ح.الترابي والرحلة من"البأس"إلى البؤس:د. محمد محمود

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
عثمان حامد
مشاركات: 312
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:04 pm

ح.الترابي والرحلة من"البأس"إلى البؤس:د. محمد محمود

مشاركة بواسطة عثمان حامد »



حسن الترابي والرحلة من "البأس" إلى البؤس

1
عندما نال السودان استقلاله في مطلع عام 1956 كان حسن عبد الله الترابي في الرابعة والعشرين من عمره ومن المستبعد أن يكون قد خطر بذهنه حينها أن دوره السياسي في التاريخ الحديث لبلده سيبزّ الدور السياسي لآباء الاستقلال. إلا أن الترابي عاش وتفرّغ للعمل السياسي ليصبح عند لحظة موته السياسي المعاصر الذي ترك أعمق البصمات على واقع السودان حتى الآن وليمسّ تأثيرُ رؤيته وسياساته ورؤيةُ حركته الإسلامية وسياساتها كلَّ مواطن سوداني اليوم سواء كان هذا المواطن يعيش في السودان أم في المهاجر والمنافي.
ظهر الترابي أول ما ظهر كواحد من شهب سماء ثورة أكتوبر الشعبية، أعظم حدث في تاريخ السودان المعاصر بعد حدث الاستقلال. ولقد قدّرت شريحة المتعلمين دوره في أكتوبر وكافأته عليه إذ نال أكبر عدد من الأصوات في دوائر الخريجين في انتخابات عام 1965 رغم تعاطف وانحياز غالبية الخريجين لليسار الذي نال مرشحوه نحو 70% من المقاعد (كان من الواضح أن التصويت للترابي لم يكن له علاقة البتة ببرنامجه الإسلامي لأن المرشح الإسلامي الثاني الذي فاز، محمد يوسف محمد، أتى في ذيل القائمة).
وفي الفترة ما بين ثورة أكتوبر وقيام انقلاب نميري في مايو 1969 نجح الترابي في ترسيخ قيادته للحركة الإسلامية، وهي قيادة تميّزت منذ البداية باستقلالها السياسي عن حركة الإخوان المسلمين الأم في مصر، رغم أن الحركة الإسلامية السودانية ظلّت إلى حد كبير، وحتى الآن، تقتات على الزاد الفكري للحركة المصرية وتعتمد عليه. واستطاعت الحركة تحت زعامة الترابي الحركية والبراغماتية أن تصبح المقابل الموضوعي للحزب الشيوعي السوداني، فإن كان الحزب الشيوعي، رغم محدودية عدد عضويته، قد نجح أن يصبح القوة الأساسية المهيمنة وسط قوى اليسار السوداني بل ووجه هذا اليسار (وهو وضع لا يزال مستمرا رغم الضربات والقهر الذي تعرّض له الحزب الشيوعي)، فإن الحركة الإسلامية التي قادها الترابي، رغم قلّة عددها، ما لبثت أن أصبحت القوة الأساسية المهيمنة وسط القوى الإسلامية بل ووجه الحركة الإسلامية السودانية.
وبعد عام من انفجار ثورة أكتوبر نجحت حركة الترابي في تصدّر وقيادة حملة حلّ الحزب الشيوعي بدعوى أنه حزب يروّج للإلحاد وهي حملة انتهت بسرعة بحلّ الحزب الشيوعي وطرد نوابه من الجمعية التأسيسية في نوفمبر 1965. كان حلّ الحزب الشيوعي لحظة فاصلة في تاريخ السودان المعاصر أذ أنه كان بمثابة اللحظة التي حُقنت فيها السياسة السودانية بالسُّمّ الذي ظل يسري في أوصالها حتى اليوم ونعني به سُمّ الدين عندما يصبح جزءا من السياسة. صحيح أن المؤسسة الطائفية المتمثلة في السيدين الكبيرين عبد الرحمن المهدي وعلي الميرغني ظلت موجودة وفاعلة منذ فترة الحكم الاستعماري ولعبت دورا هاما أثناء فترة الكفاح من أجل الاستقلال، إلا أن الحركتين السياسيتين اللتين ارتبطتا بالسيدين (حزب الأمة والحركة الاتحادية) كانتا عمليا حركتين علمانيتين لم تستند برامجهما على الدعوة لدستور إسلامي أو تطبيق للشريعة (رغم المرجعية والسلطة الدينية للسيدين، خاصة في حالة السيد عبد الرحمن المهدي الذي قاد والده المهدي ثورة وطنية إسلامية فرضت أحكام الشريعة فرضا على السودانيين). وهكذا لم تنجح الحركة الإسلامية في تحقيق هدفها المباشر بحلّ الحزب الشيوعي فحسب وإنما نجحت أيضا في فرض خطاب وضع الإسلام في قلب السياسة السودانية وجرّت الحزبين الكبيرين من أنفهما لمواقعها، وهو تحوّل رسّخه صعود زعامة الصادق المهدي، ذي التوجهات الإسلامية القوية القريبة من فكر الإخوان المسلمين. ومن حينها أضحى هناك تحالف استراتيجي بين الحركة الإسلامية وحزب الأمة، وهو تحالف امتدّ خطابه ليشمل الاتحاديين ويكتسب بذلك سمة ما يطلق عليه الخطاب الإسلامي "وحدة أهل القبلة".
كان من الطبيعي أن يدافع الترابي عن حلّ الحزب الشيوعي ليس فقط بمنطق الإسلام وإنما أيضا بمنطق علماني يتحدث عن "دستورية" الحلّ. وكان دفاعه نموذجا محزنا للأكاديمي والقانوني عندما يسقط ويدافع عن القهر الفكري وحجر حرية التعبير على الآخرين، وهو سقوط وضع المفكر والسياسي الإسلامي محمود محمد طه إصبعه عليه عندما كتب: "ويمكن ... أن يقال إن الدستور هو "حق حرية الرأي" وأن كل مواد الدستور الأخرى، بل وكل مواد القانون، موجودة في هذه العبارة الموجزة كما توجد الشجرة في البذرة ... [إن] الدستور ... موجود بالجرثومة في الحقّ الأساسي – حق حرية الرأي – وما الجمعية التأسيسية إلا الظرف المناسب الذي يجعل شجرة الدستور، بفروعها، وعروقها، وساقها تنطلق من تلك البذرة الصغيرة." (زعيم جبهة الميثاق الإسلامي في ميزان الثقافة الغربية والإسلام، أم درمان: 1968، ص 13-14) لم يكن الترابي مشغولا بهذه القضية الكبرى وهي لم تشغله باقي حياته، بل ولم تشغل الحركة الإسلامية التي أصبحت منذ تلك اللحظة أكبر خطر على الديمقراطية السودانية وعلى الحريات على كل المستويات.

