وثائـــــــــــــق .. مُهـــــمـَـــــــلة .. !!

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
ياسر عبيدي
مشاركات: 1157
اشترك في: الخميس مارس 27, 2008 1:51 pm

حقيبة "مستودع الذكريات" الأولى 2

مشاركة بواسطة ياسر عبيدي »



وحذارَى؛ إن كنت فى مثل وضعى هذا تُقلّب فى القديم .. وحدث أن فتحتَ مثل هذه الحقيبة وكان غرضك البحث عن شئٍ مُعين:


صورة


أن تنساق وراء لهفة الفضول وتستسلم لحنين الماضى فيُغريانك بالخوض فى بقية الموجودات. ذلك إن فَـعَـلْتْ .. فذاك ممّا سيودى بك لامحالة إلى المتاهة فى شعاب الذكريات، ولن تلبث أن تجد نفسك قد نسَـيْتَ ما كنت تبحث عنه فى المُبتدأ .. وأنه لا سبيل لك للخروج ممّا أنت فيه .. والإفتكاك. فكل قطعة من موجودات الحقيبة تستدعى ذكرى .. وكلٍ منها يبسط أمامك ويقترح عليك أكثر من فكرة. يكفى أنى لمحت الجزء الظاهر من المطبوعة المكتوب عليها "الـقُطْـن":


صورة


لتقفز إلى ذهنى ذكرى رسائل عبيدى إلى إبنه زهير الطالب آنذاك "بكلية حلوان للأقطان بالإسكندرية"، .. كان يبدأ رسائله له بـ: "نجلى العزيز زهير" .. ولكنه بعدها كان أحياناً بين قوسين أو مزدوجتين يكتب مُمازحاً إيّاه: " كُـشْماقْ"، .. وتعنى بالنوبية: "قُـطـن". ولو قمت بفتح هذا الكيس، الذى لابد أنه يحتوى على أوراق دراسته هناك، لوجدت بعض تلك الرّسائل القديمة وما سيصحبها بالضرورة من إسترجاعاتٍ وتداعيات. فقد كان من المقدّر أن يعمل زهير مهندساً زراعياً بعد تخرّجه بالسودان فى حقول محصول القطن طويل التيلة الشاسعة بمشروع الجزيرة، يكتسب الخبرة عبر السنين فى إنتاج وتحسين محصول السودان النقدى الأول، ويترقى فى مدارج الوظيفة حتى يصبح أحد خبراء زراعته المميّزين فى المناطق الحارة. ذلك أن عبيدى كان كثيراً ما يوصّى الأقارب من الشباب المُلتحقين حديثاً بالسلك الوظيفى ـ وهكذا فعل مع إبنه بعد تخرّجه ـ بالصبر على الوظيفة الحكومية لإكتساب الخبرة والترقى فى مراتبها عن إستحقاقٍ وجدارة.

ولكن ظلّت مصر، وعملائها السودانيين، فى " أرابيز !" مشروع الجزيرة ومحصول القطن طويل التيلة إلى أن تم لهم أخيراً تشييعه إلى مثواه الأخير [1]. والآن مهندسو زراعة القطن قد تشتتوا منذ زمن أيدى سبأ، ومنهم زهير يقبع منذ ثلاث عقودٍ بصحارى العُربان يشرف لهم على مساحاتٍ - لو تم حصر كل المساحات الزراعية فى كل الخليج لوجدناها لا تسوى بضعة حوّاشاتٍ من أى مشروعٍ خاص فى السودان [2] - من الخضروات التى تُلقى فى الزبالة بعد حصادها ومعها عَلف تعافه النوق، يقاتل هناك من أجل تعليم أبنائه الذين تربوا بين العُربان فأصبحوا بلا هوية، وهو يواجه فى أى لحظة، كما حال بقية السودانيين هناك، أن يلفظه العُربان، بعد كل تلك التضحيات، كما تُلفظ النواة، وهم الذين مازالوا يدّخرون السودان " سلّة غذاءٍ لهم !" منذ الأمس واليوم وفى مُقبل الأيام ... أىُّ خرابٍ هذا ياترى الذى إقترفته مصر وعُربان الخليج وأعوانهم من السودانيين فى حق السودان ومشروعه الزراعى الأكبر فى القارة الأفريقية والشرق الأوسط ؟!

ألم أُحذِّر من قبل وفى مبتدأ هذه الرسالة: " إيّاك أن تنساق وراء لهفة الفضول وتستسلم لحنين الماضى فيُغريانك بالخوض فى بقية المحتويات" ؟! .. فقد كانت هذه مجرّد نظرة عجولة لقطعة فى الحقيبة من الموجودات .. ولكن، طالما أنت مازلت داخل " مستودع الذكريات"، وحتى لو تمكنت من إعادة غطاء الحقيبة إلى مكانه فكفيت نفسك عبث أشياؤها بمياه ذاكرتك الساكنة .. يبقى الحال كما هو الحال .. ولاتَ مَهْرَب ! .. فكل ما تقع عليه عيناك خارج الحقيبة .. يظل يستدعى وينادى ذكرى:



صورة



.. "بابور الجاز" الألمانى ورُعبى منه عند إشعاله فى الأمسيات وتلك " الإبرة" التى تزيد من وهج لهبه الأزرق ومن هدير صوته المخيف.


و"السُلطانية":


صورة


التى تٌحيل لذكرى رمضان أيام زمان .. حين تكاد تنفطر أفئدتنا ونحن نشاهد على التلفاز فى يومه الأخير من كل عام، مجموعةَ منها مُلقاةً بإهمال على بساط الإفطار وقد إندلق منها بقايا المشروبات، بينما تحلّق حولها فتيان وفتيات .. يغنون فى حزنٍ وأسى مودّعين تلك الأيام وذكراها:

[marq=right]
" لن ننسى أياماً مضت مرحاً قضيناها" [3][/marq]



ونكهة صناعة سودانية ميّة الميّة .. إستطاعت الصمود والبقاء رغم قساوة الدّهر فبدت كما لو مازالت حَيَّا .. كانت وسيمة كريمة حُلوة المذاق .. وإسمها حلاوة " ريــّـا" [4]:




صورة


صورة



ــــــــــ

1) راجع [السودان للسودانيين - عبد الرحمن على طه]

2) راجع [حروب الموارد والهوية – د. سليمان محمد سليمان]

3) راجع "بوست" أحمد سيد أحمد: [الأستاذ أحمد محمد سعد " أبواب المعرفة "] - / رمضان أيام زمان غير رمضان وقد دانت الدولة للإسلاميين، فكل شئ تحت حكم الإسلاميين يصبح قبيحاً ومنفّراً، حتى الدين والإيمان نفسه يصبح بلا معنى.

4) جاء فى خبر صحفى قبل أيام تكدس بضائع الحلوى المستوردة من مصر على حدود السودان !!
ياسر عبيدي
مشاركات: 1157
اشترك في: الخميس مارس 27, 2008 1:51 pm

وقد ولىّ عهد "البخار".

مشاركة بواسطة ياسر عبيدي »



ومن المعلوم أن خطوط السكة حديد فى السودان بدأت بقطارات البخار، ولكنى أجهل تاريخ تحوّلها لقاطرات الديزل، غير أنِّى ربما لا أخطئ، دون عناء الرجوع إلى مراجع ومن واقع ما بين يدىَّ من وثائق، إذا إستنتجت أن هذا التحوّل كان فى الفترة بين 64 و 66. وأول دواعى تحفيزى على هذا الإستنتاج .. الصورة التالية من مُقـتـنيات "مستودع الذكريات":


صورة


كُتِبَ إلى اليمين أعلى هذه الصورة: "وصول قاطرة ديزل ألمانية إلى السودان" .. وأقول حسب إستنتاجى: "وصول أول قاطرة ديزل إلى السودان". يُرجّح قولى هذا حشد المُستقبلين للقاطرة، وبعضهم بدا يصفّق إحتفالاً بقدومها .. بينما تشتت إنتباه أفراد الشرطة بين تنظيم الجمهور والحرص على أن لا يفوتهم حدث مشاهدة القاطرة الجديدة وهى تمر بجانبهم، ما يُشئ بأن الحدث كان حدثاً لم يسبق له أن تكرّر من قبل.

إن ما يُعزّز إستنتاجى بتحوّل سكك حديد السودان من قاطرات البخار إلى قاطرات الديزل فى الفترة بين 1964 – 1966، هو الكُرّاسة المعروضة سابقاً بصفحـــ 1 ـــــة:


صورة***صورة



إن علاقة ما تحتويه هذه الكُرّاسة من دروس – غير حقيقة علاقتها بفترة عمل عبيدى بود مدنى 64 /66 - بقاطرة الديزل المعروضة أعلاه .. هو الرّقم (1000) ! .. فمعظم دروس الكرّاسة تدور حول: "وابورات الديزل الإنجليزية طراز 1000":


صورة


صورة


وإذا دققّنا النظر فى منتصف مُقدِّمة قاطرة الديزل المعروضة صورتها أعلاه .. سنقرأ على لوحة سوداء الرّقم (1000):


صورة


ولمّا كان عادةً ما يُكتب رقم موديل القطار على واجهته وفى مواضع أخرى، كما فى حالة قطارات البخار:


صورة


يترجّح لدينا - بربطنا بين الرقم 1000 فى قطار الكُرّاسة والصورة - أن الأثنين ربما كانا من نفس الطراز. ولكن تظل إشارة الكُرّاسة لوابورات الديزل بـ"الإنجليزية" بينما فى الصورة يُشار إليها بـ"الألمانية" بحاجة إلى تفسير ! .. وأُرجِّح أنها كانت إنجليزية بالفعل ولكن قد يكون تم إنتاجها أيضاً فى ألمانيا. ولأنها وردت من ألمانيا إعتبرها الإعلام السودانى ألمانية. ذلك أن ألمانيا وقتذاك كان قد مرّ عليها عقدين فقط منذ خروجها من دمار الحرب العالمية الثانية، ولم تكن بَعْد قد حققت ريادتها الإقتصادية والصناعية، وقد تكون وقتها فى مُبتدأ هذه النهضة .. ما حدى بها التبرّع بالقديم من ممتلكاتها الواردة إليها عبر مشروع "مارشال" الإسعافى إلى العالم الثالثى، وكان نصيب السودان هذه القاطرات وأجهزة بث تلفزيون "أمدرمان"، والأخيرة تم تقديمها كهدية فى تلك الفترة. وكل ذلك ممّا يُرجّح أن الصورة المعروضة أعلاه تعود لأول قاطرة ديزل تصل السودان.

وبناء على هذا الإستنتاج، ولتكتمل الصورة، ربما جاز لى القول: أن كُرّاسة دروس ماكينة الديزل التى تعود للعامل "الشيخ إدريس محمد خالد الجبارة" وعنوانه: "برّاد بورشة مدنى" والمسجّل عليها تاريخ 1/9/1964، ربما كانت إحدى المصادر التى إستقى منها محمد عَـبِـيـدِى بَرْدَويل معلوماته عن قاطرة الديزل الجديدة طراز 1000. لقد شهدنا فى صور (الرّهد) كيف أن قاطرات البخار كان لها – حتى نهاية الخمسينات وبداية الستينات - السيطرة الكاملة على خطوط سكك حديد السودان. وكيف أن عبيدى إمتلك ناصية علمها منذ كان فى "أتبرا"، حيث: "أظهر أمل عظيم أثناء التدريب"، ثم ساهم من "هَيَا" بنشاط فى إيجاد حلول ميكانيكية لما واجهته من معضلات، وبعدها فى "الرّهد" تأكد لكبار المهندسين برئاسة السكة حديد بـ"أتبرا" صحة مقترحاته العلاجية بعد مرور ست سنوات. الآن – 64 / 1966 - وفى (ود مدنى) يبدأ عصر جديد .. عصر قاطرات الديزل وينتهى ويغيب عهد البخار. كَـمْ كان جميلاً القطار فى عهد البخار .. فمشهده من النافذة عند الإنعطافات لا يقتصر فقط على مُتعة مراقبة إنحناءته نصف دائرة كما فى حالة الديزل [*]، إنما بجانب ذلك - وفضلاً عن كونه كائن حى غريب الشكل وصوت ماكيناته وصافرته المُميّزة - مُـتعة مراقبة دخانه الكثيف الذى يظل يَـتبع مساره بينما يتحوّل لونه من الأسود إلى الأبيض ثم من الأبيض إلى الأسود، قبل أن يتلاشى فى الفضاء ويتبدّد. وتبلغ متعة المراقبة قمتها عند تتابع الإنعطافات .. حينها يبدو القطار وبخاره يتثـنّى ويتلوّى كما " أفعى الأناكوندا". لا أحد من أخوتى كان بإستطاعته أن ينازعنى موقعى المُفضّل بجانب النافذة وأمامى تلك الطاولة الصغيرة. أُحذِّرُ لهم من موقعى الإستراتيجى ذاك، عند رصدى مرور لافتة التنبيه: " لـفّــة" أو " صَـفِّر"، فى أى إتجاهٍ ستكون إنعطافة القطار .. وكثيراً ما كان يتطلّب الأمر منّا، حتى لايفوتنا مشهد الإنعطافة كاملاً، أن نهرَع إلى النافذة المقابلة، خارج "القَمـَـرة" وعبر الممر، لمتابعة بقية المشهد الآسر الجمال. الآن أسرع القطار وثار الغبار ولم يعد فى الإمكان متابعة المراقبة المُمتعة .. فيكرّر علينا عبيدى نصيحته السديدة، التى كنت أجدها تستهدف حرمانى بإسدالها الستار على بانوراما مُتعة الأنظار، وهو يبعدنا عن النافذة رافعاً زجاجها المظلّل: " إن متعة مشاهدة القطار من النافذة تكون فقط عند مبتدأ مغادرته ودخوله المحطات .. وفى ما بينهما عند تهدأته السرعة عند الجسور والإنعطافات". مازالت بعض الدول، وستظل، تحتفظ بقاطرات البخار، يعتنون بها ويستخدمونها فى مشاريعٍ سياحية أو يستعينون بها فى تصوير الأفلام الوثائقية والتاريخية، وعندنا بيعت لتجار هنود وباكستان كخردوات، لتعود إلينا " زِوِىْ" حديد .. و" رَكْـشات" !؟

نخلُص من كل ذلك، أن كُرّاسة دروس "قاطرة الديزل طراز 1000"، التى أزعُمُ أن لها علاقة بتحوّل سكك حديد السودان من قاطرات البخار إلى الديزل، تُـشير إلى أن عبيدى قد عاد بـ"ود مدنى" فى تلك الفترة إلى مقاعد الدرس .. فقد كان من المقدّرين للعلم والمؤمنين بمقدرته على التغيير .. حتى أنّى حفظت عنه مُبكّراً عن ظهر قلب، من كثرة ترداده له، بيتاً للشعر شهير : "العِلمُ يرفع بيتاً لا عِـماد له .. والجهل يهدِم بيت العزِّ والشرفِ". فهو لم يجد، وهو الخبير فى قطارات البخار، من حرجٍ فى الجلوس للدرس من جديد والتعلّم عن قطارات الديزل، إذ لم يكن يوماً عن تحصيل العِلم متأففٌ ومُستكثِر .. ولا عَجَبْ ... فهو الذى كثيراً ما كان يردّدُ علىّ: "إثنان لا يتعلّمان: المُستحِـى والمُستكْـبِـر".


