كلية الفنون وشريط الذكريات

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
ÎáÝ Çááå ÚÈæÏ
مشاركات: 487
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 12:26 pm
اتصال:

مشاركة بواسطة ÎáÝ Çááå ÚÈæÏ »

سلام كتير ... كتير ... يابو الحسن.
أهو طمنتنا وشعرنا أنو كتابتنا مقروءة ومحسوسة من الأصدقاء.
إنت بالذات يابو الحسن لسع عندي ليك حكايات تخصك عجيبة جدا ... ومحمود عمر راجياه حكاوي كتيرة.
ياخي الزول دا ماداير يخش منبرنا دا؟
أنا طولت منه لكن حألاقيه قريب وبكلمه...
الحرية لنا ولسوانا
صورة العضو الرمزية
ÎáÝ Çááå ÚÈæÏ
مشاركات: 487
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 12:26 pm
اتصال:

مشاركة بواسطة ÎáÝ Çááå ÚÈæÏ »

تعرف ياأبوحميد... مدام الخيط دا عن ذكريات كلية الفنون أيامنا ... فقلت برضو أغذيه بشوية رسوم وإسكتشات ليها علاقة بالذكريات البنحكيها.

لو تتذكر رحلة الجبهة الديمقراطية لغابة السنط في عصرية يوم جمعة كدا .. جبنا الفنان المرهف الراحل خضر بشير يغني في الرحلة.
جا لابس جلابية وعمة متواضعة جدا... وغني بطريقته البغيب فيها عن الناس وينبسط مع نفسو ... وكان معاه ( بتهوفن) كما سماه حسن موسى ومحمود عمر ... وبتهوفن دا هو قريبه صاحب الشعر النازل زي بتهوفن وهو عازف المندلين ...
خضر بشير غنى كم فاصل ونزل البحر وإستمتع بالسباحة لمدة كدة ومعاه (بتهوفن) ورجع على راحته ... ونحن لأننا عارفنه بتاع مزاج، مافي زول قال له عينك في راسك ... ورجع غنى تاني بمزاج عالي جدا ... واذكر أنه لما كان بيغني أغنية : ( الدنيا لما تميل ... ... يا سلام عليك ياجميل ... آه .. ) في واحدة بت قبطية لابسة بنطلون أحمر ورشيقة وجميلة قامت ترقص ... رقيص فنان جدا ... والظاهر كانت هي مع ناسها في رحلة برضو في تلك الجمعة... وعندما توقف خضر بشير عن الأغنية بقت (تحنس) فيه ليواصل ... وبطريقة فيها غنج وحركات ... خضر بشير ما إشتغل بيها ... وغنى بعد شوية بمزاجه ...
لكن الظاهر جماعتنا طربوا للبت القبطية أكتر من خضر بشير زاتو...
في فترة الراحة كان خضر بشير متكي على الرملة .. قمت رسمت ليه في دقائق، الإسكتش المرفق بقلم فحم وطلبت منه أن يوقع عليه للتذكار .. فإستجاب...
طبعا أخوك بيحب التوثيق جدا ... وأنا عندي رسوم من الإبتدائي فيها تقليد لرسوم شرحبيل في الصبيان...
وبالمناسبة دي يا أحمد سيد أحمد شفتك زغت من سؤالي عن الجوابات الأثرية اللقيناها في قصر الشناوي في سواكن القديمة وقلنا نتقسمها وإنت ختيتها في بيت عمتك منذ ذلك الزمن وهل ضاعت وللا في أمل نلقاها؟.


صورة
الحرية لنا ولسوانا
صورة العضو الرمزية
ÎáÝ Çááå ÚÈæÏ
مشاركات: 487
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 12:26 pm
اتصال:

مشاركة بواسطة ÎáÝ Çááå ÚÈæÏ »

صورة


أها دي واحدة من رسوم حسن موسى الكاريكاتورية (الديناصورات) أو التماسيح زي ما سماها الأستاذ رباح ... واضح أنه لم يكملها ..
أسلوب حسن في الكاريكاتير كان متفردا ... ولم يجد من يقيمه في السودان...
أرجو من الأخ حسن موسى أن ينشر ماقد يكون قد إحتفظ به من تلك الرسوم... أو يدلنا على الرابط إن تم نشرها في مكان ما ...
ونحن نري كل كل يوم مستويات من الكاريكاتير في صحف السودان لا نقول عنها إلا لاحول ولاقوة إلا بالله.
الحرية لنا ولسوانا
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

تصاوير زمان

مشاركة بواسطة حسن موسى »

صورة








سلام يا عبود
و الله أثرت شجون تلك الأيام العامرة بالتصاوير و الغبار و الباعوض..لقد فقدت معظم تصاوير تلك السنوات و حين بحثت في أضابيري لم أعثر إلا على بعض الصور الفتوغرافية من بعض أعمالي التي صورها لي الصديق الفنان عبد الله عابدين في ذلك الزمان الذي كانت الفتوغرافيا فيه ضربا من السحر لا يقوى عليه إلا أهل البأس التقني و الجمالي [ سلام يا عبد الله و عرفان و مودة أرجو أت تصلك عبر الأسافير ].هذا منظر من الحديقة النباتية في المقرن.كانت الحديقة النباتية جنة فيحاء للرسم و البسط و أشياء شيقة أخرى. ترى هل ما زالت قائمة أم أخنى عليها الذي أخنى على الشعب السوداني؟
صورة العضو الرمزية
ÎáÝ Çááå ÚÈæÏ
مشاركات: 487
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 12:26 pm
اتصال:

مشاركة بواسطة ÎáÝ Çááå ÚÈæÏ »

يا سلام يا حسن
جيدا جيت والله
اللوحة جميلة وبدعة التصميم والتنفيذ والتعامل مع الخامة ...
أيام فعلا كانت مليئة بالمشاعر والعمل الفني الجاد ... والبعوض ما عطلنا وداخليية الإس تي إس الإخترتوها وأنا كنت مستغرب وقلت ليم مالكم سكنتو هنا وخليتو ميز انور والباقيات؟ قلت لي الإس دتي إس قريبة من السوق ... وأذكرإعجابك بالتاكسيات الصفراء اللون ... وبالمناسبة عندي رسمة منها بنزلها ليك هنا بعد ألقاها ...