2
وعندما قام العقيد جعفر نميري ورفاقه من "الضباط الأحرار" بانقلابهم في مايو 1969 كانت كل الدلائل تشير إلى ما يشبه استئصال المشروع الإسلامي، فهذا انقلاب علماني يساري معادٍ لكل ما يمثله البرنامج الإسلامي وعلى استعداد لدخول مواجهة مسلحة مع قوى اليمين حتى ولو استدعى الأمر حصد حياة الآلاف كما حدث في الجزيرة أبا في مارس 1970. إلا أن السُّمّ الذي أطلقته الحركة الإسلامية أثبت مضاءه وأثره الباقي والبعيد وانتهى الأمر بنظام مايو بتبني الطرح الإسلامي ليصبح أول نظام بعد الاستقلال يفرض تطبيق عقوبات الحدود ويدشّن بتطبيقها أسوأ فترة لعنف الشريعة القضائي في التاريخ المعاصر للسودان.
استفاد الترابي من فترة اعتقاله في ظل نظام نميري وكانت فترة ذاخرة بالإطلاع والتثقيف الإسلامي إذ أن تكوينه الثقافي قبلها لم يكن يختلف عن تكوين معاصريه الذين نشأوا في ظل النظام التعليمي للاستعمار. صحيح أن عمل والده كقاض شرعي وخلفية أسرته الدينية ربما تكون قد أعطته ميزة إضافية، إلا أن تعليمه النظامي كان تعليما علمانيا وتخصصه الأكاديمي في دراسته الجامعية وفوق الجامعية كان تخصصا علمانيا. وهو بهذا التكوين التعليمي والتخصصي لم يكن يختلف عن الكثير من زعماء حركة الإخوان المسلمين. إلا أنه لابد أن يكون قد أدرك أن عنصر الثقافة الدينية والخوض في أمور الدين بدراية العالم شرط أساسي لمصداقيته السياسية كقائد لحركة إسلامية. هذه هي الفترة التي عكف فيها الترابي على إعادة صياغة نفسه وصورته ليصبح "مفكر" الحركة أيضا الذي يرسم حاضرها ومستقبلها.
عندما خرج الترابي من المعتقل عقب توقيع اتفاقية ما عرف بالمصالحة الوطنية كانت الرؤية واضحة في ذهنه بشأن ما يجب أن تفعله حركته للوصول للسلطة: التمكين المالي واختراق الجيش بالإضافة لتأهيل كوادر الحركة الإسلامية والتغلغل في أجهزة النظام والانتشار وسط قطاع الطلاب والشباب والقطاعات الجماهيرية. وتلقت الحركة الإسلامية دفعة من حيث لا تحتسب عندما انتصرت الثورة الإيرانية في مطلع عام 1979، وبدلا من أن يحلّ وضع ديمقراطي محل الشاه جاء الخميني وتحولت الثورة إلى ثورة "إسلامية". ورغم الطبيعة الشيعية للنظام إلا أن قيامه رفع معنويات الإسلاميين في كل أرجاء العالم الإسلامي وزاد من ثقتهم.
وتعزّزت ثقة الحركة الإسلامية عندما فرض نميري قوانين الحدود والقِصاص في سبتمبر 1983 والتي لم يجد السودانيون على يديها "سوى السيف والسوط"، كما عبّر بيان الحركة الجمهورية في ديسمبر 1984. تحمّس الترابي – الذي بايع النميري كإمام – لقوانين سبتمبر وساندها ودعمها هو وحركته بكل إمكانياتهم. وفي قمة حمّى تطبيق "شرع الله" فقد العشرات من فقراء المواطنين أيديهم أو أيديهم وأرجلهم تطبيقا لحدّ السرقة وتعرض عدد كبير من المواطنين لإهانة الجلد العلني تطبيقا لحد السُّكر أو مخالفات أخرى. وفوق كل ذلك، كانت الشريعة وسيلة فعّالة لتصفية خصم كانت الحركة الإسلامية وراءه لعقود وهو الشيخ المجدِّد محمود محمد طه. اُتهم طه بالردة – التي لم تكن مادة من مواد قوانين سبتمبر – وأُعدم في حفل إعدام علني، وهو إعدام حشدت له الحركة الإسلامية عضويتها الذين خرجوا وهم يهللون ويكبّرون. وكان تطبيق عقوبات الشريعة بقسوتها ولاإنسانيتها وإهانتها للكرامة بداية العدّ التنازلي لنظام نميري.
وفي هذا الظرف العصيب وجو الإدانة العالمية استبشاعا لعقوبات الشريعة ولإعدام طه انقلب النميري فجأة، وهو يستعد للذهاب لأمريكا لمقابلة رونالد ريقان، على الحركة الإسلامية ووجد الترابي وأتباعُه أنفسَهم في السجن بين عشية وضحاها. وربما كانت هذه الخطوة تسكينا للرأى العام الداخلي والعالمي عقب فشل تجربة الشريعة، وربما كانت تدبيرا استباقيا لانقلاب كان يعدّه الإسلاميون الذين ربما أحسّوا أن الظرف قد نَضِج وأن اللحظة قد أزِفَت وآن اقتطاف ثمرة السلطة. وكان هذ هو الظرف التي انفجرت فيه انتفاضة مارس/أبريل 1985، وقد كان توقيتها من حسن طالع الحركة الإسلامية التي ربما كانت على وشك أن تتعرض لضربة شبيهة بالضربة التي تعرّض لها الشيوعيون عقب انقلاب 19 يوليو 1971 الفاشل.

3
تميّزت فترة الديمقراطية الثالثة من أبريل 1985 إلى يونيو 1989 بشلل شبه تام وعدم قدرة على حسم أهم وأخطر مسألة وهي إيقاف الحرب الأهلية والوصول لاتفاق سلام، وكان ذلك بسبب دور الحركة الإسلامية التحريضي والرافض للسلام وتردّد الصادق المهدي المتحالف معها والواقع دوما تحت تأثيرها. ولقد استطاعت الحركة الإسلامية أن تلعب هذا الدور بفعالية لأنها أضحت ذات قوة مالية وتنظيمية وإعلامية غير مسبوقة وتعاظمت قدرتها على ابتزاز الحزبين الكبيرين. وعندما انقلب الترابي وحركته على الديمقراطية في ليلة الثلاثين من يونيو 1989 كانت الحركة قد أعدّت عدّتها كاملة لإدخال السودان في أسوأ كابوس في تاريخه المعاصر --- كابوس العيش في ظل نظام يجمع أسوأ استبدادين: استبداد الحكم العسكري واستبداد الدولة الدينية.

هذا الكابوس لم ينته بموت الترابي بالطبع وسيتواصل طالما ظلت الحركة الإسلامية في السلطة.
ولكن ماذا عن تقييم الترابي نفسه وتقييم ميراثه؟
أن هذا التقييم في غاية الأهمية للسودانيين (وفي تقديرنا للمسلمين في العالمين العربي والإسلامي) لأنه يتعلق بتقييم الحركة الإسلامية ودورها في حياتهم، بل ويتعلق في نهاية المطاف بالإسلام نفسه ودوره في حياتهم.

