حسن موسى في معرض "آفريكا ريميكس" بمتحف الفن الحديث

Forum Démocratique
- Democratic Forum
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

مشاركة بواسطة حسن موسى »

Remix London
ريميكس لندن
الأعزاء و العزيزات
سلام كتير و ألف شكر على اهتمامكم الحبيب
و أعتذر ـ لو ينفع الاعتذار ـ عن عجزي و تقصيري في التعليق الفوري على مداخلاتكم الشيقة ، و الفورية رياضة عنيفة تنطوي على شبهة الابتسار و أنا أتحسب من عواقبها على حساسية الموضوعات و المفاهيم التي نحن بصددها. و في ما وراء مخاطر الابتسار ، فالفورية تملك أن تجر الكاتب الفوري في مزالق المجاملة السهلة و عادات اللغة الجاهزة التي تكتبنا بدلا من أن نكتبها
أقول : شغلتني أمور الدنيا التي تعرفون قدودها الكثيرة عن استئناف الكلام في أدب التصاوير الذي ورد في كلامكم، رغم أن كل مجادلة و كل حجة و كل ملاحظة من ملاحظاتكم ما تزال تنتظر في تلافيف الخاطر فصبرا و" السايقة واصلة " يا وليد.
الأخ حافظ خير
ترى هل يجوز لي شكرك كونك انتبهت لتصاويري؟
تقول حكمة الغبش : " الله لا جاب يوم شكرك" فتأمّل..
أنت تعلم أن المشاهدة لا تتم تفضلا و انما تكون ضرورة حيوية و أنا سعيد بنظرك المؤازر سعادة كبيرة، فالمشاهدة لا تكون بغير مؤازرة حتى نقوى على رؤية حال الوجود المعاصر . و هو حال عامر بالصور الطيبة مثلما هو عامر بالصور الخبيثة، و بين هذه و تلك أنواع و ألوان من وهم البصر الذي يموّه من وراءه حقائق الواقع البالغ التركيب.
هل وقعت في عينك صورة الأفارقة الذين تركوا لحمهم على سور الاسلاك الشائكة بين المغرب و اسبانيا هذا الشهر؟ هذه و الله أخبث صورالعصر حتى اشعار آخر.لقد دفع الاتحاد الأوروبي مبلغ أربعين مليون يورو للمملكة المغربية حتى يتكفل المغاربة بصد الأفارقة الفقراء عن حدود اليوتوبيا الأوروبية. . في السابق تبنت ايطاليا في بروكسل عاصمة الاتحاد الأوروبي، الدفاع عن نظام القذافي حتى تم رفع حظر بيع الاسلحة الاوروبية للجماهيرية.و على هذا الثمن قبل القذافي التضييق على المهاجرين الافارقة الذين يتوجهون لأوروبا عن طريق ليبيا/ ايطاليا. وقبل اسبوع استقبل الرئيس معمر القذافي وزير الداخلية الفرنسي اليميني" نيكولا ساركوزي" للتباحث معه في كيفية صد الأفارقة الفقراء الذين يفدون لأوروبا عبر الأراضي الليبية.لم يذكر أحد الثمن الذي سيدفعه الاتحاد الأوروبي للعقيد حتى يقوم بسجن المهاجرين الأفارقة في معسكرات الاعتقال التي يسجن فيها فقراء أفريقيا المتوجهين لأوروبا، لكن من الواضح أن العقيد لا يحتاج لليورو و عنده من بترودولارات الامبريالية ما يغنيه. العقيد يطلب الأمان لا أكثر و لا أقل. و الهلع الذي أدركه بعد اذلال صدام حسين جعله يمضغ كتابه الأخضر و يبلعه كلمة كلمة و سبحان مغير الأحوال من حال الى حال.قبل أيام و نحن نثرثر مع بعض الاصدقاء الفرنسيين في هذا الامر سألني أحدهم عن مستقبل أفريقيا كما أتخيله بصفتي شخص وافد من تلك القارة المحزونة، فقلت للصديق: يوما ما سنبني يوتوبيا الولايات المتحدة الأفريقية بلا شك. و في حينها سنستأجر نفس المغاربة و نفس الليبيين لكي يصدوا الفقراء الوافدين من شمالي المتوسط عن حدودنا التي رسمها الاوروبيون حولنا. و ضحكنا جميعا و في حلقي غصة.
الأخ الوليد
الريميكس يا صاحبي تقنية جديدة في حرب البروباغاندا التي يشنها الأوروبيون على الأفارقة( و على غير الأوروبيين عموما) بسبيل اقصاءهم عن كل فرص الشراكة العادلة في يوتوبيا رأس المال المتنازع عليها تحت شروط العولمة ، و رأس المال المتعولم يبذل للخلق فرصة المساواة في الشقاء و في البؤس بحكم موقعهم من تناقض العمل و رأس المال( رحم الله كارل ماركس) و لا فرق فيه لعجمي على عربي أو على غيره الا بالقوة الشرائية و البيعية، غير أن الأوروبيين لن يتخلوا عن امتيازاتهم التاريخية المادية و الرمزية عن طيبة خاطر لمجرد أن منطق رأس المال المتعولم لا يأبه بالأعراق و الأنساب. لأ، الأوروبيون يحاولون عرقنة واقع العولمة بمقولات حرب الحضارات وحوار الثقافات ولن تسكن لهم جارحة حتى يؤمنوا لأنفسهم استمرارية الامتيازات المذنبة التي ورثوها من أباءهم و أجدادهم بذريعة رأس المال الكولونيالي.و الريميكس في هذا المشهد ما هو الا واحدة من الحيل الكثيرة لتسويغ السيطرة و الاستبعاد و تطييب الخاطر الأخلاقي النصراني الذي صار في حيص بيص.الريميكس هو أيضا محاولة لرسم صورة عكرة للقارة و لأهلها و لثقافاتهم ، صورة تسوغ للأوروبيين أن ينظروا للأفارقة يهلكون جوعا و عطشا و تقتيلا دون أن يروا في بلاء أفريقيا ما يثير العجب. و لم يتعجبون و الظلام الذي فرضوه على القارة يموّه عليهم رؤية أهلها السود؟ وثمة مثل افريقي( من تدبيري) يقول: من المستحيل رؤية رجل أسود في عالم مظلم بالذات حين لا يرغب أحد في رؤيته.و الصور العكرة لأهل القارة كثيرة لا يمر علينا يوم الا و تخرج علينا ألة البروباغاندا الأفريقانية فيها بجديد محير . و من بين الصور الأخيرة المحيرة ـ و أقول " محيرة" كونها انطلت على الأفارقة أنفسهم فوقعوا صرعى سحرها العجيب صورتان مهمتان سأعود لمحالجتهما بتأن ضمن براح لاحق. الأولى هي صورة " شجرة الحياة"، ذلك العمل الفني الذي أنجزه، بقطع السلاح المستعاد من الفلاحين ، بعض فنانين شباب من موزامبيق و عرض العمل بالمتحف البريطاني بلندن ضمن تظاهرة " آفريكا 5" في الموسم الأفريقي البريطاني.أما الصورة الثانية فهي صورة " كابوس داروين "، في ذلك الفيلم التسجيلي عن انعكاسات واقع العولمة و تردي البيئة الطبيعية و شقاء الأفارقة في تنزانيا.
الأخت ايمان
أبراهيم الجريفاوي و فاضلابي أقرباء آيديولوجيون و جماليون أعتد بهم و أعزهم و أن كنا لم نتقابل الا على صفحات الموقع. شكرا لكم جميعا على النظر الحديد و " الحي بلاقي".
النور يا أخانا الذي في الولايات
كان السبت أخدر
و الأحد سوق الكاملين
ثم جاء يوم الاثنين العبوس القمطرير
و هو كما تعلم يوم لا يخرج فيه الدابي من جحره
و الثلاثاء واقفين ليها الزنافلة
و الأربعاء سوق الكاملين ( تاني)
و الخميس قبل الجمعة
و الجمعة اجازة


و هكذا تتواتر الأيام و لا أجد فجوة في سد المشاغل أعالج فيها ما تيسر من أدب التصاوير و أنت أدرى..
تهنئني على وصول عملي لمراكز العرض الكبيرة و الما عارف يقول عدس.. و هذه قصة طويلة عمادها نوع غميس من سوء الفهم المقصود المتبادل. فأصحاب التشاشات الفنية العرقية يعرضون لنا ـ و يعرّضون بنا ـ لشيء في نفس يعقوب ، لكنهم لا يعرفون أننا نعرف حكايات يعقوب كلها، بل هم لا يعرفون أننا نعرف كونهم لا يعرفون بأننا نعرف.و سأحكي لك بعضا من مغامراتي اليعقوبية في براح قادم.و أنتظر حديثك عن مفهوم" الأيقنة" كون الامر في مشهدنا يستحق النظر.. و ما قولك في مخاطر أيقنة صورة أستاذنا محمود محمد طه مما نراه في معالجات احتفائية هنا و هناك؟
النور , هذا سؤال كنت أدّخره لعدد من أعداد جهنم لكني كما تعلم ، " شهرين سجن زاتو مافاضين"، فضلا عن كوني لاحظت أن المناقشة بين الاخوان الجمهوريين( النظاميين) صارت مبذولةللجميع. على كل حال معذرة ان أدخلك سؤالي في مخاطر الابتسار ، فخذ وقتك.
ياسر
كم أغبطك على هذا الاسم البديع يا أيها الرجل الياسر الشريف المليح.. الكلام في التلفان لا يشفي الغليل و لا بد أن نلتقي عينك عينك لنكمل ونسة انقطعت منذ ألف عام.
عبد الماجد
" ود أم زقدة " دي لي منها زمن فشكرا لك على هذه العبارة الكردفانية الجبارة ( و ما الـ " زقدة"؟ و قد بحثت عنها في قاموس اللهجة العامية و لم أجدها) و أنا ما زلت في انتظار عجز العبارة: " الطلوع قلقال و التدلي ..." و لا حياء في أدب الشعب.
الفاضل
يا رفيق" زمن النمتي" في داخليات ال أس تي اس
أراك " جرّيت لي الدال" و هذا لا يليق بك يا زول ، فما بيننا أقدم من الالقاب المريبة اياها و أنت طرف أصيل في كل ما قلنا و ما نقول.. المهم يا زول ، أنا ضد حوار الثقافات و لي في ذلك أسباب سأفصلها لاحقا. و الحاشية في اسم اللوحة باب للريح يستحق الفتح ، أما فكرة " الظاهرات التائهة " فهي فكرة جبارة تؤشر لقصور المنهج الآحادي في البحث العلمي و أتمنى أن تستطرد و تتوسع فيها بتفصيل أكثر بالذات ىفي ما يخص الجمالية التشكيلية. أيضا أحتاج لشرح أوفر لما تعنيه بالجماليات البحتة في عبارتك: " أعمال السودانيين الذين كرسوا فرشاتهم لجماليات بحتة. و لي تعريجات و معارضات أخرى و لي عودة.
حسن












أحاجي الموز
أو.. كيف تشرحون "الفنأفريقانية" لبناتكم؟
قبل الشروع في حكاية" أحاجي الموز" يلزمني تنويه سريع لشرح العنوان الثانوي ، فهو عنوان مستعار من سلسلة من الكتيبات التبسيطية لبعض الظواهر الثقافية القديمة و الحديثة ( الجمهورية ، الدين ، الايدز، الخ) التي دأبت بعض دور النشر الفرنسية على اصدارها في السنوات الأخيرة . و رغم أن هذه الكتب التثقيفية الصغيرة لاقت نجاحا وسط يافعة القراء الذين كانت السلسلة قد صممت لهم، ألا أن كفاءتها جعلتها تتجاوز جمهور الصبيان و البنات لتنتشر بين عدد كبير من القراء الراشدين.و ربما كان السبب المباشر في شعبيتها هو أن كتيبات هذه السلسلة انما يعهد بها في الغالب الى الكتاب و البحاث المتمكنين من موضوعاتهم و العارفين بأدواتهم، و ربما كان تفسير الامر يكمن في طبيعة الطلب التثقيفي القائم عند قراء راشدين لا وقت عندهم للغرق في المباحث الطويلة الرصينة التي تقتل موضوعها بحثا.المهم يا زول ، طاب لي أن أستعير العنوان في مقالة طلبها مني محرر مجلة " آرت 21 " الفرنسية المعنية بنقد التشكيل المعاصر.
Art 21 , Juillet Août, 2005No.3,
و الخطاب في المقالة موجه للقراء الفرنسيين الذين يتابعون قضايا الفن المعاصر الذي ينتجه الأفارقة على طموح شرح التركيب اللاحق بظاهرة " الفن المعاصر في أفريقيا" مما يسميه الأوروبيون " الفن الأفريقي المعاصر " و أسميه أنا اختزالا بـ" الفنأفريقانية".

أواصل
عبد الماجد محمد عبد الماجد
مشاركات: 1655
اشترك في: الجمعة يونيو 10, 2005 7:28 am
مكان: LONDON
اتصال:

مشاركة بواسطة عبد الماجد محمد عبد الماجد »

الأخ د. حسن
رمضان كريم

لا حياء في أدب الشعب


وأنا لا أذكر أنني استخدمت هذه الكلمة في العقود الثلاثة أو الأربعة الماضية. جات ناطة براها لما شفت الصورة:
والزقدة - اعتقد - أنها بمعنى الزغم, والزغم هو ماء النساء (مقابل ماء الرجال"المدو أي المني ، والماء الزغم لما يكون به شوية بياض (غباش) وله رغوة يقال له زقد : الفرق بين المعنيين في الرغوة والغباش وكلاهما للماء) وهكذا يكون المعنى الحرفي أو الابتدائي للتعبير هو: يا ود أم رغوة. وهو غاية الشتم والإيذاء. ولكنه في ما يبدو تغيرت دلالته فصار بمعنى التعجب وللشماتة (صيغ الشماتة؟ باب جدبد؟) . ومثله كثير في الفصحى وفي الدارجة ومنه السبحلة عند التعجب: سبحان الله!!! ومرة كنت في قطار الغرب مسافر ومعي عجائز من الغرب البعيد تصاخبنا وتداولنا الحديث وكنت سألت أحدهم عن حال الأهل وعن الحصاد: إن شاء الله الناس السنة دي شبعانين؟ فرد على وهويضع كفيه على رأسه وينظر إلى الأسفل ويقول: يا عوذوبالله يا أزوبالله وبعد مسافة قال يأوذو بالله والله السنة دي شبعانين شبع، شبآنين شبأ!!!!!! الخريف سمح. فعجبت لتحول دلالة الاستعاذة للتعجب. وكان هذا في منتصف الستينات قبل استفحال الجفاف (من تمانية وستين ولجاي)
أما عجز الكلام ( الطلوع قلقال والتدلي Hurar وكان عيال أبوزبد يطلقونها على من يتجشم شيئا فوق طاقته فيتورط فلا يستطيع رجوعا ولا استمرارا ولا يرجع إلا بصدمة مثل صدمة الراجل بتاعة شجرة التيس. ساحكي لك عنها لاحقا فقد حان الفطور
)
عبدالماجد محمد
المطرودة ملحوقة والصابرات روابح لو كان يجن قُمّاح
والبصيرةْ قُبِّال اليصر توَدِّيك للصاح
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

مشاركة بواسطة حسن موسى »

[color=darkblue][color=darkblue]الموزة الأولى
الصديق معتز نصر، فنان مصري شاب، كان بين العارضين في معرض آفريكا ريميكس.( عمله المعروض : تأثيث لفضاء الصالة بمئة طبلة في نوع من حوار ايقاعي مع فيلم فيديو لطبّال على الحائط ). و حضور معتز نصر ـ كفنان مصري ـ ضمن معرض أوروبي للفن الأفريقي المعاصر حدث يستحق الاشارة، كون دوائر الرعاة الأوروبيين للفن الأفريقي المعاصر قبلت مؤخرا أن عرب أفريقيا هم في النهاية أفارقة مثلهم مثل بقية سكان أفريقيا. و قد حكى معتز للحضور في سمنار نظمه المتحف البريطاني (12 فبراير 2005) حكاية ذات دلالة، فحواها أنه قبل سنوات كان قد تقدم بطلب لمؤسسة أوروبية تدعم الفنانين الشباب الافارقة بمنحهم فرص " اقامة فنية" لعام أو عامين في أوروبا، و توفر لهم شروط عمل و معيشة مريحة، حتى يتمكنوا من انجاز مشاريعهم الابداعية.قال معتز أنه ملأ كل الاستمارات الضرورية ، و أكمل كافة الشروط قبل أن يودع ملفه بريد الـ " فاونديشان" المعنية بمساعدة الفنانين الأفارقة.بعدها بفترة جاءته رسالة مقتضبة من المؤسسة المعنية تقول: نأسف لعدم الاستجابة لطلبك لأننا نمنح المساعدات للفنانين الافارقة و ليس للمصريين . اختتم معتز نصر حكايته بشكر القائمين على معرض أفريكا ريميكس لأنهم قبلوه كفنان أفريقي.
على ضوء هذه الحكاية لا مفر من طرح السؤال: ما الذي يجعل الافارقة أفارقة؟
و ما هي المواصفات التي تسوّغ للناس أن يوصفوا شخصا ما بأنه " افريقي"؟
الاجابة على مثل هذا السؤال تكمن في طيات الحجوة " الافريقية " القصيرة التي تقول أن طفلا صغيرا كان يأكل موزة و هو جالس في حجر جده،وخطر له سؤال فالتفت نحو الجد و قال:
" قل لي ياجدي ، هذه الفاكهة التي نأكلها ، لماذا نسميها موزا؟"
قالوا أن الجد صمت للحظات قبل أن يجيب:
" لأن شكلها يشبه شكل الموز، و لونها يشبه لون الموز، كما طعمها كطعم الموز تماما، فضلا عن كون الجميع يسمونها موزا ".


