Story Lesson أو الحِصَّة قِصَّة

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
عبد الماجد محمد عبد الماجد
مشاركات: 1655
اشترك في: الجمعة يونيو 10, 2005 7:28 am
مكان: LONDON
اتصال:

مشاركة بواسطة عبد الماجد محمد عبد الماجد »

سلامات يا عادل
نحن معك نستمتع
المطرودة ملحوقة والصابرات روابح لو كان يجن قُمّاح
والبصيرةْ قُبِّال اليصر توَدِّيك للصاح
صورة العضو الرمزية
عادل القصاص
مشاركات: 1539
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 4:57 pm

مشاركة بواسطة عادل القصاص »

يا أهلاً وسهلاً بك يا عبد الماجد.

إنما هي مائدة للوجدان - وأنت لست غريباً عليه؛ ودليلي على هذا موائدك الوجدنية الرائعة هنا، ممثلةَ في "سماع"، على سبيل التمثيل، لا الحصر.

متابعتك واستمتاعك بهذه المائدة تشريف لها.
صورة العضو الرمزية
الصادق إسماعيل
مشاركات: 295
اشترك في: الأحد أغسطس 27, 2006 10:54 am

مشاركة بواسطة الصادق إسماعيل »

القصاص وخلف
صديقي الإسفيري الطبيب محمد قرشي عباس

يحاول أن يبسِّط العلوم متبعاً طريقة في السرد جد جميلة
هنا رابط مدونته لو وجدتما وقتاً للإطلاع عليها فسأكون ممنوناً

https://popularsciencebyneu.blogspot.com ... -post.html
صورة العضو الرمزية
عادل القصاص
مشاركات: 1539
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 4:57 pm

مشاركة بواسطة عادل القصاص »

عزيزي الصادق،

لقد إطَّلعتُ على مناولتك، الكريمة، الأخيرة في نفس يوم بعثها إلينا. غير أنني ظللت أؤجِّلُ تعقيبي عليها حتى أقوم بقراءة الموضوعات ذات الصلة التي إقترحتها. والذي حدث - وما يزال يحدث - هو أن تكرر معي حدوث الآتي: ما أن أبدأ بالقراءة حتى يطرأ حادث يدفعني إلى بتر القراءة منذ الفقرات الاستهلالية (وقد ظللت أكرر المحاولة رغم أنني أمر بظرف ضاغط حيث يحاصرني الوقت. وهذا ما جعلني أؤجِلُ تعقيبات على بعض مداخلات سابقة.)

هذا أحاول قوله أو توضيحه لك - بعد الشكر والامتنان طبعاً - إلى حين عودة مختلفة.
صورة العضو الرمزية
عادل القصاص
مشاركات: 1539
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 4:57 pm

مشاركة بواسطة عادل القصاص »

صورة
صورة العضو الرمزية
عادل القصاص
مشاركات: 1539
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 4:57 pm

مشاركة بواسطة عادل القصاص »


تغطية صحيفة اليوم التَّالي السُّودانية لندوة الرسائل في أدب الحداثة ..رسالة خلف للقصاص نموذجاً:


صحيفة "اليوم التَّالي" السُّودانية

السَّبت، 5 سبتمبر 2015



الرسائل في أدب الحداثة.. ارتباط بالخطاب الثقافي والديني.. سفر القصاص


الخرطوم - حسن موسى



نظمت ندوة العلامة عبدالله الطيب بقاعة الشارقة بالخرطوم وبرعاية شركة زين ندوة وسمتها بـ (الرسائل في أدب الحداثة) رسالة خلف الله القصاص نموذجاً تحدث فيها الدكتور الناقد مصطفى الصاوي والأستاذ الناقد عامر محمد أحمد حسين.

ابتدر الحديث الناقد السر السيد الذي أدار الجلسة، فقال إن محمد خلف هو أحد المثقفين والناشطين السودانيين الذين برزت مساهماتهم في الحركة الثقافية في حقبة الثمانينيات من القرن الماضي من خلال مجموعة تجاوز واتحاد الكتاب السودانيين.


حساسية النقد

وأضاف السر بأنه نُشر له عدد من الدراسات النقدية في مجال الأدب، لافتاً إلى أن محمد خلف هو وجيله الدكتور محمد عبد الرحمن والدكتور مصطفى الصاوي وآخرين كمجموعة ولدت حساسية جديدة في مجال النقد، فقدمت اختراعات غزت بها الحركة الثقافية في تلك الفترة. وأكد السر السيد أن من بين هذه المجموعة نقاد عادوا من هجرتهم فاحتفت بهم الملفات الثقافية، ولكن محمد خلف – للأسف - لم يجد أي احتفاء يذكر.


حالة المثقف

من جانبه، أشار السر السيد إلى أن الرسالة في مضمونها تكشف عن حالة المثقف السوداني المهتم بالسرد الأدبي، وبالتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وكذلك إحساسه العالي بالقضايا الوطنية، كما أكد أن الرسالة من قراءتها الأولى موجهة بشكل خاص إلى عادل القصاص، ولكن عند إعادة قراءتها للمرة الثانية أو الثالثة، نجدها موجهة إلى كافة المثقفين في العالم، وهي تبرز حقل الجفوة والفجوة بين جيل وآخر، وكذلك تناقش حالة الانفصال التام بين حقل الثورة في مجال الأدب وبين العلوم الاجتماعية والعلوم الطبيعية وغيرها.


خطاب دعوي

وذهب الأستاذ السر السيد إلى أن رسالة خلف أجابت عن أسئلة افتراضية عديد من بينها أن محمد خلف يريد أن يؤكد أن علم الرياضيات والعلوم الطبيعية هي علوم تنطوي على علوم سيرية وسردية. وذهب السر السيد في إضاءته إلى أن هذه الرسالة تتعلق بجوانب جذرية مرتبطة بالخطاب الثقافي وبالخطاب الديني والدعوي هذا إلى جانب ارتباطها بتقاطعات الحركة الثقافية في السودان في حقبها المختلفة ومن ذلك جبل إلى جيل آخر.


رسالة شخصية

فيما قال الدكتور مصطفى الصاوي في إضاءته النقدية انطلق من عنوان الرسالة، فقال إنها تنطوي على أبعاد سيرية للأستاذ محمد خلف. وأضاف بأنها رسالة شخصية أو إخوانية تندرج ضمن اطار ثقافة الرسائل، واعتبرها جنس من الأجناس الأدبية أو من الأجناس المجاورة. وأكد الصاوي "أننا بصدد تحليل نص نثري يتضمن عاطفة كبيرة ويطرح أسئلة عديدة وتواترات بلا ترتيب أو انتظام". وأشار إلى أنها رسالة ذاتية متميزة سعت لاكتشاف الأشياء، وذكر أن الرسالة أيضا في واحد من تجلياتها مسكونة بالمكان، فتحتوي على ذاكرة مكانية وأمكنة متعددة استطاع فيها محمد خلف رسم شخصياتها بعناية فائقة جداً، إضافة إلى احتوائها إلى وجهات النظر والنحو والبلاغة، هذا إلى جانب أن الرسالة وازنت بين المنهج وبين أنها رسالة لغوية لها وقع خاص في الذاكرة، وذكر بأنها جاءت من منطلق تداعي الذكريات، وهي ثمة تميز بها جيل الثمانينات، ويرى الصاوي أن الإشارة لأسماء أعلام لامعة في هذه الرسالة له دلالات عميقة في كتابة القصة القصيرة. وأكد أن عادل القصاص اهتم كثيراً في قصصه بالبعد الاجتماعي باعتباره مثقفاً عضوياً من الطراز الأول، فكنت هناك إشارة لمجموعة من الشعراء في كتاباته.


سرد عميق

من جانبه، أوضح أن الرسالة فيها سرد عميق لتكوين محمد خلف الفكري، وفيها كذلك أبعاد سيرية تضمنت الاحتفاء بالذات واتخذت من البعد الفكري مرتكزاً لها، هذا إلى جانب تعويل محمد خلف على السرد واعتماده على الآخرين في سرد الوقائع والتجارب والتصورات الفردية، وختم بأن هذا الاتجاه هو سمة من سمات السرد السيري. أما الأستاذ عامر محمد أحمد حسين فانطلق من خلال قراءاته لهذه الرسالة من زاوية نظر حداثوية وفلسفية وعلاقة الرسالة بالأجيال المختلفة. فقال إن جيل محمد خلف وعادل القصاص ولد في بدايات خروج السودان من قبضة الاستعمار، وهو جيل شهد لحظة الانفتاح على الثقافة الغربية، وهي واحدة من أهم الحقب في تكوين عقل المبدعين في العالم العربي. وأضاف أن السودان بطبعه كان يرتكز على إرث ثقافي يتجاوز السبعة آلاف سنة من الثقافة. وأشار إلى أن هذا الجيل الذي نضجت تجربته في حقبة السبعينيات هو جيل غير محظوظ، ولفت الأستاذ عامر إلى أن أغلب الأسماء الأدبية التي ذكرها محمد خلف في رسالته كانت لأصحاب مشاريع فكرية واعدة بالرغم من أن أحلامهم وكتاباتهم كانت تضج بالاختلاف، إلا أن سؤال الحداثة كان مطروحاً في كل إبدعاتهم الفكرية، وهو الآن يطل برأسه بوضوح في هذه الرسالة. وأرجع عامر تأخر تلك المشاريع الإبداعية إلى الأزمة الاقتصادية التي ضربت العالم كله في تلك الحقبة بما فيها السودان، الأمر الذي أدى إلى إحداث فجوة بين الأجيال وأصبح كل جيل يرمي اللوم على الجيل الآخر الذي سبقه هذا إلى جانب تأثيرات الظروف والتحولات الاجتماعية والسياسية التي شهدها السودان في تلك الحقب.


