دراسة: الزخارف المعمارية بمنطقة النوبة للراحلة د. بقيع بدوي

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
عادل إبراهيم عبد الله
مشاركات: 230
اشترك في: الأربعاء يوليو 20, 2005 12:22 am
مكان: أم درمان

دراسة: الزخارف المعمارية بمنطقة النوبة للراحلة د. بقيع بدوي

مشاركة بواسطة عادل إبراهيم عبد الله »


رؤية لخصائص الثقافة السودانية من خلال الزخارف المعمارية في منطقة النوبة
بقيع بدوي (*)

مقدمة:
برزت فكرة هذه الدراسة كنتيجة لمناقشات حول الثقافة الافريقية والأخطاء الشائعة حولها، وذلك في خلال محاضرتين دراسيتين بمعهد الدراسات الافريقية والآسيوية بجامعة الخرطوم[1] وهذه المحاولة هي بمثابة حوار وإلقاء الضوء على آراء بعض العلماء الغربيين الذين تناولوا الثقافة الأفريقية بالدراسة، إما في مقالات، أو كتب خصصت لهذا الغرض[2]، تعنى بالدراسات في "المجتمعات البدائية" كما يصطلح عليها في أدبهم المكتوب. وقد إتسم العديد من هذه الدراسات بعدم الدقة والرؤيا الشاملة مما وسمها بعدم التعميق وسأفصل لاحقاً كيف أن هذه الدراسات ينقصها شمول الرؤيا كمأخذ أساسي في دراسة هذه الثقافات، وهذا لا يعني عدم وجود بعض المتميزين أمثال "ليفي شتراوس" و"روى سبر". وفي هذه الورقة أود أن أستعرض بعض هذه الآراء في محاولة للرد عليها من خلال النظر في بعض جوانب الثقافة المادية بخاصة جانب الفنون التشكيلية وموضعها من الثقافة السودانية وعلاقتها المتبادلة مع المكونات الأخرى للثقافة ودورها الخاص في بلورة الثقافة السودانية.

تعريفات للثقافة:

(في عام 1871 عرف العالم الانثربولوجي "Tylor" الثقافة بأنها "مجموع العادات المكتسبة من قبل أي فرد في المجتمع" ولقد تبنى نفس التعريف مؤتمر الكتاب والفنانين الأفارقة بباريس عام 1956 [3] ولقد جاء في تعريف آخر للثقافة "أنها كل الأدوات الروحية والأخلاقية التي تساعد على المعرفة وهي تتكون من اللغة، الفنون، طرق التفكير، السلوك، تخزين الخبرة عبر القرون" وقد عرفها البعض "أنها الإحتياجات البيولوجية والإجتماعية"، وقد عرفها علماء الانثربولوجيا الإجتماعية عدة تعريفات مختلفة، فتارة تعرف بإرتباطها بالحياة الإجتماعية كشكل من أشكالها أو كناتج علاقات وتفاعل بين الإنسان ومن حوله، كالعمل والفنون والمعرفة والمهارات والمعتقدات، بل ذهب البعض إلى تقسيمها حسب الجنس أو النوع وذلك بإعتقاد وجود ثقافة رجالية وأخرى نسائية[4] وفي تعريف آخر للثقافة هي التي تخص الإنسان وحده دون الحيوانات الأخرى وتميزه عنها وذلك لإستعماله اللغة والفنون والصناعات)[5] ومما تقدم فإن الفن يجئ ضمن الأدوات أو المواد التي تبلور وتؤطر للثقافة.
يقول هيجل "إن الوعي الحسي هو الأول من حيث الترتيب الزمني لذا كان الدين في أقدم أطواره ديناً يحتل فيه الفن ومنتجاته المحسوسة مكانةً بالغة الأهمية"[6]. إذن كان الفن من وجهة نظر هيجل هو الوسيلة لترسيخ وتعميق ما يعرف بالجانب المادي للثقافة. ويقول البيروني في "مبدأ عبادة الأصنام وكيفية المصنوعات" "معلومٌ أن الطباع العامي نازع الى المحسوس نافر عن المعقول الذي لا يعقله إلا العالمون الموصوفون في كل زمان ومكان بالقلة ولسكونه إلى المثال عدّل كثير من أهل الملل الى التصوير في الكتب والهياكل كاليهود والنصارى ثم المنانية خاصة، وناهيك شاهداً على ما قلته أنك لو أبديت صورة النبى صلى الله عليه (وسلم) أو مكة أو الكعبة لعامي أو إمرأة، لوجدت من نتيجة الاستبشار فيه دواعي للتقبيل وتعفير الخدين والتمرغ كأنه شاهد المصوَّر وقضى بذلك مناسك الحج والعمرة، "وهذا هو السبب الباعث على إيجاد الأصنام بأسامي الأشخاص المعظمة من الأنبياء والعلماء والملائكة مذكرة أمرهم عن الغيبة والموت مبقية آثار تعظيم في القلوب لدى الغوث إلى أن طال العهد بعامليها ودارت القرون والأحقاب عليها ونسيت أسبابها ودواعيها وصارت رسماً وسنة مستعمل، ثم داخلها أصحاب النواميس من بابها إذ كان ذلك أشد إنطباعاً منهم فأوجبوه عليهم"[7].
من الآراء سالفة الذكر يتبين لنا أن الإنسان بطبعه ميال إلى تجسيد معتقداته حتى تعطيه الإحساس بقربه منها ملبياً حاجة نفسية فيه. ولقد كانت الفنون بكل أشكالها معبرة عن ذلك وهذا يظهر جلياً في رسوم المعابد القديمة، يقول الله تعالى "يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات أعملوا آل داؤود شكراً وقليل من عبادي الشكور" الآية (12) من سورة سبأ. ولقد إمتلأت جداريات الكنائس بالصور والرسومات وحتى الكتب التعليمية المسيحية اعتمدت كثيراً في إيصال مادتها على الرسم التوضيحي. والعمارة الإسلامية ممثلة في المساجد بلغ الفن فيها ذروته من معمار وزخرفة. وحتى المصاحف تجدها قد حليت وزخرفت بما يعرف بالأرابيسك (التوريق) تصميماً وتلويناً.
وما نجده في الأديان السماوية من إستخدام للفنون في أداء وظائفها يمكن أن نطبقه على بقية المعتقدات إذ نجد أن الفنون تلعب دوراً أساسياً في التعبير عنها.