" و هكذا يا سادتي " ،
جئنا، بجاه جيوبوليتيك الفنأفريقانية
جئنا نتذرّع بسيماءنا الما بتغباكم ( و تعرفهم بسيماهم)،
جئنا من أفريقيا و جئنا من أوروبا و أمريكا و من واق الواق الما وراها ناس،
واجتمعنا في ذلك المنتدى" اللندنأفريقاني" الفاره، لأن بعض الجهات الأوروبية وجهت لنا الدعوة بوصفنا فنانين أفارقة.
و مالهم و الأفارقة ؟
أظن ـ وبعض الظن الآثم ضروري حين يتعلق الأمر بتفحّص أجندة الأوروبيين في العناية بأهل أفريقيا ـ أن مفهوم "الفن" في خاطر الأوروبيين لا يستقيم ما لم يعتمد على مفهوم " اللا فن".ذلك أن القوم أسسوا مفهوم الفن على قاعدة الامتياز الاجتماعي ضمن مشهد المجتمع الطبقي، و رتبوا تصانيفه الجمالية بما يتوافق و مصالح الطبقة ( فن أكاديمي عالم و فن شعبي و فن بدائي و فن ساذج و فن أطفال و فن جميل و فن تطبيقي الخ). و في هذا فالفن، كظاهرة اجتماعية متأثرة بواقع الصراع الطبقي، ليس معزولا عن بقية الظواهر الثقافية الاجتماعية الأخرى كالعلم و الأخلاق و القانون و الدين الخ ، و هو يخضع لنفس التدابير الآيديولوجية التي تصونه كأحد أدوات الهيمنة الطبقية بما ينطوي عليه من قوة رمزية ذات مردود سياسي قيم.
و عليه أزعم أن صفة " اللافن" ،المُمَوّهة بعناية حاليا، ( و بغير عناية في السابق)، في طيات الخطاب الأوروبي الذي يعالج التقليد الفني لغير الأوروبيين ، هي في الواقع صفة ضرورية لتقليد الفن الأوروبي كونها تلعب دور " المرجع المضاد"
Counter Reference
في تكريس صفة "الفن" لتقليد المهيمنين.و في هذا يمكن القول باستحالة فصل مفهوم " الفن " عن مفهوم " اللافن" ، فهما وجهان لجسم واحد هو فن المجتمع الطبقي., على هذا أزعم أن الأوروبيين انما يهتمون بالفن الأفريقي المعاصر من حيث كونه يبرر ـ في خاطرهم الطبقي ـ حالة " اللافن" الأكثر خلوصا.و أمضي في زعمي الى أن الأوروبيين لا يطيقون مجرد فكرة تجاهل هذا " اللا فن الأفريقي" كونهم يعرفون موقعه في صلب التأسيس الآيديولوجي لفكرتهم عن الفن.و هكذا يصبح موقف الفن الأفريقي المعاصر كـ " مرجع مضاد" ذريعة لتمجيد تقليد الفن الأوروبي المعاصر بطريقة ملتوية.و الالتواء يبدأ من مجرد المقابلة بين المفهومين مفهوم" الفن الأوروبي" ، بالتضاد أو بالمقارنة ، مع مفهوم " الفن الأفريقي"، و لا يهم ما اذا كان الفنانون الأفارقة قد تعلموا الفن و تمثلوا مبادئه و مراجعه على نهج المدارس الأوروبية، و أعادوا انتاجه كنوع ثقافي أوروبي.و يستمر منطق الالتواء في حرص الأوروبيين على عزل آثار الفن المعاصر الذي ينتجه الأفارقة في فئة اعتباطية تشوبها شبهات العرقية الشعبية الغليظة من نوع " الفن الأسود " أو "الفن الزنجي " أو حتى الفرز بين فنون " أفريقيا السوداء " و " أفريقيا الـ......بيضاء" الخ.
أقول : ان وضعية " المرجع المضاد " انما تمركز الفنانين الأفارقة في الوجه المظلم لتقليد الفن الأوروبي.و عليه تجوز عبارتي في كون الفن الأفريقي المعاصر هو " القارة المظلمة" في فضاء التقليد الفني الأوروبي. و في شعاب هذه القارة المظلمة يقبع الفنانون الأفارقة في انتظار الفرج حين يهل عليهم متعهدو المواسم الأفريقية، ممن لا يفقهون شيئا من أمر الواو الضكر ، ليكتشفونهم أو ليعيدوا اكتشافهم حسب الحاجة. حاجة الجيوبوليتيك الأفريقي المفتوح على احتمالات العولمة.

و ما الذي يجعل الأوروبيين " يشتهون الحنيطير" و يتنكبون أمرا في وعورة الفن الأفريقي المعاصر بما ينطوي عليه من اشتباهات جمالية و سياسية و أخلاقية تستعصي حتى على أهله العاكفين عليه عكوف النسّاك؟
ما الذي يجعل الأوروبيين بحاجة الى اكتشاف أفريقيا من جديد؟
ربما كمن تفسير الأمر في كون أفريقيا آخر فضاء يسكنه " الآخر" ، و في كون الانسان الأفريقي ما يزال يمثل، في خاطر الأوروبيين الذين تروّعهم تحولات العولمة المادية و الرمزية، باعتباره حامل مرآة الآخر الصمد الثابت المستعصي على التحول و التطور.و اشكالية الآخر التي يكابدها الفنانون الأفارقة هي في تحليل ما شأن أوروبي لا ناقة للأفارقة فيه و لا جمل من حيث المبدأ. أقول " من حيث المبدأ " لأن واقع الهيمنة المفروضة على الأفارقة يعرضهم ـ كما" خادم الفكي" ـ لتقلبات المزاج الروحي الأوروبي و نزواته العجيبة.
و اليوم حين يتأمل الأوروبي المتوسط في حال العالم المتعولم المعاصرفهو يرى العجب. بالذات حين ينظر للشعوب التي كانت تحت هيمنته الاستعمارية قبل عقود قليلة و يراها انمسخت لخصوم اقتصاديين بينهم من قويت شوكته في ساحة السوق فصار يشكل خطرا أكيدا على اقتصاد البلدان الأوروبية.هذا " الآخر " الفالت من هيمنة أوروبا هو بالضبط " الآخر " الذي لا يرغب الأوروبيون في رؤيته.ففي مرآة الآخر الياباني و الكوري و الصيني يرى الأوروبي عيوبه و نقاط ضعفه و قد ضخّمتها المسافة و سوء الفهم و اختلال البصر، فلا يملك الا أن يشيح بنظره عن هذه الصورة المقلقة و يهرب الى مرآة الآخر الأفريقي التي تعزيه أجمل عزاء بأن الدنيا بخيرها و أن أفريقيا ما زالت في طينها و رطينها خارج التاريخ.أن تخلف القارة الأفريقية ، الذي يتضامن الأوروبيون على صيانته كقدر نهائي للشعوب الافريقية، يرفع عن الأوروبيين الذين ينظرون نحو القارة المظلمة المخاوف و الشكوك التي أدخلها فيهم واقع عولمة مزلزلة لا يملكون زمامها.
على هذا التحليل أفهم " المحبة " الكبيرة التي يكنها الأوروبيون للتقاليد الأفريقية و الحماس الكبير للأصالة الثقافية الأفريقية ، بشكل يفوق محبة و حماس الأفارقة أنفسهم لتقاليدهم و لأصالتهم الثقافية.
واذا كان الولع الأوروبي المريب بالفن الأفريقي هو مشكلة أوروبية ، فما الذي يجعلنا، نحن الفنانين الوافدين من القارة الأفريقية ، ما الذي يجعلنا نحسب أيام هذا الشهر الأوروبي و لا نفقة لنا فيه ولا جمل ؟ما الذي يجعلنا نقبل صفة " الفنان الأفريقي"؟
ذلك أننا من اللحظة التي قبلنا فيهاالدعوة لـهذا " الموسم الأفريقي" أو لذاك الـ " ريمكس" الفلتكاني الخ فنحن ننمسخ طوعا الى صورة ذلك" الفنان الأفريقي" الذي يتوقع منّا الرعاة الأوروبيون أن نكونه.
الاجابة على هذا السؤال لا تكون الا مركبة تركيبا يليق بتركيب الواقع الثقافي الذي يتقاسمه الفنانون الأفارقة مع غيرهم من المبدعين المعاصرين، كونها تتصدى لشأن الفن المعاصر الذي ينتجه الأفارقة في مقام أسئلة الحياة و الموت.و هذا كله أمر جلل أرجو أن نخفف من وطأته بحكاية" الموزة الثانية" ، و هي ، لو تعلمون ، أزرط من حكاية " الموزة الأولى".


عبد الماجد
شكرا لك على المداخلة الذكية في لغة " أم زقدة" و أرجو أن أجد فرقة للتعريج على لغة أحوال الجسد في الثقافات السودانية المجيدة.. القديمة و الحديثة . و ذلك ياصاحبي باب يجيب الريح و هو مسدود./size][size=24]
ãÍãÏ Úáí ãæÓì
مشاركات: 71
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 12:21 pm

مشاركة بواسطة ãÍãÏ Úáí ãæÓì »

حقاٌ إنّ من البيان لسحرا..
أستاذنا حسن موسى..
تهيبت كثيراٌ أن أتداخل معك ومع الإخوة الكرام ولو بالتعبير البسيط تقديراٌ لهذا البث الجميل صوراٌٌ مختلفة الألوان فيها من الفكر والجمال ما يؤرجح بين الفرح والحسرة والفخر والموجدة ..الفرح بمنبر الحوار الديمقراطى الذى أتاح لى سوانح ما كان لى أن أتذوق حلاوتها إلا فيه..والحسرة على مرّ عقود من العمر الضائع هدراٌ..الفخر بأنّ فينا من رفع الراية المنيرة فى عوالم ما نظرت إلينا إلا من علٍ ولم تر فينا إلا قدرات تستغل أو أسواق إستهلاكية فى الفكر والثقافة كما فى المطعم والملبس..والموجدة على إعتمادنا عليهم حتى فى تقييم أنفسنا..
تهيبت لقلة الرصيد من المعارف ولكنى لن أتهيب من الجلوس فى حضرتكم جميعا ..
نحن شركاء فى هذا العالم ولنا إسهامنا الماضى والآتى ..ومثلما لا نعيب عليهم بياضهم ، لا يمكننا أن نقبل أن نصنف باللون الداكن والقدرات الجسدية رياضة أو جنساٌ على سبيل الحصر..
ولن يستقيم الحال إلا إذا كانت لنا البصيرة التى تجعلنا ندرك قدرنا فى السياسة والأقتصاد وكل مناحى الحياة لا أن ننظر إلى خيالنا فى مرآة أوروبا أو أمريكا..هم بالفعل متقدمون بلا جدال فى أغلب وليس كل الأحوال فهل كان هذا التقدم لأسباب جينية أو مناخية أم أن الحقيقة هى أننا لم نعمل ما يجب أن يعمل ولم نوف أنفسنا والعالم الحق فى التقييم الصحيح ؟
لا نريد أن نكون أعلى ولا أدنى من أى أحد وهذا لن يكون بالمجان..
ما زلت مذهولا و مزهوا فى حضرة "التصاوير" ولو كانت هذه الروعة البديعة نقلا فما بالك بالأصل،، العيان بيان....هل أقول : "ياالنبى نوح"؟؟ أم "أنت السماء بدت لنا"
لكم جميعا العرفان..
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

مشاركة بواسطة حسن موسى »