تبرئة الكتاب

من جانبه، أوضح عامر أن محمد خلف حاول في رسالته أن يضع إطاراً في هذه الرسالة لتبرئة جيله من الكتاب والمبدعين، وإيجاد مبررات لعدد منهم تكشف عدم اكتمال لمشاريعهم الفكرية في حقبة الثمانينيات بسبب الثورات الشعبية. وذهب إلى أن محمد خلف أراد أن يوصل رسالة تكشف أن جيله لم يبدأ الكتابة في حقبة السبعينات وإنما بدأ الكتابة قبل ذلك بكثير. وخلص عامر في ختام إضاءته إلى تطرقه إلى هجرة هذا الجيل وتأثيرات هذه الهجرة على الصعيد الشخصي والمجتمعي.


تدوين لمراحل مهمة

وختم عامر محمد أحمد حسين حديثه بأن رسالة محمد خلف لعادل القصاص تعد تدويناً لمراحل مهمة ومحاولة ناجحة لإرساء أدب يرى أنه مرتبط بسيرة ومسيرة جيل ومجتمع كامل في السودان.



----------------------------

أرجو تنبيه القراء والقارئات إلى أن كاتب هذا التقرير ليس حسن موسى الفنان التشكيلي والناشط الثقافي المعروف لنا هنا (وغير هنا طبعاً). ع.ق
آخر تعديل بواسطة عادل القصاص في الخميس أكتوبر 01, 2015 9:41 am، تم التعديل مرتين في المجمل.
صورة العضو الرمزية
عادل القصاص
مشاركات: 1539
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 4:57 pm

مشاركة بواسطة عادل القصاص »

تغطية صحيفة "الخرطوم"، عدد يوم الثلاثاء 24 ذو القعدة 1436، الموافق 8 سبتمبر 2015، لندوة:



الرسائل في أدب الحداثة

رسالة محمد خلف الله إلى عادل القصاص




أقامت ندوة العلامة عبد الله الطيب بقاعة الشارقة بجامعة الخرطوم وبرعاية شركة زين ندوة بعنوان ( الرسائل في أدب الحداثة ) رسالة محمد خلف إلى عادل القصاص نموذجا. تحدث فيها الدكتور الناقد مصطفى الصاوي والأستاذ الناقد عامر محمد أحمد حسين.

أدار الجلسة الناقد السر السيد، معرفا بالكاتب محمد خلف الله الذي وصفه بأنه واحد من المثقفين السودانيين والناشطين السودانيين وقد برزت مساهمته الأدبية في الحركة الثقافية في حقبة الثمانينات من خلال جماعة تجاوز واتحاد الكتاب السودانيين ثم قدم السر السيد إضاءات حول الرسالة، مشيرا إلى أنها كتبها الناقد محمد خلف الله إلى القاص عادل القصاص ونُشرت في موقع (سودان فور اوول) ويعتبر الناقد محمد خلف من المثقفين الذين كان لهم دور كبير في الحركة الثقافية السودانية وقد نُشرت له العديد من الدراسات النقدية وأضاف أن محمد خلف قد شكَّل مع جيله أمثال ........... حساسية جديدة في مجال النقد وقدَّمت اقتراحات غذَّت بها الحركة الثقافية في تلك الفترة.

وأكد أن محمد خلف وآخرين من المبدعين المهاجرين عادوا إلى الوطن واحتضنتهم المؤسسات الثقافية إلا أن محمد خلف لم يجد حظا من هذا الاحتفاء بسبب غربته الطويلة. وكشف السر السيد أن رسالة خلف الله لعادل القصاص تكشف في مضمونها أن المثقف السوداني كان مهتما بالسرد الأدبي وبالتغييرات الاجتماعية. وكشفت أيضاً الإحساس العالي بهمِّ الوطن والقضايا الاجتماعية. كما أشار السر السيد إلى أن الرسالة موجهة بشكل خاص للقاص عادل القصاص ولكن عند قراءتها للمرة الثانية والثالثة نجدها موجهة لكل العالم وهي تكشف الجفوة بين الأجيال وكذلك تكشف حالة الفجوة بين حقل الثورة في مجال الأدب والعلوم الاجتماعية والطبيعية. ويرى السر السيد أن الرسالة استطاعت أن تجاوب على أسئلة افتراضية. أكد أن علم الرياضيات والعلوم الطبيعية هي علوم تنطوي على أشكال سيرية وسردية. وذهب السر السيد إلى أن هذه الرسالة مرتبطة بالخطاب الثقافي وبالخطاب الديني والدعوي.

الدكتور مصطفى الصاوي قدَّم إضاءات نقدية، ارتكز على عنوان الرسالة وقال إنها تحمل أبعادا سيرية وإنها رسالة شخصية تحمل وجدانيات وتندرج تحت إطار ثقافة الرسائل. وهي جنس من الأجناس المجاورة. وسعت للكتابة عن المسكوت عنه، وطرحت الكثير من الأسئلة وسعت لاكتشاف المكان فتحتوي على ذاكرة مكانية وأشار إلى كتاب غاستون باشلار ( جماليات المكان ) وقال إن الرسالة تحمل وجدانيات كثيرة وهي تعدد الشخصيات الكثيرة التي تم ذكرها في الرسالة. إننا بصدد نص نثري يطرح الكثير من الأسئلة، إضافة إلى احتوائها على النحو والبلاغة. ويرى الصاوي أنها جاءت من منطلق تداعي الذكريات، مشيرا إلى أنها قيمة تميَّز بها جيل الثمانينات، مؤكدا أن عادل القصاص في خطابه القصصي كان مهتما بالبعد الاجتماعي. وكشف الصاوي أن الرسالة انطوت على سرد عميق لما يمتاز به محمد خلف الله. كما أنها ارتكزت على البعد الفكري وعوَّل كثيرا على السرد السيري.

أما الناقد عامر محمد أحمد حسين فانطلق في حديثه، مشيرا إلى جيل محمد خلف الله وعادل القصاص الذي وُلد بعد الاستقلال. قال إن هذا الجيل وُلد في بدايات خروج السودان من قبضة الاستعمار. وهو جيل شهد لحظة الانفتاح على الثقافة الغربية. ويرى أنها حقبة مهمة جدا في تكوين عقل الكاتب وعقل المبدعين في العالم العربي، مشيرا إلى أن السودان يرتكز على إرث ثقافي تجاوز السبعة آلاف سنة من الثقافة. وأكد أن الجيل الذي نضجت تجربته في فترة السبعينات جيل محظوظ لأن أغلب الذين ذكرهم محمد خلف في رسالته من الأسماء الأدبية التي كانت تحمل مشاريع فكرية ولكن أحلامهم وكتاباتهم كانت مختلفة. وأرجع ذلك إلى الأزمة الاقتصادية التي مرَّ بها السودان. وحول صراع الأجيال يرى عامر أن كل جيل يرمي اللوم على الجيل الآخر ويرى أن مشروع الحداثة في السودان حدثت فيه فجوات كبيرة خلال التحولات الاقتصادية والسياسية في السودان. وأكد أن محمد خلف الله في هذه الرسالة لعادل القصاص حاول تبرئة جيله من الكتاب والمبدعين لإيجاد مبررات تكشف عدم اكتمال مشاريعهم الفكرية في فترة الثمانينات وأرجع ذلك بسبب الثورات الشعبية على المستوى السياسي ساهمت بدورها بجزء كبير من هذه الفجوة. وخلص عامر في ختام حديثه إلى تطرقه إلى هجرة هذا الجيل وتأثيرات هذه الهجرة على الصعيد الشخصي والمجتمعي.
آخر تعديل بواسطة عادل القصاص في الخميس أكتوبر 01, 2015 9:38 am، تم التعديل مرتين في المجمل.
صورة العضو الرمزية
عثمان حامد
مشاركات: 312
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:04 pm

مشاركة بواسطة عثمان حامد »