4
من الطبيعي أن يفخر الإسلاميون بالترابي لأنه كان صاحب التفكير الاستراتيجي والعزيمة السياسية الحديدية والكفاءة العالية التي نقلتهم من دائرة تنظيم محدود العدد والتأثير إلى حركة سياسية مؤثرة استطاعت انتزاع السلطة والاحتفاظ بها لما يزيد عن ربع قرن.
وقياسا على ما حققه الترابي ربما اُعتبر في نظر الكثيرين "ناجحا" بميزان السياسة. كان الترابي كسياسي "ميكافيليا" لا تهمّه إلا غاياته وعلى استعداد لاستخدام كل الوسائل لتحقيقها. وككل سياسي "ميكافيلي" لم يكن الترابي صادقا. وفي واقع الأمر فإن عدم صدقه يجب ألا يثير الاستغراب في حالته (أو حالة أي سياسي إسلامي) لأنه كان يعلم بلا شك من قراءته للسيرة أن محمدا أباح لأصحابه الكذب على أعدائه. ولقد نجح الترابي أن يصوغ حركته وقيادتها على صورته فأصبحت حركة "ميكافيلية" بامتياز. ولكننا لا نعتبر الترابي سياسيا ناجحا حتى بمقاييس "ميكافيليته". فميكافيليته جعلته ينقلب على الشرعية الديمقراطية الدستورية ويستعين بالجيش ليصل للسلطة ويفرض شرعية جديدة هي شرعية البندقية والعنف، ثم يتوقع بعد ذلك (كما توقّع عبد الله خليل قبله) أن رأس النظام العسكري سيسلّمه السلطة لقمة سائغة. والترابي في هذا لم يكن "ذكيا" أو "حكيما" وإنما كان "نرجسيا" اعتقد أن ما ينطبق على الآخرين لا ينطبق عليه. والترابي لم يتعلّم من دروس التاريخ وعِبره عندما عجز أن يرى ما سيفعله به أقرب تلاميذه الذين صاغهم وعجنهم بيديه إذ هجروه عندما واجهوا الخيار بين "القوي" و"الأقوى" فانحازوا للأقوى وأثبتوا بذلك نجاحهم الفائق في تطبيق ما لقّنهم إياه شيخهم ودرّبهم عليه. وإن شئت أن تلمس "نرجسية" الترابي وعدم "ذكائه" وعدم "حكمته" فإنك تلمسها في تصريحه في مايو 2011 بعد إطلاق سراحه عقب اعتقال دام مائة يوم عندما احتجّ قائلا إنه اُعتقل من دون أن توجّه له أي تهمة --- يقول رجل القانون والسياسي الذي انقلب على الضمانات الدستورية وداس على حكم القانون هذا الكلام وكأنه يعيش خارج الكابوس الذي صنعه.
ولأن الترابي صاغ الحركة الإسلامية على صورته كما أشرنا أعلاه فإنها أصبحت حركة ذات أفق قانوني محدود وبذا أصبحت إلى حد بعيد حركة "ذات قضية واحدة" هي قضية الشريعة وتطبيقها. وافتقدت الحركة أي "ضمير اجتماعي" وأي تعاطف مع الفقراء والمسحوقين والمهمشين وأصبح صوتها، وهي تواجه اليسار خاصة، صوت الدفاع عن الرأسمالية والمِلْكية الخاصة. ويبلغ هذا الصوت قمته في الدفاع عن العقوبة القرآنية لقطع يد السارق والسارقة، وهكذا يكتب الترابي في تفسيره للآية 38:5 (المائدة): " ... فهذا القطع إنما يقع جزاء بما كسب سارق أو سارقة، ونكالا يعتبر به ويتعظ وينكل عن العود لمثله من تسول له نفسه مثل ذلك الجرم من مدّ يده لنزع حق غيره تعديا على حرمة حرزه الخاص مستوليا على ما يبلغ نصابا بينته السنة قدرا معروفا ليقدّر من بعد منسوبا مقارنا لمختلف مستويات مبلغ المعاش الخالف. والله عزيز أنزل هذه العقوبة وكتبها على الناس فهو لا يقبل ظلم عباده وترويعهم وسرقة ثمرة عملهم وكسبهم الخالص، وحكيم بما نزل هذه العقوبة جزاء على جريمة السرقة ردعا لظاهرة العدوان على أحرازهم الآمنة وأموالهم المحفوظة." (التفسير التوحيدي، بيروت: 2004، الجزء 1، ص 505). وليس هذا معرض مناقشة تفاصيل عقوبة القطع أو غيرها من عقوبات الشريعة ولكنه معرض الإشارة إلى أن أفق ما يكتبه الترابي في دفاعه عن القطع وتبريره لا يتجاوز أفق كتب التفسير القديمة وأفق حجج الفقهاء في العصور السابقة.
هذا الموقف الفقهي المدافع عن الشريعة، وعن الحدود خاصة، والذي لا يقبل المراجعة والنقاش هو ما طبع موقف الترابي وحركته وأدّى لأكبر انتكاسة تشريعية في تاريخ السودان الحديث عندما فُرضت قوانين سبتمبر 1983. وقد اكتملت هذه الانتكاسة على يد الترابي عندما أصدر نظام يونيو العسكري الإسلامي قانونه الجنائي عام 1991 والذي يحوي المادة 126 التي تسلب المواطن السوداني المسلم من حريته الفكرية والدينية وتعتبر الخروج من الإسلام "ردّة" يُعاقب عليها بالقتل (لا ينطبق هذا على المواطن السوداني الذي يترك دينا آخر ويعتنق الإسلام). وفي واقع الأمر فإن مادة الردّة هذه هي إضافة الترابي الأساسية للقوانين السودانية وبصمته القانونية التي تركها.

