أمريكا الفقيرة : هل تقضي على أجندة بوش؟

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
صلاح شعيب
مشاركات: 121
اشترك في: الاثنين مايو 30, 2005 12:06 pm

أمريكا الفقيرة : هل تقضي على أجندة بوش؟

مشاركة بواسطة صلاح شعيب »

أمريكا الفقيرة : هل تقضي على أجندة بوش الداخلية

صلاح شعيب:واشنطن

* حفلت الاسابيع الماضية بأخبار غير سارة على صعيد إدارة الرئيس بوش والتي ما أنفكت تواجه أزمة إثر أخرى منذ إعادة انتخابها في العام الماضي.فالرئيس بوش الذي مثل إعادة انتخابه انتصاراً لتيار التشدد السياسي والديني الامريكيين واجه في الشهور الاخيرة عراقاً عنيدا امام سعيه الحثيث لاستقراره حتى يكون مدخلاً لنجاح مشروعه الاستراتيجي الأيدولوجي لدمقرطة العالم العربي بأكمله او على الاقل دمقرطة ما اسمته الخارجية الامريكية بالشرق الاوسط الكبير، هذا المصطلح الذي صاحب أحاديث المتنفذين في إدارته بعد حادثة نيويورك وواشنطون في سبتمبر2001. ما قبل الاعصار كاترينا هبطت شعبية الرئيس الى نسبة أقل من 40 في المئة من اجمالي المستطلعين حول نجاحه في التعامل مع الملف العراقي كما ان نسبة الذين يرون نجاحه في التعامل مع القضايا الداخلية لم تكن احسن مما كانت في الاستطلاعات الماضية.

انتقادات داخلية للرئيس

كارثة كاترينا التي اودت بعدد من المدن الامريكية من بينها نيواورليانز التي دمر الاعصار الحياة فيها تماماً قادت الى وفيات تجاوزت الالف شخص ودمار عدد من منازل المواطنين مثلما قادت الى اعمال شغب واغتصاب للفتيات في معسكرات الانقاذ التي هيأتها الادارة الفيدرالية، وعلى اعتبار ان الافارقة الامريكان يشكلون 90 في المئة من اجمالي سكان لوزيانا فقد تعرضت ادارة بوش الى انتقادات حادة من قياداتهم كون الادارة الجمهورية المتهمة اثنياً وليبرالياً بموالاة الاغنياء واصحاب الرساميل والاستثمارات الكبيرة غضت الطرف عن انقاذ الفقراء السود ولم تسع لمساعدتهم، مؤكدين ان الجانب العنصري لا يزال يحكم امريكا.وبخلاف قادة الافارقة الامريكان فان ادارة بوش كانت تعرضت الى انتقادات واسعة من كل القطاعات السياسية والحزبية وبعض الشخصيات البارزة من بينهم كلينتون ورموز حزب بوش الجمهوري الذين اشتكوا من غياب الاهتمام الباكر بأمر الكارثة.وفي خطوة لترضية الافارقة الامريكان اعلن الرئيس الامريكي ان حكومته ستسعى لاعادة بناء الاقليم مهما كلف ذلك، وتعهد في خطاب للامة الامريكية ان كل هؤلاء الذين شردتهم الفيضانات سوف يعودون الى مدنهم، غير ان التكلفة الاولية التي قدرت بمئتي بليون دولار لإعادة البناء أثارت استفسارات عنيفة من اعضاء مجلس النواب من الحزب الجمهوري الذين تساءلوا عن كيفية الالتزام بتوفير هذا المبلغ في ظل العجز المتواصل في الميزانية بسبب الصرف على اعادة بناء العراق.

السحب من ميزانية العراق

فضلاً عن ذلك فإن بعض منظري الحزب الجمهوري اقترحوا استقطاع جزء من ميزانية الصرف على العراق للوفاء بالالتزامات التي قطعها الرئيس بوش امام الشعب الامريكي غير ان آخرين حذروا من تقليل الاهتمام بالملف العراقي والذي هو من الملفات الاستراتجية المهمة لهذه الادارة.ورغم ان الرئيس بوش كان قد قطع اجازته السنوية المقرر لها خمسة اسابيع وقام بخمس زيارات للمناطق المتأثرة بالاعصار الا ان ذلك لم يقلل من الانتقادات الحادة للاجهزة الفيدرالية التابعة له.وقالت الـ «واشنطون بوست» ان بوش الذي دائماً ما ينمو ويمارس الادارة بالاسلوب الساخن وثقته الزائدة في نفسه وجد ادارته في نقطة ضعف اكدت عجزه الرئاسي، واضافت الصحيفة ان مساعديه الذين لم يسايرهم يوما ادنى شك في قيادته يتسامرون الان انه عرض الشعب الامريكي لمعاناة في ما خص حرب العراق وخطته الجديدة للضمان الاجتماعي واستجابته الضعيفة للتعامل مع اعصار كاترينا.وقالت الصحيفة ان بوش وصف الامم المتحدة من قبل بانها تظل بلا فاعلية اذا لم تدعم غزو العراق ولكنه الان يمدح المنظمة الدولية ويقول انها «تعمل افضل اذا ما تم تعاون امريكي جديد معها.وقد فسر المراقبون ذلك بصعوبة الظروف التي يعانيها الرئيس في العراق مما يستلزم العودة الى مربع المنظمة الدولية التي قد تستطيع انقاذه هناك.