الصديق عثمان حامد
تحية واحتراماً
أرجو شاكراً نشر هذه المساهمة
السر السيد


كانت نهارية بديعة بقاعة الشَّارقة – جامعة الخرطوم

بدعمٍ سخيٍّ واهتمامٍ خاص من مدير معهد عبدالله الطَّيِّب، الدُّكتور الصِّدِّيق عمر الصِّدِّيق، وتحت راية ندوة المعهد الشَّهيرة "ندوة العلَّامة عبدالله الطَّيِّب" التى ناقشت حتى الآن ما يُقاربُ الـ 400 عنوان فى شتَّى ضروب المعرفة والثَّقافة والفكر - تحت ظلال هذا الاحتفاء الكبير، أقمنا ندوةً، اخترنا لها عنوان: "رسائلُ فى أدبِ الحداثة"، حيث ناقشنا من خلالِه "رسالة محمد خلف الله عبدالله لعادل القصَّاص". وكان في البدءِ فكرةٌ، اختبرناها مع عددٍ من المثقفين، نذكرُ منهم الدُّكتور الصِّدِّيق عمر الصِّدِّيق، وأبابكر الأمين، ومحمد طه القدال، وعالم عبَّاس محمد نور، وعصام عبد الحفيظ، وبابكر الوسيلة سر الختم؛ فشكرُنا الجميل لهم، لِما لَمِسناهُ منهم من جدِّيةٍ وتشجيع، واهتمامٍ فائق بموضوع الرِّسالة. اختبرنا الفكرةَ معهم لشعورِنا بجِدَّةِ الموضوع على الخبرة الثَّقافية السُّودانية، خاصةً تلك التى عاشها منظِّمو النَّدوة؛ فعلى حدِّ علمي، لم يسبق أن تمَّ تناولُ رسائلَ أدبيةٍ كتبها سودانيون؛ لذلك، اختبرنا الفكرةَ، بحثاً عن كيفيةٍ ما لتناولِ هذا الشَّكل من الكتابة. وهنا أُشير إلى أننا تحاورنا كثيراً حول ما هو العنوان المناسب لهذه النَّدوة؛ وأخيراً، استقرَّ رأيُنا أن يكون العنوان: "رسائلُ فى أدبِ الحداثة"، ليحتلَّ هذا العنوانُ حيِّزاً مقدَّراً فى النِّقاش بين مَنْ يرى أنه مناسبٌ، وبين مَنْ يرى أنه غيرُ مناسب ولا يُعبِّر بما يكفي عن موضوع النَّدوة. وهنا، أودُّ أن أُشير إلى أن الرِّسالة قد أثارت حواراً ثرَّاً متعدِّدَ الجوانب، ولفتت الانتباهَ إلى ما يمكن أن يتيحَهُ عرضُ ونقاشُ الرِّسائل، خاصةً تلك التى تبادلها أدباءُ وسياسيون سودانيون، وما اشتملت عليه من معارفَ ومعلومات؛ وقد تمَّ بالفعل الإشارةُ الى بعضٍ من تلك الرَّسائل.

كانت نهارية بديعة، تستوجب الشُّكر لِمَنْ جعلوها ممكنةً، ونخُصُّ منهم الأساتذة الكرام: عصام عبد الحفيظ، والأمين محمد عثمان، ومجتبى حامد، وعماد بابكر، ومحمد إسماعيل بجريدة "الخرطوم"، وحسن موسي بجريدة "اليوم التَّالي؛ ولا ننسى جريدة "الشَّرق الأوسط"، خصوصاً وأن صفحتها الثَّقافية "فضاءات" قد قامت بنشرِ إعلانٍ مجانيٍّ للنَّدوة يومَ انعقادِها منتصف نهار الاثنين 31 أغسطس، هذا علاوةً على تلخيصِها لجانبٍ من الرِّسالة في عددٍ سابق، تمَّ نشرُه على المواقع السُّودانية المعروفة في حينه تحت عنوان: "أين مضى شعراء السُّودان وقصَّاصوه؟"؛ كما لا ننسى، بالطَّبع، عثمان حامد ومثابرته وعزمه على إنجاح هذه النَّهاريةِ البديعة.

في الختام، يُجدر أن نُشيرَ إلى أن محمد خلف وعادل القصَّاص كانا حريصَيْنِ غاية الحرص أن يُسدى هذا الشُّكرُ "إلى كلِّ مَنْ ساهمَ في إنجاحِ هذه النَّهارية"، وأن يتمَّ نشرُه عبر الوسائط الإعلامية المُتاحة في أسرعِ وقتٍ ممكن.

السِّر السَّيِّد
صورة العضو الرمزية
عادل القصاص
مشاركات: 1539
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 4:57 pm

مشاركة بواسطة عادل القصاص »

بعد غيبة اقتضتها ظروف طارئة، ها هو محمد خلف يعود عبر تَأمُّلٍ في مفصل في الرسالة لم يتم التطرق اليه كثيراً:



انتسابُ الضَّفادعِ والذُّبابِ بلا نقيقَ أو أزيزَ إلى عالمِ الرِّسالة

"وَمَا مِن دَابَّةٍ في الأَرضِ ولَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيهِ إلَّا أًمَمٌ أَمثَالُكُم مَّا فَرَّطنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِم يُحشَرُونَ" (سورة "الأنعام"، الآية رقم 38).



احتشدتِ الرِّسالةُ بحيواناتٍ أتتْ إليها من كافَّةِ العصور، بدءاً من أوبابينيا وأنومالوكاريس من العصر الكمبري، وانتهاءً بالعقرب والزُّنبور في العصر العباسي الأول. وها نحن الآن نُعلنُ في هدوءٍ نسبي انتسابَ الضَّفدعة والذُّبابة إلى عالم الرِّسالة؛ فاحتشادُ المُنتسبين إليها، يشبه إلى حدٍّ ما تدافُعَ المحمولين على المركب قبيل الطُّوفان، فكلاهما قد جاء بدافعِ التَّمثيل، وتعلَّقَ بقضيةِ حفظِ الأنواع من فناءٍ وشيك أو انقراضٍ قريبِ الوقوع، مع اختلافٍ جوهري سيتَّضحُ لاحقاً، عندما نتبيَّنُ جانباً من جوانب العلاقة بين الحقِّ والحقيقة. ولكن ما هو السِّر الكامن وراء هذا الانتساب المتأخِّر الحدوث؟ سأحاول الإجابة على هذا السُّؤال بشكلٍ مستفيض.

على الرَّغم من أن رسالتي إلى الصَّديق عادل القصَّاص قد احتوت على محاورَ عديدة، تناولها مشاركون أفاضل بالتَّعليق الذَّكي والملاحظات الثَّاقبة، إلا أن ما أشارت إليه الرِّسالةُ إشارةً عابرة، خصوصاً على مشارفِ خَتْمِها، يفوقُ في أهميته ما تمَّ تناولُه بالفعل؛ ومن ضمنِه ما فطِن إليه أساتذةٌ كبار مثل مسعود محمد علي، وعلي بابكر، والسِّر السَّيِّد، والصَّادق إسماعيل، ومنصور عبد الله المفتاح، في مشاركاتهم؛ وأسامة الخوَّاض، وعبد الواحد ورَّاق، وسيد أحمد بلال، في مكالماتٍ هاتفية؛ وكثيرون غيرهم مِمَن وصلتني تعليقاتُهم عبر إخوةٍ وأصدقاءَ آخرين، ومَنْ لم يسعدني الحظُّ بالتَّعرُّف عليهم عن كثب؛ وهو، على وجه التَّحديد، العلاقةُ بين الحقِّ والحقيقة، أو على الأصح صلةُ الحقيقة بمجالها المتعدِّد والمتغيِّر بالحقِّ الواحدِ الباقي الذي لا يعتريه نقصٌ أو حدثان.

تنهضُ فيما بين الحقِّ والحقيقة فروقٌ جوهرية ودقيقة، سنتناول عند كلِّ سانحةٍ جانباً منها، لنوضِّح بعضاً مما اغتمض بيانُه في صلةِ المتعدِّد بالواحد، أو المتغيِّر بالدَّائم. فالعلوم الطَّبيعية تدور بمجملها في مجال الحقيقة، وكذلك صنوانها الاجتماعية، ولكننا سنركِّز على الطَّبيعية، لما تحتوي عليه من تمثيلٍ نموذجي. وأولُ المقاصد التي تستهدفها تلك العلوم هو تفسيرُ التَّعقيد الذي تنطوي عليه أشياء العالم وظواهره، بالرُّجوع إلى صِيَغِها المبسَّطة أو أشكالها المختزلة، ومن ثمَّ صياغة قوانينَ أو قواعدَ مطَّردة بإزائها، بحيث يتمُّ تعميمها على أشياء العالم وظواهره الأكثر تعقيداً. لذلك، فإن الأشياء البسيطة أصلاً تُشكِّلُ للعالِمِ، حسب ظنِّ بعضهم، تحدِّياً أقلَّ من الظَّواهر المعقَّدة التي تحتاج في المقام الأول إلى تبسيط أو تستدعي في نهاية الأمر نوعاً من الاختزال.

