و المجذوب

Forum Démocratique
- Democratic Forum
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

مهارب شنو؟[9]

مشاركة بواسطة حسن موسى »





مهارب شنو؟[9]


" ولولا أن اللورد كتشنر أفسد علينا حياتنا لكنت شيخا من المتصوفة.
وأرى أن لقب الشيخ هذا قد أصبح باهتا، وحل محله لقب الأفندي حينا،
ووراء هذا صراع أيام الإنجليز بين ثقافتنا العريقة النبيلة، والثقافة الغربية الوافدة.
وقبض الناس المرتبات، وأصبح لقب الأفندي منية التمني "

محمد المهدي المجذوب





الهروب الأنثروبولوجي :

قلت أن تنصيب المجذوب زعيما للهاربين يبدو كنوع من اللبس المفهومي الذي بذله أخونا الكبير،عبد الله علي ابراهيم ـ لشيئ في نفس لينين ـ فتلقفه آخرون و طرّزوا عليه و نسجوا ،و صنع منه النور حمد نظرية في تفسير مواقف المبدعين من قضية الحداثة السودانية في ساحة الفعل الإجتماعي. و إعتراضي على موضوعة الهروب قائم أولا على غياب القرائن التي تسندها في واقع التجربة الوجودية لهؤلاء المبدعين ،فلا شيء يسوّغ مقولة الهروب سوى تنويه محمد المكي ابراهيم الذي احتفى به عبد الله علي ابراهيم في مقالته "تحالف الهاربين".أما بقية شعراء الغابة و الصحراء، فليست هناك قرائن يعتد بها يمكن أن تدعم مقولة هروبهم.و تأويل رحلتهم الأوروبية كهروب يبدو لي نوعا من العسف المفهومي في حقهم ، ذلك لأنهم ،ببساطة ، عادوا للوطن و في حقائبهم شعر الرحلة الأوروبية كبرهان على إجتياز " طقس التأهيل" الإجتماعي كممثلين لطبقتهم. وأنا ميال لإعتبار تجربة السفر في شعاب اوروبا بالنسبة لهؤلاء الشعراء الشباب، كـ " طقس تأهيل " حداثي يعوّضهم عن طقس التأهيل التقليدي الذي لم يعد في متناولهم منذ أن أفسد علينا اللورد كتشنر حياتنا كما جرت عبارة المجذوب.و أنا استخدم عبارة "طقس التأهيل" في مدلولها الأنثروبولوجي في معنى أن الشخص اليافع ـ في المجتمع التقليدي ـ يحتاج لإجتياز نوع من إمتحان نفسي و مادي بنجاح حتى يصبح أهلا للقبول في الجماعة. و عند أبوريجين استراليا مثلا يعبر الصبيان البالغين لجماعة الراشدين من خلال إمتحان تضبطه جملة من الطقوس و الشعائر التي تعينه على مفارقة العشيرة و العودة إليها بعد عبور فضاء غريب ، محفوف بالمخاطر. و العودة للعشيرة تتوج بطقس استحقاق صفة الرجولة بفضل شجاعته و فطنته و صبره على الشدائد.و طقوس العبور في المجتمع التقليدي في السودان متنوعة لكن أولاد " مدرسة كتشنر" الذين فلتوا بشكل نهائي من مخاطرة مصاحبة القطعان في البوادي مع الرعاة أو مخاطرة " صيد الفيل" عند التعايشة أو مخاطرة الصراع عند النوبة أو حتى مخاطرة البطان في ريف وادي النيل ، جل هذه المخاطرات اضمحلت و تفتتت تحت قصف حداثة رأس المال: الرعاة فقدوا العلاقة القديمة مع القطعان و فيهم من أدركه التصحر أو الحرب او المجاعات، و صائدوا الأفيال صاروا مجرمون في حق التوازن البيئوي، تتعقبهم منظمات حماية البيئة الطبيعية و حرس الصيد المسلح بالمعاهدات الدولية ، و المصارعون صاروا ممثلون يلعبون دور المصارع في مسارح المدينة و المتباطنون أودى بهم اعلام العولمة فأشاحوا عن بنات القبيلة ليعرضوا رجولتهم لكاميرات الفيديو. و الحق يقال أن بنات القبيلة ما مقصرات لأنهن في شغل شاغل عن فولكلور الرجولة البائد.باختصار لم يعد أمام أولاد الغابة و الصحراء من سبيل للتأهيل سوى السفر بعيدا عن دفء العشيرة العربسلامية. أقول " أولاد " الغابة و الصحراء من باب التذكير بأن هذه الحركة الأدبية هي في جملتها و في تفاصيلها "حركة أولاد" لا مكان فيها للبنات، ربما لأن الشعر في خاطر هؤلاء الأولاد " الضكور"لا يكون إلا بين " الفحول"!.أو هكذا أرى إنتقال شعراء الغابة و الصحراء ،ضمن جغرافيا و تاريخ فترة ما بعد الإستقلال ، كشكل حديث من أشكال " طقس التأهيل" الذكوري.و هو تأهيل مرتجل مركب و غير مسبوق ،لأن القوم سافروا كغرباء في تيه البلاد الأجنبية ثم عادوا و هم أكثر غربة في تيه بلادهم الأم ،لأن أهل سنار، أهلهم، لم يتعرفوا فيهم على الشبان الذين غادروا فمسختهم الغربة وبدّلت هويتهم الآحادية البائدة بهوية جديدة إزدواجية تمازجية خلاسية لا محل لها من الإعراب في الحيز الثقافي السوداني المسكون بأعراق متعارضة متنافرة متحاربة. و الحوار الدائر بين الشاعر العائد و حراس سنار يمكن أن يقرأ كتعبير عن أزمة هذا الشاعر المهجوس بالعودة ، لكنه أمام باب مدينته المغلق مضطر لإتخاذ هيئة الضحية وخطاب المفاوض المساوم لحد الإستعطاف:

" ـ بدوي أنت؟
ـ لا .
ـ من بلاد الزنج؟
ـ لا."
" أنا منكم. تائه عاد يغني بلسان
و يصلي بلسان
من بحار نائيات
لم تنر في صمتها الأخضر أحلام المواني
كافرا تهت سنينا و سنينا
مستعيرا لي لسانا و عيونا.."
" و رأيت ما رأيت "
".. و سمعت ما سمعت"
"..و شهدت ما شهدت "
" و بكيت ما بكيت"
لكن حراس سنار لا يبالون بحجج هذا الطارق الغريب الذي يزعم أنه منهم و يستعجلهم أن يفتحوا له أبواب المدينة. لأنهم على كل حال يفتحون أبوابهم للجميع.
" إننا نفتح يا طارق أبواب المدينة
إن تكن منا عرفناك ، عرفنا
وجهنا فيك : فأهلا بالرجوع
للربوع.
و إذا كنت غريبا بيننا
إننا نسعد بالضيف نفدّيه
بأرواح و أبناء و مال
فتعال.
قد فتحنا لك يا طارق أبواب المدينة .."

استوقفني هذا المقطع من " النشيد الثاني" من أول مرة قرأت فيها " العودة إلى سنار"، لأني تعجبت من أمر هذا العائد الذي يجهل، أو يتجاهل ، خصيصة اساسية في ثقافة أهله : كرم الضيافة و العناية بالغرباء لحد بذل الروح و الأبناء و المال فداءا لهم من كل شر! فمن أين أتى هذا الشاعر الذي لا يعرف أهله؟

المهم يا زول، عاد شعراء الغابة و الصحراء
و غنموا في هذا الوطن إمتيازهم الأدبي و المادي الذي ما كانوا ليحلموا به في غيره .و إذا كانت العودة مرحلة ضرورية لإستكمال طقس العبور، فعودة الشاعر الوطني بمثابة ميلاد جديد في حجر الطبقة الوسطى الوليدة التي انتحلت لذاتها صفة أمة سودانية إفتراضية استنبطها الأدباء من قراءات أوروبيات مثل قراءة محمد عبد الحي الذي " رغب " ـ في عودته لسنار ـ.: أن يشكل في مصهر روحه ضمير أمته الذي لم يخلق بعد " .[العودة إلى سنار، الطبعة الأولى،ص 41]و حين يغني الشاعر في الغربة حنينه لأمه ولأهله و لدروب بلدته ، فهو يعلن عن رغبته في العودة كخيار لا نكوص عنه . ومشاعر الحنين الوطني هي، في نهاية تحليل ما، أفضل أشكال إنتصارالأدب على الأدباء ،لأنها قيد يمسخ من ينخرط فيه لحال الرهينة التي لا تطيق البعد عن الجمهور الوطني [ ترجم " الشعب" و قيل " الأمة"]الذي يقاسم الشعراء آمال وأوهام و أشواق الوطنوية الأدبية [ بعض التشكيليين و بعض الموسيقيين يفلتون من " عبء الرجل الوطني" الذي يثقل على الأدباء ،ربما بحكم طبيعة أدواتهم ،و هذه فولة تستحق التأني فصبرا ]

.أما المجذوب فهو، في حدود ما نعرف عن سيرة حياته و من واقع سجله الأدبي المبذول أمامنا، لم يهرب ابدا ، لا من مسؤوليته الإبداعية تجاه الأدب و لا من مسئوليته الإجتماعية في ساحة العمل العام السياسي.


