وثائـــــــــــــق .. مُهـــــمـَـــــــلة .. !!

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
عادل عثمان
مشاركات: 845
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 12:14 pm
مكان: المملكة المتحدة
اتصال:

مشاركة بواسطة عادل عثمان »

متحف السكة حديد - عطبرة
قاطرة بخار 1951


صورة


قاطرة بخار 1885 - الخرطوم

صورة
There are no people who are quite so vulgar as the over-refined.
Mark Twain
ياسر عبيدي
مشاركات: 1157
اشترك في: الخميس مارس 27, 2008 1:51 pm

صور الديزل

مشاركة بواسطة ياسر عبيدي »



شكراً كثيراً يا عادل على هذه الصور البديعة التى أرغب أن ألحقها بتعليق يعطى هذا الديزل، " المصنوع خصيصاً للسودان" والذى دوماً فى الخاطر، حقه فى التوثيق. لقد أحيت صورك عندى أشجان ذكريات سكك حديد الخرطوم .. حين كنت أُفضل، عند عبورى محطة السكة حديد ويُصادف ذلك دخول هذا الديزل يسحب خلفه قطار بضاعة أو رُكاب، الوقوف بجانب القضيب حتى يعبر من أمامى .. وعند إقترابه حيث أقف كان السائق يطلق صافرة تشعر بزميمها فى أعماق صدرك .. مُحذّرا ومُحيِّياً إيّاك رافعاً لك يده بينما تزلزل ماكيناته وعجلاته على القضبان الأرض من تحت أقدامك. ولو دقّقت النظر داخل مقصورة السائق عبر النافذة اليسرى فى الصورتين التاليتين المُعيّنتين بالمربع الأحمر، تستطيع أن تتبيّن "حَبل" مُعلق من طرفيه بسقف المقصورة:


صورة صورة


أذكر عبيدى يرفعنى ذات يوم بكلتا يديه، لا أدرى المكان والزمان على وجه التحديد، حتى أتمكن من الإمساك بهذا الحَبل المصنوع من الجِلْد .. وحين طلب منى جذبه بشدّة إلى الأسفل إنطلقت صافرة عظيمة من هذين البوقين المُعلقين على سقف المقصورة:


صورة


كانعبيدى إذَّاك يمارس معى تجربة الأشياء بنفسى قبل أن أكوّن رأياً حولها وهو أُسلوبه التربوى فى التعليم .. ويا لها من تجربة لذاك الصبى الذى ياما صدَّعه برغبته الجامحة فى إطلاق صافرة قطار الديزل .. فقد أكسبته شعوراً بالقوة كان فريداً وعظيم.


صورة


ولمزيد من التوثيق لهيئة سكك حديد السودان المغدورة .. تالياً مقال ترجمه إبن السكة حديد البار بدر الدين حامد الهاشمى، فله موفور الشكر والتقدير:


السكة حديد: طورت السودان (وكثيرا) .. بقلم: عبد المنعم خليفة خوجلي ... ترجمة: بدر الدين حامد الهاشمي

الخميس, 24 حزيران/يونيو 2010 18:18



[font=Sakkal Majalla]تقديم: هذه ترجمة مختصرة لجزء يسير من أطروحة أكاديمية بعنوان: "القطاع العام في السودان"، قدمها الأستاذ/ عبد المنعم خليفة خوجلي لنيل درجة الماجستير من جامعة ليدز ببريطانيا عام 1972 . اعتمد المؤلف في هذا الجزء من الأطروحة على كتاب "المواصلات في السودان" لمؤلفه ريتشارد هيل، والصادر في عام 1965م. نظرنا في العنوان إلى عنوان مسرحية د./ عبد الله على إبراهيم "السكة حديد قربت المسافات (وكثيرا)".

السطور التالية مهداة لأرواح والدي وسبعة من أعمامي وأثنين من جدودي قضوا في خدمة "السكة حديد" في مختلف بقاع السودان سنين عددا.
بدأ العمل في وضع أول خط للسكة حديد في السودان مع مقدم جيش حملة "استعادة" البلاد )كما يشار لها في الأدبيات البريطانية)، وذلك في عام 1896م؛ وكان تمويله من الأموال المخصصة للحملة.

بيد أن ذلك الخط لم يكن له كبير تأثير على تجارة الصادرات، إذ أنه كان مخصصا بالكلية للأعمال الحربية. لذا نشأت رغبة ملحة في مد خطوط السكة حديد لمناطق الإنتاج في البلاد مما يتيح لتك المناطق المنتجة الطريق للأنهار وموانئ البحر (الأحمر) إذا ما أريد للتنمية الاقتصادية أن تتحقق. ولتحقيق ذلك تم مد خطوط السكة حديد لشرق البلاد في عام 1905م، وربطت بميناء بورتسودان والذي كان قد أنشئ حديثا.

في عام 1909م تم مد خطوط السكة حديد من الخرطوم إلي الجزيرة، حيث كان سيقام هنالك المشروع الزراعي المروي الأكبر في البلاد، وأعقب ذلك في عام 1910م مد تلك الخطوط إلي الأبيض بغرب السودان وذلك بغرض تقريب ذلك الإقليم (البعيد) من الإدارة المركزية في العاصمة، وتقليل مصاعب نقل وتصدير محصول الصمغ العربي الهام، والذي كان يعد – وإلى ذلك التاريخ - المحصول النقدي الأول في البلاد ؛ ولم يفقد موقع الصدارة تلك إلا بعد أن فاقه محصول القطن المنتج من مشروع الجزيرة في عام 1926م.

يتضح من ما سبق ذكره أن خطوط السكة حديد المنتشرة في أصقاع البلاد قد مدت قبل إنشاء أي مشروع تنموي كبير بالبلاد. كان لتلك الخطوط تأثير محفز على تنمية ونمو الاقتصاد السوداني. وتزامنت المرحلة الثانية من مد خطوط السكة حديد مع تلك التنمية، خاصة في مجال زراعة تصدير القطن على أساس تجاري. كذلك مدت خطوط السكة حديد في الشرق لمناطق مثل دلتا القاش وطوكر حيث يزرع القطن. وخلافا للمرحلة الأولى من إنشاء الخطوط الحديدية، والتي مولت بالكامل بواسطة حكومة السودان، فإن المرحلة الثانية تم تمويلها باستثمار من الحكومة بشراكة من القطاع الخاص، إذ تحملت شركة أقطان كسلا (البريطانية) مع حكومة السودان دفع تكاليف جزء من خط السكة حديد الذي يربط الخرطوم ببورتسودان (من كسلا إلي هيا). كان ذلك الجزء يدار بصورة مشتركة بين الحكومة وتلك الشركة، مما قلل تكلفة الشحن بالنسبة للشركة، وزاد من دخل الحكومة في وقت اشتدت فيه حاجتها للمال.

أثرت السكة حديد الحياة الاقتصادية والاجتماعية في السودان ثراء عظيما. فقد توسعت بفضلها التجارة الخارجية- على أساس كفء ومستدام- من ناحيتي القيمة والنوعية. وظهر جليا مردود كل ذلك في زيادة مقدرة في دخل مصلحة السكة حديد. ولتقاسم ثمار ذلك النجاح الباهر حاول عدد من الشركات الأجنبية الخاصة التقدم لشراء خطوط للسكة حديد في السودان أو لاحتكار امتياز بعض تلك الخطوط. بيد أن الحكومة قررت (ولاعتبارات إستراتيجية وأخري اقتصادية تتعلق بدخل السكة حديد) أن تبقي على السكة حديد ضمن القطاع العام. في عام 1910م اقترح حاكم عام السودان أن تتم خصخصة خط السكة حديد الممتد من الخرطوم إلي الأبيض، ورغم أن ذلك المقترح لم يجد أبدا طريقه للتنفيذ، إلا أن مجرد صدوره من إداري يجلس على قمة الحكومة كان أمرا مثيرا للاهتمام. مارست الحكومة البريطانية ضغطا مماثلا لخصخصة سكك حديد السودان في عام 1922م، وذلك عندما طلبت منها حكومة السودان قرضا لتمويل مشروع الجزيرة، إذ طلبت الحكومة البريطانية استئجار السكة حديد لمدة خمسين عاما نظير دفعها لمبلغ أربعة ملايين من الجنيهات الإسترلينية، ومائة وخمسين ألفا كإيجار سنوي. كان ذلك العرض مغريا لشركات القطاع الخاص، إذ أن السكة حديد ظلت تثبت أنها تحقق أرباحا عالية، وأن ربحيتها ستتضاعف مع قيام مشروع الجزيرة، إذ ستزداد الربحية من الشحن وحتى من نقل الركاب. لم تكن السكة حديد مجرد مشروع ربحي ثابت القواعد، بل كان في ذات الوقت أهم مشروع في البلاد.

كان رد مدير عام مصلحة السكة حديد على طلب الاستئجار السالف الذكر ردا مختصرا بليغا، إذ قال: " من يتملك السكة حديد فقد تملك البلاد بأسرها". تلخص هذه العبارة الموجزة مدى التخوف الصادق الذي كان يعتمر في نفوس رجال حكومة السودان من أن التفريط في ملكية السكة حديد يعني عمليا أن يسند ويوكل أمر تنمية السودان الاجتماعية والاقتصادية إلي جهة خاصة (وربما أجنبية)، وهذا أمر لا يكون الركون إليه أو الرضاء به.