بناءً على هذا الفهم، يرى مارتن ريس، عالم الكونيات والفيزياء الفلكية، والذي يشغل منصب الفلكي الملكي البريطاني منذ عام 1995، أن دراسة النُّجوم والمجرَّات، على ضخامةِ حجمها الفلكيِّ الهائل، تشكِّل تحدِّياً أقلَّ مما تشكِّله دراسة الضَّفدعة، إذ إنَّ تشريحها ينطوي على تعقيدٍ كبير، بالمقارنة مع الأجرام السَّماوية، التي تحتلُّ مرتبةً منخفضة، وفقاً لمعيار التَّعقيد. وهذه النَّتيجة على وجاهتها في مجال الحقيقة، تدخل في تضاربٍ شديد مع ما نرى أنه هو الحق، لأنه لا يستندُ فقط إلى ما تنطوي عليه الأشياء من تعقيد، وإنما يختصُّ بإنشائها أول الأمرِ من عدم: "لَخَلقُ السَّمَاواتِ والأَرضِ أَكبَرُ مِن خَلقِ النَّاسِ ولَكِنَّ أَكثَرَ النَّاسِ لا يَعلَمُونَ" (سورة "غافر"، الآية رقم 57).

وقد يصحُّ القولُ بأن الكون قد بدأ من كرةٍ ناريةٍ مضغوطة أكثر سخونةً من مركز الأرض، وأن النُّجوم والمجرَّات قد تكوَّنت، فيما تتمدَّد الكرةُ وتبرد، بعد آلاف الملايين من السَّنوات، ثم ظهر بعد ذلك كوكبٌ، بأحدِ النُّجوم التَّابعة لإحدى المجرَّات، تجمَّعت على ظهره ذرَّاتٌ، فأنتجت مخلوقاً، على حدِّ قول ريس، أصبح قادراً على التَّفكير بشأنِ الكيفية التي تدورنت بها أشياءُ الطَّبيعة، بما حفِلت به من تنوُّعٍ واختلاف. قد يصحُّ كل ذلك على مستوى الحقيقة، وتفسيرِ ما انطوت عليه من تعقيد. إلا أن أشياءَ العالمِ الأولى، على بساطتها، تنطوي على سرٍّ أنطولوجيٍّ غامض، قادها بلُطفٍ، وبقدرةِ قادرٍ من اللَّاشيء إلى الشَّيئية. وهذا، على وجه التَّحديد، هو السِّرُّ الذي يدفعنا دفعاً إلى التَّسليم المُطلق، والارتماء العاجز في أحضانِ الحق.

وللسَّببِ ذاتِه، فإن حقل الفيزياء، الذي يقتربُ، في جانبه الكوانتي (نسبةً لميكانيكا الكم)، من بساطةِ الأشياء، وصغرِ حجمها المتناهي، يزوِّد العاملين به بشعورٍ غامرٍ بالرَّهبة، الأمر الذي يملأ جوانحهم بالحيرة، ويدفعهم دفعاً نحو استحصالِ مزيدٍ من المعرفة حول ظواهر هذا العالم المدهش؛ وفي قلوبهم ما يعمُرها بما يشبه الإيمان -وإنْ مالتْ عقولُهم عنه- ويعصمها عن التَّبجُّح بيقينٍ مهتز أو ادِّعاءٍ زائف. هذا بخلاف حقل الأحياء، الذي يُكتنفُ بتعقيدٍ مذهل، فيملأ العاملين به بإحساسٍ بالتَّفوُّق، لاهتدائهم إلى طريقةٍ، بعجها دارون أول الأمر ثم استقرَّت برفدها بعلم الوراثة الحديث، لتفسير التَّعقيد، على مستوًى إبستيمولوجي (نسبةً إلى نظرية المعرفة)، فظنُّوا أنهم أماطوا سرَّاً أنطولوجياً (نسبةً إلى علم الوجود)، ولكن هيهات؛ فالتَّعقيد يرتبط بمجال الحقيقة، بينما يختصُّ السِّرُّ، في جوهره، بالحق. فالعلماءُ قادرون، بما حصلوا عليه من علمٍ نافع، على تفسيرِ التَّعقيد، ولكنهم ليسوا بقادرينَ على أن يستقدموا إلى كَنَفِ هذا الوجود بأضعفِ مخلوقاته: "يا أيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فاستَمِعُوا لَهُ إنَّ الذين تَدعُونَ مِن دُونِ اللهِ لَن يخلُقُوا ذُبَاباً ولَوِ اجتَمَعُوا لَهُ وإنْ يَسلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيئاً لا يَستَنقِذُوهُ مِنهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ والمَطلُوبُ (سورة "الحج"، الآية رقم 73).


محمد خلف
آخر تعديل بواسطة عادل القصاص في الثلاثاء سبتمبر 29, 2015 11:47 am، تم التعديل مرتين في المجمل.
صورة العضو الرمزية
عادل القصاص
مشاركات: 1539
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 4:57 pm

مشاركة بواسطة عادل القصاص »

ندوة العلّامة عبدالله الطيب

الرسائل في أدب الحداثة.. رسالة خلف الى القصاص نموذجا




Published September 6, 2015 | By صحيفة الأيام

رصد / وفاء طه

قدمت ندوة العلامة عبدالله الطيب في إطار انعقادها الدوري ندوة بعنوان ( الرسائل في أدب الحداثة ”رسالة خلف الى القصاص نموذجا” ) شارك في تقديمها د. مصطفى الصاوي ، أ . السر السيد والأستاذ عامر محمد أحمد . وغاب الأستاذ نادر السماني عن المنصة، حيث كان ضمن المتحدثين في الجلسة . قدم الجلسة وأدار الحوار الأستاذ محجوب دياب …
ابتدر الحديث الناقد السر السيد مقدما إضاءات حول الرسالة أشار خلالها الى أن الرسالة والتي كتبها الناقد محمد خلف للقاص عادل القصاص قد نُشرت في موقع ( سودان فور أول و سودانيز أون لاين ) وأضاف أن محمد خلف هو أحد المثقفين السودانيين الذين لهم إسهامات ثرة في الحركة الثقافية السودانية ، خلال فترة الثمانيات وعبر اتحاد الكتاب السودانيين ، وقد نُشرت له العديد من الدراسات النقدية ، وعزز قوله عن خلف أنه وجيله في تلك الفترة قد خلقوا ما يُعرف بالحساسية الجديدة في مجال النقد مع مجموعة من النقاد منهم د. الصاوي ود. محمد عبدالرحمن وأضاف أنها مجموعة قدمت اقتراحات جيدة في الحركة الثقافية ، كما أوضح أن محمد خلف وآخرين من المبدعين المهاجرين عادوا الى الوطن واحتضنتهم المؤسسات الثقافية والأندية إلا أن محمد خلف لم يجد حظا من هذا الاحتفاء ، وذكر السر أن الرسالة تكشف عن أن المثقف السوداني كان مهتما بالسرد والأدب وبالتغيرات الاجتماعية وكان يحمل هما خاصا بالوطن وقال إن الرسالة حاولت أن تعبر عن الحقبة الثمانينية وهي رسالة موجهة لعادل القصاص بل موجهة لكل العالم ، وفي ذات الوقت تكشف أن هناك فجوة ما بين جيل وآخر وهي تجاوب على أسئلة افتراضية يحاول خلف البحث عنها في العلوم الاجتماعية والرياضية وغيرها وختم السر حديثه بأن الرسالة تنطوي على علوم سيرية وفردية وفي ذات الوقت تحمل خطاباً ثقافياً ودعوياً ودينياً .
د. مصطفى الصاوي عمل على عنوان الرسالة وقال إنها تحمل أبعاداً سيرية للأستاذ محمد خلف وهي رسالة شخصية أو إخوانية تندرج تحت إطار ثقافة الرسائل، وجنس من الأجناس الأدبية يمكن أن يُطلق عليها أجناس مجاورة ، وأضاف الصاوي أن الرسالة تحمل وجدانيات كبيرة جدا وأسئلة كبرى وتواترات بلا ترتيب وهي رسالة ذاتية متميزة فيها أبعاد سعت للكتابة عن المسكوت عنه ، وذكر أن الرسالة واحدة من تجلياتها أنها احتفت بالمكان الذي يمثل فيها خطوة وذاكرة مكانية ، كما تمت الإشارة لعدد من الشخصيات الأدبية .. والأمكنة والشخصيات تمثلان جزءا كبيرا من هذا النص ، الذي يحمل النحو والبلاغة والتوازن بين المناهج ، كما أن محمد خلف حافظ رغم كل هذا على أن تكون رسالة لغوية تحفر في ذاته وهي تتضمن تداعياً كبيراً للذكريات لوجود حقبة الثمانينات وأورد في هذه الرسالة أسماء تحمل أبعاداً ودلالات في كتابة القصة القصيرة ، وذهب الى أن عادل اهتم أكثر في هذه الرسالة بالبعد الاجتماعي باعتباره مثقفاً، وأشار فيها الى مجموعة من الشعراء وكتاب القصة القصيرة . وختم الصاوي حديثه بأن الرسالة فيها سرد لتكوينه الفكري وأبعاده السيرية في احتفائها بالذات كما أنها اتخذت من البعد الفكري مرتكزا لها وعوَّل كثيرا على السرد في اعتماده على الآخرين كما أنها تجارب فيها تجارب وتطورات فردية لذات الكاتب .
الأستاذ عامر محمد أحمد أضاف للمتحدثين من قبله أن جيل محمد خلف والقصاص ولد بعد الاستقلال ، وهو جيل شهد فعليا الانفتاح على الثقافة الغربية ، وهي حقبة مهمة جدا ، في تكوين عقل الكاتب في كل العالم ، وأضاف أن السودان يحمل ثقافة عمرها 7 ألف سنة ولكن هذا الجيل غير محظوظ ، وهو جيل فترة نهاية السبعينات و الثمانينات الذي حاول التعبير عن قضاياه ، وقال إن أغلب الأسماء التي ذُكرت عبر الرسالة كانوا أصحاب مشاريع فكرية واعدة ، ولكن أحلامهم وكتاباتهم كانت مختلفة ، وأرجع عدم تحقيق هذه الأحلام الى الأزمة الاقتصادية التي مر بها السودان ، وأشار الى أن تلك الحقبة كانت مفصلية ، وكان سؤال الحداثة سؤالا مطروحا في تلك الرسالة ، وهو السؤال الذي اشتغل القصاص عليه . ويرى عامر أن كل جيل يرمي اللوم على الجيل السابق له وأضاف أن مشروع الحداثة في السودان حدثت خلاله فجوات كبيرة خلال التحولات الاقتصادية والسياسية ساهمت بدورها بجزء كبير من هذه الفجوة .. وأكد أن محمد خلف في هذه الرسالة حاول أن يضع إطاراً لتبرئة جيله من الكتاب والمبدعين لإيجاد مسوغات لعدد منهم في اتجاهاتهم الفكرية باعتبار أن هناك تغييراً اجتماعياً وثورات شعبية على المستوى السياسي مثلت عقبات أدت الى تأخير إنجاز تلك المشاريع في السودان ، وأراد خلف أن يوصِّل رسالة مفادها أن جيله من الكتاب لم يبدأ الكتابة في السبعينات انما بدأها قبل ذلك بكثير ، كما تطرَّق عامر الى موضوع هجرة المبدعين وأثرها عليهم وقال إنها ساهمت في تغييب محمد خلف وتغييب مبدعين آخرين منهم هاشم محجوب وآخرين .. دفعت بعضهم للكتابة الإبداعية وهي تأخذ مؤشرات تدور حول المتغيرات التي حدثت في العالم من حداثة وأدب وغير ذلك ، كما أشار عامر في ختام حديثه الى أن الرسالة احتوت على الكثير من الحنين الى الماضي بسبب تلك الهجرة وتأثيراتها على المستوى الشخصي والمستوى الاجتماعي ، وأكد على أن الرسالة تطرح سؤال الحنين بقوة كبيرة وهي تُعتبر تدويناً لمراحل تاريخية مهمة ومحاولة لإرساء أدب سيري مرتبط بمسيرة جيل كامل وأن محمد خلف هو أحد النقاد الذين كتبوا دراسات نقدية في تلك الحقبة ولعب دورا كبيرا في إرساء الحداثة والوفاء لوطنه السودان.
صورة العضو الرمزية
عادل القصاص
مشاركات: 1539
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 4:57 pm