أهو دا كاريكاتير تاني ديناصوري ناقص تعليق.... والطريف في الموضوع هو التنوع في اشكال الناس وتعبيراتهم بالرغم من أنهم ديناصورات أو تماسيح ... أو طيور خرافية ... !!!




صورة
الحرية لنا ولسوانا
Ahmed Sid Ahmed
مشاركات: 900
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 3:49 pm

مشاركة بواسطة Ahmed Sid Ahmed »

Dear Aboud

I am away from home and the arabic keyboard.
I am following with interest and amusement.
You brought back lots of dear memories, that hopefully I will add to..

Hassan Musa, salam.
Do not go away. Stay with us.!
صورة العضو الرمزية
Isam Ali
مشاركات: 230
اشترك في: الأحد مارس 04, 2007 11:37 pm

كتابة التاريخ عكس كتابة التابه

مشاركة بواسطة Isam Ali »

سلاكم للاكارم
اجمعين

فى ذات بوست (ما لاقيهو) لمّا الاساتذة التشكيليين ، حكوا مبدعين ، شعر ورسم وصداقة و ..و .. رسموا الشعر وكتبوا تشكيلا ، وكان الامر عاديا بالنسبة ليهم ، شأن من شئون الحياة
قرّبت اقول : من اين اتى هؤلاء الناس ؟
واهى فرصة نسألكم .
فاحكوا بالله ، اعيدوا سيرة البوست القديم ، والود القديم ( كما يمكن ان يستطرد احمد سيداحمد) والبلد القديم والحلم القديم
احكوا لينا عن التاريخ الاجتماعى ، والخيال الاجتماعى والوعى الاجتماعى والوعى التنظيرى الهابش فى حساسية جغرافيا وسياسة الوقائع .. المتحركة .. خاتية الهدوء .. مكونات الوجود تِتشكّل فى جغرافيا الواقع ، فى لاند إسكيبها ، فى زمنها فى تاريخية مباشرة فى جدل مادى تاريخى " بنعكسن" فى الفن والتنظير
احكوا لنا عن كليتكم ، رحلتكم من مكان ماجيتوا ورجعاتكم ، احكوا عن اهلكم ، حبيباتكم ، اصدقاءكم ، احزابكم ، والغنا فى الرادى ، والهبوب الوسّخت شعوركم الافرو ، المحطة الاسطى والنوات والانقلابات والبنى الاطلقتكم او اعاقتكم واحكوا عن العاصمة المثلثة.
صديقنا فى الشغل زمان ، حكى عن جيتوا من ريف مروى لكلية الزراعة فى شمبات
قال كان متخيل انو شوارع الخرطوم دى مفروشة بلاط
اول تجربة ليهو مع البلاط كانت فى ديوان قريبا ليهو فى مروى لما قبلوه فى الثانوية
فى السنة الثانية كان لابس قميص مشجر وشارلستون وعامل افرو وخلا سف الصعوط
لقيتو شنو
اتوقعتو شنو
اكتبو فى المودة
انحنا وين لاقينها
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

أس تي إس كونيكشن

مشاركة بواسطة حسن موسى »


