ماذا نفعل مع المسلمين؟

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

ديوك العدّة!

مشاركة بواسطة حسن موسى »

سلام للفاضلين و الوليد.
يا وليد حكاية العدة تلخص كل تاريخ القهر السياسي الذي تكابده الشعوب التي ابتلاها الله بديوك العدة الميامين و الحمد لله على كل شي.
يا الهاشمي أنا راجع لموضوعة " سلطات الأزمة " في مقام مستقل و تنويهي بها هنا ورد ضمن محاولة إلقاء نظرة واسعة لمنظر الثقافة الإنقلابية في بلاد العربسلاميين.
يا الفاضل البشير إشارتك للتركيب اللاحق بحركة الجيش في محله . من جهة أولى هناك حكومة مرسي المنتخبة و الشرعية و الدستورية إلخ ، و هي حاصل طبيعي لحركة التمرد الشعبي الذي اطاح بنظام مبارك، و الناس الذين خرجوا على سلطة مبارك و منحوا الإسلاميين أغلبية في البرلمان قادرون ـ في نهاية التحليل، بسحب ثقتهم من الإسلاميين و إسقاطهم بنفس المنهج الديموقراطي الذي صعدوهم به.من الجهة الثانية فالمتمردين ما كان بوسعهم تنظيم حركة تمرد بهذه السعة إلا تحت شروط الحياة الديموقراطية التي أتاحها نظام مرسي ، على علاته الظاهرة و الخفية.و لو استبعدنا الجيش من المشهد فربما كان في إمكان حركة تمرد ،و حلفائها ضمن الحركة الشعبية ، خلق واقع سياسي جديد ينتهي بوضع حكومة مرسي في مضيق سياسي لا مخرج منه إلا بإجراء إنتخابات جديدة.و هذا الإحتمال، إحتمال نجاح الحركة الشعبية في فرض إرادتها على حكومة مرسي هو الذي أرعب العسكريين و حلفائهم المحليين و الإقليميين و الدوليين الذين يتوجسون من عواقب استقرار الديموقراطية في بلد مثل مصر، لأن إتاحة الفرصة لتمرد للمضي في ممارسة الضغط الشعبي على الحكومة المنتخبة يعني أن المصريين صاروا قادرين على تدبير المنازعة السياسية بدون حاجة للعنف العسكري.و طبعا وراء العسكريين المصريين ، هناك قوى إقليمية و دولية كثيرة، تعّول على استخدام مصر في ضبط استراتيجيات الحرب و السلام في منطقة الشرق الأوسط. و من جهة ثالثة فلا أحد يجهل أن هؤلاء العسكر الذين سعوا لقطع الطريق على المتمردين و على حكومة مرسي المنتخبة إنما هم ـ في نهاية التحليل ـ خصم بين غيره من خصوم المنازعة الطبقية الحاصلة في مصر، و بهذه الصفة فهم يسعون بالضرورة لحماية مصالحهم و امتيازاتهم. و أول مساعي الحماية هي استبعاد الخصوم الأكثر تهديدا و لو كلفهم ذلك" الشي الفلاني".ضمن هذا المشهد لا مخرج للحركة الشعبية المصرية إلا ببناء أحلاف جديدة غير مسبوقة ـ في تاريخ العالم العربي على الأقل ـ قوامها برنامج عمل سياسي بين الإسلاميين و العلمانيين غايته صيانة الديموقراطية في مصر. لو نجح المصريون في صيانة النبتة الديموقراطية الغضة فهم سيخلقون وضعية سياسية جديدة تفتح آفق النهضة الديموقراطية لشعوب أخري مازالت واقفة تراعي ساكت.
غايتو ربنا يجيب العواقب سليمة و يولي الأصلح و كدا!.
لكن في إنتظار أن يرعى الحمل آمنا في جوار الذئب و يلعب الولد كرة الماء مع التمساح ، فلا بد لنا من التأني عند اللاعب الخفي الذي يحرّك القوات المسلحة المصرية و يلهمها فجورها و تقواها.

بعيد استيلاء الجيش المصري على السلطة و عزل الرئيس مرسي تميزت ردود الفعل الدولية باعتدال غريب لا يتناسب و فداحة الإعتداء الشنيع على التجربة الديموقراطية المصرية. فرئيس الولايات المتحدة الأمريكية ، التي تعتبر نفسها حامية الديموقراطية في العالم، اكتفى بالتعبير عن " قلقه العميق " على أثر قرار العسكريين المصريين بعزل الرئيس مرسي و الإستيلاء على السلطة ، و دعا العسكريين للعودة إلى الديموقراطية و نصحهم بالسهر على حماية الحقوق المدنية أثناء الفترة الإنتقالية. أما بن كي مون، السكرتير العام للأمم المتحدة، فقد اكتفى بالدعوة لعودة النظام المدني حالما أمكن الأمر. و معظم حلفاء أمريكا من الرؤساء و الملوك الشرقأوسطيين الذين تعودوا على تجييش الجيوش ، وراء أمريكا، لنصرة الديموقراطية، في الكويت و في العراق و في أفغانستان و في ليبيا..إلخ، لم يفتح الله عليهم بأكثر من ابداء "قلقهم" على الأوضاع في مصر، و هذا " أضعف الإيمان " كما جاء في الأثر. لكن موقف " أضعف الإيمان "، الذي تفرضه دبلوماسية مداهنة الحس السياسي للشارع الإسلامي، بالذات في أنظمة مثل تركيا و تونس و المغرب ، يملك أن يضيئ موقف التضامن " ميد إن أميريكا " الصريح مع العسكريين المصريين، و ذلك حين نقرأ رد فعل أقوى حلفاء أمريكا في الشرق الأوسط اليوم . فالمملكة العربية السعودية ، و قطر و دول الخليج و اليمن ، التي هنأت الإنقلابيين و دعمتهم ، هي كيانات سياسية لا تتمتع بأي هامش مناورة يتيح لها أن تتخذ مسافة نقدية من السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط ، و بالتالي فموقفهم يمكن أن يقرأ كاستباق صريح لحقيقة الموقف الأمريكي الذي يتوجس من عواقب النزعة الإستقلالية المحتملة من طرف نظام سياسي يجد سنده الشعبي في الممارسة الديموقراطية.

و أظن ـ غير آثم ـ أن التضامن الأمريكي [ و الأوروبي ] مع العسكريين المصريين[ و قيل التوانسة و الليبيين و المغاربة و السوريين و اليمنيين إلخ ] سيعبر عن نفسه بأسلوب أكثر مباشرة مع نجاح الإنقلابيين المصريين في فرض نظامهم كأمر واقع، على الأقل في الأشهر القادمة ، سيّما و منطقة الشرق الأوسط خبرت تجربة مماثلة في مطلع التسعينات، حين وقفت فرنسا و الإتحاد الأوروبي و " العالم الحر " بأسره وراء العسكريين الجزائريين الذين فوجئوا بالصعود الشعبي للإسلاميين الجزائريين في أول إنتخابات ديموقراطية في الجزائر ، فسارعوا إلى إلغاء نتيجة الإنتخابات التشريعية التي تمت في 1991، و هي الإنتخابات التي فاز فيها حزب " الجبهة الإسلامية للإنقاذ " ، ففتحوا الباب واسعا لحرب أهلية دامية دامت لأكثر من عشرة سنوات. و ما زالت بؤرها الباقية تنذر بإحتمال إندلاع الحرب بين الجزائريين.
. بالمناسبة ترتبط الجزائر بالاتحاد الأوروبي بـ "اتفاق شراكة واتفاق يمنح الجزائر 172 مليون يورو (ما يقارب 234 مليون دولار أمريكي) كمساعدات بين 2011 و2013. وفي سبتمبر/أيلول، تم عقد اجتماع للجنة التعاون الثنائي المنبثقة عن مجلس "الحوار السياسي والأمن وحقوق الإنسان".
وتعتبر الولايات المتحدة الجزائر كـ"شريك محوري في مكافحة شبكات التطرف والإرهاب مثل القاعدة، وهي ثاني أكبر شركائنا التجاريين في العالم العربي." وبينما لا تقدم الولايات المتحدة تقريبًا أي دعم مالي للجزائر، فإنها أهم مستورد من الجزائر وخاصة في مجال الغاز والنفط "
على الرابط
www.hrw.org/node/104477

و على كل فإحتمال الحرب الأهلية في مصر وارد و قريب ، و الله يكضّب الشينة، عشان لو اشتعلت مصر بنيران الحرب الأهلية فالرماد كال حمّاد في كافة بلدان المسلمين . ذلك أن الإسلاميين المصريين هم في الواقع طرف من كل تمنحه شروط العولمة شبكة من العلاقات و الروابط و الأحلاف تتجاوز البلدان التي عرفت صعودا سياسيا للإسلام السياسي.
طبعا مواقف الإدارة الأمريكية و الإتحاد الأوروبي و حلفائهم في بلدان العالم الثالث يمكن فهمها ضمن جيوبوليتيك عولمة رأس المال الذي يفرض تبعاته على الناس أينما حلوا. لكن الأسلوب الذي يقف به عيال المسلمين من عواقب هذه المنازعة الحداثية التي تموّه تناقض العمل و رأس المال تحت غشاء صدام حضارات الشرق و الغرب ، يحتاج منا لمزيد من التأنـّي حتى نتوصل لتفهم ما يحفز فلان و فلتكان على الإنخراط مع "هؤلاء الناس "ضد أولئك الناس .و في هذا المشهد أسعى لعقلنة النزوع العفوي و الإرادي لتغييب أو لتجاهل الوعي بقدرة جماهير الشعب على تملـّك مفاتيح التغيير الإجتماعي بالذات وسط مثقفي الطبقة الوسطى العربسلامية.
و لو استبعدنا من يرون أن العناية الإلهية فوضتهم لإنقاذ الشعب ، فالجماعات الإنقلابية [ المدنية و العسكرية ]هي أفضل أمثلة النزوع العفوي لتغييب الوعي الشعبي. فـ " هؤلاء الناس " يصدرون عن مشروع للتغيير، قد يكون، مبدئيا، "باسم الشعب" و "من أجل الشعب "، لكنهم لا يتصورون الشعب شريكا في تحقيق التغيير، و ذلك ببساطة، لأنهم يعانون من حالة أنعدام ثقة مرضي بالشعب . هذا الموقف يمسخهم لوضعية الوصاية و التسلط على الشعب، على زعم أنهم يعرفون مصلحة الشعب افضل منه.و في هذا المشهد فالأمثلة الكثيرة المتواترة في بلدان العالم الثالث تجعل من نموذج الطغاة الجاثمين على صدور شعوب الشرق الأوسط قاعدة لا تعرف الإستثناء . " هؤلاء الناس " الذين أباحوا لأنفسهم التغرير بالشعب الأعزل و قهره و سرقة سلطته و نهب ثروته ما كان لهم أن يستمروا في ضلالهم لولا تواطؤ ذلك النفر من الرجال و النساء الذين يعتقدون في خرافة الحاكم " المستبد العادل " الذي ينقذ الشعب بعد أن يصادر إرادته و حقوقه و يفرض عليه وصايته ، بل و يستعين عليه ببأس القوى الأجنبية عند مقتضى الحال.


سأعود
الفاضل البشير
مشاركات: 435
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:56 pm

مشاركة بواسطة الفاضل البشير »

(وفى بالي ان الانحياز لا يبرأ المنحاز من الغرض او حتى التامر) . 
عفوا اتيت لنصحيح هذه العبارة. لتكون :,
( وفى بالي ان الانحياز لا يبرئ المنحاز من الغرض او حتى التامر)
فى يوم 7ابريل 1985,اليوم التالى لتسلم سوار الذهب السلطة, اصبحنا على غم عظيم, مجموعة منا, توجسا من انقلاب سوار الذهب على الثورة. ولم يطمئن لنا بال الا باطمئنان المتحدثين فى ندوة فى جامعة الخرطوم, مساء الاثنين.وهنا بدا تركيب معنى انحياز
.

وانت ستعود
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

و ما فرّطنا في الكتاب من شيئ

مشاركة بواسطة حسن موسى »

[align=right]Nom de Dieu!
أنابيب ضوء كهربائي بلاستيك و ألمونيوم. 300سم في 900سم،2012.








صورة
صلاح النصري
مشاركات: 607
اشترك في: السبت يوليو 01, 2006 12:32 pm

مشاركة بواسطة صلاح النصري »

زمن سمير أمين

ياحسن سلام
مولانا سمير أمين لرفد النقاش

خطاب الدين السياسى
سمير أمين
الحوار المتمدن-العدد: 4001 - 2013 / 2 / 12
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


أثارت مقالتي عن الإسلام السياسي المنشورة في مجلة "منثلي ريفيو" الأمريكية والتي ذكرتها في التقديم تعليقات مفكرين اختلفوا مع أطروحاتي القائلة بأن الإسلام السياسي يخدم موضوعيًا أهداف إستراتيجية واشنطن. ولم تفاجئني هذه التعليقات التي أتت بما كنت أنتظره.

1- كان الهدف من المقالة طرح إستراتيجية تسعي إلى إنجاز هدفين هما: دحر خطة واشنطن التي تسعي إلى تكريس السيطرة العسكرية الأمريكية على صعيد الكوكب من جانب، ودحر الإسلام السياسي من الجانب الآخر. وأزعم أن الهدفين لا يقبلان الفصل بينهما. أضيف أن أحزاب الإسلام السياسي "المعتدلة" و"المتطرفة" لا تختلف– في رأيى- من حيث جوهر الهدف الذي تسعي إلى إنجازه، بل فقط في وسائل تحقيقه، وبالتالي فإن الطرفين يتكاملان أكثر من كونهما يتناقضان.

علي أن عرض الأسباب التي دفعتني إلى هذا الموقف يفتح باب النقاش حول مسائل نظرية هامة وأعمق تخص مفاهيم "الحداثة" و"التمركز الأوربي" و"التكوين التاريخي للثقافات السياسية" لمختلف الشعوب وما يترتب عليه من اختلاف في تحديد طابع التحدي.

2- لقد اقترحت فك ألغاز مفهوم "الحداثة" انطلاقًا من تحليل يشدد على مشاركة تبلور الحداثة من جانب، وبزوغ الرأسمالية في الآفاق من الجانب الآخر، حيث إن الظاهرتين لا تنفصلان عن بعض.

ليس هذا المنهج هو منهج خطاب المركزية الأوروبية. بل على العكس تمامًا، أوضحت أن التشديد على هذه العلاقة التاريخية الجوهرية يلغي صلاحية مقولات التمركز الأوربي. وبالتالي أزعم أنني قدمت نقدًا جذريًا لهذا الخطاب، نقدًا يتجاوز سرد ظواهر تجلياته (علي نمط ما قدمه ادورد سعيد).

وتوصلت إلى أن الحداثة "القائمة بالفعل"، بسبب علاقتها المباشرة مع تبلور الرأسمالية التاريخية- وأقصد هنا النمط التاريخي للرأسمالية التي لا يمكن فصلها عن نمط للتوسع على صعيد عالمي له طابع استعماري، "استقطابي" من الأصل- أن هذه الحداثة غير مكتملة، بل غير متناسقة في تأثير فعلها على مجتمعات المراكز والتخوم في المنظومة العالمية؛ فهي حداثة "مشوهة" وأن التحدي الحقيقى- في رأيى- هو كيف يمكن تطوير الحداثة لتتجاوز حدودها الراهنة، وذلك في مقابل الدعوة إلى "التخلص" من الحداثة.

3- أما القول بأن تدهور أوضاع المجتمعات الإسلامية وتفاقم الفقر في صفوف شعوبها هو السبب الذي يقف وراء انتشار دعوة الإسلام السياسي فهو قول صحيح، ولكنه لا يعدو أن يكون بديهية.

