يا ناس فرنسا الحاصل شنو؟

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
Elnour Hamad
مشاركات: 762
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:18 pm
مكان: ولاية نيويورك

يا ناس فرنسا الحاصل شنو؟

مشاركة بواسطة Elnour Hamad »

ناس فرنسا

تحية واحتراما
نتابع ما يجري في فرنسا باهتمام من وسائل إعلامنا التي غالبا ما تدس الحقائق. وكنا ننتظر منكم أن تلقوا لنا ببعض الضوء على ما يجري هناك وما جرى من إعلان لحظر التجول في بعض المناطق ومن انتشار أعمال العنف عبر المدن الفرنسية.

سمعت في الراديو العام هنا National Public Radio مقابلة مع أحد السياسيين الفرنسيين من اليمين المتطرف وقد قيل أنه ممثل لأحد الدوائر في ضواحي باريس. هذه أول مرة أعرف فيها ان المتطرفين اليمينين الفرنسيين أسوأ بكثير من المتطرفين اليمينيين الأمريكيين على سوئهم. هذا الرجل يعتقد أن المهاجرين قد اقاموا لأنفسم مستعمرات صغيرة "غيتوز" وأنهم يمارسون تجارة المخدرات وأنهم يجنون منها أرباحا طائلة وأن كل أسباب انتشار العنف هو حملة البوليس ضدهم!! حتى أن المذيعة الأمريكية التي أجرت معه اللقاء وجدت نفسها مضطرة لمقاطعته فقالت له: ولكن لا يعقل أن يكون كل هؤلاء الناس مجرمين ومروجي مخدرات، فلابد أن تكون هناك أسباب أخرى!

قالت المذيعة أن مستوى أعمال الشغب هو الأكبر من نوعه عبر العقود الأربعة الماضية، ولعلها كانت تشير إلى ثورة الطلاب في نهايات الستينات.

يا عبد الله بولا ويا نجاة وياحسن موسى بالله عليكم قولوا لينا حاجة!!!
((يجب مقاومة ما تفرضه الدولة من عقيدة دينية، أو ميتافيزيقيا، بحد السيف، إن لزم الأمر ... يجب أن نقاتل من أجل التنوع، إن كان علينا أن نقاتل ... إن التماثل النمطي، كئيب كآبة بيضة منحوتة.)) .. لورنس دوريل ـ رباعية الإسكندرية (الجزء الثاني ـ "بلتازار")
صورة العضو الرمزية
نجاة محمد علي
مشاركات: 2809
اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
مكان: باريس

مشاركة بواسطة نجاة محمد علي »


العزيز النور

بالطبع "لا بد أن تكون هناك أسباب أخرى". أتابع الآن جلسة للبرلمان منقولة مباشرة، وبعد انتهائها، سأعود للحديث بتفصيل أكثر، عن جذور الوضع الراهن، الذي لا يعود مطلقاً لممارسة تجارة اللمخدرات ولا للعنف الذي تمارسه شريحة بسيطة لا تمثل مجتمع الأحياء الفقيرة التي تعاني من هذا الوضع الجائر الذي نشهده الآن.

نجاة

صورة العضو الرمزية
Elnour Hamad
مشاركات: 762
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:18 pm
مكان: ولاية نيويورك

مشاركة بواسطة Elnour Hamad »

شكرا العزيزة نجاة
وأنا في انتظار مزيد من الضوء.
مثلا، ماذا تتوقعون من انعكاسات لهذه الهبة الكبيرة. هلى ترون أنها ستعود بمزيد من الضغوط على الفقراء، وخاصة شريحة المهمشين من المهاجرين من شمال ومن جنوب الصحراء الإفريقية، وهم الشريحة التي ترتفع وسطها حالات البطالة، ونقص الإستيعاب في مناحي الحياة الفرنسية المختلفة، علكا بأن هذا الإستيعاب يفترض أن يكون حقا لكل مواطن، كما هو مثبت على المستوى النظري، أم أن نوعا من الإصلاحات يمكن أن يحدث لامتصاص حالة الغضب الراهنة؟ هل سيغير القابضون على أعنة السلطة والثروة وسادنو هرم التراتبية العرقية والإجتماعية طرقهم القديمة ليتلفوا على هذه الهبة، أم أنهم سيواجهونها بالقمع وحده؟