سلام يا عبود و أحمد و عصام
تعرف يا عصام لمن وصلنا كلية الفنون ناس أحمد سيد حمد كانوا في سنتهم الثالثة في قسم التلوين و ناس عبود كانوا في سنتهم الرابعة بنفس القسم . كنا مجرد برالمة ، من وجهة النظر الإدارية ، لكننا، من وجهة النظر الإنسانية و الجمالية، وجدنا في ناس أحمد سيد أحمد و كنديو و محمد علي كلاي و ابراهيم جبريل و فاروق خضر و عبود و دارو و حسن محمد عثمان في قسم التلوين عشيرة من الأصدقاء اندغمنا فيها بعفوية و قبلونا و كفلونا و شملونا بمحبتهم و رعايتهم فكأنهم كانوا ينتظرون حضورنا منذ آلاف السنين..كان لنا أصدقاء اعزاء في الأقسام الأخرى لكن ناس ستوديو التلوين كانوا بمثابة قلب الكلية النابض [ محمود عمر و أنا جينا من الأبيض بينما النورحمد جا من حنتوب و آدم الصافي من القضارف] وفي سنتنا الأولى تبلرت نواة عصابتنا العجيبة من واقع إقامتنا المشتركة في داخلية الإس تي إس . و داخلية الإس تي إس. و اظنها كانت إختصارا لـ "سكنداري تيكنيكال سكول" و هي الثانوية التقنية التي كانت تؤهل طلابها للإلتحاق بـ الكي تي آي [ خرطوم تيكنيكال إنستيتيوت حتى نهاية الستينات.و الداخلية مقسمة لعنابر من طابقين كل عنبر من جناحين و كل جناح مقسم لثلاثة غرف منفتحة على بعضها بدون أبواب و تفصل بينها الدواليب و الأرفف الضيقة. غريبة لم يكن هناك أي باب في هذا المسكن المفتوح من كل الجهات بفضل نوافذه الزجاجية الكبيرة المثبتة على محور أفقي بحيث تنفتح و تظل في وضع أفقي جاعلة من زواياها الحديدية سلاحا فتاكا مشهرا في وجه ، و في ظهر،و في جنب كل من يغفل لحظة عن حضور هذه الآلة الجهنمية. كنا نلعن المعماري الذي صمم مباني الإس تي إس كلما نالت منا نوافذه الشريرة التي لم تكن تنفع في صد البرد أيام الشتاء و لا في حفظ الرطوبة أيام الصيف. و فوق ذلك كان غياب الأبواب يجعلنا عرضة لزيارات لصوص الغابة " غابة السنط " التي كان يفصلنا منها[ و من باعوضها الشرس] شارع زلط و كوشة كبيرة يرمي فيها أهل حي المقرن الشعبي كل ما طفح عن قابلية بيوتهم المتواضعة من أوساخ و متاع قديم و دواجن نافقة.[ أسأل بولا يحكي حكاية البقرة الميتة المشى جابها من كوشة الغابة.! ]كان لصوص الغابة ينتهزون فرصة خروجنا و يدخلون و ينتقون ما يروقهم من متاعنا المتواضع، و أحيانا فيهم من يأخذ حقيبتك بما فيها ، فينصحك المجربون بأن لا فائدة من الذهاب لقسم البوليس و فتح بلاغ و خلافه. فقط أمشي الغابة و قد تسترجع بعض متاعك و المال تلتو! فعلا تعودنا أن نأتـّر الشنط المتواضعة في الغابة و كنا نستعيد ما لا يوافق مزاج لصوصها.بعض الكتب و دفاتر الرسم و ربما بعض البناطيل القديمة. [ كان للباقر بنطلون جينز قديم تصلب من تراكم الألوان والزيت و أنواع الوسخ لأن صاحبه لم يسخ يوما و يتكرم عليه بشيئ من الماء و الصابون. حكى آدم الصافي أن الزميل الحرامي أخذه في الليل و حين تكشفت له حقيقة البنطلون ودّعه و تركه واقفا وسط الغابة حت وصل صاحبه تاني يوم و استعاده ]. و حين تكررت حوادث السطو لجأنا إلى حيلة بسيطة عالية الكفاءة فحواها تقليل المتاع و الملابس للحد الأدنى. شبط في كراعك و بنطلون و قميص عليك و واحد في الغسيل.. و رغم ذلك ما كنا لنبدل سكنانا بغيرها لأننا كنا على مرمى حجر من المراسم في الكلية و على مرمى حجر آخر من سينما غرب و على مرمى حجر تالت من المقرن و على مرمى حجر رابع من مركز الخرطومو على مرمى حجر خامس من غابة الخرطوم.و قد انتفعنا من كل هذه الحجارة منافع شتى بالذات في منطقة الرسم..
سأعود
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

حصة الرسم

مشاركة بواسطة حسن موسى »

بورتريه " عم حسن" قلم كوبيا على ورقة مبللة [ 1972]

صورة

عم حسن موديل البورتريه الذي تعاقبت عليه أجيال الرسامين.هل سمعت بحكاية استاذنا الفنان الخليل بن أحمد الذي علمنا الرسم في الأبيض الثانوية؟
قالوا أن أحد التلاميذ كان يرسم منظرا طبيعيا و طلب من الأستاذ الخليل أن يساعده برسم حصان في المنظر. فقال الخليل: يازول أنا رسم الحصان ما بعرف ليهو. لكن لو عايز" عم حسن" هسع اعملوا ليك، عشان أنحنا في الكلية علمونا نرسم عم حسن بس..!
صورة العضو الرمزية
ÎáÝ Çááå ÚÈæÏ
مشاركات: 487
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 12:26 pm
اتصال:

مشاركة بواسطة ÎáÝ Çááå ÚÈæÏ »

سلام ... سلام

قلم كوبيا يا حسن ؟؟؟ لا حول الله ....
دا قلم قديم بشكل!!!
لكن فعلا فيه إمكانيات تشبه ألوان الموية على ورق مبلل ... كما أن أسلوب الرسم جميل ومناسب للخامة.

كان قلم الكوبيا دا كان هو القلم الرسمي في الإستعمال الحكومي في الأربعينات وقبلها ... ومشى في الخمسينات والستينات ... وكمان قلم سهل الإستعمال كقلم الرصاص لا يحتاج للملء بالحبر وميزته أنه لايتم مسحه بسهولة فيبقى بقاء الحبر تقريبا ... وكان يصرف ضمن القرطاسية الحكومية بكل نظام...
لم أكن أحب قلم الكوبيا بسبب سهولة قلم الرصاص وإمكانياته الرائعة في الرسم ... وهو قلم رحيم ( سوف أعيد نشر قصتي مع قلم الرصاص في هذا الخيط لاحقا) ولم يكن قلم الكوبيا مستعملا في المدارس، وإنما في دواوين الحكومة ... وجيلنا يعرف أننا في الصفوف الأولى في الإبتدائية كنا نستعمل قلم الرصاص وفي الصفوف الأخيرة كنا نستعمل الريشة والمحبرة ... المحبرة المثبتة على الدرج بكل ثقة ... وكان يملأها فراش المدرسة من الحبر البودرة الممزوجة بالماء وبدرجة مناسبة ... ولا زلت أذكر كيف أن تعلم الكتابة بالحبر قد كان حكاية .. وأي حكاية ... فقد كان بعض التلاميذ يسيل الحبر على جلاليبهم ولاتكاد تخلو جلابية أحدهم من بقع الحبر التي لاتزال تحدث الناس عن أن لابسها تلميذ في المدرسة... أنا لم أتعرض لهذه التجربة بسبب معيشتي في بيت سبقني فيه إخوة كبار يحسنون الكتابة والرسم بكل أالخمات ... وكان الحبر مستعملا عندنا للرسم ... بالريشة الإنجليزية ... والكتابة بالريشة العربية ... فقد رسمت كثيرا بالريشة قبل دخولي المدرسة وأثناءها ...