5
لم يختلف انقلاب الإسلاميين عن أي انقلاب سبقه من حيث أنه أعلن صبيحة انتزاعه للسلطة تعليق الدستور وحلّ البرلمان المنتخب وحل الأحزاب السياسية. إلا أن الانقلاب اختلف عما سبقه في أنه أتى وهو يحمل رؤية شمولية "توحيدية" مصممة على إعادة صياغة السودان صياغة جديدة تزيل وتمحو تنوعه الديني والثقافي ليصبح التجسيد الأعلى "للمشروع الإسلامي" أو ما أطلق عليه النظام من باب التَّقِيّة السياسية "المشروع الحضاري". كان من الواضح للترابي أن حلمه الكبير قد بدأ بانتزاع السلطة بالعنف وأنه لا يستطيع ترسيخ أقدامه إلا بالإقصاء والعنف. وهكذا وفي الأسابيع الأولى فصل النظام وشرّد من القوات النظامية والخدمة المدنية ما يساوي أو يفوق عدد من شرّدهم نظام نميري على مدى أعوامه الستة عشر. وقفزت ومنذ شهور النظام الأولى "بيوت الأشباح" ليجد المئات من المتهمين بمعارضة النظام أنفسهم وهم يخضعون لأقسى أنواع التعذيب.
والسودان لم يشهد في حياته السياسية تعذيبا مثل الذي شهده منذ صعود الترابي وحركته للسلطة. أبرز الترابي قسوة لم تبرز عند أي سياسي سوداني آخر منذ الاستقلال ورأى في ذلك "بأسا" يمهّد "لتمكين" الحركة الإسلامية ويرسّخه. ولقد قلنا أعلاه إن عدم الصدق في حالة الترابي يجب ألا يثير استغرابنا لأن "خداع العدو" له فقهه الإسلامي المستند على النموذج النبوي، ونضيف هنا أن القسوة التي تصل حد التعذيب والقتل يجب ألا تثير استغرابنا أيضا إذ أنها تستند على لاهوت يصوّر الإله كإله معذّب يخاطب المؤمنين قائلا "قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم" وتستند على سابقة نبوية في التعذيب والقتل. وهكذا استباح الإسلاميون أجساد معارضيهم ضربا وتنكيلا وتعذيبا واغتصابا وإزهاقا للحياة.
وكان من الطبيعي أن تمتدّ هذه الاستباحة للجنوب الذي مثّل التحدي المباشر للحركة الإسلامية. ورأت الحركة في تحدي الجنوب تحديا آخر أكبر هو تحدي إفريقيا التي يصطرع على روحها الدينان التبشيريان الكبيران: المسيحية والإسلام (وهما دينان ينظران للثقافة الأفريقية بتعالٍ ولا يعترفان بأن أفريقيا لها تراثها الديني والروحي القديم الذي يجب أن يحترمانه). ورغم أن الحرب الأهلية بين الجنوب والشمال انفجرت عشية الاستقلال إلا أن انتزاع الإسلاميين للسلطة عنى تحولا حاسما في أوضاعها. فبينما أن الوصول لحلّ مع الاحتفاظ بوحدة السودان كان احتمالا واردا في ظل كل الأنظمة السابقة، إلا أن هذا الخيار لم يعد قائما تحت ظل نظام الإسلاميين. كان موقف الترابي وحركته بشأن التمييز ضد غير المسلمين وحرمانهم من حقوقهم الدستورية واضحا منذ عام 1968 عندما تمت مناقشة الدستور الإسلامي في جلسات اللجنة القومية للدستور حيث واجهه الأب فيليب غبّوش – رئيس اتحاد عام جبال النوبة – وسأله عما إن كان من الممكن لغير المسلم أن يكون رئيسا للدولة وأجاب الترابي بالنفي القاطع. ولقد كانت هذه اللحظة من اللحظات النادرة التي كان الترابي صادقا فيها (وهو صدق انتزعه غبّوش انتزاعا). وصدقُ الترابي هذا في الموقف من غير المسلمين ترجمته فيما بعد سياستهم تجاه الجنوب بعد انقلابهم.
كانت حرب الجنوب وضرورة دحر الحركة الشعبية هي أولوية نظام يونيو العسكري الإسلامي. وحوّل الإسلاميون حرب الجنوب لحرب دينية جهادية ودفعوا، لأول مرة في تاريخ الحرب الأهلية، بالمدنيين لأتون جهادهم. لم يكن أمام هذه الحرب الجهادية إلا خيار أن تنتصر فيفرض الإسلاميون إرادتهم أو تنهزم فينال الجنوبيون حريتهم. وبعد أن فقد السودانيون من جنوبيين وشماليين عددا لا يحصى من الضحايا وأدرك النظام عجز جهاده وعبثه كان لابد له من القبول في نهاية الأمر بحق الجنوبيين في تقرير مصيرهم. وعندما أُتيحت للجنوبيين الفرصة، لأول مرة في تاريخهم، لتقرير مصيرهم واختيار مستقبلهم كان من الطبيعي أن يختاروا الانعتاق من أسر الشمال واستعلائه واضطهاده وصوّتوا بإجماع مذهل لاستقلالهم.

6
وإن نجح الجنوبيون في الانعتاق من أسر الإسلام الذي يميّز ضد غير المسلمين فإن هناك وضعا موازيا لذلك رسّخته هيمنة الإسلاميين وسلطتهم ولم ينجح ضحاياه حتى الآن في الانعتاق منه، ونعني به وضع المرأة التي تعاني من تمييز الشريعة وحرمانها من حقّ المساواة. ولقد انتبه الترابي، بحكم تعليمه العلماني والفترة التي قضاها في الغرب، لأهمية قضية المرأة وأطلق بعض التصريحات التي توحي بمواقف مراجعة وإصلاح للشريعة. إلا أن هذه التصريحات يجب أن تُقرأ في إطار القراءة العامة للترابي كشخص تحرّكه في المقام الأول مقتضيات السياسة ويطلق التصريحات وعينه دائما على الكسب السياسي. إن الموقف الحقيقي للترابي وحركته تبرزه القوانين التي انحازوا لها وهم قد انحازوا لكل مظاهر التفرقة والتمييز ضد المرأة في الشريعة. ومن أخطر انحيازات الترابي انحيازه للعنف ضد المرأة. دعنا نقرأ تفسيره للآية 34:4 (النساء) التي تبيح للرجل ضرب زوجته "الناشزة". يقول الترابي: "واللاتي يسلكن نحو النشاز شذوذا وخروجا على القوامة والقنوت وحفظ الأمانة سلوكا يؤدي لذلك بما يرجح عند تقدير رقابة المؤمنين حول الأسرة وخوفهم، والخطاب ليس إلى الأزواج بل هو إلى المؤمنين وأولياء الأمور الخاصة في مجتمعهم عامة خطابا موصولا عبر الآيات السابقة، فأولاء الناشزات جزاؤهن الواقي الوافي درجات من التعامل من المؤمنين حولهن توافق درجات النشوز وأنماطه. فالنشوز المحدود قد يجدي معه الوعظ، والوعظ قد يكون من الزوج خاصة عند نشوز في الحياة المستورة للأسرة، وقد يكون أيضا من ذوي القربى أو الجيرة أو الصحبة للأسرة إذا بدا النشوز، والهجر في المضاجع جزاء للنشوز موكول للزوج فعلا فبينه وبينها فراش الزوجية لكن الناشز لن يجاب لها عندئذ قضاءً طلب الطلاق بسبب الهجر. أما ضرب الناشزات لمدى أبلغ من النشوز فتبين السنة أنه مكروه وإن وقع الضرب غير مبرح فلا حجة فيه للتقاضي المشهور إذ حياة الزوجية مهما تقع فيها مشادة غير بالغة خيرها الستر بابتلاءاتها. أما النشوز الذي يبلغ الفاحشة فإن العقاب يقع ضربا وجلدا قد يباشره طرف من الأسرة سترا لأمرها أو إذا بانت الفاحشة بالشهادة يتولاها المجتمع قضاءً، فمجتمع الذين آمنوا هو المخاطب بهدي الآية ... " (التفسير التوحيدي، بيروت: 2004، الجزء 1، ص 369-370). وهكذا فإن الترابي، رجل القانون، لا ينحاز فحسب لضرب المرأة وإنما يجرّدها أيضا من حقها في اللجوء للقضاء بدعوى ضرورة الستر.
ومن أبشع ما يمثّل العنف ضد المرأة تحت ظل رؤية الترابي وحركته مقطع الفيديو الذي صُور عام 2010 لجلد فتاة في ساحة عامة وهي تصرخ وتحاول حماية نفسها بينما يلاحقها سوط الجلاّد. هذا هو "القضاء الاجتماعي" الذي يُنَظِّر له الترابي عندما "يهتدي" مجتمع المؤمنين "بهدي" آية النشوز. ولحظة جلد هذه الفتاة التي انحفرت في الذاكرة الصورية للسودانيين كانت بلا شك من أكثر اللحظات التي هزّتهم بهمجيتها. ولكن ماذا عما أعقب هذه اللحظة؟ ماذا عن الثمن النفسي والاجتماعي الذي دفعته هذه الفتاة ودفعته أسرتها؟ هذا السؤال من نوع الأسئلة الذي لا تهمّ الترابي وحركته لأن همهم "كمؤمنين" ورسالتهم للسودانيين والعالم على مستوى القانون الجنائي هي بعث الشريعة وتحقيق "النكال" القرآني.