مشاركة بواسطة عادل القصاص »

عبر هذه المساهمة يتأمّل محمد خلف في "محور الحق والحقيقة":



الحقيقةُ من ذهبٍ والحقُّ مِمَّا لا يُمكن تصوُّرُهُ أو وُرُودُهُ على قلبِ بشر



ما يُفرِّقُ الحقيقة -ويُقصيها فراسخَ إثرَ أخرى عن الحق- هو أنها، من جانبٍ، تضارعُ الذَّهبَ، وتتفوَّق عليه، من حيث تمثُّلهما المعياري: فالحقيقةُ معيارٌ لتطابقِ التَّصوُّرِ الذِّهني مع موجوداتِ العالمِ بالفعل، بينما الذَّهبُ معيارٌ لقيمةِ تلك الموجودات، بحسب الاحتياج الإنساني؛ ومن جانبٍ آخرَ، فإنها تشبه المعدنَ النَّفيسَ، في أنها قلَّما توجدُ خالصةً من الشَّوائب، أو تكونُ مبرَّأةً من سوء التَّقدير، إنْ لم نقلِ التَّلاعبَ بقيمةِ السَّبيكة؛ ولعلَّ هذا ما يُدركُهُ كلُّ محبٍّ للذَّهبِ في ذاتِه أو كلُّ كانزٍ له من أجل قيمته التي تقاربُ تقديرَه المعياري؛ وهذا بدورِه يماثلُ ما يُدركُهُ كلُّ محبٍّ للحقيقة، فإنها قلَّما تُوجدُ خالصةً مما يعكِّر نقاءَها البلوري، أو تكونُ خاليةً من سوء الفهم، إنْ لم نقلِ الخلط المتعمَّد، الذي يهدفُ إلى تمريرِ أجندةٍ أو معتقداتٍ بعينها.

إلا أن الذَّهبَ، بصفته معدناً له مكانته في الجدول الدَّوري للعناصر، من السَّهل إدراكه، مثلما يمكن للإنسان، إذا أراد واجتهد في طلبه، أن يضعَ يدَهُ عليه ويكنزه كيفما شاء؛ هذا بخلافِ الحقيقة، فالإنسانُ، مهما سعى في طلبها، فلن يُدركَها. وإذا ما تمَّ له ذلك بمحضِ المصادفة، فإنه لن يدري بأنه قد أدركَها بالفعل. فكلُّ ما يُدركُهُ المرءُ هو أنه يقتربُ حثيثاً منها، أو يكادُ من فرطِ ثقتِه أن يحسَّ بأنه يلمسها لمساً، لكنه لا يجدُ سبيلاً إلى تعزيزِ إحساسه ذاك، ناهيك عن الاستيقانِ من بلوغِ مرماه. وإنَّ أبلغَ تشبيهٍ في وصفِ الإنسان السَّاعي نحو الحقيقة، هو ما أورده الفيلسوفُ النَّمساويُّ البريطاني كارل آر بوبر، إذ وصف سعيَه بحالِ متسلقٍ يُريدُ أن يبلغَ قمَّةً تُغطيها سحبٌ متراكمة؛ فهو يمضي في سعيِه بلا توقف، ويحدوه إحساسٌ غامر، وربما يكون صادقاً، بأنه يقتربُ حثيثاً من القمَّة، ولكنه لن يدرك أبداً أنه قد بلغها بالفعل.

ومنذ أن بسط إيرنست رذرفورد في عام 1911 أمامه رقائقَ من ذهب، ثم أخذ يوجِّه عليها أشعة ألفا الفالتةِ بشكلٍ تلقائيٍّ من ذرَّة الرَّاديوم، لم يعد هناك حاجة للاعتماد على الأشعة الكونية أو انتظار أفضل أوقات حدوثها؛ إذ سرعان ما تمَّ اكتشافُ نواةِ الذَّرَّةِ معملياً، عندما تبيَّن أن بعضاً من الأشعة قد اصطدمت بجُسيمٍ صلب داخل ذرَّة الذَّهب، وارتدَّت على أعقابها، فاستخلص العالمُ الفيزيائي النِّيوزيلندي البريطاني وجودَ النَّواة. ولاختراقِ هذه النَّواة، كان لابد من تسريع الأشعة حتى تكون قادرةً على النَّفاذ إلى داخل النَّواة، فنشأتِ الحاجةُ إلى اختراعِ مُسرِّعاتٍ، تشتدُّ قوة مغنطيساتُها بانفراجِ زاويتها، كلما اتَّسعت دائرةُ دورانِ الجُسيمات المتصادمة بداخلها. فتدورَنَ تاريخٌ طويل لهذه المسرِّعات، أو المصادمات، إلى أن انتهينا اليوم بمصادم الهدرونات الكبير بسويسرا، الذي تتَّسعُ دائرتُه حتى تخترقَ الحدود الفرنسية-السُّويسرية.

ولا نبالغُ إنْ قلنا إن هذا المصادم الجبَّار قد أصبح مصنعاً ضخماً لإنتاج الحقيقة في مجال فيزياء الجُسيمات الدَّقيقة؛ فوضعُ الحقيقة، في هذا المجال المتسارع الحدوث، قد أصبح رهناً بما يستخلصُه آلافُ العلماء، العاملين في معهد سيرن بسويسرا، حيث يوجد المصادم الأوروبي الكبير، في أعقاب كلِّ تشغيلٍ للمصادم؛ وعمرُ الحقيقة أصبح بدورِه مرتبطاً بما ينشرونه من مستجداتٍ، تؤمِّن عليها شبكةٌ من العلماء المرتبطين بالمعهد في جميع أنحاء العالم أو تؤكِّدها جامعاتٌ أو مراكزُ أبحاثٍ مستقلة. صحيحٌ أن علماء فيزياء الجُسيمات الدَّقيقة يشتغلون الآن تحت إطارِ نموذجٍ قياسيٍّ، تزدادُ ثقتهم فيه يوماً بعد يوم، إلا أنهم لا يعتقدون بصحَّته المُطلقة، بل إنهم على استعدادٍ دائمٍ للتخلِّي عنه في أقرب سانحة، متى ما جاء المصادمُ بما يحلُّ محلَّه.