الفن البدائي:

يمثل الفن البدائي في إعتقادي البدايات الأولى لآثار الجانب المادي للثقافة، والجانب المادي للثقافة في مجال الفنون التشكيلية كما هو معروف، هو كل أثر فني يمكن ان يرى بالعين المجردة، قد يكون ذا بعد ثالث معبراً عنه بالنحت والخزف وأدوات العمل المختلفة أو بعد ثنائي (في مسطحات) يمكن أن نجد لها طولاً وعرضاً وهذه الآثار الفنية أمكن عن طريقها التعرف على سلوك ومعتقدات الإنسان الأول (كهوف التاميرا) في إسبانيا بجدارياتها المنقوشة رسماً، وجداريات (كهوف جنوب أفريقيا).
وتوجد آراء متطرفة حول كلمة بدائي (Primitive) ومحاولة تشويه لهذه الكلمة وربطها بكل ما هو متدني وغير متطور، والآراء هذه جلها أوربية أو غربية تشوبها الغرضية. وهم يحاولون وصف الإنسان الممارس لتلك الفنون بعدم معرفته ودرايته بها، وأنه لا يفهم فيها على الإطلاق، وإذا مارسها فإنه لا يعي قيمتها الجمالية.
يقول آرنهيم (Arnheim) "أن الفن البدائي لا يصدر عن إبداع أو رغبة في الفن. وهو لا يمارس ليعطي الإحساس بالمتعة ولكن هذا الفن "أي الفن البدائي" أداة عمل في الحياة اليومية"[8] وفي وفي تعريف لكلمة (Primitive) في المعاجم الأوروبية نجد هذه الكلمة في الفنون تعني فنان ينتسب إلى عهد سابق لعصر النهضة الأوربية، فنان درس الفن على نفسه، أو فنان تتسم آثاره بالسذاجة والبساطة.[9] وكلمة (Primitive) من غير فن تعني أصلي، أولي، بدائي، فطري، قديم، عتيق الطراز والـ(Primitivism) تعني البدائية الفطرانية أو الإيمان بأفضلية الحياة البسيطة، المشدودة الجذور الى الطبيعة. وفي بعض المعاجم تعني هذه الكلمة غير متطور، غير متحضر، مثقف أو في المراحل الأولى للتطور، موضة قديمة[10].
هذه التعريفات بما جاءت به المعاجم أو كانت آراء لأمثال آرنهيم (Arnheim) فيها من التطرف، والمتناقضات، ومن التعصب الكثير. ففي تعريف المعاجم نرى كلمة (Primitive) تعني البدايات وتعني القديم والفطري في حين أننا نجد ما يقابلها في نفس التعريف للكلمة وهي تعريفات بمعنى غير متطور، غير مثقف، ساذج.
ونجد في تعريف آرنهيم الجزم القاطع بأن كلمة (Primitive) في الفنون هي كل مالا يوجد فيه إبداع ولا يولّد الاحساس بالمتعة بل هو أداة تخدم متطلبات الحياة اليومية. وبهذا المنطق فإن آرنهيم يجرد المجتمعات (كما أسماها البدائية) من الإحساس بالقيم الجمالية الراقية في الفنون. وأعتبر ما يبدعونه مجرداً من القيم الجمالية ووصفه بالفن البدائي.
وفي إعتقاد جل علماء الأنثرلوبوجي أنه طالما كان هنالك مجتمع بدائي متخلف، على حد تعبيرهم، فإن هذا القول ينسحب على فنونهم أيضاً وذلك دون إقناعنا بكيفية التوصل إلى هذه التعريفات إلا عن رغبة ذاتية في تجريد هذه المجتمعات من إحساسها بالقيم الجمالية وتسميتهم بالبدائيين وهذه البدائية بالنسبة لمجتمع الغرب تعني الدونية، يقول فريزر (Frazer) في تعريفه لعلم الأنثربولوجيا الإجتماعي "هو فرع يتعامل مع المجتمعات البدائية"[11] ولقد عرّف معجم إكسفورد الفن البدائي على أنه "أي فن سابق لعصر النهضة الأوروبية" وتطبيق هذا التعريف على أفريقيا مثلاً فيه كثير من عدم الدقة لأن أفريقيا كانت مشرقة بفنها وضاربة الجذور حضارياً قبر عصر النهضة الأوروبية، هذا ومن جهة أخرى فالعالم الانثربولوجي المتميز ليفي شتراوس[12] إنصبت دراساته جلها على المجتمعات التي وصفت بأنها بدائية ونجده عندما يقارن بخاصة في مجال الفنون لا يعطي للتصنيفات بالاً. وهو يقارن بين فنون عاشت في عهد ما قبل الميلاد وفنون حديثة، وربما باعدت بينهما المسافات الجغرافية وحاول أن يثبت أنها متشابهة بل متطابقة. إذن عامل الزمن أو المسافة لم يكن دليلاً على التخلف أو التحضّر.
وعندما عرّف هنري جلاس (Henry Glassie) الفنون الشعبية (Folk Art) قال "أنها إذا أعطت الاحساس بالمتعة فقط كانت فناً أما إذا كانت هنالك وظيفة للعمل الفني فإنه يعتبر مهارة يدوية"[13]. هذا التعريف واضح وصريح في فصل الفن عن الحياة أي بمعنى أن يكون الفن لذاته (فن صالونات) وفن الصالونات هذا يخص مجتمعاً بعينه ولنوع معين من الفنون. فلوحات فان جوخ في حياته، كانت لا تعني شيئاً بالنسبة للذوق الأوروبي، أما الآن فإنها تحمل على متن الطائرات الحربية حفاظاً عليها، وذلك لحملها من مكان لآخر، لإقامة معرض بها، وقد بلغت أثماناً خيالية. هذه في نظري هي فنون الصالونات التي تعني مجتمع بعينه له ذوقه ووضعه الإجتماعي والإقتصادي الذي يتحكم في ميوله، أما مجتمع أفريقيا فإنه مجتمع يمثل الفن فيه جانب المتعة ويلبي إحتياجاته الحياتية في آن واحد. ومن الآراء الغربية المعاصرة، والتي دققت في الفنون الأفريقية وإستوعبتها بإدراك الدارس المتفهم للثقافة الأفريقية نجد أن روي سيبر (Roy Sieber) في مقال له بعنوان "الفن الأفريقي التقليدي" يقول: "لكي تتعرف على الفن التقليدي في أفريقيا عليك أن تطرح جانباً من إفتراضات العامة، أولها أن الفن الأفريقي فن بدائي، وإذا كنا نعني بالبدائية البساطة والسذاجة وعدم الإرتباط بالتاريخ فالحقيقة أن الفن الأفريقي فن راق ذو عمق تاريخي. ثانياً: الفن الأفريقي لا ينتج لجمالياته فقط أي من وجهة النظر الغربية (الفن للفن) وإنما هو مرتبط بالمعتقدات الموجودة، والممارسة في المجتمع، والثانية وهذه لا تنطبق على الفن فحسب وإنما تاريخ أفريقيا فهو تاريخ ضارب في القدم غني بالملامح دون مناطق العالم الأخرى"[14].
هذه النظرة للفنون الأفريقية فيها الأمانة والنظر من خلال منظار واع ودقيق دون خلط للمفاهيم والنزوح إلى مقارنات لا يسندها منطق. ونفقد مصداقية المقارنة حين نقارن مجتمعاً بمجتمع آخر دون إعتبار لشرطين أساسيين في تكوين الناتج الثقافي، هما الزمان والمكان أي تأريخية وجغرافية الظاهرة. فمجتمع أوروبا له نظرة مغايرة في فهم الأشياء غيره في أفريقيا. تقول "روث فينيقان" لكي تفهم الأدب الأفريقي عليك أن تتفهم حياة مجتمعات أفريقيا"[15] وهذا القول في رأيي ينسحب على الفنون الأفريقية الأخرى أيضاً. فلا يتم فهمها والتعرف عليها المعرفة التامة الصحيحة إلا بوضعها في إطارها الثقافي والإجتماعي المتكامل والمترتبط بتاريخه وجغرافيته.
فإذا إفترضنا جدلاً أن الفن الأفريقي فن بدائي بمعنى "متدني" فلماذا تقلد هذه البدائية ممثلة في أعمال "بيكاسو"، والتي يستخدم فيها الموتيف والأقنعة الأفريقية، ويعتبرها الأوروبيون فناً راقياً وعظيماً. فإذن الحكم ليس للموضوع في هذه الحالة وإنما الحكم للإطار الذي يؤطره. فإذا كان في قالب أوروبي فهو فن راق متحضر جميل، في حين أن الموضوع الفني الذي إستخدم يكون حينذاك فقد ملامحه وقيمته وأصبح مسخاً لأن الفنون في المجتمعات الأفريقية تلبي جانب المتعة والإحساس بالجمال، كما أنها تمثل رؤية تشكيلية في إطارها الثقافي المتكامل، طالما أن الفن لا ينفصل عن الثقافة ويعتبر الفن في حد ذاته معطى ثقافياً ناتجاً عن تفاعل الحياة وديناميكيتها، وهذا هو الموضوع الذي أود طرحه في محاولة لإيجاد أبعاده وربطه مع بعضه البعض لإعطاء مثال للفنون الأفريقية وكيف أنها تمارس وتبلور من خلال الوضع الإجتماعي والثقافي وذلك في منطقة النوبة والتي تقع في الجزء الشمالي للسودان وتمتد حتى أسوان في الأراضي المصرية.