صورة


صورة

***

صورة



ـــــــــــ


* إن إنعطافة القطار مشهد آسر وشهير، حتى حَـمَلَ عالمياً إسم: " Horsesheo Curve - إنحناءة حُدوة الحصان".

آخر تعديل بواسطة ياسر عبيدي في الأربعاء مارس 05, 2014 2:16 pm، تم التعديل مرتين في المجمل.
ياسر الشريف المليح
مشاركات: 1745
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:24 pm
مكان: ألمانيا
اتصال:

مشاركة بواسطة ياسر الشريف المليح »

سلام يا ياسر عبيدي

شكرا لك، فهذا بوست "رهيب".. أقترح عليك أن تعمل على تحويله إلى كتاب بالألوان.

ياسر
ياسر عبيدي
مشاركات: 1157
اشترك في: الخميس مارس 27, 2008 1:51 pm

شكراً يا ياسر الشريف

مشاركة بواسطة ياسر عبيدي »



أنا سعيد يا ياسر بزيارتك لهذا "البوست" .. وشاكرٌ وممنون على هذا الإطراء الكريم. لقد أسعدنى أيّما سعادة تعليقك الذى ينُمُ عن متابعة وإهتمام بهذا "البوست" .. ففكرة تحويله إلى كتاب يجمع بين الخطوط الملوّنة والتصاوير "Colored & Illustrated book"، فكرة جميلة ومُغرية، لن أتوانى عن تنفيذها حال سنحت لى الفرصة .. فأنا مُغرم بالـ" Illustrated books"، حتى أنّى مازلت أعض بنانى على تفريطى فى كتاب: “[font=Comic Sans MS]Mandela’s Illustrated book”، رغم مضى سنوات كثيرة على فقدانى له. وهو مُجلّد بحجم الألبوم الكبير بصفحات صقيلة .. تقريباً جُمِعَت فيه كل صور الشخصيات المذكورة فى كتابه "مشوار الحُريّة" بما فيهم سجّانيه ومصحوبة بتعليقات. ومع أن التعليقات الكريمة المبذولة من زوار هذا "البوست" تعكس أن له عدّت وجوه أدّت للجمع بين عقدهم الفريد فى الإحتفاء به، إلاّ أنِّى أُعلى من وجه "أسلوب إستخدامى لتقنية كتابة الأسافير"، وما لها من إمكانيات فى توضيح الفكرة وما تسمح به من حرية فى تدعيمها بالجماليات، كأهم مصدرٍ من مصادر جاذبية هذا "البوست". فعند إستخدامك لهذه التقنية أنت تنفذ إرادة الكاتب والناشر فى آن، بعيداً عن قيود وتعقيدات النشر الورقى المحدود الإمكانيات، والذى يحتِّم إتساع إمكانياته بالضرورة إرتفاع تكلفته، فضلاً عن تبعات وجهات نظر الناشرين المغايرة فى التصميم والإخراج .. والمحكومة بضوابط التكلفة ومعايير الربح والخسارة، لاسيّما الأخطاء التى يرتكبونها والتى لا يمكن تصحيحها إلا فى حال توفر طبعة ثانية تأتى هى الأخرى حاملةً أخطاءها. بينما هنا فى كتابة الأسافير، المتحرّرة من كل تلك القيود، يستطيع الكاتب، الذى هو الناشر فى نفس الوقت، التصحيح والتعديل والإضافة متى وكيف شاء.

وقد قلت أننى لم ألجأ لمراجع بخصوص التحقق من إستنتاجى الوارد فى الرسالة الأخيرة - وقد حدث ذلك فى كثير من المواضع الأخرى من هذا "البوست" - غير مرجع الوثائق التى أقوم بعرضها .. وهذا بالطبع خطـأ كبير، ولكنى هُنا أُحبذ أكثر مُمارسة " رياضة" إستنطاق الوثائق دون الإستعانة بالمعلومات الجاهزة فى المراجعٍ المُحققة، حيث أجد سلوى وأنا أقوم بذلك .. وتحديٍ يُشعرنى لاحقاً ببعض الرّضا حال إقترب أو تطابق ما مارسته من " رياضة" بالمعلومات الموثّقة فى المراجع المُعتمدة. لذا ليس من المُستغرب إذا إتضح أن كل الإستنتاجات الواردة في هذا "البوست" مجانبة للدِّقة والصواب.

وكنت قد لاحظت أن صفحَـتَىْ الكُرّاسة اللتين قمت بتحميلهما أعلاه لم تكونا الصفحتين اللتين كنت أعنيهما بالضبط، حيث ورد فيهما الرّقم 1000 ولكن لم ترد فيهما كلمة "ديزل" .. فقمت بإستبدال واحدة منهما بأخرى ورَدَت فيها هذه الكلمة " المفتاحية" – ومعها الرّقم 1000 - فى الرّبط بين " دروس الكُرّاسة" وصورة " أول ديزل يصل السودان"، و كذلك أضفت غلاف الكُرّاسة الأمامى الذى يظهر عليه إسم صاحبها العامل "البرّاد": "الشيخ إدريس محمد خالد الجُبارة"، وسُجِّلَ عليه إسم مادته الدراسية: " مُحاضرات صيانة الديزل" وكذلك التاريخ 1/9/1964، وهذا من أفضال كتابة الأسافير.

وقبل أيام شعرت فى " مستودع الذكريات" بنشوة إنتصار .. حين مسحت عن زجاج الصورة المعروضة تالياً الغبار. ذلك أنِّى حسبت نفسى قد عثرت على صورة أخرى بنفس هذا الحجم الكبير كانت معلقة لفترةٍ طويلة على أحد جدران منازل السكة حديد العديدة التى ضمَّـتنا عبر السنين، أُلتُقِطت داخل " هنكر ورشة الزّنك" الضخم، وفيها محمد عَـبِيدِى بَرْدَويل .. يتوسط مجموعةً من العمال والموظفين وخلفهم يربض قطار بخار عملاق كما لو كان وحشٌ خطير. لقد كنت فى صغرى مُعجب بشدّة بتلك الصورة حتى أنِّى، رغم فرحتى بعثورى على هذه الصورة الهامة التى لا أذكرها تماماً ولم تكن عندى فى الحُسبان، حزنت لأنها لم تكن تلك الصورة البديعة التى إنطبعت فى ذهنى منذ أقدم الأزمان. لم يتمكن شقيقى زهير من تحديد مكان وتاريخ هذه الصورة .. ولكنَّا إتفقنا معاً على عدد من الوجوه التى وجدناها مألوفةً لدينا .. ما يُرجِّح أنها أُلتُقِطت بـ"ود مدنى" [1964 - 1966]، حيث حينها تفتّحت عيونى على الدنيا وبدأ عمل ذاكرتى التصويرية:



صورة

محمد عَـبِـيـدِى بَرْدَويل جلوس الرّابع من اليسار والسادس من اليمين.
عدم وضوح الصورة سببه برواز الزجاج ووجود خط ثابت فى الماسحة. لاحقاً سأتخلص من البرواز وأحاول تصويرها بالكاميرا.




آخر تعديل بواسطة ياسر عبيدي في الخميس مارس 13, 2014 10:31 pm، تم التعديل مرة واحدة.
ياسر الشريف المليح
مشاركات: 1745
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:24 pm
مكان: ألمانيا
اتصال:

مشاركة بواسطة ياسر الشريف المليح »

سلام يا ياسر عبيدي

أنا أيضا أستمتع وأحب أن أستخدم كتابة الأسافير لإمكانياتها وقلة تكاليفها إلى درجة لا تُذكر. بمناسبة صور لاعبي الهلال ومنهم الكابتن سبت دودو أحب أن أهدي زوار البوست هذه الشريحة التي يتحدث فيها سبت الذي بلغ من العمر الآن 83 عاما، نسأل الله أن يبارك في أيامه وعمره ويعطيه الصحة.


https://www.youtube.com/watch?v=x_Bq9tWs9gs

https://www.youtube.com/v/x_Bq9tWs9gs
ياسر عبيدي
مشاركات: 1157
اشترك في: الخميس مارس 27, 2008 1:51 pm

"بزينيس كارد العمال !"

مشاركة بواسطة ياسر عبيدي »


شكراً كثيراً يا ياسر على هذه الإضافة الرائعة لهذا "البوست"، فليس أقوى فى عملية التوثيق من الصوت والصورة المتحرّكة. أنا على يقين أن ما يسّرَ على قوى الظلام – التى تسعى لتسطيح وتجريف الأذهان وإفراغها من أى ذاكرة - إحكام السيطرة على المشهد العام، هو خلوْ ذاكرة الشعوب من المشاهد التاريخية التى تجعل من مصادر قوّتها وعزّتها ماثلة. ألا ترى هاجس هذه القوى البادى فى تحطيم وتفجير ما يذكرها بأن للشعوب تاريخ .. والذى تعدى الآثار إلى قباب وأضرحة الأولياء الصالحين ! .. وأول سلاح يجب أن يُعتمد ضد هذه الآفة هو سلاح التوثيق المرئى، يجب أن يظل التاريخ دوماً مرئياً وماثل للعيان، مع الحرص على إستمرار هذا التوثيق وبلوغه الأجيال المتعاقبة بكل الطُرق والوسائل.


صورة


عندما قرأت خلال مرحلة الثانوى العام رواية "الأُم" لـ"مكسيم غوركى"، لم أجد وجه مُقارنة بين عمال السكة حديد الذين حكى عن حياتهم فى رائعته تلك التى أخذتنى بإسلوبها وصورها الروائية الآتية من تلك المناطق الباردة والبعيدة، وبين عمال سكك حديد السودان وأنا أحد أبناءهم. كما تشابهت علىّ صور البؤس فى هذه الرواية ورواية "فيكتور هوجوالبؤساء"، بل قد أقول وحتى صور البؤس فى روايات "تشارلس ديكنز"، رغم الفارق الزمنى بين الأخيرين [1802-1885 / 1812-1870] وزمن "غوركى" [1868-1936]. ولا أدرى ما إذا كان هذا التشابه وارد أم لأنه وقتها كنت أقوم بقراءة أكثر من رواية من هذه الروايات فى وقتٍ واحد. فعلت هذه الفعلة غير الموفقة بعد أن قال لى أحدهم حين شاهدنى أبدأ بقراءة بعض الروايات السودانية: " إذا أردت أن تقرأ الأدب الروائى يجب أن تبدأ بأمّهات الكُتب" ! .. وأفادنى بقائمة منها. فكنت من وقتها، لـ"حرق المراحل" واللّحاق بالرّكب، أضع ثلاث كتب من أُمّهات الأدب تحت مِخدَعى. وكنت، فى العصر أو عند عودتى ليلاً وقبل أن أسحب أحدها لأواصل قراءته، أسندُ رأسى مُريحاً إيّاه قليلاً علي المخدع وانا أسائل نفسى: تُرى أيّهم أستمزجه للقراءة فى هذا الوقت ؟!

ولا شك أن النظام الرأسمالى غير المحكوم بضوابط مُلجمة ينتج البؤس للغالبية العظمى من بنى الإنسان بما يُضاهى وأكثر ممّا صورته هذه الروايات. إن إزدياد وتقلُّص هذا البؤس مرتبط بمدى السماح لآليات هذا النظام فى التحكم بمصائر البشر. ورغم أن الرّأسمالية فى مجتمع روسيا، الذى حكى عنه "غوركى" آنذاك، لم تكن قد بلغت ما بلغته فى الغرب الأوروبى، إلاّ أن حال عمّال سكك حديده فى رائعته تلك ربما كان أسوأ من حال عمال ذاك الغرب. ولكن فى كل الأحوال فإن حال كليهما آنذاك لايمكن مقارنته بحال عمال سكك حديد السودان، منذ نشأتها – حيث كانت رواتبهم أقل من رواتب الأجانب – وحتى قبل أن تنهار وتغيب فى غيهب النسيان. قد ينطبق معيار البؤس هذا إلى حدٍ ما فى مرحلةٍ ما على جزء من عمال "أتبرا" بإعتبارها أكبر مجمّع لعمال السكة حديد، فهناك حديث قد سبق للوالدة عن "بيوت الزِّنك" التى سكنتها مع عبيدى فى البدايات، ولا أدرى ما إذا كانت هذه البيوت - التى فرض إستخدام مادة "الزّنك" فيها تلبيته لحاجة الإنشاء السريع لديور تستوعب مجموعات العمال المتزايدة – إستمرت بعد ذلك أم تمت إزالتها. ولكن لا يمكن تعميم معيار بؤس "ديور الزنك" هذا على بقية عمال هذه الهيئة فى بقية أنحاء السودان.

إن البؤس فى السودان المتمثّل بصورة أبشع ممّا فى روايات "مكسيم" و"هوجو"، لا نلمس مشاهده فى مجمّعات عمال السكة حديد أو مجمّعات " إشلاق" البوليس وما شابهها من مجمعات سكنية حكومية، وإنما نراه ماثلاً فى "Slums": "طردونا" و"دقونا" ومعسكرات لاجئى حروب السودان. وكذلك يوجد فى قلب الخرطوم حيث يأوى أحدهم أمه وزوجته وأطفاله فى عِشَّة من الكرتون والخيش، جمعها بشق الأنفس وأقامها بجانب مكب قُمامة، لتأتى قوة مدجّجة بالسلاح والبلدوزرات فتساوى بها الأرض تاركةً إيّاهم فى العراء. إن أصغر وحدة سكنية من منازل السكة حديد وهى "القطيّة الإسمنتية" هى بمثابة قصر مُنيف بالنسبة لهؤلاء. لم نسمع عن إنقطاع المياه ولم نرَ المياه العِكرة إلاّ بعد خروجنا من منازل السكة حديد، فمياهها كانت تُرفع من آبار محفورة فى أراضيها إلى خزناتٍ مهولة الضخامة، وكل ذلك تم بآلاتها وبأيدى وحرفيّة عمالها. تـَـفتح صنبور الحنفية الضخمة، التى لن تشاهد مثلها إلاّ فى منازل السكة حديد، فيندفع منها شلاّل الماء حتى ليُصِبْـكَ الجزع إن لم تكن معتاداً عليها. وبعد مرحلة "عيفونة شطّة بالليمونة !"، تمتّعت ديور السكة حديد بأفضل شبكة سايفون فى السودان، ترفع غطاء الحديد الثقيل جداً فإذا بحفرة ضخمة نظيفة وملساء ومجاريها أُعدّت جيّداً بالإسمنت، لم يحدث أن طفحت هذه المجارى وإحتاجت إلى تسليك طيلة إقامتى بالسكة حديد [*]. وكان بعض الأقارب الميسورى الحال يأتون لزيارتنا ولا يخفون أنهم إنما أتو للإستمتاع بدُش " يفلق الرأس !" والإستمخاخ بمزاج فى " بيت الرّاحة". ولقد كنا نادراً ما نستقل المواصلات .. فالـ"داون تاون" من كل محطات السكة حديد فى السودان "فركة كَعْب" .. بينما تملطشنا فيها بعد الرحيل.