الموزة الثانية
أثناء المجاعات الكبيرة التي اجتاحت بعض البلدان الأفريقية في الثمانينات ، قالوا أن رجلا جائعا غادر قريته ليطوّف بالخلاء يبحث عن أي شيء يقيم الأود.قالوا أن الرجل في نهاية تطوافه جلس، وقد بلغ به الاعياء مداه ، فصلى و توسل الى الله أن يرأف بحاله و يرحمه بشيء من الطعام.قالوا أن الرجل ما أن قام من مكانه حتى وقع بصره على عنقود موز ناضج فسارع و أخذه في لهفة كبيرة و هو يهتف:
الـلّـه ربي ، موز... نحمدك يا ربي النّجّيتني من موتة الجوع.
و بينما كان يأكل الموزة بعد الموزة بتلذذ، وقع بصره على موزة فاسدة، فقطعها من العنقود و رماها أرضا و هو يقول:
دى معفّنة ما بتنأكل لي.
و ذهب في سبيله.
و في اليوم التالي مر جائع آخر يبحث عن أي شيء يؤكل في نفس المكان، فوقع بصره على الموزة الفاسدة التي كان الجائع الأول قد رماها البارحة، فصرخ بفرحة كبيرة :
الله ربي ، موزة معفّنة..
فاخذها و قشرها بحنو و التهمها في سعادة كبيرة ثم رمى قشرتها على الأرض و ذهب ولسانه يردد :
نحمدك يا ربي ، نجيتني من موتة الجوع.
و في اليوم الثالث ، كان جائع ثالث قد سمع اشاعة غريبة عن وجود موز في هذه المنطقة فقصدها و بدأ يبحث بهمة في كل شبر من شعابها. و في نهاية نهاره كان الاعياء قد تمكن منه، فاضطجع و سند ظهره على جذع شجرة جافة.ثم رفع بصره نحو السماء و تضرّع لله أن يرزقه شيئا يؤكل.قالوا أن الرجل ما أن خفض بصره حتى وقع على قشرة الموزة المعفنة، التي كان الجائع الثاني قد رماها البارحة، فتهللت أسارير الرجل و صاح:
الله ربي ، قشرة موزة معفنة..
ثم مال على قشرة الموزة و أخذها و نفض عنها التراب برقّة ، قبل أن يدفع بها الى فمه و يأكلها بتلذذ ظاهر، و لسانه يلهج بالحمد و الشكر للخالق الذي نجاه من الموت جوعا.
هذا الجائع الثالث هو فنان أفريقي معاصر ، و هو يعرف تماما أنه ان لم يلتقط قشرة الموزة المعفّنة، التي تنعم بها عليه الآلهة الأوروبية التي ترعى الفنأفريقانية المعاصرة، فمصيره الموت جوعا وسط لا مبالاة الجميع.هذا الفنان الأفريقي المعاصر على وعي بأن الرعاة الاوروبيين يعرفون أن لا خيار آخر أمامه سوى قبول قشرة الموزة الفاسدة التي قد يمنحونها له في حالة تعاونه معهم.
و هكذا نعرف جميعنا أن فرص الفنان المعاصر، الأفريقي المولد، في عرض عمله في محافل العرض العالمية ـ بما فيها المحافل الأفريقية نفسها ـ تضيق بشكل طردي كلما ابتعد العمل عن مواصفات الفنأفريقانية الرسمية التي يعرّفها الرعاة الأوروبيون ضمن اطار مرجعي تتمازج فيه الاستراتيجيات السياسية و الاقتصادية مع الاعتبارات الانثروبولوجية و مساعي البر النصراني بانواعه.
و في ما وراء هذه التعميمات يجدر التذكير بأن الفنأفريقانية، قبل أن تكون فترينة عرض ينتفع بها نفرمحدود من الفنانين الافارقة يعرفهم الجميع، فكأنهم الـ " المتهمين المألوفين"،
« The Usual Suspects »
في عرض نتاجهم الابداعي للأوروبيين المهتمين بأفريقيا، فهي في مبدأها أداة سياسية تتوسل بالثقافة و تطوّر من كفاءتها ضمن منظور سياسي مستديم و محكم البناء.
و اذا كان للفنانين الافارقة أن ينخرطوا في " بيزنيس " الفنأفريقانية السائدة اليوم فمن الضروري أن يدخلوا هذه الأرض المفخخة و هم على بصيرة نقدية بطبيعتها كفضاء جيوبوليتيكي تتقاطع فيه تناقضات الطبقة و العرق و التاريخ.و جيوبوليتيك الفنأفريقانية كما تطرحه علاقة الاوروبيين بالثقافة الأفريقية، ما زال قارة عذراء تائهة بين تيارات المصالح الاستراتيجية المتضاربة ضمن محيط العولمة المريع.و حين أقول" محيط العولمة المريع" ، فالروع واقع على الأوروبيين قبل الأفارقة،فالسلخ لا يضير الشاة الافريقية بعد الذبح و الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه ، الروع واقع على الأوروبيين كونهم يكتشفون كل يوم غيلان و سعالي عولمانية جديدة( أمريكية و آسيوية) تنازعهم في مستعمراتهم( السابقة؟) و في مناطق نفوذهم وفي أسواقهم التي ورثوها عن آباءهم و تعودوا على استغلالها كأمر طبيعي، و قد تتطاول وتمسك بخناقهم في عقر دارهم الأوروبية نفسها.و الحملة الاعلامية الأوروبية لصالح بناء" الاتحاد الاوروبي" تعتمد أساسا على عنصر التخويف، تخويف المواطن الأوروبي بغيلان العولمة التي تتربص به سواء من جهة أمريكا أو من جهة الصين ، حتى يقبل الانضواء تحت راية الولايات المتحدة الأوروبية القمينة بمواجهة عمالقة السوق المتعولم و حفظ نصيبها في القسمة الوشيكة لثروات العالم المادية و الرمزية.
لفهم جيوبوليتيك الفنأفريقانية ، فالفنان الأفريقي مطالب بتطوير منهجية نقدية سياسية لمقاربة ظواهر الفن الأفريقي المعاصر.و هو موقف يمكن تلخيصه في بضعة أسئلة بسيطة " بوليتكلي انكوريكت" بيد أن منفعتها بيّنة. و هي كالآتي:
1- من يدفع نفقات التظاهرة الثقافية الفنأفريقانية؟
هذا السؤال ينطلق من واقع الفقر المدقع اللاحق ببلدان أفريقيا و الذي يحول بينها و تنظيم تظاهرات ثقافية في أفريقيا ، ناهيك عن تنظيمها في أوروبا.و عموما يمكن القول بأن نوعية الجهة التي تدفع نفقات التظاهرة الثقافية الفنأفريقيانية تؤثّر بشكل حاسم على طبيعة التظاهرة و موضوعها.في واحدة من المنتديات التي نظمها المتحف البريطاني و غاليري هايوارد و أفريكا ريميكس كان النقاش يدور حول موضوع الفن و الهوية في أفريقيا،فطاب لي أن اسأل المتحدث الرئيسي " سيمون نجامي"، قوميسير معرض أفريكا ريميكس، عن هوية الجهة التي تدفع نفقات التظاهرة، و كنت أتوقع من الرجل أن يفتح بابا للريح في اتجاه حكاية الفنان الأفريقي المعاصر و حكاية قشرة الموزة الفاسدة التي تنجيه من الهلاك جوعا، و لكن " سيمون نجامي " المثقف الضليع العارف ببواطن الجيوبوليتيك الأفريقاني عمل " أضان الحامل طرشاء" و أحالني لمسئول مكتب الحسابات في المتحف البريطاني..و تعامي " نجامي " عن المؤسسات السياسية و الاقتصادية التي موّلت أفريكا ريميكس و " الموسم الأفريقي" " أفريكا 5" هو في الحقيقة اجابة صريحة تؤشر لطبيعة الجهات المريبة التي تدفع نفقات الفنأفريقانية ، و سأعود لهذا الأمر في براح منفصل.
2-
لماذا تهتم البلدان الصناعية الغنية و المؤسسات الثقافية و الاقتصادية الأوروبية و الشمال أمريكية ـ و أخيرا الآسيويةـ بالفن الأفريقي المعاصر لدرجة أن تخصص لرعايته ميزانيات ضخمة، تتجاوز أحيانا الميزانيات المخصصة للثقافة في جملة البلدان الأفريقية؟
منذ نهاية الحرب الباردة و الأقوياء- أو من يتوسمون القوة في أنفسهم – يحاولون اعادة اقتسام خيرات العالم المادية و الرمزية و يتوسلون الى ذلك الهدف بتنظيم الاحلاف و المعاهدات السياسية و الاقتصادية و العسكرية.و في هذا المشهد تنطرح أفريقيا بمواردها الطبيعية و بقيمتها الاستراتيجية، كفريسة سهلة يحلم كل من هب و دب بأن يحجز لنفسه فيها موضع قدم لنفوذ أو تأثير سياسي و اقتصادي محتمل.و كل الوسائل تبرر الغايات بما في ذلك وسيلة الفنأفريقانية.و اذا أخذنا مثال تظاهرة "آفريكا ريميكس" ، فان هذا المعرض الذي يعتبر الأكبر من نوعه( أكثر من ثمانين فنانا أفريقيا) سيكون من أهم تظاهرات الثقافية الافريقية المعاصرة في اليابان ، حين يستضيفه متحف " ماوري للفنون" بطوكيو(أبريل /يونيو 2006 ).و اهتمام اليابانيين ( و الصينيين و الكوريين و الهنود ) المتأخر بأفريقيا يمكن فهمه في اطار أزمة الطاقة البترولية التي يتوقعها العالم في العقود القليلة القادمة.و اذا كان اليابانيون و الصينيون ( و آخرون)، قدعارضوا ـ في الامم المتحدة ـ مشروع قرار فرض عقوبات على السودان في قضية دارفور، و اذا كان الايطاليون قد وقفوا، في الاتحاد الأوروبي، ضد حظر بيع الأسلحة الأوروبية لنظام القذافي ، فكل هذه المواقف تؤشر مباشرة الى حرص القوم، شرقا و غربا ،على تأمين مصادر البترول بأي ثمن، و لات " قشة مرّة" تثنيهم.و هذه فولة تحتاج لكيال آخر.
3-
أين تتم التظاهرات العالمية للفنأفريقانية ؟
معظم التظاهرات الكبيرة للفن الأفريقي المعاصر يتم تنظيمها في الحواضر الأوروبية و الشمال أمريكية.و هي تظاهرات تمولها مؤسسات و دول أوروبية و شمال أمريكية لصالح الجمهور الأوروبي و الأمريكي الذي يرى صورته بشكل محمود في المرآة الأفريقية المداهنة.و اذا كانت السنوات الأخيرة قد بدأت تشهد بعض المهرجانات الفنية و البيناليات في بعض العواصم الأفريقية كمعرض " بينالي داك آرت" في السنغال ، و معرض بينالي التصوير الفتوغرافي في مالي، فان هذه التظاهرات تمول بشكل رئيسي من قبل دول أوروبية كفرنسا أو من قبل جهات دولية أوروبية كالاتحاد الأوروبي أو " الوكالة الدولية للفرانكوفونية" أو مؤسسات فورد أو روكفلر أو الأمير كلاوس أو معهد جوتة أو المجلس البريطاني الخ.
هل يمكن أن نستنتج من هذا الواقع أن الفنأفريقانية ليست سوى وجه آخر من وجوه التعبير الثقافي الأوروبي يصنعه الأوروبيون لمنفعتهم الخاصة و لا علاقة لأهل أفريقيا به؟مندري ، لكن الشاهد هو أن معظم نجوم الفن الأفريقي المعاصر التي تطوي شهرتها الآفاق الأوروبية و الشمال أمريكية هم نكرات أو شبه نكرات وسط جمهور الفن في البلدان الأفريقية.
4-
ماالذي يجعل بعض البلدان الأفريقية تبدو أكثر حضورا من غيرها في المحافل الأوروبية للفنأفريقانية بينما يبدو البعض الآخر مستبعدا أو غائبا تماما من دائرة الضوء؟ هل يتم اختيار الفنانين بالنسبة لمواهبهم و قدراتهم الابداعية أم أن الاختيار له علاقة بالمصالح الاستراتيجية السياسية و الاقتصادية التي تطرح نفسها على الجهات المنظمة لحظة تنظيم التظاهرة؟ ما الذي يجعل بلدانا مثل نيجيريا و جنوب أفريقيا تستأثر بنصيب الاسد من حيث عدد الفنانين الذين يمثلونها في التظاهرات الفنية الدولية في العقدين الأخيرين ، في حين أن دولا أفريقية كـ السودان و يوغندا و تنزانيا و اثيوبيا و تونس و ليبيا و النيجر و تشاد و غينيا و غانا و اريتريا وموريتانيا الخ، تبدو غائبة أو مهمشة من قبل الرعاة الأوروبيين الذين ينظمون تظاهرات الفنأفريقانية؟
أظن ـ و الظن الآثم ، كما قلت لكم ، مشروع و مطلوب حين يتعلق الأمر بتفحّص دوافع الأوروبيين في الاعتناء بفن الأفارقة ـ أن قسمة أفريقيا الوشيكة، التي يتهيّأ لها الأوروبيون مع الشمال أمريكيين و بعض الآسيويين ، ضمن النظام (الفوضوي) العالمي الذي عقب الحرب الباردة، تبدو مستحيلة بغير" وكلاء" أفارقة قويين و قمينين بالتذرّع بذرائع الجغرافيا المشتركة و التاريخ المشترك و العرق المشترك، لارسال أفارقة لقهر أفارقة آخرين ، لصالح سادة السوق الرأسمالي المتعولم.و " أفرقة" العنف الامبريالي ، ليس أمرا مستجدا في ذاكرة السياسة الاوروبية الافريقية ، ففي منتصف السبعينات استخدم الفرنسيون أيام الرئيس " جيسكار"، بالتواطوء مع نظام الملك الحسن، استخدموا الجيش المغربي لسحق الانتفاضة الشعبية المسلحة التي كانت تتهدد نظام" موبوتو" في زائير. و قد عمل الجنود المغاربة آنذاك تحت امرة الفرنسيين التامة.غير أن الاستخدام الأداتي للجيوش الأفريقية من قبل الأوروبيين لم يعد ممكنا اليوم ، فالظروف الجيوبوليتيكية للعالم المعاصر صارت تحبّذ منطق" التعاون" مع الأنظمة الأفريقية، و أضع العبارة بين الأهلّة لأن " التعاون " بين الأقوياء و الضعفاء انما يعكس علاقة القوة غير المتعادلة و يمسخ التعاون لمعاني الابتزاز السياسي و الاقتصادي مما شاع في العلاقات الدولية الأوروبية الأفريقية بعد " استقلال" البلدان الأفريقية.و التعاون يتم اليوم بين بعض الأوروبيين و بعض الافارقة لحماية مصالح السوق من عواقب الفوضى الاجتماعية و السياسية في القارة" المظلمة"، بالتي هي أحسن، كما في حالة جنوب أفريقيا الغنية التي يتحرك رئيسها " الأجاويد" ـ على رأس المال الرمزي لانتصارالأفارقة على نظام الأبارتايد ـ بهمة بين الكونغو وساحل العاج و السودان. أو بالتي هي أسوأ، كما في حالة نيجيريا الغنية التي انمسخت شرطيا دوليا لغرب أفريقيا، و جيشها الجرار لا يكف عن الحركة بين ليبيريا و سيراليون، وربما السودان مؤخرا.. و في كل الحالات فان ذريعة التدخل الاولى هي " انسانية بحتة" لحماية المدنيين العزل و النساء و الأطفال.و في الفضاء " الانساني " لا يصح الكلام عن مصير الثروات و المقدرات المادية و الاستراتيجية في البلدان الأفريقية المشتعلة.
و اذا رجعنا لحجوة قشرة الموزة الفاسدة ،فان مغزى الحكاية ينطوي على رؤية متشائمة للعالم المعاصر: فقدر فناني أفريقيا هو أن يتنكبوا عواقب الوجود في عالم الفن المعاصر الذي لا يطيقهم الا كمنبوذين على هامش نظامه الشرير.و في نهاية التحليل ، فان كان الرعاة الأوروبيون للفن على غير استعداد لفهم طموح الفنان الأفريقي و مطالبه ، فذلك ببساطة لأن لا مصلحة مادية أو أخلاقية لهم في تفهّم ما يحدث في الفضاء الاجتماعي الثقافي الذي يعمل ضمنه الفنان المعاصر في أفريقيا.و في سوء ظني أن القوم سيبذلون قصارى جهدهم لتجنب الملابسات الثقافية التي تملك أن تجرهم لمخاطر تفهّم ما يحدث حقيقة في حركة الثقافة النقدية بين الأفارقة.و في هذا المشهد ، مشهد صيانة سوء الفهم المتعمّد تجاه التعبيرات المعاصرة للثقافة الفنية في أفريقيا ، فليس هناك أفضل من حجوة الموزة الثالثة.
أواصل
...........
الأخ محمد علي موسى
شكرا على تقريظك لتصاويري و كلامي
أما بخصوص " أنت السماء بدت لنا" فسأحكي لك يوما حكاية" ود نفاش" في حضرة " السيد" فصبرك.
حسن
صورة العضو الرمزية
Elnour Hamad
مشاركات: 762
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:18 pm
مكان: ولاية نيويورك

مشاركة بواسطة Elnour Hamad »

العزيز حسن موسى
أردت فقط أن اقول بأنني متابع ومسرور جدا لما يجري، وأنني عازم على العودة لتناول إشاراتك إلى حديثي عن البرغماتية. وحتى عودتي ابعث إليك تحية بطعم "الكولوميت"، إن كنت تذكره.
((يجب مقاومة ما تفرضه الدولة من عقيدة دينية، أو ميتافيزيقيا، بحد السيف، إن لزم الأمر ... يجب أن نقاتل من أجل التنوع، إن كان علينا أن نقاتل ... إن التماثل النمطي، كئيب كآبة بيضة منحوتة.)) .. لورنس دوريل ـ رباعية الإسكندرية (الجزء الثاني ـ "بلتازار")
صورة العضو الرمزية
عبد العزيز عبد الماجد
مشاركات: 111
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:34 pm
مكان: الرياض - السعودية
اتصال:

آفريكا ريميكس

مشاركة بواسطة عبد العزيز عبد الماجد »

سلام علي الجميع..
وكل عام وأنتم بخير ...