منطقة النوبة:

تقع منطقة النوبة على خط عرض 19 شمال. وتندر فيها الأمطار وهي منطقة جافة تهب عليها الرياح الشمالية طول السنة. وفي الشتاء تزداد حدة الرياح المحملة بالأتربة والغبار. ويقطن سكان النوبة على ضفاف نهر النيل إذ أن الصحراء تشكل جزءاً كبيراً من المنطقة، ويصعب السكن فيها. ومنطقة النوبة تقع بين أسوان جنوب مصر حتى دنقلا في شمال السودان والتي غمرت مساحة كبيرة منها مياه السد العالي (1963) [16] وسكان تلك المنطقة هم النوبيون وينتمون إلى مجموعات الكنوز والمحس والدناقلة. وهم مسلمون ويعتمدون على الزراعة في كسب عيشهم، والتي تروى من نهر النيل، الذي يمر بتلك المنطقة ليصب في حوض البحر الابيض المتوسط. وأشهر محاصيلهم البلح والذرة. ولضيق الرقعة الزراعية الخصبة ولشظف العيش فإن عدداً غير قليل من الرجال هاجر إلى جمهورية مصر العربية أو مدن السودان كالخرطوم طلباً للرزق. وهذا الوضع ألقى على عاتق المرأة في تلك المنطقة مسئولية ضخمة وأعباءاً جسام[17]. والنوبيون يبنون مساكنهم من الجالوص، وبناة المنازل غالباً من غير النوبيين وهم الشايقية والمناصير. وتشبه المنازل في تصميمها الطراز الفرعوني القديم. وتتميز المنازل بالزخرفة والنقوش، والزخرفة هي عبارة عن رسوم ونقوش تزين جدران المنزل خارجياً وداخلياً في بعض أجزائه. وقد تكون الزخرفة بالأدوات أو الأواني كالأطباق وكذلك البروش والتي هي مستخدمة في الأصل لأغراض معيشية وهذه الأدوات والأواني توضع بطريقة فنية تعطي الناظر إليها الإحساس بأنها صنعت خصيصاً للزينة. ولكن هذه الأدوات والأواني والنقوش في مجملها هي إنعكاس لحياة إجتماعية وثقافية وإقتصادية وروحية متكاملة في منطقة النوبة. إذ تلعب هذه الرؤى دوراً أساسياً في وجودها بتلك الصورة.

