( سقيفة بني ساعدة ) ومصطلح ( الشورى ) : حياةٌ تُكذِب المصطلح

Forum Démocratique
- Democratic Forum
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

( سقيفة بني ساعدة ) ومصطلح ( الشورى ) : حياةٌ تُكذِب المصطلح

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »



( سقيفة بني ساعدة ) ومصطلح ( الشورى ) : حياةٌ تُكذِب المصطلح .

يتعين ألا نصمّ آذاننا من كثرة ما نسمع ،
كما يتعين ألا يستهلكنا السائد .
(1)

نبدأ الآن في تتبع سيرة " تجربة الشورى "عند صحابة رسول الله وهم يحاولون تطبيقها قبل أن يدفن رسول الله ، وذلك من خلال السرد في " تاريخ الطبري – تاريخ الأمم والملوك " لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري ( 224 – 310) هـ . راجعه وقدم له وأعد فهارسه " نواف الجراح " . ونستبق المتحفظين على كل ما أورده الطبري بما يسمونه تقيّة " بالإسرائيليات " في نصوص الطبري ،كي لا نفتح السيرة التاريخية الحقيقية للذين أصبحت محبتهم للرموز التاريخية من صحابة على درجة في تقديس الأفراد ، فنكشف السيرة التي تلبس سلوك الذين يمشون على الأرض ويتجولون في الأسواق مثل سائر الناس ، ويحبون السلطة ويدافعون عنها بالسيوف والرماح . لم تأخذهم مقولة النبي الأكرم :
( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده )

ونواصل

*
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

(2)

النص : (1)
من تاريخ الطبري
من المجلد الثاني : ص 514 – 516 :
ذكر الخبر عما جرى بين المهاجرين والأنصار في أمر الإمارة في سقيفة بني ساعدة

حدثنا هشام بن محمد عن أبي مخنف قال : حدثني عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري أن النبي (صلعم) لما قُبض اجتمعت الأنصار في سقيفة بني ساعدة ، فقالوا : نولي هذا الأمر بعد محمد ( صلعم ) سعد بن عبادة وأخرجوا سعداً إليهم ، وهو مريض فلما اجتمعوا ، قال لأبنه ، أو بعض عمه : إني لا اٌقدر لشكواي أن أسمع القوم كلهم كلامي ، ولكن تلق مني قولي فأسمعموه ، فكان يتكلم ويحفظ الرجل قوله فيرفع صوته فيسمع أصحابه ، فقال بعد أن حمد الله وأثنى عليه : يا معشر الأنصار ، لكم سابقة في الدين ، وفضيلة في الإسلام ليست لقبيلة من العرب إن محمداً (صلعم ) لبث لبضعة عشرة سنة في قومه يدعوهم إلى عبادة الرحمن وخلع الأنداد ، والأوثان فما آمن به إلا رجال قليل وكان ما كانوا يقدرون أن يمنعوا رسول الله (صلعم) ولا أن يعزوا دينه ، ولا أن يدفعوا عن أنفسهم ضيماً عموا به حتى أراد بكم الفضيلة ساق إليكم الكرامة ، وخصكم بالنعمة فرزقكم الله الإيمان به وبرسوله ، والمنع له ولأصحابه والإعزاز له ، ولدينه والجهاد لأعدائه فكنتم أشد الناس على عدوه منكم ، وأثقله على عدوه من غيركم حتى استقامت العرب لأمر الله طوعاً وكرهاً ، وأعطى البعيد المقادة صاغراً داخراً حتى أثخن الله عز وجل لرسوله بكم الأرض ودانت بأسيافكم العرب ، وتوفاه الله ، وهو عنكم راض وبكم غرير عين استبدوا بهذا الأمر فإنه لكم دون الناس فأجابوه بأجمعهم أن قد وفقت في الرأي وأصبت في القول ، ولن نعدو ما رأيت ونوليك هذا الأمر فإنك فينا مقنع ولصالح المؤمنين رضا ، ثم أنهم ترادوا الكلام بينهم ، فقالوا : فإن أبت مهاجرة قريش فقالوا : نحن المهاجرون وصحابة رسول الله الأولون ، ونحن عشيرته ، وأولياؤه فعَلام تنازعونا هذا الأمر بعده ، فقال طائفة منهم : إنا نقول : إذاً منا أمير ومنكم أمير ، ولن نرضى بدون هذا الأمر . ابداً ، فقال سعد بن عبادة حين سمعها : هذا أول الوهن !