في عام 1923م تقدمت شركة تسمي (Nile Congo Divide Syndicate) - والتي كانت تؤمل أن تنقب عن المعادن في جنوب السودان - بطلب لحكومة السودان لمد خطوط السكة حديد لجنوب البلاد، على أن تحتكر أمر إدارة تلك الخطوط لمائة عام إلا عاما واحدا. رفضت حكومة السودان ذلك الطلب كما رفضت قبله (وبعده) عددا من طلبات التخصيص. وكانت علة الرفض دوما هي الأهمية الإستراتيجية للسكة حديد، وأنها مصدر هام للدخل لا يمكن للحكومة الاستغناء عنه، خاصة في ظل شح الموارد من المصادر الأخرى. عللت الحكومة رفضها لتخصيص إدارة جزء أو أجزاء من خط السكة حديد بدعوى خوفها من عدم كفاءة الشركات الخاصة في إدارة تلك الخطوط، وأن تكلفة تشغيل خط محدود قد تكون عالية جدا، مما سيؤدي حتما إلى زيادة قيمة الرسوم والتذاكر.

أثبتت السكة حديد أنها مصدر هام وثابت من مصادر الدخل. كان ذاك هو كل ما كانت الحكومة تركز عليه آنذاك، ولم تكن مشغولة بأمر كفاءة التشغيل والتجديد والصيانة. بيد أنه، ومع مجئ سنوات الوفرة والطفرة عقب الحرب العالمية الثانية، بدأت الحكومة تلتفت إلي هذه الأمور والتي كانت الحكومة تتجاهلها عامدة لسنين طوال.

لكل ما ذكر في السطور السابقة من أسباب ظلت السكة حديد مصلحة مهمة ضمن المصالح الحكومية في القطاع العام. يمكن تلخيص تلك الأسباب في كلمتين لا ثالث لهما: الدخل والإستراتيجية.


سودانايل نقلا عن "الأحداث"


ـــــــ

* يا عادل أول وآخر صورتين قمت أنت بتحميلهم لهذا الديزل ما ظاهرين عندى .. شوف المشكلة شنو.


عادل عثمان
مشاركات: 845
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 12:14 pm
مكان: المملكة المتحدة
اتصال:

مشاركة بواسطة عادل عثمان »

وريني زمن وتاريخ المداخلات التي لم تظهر صورها عندك. الصور كلها ظاهرة. ما هو متصفحك للانترنيت؟ تصفح الانترنيت بفاير فوكس firefox فهو افضل متصفح.
There are no people who are quite so vulgar as the over-refined.
Mark Twain
ياسر عبيدي
مشاركات: 1157
اشترك في: الخميس مارس 27, 2008 1:51 pm

صور الديزل العزيز

مشاركة بواسطة ياسر عبيدي »



أنا بقصد يا عادل الصورتين بتاريخ الثلاثاء 15 يوليو الساعة 7:41 PM والصورتين التانيات بتاريخ السبت 19 يوليو الساعة 7:42 PM واللتين ظهرتا لىّ مؤخراً، ولكن الأولانيات لم يظهرا لى لا فى متصفح "الإنترنت إكسبلورر" ولا فى "الفير فوكس"، وقد رأيتهم فى موقع العنوان الذى أرفقته. أنا عادة بفضِّل "الإكسبلورر" لإعتيادى على إستخدامه .. وعندى تصميم صفحتو أريح فى التصفّح، ولكن موخراً لأنو بقى يعصلج معاى بقيت ألجأ لـ"الفير فوكس" فى الكتابة وتحميل الصور. أفتكر مشكلة ظهور الصور والفيديوهات هى بسبب خدمة الإنترنت التعبانة فى السودان وليس بسبب برامج تصفّح الإنترنت.

إنا مهتم بصور هذا الديزل العزيز لأنها، مع المعلومات التى تفضلتما أنت وأحمد بها، تحكى عن سيرته بمجرّد المقارنة بين حالته فى الصور وتاريخ إلتقاط هذه الصور. بديت أكتب لكن رمضان كَبَسْ وكمان بعدو طبق عليهو العيد .. وريثما "شعر جلدنا يرقُد" وتعود المياه إلى مجاريها .. لازم أكتب يوماً ما عن هذا الديزل الجبار والعظيم.


عادل عثمان
مشاركات: 845
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 12:14 pm
مكان: المملكة المتحدة
اتصال:

مشاركة بواسطة عادل عثمان »

سلام يا ياسر وكل عام وانتم بخير

تم اجراء اللازم بالنسبة لصور حادث قطار البضاعة 1985 في صفحة 10 بتاريخ 15 يوليو الساعة 7:41 مساء
ما ظهروا عندك لانني رفعتهم مباشرة من الموقع، والموقع احيانآ يكون داون
الان عالجت المشكلة بحفظ الصورتين في كمبيوتري وتحميلهما بهذه الصفة.

الصورتان بتاريخ 19 يوليو ظهرتا عندك لحسن الحظ. قاطرتا بخار من العهد القديم - 1885 و1951

ربنا يقويك ويسهل ليك متابعة تأليف هذا الكتاب الهام ونحن معك نشد من ازرك لا نبخل بشئ من اجل الوطن البنحلم بيهو يوماتي.
There are no people who are quite so vulgar as the over-refined.
Mark Twain
ياسر عبيدي
مشاركات: 1157
اشترك في: الخميس مارس 27, 2008 1:51 pm

يرحل الأعزاء ويتركون خلفهم ما ينفع الناس ويمكث فى الأرض

مشاركة بواسطة ياسر عبيدي »



عجّلَ من معاودتى الكتابة فى هذا الخيط .. زيارتى الأخيرة لعضو المنبر الصديق "الصادق إسماعيل" قبل بضعة أيام لتقديم العزاء فى رحيل والده العزيز. تعرّفت على والد الصادق أول مرّة عند زيارتى لهما قبل بضعة أعوام، وذلك لمّا جاء الصادق إلى السودان فى عطلة كان قد نجا فيها من حادث حركة مروّع كاد أن يودى بحياته. ذهبت يومها إليه مع صديقنا المشترك بعد خروجه من المستشفى وقد وافق ذلك مناسبة "كرامة" سلامته ومُعافاته من عملية الحادث الخطير .. فى تلك "الكرامة" تناولت وصديقى أشهى وأروع المأكولات الشعبية السودانية، حيث تأكد لى فيها إعتقادى الرّاسخ بأن أهل كردفان هم ملوك فن صناعة المأكولات البلدية السودانية بلا منازع، وبقية أهل السودان ما هُم إلاّ مُقلَّدين لصناعة ذاك الفن الرفيع، إذ لايزال يُحيّرنى إهمالى يومها للحوم وبقية المطايب وتركيزى على ملاح " النعيميِّة باللَقمة" .. وأنا الذى لم أطقهُ يوماً حين يُطبخ بدارنا .. تعرّفت ذاك اليوم على والد الصادق إسماعيل، وكذلك تعرّفت فيه بأنور أدهم .. الذى إقترح عليه الصادق أن أجلس إليه لأدون عنه ما يحمله من معلوماتٍ تاريخيةٍ نادرة وفى غاية الأهمية، وتكرّر الإقتراح من الأمين عثمان فى معرض زوجته "كمالا" ولكن لم تشأ الأقدار .. فالأقدار فى السودان على الدوام لا تشاء.

كان الصادق يُلاحق والده يُذكِّرهُ بأنه متأكد من وجود كتابٍ من تألفيه مع إثنين آخرين عن تاريخ الرياضة فى مدينة عطبرة، وأنه كان يُتصفّحه كثيراً فى صغره، ولكن الوالد كان يستبعد إمكانية وجود هذا الكتاب حتى ذلك الوقت فى المنزل. وبإصرار الصادق ومثابرته .. وبعد بحثٍ مُضنٍ .. أخيراً وُجِدَ الكتاب داخل كرتونةٍ مُهمَلة .. وما أكثر " كراتين الوثائق المُهْمَلة" !

الكتاب غنى بالصور صادرٌ عن مطبعة التمدّن بالخرطوم؛ وبعنوان: (الرياضة فى عطبرة)، من تأليف: محمد أحمد رحمة، إسماعيل أحمد سليمان، وعمر المبارك:


صورة


صورة**صورة**صورة

[font=Sakkal Majalla]محمد أحمد رحمة ــــــ إسماعيل أحمد سليمان ـــــ عمر المبارك

صورة


نفض الصادق عن هذا الكتاب الغبار ومن يومها وهو يُخطط لإعادة طباعته، إذ لم تصدر عن هذا الكتاب طبعة أخرى منذ صدوره فى عام 1961 ! .. وهو يحتوى على معلوماتٍ دقيقة وهامة للغاية عن السكة حديد فى مدينة عطبرة وعن الرياضة فيها وكثير من الشخصيات التى طواها النسيان. وهو كتاب يُسافر بك إلى ذاك " الزمن الجميل" ويفاجئك بسيلٍ من المعلومات المتنوّعة المدعّمة بالصور، بحيث أنك لن تتوقع ما يمكن أن تحصل عليه من فائدةٍ حال تصفّحك له. يكفى أنِّى وجدت فيه ما يعيننى على إضافة معلوماتٍ هامة لهذا "البوست" فى عدّة مواضع.

حملت الكتاب، فقد كلّفنى الصادق بعمل نسخ عنه وتكرّم بإهدائى وصديقنا المشترك نسختين منه. وفى نهاية الزيارة ونحن فى طريقنا إلى الباب الخارجى علّقت للصادق وصديقى وأنا لا تسعنى الفرحة أَهُزُّ أمامهم بالكتاب: " لقدعُدتُ بصيدٍ ثمين" ...

.. يرحلُ عنّا الأعزاء يا الصادق .. ويتركون خلفهم ما ينفع الناس ويمكث فى الأرض. لن أوفيك والوالد ما تستحقانه من شكرٍ جزيل.

سأعود ..


ياسر عبيدي
مشاركات: 1157
اشترك في: الخميس مارس 27, 2008 1:51 pm

أتبرا عاصمة الحديد والنار.