خلفية تاريخية للزخارف في منطقة النوبة:
بإلقاء نظرة للتاريخ المسجل نجد منطقة النوبة قد مرت بتيارات ثقافية وحضارية ضاربة في القدم بدءاً بالعصر الحجري القديم والحديث ثم حضارة كرمة فالإحتلال المصري (الحضارة الفرعونية) ثم الحضارة المروية فالمسيحية ثم الحضارة العربية الإسلامية. ولقد لعبت الزخرفة والفنون بصفة عامة دوراً هاماً في تجسيد معتقدات ونقل سمات وبلورة خصائص هذا التسلسل الحضاري، الشاهد على ذلك آثار الحضارة الفرعونية متمثلة في الفن النوبي في شكل المباني وزخرفتها بالصحون، إذ أن هذا الرمز الدائري يمثل قرص الشمس المجنح الفرعوني[18] أما قرون الحيوانات فهي دلالة إلى الكبش النوبي (الإله آمون) [19] وآثار حضارة كرمة ومروي متمثلة في رسم الأسد، وهو أسد كرمة ويمثله الإله أبادماك في الفترة المروية أما الفترة المسيحية فنجد آثارها متجسدة في مخلفات الكنائس النوبية القديمة (كاتدرائية فرس وكنيسة سنقي غرب). فنجد الهلال على رأس أبارخ نوباديا يتوسط التاج الذي يلبسه وهو مؤشر إلى عبادات سالفة (إله القمر) في مصر القديمة. ولتزامن المسيحية والإسلام في منطقة النوبة (إتفاقية البقط) [20]، فإن هذا الهلال قد تواصل أيضاً ليحمل دلالة إسلامية مع النجمة. والتي تمثل خاتم النبي "ص"، وفي أوائل القرن التاسع عشر أثار الرحالة النمساوي بيركهاردت عندما زار بلاد النوبة والسودان (1809) إلى زخرفة المنازل هذه في بلاد النوبة[21]. أما في بدايات القرن العشرين فإنه لأسباب إقتصادية وإجتماعية قد حدث ما يعتبر إزدهاراً لزخرفة المنازل. وهي تحمل في إحشائها محصلة ثقافية متمازجة لتبلورها فيما وددت الحديث عنه الآن. وهذا يفسر ممارسة رسم الصليب على جباه الرضع من الأطفال المسلمين ولكن إستعماله ذو دلالة خاصة وهي لدرء العين، على غيره في المسيحية. وظاهرة الزخرفة التي أود الحديث عنها إزدهرت في الفترة من (1920-1947) وقد إمتدت ظاهرة زخرفة المنازل هذه إلى أن غمرت مياه خزان أسوان تلك المنطقة ولقد لعبت الرؤية الثقافية دوراً كبيراً في إنجاز هذا التشكيل، فالزخارف إرتبطت إرتباطاً وثيقاً بالمعتقدات وهذا يظهر جلياً في المساحات التي خصصت لإبراز الموتيف المعبر عنه برسوم الحيوانات والموضوعات المختلفة وقد تجد رسوم لحيوانات ليست لها صلة بهذه المنطقة على الإطلاق في الوقت الحالي كصورة الأسد على سبيل المثال الذي نجده يأخذ عدة أشكال في زخرفة المنازل. والمعروف أن سكان تلك المنطقة مسلمون، وعندما دخل اللإسلام هذه المنطقة دخل عن طريق التعايش السلمي مع المسيحيين فنجد تمازج الثقافتين الإسلامية والمسيحية مع الإرتباط بالثقافة المحلية وهذا التمازج كانت نتيجته أن سكان تلك المنطقة يؤدون شعائر الإسلام ويرسمون الصليب على جباه الرضع من أطفالهم كما أسلفت وهم يؤمنون بالأرواح والقوى الخارقة للطبيعة ولديهم اللإعتقاد في ضرورة وجود وسيط[22] (الفكي) بينهم وبين الخالق وهذا ليس في الدين الإسلامي من شيء. فنجدهم يرون في التمساح الساحر، وينظرون إلى الثعبان على أنه روح، ويقوي هذا الإعتقاد أنهم يرسمونه في هيئة الشيخ "أحمد الرفاعي".
ولديهم الإعتقاد كذلك بأن هنالك قوى ومخلوثات تمنع الشر جالبة للخير فكثير من الرسومات التي تزخرف بها المنازل لا توجد فعلياً في المنطقة ولم تتيسر لهم رؤيتها حقيقة ولكنها متأصلة متعمقة في معتقداتهم ولها دلالات في القيم الثقافية وبهذا يكون ما يمارسونه على أنه إسلام هو من قبيل التراث الإسلامي الشعبي (Folk Religion).
والزخارف عادة ما تقام في مناسبات الزواج[23]. وأعداد منزل العروس يعتبر مدخلاً أساسياً لإقامة الزخارف وذلك بتجهيز المنزل وإعداده، ففي الثلاثينات والأربعينات إزدهرت هذه الزخارف بخاصة زخارف المنازل بالصحون ولكي تكون هذه الصحون متناسقة نجد أن البعض لا يألوا جهداً في شراء "طقم كامل" لعمل زخرفة المنزل الواحد، إذن كانت هنالك الحاجة للزخرفة نفسها من حيث الإحساس بالقيمة الجمالية لتلك الزخرفة، والزخرفة بالصحون سبقتها في العصر القديم الزخرفة بالصدف والمحار، والذي كان يجلب من النهر أو بواسطة الباعة المتجولين الذين يأتون من أماكن متفرقة في السودان كما كانت الحصي مادة لعمل زخرفة المنازل.
وبجانب تلك المواد فإن هنالك أدوات وأواني غنية باللون والتشكيل المتناسق، كما أن البروش والأطباق تستعمل في زخرفة المنازل أيضاً وذلك بوضعها في أشكال فنية متجانسة بجانب إستعمالها في الحياة اليومية. والزخرفة تستخدم بوعي كامل بالقيم الجمالية الكامنة فيها. وهم يقومون بحشدها للنظر إليها وبالتالي صرف النظر عن صاحب أو صاحبة المنزل وبالتالي تكون الزخرفة عامل حماية من شرور "العين".
والزخرفة بالرسم والتلوين وجدت طريقها كأداة تشكيلية ويمكن أن يقال أنها بلورت وجسدت مفاهيم ثقافية لأن مجال التشكيل بالرسم أرحب وأوسع من غيره من الأدوات والأواني، والتي تكون مادتها محدودة كالصحون والبروش والطباق. ولقد إستخدمت الألوان الطبيعية والتي جلبت من الجبال وباطن الأرض كاللون الأحمر والأصفر (المغر) في بدايات التعامل مع اللون، وقد تدرج الفنان في إستعمال اللون ودخل عالم الألوان المصنّعة بعد أن تمزج الألوان بطريقة خاصة تناسب الذوق العام وقد إستعملت ظهرة الغسيل لإعطاء اللون الأزرق وذلك في مناسبات الحج، بخاصة، لما لهذا اللون من هدوء ووقار يتناسب وعظمة وجلال المناسبة، وهذه الرؤية للون الأزرق تتفق مع الرؤية التشكيلية الحديثة في تقسيم الألوان من حيث أن اللون الأزرق يتبع إلى المجموعة الباردة غير المثيرة والتي تتميز بالهدوء.
ومواضيع الزخارف المعمارية في منطقة النوبة غنية بأشكال متباينة مجسدة لما في المعتقدات بكل وجوهها سواء ما كان ممارساً في الطقوس كعظم الحوت في "الجرتق"، أو رأس تمساح أو أي حيوان له قرون، بوضعه في أعلى الباب، أو أشكال الأضرحة التي تزار من قباب و"بنية" أو ما هو وارد في القصص الشعبي أو الأدب كصورة الأسد التي يرمز لها دوماً على أنها "على بن أبي طالب". وهو كثير ما يتردد في الحكايات الشعبية والأحاجي. أو قد يكون الإعتقاد في المرفعين (الذئب) والثعبان والعقرب والسمك بأعتبار أنها قوى خارقة للطبيعة جالبة لمنفعة طاردة للشرور. وقد يكون الإعتقاد في الأرواح المقدسة كرسوم القطط على أنها أرواح التوائم. وأود هنا أن أستعرض بعض الظواهر في الزخارف المعمارية في منطقة النوبة. وذلك بتتبع تاريخي لتأصيل أن الظاهرة محلية ضاربة الجذور الثقافية والحضارية لأن الكثير من الأوروبيين الغربيين في دراستهم للفنون الأفريقية يجنحون إلى تحليل للظواهر بمعزل عن ما يحيط بها من مؤشرات تاريخية وثقافية وحضارية ولذا نجد كاتبة كمريانا وينزل (Marian Wenzel)[24] تعزو وجود ظاهرة موتيف الأسد مثلاً على أنه أثر مصري من العهد الفاطمي. وفي رأيي هذا القول قد جانبه التوفيق، ذلك لأن موتيف الأسد يرمز لعلي الكرار بدليل أن قبيلة بني ربيعة[25] وهي من أقدم القبائل العربية التي وفدت للسودان وتداخلت مع قبائل البجا والنوبة –كانت شيعية المذهب- مما يرجح أن يكون الموتيف قد دخل بتأثير هذه القبيلة. وإحتفال أهل المنطقة بليلة عاشوراء بكل طقوسها إلى يومنا هذا يدعم هذا القول. فإذن لا بد من النظرة الشاملة عبر الزمان والمكان لكي تتأتى لنا نظرة متعمقة فاحصة لنخرج بنتيجة هي أقرب إلى الحقيقة.
والنساء في منطقة النوبة كان لهن الدور الأساسي في عملية الزخرفة. ومما أهل المرأة لتلعب هذا الدور غياب معظم الرجال طلباً للرزق وخلو الساحة إلا من القلة التي تعمل في أعمال مختلفة منها زخرفة المنازل. ويكون العمل غالباً بتوجيهات النساء، والمرأة عرفت دائماً بأنها مخزن الخبرة في الإحتفاظ بالتراث والمحافظة عليه وهي التي تبدع من مخزون ما في ذاكرتها جمالاً وأصالة. ولقد كانت البدايات الأولى في عمل الزخرفة من شأن النساء اللائي كن يقمن بطلاء المنزل وزخرفته وإعداده، ولكن في العشرينات من هذا القرن ظهرت مجموعة من الرجال عملت في هذا المجال ولقد إزدهرت عملية الزخرفة وذلك لعوامل إجتماعية وإقتصادية. ومن أسماء الرجال التي كان لها الشهرة والصيت الفنان أحمد بتول، وحسن عرابي أو كما يلقبونه "حسن حوه" و"جبر باب الخير" و"داؤود عثمان". ومما تقدم فإن إسم أحمد بتول وحسن حوة إرتبطا بإسم الأم، وذلك ربما وجد في كثير من مناطق السودان بخاصة في مجتمع النساء من مناداة للشخص بإسم أمه وربما كانت هذه إشارة إلى جذور تاريخية قديمة في الثقافة السودانية، عندما كانت للمرأة السيادة والسلطة الحاكمة، ولقد تغيرت هذه النظرة عندما دخل الإسلام للسودان فصار الإبن ينسب لأبيه وقد تؤكد هذه التسميات إرتباط هؤلاء الفنانين بمجتمع النساء.
ولقد كان لكل فنان من هؤلاء الفنانين إسلوبه الخاص في عمل الزخرفة، على الرغم من تشابه المواضيع. وهم يبذلون قصارى جهدهم بالوصول بالزخرفة إلى درجة فنية رفيعة المستوى. فالفنان حسن عربي كان يعطي صورة دقيقة لرسم الدوائر والمثلثات، قد إستعمل "البرجل" و"المسطرة"[26]. فإذن كان هنالك الغرض الجمالي والتجويد في نظر فنان تلك المنطقة. ولقد تباروا في التلوين، مما يؤكد غلبة الحس الجمالي، ولكن إذا ألقينا نظرة فاحصة على هذه الزخارف نجد أنها توضع في مناسبات معينة وبتكثيف شديد. وتوضع في أماكن معينة من المنزل وليس عداها. وقد تستعمل أدوات بعينها، أو أوانٍ بعينها دون الأخرى، هذا التخصيص يجعل من الزخارف أداة لدور معين تقوم بوظيفته، وفي هذا المجال تبرز أشياء عديدة، منها درء العين الحاسد أو الشريرة وجلب المنفعة والبركة وفك العارض، فإذن هذه الزخارف بقدر ماهي ذات قيمة جمالية فهي تمثل منفعة شخصية في الحياة اليومية فهي تلبي حاجة المتعة والمنفعة في آن واحد. وهنا أود أن أستعرض بعض الرموز والمواضيع لأدلل على ذلك ومحاولةً تبرير وجودها في منطقة النوبة وفي السودان عامة ما أمكن ذلك.