إن صميم أطروحتي فيما يخص توسع الرأسمالية على صعيد عالمي يقوم على توضيح الآليات التي أنتجت بالضرورة "الاستقطاب"، بمعني تصاعد اللامساواة بين المراكز والتخوم، وذلك منذ الأصل. ثم قلت إن هذا التوسع ذو طابع استعماري (وهو مصطلح مرادف للاستقطاب) يتجلي في نهاية المطاف في تخريب حضاري بالنسبة لشعوب بأكملها، بل يؤدي أحيانًا إلى إبادتها.

فالمنتظر في هذه الظروف هو بالفعل انبثاق ردود فعل من الشعوب الضحايا. ويمثل الإسلام السياسي نمطًا من رد الفعل المنتظر، بيد أنه لا يمثل النمط الوحيد المحتمل.

فإذا كانت أطروحتي حول الاستقطاب الذي يصحب بالضرورة توسع الرأسمالية التاريخية صالحة، فإن الاستنتاج المنطقي الذي لا مفر من التوصل إليه يتلخص في القول بأن مواجهة التحدي تقتضي الخروج من منطق الرأسمالية، وبالتالي فإن السؤال الصحيح ليس هو معرفة ما إذا كان الإسلام السياسي رد فعل على تدهور أوضاع المجتمعات الإسلامية أم لا (فله طابع رد الفعل دون شك)، إنما السؤال هو ما إذا كان مشروع الإسلام السياسي قادرًا على إنجاز الهدف (الخروج من الرأسمالية) أم لا. وإذا كانت الإجابة سلبية لأصبح هذا المشروع بديلًا قائما على أوهام.

4- لم أجمع في سلة واحدة الإسلام السياسي المعاصر وإسلام المجتمعات في عصور تاريخها السابقة على الغزو الاستعماري. على العكس من ذلك لفت النظر إلى الاختلاف الجوهري بين الظاهرتين.

وقد بذلت بعض المجهود للنظر في مقام الديانات في البناء الاجتماعي "القديم" (أي السابق على الرأسمالية وعولمتها ونوع "الحداثة" التي صحبتها) ودورها في إعادة تكوين المجتمع بأبعاده السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وتم التركيز في مقولاتي بهذا الصدد على المقارنة بين نمط "أوربا المسيحية الإقطاعية" من جانب ونمط العالم العربي الإسلامي (قبل الغزو الاستعمارى) من الجانب الآخر، ثم إلقاء بعض الملاحظات حول مقام الديانات والعقائد الميتافيزيقية بشكل عام في عصر الهلنستية (انطلاقًا من الإسكندر ثم الإمبراطورية الرومانية) وفي تاريخ الصين.

وكنت توصلت إلى استنتاج أعطيه أهمية حاسمة، ألا وهو أن مجالات التماثل في دور الأيديولوجية الدينية في هذه المناطق والعصور أهم من أوجه التباين الناتج عن "خصوصيات" كل منها.

كأن الخاص هنا لم يعد كونه تجليًا للعام، وضربت الأمثلة التي أراها مقنعة بصلاحية استنتاجي، وأهمها الاهتمام المماثل هنا وهناك في تطوير فكر يتيح التوافق بين "العقل" (بمعني منطق أرسطو) و"الإيمان".

وقد اقترحت تفسيرًا لهذا التماثل الدال. وهو أن الأيديولوجيا تقوم في جميع هذه المجتمعات التعددية بدور محوري في إضفاء شرعية على نظام حكم له طابع "خراجي" (ويشمل هذا مجموعة من الأنماط الإقطاعية الأوربية وأشكالا أخري "شرقية" إسلامية وصينية وغيرها)، كما اقترحت أن المستوي السياسي (السلطة) هو المسيطر على المستوي الاقتصادي في هذه النظم (في مقابل انقلاب العلاقة وهيمنة "قوانين الاقتصاد" التي تصبح "مستقلة" في النمط الرأسمالى)، وأن النمط المطلوب الفعال للأيديولوجيا المناسبة للقيام بهذا الدور (أي سيطرة المستوي السياسي على المستوي الاقتصادى) هو النمط النمط "الميتافيزيقي المطلق" (في مقابل مقام العلوم الحديثة التي تكتفي بالبحث عن حقائق جزئية ونسبية)، وأن العقائد الدينية (هنا المسيحية والإسلام) مثلت الشكل الذي اتخذه الخطاب الميتافيزيقي المطلوب. علمًا بأن هناك مذاهب ميتافيزيقية أخري غير دينية الطابع قد قامت بدور محوري مماثل في عصر الهلنستية وفي عصر سيادة الكونفوشيوسية في الصين.

كما توصلت إلى استنتاج آخر لا يقل أهمية، وهو أن ظهور الرأسمالية (ومعها الحداثة) قد أنتج انقلابًا في العلاقة بين المستويين السياسي والاقتصادي، وبالتالي أضفي على المستوي الأيديولوجي مقامًا ومحتوي آخر تمامًا. حيث إن مقام الديانة وفهم محتواها قد تجددا، فألغيت المفاهيم القديمة، أو على الأقل- إذا استمر الاعتماد عليها ظاهريًا- فقدت فعاليتها في إدارة المجتمع "الحديث"، في المراكز وفي التخوم.

أما العلوم- بمعني البحث عن حقائق جزئية ونسبية- فقد أصبحت أهم من البحث عن الحقيقة المطلقة الشاملة.

5- وبالتالي فإن الإسلام السياسي هو ظاهرة حديثة وليس استمرار لظاهرة قديمة. هذا هو ما قلته بالتشديد عليه.

قلت أكثر من هذا. قلت إن جميع المذاهب والحركات النشطة في الساحة في العالم المعاصر، والفاعلة في المجالات المختلفة الأيديولوجية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، هي "حديثة" لأنها- بكل بساطة- لا يمكن فصلها عن واقع الرأسمالية، فالليبرالية الديموقراطية البرجوازية (المحافظة والإصلاحية)، والمشروعات الاشتراكية (الاشتراكية الديموقراطية والشيوعية التاريخية)، والفاشيات، والأيديولوجيات القومية وتحت القومية، وأيديولوجيا العنصرية للاستعمار، وخطب المقاومة للشعوب المضطهدة، وحركات الانعاش الديني في أشكالها المتباينة من السلفيات والأصوليات، وكذلك المذاهب التي تدعو إلى إعادة قراءة العقائد للتكيف مع مقتضيات المستقبل مثل لاهوت التحرير، بل والطوائف والبدع العديدة الظاهرة في الساحة كل يوم، فجميع هذه الحركات حديثة الطابع وليست "بواقي من الماضي".

6- إن الاعتراف بأن الحركات المذكورة هي حديثة الطابع مقولة مرضية بحد ذاتها. فالمشكلة هي تحديد معناها ومقامها، وبالتالي توضيح أوجه التباين بينها، والتمييز بين الحركات والمذاهب التي تدفع نحو الأمام في سبيل تجاوز الرأسمالية وتطوير الحداثة، وبين تلك الحركات التي لا تهتم بالإشكاليات المذكورة فتنقل النقاش إلى أرضيات "الخصوصية".

أعتبر نفسي ماركسيًا بمعني أنني أنظر إلى الأدوات التي تقترحها المادية التاريخية على أنها أفضل الوسائل في المتناول للتحليل العلمي في مجال علوم الاجتماع. أقول إنها الأدوات التي تتيح أكثر من غيرها إدراك طابع التحدي الذي تواجهه الشعوب والطبقات ضحايا الرأسمالية ونمط حداثتها. علمًا بأن التوظيف الخلاق لهذه الأدوات ليس تمرينًا بسيطًا يسيرًا، بل يحتاج إلى التطوير المتواصل.

هناك مذاهب أخري لا تقل أهمية، وهي السائدة في الساحة طالما سادت الرأسمالية. بعضها بدافع صراحة عن جوهر النظام باسم تفوق الليبرالية الديموقراطية البرجوازية (وهابرماس يمثل هذا الفكر)، وبعض المذاهب الأخري الفاعلة في الساحة هي رجعية صراحة (والفاشيات تمثل النمط المتطرف منها). ولكن أزعم أيضًا أن هناك مدارس فكرية تظل تتحرك في إطار سيادة الرأسمالية- طالما تعطي أهمية مركزية لاحترام مبادىء "الملكية الخاصة"- وذلك بالرغم من اتخاذها شكل الخطاب "الديني" (أو شبه الدينى) أو القومي (أو شبه القومى).

وأعتبر أن الإسلام السياسي المعاصر (وكذلك الهندوسية السياسية والبوذية السياسية والمسيحية الأصولية الأمريكية وغيرها) ينتمي إلى هذه المجموعة التي تقدم إجابات لا تعتمد على تحديد علمي لطابع التحدي، وبالتالي تروي أوهامًا خطيرة حول قدرتها على تغيير العالم.

وإذا كان بعض هذه الحركات قد نجح في تعبئة مناضلين من أصول شعبية وفقيرة دليلًا على نوعية طابعها السياسي، فالنجاح هنا لا يعدو كونه وجهًا واحدًا للعملة، والوجه الآخر هو فشل اليسار (الاشتراكي خاصة) في مواجهة المد اليميني الذي تلا انهيار الأنماط التي سادت في أعقاب الحرب العالمية الثانية وتشمل السوفيتية والشعبويات الوطنية لعصر باندونج.

يجب أن نعمم أن الساحة السياسية ليست ساحة تحتلها بالضرورة قوة تقدمية من جانب ورجعية من الجانب الآخر. فقد يحدث أن تحتل مقدم المسرح قوي ينقصها الوعي فيقع المجتمع في مأزق لا مخرج منه. وهو أمر لا ينفرد الإسلام السياسي به، فقد كتبت أن العديد من الحركات التي تشكل "المنتديات الاجتماعية"- ولو نادت ببعض المبادىء التقدمية وقدمت بعض التحاليل المفيدة- إلا أنها لم تطور بعد- وإلي اليوم- تنظيرًا على قدر التحدي.

لقد بادرت مبكرًا بنقد مشروعات باندونج وبيان حدودها وتناقضاتها، فنشرت عام 1963 كتابًا عن مصر الناصرية أبديت فيه مخاوفي من أن تنتهي التجربة "بالعودة إلى حظيرة الكومبرادورية" (ألفاظي في الكتاب) الأمر الذي تحقق فيما بعد باسم "الانفتاح، وأن تملأ موجة "إسلامية" الفراغ الأيديولوجي الذي خلقه الفكر القومي البحت، وهو أيضًا ما حصل. نعم، أفتخر بصلاحية هذه التنبؤات التي توصلت إليها باكرًا.

7- لا أزال أرفض جميع أنواع القراءات "الثقافوية" للتاريخ والسياسة. وأقصد من وراء هذا المصطلح تلك المقولات القائمة على تصديق "ثوابت" يُزعم أن الشعوب و"الجماعات" تتسم بها، فتفرض انفراد كل مسيرة من المسيرات التاريخية المتباينة ظاهريًا. وذك سواء أكان لهذه الثوابت مصدر ديني أوغيره (ثقافى)، نافيًا بذلك فعل قوي تفرض نفسها على صعيد تاريخ الإنسانية بأجمعها، واقترحت التركيز في التحليل على ما أسميته "الثقافة السياسية التاريخية" بديلًا للخطاب الفارغ من "الخصوصيات" و"الثقافة" (دون صفة تنعت بها).

ذكرت أن الأيديولوجيا القومية معرضة لخطر الوقوع في الفخ، بمدحها للقومية بأسلوب تنقصه روح النقد، وفي أحوال عديدة إعادة كتابة التاريخ حتي يناسب توجهات الأيديولوجيا.

لقد اتهمت المقاربات والمقولات أوروبية التمركز- بالتحديد- بالثقافوية، وهو عنصر لا مفر منه لإضفاء مصداقية لأطروحاتها حول "الخصوصية الأوربية" و"الاستثناء الأوربي" و"المعجزة الأوربية" و"انفراد أوربا باختراع الحداثة". ولكني اتهمت أيضًا "التمركز الأوروبي المعكوس" (وهو المصطلح القوي الذي استخدمه جلال العظم) الذي تتسم به الثقافويات الشرقية، الإسلامية، العربية وغيرها في آسيا وأفريقيا. ولأنني أعطيت الأولوية لمفهوم العام، فقد قدمت مبكرًا في كتاب مشترك مع أندري جندر فرانك صدر عام 1978 أطروحة تزعم أن الحداثة ومعها الرأسمالية كانتا في المخاض في مناطق أخري خارج أوروبا.

وفي كتابات تالية استكشافية تجرأت بقول إن الصين قد بادرت في اختراع الحداثة والرأسمالية قبل أوروبا بثلاثة أو خمسة قرون. وأشرت هنا إلى التطور نحو تعميم علاقات التبادل التجاري على نطاق لا سابق له في تاريخ أوروبا قبل القرن التاسع عشر، واختراع نمط البيروقراطية الحديثة، وإلغاء "الدين السياسي" واستبداله بمبدأ العلمانية، واتخاذ خطوات في التقدم التكنولوجي ضمنت تفوق الصين إلى أيام الثورة الصناعية، كما ذكرت ما هو معلوم عن علامات بزوغ نمط التحديث والرأسمالية المحتمل في الحضارة العربية الإسلامية في مرحلة ازدهارها.

8- بيد أنني دعوت أيضًا إلى إعادة قراءة النهضة العربية للقرن التاسع عشر وهي حركة أخذ اليسار العربي بشكل عام- البرجوازي الديموقراطي والشيوعي فيما بعد- ينظر إليها "بكسل"، على أنها فتحت السبيل للخروج من الانحطاط، فالدخول في التحديث بما فيه تبلور القومية العربية بصفتها ظاهرة حديثة. فوضعت إصبعي على التباس فهم النهضة العربية "لأختها" –النهضة الأوروبية- وغياب إدراكها معني ومدي "نقد الدين" في الأخيرة ودعوتها للعلمانية. وقد أدي هذا الالتباس إلى إجهاض مشروع النهضة وفتح السبيل لسلسلة ردات تالية قادت في نهاية المطاف إلى الإسلام السياسي المعاصر.

هذا ولابد من أن نعي أن انتصار "الرأسمالية التاريخية"- بمعني ذلك النمط الذي تكاملت عناصر تكوينه في أوروبا- ومعه انتصار الحداثة الموازية لها (ولو أنها حداثة مشوهة) قد وضع نقطة النهاية لاحتمال اختراع أنماط أخري للرأسمالية والحداثة نابعة من أصول ثقافية أخري.

فأنتج هذا التطور تحديًا جديدًا لا مفر من مواجهته كما هو.

9- إن ظاهرة "الإسلاموفوبيا" حقيقة في المجتمعات الغربية المعاصرة، وبالتالي فإن حساسيات ضحايا التوسع الاستعماري في مواجهتها أمر طبيعي ومفهوم.

بيد أن هذه الفوبيا ليست الوحيدة التي أخذت في التصاعد خلال العقود الأخيرة. فهناك أيضًا "صينوفوبيا" تجلت في الحملات الوقحة للدفاع عن الثيوقراطية البوذية القائمة على نظام الرق والتي يقودها الدلاي لاما في التبت.

لم تفاجئني هذه الظواهر. إذ إنني توصلت في تحليلي للتحدي المعاصر للرأسمالية "المتهالكة"- كما أسميتها- إلى توضيح الأسباب التي دفعت الاستعمار الجماعي للثالوث (للولايات المتحدة، أوروبا، اليابان) لتبني مشروع يسعي إلى تكريس نظام عالمي قائم على مبدأ "الأبارتهيد" على صعيد عالمي (ألفاظي في تحديد المشروع)، أي بكلمة أخري مشروع حرب متواصلة ضد جميع شعوب الجنوب، لا ضد المسلمين فقط.

10- لا يصح الجمع السريع بين ظاهرة إسلام الضواحي الشعبية في أوروبا وأمريكا وظاهرة الإسلام السياسي في المجتمعات الإسلامية. فظاهرة "إسلام الضواحي" لا تعدو كونها انتفاضة مهاجرين فقراء، شأنها شأن احتجاجات اجتماعية أخري. فهي رد فعل على ممارسات تمييز لها طابع اجتماعي طبقي قبل أن يكون ثقافيا.

