وثائـــــــــــــق .. مُهـــــمـَـــــــلة .. !!

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
ياسر عبيدي
مشاركات: 1157
اشترك في: الخميس مارس 27, 2008 1:51 pm

عـن الـبـيـان.

مشاركة بواسطة ياسر عبيدي »



قد يُساعد ما كُتِبَ أعلى يسار صفحة "البيان" بخطٍ مائل: " أُرسِلت صورة لحسن أفندى محمد طه"، على معرفة: مَنْ هُم "كبار الخرِّيجين" ؟ .. فالبيان، حتى ولو لم يُخاطب هؤلاء العشرة " الكبار" بشكل مباشر، فهو يعنيهم بالدرجةِ الأولى. لذالك حرصت "اللجنة الإدارية" أن تصل نسخة من بيانها إلى مَنْ يمثِّل هؤلاء " الخرِّيجين الكبار". وأنا أُرجِّح أن "حسن محمد طه" هو أحدهم، إن لم يكن زعيمهم.


ياسر عبيدي
مشاركات: 1157
اشترك في: الخميس مارس 27, 2008 1:51 pm

نادى الخرِّيجين بعطبرة

مشاركة بواسطة ياسر عبيدي »



وعن ما المقصود عند الحديث عن دار أو نادى الخرِّيجين: "النادى السودانى" أم "دار خرِّيجى المدارس الصناعية" ؟ نبدأ بما ذكره على محمد بشير عن تأسيس هذه "الدَّار":

{ كان قسم الرفاهية بالسكة الحديد قد قام ببناء النادى السودانى أواخر عام 1929م مجاوراً لرصيفه المصرى ويقع مثله على شاطىء النيل ...}، [صفحة 19].

وعندما نقرأ إفادة الأستاذ محمود محمد طه، حول هذا الموضوع، فى لقائه بمندوبي معهد الدراسات الآسيوية والأفريقية [1]: { .. كان عندنا نشاط في نادي الخريجين في أتبرا "عطبرة" .. ماكان اسمه نادي الخريجين كان اسمه نادي السكة الحديد - نادي موظفي السكة حديد السودانيين .. وفي الجانب الآخر في نادي السكة حديد للمصريين ..}، يتأكد لنا أن الإثنين إنما يتحدَّثان عن نفس الناديين: "النادى السودانى" أو "نادي موظفي السكة حديد السودانيين"، و "النادى المصرى" أو "نادي موظفى السكة حديد المصريين". والفترة التاريخية التى يتحدثا عنها هى بداية النصف الثانى من ثلاثينات القرن الماضى، حيث يقول الأُستاذ فى نفس اللقاء:
{ .. النادي كان كأنه تابع للمصلحة .. رئيس المصلحة - مدير مصلحة السكة الحديد كان رئيس الشرف ليهو .. وكان كبار الموظفين في حكم البيعينوا في مناصب النادي .. نحن أحدثنا فيهو سنة 36 و37 ثورة أدبية كبيرة جداً اقتضت أنو اللجنة تكون منتخبة وأنو السكة الحديد ما يكون عندها إشراف على النادي وقلبنا الأوضاع فيهو .. الناس اللي كانت بتعينُن السكة الحديد كضباط يشرفوا على إدارة النادي كأنه مصلحة من المصالح غيرناهم ، فدا اقتضى أنو السكة حديد تنقلني من عطبرة الى كسلا ..}، [2].

ويبدو لنا ممّا سبق، وممّا سنقرأهُ تالياً للباحث عبدالله الفكي البشير عن نفس الموضوع، أنه كما لو أن إسم "النادى السودانى"، أو "نادى موظفى السكة الحديد السودانيين بعطبرة"، قد تغيّر فعلاً إلى "نادي الخريجين" فى النصف الثانى من ثلاثينات القرن الماضى: { في يوم 9 نوفمبر 1945 أصدر الحزب الجمهوري كما ورد آنفاً، بياناً بعنوان: "موقف الحزب الجمهوري من المؤتمر ومن وثيقة الاحزاب المؤتلفة"، ونشر البيان في صحيفة النيل بتاريخ 22 نوفمبر 1945. (برغم أن الأستاذ محمود في مرحلة تأسيس مؤتمر الخريجين 1938، وهو في عطبرة غير اسم النادي من نادي السكة الحديد بعطبرة إلى نادي الخريجين، للتفاصيل أنظر محور: موقف الأستاذ محمود من مؤتمر الخريجين ضمن كتاب: الأستاذ محمود والمثقفون).} [3].

ولأن كتاب "الأستاذ محمود والمثقفون" ليس فى حوذتى، فلن أستطيع التحقق من تلك التفاصيل التى قد نجد فيها تاريخ تغيير إسم "النادي السودانى" أو "نادى موظفى السكة الحديد السودانيين بعطبرة" إلى "نادي الخريجين". ولكن مع ذلك، ومع التأكيد على أننى لا أنفى صحة هذه المعلومة، وأن الأستاذ محمود فعلاً قد عمل على تغيير هذا الإسم، إلاّ أننى أُستطيع أن أُأكِّد بأن إسم "نادى الخرِّيجين" لم يثـبُت رسمياً كإسم لـ"النادى السودانى" فى تلك المرحلة من النصف الثانى من ثلاثينات القرن الماضى. دليلى على ذلك أنه وحتى مُنتصف العام 1946 كانت المُكاتبات بين مصلحة السكة الحديد وما أصبح لاحقاً يُسمَّى "نادى الخرِّيجين"، توجّه إلى "سكرتير النادى السودانى"، وتُمهر الرّدود على هذه المكاتبات، أيضاً، بإسم "سكرتير النادى السودانى"ً:


صورة


صورة


صورة


[font=Sakkal Majalla]
[align=left]ترجمة المكاتبات فى ما يختص بقوانين النادى
مكتب المدير العام
28 مايو 1946
سكرتير النادى السودانى
عطبرة


قوانين النادى


1- أُخبرك بأن المدير العام بالنيابة غير مستعد أن يوافق على الإقتراح المقدَّم لتعديل البند نمرة (2) الذى ينُصُّ بإعطاء غير المُستخدمين بالحكومة حق العضوية الكاملة بالنادى.
2- بناء على عدم الموافقة هذا فقد تصدَّقَ بالتعديلات كما جاء فى الإجتماع العام بتاريخ 14 يوليو 1945 وعليه يجب أن تقدَّم للمدير.
3- وإذا أراد الأعضاء تعديل البند الثالث كما جاء فى جواب المدير العام 1500/9/2/1 بتاريخ 15 أغسطس 1945 فإن المدير العام سيصدِّق على ذلك.
4- من فضلك أعمل ما يلزم فيما يختص بالفقرة الثامنة وفيدنى عن تنفيذ ذلك.