7
حاول الترابي واجتهد ما وسعه الاجتهاد أن يطرح نفسه كمفكر. ولا شك أنه كان يملك الإمكانيات التي كان من الممكن أن تجعله مفكّرا إلا أنه لم يكن يملك المؤهل الأولي للدخول لعالم الفكر ونعني به الإيمان بحرية الفكر والتعبير. إن من لا يؤمن بحرية الفكر والتعبير لا يمكن أن يكون مفكّرا بالمعنى الحقيقي للمفكّر. لا شك أن الترابي سمع بمقالة فولتير الشهيرة: "لا أوافق على ما تقول ولكنني سأدافع حتى الموت عن حقّك في أن تقوله"، إلا أنها على ما يبدو لم تحرّك فيه ساكنا؛ فالترابي كإسلامي لم يكن متعاطفا أصلا مع قيمة استنارية كهذه. وهذا الرفض لقيمة حرية الفكر والتعبير ليس سببا في أزمة الفكر الإسلامي الحركي فحسب وإنما أيضا في أزمة الإسلام نفسه كدين.
إن ما قدّمه الترابي كمشروع فكري لا يمكن أن يؤخذ مأخذ الجدّ الفكري إذ أن الترابي كان سياسيا أولا وأخيرا. إن دخوله عالم الفكر (وينطبق هذا على تلاميذه) هو مجرد استغلال لخطاب الفكر بقصد تمكين المشروع الإسلامي وإكسابه مسحة مصداقية فكرية. ولا نعني بقولنا هذا الانتقاص من قيمة كلّ سياسي ولا نعني به أن السياسي لا يستطيع أن يكون مفكرا ولا نعني به الانتقاص من قيمة كل فعل سياسي. قولنا موجّه ضد نوع معين من السياسيين وضد نوع معين من أنواع الفعل السياسي، ونعني به السياسيين الذين لا يدخلون السياسة من باب الخدمة العامة التي تُشاد على الحقوق الدستورية للمواطنين وإنما من باب التسلّط المناقض للمصلحة العامة والمنتهك للحقوق الدستورية. والفعل السياسي لهؤلاء السياسيين يصبح تدميرا منظّما لمجتمعاتهم.
والترابي في تقديرنا من النوع الثاني من السياسيين إذ لم يكن ديمقراطيا وإنما كان متسلطا، وهو في تسلطه استخدم قهر الدين وإرهابه الفكري واستعان بقهر المؤسسة العسكرية وقدرتها المدرّبة على القمع. إلا أنه تفوّق على من سبقوه في قهر السودانيين بأن أنشأ هو وحركته أقوى جهاز أمني وأكثرها استباحة لحقوق الإنسان وأسوأها سِجِلّا في تعذيبهم وامتهان كرامتهم ونشر الرعب والخوف بينهم.

8
مات الترابي بعد أن سلب السودانيين حريتهم الفكرية والسياسية وحقهم في التعبير والتنظيم وحقهم في انتخاب ممثليهم وبرلمانهم الحر.
مات الترابي وقد سلب مواطنيه من دستورهم وضماناته ومن حماية حكم القانون ليصبحوا خاضعين لسطوة جهاز أمن حركته وعسفه.
مات الترابي وقد أضحت السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية مسخا في أيدي الإسلاميين وأضحى مجموع جهاز الدولة مطية لتحقيق مصالح الطبقة الجديدة لمنسوبي حركته وإشباع شرههم في ظل نظام اقتصادي رأسمالي منفلت ومتوحش وغارق في فساد غير مسبوق.
مات الترابي والسودانيون يعيشون في ظلّ سيف الحدود الذي رفعه وتهددهم أقسى العقوبات وأكثرها إهانة لكرامتهم الإنسانية من رجم ومن قطع للأيدي أو قطع من خلاف للأيدي والأرجل ومن جلد ومن انتكاس لقوانين الانتقام والتشفي القائمة على مبدأ العين بالعين.
مات الترابي وقد فاقم مشروعُه وضعَ المرأة كمواطن من الدرجة الثانية ولعبت حركته دورا محسوسا في تردي قيم المجتمع السوداني وانحطاط موقفه من المرأة.
مات الترابي وقد ترك بلدا منكمشا بعد أن يئس ثلث سكانه من العيش في وطن يتساوى مواطنوه وخاصة في ظلّ مشروعه ومشروع حركته فقرروا الاستقلال.
مات الترابي ودولة مشروعه تحاكي دولة المدينة عندما انقلب أصحاب محمد ووجهوا عنف الإسلام على بعضهم بعد أن قضوا على المشركين، وهاهو نظام الحركة الإسلامية يعيث وسط مسلمي الشمال تقتيلا وسلبا واغتصابا للنساء في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق.
مات الترابي والغالبية الساحقة من مواطني السودان تعاني من فقر وإدقاع غير مسبوق في ظل انهيار وتردٍّ على كل المستويات وفجوة تتسع كل الوقت اتساعا مريعا بين الذين لا يملكون والذين يملكون.
مات الترابي وقد نجح نظامه في قتل أكبر عدد من السودانيين (وهو قتل لا يزال مستمرا) وفي تشريد
أكبر عدد منهم (وهو تشريد لا يزال مستمرا).
مات الترابي بعد أن حوّلت حركتُه السودانَ لبلد من أكثر البلاد انحطاطا في كل مؤشرات التنمية العالمية وأضحى بلدا تابعا فاقدا لسيادته وكرامته يتسوّل المال ببيع دماء مواطنيه.

9
من المؤكد أنه لم يخطر ببال الترابي وهو في عمر الرابعة والعشرين ووطنه يستقبل استقلاله بابتهاج وفرح ويَحْلُم بأنه سيكون بلدا ديمقراطيا ناميا ومتقدما (و"علما بين الأمم") بأنه عندما يموت في عمر الرابعة والثمانين سيكون قد ساهم أكبر مساهمة في العمل على تدمير حُلْم بلده وإيصاله لبؤس غير مسبوق وهو يحاول أن يبعث حُلْما آخر ينتمي للقرن السابع الميلادي.
إلا أن حُلم الترابي وحركته لم يكن أصلا حُلم الاستقلال ولا يمكن أن يكون حُلم السودانيين للمستقبل. ولعل أبلغ درس وعاه السودانيون على ضوء ابتلائهم بالترابي وحركته هو أن الإسلام ليس بحلّ لمشاكلهم وأن حلّ مشاكلهم يبدأ بالعودة لتحكيم الديمقراطية التي ستتيح لهم الجو الصحي لمناقشة مشاكلهم والبحث عن حلولها اعتمادا على عقولهم وعلى أرفع القيم وعلى احتياجاتهم وإرادتهم وليس استنادا على رؤية تدعي هبوطها من السماء.