مشاركة بواسطة ياسر عبيدي »



عَمِلَ الوالد إسماعيل محمد سليمان بالسكة حديد عطبرة فى المَسْبَك، وعندما سُـئِل، فى ذاك اللقاء الأول والوحيد، عمّا إذا كان يعرف محمد عَبيدِى بَرْدَويل، أجاب بأنه لم يَلتقيه ولكن الإسم Rang in his ears. لم يكن مُقدّراً لإسماعيل وعبيدى أن يلتقيا فى عطبرة، ذلك لأنه حين إلتحق إسماعيل بالعمل فى السكة حديد أواخر الخمسينات، كان عبيدى بالكاد قد أنهى فترة نقله التعسّفى بمحطة "هيا" .. التى بدأت فى 25 / 10 / 1954 وإنتهت فى 1958 - 1959، وعندما أصدر إسماعيل كتابه (الرياضة فى عطبرة) فى 1961، كان قد مضى على عبيدى حوالى العامين فى مقر عمله الجديد بمحطة "الرّهد". ولم نكُ، أنا والصادق، بَعْد قد رأينا النور، ولم يَكُ فى الحُسبان أن نتعرّف ببعضنا البعض عبر الواقع الإفتراضى، وأن ألتقيه لاحقاً ووالده فى الواقع الحقيقى، فننفخ معاً فى كتاب (الرياضة فى عطبرة) بنفسٍ حار .. يَـبْـعَثُ فيه الرٌّوح فتَدُبُّ فيه الحياة ليحكى لنا عن قصة عاصمة الحديد والنار.

يزعُمُ الكتاب، الذى يتناول كل ضروب الرياضة المُمارسة فى مدينة أتبرا آنذّاك، بأن "كرة القدم دخلت إلى السودان عن طريق عطبرة بواسطة الجيش البريطانى عام 1907 " [ص 6]، وأوّل نادى لفريق كرة قدم كان خاصاً بالبريطانيين أُطلِقَ عليه إسم (نادى عطبرة الرياضىAtbara Sports Club) وذلك فى عام 1908، وفى 1911 تكوّن فريق حمل إسم (الرّى المصرى)، الذى تمّ حلّه فى 1919. أعقب ذلك فتور فى الحياة الرياضية إلى أن قدّمَ "مدير عام السكة الحديد" كأساً بإسمه: (كأس باركرBarker Cup)، لتتبارى عليه فُرُق فروع مصالح السكة الحديد المُختلفة، وعليه تم تكوين فُرُق لكرة القدم من الأقسام التالية: العموم والإدارة 2- النجارين 3- العَمْرَة 4- الكهرباء 5- الهندسة 6- المخازن. [ص 6].

{ [font=Sakkal Majalla]كانت المباريات تُقام بميدان نادى عطبرة الرياضى الذى كانت عضويته قاصرة على البريطانيين فقط كما سبق ذكر ذلك فى الفترة من 1921 إلى 1926 – وفى عام 1926 أبدى أعضاء النادى البريطانيين إستياء من دخول السودانيين والمصريين إلى ناديهم للإشتراك فى مباريات كأس باركر وطلبوا رسمياً من مدير السكة الحديد أن يوقف مباريات الكأس أو يعمل على إيجاد ملعب آخر لتقام عليه المباريات.
إستجاب المدير لهذا الطلب ودارت بينه وبين لجنة كأس باركر [1] مفاوضات تمّ على أثرها الإتفاق على ضرورة عمل ملعب آخر نسبة للإهتمام والإقبال المتزايد من الجمهور على مباريات الكأس.
وفى يوم 6 أغسطس 1927 صدَّقَ المدير العام بعمل ميدان دار الرياضة الحالى من مال الترفيه الذى يتكوّن من الغرامات والجزاءات التى تُوقَع على عمال وموظفى مصالح السكة الحديد المختلفة – وكُلِّفت مصلحة الهندسة للقيام بعمل الميدان التى أُعتُمِدَت له المبالغ التالية:

45 جنيه لتسطيح الأرض وزراعتها بالنجيلة.
21 "" لعمل سور من السلك العادى حول الميدان.
70 "" لعمل مظلّة (المسطبة الوسطى حالياً).
6 "" مصاريف شهرية لصيانة ورى الميدان.
----
142 جنيه الجملة.

وشُرِعَ فى العمل فى نفس عام 1927 – وبعد إتمامه تم الإتفاق بين مدير عام السكة حديد ولجنة كأس باركر على أن يكون إستعمال الميدان كالآتى:

3 أيام فى الأسبوع بواسطة لجنة كأس باركر مقابل خمسة جنيهات سنوياً لمصلحة السكة الحديد.
يومين فى الأسبوع بواسطة فُرُق الجيش الإنجليزى دون مقابل.

وبجانب مباريات كأس باركر كانت تُقام بالميدان إحتفالات شعبية مثل الإحتفال بيوم 17 يناير من كل عام وهذا التاريخ هو يوم ذكرى زيارة الملك جورج الخامس ملك بريطانيا للسودان [2].
}


كان لابد من هذا الإقتباس الطويل كتقدِمَة وتمهيد لما سأكتبهُ لاحقاً بالإستناد على معلومات هذا الكتاب القيِّم النادر، ولتوضيح الدور الرّائد لمصلحة السكة الحديد، وبالتالى ريادة عُمّالها، فى نشر الحداثة فى مجتمع سودان ذاك الزّمان بمدينة أتبرة، واضعين فى الإعتبار أنه وحتى "عام 1928 لم يكن فى عطبرة أى فريق غير فُرُق المصالح التى سبق ذكرها." [ص 9]، حيث فى هذا العام تم تكوين فريق من غير الفُرُق المصلحية وهو مُنتخب المصالح ليُمثِّـل عطبرة، وكان كل لعيبته أيضاً يتبعون لمصالح السكة الحديد.

سأعود ...


ــــــــــــــــ

[font=Sakkal Majalla]
[1] { كانت تشرف على إجراء مباريات الكأس لجنة تُسمّى [لجنة كأس باركر] برئاسة المستر تلى محاسب بالإيرادات بحسابات السكة الحديد وسكرتارية المرحوم محمد درويش أفندى باشكاتب مكتب المدير العام وستة أعضاء هم سكرتيرى الفُرُق المصلحية الستة المذكورة آنفاً وكانت المباريات تدار بواسطة حكام بريطانيين ..} [ص 8].

[2] تستدعى معلومة الإحتفال بذكرى زيارة الملك جورج الخامس ملك بريطانيا للسودان، سخرية محمد عَبيدِى بَرْدَويل الدائمة من أحد معلّميهم بكتّاب "عَبرى"، وكيف أن الأخير تكبّدَ نظم قصيدةٍ جعلهم يحفظونها عن ظهر قلب وينشدونها إحتفالاً بمناسبة رِسُـوْ سفينة الملكة فكتوريا إضطراراً، وقيل عن طريق الصُدفة، بميناء بورتسودان وهى فى طريقها أو عودتها من الهند. كان عبيدى يُخاطب هذا المعلم ساخراً كمن يوبّخههُ: ( كيف ساغ لك تكبيدنا نحن الصبيان اليافعين الأبرياء القاطنين فى قريةٍ مَنسيّةٍ نائية لا مكان لها حتى فى الخُرَط، حِفظ قصيدةٍ بالفُصحى تمجِّدُ ملكة الإستعمار لمجرّد رِسُو سفينتها فى ميناء بورتسودان عن طريق الصُدفة لبضعة ساعاتٍ فقط، وماذا كنت ياتُرى تتوقع الحصول من وراء ذلك الفعل البليد ! .. وكم إستغرق وصول خبر رسُو السفينة من وقت حتى يصلنا فى تلك الأصقاع المنسيَّة، وهل يا تُرى كانت السفينة، ونحن نرفع عقيرتنا ننشد تلك القصيدة فى تلك القرية النائية، مازالت راسية ؟ وهل سَمِعَت الملكة أصواتنا وأنت تأمرنا برفع "الـتَــوْن" ؟! .... ).


ياسر عبيدي
مشاركات: 1157
اشترك في: الخميس مارس 27, 2008 1:51 pm

فريق "الــدَّار" (1)

مشاركة بواسطة ياسر عبيدي »



لقد أوْلى الكتاب، الذى وثّق لكل الألعاب الرياضية المُمارسة فى أتبرا آنذاك، كرة القدم إهتماماً زائداً، لاسيّما وأنها صاحبة أول إتحاد فى السودان والذى أسهم بعض أعضاؤه فى تأسيس إتحاد كرة القدم فى العاصمة الخرطوم. وكان قد أربكنى، فى صفحة [7 و 8] من هذا الخيط، تضارب تاريخ إنشاء دار خريجى المدارس الصناعية بين التاريخ الذى ذكره الطيب حسن [1938] من ناحية، وماذكره على محمد بشير وسعد الدين فوزى [1934] من الناحية الأخرى، فإذا بهذا الكتاب يُقدِّم لى هذه المعلومة على طبقٍ من ذهب. وحتى نصل إلى موضع هذه المعلومة فى الكتاب، التى وردت خلال إستعراضه تاريخ فُرُق كرة القدم بأتبرا، لابد من المرورِ السريع على هذه الفُرُق حسب أقدَمِيَّتها.

وكما جاء عاليه، فإن أوّل أندية كرة قدم سودانية تم إنشاؤها لتتبارى على "كأس باركر"، مدير عام السكة حديد آنذاك، كانت أندية مصالح السكة الحديد وذلك بداية العشرينات. وكما أفاد الكتاب، كانت المنافسة على هذه الكأس حِكراً على فُرُق المصالح هذه فقط، وذلك بغرض: "[font=Sakkal Majalla]تقوية الروابط والصلات بين موظفى وعمال تلك الفروع"، وعلى إثر ذلك تمّ تكوين فُرُق لكرة القدم من الأقسام التالية: 1- العموم والإدارة 2- النجارين 3- العمرة 4- الكهرباء 5- الهندسة 6- المخازن.