علمًا بأن المشروعات السياسية التي تسعي إلى إعادة ترتيب المجتمع على أساس تنظيم "جماعات ثقافية"- باسم "احترام الفروق"، وهو مبدأ مقبول في حد ذاته- هي في نهاية المطاف سياسات تكرس التمييز، لا تلغيه. فليس صدفة أن الحكومات الرجعية في الولايات المتحدة وبريطانيا على الأخص هي التي تنادي بهذا النوع من "الحل" للمشكلة.

وسوف يخطئ اليسار- في رأيى- إذا ساند هذا المشروع الرجعي وبحث عن تحالف على أرضيته مع الجماعوية الفاعلة في صفوف المهاجرين؛ حيث يؤدي هذا إلى مساندة مشروع السلطة، ولو دون وعي.

أزعم أن مسئولية اليسار تقع في مجال آخر، وهو المشاركة في تنظيم نضال المهاجرين من أجل ضمان تنفيذ حقوقهم في العمل والسكن والتعليم والصحة، بالإضافة إلى المساواة في التعامل معهم.

11- إن تناول موضوع الإسلام السياسي عبر خطاب عام يغفل تنوع الظروف الملموسة المحيطة والمتغيرة من قطر إلى آخر، يحمل بالتأكيد مخاطر خطيرة، فينبغي تفادي هذا الجمع.

لذلك فقد اقترحت التمييز بين الإسلام السياسي في السعودية وباكستان من جانب وفي البلاد الأخرى- على الأقل- من جانب آخر. فالوهابية في الجزيرة العربية تعد ظاهرة خاصة، وتجليًا لنمط غليظ للعقيدة هو نتاج لمجتمع ظلت تحكمه أشكال عتيقة من الممارسات المجتمعية تجاوزتها المجتمعات الإسلامية الأخري منذ زمن بعيد، سابق على الإسلام نفسه. ثم أصبح هذا المذهب أيديولوجية لدولة هي نفسها أصبحت حليفًا مرؤوسًا للولايات المتحدة. على أن الثروة النفطية قد خلقت ظروفًا مناسبة لانتشار المذهب الوهابي في صفوف الإسلام السياسي السني المعاصر، ترتبت عليه ردات تدميرية واضحة، في سلوك رجعي لأقصي حد، خاصة بالنسبة إلى النساء، واختزال العقيدة في شكلية طقوسية، وعنصرية طائفية متعصبة في مواجهة الشيعة.

ويحمل "الإسلام السياسي" في باكستان "عيب الولادة". فالهند وطن موحد حضاريًا بالرغم من تنوع الانتماءات الدينية، وقد انتشر الإسلام فيه بمرافقة الغزوات الإيرانية والتركية والمغولية. بيد أن الطبقة التي استولت على الحكم باسم الإسلام في مناطق شاسعة من القارة ظلت صغيرة من حيث العدد، بينما الشعب- بما فيه هؤلاء الذين أسلموا- ظل هنديًا، لغويًا وثقافيًا وحضاريًا.

ونمت حركة التحرر الهندي بالتشديد على وحدة الوطن مع احترام التعدد الديني، في إطار مشروع دولة حديثة علمانية إلى حد ما. هذا بينما اجتهدت السلطات البريطانية لتفريق الحركة (وهذه السياسة بديهية عند الاستعمار بالطبع). هكذا اخترع الإنجليز- بمعونة المستشرقين في خدمتهم- مذهب الإسلام السياسي الذي تبناه أبو العلاء المودودي، والذي أقيمت على أساسه دولة باكستان. وينطبق ذلك على أصحاب السلطة كما ينطبق على هؤلاء الذين أقاموا فيما بعد أحزابًا "إسلامية" معتدلة (في صفوف الفئات الوسطى) و"متطرفة" (عبأت مناضلين في الأوساط الأكثر فقرًا").

هذا بينما يحتل الإسلام السياسي في المجتمعات الأخري مقامًا مختلفًا. فالدولة هنا أقيمت على أساس الاعتراف بتعدد أوجه الذاتية وتصديق مبدأ الوطنية (أو القومية) العربية وغيرها (إيرانية، أندونسية). وانطلاقًا من هذا الموقف خطت مجتمعات هذه الدول خطوات- ولو محدودة- نحو علمنة النظم.

فليس الإسلام السياسي هنا هو ظاهرة "ما بعد كولونيالية" كما يزعم مذهب "ما بعد الحداثة" (الموضة الأمريكية)، بل هو ظاهرة "ما بعد باندونج" بمعني أنها ازدهرت على أنقاض مشروع باندونج.

تختلف إذن الأوضاع فيما يخص مقام الإسلام في تعريف الذاتية. ففي السعودية وباكستان تم تجاهل بل والتنكر للذاتية الوطنية، لصالح التصديق على انفراد الذاتية الإسلامية، على خلاف الوضع في البلدان الإسلامية الأخري.

ومما ترتب على إنكار الوطنية: فتح الباب أمام التصديق على ذاتيات "تحت وطنية"، إقليمية في باكستان وقبائلية في الجزيرة، تفعل فعلها المدمر الذي يغلق باب التطور، وتم- إلى الآن- التغلب على هذه الأمور المدمرة بفضل الثروة النفطية في الجزيرة والدكتاتورية العسكرية في باكستان. فأغلق باب التطور الديموقراطي الذي يعتمد أصلًا ضرورة تغليب الذاتية الوطنية.

لم يكن الإسلام في حد ذاته محور المقاومة ضد الكولونيالية، كما يحلو أن يقال في أيامنا (وهذا هو إلى حد كبير اختراع حديث وتزييف للتاريخ الحقيقى). ويقوم مثل الجزائر دليلًا قاطعًا في هذا المضمار. فلم تقاوم السلطات الفرنسية "الإسلام"، بل على العكس من ذلك اعتمدت على رجال الدين السلفيين وأعطت لهم سلطة تنفيذ الشرعية على أهل البلد. حتي أن الجمهورية الجزائرية الجديدة هي التي بادرت في تطوير- خجل- نحو علمنة القانون، وليس الفرنسيون. فالمفارقة إذن هي أن الحركات الإسلامية تطالب بالعودة إلى ممارسات النظام الكولونيالى!

علي أن الخطوات التي خطتها نظم باندونج في هذا المجال ظلت محدودة للأسباب التي ذكرتها، أي غياب التقدم الديموقراطي الصحيح. ووجدت العديد من هذه النظم في تصديق الجانب الديني للذاتية (سوا كان الإسلام أو الهندوسية أو البوذية أو غيرها) خيارًا مفيدًا في مواجهة "الخطر الشيوعي"، خاصة عندما بدأت شرعية شعبوية تلك النظم تتآكل. هكذا فتحت الناصرية الأبواب لإنعاش ما أصبح فيما بعد الإسلام السياسي كما ذكرت في كتابي الباكر عن "مصر الناصرية".

واليوم تمثل القوي الثلاث البارزة التي تحتل مقدم المسرح (النظام، الإسلام السياسي، الليبرالية "الديمقراطية" حليفة الولايات المتحدة) أجنحة لطبقة واحدة، هي الكومبرادورية.

12- يقال إن الإسلام السياسي يحارب الولايات المتحدة وبالتالي لا يجوز استبعاد اعتبار هذه الحقيقة الواضحة عند تقييم دوره. وهذا هو بالفعل ما تقوله الولايات المتحدة والتي لا تستطيع أن تقول غيره، لأن هذا الحرب هو المبرر الوحيد الذي يعطي "شرعية" لمشروع السيطرة العسكرية على الكوكب باسم "محاربة الإرهاب"، خاصة وسط الرأي العام في الغرب فينبغي أن ننظر إلى هذه "الحروب" عن كثب.

إن حركة الطالبان هي التي تطلق النار على جيوش الاحتلال في أفغانستان. بيد أنهم مستعدون لأن يتحولوا إلى حلفاء واشنطن شرط أن تنسحب القوات الأجنبية. وهنا وقعت واشنطن في فخ حقيقي فالانسحاب مستحيل إذ يلغي تمامًا مصداقية الحجة القائمة على محاربة الإرهاب. فلا شك أن بن لادن لا بد أن يظل موجودًا، وتصريحاته مفيدة، تأتي دائمًا في الوقت المناسب.

أما في العراق فالواقع- للأسف الشديد- هو أن "الإسلاميين" لا يحاربون فقط قوات الاحتلال وخدامها. هل يمكن إغفال نجاح الخطة الأمريكية في إثارة الحرب الأهلية بين السنة والشيعة؟ ولئن فشلت الخطة الأمريكية السياسية، بمعني أن السلطة المرؤوسة الحليفة لم تكسب بعد درجة من المصداقية تستطيع بها أن "تحكم" في غياب قوات الاحتلال، إلا أن المقاومة العراقية من جانبها تظل عاجزة عن دحر القوات الأمريكية. فالمقارنة مع فيتنام في غير محلها إذ إن الفيتناميين طردوا العدو عسكريًا ، وذلك دون الاعتماد على دعوة دينية الطابع. فهل أيديولوجيا الإسلام السياسي بريئة من هذا الفشل؟

نعم.. ألحق حزب الله في لبنان هزيمة بجيوش إسرائيل، بيد أن الشيوعيين أثبتوا أيضًا قدرة مماثلة عندما كانوا يمثلون القوي الرئيسية في جنوب لبنان، ثم تحالفت إيران وسوريا لإحلال حزب الله محلهم. وقد تم ذلك في جو حياد إيجابي من قبل الدول الكبري التي خشيت هي الأخري "الشيوعية" أكثر من "الإسلامية".

وفي الوقت نفسه أدخل حزب الله لبنان في مأزق سياسي إذ إن مشروعه غير مقبول خارج الشيعة، بالإضافة إلى أن مساندة جماهير الشيعة هي نفسها أمر مشكوك في حقيقة، بالرغم من أن الولايات المتحدة وآيات الله تحلوا أن تكرره.

وهل أثبتت حماس في فلسطين قدرة في مواجهة العدو الإسرائيلي تفوق فعالية قوي بديلة احتمالية؟ هل يمكن إغفال أن إسرائيل والولايات المتحدة وأوروبا شاركت في إفشال هذه البدائل؟

لم يعلن الإسلام السياسي الحرب ضد الولايات المتحدة. هي الولايات المتحدة التي اتخذت المبادرة بإعلان الحرب ضد جميع شعوب الجنوب في إطار مشروعها العالمي. وقد اختارت واشنطن منطقة "الشرق الأوسط" للقيام "بالضربة الأولي". ولم يكن اختيار واشنطن هذا لأن الشعوب الذي تسكنها مسلمة. بل لأسباب أخري، بالأساس: الثروة النفطية وموقعها الجغرافي الذي يتيح استيطان قواعد عسكرية دائمة فيه قادرة على تهديد الصين وروسيا والهند (إذا احتاج الأمر).

وقد لاحظ ذلك جميع المختصين بالجيوستراتيجا مثل حسنين هيكل. وذكرته أنا منذ أوائل التسعينيات. وقد أثبتت التطورات التالية- أي تغلغل النفوذ الأمريكي في آسيا الوسطي والقوقاز- صلاحية تحليلنا للهدف الاستراتيجي الأمريكي الصحيح.

ولو غابت التناقضات التي ترتبت على بسط المشروع العسكري الأمريكي لكان التعايش بين واشنطن ونظم "إسلامية" تحكم بلدان المنطقة أمرًا يسيرًا وطبيعيًا، على نمط التحالف العضوي مع السعودية وباكستان. فالإسلام السياسي هو للاستهلاك المحلي فقط، لا يمثل خطرًا على سيادة الاستعمار سياسيًا واقتصاديًا.

وبالعودة إلى "الاسلاموفوبيا" التي تستغل بالفعل التطورات المذكورة، فلا صعوبة في إدراك الأسباب التي دفعت جماهير شباب الغرب لتنتظم في مظاهرات وراء صور هوشي منه وجيفارا وإعلام فلسطين، لا وراء آيات الله وبن لادن. وهو ما أتمني أن تفهمه شعوبنا أيضًا.

13- نعم. أدافع عن العلمانية وفصل مجال السياسة والدولة عن الدين فصلًا نهائيًا. العلمانية هي شرط إقامة ديموقراطية خلاقة دون حدود، متحررة من واجب تدعيم مبادراتها بإعادة تفسير الماضى- الديني وغيره- من أجل إضفاء شرعية للتغيير المطروح. علمًا بأن الحدود التي يفرضها هذا المنهج تقف دائمًا عقبة في سبيل تجذير الحركة.

لذلك شاهدنا أن جميع الثورات الكبري التي فتحت الأبواب لخطوات حاسمة في إنجاز الديموقراطية والتقدم الاجتماعي (ولو أن تطورات لاحقة قد فرضت ردات في بعض الأحيان) قد لجأت إلى أنماط جذرية من العلمانية.

وبشكل عام ظلت إنجازات العلمانية بطيئة فتجلت في خطوات إلى الأمام، ولحظات تردد وردات، رافقت أمواج المد والجزر في مسيرة "التحديث" البرجوازي، وانبثاق مبادرات شعبية تجاوزت حدود الأولي وفتحت آفاقًا نحو الاشتراكية، كما رافقت الردات التي أصابت هذه المبادرات.

وقد تعددت أشكال العلمانية البرجوازية التي نشأت في أوروبا لإنهاء الحروب الطائفية بين الكاثوليك والبروتستانت، فأنجزت خطوات أولي خجلة لم تتجاوز حدود مفهوم "التسامح" المتبادل.

ولقد تكوّن المجتمع الذي أصبح فيما بعد الولايات المتحدة على أساس هجرة طوائف عانت من اضطهاد السلطات القائمة في أوروبا (انجلترا خاصة) فاستوطنت في أمريكا معتمدة مبدأ التسامح، وإلي يومنا لم يتجاوز مفهوم العلمانية هناك حدود التسامح.

أما العلمانية الجذرية فهي ظاهرة أخري ظهرت في عصر الثورات الكبري انطلاقًا من اللحظة اليعقوبية للثورة الفرنسية. وفي المقابل لم تخط العلمانية في معظم بلدان أوروبا (بريطانيا وألمانيا وإيطاليا وأسبانيا وغيرها) بخطوات جذرية مماثلة بسبب تنازلات البرجوازيات في مواجهتها للنظم الأرسطوقراطية القديمة التي اعتمدت بدورها على نفوذ وسلطة الكنائس.

فتقدمت وتراجعت حركة العلمانية بحسب حركة الكتل الاجتماعية السائدة والحاكمة في تحديد شروط إعادة تكوين المجتمع الرأسمالي. هكذا نشاهد في أوروبا في المرحلة الراهنة ردة في مجال العلمانية توازي رجعة الديموقراطية إلى الوراء، نتيجة تحكم الأوليجاركية الاحتكارية المنفردة في السلطة. ويقدم نص دستور الاتحاد الأوروبى- وما يحيطه من خطاب حول "الأصول المسيحية" (بل اليهو- مسيحية عند البعض) للحضارة الأوروبية- دليلًا على هذه الردة.

وقد تخلفت مسيرة العلمانية في تخوم المنظومة العالمية لأسباب بنيوية تتعلق بتخلف البرجوازية ثم ضعف الكتل التي قادت حركات التحرير الوطني. لذلك نشاهد هنا خطوات خجلة فقط تميل إلى العلمانية ولا أكثر. وتمثل تركيا الكمالية نمطًا من هذا النوع من التقدم المحدود المدي.

بيد أن تسجيل غياب مبادرات جريئة نحو العلمانية ليس عذرًا للتخلي عن النضال من أجل دفع الحركة إلى الأمام (كما أن تسجيل غياب الديموقراطية ليس عذرًا لقبول الأمر الواقع!)، بالأولي اعتبار أن العلمانية "غير مطلوبة"، أو على الأقل أن عليها أن تتكيف مع خصوصيات الحضارة المحلية باسم "احترام الفرق".