ماذا يقول الإشتراكيون عنها، وعموم قوى اليسار؟ كيف تراها الأكاديميا الفرنسية، إلخ ....؟
((يجب مقاومة ما تفرضه الدولة من عقيدة دينية، أو ميتافيزيقيا، بحد السيف، إن لزم الأمر ... يجب أن نقاتل من أجل التنوع، إن كان علينا أن نقاتل ... إن التماثل النمطي، كئيب كآبة بيضة منحوتة.)) .. لورنس دوريل ـ رباعية الإسكندرية (الجزء الثاني ـ "بلتازار")
صورة العضو الرمزية
نجاة محمد علي
مشاركات: 2809
اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
مكان: باريس

مشاركة بواسطة نجاة محمد علي »



العزيز النور
أعود للحديث عن الأحداث الراهنة في فرنسا، والتي هي ليست وليدة اليوم، وإنما انفجار أكبر لتراكمات من الغبائن والإحباطات، أعقب انفجارات أخرى أقل حجماً شهدتها فرنسا خلال السنوات الأخيرة، كان في مقدمة مشهدها هذا التصادم بين شباب الأحياء الفقيرة ورجال الشرطة، بدرجة أقل، لكنها كانت تنذر بالوصول لهذه الحالة التي نشهدها الآن، ومنذ السابع والعشرين من أكتوبر، حيث اندلع الصدام بين الشرطة والشباب في حي كليشي سو بوا Clichy-sous-Bois الذي يقع في منطقة سين سان دوني، إحدى ضواحي الإقليم الباريسي. وهي منطقة يرتفع فيها مستوى الفقر والبطالة ويتدنى فيها مستوى التعليم وتصنف ضمن المناطق المسماة "مناطق الأولوية الأولى في التعليم"، إلا أن التسمية تذهب في وادٍ وواقع الحال في وادٍ غيره. في ذلك اليوم مات صبيان وهما يصطدمان بمحول كهربائي يتبع لشركة الكهرباء الفرنسية (أميّة كهرباء، كما نقول) بعد مطاردة من رجال الشرطة. يقول السكان أن رجال الشرطة كانوا يعرفون أن الهرب نحو هذا الطريق سيؤدي إلى الاصطدام بالمحول الكهربائي، بينما نفت دوائر الشرطة قصة المطاردة من أساسها، على الرغم من وجود جثتي الصبيين الذين أودت الصدمة الكهربائية بحياتهما. أعقبت هذه الحادثة ليلتين من المصادمات بين الصبية ورجال الشرطة. وحينما تخوفت السلطات من مصادمات ثالثة، أرسلت قوات مكثفة من الشرطة، حوالي أربعمائة شرطياً، وهو عدد هائل بالنسبة لحي لا يتعدى عدد سكانه 28 ألف نسمة. هذه هي خلفية سريعة لهذا القندول الذي شنقل الريكة.