لكن هذا الشاعر البوهيمي الهابط " من نسل البضعة الشريفة " ، فوق كونه ابن أهله المجاذيب، فهو أيضا بيروقراطي ينتمي لطائفة الأفندية التي صانت مؤسسة الخدمة المدنية و جعلت منها ذلك العمود الفقري الذي يسند موضوعة الوطن في مشهد المجتمع السوداني الحديث. و إذا كان هناك أي قاسم مشترك أعظم يعوّل عليه في الجمع بين المجذوب و شعراء الغابة و الصحراء، فهو قاسم الخدمة المدنية الذي يمكننا من إحالة شعراء الغابة و الصحراء و زعيمهم الروحي المزعوم لقدر الأفندي السوداني الذي يطلب المجد في مدارج خدمة الدولة. لقد عاش المجذوب في صدر العصر الذهبي لبأس الأفندية و عاش شعراء الغابة و الصحراء عجز ذلك العصر قبل أن تنحدر الدولة و خدامها في نهاية عهد النميري بفعل الأزمات المادية و السياسية و الروحية التي زعزعت المجتمع السوداني مع نهاية السبعينات.و هي زعزعة مركبة متعددة الأبعاد ، لأن أسبابها السياسية و الإقتصادية المحلية تتشابك مع الأسباب الدولية التي تمخض عنها جيوبوليتيك زمن الحرب الباردة. و حين استولى الأخوان المسلمون على السلطة السياسية في إنقلاب 1989 كانت الدولة السودانية قد بلغت أدنى درجات اضمحلالها فأجهزوا عليها و فككوا مفاصلها و غرروا بالشعب بمفاهيم سياسية انتهازية من شاكلة مفهوم " الجهاد" الذي زج بالبلاد في أتون حرب أهلية في الجنوب و الشرق و الغرب فضلا عن إنخراط السودان في مجموعة الدول الموصومة برعاية "الإرهاب" الذي سمم علاقات السودان الدولية، و مفهوم " الخصخصة " الذي سوّغ للإسلاميين الإستيلاء على مؤسسات القطاع العام ،أو مفهوم" التمكين" الطبقي الذي باسمه تم " تطهير" أجهزة الدولة من الكوادر غير الموالية لسياساتهم و تقديم مواصفات الولاء على الكفاءة في أجهزة الدولة .


و "الوجيع" الذي يبثه السودانيون اليوم في شأن دولتهم البائدة المفككة الأوصال، و التي ما زال السياسيون التقليديون يحلمون بتقاسمها بعد ذهاب البشير [ و لا عجب فهم من نسل الفقراء الذين تقاسموا النبقة!] ، هو وجيع بلا أساس موضوعي في منظور الواقع السياسي الراهن. وذلك لأن هذه الدولة السودانية العاجزة التي ما زال الإسلاميون فيها يتحدثون باسم السودان ، لم تعد سوى " عضو شبحي" يلهم الجسد الوطنيالإحساس بالألم في العضو المبتور حتى بعد مرور السنين على واقعة البتر و التئام الجرح. و لو ذهب نظام الإسلاميين غدا فأهل السودان مواجهون بأولويات بناء دولة حقيقية قادرة على القيام بأعباء الدولة في مجتمع ديموقراطي معاصر.هذه الدولة الجديدة التي ينبغي على السودانيين إختراعها على مقاس الأزمة السودانية هي دولة لا مرجع لها في التاريخ القديم و لا في التاريخ الحديث. لأنها "دولة مشروع" مفتوح على كافة الإحتمالات التي قد يرى أهل السودان أنها قد تفتح أمامهم الطريق نحو الأمن و التنمية و الديموقراطية. أقول قولي هذا و أنا واع بأبعاد الأزمة الكبيرة التي عصفت بمفهوم الدولة حتى في المجتمعات "المتقدمة" ذات التقليد الدولوي الممتد ، و جعلت المفكرين و المراقبين يتساءلون عن جدوى الدولة تحت الشروط المادية و الإقتصادية و السياسية و الرمزية التي يطرحها واقع العولمة.
و ما علاقة هذا الكلام بسيرة الشاعر المجذوب ؟مندري؟! لكني أنذرتكم بأن موضوع المجذوب مما يطول شرحه فصبرا حتى أعود.
سيد أحمد العراقي
مشاركات: 624
اشترك في: الأحد يونيو 21, 2009 11:44 pm

مهارب المبدعيين... أم ريادات وطنية غير واعية؟ ...

مشاركة بواسطة سيد أحمد العراقي »