كان عمال السكة حديد، ليس فى مرحلة معاصرتى لهم وأنا من أبنائهم، وإنما فى بداية إستيعابهم فى ذاك النمط الأوروبى الغريب والجديد على مجتمعهم، مُنفتحين على هذا الجديد ومُقبلين عليه رغم أن فيهم مَنْ رَفضَ جالبى هذا النمط وحرّض العمال ضدهم ولهم قاد .. ذلك أن كثيراً منهم قد إجتذبه هذا النمط حتى أن فيهم مَنْ كان يُعرّف بنفسه بـ"البزينيس كارد":



صورة***صورة



كانت هذه الكروت تُبعَث على عجل مع مُرسال من محطة القطار فى حال لم يدم توقفه طويلاً، أو فى حالة لم يجد الزائر المُزار تُـترك فى مكان العمل أو على باب الدار وقد كُتِبَ على ظهرها:



صورة***صورة


[font=Sakkal Majalla]" أهنئكم بالعيد السعيد .. رجاء أن تتنازل وتقبل منى هذه المعايدة على أن تنتظر منى خطاب مطوّل بعد العيد لك والأخ ضرار". أو: " كل عام وأنتم بخير .. بلغنا الآن بمزيد من الأسف خبر وفاة زوجة الأخ سعد الدين بشارة". وكذلك:



صورة***صورة



" [font=Sakkal Majalla]أُقدِّم لكم بمناسبة عيد الأضحى المبارك أخلص التهانى".



وكان عبيدى من ضمن أولئك العمال أصحاب "البزينيس كارد":



صورة



ولكن يبدو أنه قد راق له هذا " المسلك الحضارى" فيما بعد، فقد عثرت فى هذا الصندوق الكرتونى الصغير:



صورة




على مجموعة من هذا "الكرت":



صورة



وحبذا لو كنت أملُك "كرتاً" فى أناقته ..




صورة




[font=Sakkal Majalla]*) قمت بعرض صور لموقع ديور السكة حديد بالخرطوم التى تم إقامة موقف "حافلات !" مكانها. ولكن كان قبل ذلك قدإستولى عليها ما يُسمى بـ"صندوق الإستثمار الإجتماعى"، وهو مؤسسة مُريبة تستولى على الأراضى بوضع اليد وإن تطلب الأمر بالعنف، فهى مَنْ وقف وراء كارثة سوبا الأراضى التى إستشهد فيها عدد من الرجال أمام القوة المدجّجة بالسلاح والبولدوزرات دفاعاً عن حق أُسرهم فى مأوى متهالك، بينما حُكم على البعض الآخر بالإعدام لموت نفر من البوليس فى المصادمات. فوضع هذا "الصندوق" فى أركانها الأربع لافتات ضخمة كتب عليها إسم مشروعه "الإستثمارى": " الأبراج الإبراهيمية" ! .. وعندما عُـيّن "الكودا" مُعتمدا للخرطوم قام بتحطيم هذه اللافتات وأعلن عن مشروع حديقة ضخمة، وقيل "هايد بارك" ! .. و لكن بينما النزاع دائر بين "الصندوق" و"الكودا" ظهر "أبناء شرونى" مطالبين بحقهم فى هذه الأرض كما فعل "أبناء أبو العلا" من قبل بخصوص "سوق الزنك" المقام عليه الآن "بُرج الواحة". ولم يلبث أن أُقيل "الكودا" من منصبه فى ملابسات فساد حول موقف "كَرْكّرْ للحافلات" المُقام داخل أراضى السكة حديد بجانب كبرى الحرية. وأخيراً رسى مصير موقع ديور السكة حديد على "موقف الحافلات" كما فى الصورة المعروضة سابقاً. الشاهد أن كل هذه المشاريع واجهت وسيظل المُقام منها يواجه مُعضلة هندسية كؤود، إنها مُعضلة التخلص من شبكة مياه ديور السكة حديد وشبكة مجارى السايفون. ولإن مُعالجة هذه المشكلة مُكلّف، فضّـل أصحاب المشروع الأخير إهالة التراب علي الشبكة والآبار، وهذا حل غبى لن يصمد فى مُقبل الأيام دون أن يُحدث أضراراً جسيمة فى أى مشروعٍ يُقام عليه.


ياسر عبيدي
مشاركات: 1157
اشترك في: الخميس مارس 27, 2008 1:51 pm

عَرَفة : الصورة ، والرسالة !

مشاركة بواسطة ياسر عبيدي »



فى رسالة وصلتنى مؤخراً عبر الإيميل .. نبّهنى مشكوراً أحد أبناء السكة حديد الأوفياء وهو: بدر الدين حامد الهاشمى، إلى التاريخ الذى يرى أنه من المُرجِّح أن يكون التاريخ الصحيح فى تحوّل سكك حديد السودان من قاطرات البخار إلى الديزل. وقد أعادنا تبادل الرّسائل بيننا حول هذا الموضوع إلى سبتمبر من العام 2012، حين وصلنى إيميل من مصطفى البطل قام بتعميمه على عدد من أبناء السكة حديد ومُرفقاً معه صورة جماعية عمرها أكثر من خمسين عاماً تضم سائقى القطارات مع مدرّبهم (محمد عَـرَفة السيّد). ومحمد عَرَفة السَـيّد، لمَنْ لم يعُد يذكره، هو النقابى صاحب مقال: (فجر مُشرق وعَهد جديد) المنشور بتاريخ 1 أغسطس 1946 فى العدد الأول من مجلة (الـعــامل السودانى) والمعروض صور له صفحة 3 من هذا "البوست"، وذلك مع المقالين اللذين أشار إليهما (سعد الدين فوزى) فى كتابه (الحركة العمالية فى السودان)، والثلاث مقالات كان يدور موضوعها عن حاجة العمّال لتنظيمٍ نقابى:


صورة


غلاف العدد الأول من مجلّة (العامل السودانى) بتاريخ 1 أغسطس 1946


صورة *** صورة


الصفحتين اللتين تضمّان مقال محمد عَرَفة السيّد: (فجر مُشرق وعهد جديد)، ومقالى الفاضل آدم: (نحو النقابات)، و سليمان على أحمد: (نريد النقابات).


***


إن هذه الصورة المُرفقة كان قد بعث بها الهاشمى من أرشيفه فى ذاك التاريخ إلى إبنٍ آخر من أبناء السكة حديد مُهتم بالتوثيق وهو: (عمّار عبد الله عبد الرحمن)، حيث أنها تضم والديهما مع محمد عَرَفة. و علمت من الهاشمى فى مراسلاتنا الأخيرة أنه يستند على هذه الصورة فى تصحيحه لتاريخ تحوّل السكة حديد من قاطرات البخار إلى الديزل، ذلك أن هذه الصورة كانت تحديداً للدفعة الثانية من السائقين المتدرّبين على قيادة القاطرات الجديدة .. بينما يُرجِّح الهاشمى أن الدفعة الأولى ربما كانت قد تلقت تدريبها قبل ذلك فى مصر. وبالتالى فإن الإستناد على هذه الصورة الوثيقة، لتحديد تاريخ ذاك التحوّل، يكتسب ثقله إذا علمنا أنها أُلتُـقِطّت بأُستوديو الرشيد بعطبرة بتاريخ 1962:


صورة



صورة


جلوس: حامد الهاشمى أقصى يمين القارئ، محمد عَرَفة السيّد فى الوسط، وعبد الله عبد الرحمن أقصى يسار القارئ.


صورة


ورغم أن هذه الصورة وما تم تبادله وقتها من مراسلاتٍ بيننا جعلنى أتفاءل بأنى على وشك الكشف عن ملابسات وثيقة، ذات صلة بهذه الصورة، من وثائق عبيدى المُهمَلة.. إلاّ أن ظرف الفوضى التى أعيشها .. والحالة المُزمنة لأعمالى التى لا تكتمل .. أودى بكل ما دار حول موضوع تلك الرّسالة المُعمّمة إلى التأجيل على أمل التجويد ثم الإهمال والنسيان .. إلى أن بلغتنى منذ أيام رسالة الهاشمى تصحِّح تاريخ تحوّل سكك حديد السودان من قاطرات البخار إلى الديزل .. حتى أنِّى، من فرط النَسَيان، إحتجت منه لإنعاش ذاكرتى عن ما دار بيننا وقتها حول موضوع الصورة الوثيقة. ذلك أنى كنت قد لاحظت من بين أسماء أبناء السكة حديد المُعمّم عليهم تلك الرّسالة إسم: (سَعد محمد عَرَفة) المُقيم بالولايات المتحدة .. والذى هو نجل النقابى: (محمد عَرَفة السيّد) صاحب المقال والصورة أعلاه .. ولم تسعنى الفرحة حين علمت منه أن والده على قيد الحياة، متّعه الله بالصحة والعافية، وهو مُقيم الآن بالسعودية .. وهذا مبعث تفاؤلى بأنى كنت على وشك الكشف عن تفاصيل وثيقةٍ من تلك الوثائق المُهمَلة .. فوثائق عبيدى مازالت تحتفظ برسالةٍ له بخط يده الأنيق بتاريخ 13 / 2 / 1947 ! .. بعثت بها على الفور إلى (سَعَد) أطلب منه اللجوء لوالده للكشف عن ملابسات رسالته الوثيقة، والتى كانت موجهة إلى رئيس الهيئة سليمان موسى آنذاك، وفيها كان يوجه نقداً لسكرتيرها محمد عَبِـيدِى بَرْدَويل:


صورة


صورة من وثيقة خطاب محمد عَرَفة السيّد المؤرّخة 13 / 2 / 1947، وسأقوم لاحقاً بنقل نصّها كاملاً، فقط الآن لا أودُّ إفساد بهجة حضورها البهى ومتعة النظر بالتملّى فى خطّها الأنيق:



صورة

***

صورة


صورة


تُرى ماذا كان رد فعل سَعَـد حين رأى هذه الوثيقة .. وماذا كان رد فعل الوالد محمد عَرَفة السيّد فى السعودية وهو يسمع صوت نجله عبر التلفون من أمريكا يحدّثه عن خطابٍ له .. كان قد مضى عليه وقتها خمس وستون عاماً ؟!



ــــــــ

* الخطوط الطولية البيضاء فى صورة الخطاب ليست فى أصل الوثيقة وإنما لمشكلة فى "الإسكانر - الماسحة".

Ahmed Sid Ahmed
مشاركات: 900
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 3:49 pm

مشاركة بواسطة Ahmed Sid Ahmed »

تجدنى متابع. محطة محطة، وسندة سندة، وجاييك. " مسافة السكة جاييك ".
ياسر عبيدي
مشاركات: 1157
اشترك في: الخميس مارس 27, 2008 1:51 pm

خطاب النقابى محمد عَـرَفة السيّد

مشاركة بواسطة ياسر عبيدي »



شكراً يا أحمد على متابعة مسيرة قطار عبيدى، ولنا عودة لوقفات الـ"سَـنْـدَة"، فقد جعلتنى أُفكّر عن ماذا كان الغرض ياترى من تلك الوقفات القصيرة للقطار المُسمّاه "سَـنْـدَة" ؟ .. وأظننى قد وجدت تفسيراً وجيهاً.
أحب أن ألفت إنتباهك والقرّاء إلى أنّى قمت بتصحيح مواقع المتصورين فى الصورة الوثيقة أعلاه. كما قمت بتصحيح إسم النقابى صاحب مقال: (نريد النقاباتسليمان على أحمد) والصحيح (سليمان على حمد)، كما سُجِّلَ فى المجلة أسفل المقال.


صورة


كتب سَـعَـد محمد عَـرَفة السيّد حين رأى خطاب والده الوثيقة:

[align=left]
{ Dear Yasir this is a treasure I can't imagine how my father is going to react but he will be super surprised, I know he has tons of things like these but he didn't see them for long long time these documents are in our house in Sudan and who knows what happen to them been more than thirty years, I am sure he will be very happy to see this letter and I know he will have the whole story behind it I will let you know as soon as I present it to him. Thanks this is awesome }

الترجمة:

{ عزيزى ياسر هذا كنز .. لا أستطيع أن أتخيل كيف سيكون رد فعل والدى ولكن لابد أنه سيكون فى غاية الإندهاش، أنا أعلم أن لديه أطنان من مثل هذه الأوراق ولكنه لم يرها منذ زمنٍ طويل جداً، هذه الوثائق توجد بمنزلنا فى السودان ومَنْ يدرى ما حدث لها خلال غيابنا عنها أكثر من ثلاثين سنة، أنا متأكد بأنه سيكون سعيد جداً عندما يرى هذه الرسالة، وأعلم بأنه سيكون لديه كل القصة التى تقف وراءها .. وسأعلمك بذلك حالما أُريه إيّاها. شكراً .. هذا فى غاية الرّوعة }.


صورة


نص وثيقة خطاب محمد عَـرَفة السيّد



[font=Sakkal Majalla]تحريراً فى 13 / 2 / 1947

سيدى الأكرم رئيس هيئة شؤون العمال سليمان أفندى موسى المحترم

تحية طيبة وبعد :

إننى عندما كتبت خطابى الأول لهيئتكم الموقرة لم يكن يدفعنى سوى الإخلاص والإيمان بصدق الفكرة التى آمنت بها الهيئة أيضاً. وليس هناك أى دافع شخصى بينى وبين السكرتير عبيدى بردويل إذ لست أعنى أى سوء تفاهم ما بيننا، وكل ما فى الأمر أننى عندما سلمته الخطاب هو رأى أن الخطاب وحده لايكفى لعمل إجتماع وأظهر عدم إكتراث بما تضمنه ورأيت أنا العكس ومن هنا كان الإختلاف. أما وقد علمت أن الهيئة صححت موقفها أخيراً وأقرّت إرسال التكذيب فهى مشكورة ولاريب على هذا الموقف، غير أن تهاون السكرتير فى إرسال التكذيب إلى هذه اللحظة بعد أن مضى على إقراره من الهيئة أسبوع كامل يجعلنى أعتقد أنه له مأرباً فى هذا التأخير لأن رأيه الشخصى هو عدم إرسال التكذيب، فهل نفهم من هذا التصرّف أن للسكرتير أن ينفذ من قرارات الهيئة ما يوافق هواه ؟ إن المماطلة من حضرة السكرتير فى إرسال التكذيب ونشره فى الجرائد ليس له سوى تفسير واحد وهو عدم إكتراثه بقرارات الهيئة ونرجو أن يُلفت نظره إلى هذه النقطة الحساسة.