للحصول على نسخة بي دي اف من هذا المقال يمكنكم الاتصال بـ
[email protected]

محمد محمود أستاذ سابق بكلية الآداب بجامعة الخرطوم ومدير مركز الدراسات النقدية للأديان
[email protected]
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

نذكر محاسن موتانا و بالعدم مخازيهم

مشاركة بواسطة حسن موسى »

محمد محمود كتب:[size=24
8
مات الترابي بعد أن سلب السودانيين حريتهم الفكرية والسياسية وحقهم في التعبير والتنظيم وحقهم في انتخاب ممثليهم وبرلمانهم الحر.
مات الترابي وقد سلب مواطنيه من دستورهم وضماناته ومن حماية حكم القانون ليصبحوا خاضعين لسطوة جهاز أمن حركته وعسفه.
مات الترابي وقد أضحت السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية مسخا في أيدي الإسلاميين وأضحى مجموع جهاز الدولة مطية لتحقيق مصالح الطبقة الجديدة لمنسوبي حركته وإشباع شرههم في ظل نظام اقتصادي رأسمالي منفلت ومتوحش وغارق في فساد غير مسبوق.
مات الترابي والسودانيون يعيشون في ظلّ سيف الحدود الذي رفعه وتهددهم أقسى العقوبات وأكثرها إهانة لكرامتهم الإنسانية من رجم ومن قطع للأيدي أو قطع من خلاف للأيدي والأرجل ومن جلد ومن انتكاس لقوانين الانتقام والتشفي القائمة على مبدأ العين بالعين.
مات الترابي وقد فاقم مشروعُه وضعَ المرأة كمواطن من الدرجة الثانية ولعبت حركته دورا محسوسا في تردي قيم المجتمع السوداني وانحطاط موقفه من المرأة.
مات الترابي وقد ترك بلدا منكمشا بعد أن يئس ثلث سكانه من العيش في وطن يتساوى مواطنوه وخاصة في ظلّ مشروعه ومشروع حركته فقرروا الاستقلال.
مات الترابي ودولة مشروعه تحاكي دولة المدينة عندما انقلب أصحاب محمد ووجهوا عنف الإسلام على بعضهم بعد أن قضوا على المشركين، وهاهو نظام الحركة الإسلامية يعيث وسط مسلمي الشمال تقتيلا وسلبا واغتصابا للنساء في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق.
مات الترابي والغالبية الساحقة من مواطني السودان تعاني من فقر وإدقاع غير مسبوق في ظل انهيار وتردٍّ على كل المستويات وفجوة تتسع كل الوقت اتساعا مريعا بين الذين لا يملكون والذين يملكون.
مات الترابي وقد نجح نظامه في قتل أكبر عدد من السودانيين (وهو قتل لا يزال مستمرا) وفي تشريد
أكبر عدد منهم (وهو تشريد لا يزال مستمرا).
مات الترابي بعد أن حوّلت حركتُه السودانَ لبلد من أكثر البلاد انحطاطا في كل مؤشرات التنمية العالمية وأضحى بلدا تابعا فاقدا لسيادته وكرامته يتسوّل المال ببيع دماء مواطنيه.



صورة العضو الرمزية
حاتم الياس
مشاركات: 803
اشترك في: الأربعاء أغسطس 23, 2006 9:33 pm
مكان: أمدرمان

مشاركة بواسطة حاتم الياس »

د. رفعت السعيد
بدأت علاقتنا مشتعلة كما هو متوقع.. فقد دعيت فى زمن قديم لأشارك فى
برنامج الاتجاه المعاكس بقناة الجزيرة قبل أن تنهار فى هاوية العداء
لمصر، والحوار مع حسن الترابي.
وبرغم أن الحوار مع رجل كهذا كان بالنسبة لى فرصة للاشتباك فلم أسافر
وجرى بيننا على الهواء هو فى الدوحة وأنا فى القاهرة، واشتبكنا اشتباكا
حادا أشعلته ناران نار سودانية فبعد الإعلان المبكر على غير المعتاد عن
هذا الاشتباك انهالت علىّ مكالمات من رفاق سودانيين من بقاع مختلفة ليس
السودان من بينها فقد كان البطش هناك طائشا وكل منها يهدينى تشجيعا
ومعلومات وأسماء وبيانات وجرائم يرتكبها النظام السودانى آنذاك حيث كان
الترابى المهندس الأساسى لمسيرة النظام وللانقلاب الذى أتى به، وبالمقابل
“وكما أبلغنى د. حسن الترابى فيما بعد” اتصل به صديقى العزيز الذى لا
أنسى صداقته مهما كان اختلافنا وخلافنا المرحوم عادل حسين الذى حذره بشدة
من “طول لساني” ومن استخدامى مفردات مثل التأسلم والإرهاب المتأسلم
والإرهاب يبدأ فكرا، واتصل القاسم صاحب البرنامج راجيا ألا أستخدم هذه
المفردات ورفضت وبعد إلحاح قلت له يتوقف على مجرى الحوار.
وبدأنا فإذا بالدكتور الترابى يأتى عاصفا مزودا بتاريخى السياسى فى الحزب
الشيوعى وبسجنى فى زمن عبدالناصر كدليل على وطنيتى وكان ردى عاصفا وحاول
القاسم الانحياز للترابى ليحميه فظل يقاطعنى فصحت به بينى وبينك هذا
الميكروفون ونزعته من الجاكت فإما أن تصمت وإما سألقى بالميكروفون فى
وجهكما وعند هذا ظهر الترابى مبتسما وقال عبارة غريبة “نختلف ولكن ليس
لهذا الحد” فعاتبته على عبارة قالها عندما عددت له بالأسماء والوقائع
عمليات اغتيال لطلاب جامعة الخرطوم الذين أضربوا عن الدراسة فى ذلك
الزمان فأعرض بوجهه بحركة مسرحية وقال “وأعرض عن الجاهلين.. صدق الله
العظيم” وردد هذه حيلة الديكتاتور المستبد العاجز عن الدفاع عما يفعل،
وبعد “ليس إلى هذا الحد” والعتاب من جانبى لنبدأ بمناقشة فكرة بعيدة عن
الوقائع اليومية فلعلها مليئة بالأخطاء فلماذا لا نناقش رأيك فى قيام
حكومة تعلى شرع الله، ولماذا تعارضها هل بسبب انتمائك الأيديولوجى أم هو
اعتراض مبدئي.
وقلت رأيى وأجابنى ببرود من شعر بألا جدوى للحوار مهما استطال، وما أن
انتهى وقت البرنامج حتى لحقنى بمكالمة تليفونية قال فيها أشياء غريبة فقد
تبدى مندهشا من أننا نحن الاثنان مثقفان عصريان وكلانا درس فى أوروبا هو
فى لندن ثم باريس وأنا فى ألمانيا، وكلانا يسعى لفهم حقائق العلاقة بين
الإسلام والمجتمع ونحن الاثنان على طرفى نقيض، فلماذا لا تزورنى فى
الخرطوم ونجلس معا نعصف البعض بما نعرف فانفجرت ضاحكا وسألنى فأجبت لقد
كتبت فيكم مقالا أزعجكم وكان عنوانه “هذا الجراد المرتدى زيا عسكريا”
فقال قرأته ولهذا أدعوك لترى بنفسك، وأعترف لك مقدما أننا ارتكبنا ونرتكب
أخطاء أنا لا أرضى عنها فقلت ومن يدريك أن أحدا ينتقم منى من ظهرك؟ فكان
الدور عليه كى يضحك ولكن ضحكة صارخة كضحكتي، ثم قال دعها للظروف فزيارتى
للقاهرة ليست يسيرة فى هذه الأيام.
.. ومضت أيام واختلف الترابى مع شركائه فى الحكم وأدخلوه السجن وأفرجوا
عنه وظل معارضا لكن الأهم أنه ظل مفكرا، يسعى نحو التلاؤم شبه المستحيل
بين حكم يرتدى ثيابا دينية وبين ديمقراطية وعدل.
ومضت سنوات حتى زارنى سودانى من رجاله وأعطانى مظروفا به كتاب للترابي..
كنا فى بداية 2004 والعلاقات مع الترابى من الجانب المصرى لا بأس بها
لكنه لم يأت، تأملت العنوان “السياسة والحكم.. النظم السلطانية بين
الأصول وسنن الواقع” وكعادتى قرأت ما هو مكتوب على ظهر الغلاف وقرأت
“يجدد الدكتور حسن الترابى مفهوم السلطان ويصله بالناس والشورى والمجتمع
مصدر الإجماع والسلطة فى الإسلام، ومهما انحرف التاريخ بالمصطلح إذ استبد
الفرد دون الشعب أو أخذ السلطة بالوراثة أو غصبها بالقوة أو بالانقلاب،
فإن بناء أنظومة الحكم الإسلامى لا يكون إلا بالحرية الأتم والشورى
الأوسع والعقد الاجتماعى المؤسس على الرضا والاختيار” ونحيت الغلاف لأبدأ
فى مطالعة الكتاب فأدهشنى الأهداء الذى جعلنى أتمنى أن ننفذ حلمنا القديم
بأن نجلس جلسات طوال منفردين ليعصف كل منا الآخر بأفكاره..
أما الإهداء فهو..
الأستاذ الدكتور رفعت السعيد
العقل المشتعل تحررا وتساؤلا.. سعيا أن
يسود العدل.. العدل كل هذا الكون
عزيزى حسن الترابي.. ألهبت الهموم والاهتمامات ظهورنا وغمرتنا الأحداث
بطوفانها ونسينا أن نحقق حلمنا باللقاء ونسيت أنا أن أشكرك على هذا
الإهداء الملهم، لقد استهلكتنا أحلامنا، فهل تقبل الآن شكرى لك واعتذارى
على تعسفى فى الحوار معك.
الاهالي
أسامة الخواض
مشاركات: 962
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:15 pm
اتصال:

مشاركة بواسطة أسامة الخواض »

يقول المقال في "الخاتمة":

"ولعل أبلغ درس وعاه السودانيون على ضوء ابتلائهم بالترابي وحركته هو أن الإسلام ليس بحلّ لمشاكلهم وأن حلّ مشاكلهم يبدأ بالعودة لتحكيم الديمقراطية التي ستتيح لهم الجو الصحي لمناقشة مشاكلهم والبحث عن حلولها اعتمادا على عقولهم وعلى أرفع القيم وعلى احتياجاتهم وإرادتهم وليس استنادا على رؤية تدعي هبوطها من السماء".

من الصعوية "تعميم" فكرة أن "السودانيين يعتقدون الآن أن "الإسلام ليس بحلّ لمشاكلهم وأن حلّ مشاكلهم يبدأ بالعودة لتحكيم الديمقراطية " ،لأن الممارسة الديمقراطية شابتها أخطاء فادحة.

هل لا بد من "أنوار" أو "تنوير" قبيل الديمقراطية وحركة إصلاح ديني؟

هل يمكن دمقرطة المجتمعات الاسلامية بدون حركة إصلاح ديني؟
أسامة

أقسم بأن غبار منافيك نجوم

فهنيئاً لك،

وهنيئاً لي

لمعانك.

لك حبي.



16\3\2003

القاهرة.

**********************************
http://www.ahewar.org/m.asp?i=4975
أسامة الخواض
مشاركات: 962
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:15 pm
اتصال:

مشاركة بواسطة أسامة الخواض »

عطفاً على تعليقي السابق حول موقع الدين في الدمقرطة

في حوار مع القارئات في "الحوار المتمدن"، قدّم الأستاذ كمال الجزولي ورقة بعنوان:
موقع الدين في فكر الشيوعيين السودانيين

وقد قام العبدلله بتوجيه السؤال التالي إليه:

هل ترى يا استاذ كمال ان التاريخ العالمثالثي يجب ان يمر بمراحل الحداثة الغربية، اي انه بدون عصر تنوير عربي واسلامي، لن نستطيع الحصول على حداثة مرضية على الاقل؟
هل بإمكاننا تأسيس حداثة -تحرق- المراحل التي مر بها نموذج الحداثة الأول أي النموذج الأوروبي الغربي؟ا

أدناه رد كمال الجزولي:

عزيزي الأستاذ أسامة الخوَّاض:

ما يحتاجه التَّطوُّر التَّاريخي العالمثالثي ليس مقصوراً على التَّنوير العربي والإسلامي فحسب. فمفهوم (العالم الثَّالث)، الشَّامل لأفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينيَّة، أوسع بكثير من الحضارة والثَّقافة العربيَّتين والإسلاميَّتين، بغضِّ الطرف عن تغيُّر وتبدُّل عناصر مصطلح (العالم الثَّالث) القديمة. ومن ثمَّ فإن مفاهيم وتطبيقات الحداثة في (العالم الثَّالث) تشمل معطيات عناصر حضاريَّة وثقافيَّة شديدة التَّعدُّد والتَّنوُّع. أمَّا المشترك الأساسي بينها فهو اختلافها، مجتمعة، عن معطيات عناصر الحضارة والثَّقافة الغربيَّتين، من جهة، وتفرُّد وتميُّز كلٍّ منها، على حدة، من جهة أخرى، داخل نفس الإطار العام لمعطيات عناصر الحضارة والثَّقافة (العالمثالثيَّة).

مفهوم (الحداثة) يتميَّز، بالضَّرورة، هو الآخر، نشأة وتطوُّراً، في (العالم الثَّالث)، عنه في (الغرب)؛ مثلما يتميَّز في كلِّ منطقة حضاريَّة وثقافيَّة في إطار نفس (العالم الثَّالث) عنه في غيرها من مناطق (العالم الثَّالث) الحضاريَّة والثَّقافيَّة. فـ (الحداثة) مصطلح فكري تاريخي دال على (ارتقاء) أمَّة ما، حضاريَّاً وثقافيَّاً، من العصور الأقدم إلى العصر الأحدث، ومن ثمَّ فهو حامل للسِّمات الأبرز في هذا (الارتقاء)، سرعة وبطئاً، سلاسة وعسراً، انسجاماً وتناقضاً .. الخ.

