

مشاركة بواسطة عادل القصاص »

لك شكري وتقديري يااسماعيل فيما يختص بالنقطتين، زيدان و"حكاية شوقي وناس الحقيبة". يهمني أن أؤكد بأنني سمعت تلك الحكاية – غير المسنودة بتوثيق مكتوب أو تواتر شفهي طافح – من صديق شاعر سوداني، الذي سردها عليّ في سياق استطراد فكاهي. كان قصد صديقي ابراز جانب من "شفتنة" أهلنا ناس الحقيبة في مقابل حذلقة وتعال "قوميين مصريين" سائدين، رسميا وشعبيا، لاسيما تجاهنا نحن السودانيين. أما أنا، فأزعم بأن هدفي الأول هو التأكيد على واقع سلطات سودانية متعاقبة ومتعالقة تحترف – بل تجيد – ما هو أبعد من ادارة ظهرها للحاجات البديهية للمبدعين.

وأعترف بأن ورود شوقي – الذي لا أكن اعجابا شخصيا لا بشعره ولا بتقربه من السلطات الخديوية – في هذا النموذج قد يشوش مسعاي. وهنا لا أملك الا أن أعتذر لك، عزيزي اسماعيل، ولقراء وقارائات ممن قد يقعوا ويقعن ضحية هذا التشوش المحتمل، عن ذلك.

غير أنني أرجوأن تتسع لي رحابة صدرك بالاختلاف معك في نقطة أخرى لك وردت كاشارة بأن الشعر(أو الابداع عموما) لا يكون جيدا، ومتمتعا بشرعية أو كفاءة التمثيل، الا اذا كان مبدعه معدما أو مشلهتا فيما يتعلق بأوليات الحياة. ألا يكفي المبدع الحقيقي، والمبدعة الحقيقية،أنهما يكابدان شلهتة ازالة أشكال شتى من القبح فيما يتجشمان شلهتة توق الكمال؟

أما حسرتي أنا، الشبيهة بحسرتك يااسماعيل، فتتمثل في كسلي، غير المبرر، من الذهاب الى منزل زيدان، التعرف اليه والتحاور أو الونسة معه حينما سنحت لي الفرصة خلال زيارتي الأخيرة للبلد.
داوي ناري والتياعي، رجاءا.
ÅÓãÇÚíá Øå
مشاركات: 453
اشترك في: السبت سبتمبر 10, 2005 7:13 am

مشاركة بواسطة ÅÓãÇÚíá Øå »

عزيزي عادل مساء/صباح الخير
شكرا للتوضيح ومعذرة مرة اخرى لانحرافي عن موضوع الخيط. لم اشر في مداخلتي الى انه ينبغي لكي يكون الشعر او اي ضرب من ضروب الابداع جيدا ومتمتعا بشرعية وكفاءة الابداع ان يكون المبدع معدما مشلهتا, لكنني ذكرت بان صاحبنا " وما صاحبكم بمجنون, سورة الشعراء" اتى ما اتي به وهو في غار كما فهمت على ايام دراستي بالابتدائية, تدحيضا لكلام اصحابنا ناس الحقيبة, اذا كان هذا الحديث قد قيل بالفعل. ولااظنني ات بجديد اذا قلت بان تاريخ الابداع في شتى ضروبه ساهم في صنعه رجال ونساء ينحدرون وينحدرن من اسر مرفهة ثرية وقدموا للبشرية ادبا جيدا , بل منهم ادباء ومفكرين كبار, واذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر الكاتب الروائي مارسيل بروست الفرنسي , نادين قودمايير, اندريا برنك الجنوبافريقيان اوكتافيو باث, كارلوس فونتيس المكسيكيان, كنزابوري اووي الياباني, شوقي في بعض اشعاره, مظفر النواب الذي ينحدر من اسرة النواب الارستقراطية, نازك الملائكة, لطيفة الزيات, عبدالله الفيصل الذي تغنى له العاقب محمد حسن بواحدة من روائعه " هذه الصخرة جئناها صباحا ومساء وروينا قصص الحب عليها سعداء " هناك ايضا مفكرين كبار عاشوا حياة مرفهة مثل صاحبنا الكبير كارل ماركس الذي كان يكتب عن الطبقات المسحوقة والعمال , في الوقت الذي يرتاد فيه مقاهي لندن الفاخرة ويقرا شعر ومسرحيات شكسبير, ادوارد سعيد المفكر المعاصر واخرين كثر...فالامر لا علاقة له بالانتماء الطبقي, غير انني احبذ من المبدعين المعدمين وهم كذلك كثر من يبقى منتميا لطبقته مدافعا عنها بجنون, كما فعل محمد شكري في الخبز الحافي والشطار ووجوه, وفناننا موضوع الخيط زيدان عليه السلام في عليائه.
صورة العضو الرمزية
عادل القصاص
مشاركات: 1539
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 4:57 pm