ج.د. بور
عن المدير العام بالنيابة


ــــــــــــــــــــــ

[font=Sakkal Majalla]
1- أنظر مــوقــع الــفــكــرة: [/url][url= https://www.alfikra.org/interview_page_v ... &page_id=1]

2- قمت بتعديل بعض الحروف وعمل تشكيل، باللون الأحمر، فى الحديث المنقول عن الأُستاذ حتى يصبح حديثه بالدارجة مُتسقاً للقارىء.

3- [تعقيب على البروفيسور فدوى عبدالرحمن على طه (3-3) .. بقلم: عبدالله الفكي البشير. نشر بتاريخ: 30 كانون 2 / يناير .2015. سودانايل].

ياسر عبيدي
مشاركات: 1157
اشترك في: الخميس مارس 27, 2008 1:51 pm

نادى الخرِّيجين بعطبرة 2

مشاركة بواسطة ياسر عبيدي »



ليست هذه الوثيقة فقط تقف بوحدها دليلاً على أن: "النادي السودانى"، أو "نادى موظفى السكة الحديد السودانيين بعطبرة"، لم يتغيّر إسمه رسميَّاً إلى "نادي الخريجين" حتى مايو من العام 1946، وإنما الرَّد على هذا الخطاب، الذى سأستعرضه تالياً، وخطاب ثالث عن نفس الموضوع – موضوع " إعطاء غير المُستخدمين بالحكومة حق العضوية الكاملة بالنادى" – يؤكدان ذلك:


صورة

[font=Sakkal Majalla]
سرِّى
النادى السودانى
17 يونيو 1946
المدير العام
سيّدى العزيز

إشارة إلى خطابكم بتاريخ 28 مايو 1946، نمرة 1500/9/2/1 ، قد بحثت فيه لجنة النادى وكلّفتنى بالرَّد عليكم كما يأتى:

- إن الأسباب التى من أجلها لم يوافق مكتبكم على التعديل المقترح للبند الثانى من قانون النادى غير معروفة للأعضاء. ولكن فى الإجتماع السنوى الأخير إستطعنا أن نفهم أنه إذا أُعطِىَ حق العضوية الكاملة لغير موظفى الحكومة، يُخشى أن يُسيطر هؤلاء على إدارة النادى – إذا كان هذا هو السبب فإننا نبادر فوراً بالتأكيد لكم على أن هذه لن تحصل أبداً، لأن فى كل نوادى الخرِّيجين الأخرى يتمتّع غير موظفى الحكومة بالعضوية الكاملة، ورغم ذلك؛ فقد كان دائماً يدير هذه النوادى موظفو الحكومة. وزيادة على ذلك، فإن المزايا كثيرة، وقد ذكرت أغلب هذه [المزايا] فى الإجتماع السابق (أُنظر محضر الجلسة السابقة).

وإذا نظرنا للموضوع من ناحيته القانونية، نجد:

أولاً: إن قوانين النادى لا تعطى المدير العام حق (الفيتو) للتغيير فى قرارات الإجتماع العام (المادة 20).

ثانياً: لا تعلم هذه اللجنة عن أىِّ سابقة أو تقليد يعطى هذا الحق الذى [يحصر]* الإجتماع العام فقط لأى شخص سواء أن كان رئيس النادى أو المدير العام.

ثالثاً: إن تعديل هذه المادة قد تقرّر فيه بالإجماع مرّتين فى الإجتماع العام سنة 1945، وفى ذلك الحين لم يكن أغلب أعضاء هذه اللجنة موجودين، ومرَّة أخرى فى الإجتماع العام لسنة 1946 – وفى كلا هذين الإجتماعين عبّر الأعضاء عن رغبتهم فى تعديل المادة – ورغم هذا فإننا نشعر بأن عرض هذا الموضوع للبحث مرّة أخرى فى إجتماع سنة 1946، لم يكن غلطة من اللجنة السابقة فحسب، وإنما هو مخالفة صريحة لقانون النادى – ولذلك نشعر بأن جوابك الأخير كان أمراً لا أكثر ولا أقل، وإذا قمنا بتنفيذه نكون قد خالفنا قانون النادى وأسأنا إستعمال سلطتنا، وليس بيننا مِنْ هو مستعد لأن يتحمّل مسؤولية ذلك.

رابعاً: إن هذه اللجنة، وأىِّ لجنة أخرى، الغرض منها المحافظة على قوانين النادى، والتعبير عن رغبة الأعضاء، ولا يمكنها أن تحيد عن الطريق الذى ينصُّهُ القانون أو يُقرّر فيه الإجتماع العام.

وفى هذا الصدد لابد أن نشير إلى أن هناك شعور متزايد بأن هذا النادى ما هو إلاّ شبه مكتب من مكاتب السكة الحديد، أو نادى من نوادى المحطات الحكومية. وعلى ضوء ما وضحنا أعلاه، فإننا نأمل مُخلصين على أنكم ستـقـتـنعون بوجهة نظرنا، وتفيدونا بما يؤيد ذلك.

مُخلِصُك
سكرتير النادى السودانى


ـــــــــــــــــ

* هذه الكلمة: [يحصر]، غير واضحة.


صورة

صورة

صورة

صورة

ياسر عبيدي
مشاركات: 1157
اشترك في: الخميس مارس 27, 2008 1:51 pm

نادى الخرِّيجين بعطبرة 3

مشاركة بواسطة ياسر عبيدي »



قبل إستعراض الوثيقة الثالثة، يجدر الإنتباه لما جاء فى الفقرة الأولى من خطاب سكرتير "النادى السودانى" أعلاه:

{ [font=Sakkal Majalla]إن الأسباب التى من أجلها لم يوافق مكتبكم على التعديل المقترح للبند الثانى من قانون النادى غير معروفة للأعضاء. ولكن فى الإجتماع السنوى الأخير إستطعنا أن نفهم أنه إذا أُعطِىَ حق العضوية الكاملة لغير موظفى الحكومة، يُخشى أن يُسيطر هؤلاء على إدارة النادى – إذا كان هذا هو السبب فإننا نبادر فوراً بالتأكيد لكم على أن هذه لن تحصل أبداً، لأن فى كل نوادى الخرِّيجين الأخرى يتمتّع غير موظفى الحكومة بالعضوية الكاملة، ورغم ذلك؛ فقد كان دائماً يدير هذه النوادى موظفو الحكومة}.

