يوم تهاوى "القصر الرئاسي" تحت سواعد "كبس"

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
عدنان زاهر
مشاركات: 287
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 8:52 pm

يوم تهاوى "القصر الرئاسي" تحت سواعد "كبس"

مشاركة بواسطة عدنان زاهر »

يوم تهاوى "القصر الرئاسي" تحت سواعد "كبس"


الحفلات في الخرطوم تقام عادة في نادي الضباط ، نادي التنس ، دار الأطباء ، دار الصيادلة ، نادي الخرطوم أو حتى في كازينو "حماد العائم" الذي أمر باغلاقه الاٍمام قبل ثلاثين عاما مع مجموعة "العوامات" الرابضة على ضفاف شاطئ لبنيل بدعوى الصلاح والتقوى ، أما أن يقام حفل "هجيج" في القصر الجمهوري فذلك شئ لا يقبله العقل ولم يعتاده الناس.
دقق مدير المراسم النظر في الخطاب الرسمي الأنيق الذي دون فيه الأمر ، ثم جعل عاليه سافله كما يفعل محقق في مستند بدعوى التزوير. لم يجد في ذلك الخطاب ما يتمسك به لمنع قيام ذلك الحفل. فجأة لاحظ أن هنالك فقرة تشترط أن بكون "الصوان" الذي يقام فيه الحفل مجلوبا من محلات "العظمة" ومن ثم تعليق بخط صغير في أسفل الخطاب يبرر ذلك الشرط بأن ذلك تكريسا للأبهة التي تليق بالقصر وتاريخه.
أخيرا وجد مدير المراسم سببا وجيها يستند عليه لاسترداد هيبته المنتهكة ووجوب امتثاله لأمر غير مقتنعا به. سأل بتعالي الشخص الماثل أمام مكتبه الفخم
- هل "الصوان" مجلوب من محلات "العظمة"؟
أجاب الشخص بأدب (نعم سعادتك.)
- من سيكون مسئولا عن نصب هذا الصوان؟
- أنا سعادتك .
- وما هو أسمك؟
- "كبس" سعادتك.
وبفشل ذريع في تمالك النفس صاح مدير المراسم متأففا ( كبس حفل هجيج في القصر الجمهوري ، عجايب آخر زمن!) سرح بفكره بعيدا ( منذ "كتلة" غردون وحتى رحيل مستر "كوكس" لم تطأ أرض هذا القصر أرجل "الرجرجة والدهماء" واستمر سريان ذلك التقليد في زمن المشير الأول والثاني والثالث.) التفت اٍلى كبس وبحدة أمره بالاٍنصراف.
تأبط كبس الأمر وخرج مهرولا مآثرا السلامة فهو رغم جبروته وسطوته يكره ولا يحب التعامل مع السلطة. كما أنه يؤمن ايمانا مطلقا بالمثل الذي يردده كثيرا متعاطي المخدرات ( اٍذا كان أصبعك حكومة أقطعه)
كان عليه أن يستأجر عربة نقل كبيرة لحمل الصوان وملحقاته من محلات العظمة وحتى القصر ، كما عليه والشبيبة القيام بنصب ذلك الصوان قبل وقت كاف من قيام الحفل. نظر الى ساعته التي درج على وضعها في يده اليمنى ووجد أن في الاٍمكان القبام بالمهمة في الزمن المطلوب.
في عصر مبكر بدأ "كبس" العمل في نصب الصوان مع مجموعته المكونة من "جادكريم" أبو التومات والشفاطة ، بدأوا بالحفر داخل الحديقة "المنجلة" بفخامة والتي تقع في الجزء الجنوبي من القصر ، والمواجه للمدخل الرئيسي في الجانب الآخر. النجيلة الخضراء اليانعة تتقافز ممزقة في كل الاٍتجاهات ، والتربة الرقيقة تتهاوى تحت ضرباتهم القوية. أفراد العسكر من الحرس الرئاسي المتسمرين "انتباه" ينظرون بدهشة واستنكار لما يدور أمامهم غير مصدقين ، ودون القدرة على التدخل فقد كان الأمر واضحا وجليا ، عليهم بالمراقبة فقط وعدم التدخل الا عند الضرورة. ضاعف من ضيق أولئك الحرس ذوي الياقات البيضاء المنشأة حضور عربتين كوفد مقدمة للحفل تحمل بعض الشباب لمساعدة كبس ومجموعته. "الوفد الجديد خليطا غريبا من البشر ، يرتدون قبعات "بالمقلوب" من الخلف للأمام ، يأكلون "التسالي" بهمجية ويضحكون عاليا بلا حياء. يتحركون كثيرا ويطأون بأرجلهم الغليظة على الأزهار والورود التي تم استيرادها من هاواي وجزر القمر."
سأل أحد الحراس رفيقه متبرما (من أعطى ذلك الأمر؟)
أجاب الآخر (لا أعرف ولكنه من جهات عليا!) سكت السائل مغلوبا عل أمره.
انتصب الصوان مهيبا بأجنحته المشرعة ، والحبال القوية والمتعددة المثبتة على أعمدة القصر تساعد على توازنه وثباته. الصوان وفقا لتقديرات كبس يسع لعدة آلاف من المواطنين ، غير امتداداته التي خصصت لفناني الحفل واصطفت في الجوانب براميل كبيرة ملئية بالشراب البارد، الساخن والحامض. توافد المدعوون بكثافة للحفل ، في زحفهم أشبه بجراد حط على الحديقة الخضراء. خليطا غريبا من الجراد (صحراوي ، نيلي ، مدني وقروي). الملابس التي يرتدوونها لا يمكن أن تشاهد في القصر أو حتى في شارع النيل المحازي له. الميكروفون عالي الصوت و (الساوند سيستم) لا يعطيان الفرصة للسماع. اختلط الحابل مع النابل. اعتلى المسرح فنانون كبار وفنانون صغار في السن ، فنانون طوال وآخرون قصار ، فنانون يصدحون كالبلابل وآخرون يزعقون. رددت أغاني عاطفية ، أغاني غاضبة ساخطة ، وأخرى حنينة تترجى المعشوق. شوهد كبس تلك الليلة وهو يرقص مع "الفلاتية" ، ومرة يتجاذب الحديث مع "عشة أم رشيرش" ، ثم اعتلى المسرح كورس ل "جفون" ،" الكحلاوي" و "أولاد الموردة". الجميع يرقصون فليس هنالك مكانا ولا رغبة في الجلوس. عندما انتشت الجموع فرحا دوى صوت كبس عاليا مقترحا لماذا لا يجذبون الحبال المتدة من الصوان والمثبتة على أعمدة القصر حتى ينهار. ترددت أصوات عالية مؤيدة ذلك الاٍقتراح المجنون. بدأ الجميع في جذب الحبال بقوة وعنفوان فتلك لعبة مثيرة لم يألفها الجمع من قبل. صوب الحراس المتحفزين بنادقهم تحسبا وهم يفكرون كيف سينتهي ذلك الحفل. فجأة بدأت أعمدة القصر تتحرك وتتمايل في بطء ، عند بدء انهيار أول الأعمدة فتح الحراس النار على الجموع المهللة.
الشهود الذين أتوا بعد ذلك يقولون أن القصر المنهار قضى على كل أفراد الحرس الرئاسي ويضيفون بحزن وانبهار بأنهم لم يشاهدوا طيلة سنوات حياتهم نجيلة حمراء بذلك الجمال والألق.
الجددات يروين أن كبس لم يمت تلك الليلة في حديقة القصر المنهار ، ولكنه مات بعد لك بزمن طويك وبطلق طائش في حفل كان يرغب في تفريقه عنوة بحي الضباط.
حاشية : "كبس الجبة" هو أعتى فتوات الموردة و أمدرمان في فترة أربعينات وخمسينات القرن الماضي.