أيضاً مجلة "فكر وفن" التي ينشرها معهد جوته الألماني وفي عددها رقم (81) – 2005 مع إختيارها لأعمال من معرض "أفريقيا ريميكس” كأعمال مصاحبة لموضوعاتها بين الصفحات، نشرت موضوعاً عن المعرض بعنوان "ما بعد الإكزوتيكية ..أفريقية بتوزيع جديد" كتبه Tim Nevill وترجمه للعربية هيثم الورداني .
وحتى أتمكن من طباعة الموضوع (لأنني لم اتحصل عليه على موقع المجلة على النت) وارساله هنا دعماً لهذا الحوار..ولأن الموضوع قد تناول عدداً كبيراً من الأعمال المشاركة ،في المعرض الذي يدور (حول ثلاث محاور أساسية : المحور الأول هو المدينة والريف، ويستكشف التناقضات بين تجربة الحياة العمرانية والحياة الريفية، مسلطا الضوء على موضوعي الحداثة والأصالة. المحور الثاني هو الهوية والتاريخ، ويتناول الثروة والسلطة. أما المحور الثالث فهو الجسد والروح، ويدور حول أسئلة الهوية الشخصية، الدين والروحانيات، الجنس والجسد.) "كما ورد في المجلة". كذلك مروراً بالمنظمين وبوستر المعرض الى آخره.
عليه ، وحتى انزال الموضوع كاملاً خاصة بعد ما كتبه حسن موسى بإسهاب حول "الفنأفريقانية"..
ولا بأس أيضاً من أن أقتطف الفقرة التي أشارت الى الفنان "حسان" موسى:
"لكن معرض افريقيا ريميكس لا يخلو من لوحة عربية واحدة مرسومة ، وهي للفنان السوداني المنفي حسان موسى وتدعى "العري الأمريكي العظيم" Great American Nude. وتظهر اللوحة معالجة لإحدى كلاسيكيات لوحات العري الفرنسية حيث تتكيء موديل بإغراء على ديوان وثير ، وبدلاً من رأسها ألصق الفنان رأس اسامة بن لادن ذا العمامة على جسدها، وفي الخلفية يرفرف علم أمريكي ملطخ بالدماء.تسير شيري سامبا من جمهورية الكونغو الديمقراطية في الطريق نفسه بعملها "العالم يتقيء" ، حيث تجسد العالم على شكل امرأة بوجه أفريقي وبطن في آخر شهور الحمل، تتقيئ المرأة جسم القارة الإفريقية غير القابل للهضم على شكل دبابات وبنادق، ولمساعدتنا تسرد لنا أسماء قارات أخرى تستحق التقيئ.
وبإستثناء العملين السابقين تظل ذائقة وجماليات "فن الشارع" غائبة عن المعرض. على العكس من ذلك هناك الكثير من الفن الذي يروق للنقاد ومنظمي العروض وأصحاب قاعات العرض ، ويُرضي مقتني اللوحات الذين يتنقلون من معرض أنيق الى آخر في أرجاء السوق الدولي الكبير.
"
---------
صورة

--------* "العالم يتقيأ" لشيري سامبا -نقلاً من موقع: universes-in-universe.de

وحتى العودة
خالص التحايا
صورة العضو الرمزية
عبد العزيز عبد الماجد
مشاركات: 111
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:34 pm
مكان: الرياض - السعودية
اتصال:

مشاركة بواسطة عبد العزيز عبد الماجد »

نسيت أن "أربطكم" بموقع http://www.universes-in-universe.de/specials/africa-remix/e-tour.htm الذي يهيئ فرصة طيبة "وبشكل منظم" التجول في المعرض ..والوقوف على أعمال المشاركين فيه ..


وسلام
صورة العضو الرمزية
الوليد يوسف
مشاركات: 1854
اشترك في: الأربعاء مايو 11, 2005 12:25 am
مكان: برلين المانيا

مشاركة بواسطة الوليد يوسف »

ألأعزاء المتداخلين
منذ أكثر من أسبوع وأنا أكابد للدخول وكتابة الردود لأنو كانت حاصله لي مشكلة في كلمة السر أو هكذا كنت أتخيل علي العموم سأواصل لاحقاً ولي مداخله في موضوعة الريميكس عموماً هي ألآن في طور الأعداد وستري النور قريباً أتمني مواصلة المداخلات للمزيد من توسيع زوايا الرؤي وأثراء الأفكار.
وليد يوسف
السايقه واصله
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

مشاركة بواسطة حسن موسى »



الموزة الثالثة

بعد انهيار حائط برلين صار في وسع أهل برلين الشرقية أن يذهبوا للجزء الغربي من مدينتهم بلا صعوبة. وقالوا أن أهل الشرقية اندفعوا نحو أسواق برلين الغربية في فضول استهلاكي كبير ليروا بأعينهم و ليلمسوا بأيديهم و ليقتنوا بمالهم الجديد ، مال العون الاجتماعي الغربي، ما يستطيعون اليه سبيلا من سلع المجتمع الاستهلاكي التي طالما هجست خواطرهم أيام الحرب الباردة.
قالوا أن الفقراء اندفعوا يشترون الفواكه الاكزوتية التي كانوا يرونها على شاشات البروباغاندا الرأسمالية، و التي لم يكن تقشف النظام الاشتراكي يسمح لهم بتذوقها.قالوا أن الموز كان الفاكهة الاجنبية الاكثر استقطابا لنهم الشرقيين الافتراسي المتفتّح ضمن ألمانيا الموحدة، فكان الواحد منهم يبدأ يومه بموزة في الصباح و موزة بعد الغداء و موزة قبل النوم و الله أعلم.
قالوا أن رجلا ألمانيامن الشرق، في حوالي عقده الخامس،( عمر التجربة الاشتراكية الألمانية) ، دخل برلين الغربية أول مرة فسارع و اشترى كيلو من الموز، ثم استقر على كنبة في حديقة عامة و هو يمنّي النفس بكل الملذات التي حرمه منها النظام الاشتراكي البيروقراطي.
قالوا أن الرجل السعيد أخرج عنقود الموز و أخذ منه موزة و قشّرها بعناية ثم أخرج قنينة ملاّحة صغيرة و جعل يهزّها حتى انتشر الملح على الموزة بما يكفي.بعدها فتح الرجل فاه و قضم قضمة من الموزة و أخذ يمضغها و الفضول في عينيه.و بسرعة غطى وجهه تعبير من الامتعاض و فبصق ما في فمه بقوة و أخذ منديلا و مسح فمه في ضيق ظاهر.
سكن الرجل لدقائق و أخذ موزة ثانية و قشّرها بنفس العناية السابقة و أخذ ينظر اليها متأملا قبل أن يأخذ قنينة الفلفل و يهزها فوق الموزة.و ما ان انتهت العملية حتى دفع الرجل بالموزة في فيه و قضم منها قضمة كبيرة و بدأ يمضغها و في عينيه فضول جديد.و لم تمض ثوان حتى تقلص وجهه من الاشمئزاز فبصق مرات و مرات و تمضمض و نفث و زفر و الفلفل يلهب لسانه.
قالوا أن صاحبنا أخذ يتأمل في عنقود الموز الباقي و خاطره عامر بأكثر من سؤال في أمر هذه الفاكهة الغريبة التي طالما سكنت هواجسه في سنوات الحرمان الاشتراكي.و بعد تفكير استقر أمر الرجل على أن يمنح نفسه فرصة أخرى.فنظر الى حزمة الموز و اختار منها أكبرها، و قشّرها ثم أخرج من جيبه قنينة الخردل ودلق بعضا من محتواها الاصفر على الموزة و توكل و قضم قضمة و هو يمنّي النفس بحل سعيد لمعادلة الموز العويصة.قالوا أن الرجل ما كاد يشرع في مضغ الموزة المخردلة حتى صعد الخردل الحارق في خياشيمه فسال دمعه و شهق و عطس قبل أن يقذق ما في فمه كمن كان يمضغ جمرا أحمرا كريه الطعم.
قالوا أن الرجل بقي زمنا يتأمل في الموز الماثل أمامه قبل أن يحمل كيس الموز في حزم ظاهر ويرمي به في القمامة و هو يدمدم في غضب:
" دي بانان است نيشت قوت
Die banane ist nicht gut !

ان عولمة السوق الثقافي تبذل للأوروبيين فرصة التمتع بكافة منتجات العالم الثقافية( بما فيها الموز).و منظمو معارض الفن غير الأوروبي في بلدان أوروبا و شمال أمريكا صاروا، اليوم ، على يقين تام من بأسهم المادي و الاعلامي الكبير، و من قدرتهم على التصرف في منتجات الفن غير الأوروبي، التي توجد في عهدتهم ، بتدابير معارضيةو متاحفية عالية الكفاءة، بما يضمن لهم توجيه المعروضات بما يوافق الأجندة السياسية و الاقتصادية لرعاتهم.و أجندة رعاة الفنأفريقانية بسيطة ـ بل بدائية ـ تتلخص في الانتفاع بالتظاهرات الثقافية و الفنية من مهرجانات ومواسم و بيناليات الخ في تمويه واقع علاقة القهر و الهيمنة و الافتراس التي تؤمن لمجتمعات أوروبا و شمال أمريكا حظواتهم المذنبة ، سواء على الصعيد المادي (الأفارقة يصدرون المواد الخام و البترول و المعادن و المنتجات الزراعية للأوروبيين ويستقبلون منتجات البلدان الصناعية في أسواقهم) أو على الصعيد الرمزي(أفريقيا هي المشهد المثالي لعرض تجليات الرسالة التحديثية الانسانية و تعبيرات أعمال البر النصراني لاطعام الجوعى و انقاذ الأطفال والأفيال و هلمجرا).
و حين أتحدث عن رعاة الفنأفريقانية ، فأنا أعني هؤلاء الرجال و النساء البواسل الذين لا يراودهم أدنى شك في كونهم ضالعين في مشروع ثقافي و انساني كبير.بل و فيهم من يفخرو يتبجح بالدعم الذي يبذله للثقافة الأفريقية و للقارة بحالها ، على صورة " تيري ديماريست" رئيس مجلس الادارة و المدير العام لشركة" توتال " الفرنسية التي تكفلت بالنفقات المادية لمعرض آفريكا ريميكس في باريس.يقول "تيري ديماريست" في المقدمة القصيرة التي تتصدر الكتالوج الفرنسي لمعرض" آفريكا ريميكس" و المعنونة:
" توتال ترعى معرض آفريكا ريميكس
تحتل توتال المركز الرابع بين كبريات شركات البترول العالمية. و قد عرفت شركة توتال بالتزامها القوي و القديم تجاه أفريقيا ،و هو التزام يمتد لأكثر من ستين عاما. و قد تجذر حضور توتال في أكثر من أربعين بلدا أفريقيا، و ذلك في مجالات تنقيب و انتاج و توزيع البترول.وغني عن الذكر أن على الشركة معرفة و تفهم المجتمعات التي تستقبلها و أن تكون على انتباه لخصوصياتها الثقافية و الاجتماعية و الاقتصادية.أن أفريقيا قارة مركبة ، متعددة الوجوه والمفاجآت.و قد تمكنت توتال من بناء قواعد صلبة و تأسيس علاقات ثقة في أفريقيا، بفضل الحوار و الاحترام و تفهّم السكان، في المناطق التي تعمل فيها الشركة".."
و من خلال الدعم الذي تقدمه لمعرض آفريكا ريميكس في مركز جورج بومبيدو، تطمح توتال أن تعبر عن ارتباطها بالقارة الأفريقية، و أنتتيح للجميع فرصة اكتشاف الابداعية و الحيوية الفنية المعاصرة لفنانيها."
( انظر كتالوج معرض أفريكا ريميكس في باريس
Africa remix, L’ art contemporain d’ un continent, Centre Georges Pompidou, 25 mai au 8 août 2005, Catalogue de l’ exposition, P. 6)

و سأحاول في السطور القليلة القادمة تسليط بعض الضوء على توتال بوصفها حالةتستحق التأني بين نماذج الرعاية التي يبذلها الاوروبيون و الشمال أمريكيون لفنون الأفارقة.
فماذا تمثل توتال في المشهد الفرنسي الأفريقي؟
و حين أقول " المشهد الفرنسي الأفريقي" فعبارتي تغطي ذلك الجزء من أفريقيا الواقع تحت تأثير النفوذ الفرنسي بصورة أو بأخرى.و قد سك الباحث الفرنسي الأفريقاني فرانسوا اكزافيي فيرشاف عبارة " لا فرانسأفريك"( يمكن ترجمتها في، صيغة الاضافة، بعبارة " فرنساأفريقيا " أو " أفريقيا فرنسا") التي استقرت في الاستخدام الفرنسي كتعبير عن تركيب علاقة الجيوبوليتيك المميزة بين القيادة السياسية الفرنسية والسلطات الأفريقية.و لفيرشاف كتاب قيم عنوانه " لا فرانسأفريك ، أطول فضائح الجمهورية"يعتبر من أميز الدراسات النقدية الفرنسية في موضوع جيوبوليتيك أفريقيا الفرنسية
Francoi-Xavier VERSCHAVE, La Françafrique, le plus long scandale de la République, Editions Stock, 1998.
.و سأحاول تقديم عرض لكتاب فيرشاف في براح مستقل كونه يساعد في عقلنة بعض أوجه السياسة الأفريقية التي تمسنا وبلادنا في علاقة جوار و تداخل ثقافي و سياسي و عرقي مع بلدان أفريقية متأثرة بتحولات السياسة الفرنسية.و يتعرض فيرشاف بتفصيل للدور الذي لعبته و تلعبه شركات البترول الفرنسية توتال و الف في ساحة الصراع السياسي الأفريقي.
المهم يازول ، حتى لا ننسى سؤال توتال فسنكتفي هنا بمقتطف موجز من وثيقة نشرتها جمعية سيرفي (البقاء) التي ينشط أعضاءهافي موضوع العلاقة بين فرنسا و أفريقيا ،
www.survie-france.org
و هي جمعية فرنسية ، لا ربحية ، تعمل من أجل الديموقراطية و التنمية في البلدان الافريقية.و تعرف الوثيقة " توتال"باعتبارها الواجهة المقبولة التي تخفي وراء براءتها التجارية كل الرذائل السياسيةلشركة " إلف"، التي " شالت وش القباحة " في أفريقيا و استنفذته تماما لصالح الامبريالية الفرنسية.تقول وثيقة جمعية سيرفي:
"تعتبر شركة " إلف" للبترول من أهم المشاريع الاقتصادية للدولة الفرنسية بعد تحرير فرنسا في1945 ، كونه مشروع ذو تبعات سياسية ، لأنه يتعلق بتأمين الاستقلال الفرنسي على صعيد مصادر الطاقة ( النفطية و النووية). و قد كان" بيير غيوما"، رجل المخابرات الفرنسية ذي التوجه الديغولي،من أول مؤسسي شركة"إلف" للبترول.و حين عاد" ديغول " للسلطة في عام 1958، كان يحتاج لأداة بترولية أكثر مرونة من " الشركة الفرنسية للبترول"( و التي أصبحت " شركة توتال " لاحقا).فأسس شركة "إلف" في 1967 ، و عين "غيوما " رئيسا لها.و لكن " إلف "لم يكن المقصود منها أن تكون مجرد شركة بترولية عادية. لأنها أصبحت واجهة رئيسية لحركة جهاز المخابرات الفرنسية في أفريقيا.فقد كان بين موظفيها بضعة مئات من ضباط جهاز الاستحبارات الفرنسية ، و مولت العديد من المحاولات الانقلابية الأفريقية للمرتزق الفرنسي بوب دينار، و اشترت العديد من المعارضين السياسيين للدكتاتوريات الأفريقية، و ساهمت بشكل رئيسي في صيانة الهيمنة السياسية الفرنسية على المستعمرات الفرنسية السابقة.مثلما ساعدت على تنفيذ جملة من الأعمال المشينة للجمهورية الفرنسية في البلدان الأفريقية، و ذلك تحت اشراف مسؤولين سياسيين فرنسيين كـ " فوكار"( رئيس الجهاز السري العامل في أفريقيا الفرنسية المعروف بـ{ مسيو أفريك} أيام ديغول و بومبيدو) و " باسكوا"( و زير الداخلية اليميني القريب من المتطرفين اليمينيين) و " شيراك"( رئيس الوزراء الفرنسي الديغولي السابق و رئيس الجمهورية الحالي). و سجل مناقب "إلف" عامر بأعمال متنوعة بين الانقلابات و تمويل التزوير الانتخابي و اثارة الحروب الأهلية ( نيجيريا، أنجولا ، الكونغو برازافيل، تشاد الخ). و في بلدان مثل الغابون و الكونغو و الكاميرون فشركة "إلف" هي التي تسيّر شؤون السياسة الفرنسية و تسهر على استمرارية علاقة الـ " فرانسأفريك".و بعد أن طفح الكيل بتواتر فضائح "إلف" في أفريقيا بالذات بعد القضية الكبرى التي تعرف في الاعلام الفرنسي بـ " قضية الف""
L’ affaire Elf
حيث تم تقديم عدد كبير من المسؤولين السياسيين و العاملين في " إلف" للمحاكمة بتهم متنوعة بين أفساد السياسيين الفرنسيين لصفقات بيع الأسلحة غير المشروعة للتلاعب في الأموال العامة." و فضيحة الف و ما تلاها من محاكمات كشفت أمام الجمهور الفرنسي عن الأساليب التي كانت تستخدمها الشركة في افساد السياسيين.و ترتب على هذا الواقع أن الدولة الفرنسية قررت أن تستبدل اسم "إلف" باسم جديد نظيف ، فنظمت عملية استيعاب شركة " إلف" داخل جسم شركة " توتال" و انمسخت إلف في شكل " توتال" لكن جمهور الاخصائيين الالفيين اياهم مازالوا في مواقعهم"
Les Dictateurs, amis de la France ?
Document de SURVIE, 2005-10-25 www.survie-france.org