ضاحية كليشي سو بوا التي شهدت الأحداث، هي نموذج مصغر للأحياء الفقيرة التي تطوق أطراف المدن الفرنسية الكبرى. يكاد المشهد أن يكون متطابقاً مع غيره من مكانٍ إلى آخر. هذه الضاحية يسكنها 28 ألف نسمة، نصفهم يقل عمره عن عشرين عاماً، و80 بالمائة منهم يسكنون في مساكن شعبية مخصصة لذوي الدخول الضعيفة، و25 بالمائة من أولياء الأمور يعانون من البطالة التي تستشري أيضاً في أوساط الشباب. والسكان من الشباب ينتمون إلى فضاء المواطنة الفرنسية، وهم علاوة على ذلك يمثلون الجيل الثالث من جيل المهاجرين، أي من المفترض أن يكونوا قد انخرطوا انخراطاً كاملاً، أو قل شبه كامل، فلا نستطيع بالطبع محو آثار الإرث الأصلي، لكن يبدو عند رؤية هذه المناطق أن المشاهد قد انتقل، بمجرد ولوج هذه الأراضي المهاجر معظم أهليها إلى فرنسا من دول المغرب العربي ومن أفريقيا جنوب الصحراء، إلى "أرضاً طيرها عجمي". وهي بالفعل كذلك فالشباب يتحدثون الفرنسية بلكنة مختلفة، لا هي لكنة آبائهم، ولا لكنة أهل البلاد الأصليين. كأنما صنعوها لميزوا نفسهم عن جيل آباء لا يحملون معهم نفس القيم، وعن مجتمع يلفظهم في أطراف مدنه الفقيرة.

من الواضح أن السلطات الفرنسية تحاول بهذا التدخل وبفرض حالة الطوارىء تقديم علاج طارىء للنتائج بينما يبقى تصديها لأسباب المشكلة الحقيقية لا يرقى للمستوى المتوقع من دولة غنية واسعة الإمكانيات. البؤس يستشري في الضواحي الفقيرة، ومستوى التعليم يتدنى في مدارسها، والبطالة تسحق أوساط الشباب.
وراء هذه الأحداث واقع معقد، فهي ليست بهذه البساطة، ليست مجرد أعمال شغب قام بها شباب ينحى نحو العنف والمخدرات والفوضى. هناك الإحباط، وشعور سكان الأحياء الفقيرة، حتى الفرنسيي الأصل منهم بأنهم مواطنون من الدرجة الثانية، وهناك عدم الثقة في الشرطة. وهذه مسألة هامة لا يمكن غض الطرف عنها. وقد ظلت الرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان تدين باستمرار الشرطة الفرنسية في تعاملها مع المعتقلين رهن التحقيق. كما ظلت تدين أيضاً التمييز في التعامل بسبب العرق أو الإنتماء الثقافي. صحيح أن الدولة قد أنشأت مؤسسات إدارية ودستورية لمحاربة التمييز ولتوفير تكافؤ الفرص، إلا أن ثمار عملها ليست ملموسة كما هو مرجو منها. ومن ناحية أخرى، نجد أن عدم توفر الثقة بين شباب الضواحي الفقيرة ورجال الشرطة يشكل سبباً أساسياً وراء أحداث العنف التي هي، بالإضافة لكونها مظهر من مظاهر الاحتجاج على استشراء البؤس، انعكاس أيضاً لانعدام الثقة هذا. فبدلاً من أن يرى هؤلاء الشباب في رجال الشرطة مصدراً للطمأنينة والحماية، فإنهم يجدون فيهم عدواً أساسياً. لذلك يتوجب على الدولة اتخاذ خطوات في سبيل إزالة عدم الثقة المتبادل هذا، وهذا أجدى من سياسة التخويف.
وأواصل

نجاة
صورة العضو الرمزية
نجاة محمد علي
مشاركات: 2809
اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
مكان: باريس

مشاركة بواسطة نجاة محمد علي »


النور
والجميع
سلام

قبل أن أواصل الحديث عن أسباب هذه الأزمة وتبعاتها، لا بد من القول أولاً أن وراء هذه الأحداث التي امتدت لتشمل أيضاً ضواحٍ فقيرة أخرى مجاورة، صراع عنيف آخر ومنافسة على كرسي الرئاسة في الانتخابات القادمة، يجري بين وزير الداخلية نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء دومينيك دوفيلبان. وهذه حكاية أخرى، "مسلسل" تتفرج عليه الساحة الفرنسية التي لا يفوت عليها دور هذا التنافس في تأجيج الأزمة. ولأقدم لكم خلفيةً لهذا الصراع لا بد من تعريف سريع بكلٍ من الرجلين يمكِّن من معرفة نوايا كل منهما، وهي نوايا لن يمنعهما وازع من السير في الطريق الذي يعتقد كل منهما أنه الأسرع في الوصول لتحقيقها، حتى وأن كان هذا الطريق يقود لنتائج كارثية كالتي نشهدها الآن.
سأعود وأواصل بتقديم تعريف عن كل من ساركوزي ودوفيلبان ومشروعيهما.

