يا أخوانـّا في حاجة مُعفـِّنة في مملكة الدنمارك!

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

يا أخوانـّا في حاجة مُعفـِّنة في مملكة الدنمارك!

مشاركة بواسطة حسن موسى »

يا أخوانـّا في حاجة معفنة في مملكة الدنمارك ! فاعملوا حسابكم و كدا!
و ما على الرسول سوى البلاغ !



صورة





النص المكتوب في الصورة يقرأ :

" حين تحسبون أمواتكم نحسبهم معكم و حين نحسب أمواتنا نحسبهم وحدنا ".

من مجموعة " الدفن"
La Mise au Tombeau

الصورة معمولة سنة 2001 بالأحبار على قماشة مطرزة بزخارف صينية،الحجم 282 في 207 سم.
سأعود



سأعود
صورة العضو الرمزية
ÃÈæ ÈßÑ ÕÇáÍ
مشاركات: 236
اشترك في: الاثنين يوليو 28, 2008 11:15 am

مشاركة بواسطة ÃÈæ ÈßÑ ÕÇáÍ »


" حين تحسبون أمواتكم نحسبهم معكم و حين نحسب أمواتنا نحسبهم وحدنا ".



سلام يا حسن، دي جدلية الرجل و الكراع الشهيرة. فى اٍنتظار عودتك و الله يهون لينا عودة.
أرض الله ما كبْوتة
الفاضل الهاشمي
مشاركات: 2281
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:14 pm

مشاركة بواسطة الفاضل الهاشمي »

في زمن القيرواني قبل الرأسمالي ارتبط الموت بالموطن والغربة والشهادة والعمل الصالح وكدا ؛ لذلك قال القيرواني:
موتُ الكرامِ حيَاةٌ فِي مواطنِهمْ
فإِنْ هُم اِغتربوا ماتوا وما ماتُوا

دلوكت الموت ارتبط بمقامات طبقية في الفضاء الجيوسياسي والعرقي والنوعي ووووو ... لذلك ربما تدخل هذه المتغيرات في علم الحساب الراسمالي الولد (لم يلد ولم يُلد) : مثلاً إطلاق سراح 1000 سجين فلسطيني او أفريقي يعادل إطلاق سراح أسير واحد إسرائيلي او أمريكي او اوروبي ...

انحنا كنا عارفين على الأقل في السودان القبل رأسمالي انو عرس الشيخ برااااهو ( شيخ السلطنة الزرقاء مش شيخ الراسمالية الطفيلية الشرابو ببسي وقعادو جكسي chicks ). براهو ساكت.. وكمان علي مقاس اغنية الشيخ سيرو وتلاتة ارادب غداء وتلاتة ارادب عشاء وضمن الشيلة جاب الفرخة للمشّاطة... اها دا كأم الحساب؛ حساب الموتي والأحياء ...


لذلك يا حسن وقعت لي في جرح كما يقول أهلنا الباحثون عن مضاد للباكتيريا في القرض (والما عارف يقول قرض) ؛ أقول وقعت لي في جرح عبارة " حين تحسبون أمواتكم نحسبهم معكم و حين نحسب أمواتنا نحسبهم وحدنا ". والحساب (الماثماتيكس) بقي مش ولد جندرياً وانما كسح بعيييييد ... عبر هذه العبارة جاءتني أطياف عنف عيال العالم التالت المولودين في فرنسا وما حدث في charlie hebdo كجزء من تلك الحسابات الملغوسة... لابد ان حسابات جمع وطرح وقسمة وضرب الأحياء والموتى ستصفي علي تعقيدات ما انزل راس المال بها من سلطان




أها ماذا نحن فاعلون ؟؟؟




The struggle over geography is complex and interesting because it is not only about soldiers and cannons but also about ideas, about forms, about images and imaginings
ادوارد سعيد "الثقافة والامبريالية 2004"
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

BringBackOurWomen

مشاركة بواسطة حسن موسى »

صورة







صورة


.




سلام يا أبوبكر و مثله للفاضل. " ماذا نحن فاعلون؟ " .
لا بد لنا من أن نفعل شيئا، لكن شنو؟ مندري؟!
على كل حال لازمانا مسافة للتأمل و الإستبصار النقدي في جملة الأسباب التي أوصلتنا للوضع الراهن. بالله شوفوا الصورة الفوق دي .


الصورة أعلاه من الصور التي يمكن توصيفها بصفة الـ " تاريخية"، كونها أخذت في المسيرة الباريسية التاريخية، التي نظمتها الحكومة الفرنسية ، من أجل التضامن مع شهداء حرية الرأي التاريخيين من فريق " شارلي أيبدو" التاريخية.و قد لاقت هذه الصورة رواجا تاريخيا بوصفها شهادة تاريخية على تضامن العالم الديموقراطي الحر ضد الإرهاب الإسلامي.. لغاية هنا " كل شي في الحيا جايز" على قول المغني. لكن التاريخ مسار محفوف بالمفاجآت. فبعد الرواج الذي جعل من الصورة نوعا من " قرينة أيقونية" لا يمكن لأي جهاز اعلامي أن يتجاهلها قامت صحيفةاسرائيلية محافظة هي
Hamevasser
هاميفاسير، بنشر صورة المسيرة الباريسية و لكن بعد إدخال بعض التعديلات الطفيفة عليها مراعاة لمشاعر عيال اليهود المحافظين الذين يروعهم مرأى النساء وسط الرجال. فقد قامت الصحيفة بمحو صور النساء الماثلات في مقدمة المسيرة و هن المستشارة الألمانية " أنقيلا ميركل " ، و عمدة باريس " آن إيدالقو".طبعا صحيفة هاميفاسير ليست نسيج وحدها ، فقد نشرت مجلة الـ " إكسبريس" الفرنسية في عام 2009 خبر الصحيفتين الإسرائيليتين اللتين قامتا بمحو صور" ليمور ليفات "، وزيرة الثقافة و" سوفا لاندفر"، وزيرة الشؤون الإجتماعية، من الصورة الجماعية الرسمية لوزراء حكومة نتنياهو الجديدة. طبعا هذه الطبزات الحضارية قلما تجد من يعتني بالترويج لها في الإعلام الأوروأمريكي الذي تسيطر عليه جماعات الضغط الموالية لإسرائيل، فالعنف المادي و الرمزي الذي يطال النساء هو خصيصة بيولوجية حصرية لعيال المسلمين و ما اجتمعت أنثيان إلا و كان الشيطان ثالثهما.غايتو مافي متلقي حجج غيرنا فاضي يمشي يفتش متعهد مسيرات ينظم لينا مسيرة تاريخية للتضامن مع شهيدات التصاوير اليهودية.و طبعا "قلة الشغلة للبعرفها صنعة" حسب المثل الشعبي المعروف للبعض.

سأعود
محمد عثمان أبو الريش
مشاركات: 1026
اشترك في: الجمعة مايو 13, 2005 1:36 pm
اتصال:

مشاركة بواسطة محمد عثمان أبو الريش »

سلام يا حسن، وسوف استفسر من بعض الزملاء الإسرائيليين وأعود.. ولقد استغربت لأن صور رئيسة
إسرائيل الراحلة قولدا مائير ثم وزيرات كثيرات بعدها تملأ الصحف الإسرائيلية
Freedom for us and for all others
محمد عثمان أبو الريش
مشاركات: 1026
اشترك في: الجمعة مايو 13, 2005 1:36 pm
اتصال:

مشاركة بواسطة محمد عثمان أبو الريش »

يا أخ حسن، قبل اسأل جماعتى لاحظت ان الصورة السفلى أيضا ناشراها صحيفة إسرائيلية
و فيها صور النسوان.. فهل هي نفس الجريدة؟
لاحظ النص اسفل الصورة باللغة العبرية.
Freedom for us and for all others
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

عفنة في مملكة الدنمارك

مشاركة بواسطة حسن موسى »

محمد عثمان ابو الريش كتب:سلام يا حسن، وسوف استفسر من بعض الزملاء الإسرائيليين وأعود.. ولقد استغربت لأن صور رئيسة
إسرائيل الراحلة قولدا مائير ثم وزيرات كثيرات بعدها تملأ الصحف الإسرائيلية






سلام يا محمد عثمان
الصحف الإسرائيلية التي حذفت حضور النساء من صفحاتها هي صحف تنتمي للتيار اليهودي الديني المحافظ [ ترجم الآرثودوكسي].و أظن أن " غولدا مائير" تنتمي للتيار اليهودي المتعلمن، و هو التيار السياسي القابض على السلطات السياسية و الإقتصادية في إسرائيل. لكن مشكلة اليهود المعلمنين في اسرائيل هي غي كونهم بنوا الدولة على أسس دينية عرقية، فإسرائيل دولة لليهود دون غيرهم. و لكي يسوغوا للعالم اليهودي الذي يساندهم [في الأوساط الأوروأمريكية ] ضرورة بقاء اسرائيل بصفتها الدينية فهم لا يستغنون عن الضمانة الدينية التي توفرها لهم الأحزاب الدينية الأرثودوكسية. هذا في ظني هو السبب الذي يجعل سلطات الدولة الإسرائيلية تغض النظر عن المواقف المشاترة للمتدينين. و فوق كل ذي علم عليم.
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

شجرة نسب شارلي 1

مشاركة بواسطة حسن موسى »




و شجرة نسب " شارلي"..
شجرة نسب " شارلي " حافلة بالجذور و الفروع المتنوعة عبر العالم. و سأحاول تتبع بعض الأسماء المهمة التي يمكن أن تساعدنا على تفهم التشبيك الكبير الذي يلف هذا الـ "شارلي".