*
ونواصل
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

(3)

ونتابع النص : (2)
من تاريخ الطبري:

وأتي عمر الخبر فأقبل إلى منزل رسول الله ( صلعم ) فأرسل إلى أبي بكر ، وأبوبكر في الدار وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ، دائب في جهاز رسول الله (صلعم) فأرسل إلى أبي بكر أن أخرج إليّ فأرسل إليه أني مشتغل فأرسل إليه أنه قد حدث أمر لا بد لك من حضوره ، فخرج إليه ، فقال : أما علمت ان الأنصار قد اجتمعت في سقيفة بني ساعدة يريدون أن يولوا هذا الأمر سعد بن عبادة وأحسنهم مقالة ، من يقول : منا أمير ومن قريش أمير ، فمضيا مسرعين نحوهم ، فلقيا أبا عبيدة بن الجراح ، فتماشوا إليهم ، ثلاثتهم ، فلقيهم عاصم بن عدي ، وعويم بن ساعدة فقالا لهم : ارجعوا ، فإنه لا يكون ما تريدون ، فقالوا لا نفعل ، فجاءوا وهم مجتمعون ن فقال عمر بن الخطاب : أتيناكم وقد زوّرت كلاماً أردت أن أقوم به فيهم ، فلما أن دفعت إليهم ذهبت لأبتدئ المنطق ، فقال لي ابو بكر : رويداً حتى اتكلم ، ثم انطق بعد بما أحببت فنطق فقال : عمر فما شيء كنت أردتُ أن أقوله إلا وقد أتى به أو زاد عليه .

ونواصل
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

(4)

ونتابع النص : (3)
من تاريخ الطبري :

فقال عبد الله بن عبد الرحمن : فبدأ أبو بكر فحمد الله ، وأثنى عليه ، ثم قال : إن الله بعث محمداً رسولاً إلى خلقه وشهيداً على أمته ليعبدوا الله ، ويوحدوه ، وهم يعبدون من دونه آلهة شتى ويزعمون أنها لهم عنده شافعة ،ولهم نافعة ، وإنما هي من حجر منحوت وخشب منجور ، وثم قرأ :
{وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ }يونس18
وقالوا : {... أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى }الزمر3
فعظم على العرب أن يتركوا دين آبائهم فخص الله المهاجرين الأولين من قومه بتصديقه والإيمان به والمواساة له والصبر معه على شدة أذى قومهم لهم ، وتكذيبهم إياهم ، وإجماع قومهم عليهم فهم أول من عبد الله في الأرض وآمن بالله ورسوله وهم أولياؤه وعشيرته ، وأحق الناس بهذا الأمر من بعده ، ولا ينازعهم ذلك إلا ظالم ، وأنتم يا معشر الأنصار ، من لا ينكر فضلهم في الدين ولا سابقتهم العظيمة في الإسلام رضيكم الله أنصاراً لدينه ورسوله ، وجعل إليكم هجرته وفيكم جلة أزواجه وأصحابه ، فليس بعد المهاجرين الأولين عندنا أحد بمنزلتكم فنحن الأمراء ، وأنتم الوزراء لا تفتانون بمشورة ، ولا نقضي دونكم الأمور ، قال : فقام الحباب بن المنذر بن الجموح فقال : يا معشر الأنصار ، أملكوا عليكم أمركم ، فإن الناس في فيئكم وظلكم ، ولن يجترئ مجترئ على خلافكم ، ولن يصدر الناس إلا عن رأيكم أنتم أهل العز، والثروة ، وأولو العدد والمنعة ، والتجربة وذوو البأس والنجدة ، وإنما ينظر الناس إلى ما تصنعون ، ولا تختلفوا فيفسد عليكم رأيكم ، وينتقص عليكم أمركم فإن أبى هؤلاء إلا ما سمعتم فمنا أمير ومنهم أمير .

ونواصل
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

(5)

ونتابع النص : (4)
من تاريخ الطبري

فقال عمر : هيهات لا يجتمع اثنان في قرن ، والله لا ترضى العرب أن يؤمروكم ونبيها من غيركم ، ولكن العرب لا تمنع أن تولي أمرها من كانت النبوة فيهم وولي أمرهم منهم ، ولنا بذلك على من أبى من العرب الحجة الظاهرة ، والسلطان المبين من ذا ينازعنا سلطان محمد ، وإمارته ، ونحن أولياؤه وعشيرته إلا مُدلٍ بباطل أو متجانف لإثم ومتورط في هلكة ! فقام الحباب بن المنذر ، فقال : املكوا على ايديكم ، ولا تسمعوا لمقالة هذا وأصحابه فيذهبوا بنصيبكم من هذا الأمر فإن أبوا عليكم ما سألتموه فاجلوهم عن هذه البلاد ، وتولوا عليهم هذه الأمور فأنتم والله أحق بهذا الأمر منهم فإنه بأسيافكم دان لهذا الدين ممن لم يكن يدين أنا جذيلها المحك ، وعذيقها المرجب ! أما والله لئن شئتم لنعيدنها جذعة ، فقال عمر : إذن يقتلك الله ! فقال أبوعبيدة ك يا معشر الأنصار ، إنكم أول من نصر وآزر ، ولا تكونوا أول من بدل وغير .