كما وأننى لم أسمع إلى الآن أن سكرتيراً فى الدنيا غير سكرتير هذه الهيئة يطالب شخصاً بكتابة خطاب آخر ليتلقى رد خطابه الأول، وهذا ما فعله عبيدى إذ أننى كنت أنتظر رداً على خطابى والمصير الذى لقيه بعد أن دار فيه البحث. ولكن بعد أن سألته رد قائلاً أن الهيئة لم تقر إرسال رد لك فهل يعقل هذا ؟ وهل يمكن أن يكتب شخص خطاب إلى أى جهة فى العالم حكومية كانت أم مدنية ثم يُبحث فى هذا الخطاب ولا يُرَد على مُرسِل الخطاب إلا أن يكون هذا إستصغاراً لشأن كاتب الخطاب أو إحتقاراً له، وإنى أربأ بهيئة كهيئتكم أن يصدر عنها مثل هذا التصرف، ولذلك فإن من حقى أن أعتقد أن السكرتير إما غير عالم بما يترتب عليه من الأعمال وإما أن له فى ذلك مأرباً. وبناء على ذلك فإن من حقى أن أُطالب برد على خطابى الأول حتى أعلم بالطريقة القانونية الصحيحة مصير خطابى.

يا حضرة الرئيس إننى كتبت هذا الخطاب لك لأننى لم أجد عناية من السكرتير وأملى أن يتصرف السكرتير بالحكمة والملاطفة دون المكابرة والتعنّت، إذ أن الظروف الحاضرة لا تخدمنا ما دمنا نقدم عواطفنا الخاصة ورغباتنا الشخصية على المصلحة العامة وخدمة المجموعة، وإن الإستهانة بإخلاص شخص واحد ربما يكون له أسوأ الأثر على نفوس الباقين، فالمرجو من هيئتكم الكريمة معالجة أمثال هؤلاء الأشخاص بإرشادهم إلى ما هم فيه حتى يكون العمل منتجاً وسريعاً والوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك.

وإنى أنتهز هذه الفرصة مرة أخرى للتأكيد لهيئتكم إخلاصى الشديد لمجموعة العمال والعمل فى سبيلها مهما كلفنى ذلك من ثمن، فإذا حدث خلاف بينى وبين شخص آخر فليس من طبعى أبداً إدخال مثل هذه السفاسف فى الأمور الهامة التى تقرر مصائر الناس وأرزاقهم وإنى بحمد الله أُفرق كثيراً بين الخلافات الشخصية وخلافات الرأى والمبادئ، فأرجو أن تزول من الأذهان الفكرة التى تختمر بأننى أحمل على شخص معين لخصومة شخصية فإذا صح ذلك فما أكثر الميادين التى يتحارب فيها الأشخاص.

وختاماً أرجو التوفيق لهيئتكم الكريمة فى كل خطوة تخطوها كما أسأله جلَّ وعلا أن يجعل القلوب نظيفة من الأدران حتى نسير جميعاً كتلة واحدة إلى هدفنا المنشود.

وتفضلوا بقبول فائق الإحترام

المخلص
محمد عرفة السيد
بورشة البرّادين
13 / 2 / 1947



ـــــــ

* تدخلت فقط بإضافة بعض الترقيم والتشكيل لخطاب محمد عَرَفة لتسهيل القراءة.

ياسر عبيدي
مشاركات: 1157
اشترك في: الخميس مارس 27, 2008 1:51 pm

تعقيب عبيدى على خطاب عرفة

مشاركة بواسطة ياسر عبيدي »



تجدر الإشارة إلى أن هناك تعليق مُقتضب بتاريخ 15 / 2 / 1947 من السكرتير محمد عَـبِـيدِى بَرْدَويل على خطاب محمد عَـرَفة السيّد مكتوب بقلم الرّصاص على قصاصة ورق صغيرة ومشبوكاً بدبُّوس إبرة مع ورقتى هذا الخطاب. فكما قد تكونوا لاحظتم أثر هذا الدبُّوس واضحاً أعلى الزاوية اليسار من صفحتىْ الخطاب:


صورة



صورة


جاء فى هذا التعقيب:


[font=Sakkal Majalla]المحترم محمد عَرَفة السيّد المحترم

بعد التحية

لقد عُرض جوابك على الهيئة وقوبل بكل إمتعاض ورأت أن ليس لك الحق فى مخاطبة هيئة تخدم مجموعة بما ... * بها من ألفاظ.
وأخيراً نرجو أن توقف أمثال هذه الجوابات المقصود منها إحداث مشكلات فى داخل الهيئة.

والسلام.

محمد عَبِيدِى بَرْدَويل
سكرتير هيئة العمال
15 / 2 / 1947



صورة


[font=Sakkal Majalla]صورة تعقيب السكرتير محمد عَبِيدِى بَرْدَويل على خطاب محمد عَرَفة السيّد



صورة


***



ــــــــ

* قرأت هذه الكلمة فى البداية هكذا: "تضمَّنْتَ" ، ولكن يبدو لى أنها كلمة أخرى قد تحمل هذا المعنى.


ياسر عبيدي
مشاركات: 1157
اشترك في: الخميس مارس 27, 2008 1:51 pm

وخطاب الطيب حسن الطيب

مشاركة بواسطة ياسر عبيدي »



وإذا إستعرضنا بجانب خطاب محمد عَرَفة السيّد خطاب آخر للطيب حسن الطيب ينتقد فيه أعضاء الهيئة التمهيدية، والذى كان هو أحد أعضاءها، بتاريخ 15 / أكتوبر / 1946 موجهاً إيّاهُ إلى رئيسها سليمان موسى، قد نستطيع أن نعكس ملمح من ملامح أجواء النشأة الأولى لأول تنظيمٍ عمّالى فى السودان .. وبعض ما كان يدور بين العمال وهيـئـتهم التمهيدية قبل التصديق الرسمى على قيامها فى 2 يوليو من عام 1947:


صورة


نص خطاب الطيب حسن الطيب المؤرّخ 15 أكتوبر 1946



[font=Sakkal Majalla]حضرة المحترم رئيس هيئة شؤون العمال .. المحترم

بعد التحية أقول لك يؤسفنى ويؤلمنى جداً أن تكون هنالك أعمال للهيئة ولم يكن لى بها علم، كما وأنى أقول لك ولأعضاء الهيئة بأنى علمت من أحد أصدقائى بأنكم ترموننى بالعمل ضد هذه الهيئة، ولا يسعنى إلاّ أن أقول لكم بكل صراحة بأنى أتحدى كل مَنْ يقول ذلك، إننى واثق من نفسى ومن عملى وما عُرَف قط فى تاريخ حياتى بأنى خائن لوطنى وللمجموعة التى أعمل معها.
وختاماً أقول سيأتى اليوم الذى تعلمون فيه ما هو الطيب حسن عندما يقرع ناقوس الوطنية الحمراء.

والسلام

المخلص
الطيب حسن الطيب
15 / 10 / 1946

إن واجبى دفعنى بأن أُجارى الأمور وقد قدمت جواباً أُرسل لأحد عمال المسبك لجهات الإختصاص للمعلومية.


الطيب حسن


صورة


صورة وثيقة خطاب الطيب حسن الطيب بتاريخ 15 / 10 / 1946


صورة



ـــــــــــــــ

* تدخّلت فقط بالترقيم والتشكيل لتسهيل القراءة.
صورة العضو الرمزية
محسن الفكي
مشاركات: 1062
اشترك في: الثلاثاء مارس 17, 2009 12:54 am
مكان: ميدان الخرطوم

سعيرة التي نقضت غزولها :(

مشاركة بواسطة محسن الفكي »

ياسر عبيدي ارسل: الجمعة ديسمبر 13, 2013 كتب:
أخونا "الرَّجالة بانت !" .. أتاري "رجالتك !" طلعت فشوش وإشاعة ساكت .. لأنك كَنْـكَشْتَ فى الجانب الثانوى من كلامى وكَبيت الزُوغَة من عَضْمُو .. ودا طبعاً مامِن شِيَم "الرِّجال بانت" بتاعت قوّة دفاع السودان، لأنو حسب ثقافتك الذكورية مفروض تكون فاهم كويّس إنو [الرِّجال للتقيلة .. و"العَـوين" للفارغة !] .. وإنت خليت التقيلة ونطيت إتشعبطَّا فى الفارغة .. والتقيلة هى إنك تقول رأيك بشجاعة فى تعقيبى على عضم ملاحظاتك الدّوَشتنا بيها دون ذنبٍ جنيناه .. وطبعاً شيلتك للتقيلة دى عشان رجالتك - حسب الثقافة إيّاها - فى ساحة البُطان .. لكل قرّاء سودان فورأوول تظهر وتِبان:

1) سألت السؤال البليد عن إسم صورة سينما أمدرمان المحمّلة بيهو فى الموقع، وإجابتى بإختصار إنو المهم فى إختيار تسمية صور الأسافير هو الحرص على إختيار أسماء مُميّزة لا شبيه لها لتفادى حلول صور أخرى "أوتوماتيكلى" محلها بسبب تطابق الأسماء، رغم إنو أحياناً هذا الإحلال بـيَـتِم بفعل فاعل [إقرأ: مجاهدو الإنترنت] .. وبناء على ذلك أى واحد من كتاب الأسافير حُر فى تحميل صوره بالأسماء البختارها، زى ما إنت كنت حُر فى تحميل صورة "سينما الوطنية بحرى" بإسم "[s]uzpn.jpg[/s]" ولا حَـدْ سألك .. رأيك شنو فى إجابتى دى ؟ إقتنعت بيها ولاّ ما إقتنعت بيها ؟

2) أشرت إلى أن موقع سينما "برمبل" هو شرق ميدان البوستة بالإستناد لمقال الفاضل حسن عوض الله، وأنا وضّحت إنو الفاضل بنفسه وأمدرمانيين آخرين أفادونى بأن هذا هو الموقع الجديد للسينما، أما موقعها القديم كان فى نفس شارع سينما الوطنية وأمدرمان وبالتحديد نواحى نادى الخريجين، ومرجع الفاضل فى ذلك كتاب: (....!) .. والكتاب دا لو قعدت تردَح وترقص "عَشرَة بَلَدِى !" لبكرة الصباح ما حأوريك مؤلفو ولا عنوانو ! .. لأنو الموضوع دا مافى أى واحد هبّب ليهو غيرك .. وبالتالى بهمّك إنت لوحدك ومفروض إنت براك التتعب وتفتش عليهو، لاسيّما وإنت سيد "الرَّجاجيل !"، .. رأيك شنو فى الكلام دا .. أو بالأحرى "الرّجالة" دى ؟ .. إذا صدَّقت المعلومة دى وآمنت بالواحد القهّار كان بها، وإذا ما صدقت وما آمنت بيها ياهو داااك الفاضل حسن عوض الله الشخصية المعروفة والعندو إيميل وعندو تلفون، وإنت "أبو الرِّياييل!" بدقن وشنبات: "[s]يُوأَفْ عليها الصّأر ولا تِـنْهَـزْ ![/s]" ..

3)
"لايوجد بسط أمن شامل، وتضاف المعلومة الخطأ لبقية مغالطاتك ولجاجك ، وهذا عهدي بك.
لايوجد سوى بعض ورش الميكانيكية،والصورة موجودة قدامك إنت بي عيونك الإتنين ما بتشوف ، ولو شفتك جيت تغالط تاني، حا أرفد البوست ب 8 صورة لكل أركان المكان الأربعة،وبتحميل من سودان فور اول".


.. واضح يا أبو "الرّجالة بانت !" من كَوَارِيكَكْ دى إنو شَرَك "بسط الأمن الشامل" دا قَـبَـضْك محل بيوجعك ! .. بعدين يازول مافى "عهود !" بيناتنا ولا حاجة – إنت عايز تعمل صحبى كمان ولاّ شنو ؟ - هى مرّة واحدة قلّيت أدبك على مولانا "شيخ أنتا ديوب" وأبونا "مانديلا" وأديناك على راسك .. والمرّة دى باين عليك جايي مُتسَرْسِب تقل أدبك على عبيدى كمان.

يا خى بدل ما تغرق فى كوز موية "بسط الأمن الشامل" دا وتقعد تِتْـلَجْلجْ زى العامل ليهو عَملة لمّنْ يزَرْزِرو .. ما كان فى إمكانك ببساطة تسألنى سؤال وجيه: (إذا كانت الإنخاس بتمنع التصوير وإنت بتخاف، وقلبك رهيف "وما بِقْـدَر على الهَـبباى !"، طيب كيف قدرت تصوِّر "سينما بانت" – اللِهِىَ ممنوع تصويرها رسمياً - من الداخل وهى مقر شركة السينما السودانية ؟!) .. شفت كيف إنت طلعت "[s]ناقص عقل ودين[/s] !" ورجالتك طلعت فشوش ساكت .. ؟

طيب عشان ننتهى من اللغلغة الفارغة دى .. إنت بيجدّك بتكورك بأعلى حسّك فى نص السوق ؟!:
"لايوجد بسط أمن شامل "
.. و كمان بتهدِّد ! : ..
"ولو شفتك جيت تغالط تاني"
.. وما تستحى تطلعنى "أَلَيْهْ الْألَيْهْ !" – عَلَىْ العَلَىْ - مَوْهوم كمان !:
".. وتتوهم الأمن وأكشاك بسطه في كل مكان، .."
.. لا مش كدا وبس .. كمان بتهرِش فينا زى "ضكر البط !":
".. نكرر وبجلاء لايوجد بسط أمن شامل ولامن يحزنون ، فقط توجد أوهام وتخرصات تعشعش ببعض الرؤوس. "
.. أيْـواااآ .. قُلت لَىْ كِدا بَـقَى ! .. يعنى "الرِّزق أَبَـنْصْ !" على قول سوّاقين الحافلات !؟ .. طيب أول حاجة بقولوا فى الدارجة: "ولا يحزنون" مُش: "ولا من يحزنون !" .. الحاجة التانية كَدَىْ أرجع لَىْ لورَا شوية كِـدا؛ وبعينك الواحدة دى "حَـنْظِظْ !"[1] كويّس فى الصورة الجاية دى .. وأركِـزْ لسوط البُطان الجاييك دا وقول لينا شايف شنو ؟:



[marq=up]صورة[/marq]


[s]
نَعَمْ يا روح أُمَّكْ ؟! .. بتقول أيه ؟[/s]! .. مش شايف حاجة ؟ .... طَبْ كِدا إزّاى ؟:


صورة


ياخِىْ ولا تِزعَلْ .. [s]أهو جِـبنهالَك مِلْناحيـَة القنوبيَة [/s]..:


صورة


.. وبعدين معاااااك ! .. [s]عيب كِدا مَـيْـصَحِشْ بَقَى[/s] .. يعنى أفلقك بيها فى عينك دى أقوم أطفيها ليك أعميك بالمَرّة ولاّ شنو ؟!:


صورة

صورة

صورة


بسط الأمن الشامل
وحدة قسم شرطة

الأوسط بحرى
نقطة تأمين رقم 503 الأملاك



يلا يا "الرّجالة طارت !" أهَاْ؛ بعد تأكد ليك إنك بعين واحدة .. عندك تانى معاى أى نَـقْـنَـقة ولاّ حِـتّة شَّـكْ ؟ .. أفتكر ضيّعت وقتنا وأخدت راحتك فى اللعب والـبَلبَطة فى الطين بما فيه الكفاية، ونلت من الإهتمام أكثر ممّا تستحق .. وبالتالى .. [s]هوِّينا من هِنا وأقطع وِشَّكْ.[/s]



ــــــــــ

1) "الحَنْظَظة" = البَحْلَقَة.