1ـ" كاري بلوتجين" مطلوب صورة لنبي المهاجرين!
التصاوير الكاريكاتورية التي نشرتها الصحيفة الدنماركية "جيلانز بوستن" في 30 سبتمبر 2005، نشرت أولا كرد نظمته الصحيفة على شكوى كاتب صحافي دنماركي اسمه" كاري بلوتجين"
Kåre Bluitgen
كتب كتابا عن سيرة النبي محمد
• Koranen og profeten Muhammeds liv, (ISBN 87-638-0049-7

و تشكـّى بلوتجين من أنه لم يجد رساما يقبل أن يرسم لكتابه صورة النبي و عزى ذلك لحالة الإرهاب العام الذي صار يخيم على كل الموضوعات التي تمس مقدسات المسلمين منذ أن قام متطرف اسلامي هولندي ، من أصل مغربي،بإغتيال السينمائي الهولندي المعادي للمسلمين،" ثيو فان جوخ "، حفيد ثيو ، شقيق الفنان" فنسنت فان جوخ" ،[ و لا عجب فـ " النار تلد الرماد" على قول خالي أرباب! ]
طبعا هذا البلوتجين النابه و الذي يتصدى لكتابة سيرة نبي المسلمين لا يحتاج لأي صورة و السلام، لأن تاريخ الفن الإسلامي حافل بالتصاوير التي تصور النبي بالذات في المخطوطات و المنمنمات الفارسية بوجه و بدون وجه. و هي في معظمها تصاوير تصون تقليد الرسم التمثيلي السابق للإسلام في مجتمع فارس القرون الوسطى الذي بلغت ثقافة الصورة التشكيلية فيه شأوا عاليا.لا، بلوتجين لا يريد واحدة من هذه التصاوير القديمة التي تكذب الزعم الإستشراقي السائد بين الأوروبيين بكون المسلمين لا يعرفون الرسم التمثيلي. بلوتجين ككاتب أوروبي متوجس من المسلمين يريد صورة كاريكاتورية حديثة تسخر من شخص النبي ضمن روح معاداة المسلمين السائدة في أوروبا و أمريكا بعد الهجوم على نيويورك في 11 سبتمبر ، و حروب الشرق الأوسط التي ترتبت عليه. و مع مطلع القرن الواحد و العشرين انمسخ المسلمون، بين ليلة و ضحاها، لصورة أعداء الحضارة بفضل جهود المحافظين الجدد[ نيوكون]، الذين تحلقوا حول "جورج دبليو بوش" و صنعوا من " صدام الحضارات" مسندا أخلاقيا يبررون عليه غزو بلدان المسلمين. و في هذا السياق، تعلم سدنة الأعلام الأورو أمريكي التعامل مع التذمر و الإحتجاج الصادر من طرف الجاليات المسلمة في المجتمعات الأورو أمريكية كإمتداد محلي لـ " صدام الحضارات " الشرقأوسطي، حتى صارالحديث عن تعذر اندماج المسلمين في المجتمعات الديموقراطية الحديثة من البديهيات التي لا يغالط فيها أحد، الأمر الذي شجع المستشارة الألمانية للتصريح في 2010 بموت الـ " مولتيكولتي"و هو نموذج المجتمع الألماني المتعدد الثقافات الذي يستوعب الألمان المسلمين مع غيرهم من الألمان مع احترام إختلافهم الثقافي. و في نفس العام يصرح الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في خطاب شهير بـ " خطاب غرونوبل"بأن " اندماج المهاجرين في المجتمع الفرنسي قد فشل بعد خمسين عاما من الهجرة غير المضبوطة"..و لتسويغ مقولة تعذر اندماج المسلمين في المجتمعات الأوروبية كان لابد من إعادة رسم صورة المسلم على هيئة الشخص العنيف المتعصب، الملتحي المتجلبب[ أو المرأة المتحجبة المنقبة] الذي ينشز عن اسلوب الحياة الحديثة[ الطعام] و يرفض المساواة بين الجنسين يمارس تعدد الزوجات و خفاض الفتيات و يرفض التعليم الحديث و يحيا في غيتو إسلامي لا يخالط فيه غير المسلمين إلخ. في هذا الواقع الذي خلقته حروب الأوروأمريكيين في بلدان الشرق الأوسط صارت معاداة المسلمين في البلدان الأوروبية تستهدف الحضور الإجتماعي للمهاجرين الوافدين من مجتمعات مسلمة بوصفهم " إحتياطي للإرهاب" و " خلايا نائمة" تترقب لحظة الإنقضاض على الأورأمريكيين الوادعين.و في هذا السياق جاء رد رسامي صحيفة " جيلاندز بوستن" على طلب " بلوتجين".




صورة


كاري بلوتجين
.
سأعود
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

شجرة نسب شارلي 2

مشاركة بواسطة حسن موسى »

ثنائي " فانجوخ" و " حرصي "



2ـ ثيو فان جوخ :

.و لفهم شجرة نسب " شارلي" ، يلزمنا الرجوع ليوم 2 نوفمبر 2004، و هو اليوم الذي اغتال فيه محمد بويري ثيو فان جوخ عقابا له على مواقفه العدائية المهينة لمقدسات المسلمين.و قد عرف ثيو فان جوخ بتصريحاته العنيفة و البذيئة في حق المسلمين مثل وصفه لهم علانية بـ " أمة من ناكحي الغنم "،أو شتم النبي مرارا بأقذع الألفاظ من شاكلة " العم الفاضح" أو " مغتصب الفتيات اليافعات".و قد قام باخراج فيلم سينمائي قصير عنوانه " الخضوع"
Submission
بالتعاون مع الناشطة السياسية الهولندية ذات الأصل الصومالي آيان حرسي علي
Ayaan Hirsi Ali.
و هذه التراجيديا الهولندية المدممة تردنا للطبيعة السوسيولوجية المتحولة لمجتمع هولندي معاصر الذي يجد صعوبة كبيرة في الإعتراف بوجود الهولنديين المسلمين كواحدة من مكونات المجتمع.و أصف الحكاية بـ " التراجيديا الهولندية" لأن شخوصها كلهم هولنديون يتميزون بكل المحسنات الدرامية التي أهلتهم للعب أدوارهم على مسرح السياسة، فالضحية يحمل اسم مثقل بأحمال التاريخ الثقافي و هو يطرح نفسه كفنان و كمدافع عن الحضارة الأوروبية معادي لليهود و للمسلمين على وجه الخصوص. ، و في المقابل يبدو محمد بويري في دور الشاب المسلم المتعصب ، و هو هولندي من اصل مغربي،اسرته تنتمي لفئة المهاجرين المغاربة الذين استقروا في على هامش المجتمع الهولندي. وكواحد من ابناء المهمشين الذين يعيشون قدر الإستبعاد و الإذلال اليومي المكتوب على الفقراء، فمحمد بويري يجد في الإنتماء العصابي للإسلام السياسي[ شبكة مسلمي هوفستاد الهولندية] نوعا من سند رمزي، و ربما مادي ، يعينه على الحياة في وسط اجتماعي محافظ يتوجس منه و يجرمه و يتهمه و يدينه من حيث كونه ينتمي لأقلية مستبعدة لأنها مختلفة عرقيا و ثقافيا عن النموذج الإجتماعي المهيمن.لكن هذا البويري مسلم أوروبي لا علاقة له بالمسلمين التقليديين في المغرب أو في اليمن أو في أفغانستان.فهو تعلم في المدارس الأوروبية و يجيد لغته الأوروبية بأفضل مما يفعل مع لغة والديه و يشاهد المسلسلات التليفزيونية الأمريكية و يسمع موسيقى الشباب المستبعدين [ راب ] و ربما رقص رقص الفقراء في الشوارع:" الهيبهوب" و هو يحلم بأحلام الفقراء العادية.و هو أقرب لنموذج الفرنسي المغربي " شريف كواشي"، الذي كان يحلم بأن يصبح مغني" راب" في 2005 ، من نموذج المسلم القادم من بوادي المغرب أو من قرى مصر أو وديان أفغانستان. أما الذروة الدرامية الرهيبة التي صعّدها الإعلام المشرقن لمقام مواجهة دامية بين الشرق و الغرب فهي تتبع نماذج التراجيديا الإغريقية الكبيرة التي يقتل فيها الأخ أخاه أو اباه [ أوديب، أجاممنون] أو تذبح الأم فيها أطفالها [ ميدي] فيسيل دمهم على مدى القرون بين الأنواع الأدبية و الموسيقية و المشهدية التي جعلت من العنف مضمونها المحوري.
في لحظة المواجهة بين الأخوة الأعداء ،التاسعة صباحا، يطلق محمد بويري ثمانية رصاصات على ثيو فان جوخ. يسقط ثيو فان جوخ على اسفلت الشارع و يتوسل لبويري أن لا يقتله: " الرحمة! الرحمة! هل يمكن أن نتحدث؟!". لكن بويري لم يأت للحديث،إنه يجيب على فان جوخ المجندل بمزيد من الرصاصات على رأسه قبل أن ينحني و يخرج سكينا و يذبحه ذبح الشاة ثم يغرس السكين في صدره.هل ينتهي المشهد بقتل ثيو فان جوخ ؟ لا ، فمحمد البويري يغرس سكينا اخر في الجسد الملقي على الأرض و يضع فوقه ورقة مكتوب عليها وعيد بالموت لآيان حرصي علي ، التي كتبت السيناريو لفيلم ثيو فان جوخ المسيئ للمسلمين.
مصحوبا بالتهديد العام للبلدان الغربية و لليهود.


3ـ آيان حرصي علي:

شخصية ايان حرصي علي تكمـِّل الثالوث الدامي و تكسب للحبكة الدرامية بعدا ثريا بفضل سيرتها العابرة للقارات و للثقافات و التي تلون المشهد الهولندي بألوان الصراع الطبقي الكوني بين افريقيا ما بعد الإستعمار و الشرق الأوسط و هولندا زمن العولمة. فهي ولدت في الصومال في 1969 لكنها اضطرت للحياة في كينيا لأن والدها الذي كان من معارضي الجنرال زياد بري اضطر للعيش في المنفى بين السعودية و أثيوبيا و كينيا.والثراء الذي تحمله شخصية ايان حرصي علي للحكاية الهولندية يأتي من واقع سيرتها كإمرأة مسلمة من الصومال خبرت القهر المادي و الرمزي الذي يطال الفتيات في مجتمع الأفارقة المسلمين في لحمها، و ذلك حين عبرت تجربة الختان و هي طفلة في كفالة جدتها ، و حين خبرت، و هي شابة، التهديد بالزواج الإجباري لقريب لا تعرفه.وصلت حرصي لهولندا كلاجئة سياسية ، و نشطت في الدعوة لمحاربة ختان الفتيات ، فاحتضنها ناشطو الحزب العمالي الهولندي فعملت بينهم في الـ " ثينك تانك" التابعة للحزب، قبل أن تغادرهم ،في 2002، لتنضم لحزب المحافظين الليبراليين الذي ساعدها في ان تصبح نائبة برلمانية في 2003.و في 2004 تعاونت مع السينمائي الهولندي اليميني المتطرف المعادي للمسلمين، ثيو فان جوخ، في كتابة سيناريو فيلمه المعادي للمسلمين" الخضوع". و قد أثار الفيلم حفائظ المسلمين في هولندا لأنه ينتقد موقف المسلمين من النساء و العنف الذي تعانيه النساء في المجتمعات المسلمة [ الخفاض، الزواج ..]، و قد كان من الممكن أن يمر الفيلم بلا ضجة لولا أنه احتوى على مشاهد يعرض فيها فتاة عارية على جسدها نصوص قرآنية.و كان من نتيجة التهديد بالقتل الذي اطلقه الإسلاميون أن سلطت عليها أجهزة الأعلام الأوروأمريكية الأضواء و ادخلتها حلقة الكتاب الذين صدرت في حقهم فتاوى القتل من قبل بعض الجهات الإسلامية في الشرق الأوسط[ رشدي و تسليمة نسرين و إرشاد منجي] .و في الولايات المتحدة احتفى بها الأعلام المعادي للمسلمين.و حين حضرت لفرنسا احتفت بها دوائر اليمين الديغولي مثلما احتفت بها دوائر اليسار الإشتراكي التقليدي، و ذلك على زعم أنها رمز حي للكفاح العلماني في العالم الإسلامي.و في نفس الوقت انتقدتها بعض دوائر اليسار" الماركسي؟" في فرنسا [ بوليتيس]، لتبنيها أطروحات المحافظين النيوليبراليين [ نيوكون] المعادين للإسلام في الولايات المتحدة مثل اعتبار الإسلام متناقض مع الحياة الإجتماعية الحديثة[ صدام الحضارات] و الموقف ضد الدولة ،[ فقد دعت في إحدى مداخلاتها لتقليص صلاحيات الدولة للحد الأدنى الضروري]، مثلما عابوا عليها تقاربها مع ثيو فان جوخ.و بعض المثقفين الفرنسيين المحافظين المعروفين بعدائهم للإسلام و مساندتهم للمواقف الإسرائلية من شاكلة "آلان فينكل كراوت" مدير تحرير" الأزمنة الحديثة" و الفيلسوف " بيرنار هنري ليفي" و فيليب فال" مدير تحرير " شارلي إيبدو" و الكاتبة الصحافية " كارولين فوريست". و قد وقعت معهم حرصي " بيان الأثني عشر " تحت شعار " معا ضد الشمولية "
le Manifeste des douze
« Ensemble contre le totalitarisme »
و " بيان الأثني عشر" هو نداء للديموقراطيين لمناهضة الثقافة الإسلامية، نشرته مجلة " شارلي إيبدو" أولا [ في1 مارس 2006] و تناقلته مطبوعات و مجلات و مواقع اعلامية أوروبية. و فيه اتهام للإسلام باعتباره شمولية دينية تمثل تهديدا للديموقراطية بمثل خطورة النازية و الستالينية. و قد انتقدت منظمة حقوق الإنسان الفرنسية "بيان الأثني عشر" و اعتبرتة يشيطن الإسلام و يصور المسلمين كخطر على الحضارة
.


