أحوال وأقوال.............9....الفاتح السفورى

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
محمد سيد أحمد
مشاركات: 693
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 8:21 pm
مكان: الشارقة

أحوال وأقوال.............9....الفاتح السفورى

مشاركة بواسطة محمد سيد أحمد »

طمرت سنوات العمر اﻵفلة ما طمرت، و طمست أرازيم القات ما طمست، وبخرت رمضاء اﻷنظمة' الداكرة' (إختزال من عندي لكلمة الدكتاتوربة) ما شاء لها أن تبخر من قدرتي على التذكر .. حكايات وأسماء أناس وأمكنة وأشياء، غابت ولفها النسيان .. أحبتي، ﻻ أعاني من متﻻزمة "الزمن الجميل"، لكن أوقاتا حميمة إلي، ظلت- مثل عشب بحر حي- عالقة بالذاكرة، هناك فى تجاويفها النائية، أوقاتا، إن مر بالخاطر ما يحركها، نقر القلب- ﻻ كعادته- وإرتبك .. سنة دراسية، تبدأ وهي تنداح على فصول سنة الناس، شتاءا، صيفا و خريف- كما المرأة الولود- حمل فة كل تسعة أشهر، حبلى بجديد المعارف وقول النشيد .. كتابة اﻷحرف، خارج الفصل، على الرمل .. رفع اﻷيدي مع ترديد النطق وراء الشيخ، كتابة ومسحا فى الهواء ..اللوحة المعلق عليها بعض السلع وأسعارها بالمليم ؛ الكبريت/كيس الملح/المحبرة/قلم الرصاص ...أعواد القصب (آﻻتنا الحاسبة)؛ العشرة يساوي واحد وتسعة .. العشرة يساوي إثنين وثمانية .. نعجات ثﻻث ..دجاجة حمراء ..ثعلب وبجعة ..دجاجي يلقط الحب/علمي أنت رجائي/أنظر لتلك الشجرة .. محمود العاشق، المفترى عليه قوله' هجم النمر' ، الرواية الصحيحة، على عهدة من شهد تلك الواقعة، أن محمود، كان طيبا ﻻيعرف الكذب، ولم يهجم عليه نمر، محمود قتله العشق، كان يهوى بنت العمدة، ولما يستبد به الهيام، يصيح وهو يرعى الغنم ؛ أنا مكتول فى بيت العمدة، حتى أغضب خفراء العمدة، فلحقوا به، وأوسعوه ضربا حتى لفظ الروح، ولما مات، خشي العمدة من الفضيحة، فإختلقوا له حكاية' النمر' ... متعة حيازة كراسات وكتب وزارة المعارف، المطبوع على غﻻفها اﻷخير، شكل كتاب مفتوح، يتوسطه رأس إنسان، بنصف أبيض ونصف أسود، وأسفل منه، فاتحا جناحيه هدهد المناهج ..أعمال الطين ؛ جمﻻ، ثورا وحمار .. الحبر المهدر عمدا على جنبات شنط الدمورية، وفى جيوبها الخارجية، تقف الريشات دليلا على إمتلاك زمام أمر الكتابة ..طابور الصباح للفصول الثلاث، فحص مستوى النظافة أيام السبت والثلاثاء، الكل رافعا جلبابه حتى منتصف الفخذ اﻷيسر، لكشف أحوال السروال مع مد اﻷصابع العشر مقلوبة على الظهر، للتأكد من قص اﻷظافر، وﻷن هذا اﻹجراء خاص بالتﻻميذ الذكور، تأمر عند بدأه، البنات باﻹنصراف إلى الفصول، ومن مواقف الحرج، إعتراف أحد اﻷوﻻد (من جمعوا بين الفقر والكسل)، بعد أن تم فضح إتساخ الجزء اﻷعظم من سرواله، إذ قال؛ أنه ما تعود أن ينظف، إنما ينتظر حتى يجئ يوم النظافة، فيقوم فى الصباح، وهو على عجل ، بغسل الجزء اﻷمامي اﻷسفل من رجل السروال اليسرى، ثم يلبسه ليجف عليه وهو فى الطريق الى المدرسة.. جرس فسحة الفطور والتسابق للتحلق، فى إزدحام، حول قفة العمة' آمنة بنت محمد نور' لشراء اللقيمات، ومن تفوت عليه الفرصة، يذهب مضطرا إلى دكان' عم سيد أحمد الشايقي' ليشتري، تمرا، أو فول سوداني، أو لكوم، أو ديربس، أو' كلعة عبود' (الواضح أن المعني بالكلعة ؛ الخصية)، أما الكلمة على بعضها، فالمقصود، نوع من أنواع الحلوى فى هيئة' ملبس' -على قول أهل الشام والجارة مصر- لكنها كبيرة، فى حجم بيضة الدجاج، محشوة بالسمسم ..أي حرية هاتيك؟ بل أي تسامح ذاك؟ لرئيس دولة، تباع منه الخصيتين، حلوى لتﻻميذ المدارس، كان عبود- رحمة الله عليه- رمزا مسالما، قليل اﻻستجابة لﻹستفزاز، مثل حيوان وحيد القرن، شعار جمهوريته، فبرغم أنه جاء منقلبا ليرسخ نظام حكم مستبد، إﻻ أن قبضة أجهزته اﻷمنية، كانت مرتخية بما يكفي، إذ لم يقوى عودها
، حتى تخرج من ظﻻل أشجار وزارة الداخلية، إلى' دفاعها' وبيوت أشباحها، كان رجالها عاديون ﻻ يميزهم عن بقية قطاعات وأقسام الشرطة، سوة اللباس' الملكي' .. عاديون وعلنيون، لدرجة أنني قرأت عندما ذهبت ﻷول مرة- كنت حينها فى السنة الثالثة الصغرى- مع' لورينا' وهو يحمل باﻻت القطن لمحلج الدويم، قرأت ما حوته قطعة من صفيح' التوتيا' (نوع من الزنك تصنع منه اﻷباريق)، معلقة على أحد أبواب المنازل، إذ كتب عليها [منزل عدﻻن يوسف عدﻻن ؛ بوليس سري].. حقا، كان إبراهيم رجلا من طراز فريد، كان بعضه حلوى، وبعضه معادن، غنى لها المغني سمح المديح ؛"عبود يا جبل الحديد ..يا الجيتنا بالرأي السديد" .. ومحير أمر ذاك الشايقي (عم سيدأحمد) .. إذ كيف جاء فى ذاك الزمان من بلاده البعيدة، ليستثمر فى تجارة جمع فيها بين الغذاء والخردوات، عند قوم، حظهم فى الدنيا، المكر والمكيدة، وكيف صبر ونجا من أمراض الضغط والسكر، وهو يرى شقا عمره يضيع، بين من ﻻ يطيب لهم إﻻ أكل حق الغير فى وضح النهار ..أظنه ما سلم منهم- صحة نفسية أو إدخار مال- حتى خرج بليل، يضرب فى أرض الله من جديد ..وما ترك من إرث، إﻻ طيب معشر، تلحقه دعوات الفتح فى الرزق، إن كان على قيد الحياة، ورحمة على روحه، إن رقدت رفاته بين أجداث قوم آخرين ..