ـــــــــــــــــ
عدل من قبل ياسر عبيدي في الاثنين يناير 27, 2014 7:11 pm, عدل 2 مرة/مرات




صورة

1- الركن الشمالي الشرقي -لأطلال -سينما الوطنية بحري هو الركن الشمالي الشرقي لها.
2- صورك توضح وبجلاء علاقة الكشك بركن السينما،كعلاقتك بصفتي الشجاعة أو الرجولة.وكفيتني مؤونة الـ8 صور لكافة أركان الموقع.
3- أقرب مسافة بين بسط الأمن والركن الشمالي الشرقي هي حوالي 25 مترا،تفصلها عنه اشجارا كثيفة كما هو واضح من الصور.
4- حتي باب الكشك يفتح شمالا وليس جنوبا، وبالتالي بإستطاعتك التصوير دون خوف . من الذي صور لك هذه المرة؟ هل أعطيته الكانون وذهبت لأحضار البيبسي؟ إعترف ولن أخبر أحدا فهذا بوست وثائقي عن "بردويل" ولكن النار بتخرا الوهم.
5- لست مستغربا للأستعمار والإستلاب النفسي والثقافي والفكري الذي يعشعش براسك، بل ولا حتي اللفظي، لكنني ،مندهش حقيقة "لرجل" وكمان ،"سوداني" إسمه ياسر عبيدي يستخدم لغة السباب للرقيعات والصفيقات من المصريات اللائي يقطن في هوامش المدن والعشوائيات .
6- تبقي أن تثبت لمتابعي الخيط موقع سينما برمبل،ما الذي تخشاه وأنت تكذب الشمس في رابعة النهار كن شجاعا وأكتب ايميل وعنوان الفاضل عوض الله كما زال خوفك من وهمة بسط الامن الذي يمنع التصوير.سبق أن قلت لك عندما تكتب وثيقة أن تكتب في الصور عناوينها الصحيحة ولا تلجأ للدس والتدليس ،وإبطال غزول أعمالك مسيئا لنفسك ولأهلك وللمتصفح ولوطنك ، فأصبحت يا ياسر عبيدي في سرج واحد مع "سعيرة" والمنحرفات في قاع المجتمع المصري،"السوفت وير" داخل الأدمغة واحد.

ياسر عبيدي كتب:
يا خى بدل ما تغرق فى كوز موية "بسط الأمن الشامل" دا وتقعد تِتْـلَجْلجْ زى العامل ليهو عَملة لمّنْ يزَرْزِرو .. ما كان فى إمكانك ببساطة تسألنى سؤال وجيه: (إذا كانت الإنخاس بتمنع التصوير وإنت بتخاف، وقلبك رهيف "وما بِقْـدَر على الهَـبباى !"، طيب كيف قدرت تصوِّر "سينما بانت" – اللِهِىَ ممنوع تصويرها رسمياً - من الداخل وهى مقر شركة السينما السودانية ؟!) .. شفت كيف إنت طلعت "[s]ناقص عقل ودين[/s] !" ورجالتك طلعت فشوش ساكت .. ؟
عدل من قبل ياسر عبيدي في الاثنين يناير 27, 2014 7:11 pm, عدل 2 مرة/مرات



7- يالا يا فالح ورينا برضو إسم الزول الرسلك تجيب البارد وأخذ منك الكانون ،قبل ما نعصرك تاني ونقول ليك جيب دليل منع تصوير مقر شركة السينما السودانية،خليك شجاع ولو مرة ،ما عيب،وماتخاف زي طعنة الدبوس ما حاتوجعك.
ياسر عبيدي
مشاركات: 1157
اشترك في: الخميس مارس 27, 2008 1:51 pm

The Final Countdown

مشاركة بواسطة ياسر عبيدي »


يعنى نفهم .. بعد ما إتحَكْحَكتَ من سيطان البُطان الإسفيرى على الـ Cooling Stane وبَرَدَن ليك [1] .. فِقْت فإكتشفت إنو لسَّع عندك باقى نَـقْنَـقة ؟! .. طيب حسناً .. أنا ممكن أفتح ليك دريب مُريح لتأمين خروج آمن لك من هذه المُعافرة الدونكيشوتية التى أقحمت نفسك فيها دون أن تملك العُدّة اللازمة لخوضها.. وهذا واضح من كتاباتك المُرتبكة والهزيلة. وستحفظ هذه الفرصة ما تبقى لك من ماء وجه إذا تدبّرت إستغلالها .. ولكن إذا لم تهتبل هذه الفرصة وأصرَّيت على عَوَجتك راضياً لنفسك الإستمرار فى لعب دور " بُقجَة الملاكمة" .. فبعد دا بطريقتك. وإذا سار أمر هذه السانحة على خير ما يُرام، بعدها سأشُدُ على يدك مهنئاً إيّاك عبر الأثير وقد أُضمِّدُ ما سببته لك من كدّماتٍ وجراح، وذلك بإستعدادى للإعتراف على رؤوس الأشهاد برجولتك وشجاعتك [طبعاً موضوع "الرّجالة" دا جبتو إنت براك أنا مليش دعوة فيهو، لكن أنا من حقى أستولى عليهو وأدّيك بيهو فى نُص راسك]، بل سأحذف جُملة "برمبل سابقاً" المكتوبة تحت صورة سينما أمدرمان، رغم أن هناك مَنْ أفادنى، غير الفاضل، بأن هذا هو الموقع القديم "لبرمبل"، وذلك فقط إذا قبلت أنت التالى:

1- لابد لك أن تعترف أولاً بأن أسماء صوَر الأسافير ليست مجالاً لممارسة الرّغبة المريضة التى تتلـبّـسُكَ فى " العَصِرْ !"، لأن كُتّاب الأسافير هُم أحرار، كما هو حالك، فى تسمية صوَرِهم الأسفيرية بما يشاؤون، طالما أن هذا الإسم، مهما كان شكله، لا يمنع هذه الصور من الظهور على شاشة الكومبيوتر فى الصفحة المرئية المَعْنِى بها القارىء فى المقام الأول، والتى يبذل هؤلاء الكُتاب جهداً فى تجهيزها بما يلزم فى الصفحة غير المرئية لتبدو " مريحةً للنظر" - كما عبّرت أنت ذات مرّة – وهذا القارىء لا يعنيه ولا ينبغى أن يعنيه مُحتويات هذه الصفحة المحجوبة عن الجميع بإستثناء الكاتب وإدارة الموقع. تظهر هذه الصور الإسفيرية كما ينبغى ونريد لها أن تكون حتى ولو أسميناها بغير أسمائها التى تُعرِّف بها أو برقم واحد أو مجرّد رمزٍ فقط .. فالهدف النهائى من تسميتها هو الظهور. وأن عملية تسمية الصور وتحميلها، التى تكون مُضنية ومُعقّدة أحياناً، هى عملية مرتبطة بظرف وأسلوب عمل الكاتب أثناء إنهماكه فى تجهيزه لـ"البوست"، وهو يدرى يقيناً أن الكومبيوتر لا يعبأ إذا حمّلنا صورة "أحمد" بإسم "ياسر" أو صورة "ياسر" بإسم "أحمد"، وإنما يعبأ فقط أن تكون خطوات عملية التحميل صحيحة. وإن كان لابد من " العَصِرْ !" [2] .. فمجاله الجُهد المبذول فى الصفحة المرئية و" المريحة للنظر"، والتى تهُم القارىء الذى يقرأ فعلاً وهو المعنى بهذا الجهد فى المقام الأول. عليهِ؛ ألا ترى أن سؤالك ذاك كان لا معنى له وأقل ما يوصف به بأنه كان مضيعة للوقت ومجرّد مَساخة .. وأنت تتساءل مُحتاراً ما إذا كنت أنا أخاف الله لعرضى صور ضحايا حروب الإنقاذ الذين تنكرهم ... وتنسى، إذا سلّمنا لك بإدِّعائك خشيته، أن أولاد شيخ البُرعى ماانفكوا يمدحون: "خاف الله خافا .. أطرى الموت وخلِّى السخافة" ؟ .. وبالتالى وما يستدعى الحيرة أيضاً: ما الذى ياتُرى يضطّرّك، وقد نثر أمامك هذا الكاتب فى الصفحة المرئية ما لذّ وطاب، أن تترك كل هذا وتنشغل بـ"البَعْبَصَـة بالرّايت كِـلِيك" .. تبحث عن فرصة " عَصْرَة !" فى ظلام دروب وأزّقة "البوست" الخلفية الدامِس والعامر بالمخاطر والمطـبَّات .. بينما كان عليك أن تأخذ حذرَك وأن لا تنسى بأن: " كِيُورْيُوظِتِى كِيلد ذا كات" ؟

2- ولابد لك أن تقبل التحدِّى الذى ألقيته أمامك كما الـنَّرْد: { .. رأيك شنو فى الكلام دا .. أو بالأحرى "الرّجالة" دى ؟ .. إذا صدَّقت المعلومة دى وآمنت بالواحد القهّار كان بها، وإذا ما صدقت وما آمنت بيها ياهو داااك الفاضل حسن عوض الله الشخصية المعروفة والعندو إيميل وعندو تلفون، وإنت "أبو الرِّياييل!" بدقن وشنبات: "يُوأَفْ عليها الصّأر ولا تِـنْهَـزْ !" ..} .. لأنى حين تحدّيتك بذلك لم أكن أكذب وإنما كنت أعنى ما أقول، وموضوع سينما "برمبل" هذا هو لُبْ مُعافرَتِكَ الدُونكيشوتية هذه، إن كان فيها من لُبٍ أصلاً، لذا إن توخّيتَ النجاة عليك أن توليه هو فقط كل إهتمامك .. والباقى " لعب كعونج" ساى [3]. وبما أنك ترى غير ما أفدت به أنا فى هذا الخصوص .. فلن يُكلِّفك الأمر للتأكد سوى مُحادثة تلفونية قصيرة أو مجرّد إيميل إن كنت خارج السودان، وإن كنت داخله تستطيع أن تلتقى الفاضل "وَجْهَـلوجا !" فى داره بأمدرمان .. أو جامعة الأحفاد وقد يتواجد أحياناً بنادى الخريجين. وهو رجل حَـبّوب سوف يرحب بما ترغب فى التحقق منه، وسيفيدك بأن قطعة الأرض التى أُقيمت عليها دار الخريجين كانت قد خُصِّصَـت لهم فى المُبتدأ لبناء دارهم هذه، ولكنها مُنِحَت فيما بعد للخواجة "برمبل"، فإحتج الخرّيجون لدى السُلطات الإستعمارية التى رضخت لمطلبهم، وكان هذا من الأسباب التى دفعت الخريجين إلى تأسيس شركة السينما السودانية. أما ما أسميته أنت " الكتاب المنكور !"، بإعتبارى لم أًفصِح لك عن عنوانه وإسم مؤلفه، والذى يستند عليه الفاضل في هذه المعلومات، فهذا هو "التقيلة" التى لا يقدر على حملها إلاّ الرِّجال، وبالتالى لتثبت أنك منهم عليك أنت الإتيان بإسم مؤلِّف هذا الكتاب وعنوانه، حتى يتسنّى لى أنا أن أُقـلِّـدُكَ عن إستحقاقٍ وجدارة، "نوط الإعتراف بشجاعتك" الذى أعِدَكَ به و"الرّجالة".

3- وأخيراً، لابد لك أن تعترف بأن نفيك العجول بحثاً عن " العَصِرْ !"، قد أوقعَكَ فى شراك "كُشك بسط الأمن الشامل" الذى أشرت أنا إلى وجوده - ولم أكن أيضاً أكذب هذه المرّة – فى "رُكْنْ" سينما الوطنية بحرى حيث كان شَـرَكى منصوباً - وأنا عند تمويهى للشَّرك، بعيداً عن " عينك الواحدة !" وعند زاوية الـBlind Spot، كنت لابداً فى الخفاء أعنى "الناحية" – فأعمتك عجلتك، وقد أصابك الروّع أن تتلبّسك شُبهَة الأمن، عن رؤية الشرك المنصوب .. ففضّلت عِوَضاً عنها أن تلْبَسَ طائعاً مُختاراً الخازوق. ذلك أنك لو تريّثت قليلاً .. ولم تتحسّس من شُبهَة الأمن هذه محاولاً بيأس نفيها عن نفسك بأعلى صوتك فى نُصْ السوق: ".. نكرر وبجلاء لايوجد بسط أمن شامل ولامن يحزنون ، فقط توجد أوهام وتخرصات تعشعش ببعض الرؤوس." .. لأتيت لنا بصورة حبيبك "قوقل" التى توضح من علٍ موقع الكُشك ثم كتبت تحتها بهدوء وثقة: "نعم يوجد كُشكٍ لبسط الأمن الشامل على بعد حوالى 25 متر شمال شرق السينما وليس فى ركن مبناها تحديداً، وبابه متجه شمالاً وبينه وبينها شجر كثيف يمكن للخوّافين من أمثالك أن يَلبِدوا خلفها كاللصوص ويلتقطوا لنا صور أطلال السينما عن قُرب" .. ولكنك بنفشة ريش " ضكر البط !" الزّائفة .. فاتت عليك هذه " العَصْرَة !" السائغة .. ولم تترك مساحة لمجرّد الشك، وأنت تعلم أنك لستَ متأكِّداً، كأن تقول مثلاً: " قد يوجد كُشك بسط أمن شامل فى مكانٍ ما من تلك النواحى، فقد أصبحت منتشرة فى عهد الإنقاذ كما السرطان فى كل مكان، ولكنى مُتأكد أن موقعه ليس فى رُكن مبنى السينما تحديداً"، ولم تتحسّب لإحتمال وجوده على بُعد أمتار فقط فى مكانٍ ما .. فنفيته بشدّة وبشكلٍ قاطع فى المُبتدأ .. موصداً على نفسك مَخرَج نجاة كان فى إمكانك أن تتركه موارَباً، ثم عُدتَ فى رسالتك الأخيرة، والشرك يُكبّل حركتك ويُدمى مَحَلْ قـبَـضَك، تبحث عن هذا المَخرَج بنفيكَ لنفيك الأول، وهو فى المنطق إثبات، مؤكِّداً على وجوده، ومُدعِّماً صورى الأرضيةِ له، بصورةٍ له من السماء !؟ .. ما يعنى أن حقيقة وجوده لم تكن مجرّد وَهَم وتخرّصات تُعشعِشُ فى رأسى كما زعُمت، وإنما كان فى حقيقة الأمر كما " الدود فى العود !" [4].. موجودٌ وموجودٌ وموجود.