حيث أن جملة: "لأن فى كل نوادى الخرِّيجين الأخرى .."، تعنى أن اللجنة الإدارية لـ"النادى السودانى" فى عام 1946، كانت تعتبر ضمناً أن ناديها هو "نادى خرِّيجين"، يجب أن يكون، أسوة بأندية الخرِّيجين الأخرى، مُستقلاً وخارج نطاق سيطرة إدارة مصلحة السكة الحديد الإستعمارية. الأمر الذى لم يقبله المدير العام بالإنابة فى خطابه الذى سنستعرضه تالياً.

وإذا كان الأستاذ محمود فى عامى 1936/1937 قام مع آخرين بإحداث تغييراتٍ عميقة فى إدارة "النادى السودانى"، كما جاء فى قوله: {[font=Sakkal Majalla]النادي كان كأنه تابع للمصلحة .. رئيس المصلحة - مدير مصلحة السكة الحديد كان رئيس الشرف ليهو .. وكان كبار الموظفين في حكم البيعينوا في مناصب النادي .. نحن أحدثنا فيهو سنة 36 و37 ثورة أدبية كبيرة جدا اقتضت أنه اللجنة تكون منتخبة وأنه السكة الحديد ما يكون عندها إشراف على النادي وقلبنا الأوضاع فيه .. الناس اللي كانت بتعينن السكة الحديد كضباط يشرفوا على إدارة النادي كأنه مصلحة من المصالح غيرناهم ، فدا اقتضى أنه السكة حديد تنقلني من عطبرة الى كسلا .. والنقل كنت بشعر بأنه كيدي ..}، فهذا يعنى، من واقع الوثائق التى بين أيدينا، أن التغييرات التى أحدثها الأستاذ فى إدارة النادى وعلى إثرها تم إبعاده تعسفياً إلى كسلا فى 1937، لم تستمر حتى العام 1946، وهذا بالتحديد ما يُشير إليهِ بشكلٍ مباشر ما جاء فى ختام خطاب سكرتير النادى أعلاه: {[font=Sakkal Majalla]وفى هذا الصدد لابد أن نشير إلى أن هناك شعور متزايد بأن هذا النادى ما هو إلاّ شبه مكتب من مكاتب السكة الحديد، أو نادى من نوادى المحطات الحكومية}.

وبالتالى، فإن العمل الذى بدأهُ الأُستاذ محمود محمد طه فى 1936/1937، لتخليص "النادى السودانى" من سيطرة إدارة مصلحة السكة الحديد الإستعمارية وتغيير إسمه إلى "نادى الخرِّيجين"، ليتسنى له القيام بدوره فى عملية التنوير ونشر الوعى لمواجهة الإستعمار، وقد حقق نجاحاً فى ذلك ممّا أدى إلى نقله تعسفيّاً إلى كسلا فى 1937، تمكنت السلطات الإستعمارية من الإلتفاف عليه والتراجع عنه فى الفترة الممتدة بين 1937 و1946. ولمّا وضحَ من الوثائق أعلاه تواصل العمل فى 1946 من أجل تحقيق نفس القضايا التى حققها الأستاذ فى 1936/1937، أى بعد مضى حوالى الخمسة أعوام على إستقالته من مصلحة السكة الحديد فى عام 1941، فهذا يعنى أن جيلاً آخر كان على علمٍ بما قام به الأستاذ من تغييراتٍ فى هذا النادى قبل حوالى 10 أعوام، فحمل الشُعلة وواصل مجهوداته هذه بعد أن ناصبه المُستعمر العداء وإقصاهُ من عطبرة لمناطق الشدَّة. هذا الجيل هو .. جيل محمد عَبِيدِى بَرْدَويل .. المُتخرّج من المدرسة الصناعية أواخر 1937 والمُعيّن فى مصلحة السكة الحديد أوائل العام 1938.



ياسر عبيدي
مشاركات: 1157
اشترك في: الخميس مارس 27, 2008 1:51 pm

نادى الخرِّيجين بعطبرة 4

مشاركة بواسطة ياسر عبيدي »


تالياً نص خطاب مدير عام السكة الحديد بالنيابة رداً على خطاب سكرتير النادى السودانى أعلاه:


[font=Sakkal Majalla]

ســرِّى
مكتب المدير العام
15 يوليو 1946
سكرتير النادى السودانى عطبرة
سيدى العزيز


1- إستلمت خطابك بتاريخ 17 يونيو 1946 ويهمنى أن تفهم لجنة وأعضاء النادى الموقف الذى يظهر أن فيه بعض الإرتباك.

2- فإن الإشارة فى الفقرة الثانية من خطابك إلى أن كل نوادى الخرِّيجين
[تضم] مثلاً الإرتباك الذى أشير إليه، فإن النادى السودانى بعطبرة ليس بنادى خرِّيجين، فقد أُنشىء بواسطة أحد زملائى السابقين لرفاهية مُستخدمين السكة الحديد السودانية. وبما أنه لم يكن من اللياقة إقصاء مُستخدمين الحكومة غير الموظفين بالسكة الحديد والذين يقيمون بعطبرة من الإشتراك فى النادى، لأنهم كانوا أقلية لا يمكنها أن تكوِّن نادى مُنفصل، فإن العضوية قد عُمِّمَت لكل موظفى المصالح، وعليه أصبح النادى السودانى نادى موظفى الحكومة.

3- بينما عدداً بسيط من الأعضاء غير موظفى السكة الحديد الذين يمكن إشتراكهم بالنادى للأسباب الموضحة أعلاه، فإن النادى كان دائماً ولا يزال نادى سكة حديد أُنشىء وشُجِّعَ وسُوعِدَ دائماً بطريق أو آخر بواسطة إدارة السكة الحديد، بغرض إيجاد وسيلة مفيدة لرفاهية موظفيها. إنه لهذا السبب يكون رئيس النادى دائماً مدير عام السكة الحديد بحكم منصبه. إن قوانين النادى تُقدَّم إلىّ بناء على المادة [165] من قانون البلديات 1938 حسب تعديلات أمر المديرية الشمالية 1939.

4- إن إقتراحكم بتعديل الفقرة الثانية لإدماج غير موظفى الحكومة للعضوية الكاملة بالنادى سيُغيِّر
[كل من] شكلىْ النادى ودستوره وأنا لا أستطيع أن أُوافق على ذلك. بصفتى مدير السكة الحديد أُريد أن يكون هناك نادياً [بإدارة] موظفى السكة الحديد أو مستخدمين آخرين بالحكومة وبإستشارة و معاونة إدارة السكة الحديد. وبصفتى رئيسكم قد حاولت أن أُوضِّح لكم وإقترحت عليكم أنه يمكنكم أن تتحصّلوا على كل المزايا التى تريدونها بتعديلكم المادة [3] لإشتراك أى ناس آخرين كأعضاء مُلحقين.