منقول من سودانايل


[b][font=Tahoma]مهارب المبدعيين... أم ريادات وطنية غير واعية؟ ... بقلم: طاهر عمر

في محاولة الدكتور النور حمد في سفره مهارب المبدعيين نجد مراوغة النخب وحوارها لنفسها كما حوار الصحراء لأطرافها كما أورد الروائي الليبي أحمد أبراهيم الفقيه. الهدف من كل الحوارات هو الأحتفاظ بالأفضلية دون تحمل المسؤولية ودون تقديم أي جهد يدل علي الافضلية للأقلية الخلاقة. لذلك نجد أن المقدمة للكتاب تمتاز علي الكتاب وتبزه لان الكتاب لا يقوم علي فكرة لأحد من سماهم الدكتور بالهاربيين.
فالمقدمة لكتاب دكتور النور من قبل الأستاذ عبدالله الفكي البشير أدخل بها كتاب دكتور النور الي الكتب التي تعتبر مقدمتها تكاد تبز الكتاب نفسه كما مقدمة نقض العقل المحض ومقدمة أبن خلدون ولكن مقدمة نقد العقل المحض قد خطها قلم المؤلف نفسه وكذلك الحال مع مقدمة إبن خلدون.
وطبيعي أن يجد جهد الدكتور النور حمد الإستقبال الحار مع الفارق الذي يضر بالكتاب أكثر من أن يرتفع بالكتاب الي مدارج النقد الذي يرتقي بمسار الحركة الأدبية في مسارها ومع تحديد إتجاهها الصحيح. وهذا يدل أن الدكتور قد أكد علي أستمرارية الكسل الذهني للنخب وساعدهم علي أن يرقدوا عافية كما يردد الشاعر أسامة الخواض.
من من شعراء النور الهاربيين قد جاء بالجديد وأحتاج إنتاجه أن يفتح الباب لحقبة غير مسبوقة بعهد؟
فدكتور النور في كتابه مهارب المبدعين قد جسد حالة الوصف الذي يعتبر أول العلم. ففي كتاب النور يظهر إضطراب محمد المهدي المجذوب في مسألة مريسته كما اضطراب صلاح أحمد إبراهيم في خمرة باخوس. ماذا ينبغي أن ينتظر المجتمع من شعراء بهذا الإضطراب والضعف في تحدي أنفسهم هم كشعراء؟ إذا كان هاربين الدكتور النور حمد لم يستطيعوا حماية أنفسهم من مجتمع يحتاج لمساعدتهم فكيف ننتظر منهم أن يقدموا للمجتمع ما يصلحه. فشعراء النور ضحايا ضعفهم وضعفهم نتيجة لغياب المعرفة الحقة.
الهاربون اليوم كثر من المبدعين. فهناك الذين يبنون نقدهم علي المطلق في زمان النسبي. فمثلا, مازال الدكتور حسن موسى يظن حينما يتكي على فكرة إنتهاء الصراع الطبقي قد سبر غور الماركسية. وقد فات علي الدكتور حسن موسى كما يوضح ناقدي الماركسية - الذي فات على ماركس نفسه- من تطور في جانب الفردانية. وهذا ضعف ملازم للدكتور حسن موسى يساوي ضعف المبدعين الهاربين لدكتور النور حمد. ففي زمان يتحدث المفكرون عن الحكومة العالمية وفكرة الإقتصاد الإيجابي تجد مثل الدكتور حسن موسى يتحدث عن الماركسية من منازلهم حاله كحال محمد المهدي المجذوب في إضطرابه الذي جعله يتوج كاهن الغابة والصحراء في زمان قد شغلت العالم هموم قد تجاوزت ذكاءهم الذي إنحصر في التفلسف علي أطار المحلي.
أري أن كتاب النور يحمل عنوان لم يتضمن معناه. داخل الكتاب تحدث عن شعراء ولم نجد إي عرض لنظريات سياسية ولا إقتصادية ولا تاريخ إجتماعي يجسد واقع الحال. بحث النور ومحاولة حسن موسى لنقد كتاب النور تجسيد لطريقة إدوراد سعيد وهو ابن عم لهما في التخصص في نقد الموسيقى. لذلك جاء كتاب الإستشراق لإدوارد سعيد خادم للإسلاميين أكثر من خدمته للتنوير. وكما يقول مأمون فندي هذه مشكلة ادوارد سعيد باحث بلا رخصة فهو يذبح "كيري". كذلك كان حال الدكتور النور حمد عندما تحدث عن شعراء ووضعهم في خانة الإجتماعيين والسياسيين والاقتصاديين ويريد منهم مجهود السياسيين والاجتماعيين أو الإقتصاديين, أو قل أدبا لا يتردد أحد في مناداتهم- بسبب رفعته-بالفلاسفة كما ألبرت كامي او سارتر. الدكتور النور بهذا الجهد قد ساعد على التطفيف الذي تمارسه النخب غير الواعية في السودان من حيث لا يدري وكذلك الدكتور حسن موسى.
التجاني يوسف بشير لم يستطع إنقاذ نفسه وكذلك معاوية محمد نور. فمثلا شيلي كشاعر لم يرضخ الي ضغوطات الكنيسة ولا سلبيات المجتمع وإستكانته. فقد دافع عن أفكاره وأخرج أفكاره التي تتحدث عن ضرورة الإلحاد كتحدي للكنيسة. أين شيلي من محمد أحمد محجوب الذي تسيطر عليه فكرة هيمنة الثقافة العربية والإسلامية بكل معاناتها من صدمة الحداثة؟ بل هو نفسه أي المحجوب ضحية عدم وعيه بأن فكره ماهو إلا ردة فعل لصدمة الحداثة للعالم العربي والإسلامي الذي يقض في نوم عميق منذ الاف السنيين. لم نر من مبدعي النور أي اشارة تدل على انهم إستوعبوا أن عهدهم ليس مسبوقا بعهد ويبنغي مواجهة قضاياه بفكر يقوم علي مرتكزات الحداثة التي أصبحت كشاف للبشرية. لذلك لا نستغرب أن نجد محمد ابراهيم الشوش - حارس الدولة الدينية وكاهنها- يستدل بأشعار شيلي صاحب أفكار ضرورة الإلحاد كاستعراض يضع الشوش في مقام لم يبارح فيه مقام النقد التاثري ايام طه حسين والعقاد. وهل يختلف عنه النور حمد الذي يرى في شعراء الهروب من قضايا مجتمع لم يمتلكوا أدوات لحل معضلاته ولا فلسفة ولا أدبيات السياسة أوالإجتماع أوتاريخ الفكر الإقتصادي؟
أما حسن موسى منتقد النور حمد متوكئ علي الماركسية كما موسى وعصاته. الفرق بين النبي موسى ان عصا موسى قد افرقها من الفهم الفرعوني للعصاة وأدخلها في تحدي الثقافة الفرعونية, أما حسن يستخدم العصاة ضد فرعون بنفس مدلولها عند فرعون نفسه. وهنا نجد ان موسى مبدع هارب وعاد بالجديد الذي يتحدى القديم حينما هرب بعد ان قتل المصري وذهب الي الصحراء وعاد بالجديد وحسن يقول في نقده للنور أن الهارب لا يعود. فالهارب يعود ياحسن بالجديد أما الهارب الذي لا يعود فهو الذي لا يمتلك أي جديد وهذا حال أنتظار النور للحل من شعراء ليس لهم أدوات لحل قضايا المجتمع. فحال النور كحال الذي ياتي ولا ياتي كما يقول عبد الوهاب البياتي.
وهنا نقول ان الذي ياتي من مبدعي النور الهاربين هو الذي ياتي او المتوقع ان ياتي من المجتمع السوداني اي المبدع الشاعر الذي لم يمتلك ادوات حلول لمشاكل المجتمع. او الشاعر المبدع المضطرب مثل حالة صلاح في خمرة باخوس وخوفه من غضب الآلهة او تمني المجذوب ان تكون له القوة ان يستطيع ان يشرب خمر الزنج وتميد رجليه بالرباب وهنا يظهر بؤس المجذوب وصلاح احمد إبراهيم. هنا يعكس كل منهما نفسه كضحية لا حيلة له. فاي شئ ننتظره من الضحية الذي لايستطيع إسعاد نفسه دون تبكيت ضمير بعكس شيلي حينما صرح بضرورة الإلحاد و لم يعكس نفسه كضحية؟
إن مبدعي النور لم تكن لهم قضية او نظرة للوجود كحال ابي العلاء المعري و هو يعتبر تنويري. وكشيلي الذي لم يستطع تاريخ الفكر الإقتصادي تجاهله, أو كشارلس ديكنز في قصة مدينتين, أو هولدرليين في أشعاره التي تنوء بالفلسفة التي عكسها الفيلسوف هيغل في فينومونولوجيا الروح حتي اصبح مشاعا أن الفلسفة والشعر لم يتجاورا في أي يوم من الايام كما تجاورتا في ِعهد هولدرليين وهيغل. فالفيلسوف هيغل كان ممسك بيد الشاعر هولدرليين ولم يتخل عنه إلا حينما سقط نهائيا في ليل الجنون!
أين الفلاسفة الذين يمسكون بأيدي الشعراء في السودان. ثم ياتي النور منتظرا الخلاص من شعراء احوج للشفقة لانهم عكسوا أنفسهم كضحايا! ماء الصخرة كقصيدة لهولدرليين كانت الدرة التي يبحث عنها الفيلسوف هيغل فاين الفيلسوف المصاحب لشعرائنا الذين يعكسون ألامهم السلبية كما يقول الشاعر بابلونيرودا؟ فشعراءنا عاشوا علي الذهني الذي انطفاء دون أن يبلغ المعاش في حيز المكان. لان العقل السائد عقل التجريد الذي يرفع الإنسان عن واقعه المعقد في وقت يحتاج واقعنا الى التراجيدي الذي يجسد حالة الأنسان أمام سؤال الوجود.
مثلما قال رينيه شارل ان زماننا لم يكن مسبوقا بعهد او كما جاء بودلير بالجديد في ازهار الشر, او كما تألق ارثور رمبو في الزورق السكران وترك الشعر كما لم يتركه شاعر من قبل. فالشاعر الذي لم يعكس نفسه كضحية - كحال مبدعي النور حمد- يقول لمجتمعه بعد أن يتحدى عقل مجتمعه الجامد ها قد مهدنا لك فأبصر. فهل مهد لنا شعراءنا لكي نبصر؟ بالتاكيد لا, لان الفيلسوف غاب عن حقول شعرهم عكس حالة الفيلسوف فردريك نيتشة الذي لم يتعرف عليه الفرنسيون إلا كشاعر حتى عام1943 وبعدها عرفه المثقفون الفرنسيون كفيلسوف.
ففردريك نيتشة لم يعجب إلا بالقليل من الفلاسفة والشعراء عبر التاريخ الذي تجسده المغامرة الكبرى للإنسانية. فمثلا نجده يذكر جوته ودوستفسكي وفولتير ويكره فلسفة إيمانويل كانت ويصفه بأنه رجل دين متدثر بثياب الفلسفة ويري في فلسفة كانت الإنحطاط يمشي علي قدمين إثنين! لماذا أحب نيتشة فولتير إذن؟ لأن فولتير هرب وعاش لاجئ ياحسن موسى وعاد وكان يسمع صوت هدير الثورة الفرنسية وكان لا يغشاه الشك في أن التغيير قادم وأن الكنيسة الى زوال وأن الكتاب المقدس سيكون مكانه الرفوف. فأين فولتير من شعراء الغابة والصحراء الذين انتصروا للثقافة العربية الأسلامية في السودان؟ وكانت الغابة والصحراء تجسد أعراض الحمل المؤلمة بخطاب الإسلام السياسي- الخطاب الديني المنغلق- وبالانحطاط الذي يتجسد بسبب غياب النقد الأدبي الذي يحدد إتجاه الحركة الأدبية. وأين فولتير من مبدعي النور حمد واين فولتير من صلاح والمجذوب الذين عاشا في إضطراب؟
يصر الدكتور النور حمد على الإتيان بمبدعيه من مهاربهم ويجعلهم كسحر الحياة خالدا لا يزول. وفي جميع المجتمعات تتعاقب الأجيال في مشهد مهيب في إنتاج الفكر. فمثلا, في فرنسا بمجرد وصول احدهم للقمة, بسرعة يحل أحدهم محله إلا عندنا في السودان يتحدث النور عن مبدعيين قريبا سنتحدث عن مئوياتهم. الناصر قريب الله من مواليد1918 مازال هولاء في القمة في بلاد يسود فيها الكساد الفكري. فبدلا من ان يجتهد هو - أي دكتور النور حمد- ليقدم ما يحتاجه المجتمع السوداني اليوم, يتحدث عن مهارب المبدعيين! والتيجاني كذلك قد مرت مئويته!