صورة





صورة







سأعود
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

شجرة نسب شارلي 3

مشاركة بواسطة حسن موسى »




4 ـ ثنائي بايبس و روز :
Fleming Rose
فليمنغ روز هو رئيس تحرير القسم الثقافي في صحيفة "جيلاندز بوستن" و هو الذي قام ، في 30 سبتمبر 2005، بنشر الأثني عشر كاريكاتير التي أثارت العالم و جعلت من الصحيفة الدنماركية المحافظة من أشهر الصحف في المشهد الأعلامي العالمي
و " جيلانزد بوستن" هي أحد أهم الصحف اليومية الدنماركية، و يعتبرها المراقبون بمثابة الصحيفة المحافظة الأولى في البلاد.و هي تصدر عن مجموعة " جي بي بوليتيكنز هوس"
JP/Politikens Hus
أحد أهم دور النشر الدنماركية التي تأسست في 2003 بإندماج إداري بين " شركة بوليتيكنز هوس" و " شركة تابلويد إكسترا بلادت" المعروفة بميلها للإثارة و التي يأتي دخلها الرئيسي من المطبوعات المتعلقة بالجنس، مع شركة جيلاندز بوستن". وقد تميز الخط السياسي لـ "جيلاندز بوستن" بالقرب من اليمين الدنماركي المحافظ، لكن التاريخ السياسي للصحيفة موسوم بمساندتها لأفكار و مبادئ النظم الفاشية بين عشرينيات و ثلاثينيات القرن العشرين.
.و فليمنغ روز يعرف نفسه طواعية كـ " يهودي صهيوني" و يجاهر بعداء المسلمين و يتبنى اطروحات المؤرخ اليهودي الأمريكي من أصل بولندي: " دانيل بايبس "


صورة


Daniel Pipes
، و الذي يعتبر من بين الأكثر تحاملا على المسلمين وسط المنظرين النيوليبراليين في الولايات المتحدة. و " بايبس " الذي تولى، في عهد جورج دبليو بوش، رئاسة الـ " ثينك تانك" المختصة بالشرق الأوسط و العالم الإسلامي: " ميدل إيست فوروم "، و التي تهدف لـ " تعريف و خدمة المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط" لم يكن يخفي عدائه للإسلام و للمسلمين حتى قبل هجوم 11 سبتمبر بسنوات.ففي محاضرة له عن التهديد الإسلامي ، في 1995 قال بأن" المسلمون يشنون حربا غير معلنة ضد الولايات المتحدة و أوروبا ". ودانيل بايبس باحث مُستعرب له كتاب عن العامية المصرية و رسالة ماجستير عن الغزالي [1971] ، أنظر
https://www.danielpipes.org/
.و عندما عينه الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش، في 2003، على راس الـ "ثينك تانك " الحكومية الرسمية المختصة بمباحث السلام في العالم : " معهد السلام الأمريكي" التابع لوكالة الإستخبارات الأمريكية ، أثار تعيينه احتجاج الكثيرين بين الديموقراطيين و مجموعات العرب الأمريكان و منظمات المسلمين الذين يعتبرونه من دعاة الحرب في الشرق الأوسط.،و قد نشر" فليمنغ روز" في 29 أكتوبر 2004، مقالا متحمسا يطري موضوعات " دانييل بايبس" بعنوان " التهديد الإسلامي".و المقال يحمل على المسلمين بنفس دعاوى حملة البروباغندا الأوروأمريكية التي تستهدف المسلمين كأعداء للحضارة الإنسانية. و في المقال تتردد حجج دانيل بايبس و شركاه أحيانا بنفس العبارات التي نجدها في الأدب السياسي المعادي للمسلمين كما في " بيان الأثني عشر " الباريسي و غيره من المطبوعات المشابهة.
بعد أن نشر فليمنغ روز الكاريكاتيرات المسيئة للمسلمين ،قابلت السلطات الدنماركية إحتجاج الجالية الإسلامية بالتجاهل و احتجت عليهم بحجة حرية الصحافة. فقام وفد من أئمة المساجد الدنماركيين بالطواف على العواصم الإسلامية في عام 2005 بغرض لفت أنظار لهذه القضية.أثر هذه الجولة بدأت قضية الكاريكاتيرات تتخذ أبعادا دولية.فثارت التظاهرات السلمية و العنيفة في البلدان المسلمة و في البلدان الأوروبية التي بها جاليات مسلمة مهمة.و أصدرت بعض الجهات الإسلامية فتاوى بالقتل في حق المسؤولين عن نشر الكاريكاتيرات، و قد أدى تفاقم القضية لإستعار الخصام فثارت حفائظ دعاة حرية الصحافة في العالم الأوروأمريكي و أعادت صحف و منابر اعلامية كثيرة نشر كاريكاتيرات الصحيفة الدنماركية.و قد كان من الواضح أن نجاح ناشري الكاريكاتيرات في الدفاع عن موقفهم على محور حرية الصحافة قد ساهم في دفع منتقدي الكاريكاتيرات المسلمين في زاوية أعداء حرية الصحافة.و في هذا المشهد بدت معركة عيال المسلمين خاسرة منذ البداية.لكن النجاح الحقيقي الذي حققه هؤلاء المسلمون في هذه المعركة جاء من منطقة بعيدة كل البعد عن قدسية حرية التعبير.فقد قام بعض الدعاة الإسلاميين بالدعوة لمقاطعة المنتجات التجارية الدنماركية. و في البداية لم تثمر حملة المقاطعة بنتائج مهمة على صعيد البلدان المسلمة، ربما لأن أغلب الشعوب المسلمة هي شعوب تحيا تحت خط الفقر. لكن انخراط السعوديين و بعض الخليجيين في حملة المقاطعة دفع بعض الشركات الدنماركية، مثل شركة المنتجات الغذائية: " آرلا فوود" ، التي رأت مبيعاتها تنخفض بدرجة مؤثرة، دفعها لنشر بيان في " الجزيرة " تدين فيه نشر الكاريكاتيرات. و رغم الإنتقادات التي انهالت على " آرلا فوود" من طرف الإعلام و السلطات و المستهلكين الدنماركيين ، فقد اثر موقف " آرلا فوود" على بعض الشركات الأوروبية التي تحرص على مصالحها الإقتصادية في الشرق الأوسط، و من المرجح أن خطر المقاطعة الإقتصادية كان من بين الأسباب التي حفزت بعض الصحف و وسائل الأعلام في بعض البلدان الأوروبية على تجنب نشر كاريكاتيرات العدد الخاص الذي نشرته شارلي إيبدو بعد المجزرة و المسيرة الباريسية..و هكذا انتصر عيال المسلمين في ساحة الحرب الإعلامية بوسيلة السوق لأنهم نقلوا المعركة لساحة البيزنيس و الأجر على الله!. هذا الإنتصار الذي تجاهله الإعلام الأورأمريكي ، مثلما تجاهله اعلام مجتمعات المسلمين، يثير السؤال المحرج: ما قيمة حرية الصحافة في سوق التجارة؟و حرج السؤال يتفاقم بقدر ما يوغل عيال المسلمين الموسرين ـ بجاه البترودولار ـ في إستثمار رؤوس أموالهم في أسواق التجارة الأوروأمريكية. [ حسب تقديرات وكالة بلومبيرغ فقد بلغت استثمارات القطريين في ألمانيا وحدها أكثر من 11 مليار يورو ، منذ عام 2000، و هي تتوزع بين كبريات الشركات الألمانية مثل فولكواجن وسيمنزو هوشتايف و باسف
de Volkswagen, Siemens, Hochtief ou BASF
انظر الرابط
https://mondeaceco.blog.lemonde.fr/2013/ ... allemande/
في العام 2009 استوردت السعودية من كندا وحدها موادا غذائية بما يعادل 450 مليون دولار، و هي ضعف الكمية التي استوردتها السعودية في العام 2008.و تمثل صادرات كندا من المواد الغذائية للسعودية وحدها 50 في المئة من جملة صادرات كندا الغذائية.
الرابط
https://www.agr.gc.ca/fra/industrie-marc ... 0083148791


سأعود
ãÈÑ ãÍãæÏ
مشاركات: 131
اشترك في: الجمعة إبريل 01, 2011 1:53 pm

مشاركة بواسطة ãÈÑ ãÍãæÏ »

سلام يا حسن موسى،
وأنا أطالع "صراع الحقارات" هذا، لا أدري لماذا قفزت إلى ذهني مقولة بلدياتكم الساخر الفرنسي بيار ديبروج، التي جاء فيها: "العدو غبي، إنّه يعتقد أننا نحن العدو في حين أنّه هو العدو"!
صورة العضو الرمزية
حاتم الياس
مشاركات: 803
اشترك في: الأربعاء أغسطس 23, 2006 9:33 pm
مكان: أمدرمان

مشاركة بواسطة حاتم الياس »

ياحسن موسى أخوك الماركسى فى الله ده عندو حاجة قديمة عن البضائع والمقاطعة..

https://sudan-forall.org/forum/viewtopic ... 100411c625
سيد أحمد العراقي
مشاركات: 624
اشترك في: الأحد يونيو 21, 2009 11:44 pm

قال وزير خارجية فنلندا

مشاركة بواسطة سيد أحمد العراقي »

من بريدي

[b][b][size[b]=24]التحيات للجميع ....قال وزير خارجية فنلندا، اريكي تموجا اثناء نقاش مع الصحافة الفلندية:

( اذا سخرت من السود فانها عنصرية، واذا سخرت من النساء فانها الشوفينية، اذا سخرت من اليهود فانها معاداة السامية، ولكن السخرية من الاسلام هو حرية التعبير)



[b]وابان الملاواة حول الحجاب في فرنسا اذكر ان رئيس وزراء إيطاليا آنذاك تساءل( نعلق صورة الفديسة مريم بحجابها ونطالب الآخرين بالتخلي عن حجابهم؟؟[/b[/size
][/[/b]b]]
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

سيرة شارلي

مشاركة بواسطة حسن موسى »


سلام للجميع و عفوكم على تأخري في العودة لكنها امور الدنيا كما تعرفون فهاكم باقي سيرة " شارلي" التي هي، في حقيقتها، سيرة تطور معاداة المسلمين في الأعلام الفرنسي، و طبعا مافي زول شغال بالمسلمين الأثرياء الذين اشتروا نص فرنسا [ و قيل نصف أوروبا ـ بجاه البترودولار ، و إنما مسلمي أوروبا
المهاجرين الغلابة الذين رمتهم أقدار رأس المال في غيتوهات المجتمع الصناعي.