جرت منافسات هذه الفُرُق، فى الفترة بين 1921 إلى 1926، على ملعب نادى عطبرة الرياضى الذى كانت عضويته قاصرة على البريطانيين فقط. ولكن حين تم إقصاءهم من اللعب فى هذا الميدان، وتمّ عمل ملعب لهم بمال الترفيه، الذى يتكوّن من الغرامات والجزاءات التى تُوقَع على عمال وموظفى مصالح السكة الحديد، شَرَعَت جهات أخرى فى تكوين فُرُق كرة قدم. وأقدَم هذه الفُرُق، التى إستعرَضها هذا الكتاب دون ترتيبٍ يُراعى الأقدمية – والأرجح أنه راعى أهميتها فى عام 1961 - هو فريق (النِّسر). ومن اللائق هنا إقتباس هذا المقطع عن هذا الفريق لطرافته:

{ [font=Sakkal Majalla]فى عام 1927 فكر بعض أبناء الحَىْ الشرقى لمدينة عطبرة فى تكوين فريق رياضى أسموه (فريق الوطن). وفى سنة 1929 تغير الإسم إلى (فريق هيوم) وكان سكرتيره آنذاك السيد محمد معوّض. وإستمر الفريق حتى عام 1931 حيث تم تغيير إسمه من (هيوم) إلى (النسر) ثم إلى (الحيّة الرّقطاء). وكان أبرز لاعبيه: عمر حسين ورجب المك وفضل المولى خماسى. ويظهر أن الأعضاء كانوا مولعين بتغيير إسم الفريق لأن إسمه تغيّر فى عام 1934 إلى (اللواء) ثم إلى (توماس) فى عام 1936. ولتسميته بإسم (توماس) قصة طريفة يجدر ذكرها، وهى أن أعضاء الفريق عندما أرادو تغيير إسمه بإسم غير (اللواء) إنقسموا إلى قسمين وإحتكموا إلى مفتش المركز البريطانى، وكان يُسمى (توماس)، وقد طلب منهم أن يحاولوا حل الإشكال فيما بينهم بالطرق الوُدِّية، وقد أعجبهم توجيه المفتش ولذا فقد قرروا أن يسمّوا الفريق بإسمه. وإستمر الفريق بإسم (توماس) حتى تغييره فى عام 1947 إلى (النسر) مرّةً أخرى}.

يلى هذا الفريق "الظريف" فى الأقدَميِّة، فريق (الداخلة) الذى أسسه أبناء حى الداخلة فى عام 1929. ثم { [font=Sakkal Majalla]فى عام 1932 كوّن العمال والموظفين الذين كانوا يسكنون بداخلية السكة الحديد فريقاً لكرة القدم إختاروا له إسم "فريق الأربعين"، وتم إختيار هذا الإسم لأن عدد اللاعبين كان غير محدّد – أى أنهم كانوا لا يعترفون بالإحدى عشر لاعباً لكل فريق – وبعد فترة وجيزة تغيّر إسم الفريق إلى (النيل) ..}. وفى 1936 تأسس فريقين، الأول: {[font=Sakkal Majalla]إجتمع عدد من الأصدقاء الذين يسكنون منطقة القيقر وداخلية المستخدمين بحى السكة الحديد وفكّروا فى تكوين فريق رياضى أطلقوا عليه إسم "الشبيبة"، وكان من ضمن أعضائه (فايز فهيم) الذى عُرِفَ فيما بعد بنشاطه فى الهلال الرياضى بأمدرمان}. والثانى فريق (الأمير): {[font=Sakkal Majalla]تأسّسَ هذا الفريق عام 1936 بمنطقة السكة الحديد نسبةً لأن معظم أعضاءه كانوا من المصريين يشاركهم فيه بعض السودانيين من أبناء (التعايشة) وأولاد على دينار، وكان يُطلق عليه إسم (العُصفور) ثم سُمِّىَ (النجم الأحمر) ثم إستقر أخيراً على إسم (الأمير) فى نفس العام – وإنتظم الفريق تحت هذا الإسم. وإنبثق الإسم من أولاد التعايشة وأبناء السلطان على دينار المٌلقبين (بالأمراء)}.


سأعود ...

ياسر عبيدي
مشاركات: 1157
اشترك في: الخميس مارس 27, 2008 1:51 pm

فريق "الدَّار" 2.

مشاركة بواسطة ياسر عبيدي »



وفى عام 1938 تكوَّنَ نادى (المريخ). وهنا أسمحوا لى بإهداء الصفحتين التاليتين من الكتاب لإبن عطبرة البار الصديق "محمد عبد الخالق" *:


صورة

***

صورة


تفتكر يا الصادق محمد دا يكون الكتاب دا وقع فى إيدّو زمان ؟ .. ولاّ هكذا هُم أبناء عطبرة المُخلِصين .. يحفظون عن ظهر قلب تاريخ عاصمة الحديد والنار ؟ ..

ـــــــــــــ


[font=Sakkal Majalla]* كان لـمحمد عبد الخالق الفضل فى تعريفنا بإسم فريق "دار خريجى المدارس الصناعية" (الدَّار)، خلال إفادته لنا بمعلوماتٍ قيمة عن فريق "مريخ عطبرة"، وذلك فى "بوست" (كُـــــــــــــرَة الــقــــــــدَم)، وحَقَّ علينا رَد الحُسنى بأحسن منها.

صورة العضو الرمزية
الصادق إسماعيل
مشاركات: 295
اشترك في: الأحد أغسطس 27, 2006 10:54 am

مشاركة بواسطة الصادق إسماعيل »

ياسر
تحياتي

افتكر محمد بيكون حافظ التاريخ دا ، انا سألت ناس كتار من عطبرة
قالوا ما سمعوا بالكتاب دا، يا ريت لو محمد اتداخل في البوست دا
اكيد حيضيف معلومات قيمة
ياسر عبيدي
مشاركات: 1157
اشترك في: الخميس مارس 27, 2008 1:51 pm

فريق "الدَّار" 3.

مشاركة بواسطة ياسر عبيدي »



أيوة بالتأكيد يا الصادق .. أنا عارف محمد بكتب من ذخيرة معرفته بتاريخ عاصمة الحديد والنار .. أنا بس كنت بشاغلو ساكت.

[font=Sakkal Majalla]وفى 1946: { برزت فكرة تكوين فريق رياضى بحّىْ العِشَشْ من أبناء الذين عُرُفوا بتضامنهم عام 1946 وقادهم لتحقيق الفكرة المرحوم (عبد الرّحيم جبيرين) وقد إختاروا للفريق إسم "الأمل" }.

وحدثَ إنشقاق فى فريق "الوطن" نادى أبناء حى "الداخلة"، وكان أحد الشِّـقين المنقسمين من أبناء "بربر" ويسكنون فى مبانٍ متجاورة، فكوّنوا فريق أسموهُ "الهلال"، وذلك فى عام 1947. ويحكى الكتاب قصة طريفة عن هذا الفريق، لابد من نقلها أو تحميل صفحات الكتاب فى الرسالة التالية.



ياسر عبيدي
مشاركات: 1157
اشترك في: الخميس مارس 27, 2008 1:51 pm

فريق "الدَّار" 4

مشاركة بواسطة ياسر عبيدي »



صورة
***
صورة
***
صورة

ياسر عبيدي
مشاركات: 1157
اشترك في: الخميس مارس 27, 2008 1:51 pm

فريق "الدَّار" 5.

مشاركة بواسطة ياسر عبيدي »



يأتى فريق "الدَّار"، من حيث الأقدمية، فى المرتبة الرّابعة بعد فُرُق [النِّسر 1927، الداخلة 1929، النيل 1932] أى فى نفس العام الذى تاسّسَ فيه فريق "الشبيبة" و"الأمير" عام 1936. ورغم أن كل الفُرُق المُستعرَضة فى الكتاب حَظِـيَت بتغطيةٍ مُفصّلة إحتلّت فى المتوسِّط حوالى الصفحتين، تصدّر فيها أعلى الصفحة الأولى صورة لكل فريق؛ فإن صورة فريق "الدَّار" جاءت فى صفحةٍ منفرِدة [ص 34]، بينما الحديث عنه جاء فى صفحةٍ أخرى فى أقل من صفحة هى [صفحة 46]، متذيِّلاً هذه المجموعة من الفُرُق وتحت عنوان: (فريق دار خرِّيجى المدارس الصناعية) !! .. قد يكونُ هناك خطأ مطبعى ما .. ولكن إيرادى لعلامات التعجَّب هنا مردّه أن "دار العُمَّال" وفريقهم "الدَّار"، فى قصيدة "من وَحىْ الكأس" المجهولة التاريخ، بدت داراً يمكن أن يُقال عنها الكثير .. وفريقها فريق "الدَّار" بدا فريقاً صعب المراس وعلماً على رأسهِ نار. فماذا حدث ياتُرى عند صدور الكتاب فى 1961 حتى يأتى عنهما الحديث مختصراً بهذا الشكل ولا يجدّ ذلك الإهتمام الذى وجدته بقية الفُرُق ؟!