أما المحجوب رغم أنه انتقد طه حسين وراى في كتاباته أنفاس أناتول فرانس ولكن المحجوب نفسه إرتضى أن يخدم الطائفية وكان من الذين قد أسسوا لهيمنة اللغة العربية والثقافة الإسلامية بشكل يضعه في مقام واحد مع الريادات الوطنية غير الواعية التي لا تري في التنوع وإحترامه المدخل لحوار الثقافة العربية والإسلامية في حوار مع بقية الثقافات دون أن يكون هدفها الهيمنة على الثقافات الأخرى بسبب الزعم بأنها تمتلك الحقيقة كاملة. ينتقد محمد أحمد محجوب طه حسين إلا أن طه حسين يمتاز عليه بأنه قد كان له مشروع نهضوي- رغم أن الزمان قد تجاوز مشروع طه حسين النهضوي- فأين مشروع محمد أحمد محجوب من مشروع طه حسين؟
يفخر الاوروبيون بأنهم ورثة العقل الإغريقي والروماني. والعقل الإغريقي والروماني منبعث من أساطير الإغريق ومجسد حيل العقل ومكر التاريخ لذلك مازالت للفكر الأوروبي نوافذ يطل بها علي أسئلة الوجود. فألبرت كامي في العبث الفعال إنتصر للحياة! وفي كتاباته جعل الإنسان مواجها لنفسه لذلك لم يستسلم أبدا فكان وحيه من أسطورة سيزيف جاعلا منها صورة لحياة الإنسان العادي وفيما يقابله في الواقع اليومي المعاش. فحكم الآلهة لا يشغل سيزيف من أن يستمتع بالحياة. ففي صراعه للصخرة وتدحرجها من القمة متعة الحياة عند سيزيف ريثما يعود الى الأسافل ليعاود الكرة. ومبدعي النور لايستطيعون إسعاد أنفسهم دون تبكيت! أولم يحن الوقت الي مفارقة الخطاب التجريدي غير المكافئ للحالة الإنسانية التي تحتاج الي التراجيدي كما في أبداع ألبرت كامي.
ذات يوم كان السودان جزءأ من العالم القديم وجزءأ مؤثرأ في ثقافة البحر الأبيض المتوسط أيام الفراعنة السود. يستطيع الشعب السوداني الأخذ من تراث الإنسانية وخاصة في زماننا هذا حيث يتحدث العالم عن الحكومة العالمية وفكرة الإقتصاد الإيجابي. وسوف لن نستطع الإنسجام مع العالم إلا إذا إستلف السودان جزءا مما أعطاه الى تراث الإنسانية أيام كان الفراعنة السود جزء فعال في العالم القديم أي أيام ثقافة البحر الأبيض المتوسط. فالفراعنة السود كانوا أمة ذات قوة وشدة ودوس. ليسوا ضعفاء ينتابهم تبكيت الضمير من فكرة البحث عن السعادة كصلاح في ي امريا وخمرة باخوس, أوالمجذوب في تمنيه شرب خمر الزنج وارجل تميد بالرباب! فمن تراث الإنسانية يستطيع الشعب السوداني الإنتصار على الخطاب التجريدي الذي يقيد صلاح والمجذوب والمحجوب. ولكن أوروبا لم تفتخر بانها وريثة العقل الإغريقي الروماني إلابعد غربلة التراث والإنتصار علي الكنيسة التي حكمت لألف عام.
اليوم العالم يتخلق ليولد من جديد ويمكن أن نقول أننا نسير باتجاه نقاط الأنقلاب حيث يولد الفلاسفة والحكماء والأنبياء كما يقول المؤرخ البريطاني أرنولد توينبي. فعلي الشعب السوداني أن يبتدر محاولة العمل الهادف بوعي يسوق شعوب السودان باتجاة مسيرة الإنسانية بدلا من إنتظار من يأتي من مهارب المبدعيين.
يذكرني كتاب النور بقصة عنترة وهل غادر الشعراء من متردم, ولكن رغم هذا السؤال جاء عنترة بالجديد في كل بيت من معلقته ذات الثمانية وتسعين بيتا وهذا ما جعلها تختار كمعلقة. ولكن في مهارب المبدعيين لم نر الجديد الذي أتى به عنترة! بل راينا القسور الذي يحجب التلازم مع فكرة الإنسان المتفوق, لذلك كان حال مبدعي النور بائسا يجعل فردريك نيتشة يضحك من بؤسهم, بل يصفهم بمروجي فلسفة العبيد.
ولكن مهلا ففردريك نيتشة قد ضحك من سقراط وإفلاطون في عالمه المثالي فما بالك من شعراء كصلاح أحمد ابراهيم ومحمد المهدي المجذوب- مضطربين لا يستطيعان إساعد نفسيهما دون تبكيت ضمير. فردريك نيتشة يرى في الثقافة اليهودية والمسيحية الأم الشرعية لترويج ثقافة العبيد. فكذلك يرى في الثقافة الإغريقية بتعدد آلهتها الحقبة الذهبية. إذا أمعنت النظر تجد أن محمد المهدي المجذوب ,حينما يتمنى أن تكون له القوى أن يشرب خمر الزنج وتميد قدميه بالرباب, يوافق فردريك نيتشةعلي فترة الحقب الذهبية ولكن يفتقر للشجاعة التي يسبقها الراي التي يمتاز بها فردريك نيتشة!
والحقب الذهبية التي تقابل عوالم فردريك نيتشة عندنا تقابلها أساطير الخصب في حضارة الفراعنة السود في السودان. ونفس أساطير الخصب عند الفراعنة السود الكامنة في أعماق صلاح أحمد إبراهيم قد أعانته ودفعته دفع أن يمتدح خمرة باخوس ولكن بضعف إكتسبه من الثقافة العربية الإسلامية وموقفها من الخمر وأساطير الخصب. فردريك نيتشة كمبدع هارب عاد بالجديد الذي إنتقد العقل وقد أصبحت أفكاره مهدا لكل أفكار مابعد الحداثة.
بالعكس نجد أن مبدعي الدكتور النور حمد ,دعك من أفكار مابعد الحداثة, بل صدمة الحداثة, جعلتهم بهذا الضعف والوهن الذي جعلهم يطرحون أفكارا ترتكز علي الدين والعرق في مواجهة الحداثة كتشنجات مآلها الزوال ولكن مازال ضجيجها عاليا في خطاب الإسلاميين والعروبيين والطائفية ومدرسة الغابة والصحراء وفكرة الإحياء وفكرة أهل القبلة وفكرة الوسطية.
فمبدعي الدكتور النور حمد هربوا وعادوا للمجتمع بمايزيد غربتهم كمبدعين, عديمي حيلة, بل قيدوا المجتمع بأفكاره بعد ما أكدوا صحتها بخوفهم! فكيف يتحرر مجتمع يتردد مبدعيه في إسعاد أنفسهم وهذا ظاهر في تبكيت الضمير عند كل من صلاح أحمد إبراهيم ومحمد المهدي المجذوب؟
في كتاب الدكتور النور حمد مدح للهاربين الذين لم يحالفهم الحظ بأن يأتوا بالجديد كما جاء بالجديد كل من فردريك نتيشة وفولتير والنبي موسى حينما عاد من الصحراء من هروبه بعد قتل المصري. لذلك نجد كتابات الدكتور النور حمد ونقد الدكتور حسن موسى لها لم تكسر الحلقة المفرغة والمحكمة الإغلاق. فأفكار النور وأفكار حسن موسى الناقدة لها تمثل حلقة مفرغة وهكذا تستمر المماحكة التي تصيبك بالدوار. وداخل هذه الحلقة المفرغة ومحكمة الإغلاق يقبع كل من النور حمد ومبدعيه الهاربيين وحسن وموسى والحبر يوسف نور الدائم وخالد محمد فرح وابراهيم القرشي- كلهم في الهم شرق - متشنج من صدمة الحضارة. وكلهم في الهواء سوا كما يقال في ألف ليلة وليلة.
ربما يخرج الطيب صالح بفضل مصطفى سعيد الذي يتشابه مع مأساة فاوست. وبسبب مصطفى سعيد ربما يحب فردريك نيتشة الطيب صالح كما أحب جوتة. فهل الطيب صالح نيتشوي؟ ربما! ألم تر أن الطيب صالح أحب أشعار المتنبي في آخر عمره كما أنتقده الدكتور أحمد محمد البدوي؟ والمتنبي بشهادة عباس محمود العقاد داروني نيتشوي بمعناها الزائف!
لا أظن أن فردريك نيتشة يستطيع أن يحب عبدالله بولا - أستاذ حسن موسى- ولكن ربما يكون عبدالله بولا قد أحبه حينما إستخدم اسلوب فردريك نيتشة في جينيالوجي دي لا مورال في شجرة نسب الغول التي طافت شهرتها الآفاق. فشجرة نسب الغول لعبد الله بولا يظهر فيها إستخدامه لواحد من أهم طرق فردريك نيتشة للبحث وهي الجينيالوجي وهي طريقة مبتدعها فردريك نتيشة وكذلك أستخدام فردريك نيتشة لفكرة القناع يعتبر بدعة نيتشوية بامتياز.
فكرة هروب المبدعيين هي توضح عدم قدرة مبدعي الدكتور النور حمد علي التفكير الذي يأذن بالفكاك من الخرافة المعششة في رؤوس مبدعي السودان! وحيثما غاب العقل عشعشت الخرافة. فحقبة مبدعي الدكتور النور حمد يسبقها عهد منذ متردم عنترة والسودان منتظر حقبة تأذن بالتغيير ليست مسبوقة بعهد كما يقول رينيه شارل. فالسودان اليوم في أزمة في زمان ساد فيه النسبي والعقلاني. ومازال مفكري السودان يغلب علي تفكيرهم المطلق. فالساحة السودانية أسيرة المطلق الديني الذي يجسده خطاب الإسلاميين والمطلق الذي يجسده خطاب الشيوعيين وبينهم الدكتور النور حمد مع مهارب المبدعيين في إستعراضه لحيلة العاجز.
بقى التنويه الى أن واحدا من أهم مبدعي السودان - رغم جبار الصدف الذي يحول بين الإنسان والحياة التي تنطوي على إرادة القوة - فهو الأستاذ محمود محمد طه! فهو قطعا سيكون من بين الذين يحبهم فردريك نتيشة لأنه قد قابل الموت بابتسامته الجبارة لأن الرجل له إرادة القوة. سيحب فردريك نيتشة الأستاذ محمود محمد طه كما أحب السيد المسيح لأنه يمتلك القوة التي تصب في مجرى الحياة الهادرة رغم أن فردريك نيتشة يرى في المسيحية كأكبر منبع لفلسفة العبيد.
وكما أسلفنا القول فإن فردريك نيتشة قد أحب عددا قليلا من المفكريين عبر التاريخ وعبر المغامرة الكبرى للإنسانية. فحبه للأستاذ محمود سيكون لأن الأستاذ محمود محمد طه قد جسد مقولة نيتشة أن الفيلسوف عدو الزمن الجميل. أن الفيلسوف يمثل الضمير السئ لزمانه وهذا الدور قد لعبه الإستاذ محمود بجدارة. فكان الضمير السئ لزمانه وعدو الزمان الجميل لنخب فضلت الوظيفة والبيت الكبير. فكان محمود مزعجا للنخب التي أدمنت الفشل. نخب لم تتسلح ضد القيم التي لايروج لها إلا العبيد بالمفهوم النيتشوي. لذلك أستغرب من طرح النور حمد- تلميذ الأستاذ- في تمجيده للضعفاء الذين لا يحبهم فردريك نيتشة! أمثال مبدعي النور هم من المروجيين لفلسفة العبيد بالمفهوم النيتشوي.
الأستاذ محمود قد حجز مقامه من بين من يحبهم فردريك نيتشة وياتي من بعده- رغم إضطرابه البادي- الطيب صالح الذي يشابه مأساة فاوست. أما تلاميذ عبدالله الطيب سيزدريهم فردريك نيتشة! أولم أقل أن فردريك نيتشة لم يحب إلا عددا قليلا من الفلاسفة عبر التاريخ وعبر المغامرة الكبرى للإنسانية؟ هل استخدمت القناع النيتشوي كما في هكذا تكلم زرادشت؟ الأستاذ محمود يهدي أفكاره الى الإنسان. وفردريك نيتشة يتوق الى الإنسان المتفوق.
ياشعوب السودان أنهضوا ضد مروجي ثقافة العبيد من أمثال الأمام الصادق المهدي, وحسن الترابي, وعبد الوهاب الأفندي, وعبدالله علي أبراهيم, وكل تلاميذ الدكتور عبدالله الطيب. فمن بين من يحبهم فردريك نيتشة أثنان فقط من السودانيين وهم الأستاذ محمود محمد طه والطيب صالح. أنهضوا إذا أردتم التخلص من فلسفة العبيد التي يروج لها في خطاب النخب الفاشلة.