5- وطبعاً أولئك الذين يريدون نادى مخالف لهذا لهم الحرية الكاملة أن يتخذوا أى خطوات يرونها لتكوين نادى آخر. ولكن بصفتى صاحب الملك فيما يختص بالبنيان الذى تشغلونه الآن فإنى سأستمر فى مطالبتى بذلك البنيان لغرض نادى موظفى السكة الحديد كما ذكرت عاليه، وهذا البنيان لم يستعمل لأى نادى آخر.

6- ثم بينما فهمت من الفقرة الأخيرة بخطابكم أنه يوجد بعض الأعضاء الذين
[يأنفون] فى النادى [الصلة] الوثيقة مع السكة الحديد، فإنه ولا شك يوجد آخرون يذكرون بالجميل كل المساعدات، مالية وخلافه، التى إستفادها النادى من هذا الإرتباط. هم يعلمون أن السكة الحديد تقدم هذه المساعدات لغرض واحد، هو أن هذا النادى الغرض منه أن يقدم خدمات لموظفى السكة الحديد. أى نادى آخر لا يمكن أن يُـقدَّم له أمثال هذه الخدمات.

7- أتوقع أن يكون هذا الخطاب قد وضّحَ الموقف، وعمومياً إذا أردتم عقد إجتماع عام فوق العادة لهذا الموضوع فإنه يسرُّنى أن أحضر لأشرح لكم الموقف بالتفصيل.

مخلصكم

ج.د. ولبى
المدير العام بالنيابة



* الكلمات فى نَص الخطاب بين الأقواس وباللون الأزرق الفاتح، غير واضحة فى النص، وبعضها غير موجود فيه، قد تكون صحيحة أو هى بهذا الشكل تفيد المعنى.

صورة

وثيقة خطاب مدير عام السكة الحديد بالنيابة


صورة
صورة

صورة
صورة



ياسر عبيدي
مشاركات: 1157
اشترك في: الخميس مارس 27, 2008 1:51 pm

نادى الخرِّيجين بعطبرة 5

مشاركة بواسطة ياسر عبيدي »



من ما جاء فى الفقرة الثانية من خطاب سكرتير النادى السودانى:

{[font=Sakkal Majalla]إن الأسباب التى من أجلها لم يوافق مكتبكم على التعديل المقترح للبند الثانى من قانون النادى غير معروفة للأعضاء. ولكن فى الإجتماع السنوى الأخير إستطعنا أن نفهم أنه إذا أُعطِىَ حق العضوية الكاملة لغير موظفى الحكومة، يُخشى أن يُسيطر هؤلاء على إدارة النادى – إذا كان هذا هو السبب فإننا نبادر فوراً بالتأكيد لكم على أن هذه لن تحصل أبداً، لأن فى كل نوادى الخرِّيجين الأخرى يتمتّع غير موظفى الحكومة بالعضوية الكاملة، ورغم ذلك؛ فقد كان دائماً يدير هذه النوادى موظفو الحكومة.}

والمعقّب عليها فى النقطة الثانية من خطاب مدير عام السكة حديد بالنيابة:

{[font=Sakkal Majalla]فإن الإشارة فى الفقرة الثانية من خطابك إلى أن كل نوادى الخرِّيجين [تضم] مثلاً الإرتباك الذى أشير إليه، فإن النادى السودانى بعطبرة ليس بنادى خرِّيجين، فقد أُنشىء بواسطة أحد زملائى السابقين لرفاهية مُستخدمين السكة الحديد السودانية.}

يتضح لنا أنه بينما كانت لجنة إدارة "النادى السودانى" تتصرّف وكأن النادى "نادى خرِّيجين"، رغم أنها كانت تُذيّل مكاتباتها الرسمية مع مصلحة السكة الحديد بإسم " سكرتير النادى السودانى"، فإن مصلحة السكة الحديد الإستعمارية، من الجانب الآخر، كانت ترفض تصرّف اللجنة هذا رفضاً باتَّاً.

وعندما نعيدُ قراءة إفادة الأستاذ محمود إجابةً على سؤال:

[font=Sakkal Majalla]س: ماهي طبيعة النشاط اللي انت استقلت بسبب التعبير عنه ؟ كان عن شنو ؟ ذكرت بأنك كان عندك نشاط سياسي ، النشاط كان عن شنو ؟ فكر معين ، شيء معين كنت بتعملو ؟

[font=Sakkal Majalla]- يلاحظ إنو الفكر السياسي في السودان اتبلور بعد نشأة مؤتمر الخريجين ، ودا كان سنة 38 .. نحن نشاطنا في الثلاثينات - في منتصف الثلاثينات 36 و37 كان نشاط أدبي وطني زي ما كانت بتتسم الحالة في الوقت الماضي .. النشاط الأدبي دا كان قايم في المدن الكبيرة كلها .. في مدني وفي أمدرمان وفي الخرطوم وفي عطبرة وفي بورتسودان .. والنشاط الأدبي اتمخض عنه مؤتمر الخريجين سنة 38 في نادي الخريجين بمدني وكنا بنتجه لأن نسمي الأندية كلها أندية الخريجين .. حتى في آخر الأمر استطعنا أن نغير اسم نادي عطبرة الى نادي الخريجين بعطبرة .. دا تمهيد لأن يكون الناس - الخريجين - كلهم يشتركوا في مؤتمر الخريجين العام النشأ سنة 38 .. ونشاطنا الأول كان نشاط أدبي للجمعيات الأدبية لكن بياخذ الإتجاه الوطني في إحياء الثورة بين المواطنين لمعارضة الإستعمار .. * [1].