قبل الإجابة على هذا السؤال نستعرض معاً ما جاء فى الكتاب عن فريق "الدَّار":


صورة


ومن السَّطر الأول فى هذه الصفحة من الكتاب، نحصل على مصدرٍ ثالث يؤكِّد لنا أن "دار خريجى المدارس الصناعية" أُفتُـتِحَت عام 1934، ولابد أنها كانت الدّار المُقامة فى منزل السكة حديد رقم 444 بشارع أتبرا. سنعتمد تاريخ 1934 تاريخاً لإفتتاح "دار العُمال" الأولى، ومن خلال ما ورد فى هذا الكتاب من معلوماتٍ عن أندية كرة القدم، سنتوصَّل إلى كيف أن "الطيب حسن الطيب" لم يكن بذكرهِ لتاريخ 1938 فى قوله: (و فى 1938 بُدأ المسيرة، تقدم معلمو مدرسة الصنائع بعطبرة ... إلخ) يعنى تاريخ إنشاء "دار العُمَّال" على وجه التحديد، وإنما كان يعنى شيئاً آخر وهو يُدلى بشهادته عن ذكرياته تلك فى عمرٍ متأخِّر تختلطٌ فيه الصور ويخون فيه التعبير. ولكن قبل ذلك لابد لنا أولاً من الإجابة على سؤال: لماذا أتى الحديث عن "دار العُمال الخريجين" وفريقهم فى هذا الكتاب الصادر عام 1961 مختصراً ولم يجدَ الإسهاب الذى وجدته بقية الفُرُق ؟ .. والسؤال يقتضيهِ .. أنه بين أيدينا قصيدة سكرتير دار الخرِّيجين مجهولة التاريخ: "من وَحىْ الكأس" .. التى فيها بدا فريق "الدَّار" فريقاً لامعاً قوياً .. وذى بأس.


ياسر عبيدي
مشاركات: 1157
اشترك في: الخميس مارس 27, 2008 1:51 pm

فريق "الدَّار" 6.

مشاركة بواسطة ياسر عبيدي »



وعن: لماذا أتى الحديث عن "دار العُمال الخرِّيجين" وفريقهم "الدَّار" فى هذا الكتاب الصادر عام 1961 مختصراً ولم يجدَ الإسهاب الذى وجدته بقية الفُرُق ؟ .. فإلسبب يعود إلى أن هذا الكتاب صدر فى ظل نظام عسكرى ديكتاتورى، والإسهاب فى الحديث عن هذه "الدَّار" كان لابد أن يؤدى للخوض فى تفاصيل دورها االنضالى إبّان الإستعمار وخلال فترة الديمقراطية القصيرة التى أعقبت الإستقلال، وبالتالى لابد أن النظام العسكرى كان يعتبرها مُعاديةً له .. وفعلاً قد ظهر عداءها له بعد ثلاث سنوات خلال الثورة عليه فى أكتوبر، وأى محاولة للإستغراق فى الحديث عنها كان سيوقع المؤلفين فى المحظور .. وبالتالى كان سيقف عائقاً أمام إصدارهم لمؤلّفهم الذى قصدوا منه، على وجه التحديد، التأريخ للرياضة فى عطبرة.

إن السياسة التى إتبعها المؤلفون فى تأليفهم لهذا الكتاب، والتى كان من نتائجها إختصار الحديث عن هذه "الدَّار"، إتَّبعت إستراتيجية: ذكر ما يمكن ذكره دون الخوض فى ما قد يحول دون التأريخ للرياضة فى "أتبرا" .. ولو لم ينتهجوا هذه السياسة لَما حظينا بالإطلاع على تلك الحقبة التاريخية الهامة .. ولَما غُمِرْنا بمعلوماتٍ فاضت بنا ولازالت تترى.

ياسر عبيدي
مشاركات: 1157
اشترك في: الخميس مارس 27, 2008 1:51 pm

فريق "الدَّار" 7.

مشاركة بواسطة ياسر عبيدي »



لم تكن رياضة كرة القدم بغريبة أو جديدة على العمّال الخرِّيجين، فقد رأينا صورة لأحد فرقهم ضمن مجموعة صور دفعة محمد عَبِـيدِى بَرْدَويل أحد خرِّيجى المدرسة الصناعية:


صورة


لذلك فهُم قبل أن ينشئوا فريقاً يمثلهم كعمال خرِّيجين، كان أعضاء الدار من لاعبى كرة القدم {.. يمارسون نشاطهم الرياضى فى فرق الأندية الأخرى مثل توماس – النيل – الشبيبة والإتحاد.} [ص 46]. ثم إنسحبوا من هذه الأندية وكونوا فريقاً لهم أسموه "الدَّار" فى 1936، {.. فنشأ قوياً لأنه ضمَّ خيرة اللاعبين، نذكر منهم: عمر حسين، والمرحوم سعيد سرور، ومدنى عبد الفتاح، وعمر أبو كندى، والنور آدم، ومحمود محمد رمضان، وعابدين الجزولى.}، ولأن الكتاب يضيف: {.. ولو أن فريق الدَّار كان من أقوى الفرق فى الماضى وأحرز كثيراً من الكاسات إلاّ أنه الآن من فرق الدرجة الثانية ويعمل جاهداً للصعود للدرجة الأولى. }، فإن من أسباب الحديث المُختصر، أيضاً، عن فريق "دار العمّال الخرِّيجين"، أنه كان صاحب أمجادٍ وإنتصاراتٍ، بالنظر لتاريخ إصدار الكتاب فى 1961، تعتبر غابرة. ذلك أنه إذا تأكد لنا أن هذا الفريق كان فى أوجَّ مجده، كما تبدَّى لنا فى قصيدة "من وحى الكأس"، حتى إنشاء إتحادٍ لكرة القدم فى عطبرة عام 1942:

[font=Sakkal Majalla]
متى وكيف تأسَّس إتحاد كرة القدم المحلى بعطبرة

فى عام 1942 إجتمع ممثلو الأندية الرياضية وبعض المهتمين بشئون الرياضة وأقروا تكوين لجنة لوضع دستور يتم بموجبه تكوين أول إتحاد محلى لكرة القدم ... تكونت لجنة وضع الدستور من السادة:

أمين محمد على
أحمد زكى
مستر بنين
مستر بزول

وتم وضع الدستور فى نفس العام وعلى إثر ذلك دُعِىَ مندوبى الأندية لدراسته وبعد إقراره تم تكوين أول لجنة إتحاد محلية برئاسة مدير عام السكة الحديد كما ينص بذلك الدستور وتكونت اللجنة من السادة:

المستر وليامز - مدير السكة الحديد – رئيساً
مستر بزول – بمصلحة الهندسة – نائباً للرئيس
المستر سمولوود – بمصلحة الورشة – أميناً للخزينة
مستر بنين – بمصلحة المخازن – سكرتيراً
أحمد معوض أبو العز – بمصلحة الحسابات مساعد سكرتير
مستر هرسون – مفتش المركز – عضواً
مستر هل – بمصلحة الورش – ""
مستر فيرول – بمصلحة المخازن – ""
أحمد زكى – بمصلحة الإدارة – ""
العاقب حاج خضر – بمصلحة المخازن - ""

بالإضافة إلى ممثل من كل نادى رياضى يتم إنتسابه للإتحاد.

وبعد قيام لجنة الإتحاد حُلّت لجنة كأس باركر تلقائياً، وأصبحت لجنة الإتحاد هى المشرفة على نشاط مباريات كرة القدم التى تجرى المنافسات فيها على كأس باركر الذى سُمى فى نفس العام كأس المصالح، ودرقة الأمراء المصريين، وكأس يوم التعليم – وأهم عمل قامت به اللجنة هو سعيها بكل السبل ليتم تسجيل الإتحاد فى إتحاد كرة القدم السودانى بالخرطوم، وقد تم ذلك فى عام 1943. [ص 12/13]



فإن مركز فريق "الدَّار" قد تدهور وفقد ذاك المجد والبريق عند إدخال نظام الدرجات فى عام 1951:
[font=Sakkal Majalla]

إدخال نظام الدرجات للفرق المنتسبة للإتحاد

وفى بداية عام 1951 / 1952 تم إنتساب الأندية التالية للإتحاد.

نادى الإخلاص
نادى الأهلى
نادى الكوكب الرياضى

وبعد قبول هذه الأندية الثلاثة أصبح عدد الأندية أربعة عشر فريقاً، وحتى ذاك الوقت لم يدخل نظام الدرجات وكانت كل الفرق فى درجة واحدة، وقد أصدر الإتحاد نشرة للأندية أخطرها فيها بأن عدد الفرق أصبح كبيراً ولذا أصبح من الضرورى إدخال نظام الدرجات بناء على نتيجة الدورى فى آخر الموسم ... وبناء على نتيجة الدورى تم تقسيم الفرق إلى درجتين أولى وثانية كما يلى:

الدرجة الأولى ------------- الدرجة الثانية

النيل --------------------- الدار
الأمير --------------------- الوطن
الإتحاد --------------------- الموردة
الشبيبة -------------------- الإخلاص
الهلال --------------------- الأهلى
توماس ---------------------- الكوكب
المختلط الشمالى
الأمل

[ص 18]


صورة
[font=Sakkal Majalla]
فريق "الدَّار" عن كتاب (الرياضة فى عطبرة)