[email protected]
[/b]
صورة العضو الرمزية
مصطفى آدم
مشاركات: 1691
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 5:47 pm

مشاركة بواسطة مصطفى آدم »

[code].ومنذ الإستقلال لم تتجاوز خصوماتهم السياسية حد من يستأثر بسلطة الدولة؟ هذه الدولة الوافدة من شعاب السياق الكولونيالي هي دولة أجنبية على المجتمع . بل هي دولة أقوى من المجتمع تتسلط عليه من خارج فضاءة الثقافي و تفرض عليه تصورها للتغيير الحداثي من واقع تحالفها مع دوائر رأس المال الأجنبية، و لا يضيرها أن تنقلب على رعاياها بالعسف و التقتيل عند مقتضى الحال..
نثبت حقنا في مناقشة أطروحتك يا حسن ...بعد استكمال الكتابة ... إن كان ذلك ممكناً على إطلاقه
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

Re: مهارب المبدعيين... أم ريادات وطنية غير واعية؟ ...

مشاركة بواسطة حسن موسى »

سيد أحمد العراقي كتب:منقول من سودانايل


[b][font=Tahoma][size=24]مهارب المبدعيين... أم ريادات وطنية غير واعية؟ ... بقلم: طاهر عمر

في محاولة الدكتور النور حمد في سفره مهارب المبدعيين نجد مراوغة النخب وحوارها لنفسها كما حوار الصحراء لأطرافها كما أورد الروائي الليبي أحمد أبراهيم الفقيه. [color=red]الهدف من كل الحوارات هو الأحتفاظ بالأفضلية دون تحمل المسؤولية ودون تقديم أي جهد يدل علي الافضلية للأقلية الخلاقة
. لذلك نجد أن المقدمة للكتاب تمتاز علي الكتاب وتبزه لان الكتاب لا يقوم علي فكرة لأحد من سماهم الدكتور بالهاربيين.
فالمقدمة لكتاب دكتور النور من قبل الأستاذ عبدالله الفكي البشير أدخل بها كتاب دكتور النور الي الكتب التي تعتبر مقدمتها تكاد تبز الكتاب نفسه كما مقدمة نقض العقل المحض ومقدمة أبن خلدون ولكن مقدمة نقد العقل المحض قد خطها قلم المؤلف نفسه وكذلك الحال مع مقدمة إبن خلدون.
وطبيعي أن يجد جهد الدكتور النور حمد الإستقبال الحار مع الفارق الذي يضر بالكتاب أكثر من أن يرتفع بالكتاب الي مدارج النقد الذي يرتقي بمسار الحركة الأدبية في مسارها ومع تحديد إتجاهها الصحيح. وهذا يدل أن الدكتور قد أكد علي أستمرارية الكسل الذهني للنخب وساعدهم علي أن يرقدوا عافية كما يردد الشاعر أسامة الخواض.
من من شعراء النور الهاربيين قد جاء بالجديد وأحتاج إنتاجه أن يفتح الباب لحقبة غير مسبوقة بعهد؟
فدكتور النور في كتابه مهارب المبدعين قد جسد حالة الوصف الذي يعتبر أول العلم. ففي كتاب النور يظهر إضطراب محمد المهدي المجذوب في مسألة مريسته كما اضطراب صلاح أحمد إبراهيم في خمرة باخوس. ماذا ينبغي أن ينتظر المجتمع من شعراء بهذا الإضطراب والضعف في تحدي أنفسهم هم كشعراء؟
إذا كان هاربين الدكتور النور حمد لم يستطيعوا حماية أنفسهم من مجتمع يحتاج لمساعدتهم فكيف ننتظر منهم أن يقدموا للمجتمع ما يصلحه. فشعراء النور ضحايا ضعفهم وضعفهم نتيجة لغياب المعرفة الحقة.
الهاربون اليوم كثر من المبدعين. فهناك الذين يبنون نقدهم علي المطلق في زمان النسبي. فمثلا, مازال الدكتور حسن موسى يظن حينما يتكي على فكرة إنتهاء الصراع الطبقي قد سبر غور الماركسية. وقد فات علي الدكتور حسن موسى كما يوضح ناقدي الماركسية - الذي فات على ماركس نفسه- من تطور في جانب الفردانية. وهذا ضعف ملازم للدكتور حسن موسى يساوي ضعف المبدعين الهاربين لدكتور النور حمد. ففي زمان يتحدث المفكرون عن الحكومة العالمية وفكرة الإقتصاد الإيجابي تجد مثل الدكتور حسن موسى يتحدث عن الماركسية من منازلهم حاله كحال محمد المهدي المجذوب في إضطرابه الذي جعله يتوج كاهن الغابة والصحراء في زمان قد شغلت العالم هموم قد تجاوزت ذكاءهم الذي إنحصر في التفلسف علي أطار المحلي.
أري أن كتاب النور يحمل عنوان لم يتضمن معناه. داخل الكتاب تحدث عن شعراء ولم نجد إي عرض لنظريات سياسية ولا إقتصادية ولا تاريخ إجتماعي يجسد واقع الحال. بحث النور ومحاولة حسن موسى لنقد كتاب النور تجسيد لطريقة إدوراد سعيد وهو ابن عم لهما في التخصص في نقد الموسيقى. لذلك جاء كتاب الإستشراق لإدوارد سعيد خادم للإسلاميين أكثر من خدمته للتنوير. وكما يقول مأمون فندي هذه مشكلة ادوارد سعيد باحث بلا رخصة فهو يذبح "كيري". كذلك كان حال الدكتور النور حمد عندما تحدث عن شعراء ووضعهم في خانة الإجتماعيين والسياسيين والاقتصاديين ويريد منهم مجهود السياسيين والاجتماعيين أو الإقتصاديين, أو قل أدبا لا يتردد أحد في مناداتهم- بسبب رفعته-بالفلاسفة كما ألبرت كامي او سارتر. الدكتور النور بهذا الجهد قد ساعد على التطفيف الذي تمارسه النخب غير الواعية في السودان من حيث لا يدري وكذلك الدكتور حسن موسى.
التجاني يوسف بشير لم يستطع إنقاذ نفسه وكذلك معاوية محمد نور. فمثلا شيلي كشاعر لم يرضخ الي ضغوطات الكنيسة ولا سلبيات المجتمع وإستكانته. فقد دافع عن أفكاره وأخرج أفكاره التي تتحدث عن ضرورة الإلحاد كتحدي للكنيسة. أين شيلي من محمد أحمد محجوب الذي تسيطر عليه فكرة هيمنة الثقافة العربية والإسلامية بكل معاناتها من صدمة الحداثة؟ بل هو نفسه أي المحجوب ضحية عدم وعيه بأن فكره ماهو إلا ردة فعل لصدمة الحداثة للعالم العربي والإسلامي الذي يقض في نوم عميق منذ الاف السنيين. لم نر من مبدعي النور أي اشارة تدل على انهم إستوعبوا أن عهدهم ليس مسبوقا بعهد ويبنغي مواجهة قضاياه بفكر يقوم علي مرتكزات الحداثة التي أصبحت كشاف للبشرية. لذلك لا نستغرب أن نجد محمد ابراهيم الشوش - حارس الدولة الدينية وكاهنها- يستدل بأشعار شيلي صاحب أفكار ضرورة الإلحاد كاستعراض يضع الشوش في مقام لم يبارح فيه مقام النقد التاثري ايام طه حسين والعقاد. وهل يختلف عنه النور حمد الذي يرى في شعراء الهروب من قضايا مجتمع لم يمتلكوا أدوات لحل معضلاته ولا فلسفة ولا أدبيات السياسة أوالإجتماع أوتاريخ الفكر الإقتصادي؟
أما حسن موسى منتقد النور حمد متوكئ علي الماركسية كما موسى وعصاته. الفرق بين النبي موسى ان عصا موسى قد افرقها من الفهم الفرعوني للعصاة وأدخلها في تحدي الثقافة الفرعونية, أما حسن يستخدم العصاة ضد فرعون بنفس مدلولها عند فرعون نفسه. وهنا نجد ان موسى مبدع هارب وعاد بالجديد الذي يتحدى القديم حينما هرب بعد ان قتل المصري وذهب الي الصحراء وعاد بالجديد وحسن يقول في نقده للنور أن الهارب لا يعود. فالهارب يعود ياحسن بالجديد أما الهارب الذي لا يعود فهو الذي لا يمتلك أي جديد وهذا حال أنتظار النور للحل من شعراء ليس لهم أدوات لحل قضايا المجتمع. فحال النور كحال الذي ياتي ولا ياتي كما يقول عبد الوهاب البياتي.