نجاة

صورة العضو الرمزية
Elnour Hamad
مشاركات: 762
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:18 pm
مكان: ولاية نيويورك

مشاركة بواسطة Elnour Hamad »

الأخت الكريمة نجاة
أشكرك على التوضيح الضافي وعلى الجهد المقدر الذي قمت به لإشاركنا في رؤية الصورة من قريب.
تتحدث وسائل الإعلام الأمريكية بكثرة هذه الأيام عما يجري في فرنسا، ولا يخفي بعضها شماتته على فرنسا، خاصة اليمينيين الأمريكيين الذين ظلت تزعجهم المواقف الفرنسية المعارضة للتدخلات الأمريكية في العراق وغيرها من بلدان العالم. ويرى بعض المعلقين السياسيين هنا أنه بالرغم من أن أميركا مارست الفصل العرقي حتى نهاية الستينات حيث بدأت حركة الحقوق المدنية بقيادة مارتن لوثر كينغ في مناهضته، إلا أنهم يرون أن أميركا قد خطت خطوات واسعة تجاه استيعاب المميز ضدهم مقارنة بفرنسا.

ركزت وسائل الإعلام الأمريكية على وصف ساركوزي لشباب المهاجرين بعبارة scum التي تعني ضمن ما تعني "حثالة"، وعلى إجباره على الإستقالة بسبب تلك العبارة المسيئة. غير أن وسائل الإعلام تقول إن ستين في المائة من الجمهور الفرنسي تقف وراء هذا الوزير. ويضيفون بأنه ربما جاء بسبب السند الشعبي الذي تجده إجراءاته، رئيسا لفرنسا في القريب.
((يجب مقاومة ما تفرضه الدولة من عقيدة دينية، أو ميتافيزيقيا، بحد السيف، إن لزم الأمر ... يجب أن نقاتل من أجل التنوع، إن كان علينا أن نقاتل ... إن التماثل النمطي، كئيب كآبة بيضة منحوتة.)) .. لورنس دوريل ـ رباعية الإسكندرية (الجزء الثاني ـ "بلتازار")
صورة العضو الرمزية
نجاة محمد علي
مشاركات: 2809
اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
مكان: باريس

مشاركة بواسطة نجاة محمد علي »



العزيز النور
تحياتي

أرجو المعذرة للتأخير في المواصلة. وعلى كل حال، الموضوع لازال حامياً، ولا أظن أن تبعاته ستنتهي قريباً.
وحتى عودة قادمة لمواصلة ما انقطع من حديث، لك مني خالص الود.
نجاة

صورة العضو الرمزية
Elnour Hamad
مشاركات: 762
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:18 pm
مكان: ولاية نيويورك

مشاركة بواسطة Elnour Hamad »