إذا كان فريق "الدَّار" قد نشأ قوياً فى 1936 .. لأنه ضمّ خيرة لاعبى كرة القدم فى عطبرة من خريجى المدارس الصناعية، وقبل أن يتدهورَ فى 1951/52، عند إدخال نظام الدرجات، فإنه بلغ القمَّة وأوج المجد أربعينات القرن الماضى، أى فى خضم أحداث وصراعات نشوء "هيئة شؤون العمَّال" عندما كان محمد عَبِـيدِى بَرْدَويل سكرتيراً للجنة "الدَّار". ومن نَفَس قصيدته "من وَحىْ الكأس" نعلم أن تلك الكأس لابد كانت "كأس المصالح" التى تسابقت الفرق العطبراوية للفوز بها منذ أن كان إسمها "كأس باركر" رمزاً لأسمَى جائزة رياضية فى مدينة أتبرا، هذا النفَس المفعم بروح ذاك التاريخ وتلك الأمجاد الغابرة حَمَلهُ إلينا مطلع القصيدة:
[font=Sakkal Majalla]
كـفـى بى تـيــــهاً أن أرى الكأس فى دارى *** و حسـبى فخراً وضعها بين أخيارى
تحمّـلت فى أسبابها الجـهد و الأذى *** و أصبحت مـذهولاً بلبى و أفكارى
و قد نـذرت إلى مولاى من شغـفى *** لو جـاء أبطالنا بالكأسِ فى الــدارِ
أن أملأ الكون نـــوراً يُستضاءُ به *** و أقرض الدهر من نظمى و أشعارى
و عَوْنى اليوم فى سُكرى و فى طربى *** أشـدو القريض وحيداً بين أوكـارى
و ناولـونى كأسى فهى مصدر وحي *** الشعـر منى و إلهامى و أســرارى

وهناك تورية فى الأبيات المُتسائلة التالية: ما إذا كان الفوز بالكأس إنزارٌ ببقاء الحال على حاله، أم أنه ربما كان إعلان لأنباء وأخبار إنتزاع إعتراف السلطات بـ"هيئة شؤون العمال" وقُرب التحرّر من ربقة الإستعمار، وإنتقال دار العمال لطورٍ جديد يمتلكون فيه زمام المبادرة والقيادة:
[font=Sakkal Majalla]

مـاذا وراءكِ يا كأس الهـناء و يـا *** مَـنْ قد وضِـعتِ على باقاتِ أزهـارِ
أتـُـنـذريـــنا بـعــامٍ كلـهُ عـمـل *** أم تـُـعلِـنـيـنَ بأنــباءٍ و أخـــــبارِ
أم قد تـُعيـدينَ مـجداً ظلَّ مرتـقباً *** لتـنـقـلى الــدارَ من طورٍ لأطوارِ

،،،،،،،



آخر تعديل بواسطة ياسر عبيدي في الأربعاء مارس 02, 2016 8:02 pm، تم التعديل مرتين في المجمل.
ياسر عبيدي
مشاركات: 1157
اشترك في: الخميس مارس 27, 2008 1:51 pm

فريق "الدَّار" 8.

مشاركة بواسطة ياسر عبيدي »



يجوز لنا أن نستنتجَ من ما وفّره لنا الكتاب عن تاريخ نشأة الأندية وفُرُق كرة القدم بعطبرة، التى إنتعشت وتكاثرت بعد تقديم "باركر" مدير عام السكة الحديد كأساً بإسمه حوالى العام 1921، أن الدوافع وراء إنشاء هذه الأندية بصفةٍ عامة وفُرُق كرة القدم على وجه الخصوص، هو رغبة أصحابها فى إيجاد إنتماءٍ بديل يميّزهم عن بقية مكوّنات المجتمع العطبراوى. ورغم أن غالبية أعضاء هذه الأندية كان يتكوّن من عمال وموظفى مصلحة السكة الحديد، إلاّ أننا نلاحظ أن المنتمين لهذه المصلحة كانت تحرّكهم إنتماءاتٍ أخرى أكثر قوّة [ أبناء حلفا، وأبناء على دينار والتعايشة، وأبناء حى الداخلة، وأبناء بربر نموذجاً]. وإذا قُـلنا أن ما كان يقف وراء ظاهرة رغبة التمايز هذه بين المنتمين لمصلحة السكة الحديد، هو أن سياسة التكتّل والتعنصر هذه كانت أساساً سياسة إعتمدها الإستعمار منذ تقديمه لكأس "باركر"؛ حيث أنشأ على ضوئه فُرُق كرة قدم تمثِّل مصالح السكة الحديد: [العموم والإدارة / النجارين / العمرة / الكهرباء / الهندسة / المخازن] تحت شعار: "تقوية الروابط والصلات بين موظفى وعمال تلك الفروع"، فإننا ربما إشطتينا فى الظن سوءاً بنوايا الإستعمار إذا صنّفنا سلوكه هذا ضمن سياسة " فرّق تسُد"؛ ذلك أن مدينة عطبرة كانت آنذاك، ولفترةٍ طويلةٍ لاحقة، هى مصلحة السكة الحديد، ومصلحة السكة الحديد هى مدينة عطبرة. بمعنى أن الغالبية العظمى من سكان المدينة كانوا يعملون بمصلحة السكة الحديد، وبالتالى فما الجدوى من إنتمائهم لنادىٍ وفريقٍ واحد ! .. إذ مع مَنْ كان هذا الفريق الأوحد سيتنافس، هل فقط مع فريق الإنجليز، أم مع فريق الرّى المصرى الذى إختفى فى 1919 ؟ .. إن حدث ذلك؛ فلَكَم كان سيكون الأمر رتيباً والرياضة مُضجرة.

عليه؛ فإن الأرجح أن الرَّغبة فى إيجاد إنتماءٍ جديد هو ما كان يقف حقيقةً وراء عملية التمايز بين مكونات مجتمع أتبرا عبر إنشاء الأندية وفُرُق كرة القدم. إنه فى حُمّى التمايز هذا بين سكان مدينة يعمل جلّهم بمصلحة السكة الحديد .. جاءت فكرة إنشاء دارٍ للعمّال الخرِّيجين. ولكن لم تكن فكرة الدَّار تقتصر فقط على ركوب موجة الرّغبة فى التمايز هذه، وإنَّما كانت تقف وراءها أهدافٌ أرقى وأسمى طموحاً، إذ برزت الفكرة من التساؤل: ( لماذا لا نكوِّن لجنة لتكون لنا حلقة إتصال بمدير الورش ترعى مصالحنا وتريحنا من هذا العذاب وتوفر علينا الشكاوى وتوقف عنا الظلم .) [الطيب حسن الطيب]. فتقدّموا بطلبٍ للسلطات لتسمح لهم: { بدارٍ تجمع شتاتهم وتكون لهم مقراً للمحاضرات الصناعية ويتعلّم فيها الذين لم تمكنهم ظروف المعيشة من تعلم الكتابة والقراءة ..} [الطيب حسن الطيب - صفحة 3]. وإن كانت "دار العمَّال الخريجين" تميّزت عن بقية أندية كرة القدم العطبراوية بالنشاط الثقافى والتركيز على تأهيل العامل غير الخرِّيج من حيث التعليم والمعرفة الصناعية، والتى بلغت مستوى إصدار العمَّال الخريجين لكُتيّبات فى هذا الخصوص [1]، والتى تمخّض عنها، بعد حوالى 13 سنة من تأسيسها، ميلاد أول تنظيم نقابى فى السودان، إلاّ أن معظم هذه الأندية، كما نعلم من الكتاب، لم تخلو من نشاطٍ ثقافى بلغ حد تكوين فرق مسرحية وموسيقية وفتح حلقات محو أمية للنساء وتدريبهن على الحياكة على الماكينات [2].

ولكن ما يلفت النظر فى عملية الرَّغبة فى التمايز هذه، بعد سحب العمَّال الخرِّيجين للعيبتهم من الأندية الأخرى وتكوينهم لفريقهم الخاص، أنها بلغت حد أضافة بند جديد لقانون دار الخرِّيجين حُرِّمَ فيه على خرِّيجى المدارس الصناعية الإشتراك فى فُرُق الأندية الأخرى، كما لم يُسمح لأى لاعب من غير خرِّيجى هذه المدارس الإشتراك فى فريق "الدَّار". فما هو ياترى موقف عبيدى سكرتير الدَّار لاحقاً من هذا البند ؟ .. السؤال يقتضيه أن عبيدى بدا لنا ضد سياسة التعنصُـر من حيث المبدأ .. عند إعادة تأهيله مع آخرين لنادى عُمَّال السكة الحديد بـ"الــرَّهَـد" [1959-1965]، وذلك فى قوله:

{.. [font=Sakkal Majalla]أتظنون أن مساوىء النادى وقفت عند هذا الحد ؟؟ لا بل تعدّته بمراحل فقد كانت تسيطر على أغلب الزملاء عنصرية من نوع جديد ولعلكم ستدهشون معى إذا عرفتم نوع هذه العنصرية فهى لم تكن كالمعتاد تعصّب من الشايقية والدناقلة والجعليين بل تعصّب للورشة والإدارة والهندسة، ولعل هذا كان العامل الأساسى لتدهور النادى وركوده. }

فإذا إعتبرنا أن موقف عبيدى هذا من عملية التعنصُّر والتمايز هذه قد جاء فى فترةٍ لاحقة، لأن أضافة هذا البند الجديد لقانون دار الخرِّيجين تم عند تأسيس فريق "الدَّار" فى 1936، وهو العام الذى كان فيه عبيدى لازال طالباً بالمدرسة الصناعية، فماذا يمكن أن يقال عن رأيه فى إنتقال لعيبة فريق "الدَّار" إلى أنديةٍ أخرى ؟ .. الرأى الذى أدلى به فى إجابته تلك على سؤالٍ فى لقاءٍ صحفى بإحدى المجلات العمّالية بداية الستينات، أى فى الفترة التى تدهور فيها مستوى فريق "الدَّار"، عند إدخال نظام الدرجات، إلى الدرجةِ الثانية:

- [font=Sakkal Majalla] ما رأيك فى هجرة لاعبي النادى ؟

- مهما تكن الدواعى فأنى لا أؤيد هجرة لاعبينا للفرق الأخرى فإن نادينا أولى بمجهودهم و إنى أدعوهم للرجوع لحظيرة ناديهم و على اللجنة أن تهيىء الجو لعودتهم و إرضائهم.