مشاركة بواسطة عادل القصاص »

شكرا لك أنت أيضا، عزيزي اسماعيل، علي التوضيح والاضافة. ومع ذلك، أرى أن توضيحك سيظل ناقصا الا اذا أوضحت لي دلالة ايرادك، في تعقيبك الأول، ل"واقعة محمود درويش وومحمد شكري". أيضا سيظل توضيحك ناقصا الا اذا أوضحت لي دلالة "تأكيدك"، في تعقيبك الثاني، على "تحبيذك" (ولا اعتراض شخصي لديّ على ذلك) للمعدمين – ماديا طبعا – من المبدعين.

الأمر الآخر – وهو ما قصدت تجاهله عامدا لأنّه لا يخدم "موضوع زيدان في تواشجاته المنطقية" (وهو ما أريد المساهمة فيه بالتعقيب على قراءة حسن موسى) وانّما يسبب مزيدا من "الانحراف" عنه – هو الحاحك على حشر فرضية أرضية النص القرآني.

لم أكن مهموما، عند ايرادي ل"واقعة ناس الحقيبة"، كما لست مهموما اللحظة، فيما اذا كان خلق النص القرآني سماويا أم بشريا. لكن ما همني وقتها، ويهمني الآن، هو دلالة تمتعه – في الوجدان الابداعي اللغوي للغالبية العظمى من المسلمين العرب والمستعربين – بمكانة سامية. وهي المكانة التي جعلت وماتزال تجعل منه "نموذجا لا يضاهى من الكمال (أو "الاعجاز") اللغوي" لدى تلك الغالبية العظمى، التى لا أشك في أن معظم، ان لم يكن كل، "ناس الحقيبة" يشكّلون جزءا منها. وهنا تكمن دلالة "المضاهاة" في الرد على تساؤل "أمير الشعراء".

لقد سرّتني - حقيقة - تحيتك لزيدان في "عليائه". وهو، دون شك، يستحق ما هو "أبعد" من ذلك لو أمكن. غير أني أعتقد أنّ هذه "العلياء" التي ذكرتها مثقلة بالمرجعية الدينية، ولا اعتراض لي على ذلك أيضا. على أنني أرى أن زيدان سكن وما يزال يقيم في "علياءات" من الوجدانات ذات المرجعيات السماوية والأرضية معا.

ألا ليتنا نعود لبكرة زيدان لنرى ما سيتناسل منها؟
ÅÓãÇÚíá Øå
مشاركات: 453
اشترك في: السبت سبتمبر 10, 2005 7:13 am

مشاركة بواسطة ÅÓãÇÚíá Øå »

عزيزي عادل ما وددت ان اعقب عليك لانني اشعر بحرج كبير وانا اقود هذا الخيط على غير عادتي الى مواضيع اخرى ليست ذات صلة وغير الذي قصدته انت فلك العتبى. لكنني مضطر الى الاجابة عن الاسئلة التي وردت في مداخلتك الاخيرة, وارجو ان تعذرني ان لم اعد الى الخيط مرة اخرى, ليس تجنبا للحوار الخصب لكن احتراما للموضوع الذي افترعت من اجله هذا الخيط, وهو الفنان زيدان ابراهيم .
حييت زيدان في عليائه, لانه فنان مبدع وليس بالضرورة ان تكون الكلمة ذات مرجعية دينية. اما ايرادي لما قاله محمد شكري لمحمود درويش فقد قفز الى ذهني وانا اقرا ما ورد في تعقيب شعراء الحقيبة لسؤال احمد شوقي, وقارنته بما اورده شكري في كتابه الاخير وجوه, في الصفحات التي يتحدث فيها عن علاقته بالياس الخوري ومحمود درويش والاخير قام باستفزازه, وهو حديث شبيه بسؤال شوقي لشعراء الحقيبة. قلت بانني احبذ من المبدعين المعدمين, من يبقى منتميا الى طبقته, وهذا فرق من قول انني احبذ المبدعين, اما ارضية القران فهذا امر لا اريد ان اخوض فيه على الاقل في هذا الخيط, وهو موضوع لا اظن ذات اهمية كبيرة بالنسبة لي على الاقل, ان يكون ارضيا او سماويا وقد اوردته هنا كانتاج ثقافي بشري محض دون ان احمله حمولته الدينية وككتاب ثقافي بامتياز, كما الانجيل والتوراة. مع خالص احتراماتي وتقديري .
صورة العضو الرمزية
عادل القصاص
مشاركات: 1539
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 4:57 pm