أمامك هذه المهام الثلاث التى لا يقدر علي مواجهتها إلاّ ذوى القلب الحار .. وسأُأجِّل التعقيب على باقى ما ورد فى رسالتك من زَمْزَقة مُباطِن لا يركِزْ فى المُباطنة وهو كثير الفرْفرَة وخَرْخار .. وسأظل، أنا الذى لم يكن يكذب، عند وَعـدِى لك .. أقفُ مُنتصف ساحة البُطان الإسفيرى - وهو يُـنذرُ بالإقتراب من مرحلة الـFinal Countdown وبعدها سيُسدَل السِتار - مُمسكاً بالكُرباج أتضرّع فى مِشيةٍ يبغضها الله مُتلفّتاً يُمنةً ويسار .. ولسان حالى: " ما قلتو نوبة !" تغمُرنى نشوة إنتصار .. وفى ذهنى مشهد عينك " الحَمْرَة وقوية !" التى طارت – مأسوفاً عليها فى جولة البُطان الأولى - مع الذى طار .. مُترقّـباً عودتك على أحرَّ من الجَّمر، وستجدنى، إن لم تتلقّفنا المنايا، هُـنا مُعفَّراً فى الإنتظار.


ــــــــــــــ


[font=Sakkal Majalla]1- {والعقاب الجسدى بسوط من الجِلد لأخطاء مثل تلطيخ الكتب بالحبر أو عدم الإنتباه كان أمراً عادياً. وكان هناك فى بعض مدارس أبردينشاير خارج باب الفصل صخرة مسطّحة ضخمة، يهرَع إليها التلاميذ الذين تم عقابهم فى فترة الفُسحات ليتخلّصوا فيها من بعض آلام الضرب المبرّح الذى نالوهُ فى الفصل، لذلك أطلقوا عليها اسم "صخرة التبريد".} – عن كتاب ( مَلحَمَة سليم أغا: قصّة مُسترَق).

2- فى سهرة تلفزيونية مع "البلابل" فى السبعينات، وكانت أغنيتهم "لون المَنْجَة يا الشايل المَنْجَة" فى أوج إنتشارها، سألهم مقدّم البرنامج عن المواقف الطريفة التى تمر بهم .. فقالت إحداهن: " فى ناس لمّن يشوفنا فى الشارع بكوركو من بعيد: المَنْجَة المَنْجَة صفرة ولذيذة .. أعصروها !".

3- بالمناسبة لو إتخليت عن رغبة "العّصِرْ !" دى والإستعجال وقريت برويّة وإستوعبت ما أكتب، كنت إنتهزتَ فرصة "عَصْرَة !" جاتك مُدَرْدَقة تطلب منك إهتبالها، لإنو "نادى الخرّيجين" ما بقع فى نفس الصف بتاع سينما أمدرمان والوطنية وإنما فى شارع آخر، والبون شاسع بين الشارعين .. أهو راحت عليك فى زحمة الإستعجال والمعافرة .. "هاردلك" .. المرّة الجاية لمّن "تعْصِرْ !" خلى بالك كويّس وأعْصِرْ برّاحة لأنو فى التأنى السلامة.

4- درسنا قديماً بكتاب المطالعة فى المرحلة الإبتدائية جُمَل لا علاقة تربط بينها سوى القافية، وقد يكون الغرض من ذلك تعليم الصغار كيفية تركيب الجُمَل بأسلوب سهل وجذاب، تنتهى بـسؤال شكّل مصدر حيرة لعقولنا الصغيرة آنذاك: "الدود فى العود .. أبوك موجود ؟!".



Ahmed Sid Ahmed
مشاركات: 900
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 3:49 pm

مشاركة بواسطة Ahmed Sid Ahmed »

صورة


ويحتفلون فى "ويلز" هذه الأيام 2 - 5 مايو، ب 60 عام من الصيانة والمحافظة على قطار البخار.1954 2014.

كل عام وأنت بخير يا ياسر. خطر لى أن أحتفل معك بالبوست بهذه المناسبة.
:)
ياسر عبيدي
مشاركات: 1157
اشترك في: الخميس مارس 27, 2008 1:51 pm

Back on the Track

مشاركة بواسطة ياسر عبيدي »


"القلوب شواهد"


معذرة يا أحمد على هذا الغياب الطويل؛ فبالإضافة لمعارك مواجهة متطلبات الحياة الصعبة فى السودان .. نفد رصيدى من "الميقابايتات" فى النت، والشركة التى توفر لى هذه الخدمة – والتى لم يسهم أصحابها فى ثورة تقنية الإنترنت مع مَنْ إبتدعها بذرّة من الجهد العقلى أو المالى، فى الوقت الذى تُقدَّم فيه هذه الخدمة شبه مجاناً فى بلدان أولئك المُبدعين – هى شركة حرامية، فهى توقِف عنك الخدمة بحجة إنتهاء رصيدك من "الميقابايتات"، وإذا أعدت شحن رصيدك تقطع عنك الخدمة قبل نهاية الشهر بحجة "إنتهاء صلاحية الإشتراك" !؟ .. فتضطرّك بذلك لتعمير رصيدك مرّتين فى الشهر ! .. ولكنى هذه المرّة كنت مصَحْصِحْ، فقرّرت أن لا أُزوِّدهم بالكاش حتى يتزامنَ وقت تعميرى للرصيد مع تاريخ "إنتهاء صلاحية الإشتراك". وفى اللحظات الأخيرة غيرت رأيى وقرّرت التخلّص من هذه الشركة نهائياً، وذلك بفتح حساب فى شركة أخرى يُقال أن خدماتها بالمقارنة أفضل، ولكن إتضح لى بعد الإشتراك أنها مقلب كبير ! فهى بطيئة بدرجة تثير الأعصاب فى تحميل الصور وفى تقليب الصفحات، الأمر الذى عطّل تحميل رسالتى هذه وأطال من فترة غيابى .. فاقبل إعتذارى مرّةً أخرى.

وأشكرك كثيراً على هذه المشاركة الرائعة والهدية البديعة التى أعادت قطار عبيدى من جديد إلى جادة قضيب السكة حديد، وزى ما بقولوا "القلوب شواهد" .. لأنو ليلة اليوم السابق مباشرة لمشاركتك .. سألنى صديق عزيز ما إذا كنت أعرف إسم مُخترع قطار البخار، وعندما نفيت له علمى به طلب منى أن أبحث عنه لأُضمّنهُ فى هذا "البوست". ولم تتوقف فقط صُدفة "القلوب الشواهد" على هديّتك الكريمة التى تُحيى ذكرى البخار والآتية من إنجلترا الوطن الأول للقطار، وإنما تكثّفَ حضورها بتزامنها مع وصول هدية أُخرى أكرمنى بها عادل القصّاص من أستراليا، وطن "الأبوريجين" حيث صخرتهم تلك المقدّسة الحمراء القانية [شكراً كثيراً يا عادل]:


صورة


ويُلاحَظ أن قطارَىْ الصورتين الهديتين هما من نوع القطارات الصغيرة الحجم، والتى على صغرها، تتسع بالقدر الكافى الذى يسمح بحَمل رُكابٍ عليها، وهى لا تختلف فى تفاصيل صناعتها عن القطارات الأُم، ولكنها صُمِمَت بهذا الحجم الصغير خصيصاً لغرض الترفيه والسياحة .. فنراها تتجول بالأُسر والأطفال داخل حديقةٍ ما على خط سكة حديد متعرّج يمر عن قصد بمناظر خلابة من فوق الجسور وتحت الأنفاق وعبر الأنهر والوديان والشلاّلات. وقد كان هذا الذى قرأته ورأيته فى هديتيكما البديعتين كافٍ ليجعلنى أستنشق عبير الماضى فيجرفنى بعيداً ألق الذكريات .. إلى حيث ذكرى مُضيئة وعزيزة على نفسى كانت أول عهدى بنماذج القطارات [Trains Models & Layout].


كان قد مرّ حوالى العامين منذ وصولنا إلى الخرطوم، محطّتنا الأخيرة فى تجوالنا ذاك الطويل بمحطات السكة حديد، قادمين من ود مدنى .. و"الفلاش باك" يومِضُ فى عَتمَة الماضى السحيق فيُرينى عبيدى مُمسكاً بيدى أمام شارع إسفلت تمر به سيارات مُسرعة فى الإتجاهين، وكان هذا الشارع يقع على مقربة من منزلنا بالسكة حديد. فى صباح ذاك اليوم كان عبيدى بصبرٍ وإهتمامٍ زائد يُعلّمنى كيف أكون حريصاً عند عبورى شارع الإسفلت .. وكانت الحركة وقتها شمال - كما مازالت فى كل دول "الكومون وَيْلثْ" إلى الآن - فإنحنى علىَّ، وهو مازال مُمسكاً بيدى، وقال: " لازم يا ياسر قبل ما تقطع الشارع تعاين يمين وبعدين تعاين شمال .. ومرّة تانية ترجع تعاين يمين"، وكان يُشدّد على النظرة الثانية لليمين هذه حتى خِلتُ أنه "سيُورّثنى !" .. ثم يطلب منى بعدها، ونحن لم نـَـزَلْ نقف بجانب الشارع لم نعبره بَعْد، أن أقوم بـ"بروفة" لعملية التلفُّـت يُمنةً ويسار ليتأكد ويطمئن قلبه بأنى فعلاً قد إستوعبت درس العبور. وأخيراً عندما عبرنا الشارع وتنفّست الصُعداء .. عُدنا نعبرهُ مرّةً أخرى من الجهةِ المقابلة بعد تكراره علىَّ تعليمات إتخاذ الحيطةَ والحذر .. وأدائى كما ينبغى لـ"بروفة" المُعايَنةِ والنظر. وبينما كان أثناء ذلك يُلاطفنى ويُهازرنى كما لو كان الأمر لعبةً يتسلّى بها صَبيّان، كنت أترجّاهُ مُستاءً بأنى أُجيد عبور الشارع وأن الأمر لايحتاج كل هذا الجهد وقد بدأت أشعرُ بالحَرَج من نظرات بعض المارّة الفضولية التى بدأت تتلصَّـص علينا ونحن نعبر الشارع جيئةً وذهابا، وعندما حاول تكرار العبور بى للمرة الرّابعة من الجهة المقابلة رفضت وحَرنْت فى مكانى لا أبرحه .. مُعبّراً له عن سخطى وضجرى من هذا الدّرس المُمِل، فقد كنت أتحرّقُ شوقاً للوصول إلى المدرسة التى طالما زيّنَ وحبّبَ لى الإلتحاق بها .. وأنه قد آن أوان مُفارقتى لـ"الرّوضة" التى لشد ما تعلّقت وكان ولائى لها*:


صورة


[font=Sakkal Majalla] لابد أنكما ستضعا أيديكما على رأسيكما و"تحوقلان !" .. إن قُلتُ لكما أن هذا هو مَقعَد "روضتى" الأولى بـود مدنى [1964-66] .. هاهاها !! .. وكل ما طرأ عليه من تغيّر أنه كان منسوجاً بسيور بلاستيك صفراء اللون والباقى مطلى بالأحمر الفاقع، وقد كان مثار شجارى الدائم صباح كل يوم مع زميلٍ آخر صدَف أن إختار مقعداً بنفس الألوان .. وكنت أستطيع تمييز مقعدى هذا ببقع الطلاء الأحمر على البلاستيك الأصفر فى مكانٍ معين من المقعد .. بينما كان زميلى ينازع دون تمييزٍ للفارق الدقيق بين المقعدين وكان يُقاتل خبط عشواء من أجل اللون الأصفر فقط، ولا ينفضُّ نزاعنا الشرس هذا إلاّ بتدخل مربياتٍ بثيابٍ بيضاء كُنَّ فى غاية اللباقة والرِّقة والحنان. [المقعد من مُقتنيات مُستودع الذكريات].


خطوات من دارنا، بعد عبورنا للشارع، أصبحنا داخل مدرسة إبتدائية كانت من أميز مدارس الخرطوم الأولية آنذاك .. ثم وصلنا إلى فصلٍ مُكتظٍ بالآباء والأُمهات يصحبون فى معيّتهم أبناءهم .. لقد كان هذا إذن: يوم القبول الكبير بالمدرسة الأوليِّة. الناظر "غريب الله" يقف وخلفه "السبُّورة" المستطيلة الإسمنتية السوداء، وقد عمَّ السكون المكان، يندَه بصوتٍ جهورى أسماء المقبولين للعام الدراسى الجديد .. وكان إسمى يومها من بينهم:


صورة


صورة

[font=Sakkal Majalla] صورة دفعتى بالسنة الأولى فى المرحلة الإبتدائية المكوّنة من 75 تلميذ .. أُلتُقِطَت مُنتصف النهار – وكان المُفترض أن تُلتقط قبل منتصف النهار لينعكس ضوء الشمس على الوجوه - بجانب الفصل فى الناحية الجنوبية من المدرسة، وتجمَعنا مع "أبو الفصل" الأستاذ "محمد" الواقف فى الوسط خلف الصف الأول فى الأعلى، وناظر المدرسة "غريب الله" الذى يقف فوق "المَسطبة" أقصى اليمين، والذى "يتاوق" من خلفه هو "فرّاش" المدرسة - لم أعد أذكر إسمه - وأقصى اليسار يقف أستاذ الحساب "فتح الله". وتستطيعا أن تتبيّنانى بسهولة من بين هؤلاء "الكتاكيت"، وقيل "الفراريج"، أقفُ مُنتصف الصف الثانى من الأعلى وأمام "أبو الفصل" مباشرةً **. [الصورة من مُقتنيات مُستودع الذكريات].