نخلص إلى أن الأستاذ عمل على تحقيق تلك التغييرات فى إدارة "النادى السودانى" وتغيير إسمه إلى "نادى الخرِّيجين" – بل ولابد من إمتداد تأثير تلك التغييرات إلى "دار خرَّيجى المدارس الصناعية" بما أن الأُستاذ أظهر: { [font=Sakkal Majalla]منذ الوهلة الأولى .. انحيازًا واضحاً الى الطبقة الكادحة من العمال وصغار الموظفين .. }[2]، وكذلك وبالذات لأنه ذكر فى إفادته أعلاه: "[font=Sakkal Majalla].. وكنا بنتجه لأن نسمي الأندية كلها أندية الخريجين" - قبل نشوء "مؤتمر الخرَّيجين" بمدنى عام 1938، ذلك أن الأُستاذ تم نقله تعسفيّاً إلى كسلا عام 1937 ولم يعُد له وجود بعطبرة فى 1938 وهو تاريخ تأسيس "مؤتمر الخرَّيجين". وهذا إن عنى شيئاً إنما يعنى أن الأُستاذ كان من أوائل الدَّاعين لفكرة "مؤتمر الخرِّيجين" ومن أوائل العاملين لتحقيقها على أرض الواقع قبل أن يظهر المؤتمر للوجود، فقد جاء فى إفادته عن الغرض من تحويل إسماء كل الأندية إلى "أندية خرِّيجين": ([font=Sakkal Majalla].. دا تمهيد لأن يكون الناس - الخريجين - كلهم يشتركوا في مؤتمر الخريجين العام النشأ سنة 38)، وذلك رغم إختلاف الأُستاذ مع هذه الفكرة وقادتها فيما بعد.

نعم، لقد حدثت تلك التغييرات التى قادها الأُستاذ فى "النادى السودانى" فى الفترة الممتدة بين 1936 و1937 تمهيداً لنشوء "مؤتمر الخرِّيجين"، فنُقل على إثرها إلى كسلا، ثم تمكنت مصلحة السكة الحديد الإستعمارية من الإلتفاف على ما تم من تغييرات فى الفترة الممتدة من 1937 وحتى التاريخ الذى نملك عنه وثائق عن "النادى السودانى" وهو مُنتصف العام 1946. ولكن رغم ذلك ظلّت لجنة إدارة هذا النادى وعدد كبير من مُنتسبيه يعتبرونه "نادى خرِّيجين"، بالذات بعد نشوء "مؤتمر الخرِّيجين" فى العام التالى مباشرةً لنقل الأستاذ تعسُّفياً فى 1937، وإن حرصوا فى مكاتباتهم الرّسمية مع السلطات الإستعمارية تذييلها بإسم " سكرتير النادى السودانى".

فإذا كان هذا هو الوضع القائم بالنسبة لـ"النادى السودانى بأتبرا" فى أمر تغيير إسمه إلى "نادى الخرِّيجين" مُنتصف عام 1946، فكيف هو الأمر بالنسبة لـ"دار خرِّيجى المدارس الصناعية" التى لابد أن يكون قد تأثر مُنتسبيها بتلك التغييرات التى أحدثها الأستاذ بما أنه "أظهر منذ الوهلة الأولى .. انحيازًا واضحاً الى الطبقة الكادحة من العمال وصغار الموظفين .."، ونحن نعلم أن هذه الدار قد ظهرت إلى الوجود فى منزلٍ متواضع من منازل السكة الحديد عام 1936 إبّان وجود الأُستاذ فى عطبرة، أى قبل نقله تعسُّفياً إلى كسلا بعام ؟!


ـــــــــــــــــــ


[font=Sakkal Majalla]1- لقاء الأستاذ محمود بمندوبي معهد الدراسات الآسيوية والأفريقية (جامعة الخرطوم السبت 22 نوفمبر 1975 يوافق 18 ذو القعدة 1395 ).

2- [تعقيب على البروفيسور فدوى عبدالرحمن على طه (3-3) .. بقلم: عبدالله الفكي البشير. نشر بتاريخ: 30 كانون 2 / يناير .2015. سودانايل].


ياسر عبيدي
مشاركات: 1157
اشترك في: الخميس مارس 27, 2008 1:51 pm

نادى الخرِّيجين بعطبرة 6.

مشاركة بواسطة ياسر عبيدي »



لمّا خاطب مدير عام السكة الحديد بالنيابة اللجنة الإدارية لـ"النادى السودانى" بالجملتين التاليتين:

[font=Sakkal Majalla]1- .. النادى السودانى بعطبرة ليس بنادى خرِّيجين، فقد أُنشىء بواسطة أحد زملائى السابقين لرفاهية مُستخدمين السكة الحديد السودانية.

2- .. أولئك الذين يريدون نادى مخالف لهذا لهم الحرية الكاملة أن يتخذوا أى خطوات يرونها لتكوين نادى آخر. ولكن بصفتى صاحب الملك فيما يختص بالبنيان الذى تشغلونه الآن فإنى سأستمر فى مطالبتى بذلك البنيان لغرض نادى موظفى السكة الحديد كما ذكرت عاليه، وهذا البنيان لم يستعمل لأى نادى آخر.


فهذا يعنى أن المدير العام كان يقف على أرضٍ صلبة فى رفضه تحويل إسم "النادى السودانى" لـ"نادى خرِّيجين". ذلك أن مصلحة السكة الحديد هى مَنْ أنشأ مبانى النادى، وهى مَنْ قام بالصّرف عليه وتمويله لغرضٍ محدد هو رفاهية موظفى السكة الحديد والحكومة. ولكن هذه الأرض الصّلبة التى كان يقف عليها المدير العام فى مواجهة اللجنة الإدارية لـ"النادى السودانى" لم تكن بتلك الصلابة بالنسبة لـ"دار خرِّيجى المدرسة الصناعية". ففكرة النادى أو الدّار هى فى الأساس فكرة مُعلمى المدرسة الصناعية بغرض فائدة ورفاهية تلامذتهم، وتكلفة بناء هذه الدّار هى من حُر مال العمال وهو مال الرفاهية المُستقطع من رواتبهم، وبالتالى إن رغب هؤلاء العمال بإلحاق كلمة "الخرِّيجين" بإسم دارهم، فلم يكن هناك ما يمنع، لأن هذه الدّار هى فى الأساس: "دار العمّال الخرِّيجين".

وكذلك، لأن هؤلاء العمال قد عاصروا الأستاذ محمود فى الفترة 1936 / 1937، وهى فترة قيامه بتلك التغييرات فى "النادى السودانى"، ولأنه: "أظهر منذ الوهلة الأولى .. انحيازًا واضحاً الى الطبقة الكادحة من العمال وصغار الموظفين .."، فلابد أنهم قد سمعوا منه ضرورة التمسُّك بإعتبار أنفسهم "خرِّيجين" ودارهم هى "دار عمّال خرِّيجين". ذلك أن سياسة المواجهة مع المستعمر آنذاك كانت تتّجه نحو، كما جاء على لسان الأُستاذ، تسمية كل الأندية أندية خريجين .. تمهيداً: " لأن يكون الناس - الخريجين - كلهم يشتركوا في مؤتمر الخريجين العام النشأ سنة 38".