لا فرق في هذا الصدد بين مجتمعات المراكز والتخوم. فالمطلوب من الجميع هو التقدم نحو إقامة وتكريس ديموقراطية خلاقة، وهي تفترض بدورها تقدم العلمانية الصحيحة التي تفتح آفاق الاشتراكية عبر مراحل انتقال طويلة ومتتالية.

فلا تخص العلمانية- بل العلمانية الجذرية- الشعوب "المسيحية" فقط كما يزعم الإسلام السياسي والسلفية المعاصرة. وإنما يهم إنجازها الجميع، فالمجتمعات الإسلامية لن تتقدم دون فصل الدين عن الدولة والسياسة، والهند لن تتقدم دن إلغاء الطابع المقدس لنظام الطوائف الاجتماعية (نظام "الكاست") في علاقته بالعقيدة الهندوسية، والشعوب البوذية لن تتقدم دون إلغاء النظام الثيوقراطي للدلاي لاما. وبدون إقامة ديموقراطية خلاقة لن تنجز هذه المجتمعات تقدمًا اجتماعيًا ملحوظًا ولا خطوات حاسمة في سبيل التحرير من تسلط الاستعمار في شؤونها.

إن عصرنا هو عصر ردة على جميع المستويات، في البلاد الإسلامية والأخري، في الجنوب والشمال. فأصبحت مواجهة هذه الردة مواجهة صريحة تفرض نفسها على الجميع، دون استثناء.

14- لا يقتصر موضوع موقع العقيدة الدينية ومقامها في التاريخ- بل في تصورات المستقبل- على إشكالية العلمانية. ولست من هؤلاء الذين يعتقدون أن التأملات حول ما "فوق الطبيعة" سوف تتلاشي وتنتهي "من نفسها"* فكتبت أن الإنسان "حيوان ميتافيزيقي"، يحتاج إلى هذه التأملات ليتغلب على كرب الحياة، وأن أفضل النظم الاجتماعية (بما فيها الاشتراكية "المتكاملة" للغد البعيد) لن يلغي هذه الحاجة. وأشارك هنا تلك الجملة التي كتبها ماركس والتي أثارت الكثير من التعليقات الملتبسة في شرح معناها- أقصد المقارنة التي طرحها ماركس بين الدين والأفيون. فالأفيون دواء لا غني عنه لتخفيف شدة الألم. بيد أن تناول هذا الدواء يحمل في طيه خطرًا جسيمًا وهو التنويم والتخلي عن البحث في أسباب الألم وبالتالي إنماء قدرة مقاومة المرض**.

اجتهدت في كتابات أخري في قراءة تاريخ الديانات (ولا سيما المسيحية والإسلام) بالتركيز على التحولات في تفسيرها التي أتاحت لها أن تتكيف مع تحولات المجتمع، وبالأخص تلك التحولات التي أتاحت للمسيحية أن تتكيف مع التطور من الإقطاعية إلى الرأسمالية. كما تابعت المجهود الذي يبذله البعض من علماء اللاهوت في طرح مفاهيم جديدة للعقيدة تتمشي مع مقتضيات النضال من أجل الاشتراكية. أقصد هنا بالطبع لاهوت التحرير. ورحبت بهذه الحركة الفكرية التي تمثل أحد روافد الالتقاء مع التنوع الذي أدعو إليه. أقول إن العالم الإسلامي هو الآخر في حاجة إلى تحريك فكره الديني لكي يحقق هو الآخر تكييف الإسلام لمقتضيات المستقبل. وإن النضال في هذه الساحة- وإن لم تكن الساحة التي أتحرك أنا بالأساس على أرضيتها- لا يقل أهمية عن أي نضال آخر.

علي أنني قد توصلت إلى أن العالم الإسلامي لم يدخل بعد- للأسف- في مرحلة التحول المطلوب فقلت إن نهضة القرن التاسع عشر لم تعِ بمدي التحدي الحقيقي، والآن يرفض الإسلام السياسي فتح باب هذا النقاش، مكتفيًا بجملة فارغة "الإسلام هو الحل".

كان الأخ السوداني محمود طه قد فتح باب الاجتهاد وفقه التحرير، وقد حكم عليه نظام النميري، الإسلامي رسميًا بالإعدام. ولم تحتج شخصية واحدة تزعم الانتماء إلى تيار من تيارات الفكر "الإسلامي" المعتدل أو الجذري والثوري على هذه الجريمة الفاحشة.

ليس الإسلام السياسي حركة "إنعاش ديني". كلا هو حركة سياسية توظف الخطاب الديني، بل توظف خطابًا سلفيًا دون تحفظ. فاختزلت العقيدة معه إلى ممارسات طقوسية. لقد كرس الإسلام السياسي العودة إلى مفاهيم عصر الانحطاط، لا غير.

فليس من الصدفة أن الإسلام السياسي قد فتح باب العودة للتمييز الطائفي، وفتح باب التعصب وتصاعد الكراهية بين السنة والشيعة.

اتمني أن يدرك القارىء تمامًا موقع نقاشي، دون التباس. فقد وجهت نقدي "لتسييس الدين" بمعني تعبئة الإيمان في خدمة مشروع سياسي، أيًا كان، كما يفعل "الإسلام السياسي". فالتشديد على نعت "السياسي" في محله تمامًا.

أما تناول إشكالية "الفكر الديني" فهو موضوع آخر وقد أبديت بهذا الصدد ملاحظات تخص التفسيرات المتباينة التي تتابعت واصطدمت في التاريخ. وكان مجهودي يسعي إلى كشف الأسباب التي تفسر هذه الأطروحات على أرضية سمات ومشاكل المجتمع المعني.

لم يكن هدفي كشف ما هو "الدين الصحيح" (الإسلام الصحيح، أو المسيحية الصحيحة، أو حتي الماركسية الصحيحة!). فلم يكن لاهتمامي طابع ميتافزيقي، بل تاريخي علمي بحت.

علي أن للمؤمن الحق المطلق- الذي لا أنكره- في البحث عما يراه الإيمان الصحيح في إطار العقيدة الدينية التي ينتمي إليها، فللمؤمن هنا الحق في أن يختار السلفية، كما له الحق في أن يختار مذهبًا آخر يدعو إلى تطوير تفسير العقيدة، "فتح باب الاجتهاد" إذا رأي ذلك ضروريًا لانعاش الفكر الديني نفسه.

أما الخلط بين المنهجين، أي الخلط بين تناول مشاكل الفكر الديني وتناول مشاكل الفكر السياسى- ولو زعم هذا الأخير أنه "فكر ديني"- فهو أسلوب أيديولوجي رخيص.

15- ما العمل إذن؟ ما هي مقتضيات إعادة بناء الشروط التي تتيح ازدهار الفكر وتطوير العمل كي يتحقق التحرر والتقدم؟

لقد رفضت في هذا المجال أطروحة "الليبرالية السياسية الديموقراطية المزعومة"، ورفضت بالتالي قولها أن التطور المطلوب يمر في المجتمعات الإسلامية بالتنازل في مواجة مطالب "الإسلام". فليس الاعتراف أن "العقيدة الدينية" تحتل مقامًا هامًا في هذه المجتمعات أكثر من بديهية. هل يجب أن نستنتج من هذه البديهية أن "التفاهم" مع الإسلام السياسي أمر ضروري، لا مفر منه؟ كلا إذ يفترض هذا الموقف احتكار الإسلام السياسي تمثيل المقام المذكور للعقيدة. على العكس من ذلك أقول إن دحر أوهام الإسلام السياسي هو الشرط لانعاش العقيدة نفسها، إلى جانب إنجاز التقدم في جميع مجالات الحياة الاجتماعية. تلك مسئولية اليسار التقدمي، وهي مسئولية حاسمة. وللنضال في الساحة الأيديولوجية أهمية لا أود التقليل من أهميتها.

علي أن محور النضال الأساسي هو الصراع الطبقي على أرضية التحديات الملموسة التي تواجهها الطبقات الشعبية التي تعاني من الاستغلال والاضطهاد.

فالمعارك الحاسمة التي سوف تحكم اتجاه التطور نحو الأفضل أو الأسوأ هي المعارك من أجل ضمان حقوق الكادحين، حول العمل والأجور، التنظيم النقابي الحر، حق الأحزاب والتظاهر، حق الفلاحين في الأرض التي يزرعونها، حق حصولهم على وسائل استغلالها، حقوق المواطنين في التعليم والصحة والإسكان.

ليس الخوض في هذه المعارك بديلا للنضال من أجل الديموقراطية وللنضال ضد الاستعمار وأعوانه (وخاصة إسرائيل). بل على العكس من ذلك سوف تظل المطالب الديموقراطية والعمل ضد الاستعمار والصهيونية شعارات فارغة، وفي نهاية المطاف خطابا لن تقتنع الجماهير به دون الخوض في المعارك الطبقية. فالجبهة الاجتماعية الوحيدة التي تستطيع أن تقود إلى إنجاز الأهداف الديموقراطية والتقدم الاجتماعي والتحرر من سيادة الاستعمار هي تلك الجبهة الشعبية القائمة على مبدأ الالتقاء مع التنوع بين مختلف فئاتها.

**************************

* نتيجة التقدم العلمي، لست أنا من أنصار "العلموية".

** ولست أنا من أنصار العلموية. علماً بأن منهج العلموية يقوم على انحصار الفكر في تراكم المعلومات العلمية.
رابط الموضوع
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=345292
.

صلاح النصري
مشاركات: 607
اشترك في: السبت يوليو 01, 2006 12:32 pm

مشاركة بواسطة صلاح النصري »

زمن محمود بعين سمير أمين
{ كان الأخ السوداني محمود طه قد فتح باب الاجتهاد وفقه التحرير، وقد حكم عليه نظام النميري، الإسلامي رسميًا بالإعدام. ولم تحتج شخصية واحدة تزعم الانتماء إلى تيار من تيارات الفكر "الإسلامي" المعتدل أو الجذري والثوري على هذه الجريمة الفاحشة.}
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

و ماذا نصنع براعي الغنم السوداني؟

مشاركة بواسطة حسن موسى »





ماذا نصنع براعي الغنم السوداني؟


تناقل الإعلام الأسافيري حكاية مثيرة صار اسمها " راعي الغنم السوداني"

https://www.youtube.com/watch?v=Flskox1O62s

الراعي، في لسان العربان، هو الشخص المسؤول من رعيته.
و " الرعية " تدل على الماشية كما تدل على المرعى نفسه، لكن الإستخدام السياسي للعبارة قديم، و هو يدل على عامة الناس الذين عليهم راع يرعى مصالحهم ، و مواطنوا البلد هم رعاياه..
و في التقليد الديني النصراني تدل عبارة " الرعية " على الأتباع أو مجموعة الأشخاص الذين يتبعون كنيسة معينة ، و البروتستانت يسمون القس راعيا. و في السيرة النبوية حكايات عن ذلك الراعي الطفل الذي سيرعى أمة بحالها في سنوات رشده، و في الأثر " كلكم راع و كلكم مسؤول عن رعيته".
لكن شخصية "راعي الغنم" ظلت على الدوام مسندا لأسوأ أنواع التنميط الإجتماعي في مشهد صراع طبقات المجتمع العربسلامي. فراعي الغنم يعامل غالبا بشيء من التعالي ـ و قيل الإحتقار ـ بالذات من طرف أهل الطبقة الوسطى الحضرية، المغتربين عن الواقع الإجتماعي و الثقافي لبلادهم و أهاليهم. . و الإحتقار يبدأ من التصغير الشائع و غير المبرر للفظة بعبارة " الرويعي". و الراعي ـ في الغالب ـ عامل مأجور فقير و أمّي، لا يملك الأغنام التي يرعاها، و شرطه الإجتماعي يجبره على ممارسة مهنة ليس فيها كسب يذكر، و يقال أنها لا تحتاج لأي مهارة أو خبرة مهنية [ كما في حالة المهن ذات العلاقة بالبهائم و التي تعتبر أعلى شأنا من الرعي، كمهنة الجزار أو الطباخ أو سائس الخيول أو الطبيب البيطري]لأن كل ما هو مطلوب من راعي الغنم يتلخص في مراقبة البهائم التي في عهدته.
وقد كشفت لي الحكاية، التي صارت تعرف بـ " حكاية راعي الغنم السوداني"، أن " راعي الغنم السوداني " يمثل في المشهد الشعبي لإعلام بلدان النفط كتنويع سوداني داخل موضوعة "راعي الغنم" التي قد تشتمل على رعاة مهاجرين من بلدان متنوعة. و ضمن التراتب العرقي ـ الظاهر و المضمرـ لمجتمعات البترودولار ، و هو تراتب يستبعد المهاجرين السودانيين بشكل طبيعي من قمة الهرم العرقي المتواطأ عليه بين عربان مملكة "الدنمارك" [ و كل شي في الحيا جايز!]. هذا التنويع السوداني لصورة " راعي الغنم" يموضع راعي الغنم السوداني في اسفل سافلي الهرم الإجتماعي لمجتمع ممالك النفط و الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه.طبعا راعي الغنم السوداني لا فرصة له في البقاء وسط هذا الضغط النفسي الجبار الذي لا يطاق لبشر ، إلا لأنه ، هو نفسه،" ود قبايل " و " ود فقرا" [ " مرتاح نفسيا" كما قال! ] ، و يقيم على ميراث عرقي و عقائدي مضاد ، منعتة النفسية تفوق صفاقة محدثي النعمة من خصومه العربسلاميين "أولاد القبايل" السعودية، ممن أصابتهم عولمة رأس المال في عز قناعاتهم العرقية و الدينية فصاروا يتشبثون بقشور الميراث الديني[ أو و العرقي] البائد كما يتشبث الغريق بقشة وسط الموج.

ولو أعملنا النظر في شريط الفيديو المبذول على" يوتيوب" فسنرى هيئة الراعي الفقير المظهر و هو يتحدث و يتبسم بمسكنة مع نفر من الأعيان على ظهر سيارة فارهة.أحدهم يخاطبه بإلحاح ظاهر عارضا عليه المال لقاء واحدة من النعاج التي في عهدته، بينما الآخر يسجل الواقعة بكاميرته:
"ـ بيع لنا واحدة!
ـ طيب اعطنا واحدة!
فيرفض الراعي بينما يظهر نص على الشاشة: [ الحساب عسير يا الله].
يصر الراعي على موقفه و يقول بانه" بياكل من حلال و مرتاح نفسيا"!.
يظهر نص جديد على الشاشة :[ مخافة الله تقوي القلوب ــ المخافة من الله لا تقاس بالمال ــ يشوفني الله ..]. بعدها يدخل صوت الواعظ المنتحب المرتاع و هو يتوعد المسلمين بعذاب يوم الحساب. .ينتهي مشهد المبايعة برفض قاطع و مفحم من "راعي الغنم السوداني" بأن" الله بشوفني" ! و يستمر تداخل المؤثرات الصوتية مع الحوار فنسمع في العمق الصوتي للشريط انشادا دينيا بمصاحبة آلات موسيقية ،و يعلو صوت الواعظ و هو يحكي حكاية إبن عمر مع راعي غنم " إفريقي" [و قيل : سوداني] آخر، من زمن[ بائد؟ مندري؟!] كان الناس فيه يسترقون الناس" و قد ولدتهم أمهاتهم أحرارا"!. في هذه الحكاية الموازية الخارجة من ثنايا العصور الوسطى ، نجد نفس الدراما ، بين راعي غنم و شخص من علية القوم يمتحنه في أمانته و يراوده عن نفسه، فيقول راعي الغنم :
" إن قلت للمالك: أكلها الذئب ، فماذا أقول لله؟".فبكى ابن عمر و قال : كلمة اعتقتك في الدنيا، أسأل الله أن تعتقك يوم القيامة!" .
طبعا الحكاية لا تذكر شيئا عن عواقب تلك الكلمة الخائنة التي تحرض عبدا فقيرا على السرقة ، تماما كما حصل في حكاية " الشباب" السعوديين الذين لم يسائلهم أحد عن ما حفزهم على تحريض راعي الغنم السوداني الفقير على إرتكاب السرقة. لماذا ؟ لأن ذلك العبد الذي صمد في وجه غواية ابن عمر و هذا الراعي السوداني الذي صمد في وجه غواية " الشباب" السعودي ، يمثلان في المشهد الإجتماعي، القديم و المعاصر، كأشخاص بلا قيمة، نوع من سقط المتاع الذي يتصرف فيه الناس على كيفهم و لا رأي لهم.و في نفس الوقت فالدونية القصوى التي توصف حالهم كعبيد أو كأجراء، في قاع الهرم الإجتماعي ، ضرورية لرفع كفاءة الموعظة التي تتوجه لطبقة مالكيهم أو/و مخدميهم لا فرق!.