الأســــــــــــــــــد:

إذا تتبعنا ظاهرة رسم موتيف الأسد نجد أن هذا الأسد يرجع تاريخياً إلى أسد كرمة (مجموعة متحف القاهرة) ونجده أبادماك ذا الثلاثة رؤوس مجسدة "الحكمة، العقل، والإرادة" في العهد المروي وهو أسد الله في الإسلام "حمزة بن عبد المطلب" رضي الله عنه[27].
والأسد في المديح النبوي هو "أسد الله البضرع" "غناء أولاد الماحي" وهو "علي الكرار أب سيفاً حار" في لعب الأطفال عندما يطاردون الجراد في مواسمه، ونجد كذلك أن رسم شكل الأسد دائماً في صورة وجه آدمي يحمل في يده سيفاً دلالة على أنه الرمز لعلي الكرار. ونجده في اللوحات الحائطية معلقاً وفي خياطة المفارش لدى البنات عندما يزخرفن بالإبرة ما لديهن من أقمشة. وعليه فإن هذا الرمز جاء نتاج مفهوم ثقافي عميق الجذور التاريخية وليس لأن الأسد يعيش في تلك المنطقة.

التمســـــــــــاح:

يعتبر التمساح من القوى الخارقة للطبيعة فهو في الديانات المصرية القديمة يمثل الإله سبك وفي الأحاجي والقصص الشعبي يمثل دوماً القوى الخارقة للطبيعة. والتمساح في لعب الأطفال هو "الدودو" أي الساحر فهم يتغنون: "شليل وينو ختفو الدودو- شليل وين راح ختفو التمساح- شتيتولو الحب وقع كرب كرب".
ومِسْك التمساح وظفره يستعملان في صناعة العطور المحلية وإستعمالهما إستعمال متميز. فهما يستعملان كما تقول النسوة "للتفحيل" وهذه الكلمة مشتقة من الإسم "فحولة" ومفردها "فحل" وهو الذي يعطي الإخصاب للأنثى. والظفر والمسك هما بمثابة المخصب للعطر. والعطر المحلي "الخمرة" تدخل في تركيبه عدة أنواع من المواد يجيء مسك التمساح وظفره "ليفحلانها" وهي بالفعل تزداد طيباً وقوة نفاذة، وعلى الرغم من رائحة التمساح غير الجميلة إلا أنه يمكن أن يستخلص منه مواد هي بمثابة "المفحل" لبقية الطيب وهذا الإستعمال المجازي للفظ "التفحيل" يقوي من الإعتقاد الشائع بأن تناول أجزاء بعينها من التمساح بعد إعدادها تزيد من فحولة الرجل، والتمساح هو الهيئة التي يتحول إليها أولياء الله الصالحين متى "أغار" أحدهم على الآخر. فهم يتحولون إلى تماسيح تبتلع من حولها وهذا يرد في كثير من الأقوال والحكايات الشعبية، وفي المسميات "أب كريق" وتمساح الكدرو وتمساح البقر وفي الأغاني الشعبية هو:
التمسـاح العـشاري
يضرب يمين ويساري
والتمساح العشاري هو ما بلغ طوله عشرة أذرع وفي الأغاني يقولون أيضاً:
تمسـاح أب كبــو الضــارب الليّـة
يبلع جب وجب ولي خسيمه جيد ليّه

الثــعبـــــــــــــــان:

الثعبان في هذه المنطقة يرسم في هيئة الشيخ "الرفاعي" أو هو ملتف حوله. وعموم أهل السودان عندما يرون ثعباناً فإنهم لا يقتلونه بل يقولون "جار ما نقَّــــار" وللجار في هذه المجتمعات حقوق كثيرة أهمها عدم الغدر به، ولذا فإنهم يتركونه لحال سبيله، ورؤيته للبعض (عارض) والعارض لفظ يطلقه أهل تلك المناطق وهم يشيرون بها لقوى خارقة لا يستطيع الشخص مجابهتها وهي غالباً ما تحول دون تحقيق مرامي أو أماني الشخص، أي تقف حائلاً دونه. وهذه اللفظة تستعمل بخاصة عند عدم الإنجاب، أو عدم الزواج، أو عدم العمل، فيقولون "عندو عارض". وعند رؤية الثعبان ميتاً في النوم أو قتله فإنه يعني أن العارض سوف يزول، والثعبان في الديانات المصرية القديمة هو الثعبان المقدس رمز الخيال والحكمة (ثعبان له جناحين). وهو في المسيحية رمز الخطيئة، ونجده مرسوماً في الجداريات "الفن القبطي"[28] صورة القديس ماري جرجس محاولاً قتل الثعبان. كما نجد صور الثعبان أو الحية في الإسلام رمزاً للشيطان وذلك عندما أغوى سيدنا آدم عليه السلام بأكل الشجرة المحرمة. وهذه الصور ظهرت بأشكال متعددة في الرسومات الشعبية في السودان. والثعبان في الأقوال (ما بيخلي تاره) فإذا قتل الذكر من الثعبان فلا بد للأنثى من أن تثأر وفي الإعتقاد أن الثعبان قد يكون شيطان أو جان وترد قصص وحكايات كثيرة في هذا الشأن، ولذا كان النظر إلى الثعبان بحذر شديد، ويقول الحاردلو:
دا إن أداك وكـــــــــــــتر ما بقــــــــــــــــــول أديــــــت
أب درق المـــــوشــــــــح كلـــــــو بالســــــــــوميــــت
حــجّـــــــــر مــــشــــــرع شــــــراب ســــــتيت
كاتال في الخلا وعقبان كريم في البيت
وهذا الوصف للرجل الشجاع الذي له القدرة لكي يمنع متى ما أراد ذلك، وهو "كاتال" أي محارب في الخلا ولكنه كريم كثير الكرم في دياره وهذا الوصف والرمزية ممثلة في "أب درق" وهو الثعبان. وهو "موشح بالسوميت" وهي إشارة إلى نوع معين من الثعابين الذي لا يهاجمك وأنت في داره بل يحاربك في الخلا، وهذا مكمن الشجاعة لأن الديار هي للأمن والإستقرار.