الأخت الكريمة نجاة
ظللت أتابع ما يجري في فرنسا باهتمام شديد مما تنقله وسائط الإعلام الأمريكية، خاصة الراديو الأهلي القومي الأمريكي NPR -National Public Radio الذي هو "خيار أم خير" فأهله يظنون بأنفسهم الحيدة والحرص على الديمقراطية بوصفها أداة لرفع الظلم عن المظلومين، والتهميش عن المهمشين، في المقام الأول. وقد ظهر لي من التقارير أن هناك اعترافا من قبل بعض السياسيين الفرنسيين بأن هناك فجوة كبيرة بين ما يظنه الفرنسيون بأنفسهم من كونهم ديمقراطيين ويؤمنون بالمساواة وأن نظامهم يتيح الفرص للجميع للترقي الإجتماعي بلا تمييز، وبين واقع الحال الذي يلف حياة المهاجرين وشبابهم الذي سدت أمامه مسارب الترقي الإجتماعي وفرص الإنصهار في الحياة الفرنسية بمعنى التمتع بفرص العيش الكريم. وهذا النوع من الإعتراف يمثل نقلة كبيرة إن كانت وراءه نية صادقة لإصلاح الحال، وليس مجرد مناورة سياسية لإمتصاص هول الصدمة. يبدو أن الغربيين عموما، وأعني هنا المؤسسات القابضة على أعنة الثروة والسلطة، لا ينتبهون إلا حين يحدق الخطر بهم وبأسلوب حياتهم الذي ظنوا أنهم سوف يستمتعون به يد الدهر، دون حاجة لإشراك الآخرين فيه.
شكرا لك مرة أخرى
((يجب مقاومة ما تفرضه الدولة من عقيدة دينية، أو ميتافيزيقيا، بحد السيف، إن لزم الأمر ... يجب أن نقاتل من أجل التنوع، إن كان علينا أن نقاتل ... إن التماثل النمطي، كئيب كآبة بيضة منحوتة.)) .. لورنس دوريل ـ رباعية الإسكندرية (الجزء الثاني ـ "بلتازار")
صلاح شعيب
مشاركات: 121
اشترك في: الاثنين مايو 30, 2005 12:06 pm

مشاركة بواسطة صلاح شعيب »