شارلي الأول

تعلم اللغات الأجنبيات نشاط ذهني على درجة كبيرة من التعقيد.و لا أنسى ونسة جمعتنا بولا و محمد الحسن علي، في 1978 حول تعلم الفرنسية. كان بولا و محمد الحسن قد توغلا بنحو عامين في تقحـّم الفرنسية بينما كنت أنا أقف على عتبتها الأولى ، بعد اللكلكة البدائية مع هاشم محمد صالح في الأسابيع التي سبقت مغادرتي لباريس.علّمني هاشم عبارات سهلة من نوع "اسمي فلان.. أنا لا اتكلم الفرنسية، هل تتكلم الإنجليزية؟ بكم هذا الشيئ؟ إلخ".و في أيامي الباريسية مرة سمعت عبارة محمد الحسن علي التي سارت بها الركبان، عن كون منهج اللغة" كله أكل و شراب و كلام نسوان ساكت ". أذكر أننا كنا في ذلك الزمان الغابر نشتري " لوموند" و نسهر الليالي، في غرفة محمد الحسن السيئة الإضاءة، نفك خطها بمعونة معجم فرنسي/ عربي كان بدوره في حاجة لمعجم عربي/عربي ليفك شفرة عجمته الشامية.و كان ينتابنا شعور بأن لغة " لوموند" هي تمرة فؤاد الفرنسية. ثم نقلتني الظروف لبرد مدينة" ليل" في شمال فرنسا ،حيث واصلت اللغة في جامعة" ليل 3". كان برنامجي اليومي بسيطا، بعد دروس اللغة في الجامعة في الصباح ألجأ لدفء المكتبة و ابقى فيها حتى السادسة ثم أتناول عشائي في المطعم الجامعي و أعود لغرفتي في وسط البلد. مرة، و أنا في ضجر من قدري الاسبرطي، وقفت امام رف عليه أعداد من مجلة رسامين اسمها " شارلي إيبدو ". كانت تلك المجلة بمثابة الواحة المورقة وسط صحراء الوحشة المعنوية و المادية التي كنت اكابدها بين طيرالأعاجم.و أظنني ما كنت سأصبر على سأم ذلك الشتاء لولا رفقة رسامي " شارلي" المارقين من الجنة و المارقين عليها بفجورهم الجمالي الجامح.صارت رسومات "شارلي " هي جائزتي اليومية و حافزي على تقحم لغة عيال الغال العجيبة.كنت اقلب الصفحات أولا وراء " رايزر" ثم أعود للنظر في " شتارات " توبور" السوريالية قبل أن استغفر و أراجع سفاهات "ولونسكي" الصبيانية البريئة ، و في أغلب الأحايين لم أكن أفهم التعليق المكتوب أسفل الرسومات أو داخل فقاعات الكلام الخارج من أفواه الأشخاص ، كون لغة تلك الرسومات كانت بعيدة تماما عن طوائل المعاجم . و حتى اصدقائي المغاربة ، الذين كنت اهتدي بنباهتهم في شعاب الفرنسية، كانوا يعزون النفس عن قلة حيلتهم بلعن الفرنسيس و لغتهم " القحبة " .و اليوم حين اتأمل في تلك التجربة ، من زاوية النظر الجمالي ، أظن أن ما شدني للعناية بتلك الرسومات هو أنها أكملت عندي ذلك الجزء الغائب الذي كنت افتقده في رسومات ابطال يفاعتي من رسامي الكاريكاتير المصريين الذين أرسوا دعائم فن الرسم الكاريكاتوري كنوع جمالي شعبي مستحدث ، قادر على الإلتفاف على واقع الحظر و القهر السياسي و الإجتماعي بوسيلة الفكاهة . كان رسامو " شارلي " عندي بمثابة التطور الطبيعي لخبرة الكاريكاتير التي حصلتها من النظر في آثار فنانين عباقرة من شاكلة صلاح جاهين و اللبـّاد و الليثي و إيهاب و حجازي و ناجي و رجائي و غيرهم. و مع الزمن وجدتني انشغلت بالنظر في هذه المطبوعات الجهنمية عن ضجر واجباتي المدرسية الثقيلة المحالة لرف المسوَّفات التي كان عليها الإنتظار لنهاية العام، و قيل لنهاية الحياة.و بالمقابل وجدتني أتعلم لغة فرنسية مشاترة ، مفرداتها لا توجد في المعاجم الرسمية، لكنها تمثل في مقام اللغة" الحقيقية" الحية العامرة بكنوز الخلق الأدبي العفوي.
هذا الـ " شارلي " هو في الحقيقة نتاج تطور تاريخي طويل و لصيق بسوسيولوجيا مجتمع فرنسي متوتر بين قطبي المحافظة و الثورة.و روح التمرد و الخروج التي ظلت تطبع نصوص و رسومات "شارلي" ، في مختلف مراحلها ، تجد أصلها في " الثورة الفرنسية" التي ما كان بوسعها تحقيق القطيعة الناجزة مع آيديولوجية " الحق الإلهي " لـتحالف الأرستقراطية السياسية و الدينية ، إلا بأقصى درجات العنف المادي و الرمزي غير المسبوق في تاريخ أوروبا.و على عنف الثورة الفرنسية ساغ للفرنسيين أن يفرضوا على المجتمع الجديد، و على أوروبا و العالم أجمعه، جملة المفاهيم الحقوقية الحداثية الإنسانية المشاترة من شاكلة " المساواة" و " العدالة الأرضية" و " حقوق الإنسان " و " سلطة الشعب" و " حرية التعبير" و " العلمانية" التي تطورت عندهم لمقام عقيدة دينية حديثة ميالة لقهر العقائد المنافسة. كانت " شارلي ايبدو" و " الكنار أنشنيه" هما الصحيفتان اللتان تواصلان الصدور بقوة دعم القراء بينما صحف فرنسا الأخرى كانت تعتمد على الإعلانات التجارية و الحكومية ، مثلها مثل صحف العالم الأخرى.و الإستغناء عن مدخول الإعلانات يعني صيانة استقلالية الصحيفة من النفوذ المالي للمعلنين الرسميين و الأهليين.و هو حال حرج لأنه يتوكل على دعم جمهور القراء الذين يشترون الصحيفةأو يدفعون اشتراكاتهم عن قناعة سياسية بأن هذه الصحيفة التي يشترونها هي تجسيد حي لمبدأ حرية التعبير .و في هذا المقام فقراء الصحيفة هم ايضا رقباء إلتزامها بالخط الإستقلالي الذي توسموه فيها. طبعا هذا الواقع الإقتصادي السياسي لم يكن يضمن للصحف المستقلة حقيقة أن تبقى في سوق النشر بدون صعوبات. و قد تزايدت الصعوبات مع الأزمة الإقتصادية التي طالت كافة وجوه الحياة في فرنسا نهاية السبعينيات،وغمرت المشهد الإعلامي و لم لم تستثن الصحفطبعا . ثم تفاقمت الصعوبات في الثمانينات مع انتشار الوسائل الصحفية الرقمية التي غيرت المشهد الصحافي الكوني وجعلت الناس يتفاكرون حول احتمال إنقراض الصحافة الورقية.