وهنا نقول ان الذي ياتي من مبدعي النور الهاربين هو الذي ياتي او المتوقع ان ياتي من المجتمع السوداني اي المبدع الشاعر الذي لم يمتلك ادوات حلول لمشاكل المجتمع. او الشاعر المبدع المضطرب مثل حالة صلاح في خمرة باخوس وخوفه من غضب الآلهة او تمني المجذوب ان تكون له القوة ان يستطيع ان يشرب خمر الزنج وتميد رجليه بالرباب وهنا يظهر بؤس المجذوب وصلاح احمد إبراهيم. هنا يعكس كل منهما نفسه كضحية لا حيلة له. فاي شئ ننتظره من الضحية الذي لايستطيع إسعاد نفسه دون تبكيت ضمير بعكس شيلي حينما صرح بضرورة الإلحاد و لم يعكس نفسه كضحية؟
إن مبدعي النور لم تكن لهم قضية او نظرة للوجود كحال ابي العلاء المعري و هو يعتبر تنويري. وكشيلي الذي لم يستطع تاريخ الفكر الإقتصادي تجاهله, أو كشارلس ديكنز في قصة مدينتين, أو هولدرليين في أشعاره التي تنوء بالفلسفة التي عكسها الفيلسوف هيغل في فينومونولوجيا الروح حتي اصبح مشاعا أن الفلسفة والشعر لم يتجاورا في أي يوم من الايام كما تجاورتا في ِعهد هولدرليين وهيغل. فالفيلسوف هيغل كان ممسك بيد الشاعر هولدرليين ولم يتخل عنه إلا حينما سقط نهائيا في ليل الجنون!
أين الفلاسفة الذين يمسكون بأيدي الشعراء في السودان. ثم ياتي النور منتظرا الخلاص من شعراء احوج للشفقة لانهم عكسوا أنفسهم كضحايا! ماء الصخرة كقصيدة لهولدرليين كانت الدرة التي يبحث عنها الفيلسوف هيغل فاين الفيلسوف المصاحب لشعرائنا الذين يعكسون ألامهم السلبية كما يقول الشاعر بابلونيرودا؟ فشعراءنا عاشوا علي الذهني الذي انطفاء دون أن يبلغ المعاش في حيز المكان. لان العقل السائد عقل التجريد الذي يرفع الإنسان عن واقعه المعقد في وقت يحتاج واقعنا الى التراجيدي الذي يجسد حالة الأنسان أمام سؤال الوجود.
مثلما قال رينيه شارل ان زماننا لم يكن مسبوقا بعهد او كما جاء بودلير بالجديد في ازهار الشر, او كما تألق ارثور رمبو في الزورق السكران وترك الشعر كما لم يتركه شاعر من قبل. فالشاعر الذي لم يعكس نفسه كضحية - كحال مبدعي النور حمد- يقول لمجتمعه بعد أن يتحدى عقل مجتمعه الجامد ها قد مهدنا لك فأبصر. فهل مهد لنا شعراءنا لكي نبصر؟ بالتاكيد لا, لان الفيلسوف غاب عن حقول شعرهم عكس حالة الفيلسوف فردريك نيتشة الذي لم يتعرف عليه الفرنسيون إلا كشاعر حتى عام1943 وبعدها عرفه المثقفون الفرنسيون كفيلسوف.
ففردريك نيتشة لم يعجب إلا بالقليل من الفلاسفة والشعراء عبر التاريخ الذي تجسده المغامرة الكبرى للإنسانية. فمثلا نجده يذكر جوته ودوستفسكي وفولتير ويكره فلسفة إيمانويل كانت ويصفه بأنه رجل دين متدثر بثياب الفلسفة ويري في فلسفة كانت الإنحطاط يمشي علي قدمين إثنين! لماذا أحب نيتشة فولتير إذن؟ لأن فولتير هرب وعاش لاجئ ياحسن موسى وعاد وكان يسمع صوت هدير الثورة الفرنسية وكان لا يغشاه الشك في أن التغيير قادم وأن الكنيسة الى زوال وأن الكتاب المقدس سيكون مكانه الرفوف. فأين فولتير من شعراء الغابة والصحراء الذين انتصروا للثقافة العربية الأسلامية في السودان؟ وكانت الغابة والصحراء تجسد أعراض الحمل المؤلمة بخطاب الإسلام السياسي- الخطاب الديني المنغلق- وبالانحطاط الذي يتجسد بسبب غياب النقد الأدبي الذي يحدد إتجاه الحركة الأدبية. وأين فولتير من مبدعي النور حمد واين فولتير من صلاح والمجذوب الذين عاشا في إضطراب؟
يصر الدكتور النور حمد على الإتيان بمبدعيه من مهاربهم ويجعلهم كسحر الحياة خالدا لا يزول. وفي جميع المجتمعات تتعاقب الأجيال في مشهد مهيب في إنتاج الفكر. فمثلا, في فرنسا بمجرد وصول احدهم للقمة, بسرعة يحل أحدهم محله إلا عندنا في السودان يتحدث النور عن مبدعيين قريبا سنتحدث عن مئوياتهم. الناصر قريب الله من مواليد1918 مازال هولاء في القمة في بلاد يسود فيها الكساد الفكري. فبدلا من ان يجتهد هو - أي دكتور النور حمد- ليقدم ما يحتاجه المجتمع السوداني اليوم, يتحدث عن مهارب المبدعيين! والتيجاني كذلك قد مرت مئويته!
أما المحجوب رغم أنه انتقد طه حسين وراى في كتاباته أنفاس أناتول فرانس ولكن المحجوب نفسه إرتضى أن يخدم الطائفية وكان من الذين قد أسسوا لهيمنة اللغة العربية والثقافة الإسلامية بشكل يضعه في مقام واحد مع الريادات الوطنية غير الواعية التي لا تري في التنوع وإحترامه المدخل لحوار الثقافة العربية والإسلامية في حوار مع بقية الثقافات دون أن يكون هدفها الهيمنة على الثقافات الأخرى بسبب الزعم بأنها تمتلك الحقيقة كاملة. ينتقد محمد أحمد محجوب طه حسين إلا أن طه حسين يمتاز عليه بأنه قد كان له مشروع نهضوي- رغم أن الزمان قد تجاوز مشروع طه حسين النهضوي- فأين مشروع محمد أحمد محجوب من مشروع طه حسين؟
يفخر الاوروبيون بأنهم ورثة العقل الإغريقي والروماني. والعقل الإغريقي والروماني منبعث من أساطير الإغريق ومجسد حيل العقل ومكر التاريخ لذلك مازالت للفكر الأوروبي نوافذ يطل بها علي أسئلة الوجود. فألبرت كامي في العبث الفعال إنتصر للحياة! وفي كتاباته جعل الإنسان مواجها لنفسه لذلك لم يستسلم أبدا فكان وحيه من أسطورة سيزيف جاعلا منها صورة لحياة الإنسان العادي وفيما يقابله في الواقع اليومي المعاش. فحكم الآلهة لا يشغل سيزيف من أن يستمتع بالحياة. ففي صراعه للصخرة وتدحرجها من القمة متعة الحياة عند سيزيف ريثما يعود الى الأسافل ليعاود الكرة. ومبدعي النور لايستطيعون إسعاد أنفسهم دون تبكيت! أولم يحن الوقت الي مفارقة الخطاب التجريدي غير المكافئ للحالة الإنسانية التي تحتاج الي التراجيدي كما في أبداع ألبرت كامي.
ذات يوم كان السودان جزءأ من العالم القديم وجزءأ مؤثرأ في ثقافة البحر الأبيض المتوسط أيام الفراعنة السود. يستطيع الشعب السوداني الأخذ من تراث الإنسانية وخاصة في زماننا هذا حيث يتحدث العالم عن الحكومة العالمية وفكرة الإقتصاد الإيجابي. وسوف لن نستطع الإنسجام مع العالم إلا إذا إستلف السودان جزءا مما أعطاه الى تراث الإنسانية أيام كان الفراعنة السود جزء فعال في العالم القديم أي أيام ثقافة البحر الأبيض المتوسط. فالفراعنة السود كانوا أمة ذات قوة وشدة ودوس. ليسوا ضعفاء ينتابهم تبكيت الضمير من فكرة البحث عن السعادة كصلاح في ي امريا وخمرة باخوس, أوالمجذوب في تمنيه شرب خمر الزنج وارجل تميد بالرباب! فمن تراث الإنسانية يستطيع الشعب السوداني الإنتصار على الخطاب التجريدي الذي يقيد صلاح والمجذوب والمحجوب. ولكن أوروبا لم تفتخر بانها وريثة العقل الإغريقي الروماني إلابعد غربلة التراث والإنتصار علي الكنيسة التي حكمت لألف عام.
اليوم العالم يتخلق ليولد من جديد ويمكن أن نقول أننا نسير باتجاه نقاط الأنقلاب حيث يولد الفلاسفة والحكماء والأنبياء كما يقول المؤرخ البريطاني أرنولد توينبي. فعلي الشعب السوداني أن يبتدر محاولة العمل الهادف بوعي يسوق شعوب السودان باتجاة مسيرة الإنسانية بدلا من إنتظار من يأتي من مهارب المبدعيين.