أعود لقلم الكوبيا ... بعد غياب دام سنين ... وفي السبعينات، زرت أحد أخوالي وكان موظفا قديما في السكة حديد في أتبرة، مدينتنا التي ولدنا فيها ودرسنا ... وهالني ما رايت ... لقد فوجئت بخالي حسن محمد يكتب بقلم كوبيا في دفاتر رسمية ... وكان عاديا ...ذلك بالرغم من أن جميع زملائه أو معظمهم قد إنتقلوا إلى قلم الحبر الجاف مرورا بقلم الحبر السائل وقبله الريشة ...
قلم التروبن كان هو قلم الكبارات ... لايملكه إلا موظف كبير أو مسؤول خطير ...
تسلمت من مجلة الصبيان وأنا تلميذ في المدرسة الوسطى، جائزة قيمة عبارة عن قلم تروبن وكانت هي الجائزة الأولى عن مسابقة رسم الغروب... ذلك القلم الرهيب وكنت أحمله زهوا .. طالعا نازلا ... بين أقراني مستمتعا بنظراتهم ( البغرانة) ... وشعورا بالزهو والتفوق يملؤني...

سأعود.
الحرية لنا ولسوانا
Ahmed Sid Ahmed
مشاركات: 900
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 3:49 pm

مشاركة بواسطة Ahmed Sid Ahmed »

سلام يا عبود وحسن وصلاح. وآسف للإنقطاع الذى فرضته ظروف.

كنت قد كتبت رسالة - إيميل - لصديق معتذرا عن عدم التواصل بقولى " القلم ليهو رافع "
فجاءنى رده قائلا " القلم ليهو دافع ".!
وها أنتم تحفزون وتدفعون وتشوقون للتواصل والمشاركة. أثرتم أشجانا وذكريات يصعب
كبحها. وأيضا يحتاج لم أطرافها لهذا الجهد الجماعى.

عصام قال :
" فاحكوا بالله ، اعيدوا سيرة البوست القديم ، والود القديم ( كما يمكن ان يستطرد أحمد سيدأحمد)...........
..." لقيتو شنو
اتوقعتو شنو
اكتبو فى المودة
لاقينها انحنا وين" إنتهى

ويا عصام ،كاتب و قارئ ومشارك حميم وهميم زيك لاقينو أنحنا وين؟ سنكتب لأنك تشجع على الكتابة.
وإنت برضو أكتب. الشفتو شنو ، والسمعتو شنو؟ والعجبك والما عجبك شنو. ومن ياتو موقع. صلاتك و صحابك من
من ناس الكلية.
وسأعود كتابة ورسم . وجاهز " موية وزيت "! والقلم جاهو الدافع. وقول يا رافع.
صورة العضو الرمزية
ÎáÝ Çááå ÚÈæÏ
مشاركات: 487
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 12:26 pm
اتصال:

مشاركة بواسطة ÎáÝ Çááå ÚÈæÏ »

يا أحمد ولد سيد الحمد
ياخي وين النور أحمد علي ...
إن شاء الله تكون صحته كويسة الآن...
مشتاقين والله لقلمه المبدع ... في شريط الذكريات ...

وبالمناسبة أنا ضربت تلفون لبشير زمبة ودعيته للإشتراك في سودان فور أول والمساهمة معنا في الكتابة ... وعلى الأقل يقرأ ...
الحرية لنا ولسوانا
صورة العضو الرمزية
Elnour Hamad
مشاركات: 762
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:18 pm
مكان: ولاية نيويورك

مشاركة بواسطة Elnour Hamad »

سلام يا جماعة الخير، كما يقول عرب الخليج.
شغلتنا عنكم "الدنيا أم قدود" كما تتواتر مرارًا إشارات حسن موسى إلى هذا التعبير.
ورد في كتاب الطبقات عن الشيخ حمد ود الترابي قول شاعره: "الدنيا أم قدود طلّقها في سابع سما علّقها". أما أنا، العبد المفتقر إلى مولاه، فلا زالت الدنيا أم قدود تمسك بتلابيبي وتمنعني أن أرى ما أحب أن أرى، وأن أحس ما أحب أن أحس، وأن أسمع ما أحب أن أسمع، وأن أفعل ما أود أن أفعل. ولو كان لي الخيار لعبرت بحر عمري كاتبًا، لا غير. ففي كل معبرٍ ومنعرج من معابر ومنعرجات حياتي، أقول: سيجيء الوقت الذي أجد فيه الفرصة لأفعل ما أريد فعله حقيقة. غير أن ذلك الزمان لا يجيء، وقوى الجسد تتهاوى تحت معاول الزمن، ومع ذلك يبقى الأمل قائمًا. وما أضيق العيش لولا فسحة الأمل!.

وأعود لخيط التشكيليين عن ذكريات كلية الفنون الذي افترعه عبود. وهي ليست ذكريات وإنما reflection، وتفكُّر في ما قطعناه من هذه الرحلة المضنية. حين أنظر إلى قائمة المشاركين في سودانفورآل، والبلدان التي انتهى إليها هؤلاء المشاركون، أقول في نفسي يبدو أننا لم نستوعب بعد فداحة الكارثة التي ألمّت بنا! ولربما لن يتيسر لنا أن ندرك تمامًا فداحتها، فحلقاتها لا تزال تتابع وتنداح.

الزمان الذي ربط بين نهاية الستينات وبدايات السبعينات من القرن الماضي، كان زمانًا شبيهًا بحالة الحلم، والحق أن الحلم والواقع نطاقان متداخلان، بل هما، لدى التحقيق، شيءٌ واحد. حينها، كنا في فورة الشباب ننعم بطاقةٍ لا حد لها. وكان العالم حينها في جملته طازجًا، منتعشًا، وواعدًا، أو لعلنا كنا، بفعل هرمونات الشباب الدافقة في عروقنا، مستيقنين أن الغد سيكون حتمًا أفضل من اليوم، وللكيمياء في أحوال الإنسان شؤون! لحظتها كانت الوعود الدفيئة تتلامع بروقها عند حافة الأفق، فآمنا بها وحثثنا رواحلنا صوب وجهتها. ولربما يكون قد غرر بنا حينها الفكر المترجم الذي غرقنا فيه، ولم تتضح لنا، أحابيل المكر المندرجة في ثناياه إلا بعد وقتٍ طويل. الشاهد، كلما تقدم الزمن بنا، كلما أصبحت البروق التي تلامعت لنا عند حافة الأفق بروقًا خُلّبا.