وعلى ضوء ما جاء عاليه نستطيع أن نفهم الآن، لماذا عندما كان المدير العام للسكة الحديد يُصرُّ على مخاطبة هذا الجيل من العمّال الخرِّيجين فى إضرابهم الشهير عام 1943 بـ" تلامذة الصنائع":




صورة

[font=Sakkal Majalla](وثيقة رقم [3]، صفحة 2 من هذا "البوست")



كانوا يقابلونه بإصرارٍ مقابل .. حين يذيّلون خطاباتهم وتلغرافاتهم له بتوقيع "الخرِّيجين":


صورة

[font=Sakkal Majalla](وثيقة رقم [4]، صفحة 2 من هذا "البوست")



ياسر عبيدي
مشاركات: 1157
اشترك في: الخميس مارس 27, 2008 1:51 pm

الدور الريادى للجنة دار العمال الخريجين

مشاركة بواسطة ياسر عبيدي »



هذه الخطابات أعلاه، المؤرّخة فى الفترة الواقعة بين 18 مارس 1946 و 17يوليو 1946، والتى يدور موضوعها حول أحداث وقعت قبل نشوء (هيئة شؤون العمال) بحوالى العام فى يوليو 1947، ووجود هذه الخطابات ضمن ملف لمحمد عبيدى بردويل خاص بوثائق "دار العمال الخرِّيجين"، حيث كان هو وقت إنشاء (هيئة شؤون العمال) نائباً لسكرتير لجنة هذه الدّار، فضلاً عن أن مسوّدات خطابات لجنة "النادى السودانى" فى هذه الوثائق والموجهة إلى المدير العام للسكة الحديد بالإنابة من المرجّح أن تكون بخط يده؛ فإن كل هذا لا يعنى فقط وجود علاقة وثيقة وتنسيق مشترك بين لجنة إدارة "دار العمال الخرِّيجين" ولجنة "النادى السودانى"، وإنما يُعضِّد من وجهة نظرى بأنه كان للجنة "دار العمال الخرِّيجين"، على وجه التحديد، دور ريادى ومحورى فى نشوء (هيئة شؤون العمال) وإستطراداً العمل النقابى فى عموم السودان. إن ما يؤكِّد على هذا الدور الرِّيادى هو تمتع أعضاء لجنة هذه الدّار بوعى سياسى مُبكِّر ومتقدِّم فى آن، فلدينا قصيدة "إخوان الصفا" أو"شعاع النور" التى كتبها عبيدى أحد أعضاء هذه اللجنة فى عام 1943، ثم تأتى هذه الخطابات قُبيل نشوء هيئة شؤون العمال لتؤكد على أن هذا الوعى تعدى المطالبة بحقوق العمال إلى الإنخراط فى التيار العام لمقاومة الإستعمار وهو تيار الحركة الوطنية بقيادة الخرِّيجين. هذه الخطابات لا تحكى فقط عن صراع لجنة "النادى السودانى" مع السلطات الإستعمارية حول تسمية "أندية الخرِّيجين" وقبول عضوية من خارج مصلحة السكة الحديد، وإنما تكشف عن مشاركة لجنة "دار العمال الخريجين" فى هذا الصراع، وذلك بشبهة تورّط محمد عبيدى بردويل أحد أعضاء هذه اللجنة فى كتابة أو صياغة خطابات النادى السودانى الموجهة للإدارة الإستعمارية، فضلاً على أنه قد يوجد خطابات أخرى حول نفس الموضوع متبادلة بين دار العمال ومصلحة السكة الحديد لم أقع عليها حتى الآن، واضعين فى الإعتبار مقاومة هذه اللجنة فى ذات الفترة لمحاولة فرض مجلس إستشارى من كبار الخريجين عليها.

لقد كان الغرض من قبول عضوية بهذه الأندية من خارج مصلحة السكة حديد الإستفادة من كوادر فى شتى المجالات للإسهام فى رفع مستوى الوعى بين العمال وجماهير الشعب، وصولاً لخلق تكتل طبقة مستنيرة تتوحَّد وتحتشد فى هذه الأندية من أجل مقاومة الإستعمار. وهذا هو بالضبط ما كانت تهدف إليه حركة الخرِّيجين كما جاء على لسان أحد أعلام هذه الحركة وهو الأستاذ محمود محمد طه:

{ يلاحظ إنو الفكر السياسي في السودان اتبلور بعد نشأة مؤتمر الخريجين ، ودا كان سنة 38 .. نحن نشاطنا في الثلاثينات - في منتصف الثلاثينات 36 و37 كان نشاط أدبي وطني زي ما كانت بتتسم الحالة في الوقت الماضي .. النشاط الأدبي دا كان قايم في المدن الكبيرة كلها .. في مدني وفي أمدرمان وفي الخرطوم وفي عطبرة وفي بورتسودان .. والنشاط الأدبي اتمخض عنه مؤتمر الخريجين سنة 38 في نادي الخريجين بمدني وكنا بنتجه لأن نسمي الأندية كلها أندية الخريجين .. حتى في آخر الأمر استطعنا أن نغير اسم نادي عطبرة الى نادي الخريجين بعطبرة .. دا تمهيد لأن يكون الناس - الخريجين - كلهم يشتركوا في مؤتمر الخريجين العام النشأ سنة 38 .. ونشاطنا الأول كان نشاط أدبي للجمعيات الأدبية لكن بياخذ الإتجاه الوطني في إحياء الثورة بين المواطنين لمعارضة الإستعمار ..}

ولكنَّا قرأنا سابقاً للنقابى "على محمد بشير" عن النادى السودانى ما يستبعد وجود هذه العلاقة بينه وبين دار العمال. بل يُفهم، ممّا ورد عنده، بأن هذا النادى كان خلوّاً من النشاط السياسى وحكراً على موظفين مهندمين منعزلين عن الواقع الإستعمارى بمستوى بدا لنا فيه العمال الخريجين يتهيبون الإحتكاك بهم وإرتياد هذا النادى رغم أن لديهم الحق فى إرتياده:

{كان قسم الرفاهية بالسكة الحديد قد قام ببناء النادى السودانى أواخر عام 1929م مجاوراً لرصيفه المصرى ويقع مثله على شاطىء النيل ويتكون من عدّة غرف وميدان فسيح يتبع له مسرح.
رغم أن حق الإشتراك فى النادى كان متاحاً لكل المستخدمين السودانيين، إلاّ أن الموظفين إستأثروا به دون العمال، على الرغم من أن إحدى حجرات النادى كان يزينها ذلك التمثال لفتاة سودانية والذى أجبرت دقة صناعته المستر "كمرون" مأمور الإدارة على إرسال عربة خاصة لنقل هذا التمثال إلى أتبرا وتم إهداؤه للنادى المذكور. وكان من صنع عامل السكة الحديد المحولجى على عثمان.
كانت الفوارق الفئوية حادة، كان الموظفون يؤمون النادى والكل فى كامل بدلته المصنوعة من الصوف الإنجليزى وكان موقع النادى المطل على شاطىء النيل، يهيىء لهم "قعدات" رومانسية يتبادلون خلالها الحديث. بين دخان لفافاتهم المتصاعدة – عن ما يجرى فى مكاتبهم وعن أخبار ترقياتهم وبقية مشاغلهم الخاصة.
لذلك سعى معلموا المدرسة الصناعية إلى إيجاد دار خاصة للعمال من خريجى المدرسة الصناعية.
} [صفحة 19]

لابد أن "على محمد بشير" لم يكن لصيقاً بالحياة السياسية ومجرياتها فى تلك الفترة؛ إذ لم يكن على علم بما كان يجرى من تعاونٍ وتنسيق بين لجنتى "دار العمال الخرِّيجين" و"النادى السودانى" بهدف تنفيذ خطة الخرِّيجين فى خلق تيار عام للحركة الوطنية فى مقاومة الإستعمار. ذلك أن الأستاذ الذى كان يقدِّم له وزملائه دروس فى دار العمال لم يتحقق وجوده إلاّ بفضل هذا الصراع بين لجنتى دار العمال والنادى السودانى مع مصلحة السكة الحديد لتنفيذ خطة الخرِّيجين:

{ كان الأستاذ أحمد مجذوب شديد الحرص على مواصلة هذه الدروس التى إمتدت حتى سبتمبر 1946م وواكبت فترة الغليان السياسى الداخلى. أخصبت تلك الدروس عقول أولئك الشباب وأرهفت إحساسهم وأكسبتهم – إلى جانب عزم العمال وصلابتهم – حماس الطلبة وإندفاعهم. فمن بين شباب هذا الفصل الدراسى خرجت فكرة هيئة شؤون العمال وكان من بينهم أول مَنْ أشعل مظاهرة المولد المشهورة فى أتبرا أواخر عام 1946م.} [على محمد بشير - صفحة 33]

هكذا يتكشّف لدينا شيئاً فشيئا فى خلفية الـ"الباك سين"، الدور الرِّيادى فى نشوء "هيئة شؤون العمال" الذى قامت به لجنة "دار العمال الخرِّيجين"، وذلك من خلف ضباب كثيف غطى على دورهم ذاك حين كانوا أصحاب إنتماءٍ سياسىٍ لم يعد له وجود بعد ظهور هيئتهم للوجود، ضبابٌ من صُنع إنتماءاتهم السياسية اللاحقة، بعد نشوء هيئتهم، فحجب عن الأنظار دورهم ذاك الباكر المتعدّد الأوجه واللامحدود.

ياسر عبيدي
مشاركات: 1157
اشترك في: الخميس مارس 27, 2008 1:51 pm

الدور الرِّيادى للجنة دار العمال الخريجين

مشاركة بواسطة ياسر عبيدي »



إذا كان للإستعمار من حسنات فإن ما يأتى فى مقدمة هذه الحسنات هو الـ"Shock "، الصدمة التى تنبِّه المُستَعمَر بأن هناك إنسان يفوقه تطوّراً، فيدرك النابهين من المُستَعمَرين بأن ليس هناك من وسيلةٍ ناجعة أمامهم للخلاص سوى تملّك وإتقان عِلم مُستعمِرهِم، وقيل " سحره"، حتى يتسنّى لهم النهوض من وَهدة تخلّفهم ثم مقاومته والتغلّب عليه. ومن خلال ما عُرِضَ من وثائق فى هذا "البوست"، نجد أن نموذج المُستَعمِر التركى ظل فى المبتدأ سائداً فى السودان كمثلٍ أعلى يُحتذى حتى قُبيل وبُعيد تخرّج عبيدى من مدرسة الصنايع بعطبرة، كما بدا مظهره فى هذا النوع من الصور:

صورة صورة



ورغم أن الإستعمار الإنجليزى للسودان كان قد مضى عليه وقتها حوالى 40 عام، إلاّ أن النموذج التركى ظل مقاوماً للتحديث الأعلى درجة، ربما لأن " مرجعية المجال المُستَعمَر العربسلامية" كانت تسمح بذلك، إذ لم يتمكن السودانيون من التخلّص من إستعمار التُرك إلاّ بإبتداع نسخة من نموذجهم وتثويرها فكانت الفكرة المهدوية. لاسيّما وقد ساعد النموذج التُركى فى مقاومة التحديث الأعلى، إدّعائه تقديم حداثة أرقى من نموذج المرجعية الموروثة من عهد الفونج والثورة المهدية، وذلك بمحاولته تمثّل الحداثة الأوروبية من خلال التأثّر بإيطاليا أولاً، ثم تحوّله عنها عندما علم بوجود نموذج أرقى مُمثلاً فى فرنسا [1]. وإن بحثنا عن تبدّى نموذج الحداثة التركى المسنود بمرجعية "المجال العربسلامية للمُستعمَر" فى مجالٍ آخر غير المظهر، فإن الأبيات التالية من قصيدة عبيدى تقدم نموذجاً طيباً لذلك:


من وحى الهجرة

قف يا محرم واستمع شكوانا إنَّا نبثك فى صدقٍ بالايانا
تطل فى كل عامٍ كى تذكرنا عهد الأُلى ناصروا الإسلام إيمانا
وأنت ترمق فينا مطرقا أسفاً كأننى بك ترثى حالنا الآنا
تقارن الماضى
المثالى بحاضرنا شتان بينهما شتان شتانا
تقول ماذا دهى الإسلام ويحكمُ ما بال جمعكم بالحقد ملآنا
فلم يجبك سوى الآهات ننفثها والدمع نزرفه جزعاً وأحزانا
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
فاعجب من المسلمين اليوم كيف غدوا للدين هدماً وللإسلام خُزلانا
بنوه كالطود حتى قام مرتفعاً ونحن نهدمه زوراً وبهتانا
لم يبق فينا سوى
كاشانى نتبعه فاذكر محمد مع الإسلام كاشانا

........