يذكرني كتاب النور بقصة عنترة وهل غادر الشعراء من متردم, ولكن رغم هذا السؤال جاء عنترة بالجديد في كل بيت من معلقته ذات الثمانية وتسعين بيتا وهذا ما جعلها تختار كمعلقة. ولكن في مهارب المبدعيين لم نر الجديد الذي أتى به عنترة! بل راينا القسور الذي يحجب التلازم مع فكرة الإنسان المتفوق, لذلك كان حال مبدعي النور بائسا يجعل فردريك نيتشة يضحك من بؤسهم, بل يصفهم بمروجي فلسفة العبيد.
ولكن مهلا ففردريك نيتشة قد ضحك من سقراط وإفلاطون في عالمه المثالي فما بالك من شعراء كصلاح أحمد ابراهيم ومحمد المهدي المجذوب- مضطربين لا يستطيعان إساعد نفسيهما دون تبكيت ضمير. فردريك نيتشة يرى في الثقافة اليهودية والمسيحية الأم الشرعية لترويج ثقافة العبيد. فكذلك يرى في الثقافة الإغريقية بتعدد آلهتها الحقبة الذهبية. إذا أمعنت النظر تجد أن محمد المهدي المجذوب ,حينما يتمنى أن تكون له القوى أن يشرب خمر الزنج وتميد قدميه بالرباب, يوافق فردريك نيتشةعلي فترة الحقب الذهبية ولكن يفتقر للشجاعة التي يسبقها الراي التي يمتاز بها فردريك نيتشة!
والحقب الذهبية التي تقابل عوالم فردريك نيتشة عندنا تقابلها أساطير الخصب في حضارة الفراعنة السود في السودان. ونفس أساطير الخصب عند الفراعنة السود الكامنة في أعماق صلاح أحمد إبراهيم قد أعانته ودفعته دفع أن يمتدح خمرة باخوس ولكن بضعف إكتسبه من الثقافة العربية الإسلامية وموقفها من الخمر وأساطير الخصب. فردريك نيتشة كمبدع هارب عاد بالجديد الذي إنتقد العقل وقد أصبحت أفكاره مهدا لكل أفكار مابعد الحداثة.
بالعكس نجد أن مبدعي الدكتور النور حمد ,دعك من أفكار مابعد الحداثة, بل صدمة الحداثة, جعلتهم بهذا الضعف والوهن الذي جعلهم يطرحون أفكارا ترتكز علي الدين والعرق في مواجهة الحداثة كتشنجات مآلها الزوال ولكن مازال ضجيجها عاليا في خطاب الإسلاميين والعروبيين والطائفية ومدرسة الغابة والصحراء وفكرة الإحياء وفكرة أهل القبلة وفكرة الوسطية.
فمبدعي الدكتور النور حمد هربوا وعادوا للمجتمع بمايزيد غربتهم كمبدعين, عديمي حيلة, بل قيدوا المجتمع بأفكاره بعد ما أكدوا صحتها بخوفهم! فكيف يتحرر مجتمع يتردد مبدعيه في إسعاد أنفسهم وهذا ظاهر في تبكيت الضمير عند كل من صلاح أحمد إبراهيم ومحمد المهدي المجذوب؟
في كتاب الدكتور النور حمد مدح للهاربين الذين لم يحالفهم الحظ بأن يأتوا بالجديد كما جاء بالجديد كل من فردريك نتيشة وفولتير والنبي موسى حينما عاد من الصحراء من هروبه بعد قتل المصري. لذلك نجد كتابات الدكتور النور حمد ونقد الدكتور حسن موسى لها لم تكسر الحلقة المفرغة والمحكمة الإغلاق. فأفكار النور وأفكار حسن موسى الناقدة لها تمثل حلقة مفرغة وهكذا تستمر المماحكة التي تصيبك بالدوار. وداخل هذه الحلقة المفرغة ومحكمة الإغلاق يقبع كل من النور حمد ومبدعيه الهاربيين وحسن وموسى والحبر يوسف نور الدائم وخالد محمد فرح وابراهيم القرشي- كلهم في الهم شرق - متشنج من صدمة الحضارة. وكلهم في الهواء سوا كما يقال في ألف ليلة وليلة.
ربما يخرج الطيب صالح بفضل مصطفى سعيد الذي يتشابه مع مأساة فاوست. وبسبب مصطفى سعيد ربما يحب فردريك نيتشة الطيب صالح كما أحب جوتة. فهل الطيب صالح نيتشوي؟ ربما! ألم تر أن الطيب صالح أحب أشعار المتنبي في آخر عمره كما أنتقده الدكتور أحمد محمد البدوي؟ والمتنبي بشهادة عباس محمود العقاد داروني نيتشوي بمعناها الزائف!
لا أظن أن فردريك نيتشة يستطيع أن يحب عبدالله بولا - أستاذ حسن موسى- ولكن ربما يكون عبدالله بولا قد أحبه حينما إستخدم اسلوب فردريك نيتشة في جينيالوجي دي لا مورال في شجرة نسب الغول التي طافت شهرتها الآفاق. فشجرة نسب الغول لعبد الله بولا يظهر فيها إستخدامه لواحد من أهم طرق فردريك نيتشة للبحث وهي الجينيالوجي وهي طريقة مبتدعها فردريك نتيشة وكذلك أستخدام فردريك نيتشة لفكرة القناع يعتبر بدعة نيتشوية بامتياز.
فكرة هروب المبدعيين هي توضح عدم قدرة مبدعي الدكتور النور حمد علي التفكير الذي يأذن بالفكاك من الخرافة المعششة في رؤوس مبدعي السودان! وحيثما غاب العقل عشعشت الخرافة. فحقبة مبدعي الدكتور النور حمد يسبقها عهد منذ متردم عنترة والسودان منتظر حقبة تأذن بالتغيير ليست مسبوقة بعهد كما يقول رينيه شارل. فالسودان اليوم في أزمة في زمان ساد فيه النسبي والعقلاني. ومازال مفكري السودان يغلب علي تفكيرهم المطلق. فالساحة السودانية أسيرة المطلق الديني الذي يجسده خطاب الإسلاميين والمطلق الذي يجسده خطاب الشيوعيين وبينهم الدكتور النور حمد مع مهارب المبدعيين في إستعراضه لحيلة العاجز.
بقى التنويه الى أن واحدا من أهم مبدعي السودان - رغم جبار الصدف الذي يحول بين الإنسان والحياة التي تنطوي على إرادة القوة - فهو الأستاذ محمود محمد طه! فهو قطعا سيكون من بين الذين يحبهم فردريك نتيشة لأنه قد قابل الموت بابتسامته الجبارة لأن الرجل له إرادة القوة. سيحب فردريك نيتشة الأستاذ محمود محمد طه كما أحب السيد المسيح لأنه يمتلك القوة التي تصب في مجرى الحياة الهادرة رغم أن فردريك نيتشة يرى في المسيحية كأكبر منبع لفلسفة العبيد.
وكما أسلفنا القول فإن فردريك نيتشة قد أحب عددا قليلا من المفكريين عبر التاريخ وعبر المغامرة الكبرى للإنسانية. فحبه للأستاذ محمود سيكون لأن الأستاذ محمود محمد طه قد جسد مقولة نيتشة أن الفيلسوف عدو الزمن الجميل. أن الفيلسوف يمثل الضمير السئ لزمانه وهذا الدور قد لعبه الإستاذ محمود بجدارة. فكان الضمير السئ لزمانه وعدو الزمان الجميل لنخب فضلت الوظيفة والبيت الكبير. فكان محمود مزعجا للنخب التي أدمنت الفشل. نخب لم تتسلح ضد القيم التي لايروج لها إلا العبيد بالمفهوم النيتشوي. لذلك أستغرب من طرح النور حمد- تلميذ الأستاذ- في تمجيده للضعفاء الذين لا يحبهم فردريك نيتشة! أمثال مبدعي النور هم من المروجيين لفلسفة العبيد بالمفهوم النيتشوي.
الأستاذ محمود قد حجز مقامه من بين من يحبهم فردريك نيتشة وياتي من بعده- رغم إضطرابه البادي- الطيب صالح الذي يشابه مأساة فاوست. أما تلاميذ عبدالله الطيب سيزدريهم فردريك نيتشة! أولم أقل أن فردريك نيتشة لم يحب إلا عددا قليلا من الفلاسفة عبر التاريخ وعبر المغامرة الكبرى للإنسانية؟ هل استخدمت القناع النيتشوي كما في هكذا تكلم زرادشت؟ الأستاذ محمود يهدي أفكاره الى الإنسان. وفردريك نيتشة يتوق الى الإنسان المتفوق.
ياشعوب السودان أنهضوا ضد مروجي ثقافة العبيد من أمثال الأمام الصادق المهدي, وحسن الترابي, وعبد الوهاب الأفندي, وعبدالله علي أبراهيم, وكل تلاميذ الدكتور عبدالله الطيب. فمن بين من يحبهم فردريك نيتشة أثنان فقط من السودانيين وهم الأستاذ محمود محمد طه والطيب صالح. أنهضوا إذا أردتم التخلص من فلسفة العبيد التي يروج لها في خطاب النخب الفاشلة.