من يتأمل في هذا الفيديو لا بد له من أن يتساءل ببراءة :
ما الذي حفـّز هؤلاء الأعيان على ركوب سيارتهم الفارهة و الخروج للبادية و مراودة راعي غنم فقير عن نفسه و اغراءه بالمال ليبيعهم ما لا يملك، ناهيك عن تعريض أنفسهم لجرم" استلام المال المسروق"؟
و على أي وجهة كانت هذه الواقعة الغريبة ستتطور لو قبل " راعي الغنم السوداني " أن يبيع هؤلاء الأعيان واحدة من البهائم التي في عهدته ؟ للإجابة على مثل هذا السؤال فهناك إحتمالان:
إما أن يبيع الراعي إحدى أغنامه و يقبض الثمن و يأخذ الأعيان الأراذل البهيمة المسروقة و "لا مين شاف؟ لا مين درى؟"!. و في هذه الحالة فإن شريط الفيديو يصبح قرينة تدين هؤلاء الأعيان قبل أن تدين الراعي الفقير.[ و ابن عمر حسابه عند ربه]، أو أن الأعيان الحمقى يأخذون شريط الفيديو و يفضحون الراعي لدي السلطات التي لا بد لها أن تدينه بجريمة السرقة التي يحد السارق فيها بقطع اليد.و في هذه الحالة لا أحد يدري كيف ستقيم المحكمة هذه الصفقة المفخخة بمتفجرات العرق و العقيدة ، و ما حكم من يحرض الناس على السرقة؟
و لا بد أن اللبس الأخلاقي البائن في موقف الأعيان المحرضين على السرقة هو ما دفعهم لإخفاء هوياتهم لأن المشاهد يرى راعي الغنم السوداني بينما يختفي الأعيان خارج الإطار دون ان يكشفوا عن وجوههم. والشريط وضع في يوتيوب بدون تحديد لهوية من صوره. كل هذه التساؤلات البديهية لم تحفز المعلقين المتحمسين على التأني في طبيعة الملابسات التي تمت ضمنها حكاية "راعي الغنم السوداني".
و من يشاهد شريط الفيديو يفهم أن هذا الشريط تعرض لعملية " تأطير " آيديولوجي استخدمت فيه جملة من تقنيات تنظيم الصور و الحوار و التعليق الخارجي المكتوب و المسموع والتأثيرات الموسيقية و الدرامية المصاحبة. هذا التأطير الآيديولوجي مقصود منه طبخ وسيلة تأثير جماهيرية تخاطب المسلمين في داخل المملكة السعودية و في خارجها. فالراعي سوداني فعلا و هيئته تدل على فقره و رقة حاله.إنه واحد من ملايين العمال المهاجرين الذين وفدوا لمجتمعات البترودولار يبحثون عن الرزق و يقبلون بشروط عمالة قاسية أدخل في نمط الإسترقاق منها في أي نظام تخديم آخر. هذا الراعي يقف في مسكنة ظاهرة و ابتسامتة تستعطف الشباب الميسور الذي توقف عنده و دعاه من داخل السيارة الفارهة في نبرة متعالية " تبع لنا واحدة؟". و على الشاشة يظهر النص كما عناوين أفلام الإثارة " شباب يختبرون أمانة راعي غنم". و هؤلاء الـ " شباب" الأماجد لا يحتاجون لتعريف ، فهم " شباب و السلام. و يوم يتوصل الناس لمعرفة هوياتهم فلا مفر من استنطاقهم في طبيعة الدوافع التي حدت بهم لتنكب كل هذه المشقة الرعناء.
هذه المنازعة لن تنتهي عند هذا الحد و لا بد أننا سنعود لفرز خيوطها الكثيرة المتداخلة و استخلاص الدروس النافعة من ثناياها الكثيرة.
حكاية " راعي الغنم السوداني " تضيئ الأزمة الأخلاقية لأبناء الطبقة الوسطى السعودية الذين يحاولون الإحتماء من طوفان التغيير الثقافي المعولم [ ميد إن يو إس إي] وراء متراس العصبية الدينية و العرقية المسلحة بالبترودولار ، و هم موقنون من قلة كفاءة حصنهم الهش على كافة المستويات. ذلك أن " هؤلاء الناس" لا يداخلهم أي شك في كون يسرهم المادي المتأخر ، ما هو إلا صدفة وجودية استثنائية سوّغتها قسمة المغانم الكولونيالية بين الأقوياء و صانتها شروط جيو بوليتيك الحرب الباردة. و هذا اليسر المادي المذنب لا يمثل كثمرة طبيعية لتطور حضاري و تنموي أصيل في بنية المجتمع الحقيقية ، و إنما من صُدفة تاريخية سوّغت انتمائهم السياسي لهذا المجتمع الملكي الذي لم يكتف بإنتحال حق القوامة على المسلمين فحسب ، بل صار يبيع و يشتري ـ باسمهم ـ في سوق السياسة الشرق أوسطية بجاه البترودولار .
و التنويه بالتحولات الإجتماعية و السياسية في المملكة السعودية مماطفح بعد المنازعات التي نقلتها أجهزة الأعلام ، مثل قضايا قسمة الثروة النفطية و اصلاح السلطة السياسية ، و مراعاة حقوق الإنسان، و المساواة بين الجنسين و منح الحقوق الإنتخابية للمرأة،و قبول التعليم المختلط كما في مثال جامعة الملك عبد الله المختلطة، و ما كان من ضغوط أمريكا لإصلاح مناهج التربية الدينية، لغاية رد الفعل الرسمي و الشعبي تجاه ظاهرة "الربيع العربي" بين مصر و اليمن و البحرين و سوريا و الحملة المعادية للأجانب و ابعاد الوافدين [لحد الإعتداء على العمال المهاجرين الأثيوبيين!], كل هذه التحولات تخلق وضعية إجتماعية مركبة تفرض نفسها على كل مهتم بسياسات المملكة الداخلية و الخارجية .فالمراقب يلمس ظهور نزعة قومية سعودية تحملها طبقة وسطى ميسورة متطلعة للإنفتاح على العالم ، تتقصد بناء نسخة هوية وطنية سعودية " إعتدالية" مفارقة لنسخة الهوية الدينية الكونية الإسلامية التي حملها الدعاة الوهابيون فيما وراء حدود الإنتماء العرقي و الوطني حتى صارت "علامة مسجلة " لموقف المملكة بين الأمم.
ضمن هذا السياق السياسي الثقافي المركب و العامر بالشد و الجذب بين الفرقاء، ترد حكاية "راعي الغنم السوداني" كواحدة من تعبيرات الصراع بين حرس المجتمع السعودي الوهابي المحافظ و سدنة النظام الجديد المنفتح على ثقافة العولمة المعاصرة .و فيما وراء صراع "المحافظين" و "المعتدلين" ، فشخصية " راعي الغنم السوداني" تمثل في ساحة هذا الصراع السياسي السعودي/السعودي كمثل الكرة التي يركلها خصوم اللعب دون أن يسألها أحد عن رأيها في ما يطالها من ركل . لكن هذه الوضعية السلبية لـ "راعي الغنم السوداني"، تتغير لو نظرنا لهذا الصراع السعودي السعودي من مسافة أبعد . مسافة طبقية كونية تجعل من" راعي الغنم السوداني" ، و جملة رعاة الغنم الآخرين ، خصوما أصلاء في المنازعة الطبقية الكبرى العابرة للقوميات و الأوطان و الأديان، و التي بدأت تفرض مناظيرها على الفرقاء بمنهج في الفرز الآيديولوجي يعرّف الأحلاف و الخصومات على أساس المصالح الطبقية لهؤلاء و أولئك. و الإنتباه لهذا الواقع السياسي الجديد الذي يطرحه تطور الصراع الطبقي الكوني في شروط العولمة ضروري لكل من يحاول عقلنة هذه الحكاية السعودية الغريبة المعرفة بـ "حكاية راعي الغنم السوداني"!.و لعل أبسط الدلائل على كونية البعد السياسي لهذه الحكاية السعودية تبدو في مدى الإنتشار الشعبي الواسع الذي نالته على الشبكة الإسفيرية و الترجمات السريعة لشريط الفيديو[ للإنجليزية و حتى للغة مسلمي البوسنة!].وسط هذا الحريق المتسارع يبدو الفرقاء السعوديون كمثل رجل يمتطي صهوة وحش هائج و لا يدري كيف يتصرف.و ذلك لأن هذ الشريط الذي أريد له أن ينطرح كهدية بروباغندا سياسية غايتها
تمجيد النسخة الوهابية من الإسلام المعاصر انمسخ لغما يتفجر اسئلة محرجة حول المرامي السياسية لمن اطلقوه . و هي مرام تتجاوز الواقع المحلي لحركة الوهابيين السعوديين لتلامس مجمل حركات الإصلاح الديني في المجتمع الإسلامي: ماذا نصنع بالدين في شروط عولمة رأس المال؟؟ ماهي طبيعة المشروع الإجتماعي الذي نتصوره لأهالينا كمسلمين ؟ بأي منهج يخوض فقراء المسلمين المعركة الطبقية التي فرضتها عليهم دوائر رأس المال المعولم ؟و بأي منهج يتم تعريف الخصوم و الحلفاء في منظور المنازعة الآيديولوجية المعاصرة؟


سأعود
حافظ خير
مشاركات: 545
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:23 pm

مشاركة بواسطة حافظ خير »

صورة
صورة العضو الرمزية
مصطفى آدم
مشاركات: 1691
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 5:47 pm

مشاركة بواسطة مصطفى آدم »

صحيفة المدينة تنشر مقابلة مع مصوّر مقطع الراعي الأمين :

https://www.al-madina.com/node/512109/%D ... .html?live
محمد عبد الجليل الشفيع
مشاركات: 155
اشترك في: الجمعة إبريل 01, 2011 11:11 am

مشاركة بواسطة محمد عبد الجليل الشفيع »

لم أتحمس لمشاهدة الفيديو، شاهدته صدفة في إحدى القنوات التي قدمته كنموذج للمسلم المثالي .. بدا لي أن الأمر مفبرك ولكن طريقة كلام الراعي جعلتني أستبعد الفبركة، فلو كان يملك قدرة على التمثيل إلى هذا الحد لشق لنفسه طريقاً آخراً غير البقاء وحيداً في حر صحراء لا النفس راضية بها ولا الملتقى من "شيعته كثب".
قلت في نفسي معقول أصبح وجود شخص لا يملك المال يقاوم الغواية ويتحلى بالأمانة مسألة تستحق كل هذا الاحتفاء ؟ لماذا؟ تساءلت أيضاً لماذا لم يغضب الراعي أمام الإلحاح على مطالبته بخيانة مسؤوليته. لقد أدى واجبه كما يجب .. لماذا تم التعامل مع الحدث عبر وسائط إعلامية كثيرة، كأنه أم المعارك؟ حقاً إن لم تستطع تحقيق إنجاز في الواقع فأشعله في الخيال.
ليت قراءة الواقعة تمتد لتشمل ما حدث من احتفاء شكلاني مبالغ فيه وسط المنتديات السودانية.
صورة العضو الرمزية
محمد أبو جودة
مشاركات: 533
اشترك في: الثلاثاء سبتمبر 25, 2012 1:45 pm

مشاركة بواسطة محمد أبو جودة »


سلام جميعا

على رأي المَثَل: اتنين لو قالولك راسك مافي! المسو

فما بالكم بــِ

راعيــَّين إن أصبحا "فولة" واحدة؛ كيف تفتِّش الجوال..!؟



................


بعد قراءة سريعة لِــ ماذا نصنع براعي الغنم الســوداني؟
الفاضل الهاشمي
مشاركات: 2281
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:14 pm

مشاركة بواسطة الفاضل الهاشمي »

شكرًا حسن موسى على التأمل الرشيد لحكوة الراعي الملتوية العويصة ؛ وشكراً مصطفى ادم على خبر المدينة المضيئ لجوانبها ... هنا تعليق عاجل على الحكوة !!!


وسام الراعي والتسلق على كتوف الرعاة والمستضعفين



محكية الرعاة من الأسطورة للثقافة الشعبية:


جاء فى الأثر ان هذه المهنة أقدم مهنة عرفها البشر على الإطلاق فقد كان آدم أول راع للغنم على وجه البسيطة وكذلك كان ابنه هابيل زاولها البشر حين تركوا الصيد واستقروا. اما الرعاة (الكاوبوي) فى بقية العالم الراسمالي يهتمون بقطعانهم ولهم منها ثروة حيوانية ومحطات وحظائر ومتخصصين بصحة الحيوانات كما جاء فى الويكيبيديا.


محكية يلمها الامام وصحبه الضاربين فى الصحراء يبتغون الرزق فى المجانين (اقرأ العمال المهاجرين) ؛ نعم رزق لكون امام ممثل اخر بكي من خشية الله على كلمات وردت من "رويعي" على سبيل تسويغ المثل الدارج "يضع حكمته فى اضعف خلقه". يلمها الامام والصحف ويطاها رجال الاعمال ومواقع البرجوازية الصغيرة الالكترونية
وهى تعج بجيوش من كتاب الفتوى الخارجين من مدارس كبيرة فى البيت والشارع والتلفزيون تحفظ ولا تفكر ولم تفكر ؟ وهى منبهرة باستهلاك ما لذ وطاب من أسواق التكنولوجيا الملحدة الكافرة. رزق الراعي الحلال (مادياً ورمزياً) فائض قيمة مبذول على الهواء الطلق وفضل زاد يلوكه الأقوياء فى مدارج السلم الاجتماعي من بكاء الامام الداعية الى رجل الاعمال وهو يسب رجال الاعمال الاخرين لخلاصه الخاص المزعوم !!!!

وهكذا تتقاطع محكية الراعي مع وظيفة الامام/ خطيب الجامع كرجل اعمال بامتياز. يشارك الأئمة بحكم وظائفهم فى المنظومة الحاكمة كرجال اعمال ساسة من الطراز الاول لذلك يرددون "مَنْ بَايَعَ إِمَامًا فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ فَلْيُطِعْهُ مَا اسْتَطَاعَ؛ فَإِنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَ الآخَرِ !"