و لو أعدنا قراءة مقدمة " تيري ديماريست" على أساس الاضاءة التي توفرها وثائق محاكمة "إلف" لوجدنا أن عبارات تيري ديماريست، المدير العام الحالي لتوتال، لا تدل على نفس الشيء في خاطر الأفارقة الذين يرون ثروات بلادهم تتعرض للنهب بمباركة الزعماء الأفارقة و بطانتهم من " سادة أفريقيا الجدد"، و لات من يقول " البغلة في الابريق".ففي المحاكمات الأخيرة التي تلت " فضيحة إلف" عرف الجمهور الفرنسي ( و الأفريقي) أن رجال" إلف" كانوا وراء الحرب الأهلية في الكونغو برازافيل، بل أن "إلف" كانت تمول كل الأطراف المتقاتلة في نفس الوقت، و هي حرب راح ضحيتها أكثر من
مئتي ألف شخص. و قد اعترف " لويك لوفلوش- بريجون"، رئيس " إلف" الأسبق ( بين 1989 و 1993 )، و الذي أدانه القضاء الفرنسي بتهمة الفساد وسرقة المال العام،اعترف في كتابه" قضية إلف ، قضية دولة"، بأن" دولة الكونغو كانت تحت سيطرة شركة إلف".
F .x. Verschave, Noir Silence, Les Arènes.
L. Le Floch-Prigent, Affaire Elf, Affaire d’ Etat,Galimard,2001.
أقفل أقواس الاستطراد في موضوع "إلف/ توتال" هنا و أعود لحديثنا في صدد الرعاة الأوروبيين للفنأفريقانية المعاصرة.حفنة من الرجال و النساء الناشطين في المؤسسات الحكومية و الأهلية، يربطها و يوجه خياراتها، بالنسبة لدعم انواع التعبير الفني في أنحاء القارة ، ميثاق بعضه مكتوب، و بعضه مضمر ،حسب تحولات البيزنيس و المصالح السياسية الاستراتيجية.يعني بالعربى ربّاطين و حرامية و كتالين كتلة نسأل الله أن يكفينا شرهم و يدينا خيرهم (و لو كان قشرة موزة معفّنة).و أخلص من كل هذا الى ضرورة التأنّي عند دوافع الرعاة الأوروبيين و الشمال أمريكيين لفنون الأفارقة.كون معظم هؤلاء الرعاة يتلاقون و تتقاطع مصالحهم عند محاور و أحلاف و منظمات مربوطة اما بالشركات متعددة الجنسية أو بجهات رسمية حكوماتها ضالعة في منظمة حلف شمال الاطلنطي.(كما المجلس البريطاني و اللجنة الأفريقية في بريطانيا و الجمعية الفرنسية للحركة الفنية (آفا) و برنامج آفريك أون كرياسيون و وكالة الفرانكوفونية في فرنسا و معهد غوتة و شركة الكهرباء لجنوبي ألمانيا إي أون و مجموعة شركات مترو في ألمانيا و مؤسسة الأمير كلاوس في هولندا و مؤسسة فورد و روكفلر و ستاندار بانك و مجموعة شركات التريا( مارلبورو) وتويوتا و ايرفرانس و لوفتهانزا و هلمجرررررررررررا
IBM,CIA ,ABC, DEFGHIJKLMNOPQRSTUVWXYZ
و في معية كل هؤلاء الرعاة الميامين نادرا ما يجد الفنان الأفريقي المعاصر نفسه في علاقة حوار فكري و فني مع ممثلي المؤسسة الراعية بوصفهم أشخاص منخرطين بصورة أو بأخرى في قضايا الثقافة و المجتمع الأفريقي. و الغالب هو أن الفنان الأفريقي يدبر حاله مع نوع من كائنات بيروقراطية مستعجلة كل همها انجاز البرنامج السياسي للتظاهرة وفق الآجال المعلن عنها و داخل حدود الميزانية الممنوحة.و تجاهل الرعاة للأسئلة الثقافية و الاجتماعية الحقيقية، التي تستبطن المشاريع الفنية للفنانين المعاصرين في أفريقيا، يؤدي بالضرورة الى افراغ أعمال الفنانين من محتواها الاجتماعي و تحييد التظاهرة الثقافية بالنسبة لقضايا أفريقيا الرئيسية: قضايا التنمية و الديموقراطية و العدالة الاجتماعية.كل هذا يردنا لحكاية الرجل الألماني الذي خلص الى ادانة الموز بكونه" غير صالح للأكل" لمجرد كونه يجهل طريقة أكله.و صاحبنا معذور لأنهم باعوه الفاكهة الاكزوتية بدون " دليل الاستعمال" اياه.لكن رعاة الفنأفريقانية و عملاءهم بعيدون كل البعد من غشامة الرجل الالماني الذي أراد تبهير الموزة.لا، رعاة الفنأفريقانية عندهم" دليل استعمال" خاص بهم غايته صيانة سوء الفهم و تكريس الظواهر الثقافية الأفريقية كطلاسم أزلية غير قابلة للفهم ، و بالتالي لا داع للتعب. فهذه هي أفريقياكما كانت و كما ستبقى أبد الدهر : سر غامض ساحر خارج التاريخ.و ضمن مشهد سوء الفهم الطوعي دأب رعاة الفنأفريقانية على تبهيرنا ،على نحو اعتباطي، في كل مرة ببهار جديد.و بهار الـ "ريميكس" ( الخلط المجدد) الذي حاولوا أكلنا به هذه المرة لا يمثل أول محاولة لتطييب لحمنا في مطبخ القهر الثقافي الأوروبي. و سأحاول في السطور القادمة تقديم بعض المحاولات الرئيسية التي توسل بها طهاة الفنأفريقانية لتبهير لحم الفنانين الافارقة ببهار أصالة ثقافية يتصورها الأوروبيون لأهل القارة
.
صورة العضو الرمزية
Elnour Hamad
مشاركات: 762
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:18 pm
مكان: ولاية نيويورك

مشاركة بواسطة Elnour Hamad »

مجرد ملاحظة
لماذا يا ترى ترك الرفيق فيدل كاسترو الرفاق في بلاد الرفيق أيريك هونيكر بلا موز طيلة حقبة الحرب الباردة، والموز في كوبا على قفا من يشيل؟

شكرا حسن على كلماتك، ولم أكن أظن أنك لا تزال تذكر ما حكيته لك من مأثورات عمي زروق ود حمد ود زروق الذي ينسب إليه أهلنا قصة الأسبوع الذي لا عمل فيه كما تفضلت بذكرها. لم أكن أتصور أنك قد حفظتها حين قصصتها عليك. أكثر من ذلك، لم أكن أتصور أنك قد أبقيت عليها في ذاكرتك عبر ما يزيد على الثلاثين عاما!! وما دمت تذكر تلك القصة "بزنافلتها" فأنت أذن تذكر "الكولوميت" وبوضوح أكثر. ولربما تذكر أيضا كثيرا من "اشياء شيقة" أخرى. كما قال شاعر مجلة "مواقف"

(وأكتب شعرا شعبيا للأطفال
وأشياء شيقة أخرى
لا كركة هذا العصر،
ولا السكسون،
يمكنهم تعريف أساسي).

أما الحوار الجمهوري/الجمهوري الذي خرج على الملأ فقد خرج متأخرا كثيرا، ومع تأخره فقد خرج متعثرا. ولئن يخرج على أية هيئة كانت خير من ألا يخرج البتة. وسيكون همي منصبا على إخراجه للملأ وإدارته في الهواء الطلق. فذلك أليق بمقام وسيرة ألأستاذ محمود محمد طه. فهو رجل قد انطبقت سيرته وسريرته. ولسوف يستمر هذا الحوار ولسوف يتسع ولسوف يتعمق. وهدفي منه هو محاولة تحرير صورة الأستاذ محمود محمد طه الإنسان، من قبضة عبدة "الأيقونات" وهواة "الطلسمة"، من القائلين بنهاية التاريخ وتمام رفع الأقلام وجفاف الصحف. وهناك الكثير القادم في هذه الوجهة في القريب.

وبناء على ما تقدم، فإن لي ملاحظات على ما كتبه الأستاذ خالد الحاج. أيضا لي ملاحظات على ما تفضلت أنت بالإشارة إليه أيضا وعلى نحو مختصر فيما يتعلق باستغرابك لربطي للبراغماتية بالعقلانية. وهو أمر تشاركته أنت مع الأستاذ خالد الحاج أيضا. وسأعقب على كلا المداخلتين قريبا.

إشاراتك إلى تربيتي الدينية، في معرض حديثك، وذكرك لانتسابي إلى بيت ديني صوفي، إضافة إلى التصاق إسم "الترابي" بإسمي الذي فاجأك لاحقا كما فهمت من عباراتك، إشارات لم تكن مبينة بالقدر الكافي، وقد عهدت فيك الإبانة. عموما هذا سمر سوف يطول ونريد له أن يطول.
تحياتي لباتريشيا والعيال.


[color=da
rkblue][/color]
((يجب مقاومة ما تفرضه الدولة من عقيدة دينية، أو ميتافيزيقيا، بحد السيف، إن لزم الأمر ... يجب أن نقاتل من أجل التنوع، إن كان علينا أن نقاتل ... إن التماثل النمطي، كئيب كآبة بيضة منحوتة.)) .. لورنس دوريل ـ رباعية الإسكندرية (الجزء الثاني ـ "بلتازار")
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

مشاركة بواسطة حسن موسى »

Négritude & Tigritude


الزنْوَجة و الاستنمار


بهار الزنوجة..داكار 1966
في المهرجان العالمي الأول للفنون الزنجية الذي انعقد في داكار1966
، تم اختزال التعدد الواسع للثقافة الأفريقية لبعدها الزنوجي وحده.و قد لعبت الوضعية الخاصة لـمهندس المهرجان، الشاعر الفرانكوفوني " ليوبولد سيدار سنغور" ، بوصفه أحد أعمدة حركة الزنْوَجَة" نيغريتود" ،و رئيس دولة السنغال، لعبت دورا كبيرا في اكساب التظاهرة طابع المناورة السياسية الفرنسية ضمن ملابسات الصراع على الموارد و مناطق النفوذ في اطار الحرب الباردة في أفريقيا، سيما و أن السنغال كبلد أفريقي حديث الاستقلال(1963) كان(ولا يزال) في حالة اعتماد شبه كامل على فرنسا.(راجع نصي المعنون " من اخترع الافارقة؟" المنشور في قسم التشكيل/ الأبحاث و الدراسات في موقع سودان للجميع دوت أورغ)
و اليوم ، رغم انتفاء شروط الحرب الباردة في أفريقياالا أن مفهوم الزنوجة ما زال نشطا في بيزنيس الفنأفريقانية ، غالبا بفضل عدد متزايد من الفنانين الأمريكان السود المتسمين بـالـ " آفروآميريكان"( لاحظ أن لا أحد يسمي الفنانين الامريكان البيض بالـ " أوروأميريكان").هؤلاء الفنانون الأمريكان المتأفرقون بذريعة الدياسبورا المريحة يتصرفون في فضاء الفن الأفريقي المعاصر كما لو كانت الثقافة الأفريقية ميراثا عرقيا يخصهم دون غيرهم.(وكت أصلها الحكاية جابت ليها ملكية تراث ثقافي فنحن أولى بملكية تراث الثقافات كلها الأوروبية و الآسيوية والهندأمريكية و...الأفريقية كمان . و الماعاجبه يشرب من بحور الشعر العربي).و من عواقب حركة الزنوجة( نيغريتود) الآفروأمريكية أنها جددت شباب حركة الزنوجة الافريقية التي كانت قد ضعفت تحت تأثير حركات" البان أفريكانيزم" و بعض تيارات حركة التحرر الأفريقي( عبد الناصر المصري و كوامي نكروما الغاني،و فرانز فانون المارتنيكي،و المهدي بن بركة المغربي، و أميلكار كابرال الغيني بيساوي ،و أوغستينو نيتو الأنغولي الخ)و هي التيارات الأفريقية التقدمية التي طرحت مفاهيما اجتماعية تتجاوز الأفق العرقي الضيق لحركة الزنوجة.أقول أن حركة الزنوجة الآفروأمريكية تجدد شباب التيار الجمالي العرقي ضمن حركة الفن المعاصر في أفريقيا لأنها- و بذريعة حجة عرقية اعتباطية ـ ترمم و تدعّم أرضا مشتركة لجزء من الفنانين الأفارقة( السود) في افريقيا مع الفنانين( السود) في أمريكا و أوروبا، على زعم أن سواد البشرة مبرر كاف لتأسيس قرابة آيديولوجيةو جمالية تبرر تجميع نتاج الأشخاص سود البشرة في فئة واحدة. في هذا المربط العرقي ينتفع القوم بحجة الدياسبورا السوداء، ضمن شروط العولمة التي تطرح أمام الجميع ـ بدون فرز ـ فرص اعادة تعريف الحدود و الهويات، و تنطرح الدياسبورا السوداء كاطار آيديولوجي قمين باكساب فن السود في كل القارات طبيعة متعولمة تسوّغ لسدنة فن الدياسبورا السوداء أن يفبركوا تنويعا جديدا من " حرب الحضارات " بين الفن الاسود و الفن الأبيض أو/ و الفن الأصفر(الآسيوي) و الأحمر( الهند أمريكي) و الأخضر ( الاسلامي) و مافيش حد أحسن من حد.و في هذا المشهد أرى نفرا من الفنانين المعاصرين في أفريقيا لا يجد غضاضة في اعادة اختراع الفن المعاصر كخصوصية ثقافية أفريقية مُزَنْوجَة و مقطوعة تماما من ما يحدث في فضاء تاريخ الفن و تأثيرات حركة المجتمع المعاصر داخل القارة و خارجها.و سأحاول ـ في أجل قريب ـ افراد براح منفصل لمعالجة عودة ظاهرة الزنوجة في فن الأفارقة المعاصر.و في الانتظار أظن أن أقرب مثال تحت اليد يجسده الفنان الغاني المقيم في نيجيريا "إيل آناتسوي"،و الذي قام ـ في المتحف البريطاني 11 فبراير 2005 ـ بعرض شرائح لأعماله و علق عليها و رد على أسئلة الجمهور.و "الاناتسوي" من بين الفنانين المشاركين في معرض آفريكا ريميكس.

(لمزيد من المعلومات عن "إيل آناتسوي "أنظرموقع أكتوبر غاليري اللندنية التي تخصصت منذ أكثر من عقدين في عرض الفن الأفريقي
www.octobergallery.co.uk/artists/anatsui/index.shtml
و أنظر أيضا
www.camwood.org/pguest1.htm-5k

www.ethnicarts.org/elanatsui
وفي حديثه الذي دام ساعة كاملة سرد "اناتسوي" سيرته الذاتية و شرح تجاربه الفنية دون أن يشير من قريب أو من بعيد للمصادر أو للتأثيرات الوافدة من حركة الفن الأوروبي على عمله.و رغم أن أي مشاهد عارف بأبجديات تاريخ الفن الحديث يملك أن يلمس التأثيرات القوية للقيّات حركة الفن الأوروبي الحديث في عمل" اناتسوي" الا أن الرجل صمت بشكل مريب عن أي اشارة للتيارات التي تركت بصماتها على عمله مثل " ريدي ميد"
Ready Made
الفنان الدادائي الفرنسي " مارسيل دو شان" يالذات حين تحدث عن استحوازه لركام من جذوع الاشجار داخل غابة بمجرد وضع علامة بصرية على كل جذع. أو "تجميعات" بيكاسو النحتية
Assemblage
التي تطبع جزءا كبيرا من أعمال النحت التجميعي التي عرضها
أو لقيات حركة فناني" البوب آرت" الأمريكان و الأوروبيين ، و بالذات في منحوتات الفرنسي " آرمان" " التراكمية"
Sculpture Accumulative
أو استخدام الفنانين الايطاليين للخامات الطبيعية العضوية ضمن تيار" آرتي بوفيرا"
Arte Povera
(الفن الفقير) الذي ازدهر في الستينات و السبعينات

و غير ذلك كثير مما تعامى الاناتسوي عن رؤيته، فكأن فنه ولد بعفوية من فطرة التقليد المحلي الامي ، تقليد فنون الاسلاف الذين لا تشوبهم شائبة ثقافية أوروبية.المشكلة هي أن "اناتسوي" شخص معاصر تعلم الفن الحديث بشكل نظامي،( دبلوم نحت في مدرسة الفنون بجامعة كوماسي 1968)، و هو مثل أغلبنا، تدرب حسب مناهج مدارس الفنون الحديثة التي تعمل وفق برامج تعليم الفنون في أوروبا، " من طقطق للسلام عليكم".و " طقطق" هذه، تبدأ في فنون" ماقبل التاريخ" ثم فنون تاريخ" العصر الانطيقي" و فنون "العصور الوسطى" يليها "عصر النهضة" و" العصر الكلاسيكية" و انتهاءا بـ " السلام عليكم " في " الفن الحديث"، فن حداثة المجتمع الرأسمالي الذي ابتدره الأوروبيون ثم فلت من قبضتهم ـ لحسن حظنا ـ و صارحقا مشاعا مبذولا لمن يستطيع اليه سبيلا (" و لو كان عبدا حبشيا" أو سودانيا أو سنغاليا أو مغربيا أو مصريا أو هنديا أو صينيا أو غيره ) من عبيد حداثة رأس المال على اختلاف القارات والأعراق .فما الذي يجعل"اناتسوي"، المحاضر الجامعي( رئيس شعبة النحت في جامعة نسوكا بنيجيريا) و الفنان المثقف العارف بتاريخ الفن الحديث، ما الذي يجعله يتعامى عن تداخل التأثيرات و المصادر و المراجع الأوروبية مع عمله الفني في فضاء الفن المعاصر؟
حسب " سوء ظني العريض" ـ و قد أسلفت أن الظن الآثم مشروع و مطلوب عند تمحيص أمور الفنأفريقانية ـ أقول: أظن أن " أناتسوي" يتعامى عامدا من باب الاستجابة لمطالب مؤسسات رعاية الفنأفريقانية التي عوّلت تماما (و" قفلت") على فرضية أن الفن الأفريقي المتزنوج هو" صفقة الغد"
The Business of tomorrow
حسب عبارة سمعتها من أحد منظمي المعارض الألمان مؤخرا.