ونواصل
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

(6)

ونتابع النص : (5)
من تاريخ الطبري

فقام بشير بن سعد أو النعمان بن بشير ن فقال : يا معشر الأنصار ، إنا والله لئن كنا أولي فضيلة في هاد المشركين ، وسابقة في هذا الدين ما أردنا به إلا رضا ربنا وطاعة نبينا والكدح لأنفسنا فما ينبغي لنا أن نستطيل على الناس بذلك ، ولا نبتغي به من الدنيا عرضاً فإن الله ولي المنة علينا بذلك ألا إن محمداً من قريش وقومه أحق به وأولى وأيم الله لا يراني الله أنازعكم هذا الأمر أبداً ، فاتقوا الله ن ولا تخالفوهم ولا تنازعوهم فقال أبوبكر : هذا عمر وهذا أبوعبيدة فأيهما شئتم فبايعوا ، فقالا : لا والله ن لا نتولى هذا الأمر عليك ، فإنك أفضل المهاجرين و {.. ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ ..}التوبة40 ،وخليفة رسول الله على الصلاة والصلاة أفضل دين المسلمين فمن ذا ينبغي له أن يتقدمك أو يتولى هذا الأمر عليك ابسط يدك نبايعك ، فلما ذهبا ليبايعاه سبقهما إليه بشير بن سعد فبايعه فناداه الحباب بن المنذر يا بشير بن سعد عقتك عقاق ما أحوجك إلى ما صنعت انفست على ابن عمك الإمارة ؟ فقال : لا والله ، ولكني كرهت أن أنازع قوماً حقاً جعله الله لهم . ولما رأت الأوس ما صنع بشير بن سعد ، وما تدعو إليه قريش ، وما تطلب الخزرج من تأمير سعد بن عبادة ، فقال بعضهم لبعض ، وفيهم أسيد بن حضير ، وكان أحد النقباء : والله لئن وليتها الخزرج عليكم مرة لا زالت لهم عليكم بذلك الفضيلة ن ولا جعلوا لكم معهم فيها نصيباً أبداً فقوموا فبايعوا أبابكر فقاموا إليه فبايعوه فانكسر على سعد بن عبادة ، وعلى الخزرج ما كانوا أجمعوا له من أمرهم .

ونواصل
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

(7)

ونتابع النص : (6)
من تاريخ الطبري

قال هشام : قال أبو مخنف : فحدثني أبوبكر بن محمد الخزاعي أن أسلم أقبلت بجماعتها حتى تضايق بهم السكك فبايعوا أبا بكر فكان عمر يقول : ما هو إلا أن رأيت مسلم ، فأيقنت بالنصر ، قال هشام : عن ابي مخنف قال عبد الله بن عبد الرحمن : فاقبل الناس من كل جانب يبايعون أبابكر . وكادوا يطئون سعد بن عبادة فقال ناس من أصحاب سعد : اتقوا سعداً لا تطئوه ، فقال عمر : اقتله قتله الله ، ثم قام على رأسه ، فقال : هممت أن أطأك حتى تندر عضدك فأخذ سعد بلحية عمر ، فقال : والله لو حصصت منه شعرة ما رجعت وفي فيك واضحة ، فقال أبوبكر " مهلاً يا عمر ، الرفق ها هنا أبلغ فأعرض عنه عمر ن وقال سعد : أما والله لو أن بي قوة ما أقوى على النهوض لسمعت مني في اقطارها وسككها زئيراً يجحرك وأصحابك . أما والله إذا لألحقنك بقوم كنت فيهم تابعاً غير متبوع ! احملوني من هذا المكان فحملوه فأدخلوه في داره وترك اياماً ثم بعث إليه أن أقبل فبايع فقد بايع الناس ، وبايع قومك ن فقال : أما والله حتى أرميكم من نبلي وأخضب سنان رمحي وأضربكم بسيفي ما ملكته يدي وأقاتلكم بأهل بيتي ، ومن اطاعني من قومي فلا أفعل وأيم والله لو أن الجن اجتمعت لكم مع الإنس ما بايعتكم حتى أعرض على ربي وأعلم ما حسابي . فلما أتى أبوبكر بذلك ، قال له عمر : لا تدعه حتى يبايع ، فقال له بشير بن سعد : إنه قد لجّ وأبى وليس بمبايعكم حتى يقتل وليس بمقتول حتى يقتل معه ولده ، وأهل بيته وطائفة من عشيرته فاتركوه فليس تركه بضاركم إنما هو رجل واحد فتركوه وقبلوا مشورة بشير بن سعد ، واستنصحوه لما بدا لهم منه ، فكان سعد لا يصلي بصلاتهم ولا يجمع معهم ويحج ولا يفيض معهم بإفاضتهم فلم يزل كذلك حتى هلك أبوبكر رحمه الله .

ونواصل
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

(8)

ونتابع النص : (7)
من تاريخ الطبري

حدثنا عبيد الله بن سعد قال : حدثنا عمي قال : أخبرنا سيف بن عمر ن عن سهل ، وأبي عثمان ، عن الضحاك بن خليفة قال : لما قام الحباب بن المنذر انتضى سيفه ، وقال : أنا جذيلها المحكك ، وعذيقها المرجب أنا ابو شبل في عريسة السد يعزي إلى الأسد فحامله عمر فضرب يده فندر السيف فأخذه ، ثم وثب على سعد ووثبوا على سعد وتتابع القوم على البيعة وبايع سعد ، وكانت فلتة كفلتات الجاهلية قام أبو بكر دونها ، وقال قائل : حين أوطئ سعد : قتلتم سعداَ! ، فقال عمر : قتله الله إنه منافق ، واعترض عمر بالسيف صخرة فقطعه .
حدثنا عبيد الله بن سعيد قال : حدثني عمي يعقوب قال : حدثنا سيف ، عن مبشر عن جابر ن قال : قال سعد بن عبادة يومئذ لأبي بكر : إنكم معشر المهاجرين ، حسدتموني على الإمارة ،وإنك وقومي اجبرتموني على البيعة ، فقالوا : إنا لو اجبرناك على الفرقة فصرت إلى الجماعة كنت في سعة ، ولكنا اجبرنا الجماعة فلا إقالة فيها لئن نزعت يدا من طاعة ، أو فرقت جماعة لنضربن الذي فيه عيناك .