الـعـقـــــــــــــرب:
العقرب نجدها ضمن مخلفات حضارة كرمة[29] كتعويذة أو حرز إعتقاداً بأن العقرب يمكن أن تكون مانعة لوقوع شر والعقرب في النوم عارض أو إذا تكررت رؤيتها في الصحو أيضاً. والنساء في منطقة النوبة يخيطن نموذج للعقرب أسود اللون يعلقونه على الجدار في المنزل لمنع وقوع الشر، وفي الأقوال "النبي أقرب من العقرب" ودائماً يكون النظر إلى العقرب على أنها مخلوق غير عادي.

الــسمـــــــــــــــك:
السمك حيوان مقدس وجد مرسوماً في جداريات المعابد[30] (الفن القبطي) وهو مرسوم في النسيج الخاص بالفن القبطي، والسمك يرد ذكره كثيراً في القصص الشعبي كمخلوق له قوى خارقة، وعظم الحوت أو السمك يستعمل في الطقوس كجزء من "الجرتق"، والجرتق يمارس كطقس ومعتقد لجلب الإخصاب ومنع العوارض في كل مراحل العبور في حياة الفرد (ميلاد، ختان، زواج) ورؤية السمك في النوم كما تفسر في "تعبير الرؤيا" هو مال يأتي إلى صاحب الحلم.

الحـمــامـــــــــــــــة:

هي الحمامة التي عاشت في الغار (غار ثور) لتحمي النبي (ص) وصاحبه أبابكر الصديق ولتضلل المشركين عن مكانهما وقد إنتقل رمزها لتكون في واحة الغزالة (الفن القبطي) فهي إذن الدلالة المسيحية والإسلامية في تلك المنطقة.

النـيــــــــــــل:

النيل عند قدماء المصريين وحكام وادي النيل هو "أبونا النيل" ومن الممارسات والطقوس المشهورة عادة تقديم "عروس النيل" قرباناً له حتى يفيض بنعمائه ويعمر الأرض بالخصب والنماء فكأنما إلقاء العروس إليه أو تقديمها له بمثابة الزواج. وعندما يتم هذا الزواج يكون الإخصاب للتربة التي تنبت خضرة ونضرة وقد أوقفت هذه العادة في عهد سيدنا "عمر بن العاص" عندما كان والياً على مصر بإعتبار أن النيل لا يفيض بتقديم القرابين له ولكنه من عند الله. ولكن ظلت عادة تقديس النيل على الرغم من موقف الإسلام الواضح. ولا زال النيل يزار ليمنح البركة لكل من يزوره ويغتسل ويتطهر بمائه وذلك في المناسبات المختلفة من "ميلاد وختان وزواج" وفي الإعتقاد أنها تطهر النفس من كل درن وتزيل العوارض. وعليه فإن ماء النيل يحمل إلى "النفساء" غير القادرة على الذهاب إلى النيل لتغتسل به لفك (الكبسة) والكبسة أى يصيب النفساء أو من يختن من الأولاد والبنات ويمكن إزالته بعمل طقوس بعينها، ويعتبر الإغتسال بماء النيل في مقدمتها. وفي ممارسات طقوس "الزار والطمبرة" فإن المرأة المصابة بهذين المرضين، فإنها في نهاية أي منها تذهب إلى النيل لتطرد "الحر والشر" كما يقولون.
والسودانيون يذهبون بالمرأة التي تمت "العدة" إلى النيل لتدفع الحر والشر كذلك، ولا يجوز أن يقابلها في طريقها إلى النيل رجل لأن الإعتقاد السائد أن هذا الرجل سوف يموت سريعاً ولذا فإن مجموعة النسوة اللائي يصحبن زوجة الميت يلوحون من البعد إلى أي شبح يعتقد أنه رجلاً لينجو بنفسه. ولترسيخ هذه العادة فإن الرجل لا يملك غير أن يهرب عدواً. والإعتقاد قوي في وجود حياة في داخل النيل ومن المخلوقات الموجودة داخله حسب إعتقادهم "بنات الحور" وهن في شكل نصف آدمي من أعلى وينتهي بذيل سمك وعند زيارة النيل فإن النسوة ينشدن كثيراً من الترانيم:
يالبحر الجاري الما حفروك بي طواري
الفـيــك بـنــات الحـور والحـواري
أو:
عريسنا سار البحر يا عديلة وقطع جرائد النخل الليلة زينة
والحياة داخل النيل لها قدسيتها حسب الإعتقاد الشائع وهي مليئة بمخلوقات مرتبطة بإتيان الخوارق وهنالك كثيراً من الروايات تروى في هذا المجال.

الحــــــــــــج:

كان الحج قديماً إلى البركل. فيلا (أزيس) وتواصل الحج إلى الأراضي المقدسة في الجزيرة العربية عند إنتشار الإسلام في تلك المناطق. فنجد رسوم الأماكن المقدسة والآيات القرآنية كجزء من زخرفة المنزل وهي موروثات دينية معاشة.

الـهـــــــــــلال:

يوجد الهلال في مصر القديمة (إله القمر) وقد كان الهلال ضمن التاج الذي يلبسه أبارخ نوباديا المسيحي وقد نجد الهلال أيضاً على رأس الأميرات النوبيات في رسوم المعابد النوبية (متحف السودان القومي) ولقد تبنى الإسلام الهلال والنجمة التي هي مختلفة عن النجمة المضمنة تاج أبارخ نوباديا وهي خماسية الشكل ويرمز لها بخاتم النبي "ص". والهلال من الأدوات المستخدمة في الجرتق بوضعه في جبين العريس أو من يختن من الذكور. وغالباً ما نجد الهلال مرسوماً في حلي النساء والتي هي مصنوعة من الذهب أو الفضة، أو نجد الهلال في جبة الدراويش مخاطاً أو في المفارش والمناديل مخاطاً أيضاً ويذهب الهلال أكثر من ذلك وذلك في تشكيل عجنة (الخبيز والحلويات) وهو في المساجد دائماً في أعلى المئذنة وفي سارية إحتفالات المولد النبوي الشريف، وعادة ما تفك المشاهرات برؤية هلال الشهر وربما جاءت كلمة مشاهرة من كلمة شهر[33].

الـصـــــــــــــــــلـيـب:

يعتبر الصليب الرمز لمفتاح المدينة في مصر القديمة، يحمله الملك ودائماً نجده في رسوم المعابد، والصليب في المسيحية يمثل في شكله "الأب والإبن والروح القدس آله واحد آمين"[34]. هذا في إعتقاد الأقباط المصريين، وفي الإسلام تقول الآية الكريمة "وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم" سورة النساء الآية (156) وعلى الرغم من ذلك يرسم الصليب على جباه الرضع من أطفال المسلمين في السودان كموروث ثقافي لدرء العين. كما يزخرف بشكل الصليب بعض الأواني كالفخار بغرض الحرز وليس لأن سكان المنطقة مسيحيون. والصليب يستعمل في طقوس الزار لمجموعة بعينها حيث تلبسه النساء ممن يعتقدن أنه يتقمصهن زار من أصل مسيحي كزار "الحبش" وزار "الخواجة". والخواجة لفظ يطلقه السودانيون على كل قادم من أوروبا أو الغرب، أبيض البشرة غير مسلم.