لابد ان الخواء الاخلاقي فى تلك البقاع جعل للأئمة مادة دسمة لتجهيز خطبهم عن هوان العالم والأخلاق .. والاهتمام بالراعي يصدر من محكية تقول ان جميع الأنبياء/الرسل كانوا رعاة كما جاء فى الأثر كون الرعاة/الملاك ام الرعاة الماجورين كانوا طبقة ممتازة فى ما قبل الراسمالية حتى ورد على الإبل التى يرعونها "أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ" (الغاشية ، 17) : و" وآَتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً" (الإسراء:59) و"هَذِهِ نَاقَةُ اللهِ" (هود:64) ؛ و "إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الجَمَلُ فِي سَمِّ الخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي المُجْرِمِينَ " (الأعراف ؛ 40) وكانت تدور حول البهائم أمثلة قرآنية وَ"إِذَا العِشَارُ عُطِّلَتْ"(التَّكوير ؛ 4). وكان الأنبياء الرعاة كوادر قيادية يسقط عليها كتابنا "المغتربين" المعاصرين تصغيرهم لها من زبد المعاصر ومن فرط فرحهم الطفولي. والموقف الملتبس هو فى حقيقته اسقاط البرجوازي المعاصر المرتبك (ضمن نسيج برجوازي شائهة فى التخوم الراسمالية) ؛ مرتبك فى رمال هشة : بين امتيازه الواهم فى موقعه الاجتماعي وشرفه العروبي المهدد كمستهلك لبضائع الاخر النصراني وبين حقائق الفساد الراسمالي الذى يتخبط فيه على المستوى اليومي والدين الذى يتربص به وضعفه الوجودي. هذا البرجوازي الممتاز يصغر الرويعي حتى يسلس له وهم الامتياز الاجتماعي. لاحظ معظم الكتاب العربسلاميين يسخرون فى كتاباتهم برعاة الشاة الذين يتطاولون في البنيان .

اما امام الجامع والخطيب بمحافظة أملج الشيخ "عادل المحلاوي" فقد كشف لصحيفة المدينة "انا صاحب مقطع الراعي وما بث من ان المدعي جاد الرب صاحب المقطع كذب محض ."وحين سؤل: ما "رأيك في بعض القنوات التي كذبت المقطع ؟
قال : أقول سامحهم الله على هذا فليس لي مصلحة في الادعاء بأنه للأخ الطيب يوسف الزين . أما انتشار مقطع "جاد الرب" فمن لاحظ اللقاء معه يدرك أنه قال أنا لا أتذكر هذا اللقاء ولذا رفض المكافأة . فأقول هو لم يثبت أنه له ولكن لا يخفاك أن الكثير يحاول التسلق على ظهر غيره . " الى ان قال: "ولا أخفيك بأن كثير من الصحف والقنوات الفضائية حدثتني بعمل لقاء وتكريمي أنا والراعي ولكن التزامي معك "أخي فايز" حال دون ذلك. ". وفى "وتكريمى انا والراعي " يعيد لنا الامام حكمة القرادة التى تعب من ملاين الجمل وتقول "انا وأخوى الجمل مشينا جبنا العيش من القضارف"


قال ثم من؟ قال: الصحف المطبوعة والإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي
قال ثم من؟ قال : رجال الاعمال

"أعلن الشيخ إبراهيم الدويش عن تقديم أحد رجال الأعمال في المنطقة الشرقية, مكافأة بمبلغ 20 ألف ريال, للراعي الأمين الذي ظهر في مقطع الفيديو الذي تم تداوله على نطاق واسع جداً. وعلق الشيخ إبراهيم الدويش على المقطع, بقوله "حقيقة يهتز بدنك وأنت تسمع مثل هذا المقطع.. اليوم بعض الأشخاص يأكل المليارات تلو المليارات ويأكل أموال الناس ويفسد عليهم حياتهم وينام قرير العين ما كأنه فعل محرماً." ثم يضيف "هذا الروعي البسيط" يقصد الرويعي يصغره حتى يكون على مقاس وضعه الطبقي فى التراتبية الاجتماعية!!!


هذه الزوبعة هى "ام المعارك" يا محمد عبد الجليل كما هى قلب عالم بلا قلب وروح عالم بلا روح على قول ماركس. وفعلاً يا محمد عبد الجليل "إن لم تستطع تحقيق إنجاز في الواقع فأشعله في الخيال. " ولكنه خيال لاعلاقة له بخيال يستهدف مشروعاً حضارياً يخص عيال المسلمين المستضعفين كما نوه بذلك حسن موسى . انها ضجة الزفة وعويلها على الواقع المهترئ المنحط. اما عن سؤالك يامحمد عبد الجليل : "تساءلت أيضاً لماذا لم يغضب الراعي أمام الإلحاح على مطالبته بخيانة مسؤوليته." ... هذا العامل المهاجر وحيد فى الصحراء لقى من يطق معه الحنك ،،، والغريب/المهاجر ذو الكفيل فى حكم الأعراب قليل الحيلة ومقطوع اليد واللسان ويمكن إهانته بسهولة (مثلاً كان يوصف بالعبد على سبيل الالتواء الطبعرقي) ولكن فصاحة هذا "الرويعي" ربما اكتسبها من قناعته بالراسمال الرمزي بعبقرية المكان ، مكان الكعبة وموطن تاريخ يعزه !!! ربما ... لكن ممكن طبعاً ان يقول لهم بسخرية "الله يدينا ويديكم" ؛او علم بحكمته الطبقية عن سطوة المالك (اقصد الكفيل ) اذا لعب بمقدراته المالية وعواقبها الجسام ؛ او سمع بفلان وعلان من الرعاة الضحايا الذين تم تهجيرهم بمثل هذه الأخطاء او تحسب لمصائر أهله الجوعي المنتظرين فى السودان .. كل الاحتمالات واردة لقراءة سلوك الراعي السوداني .

اما العامل الراعي المغلوب على أمره يقول انه بعيد عن صناعة ثقافة الدولة الريعية النفطية وصناعة القرار وعالم الأعراب المنبهرين باوكزاتيكا التكنولوجيا والإنترنت والجوالات وغيبوبات البورصات ؛ اسمع الراعي السوداني يقول : " لم اسمع عن من انتحل شخصيتي لأني في مكان بعيد عن وسائل الاتصال والأعلام ,أما جائزه العشرين ألف فأحمد الله عليها"!!! ترى هل تم انتحال مفردة "انتحل" لالحاقها بمشهد أمانة النبي الجديد ؛ ام يكون قد قالها فعلاً !!!

The struggle over geography is complex and interesting because it is not only about soldiers and cannons but also about ideas, about forms, about images and imaginings
ادوارد سعيد "الثقافة والامبريالية 2004"
عدلان عبد العزيز
مشاركات: 102
اشترك في: الخميس فبراير 02, 2006 6:52 pm

كيف نصنع من مثل هذا الموقف أداة نضالية يتسلح بها الكادحين؟

مشاركة بواسطة عدلان عبد العزيز »

جاء حدث الراعي يسعى في زمنٍ غلب فيه تمجيد المال والقوة، فالهمنا، حدث الراعي، قوة معنوية وهو الفقير الضعيف! أي والله مُلهم، مُلهم لأمثاله قليلي الحيلة، ولي شخصياً.. مُلهم من زاوية أن التمسك بالموقف الصحيح لا يتطلب شهادات عليا وقراءات متعمقة. كيف نصنع بحيل الطفيليين الذين يغافلون البسطاء فيدخلونهم المساجد بينما هُم يدخلون الأسواق؟ كيف نحوّل مثل موقف هذا الراعي الشريف، والمشرِّف، لأداة نضالية يتسلح بها الكادحين في مواجهة الغول؟ وما استمد الغول قوته إلا من استكانة بعضهم لإغواء المال.

بعنوان "ادب السواطة" كتب النور أحمد علي في مداخلة في خيط "إيّاك والكتابة"! مخاطباً محمد عثمان إبراهيم:
"اخالك لا نتعرف اشتراطات النصيحة، ولا مؤهلات الناصح‮. ‬فللنصيحة آدابها وشروطها في‮ ‬فضاء الفكر الديني‮ ‬أولها أن تكون منزهة عن الغرض وان‮ ‬يكون المتصدي‮ ‬للنصيحة مؤهل أخلاقياً‮ ‬ومعرفياً‮ ‬وفي‮ ‬مكانة اعلي المنصوح من حيث المعرفة"
راجع:
https://sudan-forall.org/forum/viewtopic.php?t=7059&postdays=0&postorder=asc&start=150&sid=fb10d3b811b1bba11dda9775f2123ed0


عند مشاهدتي للمقطع الذي تم تصويره في حوار الراعي، لم ألمح، ولم اخرج بالانطباع الذي خرج به حسن موسى من أن الراعي كان " يتحدث و يتبسم بمسكنة مع نفر من الأعيان على ظهر سيارة فارهة".. بل على العكس، كان هادئاً واثقاً من نفسه، سامقاً ومتعالياً، يلقي النُصح "في مكانة أعلى من المنصوح"، لا ثقيلاً ولا مُنفراً، بل حازماً في غير وجل، وغير قابل للتراجع عن موقفه المبدئي وان انطبقت السماء على الأرض، لم يتلجلج في حججه ولم يتردد. فماذا نحن صانعون لتحويل مثل تلك المواقف لأدوات نضالية؟

صورة العضو الرمزية
ÃÈæ ÈßÑ ÕÇáÍ
مشاركات: 236
اشترك في: الاثنين يوليو 28, 2008 11:15 am

الشيوعية ملحوقة!

مشاركة بواسطة ÃÈæ ÈßÑ ÕÇáÍ »


حكاية:
أدم فضل الله كان زملينا فى الجبهة الديمقراطية جامعة الخرطوم، و فى احدى انشطة العمل الطلابي هذى اصطدم منشط الجبهة الديمقراطية بلوائح الجامعة العقيمة و المتربصة بالطلاب المعارضين. كانت النتيجة هى فصل عدد من زملائنا فى الجبهة الديمقراطية احدهم هو ادم فضل الله. دخلنا فى مجابدات كثيفة مع اٍدارة الجامعة و عندما تطاولت المجابدات طلب ادم ان يسافر الى اهله فى زيارة و ليطمئنهم على اموره. فى الاخر وصلت الامور الى المحكمة الادارية و كان لابد من حضور المتضررين بانفسهم امامها. اتصلنا بادم و استعجلناه الحضور. فى يوم سفره عائد للخرطوم اوصله عمه الى محطة البص و ودّعه قائلا يا ولدى اقرأ قرايتك و الشيوعية ملحوقة!

اما بعد
و الله يا جماعة بعيد عن كلامكم المثقّف دا انا احتفيت بحكاية الراعي الامين ايما اٍحتفاء و عملت على نشرها و الترويج لها فى الفيس بووك و اليوتيوب و سودانيز اونلاين. بل زدت و دعوت الصحفيين السودانيين خاصة العاملين فى بلاد الخليج للعناية بهذه الحكاية و النفخ فيها من روحهم حتى تصل الى كل مواطن فى منطقة الخليج. القصة رغم النتوءات المزعجة فيها هنا و هناك الا انها تحمل فى طياتها طاقة بروبوغندا جبارة وجب علينا توظيفها و الاستفادة منها.

سوق العمل فى الخليج سوق كبير و مدرار للاموال و هو وسيلة معيشة لاعداد كبيرة من العمال من مختلف الجنسيات و الخلفيات الثقافية و الدينية ولا اسرهم فى بلادهم الام. نحن من ضمن هذه الشعوب خبرنا هذا السوق منذ سبعينات القرن المنصرم و خلقنا سمعة طيبة و تركنا اثر طيب فى نفوس الناس هناك بحسن العشرة و الامانة و حسن الاداء. لكن فى السنوات الاخيرة دى و فى اٍطار المنافسة المستعرة على فرص العمل بدأت تظهر اساليب غريبة و جديدة فى اٍطار حرب المصالح و الصراع على فرص العمل. لاحظت مثل الكثيرين ظهور اٍشاعات مكثفة و منظمة تصم السودانيين بالكسل و الخمول. اي و الله الكسل عديل و الخمول رغم ما قدمنا سابقاً، و اصحبت هذه الاشاعات يتم تدوريها باشكال مختلفة و متنوعة و تجدها فى النكتة فى المقال الصحفى، فى الكتاب و فى الوسائط المرئية.

كما قلت اننا تركنا سمعة طيبة سابقاً عندما كانت الهجرة فى ظروف معقولة، لكن فى السنوات الاخيرة خرج كثير من السودانيين الى بلاد الخليج و هم تحت سلطان الضغوط الاقتصادية الرهيبة التى خلقتها عصابة الانقاذ فى السودان و اصبحت تظهر حوداث سلبية تخصم من السمعة الطيبة للسودانيين التى عرفنا بها فى بلاد الخليج. على ما عرفنا عنا من امانة فى السابق اصبحت تظهر بعض الحالات التى تخصم من هذا الرصيد. فى المقابل هنالك الطرق المستمر و المنظم و المتكرر على فرية الكسل دي و التى من الممكن ترسخ فى اذهان ارباب العمل جراء التكرار حتى و اٍن كان بلا شواهد.

فى مثل هذا الاجواء جاءت حكاية اخونا الطيب الزين كانها وقعت من السماء، حكاية تستوفى كل شروط البروبوغندا المطلوبة. مستلة من قلب البيئة المطلوب التأثير عليها، تخاطبها بلسانها و تنبش فى وعيها الديني و تقلب حالها و كيانها. فى المستوى دا لا ارى مانع من الانتفاع بها. نقضى منها وطرا و نروّج للايجابي الذى نمتلكه و نتميز به حتى نكسب موقع جيد فى سوق العمل. الحكاية دي ممكن تعود على السودانيين بزيادة فرص عمل و ربما شروط عمل احسن (فى مرتبات، و امتيازات اخرى). يعنى السوداني ممكن يفاوض رب العمل بعين قوية على انه سوداني عندما توظفني فأنت لا تشترى قوة عمل فقط، انما تشترى راسك كمان (راس رب العمل، يعنى ينوم قفا).

الكيزان من ورائنا و المنافسة القذرة من امامنا عاد نطير نحنا ولا نموت كمد؟. نكسب نقطة على منافسينا و الشيوعية ملحوقة!

أرض الله ما كبْوتة
الفاضل الهاشمي
مشاركات: 2281
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:14 pm

مشاركة بواسطة الفاضل الهاشمي »



إهدار الحقوق بين ضيق الافق القومي وورطة الخلاص الخاص
والديمقراطية والشيوعية غير ملحوقة



ابوبكر صالح الغائب فى الروكايب سلام (اقصد غائب من المنبر وليس الغيبوبة اياها)

شايف الكبسولة التى صرفتها هنا للجميع وعنوانها "اقرأ قرايتك والشيوعية ملحوقة! " وهى صيحة حرب قديمة او قل تكتيك بائد ترجمته "لا صوت يعلو صوت المعركة" !!

اولاً أراك تدعم محاربينا القوميين وهم يخوضون حرب الطبقات على سبيل "انا وابن عمي على الغريب" مراهناً على بيع قوة عمل سودانية "نضيفه" تنافس قوى عمل فلسطينية ومصرية وتونسية وهندية وبنغالية وسورية الخ .. وينبنى رهانك على عاطفة وحس وحماس وطني اكثر من جودة نوعية بضاعتك. وتراهن على ان هذه البربوغاندا ستعيد لقوة العمل السودانية صيت الماضي الذى اكتسبته بنوعية تعليمها وتدريبها وحنكتها حتى على مستوى العمل النقابي المحلي فى السوق السوداني الكبير الذى كانت الدولة اكبر مخدم له . وفى وطيس معركة سوق العمل تنسى ان رب العمل الجديد "اقرأ الكفيل" من عبدة الدينار والبترودولار لا يأبه بمنطق حقوق العمل والعمالة الوافدة ولا بالأصل العرقي والوطني والإسلامي لتلك العمالة ويستطيع ان يعلق العمالة الأجنبية فى المشانق ويصورها وينشرها على المواقع الالكترونية كما شاهدنا فى حالات العمالة الإثيوبية مؤخراً .

ثانيا ان السيرة الذاتية للعامل فى الاسواق الجديدة لا تراهن على مؤهل الأمانة كثيراً وهى أسواق كثيرة متشعبة وفيها آلاف السودانيين فى الخليج الكبير وفى السعودية.

ثالثا انت تراهن على ان العمالة القادمة من وطن الجدود تنتمي الى فصيل واحد صمد هم أمثال الراعي فى المحكية مكان النقاش.