ونواصل
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

(9)

ونتابع النص : (8)
من تاريخ الطبري
المجلد الثاني – ص 591

استخلاف عمر بن الخطاب
قال أبوجعفر : وقال الواقدي : حدثني إبراهيم بن ابي النضر عن محمد بن إبراهيم بن الحارث قال : دعا أبوبكر عثمان خالياً فقال اكتب :
بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا عهد أبوبكر بن ابي قحافة إلى المسلمين ، أما بعد ، قال : ثم أغمي عليه فذهب عنه ، فكتب عثمان : أما بعد ، فإني قد استخلفت عمر بن الخطاب ، ولم آلكم خيراً منه ، ثم افاق ابوبكر ، فقال اقرأ عليّ فقرأ عليه فكبر أبوبكر وقال : أراك خفت أن يختلف الناس إن أفلتت نفسي في غشيتي ، قال ك نعم ، قال : جزاك الله خيراً عن الإسلام وأهله وأقرها أبوبكر رضي الله عنه من هذا الموضع .

ونواصل
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

(10)

ونتابع النص : (9)
من تاريخ الطبري
ص 716 – من المجلد الثاني لتاريخ الطبري .

ولاية عثمان
حدثني سلم بن جنادة قال : حدثنا سليمان بن عبد العزيز بن ابي ثابت بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف .. قال : فلما اصبح الصبح خرج عمر إلى الصلاة ، وكان يوكل بالصفوف رجالاً ، فإذا استوت جاء هو فكبر ز قال : ودخل أبو لؤلؤة في الناس وفي يده خنجر له رأسان نصابه في وسطه ، فضرب عمر ست ضربات ، إحداهن تحت سرته ، وهي التي قتلته ، وقتل معه كليب بن أبي البكير الليثي ، وكان خلفه ، فلما وجد عمر حر السلاح سقط ، وقال : أفي الناس عبد الرحمن بن عوف ؟ قالوا نعم يا أمير المؤمنين ، هو ذا قال : تقدم فصل بالناس ، قال فصلى عبد الرحمن بن عوف وعمر طريح ، ثم احتمل ودخل داره ، فدعا عبد الرحمن بن عوف ، فقال : إني أريد أن أعهد إليك ، فقال : يا أمير المؤمنين نعم ، إن أشرت علي قبلت منك ، قال وما تريد قال : أنشدك الله ، أتشير علي بذلك ، قال : اللهم لا ، قال : والله لا أدخل فيه ابداً ، قال : فهب لي صمتاً حتى أعهد إلى النفر الذين توفى رسول الله وهو عنهم راض . أدع علياً وعثمان والزبير وسعداً . قال : وانتظروا أخاكم طلحة ثلاثاً فإن جاء وإلا اقضوا أمركم ، أنشدك الله يا علي ، إن وليت من أمور الناس شيئاً أن تحمل بني هاشم على رقاب الناس ؛ أنشدك يا عثمان إن وليت أمور الناس شيئاً أن تحمل بين ابي معيط على رقاب الناس ؛ وأنشدك الله يا سعد ، إن وليت من أمور الناس شيئاً أن تحمل اقاربك على رقاب الناس ؛ قوموا فتشاورا ، ثم اقضوا أمركم وليصل بالناس صهيب .
قال أبوجعفر : كتب إلي السري ، عن شعيب ، عن سيف ، عن عمرو ، عن الشعبي ، قال : اجتمع أهل الشورى على عثمان لثلاث مضين من محرم وقد دخل وقت العصر وقد أذن مؤذن صهيب، واجتمعوا بين الأذان والإقامة فخرج فصلى بالناس وزاد فزاد الناس مائة ، ووفد اهل الأمصار ، وصنع فيهم وهو أول من صنع ذلك .

ونواصل
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

(11)