النـخـيـــــــــــــــل:
النخيل موجود في المعابد القديمة وشجرة النخيل لها خصوصيتها في الديانات المصرية القديمة. وقد ذكر النخيل في القرآن حيث جاء في الآية القرآنية الكريمة (وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنيا) الآية (24) سورة مريم. ويعتبر التمر في الإسلام مباركاً بل كثير البركة "ما جاع بيت فيه تمر" حديث شريف.
ويعتقد الأقباط المصريين بأن الشجرة التي آوت إليها مريم هي شجرة النخيل ونجد أستعمال النخيل سواء أكان فروع للنخيل أو ثمرة النخيل وارد بكثرة في الطقوس المختلفة. ففي ليلة العرس لا بد من وجود تمر وذرة في بيت العروس توضعان في حجرتها الخاصة تفاؤلاً بالخصب والنماء. وربما تمارس عادة أن يدلق العريس التمر والعيش على عروسه ليله الدخلة، عند إستقبالها كما تتلفظ النسوة بالأماني الطيبة المباركة للعروسين. ويوضع التمر والذرة أيضاً لدى النفساء تحت "العنقريب" الذي ترقد فيه، وجرائد النخل هي التي يقطعها العريس عندما يذهب للبحر (النهر) وتتم عملية قطع الجريد بين غناء النسوة وزغاريدهن حتى لحظة الوصول إلى منزل العروس ليأتي إليها العريس بالبشر وهو يحمل جريد النخل أو السعف. والسعف هو ورق النخل وعادة ما تربط السعفة حول الأيدي في مناسبة الختان. كما يوضع السعف على الخلاصة عندما تدفن في فناء الدار والإعتقاد بأن هذه الممارسة تجلب الخير والنماء.
ومن الطقوس التي تصاحب مراسيم دفن الموتى أنه إذا كان الميت شاباً ولم يتزوج فإن "العنقريب" الذي يحمل عليه يزخرف بجرائد النخل الأخضر[36] وقديماً كانت توضع جرائد النخل على القبور.

الباذنـجـــــــــــــان:

الباذنجان يعتبر من ضمن الأشياء التي توضع بجوار النفساء وهو يعتبر فكاكاً من العارض وطارداً للأرواح الشريرة وتوجد إسطورة[37] نوبية تقول أن طائر البوم كان فتاة عانس في الأصل. وكانت كثيرة الجحود بنعم الله، فسخطها الله ومسخها لتصبح طائر البوم. ومنذ ذلك الحين فإن طائر البوم أو (البومة) في الإستعمال الشعبي تتحين الفرصة لترضع أي مولود ذكر لبنها لكي يكون أبله، وذلك إنتقاماً من جنس الذكور. فعادة وضع الباذنجان إذن تهدف إلى طرد الشر المتوقع والنساء عادة ما يضعن الباذنجان الأسود لمنع شرها. وفي اللغة النوبية يقولون (بؤ مقل جدو) أي راضع لبن البوم دلالة على بلاهة الشخص الموصوف، وعامة أهل السودان يصفون الشخص الأبله بالبوم وربما إستناداً على الإسطورة الشعبية آنفة الذكر. وفي بعض أنحاء السودان يعتقدون أن هذه البونة تحدث صريراً إذا سمعته الحامل سوف تجهض وبالتالي فإنهم يضعون على رأسها إبرة إلى أن يحين مواعد ولادتها، والإبرة في إعتقادهم تمنع شر البومة.

زخارف البروش والأطباق (مصنوعات السعف):
يبالغ في زخرفة المنازل بالبروش والأطباق ليركز عليها النظر وبالتالي ينصرف الناظر إليها عن صاحب أو صاحبة المنزل وبالتالي حمايته من العين الحاسدة، وإذا تتبعنا ظاهرة البروش والأطباق نجدها ضاربة الجذور في القدم إذ ترجع إلى عهد كرمة[38] وهي تحمل نفس نوع الغرز المستعملة الآن دون تغيير يذكر عدا في الأشكال الزخرفية. وهذه الأواني والأدوات لها إستعمالات في الحياة اليومية وفي الطقوس والعادات ومراحل حياة الفرد.

الصحائف- الصحون:

عادة زخرفة المنازل بالصحون عادة قديمة من العهد الفرعوني وربما كانت الإشارة إلى عبادة "قرص الشمس المجنح". ولقد كانت الحصي أو الحجار تحل محلها أحياناً، أو الأشكال الدائرية. وربما إتخذت في الزخرفة شكل الصليب[39] الذي له دلالات عدة في تلك المنطقة، والحصي قديماً كانت توضع على القبور وهي تسبح بحمد الله وفي الإسلام فإن عادة رجم الشيطان بالحصي شعيرة من شعائر الحج.
ولقد إزدهرت الزخرفة بالصحون في الثلاثينات والأربعينات إلى درجة أنك تجد أطقماً كاملة خصصت لعمل الزخرفة وربما كلف إستجلابها من خارج البلاد أموال عديدة. لكن كانت هنالك الحاجة إلى الزخرفة سوى أكانت لقيمتها الجمالية أو لغرض درء العين وللحماية من الشرور وجلب النفع للإنسان.

خــــــاتــمـــــــــــــــة:
من خلال دارسة هذه الظاهرة فإن قد وضح جلياً بأن الثقافة الأفريقية لها خصوصيتها ومميزاتها وذلك تبعاً للعوامل الإقتصادية والإجتماعية والسياسية والروحية وذلك على حسب الوضع الجغرافي والتأريخي. وعليه فإن ما يمكن أن نطبقه بمقاييس معينة على مجتمع أوروبا مثلاً لا يمكن تطبيقه على أفريقيا وذلك للعوامل سالفة الذكر التي تختلف من منطقة إلى أخرى.
فالتركيبة الإجتماعية والوضع الإقتصادي للمجتمع الأوروبي وضع له خصوصيته وظروفه المعينة، هي التي تجعل الفنون في هذه المجتمعات فنون للمتعة، ويكون الدور الوظيفي لها مرتبط بفلسفة المجتمع لوظيفة الفن وذلك من خلال فلسفة الفن لذاته. أما فيما يتعلق بالفنون الأفريقية، فإنها لا تنفصل عن الحياة، بل هي التي تبلور وتعكس حياة هذه الشعوب وهذا واضح في المثال الذي تناولته بالدراسة وهو زخرفة المنازل في منطقة النوبة. فالمنازل لها وظيفة السكنى، وهذه الزخارف غير أنها تمثل الجانب الجمالي فإنها تلعب دوراً أساسياً في عكس المفهوم الثقافي والإجتماعي لمضمون هذه الزخارف، فإذن الإستفادة من الفنون هنا إستفادة بعيدة المدى وهي موظفة لتخدم أغراض الإنسان الروحية والحياتية، ولقد ظهر جلياً أن أي وجه من أوجه الثقافة الأفريقية لا يعمل في فراغ بمعزل عن أوجه الثقافة الأخرى. والإنسان الأفريقي هو الذي يبدع من أجل الحياة. ويمارس هذا الإبداع من أجل نفسه ومن حوله ولذا فإنه يولي أدوات عمله عناية فائقة وذلك بزخرفتها ونقشها وتزيينها بحيث تتناسب والمواضيع الأخرى شكلاً ومضموناً، وعليه فإن أراد أي شخص التعرف على الثقافة الأفريقية كما أوردت "روث فينيقان" لا بد من معرفة كل الجوانب الحياتية لدى الجماعة، حياتياً وثقافياً وإقتصادياً وسياسياً وروحياً.
ولقد برهنت هذه الدراسة على أن كثيراً من تلك المفاهيم والمعتقدات تنسحب على معظم مناطق السودان بنفس المفهوم. وكما ظهر من هذه الدراسة أنه قد تختلف اللغة من منطقة إلى أخرى، وتختلف المنطقة إقتصادياً وبيئياً وجغرافياً، ولكن نجد نفس القصة الشعبية مثلاً، في المضمون بكل التركيب في فهم المعتقدات. أو نجد ممارسة عادة أو طقس بنفس الدرجة والكيفية. كما وضح أيضاً أن ما عبرت عنه نساء تلك المنطقة بالرسم قد عبرت عنه نساء أخريات في بقية مناطق السودان بالأقوال والأحاجي والقصص الشعبي وضروب الممارسات الأخرى من عادات وطقوس، وذلك لإختلافات جغرافية وسكانية.