رابعاً ان جزء من مشاهد سمعة السوداني فى الخليج ما يسمى بغسيل الأموال الذى نشطت فيه رؤوس اموال قادمة من السودان ؛ مشاهد دون درنها جميع المطهرات وكل بحار العالم المالحة .


براح الديمقراطية والشيوعية غير ملحوق :


لماذا لا تخرج الى براح دعم حركة حقوق عمال وحرية العمل النقابي لا تميز بين الأقوام حسب القومية او الدين او المذهب او الجنس ؛؛؛ هناك أفق ارحب من تضامن دولي يتجاوز العاطفة ويتحدي امن وسلامة العمال جميعاً ليتهنى معهم السودانيين والإثيوبيين لان "بروباغاندا العامل السوداني وحده ملحوقة" وليس الشيوعية. !!
ثم ماذا أمت فاعل بشعار رهان إقليمي قومي عربي فى تلك المنطقة بمعنى ان يضطلع النفط العربي بمهمة قيادة تنمية حقيقية وشاملة على مستوى الوطن العربي ؟؟ هذا السؤال تطرحه النخب العربية على مستوى الديمقراطية والربيع العربي ؟؟؟ اها حنقول الديمقراطية والسياسة ملحوقة زى الشيوعية ؟
وماذا عن الشعارات التى ترفعها القوى الديمقراطية العربية حول مسؤولية الشركة الأخلاقية تجاه حقوق العمال وبيئة العمل؟ مش اكثر براحاً ؟
وماذا عن السقف الأدنى المسموح به فى الطرح الصحفي فى الصحف السعودية والخليجية من شاكلة "التباين الكبير في الرواتب والأجور، وبيئة العمل، والسكن والترفيه بين فئات الموظفين حسب الجنسية.. ويذكر جيدا العمال القدامى مدى التمييز في مكاتب العمل، ومن أبرز مظاهره: تخصيص مياه الشرب الباردة لكبار الموظفين فقط، وكذلك كان التباين في أماكن الترفيه واضحا بتخصيص صالة للسينما مغطاة ومكيفة لكبار الموظفين وصالة أخرى مكشوفة صيفا وشتاء لبقية العمال" راجع

https://www.al-sharq.com/news/details/204585


تنمية وتشغيل الموارد البشرية فى ذلك الجزء من العالم عويصة وذات ابعاد اقتصادية واستراتيجية وجيوسياسية معولمة ولا يمكن إيجاد حل لها على صعيد كل دولة. نحن نتحدث فى شروط عمالة تفوق الثلاثة ملايين ؛معظمها من الذكور والعاملات فيها حوالي 17٪ . ومعظم هذه العمالة تقع فى قطاع الخدمات والتجارة والمال والنقل والتشييد الوطني . اما من اهم عوامل الدفع التى تسبب الهجرات خاصة فى السودان هو فرص العمالة والعطالة
وفرص الدخل والجوع الكافر فى الوطن وهى شروط تجبر العمالة على قبول أقسى شروط التعاقد . هذه شروط مادية لا تجد معها العواطف الوطنية والقومية وحدها. هل تذكرون الضجة الكبيرة قبل عام تقريباً حول الدعايات التى نشرتها الصحف العربية والسودانية حول المواصفات الجسدية المطلوبة التى تخدش حياء "أخوان عزة فى هواها" لمن يرغبن فى العمل فى بعض الوظائف فى الدول النفطية ؟؟ ومنها الإعلان الذى ورد فى صحيفة الانتباهة وفيه مواصفات للبنات المرشحات منها "صور من الرأس للقدمين وبثلاث إتجاهات " (ثرى دايمنشن)

اها ماذا انت فاعل بالبروباغاندا العادية فى الدول النفطية التى تود منافستها؟ والتى يسكت الأئمة الكذبة دونها؟ هاك بعض منها:
"مطلوب فتيات جميلات للعمل في نايت كلوب في ابو ظبي على ان تكون جميلة الشكل رشيقة عمرها مابين 22 و 28 سنة . الراتب مغري يفضل من لهم الخبرة في هذا المجال . والخبرة غير ضرورية "
راجع:

https://www.3mal.net/career.php?carid=20146

وإعلانات العام الماضي فى السودان عن "فتيات سودانيات بيضاوات للعمل في الكويت" ؛ راجع:

https://www.sudaress.com/sudaneseonline/25881


اما عن سؤال الصديق عدلان : فماذا نحن صانعون لتحويل مثل تلك المواقف لأدوات نضالية؟ فأقول الأدوات النضالية متاحة وعلى قفا من يشيل حتى على مستوى سقف مقال الشرق الأوسط اعلاه وانفعالنا جميعاً بالحدث كونه يفضح تداخل كثير من الهويات (الدينية والعرقية والطبقية) والأئمة كرجال اعمال جدد وليس فقط عاطفة ورومانسية زائفة تصدر من أمانة شغيل راعي رفض بيع نفسه فى شروط فيديو مفروض ليه وتم إذلاله فيه حسب موقعة الطبقي ولسان حال هؤلاء يقول : انظروا حتى هذا الرويعي السوداني الذليل يصر على الأمانة وصادق يأبى الفساد ... ودونهم فساد من يدفعون لهم من أئمة مقابل ان يلهو العباد من الفساد الأعظم الحاكم بأمر الله. فساد وجور رجال الاعمال الساسة فى حضن اللبرالية الجديدة الدافئ هبطرش لخلق أدوات نضالية ولا يحتاج الى ولولوة ولولوة وبكائيات ودق صفايح رجال الدين الكذبة فى تحالفهم مع سارقي الزلابية عندنا فى ذلك الإقليم الكبير !!!!

The struggle over geography is complex and interesting because it is not only about soldiers and cannons but also about ideas, about forms, about images and imaginings
ادوارد سعيد "الثقافة والامبريالية 2004"
عدلان عبد العزيز
مشاركات: 102
اشترك في: الخميس فبراير 02, 2006 6:52 pm

مشاركة بواسطة عدلان عبد العزيز »


عزيزي الفاضل الهاشمي، التحيات الطيبات..

كل موقف في الدنيا أم قدود دي، ليهو زوايا متعددة ونحن كمان عندنا ليهو زوايا نظر متعددة. من جانبي تفهمت الزاوية التي انطلقت منها أنت يا هاشمي في مشاهدتك مقطع فديو الراعي، لكن نظرتي للموقف كانت من زاوية مغايرة ومنحازة للعامل كما وجدت فيها سانحة طيبة تعلي من قيم الأمانة والاستقامة والعفة، زاد المناضلين يا الهاشمي.

بينما لا أتفق مع مدخل أبوبكر صالح غير الموفق، من وجهة نظري، في معالجته للموضوع. لكن ما أوردته أنت يا هاشمي من أن "السيرة الذاتية للعامل فى الاسواق الجديدة لا تراهن على مؤهل الأمانة كثيراً" ليس صحيحاً، ففي العشرين سنة الماضية أصبحت مادة الأخلاق في إدارة الأعمال ومثلها مادة المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات والشركات، مواد تُدرس بانتظام ضمن مناهج ماجستير إدارة الأعمال في أمريكا وكندا وكثير من الجامعات حول العالم، بل حتى في التدريب الإداري في شركات البترودولار العربية موضع نقدنا الحالي. وجوهر هذه المواد الدراسية يُركز على مقولة "Doing well by doing good" أو "تحسن صنعاً بأن تعمل خيراً" إن صحت الترجمة. فقد شاهدنا كيف أن البروفسور إريك ريفز قاد حملة تطعن في أخلاق شركة تاليسمان الكندية لاستثمارها في نفط السودان الملوّث بدماء الضحايا، ما أجبر الشركة على الانسحاب من السودان خوفاً من تدني أسهمها في البورصة التي أصبح المستثمرون فيها يتجنبون وضع أموالهم مع شركات عُرضة للمقاطعة الاجتماعية، وكلنا نعرف أن الاستثمار هدفه تحقيق الأرباح، لكن جمهور المتعاملين مع الشركات يصبح بازدياد مستمر حساس تجاه حقوق الانسان. مثال آخر، تعالي التساؤلات والانتقادات حول ظروف عمل ملايين العمال في شركة فوكسكون في الصين، أكبر مُزود ومُجمِّع لأجهزة الهاتف النقال والالكترونيات لشركة أبل وغيرها، أجبرت تلك التساؤلات والانتقادات شركة "أبل" على وضع ميثاق أخلاقي يجب أن توقع عليه أي شركة تتعاقد مع آبل لتوريد أو تجميع أجهزة الآيفون والآيباد وغيرها من المنتجات، كما أنشأت شركة "أبل" آلية لمراقبة التزام الموردين في تلك البلاد بميثاقها الذي يمنع تشغيل الأطفال ويحدد ساعات العمل وأيام العمل في الأسبوع. وده كلو طبعاً داخل في باب الإصلاحات الرامية لاستمرار النظام الرأسمالي كبديل لدكّه. ما يهمنا هنا هو تنظيم الكادحين ووعيهم بحقوقهم ورفع سقف مطالبهم لتحسين أوضاعهم المعيشية حتى في ظلّ عولمة رأس المال بما يقدم نضال الكادحين في سبيل تحرير الإنسانية من الاستغلال.

مقال جريدة الشرق القطرية –ليس الشرق الأوسط- الذي اقتبست منه، يا هاشمي، كاتبه أيضاً اقتبس من مصدر آخر –يعني انت اقتبست من المقتبِس- إذ أن أصل المادة مقتبس من مقال نشر في جريدة "الأيام السعودية"، راجع أصل المقال في الرابط: https://www.alyaum.com/News/art/86344.html
وكاتب مقال جريدة الشرق القطرية موضوعه الأساسي هو المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات والشركات أو "Corporate Social Responsibility" التي أشرت لها أعلاه، والمقتبس الذي أوردته أنت يتحدث عن ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي، حيث ورد في أصل المقال " في بداية الحقبة الزمنية الأولى، في الثلاثينات وحتى الخمسينات، مارست الشركات الأمريكية المالكة لارامكو ازدواجية التطبيق حيث كانت هناك بعض الخروقات الخارجة عن أخلاقيات العمل وحقوق العمال المتعارف عليها في بلد الشركات الأم. فكان التباين الكبير في الرواتب والاجور وبيئة العمل والسكن والترفيه بين فئات الموظفين حسب الجنسية. ويذكر جيدا العمال السعوديون القدامى مدى التمييز في مكاتب العمل ومن ابرز مظاهره تخصيص مياه الشرب الباردة لكبار الموظفين فقط. وكذلك كان التباين في أماكن الترفيه واضحا بتخصيص صالة للسينما مغطاة ومكيفة لكبار الموظفين وصالة أخرى مكشوفة صيفا وشتاء لبقية العمال وأغلبهم كان من السعوديين. وفي الفترة ما بين 1945-1953 حدثت سلسلة من الاحتجاجات العمالية مطالبة بزيادة الأجور وتخفيض ساعات العمل وتحسين الظروف المعيشية وبيئة العمل. " في تقديري أن القيمة الأساسية للمقال الذي أوردته تكمن في أنه يلقي بعضاً من الضوء على أن مدن الملح تخففت من ملوحتها قليلاً ربما بتأثير مفاهيم العولمة الاقتصادية الجديدة، ويضعنا في موقع متابعة أفضل لمعرفة كيف يفكر الاقتصاديين والإداريين في تلك البلاد. إذ أنه بدون فهم دقيق لطبيعة التغييرات في بيئة رأس المال والعولمة، من الصعب علينا المساهمة الجدّية في ترقية وعي الكادحين وتنظيمهم ليلعبوا دورهم في التغيير الاجتماعي في اتجاه انهاء الاستغلال، فشكراً على إيراد المقال.

ودمتم بخير..

الفاضل الهاشمي
مشاركات: 2281
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:14 pm

مشاركة بواسطة الفاضل الهاشمي »



عدلان اخوى سلامات


واحد:

الأمانة والاستقامة والعفة وأخلاق المهنة ما عندها علاقة بالأدوات النضالية وتضمن جميعها فى السياسات والإجراءات واللوائح التى تتبعها الشركات مع مخدميها بحيث هى جزء من شغل الادارة لتطبيق مادة الأخلاق التى تدرس فى الجامعات ؛ وأخلاق المهنة جزء من خبرات skills التى جزء من معايير standards يحفظها الطلبة عن ظهر قلب حسب الحقل (طب ؛ قانون ؛ تمريض ؛ صحة ؛ إدارة اعمال ؛ محاسبة الخ ) . يعنى الأخلاق التى تدرس لتجويد مواصفات السلعة/الخدمة عشان لمن العامل او المدير يخطأ بشأنها يلحقوهو أمات طه. وقصدت بها ان الاخلاق التى هى جزء من الخبرة يتم مراقبتها يومياً ولا تحتاج الى أنبياء مخلصين ثم تصبح محور استهداف نضالي ولتحويلها لأداة نضالية. الاحزاب عندها لوائح كما تعلم لخلق معايير عامة . عندى ان حالة أخونا الراعي يمكن وجودها بكثرة مثلاً حسن موسي مش قال لمصطفى البطل ياخى انا وساطتك لى للمسئول السلطة فى فرنسا او للكتابة الراتبة فى السودان العفينة منها ؟ ويمكنك إيراد كثير من مكارم الاخلاق دى فى جميع المجتمعات الانسانية وعلى مر التاريخ وموثقة فى الأديان السماوية وغير السماوية وتعتبر بطولات تعمق تجربة الانسان فى ان يحقق انسانيتو . لا مشاكسة فى ذلك . الاختلاف فى انها ليست حالة/طاقة ثورية لتاملها وتطويرها كأداة نضال. مثلاً لو ذكرت حالة أخونا البوشي الذى أوقف نافع بين يدي الله فى مداخلته فى جامعة الخرطوم كشكل من أشكال نضال واختراق فى رد الظلم بشجاعة ؛لقلت لك نعم كونها تعكس طاقة ثورية كامنة فى المعارضة وكذا كثير من سلوك مصادم مشابه لم يصدر من أمانة او عفة . لا اقصد هنا ان الأمانة وعفة اليد والحب الخ لا يمكن ان تعتبر "عاطفة ثورية" revolutionary sentiment ولكن الخروج بها الى مصاف الأداة النضالية استشكالي على اقل تقدير . لكن سيد الرايحة بفتش خشم البقرة وقيل خشم الثعبان ذاتو.
فى سياق حكوة أخونا الراعي لا نقول الود جدع وسوداني لما لها من إشكاليات غميسة فى شداعة وجدعنة السودانيين بحسابات نفير الماء والدم فقط التى كمل فيها حبر اريك ريفز وانت زول شاطر وشجاع وفاهم بقصد شنو لان لكل مقام مقال .
"كلامي انا الماعرفتوه" يا عدلان هو ان أدوات النضال هبطرش ؛ واقصد النضال الأممي مش المحلي والإقليمي وحده ... وتجزئة النضالات هو قتلها ... حيث وجدت هناك منبر للنضال: هنود أصليين ؛ أطفال ؛ عاملات جنس ؛ سحاقيات ؛ ضحايا توزيع الثروة والسلطة ؛ معوقين ومعوقات ؛ نساء ؛ عمال ؛ سود ؛ بيض (بكسر الباء) ؛ ضحايا أمطار ؛ سكان الكهوف والكراكير ؛ ضحايا عرق وطبقة وجنس وجنسانية وفقر وشعوب مقهورة على وزن جيوسياسي وقضاياها طلق طلق "لو الشجر اقلام جميع والنيل مداد" ماعددها كما قال شاعر الحقيبة وهو يجارى المجاز القراني. كنت متوقعك تنقب فى هذه الشلالات من الأدوات النضالية ولكنك اخترت هوامش من تعليقي وركزت بحماس على عاطفة ثورية وليس طاقة ثورية وقفزت منها بالزانة لأداة نضالية .