ونتابع النص : (10)
من تاريخ الطبري
المجلد الثالث ص 825 -826

ولاية علي بن ابي طالب

حدثني جعفر بن عبد الله المحمدي ..قال : حدثنا عمرو وعلي قالا: حدثنا حسين عن أبيه عن أبي ميمونة عن أبي بشير العابدي قال : كنت بالمدينة حين قتل عثمان رضي الله عنه ، واجتمع المهاجرون والأنصار ، فيهم طلحة والزبير فأتوا علياً فقالوا : يا أبا حسن هلم نبايعك ، فقال : لا حاجة لي في أمركم فمن اخترتم فقد رضيت به فاختاروا والله فقالوا : ما نختار غيرك ، قال : فاختلفوا إليه بعد ما قتل عثمان رضي الله عنه مراراً ،فقالوا له إنه لا يصلح الناس إلا بأمرة وقد طال الأمر فقال لهم : إنكم قد اختلفتم إلي وأتيتم ، وإني قائل لكم قولاً إن قبلتموه قبلت أمركم وإلا فلا حاجة لي فيه ، قالوا : ما قلت من شيء قبلناه إن شاء الله ن فصعد المنبر فاجتمع الناس إليه فقال : إني كنت كارهاً لأمركم فأبيتم إلا أن أكون عليكم ، ألا وإنه ليس لي أمر دونكم إلا أن مفاتيح مالكم معي ، ألا وإنه ليس لي لأن آخذ منه درهماً دونكم ، رضيتم ؟ قالوا : نعم قال : اللهم اشهد عليهم ن ثم بايعهم على ذلك .
حدثني أحمد بن زهير قال : حدثني ابي قال : حدثنا وهب بن جرير ، قال : سمعت ابي قال : سمعت يونس بن يزيد الأيلي عن الزهري قال : بايع الناس علياً بن أبي طالب فأرسل إلى الزبير وطلحة فدعاهما إلى البيعة فتلكأ طلحة ، فقام مالك الأشتر وسل سيفه قال : والله لتبايعن أو لضربن ما بين عينيك فقال طلحة " وأين المهرب عنه فبايعه وبايعه الزبير والناس وسأل طلحة والزبير أن يؤمرهما على الكوفة والبصرة ، فقال : تكونان عندي فأتحمل بكما فإني وحش لفراقكما . قال الزهري : وقد بلغنا أنه قال لهما إن أحببتما أن تبايعا لي وإن أحببتما بايعتكما ، فقالا : بل نبايعك ؛ وقالا بعد ذلك " إنما صنعنا ذلك خشية على أنفسنا ، وقد عرفا أنه لم يكن ليبايعنا فظهرا إلى مكة بعد قتل عثمان بأربعة أشهر .
انتهى النص المنقول من تاريخ الإمام الطبري .


ونواصل
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

(12)

وننقل من سفر الدكتور نصر حامد أبو زيد : (1)
( الاتجاه العقلي في التفسير – دراسة في قضية المجاز في القرآن عند المعتزلة )
ص 12 – 17

تعد الفتنة التي انتهت بمقتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان مفتاح كل الخلافات السياسية والعقائدية في المجتمع الإسلامي . ويحدد الأشعري (ت 330 هـ ) هذه البداية بقوله " وكان الاختلاف بعد الرسول في الإمامة . ولم يحدث خلاف غيره في حياة أبو بكر وأيام عمر إلى أن ولي عثمان ابن عفان وأنكر قوم عليه في آخر ايامه أفعالاً ..فصار ما أنكروه عليه اختلافاً إلى اليوم . ثم قُتل عثمان وكانوا في قتله مختلفين ، فأما أهل السنة والاستقامة فإنهم قالوا : كان رضوان الله عليه مصيباً في افعاله ، قتله قاتله ظلماً وعدواناً ، وقال قائلون بخلاف ذلك .
إذن فقد كانت نقطة البداية هي الخلاف حول الإمامة وشروطها ومدى السلطة المخولة للخليفة . وقد اثار قتل عثمان على ايدي الثوار من الأمصار – وعلى رأسهم ثوار مصر – قضية شرعية الخروج على الإمام والثورة على الخليفة . ولقد حددت ظروف الفتنة منذ بدايتها طبيعة القوى التي اشتركت في الثورة ، ومن ثم ساهمت في الجدل الفكري والعقائدي حول الإمامة والخلافة . وقد بدأت هذه القوى تتشكل ملامحها حين اباح عثمان لأعلام قريش " أن يتمكنوا من الضياع ويشيدوا القصور في الولايات الإسلامية المفتوحة كالعراق والشام ومصر ، كما سمح لهم أن يستبدلوا بأملاكهم في الحجاز أملاكاً في تلك الأمصار .إلى جانب مجاملة عثمان لأقاربه وتساهله معهم غضب اتقياء الصحابة مثل عمار بن ياسر وأب ذر الغفاري اللذين لم يخفيا غضبهما . ولم تتسم سياسة عثمان إزاء هذهين الصحابيين بالحلم والكياسة ، بل قابل اعتراضهما على سياسته بالشدة والنفي حتى صارا من أشد المعارضين لخلافته .

ونواصل
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »


(13)

ونتابع سفر الدكتور حامد أبو زيد : (2)