الغرض من مُسائلة موقف عبيدى حول التعنصر لعضوية فريق "الدَّار"، هو مقارنة موقفه هذا بموقفه فى النزاع الذى حدث منتصف عام 1946 بين السلطات الإستعمارية ولجنة الدَّار حول عضوية "دَّار العمَّال الخرِّيجين"، وما إذا كانت تقبل أعضاء من خارج خرِّيجى المدارس الصناعية أم لا.

سنستعرض تالياً وثائق قد تكشف لنا عن أين كان يقف محمد عَبِيدِى بَرْدَويل من هذه المنازعة.


ـــــــــــــــــــــ

[font=Sakkal Majalla]
1- أنظر آخر رسالة فى الصفحة رقم [3] من هذا "البوست":

صورة

2- "نادى الأمراء" كان لديه فرقة مسرحية فى 1942. "نادى الأمل" كان يصدر مجلة حائطية بإسم "مصباح الأمل". "نادى النيل" كان لديه فرقة آلات قِرَب تصاحبه إلى الميدان، وفى 1960 كان يصدر صحيفة حائطية بإسم "الغد" .. إلخ.

ويذكر الكتاب عن "نادى الوطن" فى هذا الخصوص:

أما الناحية الثقافية

فقد أدى هذا النادى رسالته فى رفع هذه المدينة عامة وقرية الداخلة خاصة، وذلك بتكوين شُعبة ثقافية كانت ولازالت من أبرز الشُعَب الثقافية فى الناحية الأدبية، حيث إشترك أفرادها فى المهرجان الأدبى عام 1365 هجرية الذى عقد فى النادى السودانى "نادى الخريجين حالياً" فى يوم 25/3/1946، وكان أفراده قد أظهروا مستوىً رفيعاً فى تقدم هذا المؤتمر وقد أثنى على ذلك السيد جمال محمد أحمد سفيرنا الحالى فى أثيوبيا الذى حضر خصيصاً لهذا المؤتمر مندوباً عن مكتب النشر وذلك فى مستند أرسله للنادى فى 26/8/1948. وبجانب ذلك توجد حلقات محو أمية للكبار. وقد فتح هذا النادى أبوابه لطلبة كلية غردون التذكارية ليقوموا بنشاطهم الثقافى، وكانوا يقومون بتحرير جريدة "صوت الطالب" التى قامت بدور فعّال فى نشر الوعى وذلك بجانب المحاضرات والمناظرات العلمية والأدبية التى أفادت هذا الحى. وكانت شُعبة النادى الثقافية تقوم بتحرير جريدة "الشعلة التى لازالت تواصل نشاطها، بجانب ذلك فقد فتح النادى أبوابه لرفع مستوى المرأة، وذلك بفتح حلقات محو أمية للنساء ولتدريب الحياكة على الماكنات التى تفضلت سلطات البلدية بإحضارها للنادى عندما رأت ذلك النشاط الفعّال والمستوى المشرِّف فى جميع النواحى. [صفحة 41].



ياسر عبيدي
مشاركات: 1157
اشترك في: الخميس مارس 27, 2008 1:51 pm

دار العمال الخرِّيجين

مشاركة بواسطة ياسر عبيدي »



هذه الوثائق عبارة عن أربعة خطابات .. كلها صدرت قبل موافقة السلطات الإستعمارية على إنشاء "هيئة شؤون العمال" فى يوليو من العام 1947. ثلاثة منها يدور موضوعها حول ما إذا كان يجوز قبول عضوية من خارج منتسبى " النادى !":

الخطاب الأول: صادر عن المدير العام للسكة الحديد بالنيابة، بتوقيع: "ج. د. بور"، بتاريخ 28 مايو 1946.

والثانى: صادر عن "سكرتير النادى السودانى"، وهو عبارة عن صورة "كربون أسوَد" مكتوبة بخط شبيه لخط محمد عَبِيدِى بَرْدَويل وبدون توقيع، بتاريخ 17 يونيو 1946، وهو لابد كان رداً على خطاب المدير العام للسكة الحديد بالنيابة أعلاه.

والثالث: صادر عن المدير العام للسكة الحديد بالنيابة، بتوقيع: "ج. د. ولبى" بتاريخ 15 يوليو 1946، وهو على الأرجح كان رداً على خطاب "سكرتير النادى السودانى" بتاريخ 17 يونيو 1946 أعلاه، رغم أنه أشار إلى خطاب السكرتير هذا بإعتباره صادر فى 17 يوليو 1946 !!

أما الخطاب الرابع؛ فهو عبارة عن " بيان" صدر قبل كل هذه الخطابات عن "جمعية خرِّيجى المدارس الصناعية" بتاريخ 18 مارس 1946، مكتوب بالحبر السائل الأسوّد، وأيضاً بخط شبيه لخط محمد عَبِيدِى بَرْدَويل، والتوقيع تحت "السكرتير" جاء بقلم "خشبى أحمر اللون" بإسم "أبوبكر عبد الله". وموضوع هذا البيان يدور حول: "قرار اللجنة الإدارية حول المجلس الإستشارى". ورغم أن هذا الموضوع يختلف تماماً عن موضوع الخطابات الثلاث أعلاه التى تخص "النادى السودانى"، إلاّ أن له علاقة مباشرة بالنزاع الناشب حول عضوية " النادى !" .. أيَّاً كان هذا النادى: "النادى السودانى" أم " نادى العمال الخرِّيجين".


ويبدو لى أنه من الضرورى، قبل إستعراض هذه الوثائق الهامة بغرض التعرّف على موقف عبيدى من النزاع الدائر حول عضوية "دار العمال الخرِّيجين"، إزالة الخلط الذى يحدث عند الحديث عن "دار الخرِّيجين" بعطبرة ! .. إذ أيهما المقصود بـهذا الإسم ؟ .. أهى "دار خريجى المدارس الصناعية"، التى عادةً ما تُوَقَّع خطاباتها بإسم "سكرتير دار الخرِّيجين" ؟! .. أم المقصود "النادى السودانى"، الذى تغير إسمه لاحقاً إلى "نادى الخرِّيجين" ؟ .. وهذا ما دعانى لوضع خطٍ تحت هذه المعلومة المذكورة فى هامش الرسالة الأخيرة أعلاه والمُقتبسَة من كتاب "الرياضة فى عطبرة". كما لابد من التساؤل: ما علاقة محمد عَبِيدِى بَرْدَويل، وهو العامل الخرِّيج، بـ"النادى السودانى"، الذى حسب إفادة على محمد بشير لم يكن يُرحّب فيه بالعمال، خرِّيجين كانوا أم غير خرِّيجين ؟!

لمحاولة الإجابة على هذه الأسئلة سأستعين بإفادة أحد المعاصرين لتلك الحقبة، وهو الأُستاذ محمود محمد طه فى لقاءٍ معه منشور بموقع (الفِكــــرة)، ومقارنتها مع ما جاء فى بعض المصادر الأخرى.

ياسر عبيدي
مشاركات: 1157
اشترك في: الخميس مارس 27, 2008 1:51 pm

جمعية خرِّيجى المدارس الصناعية

مشاركة بواسطة ياسر عبيدي »



سنبدأ بعرض الوثيقة المذكورة أخيراً أعلاه، والأولى من حيث التسلسل التاريخى، والتى تخص "اللجنة الإدارية لجمعية خرِّيجى المدارس الصناعية"، ثم نقوم بالحديث عنها لاحقاً:


صورة

[font=Sakkal Majalla]
((بـيـــان))


"قرار اللجنة الإدارية حول المجلس الإستشارى"

جمعية خريجى المدارس الصناعية – مكتب السكرتير فى يوم 18/3/1946



[font=Sakkal Majalla]
لقد عرض حضرة رئيس الجمعية طلباً للجنة الإدارية فى جلستها المنعقدة يوم 16 مارس من الشهر الجارى يتضمن موضوع المجلس الإستشارى الذى أراد تكوينه بعض كبار الخريجين. والمعروف عن هذا المجلس المزعم إنشاؤه هو إنتخاب عشرة أعضاء ليكونوا أوصياء على اللجنة الإدارية فى شؤون الدار الخارجية. وبالرغم من أن أمثال هذا المجلس لا يقره المنطق ولا يقبله الأصول فقد بحثته اللجنة ونظرت فيه بكل تقدير وإهتمام، ولكن بعد البحث الطويل كان نصيبه بالأسف عدم الموافقة عليه بالإجماع، ولقد بنت اللجنة هذا الرفض على أشياء كثيرة منها.

(أولاً) ترى اللجنة الإدارية على أن لها الحق القانونى فى إدارة شؤون الدار داخلها وخارجها.

(ثانياً) إن إنتزاع السلطة من يد اللجنة إلى غيرها أمر لم يقف عند تحدى اللجنة فحسب بل يتعداها إلى تحدى الأعضاء الناخبين الكرام الذين إنتخبوا اللجنة بالطريقة المشروعة وأولوها ثقتهم فى الإجتماع العام.

(ثالثاً) تثق اللجنة الإدارية من نفسها كما وثقت بها أغلبية الأعضاء، وترى أنها كفيلة بإنجاز أى مهمة تتعلّق بالدار مهما كانت عظيمة، وذلك بفضل تعاون أعضائها الذين ما انفكوا يعملون لدارهم المحبوبة ولتقدمها من كل النواحى.

(رابعاً) لا يمكن للجنة الإدارية بأى حال من الأحوال أن تسىء إلى حضرات ناخبيها الكرام بتكوين مجلس فوق إرادتهم وهى ترى أن الأعضاء جميعاً هم الذين لهم حق التغيير والتبديل فيما يريدون.

(خامساً) تستنكر اللجنة أيما إستنكار هذا الوضع الذى يقتضى إنتخاب عشرة أعضاء يكون لهم بالذات حق الإستشارة فى كل شىء حتى فى الأشياء التى لا يتذوقونها.