أمَّا الحقُّ، فإننا نقبله كما جاء في الكتابِ الكريم: "وَبِالحَقِّ أَنزَلنَاهُ وَبِالحَقِّ نَزَلَ" (سورة "الإسراء؛ الآية رقم 105)، لثقتنا بأنه الحقُّ، وهو اسمٌ من أسمائه الحُسنى، و"قَولُهُ الحَقُّ" (سورة "الأنعام"؛ الآية رقم 73). ولا سبيلَ إلى تصوُّرِه خارج الإطار الذي رسمه القرآن. وليس هناك بشأنِ ما ذكرناه عن الحقيقة ما يزعزعُ ثقتَنا في الحقِّ أو يصرفنا عنه. إلا أن هناك ما يستدعي الحديثَ باستفاضةٍ عن صلةِ الحقيقة بمجالها المتعدِّد والمتغيِّر بالحقِّ الواحد الدَّائم، استناداً إلى ما يتكشَّف لنا عن جانب الحقيقة بشكلٍ يومي، وما كُشِف لنا من جانب القرآن، من غير شطحٍ في التَّفسير أو أيِّ إهدارٍ لأفضلِ مكتسباتِ التَّعليل العلمي.


وسنواصل، بإذنِ الله، الحديثَ عن جانبٍ آخرَ من جوانب هذه العلاقة البالغةِ الأهمية.

محمد خلف
آخر تعديل بواسطة عادل القصاص في الاثنين سبتمبر 28, 2015 3:42 am، تم التعديل مرة واحدة.
صورة العضو الرمزية
عادل القصاص
مشاركات: 1539
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 4:57 pm

مشاركة بواسطة عادل القصاص »

توثيق فوتوغرافي لندوة "الرسائل في أدب الحداثة: رسالة محمد خلف إلى عادل القصاص نموذجاً" بكاميرا عصام عبد الحفيظ:


صورة

صورة

صورة

صورة

صورة

صورة

صورة

صورة

صورة

صورة
صورة العضو الرمزية
عادل القصاص
مشاركات: 1539
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 4:57 pm

مشاركة بواسطة عادل القصاص »

وهذه مداخلة من منصور المفتاح:


تعرف يا محمد يا أستاذى عندما هاتفتنى لم أشرب الشاى الأخضر ولم تجتمع دواليب الذاكره وفور الإنتهاء من الحديث معك والذى دائما يكون مفيداً
ومثمراَ، فقد نفذ إلى العزيز المجذوب وراق وسألنى عن ذات السؤال رأيى فى قولك عن الحقيقه والذى تطابق وقول الكتيابى فى تقديمه لديوانه
رقصة الهياج بيد أنه كان يتكلم عن الروح لا بل عن الشعر والذى قال:
بأنه يختبئ فى الكلام كما تختبئُ خاصية المغنطة فى جلد المغنطيس
يجذبك فتبحث عن جسمه لتلمسه عن مكمنه لتعرفه فيتفلت من يديك لطيفا كالنور ويبقى حيث هو فلا أبصرته مجاهر المنطق ولا أدركته شبكات
الفلسفه ولا لمسته مشارط الأطباء فى أجساد أهله
ومعنى كالجمال هذا الشعر
لا أين ولا كيف له ولا كمٌ ولا حجم فهو إذن إشعاع من الروح
حمل صفتها كما حملت هى الصفه فكانت بعضاً من الأمر
(ويسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربى وما أوتيتم من العلم إلا
قليلا)
إنه الشعر صورة من صور قوة الروح، التى هى المهارة المطلقه، المَلَكَه،
التى يخصصها صاحبها فى السبيل التى يتبعها سواء كانت هذه السبيل
علماً أو قياده أو صناعه أو كتابه أو رسماَ أو رياضه أو غناء أو ما
إلى ذلك
فالشعر أقرب هذه السبل جميعاَ إلى المبتغى
وهل كان المبغى إلا الحقيقه)
فيا خلف فذاك عن الشعر فما بالك عندما يكون عن الحقيقه!! لا
بل ذلك الشعر فكيف يكون الحال مع رب الشعر الشعراء { وأنه هو رب الشعرى }

ولك الود السلام

منصور
صورة العضو الرمزية
عادل القصاص
مشاركات: 1539
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 4:57 pm

مشاركة بواسطة عادل القصاص »

وهذا تعقيب محمد خلف:



الشَّايُ أخضرُ، والحقيقةُ رمادية؛ أمَّا الحقُّ، فإنَّ أقربَ تمثُّلٍ له ما وصفَهُ القرآنُ بأنَّهُ نورٌ على نور



عزيزي منصور

عيد سعيد، أعاده اللهُ على أسرتكَ الكريمة وقُرَّائِكَ الأفاضل بالخيرِ والبركة


يُذَكِّرني شاهيك الأخضرَ بجدِّي الحاج علي النَّصري -وحفيدُه المباشر الذي يُلقِّبونه بجدو يسعى بين يديكم في كالغري (فبلِّغهُ منِّي كثير السَّلام)- فقد كان يتناوله في كلِّ أمسية في ديوانه الفسيح الأرجاء، وكان يحرصُ أن يُشارِكَهُ أحدُ أفرادِ الأسرةِ الصَّغيرة أو الممتدة صينيةَ الشَّاي، التي لا تخلو من جميع أصنافه: الأحمر والأخضر والذي يخالطُ سائلاً أبيضَ "لبناً خالصاً سائغاً للشَّاربين". وما كنتُ أدري أنَّ الشَّاي الأخضر يُنعشُ الذَّاكرة إلى هذه الدَّرجة، لكنَّ هذا يُفسِّرُ كلَّ شيءٍ حول أسئلة جدِّي التي تتخلَّل شُربَ الشَّاي، فقد كان يسألُ عن كلِّ صغيرةٍ وكبيرة، ولا تفلتُ شاردةٌ أو واردةٌ من قوَّةِ ذاكرته المعزَّزة بالشَّاي الأخضر. وقد كان يتعرَّف من خلال تلك الأسئلة على أحوالِ الأسرة الممتدة، ولا يتوانى أبداً عن زيارةِ مريضٍ أو مواساةِ مكلومٍ أو مدِّ يدِ المساعدةِ لسائلٍ أو مُحتاج؛ سواءً اتَّخذ ذلك شكلَ تسهيلٍ لسفر، أو تسديدٍ لِدَين، أو إسهامٍ ماليٍّ في أمرٍ جلل.

هذا عن لونِ الشَّاي وذاكرة جدِّي المعزَّزة بالأخضر؛ أمَّا الحقيقة، سواءً التمسناها في تصوُّرٍ ذهني أو صياغةٍ لغوية أو واقعٍ موضوعي، فإنها غالباً ما تكتسي بمَسحَةٍ رمادية؛ وذلك من جرَّاء خلطٍ عفويٍّ أو متعمَّد للتَّصورِ المطابقِ بالخيال، والصِّياغةِ الصَّادقةِ بالزِّيف، والواقعِ الفعليِّ بالوهم. إلا أن الحقَّ خالٍ تماماً من الباطل؛ وإذا التمسنا تقريباً لصورته عبر وسيطٍ لوني، فإنه لا يقفُ عند حدِّ اللَّونِ الأبيضِ كما في تصوُّره عند إسحق نيوتن، الذي يحتوي ضمنياً على كافَّة ألوان الطَّيف، أو عند حدِّ أمواج جيمس كلارك ماكسويل، التي تشمل كافَّة درجات الطَّيف الكهرومغنطيسي، وإنما نلتمسه وفقَ ما جاء في (سورة "النُّور"؛ الآية رقم 35): "اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ والأَرضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشكَاةٍ فِيها مِصبَاحٌ المِصبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيتُونَةٍ لَّا شَرقِيَّةٍ ولَّا غَربِيَّةٍ يَكَادُ زَيتُهَا يُضِيءُ وَلَو لَم تَمسَسهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهدِي اللهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ ويَضرِبُ اللهُ الأَمثَالَ لِلنَّاسِ واللهُ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيمٌ".