وإذا كانت سياسة عثمان اثارت ضده بعض الصحابة من جانب ومن جانب ىخر اثارت سخط الأمصار الأخرى كالكوفة والبصرة ومصر . وقد كان من شأن سياسته الاقتصادية المتساهلة ،وتهاونه مع اقاربه ، أن تكونت طبقة من الأرستقراطية الدينية والقريشية في مقابل أهل الأمصار وفقراء المقاتلين الذين وقع عليهم الغبن على يد ولاة عثمان وحكامه " باستئثارهم بالفيء والغنائم لأنفسهم وخزائن دولتهم وحرمان المقاتلين منها ، مدّعين أن الفيء لله وليس للمحارب إلا أجر قليل يدفه إليه .
أما ثوار مصر الذين اشتركوا في الثورة ، فقد كان لهم منحى آخر ، إذ ذهبوا إلى المطالبة بتولية علي بن ابي طالب . وقد قام عبد الله بن سبأ بدور خطير في الثورة ضد عثمان ، وفي تأليب الأمصار ضده . وعلاقة عبد الله بن سبأ بابي ذر الغفاري في الشام ، واعتراضهما معاً على سياسة معاوية يؤكد الأساس الاقتصادي للفتنة والثورة .
لقد كان أهل الشام تحت إمرة معاوية بن ابي سفيان من الققوى المساندة لثمان بحكم أن معاوية من المستفيدين بخلافته ، ولذلك كان من الطبيعي أن لا يستطيع اهل الشام من المشاركة في الثورة على عثمان . وقد احتفظ معاوية بقواه العسكرية في حالة حياد ، حتى ليغلب الظن أنه تماطل في إرسال العون إلى عثمان بالمدينة حتى قتله الثوار. ثم ثار بعد ذلك مطالباً بدمه وقاتله ومرتدياً قميصه الملطخ بالدم . وقد بلغ من ذكاء معاوية السياسي أنه لم يتدخل في الحرب بين علي وطلحة والزبير مكتفياً بالمساندة الكلامية لطلحة والزبير ، وذلك حتى تقضي إحدى القوتين على الأخرى ، ثم ينشط هو بقواته الكاملة للقضاء على القوة المنتصرة . من الصعب إذا التيقن مما إذا كان معاوية والقوى التي ساندته يعملون لحساب بني أمية منذ أول الفتنة ، أم أنه كان يعمل لحساب عثمان حتى قُتل ، ثم تحول ليعمل لحساب نفسه بعد ذلك ، وكلا الأمرين على اية حال سواء في الدلالة على الجذور الاقتصادية والاجتماعية للفتنة وما ترتب عليها من خلاف سياسي وديني .

ونواصل
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

(14)

ونتابع سفر الدكتور حامد أبو زيد : (3)

نجحت الثورة في تحقيق هدفها واستطاع الثوار أن يفرضوا علي بن أبي طالب خليفة على المسلمين بعد عثمان ، ولكن الفتنة كانت قد كسرت فيما كسرت إجماع أهل الحل والعقد في الدولة الإسلامية ، أعنى الصحابة وقد تجلى ذلك في أن البيعة لعلي لم ينعقد عليها الإجماع الذي لسابقيه ، وانعقد اجماع من نوع جديد ، هو إجماع عامة المسلمين الذين كانوا يشكلون جماهير الثورة ضد عسف حكام عثمان وولاته .
ولقد كان لعلي أن يواجه كل القوى المناهضة له ، ومنها زعامات لها قدرها وشرفها الديني مثل طلحة والزبير والسيدة عائشة . ومن الطبيعي أن يكون دم الخليفة المقتول هو الستار الذي يخفي حقيقة الصراع وأبعاده . وكانت موقعة "الجمل" التي انتهت بانتصار علي في المواجهة العسكرية الأولى للقوى المتصارعة . وظل معاوية في انتظار ما تسفر عنه الأحداث . وحين انتصرت القوى الموالية لعلي ، خرج معاوية مرتدياً نفس الرداء ومطالباً بقاتل عثمان وثأره .

ونواصل
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

(15)

ونتابع سفر الدكتور حامد أبو زيد : (4)

وننتهي من ذلك كله إلى أن الفتنة تمخضت عن وجود ثلاث قوى أساسية في الصراع هي قوة العلويين في مواجهة قوة الأمويين . وبينهما القاعدون أو المتحرجون أو معتزلة الصراع الذين تطورا إلى المرجئة فيما بعد . وقد أدت مهزلة التحكيم المعروفة إلى انقسام القوى الكبرى التي كانت تقف خلف علي إلى ما يعرف بالشيعة والخوارج . وكان من شأن هذا الانقسام بمستوييه العسكري والفكري أن ينتهي إلى انتصار الأمويين واستيلائهم على السلطة وانفرادهم بها . وتنازل الحسن بن علي لمعاوية عن حقه في الخلافة ، وتنازل بالتالي عن حقوق كل القوى التي كانت تقف خلف ابيه وتسانده . وكان هذا الاستسلام من جانب الزعامة السياسية يعني التسليم بسلطان الأمويين المطلق في كافة الولايات الإسلامية .
لم يكف الخوارج والشيعة عن نضالهم السياسي والعسكري ضد الحكم الأموي . وفي مواجهة الأفكار التبريرية للمرجئة كان لابد من التسلح بالفكر الديني الذي يلتزم النص القرآني لمواجهة الصراع الفكري جنباً إلى جنب مع الصراع السياسي والعسكري . وكانت قضية الإمامة والحكم على الإمام الجار هي اساس الحوار الفكري والعقائدي الذي تمايزت به القوى السياسية واصطبغت من خلاله بالصبغة الدينية والعاقائدية .
والخوارج بأسرها يثبتون إمامة أبي بكر وعمر ، وينكرون غمامة عثمان في وقت الأحداث التي نُقِم عليه من أجلها ، ويقولن بإمامة علي قبل أن يحكم ، وينكرون إمامته لما أجاب إلى التحكيم ، ويكفرون معاوية وعمرو بن العاص وأبا موسى الأشعري ، ويرون أن الإمامة في قريش وغيرهم إذا كان القائم بها مستحقا لذلك ، ولا يرون إمامة الجائر .
لقد كان من الطبيعي أن يستقطب الفكر السياسي الشوري للخوارج والطبقات المعدمة الرقيقة الحال في المجتمع الإسلامي ، التي راقتها كثيراً ميول الخوارج الديمقراطية واحتجاجهم على مظالم الحكام والولاة كما انضم إليهم أيضاً أولئك العرب الخُلص من رجال الصحراء وبخاصة بعض القبائل العربية ذات الخطر والشأن مثل قبيلة تميم وأبطال القادسية ورؤساء جنده .
انتهى النص المنقول عن سفر الدكتور حامد أبو زيد .