الـــهــــــوامـــــــــش:

[1] محاضرة د. سيد حامد حريز في مقرر "الثقافة الأفريقية" ومحاضرة د. أحمد محمد علي حاكم في مقرر "الثقافة المادية" وهي مقررات الجزء الأول لنيل درجة الماجستير "بالنسبة لكاتبة المقال" من شعبة الفلكلور، معهد الدراسات الأفريقية والآسيوية، جامعة الخرطوم، العام الدراسي 1983م. (إعتمدت هذه الدراسة أيضاً على مجموعة الأفلام (Slide Film) نتيجة للبحث الذي أجراه د. أحمد محمد علي الحاكم عام 1964م "شعبة أبحاث السودان-جامعة الخرطوم").
[2] Peter J. Ucko, Art and Society, Geralad Duckworth and Co. Ltd, Henerietta Street, London.
[3]Mohammed Omer Bashir, Diversity, Regionalism and National Unity, A definition of Culture, Research Report No. 54, The Scandinavian Institute of African Studies, Uppsala 1979- p. 6.
[4] A.R. Radcliff-brown, Structure and Function in Primitive society, The Free Press, New York,1965, p. 5.
[5]Melville J. Herkovits and William Bascom, Continuity and Change in African Culture, Justine M. Card Well, University of Chicago Press, 1965, p.1-2.
[6] هيجل، "ترجمة جورج طرابيشي"، فكرة الجمال "الفكرة والروح المطلق" دار الطليعة بيروت، 1978، طبعة أولى، ص. 26.
[7] أبو الريحان محمد بن أحمد البيروني، تحقيق ما للهند، دائرة المعارف العثمانية، حيدر أباد الدكن، الهند، 1958.
[8]James Faris, Nuba Personal Art. The Functional Tradition, Art and Society Series, Dackworth, London, 1972, p.5.
[9] The Concise Oxford Dictionary, Six edition, 1976.
[10] The Lexicon Webster Dictionary, Vol. 2, 1976.
[11] A.R. Radcliffe-Brown, op. cit, p. 2.
[12]Claud Levi Straus, Structural Anthropology, Split Representation in Art of Asia and America, Penguin University Books, 1972, p. 245-268.
[13] Richard M. Dorson, Folklore and Folklife, Essay by Henry Glassie, “Folk-Art”, The University of Chicago, 1972, p. 253.
[14] Roy Sieber, Africa, Essay. “Traditional Art of Black Africa”, Indiana Universitry Press, 1977, p. 221.
[15] Ruth Finnegam, Oral Literature in Africa, Oxford at the Clarendon Press, 1970.
[16] Hassan Dafalla, The Nuliun Exoolus, Printed in Great Britain, Khartoum University Press, 1975, p. 166.
[17] أحمد محمد علي حاكم، الزخارف المعمارية في منطقة وادي حلفا، شعبة الدراسات السودانية، جامعة الخرطوم، 1965، ص 10.
[18] نفس المرجع السابق.
[19] A.J. Arkell, A History of the Sudan to A.D. 1821, The Athlone Press, 1960, Plate 12.
[20] إبراهيم صالح يونس، تاريخ الإسلام وحياة العرب في إمبراطورية كانم برنو، سلسلة دراسات في التراث السوداني، شعبة أبحاث السودان، كلية الآداب، جامعة الخرطوم.
[21] جون لويس بوركهاردت، ترجمة فؤاد أندراوس، الجمعية المصرية للدراسات التاريخية، مطبعة المعرفة، 1959، ص 208.
[22]Sayyid Hamid Hurreiz, Ja'aliyyin Folktales, Bloomington, Indiana University African Series, Vol.,7, 1977.
[23] أحمد محمد علي حاكم، مصدر سابق.
[24]Marian, Wenzel, House Decoration in Nubia, Art and Society, Series Duckworth 1972, p. 161.
[25] الحاج حمد، محمد خير، "بداية التمازج بين الثقافة السودانية والثقافة العربية"، ندوة الدراسات اللغوية 13-16 إكتوبر 1984 معهد الدراسات الأفريقية والآسيوية، جامعة الخرطوم، ص 4.
[26] أحمد محمد علي حاكم، مصدر سابق.
[27] أبو المنصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل الثعالبي النسابوري، "ثمار القلوب في المضاف والمنسوب"، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، الباب السابع والعشرون، القاهرة، دار النهضة للطبع والنشر، 1965، ص 381.
[28] Du Bourgue T.S.Y, Translated by Caryu Itayshaw “Coptic Arts, Art of the World”, George and Dragon, 1971, p. 178.
[29] V. George A. Reisner, Excavation of Kerma, Part IV.
[30] Pierre Du Bourgue, Coptic art, Fish and Cross.
[31] Ahmad Shahi, FCT, Moore, Wisdom from Nile, Clarendor Press Oxford, Libarary of African Literature.
[32] Sayyid H. Hurreis, “Birth, Marriage, Death and Initiatior Customs and belief in Central Sudan”, This is submitted for degree of M.A. in Folklife, University of Leeds, June 1966.
[33] Dr. Abdullah Al-Tayyib, “The Changing Customs of the Riverrair sudan”, Sudan Notes and Records, Vol. 36, 1955, p. 140.
[34] معلومة من السيد وليم زكريا، جامعة الخرطوم، معهد الدراسات الأفريقية والآسيوية.
[35] المصدر السابق، وليم زكريا.
[36]Hassan Daffalla, op. cit. p. 54.
[37] إبراهيم صالح يونس، تاريخ الإسلام وحياة العرب في إمبراطورية كانم برنو، سلسلة دراسات في التراث السوداني، شعبة أبحاث السودان، كلية الآداب، جامعة الخرطوم.
[38]V. George A. Reisner, op.cit. part IV.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) عن "مجلة الفلكلور السوداني"-(نصف سنوية، يصدرها طلاب شعبة الفلكلور بمعهد الدراسات الأفريقية والآسيوية بجامعة الخرطوم، السنة الثانية، العدد الأول، المجلد الأول، 1987).
أضف رد جديد