محمد خلف
آخر تعديل بواسطة عادل القصاص في الاثنين سبتمبر 28, 2015 3:45 am، تم التعديل مرة واحدة.
صورة العضو الرمزية
الصادق إسماعيل
مشاركات: 295
اشترك في: الأحد أغسطس 27, 2006 10:54 am

مشاركة بواسطة الصادق إسماعيل »

كل سنة وانتو طيبين
انا موجود بالقاهرة مرافق لوالدي
عنده عملية جراحية ومتابع للخيط
حارجع بعد اسبوع وما زال في الجراب الكثير
من الاسئلة
صورة العضو الرمزية
عادل القصاص
مشاركات: 1539
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 4:57 pm

مشاركة بواسطة عادل القصاص »

كل عام وأنت ووالدك بخير يا الصادق. وأتمنى له عملية ناجحة ودوام الصحة وطولة العمر.
صورة العضو الرمزية
عادل القصاص
مشاركات: 1539
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 4:57 pm

مشاركة بواسطة عادل القصاص »

محمد خلف يواصل تداعياته مع منصور:



الشَّايُ أخضرُ والمغنطيسُ مجالٌ حاوٍ لكلِّ الألوان: المرئيةُ منها وغيرُ المرئية إلا بمناظيرَ خاصَّة




عزيزي منصور

نحتاجُ إلى تناولِ مزيدٍ من أقداح الشَّاي الأخضر، لفضِّ مغاليقِ الذَّاكرةِ الجماعية؛ وعندما أقول الذَّاكرة، لا أعني تصوُّرها بوصفها مستودعاً للمعلومات فقط، وإنما بوصفها حقلاً ديناميكياً متفاعلاً مع ما قبلُ وما بعدُ. ففي مجالِ الحقيقة، نحتاجُ إلى مشاركةِ كافَّة العقول النَّيِّرة، فقوَّةُ الحقيقة ليست رهناً على فردٍ أو فئةٍ بعينِها؛ هذا بخلافِ الحقِّ، حيث لا يحتاجُ الغنيُّ، بارئُ الكونِ وخالقُ كلِّ شيءٍ، إلى أحد.

فالزهرةُ، على سبيل المثال، ليست حصراً على تأمل الشَّاعر أو الفنان، كما اعتقدَ صديقٌ لعالِم الفيزياء النَّابه ريتشارد فاينمَن، حيث زعم ذلك الصَّديق أن بإمكانه رؤية جمال الزَّهرة وتأمُّل محاسنها، هذا بخلاف العالِم الذي يُشَرِّحُها، فتستحيلُ تحت مِجهرِه إلى مَنظرٍ مُمِلٍ تمقته العينُ ولا تُسَرُّ بالنَّظرِ إليه؛ فيَرُدُّ عليه فاينمَن بالقول: إن جمال الزَّهرة متاحٌ للجميع، بما فيهم العالِم نفسِه، حتى ولو لم يتمتع، مثل صديقه الفنان، بحاسَّةٍ جماليةٍ صقيلة؛ فبإمكانه، إذاً، أن يُقدِّرَ قيمة الزَّهرة على المستوى الجمالي؛ إضافةً إلى ذلك، يمكنه أن يرى ما لا يستطيع الفنانُ رؤيتَه: يمكنه تصوُّر الخلايا بداخلها، والأنشطة المعقَّدة التي تجري في الخفاء، والتي تتمتع هي أيضاً، إلى جانب الجمال الخارجي، بمَسحَةٍ من جمال. بمعنًّى آخر، فإن رؤية العالِم يمكن أن تضيفَ إلى رؤيةِ الفنانِ بُعداً أكثرَ عُمقاً أو تطرحَ، إلى جانبِ تأملاتِه الجمالية، بُعداً يرشَحُ بأسئلةٍ فلسفية: هل تملكُ الحشراتُ التي تنجذبُ إلى ألوانِ الزَّهرةِ لتلقيحها حِسَّاً جمالياً؟ وأين يبدأ الوعي وأين ينتهي على أفرعِ شجرةِ المَحتِدِ (وهي الشَّجرةُ التي تُبيِّنُ تدورُنَ الأنواعِ ذات الأصلِ المشترك، وفقاً لتصوُّر علم الأحياء الحديث)؟

هذا عن الزَّهرة؛ أمَّا المغنطيس، فيمكن تصوُّره، كما في تشبيه الشَّاعر عبد القادر الكتيابي (وربما تكونُ بيننا، دون أن ندري، علاقةُ قُربى، فأنا سليلُ كِتَيٍّ، جَدُّ الكتياب؛ وجذوري راسخةٌ في الجزيرة النِّعمة، قبالة المحمية غرب)، فقد أشار في تشبيهه في الاقتباس الذي أوردتَهُ أنتَ عن الشِّعر إلى "أنه يختبئُ في الكلام كما تختبئُ خاصيَّة المغنطة في ’جلد‘ المغنطيس". إلا أن الأخيرَ يمكن تصوُّره أيضاً، كما في تخيُّل مايكل فاراداي؛ فقد بسط أمامه مغناطيساً، ولم يكتفِ، مثل غيره من العلماء الاعتياديين، بالنَّظر إليه باعتباره كُتلةً من المعدن أو لفائفَ من الأسلاك، بل نظر إليه وكأنه "أنابيبُ من القوة" أو مخالبُ لأخطبوتاتٍ تنتظم الكونَ بأكملِه، الأمر الذي مهَّد الطَّريقَ أمام جيمس كلارك ماكسويل لدمجها في "أخطبوطٍ كونيٍّ" واحد، هو المجالُ الكهرومغنطيسي، الذي لا يقفُ عند حدِّ الألوان المرئية، التي تقع ذبذباتُها في وسط المجال، وإنما تتعدَّاه إلى الألوان غير المرئية، دون الحمراء (ذات التَّردُّد المنخفض) وفوق البنفسجية (ذات التَّردُّد العالي)؛ وتتجاوز كلَّ ذلك إلى أشعة المايكروويف وموجات الرَّاديو من جانب، والأشعة السِّينية وأشعة غاما المغنطيسية من جانبٍ آخر.

ومن مقطعٍ افتتاحيٍّ من رواية "مائة عامٍ من العزلة" للكاتب الكولومبيِّ الرَّاحل، غابرييل غارسيا ماركيز، يحضُرني مشهد الغجريِّ ملكياديس وهو يعرض مغنطيساً صغيراً على أهالي ماكوندو، فلا يجذبُ إليه معادنَ من فِضَّةٍ وذهبٍ فقط، مثلما يحلم المرءُ العاديُّ في المنطقة، وإنما ينجذب إليه أيضاً قلبُ جوزيه أركاديو بوينديا الذي يحلم، مثل المشتغلين غيره بالكيمياء القديمة، بإجراءِ تغييراتٍ متسارعة تُمكِّن من صنعِ حجر الفلاسفة، وتحويلِ الفلزات الوضيعة إلى معادنَ نفيسة، والبحثِ عن إكسير الحياة الذي يوفِّر لشاربِه حياةً أبدية. في المقابل، يحضُرني مشهد أمريكا وهي تخرجُ من عزلتها ’المجيدة‘ في أعقاب الحرب العالمية الثَّانية، وقد أتقنت خبرتَها النَّووية، وهاهي الآن تبدأ في إجراءِ قياساتٍ دقيقة للإلكترونات والميوونات (وهي جُسيماتٌ مشابهة للإلكترونات)، بعد أن سحبت، قبل عامين، مغنطيساً ضخماً (وزنه 17 طنَّاً، وقطره 15 متراً) من بروكهيفن في لونغ آيلند، وهي جزيرةٌ بولاية نيويورك، إلى فيرميلاب، وهو مختبرُ أبحاثٍ شهير في شيكاغو بولاية إلينوي، لِما يتمتعُ به المختبرُ من خبرةٍ متراكمة، لا يملكها مختبرُ بروكهيفن، في مجال الميوونات. فالإلكترونات والميوونات، هي في الأساس، عبارةٌ عن مغنطيساتٍ متناهية في الصِّغر، إذ إنها تشتمل على ما يُسمَّى بالزَّخم الزَّاوي (الزَّخم، بمعنى كمية الحركة أو حاصل ضرب الكتلة في الحركة؛ والزَّاوي من زاوية؛ والزَّخم الزَّاوي هو المقابل التَّناوبي أو الدَّائري للزَّخم الخطي)، والدَّوران المغزلي، والشُّحنة الكهربائية. وربما تؤدِّي هذه القياساتُ إلى نتائجَ لا يستطيعُ حتى مصادم الهدرونات الكبير في سويسرا الإتْيانَ بها. وإذا كان المصادمُ الأوروبي، كما قلنا في مشاركةٍ سابقة، هو مصنعٌ ضخمٌ لإنتاج الحقيقة في مجال فيزياء الجُسيمات الدَّقيقة، فإن المغنطيس الأمريكي العملاق هو صنوٌ له أو يزيد في هذا المجال المتسارع.

فلنتناول يا صديقي مزيداً من أقداحِ الشَّاي الأخضر، حتى نُطلِقَ العنانَ لأفضلِ ما في الذَّاكرةِ الجماعية؛ أو لعلنا نلتقي ذات نهارٍ زنجبيليٍّ، كما تمنَّت لنا "نجوى" ذات يومٍ، على فنجانٍ من قهوةٍ يتمُّ إعدادُها على طريقةِ أُمِّي، وتفوحُ رائحتُها بعطرِ حديثِها، بشاشتِها، وبركتِها؛ وما زال في أُذني صوتُ مِقلاةٍ على الجمرِ، وفي أنفي روائحُ مِسكٍ؛ وفي الحلقِ، نكهتا قِرفَةٍ وقَرَنفُلٍ؛ وتحت اللِّسانِ، لسعةٌ ممزوجةٌ من زنجبيلٍ وحَبِّ هالٍ من أبكارِ قهوتِها الصَّباحية.