ونواصل
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

(16)

ننقل هنا محاضرة للدكتور محمد عمارة بعنوان
( الشورى الإسلامية والديمقراطية الغربية ) وهي تفصح عن فهم جديد عن الشورى وإعادة كتابة التاريخ بناء عليها . وسوف نقوم بالتعليق عليها لا حقاً في دراستنا ,
نص محاضرة الدكتور محمد عمارة : (1)
كتبها مصطفى الكومي ، في 13 يونيو 2010 م
الشورى الإسلامية والديمقراطية الغربية
د. محمد عمارة

الشورى: مصطلح إسلامي خالص وأصيل … وهو اسم – من "المشاورة" – التي تعني، في اصطلاح العربية: استخراج الرأي … فهي فعل ايجابي لا يقف عند حدود "التطوع" بالرأي … بل يزيد على "التطوع" إلى درجة "العمل" على استخراج ألرأي استخراجاً واستدعائه قصواً ؟
وإذا قلنا: أشار فلان على فلان بالرأي … فإن معناه – في اصطلاح العربية : أمره به! .. وليس مجرد إبراء الذمة بإلقاء الرأي فقط؟!…
والشورى، في الفكر السياسي الإسلامي هي فلسفة نظام الحكم … والاجتماع … والأسرة … لأنها تعني إدارة أمر الاجتماع الإنساني الخاص والعام ، بواسطة الائتمار المشترك والجماعي الذي هو سبيل الإنسان للمشاركة في تغيير شئون هذا الاجتماع … فالشورى، أي الائتمار المشترك، هي السبيل إلى الإمارة أي القيادة والنظام والسلطة والسلطان إمارة الإنسان في الأسرة … وفي المجتمع … وفي الدولة … أي في تنظيم المجتمع وحكمه، صغيراً كان المجتمع أو كبيراً …

ونواصل
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

(17)

ونتابع نص محاضرة الدكتور محمد عمارة : (2)

ولما كان التصور الفلسفي الإسلامي لوجود الإنسان في هذه الحياة، ولوظيفته ومكانته فيها، ولعلاقته بالآخرين، قائم على حقيقة أن هذا الإنسان مخلوق لله سبحانه وتعالى، ومستخلف عنه في عمارة الكون … كانت مكانة الإنسان في العمران هي مكانة الخليفة عن الله … فهو ليس سيد الكون حتى تكون حريته مطلقة دون حدود، وشوراه وائتماره وإمارته وسلطته دون ضوابط وأطر … وفي ذات الوقت، فإن خلافته عن الله سبحانه تعني وتقتضي أن تكون له سلطة وإرادة وحرية وشورى وإمارة تمكنه من النهوض بتكليف العمران لهذا الوجود … فهو، لهذا ليس الكائن المجبر المسيَّر المهمش بإطلاق …
نه في المكانة الوسط … ليس سيد الكون … وليس العبد المجرد من الحرية والإرادة والاستقلال والمسئولية … وإنما هو الخليفة عن سيد الكون، وله في أطار عقد وعهد الاستخلاف السلطات التي تمكنه من النهوض بمهام هذا الاستخلاف.
" وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا (36)
وانطلاقاً من هذه الفلسفة الإسلامية، في مكانة الإنسان في هذا الوجود، يتميز المذهب الإسلامي في "إطار الشورى" … فبنود عقد وعهد الاستخلاف الإلهي، التي هي قضاء الله الحتمي في كونه … وكذلك أحكامه التي جعلها إطاراً حاكماً لحرية الإنسان وسلطاته … هي "الوضع الإلهي"، الذي تظهر فيه عبودية المخلوق للخالق، وقضاء الله الذي لا شورى فيه ولا خيار ولا اختيار هنا، وفيما يتعلق بهذا الإطار الحاكم، نحن أمام " سيادة الله … وحاكميته "، المتمثلة في قضائه الحتمي، وشرعيته الممثلة لبنود عقد وعهد الاستخلاف … على الخليفة – الإنسان – أن يجعلها الإطار الحاكم لحريته وشوراه ولسلطته وإمارته، ولحركته أثناء قيامه بالوكالة والنيابة والاستخلاف…

ونواصل
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

(18)

ونتابع نص محاضرة الدكتور محمد عمارة : (3)