شارلي الثاني

.و قد توقفت " شالي إيبدو " الأولى بعد عشر سنوات من تأسيسها بالفعل في 1981، بسبب انخفاض عدد القراء.و في 1992 انبعثت شارلي من جديد على يد فريق يتزعمه الممثل و الموسيقي السابق " فيليب فال".و قد حرص" فال" على الإحتفاظ بالأسماء القديمة مثل " كابو" و " ولونسكي"و " كافانا" و " سينيه" و "جي بيه" و" دلفاي دوتون"، و أضاف للفريق محررين و رسامين أصغر سنا مثل " شارب" و " لوز " و " تينيوس". لكن الصعوبات المالية ما زالت ماثلة تتهدد فريق شارلي الجديد. و قد عبر أهل " شارلي إيبدو" في أكثر من مناسبة عن الصعوبات المالية التي تحيق بصحيفتهم و تهدد بإيقافها، فـ " شارلي إيبدو" ، في سنواتها الأخيرة، كانت تبيع 50 في المئة من إجمالي النسخ المطبوعة البالغ 60 ألف نسخة.
طبعا لا يمكن قراءة التحولات السياسية داخل فريق شارلي الجديد بمعزل عن ملابسات جيوبوليتيك العالم في العقدين الأخيرين. ففرنسا التي عبرها فريق" شارلي" في عقدين هي فرنسا اليمين الديغولي المحافظ الذي حكم البلاد بين عهد " جاك شيراك"[ 1995 ـ2007]، و عهد " نيكولا ساركوزي" [2007 ـ 2012].و هي الفترة التي شهدت تعاظم نفوذ النسخة المؤمركة للنيوليبرالية في أوروبا عموما و في فرنسا" ساركوزي" على وجه الخصوص.و في هذا السياق انتبه الفرنسيون لحقيقة أن المسلمين في فرنسا غادروا مقام " المهاجرين الأجانب المؤقتين" لمقام الـ " الفرنسيين المسلمين المجنسين". هذا التحول السوسيولوجي في تركيبة المجتمع الفرنسي ألهم السلطات التفكير في تنظيم المسلمين الفرنسيين في أشكال تسهل التعامل معهم كفئة سياسية، فكان تأسيس " المجلس الفرنسي للعقيدة الإسلامية" ،2003،
Conseil Français du Culte Musulman
الذي عمل ، في ذلك الوقت، تحت إشراف[ ترجم " تحت رقابة"] وزير الداخلية اليميني" نيكولا ساركوزي" بغاية تمثيل المسلمين و تنظيم العقيدة الإسلامية في فرنسا.و هو موقف يقرأ، من جهة أولى، كسعي طبيعي من طرف السلطات السياسية لمواجهة المطالب الإجتماعية و السياسية لهذه الفئة الجديدة من الناخبين مثلما يقرأ أيضا كمحاولة لضبط الحراك السياسي داخل فئة "المسلمين" التي تفيض ـ في الواقع ـ عن الماعون الإداري الذي يقتصر على المسلمين من الحائزين على الجنسية الفرنسية، سيما و فئة "المسلمين" انمسخت بفضل نزاع الشرق الأوسط و مزايدات متعهدي" صدام الحضارات"، لنوع من خطر هلامي معولم بلا حدود.
الإنتباهة الإعلامية الفرنسية لفئة " المسلمين" تمت في السياق السياسي لفترة مابعد الهجوم على مركز التجارة العالمي بنيويورك. و هو ظرف يحتل نزاع الشرق الأوسط فيه مركز الأولوية السياسية العليا.و في مشهد " الحرب الشاملة على الإرهاب"
Global War On Trrorism
التي أعلنها نظام جورج دبليو بوش تم تثبيت مجاهدي القاعدة كأيقونة للمسلمين و ظهرت عبارات" الخلايا النائمة" التي مسخت المسلمين في العالم الأوروأمريكي لإرهابيين كامنين في بطن المجتمعات الغربية. و ضمن هذا السياق المعادي للمسلمين نشرت
أوريانا فلاشي
Oriana Fallaci
الصحفية الإيطالية اليمينية المعروفة بعدائها للمسلمين، كتابها " الغضب والخيلاء " الذي تحمل فيه على المسلمين بكل الشناعات و الكليشيهات العرقية الأوروبية الدارجة.و في حين أعترضت منظمات حقوق الإنسان مععدد من المنظمات اليسارية الأوروبية على المضمون العنصري و المعادي للمسلمين في كتاب " أوريانا فالاشي" نشرت " شارلي إيبدو" في نوفمبر 2002، مقالة للفيلسوف " روبير مزراحي"، و هو يهودي فرنسي علماني و صهيوني متخصص في فلسفة سبينوزا.أشاد " روبير مزراحي" بكتاب " أوريانا فالاشي" و أثنى على شجاعتها في فضح اليساريين الأوروبيين المتعاطفين مع المسلمين. و كتب في مقالته:" إنها لا تحتج على الإسلام الذي يغتال فحسب "." بل هي تحتج على حالة الإنكار السائدة وسط المثقفين الأوروبيين، سواء كانوا إيطاليين أو فرنسيين . فهم لا يريدون رؤية أو إدانة كون الإسلام هو الذي أعلن حربا مقدسة على الغرب و ليس العكس ".و قد اثارت مقالة " مزراحي" حفائظ عدد من المثقفين الفرنسيين و جملة المنظمات المناهضة للعنصرية [ مراب
MRAP
و غيرها]، ناهيك عن العدد الكبير من قراء " شارلي إيبدو" الذين استهجنوا حملة" فالاشي" و مساندة" مزراحي" لها.و على أثر ردة الفعل الغاضبة توقف التعاون بين الفيلسوف و " شارلي إيبدو".لكن حادثة "فالاشي"/" مزراحي" كانت علامة على تثبيت موضوعة " المسلمين"، في المشهد الإعلامي الأوروبي كفئة سياسية معولمة تقيم خارج الغرب و تمثل خطرا على هذا " الغرب" المسقط على العالم الأوروأمريكي.و في هذا المشهد تخلـّق فرز سياسي جديد بين تيار الديموقراطيين و المثقفين اليساريين العالمثالثيين المعادين للإمبريالية من جهة، و فريق " شارلي إيبدو" ، المدعوم بجماعات الضغط الموالية للسياسة الأمريكية و اسرائيل و بعض الشخصيات الأعلامية المعروفة بعدائها المكشوف للمسلمين مثل الفيلسوف اليهودي اليميني "بيرنارد هنري ليفي" و الكاتب" آلان فينكل كراوت" و الصحفية "كارولين فورست " [ راجع " بيان الأثني عشر"..] .كان فريق " شارلي إيبو" و شركاه يفسر القطيعة الجديدة مع المثقفين اليساريين بأن الأخيرين منخرطين في تقليد " معاداة أمريكا" [ آنتي أميريكانيزم "] الذي صانه اليسار المتطرف العالمثالثي باسم معاداة الإمبريالية. و شن " فيليب فال"، رئيس تحرير " شارلي إيبدو"، على المثقفين اليساريين في فرنسا حملة شعواء متهما لهم بالإنزلاق في العنصرية و اللاسامية لوقوفهم مع اعلان " مؤتمر ديربان " في جنوب أفريقيا [2001]، و الذي أجمع المؤتمرين فيه على إدانة الصهيونية بوصفها حركة عنصرية.و كان لا بد للفرز السياسي الحاصل وسط المثقفين الفرنسيين بسبب نزاع الشرق الأوسط ، من أن يلقي بظلاله داخل فريق " شارلي إيبدو" ، و كانت القشة التي قصمت ظهر البعير اليساري في "
شارلي إيبدو "، في ما عرف بـ " قضية سينيه" ، بالإشارة لرسام الكاريكاتير الفرنسي المخضرم " موريس سيننيه"
Siné
و قد قام" سينيه" الذي كان يعمل ضمن فريق " شارلي إيبدو" بتوجيه نقد ساخر لـ " جان ساركوزي"، ابن " نيكولا ساركوزي " عقب اعلان خطوبته من الوريثة اليهودية لمؤسس مجموعة " دارتي " التجارية، و تصريحه بنيته اعتناق اليهودية.. و ما كان لسخرية " سينيه" أن تثير اهتمام أحد لو لا أن بعض المقربين استغل الإشارة الساخرة لكون أسرة خطيبة " جان ساركوزي" يهودية ثرية تنطوي على مضمون معادي للسامية . و كان أن ثارت ثائرة جماعات الضغط اليهودية في أجهزة الأعلام الفرنسية ، و قام " فيليب فال "[ 2008]، بفصل " سينيه" من " شارلي إيبدو" بتهمة معاداة السامية. و عندما وصلت المنازعة حول حرية التعبير للقضاء كسب" سينيه" القضية ضد " شارلي" و تم تعويضه ، في 2010 بمبلغ 90 ألف يورو.كانت نتيجة هذه المنازعة أن خرج " سينيه" و عدد من محرري و رسامي " شارلي" و أسس " سينيه" مجلة كاريكاتير جديدة سماها " سينيه إيبدو".
بعد واقعة " سينيه" ، غادر" فيليب فال" " شارلي إيبدو " بعد أن عينه " نيكولا ساركوزي" ، رئيس الجمهورية" مديرا لهيئة " "راديو فرانس"، و هو تعيين فسره الكثيرون بأنه مكافأة من طرف ساركوزي لـ " فال" على " الخدمات "التي أداها لليمين عامة و لـ "ساركوزي" على وجه الخصوص.و بعد رحيل" فال" تولى " شارب " مسئولية إدارة تحرير " شارلي إيبدو" حتى مقتله على يد الأخوين كواشي.

سأعود
صورة العضو الرمزية
حاتم الياس
مشاركات: 803
اشترك في: الأربعاء أغسطس 23, 2006 9:33 pm
مكان: أمدرمان

مشاركة بواسطة حاتم الياس »

يازول أنت حاجاتك دى قاعد تحفظه ولا مخليها بس فى بطن النت دا ومتوكل على حزره الأمين..
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

الإسلاموفوبيا، آلان روسيو

مشاركة بواسطة حسن موسى »

اﻹسﻼموفوبيا: مُصطلحٌ ومرضٌ ﯾتجاوزُ عمرُه مئاتُ السنﯿن
ORIENT XXI > ألان روسيو > 15 آذار (مارس) 2016
يتجذر العداءُ الممنھَج لﻺسﻼم تاريخياً في الفكر الغربي. جوھرُه الدﯾانة المسﯿحﯿة، ومنبعھ روحُ الحروبِ الصلﯿبﯿة. ازدَھر ھذا العداءَ أثناءَ التوسُّع اﻻستعماري، واستَعاد قوَّتھ مع “الحرب على اﻹرھاب” بعدَ رُكود نسبيّ. دخل تعبﯿرُ “اﻹسﻼموفوبﯿا” إلى اللغة من ما يقارب مئة سنة. وﻻ ﯾخشى الﯿومَ بعضُ المثقَّفﯿن الفرنسﯿّﯿن المشھورﯾن من وصفِ أرآئھم بھذا الـتعبﯿر - بـما ﯾحتَوي علﯿھِ من غباءٍ وكراھﯿة - بحجَّة الدفاعِ عن العِلمانﯿَّة، بﯿنما ﯾسعى البعضُ اﻵخرُ، ولحسنِ الحظ، إلى إدانتِه.

تاغ معادي للإسلام على باب جامع غلونيير في مدينة لومان
لقطة شاشة 1 كانون الثاني/ يناير 2015
وكانت المواجھةُ المسلَّحةُ اﻹطارَ العامَّ للعﻼقاتِ التارﯾخﯿَّة بﯿن الغربِ والعالمِ اﻹسﻼميِّ طوالَ القرونِ الماضِﯿة. وقد بدأت أثناءَ فتحِ العربِ لجنوبِ أوروبا وبعدَه أثناءَ الحروبِ الصلﯿبﯿَّةِ في المشرق. وإذا أخذنا اﻻستِعمارَ الفرنسيَّ في العصرِ الحدﯾث مثاﻻً، لرأَﯾنا أنَّ جمﯿعَ أجﯿالِ الشعبِ الفرنسيِّ تلقى أصداءَ المواجھةِ مع العالمِ العربيِّ واﻹسﻼميِّ عبرَ أحداثٍ تارﯾخﯿَّةٍ مُختلفةٍ : الحربُ التي قادَھا اﻷمﯿرُ عبد القادر (1847-1832)، مقاومةُ الشﯿخ المقراني (1871)، الحربُ على أھلِ جبال خمﯿر ووضعُ تونس تحت الحماية الفرنسية (1881-1880)، غزوُ فرنسا للمغربِ ووضعُه تحتَ حمايتِها (1912-1907)، ثورةُ في الجزائر ( 1917-1916)، حربُ الريف (1926-1924)، التمرُّد في الجزائر وقمعُه في مايو 1945،المواجَھاتُ مع حزبِ اﻻستِقﻼل والسلطانِ في المغرب (1956-1952)، وكذلك المواجھاتُ مع الحزبِ الحرِّ الدستوري الجدﯾد التونسي (1954-1952) وأخﯿراً ثورةُ التحرﯾر الجزائرﯾَّة .(1962-1954) وأستمرَّت المواجَھةُ المسلَّحةُ بوجھٍٍ جدﯾد، وھو مفھومُ “صراعِ الحضارات” الذي عادَ بقوَّةِ في مطلعِ القرن الواحد والعشرين.

إن اﻹسﻼموفوبﯿا ظاھرةٌ بﯿِّنةٌ منذُ عدَّة قرون، وﻻ ﯾمكِنُ فصلُھا في التاريخ عن العنصرُﯾَّةِ المعادِﯾةِ للعرب.أليس ملفتاً للنظر مثلاً أن ترتبط عناصرُ مكوِّنةٌ للثقافة التاريخية الفرنسية اﻹشارةُ، وبشكل حميمي، بالمواجَھاتِ مع العالمِ العربيِّ- اﻹسﻼميِّ؟ لمذا أصبحَت معركةٌ ثانوﯾَّةُ اﻷھمﯿَّةِ كـمعركةِ بواتييه، مقدِّمة لانتصار “صراع الحضارات”؟ ولمذا جُِعلَ من شارل مارتﯿل، وھو شخصﯿَّةٌ ھمَجﯿَّةٌ لحدٍّ ما أحد،َ أوائلِ أبطالِ التارﯾخِ في فرنسا، وكأنَّھ حصنٌ للحضارة؟ لو سألنا المواطِن الفرنسيَّ العاديّ لوضع معركةِ بواتييه (732)على رأسِ لائحةِ الأحداث ِالتارخيَّة الفرنسيَّة، وذلك حتّى قبلَ تتوﯾجِ شارلمان عام 800 ومعركةِِ مارﯾنﯿان في عامِ 1515 أو اقتِحامِ سجنِ الباستﯿل في عام 1789.