مشاركة بواسطة عادل القصاص »

أشعر بذنب لأنه كان ينبغي عليّ أن أشير باكرا الى دور الصديق ابراهيم جعفر في ميلاد هذا النص ("الزيداني والعبر زيداني"). ذلك انني لم أكن أفكر في كتابة هذا النص بالذات، أي على هذا النحو بالذات، في هذا الوقت بالذات، وان كنت، وما أزال، أفكر في كتابة، ذات مستويات عديدة، عن "يوسف درع". فميلاد النصّ، في هذا الوقت، مدين الى تحريض أخضر من ابراهيم على أن أحول "حكاية يوسف وزيدان"، التى سردتها عليه عبر الهاتف، الى نصّ. ذلك أن ابراهيم كان في ذلك الوقت القريب يعمل – الى جانب ثلّة من الحادبين والحادبات – في الاعداد لمشروع "ليلة كنوز محبة"، التي كانت مخصّصة للاحتفاء بزيدان ابراهيم، الانسان والفنان. وقد كان ابراهيم يأمل في قراءة هذا النصّ على مسامع حضور تلك الليلة لولا أن ملابسات فنية وغير فنية حالت دون ذلك. فلك امتناني، عزيزي ابراهيم، كما لك محبتي المعهودة، وأيضا لك العتبى حتى ترضى.
صورة العضو الرمزية
عادل القصاص
مشاركات: 1539
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 4:57 pm

مشاركة بواسطة عادل القصاص »

التعليق التالي كتبه الصديق محمَّد محمود وأرسله لي عبر وسيط خاص على إثر فراغه من قراءة النص أنشأ هذا الخيط. لم يكن محمَّداً قد قرأ هذا النص من قبل إلى أن أشرت له إليه في سياق تداعيات ونسةٍ هاتفية بيننا الأسبوع الماضي. وكان تعليقي الفوري على تعليق محمَّد هذا أن قلت له ما معناه: إن هذه القراءة لنص "يوسف/زيدان" (وهذه إعادة صياغة للعنوان الذي اختاره محمَّد لتعليقه) هى القراءة الثانية (بعد القراءة المضغوطة ببلاغة لحسن موسى المنشورة أعلى) التي أوَّلت هذا النص - في حدود هذا الخيط على الأقل - ببصيرةٍ نافذةٍ مستندةً إلى جُلَّ عناصره البنائية:



يوسف وزيدان



استمتعت بقراءة قطعتك عن الرحلتين: رحلة يوسف ورحلة زيدان. القطعة ممتعة القراءة وحالما يبدأها القارىء لا يملك إلا أن يكملها لأن خيطها يشدّك شدّا من البداية للنهاية. وإن كان انتقال يوسف من سنار للعاصمة هو حركة ارتفاع من الهامش للمركز فإنه يقابل زيدان وهو في لحظة انتقال وهبوط في داخل هذا المركز من موقع أعلى لموقع هامشي داخل المركز نفسه. وتتواصل الحركة الصاعدة ليوسف لمركز جديد هو ملبورن التي تعتبر العاصمة بإزائها هامشا. وعندما يسأل عنه زيدان فإنه يسأل عنه وهو على أعتاب خروجه من العالم. ولكن زيدان لا يزال حيّا في الوجدان وهو بهذه الحياة هزم الزمان كما هزم في السابق المكان. فمثلما أن فنه هزم المكان ووصل للصائغ وعشيقته عبر المذياع فإنه يهزم الزمان ليصلنا اليوم عبر مختلف الوسائط (بعد قراءة قطعتك مباشرة ذهبت ليوتيوب واستمتعت بالاستماع لفراش القاش ووجدت نفسي أعود لذكريات القاش وذكريات زيدان).


محمد محمود
أضف رد جديد