. فإن الله سبحانه وتعالى، إعانة منه للإنسان على أداء هذه الأمانة، قد ميزه بالاختيار والحرية، ودعاه إلى أن يمارس "حاكمية إنسانية" و "سلطة بشرية"، هي مُرادة لله سبحانه وتعالى، ومُفّوَّضه منه للإنسان كجزء من استخلافه لهذا الإنسان … وبعبارة الإمام ابن حزم الأندلسي { 384، 456هـ، 994 – 1064م } : " فإن من حكم الله أن يجعل الحكم لغير الله "، أي أن جعل للإنسان حاكمية السلطة التي ينفذ بها حاكمية شريعة الله، لينهض بالأمانة التي فوضها إليه الله
" إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا "
وإذا كان الإنسان قد اختار - دون سائر المخلوقات- حمل أمانة الخلافة في عمران هذه الأرض
وهي سنة قرآنية، صدق عليها تاريخ الإنسان والنظم والحضارات … فان المنقذ للإنسان وللعمران البشري من هذا الطغيان هو نظام الشورى الإسلامية، الذي يكفل للإنسان –مطلق الإنسان- المشاركة في تدبير شئون العمران، صغيرها وكبيرها، فتنجو دنياه من الطغيان، وذلك دون أن يطغى هذا الإنسان على التدبير الإلهي المتمثل في الشريعة الإلهية،" كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى " والتي –هي الأخرى- مقوِّم من مقوِّمات العدل في هذا العمران وإذا كان الانفراد بالرأي والسلطة، في أي ميدان من ميادين الرأي والسلطة، هو المقدمة للاستبداد والاستفراد والطغيان.

ونواصل
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

(19)

ونتابع نص محاضرة الدكتور محمد عمارة : (4)

ولهذه الحقيقة – من حقائق مكانة الشورى – جعلها الإسلام " فريضة إلهية "، وليست مجرد "حق" من حقوق الإنسان … أي أنه لا يجوز للإنسان أن يتنازل عنها حتى بالرضا والاختيار إن هو أراد! … كما عمم الإسلام ميادينها لتشمل سائر ميادين الحياة الإنسانية، العام منها والخاص … من الأسرة … إلى المؤسسة إلى المجتمع … إلى الدولة … إلى الاجتماع الإنساني ونظامه الدولي وعلاقاته الدولية!… فهي ليست شأناً من شئون النظام السياسي للدولة لا تتعداه…
ففي " مجتمع الأسرة " يعتمد الإسلام الشورى فلسفة للتراضي والمشاركة في تدبير شئون الأسرة، لتتأسس عليها المودة والتراضي والانتظام " وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آَتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (233)

ونواصل
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

(20)

ونتابع نص محاضرة الدكتور محمد عمارة : (5)

وفي شئون الدولة يفرض الإسلام ويوجب أن تكون الشورى شورى الجماعة ، هي الفلسفة والآلية لترتيب الأمور… سواء أكان ذالك في داخل مؤسسات الدولة، أو في العلاقة بين هذه المؤسسات وبين جمهور الآمة ،، ففي إدارة مؤسسات الدولة لشئونها يلفت القرآن الكريم أنظارنا إلى معنى عظيم عندما لا يرد فيه- القرآن- مصطلح "ولى الأمر" بصيغة المفرد التي تدل على " الانفراد والاستفراد وإنما يرد فيه هذا المصطلح، فقط، بصيغة"الجمع"- {أولى الأمر}- إلى الجماعية" وتزكية للمشاركة والشورى" يا أيها الذين آمنوا وأطيعوا الله والرسول وأولى الأمرمنكم }-النساء59 ..{وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولى الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم}-النساء:83- كما يحرص القرآن الكريم على التنبيه على أن يكون {أولو الأمر} من الأمة " حتى تكون السلطة نابعة من الأمة وليست مفروضة عليها من خارج .. حتى لكأنه يشير إلى مبدأ " السيادة الوطنية.. والقومية.. والحضارية " للأمم والشعوب والمجتمعات؟؟"
أما في العلاقة بين الدولة " وبين جمهور "الأمة " فان القرآن يجعل الشورى والمشاركة في صنع القرار "فريضة إلهية" حتى ولو كانت "الدولة" يقودها رسول الله صلى الله عليه وسلم { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ }-آل عمران :159-..فالعزم " أي تنفيذ القرار "هو ثمرة للشورى أي المرحلة التالية لاشتراك الناس في إنضاج الرأي وصناعه القرار.هذا القرار الشورى الذي يضعه ولاة الأمر بالعزم في الممارسة والتنفيذ.وهذا المعني هو الذي جعل مفسري القرآن الكريم يقولون في تفسيرهم لهذه الآية نقلا عن المفسر الكبير "ابن عطية"(481 – 542 – 1088 – 1148 م)* :" إن الشورى من قواعد الشريعة وعزائم الإحكام ومن لا يستشير أهل العلم والدين فعزله واجب. وهذا مما لا خلاف فيه(1)"فالشورى من قواعد الشريعة ومن عزائم الإحكام.أما أهلها فالأمة لأنها فريضة علي الأمة ينهض بها كفريضة كفائية_أهل الكفاءة بحسب موضوعاتها وميادينها لذلك جاء في عبارة المفسرين لا يأتها الإشارة لأهل "العلم" وأهل" الدين" وليس فقط أهل" الدين" وأيضا ليس فقط أهل" العلم" دون أهل" الدين".

ونواصل
أضف رد جديد