اتنين:

المسئولية الاجتماعية للشركة شغل فتات صادر من رغبة الشركة لتحسين صورتها الخبيثة جداً والتى تنبع من الربحية كهدف مطلق ؛ وهى شغل علاقات عامة ضمن هذا الاستهداف و فتات لا يسوى شيئ كما عكسته بحوث كتيرة حول الاقتصاد السياسي للمسئولية الاجتماعية وقد ناقشناها فى بوست مع هاشم مرغني فى هذا المنبر كثيراً . وهى على كل حال تنازل محاولة لسد فجوة فى مسئولية دولة الرفاه التى كانت تدق صدرها وتدفع فى بنود الصحة والتعليم والرفاهيات ولن تركتها الان لمناورات الهبات والعطايا والمنح وزكوات المحسنين الذين يكاورو بها لتجاوز الأعباء الضريبية على الشركات ومنظمات العطايا .

تلاتة:

ما أوردته من الموقع يكفى لتوضيح مقصد بسيط هو انخفاض سقف المطالب فى دول النفط منذ الأربعينات حيث بدات المقاومات النقابية وأنها يمكن ان تسمح بها الصحف فى تلك البلدان المحافظة بيريود ... وما كنت احتاج لكثير مقتطفات ؛كان ذلك كفاية وزيادة كمثل فقط . لو كنت أردت الإسهاب عند تلك النقطة سانتقل لمقال طويل عن الاقتصاد السياسي لدبي مثلاً حيث احاول تناول أسواقها فى دراسة .

وبعد فما "يهمنا هنا هو تنظيم الكادحين ووعيهم بحقوقهم ورفع سقف مطالبهم لتحسين أوضاعهم المعيشية حتى في ظلّ عولمة رأس المال بما يقدم نضال الكادحين في سبيل تحرير الإنسانية من الاستغلال." بلحيل كما قلت ياصديق . وحتى لا ننسى حكوة الراعي النبيل نتساءل عن الوضع النقابي لهم هناك والا أقول ليك (وفى شخصك بخاطب أشخاص قراء ) : ماهى مسئولية السفارة او القنصلية السودانية فى متابعة شكاوي وأحوال السودانيين والسودانيات "العاملات عليها" واللواتي اجتزن مواصفات سماحة الأندية العربسلامية من لون وعمر وطول وعرض ( من ثرى دايمنشن) ؟ حمايتهن/م (حقوق الراعي من التهجم والتصوير والاستفزاز فى الحسبان ) من سطوة البداوة وأخلاق راس المال فى الكلوبات الخليجية ومن خلف حجاب بيوت الكفلاء؟؟؟

معاً (فى صحبة جميع المظاليم) فى طريق لاحبة طوييييييلة وما بتلحق كعكول الاستنارة ام دق وأم دم !!!
The struggle over geography is complex and interesting because it is not only about soldiers and cannons but also about ideas, about forms, about images and imaginings
ادوارد سعيد "الثقافة والامبريالية 2004"
صورة العضو الرمزية
مصطفى آدم
مشاركات: 1691
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 5:47 pm

مشاركة بواسطة مصطفى آدم »

صار خبر العثور على شخص أمين خبر يبث ضمن
نشرات أخبار جمهورية الفساد:

https://www.youtube.com/watch?v=nKdIK0UDaiA
حافظ خير
مشاركات: 545
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:23 pm

مشاركة بواسطة حافظ خير »

كوميديا الراعي :)
دا تلقاهو في الفيس بوك:
https://www.facebook.com/photo.php?v=722479467796916
إيمان أحمد
مشاركات: 774
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:27 pm

مشاركة بواسطة إيمان أحمد »

سلام يا حسن والجميع

عودة لهذا الخيط بعد غيبة، واسمحوا لي ارجع لي مداخلة حسن عن التغيير


بدا لي أن موقف الإدارة الإستعمارية الذي يرفع شعار التغيير بحد القانون ، و موقف محمود الذي يرفع شعار التغيير بتوعية الناس و بتنمية مجتمعهم ، كمواجهة بين خيارين حداثيين. الخيار الأول، و الذي أسميه خيار " حداثة رأس المال الإستعماري " يسعى لفرض التغيير بقوة السلطة المسلحة المهيمنة على مصائر الناس من واقع هيمنتها على الدولة.و التي تنوي " تحديثهم " سواء قبلوا أم أبوا. والإستعماريون ، كما يزعمون ، وفدوا إلى بلادنا بحجة " تحديثنا ". و هذه "حقيقة" ، لو وافقناهم على معنى "التحديث" حسب مفهومهم للعالم. ذلك أن "التحديث" في مفهوم المستعمرين إنما يعني إلحاق و دمج المجتمعات موضوع الهيمنة بإقتصاد رأس المال و نهب مواردهم و مسخ أهاليها لمجرد سوق لمنتجات الدول الصناعية و تأمين قهرهم ماديا و معنويا حتى يقبلوا بواقع الهيمنة
.

يبدو لي ان استسلامنا لموديلات التغيير والحلول السريعة الأورو-أمريكية فاضت وملأت أوجه كتيرة في عالمنا الذي يكابد للوصول إلى التنمية. كلامك الفوق ده بيشابه لي الفرق بين ما يسمى "الإغاثة الإنسانية" (شوف خطورة المصطلح دي كيف!) والتنمية المستدامة. الممول الأوربي أغرق بلادنا على مر العقود الحديثة بما يسمى الإغاثة عند الكوارث ومازلنا نرزح خلف خط البداية. في العقد الماضي ضخ العالم ملايين الملايين من الدولارات لتقديم الإغاثة للمتضررين في بلد زي الصومال. والقليل تم استثماره في تعليم الناس كيف تصطاد السمك. والنتيجة؟ 96% من مال الإغاثة راح شمار في مرقة. وبعد تمارين استهبال كده وشوية برامج بتاعت (أكاونتابيليتي) تحسن الوضع واصبحت 93% "فقط" هي جملة الأموال التي راحت شمار في مرقة!!!!!!!

نفس الفكرة بالنسبة لي!

لابد لنا أن نعلم أنفسنا كيف نصطاد أسماكنا، بالمران.

إيمان
[size=Font Size]
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

" راعي الغنم السوداني" يضرب مرة أخرى!

مشاركة بواسطة حسن موسى »



راعي الغنم السوداني يضرب مرة أخرى !!



المقال لكاتب خليجي :
السلوك التعويضي للشخصيه السودانيه




قبل الدراما الأولى:
وقعت على المكتوب أعلاه بقلم " كاتب خليجي" في فيسبوكو و قد احتفى به بعض السودانيين و تقاسموه على صفحاتهم فقرأته أول مرة و احترت في دوافع كاتبه ثم أعدت قراءته مرة ثانية فزادت حيرتي.
و حيرتي بدأت من العنوان المتعالم الذي لا تخفى فيه نبرة التحامل على هذه الفئة الغميسة المسماة بـ " السودانيين" بينما المقصود منه ـ حسب المتن ـ جالية المهاجرين السودانيين في الخليج. و كاتب المقال لا يفصح عن هويته و إنما يتخفى حول فئة هلامية مريبة اسمها الكتاب الخليجيين!
"كاتب خليجي" بتاع فنيلتك؟
و متى كتب أهل الخليج؟ و ماحاجتهم للكتابة و في خدمتهم الكتاب و القراء من مشارق الأرض و مغاربها؟ بل و متى فرغ أهل الخليج من همومهم الإستهلاكية البسيطة حتى ينظروا في أحوال " الشخصية السودانية"؟.ياخي خليك من أهل الخليج الغلابة ، إتّ " الشخصية السودانية " دي ذاتها شن نفرها؟ و أي " شخصية سودانية " تسع الشعوب السودانية الناطقة في أكثر من مئة لسان؟

أغلب الظن أن هذا المكتوب المنحول لهذا الكاتب الخليجي المزعوم هو من صناعة " زول" سوداني عليم بأحوال السودانيين المقيمين في تلك البلاد، لكن يبدو أن علمه لم يلهمه سوى الإنقلاب على الرجال و النساء المكافحين من أجل العيش الكريم في المهجر الخليجي و رميهم ـ بذريعة السايكولوجيا الجرائدية البائدة ـ بأشنع الشناعات و هم يتحمـّلون أنواع المشقات المادية و الرمزية و يحملون الضوء في ممالك الظلام المعاصرة. و هذا المكتوب المتحامل ، هو في نهاية تحليل ما، تجسيد حقيقي لخلاصة لؤمه المجاني الذي يستهدف المهاجرين السودانيين لا إيدهم لا كراعهم ، و هو افضل مثال على " تحقير هذا الانسان السوداني لنفسه!" كما جرت عبار هذا الزول العجيب.
" أنا لم أهاجر للخليج و لكني أتأمل في أحوال أصدقائي و معارفي ممن هاجروا للخليج في العقود الأربعة الأخيرة فأجد معظمهم قد تلقى العلم و حصل الخبرات المهنية و الحياتية العالية في السودان و على نفقة الشعب السوداني الصابر على المكاره، ثم اضطرتهم الظروف للهجرة لبلدان النفط فلم يصلوها بلا متاع و إنما حملوا إليها علمهم و خبرتهم و فنونهم و ساهموا، مع غيرهم ، في نهضتها و قعّدوا أهلها على مقعد الحداثة التي يتباهون بها اليوم.

كتب الكاتب الخليجي المزعوم مكتوبه في شكل عرض مسرحي مكون من سلسلة من المشاهد الدرامية الركيكة:
"
دراما اولى:
سوداني ينادي خليجي بكلمة "زول" .. يرد الخليجي بأنه "ما زول" .. فيكتب السوداني "قصيدة طويله مؤثره" .. معددا فيها الصفات الجميله- العظيمه- "الاستثنائيه"- للشعب- "الاستثنائي"-السوداني .. ذاكرا فيها الاخلاق/ والتاريخ /والنيل/ والحضاره/ والتعليم /والثقافه.. هذه "القصيده العصماء" سارت بها "قروبات الوطسب" ردحا من الزمن .. فرحة و منتشية لهذا الرد الذي "اراح النفوس المغبونه " بأن جعل هذا الخليجي هو الخاسر الوحيد من كونه "مازول" ..
و شرح هذه الدراما الأولى إنما يكون ضمن مشهد صراع الطبقات الشرقأوسطي المعولم الذي مسرحه بلاد النفط. و هو مقام بالغ التركيب تقاطع عنده أحابيل القهر الطبقي مع أحابيل القهر العرقي و و الديني الجندري بكثافة غير مسبوقة. في هذا المقام يحتل "الزول" أدنى درجات سلم المفاضلات العرقية بين العربسلاميين. و قد تشفع لهم معرفتهم بلغة العربان و يحميهم الإنتماء للإسلام من المعاناة التي يعيشها الأثيوبيون و أفارقة شرق إفريقيا. فصفة "الزول" ، في خاطر أهل البلاد، تنطوي على شبهة الرق لأن الأزوال السودانيين يشتبهون بسلالات المسترقين في بلاد العربان. و الرق تاريخ حاضر في حياة العربان المعاصرين و في ذاكرتهم الجمعية،ربما أكثر مما هو حاضر في حياتنا و في ذاكرتنا، و لذلك يحرصون على التنائي عن كل ما قد يثير شبهات الرق و لو من بعيد. أقول قولي هذا و أنا واع بشقاء نفر بين سودانيي المهاجر المتعلمين ، لم يعصمهم علمهم عن الإلتقاء مع عربان الخليج العرقيين عند إتفاقات الثقافة العربية المعرقنة . هؤلاء الأشقياء هم الذين يبذلون الغالي و النفيس في سبيل إقناع الديك الخليجي بنقاء عرقهم و هيهات.[ تاني ما أسمع زول يجي يقول لي إتّ زمان قلت الطيب صالح عبد شايقية!].

" دراما ثانيه:
شباب سعودي مترف يخرج للخلاء يصور راعي غنم سوداني امين وينزله على اليوتيوب اعجابا بأمانته .. النتيجه: تبتهج "جموع" الشعب السوداني في البوادي والحضر لهذا الانتصار الباهر.. الاف "الاصتيتصات" نزلت مساء ذلك اليوم على "فيسبوك" وتدفقت الرسائل على "وطسب" مدرارا.. تتغزل في هذا الحدث الذي اجبر تلك القناه العربيه بتناوله .. هذا الحدث اثار من النقاشات ماهو كفيل بحل جميع ازمات هذه الامه المنكوبه .."

و شرحها أنها تنويع سعودي لصراع طبقات زمن العولمة الذي مسخ شعوب بلدان النفط لصورة التنابلة المتبطلين الذين راكموا الإمتيازات المادية و استغلوا الناس من خلال قوانين العمالة الجائرة [غياب حريات التنظيم النقابي و " نظام الكفيل" إلخ] لدرجة الإستعباد الصريح الذي تعبر عنه الدراما المعروفة بـ "أمانة راعي الغنم السوداني"!. و بدلا من أن يتأنى " الكاتب الخليجي" المزعوم عند المفاصل الطبقية لهذه الأحبولة التعيسة فهو يسخر من جملة المتضامنين مع " راعي الغنم السوداني " الذي يمثل في هذا الموقف كنصب حي لمعاني الكرامة الإنسانية لدى مئات الآلاف من العمال المهاجرين في بلدان النفط . كل هؤلاء الرجال و النساء الأماجد الذين تعلموا الصبر على الذل و الإهانات في مسلسل البقاء في ممالك الظلام وجدوا في " راعي الغنم السوداني" بطلا حقيقيا لم يخرج من ثنايا الأدب المباح أو من مناظر المسلسلات المترجمة البايخة.و التأني عند المفاصل الطبقية لهذه الأحبولة يملك أن يحفز الكاتب الحصيف على التساؤل عن مصير هؤلاء الشبان السعوديين الموسرين الذين راودوا الراعي الفقير عن نفسه و دفعوه دفعا للسرقة.أين ذهبوا؟ و لماذا لم يسائلهم أحد باعتبارهم مساهمين في التحريض على الإثم؟ هل يحميهم واقع كونهم مواطنين من أي مساءلة ممكنة؟يقول الكاتب الخليجي المزعوم " هذا الحدث اثار من النقاشات ماهو كفيل بحل جميع ازمات هذه الامه المنكوبه ". لكن قولته لا تتجاوز حدود السخرية العقيمة، لأن هذا "الحدثّ" أثار النقاشات في موضوع مسكوت عنه في جملة بلدان النفط التي يملك عدد المهاجرين فيها أن يتجاوز عدد المواطنين من حاملي الجنسية.و السؤال الذي تطرحه حادثة راعي الغنم السوداني هو" ماذا سنصنع بالمهاجرين المقيمين في بلدان النفط منذ جيلين أو ثلاثة أجيال؟ ".ثم ما معنى المواطنة؟ في هذه البلاد و ماهو تعريف المواطن؟ و هذا هو نوع الأسئلة يمكن أن تضعنا في المسار الصحيح نحو " حل جميع أزمات هذه الأمة المنكوبة" لكن كمان دي الأسئلة التيّ تجيب الهوا" من قرونه. تقول لي " كاتب خليجي"؟!!
أما الدراما الثالثة فكاتبنا الهمام يوردها باختصارغريب :
" دراما ثالثه:
كاتب خليجي يكتب عمودا صحفيا يدافع فيه عن السودانيين يتم "تشييره فيسبوكيا" اكثر من اي عمود صحفي سوداني ..".
و شرحها أن الكاتب الخليجي المزعوم يحسد القرد على حمار خده!
أي و الله! فبدلا من أن يقرأ كاتبنا الخليجي المزعوم في هذه الدراما توق المهاجرين السودانيين الصابرين على مشقات المهجر و قسوته، لكل علامة تقدير يجود بها كاتب من مواطني البلاد ، فهو يبدي ضجره من احتفاء المهاجرين السودانيين بمكتوب هذا الكاتب الذي برّهم بكلمة تجبر الخواطر المكسورة. عجبي!!

سأعود
أضف رد جديد