(سادساً) وأخيراً ترى اللجنة، وأظن الكل يوافقونها فى ذلك، أن أمراً كهذا لم يحدث فى التاريخ ولا فى أى هيئة من هيئات الدنيا بأسرها وهى تفضل ألاّ تشذ عن النظام الذى تسير عليه المجتمعات الراقية فى كل أنحاء المعمورة.

غير أن اللجنة لم تغب عنها طرق الشورى، فهى ترى أن جميع أعضاء الجمعية مُحِـقون * للإستشارة إذا دعت الضرورة لذلك. والأعمال التى تستحق الشورى تختلف بالطبع بعضها عن بعض، وستستشير اللجنة إذا أرادت كلٌ فيما يتذوقه ويجيده، فهناك مثلاً النواحى الأدبية، إذا إحتاجت اللجنة إلى الإستشارة فيها فستستعين بلا شك بالمتضلعين فيها، كذلك النواحى الرياضية لها أهل، كما أن النواحى الإقتصادية والسياسية لها رجال يعلمونها جيداً وهكذا.
إذن؛ فليس من الجائز أن نأتى بأديب مقتصر فى أدبه ونستشيره فى النواحى الرياضية والعكس بالعكس. وفى الختام ترجو اللجنة لهذه الدار تقدماً مضطرداً، ولإعضائها سعادة ورفاهية تحت ظلها الميمون. وترجو من الله أن يُصلح القلوب حتى لا تضطر إلى الإلتجاء فى طلب المستحيل والسلام.


"السكرتير"

"ابوبكر عبد الله"
ــــــــــــ

* هذه الكلمة لم أتبيّنها جيّداً.



صورة


صورة وثيقة البيان أعلاه، وكُتِبَ فيها إلى أعلى اليسار بزاوية مائلة: " أُرسِلَت صورة لحسن أفندى محمد طه".


صورة
صورة



ياسر عبيدي
مشاركات: 1157
اشترك في: الخميس مارس 27, 2008 1:51 pm

تصحيح هام

مشاركة بواسطة ياسر عبيدي »




تصحيح هام


معذرة؛ عند مراجعتى لأصل قصيدة "من وحى الكأس" لحاجتى لها فى الرسائل التالية، لاحظت نقلى عن طريق الخطأ البيت الأول من القصيدة:


كـفـى بى تـيــــهاً أن أرى الكأس فى دارى *** و حسـبى فخراً وضعها بين أخيارى



لقد أسقطت كلمتى: "الكأس فى"، وسيتعين علىّ العودة لتصحيح هذا الخطأ فى مواضعه الأولى فى الصفحات السابقة. أتمنى أن تقـتصر أخطاء النقل على ذلك فقط.


إعتذارى مرّةً أخرى.

ياسر عبيدي
مشاركات: 1157
اشترك في: الخميس مارس 27, 2008 1:51 pm

جمعية خرِّيجى المدارس الصناعية

مشاركة بواسطة ياسر عبيدي »



كما هو واضح من هذا "البيان"، أن "دار خرِّيجى المدارس الصناعية" – أم تُرى هى "جمعية خرِّيجى المدارس الصناعية" التى كانت تصدر مجلّة "نهضة جمعية الخريجين" [أنظر ص4 من هذا "البوست"] - كان لها "لجنة إدارية" مُنتخبة وموكل إليها إدارة هذه الدَّار. وأنه فى مارس من العام 1946 عَرض رئيس هذه "الجمعية" على هذه "اللجنة": (موضوع المجلس الإستشارى الذى أراد تكوينه بعض كبار الخريجين.)، وذلك بـ(إنتخاب عشرة أعضاء [منهم] ليكونوا أوصياء على اللجنة الإدارية فى شؤون الدار الخارجية).
هنا لابد من وقفة؛ إذ لم يوضّح البيان ما المقصود بـ" كبار الخرِّيجين" ؟ هل المقصود خرِّيجى المدارس الصناعية من كبار السِّن ؟ أم " الخرِّيجين الكبار" من حيث المستوى التعليمى أى " الغردونيين" ؟ .. ولكن بما أن هؤلاء " الخرِّيجين الكبار" سيتم إنتخابهم من قِـبَـل أعضاء "دار خرِّيجى المدارس الصناعية"، فأنا أُرجِّح أن يكون المقصود خرِّيجى المدارس الصناعية من الكبار فى السِّن.

والترجيح مردّهُ؛ أننا لو كنَّا فى مارس من العام 1946، أى قبل إجبار السلطات الإستعمارية بالموافقة على نشؤ "هيئة شؤون العمال" فى يوليو من العام 1947 بحوالى عام وأربعة أشهر، وقبل تحرّك خرِّيجى المدارس الصناعية الفعلى لتأسيس هذه الهيئة، منتصف العام 1946، بحوالى ثلاثة أشهر، حيثُ: { إن الخطوة الأولى لتكوين الجمعية كانت تتمثل فى الدعوة لإجتماع العمال، الذين تم إختيارهم بشكل يضمن تمثيل مختلف ورش مصلحة الميكانيكا. وقد إنعقد هذا الإجتماع فى 29 يونيو 1946، وأُتُخِذ ثلاثة قرارات هامة. فقد أُتفِقَ فى البداية على أن تحمل الهيئة إسم (هيئة شئون العمال)، وأُتفِقَ، ثانياً، على أن يقوم كل عضو بحملة دعائية فى ورشته لشرح فكرة الهيئة وأهدافها. وكذلك أُتفِقَ على أن يقوم كل عضو بمحاولة جمع توقيعات أكبر عدد من زملائه العمال وذلك كدليل على موافقتهم على تكوين الهيئة والمشاركة فيها. وأُتفِقَ، ثالثاً، على عقد إجتماع آخر فى المستقبل القريب لمناقشة تقارير العمل فى مختلف الورش ولإنتخاب لجنة مؤقتة تقوم بالإتصال بالإدارة لطلب الإعتراف بالهيئة كممثل للعمال.} [أنظر سعد الدين فوزى].

ولمّا كانت شروط السلطات الإستعمارية، عند موافقتها على قيام "دار خرِّيجى المدارس الصناعية" فى 1934، تتمثَّل فى:

1) أن يكون المستر فيذر، وهو مدير مدرسة الصنائع، رئيساً لهذه الدار ليكون حارساً أميناً على مصالح السكة حديد والحكومة.
2) أن لا تُـلقى محاضرة قبل أن يراها الرئيس ويوافق عليها.
3) أن لا يُعقد أى إجتماع إلاّ بأمر من الرئيس وعلى شرط أن يحضر أو يؤجل إذا كان مشغولاً.
4) أى مشترك جديد يقدم إسمه ليصادق عليه. [أنظر الطيب حسن الطيب]

فمن غير المُرجّح أن يكون تحرّك " كبار الخرِّيجين" بالأصالة عن أنفسهم، وإنما المُرجِّح أن مَنْ كان يقف وراء فكرة "مجلس كبار الخرِّيجين الإستشارى" هو السلطة الإستعمارية ذات نفسها، بما أنه لم يكن فى مقدور مُنتسبى "دار العمال الخرِّيجين" القيام بأى نشاطٍ كان دون حصولهم على الموافقة أولاً من هذه السلطة. والمرجّح أيضاً؛ أن الغرض من هذا " المجلس الإستشارى" كان تحجيم تحرّكات "اللجنة الإدارية" لـ"جمعية خرِّيجى المدارس الصناعية" المُنتخبة من جمهور العمال، والتى كانت بسيطرتها على أنشطة "الدَّار" بدأت تحرّكاتها لقيادتهم نحو كيانٍ يمثّلهم ويُخاطب بالنيابة عنهم السلطة الإستعمارية. ولقد كانت هذه السلطة بعيونها ترصد تحركات هذه "اللجنة" .. لذلك سعت للتحكم فيها وتحجيمها من خلال فرض وصاية " الخرِّيجين الكبار" - الذين لابد أنهم كانوا تحت تأثيرها وطوع بنانها - على ما أسمته " الشؤون الخارجية"، أى عند محاولة العمال، عبر "لجنتهم"، مخاطبة السلطة الإستعمارية مطالبين بإنشاء كيانٍ يمثلهم. ولكن من الواضح أن هذا الجيل، من " صغار" خرِّيجى العمال، كان يدرك مرادهُ ومهامه جيّداً، وكان من الوَعىْ بحيث لم يغب عليه مرامى مخطط الإستعمار عبر ما أسماه " مجلس إستشارى من كبار الخرِّيجين"، فكان هذا "البيان" المُبين الرَّافض لذاك المخطط المُشين.

ليس لدىَّ ما أضيفه عن هذا "البيان"، الذى إن كان فعلاً المعنى فيه " خرِّيجى العمال من كبار السِّن" فلا علاقة له بموضوعنا .. أى موضوع قبول العضوية من خارج مُنتسبى "الدار"، ولكنه يكشف لنا عن ما كان يُحاك ضد "اللجنة الإدارية لجمعية خرِّيجى المدارس الصناعية"، التى كانت بمثابة الدينمو المُحرّك لأنشطة "دار خرِّيجى المدارس الصناعية"، وعن مدى وَعيها بمهامها، ممّا يرفع عندى من قدر دورها المحورى فيما آل إليه الحال، وريادتها فى قيادة مجهود ونشوء "هيئة شؤون العمال".

سأعود لهذا الدور الرّائد والمحورى لهذه "اللجنة الإدارية"، ومحاولة - من خلال صورة - معرفة أعضائها على وجه التحديد، بعد إستعراض الوثائق الأخرى لمعرفة: ما المقصود بـ" دار أو نادى الخرِّيجين" ؟ .. أهو "النادى السودانى" أم "دار عمّال السكة الحديد" ؟


أضف رد جديد