فلنَأخذ معركةِ ممرِِّ رونسفال في عام 778 التي تَحاربَ فﯿھا الفرَنجة والفاسكون، فالمسلمون لم ﯾقاتلوا فيها قَطْ.لماذا باتَت ھذه المعركةُ رمزاً لمُخادعةِ المسلمين الذين انقضَّوا على أعدائهم من الخلف بنسبة عشرة مقابِل واحد؟ . فما من تلميذٍ ينسى أنَّه تعرَّفَ على اﻷدبِ الفرنسي عبر نشيدِ روﻻند الشھﯿر وما من تلميذٍ ينسى أنَّ الخير يرمز إليه فرسانَ من نور آتون من الغرب، وأن الشرَّ يتمثَّلُ بمحاربين غامضين آتين من “أمَّةٍ ملعونةٍ وأكثرَ سواداً من الحبر”. واستبَق مؤلِّف ھذا النشﯿدِ أصحابَ الفكرِ اﻻستِعماري بعدَّةِ قرونٍ عندما روي فﯿھ “إنَّ الوثنﯿّﯿن على خَطأ وإن المسﯿحﯿّﯿن على حق”. ھكذا بدأَ الصراعُ بﯿنَنا وبﯿنَھم على نحوٍ مانويٍّ صرﯾح. نعم: إنَّ العنصُرﯾّةَ المعادﯾةَ للعربِ والّتي ما من سبيلٍ لـِفصلِھا عـن اﻹسﻼموفوبﯿا تبلغُ من العمرِ مئاتَ السنﯿن، حﯿثُ تعود ُإلى الحروبِ الصلﯿبﯿّة في العصورِ الوسطى وبعدَھا إلى عصرِ النھضةِ اﻷوروبﯿَّةِ وخاصَّةً إلى قتَلةِ المورﯾّﯿن في الحروبِ التي سقطَت فﯿھا اﻷندلس.

كان معاصرو الحقبة اﻻستعمارﯾَّة على أتمِّ الﯿقﯿن بانفرادِھم في حملِِ قﯿمِِ الحضارة، وعـبَّروا عن عدائھم لﻺسﻼمِ بصراحةٍ مُطلَقةٍ، فﯿؤكِّدُ أحدُھم أنّه “من الواضحِ أنَّ اﻹسﻼمَ قوَّةَ موتٍ ولﯿسَ قوَّةَ حﯿاة”1. ولكم كانَت خﯿبةُ اﻷملِ كبﯿرةً حين ﻻحظَ المبشِّرون أنَّ اﻹسﻼمَ كتلةٌ مُتماسكة، وغَضبَ المُتزمِّتونَ مِن العِلمانﯿَّﯿن أمامَ عدمِ تقبُّلِ العربِ والمُسلِمﯿن “المُتَعصِّبﯿن” لمفھومِ العقﻼنﯿَّة الذي كانَ ﯾَسعى العِلمانﯿّون لتروﯾجِِھ. واختلََط في الغموضِ إﻻسﻼمُ والمسلمون والعرقُ و“العَرب”، كما كانَ ﯾَدعو الفرنسﯿَّون المُجتَمعاتِ المستَعمَرة في المغرب الكبير. واختلَطَ العداءُ للدّﯾن مع العداءِ للعِرقِ في “فوبﯿا” واحِدة. وأتى إرنست رﯾنان ليعكسَ روحَ عصرِه حين كتَب:

“إنَّ اﻹسﻼمَ نفيٌ مطلقٌ ﻷوروبا. إنَّھ ﯾحتقِرُ العلمَ وﯾقمعُ المجتمَع وﯾُظھرَ سذاجةَ الروحِ السامﯿَّة المخﯿفةَ، حﯿث ﯾقﯿِّد العقل بعﯿداً عن أيِّ فكرةٍ رفﯿعةٍ وأيِّ شعور مرهف وأيِّ تساؤلٍ عقﻼني لﯿضعَھُ أمامَ شعار يكرِّرُ نفسَه بنفسَه: ﻻ إلھَ إﻻّ ﷲ2 .”
مصطلح ﯾعود عمره إلى 1910

ﯾنبغي علﯿنا وصفُ ھذه الرؤﯾة، وﯾبدو أنَّ تعبيرَ “اﻹسﻼموفوبيا” هو الأنسب. خﻼفاً ﻻعتقاد شائع، ﯾعود أوَّل استعمال للـمصطلح إلى عام 1910، عندما اقترَح مؤلِّفٌ ﯾُدعى أﻵن كﯿلﯿان تعرﯾفاً ﻻ ﯾزالُ صالحاً.

“كانَ وﻻ يزالُ عندَ شعوبِ الحضارةِ الغربيَّةِ والمسيحيَّةِ تحيُّزٌ ضدَّ اﻹسﻼم، حيثُ يرى الكثيرون أنَّ المُسلمَ عدوٌّ طبيعيٌّ ولدودٌ للمسيحيِّ وللأوروبيّ. إنَّ اﻹسﻼمَ نَفيٌ مطلقٌ للحضارة وﻻ يمكنُ أن يُرتقَب من المُسلِمين سوى الهمجِيَّةِ وسوءِ النيَّة3”
وترافَقَ استعمالُ تعبيرِ “اﻹسﻼموفوبيا” مع مفاهيمَ أخرى كصِراعِ الحضارات (...) وذلك في مطلعِ ظهورِه. وكان يُلقى اللّومُ في جميعِ المصادرِ اﻷدبيَّةِ على اﻹسﻼمِ المقرون بالحربِ المُقدَّسة وتعدُّدِ الزوجات والقدَرِيّة والتعصُّب. وفي العام نفسِه استعمَل مورﯾس دوﻻفوس تعبﯿرَ “اﻹسﻼموفوبﯿا” نفسِھ في دراسةٍ عن اﻹسﻼمِ في جنوبِ الـصحراء الإفريقيّة:

“إن مُسلمي غربِ أفرﯾقﯿا غﯿرُ مُعادﯾن لحضارتِنا، باستِثناء مَجموعاتٍ قليلة في مورﯾتانﯿا ﻻ تزال تُعارِض الهيمنة اﻷوروبية. ولﯿس لفرنسا أن تَخشاهُم أكثرَ من غيرهم ، مھما قالَ الّذﯾن ﯾَجعلون من اﻹسﻼموفوبﯿا أسلوباً ﻹدارةِ المجتَمعات المحلﯿة. فﻼ داعي لﻺسﻼموفوبﯿا في غربِ أفرﯾقﯿا4”.
واستعمَلَ دوﻻفوس العبارةَ ذاتَھا في كتابٍ صدرَ لھ ﻻحِقاً، ﯾَنقلُ فﯿھ حرفﯿاً ما كتبَھ في المقال المذكور أعﻼه، إﻻّ أنَّھ استبدَلَ “غربَ أفرﯾقﯿا” بـ“شمال السنغال - نﯾجر”.

وﯾنوِّهُ العالمُ الفرنسيُّ الشھﯿرُ لوﯾس ماسﯿنﯿون إلى ما تقدَّم بھ المثقَّفُ المصريُّ محمَّد رشﯿد رضا في اجتِماعٍ للرابِطةِ العالَمﯿَّةِ للعلماءِ الذي انعقدَ في عام .1910 وقال مشﯿراً إلى المواقِف التي تبنَّتھا مُختلفُ القوى اﻷوروبﯿَّة إنَّھ “ﯾمكنُ لسﯿاسةِ فرنسا أن تكونَ أقلَّ إسﻼموفوبﯿَّة” ، أي أقلَّ من القِوى اﻻستعمارﯾَّة اﻷخرى5 .

تعاونَ الرّسام المستَشرق الكبير إتﯿان دينيه والذي اعتنَقَ الإسﻼمَ مع زمﯿلِھ سلﯿمان بن إبراھﯿم على تألﯿفِ كتابَﯿن في عام 1918 و1921 ﯾَرِدُ فيهما تعبﯿر “اﻹسﻼموفوبﯿا”6 . يستعملُ المؤلِّفان المُصطلَح في كتابھم الثاني عن اﻷب اليسوعي هنري ﻻمنس الذي كان قد نشرَ كتاباتٍ تدَّعي أنَّھا علمﯿَّةٌ فيما يهاجم بشراسةٍ اﻹسﻼمَ والنبِيِّ مُحمَّد. ويَخلِصُ إتيان دينيه : “قد تدفعُ اﻹسﻼموفوبيا العُلَماءَ إلى أفظعِ التفاهاتِ وبدتَ لنا ضرورةُ الكشفِ عن آثارِها للمُسلِمين وللمسيحيّين”.

وظھرَ التعبير أيضاً في الصحافةِ، في مقالةٍ نقدﯾّة يمدحُ فيها إدوارد سارازان الكتابَﯿن المذكورَﯾن أعﻼهُ بِشدَّةٍ وﯾؤكِّدُ فيها أن ﻻ تعصُّبَ في حﯿاةِ محمد وﻻ في القرآن، فالتعصُّبُ أسطورةٌ ابتدعَھا كارِھو اﻹسﻼمِ في العصور الوسطى7 .

كِذبة تارﯾخﯿَّة ما زالَت مُتداوَلة

لم تَزُلْ اﻹسﻼموفوبﯿا كشعور ولكنَّ المُصطلَحَ كفَّ تداولُه، حتى عقدي 1970-1980 Caroline Fourest القرن الماضي. وكتبت المؤلِّفان كارولين فورست فـي مجلّةٍ نـشـرَت فـي عام 2003 ملفاًّ عنوانُھ وفيامتا فينر “إسـﻼموفـوبﯿّون أم علمانﯿّون بحت؟”.8 وكـان عنوانُ المقالِ التمھﯿدي للملفِّ يقتصِرُعلى كلمةِ “اﻹسـﻼموفوبﯿا”، مععﻼمةِ استفھامٍ مُعبِّرة. وتكتبُ المؤلِّفتان أنَّ “التعبﯿرَ له تارﯾخٌ ﯾنبغي علينا إدراكُه جﯿِّداً كي َﻻ ﯾُستعمَل خارجَ إطارِه”. كانت الغايةُ سليمة، إﻻّ أنَّ المؤلِّفتان انحرفتا، كما أنّ التغطﯿة اﻹعﻼمﯿَّة التي حَظِيَتا بها ضلَّلت العَشرات مـن الكتاب وربَّما اﻵﻻف من القرّاء، إذ تُعيدان كَلمةَ “إسـﻼموفـوبﯿا”، وكذلك صِفة “إسـﻼموفوبي”، إلى الثورةِ اﻹﯾرانﯿّة وتَلاهممُسلمون ظﻼمﯿّون من كافّةِ أنحاءِ الغرب.