و تعامي " أناتسوي "،و غيره من الفنانين الأفارقة،عن تأثير المصادر الفنية الأوروبية يسوّغ لرعاة الفنأفرقانية أن يبذلوا لقيات الفنانين الافارقة كاكتشافات عبقرية معزولة و غيرمسبوقة.و كلقيّات تمثل نوعا من قفزة نوعية فريدة في تاريخ الفن، شيء في جسامة اختراع العجلة أو النظرية النسبية.و هذا ضلال مقصود ينتفع به رعاة الفنأفريقانية في طرح الفن الأفريقي المعاصر كظاهرة تتطور على قطيعة كاملة مع معطيات العالم المعاصر، كشيء فريد ، نسيج وحده،و كوجه من وجوه السحر الأفريقي الذي لا يطاله منطق التاريخ.و لا عجب ، فان كان الرعاة الأوروبيون ينظرون لأفريقيا ككيان مشاتر مستعص على التاريخ ، فمن باب أولى أن فن الأفارقة الذي يتصورونه ،هو في واد آخر غير ذلك الذي يجري فيه الـ " ماين ستريم آرت"
Mainstream Art
حسب مجرى التعبير الأوروبي عن الفن الرسمي، الفن المنسوب للتقليد الأوروبي.
تقول حكمة الأهالي ( في مثل من اختراعي) "أن الورل الأعور يقدل كما الملك في بلد التماسيح العمايا".بيد أن المشكلة مع الفنانين الأفارقة الذين يسعون لاعادة اختراع العجلة هي أن التماسيح اياها بعيدة عن العمى، بل هي مفتّحة عيونها تقرأ و تشاهد كل ما يجود به تاريخ الفن القديم و الحديث من أفكار و تصاوير في كل ناحية من نواحي الكرة الأرضية.يعني بالعربي: تاريخ الفن مكتوب و موثّق في متناول الجميع ، و ما من لقية تشكيلية أو فكرة جمالية الاّ ووراءها شجرة عائلة بحالها من الفنانين و النقاد الذين ساهموا في دفعها والذين لا تفوت عليهم شاردة أو واردة الا أحصوها. و اليوم ،اذا كان هناك بين الفنانين الأفارقة من يملك الانخراط ـ عن جهل ـ في وهم الفن الأفريقي المتحقق خارج التاريخ، فهو معذور حتى يتعلم، أما ان كان الفنان الأفريقي ينخرط في الأكذوبة الفنأفريقانية عن سبق القصد و الترصد لأنه وجد فيها مصلحة شخصية ضيقة فالرماد كال حمّاد.
أقول قولي هذا و أنا على قناعة من أن فنان جاد من طينة" أناتسوي" يخسر كثيرا من اخفاء مصادره و مراجعه الأوروبية، و هو يخسر موقعه كفنان معاصر ضالع بتاريخه و بهمومه الأفريقية و بكليته الانسانية في حركة الخلق المعاصر مثلما يخسر صفته كشريك كامل الشراكة و كند أصيل ، ضمن رهط الرجال و النساء المهمومين بتغيير العالم بابداعهم في حال حركتهم و في حال سكونهم.ذلك أن حركة الخلق المعاصر لم تكن يوما ناديا خاصا مغلقا على أعضاءه من ذوي الامتياز الأوروبي الموروث،و لن تصبح أبدا "فرض كفاية" يقوم به البعض فيسقط عن الباقين. حركة الخلق المعاصر هي مشروع حياة أو/و موت المساهمة فيه حق مفتوح و واجب مفروض على الجميع.
أكرر:في ما وراء غشاء الفنأفريقانية المضروب على الرجل، فأناتسوي فنان مهم في مشهد حركة الفن المعاصر ، و عمله الابداعي لم يخرج من طيات كم الساحر الأفريقي
الذي يتوسّمه فيه متعهدو الفنأفريقانية ، و انما هو نتيجة تجربة بحثية طويلة و غنية بمعارف تقنية و جمالية تتجاوز حدود الميراث الأفريقي المزعوم.و الروابط الجمالية والمراجع التقنية التي تربط بين مبحث " اناتسوي" النحتي و مباحث الفنانين الأعلام في حركة الفن الحديث، تبدو لي أكثر أهمية من الروابط و المراجع التي قد تربط عمل" اناتسوي" بتقليد فن النحت الغربأفريقي.أن علاقة القربى الجمالية بين عمل" اناتسوي" و تقليد النحت الأوروبي الحديث انما تنطرح كأمر بديهي يستحيل تمويهه على هواة النحت،ناهيك عن الجور الواقع على الفنان من جراء غمط اضافته الأصيلة لحركة النحت المعاصر.
ان التأكيد على المراجع و التأثيرات الجمالية الأوروبية في عمل "أناتسوي" انما يكشف عن حيوية الحداثة الثقافية الأفريقية التي خرج من تلافيفها رجل كـ "أناتسوي"، فنان واسع الحيلة و قمين بامتصاص تجارب الآخرين و تقاليدهم و تمثلها و اعادة انتاجها في شكل آثار فنية على فرادة ابداعية كبيرة.
أقفل قوس الاستدراك في شأن "أناتسوي" هنا ، على أمل العودة ـ ضمن براح آجل ـ لموضوع الفنأفريقانية كعقبة كأداء أمام تفتح الفنانين الأفارقة في مشهد الفن المعاصر.


و بُهار الاستنمار..لاغوس 1976

مهرجان الثقافة الأفريقية( فيستاك)
FESTAC
، الذي نظمته السلطات النيجيرية في لاغوس عام 1976 ، كان مناسبة طيبة للتعبير عن الروح الـ " كل أفريقاني"
Panafricanism
الذي انتظم المجتمعات الأفريقية في سنوات ما بعد" الاستقلالات" الأفريقية. و أهمية مهرجان " فيستاك" النيجيري تأتي من كونه تم ضمن ظروف جيوبوليتيكية بالغة التركيب، و بالذات بعد " مهرجان الثقافة الكل أفريقية"(بان أفريكانيزم) 1969 الذي نظمته دولة الجزائر حديثة الاستقلال، و التي بدأت تتحرك دوليا، على وعي جيوبوليتيكيي بتداخل أدوارها العربية و الأفريقية،ضمن منظومة مجتمعات العالم الثالث المعادية للامبريالية.و قد شدد الجزائريون على البعد ال" كل أفريقاني" كنوع من اشارة معارضة لـ " المهرجان العالمي للفنون الزنجية و السوداء" الذي نظمه السنغال بتوجيه فرنسي ظاهر كتظاهرة تخص ثقافات الافارقة السود.و لم يقتصر توجه مهرجان الجزائر على نقد سدنة حركة الزنوجة " نيغريتود" باعتبارهم ممثلين لايديولوجيا عرقية و نيوكولونيالية، كما عبّر بقوة ، على منصة منتدى المهرجان، سياسيون أفارقة من وزن الرئيس " سيكوتوري" ،المعروف بمعارضته للهيمنة النيوكولونيالية لفرنسا في بلدان غرب أفريقيا الناطقة بالفرنسية،و الذي وجد في الجزائر المستقلة سندا معنويا و مخرجا من العزلة السياسية الاقليمية التي ضربتها فرنسا على مالي. وجاراه و تضامن معه، مثقفون أفارقة كـالفيلسوف "ستانيسلاس أدوتوفي" الذي يعتبر من أهم نقّاد حركة الزنوجة " نيغريتود".و يمكن القول أن توجّه المهرجان تجاوز أقاليم الفن و الادب ليجعل من التظاهرة الثقافية ملتقى خصيبا للثوريين و قادة حركات التحرر من البلدان الأفريقية و غير الأفريقية. ففي هذا المهرجان التقى ممثلون لحركات التحرر في البلدان الأفريقية التي كانت ما تزال ترزح تحت نير الاستعمار كـ " غينيا بيساو " ( أميلكار كابرال) و " أنجولا" ( أوغستينو نيتو) وممثلين لـ "حزب المؤتمر الوطني الأفريقي"( آفريكان ناشيونال كونغرس) الذين كانوا يخوضون نضالهم ضد نظام" الأبارتايد" في جنوب أفريقيا.بل أن الحضور التحرري المعارض للامبريالية شمل حتى ممثلين من حركة " الفهود السود" الأمريكية التي حملت السلاح ضد السلطات العنصرية البيضاء في الولايات المتحدة و وجد بعض قادتها اللجوء السياسي في الجزائر( ستوكلي كارمايكل).
كل هذه الملابسات التي صاحبت مهرجان الجزائر كان لا بد لها من أن تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على التصوّر الذي عرّفه النيجيريون لمهرجان 1976 .و قد ترتب على تنظيم النيجيريين لمهرجان الثقافة الأفريقية انفجار أزمة دبلوماسية و مفهومية بين نيجيريا و السنغال.ذلك أن النيجيريين انطلقوا من واقع التعدد العرقي و الثقافي لأهل القارة في تعريف الثقافة الأفريقية كشأن يخص كل أهل القارة، بما فيهم عرب شمال أفريقيا. لكن السلطات السنغالية ، التي كانت قد صمّمت المهرجان الأول للثقافة الأفريقية بالتأكيد على صفات السواد و الزنوجة ، اعتبرت أن النيجيريين قد خانوا مبادئ الثقافة الأفريقية كما طرحها مهرجان داكار في 1966.و في الحقيقة كان النزاع المفهومي حول تعريف الثقافة الأفريقية يموّه أزمة سياسيا عميقة بين نيجيريا و السنغال.فأثناء الحرب الأهلية النيجيرية بين الحكومة المركزية و الانفصاليين في" بيافرا"، كانت فرنسا تدعم انفصاليي بيافرا، من خلال حلفاءها الاقليميين في غرب أفريقيا( السنغال و ساحل العاج)، و ذلك على أمل وضع يدها على الثروة البترولية الوفيرة في بيافرا.و من الجهة الأخرى وجدت نيجيريا سندا سياسيا و عسكريا من بريطانيا و العالم الأنغلوساكسوني و بعض الدول الافريقية التي تضامنت مع النيجيريين باسم ال" كل أفريقانية" بما مكن السلطات المركزية من سحق الانفصاليين و تأمين أقليم البترول و صيانة الوحدة الوطنية.
(أنظر ف. إكس. فيرشاف " لا فرانس آفريك") .
و رغم أن نقد حركة الـ " نيغريتود"، أصبح ، ضمن تلك الملابسات ، أدبا شائعا مباحا بين الأفارقة، الا أن ذلك النقد بقي نقدا سياسيا يدحض " النيغريتود" كنوع من مناورة سياسية تتذرع بذرائع الادب الأفريقي و الفن الافريقي لخدمة الأجندة السرية للنيوكولونيالية. و لم يترتب علي نقد الـ " نيغريتود" عمليا أية تحولات نوعية مهمة على صعيد النتاج الابداعي للفنانين و الادباء الافارقة . ذلك أن جل الفنانين و الادباء الافارقة ظلوا مقيمين على احتفاءهم الفيتيشي بالروح الافريقي المتميز، الذي يفترض أنه يكسب ابداع الافارقة خصوصيته و أصالته بين أبداعات الامم الاخرى ،و يبرر الأدب الافريقي و الفن الافريقي كتصانيف مميزة لا يمكن أن تصدر الا عن " طبيعة أفريقية"..فكأننا و الماء من حولنا قوم جلوس حولها الماء.و لعل أفضل مثال على هذه الوضعية الفنأفريقانية العجيبة يتلخص في القولة الشهيرة التي أطلقها الكاتب النيجيري الـ " كل أفريقاني " المعروف " شنوا آشيبي". يوم قال مستشهدا بمثل أفريقي مزعوم :" أن النمر لا يحتاج أن يصرخ معلنا عن هويته ليعرّف الأخرين بأنه النمر، فحسبه انه ينقض على فريسته"، و هي قولة تأيقنت ـ في معني انمسخت أيقونة ـ بفعل الاقتطافات المتكررة وصار نقاد حركة" النيغريتود" ينتقعون بها كما التميمة لابطال مفعول الايقونات العرقية المضادة في ساحة حرب الهويولوجيا المعاصرة.و كلمة " شنوا آشيبي" مهمة كونها تنقل المناقشة في موضوعة الهوية الأفريقية من مشهد الافريقي الواقف موقف الضحية،و الذي يستجدي الآخرين أن يعترفوا بهويته الافريقية المصادرة، الى مشهد الافريقي " العارف عزّه"و " مستريح" في أفريقيته الطبيعية المودعة في دخيلته بشكل فطري لا سبيل لمصادرته أو نفيه. و رغما عن أن هذا الموقف ،موقف الافريقي الواثق من هويته. الأفريقي الذي يكون هويته الافريقية كما يكون الحيوان هويته الحيوانية، هو بلا شك أكثر أناقة و أكبر كفاءة من موقف المطالبة و الصياح أمام الجهات التي لم و لن تأبه بالأفارقة يوما، الا أن قولة الأديب النيجيري ضايقتني ، و ما زالت ، منذ أول مرة قرأتها فيها.أولا لأن النمر حيوان آسيوي لا مكان له في السافانا الأفريقية ، و أظن أن المثل المشهود صيني المصدر.
ترى هل كان الامر سيستقيم لو كان " شنوا آشيبي " مسخ النمر أسدا ؟ مندري .. لكن كون " شنوا آشيبي"، بسبيل الدفاع عن الأصالة الثقافية الافريقية، يضطر لطلب حججه " و لو في الصين "، فهذا الموقف يفسد عليه الاناقة البادية في مقولة الأصالة الثقافية الافريقية التي تبني حكمتها على صورة الحيوانات المستوردة من ثقافات أجنبية. لكن" دا كلُّه كوم.." و حكاية الانقضاض الفوري على الفريسة دي "كوم تاني" .ذلك أنها تلخص الأفريقي ككائن يتصرف وفق نوع من غريزة حيوانية طبيعية مودعة في دخيلته،و سلوكه فطري لا يعرف التحسّب و الرويّة العقلانية التي تسبق الفعل.و هكذا يرسم " شنوا آشيبي" للشخص الافريقي مصيرا سلوكيا يرده الى مصاف الحيوان. و هو مصير تعس حتى و لو كان الحيوان المصطفى في نبل النمر و في جماله. يبدو أن الكاتب النيجيري الكبير، الحائز على جائزة" نوبل" للآداب ـ و بذريعة أفريقيا كمان ـ يستكثر على الانسان الافريقي شرط الانسان ككائن خلاق سلاحه خياله.شرط " ود ابن آدم الغلّب الهدّاي"، كما عبرت شاعرة كردفانية مجهولة، في مدح القائد المهدوي " محمود ود أحمد".قالوا أن الشاعرة " الحكامة" بدأت قصيدتها في مدح " محمود ود أحمد" عقب سلسلة من الشعراء الذين وصفوا محمود بالدود و الباحش و الفيل والجاموس " تور الخلا الرّغاي" الخ.فأتت هي بالقول الفصل في طبيعة " ود ابن آدم" ككائن فريد لا يقبل المقارنة مع أصناف الحيوان و لا حتى مع أصناف الانسان الاخرى.
لقد أراد الكاتب النيجيري الكبير انقاذ الافارقة من مصير الأكل على بهار الزنوجة
" نيغريتود" ،فبهّرهم ببهار جديد اسميه بهار الاستنمار " تيغريتود"
و الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه.
و سأحاول في السطور القادمة التأني عند بهار قديم آخر جدّده الرعاة الاوروبيون و نثروه علينا في واحدة من محاولاتهم الشتراء التي لا تنتهي حتى تبدأ من جديد و هكذا " دواليبك".
...........