محمد خلف
آخر تعديل بواسطة عادل القصاص في الخميس أكتوبر 01, 2015 9:24 am، تم التعديل مرة واحدة.
منصور المفتاح
مشاركات: 239
اشترك في: الأحد مايو 07, 2006 10:27 am

مشاركة بواسطة منصور المفتاح »

العزيز محمد خلف سلام من الله عليك والأسره.
إن كانت هى (نجوى) فنسأل الله لها اللطف والنجوى فى الفردوس
فقد إلتقيناها باكرا بذات سمتها البديع وعفويتها الرائعه جعل الله البركة فى
ذريتها وأنزل الصبر على شريك دربها وأهلها ولكأنى براشفٍ لفنجالٍ
من قهوتها بكيمياء الجمال تلك وما يضوع منها وأصوات ضحكاتها
المجلجله ونوادرها الفوريه. فيا أستاذى خلف فقد تدافعت فى دواخلى
الأفكار وأنا أطالع فى أثر الشاى الكونى وفعل أثره فى الكل وقلة خراج
حاملى أقداحه، فسالةً كانت أم جفوةٍ تملكتهم أم رهبةٍ وهيبة وجلالٍ ألجمت
ألسن أقلامهم أو أعمت أعين أصابعهم من مفاتيح الكيبورد، أحسب
أنهم ثملوا ومال بهم الشجو من إرتضاء ذلك الشاى الأخضر والفكر
الإكثر إخضراراً فى رسائلك النفاثة النوويه والتى شلت قواهم وقدراتهم
فوقع فك حيرتهم على قارعة سوح الوقوف عليها، عل الله بمخرجهم من
تلك الحاله. فيا عزيزى إن الرؤى والأفكار قد تكاثفت فى الذات وأنا أرتشف
شايُك الممغنط بكهربة الكتياب ذات الضغط العالى وأنا المولع
المتدروِش بفيض عرفانهم الروحانى الجمالىُّ السامق السامى وكأن
بالكتيابى يسألنى (دنك أمتلأ) ويجيب هو(هممت ما أستطعت رفع حاجبى
تجاوزه إننى وهبت للسكون رغوته، عريته للسعة النسيم، فصفق النديم
وأستحسن الملأ، تبلورت فقاعة تدوّرت تكوّرت شككتها بنظرةٍ زوت)
فيا لكم من مجانين يا الكتياب ويا لكم من راكبين على سرج أبو قطاطى
فوق ظهر خيل الريح للحاق بجمال الحقيقه المطلقه البهية الرهيبة
فلا تتجاوزا ما لم يتجاوزه الكليم موسى، فبحاله إهتدوا.
أيضاً تساقطت علىّ كيمياء الروح تلك بينك والكتيابى وتذكرت ندوة كانت
تشتعل جذوتها بكافتيريا الدراسات العليا جامعة الخرطوم فى كل ثلاثاء
من كل إسبوع وتحديدا تذكرت تلك التى كان موضوعها البارا سايكولجى
والتى تحدث فيها جمال عبدالملك الملغب بإبن خلدون والعامل بالصحافة
وقتذاك ودفق عن القدرات الكامنه فى النفس والتكوين الكهروماغنطيسى
للإنسان والحيوان والنبات والإنفعال العفوى المنسجم بلا إراده من المخلوقات
ولكن بإرادة من خالقها أتذكر تلك الشجرة التى هشت لرسول الله، أتعرف سر
الكلب الذى يموت ليقتل الثعبان ليٌنجى صاحبه، وكم من مرة تذكرت عزيزا فرنّ
جرس الهاتف وكان هو وكم من مرة إجتمع الصحاب وبدأ الحديث عن
شخص ما وفورا بان وأظنك تعرف (الدوكاب)
وهو الإحساس بأن أمراَ جلل سيحدث، بل تحدث عن قدرات الإنسان فى
السحر مطلق الإنسان وأنها قوة كهرومغنطيسيه جباره تنبعث من الإنسان
وتشق الزجاج وتحرق البنطال والقميص وتكسر الأوانى وتهد الأجساد
إذا كانت تلك النفس ممتلئه بأسباب العوالم السفليه أما إذا كانت مشبعة بالإيمان
وحب الرحمن ف الكل فى سلام وأمان، أما يقول الحق
{تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ
وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا }الإسراء44


منصور
منصور المفتاح
مشاركات: 239
اشترك في: الأحد مايو 07, 2006 10:27 am

مشاركة بواسطة منصور المفتاح »

المغنطيس يا خلف عند وراق وبين الوراريق والكتياب مغنطيس
وكأنى بالكتيابى يقول عن ذلك:
تلاقينا توائم فى رنين الإسم
والذات الغريبه
فى نحول الجسم
فى طرق التعفف والميول
لهب المواهب والضياع المر
يسحقنا الزمان كحبتى قمح وتخطؤنا العقول
وكطائرين مسافرين من الرياح إلى الرياح
إفترقنا وألتقينا مثل أجزاء الجراح).


منصور المفتاح
منصور المفتاح
مشاركات: 239
اشترك في: الأحد مايو 07, 2006 10:27 am

مشاركة بواسطة منصور المفتاح »

الحبيب المنصور
سلاااام ومعزة ، وكل عام وأنتم ممهولين، وربنا يبارك لك ولزوارك في أهلكم وأعماركم ومالكم وجناكم
أكرمني الله أن اشاهد جلسات الشاي الأخضر لعلمائنا الشناقيط
بل وأكرمني الله أن أدرت الكؤوس" الأتاي" علي بعضهم
من اشعارهم فيه:
" وشُربُهُ عند الصباح أحسنُ
لكنّهُ بعد العشــــا يُستحسنُ
لانه وقت فــــــــــرَاغ البـال
وتفرُغ النَفسُ من الأشـغال
وإنّما الباب عليك تَسْــــتدُلُ
وأغلِقهُ حتى لا ثقِيلَ يَدْخُــلُ
والعادة عندهم في "الأتاي" ثلاثة مرات ، ولكن إذا طاب لهم المجلس عند أحدهم ، وأعجبهم الأُنس ، وكان البال فارغا، يقولون:
"رابع الكؤوس من الكرامِ
عادة جري به عكس اللئامِ
والأتاي عندهم لا يحلو، إلا بعد الشواء، وبعدمه قديد الصيد، أو قديد الإبل "التِّشطار، التشتار" بلهجتهم الحسَّانية المورتانية ، إن إنعدم اللَّحم والقديد، أحيانا يديرون كؤوس "الأتاي"، علي الفول السوداني مع التَّمر ، ويسمونه "القرتة" بالكاء
أتذكر مرة سمعت عالمين منهم وفي جلسة "أتاي" يتناقشون عن كتاب إسمه "عنوان الشرح الوافي" وكان النقاش يدور عن كتاب فرعي موجود بالكتاب الأم إسمه "مثلث بن قطرب" والجميل في الأمر الكتاب كان نظما في المفردة، حيث يأخدها تشطيرا من الحركات "الفتحة والضمة والكسرة" ثم يشرحها في البيت الثاني ، بمعني
أن البيت الأول يأخذ المفردة من حركاتها
"النصب، الرفع ، الكسر" وفي البيت الثاني يشرح المفردات ،وكل الكتاب المنظوم شعرا يحفظونه تماما
وصاحبك ودالمقدم لأول مرة يسمع بهذا الكتاب ، وب
"مثلث بن قطرب" ولقد بحثت عنه بعد ذلك وبعد جهدا جهيد ، أهداني له الشريف حسنا عليه الرحمة ، ومن عجائب الحظ ، لم أجده لوحده وإنما مرفق مع كتاب آخر ، بمعني الكتاب الأصل إسمه "عنوان الشرح الوافي "
ومرفق في آخره كتاب آخر"مثلّث بن قطرب "
ولقد حفظت وقتئذٍ من تلك الجلسة المحضورة هاتين البيتين من مثلث بن قطرب :
بدا فحيا بالسَّلام رمى عذولي بالسِّلام أشار نحوي بالسُّلام بكفه المخضبِ
بالفتح لفظ المبتدي والكسر صخر الجلمد والضم عرق في اليد قد جاء في قول النَّبي
والحمد لله الأن بعض" مثلث بن قطرب" موجود في جراب ربيعنا قوقل
حيَّا ربد الغمام، ونفل البادية قبور علماؤنا الشناقيط، فقد كانوا متفردون في كل شئ حتي في مصارعة البيد والصحاري والعتامير، وربنا يبارك في عمر من كان حيا منهم
معزتي


عبيد المقدم
أضف رد جديد