لَجأَ مَﻼلي إﯾران في عام 1979 إلى المُصطلَحِ ذاتِه لوصفِ النساء اللواتي ترفضن ارتِداءَ الحجابِ “بالـمُسلماتٍ ناقِصات”. وعلى إثرِ قضﯿَّةِ سلمان رُشدي، وتوظﯿفِ المُصطلَحِ مُجدَّداً على لسانِ جمعﯿَّاتٍ إسﻼمﯿَّة [...] مثلَ جمعيات المھاجرين واللجنةِ اﻹسﻼمﯿَّةِ لحقوقِ اﻹنسانِ التي تَسعى حسبَ نظامِھا اﻷساسيِّ لـ “جَمعِ معلوماتِ حولَ انتِھاكات حقوقِ ﷲ”. وتَعتبِرُ ھذه الجمعﯿّاتُ أنَّ الكفاحَ ضدَّ اﻹسﻼموفوبﯿا ﯾندرِجُ ضمنَ ھذه المھمَّةِ وﯾشمُل كلَّ ما ﯾخالِفُ الأخلاقيَّات اﻷصولﯿَّة كالمِثلِﯿَّة الجنسﯿَّة والزِّنا والتجدﯾف إلخ. وتعتبَِِر ھذه الجمعﯿَّاتُ الطالبانَ أولى ضحايا الإسﻼموفوبﯿا، ومن الشخصﯿّات التي تَكرَّر وصفُها على أنَّها “إسﻼموفوبﯿّة” سلمان رشدي وتسليمه نسرﯾن!"
تتجاهلُ هذه الرؤية كلِّيّاًً تاريخَ المصطلَح اﻻستِعماري، لكنَّ المعجمَ التاريخيَّ للّغةِ الفرنسيَّةِ الصادرَ عامَ 2010 تبنّاه دونَ أيَّ تمحَّص، وأعطاه صفةً علميّةً حيث يرِدُ في القاموس أنَّ المُصطلَح يعودُ ظهورُه إلى ثمانينيات القرن الماضي.

وﻻ يزال هذا الخطأُ شائعاً رغمَ تكرارِ التوضيحاتِ بشأنِه. وصدرَ عامَ 2004 كتابٌ عنوانُه الأخ طارق، تدَّعي فيه مؤلِّفتُه كارولين فورست صِلةً مُباشرةً بينَ الخمينيَّة والمُفكِّر اﻹسﻼميِّ طارق رمضان، وتتَّهِمُهُ في هذا الكتابِ بمحاولةِ ترويج “اﻹسﻼموفوبيا” تعبيراً ومَفهوماً في أوروبا. ولتثبيتِ هذه التهمةُ، تقتبسُ المؤلِّفة من ما كتبَه طارق رمضان في مقالةٍ له في صحيفةِ لوموند ديبلوماتيك عام :1998 “يمكِنُنا الحديثُ عن نوعٍ من”اﻹسﻼموفوبيا“، كما جاءَ به عنوانُ دراسةٍ قيِّمةٍ أوصَت بها Runnymede Trust عام 19979”. وكانَ طارق رمضان قد اقتبسُ عبارةَ “اﻹسﻼموفوبيا” من عنوانِ الدراسةِ ذاتِها، فيصعبُ اتِّهامُه بالترويجِ على الساحةِ الثقافيّة الفرنسيّة لمُصطَلح لم يغِب عنها أساساً. فتَستشهِِد صحيفةُ لوموند ديبلوماتيك ذاتُها بمفتي مسجدِ مرسيليا صهيب بنشيخ، وتقولُ أنَّه يَسعى إلى “تكيُّفِ إسلامٍ أصيلٍ مع العالمِ العصري” وإلى مُكافحة “اﻹسﻼموفوبيا” والشعورِ باﻹقصاءِ وباﻹحباطِ واﻹنزواء عندَ مُسلمي مرسيليا".

بكاء الرجل اﻷبيض

تحثُّ المؤلِّفتان المَذكورتان أعﻼه على التخلِّي عن استِعمالِ الكلمةِ في حدِّ ذاتِها، إذ تعتقِدان أنَّ العبارةَ أدآةُ ترويعٍ ثقافيٍّ يُوَظِّفُها اﻷصوليَّون في صراعِهم ضد العلمانيَّة وضدَّ أيِّ نقدٍ يُوجَّهُ إلى الديانة اﻹسﻼمية.

وﻻ يَسع المؤلف باسكال بروكنر إﻻّ أن يوافِقّ على قناعات المؤلِّفتين، إذ كانَ قد ألَّف في السابق كتاباً صدَرَ في عامِ 1983 تحتَ عُنوان “بُكاء الرجل اﻷبيض” مع عُنوانٍ جانِبي “العالم الثالث، الملوميَّة وكراهيَّة الذات”. و انتَقدَ ﻻحِقاً وبشدّة “طُغيان التوبة” في كاتبٍ صدرَ له في عام .2006

“إنَّ عبارةَ”اﻹسﻼموفوبيا“صوَّغها اﻷصوليَّون اﻹيرانيَّون في أواخِر سبعينيّات القرن الماضي لصدِّ الحركةِ النسويّة من أمريكا، والمَفهومُ مُشتقٌّ من مفهومِ”الكزينوفوبيا“xénophobie أي كراهيةِ اﻷجانب. وترمي عبارة”اﻹسﻼموفوبيا“إلى جعلِ اﻹسﻼمِ مسألةً مُحرَّمةً وإلى اتِّهامِ كلِّ من يتجرَّأ على انتِقادِه بالعنصريَّة (...). إنَّنا نشاهِدُ صياغةَ تُهمةٍ ... على غِرارِ التُّهمِ التي كانت تلفَّقُ سابقاً على أعداءِ الشعبِ أيّامَ اﻻتِّحادِ السوفييتي. لقد تلوَّثت اللُّغةُ بعباراتٍ غامِضةٍ ومضِّلَّة، وعبارة”اﻹسﻼموفوبيا“من ضمنِها ﻻشكَّ، لذا ينبَغي عدمُ استعمالِها10.”
وتبنّى مؤسِّسُ مَجلّة (...) Le Point ومُحرِّرُها التاريخيّ الصحفيُّ كلود إمبير استعمالَ التعبيرِ ذاتِه إذ قالَ في تصريحٍ له على قناةِ LCI التلفزيونية11 .

“أودُّ أن أكونَ صريحاً، إنّي إسﻼموفوبيَّ بعضَ الشيء، وﻻ يُحرِجُني اﻻعتِراف بذلك (...) ولستُ الوحيدَ في هذا البلدِ في اﻻعتِقاد أنَّ اﻹسﻼمَ يجلِبُ معَهُ تفاهاتٍ مُختلِفة، ويقلِّلُ من وضعِ المرأةِ ويسعي إلى استِبدالِ قانونِ الدولِ بقانونِ القرآن. وﻻ أقصدُ بهذا اﻹسﻼميين بل اﻹسﻼمَ بحدِّ ذاتِه (...).”
وأثارَ ھذا التصرﯾحُ انتِقادات مُختلِفةٍ دفعَت صاحبه إلى الردِّ (...) بھذا التعبﯿر: “تحجَّر اﻹسﻼمُ في القرنِ الثالثِ عشر وقﯿَّدَ الشعوب.” وعبَّرَ كذلك عن انزِعاجِه عندما ُوجِّھت له تھمةُ العنصرﯾّة: "إنَّ اﻹسﻼموفوبﯿا موجَّھةٌ إلى اﻹسﻼم كدﯾانةٍ ولﯿسَ كعرقٍ أو وطنٍ وﻻ حتّى إلى المُسلِمﯿن كأفراد.

كان فولتﯿر ﯾنادي قديماً إلى“إسقاط الدنيء”، مُسقطاً هذا الشعارِ الشھﯿرِ على التعصُّب الدﯾني. وﯾتستَّرُ اﻹسﻼموفوبﯿّون، وھُم كُثرة، بحاجةِ إنعاش ِالمُھمَّة التي نادى بها فولتﯿر لتروﯾجِ أرآءھم ﯾومﯿَّاً في المجﻼّتِ والإعلامِ المرئي والمجالسِ الثقافﯿَّة. وﻻ ﯾخشَون من ﯾعارضُ أراءَھم وھم قِلَّة... أو غائبون.

ونحتجُّ ھنا على توظﯿفِ بعضِ اﻷصوليّين من المُسلمين لعبارةِ “اﻹسﻼموفوبﯿا”، إﻻّ أنّه ﻻشكَّ في وجود إسﻼموفوبﯿّين وفي مشاركتِھم في الحﯿاةِ اﻻجتماعﯿَّة والثقافﯿَّة. فأيُّ عملٍ عدائيّ أو كﻼمٍ مهينٍ موجَّهٍ إلى مسلمٍ أو مسلمةٍ بصفتِه كذلك، أيُّ اعتِداء على مسجِد (...)، هيَ أعمالٌ ﻻ يُقبَلُ الجدلُ بصفتِها اﻹسﻼموفوبيَّة. إنَّ اﻹسﻼموفوبييّن ﯾشكِّلون الﯿومَ تﯿّاراً فكريّاً نشيطاً في المجتمَعِ الفرنسي، وﯾعبِّرون عن أرآئھم، فكﯿفَ ﻻ نَصفُھم باﻹسﻼموفوبﯿا؟

ضدّ تمزُّق النسﯿج اﻻجتِماعي

ﻻ ﯾحتاجُ مُسلِمو فرنسا إلى من ﯾُدافِع عنھم، فتُكافحُ اﻷغلبﯿّةُ العظمى منھم النموَّ المَلموسَ للتعصُّبِ الدﯾنيّ وﯾدافِعون عن إسﻼمٍ أصﯿلٍ وعصريٍّ ومُتسامحٍ وفيّ لمعتقَداتھم. وھكذا نشرَت لوموند دﯾبلوماتﯿك في نوفمبر 2001 مقاﻻً مجدِّداً ﻷلان غرﯾش عنوانُه “إسﻼموفوبﯿا”، رغمَ أنَّ العدﯾدَ كانَ ﯾرى في استِعمالِ ھذه العبارةِ أنَّهُ تنازلٌ لﻺرھابﯿّﯿن، أو على اﻷقلِّ لمن ﯾُمارسُ اﻹرھاب الفكري. لحقَتهُ عام 2004 أوَّلُ دراسةٍ مُجمَلة للمسألةِ بعنوانِ “اﻹسﻼموفوبﯿا الجدﯾدة”12 للباحِثِ اﻻجتِماعي فنسان جﯿسﯿر . وفي العامِ التالي صدرَ للباحث توماس دﯾلتومب كتابٌ ﯾحلِّلُ فيه “اﻹسﻼم الوَھمي وإنشاء اﻹسﻼموفوبﯿا في اﻹعﻼم في فرنسا 1975-2005”13.