النور يا أخانا الذي في الولايات
و ما الزنافلة؟
الزنافلة
هذه و الله واحدة من الكلمات السحريات التي لا تني تلهمني صورا عجيبة متغيرة لقوم خرافيين نجوا من إرم ذات العماد و جابوا الصخر بالواد وقاموا و سافروا و تاهوا و استرزقوا في جيش قمبيز الذي أشيع أنه نفق في الصحراء، و نفد منه فصيل من رماة المقاليع الزنافلة من مسارب الصحراء السرية الى سهل الجزيرة ( في غفلة من صاحب" بندر شاه") و تناسلوا وتكاثروا حتى احتلوا الخاطر و استعمروه تماما في حكاية خالك المشهودة ، و أنا ما زلت في حيرة من أمرهم.أذكر أنني فتحت قاموس اللهجة العامية في السودان فوجدت عون الشريف قاسم يعرفهم بكونهم " فرع من رفاعة" ،فأدركني احباط عظيم، فبمثل هذا الاسم الاسطوري لا بد أن للزنافلة حكاية أطول من مجرد احالتهم هكذا لـ " رفاعة "..
و ما رفاعة حتى يحال اليهاهؤلاء الزنافلة الأماجد ؟؟
النور يا أخانا
الذاكرة كما ترى انتقائية و آيديولوجية و خائنة وو براغماتية ومغرضة غرضا يتجاوز الارادة الواعية و لن تنفع معها الا مكيدة كبيرة، و مازلت أطمع في أن تبرنا ببقية تلك الابيات الشعرية المدهشة التي حفظتها لك ذاكرة بولا من أيام الطلب، و أحلتها أنت ل" شغل الشباب" كما قال" شاعرنا" و هو يتملص من تبعات "أمتي".المهم يازول ، نحن كلنا على ثقة من ان " البعشوم مابوالف" و للكلام صلة ، و قيل صلات، فصبرك يا صاح ، و سلام.
حسن

صورة العضو الرمزية
Elnour Hamad
مشاركات: 762
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:18 pm
مكان: ولاية نيويورك

مشاركة بواسطة Elnour Hamad »

العزيز حسن

لحديثك طعم خاص. وهذا الطعم الخاص هو الذي يجعلني ألتهم "جهنم"، حين تصل إليَّ، في لحيظات. ثم أبدأ في التلفت بحثا عن مزيد!! وهذا الطعم المعتق إنما تمتد جذوره إلى أيام " الـ STS في معهد الكليات التكنولوجية حين كنا نكافح بعوض الغابة بقراءات لورنس دوريل، وأمتي، ومجلة مواقف، وغيرها من القراءات المختلفة، كما سلفت إشارتك في مقام آخر. ثم ثرثرتنا التي لا يوقفها غير النوم. نثرثر في الداخلية، وفي أستديو التلوين، وعند كشك الفول على ناصية إدارة السجون، وفي كنب سينما غرب المعصعص. وفي مشاوير السير على الأقدام إلى سوق الخرطوم في الأمسيات، وإلى سينما كلوزيوم حين تعرض ما يستحق أن نغبر أقدامنا في سبيله.

الزنافلة يا صديقي كما قال قاموس عون الشريف، وهو قاموس مفيد، وليت أحدا زاد عليه، فرع من فروع رفاعة. ورفاعة والبديرية يتشاركون السكن في المنطقة المسماة منطقة ودالترابي. وأرجو ألا يفسد عليك شرح الكلمة في القاموس سحرها وظلالها الأسطورية. فأنا أيضا مسحور بتركيبها وبموسيقاها الفريدة التي تومئ إلى دنيا الأسطورة وبشكل مباشر. كما أن القوم ـ أي الزنافلة ـ يُسَبِّرون، أو يتطيرون من يوم الثلاثاء، فلا يخرجون فيه. هذا ما حُكي لنا بطبيعة الحال. ولذلك استخدمهم عمي زروق ود حمد ود زروق كذريعة لكي لا يخرج هو الآخر ضمن فنتازيا أسبوعه الذي ينتهي بلا عمل تقريبا.

بالمناسبة عمي الراحل، زروق ود حمد ود زروق بناء ماهر وقد رأيته يعمل طيلة أيام الله السبع فوق سقايل البناء تطلع الشمس على هامته وتغيب عليها، وهو لا يكل ولا يمل من البناء. وكان هو وشقيقه الأكبر الحاج ود حمد ود زروق، من المتخصصين فيما يسمى عندنا في الجزيرة بـ "الدواوين" والديوان كما هو معلوم هو دار الضيافة. وقد تميزت بعض الدواوين بكونها البنايات الوحيدة التي كان يتم بناؤها بالطوب الأحمر، في قرى الجزيرة، عند منتصف القرن الماضي. فالدواوين، والمدرسة والشفخانة هي التي تكون من الطوب الأحمر، أما غير ذلك فمن الطوب الأخضر. والمباني التي كانت تبني من الطوب الأحمر لا تبنى بالأسمت وإنما بالطين. كما أنها تكون "قشرة". والقشرة تعني أن تكون الطوبة التي تواجه الخارج حمراء، أما الطوبة الداخلية، فخضراء. أيضا مما يميز الدواوين سمك الحائط. ففي حين يكون سُمك البناء العادي طوبة ونصف، كان سمك حائط الديوان طوبتين ونصف. ولا تزال بقية من هذه الدواوين باقية اليوم. وقد اتسمت هذه الدوايين بالأقواس Arches وفيها شيء من سمات البناء الأسباني الأندلسي الذي يُرى في بعض نواحي المكسيك. وقد كنت ألحظ ذلك الشبه من وقت مبكر، حين أشاهد أفلام الكاوبوي التي تجري أحداثها في قرى أمريكية/مكسيكية كالتي كانت في أطراف تكساس وأريزونا، ونيومكسيكو، وجنوب كاليفورنيا. كما أن الحواف العلوية لهذه الدواوين مزوقة بطوب بارز يشكل زخارف هندسية متكررة مما يجعلها تشبة الجوامع. وهكذا الشيء بالشيء يذكر.

نعم يا رفيق الصبا والشباب "البعشوم ما بيوالف". وأنا إمرؤ ذو طبيعة "بعشومية". بالمناسبة، هل قرأت رواية "ذئب البوادي"، أو "ذئب السهوب" لهيرمان هيسه؟ جرت ترجمتها إلى العربية مرتين، وهذا سبب اختلاف العنوانين أعلاه. "الترجمة التي تمت تحت مسمى "ذئب البوادي" أفضل من رصيفتها في نظر العبد لله. "ذئب البوادي" قصة مدهشة وهي تحكي عن صنف الآدميين الذي وصفته حكامتك المبصرة بأنه قد "غلب الهداي". وهؤلاء هم ذوو الطبيعة البعشومية. و"الولف كتال" كما يقولون. وأعني بـ "الولف كتال" بمعنى الركون للقناعة السائدة، وللتبسيط أيضا.

لم أتملص من شعري العامي الذي كتبته وأنا في السابعة عشرة، مما لا يزال بولا يحفظ نتفا منه. وهو شعر ليس فيه ما يدعو للتملص. كل ما في الأمر هو أنني الآخر لم أعد أحفظ منه سوى نتف هنا وهناك. والقصيدة كما تفضل بولا حين أشار إليها في بوست الترحيب به في "سودانيزأونلاين"، قد جرت كتابتها إثر تجربة ميل قلبي مبكر حدث في بواكير الصبا. فحين أخذ جسد فطين بت ستنا يحدث نتوءات هنا، وهناك ـ وهي صبية مليحة، شقية، و"مهبوشة" ـ اختفت من ساحة اللعب معي، و"بقيت مثل السيف وحدي"، كما قال الشاعر. وهذا ما تبقى في الذاكرة من تلك القصيدة:

كبرنا خلاصْ
وما بنقدر نقيف نسألْ
نقول أهلاً، نقول مرحبْ
منو البِخَمِجْ فِـ ميضة الجامع الواسعة؟
وفي المطمورة مين تاني البِقَعْ تُلُّبْ؟

ومين يا ناس يِصَدِّقْ يومْ
فطين بت ستنا المهبوشة تتنكرْ
لميضة الجامعْ الواسعةْ
وسَكْ الدَّيَكَة والحِمْلانْ؟
شلاقتنا وتنططنا،
دا أصلاً لا حصلْ لا كانْ!

وقالت ليَّ
أصلو الليكَ أبداً ليكْ
ولو سِبْنَا اللِّولى وفاتْ، منو البقدر يسيب عينيكْ؟
دي نحن الفيها اتربينا يوم ورا يومْ
لعبنا السيجة والبِّلي
واتشعلقنا فيها الدومْ
واتعلمنا فيها العومْ
رموشها القنقر الأخضرْ
قطعناهو وعرطنا فريكْ
وكان اللَّيكَ أبدا ليكْ
يكونن لَيْ يمين عينيك!
((يجب مقاومة ما تفرضه الدولة من عقيدة دينية، أو ميتافيزيقيا، بحد السيف، إن لزم الأمر ... يجب أن نقاتل من أجل التنوع، إن كان علينا أن نقاتل ... إن التماثل النمطي، كئيب كآبة بيضة منحوتة.)) .. لورنس دوريل ـ رباعية الإسكندرية (الجزء الثاني ـ "بلتازار")
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

مشاركة بواسطة حسن موسى »

النور يا أخانا الذي في الولايات
سلام و ألف شكر على ايرادك للقصيد المشهود.
هذه كليمة لزوم تصحيح الخطأ الذي هو من عواقب النسيان ابن عم العجلة بنت الشيطان.في حديثي عن حكاية " الاستنمار" نسبت مثل النمر الذي ينقض على فريسته بدلا عن الاعلان عن هويته، نسبته عن طريق الخطأ لشنوا آشيبي، والصحيح هو أن المثل اياه منسوب لوول سوينكا رحمهما الله و جنبهما مصير الصابون الذي يتوعد به العربان كل ما يرد من فضاء العجمان.و في تحليل نهائي ما أظن أن من الأصوب تعديل القولة العربية لتوافق مزاج الفنأفريقانية بتصحيف العين غينا و " كله عند الغرب صابون".
سأعود لكل هذا
سلام
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

مشاركة بواسطة حسن موسى »

بهار " حوار الثقافات"
( باريس 1989 )
في اطار احتفالاتها بمرور مئتي عام على الثورة الفرنسية، نظّمت السلطات الفرنسية ، في عام 1989 معرضا ضخما في متحف الفن المعاصر بمركز" جورج بومبيدو" و بقاعة "لا فيليت" الكبرى في باريس.كان عنوان ذلك المعرض هو " سحرة الارض"
Les Magiciens de la Terre
و ينظر الكثيرون اليوم الى معرض " سحرة الارض" كأحد أهم معارض الفن المعاصر خلال النصف الثاني للقرن العشرين ، كونه انطرح كأول معرض" عالمي" للفن المعاصر ، دون أن تكون صفة" العالمية" مقتصرة على الفنانين الاوروبيين و الشمال أمريكيين.
و يمكن تلخيص الطموح الرئيسي لمعرض " سحرة الأرض" في كونه سعي واع لتعريف منهجية معارضية تسوّغ للأوروبيين أن يستوعبوا في خانة الفن المعاصر مجمل نتاج الفنانين المعاصرين أينما كانوا.و ذلك على مبدأ بسيط فحواه أن كل ممارسة فنية اليوم هي جزء أصيل من عالم الفن المعاصر بصرف النظر عن السياق الاجتماعي أو الجغرافي الذي تتم فيه.و فيما وراء الطموح المعارضي لـ " جان هيوبير مارتان" قوميسير معرض " سحرة الارض"، فللرجل طموح انساني نبيل يؤسسه على فكرة تقدمية جبارة هي فكرة الشراكة العادلة الكاملة بين الرجال و النساء الذين يسكنون العالم المعاصر. شراكة في تراث التاريخ الانساني و في حقوق و واجبات الحاضر و في وحدة الحلم و المصير الانساني.و على هذا لا مناص لنا من التضامن على انجاز اليوتوبيا الانسانية السعيدة التي تنتظرنا في ثنايا الغيب.و في هذا المشهد ينمسخ قوميسير المعارض الى داعية نشط لآيديولوجية "الحوار بين الثقافات"، و حجته المركزية هي أن كل فنان ناطق باسم ثقافته المميزة ، و كل ثقافة أصيلة تقف على قدم المساواة في مواجهة الثقافات المغايرة، بل و كل ثقافة تنظر للثقافات المغايرة كظواهر اكزوتية مشوّقة و مدهشة.( أنظر نصّي " من اخترع الافارقة ؟" المنشور في قسم الدراسات ،فن تشكيلي، في" سودان للجميع دوت أورغ").
و منذ البداية ووجه مارتان بسؤال حرج هو: كيف نستوعب في خانة الفن المعاصر نتاج الثقافات غير الاوروبية التي تجهل" مفهوم الفن" ذاته؟(و هو سؤال يموّه بصعوبة قناعة مارتان السرية بكون مفهوم الفن شأن أوروبي و أن ما ينتجه غير الاوروبيين هو شيء آخرلا يمكن تصنيفه كـ "فن".)و للاجابة على هذا السؤال اضطر مارتان لعمل حفريات آثارية في ما وراء تاريخ الفن، ليحصل على شبهة الفن في بعض ممارسات السحر في المجتمعات البدائية.( و هنا قناعة سرية ثانية لمارتان كونه يحيل المجتمعات غير الاوروبية الى خارج التاريخ و يكرسها ككيانات بدائية معارضة بطبيعتها" السحرية " لمنطق الحداثة الرأسمالية الذي تأسست عليه فكرة الفن كممارسة انتاجية مميزة). و من خلال مفهوم الفن كضرب من السحر يُعَْرقن مارتان ثقافات العالم ليساوي بين المبدعين المعاصرين كقبيل من السحرة و" الكَجََرة" و الشامانيين.و على كل فصفة الفنان كساحر و كشامان كانت قد اسقرت في مشهد الفن المعاصر كصفة ايجابية و جذابة بفضل فنان الـ " هابينينغ" و الـ " بيرفورمانص " ، الالماني جوزيف بويس(1921ـ 1986).واذا كان من النادر اليوم أن تجد بين الفنانين الاوروبيين و الشمال أمريكيين المعاصرين من يقوى على مقاومة جاذبية صفة الفنان كشامان معاصر ، فهو في حكم المستحيل تقريبا أن تجد بين الفنانين غير الاوروبيين من يستنكف عن صفة الفنان الشامان بالذات حين تنطرح صفة الساحر الشامان كضمانة للأصالة الثقافية للفنان الموعود بدخول جنة الفن المعاصر التي يحرسها الاوروبيون.
و هكذا صمّم " جان هيبير مارتان " معرض " سحرة الارض " كملتقى عالمي للسحرة و الشامانيين من كل أجناس العالم وثقافاته بدون فرز.طبعا المشكلة مع هذا النوع من التصنيفات هي أنه لا يترك خانة لنوع الفنانين الافارقة المعاصرين الضالعين في تقليد الفن الاوروبي( أو الآسيوي)، أكثر من ضلوعهم في تقليد الفن الأفريقي و سحره الأصيل المزعوم.
و رغم ذلك يبقى معرض " سحرة الارض "، في نظري، علامة مهمة في مشهد تاريخ الظاهرة المعارضية المعاصرة.بل هو مرجع محوري في تقليد العرض الفني الحديث كونه طرح أسلوبا جديدا في عرض تناقضات المشهد الجمالي المتعولم.و أظن أن جملة مناهج العرض المعاصرة قد تأثرت "، بصورة أو بأخرى،بتجربة " سحرة الأرض. بيد أن معرض " سحرة الأرض"، الذي انطرح عام 1989 كفعل خروج حقيقي على عادات المعارضية الاوروبية،و قيل كـ "فضيحة" ثقافية ـ في المدلول السوريالي للعبارة ـ سرعان ما وقع ضحية لنجاحه الجماهيري الكبير.ذلك أن هذا المعرض بحكم كونه كان يلبي الأماني الطوباوية النصرانية لتجسيد صورة الوفاق السعيد بين الثقافات و الأعراق،فهو سرعان ما ألهم اعدادا متنامية من رعاة و قوميسيري الفن المعاصر بتكرار التجربة تحت مسميات متنوعة، تدور كلها حول محاور" الحوار" بين الثقافات و العلاقة مع "الآخر" و أسئلة "الهوية"و "الحدود" بين الثقافات و" الدياسبورا"و "التحوّل" و" التمازج" و" التداخل" و " الخلط"( ريميكس) الثقافي العرقي و "النظر" المتبادل. وللأفارقة نصيب الأسد في هذا المسعى و القائمة تطول:
1990,New York,Contemporary African artists : Changing Tradition,
New York City Studio Museum,Harlem, with a catalogue preface by Wole Soyinka.
1990,Glasgow Art Gallery,Art from the Frontline,
Frankfurt, Museum fur volkerkunde, Signs of the time : New Art from Africa
1991-94, New york City center for African Art, Africa Explores: 20th century African Art.
1994,Paris , Institut du Monde Arabe, Rencontres Africaines.
1994, Liverpool, Bluecoat Gallery, Seen/Unseen.
1994, Las Palmas de Gran Canaria,Centro Atlantico de Arte Moderno, Another Country, African Stopovers,( 24 artists from Africa and the African Diaspora).
1995, London, Whitechapel Art Gallery,Seven stories about modern art in Africa .
1995, Tokyo,Setagawa Art Museum of Tokyo, An Inside Story, African Art of our Time.
2000,Lyon, 5e Biennale d’Art Contemporain de Lyon, Partage d’ Exotisme .
2001, Berlin,Haus der Kulturen der Welt, The Short Century, Independence and liberation movements in Africa 1945 – 1994.
2001, La Biennale di Venezia,Authentic – Ex –Centric, Conceptualism in Contemporary African Art .
2003,La biennale di Venezia, Fault Lines, Contemporary African Art and Shifting Landscapes .
2004, New York, Museum for African Art, Looking Both Ways, Art of the contemporary african Diaspora.

