فكرة المؤتمر جيدة وتروق لي أيضا ولكن ينبغي التفكير مليا في المحاذير طالما كان الهدف النهائي يتعدى تغيير النظام من داخله ليحدث تغييرا اشتراكيا ويؤسس لواقع اجتماعي فاضح لإدعاءات النمط الرأسمالي.
كل الغيلان العالمية وغير العالمية سيصيبها فزع شديد وسترمي بثقلها في وأد هذا المشروع ولن امتدت له أياد نظيفة من كل الشعوب التي تعاني مما نعاني وتحلم بواقع جديد. الحديث هنا عن ثورة عالمية - في اعتقادي - سيكون لها صدى في عمق القارة وفي قارات أخرى.
هذا المشروع ليس مسّا خفيفا كمشروع المؤتمر الأول. ما كان للمؤتمر الأول مشروعات اجتماعية أو رؤى متقدمة تجاه قضايا الإنسان البسيط. كان رأس مشروعهم العظيم يفترض أن مجرد إجلاء الخواجات يكفي. الطريق إلى البرلمان كان الخطوة الظاهرة ونلمح ( آمل أن أكون مخطئا) أن الآليات المعتمدة لتغيير الواقع الإنساني هي نفس الآليات التي ورثت عن المستعمر. ولعله لم يدر بخلد أحد من ذلك الجيل أن للمستعمر فلسفة وله أغراض مدروسة و خبرة في إدارة المستعمرات تمليها الرغبة في الإنماء ولكن ليصب الناتج في ما وراء البحر ( في بريطانيا ). حتى ذهنية المستعمر ما أحسنوا قراءتها!
وبرغم ذلك كان المؤتمر الأول معلما بارزا ومدعاة للفخر غير أن الفئة التي نادت بالمؤتمر وفعلّته سرعان ما أزيحت وأقصيت وفي صمت وبساطة
أي لا بد من توقع حرب وتوقع سرقة للمشروع أو الاستباق إليه. ما أسرع البعض في الإسراع لتبني مشاريع الآخرين ومن ثم تحنيطها أو تحويرها.
أفهم الحذر من مخلوقات الحكومة. ولمن لا يمكن في اعتقادي أن يكون كل مشارك في النظام ميؤوس منه. إنهم طيف. والحركة الشعبية أحد ألوان الطيف التي يمكن أن تسهم في المشروع ومعهم آخرون . هذه مشكلة لن أدعى أنني سبرتها جيدا.
وبرغم أن هامش الحرية بعد ميلاده في نيفاشا لم يتسع جيدا , إلا أن استغلاله وتوسيعه ليسا بمستحيلين: المؤتمر والنزول للقواعد , وإن قلبوا ظهر المجن قلبنا. ستكون تضحيات كبيرة لن يتجشمها إلا صامدون وصامدات يحملون على الأكف الرءوس.
لئن بدأ الموضوع موضوع نشر استنارة إلا إنه في صميمه مشروع سياسي يتطلب النزول إلى الشارع والتغلغل في المدن القرى والأرياف بعنف ويتطلب تنسيقا مع أحزاب ومؤسسات وأفراد.
يجب التحلل من كل ما يعيق نشر الفكرة وتثميرها وكذلك التحلل من جميع الدوغمائيات والعنت الآيديولوجي والديني والطائفي . ولا نقول نستصحب بعضها حتى حين فبعضها يكمن دهرا ثم ينشط كما في خلية السرطان تغلقها في قارورة عشرين عاما وما ان تفتحها إلا وتسارع في اختراق جسد تتكاثر فيه.
كلمتك يا بشرى كبيرة وأساسية وهي فعلا صمام نجاح وبخاصة في بلد كالسودان:
ضرورة إلغاء الحمولة الإيديولوجية من اي مشروع يهدف إلى بناء السودان
عبدالماجد محمد