احساس عميق بالفشل

على الجانب نفسه يقول مصدر امريكي سبق له التعاون مع ادارة كلينتون ان حديث بوش في الامم المتحدة يدل على «..إنهم ادركوا فشل نظامهم المأمول في التعاطي الانفرادي مع العراق..«كما ان الكاتب وليام كريستول المعروف بمواقفه المحافظة قال، ان الاحساس بفشل الادارة المحافظة ملحوظ على مستوى السياسات الداخلية فيما وصف أكاديمي بارز الرئيس بوش بالفشل وانه يستلزم البحث عن خطط جديدة لإنقاذ الشعب الامريكي من «الاخطاء التي نتجت من ولايته الاولى والتي ستصاحب ولايته الاخيرة..وان الامل الوحيد الذي بقي امامه هو الاعتراف ان عصره قد ولي».أمريكا الفقيرة وغضب أسود..ويقول روبرت صمويل صن، وهو احد المفكرين الامريكان البارزين، انه يتعين على الامريكان هذه الايام ان يكتشفوا الفقر الذي عانوا منه للمرة الرابعة، ويشير الى ان «الفقر الاول قد بدا في العام 1961 حينما ظهرت أغنية لمايكل هارينغتون..والواقع ان هارينغتون نبه في أغنيته الى الحقائق المرة لمنطقة فرجينيا الغربية وما عاشته من مآسي الفقر، ثم كانت حرب الرئيس ليندون جونسون على الفقر، وفيما بعد جاءت حرب رونالد ريغان على الفقر.أما الان فإن نيواورليانز مثلت المرحلة الرابعة للفقر وأهاجت وعي امريكا مرة أخرى».الى ذلك فإن رياح كاترينا الهوجاء التي عصفت بساحات واسعة من اقليم امريكي لم تكن بحاجة لتبقي السبب الوحيد الذي جعل الكاتب صمويل صن يسعى للتنبيه الى أمريكا الفقيرة هذه، فمن قبله نبهت دراسات عديدة الى حجم الفقر المتزايد في صفوف المجتمع الامريكي حتى ان السيناتور جون إدوارد المرشح السابق للرئاسة ومن ثم نائبا للسيناتور جون كيري الذي خاض معه غمار المعركة الخاسرة ضد بوش ـ تشيني، جعل حملاته الانتخابية تلك آخذة لشكل استدرار عطف هذه «الأمريكا الفقيرة»، وكان إدوارد، كلما سنحت له الفرصة للتحدث امام الناخبين، يقول ان هناك أمريكتين، الاولى غنية والاخرى فقيرة، ولعل إدوارد وجد تعاطفاً عريضا في الشارع الامريكي لصراحته هذه رغم انه تجاوز حياة اسرته الفقيرة حيث صار من قبل مليونيرا في ملابسات مرافعته عن قضية امام احدى المحاكم الامريكية.بوش، الذي أغضب الافارقة الامريكان على امتداد القطر الذين شعروا باهانة كبيرة عبروا عنها بغضب في تنظيماتها السياسية والاجتماعية، وجه واشرف بنفسه في التجهيز لمقارعة إعصار ريتا حيث ان البنتاغون حرك 500 من جنوده للاقليم ووضع 27 الف جندي من الحرس الوطني على اهبة الاستعداد، وضمن مساعيه لاسترداد شعبيته وانقاذ ادارته من التخبط طلب من وزارة الدفاع تجهيز السفن الحربية لمقابلة اية عمليات للانقاذ وكذلك ارسلت وكالة ادارة الطوارئ المركزية مروحيات وامدادات وفرق انقاذ. وسخر مراقبون من ان بوش الان «صار منشغلا بريئا اكثر من انشغاله بالعراق..».