نسج إبن عربي على منوال أحد سابقيه فقال:

عهدي بمثلِك عند بانك قاطعًا، ثمرَ الخدودِ، ووردَ روضٍ أينعِ
كل الذين رجـوْا نوالَك أُمطروا، ما كان برقُكَ خُلّباً إلا معي!

(نظم إبن عربي البيت الأول أعلاه ضمن قصيدةٍ كاملة. أما البيت الثاني الذي استعاره إبن عربي وضمنه قصيدته، فهو لشاعرٍ آخر).

يحب الإنسان أن يصل بفكره إلى نهاياتٍ يرتاح عندها، ولكن لا نهاياتٌ ولا راحة. ومع ذلك، كانت حقبة الستينات حقبةً شديدة الوهج في الحياة المعاصرة، وهذا ما جعلها تشد الكثيرين إليها بخيوط الحنين. وتوهج الستينات أمرٌ أجمع حوله باحثون كثيرون عبر أقطار العالم. نعم، كانت حقبة الستينات من القرن العشرين، حقبةً متوهجةً بحق، ولقد شمل توهجها كل أرجاء الكوكب. كان العالم لحظتها دافئًا مثل بيضةٍ ولدتها السماء لتوها. خرج الناس من أتون الحرب العالمية الثانية وظنوا أنهم قاب قوسين أو أدنى من تحقيق الفردوس المفقود الذي ظل مجرد حلم مؤجلٍ عبر حقب التاريخ الدامية. لحظتها كان جيفارا يجوس في أحراش بوليفيا، حالمًا بهزيمة الإمبريالية، وكان الأمريكيون يصلون الفيتنام سعيرًا، في جنونٍ وعدم اكتراثٍ بالحياة الإنسانية، لم يشهد له التاريخ شبيها. وكان الروس يتباهون بيوري قاقرين وفلنتينا تريشكوفا وبطائرات الميج وصواريخ سام، غير مدركين نقص الحريات، ونقص الطعام، وأن ما يفصل بينهم وبين انهيار منظومتهم ليس سوى عقدين أو ثلاثة. وفي الشرق الأوسط كان عبد الناصر يلعلع من المذياع ليل نهار، غير مدركٍ أن السادات سيكون خليفته في بضعة أعوام. ووسط كل ذلك الهيجان والغليان، كانت روائح الخيانات البلجيكية الإفريقية تفوح من الأدغال الإستوائية، ويتم جر باتريس لوممبا إلى حتفه في عتمة الغابة الكونغولية، ليصعد موبوتو ويشرع في نهب ثروات الكونغو مع أولياء نعمته من الأوربيين، ثم يموت طريداً بعد ثلاثين عامًا أمضاها في ممارسة عبثية لحيل البقاء. أيضًا، في هذا الأتون الكوكبي المزمجر يشعل الطلاب ثورتهم في أوروبا، ويثور الجدل حول مآلات التحليلات الماركسية، ويوزع سارتر منشوراته في مقاهي باريس بنفسه، ويغرق البير كامو في أزماته النفسية البرجوازية. ويقلب الهيبز في غرب الأطلسي ظهر المجن للرأسمالية وطرائق عيشها، وتدخل الإف بي آي في حيص بيص. وفي السودان يسافر الأستاذ محمود محمد طه على الدرجة الرابعة بالقطار متنقلا بين عواصم الأقاليم داعيًا إلى مدنية إسلامية جديدة ترث الحضارة الغربية المادية بشقيها الرأسمالي والشيوعي. وفي عالم الفن الموازي، يواصل بيكاسو تهريجه في باريس، ويزدهر الكاريكاتير الإجتماعي في مصر في قبضة الديكتاتورية الناصرية، ويدخل صلاح احمد إبراهيم غابة أبنوسه، ثم يعلن غضبة هببايه، ويسافر ود المكي والنور عثمان أبكر إلى ألمانيا، ويعود السمندل إلى سناره الطينية التي ماصت قصورها أمطار السافنا.

ثم تأتي السبعينات، ويصبح شيوعيو اليونان قاب قوسين أو أدنى من السلطة، ويزور ميكي ثويدوراكس الخرطوم، ويحتفل اليساريون بفلم "زد"، ويقدم عبد الله علي إبراهيم ثيودوراكس للجمهور السوداني الذي غصت به دار الثقافة في الخرطوم. تلكم هي الأيام التي شاهدنا فيها في سينما كولزيوم أفلام الكتلة الإشتراكية مثل الفلم البلغاري، Farewell Friends والروسي "المدمرة بتمكن". جئنا إلى الخرطوم بعد عام من قصف الجزيرة أبا، وقتل الإمام الهادي، وبعد عامٍ واحدٍ فقط شهدنا إعدام قادة الحزب الشيوعي السوداني والعسكريين الموالين لهم. يومها كنا في الجريف غرب في حالة محنة في منزل شريف عبود شقيق خلف الله عبود. يجلس بيننا، واضعًا كفيه على رأسه المرحوم عبد الله محسي قريب آل عبود. لقد كانت حقبةً اختلطت فيها المرارات والفواجع بزهو الشباب وأحلامه الوردية، وبالقدرة على النسيان السريع والاندماج في مجرى اليومي والمعتاد من جديد.