2004 – 2006 , Dusseldorf, London , Paris , Tokyo etc., Africa Remix, Contemporary Art of a Continent .
2005,Barcelona, Centre de Cultura Contemporania de Barcelona, Occident vist des d’Orient .
2005,Paris, Musée des Arts Derniers,Africa Urbis, Perspectives urbaines .
قلت أن معرض " سحرة الأرض" كان يمثل خروجا مهما على عادات المعارضية الأوروبية كونه أيقظ عالم الفن الأوروبي و أجبر أهله على النظر في موضوعات فنية جديدة و مواقف جمالية جديدة تبذل نفسها كطرف أصيل من تقليد الفن الأوروبي الحديث.و لكن معرض "سحرة الأرض " بعد ستة عشر عاما من افتتاحه استنفذ طاقة الفعل التمردي و انمسخ اليوم لمجرد درس أكاديمي من دروس المعارضية المعاصرة.و معظم منظمي المعارض الناشطين على مشهد الفن المعاصر اليوم هم أفراد في حوالي العقد الثالث أو الرابع من عمرهم ، أي أنهم من جيل الطلاب الذين لم يزوروا معرض "سحرة الأرض " لكنهم درسوه في دروس منهجية المعرض و تاريخ الفن المعاصر حين كانوا طلبة في الجامعات.و يمكن أن نقول نفس الشيء بالنسبة لجيل الفنانين غير الاوروبيين(و الأوروبيين أيضا)ممن استوعبوا درس معرض " سحرة الأرض" و وعوه.كل هذه التحولات تضافرت على مسخ " سحرة الأرض " من موقف الخروج المتمرد على التقليد المعارضي لمجرد تمرين حرفي مدرسي بلا تبعات.و قد تعلم نفر واسع من الفنانين الأفارقة أساليب فبركة نوع الموضوعات و نوع الأشياء الفنية و نوع المواقف المطلوبة في سوق الفنأفريقانية.و بطبيعة الحال ، فان "جان هيبير مارتان" يعرف أكثر من غيره طبيعة المسد الذي انتهى اليه حوار الثقافات المفخخ بمنطق السوق و بسوء الفهم المتعمد المتبادل.بالذات حين تسعى كل ثقافة للمبالغة في التأكيد على ما تدّعيه من خصوصيات رمزية و عرقية حتى تتمكن من تبرير وضعية الحوار و التبادل مع آخرها المزعوم.طبعا كل هذه المناورة لا تتم في فضاء ثقافي محايد يتمتع فيه كل طرف بحرية اختيارطرف الحوار الآخر مثلما يتمتع بحرية أن يحاور أو أن لا يحاور.لا،الحوار بين الثقافات هنا الزامي و كل محاور يعرف دوره كما الممثلين على خشبة المسرح فضلا عن كون هذا الحوار لا يستغني عن شخص " قوميسير" المعرض ، المنظماتي أو المخرج الذي يلعب دور الحكم بين فرقاء قُصّر.وهكذا نجدنا في معرض " آفريكا ريميكس" أمام نوع من ابن شرعي أفريقاني لمعرض " سحرة الأرض"، ابن شرعي ثاني بعد معرض " قسمة الاكزوتية" الذي نظمه " مارتان" بمناسبة بينالي ليون الخامس سنة 2000.و ليس صدفة أبدا أن "جان هيبير مارتان" مهندس " سحرة الأرض" يظل حاضرا في " آفريكا ريميكس" كما العراب الذي يراقب العرض من الكواليس بينما أفضل تلاميذه ، القوميسير السويسري الأسود من أصل كاميروني ، يخلط و "يسوط" كل شيء بكل شيء.
و حين أقول " يخلط كل شيء بكل شيء" فأنا لا أبالغ في شيء ،و تكفيني الاشارة الى ذلك الموقف العجيب الذي شهدناه في واحد من سمنارات المتحف البريطاني على شرف " آفريكا ريميكس" . و هو موقف يجسد البؤِس المنهجي المريع لمعرض " آفريكا ريميكس" كون هذا المعرض انمسخ، بذريعة الخلط ( ريميكس)، الى مساحة من الفوضى المنهجية يختلط فيها حابل الفن بنابل السياسة الأفريقانية و لا أحد يقول للفنانين الأفارقة عينكم في راسكم.ففي ظهر الجمعة 11 فبراير خصص منظمو السمنار المعنون بعنوان :
In and Out of Africa : Art and Identities
حوالي نصف ساعة للبيشوب " دوم دينيس سينقولان"، ليتحدث للحضور عن المشروع الذي يشغله و هو" مشروع تحويل الأسلحة الى أدوات للعمل" الذي تشرف عليه منظمة "العون المسيحي" كريستيان أيد" في موزمبيق.
Transforming Arms into Tools (TAE).
قام الأسقف الموزمبيقي بشرح الدور الذي تلعبه منظمة " كريستيان ايد " الخيرية في استعادة قطع السلاح الناري من الفلاحين الموزمبيقيين عن طريق مبادلة قطع السلاح بأدوات للعمل أو للمواصلات ، كأن تتم مبادلة البندقية بماكينة خياطة أو محراث أو دراجة، او مبادلة المدفع بتراكتور الخ.و حين تجمعت قطع السلاح المستعادة بكمية مهمة عهدت بها الجمعية لجماعة من الفنانين التشكيليين الذين قاموا بتقطيعها و اعادة توظيفها في منحوتاتهم التجميعية او حتى في تصميم بعض قطع الأثاث الفنية.و بعد حديث البيشوب تم عرض فيلم دعائي عن المشروع ، ثم قدّم البيشوب للجمهور مجموعة النحاتين الشبان الذين صمموا منحوتة في شكل شجرة من قطع السلاح المستعاد المجمّع .و هي المنحوتة النصبية التي عرضها المتحف البريطاني في صالته الرئيسية عند المدخل المستعاد من قطع السلاح الناري الذي جمع من الفلاحين الموزمبيقيين.
و قد شاب الحضور في الصالة مزيج غريب من مشاعر الحرج و الضيق( و الغضب في حالتي)أثناء محاضرة البيشوب " سينقولان" ، كون هذا الرجل، على طيب نيته ونبل مشروعه، في بلد عانى و مايزال يعاني من عواقب الحرب الطويلة،انما يخاطب صفوة جمهور الفن الأفريقي المعاصر، من موقعه كداعية ديني، بخطاب في سذاجة البروباغاندا النصرانية البائدة التي لم تعد تنطلي حتى على النصارى أنفسهم.و في حديثه كان " سينقولان"، الذي استأثر تماما بالميكروفون، يركز على مشروع منظمة " كريستيان ايد" أكثر من تركيزه على دور الفنانين الشبان الذين كانوا في معيته، و لم يتح لهم الاّ فرصة دقائق للحديث عن تجربتهم الفنية في اقتضاب . و كان من الواضح أن منظمة " كريستيان أيد" قد وجدت في التظاهرة الفنية الأفريقية منبرا نافعا لعرض نشاطها الخيري على جمهور الفن الأفريقي المعاصر و الاستفادة من الاضاءة الاعلامية المصاحبة للتظاهرة الفنية الأفريقية،و هي تقنية بروباغاندا معروفة أدخل في أساليب القرصنة الاعلامية كون جمعية " كريستيان ايد"، ذات البأس الرمزي و المالي المشهود، تجعل من تظاهرة " آفريكا ريميكس" رهينة اعلامية تسوغ بها الابتزاز الأخلاقي تجاه جمهور الفن الأفريقي .وقد تسنّى لي ـ بين المعقبين المهذبين ـ مخاطبة البيشوب " سينقولان" بملاحظة تتلخص في عدم اقتناعي بكفاءة فكرة تحقيق السلام و التنمية بمجرد نزع السلاح من الفلاحين الفقراء.من جهة أولى ـ و هي جهة انسانية ـ لأن هؤلاء الفلاحون هم، تحت كل الظروف، مجرد فقراء و معدمين يفتقرون لأبسط أدوات الانتاج.و بصرف النظر عن حيازتهم أو عدم حيازتهم لأسلحة نارية يقايضونها بأدوات الانتاج التي قد تمدهم بها جمعية " كريستيان ايد" ( أو غيرها)، فمن واجب كل من يملك مساعدتهم أن لا يتوانى في توفير ما يحتاجونه من أدوات انتاجية تمكنهم من العمل والعيش الكريم دون قيد أو شرط .و من جهة ثانية ـ و هي جهة عملية ـ فان نزع سلاح الفلاحين الفقراء لا يعالج مشكلة الفلاحين و غير الفلاحين من الموزمبيقيين الآخرين ، ميسوري الحال، الذين يملكون السلاح و أدوات الانتاج معا ، فلا يطالهم ابتزاز " كريستيان ايد" .و من جهة ثالثة ـ و هي جهة آيديولوجية ـ ففكرة تحقيق السلام و التنمية بمجرد نزع سلاح الفلاحين الفقراء لا تؤدي ، و ذلك لأن أسباب العدوان و الحرب والاقتتال ليست كامنة في الأسلحة و انما في عمق الواقع الاجتماعي و السياسي الذي يكابده الناس ضمن المجتمع الطبقي التناحري الذي يكابده الافارقة مثل غيرهم من العباد.و لعل أقرب مثال أفريقي على بطلان فكرة نزع السلاح الناري من الفلاحين الفقراء هو ما حدث في رواندا ،عام
1994 ، حيث قام الفلاحون الأوتو الفقراء بقتل حوالي ثمانمئة ألف من الفلاحين التوتسي الفقراء مستخدمين أدوات العمل،" السواطير" المعدنية التي يستخدمونها في حش و تنظيف الزرع.فماذا ستفعل جمعية" كريستيان أيد" مع فقراء رواندا ؟ و بأي حافز تجعلهم يتخلون عن أدوات العمل التي انمسخت لأدوات ذبح و تقتيل؟
كنت أتوقع من البيشوب" سينقولان" أن يعقب على ملاحظاتي من واقع تجربته كموزمبيقي مهموم بمعالجة أسئلة السلام و التنمية ، و لكن الرجل "صهين "و فضل تجاهل اي اشارة لتعقيبي.و قد شغلني هذا الامر و كنت أتساءل عن دوافع هذا النصراني الأسود الأنيق للاعتقاد في سذاجة مشروع كمشروع " تحويل السلاح الى أدوات" كما كان البسطاء في القرون الوسطى يعتقدون في امكانية تحويل المعادن الخسيسة الى ذهب.ترى هل للمسألة علاقة بالاعتقاد النصراني الدارج من أن بني البشر يحملون جرثومة الشر في دخيلتهم كقدر أبدي لا فكاك منه ، بحيث أن فرصة الخلاص الوحيدة الممكنة تتلخص في الحيلولة بينهم و بين وسائل الدمار و هيهات ؟مندري ، لكن النصارى الذين أعرفهم هنا ـ و على تباين المذاهب ـ هم قوم على فطنة و على سعة من الخيال تجعلهم ينفدون من مثل هذه النظرة التبسيطية المشاترة التي يتربص بها أهل البر البروباغاندي على فقراء أفريقيا عند كل أزمة.و في خلاصة حديثي أظن أن ما يستحق التأني في موضوع نزع السلاح من الفلاحين الفقراء في موزمبيق هو أن البيشوب " سينقولان" لم يشر ، لا من قريب أو من بعيد ، لحقيقة أن الأفارقة لا يصنعون الاسلحة النارية التي يصدرها لأفريقيا صناع السلاح في الدول الأوروبية المتمدنة.
و اذا عدنا لحكاية الموزة الثالثة، فمن الممكن تلخيص مغزاها في كون الفن الأفريقي المعاصر كما يبذله لنا رعاته الأوروبيون هو ببساطة " نيشت قوت"، يعني بالعربي
Nicht gut !
و ذلك طالما حرص الرعاة و القوميسرات الأوروبيون على عدم قبول فرادة الفنان الوافد من أفريقيا كشخص راشد ضالع في المبحث الوجودي الجمالي بملء ارادته، و طالما تضامنوا على اختزال الفن الافريقي لمجرد تعبير عرقي أو وطني أو ديني لأهل القارة.
أما لماذا لا يقبل الرعاة الأوروبيون فكرة أن الفنان الوافد من أفريقيا يملك أن يعبر عن فرادة ذاته المبدعة فذلك أمر يمكن تفسيره في براح لاحق.. و سأعود لهذا الامر بتأن في المرة القادمة.
صورة العضو الرمزية
نجاة محمد علي
مشاركات: 2809
اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
مكان: باريس

مشاركة بواسطة نجاة محمد علي »



سلام للجميع
تجدون في هذا الرابط الحوار الذي أجرته صحيفة Africultures الإلكترونية الفرنسية مع حسن موسى بمناسبة مشاركته في معرض"أفريكا ريميكس"، وذلك في عددها الصادر بتاريخ 3 نوفمبر الجاري.
أجرى هذا الحوار معه كلٌ من الكاتبة Lucie Touya، والصحفي Thierry William Koudedji .


http://www.africultures.com/index.asp?menu=affiche_article&no=4094

أتمنى أن يتمكن حسن من الحديث معنا عن هذا الحوار.

نجاة

صورة العضو الرمزية
الوليد يوسف
مشاركات: 1854
اشترك في: الأربعاء مايو 11, 2005 12:25 am
مكان: برلين المانيا

مشاركة بواسطة الوليد يوسف »

العزيزه نجاة
هل من مترجم لنص الحوار ؟

وليد يوسف
السايقه واصله
صورة العضو الرمزية
نجاة محمد علي
مشاركات: 2809
اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
مكان: باريس

مشاركة بواسطة نجاة محمد علي »



سلام يا وليد
وأنا بدوري أحيل السؤال لحسن موسى. هل من دبارة لأمر ترجمة الحوار؟

نجاة


صورة العضو الرمزية
نجاة محمد علي
مشاركات: 2809
اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
مكان: باريس

مشاركة بواسطة نجاة محمد علي »



سلام للجميع

يقيم حسن موسى معرضاً بمدينة نيم الفرنسية من الفترة من 29 نوفمبر 2005 إلى 15 يناير 2006.


صورة

هذا هو ملصق المعرض
صورة العضو الرمزية
نجاة محمد علي
مشاركات: 2809
اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
مكان: باريس

مشاركة بواسطة نجاة محمد علي »

صورة


إحدى اللوحات المعروضة
أضف رد جديد