لقد سئمنا حياة الذل فانتفضوا والروح فاضت إلى الحلقوم
فورانا
ليس الكفاح كلاماً نصطنعه ولا لفظاً للترديد أحيانا
ولا هتافاً مع الرقص نرسلها كى نُسكت الحق إهداراً وبطلانا
إن الكفاح نضالٌ صادقٌ وعرٌ وثورةٌ تترك المخضرَّ يبسانا


* الكلمات الملوّنة بالأزرق الفاتح غير واضحة فى الأصل.


صورة لوثيقة القصيدة كاملة

صورة
صورة



ولكن لاحقاً، عندما عركت التجارب وصقلت جيل عبيدى، خلعوا عن أنفسهم " بَرْدَعَة" النموذج التركى المتسربل بالحداثة، وتمثلوا النموذج البريطانى الأرقى عندما أدركوا أن فى إمكانهم، بل من الأجدى لهم، تملّك الحداثة من مصدرها المباشر:


صورة


وبنفس القدر، لم يتبدّى نموذج حداثة المستعمر البريطانى فى مظهر هذا الجيل فقط، وإنما فى أشعارهم كذلك. ورغم إن "مرجعية المجال المُستعمَر العربسلامية" كانت تستدعى إستخدام اللغة العربية لتوصيل الرسالة ولإحداث أثرٍ بين أوسع قطاع من المتعلمين، إلاّ أنه، وبدافعٍ مُستفزٍ من حداثة البريطان، تغيّر نَفَس هذه اللغة فجاءت مختلفة كثيراً عمّا كانت عليه وهى تعبّر عنهم من داخل النموذج التركى:


أرى اليــوم اخوان الصفا بنا حلّـوا فراح شـعاع الـنـــور فى وجهنا يجلو
و جـئتم لـنا و الحـزم يملأ قلبـكم و أرواحكم آيـات نــــــورٍ لنا تـتـلو
فأهـلاً بكم يا مَـنْ مـلكتم نـفـوسنا و يا مَـنْ هـجرتـم مـن أراديــكمُ ذلُ
ثـبـتـُم ثـبات اللـيـث يـوم كريـهة وحاك ورى اثـباتكم وقـفة الفـحـلُ
مـددتم أكـفاً كـى تنالوا حـقـوقــكم و طالبتموا الحق الصراح و ما سهـلُ
ألا فأنجزوا يا قومى ما فى نفوسكم و مَـنْ يعـترضكم سـاعة فـله الــويـلُ
و كـونوا مـعاً مهما تحكم جورهم فقد يَعـقـب المُـرَّ الشـديد جَنـْىُ النحـلُ
فلولا طموحُ النفس ما سُعـد إمرىء و لـولا هـناءُ العيـش ما شقى النـــملُ
فإن أنـصفـوا و أوفوا العـهود فإنه جـدير بـكم و الله يا قـومى مـن قــبلُ
و إن زمـروا و إستكبروا و تهوّروا فللله ألــــقوا الأمـر ثـم تــوكلــوا
فأنـتم رؤوس الــفــنِ فى كلِ حـاجةٍ و مـن سعيكم راح المـحارب يَحتـلُ
و لـولاكم ما نـالت الـنـاس راحـــة و جاها و فى أيـديكم الـربط و الحلُ
و أنتم مـنارُ الـقطر لو أقبل الدّجى فـلا تـخـشـوا بأسـاً أنتم الكل و الـكلُ



بل يبدو واضحاً، بعد مراجعة مسوّدة هذه القصيدة، أن هذا الجيل كان على إستعدادٍ تام للتخلّص من عقابيل حداثة التُرك المسنودة بـ"مرجعية المجال المُستعمَر العربسلامية"، حين نقرأ:

ونحن إذا سرنا ... نرى الخـ...ببة وبالعُربِ والأمجاد يربطنا الأصلُ

وهو البيت الذى بدا كما الزائدة الدودية فى هذه القصيدة، فلم يهتم الشاعر بإعادة صياغته وحذفَه تماماً من القصيدة فى صورتها النهائية. ولكن ثقل هذه المرجعية التى ناخت بكلكلها على المجال المُستعمَر منذ سقوط الممالك المسيحية، عاد مرةً أخرى فى أشعار آخرين من خلال ثقوب حداثة البريطان الأرقى والهشّة بسبب مدّة تأثيرها القصيرة، حين نقرأ:

دوحة العُربِ أصلها كرم وإلى العُربِ تُنسَب الفطنُ

على كلٍ، ليس جديداً القول - وإنما لمجرّد التأكيد فقط - أنه فى تلك الفترة الباكرة من الثلاثينات، حظى نموذج الحداثة البريطانى برواج بين مجموعات من المتعلمين السودانيين، وكان من بين هذه المجموعات مجموعة من عمال عطبرة الخرِّيجين. وبينما كان للحداثة التركية سندٌ مثّله قطب فى السياسة الإستعمارية للسودان وهو دوائر الـ"هوايتهول" [التى كانت تنظر للسودان من منظور إستراتيجى واسع تلعب فيه مصر الدور الأهم]، فإنه كان هناك سندٌ من قطبٍ آخر لنموذج الحداثة البريطانية فى هذه السياسة الإستعمارية مثّله الإداريون البريطانيون [2]. وإن أردنا دليلاً على أن هذا السَّند لم يكن فى المستويات العليا للإداريين البريطانيين فقط، وإنما كان ناشطٌ على المستويات الأدنى لهذه الإدارة وبالتحديد فى مجتمع عمال عطبرة آنذاك، فالنتأمّل هذا المشهد المذكور فى كتاب على محمد بشير لموكب عمال عطبرة عام 1948، والذى قام به العمال عقب حادثة الحريق الكبير الذى أضرمه أربعة عمال فى منطقة الزيوت، اُعتقل على إثره رئيس الهيئة سليمان موسى:

{كان بعض ملاحظى الورش، أذكر منهم المستر فيليبس ملاحظ الحدادين والمستر وولف ملاحظ البرادين. يقفون إلى جانب الطريق أثناء سير الموكب ويهزون بقبضاتهم تعبيراً عن تضامنهم مع العمال. } [صفحة 74].



ـــــــــــ

1) محمد على باشا كان فى البداية يعتقد بأن إيطاليا هى الدولة الأكثر تطوراً فى العالم، حتى فى مرحلةٍ من مراحل الإستعمار التركى كان كل طاقمه فى السودان من الإيطاليين، لاحقاً نبهه بعض مستشاريه للنموذج الفرنسى الأرقى من الإيطالى فبعث بوفوده إلى هناك بغرض التعليم ونقل احدث ما توصلت إليه فرنسا.

2) أنظر: "السودان أهوال الحرب وطموحات السلام"، منصور خالد ص 184.


أضف رد جديد