هذه هي حالة المسرح الذي سبق مجيئنا إلى كلية الفنون الجميلة في الخرطوم، وحالته التي أعقبت مجيئنا إليها، وعيشنا فيها على حافة غابة السنط بين بداية السبعينات ونهاية النصف الأول منها. تلك هي الخرطوم التي كانت تقف على شفا الانهيار الملحمي الذي ألم بها.
(يتواصل الحديث).
آخر تعديل بواسطة Elnour Hamad في الأحد مارس 10, 2013 10:30 am، تم التعديل مرة واحدة.
((يجب مقاومة ما تفرضه الدولة من عقيدة دينية، أو ميتافيزيقيا، بحد السيف، إن لزم الأمر ... يجب أن نقاتل من أجل التنوع، إن كان علينا أن نقاتل ... إن التماثل النمطي، كئيب كآبة بيضة منحوتة.)) .. لورنس دوريل ـ رباعية الإسكندرية (الجزء الثاني ـ "بلتازار")
صورة العضو الرمزية
ÎáÝ Çááå ÚÈæÏ
مشاركات: 487
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 12:26 pm
اتصال:

مشاركة بواسطة ÎáÝ Çááå ÚÈæÏ »

الأخ والصديق العزيز النور محمد حمد
سعادتنا لاتوصف بمشاركتك القيمة ... لقد توجت الموضوع بخلفية تاريخية لازمة لذكرياتنا أو قل الريفلكشنز والتفكر في أمرنا، كما ذكرت ... في تلك الحقبة الغنية من حياتنا ...

أهو يا صديقي أحمد سيد أحمد دخل علينا كاتبا من أفضل شهود العصر سلس الأسلوب، بعد أن كدنا نيأس من المشاركات ...
الحرية لنا ولسوانا
عادل السنوسي
مشاركات: 839
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 8:54 pm
مكان: Berber/Shendi/Amsterdam

مشاركة بواسطة عادل السنوسي »

خلف الله عبود كتب:شكرا للصديق العزيز أحمد سيد أحمد على إفتراع هذا الخيط الذي لن أمل من الكتابة فيه ... والذكريات ذات طعم خاص لمن يجترها .. واضم صوتي لأحمد في الدعوة للزملاء في المنبر للكتابة عن كلية الفنون وجوها العجيب...
العزيز عادل السنوسي
شرفت البوست ونرجو المشاركة في الخيط بإنطباعاتك عن كلية الفنون وما تراه ...

نواصل...


----------------------------------------------------------

الأخ العزيز خلف الله ، سلام و1000 تحية، قرأت دعوتك الكريمة للمشاركة في هذا الخيط في وقتها ، ولكني لم افعل تردداً، ويبدو لي بأن ترددي كان ليس بدون داع، لأني رجحت بأنكم انت والأخ احمد سيد احمد ستتناولون ( طبيعي) فترة سابقة لعهدي بكلية الفنون، و لقد صدق حدسي. فأنا تخرجت فيها حديثاً( وجه ضاحك) عام 1981 ، يعني لست بقدركم ولا لحم سدركم ايها الديناصورات! ولكن صدقني فأنا في غاية الاستمتاع بمتابعة سردكم الجميل، وبدلاً عن المشاركة و التشويش عليكم بذكرياتي الخاصة عن فترتنا اللاحقة- و ربما افعل في المستقبل في بوست مستقل - سأتداخل معكم بين الفينة والأخري في هذا البوست الممتاز، خاصة اني اعرف الكثير من معاصريكم ، و علي رأسهم الراحل عثمان حامد الفكي وهو استاذي في بربر الثانوية، وقبله الاستاذ الراحل بدوره الاستاذ ابراهيم قرني، و محمد مختار الذي عرفتة في مدارس وكليات شندي( رحل ايضاً) وخضر ابوطربوش اطال الله في عمره ، وغيرهم كثر.

تحياتي عبرك يا استاذ خلف الله الي ابني اخيك احمد الشريف وعصام عبود، فقد عرفتهما في نيروبي و اقمنا معرضاً مشتركاً هناك في اواخر عام 1996.
الفاضل البشير
مشاركات: 435
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:56 pm

مشاركة بواسطة الفاضل البشير »

سلام الجميع, وبعد
كان بدر الدين حامد الامين الابداع نفسه فى كل شئ. وقد اختار ان يهتم بكلبة ضالة بين كلاب ضالة فالفته.
اطلق عليها اسم قجونا.
يكون فى المقهى فى لمة الشايات والافطار فينادى متى ما اراد : قجونا. فتاتي من اين؟ لا ندرى وفى لمح البصر.
هذا وحده ابداع وهاكم النقلة فيما ابدع.
ينفرد بدر الدين بقجونا فى مكان ما ويعلق عليها شعارات دامغة ضد الكيزان. وياتى الى المقهى
وينادى قجونا.
تاتي قجونا ويضطرب الكيزان عن بكرة ابيهم.الشعارات تشتمهم وتسفههم وهم بلا حيلة.
وبعد ان بلغت قجونا القاصي والداني عن مخازيهم وتكرر الامرمرارا, اكتشفوا القوى الاجنبية التى تدعم العميلة قجونا.
اكتشفوا بدر الدين وكمنوا له كمينا.تفاجا بدر الدين بكثرتهم وشرهم فنظر يمينا ويسارا واخذ يرقص ويراقصهم فانفجروا بالضحك وانصرفوا عنه.
صورة العضو الرمزية
ÎáÝ Çááå ÚÈæÏ
مشاركات: 487
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 12:26 pm
اتصال:

مشاركة بواسطة ÎáÝ Çááå ÚÈæÏ »