صورة

أكثر ما شدَّ إنتباهى فى يومى المدرسى الأول وإستحوز على كامل إهتمامى، هو عند رؤيتى فى الناحية الخلفية لفصْـل تلاميذ "الصف الثالث"، وتحت أشجار النيم الظليلة التى تحُفُ بسور المدرسة من ناحيتها الشمالية حيث يقع مكتب "الناظر" ومكتب آخر للمدرّسين، عدَد منهم منهمكين فى عمل أشياء صغيرة تحت إشراف وتوجيه أحد المُعلِّمين. كانوا يصنعون طوب صغير من الطين بقوالب من علب الكبريت، يجففونها ثم بمِلعَقة سُطِّحَت وثُنِيَت كما "المسطرينة" يُشيّدون بها مبانىٍ صغيرة مُختلفٌ أشكالها ثم يطلونها بلون طوبى ويسقفونها بما يشبه "القرميد"، ورأيتهم يصبغون نُـتـَـف من القطن باللون الأخضر يشكلونها ثم يُلصقونها بحذق على قطع خشب صغيرة مطلية باللون البنى يجعلونها فى شكل أفرع وجذوع شجر فتنتصب أشجاراً وارفة تسُرُّ الناظرين، ومسحت بنظرى هذا المكان العامر بالأعمال الصغيرة البديعة فإذا به بانوراما تشغل مساحة عرضها إلى سور المدرسة حوالى ثلاثة أمتار وطولها يمتد على مَدَّ البصر تحت ظلال شجر النيم .. فيها رأيت جسوراً وأنهاراً وصحارَى وجبالاً وسهول، ومخازن تكدّست أمامها بالات القطن الصغيرة وجوّالاتٍ بين الحقول، وغابات جُمِعَت منها الأخشاب وبضائع وحيوانات، وتابعت بعينىَّ أعمدة التلفون وأسلاكها المصنوعة بحرفية وهى تتلاشى فى المنظور البعيد فاغراً فاهى أتفرّج .. كانت تتبع خطاً للسكة حديد أينما ذهب وكيفما إنعطف وتعرّج، ولم أكد ألتقطُ أنفاسى من بهجة هذا العالم البانورامى البديع وأنا أرقب الشقيق الأكبر لصديقى إبن السكة حديد .. مُنهمك يصنع بموهبةٍ يُحسد عليها هذه الأشياء الجميلة .. حتى قفزت فى مكانى حين سمعت صافرة .. فإذا بقطار صغير كامل الدّسم، كما لو كان حقيقياً، من بعيد يتهادى مُنزلقاً على قُضبان السكة حديد ويتدَحْرَج.

هتفت فى نفسى؛ هذا هو عالمى الجميل حيث أبصرت النور ومرّ علىّ من نافذة القطار شريط الصوَر .. فبدت لى المدرسة "روضة" كبيرة لابد أننى سأظل دوماً بها مُتـيّـمٌ وعالِق .. فيها لا تأتينا اللُعب جاهزة وإنما نبتدعها بأنفسنا فنصنع منها عالماً كاملاً كما الواحد الخالق .. الآن إطمأن قلبى أن عبيدى لم يكن يخدعنى ويتحايل علىّ لأترك روضة (آسيا) الغنّاء خالة صديقى الطيبة الحنونة .. وأن المدرسة هى عالم يفوقها إثارةً وهى فعلاً أكثر منها ألواناً وفنونا. كنا نتململ على مقاعد الدرس شوقاً لفسحة الفطور، فنهرَع بـ"سندوتشاتنا" إلى حيث ذاك العالم الجميل .. نجلس على المَسطبَة المقابلة له .. نقضم منها فى تلذّذ وعلى ما يفعل تلاميذ الصف الثالث نُسمّرُ أنظارنا نتفرّج .. نمنِّى النفس بأننا سوف نكبر مثلهم قريباً ونفعل كما كانوا يفعلون .. لا بَلْ .. أفضل منهم وأجود. ولكن ليس بالتمنى فقط تُدرَك الغايات .. فقد كبرنا ولم نجد ما نفعل كما فعل تلاميذ الصف الثالث قبلنا، إذ "كَرْكَبَت" الدنيا فزُلزِلَت الأرض من تحتنا وأرعَدَت السماء من فوقنا وحدث أمرٌ جَلَلْ .. قطع علينا متعتنا فأودى بنا إلى جّدْب الصحارَى وقفر المَلَلْ .. إنه "سُلّم مُحى الدين صابر التعليمى" عليه اللعنة، الذى نفانا فجأةً بعيداً عن المدرسة فى عطلةٍ لمدة 6 شهور .. رجعنا بعدها لنجد عاليها سافلها، فتبدّلت الهيئات والمناهج والصور .. وفى ذاك المكان الأثير بجانب السور .. عدنا نمسك بـ"سندوتشاتنا" تلك نجول هائمين نتفرّس فى الأرض تحت ظلال النيم فى فُسْحَة الفطور .. نقضم منها ونمضغ فى مرارةٍ وأسى .. نبحث عن أطلالٍ أو أثر لذاك العالم الساحر المهدور ***.



[flash width=525 height=450]https://www.youtube.com/v/JykBlzvpPlI




صورة


[font=Sakkal Majalla]* ذكرت فى مكانٍ ما .. أن ما بين روضة "ود مدنى" صاحبة الكُرسى الأصفر البديع، وروضة "آسيا" خالة صديقى بالخرطوم، مررت بتجربة "الخلوة" القبيحة بالسكة حديد، والتى غادرتها بعد بضعة أيامٍ فقط بسبب بؤس وقسوة "فكى الخلوة" والجو العام، إذ لا يمكن أن تمرَّ بتجربة أجواء المرح المتعدّد الألوان والأناشيد والمراجيح والرسومات البديعة مُعلّقةً على الجدران، فى روضة يشرف عليها نساء رقيقات بثيابٍ بيضاء يتدفقن طيبةً وحنان، وبعد ذلك تقبل أن "تِـتْـتّـفَّنْ" فى التراب تقضى سحابة نهارك الحار والطنين يَطِـنُّ ويَـزُنُّ فوق رأسِك كالزُّنان ! .. صرخت بغضب على أهل البيت من تحت "البطانية" وقد إتخذت قرارى، وهم يوقظونى صباح ذاك اليوم للذهاب إلى "الخلوة": (ما ماشى ولا حاجة .. كل يوم دين دين !).

** عندما أتأمّل هذه الصورة أتذكر أكثر من 90% من أصحاب هذه الوجوه البريئة اليافعة كزملاء دراسة فى مواقف عديدة .. أتذكر مَنْ كان ذكياً منهم ومَنْ كان شقيا .. ومَنْ كان مُنضبطاً منهم ومَنْ كان يتلقى دوماً العقاب .. و أيُّهُم كان إنطوائياً وأيُّهُم كان صاحب روح مَرَحة ومُشاكسات .. والنُشطاء منهم فى عمل المجلات الحائطية وأولئك الذين يكتفون بالمطالعة وكيْلَ الإنتقادات. وتمر بذهنى ذكرياتى معهم ومواقف لهم ستظل تُسعدنى وتُضحِكَنى مدى ما حييت .. فأتساءل: أين ياترى أودت دروب الحياة الوعرة والقاسية بزملائى أولئك "الكتاكيت" ؟ .. ففى العام السادس، ونحن على وشك مغادرة المرحلة الإبتدائية إلى الثانوى العام، أذكرُ تمريرنا لبعضنا البعض مفكرات أحضرناها خصيصاً لهذا الغرض نتهادى فيها كلماتٍ مُختارة للتذكار .. إذ كان يُقلقنا ويهجُسنا إحتمال إفتراقنا فلا نلتقى فى المرحلة الثانوية، وتحوّطاً إن حدث وإفترقنا حتى تظل ذكرى الزمالة والصداقة بيننا حيّة. أذكرُ صديقى العزيز أوّل دفعتنا الدائم، الطالب النجيب صاحب العقل اللبيب، كتبَ لى بخط جميل بالحبر السائل الأزرق أبياتً من الشِّعر بالدّارجة تجمع بين الجِّـد والهَزل، كانت فى معنى الإحتفاء والإعلاء من قدْر الصداقة .. لم يبقى منها فى الذاكرة سوى: "والصديق وقت الضيق تلْقاهو أخوكَ شقيقك". وفى قرارٍ مُتسرّعٍ وطائش، وأنا أهمُ بمغادرة السودان مُستاءً بعد إمتحان الشهادة العُليا، تخلّصت من صفحات المفكرة التى كانت تحمل كلمات أصدقاء المرحلة الإبتدائية التذكارية البديعة ومعها مجموعة أشياء أخرى، فرآنى عبيدى أضعها فى إناءٍ حديدى بحديقة المنزل ثم أُلقى بشعلة عود ثقاب عليها، سألنى فى عِتابٍ لازلت أذكر كيف إرتَسَمَت تفاصيله على تعابير وجهه يومها: "ليه يا إبنى ؟" .. وكانت إجابتى قاسية: "أنا مُغادر السودان وما عايز أخلِّى وراى أى حاجة تذكِّرنى بيهو ..!؟" .. وغبت طويلاً وطويلا .. ثم عدت بعد سنوات أطرق باب منزل صديقى ذاك الذى زاملنى منذ المرحلة الإبتدائية وحتى إفترقنا فى الثانوى العام، والذى أهدانى أجمل كلمات وداعٍ فى تلك المفكرة، فأخبرنى شقيقه الأصغر بأن باب غرفته موصد عليه من الداخل ولم يفتح له رغم تكراره للطرق، فتركت معه مذكرة. وعندما عُدت فى الزيارة الثانية حادثتنى هذه المرّة والدته تُخبرنى وقد تهلّلَ وجهها بالبِشْر عن مدى سعادته حين علم بزيارتى السابقة وكيف أنه لامَهُم بشدّة لعدم حرصهم على إيقاظه، ثم أسرّت لى فى أسى الأُم المكلومة بأنه يعانى من نوبة إكتئاب فيظل طيلة الوقت موصداً على نفسه باب الغرفة، وترجّتنى أن أعاود الزيارة إذ لم يسبق لهم أن رأوه فى هذه الحالة من التعافى منذ أن تمكَّنَ منه الإكتئاب. مازلت أتألّم لعدم إيفائى بوعدى لها .. فقد نفدت أيام العطلة السنوية القصيرة وكان علىَّ الرّحيل. وفى مكانٍ ما بداية تسعينات القرن الماضى وأنا خارج السودان أواصل التِرحال والسَّفر، وفى لقاء عَبر صُدفة، فى محطة أُتوبيسات مُزدَحمة، بزميل دراسة من أولئك "الكتاكيت"، صدمنى حين سمعت منه بأن صديق الصبا النجيب قد إنتحر ! [موقع صديقى هذا فى الصورة عاليه يقع أقصى اليمين بالصف الأول الأعلى الذى يقف خلفه "أبو الفصل"].


صورة


[font=Sakkal Majalla]المفكرة التى نَـزَعْتَ عنها صفحات كلمات التذكار المُهداه من زملائى بالصف السادس ونحن نغادر المرحلة الإبتدائية، مازالت آثار الورق المنزوع باقية فى سلك المُفكّرة الحلزونى. [من مُقتنيات مُستودع الذكريات].

[font=Sakkal Majalla]
*** لازلت إلى اليوم مُتعلّق بصناعة نماذج القطارات التى تتجوّل فى عوالم مُصغّرة تحاكى الواقع. وقد إلتزمت فى السنة الخامسة إبتدائى لزملائى المكلفين بعمل معرض لمادة الجغرافيا، بأن أُنفذ لهم نموذج من هذه النماذج على طاولة المُعلِّم بالفصل، ولكنى خذلتهم ولم أنجح فى تنفيذ النموذج، كانت الفكرة فى ذهنى من ما شهدته فى ذاك العالم الساحر المهدور أول قدومى إلى المدرسة واضحة .. ولكن كانت تنقصنى الممارسة والدِربة. ومع تطور التكنلوجيا الرّقمية، سيأتى اليوم الذى تُخلق فيه نماذج لعوالم تحاكى الواقع تماماً كما لو كان الأمر فى الخيال العلمى تقزيماً لهذا العالم.


آخر تعديل بواسطة ياسر عبيدي في الأحد مايو 18, 2014 11:36 am، تم التعديل 3 مرات في المجمل.
ياسر عبيدي
مشاركات: 1157
اشترك في: الخميس مارس 27, 2008 1:51 pm

مشاركة بواسطة ياسر عبيدي »

***
Ahmed Sid Ahmed
مشاركات: 900
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 3:49 pm

مشاركة بواسطة Ahmed Sid Ahmed »

إقتباس:
" معذرة يا أحمد على هذا الغياب الطويل؛ فبالإضافة لمعارك مواجهة متطلبات الحياة الصعبة فى السودان .. نفد رصيدى من "الميقابايتات" فى النت، والشركة التى توفر لى هذه الخدمة – والتى لم يسهم أصحابها فى ثورة تقنية الإنترنت مع مَنْ إبتدعها بذرّة من الجهد العقلى أو المالى، فى الوقت الذى تُقدَّم فيه هذه الخدمة شبه مجاناً فى بلدان أولئك المُبدعين – هى شركة حرامية، فهى توقِف عنك الخدمة بحجة إنتهاء رصيدك من "الميقابايتات"، وإذا أعدت شحن رصيدك تقطع عنك الخدمة قبل نهاية الشهر بحجة "إنتهاء صلاحية الإشتراك" !؟ .. فتضطرّك بذلك لتعمير رصيدك مرّتين فى الشهر ! .. ولكنى هذه المرّة كنت مصَحْصِحْ، فقرّرت أن لا أُزوِّدهم بالكاش حتى يتزامنَ وقت تعميرى للرصيد مع تاريخ "إنتهاء صلاحية الإشتراك". وفى اللحظات الأخيرة غيرت رأيى وقرّرت التخلّص من هذه الشركة نهائياً، وذلك بفتح حساب فى شركة أخرى يُقال أن خدماتها بالمقارنة أفضل، ولكن إتضح لى بعد الإشتراك أنها مقلب كبير ! فهى بطيئة بدرجة تثير الأعصاب فى تحميل الصور وفى تقليب الصفحات، الأمر الذى عطّل تحميل رسالتى هذه وأطال من فترة غيابى .. فاقبل إعتذارى مرّةً أخرى.