عدنان زاهر
عمر التجاني
مشاركات: 228
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:28 pm

يوم تهاوى "القصر الرئاسي" تحت سواعد "كبس"

مشاركة بواسطة عمر التجاني »

الأخ عدنان
دي بداية يا عدنان تبدا بيها تعملوا حفلة زي دي وما تعزمونا. والله إتلومتوا
المهم كتر خيرك علي الحكاية. وننتظر المزيد.بس أكان فيها حفلات ورقيص وهجيج ما تنسونا. رغم إني كبرت علي الحاجات دي لكن الطرب ما بطال.
شكرا لك مرة ومرات.
ãÍãÏ ÇáÌÒæáí
مشاركات: 329
اشترك في: الأحد مايو 15, 2005 10:06 pm

مشاركة بواسطة ãÍãÏ ÇáÌÒæáí »

.. .. .. .. ..
العزيز ( الأستاذ ) عدنان ..
اولا مرحب بيك .. وحبابك مهله ..
وشكرا على هذه المتعه .. ومزيد منها ..
لك الأشواق( أ طنان ) ..
مع خالص الود .. والتحايا للأهل






.. .. .. .. ..
تخريمه ..
( الماعندو محبه ماعندو الحبه .. والعندو محبه ماخلى الحبه )
صورة العضو الرمزية
نجاة محمد علي
مشاركات: 2809
اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
مكان: باريس

مشاركة بواسطة نجاة محمد علي »

.

الأستاذ عدنان زاهر،

لا أملك سوى أن أحيي هذه القدرة على مزج الحقيقة بالخيال.
ننتظر المزيد.
أود أيضاً أن أذكِّر قراءك بصفحتك بباب القصة بالموقع:

http://sudan-for-all.org/sections/qissa/pages/kutab/k_qissa/adnan_zahir.htm

ولك مني خالص الود والتقدير.
نجاة
صورة العضو الرمزية
عدنان زاهر
مشاركات: 287
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 8:52 pm

مشاركة بواسطة عدنان زاهر »

الاخ عمر التجاني
التحايا العامره
يا زول الحفل الجاي معانا ما عندك طريقة. مع شكري
عدنان

الاخ محمد الجزولي
الاشواق والتحايا الكثيرة الممتدة. ليك لينا شوق. وشكرا علي الماخلة.
عدنان

الاستاذة نجاة
الشكر الجزيل على المداخلة والقراءة الباطنية.
عدنان
أضف رد جديد