استجواب المخابرات القومية

وسط هذه الظروف وجه اعضاء الكونغرس المنتمون للحزب الديمقراطي مذكرة استجواب لمدير المخابرات القومية لتنوير الاعضاء بشمول حول الظروف في العراق وحول ما إذا كانت الحرب في العراق ساهمت في تقوية الارهابيين الاسلاميين اكثر مما تضعفهم، وقال الديمقراطيون انهم يريدون معلومات كافية عن المقاومة العراقية ودعم حلفاء امريكا لما يجري في العراق وتدريب قوى الامن العراقية وقضايا اخرى ذات صلة بالظروف الخارجية والداخلية.وفي مذكرة وقعها هاري ريد زعيم الكتلة البرلمانية الديمقراطية الى جون نيقروبونتي مدير مجلس المخابرات القومي قدم الديمقراطيون اكثر من عشرين سؤالا تمحورت حول مدى رؤية الاجهزة الامنية عن قوة وحجم وتركيبة المقاومة العراقية وهل انها إكتفت بالمقاومة في العراق ام صدرت تكتيكها المستخدم هناك لإيذاء اوروبا الغربية والولايات المتحدة وافغانستان واقاليم اخرى، وهل ان هناك تعاونا بين عناصر المقاومة وتنظيم القاعدة، وكذا شملت الاسئلة كيفية استغلال جماعة الزرقاوي الصراع في العراق لتجنيد جيل جديد وسط الشباب العراقي.وعلى رغم ان الكتلة الديمقراطية ترى ضرورة الاجابة على هذه الاسئلة وهي خطة للجهر بتبني مواقف مختلفة عن ادارة بوش إلا ان المذكرة خلقت ردود فعل واسعة وسط صفوف الجمهوريين، كما ان الرئيس بوش صرح في مؤتمر صحافي ان هناك اختلافات في وجهات النظر حول المسألة العراقية وانه يفهم جيداً ان بعض المواطنين الامريكان يريدون سحب «جنودنا ولذلك حتى نستطيع الهروب من الازمة..لكن موقفهم هذا هو الخطأ بعينه..سحب جنودنا سوف يجعل العالم اكثر خطورة فيما يجعل امريكا اقل اماناً..».

ارتفاع اسعار النفط

وبينما اضعفت كاترينا وريتا النسيج الجمهوري المحافظ فان تأثيرهما على سعر الوقود قاد الى التذكير بالاجواء الاقتصادية التي اعقبت كارثة الحادي عشر من سبتمبر2001، وبجانب ما تعانيه شركات الطيران الامريكية من إفلاس متكرر وعدم قدرة على تغطية مصروفاتها فإنها عمدت الى تقليص حجم كادرها العمالي حيث تم اعفاء الالاف من اشغالهم لمقابلة الارتفاع الجنوني لاسعار وقود الطائرات، كما ان هناك شركات مختلفة وضعت احتياطات ادارية واقتصادية في حال استمرار ارتفاع اسعارالوقود.وفي غضون ذلك الجدل المتواصل حول التخبطات الادارية والصعوبات التنظيمية التي واجهت الادارة الفيدرالية في الاستجابة الفاعلة لتخفيف أضرار إعصار كاترينا و كذلك ريتا والذي جاء أخف ضرراً.دعا الرئيس بوش الكونغرس لإعطاء قوى الجيش الامريكي دوراً أكبر في مواجهة الكوارث الطبيعية، بيد ان البعض شكك في هذه الخطوة وقالوا انه بدلاً من اختلاق أوامر جديدة من الكونغرس فإن الادارتين الفيدرالية والولائية كانتا في حاجة للتعاون والتنسيق وسرعة المبادرة لإنقاذ ولاية لوزيانا.المنظمات اليسارية والليبرالية المناهضة للحرب كذلك لم تترك هذه الظروف السيئة التي تعاني منها ادارة بوش تمر دون ان تستغلها لصالحها حيث اندلعت مظاهرات تجاوز المشاركون فيها عشرات الآلاف في عدد من المدن الامريكية.

مظاهرات ضد بوش

وفي العاصمة واشنطون تعطلت حركة المواصلات بسبب الحشود الضخمة التي جابت العاصمة وحمل المتظاهرون لافتات تندد بالحرب في العراق وهتفوا ضد الرئيس بوش ونائبه اللذين لم يكونا وقتها داخل البيت الابيض.كما ان المتظاهرين ذهبوا الى جهاز الامن الداخلي وكادوا يشتبكون هناك مع متظاهرين مؤيدين لبوش والجديد ان هذه المظاهرات قد ضمت عددا من الجنود العائدين من العراق وبعض اسر القتلى من الجنود الامريكان في الصراع الدائر الان بين المقاومة العراقية والجيش الامريكي هذا بالاضافة الى عدد من منظمات الافارقة الامريكان الذين شاركوا بنسب كبيرة في اعقاب الاستجابة الضعيفة من الادارة الفيدرالية لما حدث في المدن المتأثرة بإعصار كاترينا .


this article is from al-majalla magazine
In this link below you can see the magazine
https://al-majalla.com/ListPolitics.asp? ... 2&MenuID=0
أضف رد جديد