العزيز عادل السنوسي
تحيلتي وشكرى على المواصلة.
لا أرى مشكلة كتابتك عن الفترة التي عشتموها أنتم ...وبالعكس فسوف نجد نحن فيها بعض المعلومات والأجواء التي لم نعاصرها والتي توثق لما بعدنا ... وهو أمر هام جدا لنا لتعرف ما آلت إليه الأحوال في كلية الفنون ونحلل ونقيم ... ونستمتع أييضا بذكريات مكان كانت لنا فيه أيام ... وتواصل الأجيال لا يخفى عليك ..
سأنقل التحية إلى أحمد الشريف ... وهو الآن أكبر مشجع لي على مواصلة الرسم والتلوين والعرض ... شفت كيف يكون التواصل بين الأجيال؟
ومعنا الآن سيف اللعوتة ولميس ( من الفنانات الأكثر شبابا والأحدث تخرجا)، وآخرين من الشباب وومن مازالوا طلابا في الكلية نتبادل الرأي في حضرة أحمد الشريف وفي مرسمه العامر.
ألسنا نجدد ما كان عليه أستاذنا الراحل العظيم حسن الهادي حينما كان يجمعنا في السبعينات حسن موسى والنور حمد وشداد ومحمود عمر وشخصي في منزله العامر يوم الجمعة حيث النقاش الحر والتواصل المبدع؟

وشوف كمان ... أنا عندي موعد مع أستاذنا الجميل عربي لزيارته وقد دعوت معي خريجة الكلية قبل بضع سنوات، إيثار عبد العزيز الرسامة المبدعة والتي كانت طالبة في الثانوي حينما كنت أعمل موجها للتربية الفنية في سلطنة عمان وإكتشفتها هناك ثم درست بكلية الفنون ... وسوف نعمل توثيقا لتجربة الأستاذ عربي في برنامج إيثار في قناة أمدرمان (قاليري).
أها بعد دا عندك كلام؟
الحرية لنا ولسوانا
صورة العضو الرمزية
Elnour Hamad
مشاركات: 762
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:18 pm
مكان: ولاية نيويورك

مشاركة بواسطة Elnour Hamad »

جئنا إلى ذلك الركن القصي من مدينة الخرطوم نحمل بين جوانحنا خليطًا من صبىً ومن شبابٍ ريفي وشبه ريفي. جئنا من قرى، ومن أشباه مدن، كالأبيض والقضارف، وغيرها. وحين وصلنا، كانت الخرطوم لا تزال بها بقيةٌ من حياةٍ وبقيةٌ من رواءٍ مديني. كان اميز ما يميزها، وقتها، قلة الازدحام، وانتظام حركة المرور، وسيادة الأفندية عليها. وقتها، كانت الخرطوم مدينة موظفين. يخرج موطفوها "المنغنغون" إلى عملهم مهندمون معطرون. يؤدون عملاً قليلاً في المكاتب، ولكنه كان منضبطًا كثيرًا مقارنةً حدث لاحقًا. كان من بين موظفي الخرطوم قطاع معتبرٌ من سمار الليل الذين ينهون يومهم بالاتصال ببعضهم بعضا عن طريق التلفونات الجالسة التي كانت تعمل، تجهيزا لـ "قعدة الليل". أما القعدة فتكون في كازينو وحديقة رويال" في شارع السيد عبد الرحمن، شمال مستشفى الخرطوم. أو "الكوباني" في الجزء الجنوبي الغربي من السوق العربي شمالي داخليات الطب. أو في "الليدو" وهو مطعم على سطح بنايةٍ في وسط الخرطوم في الشارع المائل الذي يربط صينية الحركة بميدان الأمم المتحدة. كما يمكن أن تكون القعدة في حدائق الشاطئ بأمدرمان كـ "الجندول" و"الريفيرا". قوام هذه الجلسات أو "القعدات" الشري الذي يمثل شراب صغار الموظفين لرخص سعره. ومن ماركاته الشري "أبو بنت"، و"أبو تراكتورين"، و"السايبرسCyprus . ومن قوام تلك "القعدات" أيضًا السمك، والشواء، وسلطات جروف النيل. كان لسمار الخرطوم ليلهم، فالمدينة أصلاً كان لها ليلها. حين ضمتنا داخليات الإس تي إس، وحين نكون فارشين المراتب على بلاط ميدان الباسكتبول، هربًا من حر الغرف، نكافح البعوض في الهواء الطلق، ونغالب سآمات الليل، ممسكين بألجمة خيول شبابنا الجامحة، ونهمها للحياة الذي لا تحده حدود، وحين يبرد الليل قليلاً، وتهدأ الحركة، ويزداد نعاس أضواء الزئبق في شارع الغابة، وتخف حركة المركبات، وتبدأ ثرثرتنا في الخمود، ويخيم فوقنا الصمت، يحمل إلينا هواء الليل القادم من جهة النيل، بين كل لفحةٍ وأخرى، صخب الموسيقى الصادحة في "غوردون ميوزيك هول". هناك يسهر كبار الموظفين، والأجانب، وأهل الجاليات الذين عاشوا في خرطومهم التي لا علاقة لها بالسودان. كانت غوردون ميوزيك هول تعمل حتى ساعات الصباح الأولى. كان الجميع ساعتها يشربون، وهم لا يدرون، الأنخاب الأخيرة للمدينة الحزينة، التي توشك أن تتخطفها كف العفريت.