وفي منظور التَّطوُّر التَّاريخي الغربي، تحديداً، يدلُّ مصطلح (الحداثة) على بلوغ هذا (الارتقاء) المرحلة الأكثر تأخُّراً، أي المرحلة الرَّاهنة، القائمة في انفجار الثَّورة العلميَّة التكنولوجيَّة، مِمَّا انعكس في اندثار الأفكار القديمة، وتبعاً لذلك بروز تيَّارات جديدة، فكريَّاً، وسياسيَّاً، واجتماعيَّاً، ودينيَّاً، وجماليَّاً، وأخلاقيَّاً، بعد عبور جميع المراحل من عصر ما قبل التَّاريخ إلى التَّاريخ القديم، ثمَّ العصور الوسطى، فالعصر الحديث، فعصر ما بعد العصر الحديث، أو ما يطلق عليهما عصر (الحداثة)، وعصر (ما بعد الحداثة)، حيث عاد العقل الغربي يتشكُّك في النَّتائج التي بلغتها (الحداثة)، ويميل أكثر فأكثر إلى ضرورة مراجعتها.

أمَّا في (العالم الثَّالث) فإن دلالة مصطلح (الحداثة) قد انفصلت، بحكم (الاستعمار)، قديمه وجديده، عن منطق التَّطوُّر الذَّاتي لتاريخ هذه المناطق والشُّعوب، والتحقت بذيل حركة القوى الاستعماريَّة، من حيث الخضوع لها، وخدمة احتياجاتها في مختلف الجَّوانب، لتنتج مفهوم (التَّبعيَّة)، سواء خلال مرحلة (الاستعمار) المباشر، أو مرحلة (ما بعد الاستعمار).

لذا فإن ما ينبغي أن ينجزه (العالم الثالث)، أو (المستعمرات السَّابقة)، بوجه عام، ليس هو تتبُّع مراحل تطوُّر المتروبولات، مرحلة إثر مرحلة، حذوك النَّعل بالنَّعل، إذ لا يفضي هذا سوى لإعادة إنتاج عبثيَّة لمرحلتي (الحداثة) و(ما بعد الحداثة) الغربيَّتين، وإنَّما مراجعة تأثيرات (حداثة المتروبولات)، لمعالجة الكثير من آثارها السَّالبة التي تعمل على تشويه الشَّخصيَّة (العالمثالثيَّة)، وطبعها بطابع (الاستلاب)، وإعاقة صياغتها لمشاريع (حداثيَّة) تناسب أصالة تطوُّرها الذَّاتي. لذا أجدني متَّفقاً معك في ضرورة أن يحصل العرب والمسلمون، وغيرهم من تكوينات (العالم الثالث) القوميَّة، على عصر تنوير خاص بهم، قبل أيِّ حديث عن حصولهم على (حداثة) مُرضية، حسب تعبيرك.

أسامة

أقسم بأن غبار منافيك نجوم

فهنيئاً لك،

وهنيئاً لي

لمعانك.

لك حبي.



16\3\2003

القاهرة.

**********************************
http://www.ahewar.org/m.asp?i=4975
محمد سيد أحمد
مشاركات: 693
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 8:21 pm
مكان: الشارقة

دد

مشاركة بواسطة محمد سيد أحمد »

((ان من لايؤمن بحرية الفكر والتعبير لا يمكن ان يكون مفكرا بالمعنى الحقيقى للمفكر))

((ان ما قدمه الترابى كمشروع فكرى لا يمكن ان يؤخذ مأخذ الجد الفكرى أذ أن الترابى كان سياسيا اولا واخيرا))

الترابى كان وفيا لمشروعه السياسى وشيده على انقاض الفكر
الفكرة عند الترابى رهينة بما تقدمه فى سلم الصعود السياسى
أسامة الخواض
مشاركات: 962
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:15 pm
اتصال:

مشاركة بواسطة أسامة الخواض »

"لذا أجدني متَّفقاً معك في ضرورة أن يحصل العرب والمسلمون، وغيرهم من تكوينات (العالم الثالث) القوميَّة، على عصر تنوير خاص بهم، قبل أيِّ حديث عن حصولهم على (حداثة) مُرضية، حسب تعبيرك".

كمال الجزولي
أسامة

أقسم بأن غبار منافيك نجوم

فهنيئاً لك،

وهنيئاً لي

لمعانك.

لك حبي.



16\3\2003

القاهرة.

**********************************
http://www.ahewar.org/m.asp?i=4975
أسامة الخواض
مشاركات: 962
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:15 pm
اتصال:

مجلة الكلمة تنشر المقال

مشاركة بواسطة أسامة الخواض »

نشرت مجلة الكلمة الالكترونية لمؤسسها الناقد المصري المعروف "صبري حافظ"، مقال محمد محمود في عددها الحالي رقم 108،ابريل 2106.

________________________________________________________________________________________

مجلة الكلمة العدد 108 أبريل 2016 دراسات محـمد محمـود

يقدم الباحث السوداني المرموق هنا تقييما موضوعيا لمسيرة حسن الترابي، الذي غادر عالمنا مؤخرا، ولمشروعه السياسي، وكيف ساهم بفاعلية في العمل على تدمير حُلْم بلده بالاستقلال والحرية، وتمزيق أوصاله إلى جنوب وشمال، وإيصاله لبؤس غير مسبوق وهو يحاول أن يبعث حُلْما آخر ينتمي للقرن السابع الميلادي.
أسامة

أقسم بأن غبار منافيك نجوم

فهنيئاً لك،

وهنيئاً لي

لمعانك.

لك حبي.



16\3\2003

القاهرة.

**********************************
http://www.ahewar.org/m.asp?i=4975
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »


لدى الترابي التنظيم شيء مقدس
أذكر مرة بعد ، بعد انتخابات 1985 ، أن أقام مؤتمراً صحافياً ، وكان جالساً يهُزّ رجليه بلا ثبات . وقال ( نحن خُضنا الانتخابات عن طريق الكمبيوتر )
وقال أيضاً : حزب الأمة والحزب الاتحادي الديمقراطي ليسا أحزاب ,
كان تهديده الوحيد من محمود محمد طه ، كان يقول لدكتور جعفر ميرغني ( إن هذا الرجل سوف يسحب البساط من تحتنا ) لأن تخريجات الترابي عن المرأة سبقه إليها محمود محمد طه .
تمكن من التماهي مع المكيدة ، ووجه المغتربين المنظمين أن يصوتوا لدوائر بعينها في جنوب السودان . وكان أن فازوا بدوائر بأقل من 200 صوت .
كان التنظيم يستفيد من الثقوب في دوائر الخريجين ، فيذهب المنظمين في بصات مكيفة لكل مدن السودان ليصوتوا أكثر من صوت للخريج .
يستخدم التنظيم كل البدائل الاقتصادية ( للأسرة ) فيدع التنظيم أعضاءه بالمال وبتذليل الحياة الاجتماعية بالمال .
يتغير التنظيم من اسم إلى آخر ليجمع أية كمية من البشر ، ولكن التنظيم هو الذي يقود .
درّب التنظيم كل أعضاءه على حمل السلاح وكورسات في الأمن ، مهما كان العضو كهلاً . هو تهمه النتيجة ، بأي وسيلة لا تهُم .
لديه أنفة وكبرياء ويعتقد أنه مفكر سياسي إسلامي عظيم ، وأنه جاء على رأس قرن مُجدداً .
أما مُجددا ماذا فهو سؤال كبير
أضف رد جديد