ما يزال الاعلام الامريكي يواصل إنتقاداته الحادة لأحداث الشغب الفرنسية المؤخرة حيث وجد الصحافيون والمعلقون والكتاب الامريكان الامريكي فرصاً لاتعوض في هذه الازمة الفرنسية التي كان طرفاه وزارتها الداخلية وأبناء المهاجرين من العرب والافارقة وذلك للسخر من النموذج الفرنسي في التعايش مابين الاثنيات والاقليات وكذلك التشنيع بالاوضاع الداخلية الفرنسية في معطياتها التمثيلية عبر المؤسسات الحكومية والتنفيذية التي تفترض توزيع الفرص العادلة في التوظيف. هذا وقد شكك بعض المعلقون في قدرة فرنسا علي تسويق نظامها عالمياً كونه, كما أشيع, الاقدر علي تمثل فتوحات ثورة التنوير التي إنطلقت من أراضيها قبل مئتي عاماً تقريباً وبقيت قيماً إنسانية مشاعة خلال المنظومات الفكرية والديمقراطية والتحررية وحقوق الانسان وغيرها.
هذا فيما حاول البعض ربط أحداث الشغب بما أسماه بالمخاطر التي تجابه الحضارة الغربية بمجملها وليس أوربا فقط جراء هجرات الجماعات المسلمة التي أصبحت, كما تري هذه التعليقات ,المهدد الاكبر لتلك القيم وأيضاً تم رد هذه الاحداث إلي الانتشار الكبير للدين الاسلامي وسط أوربا مما دعا ــ آنفاً ــ المفكر الامريكي المعروف برناند لويس للقول أن أوربا بأغلبيتها ستصبح مسلمة قبل نهاية هذا القرن.
الملاحظ ان الانتقادات الامريكية لتعامل فرنسا مع احداثها المفاجئة تعتمل بالخلفيات الثقافية والايديلوجية والعرقية للناقد,وتتنوع بتنوع هذه المعطيات الامريكية فالكاتب ايوقين روبنسون وهو أفريقي الاصل يقول: (التعددية الثقافية هي هذا الهدف السهل, فهذا المصطلح نفسه يمتلك شيئاً من هبات البيروقراطية الصحيحة سياسياً , أو كما لوانها بقيت توصية لجنة, غير أن غارات ضواحي باريس وبعض المدن الاخري يجب ان تمسح البسمة المتكلفة من شفاه نقدة هذه التعددية الثقافية المتأنقون, فالواقع أن هؤلاء الذين يقفون ضد التربية اللغوية المزدوجة او حينما يدرس اطفالهم ثقافات اخري يجب ان ينظروا الي فرنسا ليدركوا ان لفظ التعددية الثقافية هي بالكثير مثل الديمقراطية والتي هي أسوأ النظم ــ ما عدا للبعض من هؤلاء. إن النموذج الفرنسي, يواصل روبنسون, يقول لأولئك الآتين من مستعمراتها السابقة في غرب وشمال افريقيا والذين يمتازون بالسواد والثقافة المختلفة ان هذه هي نماذجنا المثاليةـ الحرية والمساواة والاجتهاد الفردي ولكن لا نضيف لهذه القائمة مفردة التنوع. وكأمر تسييس محتوم, فإن فرنسا رفضت الاعتراف بهذه الاختلافات والتنوعات الثقافية والدينية حتي مع كمونها إذ غدا أن صدور قرار منع الاسر المسلمة من أرسال بناتهم للمدارس بلا إرتداء للحجاب واقعاً تشريعياً.. ولكن لايوقف هذا القرار الأسر من الرغبة المستمرة لتغطية بناتهم لشعرهم حين يذهبون للمدارس)
آخرون رأوا في هذه الاحداث ــ خلافاً للتفكير العرقي والديني السائد أمريكياً كما وصفوه ـ ثمة مؤشرات لتباعد أو حدة الفجوة بين العالم الغني والآخر الفقير , حيث أن الرأسمالية الفرنسية تمثل طرف الرحي مع أخريات مقابل العوالم الانسانية الفقيرة في افريقيا وآسيا وقطاعات من أوربا نفسها. فضلاً عن هذا فان قطاعاً واسعاً من الكتاب والباحثين الامريكان يعتقدون أن تلك الاحداث بينت حجم (النفاق العالمي) الذي تلعبه الدول الغنية حين تمنح بيمينها ما تأخذه بشمالها. وقال آخرون أن القيم الامريكية في التعامل العملي في إرضاء أبناء الاقليات بتوظيفها الحكومي والخاص المعتبر ــ مقارنة بالوضع الذي كانوا فيه أثناء ثورة الستينات السوداء التي قادها د. مارتن لوثركينج , وكذلك الحريات الدينية المطبقة علي ارض الواقع الامريكي الآن, وإتخاذ سياسة سلسة في إستيعاب المهاجرين وتمثيلهم عبر دورات الحياة الامريكية ساهمت في تفادي ما حدث بفرنسا التي بدت أنها تحتقن بمرارات من تجاهل الطبقات الفقيرة التي إحتوتها ضاحيات باريس ومدن اخري مما أدي إلي عزلتها الوجدانية عن الطبقات الاجتماعية الاخري التي تتيسر لها سبل الوصول إلي الرفاه القومي وهنا يقول أحد المعلقين أن "هذا الابداع الامريكي في الانتباه الباكر لما تفرزه الهجرات الانسانية من تنازلات للطبقة المسيطرة مايزال موضوعاً للتنوير لم يجد فلاسفة فرنسا الجدد مجالاً للاخذ به, حتي لا يواجهون بأرهاب داخلي وتفجيرات إنتحارية وتخريب ملئ بالضغينة ليس تجاه السلطة المركزية الفرنسية فقط, وإنما ضد ممتلكات مواطنيهم أيضاً "