14وعبّر كلٌّ من إدفي بلﯿنﯿل15 وكلود أسكولوفﯿتش عن ضرورة المصالحة في النسﯿج اﻻجتماعي، وﯾكتب اﻷخﯿر في خاتمة كتابھ:

تبلوَرت في فرنسا “غَﯿرﯾَّة” إسﻼمﯿَّة، تختلِفُ عن باقي مكوِّنات النسﯿج اﻻجتِماعي. ونشأت ھذه “الغَﯿرﯾّة” خﻼلَ ربعِ القرنِ الماضي بصرفِ النظرِ عن التوجُّھات السﯿاسﯿَّة السائدة، فضيحةً تلوَ الأخرى وكذبةًً تارﯾخﯿّةً تلوَ اﻷخرى (...) وتكرار الأكاذيب الحقودة. وﯾُنظرُ إلى ھذه الغﯿرﯾَّة وكأنَّھا ﻻ تتَجانَسُ مع العقلِ وﻻ مع التعاﯾشِ الذي تنظِّمُھا المؤسَّسات الجمھورﯾة. وﯾُدَّعى أن الھوﯾَّة الوطنﯿَّة الفرنسﯿَّة مُھدّدة، ما ﯾَفرِضُ تشرﯾعَ أيَّة خطوةٍ - قانونﯿَّةٍ - لحماﯾتِھا.
أمّا الكاثولﯿك التقدمِﯿّون، فيُمكِن تلخيصُ رؤﯾتَھم بالمُقتطفِ التالي:

“يُعاني البلدُ من انفِصام. تشهدُ الثورات العربيَّةَ على رغبةِ المُسلمين في الديمقراطيّة، لكنَّ الخوفَ من اﻹسﻼمِ يلوِّثُ اﻷجواءَ في فرنسا وأصبحَ الﻺسﻼمِ فزّاعةً يكثُرُ التﻼعبُ فيها مع اقتِرابِ اﻻنتِخابات. ألم يُرِدْ ساركوزي حواراً حولَ مكانةِ اﻹسﻼم في الجمهورية؟ ذلك من اﻷفكارِ المفضَّلة لدى حِزب الجَبهة الوطنية”16 .
ويَتجاوبُ مع هذه اﻷفكارِ عالمُ اﻻجتِماع جان بوبيرو المختَصُّ بدورِ الدينِ في المُجتمَعِ الفرنسي (...):

تُروَّج عن اﻹسﻼمِ والمُسلِمين اﻷفكارُ المبسَّطة والمواعظُ السطحيَّة الموجَّهة إليهم“بتَكرارِ نشرِها عبرَ وسائلِ اﻹعﻼمِ الشاملةِ ويعطي التكرارُ لهذه اﻷفكارِ صفةَ الموضوعيَّة. إنَّ الظاهرةَ هذه مُقلقةٌ، وسببُها انتِشارُ التعصُّبِ الدينيّ بمُختلفِ ألوانِه من جهة، وتعصُّبٍ آخرَ يسعى إلى فرضِ أفكاره وإلى استِبعادِ كلِّ ما يَختلِف عنها من جهةٍ أخرى (...). ويقتصِر العالمُ الحر إلى الغربال مزيَّناً بكافَّة الفضائل، على غرارِ إسﻼمٍ يوصَّف كأنَّه كَيان موحَّدٌ شرير”17.
ويقارِنُ لاحِقاً جان بوبيرو في المقال ذاته بين معاداةِ الساميَّة السائدةِ في قضيَّة دريفوس وصعودِ اﻹسﻼموفوبيا في مطلعِ القرنِ الحادي والعشرين: “هذه اﻷفكارُ المبتذَلةُ ﻻ تزالُ موجودةً: ما تغيَّرَ، هي اﻷقليّات التي توجَّهُ إليها هذه اﻷفكارُ والتي تتحوَّل إلى كبشِ فداء. إنَّ مكافحةَ التعصُّبِ ﻻ تُغني عن مُكافحةِ الغباءِ الكَريه”. إن عباراتٍ كهذه تُجفِلُ صدورَنا في وقتٍ ليس لدى حُكّامِنا سواءًعلى شفاهِهم أو في كتابتِهم إﻻّ كلمة “حرب”.

عن الفرنسية، ترجمة راتب بستاني
ألان روسيو

1Arnold Van Gennerp, La mentalité indigène en Algérie, Mercure de France, sept/déc 1913.
2La réforme intellectuelle et morale, Paris, Michel Lévy Frères, 1871.
3La politique musulmane dans l’Afrique occidentale française, Paris, Emile Rose.
4Revue du Monde musulman, vol. XI, 1910.
5Revue du Monde Musulman, vol. XIX, juin 2012.
6La vie de Mohammed, Prophète d’Allah, H. Piazza & Cie; L’Orient vu l’Occident, Piazza & Geuthner.
7Edouard Sarrazin, Journal des Débats, 6 août 1919.
8Revue ProChoix, n°26-27, automne-hiver 2003
9Gordon Conway, Islamophobia : Fact Not Fiction, Runnymede Trust, 1997
10Libération, 23 novembre 2010.
11LCI, 24 octobre 2003.
12La nouvelle islamophobie, éditions La Découverte, 2004.
13L’Islam imaginaire. La construction médiatique de l’islamophobie en France, éditions La Découverte, 2005.
14Pour les musulmans,éditions La Découverte,2013.
15Nos mal-aimés, éditions Grasset, 2013
16Revue Golias, n°137, mars 2011.
17Le Monde, 6 octobre 2006.


الرابط
https://orientxxi.info/magazine/islamop ... aires,1155



سأعود
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

تثقيف غيرتنا..عبدالله ع إبراهيم

مشاركة بواسطة حسن موسى »




الصدفة السعيدة جعلتني اقرأ، اليوم فقط، مقال صديقنا عبد الله علي ابراهيم المؤرخ بـ 18 يونيو 2018، و المنشور في صدر منبر "سودانايل الإلكترونية".
و قد تعجبت كيف فلت هذا المكتوب الشيق علي رغم حرصي على مراقبة مكاتيب انترنيت. و مكتوب عبدالله يسترعي الإنتباه لأنه ينتمي لتقليد النظر النقدي في تاريخ الثقافة الأوروأمريكية التي تتسمى بـ" الغربية" و تزعم لنفسها إحتكار" الحداثة"
و هو تقليد يستحق التأني و الصيانة من طرفنا لأننا ـ لو أردنا الخلاص من خرافات حداثة رأس المال، فخلاصنا إنما يكون في النظر النقدي، نحو الآخرين و نحو ذواتنا.

حتى أعود هاكم مكتوب عبد الله وله جزيل الشكر.




تثقيف غيرتنا على أفضل البشر: رفت رسام كاريكتير أمريكي .. بقلم: د. عبد الله علي إبراهيم

التفاصيل
نشر بتاريخ: 18 حزيران/يونيو 2018



أرجو أن يتابع المهتمون بمبدأ حرية التعبير ومآلاته في الغرب خبر فصل روب روجزر من جريدة بتسبيرج بوست غازيت الأمريكية في هذا الشهر. فروجز خدم الصحيفة، التي تصدر في مدينة بتسبيرج من أعمال ولاية بنسلفانيا، كمحرر للكاريكاتير لربع قرن. وكانت الصحيفة قد توقفت من نشر رسومه الناقدة للرئيس ترمب مكرراً أخيراً. وأعفته وطلبت منه أن يتعاقد معها ككاريكاتيري حر لا موظفاً فيها. ورفض العرض المهين لعلمه بأنه ضحية مصادرة بينة لحرية التعبير.


سألت المهتمين أن يقفوا عند هذه الحادثة لأنني سبق لي القول مراراً إن الغرب تذرع دائماً بمبدأ حرية التعبير للتغطية على بؤس حساسيته تجاه تظلم المسلمين من شغب بعض كتابه ومحرريه. ونبهت إلى أن حرية التعبير في الغرب لم تكتمل فصولاً حتى يروعنا بها كثير من المفتونين بالغرب منا. فيروجون لها كمنتج نهائي حضاري استناري خالد لا تنتطح فيه عنزان بينما هو في الواقع الحال عملية (بروسس) لم يسلم في الغرب، برغم اللائح من رسوخه، من وقائع لخرقه بصور شتى تطرقت لها كثيراً. وحادثة فصل روجرز صورة منكرة من هذه الصور.


وقلت في مقالات سبقت إن وعينا بأن الغرب لم تخلص له حرية التعبير خلوصاً خالصاً وعي مطلوب لنثقف دفاعاتنا عن رموزنا الروحية. فقد جرت الإساءة مراراً لأفضل البشر، نبينا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، باسم حرية التعبير. فسوغ الغرب بها هترهم بحقنا في الأمن الروحي في حين يعطلونها أو يستنكروها متى ما مس "إبداع" ما رمزاً متبوعاً منهم مثل دونالد ترمب الذي هو رئيس خلت من قبله الرؤساء. فإن لم نستصحب الوعي بأن حرية التعبير "حارة" حتى عند الغرب ويخرقها جزافاً صورناها وحياً منزلاً لا يأتيه باطل من بين يديه أو خلفه. ومتى قبلنا من الغرب هذه النهائية لعقيدتهم في حرية التعبير وضعنا أمتنا المسلمة أمام استحالة. فمتى احتجوا على الإساءة على أفضل البشر في الغرب بدوا كأمة خالفة لم تزلزل حرية التعبير حرمة الرموز الروحية التي صارت من ماض الغرب لا حاضره. وهذا ما يسوق المسلم إلى القناعة بأن لا جدوى من احتجاجه السلمي غيرة على رسوله لأن الغرب لن يسمع منه عملاً بحرية التعبير. ولن يكون أمامه سبيلاً سوى الاحتجاج بالتظاهرة العنيفة ليبلغ اسماعاً استغشت بمبدأ حرية التعبير. وهي حرية تنازع للوجود ما تزال في الغرب ولم تصبح حرمة نهائية. وأفرغنا قبولنا بحرية التعبير في الغرب كأزل من كل حيلة أخرى غير العنف للغيرة على أفضل البشر. ولذا كان علمنا المتصل بمتاعب الغرب مع حرية التعبير (كما في حالة روجرز) مساهمة في تثقيف غيرتنا على أفضل البشر. فمتى لوحوا لنا بهذه الحربة متى فسقوا في حق أفضل البشر افحمناهم بصور خرقهم هم لهذه الحرية متى لم تلائم جماعة منهم. وهذه ندية ضرورية حتى لا نؤمن على توهمهم أن حرية التعبير عندهم مصونة وفي حرز حريز. والمؤسف أن أكثر من يعتقد قبل الغربيين أنفسهم في غرب حر التعبير صفوة منا. ولذا تباعدت هذه الصفوة العالة على الغرب عن "معارك" الغيرة على رسول الله وتركتها للصفوة الدينية المشيخية من علمها بدخائل الغرب قليل. ولذا كانت صورة غيرتنا على الرسول وحيدة بالعنف والتظاهرة مما عاد لنا بصورة "الغضبان المرتجل". فحسرنا مرتين.

https://sudanile.com/index.php/منبر-الرأ ... لي-إبراهيم

أضف رد جديد