لم أسكن مع المجموعة المذكورة في داخليات الإس تي إس المحاذية لشارع الغابة، منذ البداية. وإنما سكنت، في البدء، في داخليات الحلة الجديدة. وحين استقر بي المقام فيها وجدت أن حظي العاثر قد أوقعني في غرفة واحدة مع زميل لي سابق من حنتوب تم قبوله معي في نفس العام، ولكن بالأقسام الهندسية، وهو زميل لم أكن أطيقه أبدًا. فحين كنا في حنتوب كنا نسكن في داخليتين متباعدتين، ومع ذلك كان وجوده يزعجني رغم قلة المخالطة. فإذا بحظي العاثر يجمعني به في غرفة واحدة (3 أمتار في 3 أمتار). أحسست أن ذلك الوضع قد ذهب كلية ببهجة مجيئي لكلية الفنون. ولطالما حلمت بالمجيء لكلية الفنون. فلقد كنت أراها مخرجي الوحيد من "بِلى السراويل على مقاعد الدرس"، كما قال جان آرثر رامبو. خاصة وأنني أتممت حنتوب بـ "الله ويامين" من فرط مقتي لحجرات الدراسة ونوع الدراسة. أحسست بالاختناق من سكني مع ذلك الزميل، وأصبحت أتهرب من الغرفة، وأمضي كل الوقت في البوفيه، وفي التجول، ولا أعود إلى الغرفة إلا ساعة النوم. كانت داخليات الحلة الجديدة أفضل بكثير من داخليات الإس تي إس. ولكن بالإضافة لزميلي في الغرفة، الذي لم أكن أطيقه، كانت هناك مشكلة البص والرحلة اليومية من الحلة الجديدة إلى المعهد الفني في الخرطوم غرب، على بصات التاتا الهندية - باكورة الصناعة الهندية وقتها. لم أمكث في الحلة الجديدة سوى أيام. وحين أذكر أيامي القليلة في داخلية الحلة الجديدة لا أسترجع سوى يومٍ واحد ارتبط في ذهني بذلك المكان. ذلك اليوم هو الثامن والعشرين من سبتمبر من عام 1970 حين خرج الطلاب من غرفهم وكأنهم أُعلِموا لتوهم بيوم الحشر، مرددين في أصواتٍ خافتة وجلة، أن جمال عبد الناصر قد توفي. أذكر أني ذهبت إلى ميدان أبوجنزير ووجدت هناك الخرطومي الشهير "الخزين" وهو ينتحب من مكبر صوته اليدوي الشهير الذي لا يفارقه. كان كل ما أمضيت في داخليات الحلة الجديدة بضع أسابيع قليلة، انتقلت بعدها إلى داخليات الإس تس إس، لتبدأ المرحلة العذبة الصاخبة، التي لم تستمر لأكثر من عام. ولكنه كان عاماً كألف سنةٍ مما تعدون.

كما تفضل حسن موسى جئنا إلى كلية الفنون من بقاعٍ شتى من السودان. جئنا إلى الخرطوم في لحظةٍ مفصليةٍ، لنشهد جنوح دولة الأفندية نحو غروبها المأساوي الذي لا تزال حلقاته تتصل. فحين وصلنا كان نظام نميري قد أكمل عامه الأول فقط، وكانت شمس اليسار تقف بمقدار قامة الرمح فوق أفق السودان. كان همزة الوصل بيننا أستاذنا عبد الله بولا الذي درّسني في حنتوب الثانوية، كما درّس آدم الصافي في القضارف الثانوية. أما حسن موسى ومحمود عمر فقد عرفهما بولا عن طريق زملائه من أساتذة كلية الفنون. فلقد سبقت حسن موسى شهرته إلى كلية الفنون. فهو قد كان موهوبًا بصورةٍ استثنائية، مقارنةً بمن هم في سنه من طلاب الثانويات. كما كان ممارسًا من حيث كم الزمن الذي يقتطعه للرسم، بما لا يقارن بواحدٍ منا. أما محمود عمر فقد كان هو الآخر متميزًا، وكان صديقًا لحسن موسى في الأبيض الثانوية. وما أن وصلنا الكلية حتى قام بولا بتعريفنا على بعضنا بعضا، ومن بعد عرّفنا بخلف الله عبود، ودار السلام عبد الرحيم، والنور أحمد علي، وأحمد سيد أحمد، وبابكر كنديو، وغيرهم من الطلاب القدامى في الكلية الذين كانوا لحظتها يستظلون بمظلة اليسار. وهكذا كان التخلُّق الأول للبوتقة التي جمعتنا لأربع سنوات، ومن ثَمَّ لبقية العمر، ما مضى منه وما ينتظر.
(يتواصل)
((يجب مقاومة ما تفرضه الدولة من عقيدة دينية، أو ميتافيزيقيا، بحد السيف، إن لزم الأمر ... يجب أن نقاتل من أجل التنوع، إن كان علينا أن نقاتل ... إن التماثل النمطي، كئيب كآبة بيضة منحوتة.)) .. لورنس دوريل ـ رباعية الإسكندرية (الجزء الثاني ـ "بلتازار")
سيد أحمد العراقي
مشاركات: 624
اشترك في: الأحد يونيو 21, 2009 11:44 pm

مرحبا مرحبا النور حمد وشفى الله النو أحمد على

مشاركة بواسطة سيد أحمد العراقي »



أستاذنا النور حمد...لك التحية

سعيد بعودتك طلة وكتابة....ربيع يأتى ليخفف رحيل الأحباب وكثرة المراثى وشفى الله النور أحمد على لياتى مطر فى الربيع

وليعذرنى أصحاب الخيط
صورة العضو الرمزية
Elnour Hamad
مشاركات: 762
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:18 pm
مكان: ولاية نيويورك

مشاركة بواسطة Elnour Hamad »

شكرا يا عراقي
قال النابلسي:

يا نسيمات سرت سحرا من شذاها الكون قد عبقا
خبرينا عن أحبتنا وعن الأهلين والرفقا

غبت طويلا غير أن شوقي إلى الأحبة والأهلين والرفقا في هذا المنبر، ظل متقدا
هنا نرتاح قليلا من وعثاء هذه الحقبة التاريخية الحامضة.
وحين يصبح الحاضر مضطربا ومشوشا وغائما يصبح الماضى متكأ وملجأ!!
والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه.

((يجب مقاومة ما تفرضه الدولة من عقيدة دينية، أو ميتافيزيقيا، بحد السيف، إن لزم الأمر ... يجب أن نقاتل من أجل التنوع، إن كان علينا أن نقاتل ... إن التماثل النمطي، كئيب كآبة بيضة منحوتة.)) .. لورنس دوريل ـ رباعية الإسكندرية (الجزء الثاني ـ "بلتازار")
أضف رد جديد