أيضاً لدي هذه التعليقات الامريكية علي هامش الازمة الفرنسية مرجعيات في التاريخ الامريكي الذي شهد حالات شغب مماثلة في مطلع الستينات والتي ترافقت مع ثورة الحقوق المدنية السوداء وكذلك كان هناك الشغب الذي كان مسرحه مدينة لوس أنجلوس عام 1992ويقول المعلقون أنه خلافاً لقدرة السياسة الامنية الامريكية في إحتواء تلك الاحداث سلمياً , فأن الامن الفرنسي بقيادة نيكولاس ساركوزي وزير الداخلية أبان عجزاً كبيراً في أجهزته التي هي مخول لها التعامل بفن مع مثل هذه الاحداث, بل أن البعض يربط بين الاستجابة الضعيفة والمتأخرة للرئيس بوش في التعامل مع كارثة كاترينا الامريكية, التي عد تفاقمها لغياب التنسيق الفيدرالي, وغياب الرئيس الفرنسي جاك شيراك عن التفاعل مع أحداث ضواحي باريس الضاربة في العمق الامني الوطني كما وصفوها وأشار المعلقون أن شيراك ما كان له أن يصمت طوال الاثني عشر يوماً التي تلت الازمة ومخاطبة الامة الفرنسية بعد أن إستفحل الفشل الامني وزادت حدة الشغب بواسطة هؤلاء الشباب الثائر. إنها "أزمة تنسيق وكفاءة أمنية" كما تقول الكاتبة آن مالديان " وليس أكثر من ذلك".
بعض المتحمسين دينيا من الجهات الامريكية حاولت إستغلال هذه الاحداث لدفع أجندتها الايديلوجية ويقول واحد من هؤلاء الكتاب الايديلوجيين أن هناك علاقة كبيرة بين بعض الجماعات الباكستانية وأحداث الشغب هذه وأن حزب التحرير الاسلامي والجماعة الاسلامية التي تربطها وشائج مع تنظيم القاعدة إستفادت من الصراع الناشب بين الشباب الثائر ووزارة الداخلية الفرنسية وحرضتهم علي مضاعفة سعيهم لتدمير البنية الامنية الفرنسية .وأن هناك مصادر امنية كشفت النقاب عن خطط وأهداف مكتوبة عثر عليها تؤكد ثمة هذه العلاقة.
يقول أحد الكتاب الامريكان البارزين أن "الانفجارات الاجتماعية التي ضربت فرنسا بقيت مراقبة بالحيطة والحذر من كل أوربا, وذلك بتوقع انها ربما تصبح شيئاً مثل الثورة المحرضة دينياً بواسطة الشباب المسلم ضد جيرانهم المسيحيين واليهود,... لكن الجهاد ـ او غيابه المفترض ـ لم يكن كل القصة وراء تلك الانفجارات..إن الفرنسيين ــ والعرب والافارقة الغاضبين الذين يعيشون في وسطهم ــ هم ضحايا للهجرات التي لازمت سياسة التوطين الفرنسية وكذا, بطريقة غير مباشرة, نظامها الانعاشي المثالي..إن ثوران فرنسا إنما هو مهم جداً ليكون مشروحاً بواسطة عامل منظور أمريكي مجرب لايكون متأثراً بإحساس الامريكان الغاضبين من موقف فرنسا نحو السياسة الخارجية أو أرضيات أخري.... ولكن الحقيقة هي أن فرنسا وعاصمتها الجميلة والمضطربة هما وكلاء للامم الغنية والمؤثرة التي علت من عادة تجاهل فقر العالم والذي هو رازح ومنتج للياس والانحراف والجريمة.."
مارتن اسميث رأي أن ( الحقيقة التي يجب ألا تغيب عن الذهن أن الجهاديين قد فشلوا في توظيف شغب فرنسا لمراميهم الايديلوجية في إثارة الشباب المسلم في فرنسا للخروج عن النظام الفرنسي وبدء الجهاد المقدس لتحطيم علمانية أوربا, علينا ألا ندس رؤوسنا في الرمال , فالشباب العربي والمسلم مهضوم الحق في التوظيف ولايجد الامكانية لتنمية ثقافته عبر النمودذج الفرنسي الحالي للتعايش.. إننا سنخطئ كثيراً لو أعطينا القاعدة شهادة النجاح في تدبير هذه الاحداث ..إنها أحداث متصلة بطيعة النظام الفرنسي المنغلقة دون حل الاشكالات السياسية والاجتماعية التي خلفتها الهجرة وبمجرد تبني سياسات أكثر واقعية في التعامل مع هؤلاء الفرنسيين الذي اصبحوا واقعاً ثفافياً مختلفاً فإن هذه الاحداث ستتكرر آجلاً أم عاجلاً..)
[/color]
أضف رد جديد