........... ونواصل
الفانح السفورى
)
محمد سيد أحمد
مشاركات: 693
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 8:21 pm
مكان: الشارقة

ررر

مشاركة بواسطة محمد سيد أحمد »

عودة الى فترة خصبة فى التاريخ والمسيرة الذاتية اخى الفاتح

تشرق لحظات وذكريات قديمة ملهمة
وانت تلتقطها بقلم رشيق ومحكم
وتزينها بروح السخرية والكوميديا العميقة
لك التقدير على اشراكنا فى هذا الجمال
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

Re: أحوال وأقوال.............9....الفاتح السفورى

مشاركة بواسطة حسن موسى »

"
كان رجالها عاديون ﻻ يميزهم عن بقية قطاعات وأقسام الشرطة، سوة اللباس' الملكي' .. عاديون وعلنيون، لدرجة أنني قرأت عندما ذهبت ﻷول مرة- كنت حينها فى السنة الثالثة الصغرى- مع' لورينا' وهو يحمل باﻻت القطن لمحلج الدويم، قرأت ما حوته قطعة من صفيح' التوتيا' (نوع من الزنك تصنع منه اﻷباريق)، معلقة على أحد أبواب المنازل، إذ كتب عليها [منزل عدﻻن يوسف عدﻻن ؛ بوليس سري].. "
محمد سيد أحمد
مشاركات: 693
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 8:21 pm
مكان: الشارقة

فاتح

مشاركة بواسطة محمد سيد أحمد »

أخي محمد ؛

بعد التزاوج وإكمال اﻹخصاب، تسبح إناث سﻻحف البحر إلى رمال الشاطئ، تزحف بعيدا، مسافة بقدر حركة المد على اليابسة، هناك تفتح حفرا فى الرمل المبتل لتضع بيضها، تمكث الليل كله ترمي العناقيد، وبنفس حركة الزحف تغطي الحفر، ومع غسق الفجر، تعود راجعة إلى البحر، ..بعد فترة الحضن الرملي، يفقس البيض، فتخرج الصغار من بين الثغرات الهشة، ، وبغريزة البقاء-مفكوكة الشفرة للتو-تجري صوب الماء، هذه اللحظة، تحلق النوارس-على إرتفاع خفيض-لتنقض عليها وتخطفها، غذاءا لها وﻹفراخها، .. قليل من تلك الصغار، من يحالفه الحظ وموجات البحر فيبتل ويحمله الماء، ..مشاعر من عجينة الخوف والنضال ﻷجل الحياة، ثم الظفر بالنجاة، تحسها وأنت ترى فرحة هذه الكائنات الصغيرة وهي تركب الموجات، تأخذها بعيدا إلى جوف البحر، ... حلقات'أحوال وأقوال'تشبه لي صغار السﻻحف تلك، ..أرمي بالحلقة إليك، فتلقيها على شاطىء موقع'سودان للجميع'، فوق رمال'منبر الحوار الديمقراطي'، وبخوف اﻷم، تراني أغشى القائمة، حينا وحين، ﻻ ﻷحصي عدد من شاهدها، إنما أبحث عن موجة النجاة، ردا أو تعليق، ليس مهما أن يكون إطراءا، فقط، ﻷحس أن هنالك شخص مهتم لما أكتب، ..قد ﻻ تدري، محمد، بأي قدر بللت' الحلقة الثامنة'بالماء، بعبارة "إنتو يا جماعة بتقرو سايلنت .. وﻻ يمكن ما بتقرو ذاتو " .. ثم كﻻكما ، شخصك والصديق-ذو الصحبة الماتعة- الحسن بن موسى، الذي، وحتى اللحظة لم ألتقيه كفاحا، فى فضاء اﻷسافير، وقد كنت وعدتك بكتابة شكر له عن "قماشتي اﻵلية "، كتبتها، فأضاعتها- لﻷسف-روشة خريف العمر' المزمهرة' التى تجعلك، تبحث عن نظارتك على الطاوﻻت، وهي مثبتة على عينيك ...
أشكركما مجددا ..
ودمتم
الفاتح السفورى ..

رسالة من صديقى الفاتح
عنوانها لى فى الخصوص ومضمونها لكم فى العموم
أضف رد جديد