وأشكرك كثيراً على هذه المشاركة الرائعة والهدية البديعة التى أعادت قطار عبيدى من جديد إلى جادة قضيب السكة حديد، وزى ما بقولوا "القلوب شواهد" .. لأنو ليلة اليوم السابق مباشرة لمشاركتك .. سألنى صديق عزيز ما إذا كنت أعرف إسم مُخترع قطار البخار، وعندما نفيت له علمى به طلب منى أن أبحث عنه لأُضمّنهُ فى هذا "البوست". ولم تتوقف فقط صُدفة "القلوب الشواهد" على هديّتك الكريمة التى تُحيى ذكرى البخار والآتية من إنجلترا الوطن الأول للقطار، وإنما تكثّفَ حضورها بتزامنها مع وصول هدية أُخرى أكرمنى بها عادل القصّاص من أستراليا، وطن "الأبوريجين" حيث صخرتهم تلك المقدّسة الحمراء القانية [شكراً كثيراً يا عادل]:


سلام يا ياسر وأهلا بالعودة وقد عرف السبب. فى أول الأمر ظننت أن قطارك طال توقفه
فى " سندة " وسيواصل، وكنا فى زمان السكة حديد نتوجس إذا طال بقاء القطار فى " السندة " أكثر مما يجب. فيحدث الملل ويقل الماء فى الأزيار وتبدأ خطوات ترشيد
الطعام. وأيضا خشيت أن يكون قطارك قد عاد إلى " الورشة عطبرة ". العبارة التى كنا
نقرأها من حين لآخر مكتوبة على مؤخرة عربة من العربات. والآن وقد " عاد قطار
عبيدى من جديد إلى جادة قضيب السكة " فلنا أن نتنفس الصعداء كما كان يفعل الركاب وقتها، وأن نتهيأ لمواصلة رحلتنا الممتعة معك.


فى زيارة لى ل " ويلز " إستمتعنا بركوب قطار البخار القديم المتجدد.
تذكرتك وبوستك وعبيدى وكل رحلاتنا بالقطار منذ الصغر.
وتذكرت السودان لما كان فيهو حديد ونار وبخار، وقبل أن " يعدم نفاخ النار ".!
حاولت النظر بالنيابة عنك مستلهما بوستك، زائدا عشقى الخاص للتاريخ وذكريات
حميمة مع السكة الحديد.

أرجو أن لا أكون قد أخطأت النظر، أو أطلته أكثر مما ينبغى بحيث يجرف قطار بوستك عن المسار
الذى خططته له أنت.

كما أشرت يا ياسر فى شأن السياحة وما لاحظته فى الصور .

إقتباس:

"ويُلاحَظ أن قطارَىْ الصورتين الهديتين هما من نوع القطارات الصغيرة الحجم، والتى على صغرها، تتسع بالقدر الكافى الذى يسمح بحَمل رُكابٍ عليها، وهى لا تختلف فى تفاصيل صناعتها عن القطارات الأُم، ولكنها صُمِمَت بهذا الحجم الصغير خصيصاً لغرض الترفيه والسياحة .. فنراها تتجول بالأُسر والأطفال داخل حديقةٍ ما على خط سكة حديد متعرّج يمر عن قصد بمناظر خلابة من فوق الجسور وتحت الأنفاق وعبر الأنهر والوديان والشلاّلات. وقد كان هذا الذى قرأته ورأيته فى هديتيكما البديعتين كافٍ ليجعلنى أستنشق عبير الماضى فيجرفنى بعيداً ألق الذكريات .. إلى حيث ذكرى مُضيئة وعزيزة على نفسى كانت أول عهدى بنماذج القطارات [Trains Models & Layout].





صورة


صورة
آخر تعديل بواسطة Ahmed Sid Ahmed في الاثنين يونيو 02, 2014 8:24 pm، تم التعديل مرة واحدة.
ياسر عبيدي
مشاركات: 1157
اشترك في: الخميس مارس 27, 2008 1:51 pm

My MESSY Life

مشاركة بواسطة ياسر عبيدي »



يا أحمد ياخى شكراً كثيراً .. وأنت لا تُخطئ النظر وإنما مساهماتك تثرى "البوست" وتحفّزنى للنظر إلى البعيد بالتلسكوب .. وكذلك لم تُطِل أكثر مما ينبغى .. بل حتى إن فعلت، فذاك، ممّا لاشك فيه، سيُثّبت القطار على المسار. والحقيقة ما ذكرته لك من أسباب لغيابى الأخير هى أسباب طارئة وليست الأسباب الدائمة والمُقيمة، وهى التى تقف وراء غيابى المتكرّر عن هذا "البوست" الذى يهمنى كثيراً، بل أراها هى التى تحول دون أن يبدو هذا "البوست" بصورةٍ أفضل، وأُلخصها لك فى: [font=Comic Sans MS]I am realy in a BIG MESS .. والأسوأ إنو هذه الفوضى، التى تشتت جهدى فى عدّة جبهات، تفاقمت فدخل فيها كمان Displacement .. لكل وثائق عبيدى. لذلك كثيراً ما أجد نفسى فى هذا "البوست" أمام مُفترق طُرق .. فأحتار أى الخطوط يجب أن أسلك ؟ .. هل فى الإمكان مواصلة المسير أم هناك وثيقة قد تاهت منى وأصبح لابد من إستخدام "مفتاح الخط" لتحويل المسار ؟ ولكن إن فعلت وحوّلت المسار .. أيضاً قد لا أستطيع التقدّم ! لأن هناك صورة تملّيت فيها كثيراً أو خطاب قرأته مراراً .. ولكنى لا أستطيع العثور عليه الآن ؟ .. فتجدنى أحياناً أبحث على أمل، ثم لا تلبث أن تسحبنى الفوضى إلى تلك الجبهات فأتوقف ويحدث الغياب. لذلك – وحتى تتم مُعالجة [font=Comic Sans MS]My MESSY Life – آسفاً إذ أقول: ستتواصل الإنقطاعات و سيتكرّر الغياب وكثيراً ما قد يطول.

هناك رسالة بتاريخ أبريل 1948 ستكون مدخلى للكتابة عن شخصيات حول عبيدى وبالذات شقيقه "عبد المجيد". ولكن قبل ذلك سأحمّل رسالة عن موضوع تحوّل السكة حديد من البخار إلى الديزل وهى أوشكت على الإكتمال.

Ahmed Sid Ahmed
مشاركات: 900
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 3:49 pm

مشاركة بواسطة Ahmed Sid Ahmed »

إقتباس:

" يا أحمد ياخى شكراً كثيراً .. وأنت لا تُخطئ النظر وإنما مساهماتك تثرى "البوست"
وتحفّزنى للنظر إلى البعيد بالتلسكوب .. وكذلك لم تُطِل أكثر مما ينبغى ..
بل حتى إن فعلت، فذاك، ممّا لاشك فيه، سيُثّبت القطار على المسار. "


شكرا ياسرعلى عين الرضا والتشجيع. و سوف أواصل الدعم ورفع البوست بما قد يفيد.
خاصة والمتاح هنا كثير من حيث المعلومات الملموسة والمرئية ،إذا تيسر الظرف.
أما " الفرستريشن " عندك فسببه إنك زول هميم وموضوع البوست هام.

فإذا تناول هميم أمرا هاما فى بلد كثرت فيه الهموم والهمهمة يحدث الضيق. وحاشاك البشتنة.

وكلنا فى " الميسى " شرق. ! خاصة فيما يختص ب " صورة تمليت فيها كثيرا" أو وثيقة تاهت.
مع تقديرى التام لقسوة الظروف بطرفكم. قلبى معك بخصوص ما تتعرض له وثائق عبيدى حاليا.

وأثق أنك تدرى كم " بوستات " لى توقفت عن مواصلتها لمثل هذه
الأسباب ولمعوقات أخرى من تفاصيل الدنيا الصغيرة، وبعض " بهارات " الحياة الضرورية و الحارقة أحيانا.!


ولا تقلق ل " مفترق طرق " فكل دروبك تتداخل وتغذى بعضها البعض وكلها " تؤدى إلى روما " و إن قد بدأت من هيا و " أروما ".!
إستخدم " مفتاح الخط " متى إحتجت، وإن طلبت " عمال الدريسة " لإزالة رمال أو وضع " فلنكة " تجدنا رهن الإشارة.!


وقلت : إقتباس:
" " لذلك – وحتى تتم مُعالجة My MESSY Life
آسفاً إذ أقول: ستتواصل الإنقطاعات وسيتكرّر الغياب وكثيراً ما قد يطول.


وقلت إقتباس:
"هناك رسالة بتاريخ أبريل 1948 ستكون مدخلى للكتابة عن شخصيات حول عبيدى وبالذات شقيقه "عبد المجيد".
ولكن قبل ذلك سأحمل رسالة عن موضوع تحول السكة حديد
من البخار إلى الديزل وهي أوشكت على الإكتمال."


" مع أمنياتى بزوال المعوقات. TAKE YOUR TIME'
وحتى تعود على مهلك، سألقى أنا فى شباكك ما لك أن تحتفظ به إن كان ذا ثمرة.
ياسر عبيدي
مشاركات: 1157
اشترك في: الخميس مارس 27, 2008 1:51 pm

فَـرْجُودْ

مشاركة بواسطة ياسر عبيدي »



وبالعودة يا أحمد لموضوع تاريخ تحوّل سكك حديد السودان من قاطرات البخار إلى الديزل، أكّدَ الوالد محمد عَرَفة السيّد على المعلومات التى تفضل بها بدر الدين الهاشمى، فأفاد بأن أول دفعة من سائقى القطارات، وكان أفرادها محدودين، تلقّت فعلاً تدريبها على قيادة الديزل فى مصر عام 1961، وأنه يتذكر هذا التاريخ جيّداً لأنه تاريخ مُرتبط بتاريخ ميلاد نجله سَـعَـد، الذى رأى النور حين كان هو يمضى فترة كورس تدريب ببريطانيا. بينما نالت الدفعة الثانية من السائقين تدريبها على يديه عام 1962، وهم أصحاب الصورة الوثيقة أعلاه. ولكن المعلومة التى أشعرتنى بكثير من الرِّضا وأكّد لى عليها سَـعَـد .. هى أن قطار الديزل موديل 1000 المعروض صورته أعلاه من المؤكد أنه صناعة بريطانية وليست ألمانية. ومن مصدرٍ آخر علمت أن هذا الموديل لم يكن هو أوّل قاطرة ديزل تصل السودان، رغم ما تقوله تفاصيل الصورة بأنها كانت لمثل هكذا مناسبة. هذه المعلومة إستقيتها من حديثى مع مَنْ زامل عبيدى فى "هيا" و"الرهد" و"مدنى"، وعمل بـ"كوستى" أيضاً .. قبل أن يسبقه إلى "الخرطوم"، وقد كان حديثاً، فى ما يخص عبيدى وذكريات السكة حديد، ذو شجون وعالى المردود .. إنه حديثى مع عامل السكة حديد وإبن "تبج" .. العَم "فـَـرْجُودْ":




صورة



يقول "فـَـرْجُود" أنه يذكر أن السكة حديد بدأت بقطار ديزل واحد يُقال له "الديزل 61"، وقد يكون 1061، وإقتصر عمله على خط عطبرة الخرطوم فقط، والخط الذى تلى ذلك بعد فترة كان خط بورتسودان. وأن تشغيل قاطرات الديزل التى وصلت لاحقاً وعملت فى الخطوط الأخرى كانت تحدّده قوة سحب هذه القاطرات وتناسبها مع الحمولة المسحوبة فى هذه الخطوط. وتلى ذلك إستخدامها فى ما بعد بخط الأبيض وحلفا ثم سنار. وأنا أُرجِّح أنه عندما أوشك هذا التوسّع فى إستخدام الديزل الإندياح عبر خط مدنى أن ذلك كان فى العام 1964. يُغرينى على قول ذلك، بالطبع، وثيقة كُرّاسة "محاضرات صيانة الديزل" أعلاه للبرّاد بورشة مدنى "الشيخ إدريس محمد خالد الجبارة" والتى سُجِّلَ عليها تاريخ 1 /9 / 1964.

وبدا لى، من حديثى مع "فـَـرْجُودْ"، أننى لم أُجانب الصواب عندما إستنتجت أن تاريخ تحوّل السكة حديد من البخار إلى الديزل من المُرجّح أن يكون قد تم فى الفترة بين 1964 و 66، فالحديث هنا عن تحوّل وليس عن أول دخول أو إستخدام لقاطرات الديزل. ذلك أن التحوّل يحدث على مراحل ودرجات .. وبالفعل هذا ما قد حدَث لقاطرات البخار فإنحسرت بالتدريج عن قُضبان السكة حديد وليس بمجرّد وصول أوّل قاطرة ديزل حوالى 61-1962، ولابد أنها واصلت العمل لفترةٍ ليست بالقصيرة فى بعض الخطوط حتى بعد أن أصبحت الغلبة والسيطرة الكاملة للديزل.

وهذا هو سبب تذكرى لها ومثول صورها بذهنى حتى الآن وبالذات حيث كُنا بود مدنى. من تلك الصور إنزلاق عجلات قطار البخار على القُضبان ودورانها بسرعة فى مكانها، كما تفعل الإطارات فى الوَحْل، مع إصدار تلك الأذرع الحديدية التى تُحرّكها و تربط فيما بينها لفرقعةٍ مزعجة ممزوجةً بصوت نـَـفـَـس البخار .. مُعلنةً عن فشل القطار فى التقدّم إلى الأمام وكأنما قد وَحِلَ مكانه فى الرِّمال. هذه الحالة لقطار البخار، التى تُعبِّر فيها كل خلجاته الميكانيكية عن عجزه التام فى التقدّم، تحدث لأمرين: إما أن الحمولة المسحوبة أثقل من قوته الساحبة، أو لـ"إنقباض الفرملة" وهو ما يُعبِّر عنه عمال السكة حديد بـ "فرملة الهوا رابطة". وفى هذه الحالة يتم عمل تنفيس لها بالتخلّص من الكربون، ويبدو أن ذلك يتم بطريقة تشابه تلك الطريقة التى شرحها عبيدى فى إقتراحه لمعالجة [عجز الوابور 254 عن الولعة بـ"تهَامْـيَـمْ" بعد الإضراب لعطل الفونية] صـــ5:


[web]https://schools-wikipedia.org/images/48/4882.gif[/web]
[font=Sakkal Majalla]
هذه الصورة من موقع ويكيبيديا وهى توضح طريقة عمل البخار وتقلِّدُ الحركة الميكانيكية لأذرعه وعجلاته فى سيرها الطبيعى، وليس عند فشلها فى السير إلى الأمام عندما تكون "فرملة الهوا رابطة" فتظل تنزلق مكانها على القضبان .. وعندما يحدث ذلك فإن دوران الأذرع الحديدية والعجلات يدور دورةً واحدة أو إثنتين بسرعة شديدة ثم يتعطل، وتتواصل المحاولات وعملية الفشل إلى أن يتم تنفيس "الفرملة" .. فينطلق بعدها القطار.





أضف رد جديد