[email protected][/color]
[/b]













سلام يا سيد أحمد
جاء في بلاغة الأهالي

" جاي من هبكة
شايل موية في شبكة
لقيت الحجر يقـُح
ضربتو لامن جاب المـُخ "

شايف؟



سلام يامصطفى
حقك قاعد فصبرا وأنا عائد لموضوع الدولة و المبدعين في السودان لأن عقلنة مواقف المجذوب و شركاه لا تكون إلا في منظور صعود و اضمحلال الدولة في السودان
حافظ خير
مشاركات: 545
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:23 pm

مشاركة بواسطة حافظ خير »

يا خوانا لخبطتو الخيط دا بالمقال المنقول بتاع سودانايل ...
أرجو إصلاحه بتصغير الخط في اقتباسك له يا صديقنا سيد أحمد العراقي....


...


نتابع....
سيد أحمد العراقي
مشاركات: 624
اشترك في: الأحد يونيو 21, 2009 11:44 pm

لككم التحية

مشاركة بواسطة سيد أحمد العراقي »

أستاذنا / حافظ ....لك السلام

حاولت الإستجابة ويبدو أن حيلى قاصرة ، فأرجو المعذرة

مع التقدير
صورة العضو الرمزية
نجاة محمد علي
مشاركات: 2809
اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
مكان: باريس

مشاركة بواسطة نجاة محمد علي »

سلام يا حافظ خير
المشكلة لم تكن في حجم الخط الذي استخدمه سيد أحمد العراقي، وإنما في طول الروابط التي وضعها حسن موسى، في مداخلته التي ترى فيها صور "السادة".
وقد قمت بإصلاح المشكلة، على الأقل كما أراها على شاشتي. أرجو أن يكون الأمر كذلك بالنسبة لك، ولقراء وقارئات الخيط.

سلام للجميع

نجاة


حافظ خير
مشاركات: 545
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:23 pm

مشاركة بواسطة حافظ خير »

it is looking good now ya Najat
and thanks for trying ya Sid Ahmed



نتابع...
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

المجذوب في زمن الشعر الرسمي

مشاركة بواسطة حسن موسى »

غريبة
المجذوب رحل في نفس الشهر الذي اختارت اليونسكو فيه أحد أيامه للإحتفاء بالشعر في العالم..
سأعود
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

على وجهه يستدير القمر

مشاركة بواسطة حسن موسى »

مريستنا ملأت برمة
على وجهها يستدير القمر



المجذوب

الشرافة و الهجرة




صورة
صورة العضو الرمزية
إبراهيم جعفر
مشاركات: 1948
اشترك في: الاثنين نوفمبر 20, 2006 9:34 am

مشاركة بواسطة إبراهيم جعفر »

المَولد

محمد المهدي مجذوب

صلي ياربي علي المدثرِ
وتجاوز عن ذنوبي وأغفرِ
وأعنـِّي يا إلهي بمثابِ أكبرِ
فزماني ولِعُ بالمنكرِ
أيكون الخيرُ في الشرِ إنطوي
والقوى خرجت من ذرةِ
هي حبلي بالعدم
أتـُراها تَقتُلُ الحربَ
وتنجو بالسـَّـلـَم
ويكون الضَّعفُ كالقوةِ
حقاً وذِماما
سوف ترعاهُ الأُمم
وتعود الأرضُ حُبـاً وإبتسـاما
****
ربي سبحانك مختاراً قديـرا
أنت هيأتَ القدر
ثم أرْسَلْتَ نذيـراً للبشر
آيـَةً مِنكَ ونُـورا
هو عينُ اللهِ لولا ضوؤُهُ
لم نـرَ العالمَ في شتي الصور
جعل الموتَ رجاءً وبقاءً
وتراثـاً منه لا يفني الثمر
صلي ياربي علي خيرِ البشر
الذي أسرج في ليلِ سـراء
قمراً أزهـرَ من بدر السماء
يقرأُ الناسَ علي أضوائهِ
حكمة الخلقِ وأسرار البقـاء
من إلهِ قد هدي بالقلمِ
علـَّمَ الإنسانَ مالم يعلمِ
****
ليلة المولدِ
يا سر الليالي والجمالِ
وربيعاً فتن الأنفسَ
بالسحرِ الحلالِ
موطن المسلمِ في ظلك
مشحونُ الخيالِ
طاف بالصاري الذي
أثمرَ عنقودَ السـنا
ومضي عن فتنةِ الحسنِ الحجابا
ومضي يُخرِجُهُ زِيَّـاً فزِيَّـا
وزهـا ميـدانِ عبد المنعـمِ
ذلك المحسنُ حيّـاهُ الغمـام
في جموعِ تلتقي في كلِّ عام
والخيـام
قد تبرّجن وأعلنَّ القيام

******
وهنا حلقةُ شيخِ يرجحِـنُّ
يضرب النوبة ضرباً
فتئـنُّ وتـرنُّ
ثم ترفضُّ هديـراً أو تـُجـَنُّ
وحواليـها طبولُ
صارخاتِ في الغـُبارِ
حولها الحلقة
ماجت في مـدارِ
نَقَزَتْ ملأ الليالي
تحت راياتِ طوالِ
كسـفينِ ذي سـواري
في عبابِ كالجبالِ
ليلة المولد
يا سر الليالي والجمال

******
وتدانت أنفسِ القومِ
عناقـاً وإتـفاقـا
وتساقـوا نشـوةً
فاقـت مـذاقـا
ومكان الأرجلِ الولهي طيـورُ
بجلابيـبَ تـدورُ... وتـدورُ
*****
ياربي صلاة صلاة
علي النبي صلاة صلاة
والمـقدّم يتقدم
يرفعِ الصوتَ علِيـا
وتـقدم وتـقدم
يقرعِ الطبـلَ هنيـّا
وينادي مُنشِـدُ شيخاً
هو التمساح
يحمي عرشهُ المطمور
من موجِ الدميـره
ندبـوه للملمـّات الخطـيره
شاعرُ أوحي له شـيخُ الطريـقه
زاهـِدُ.. قد جعلَ الزُهذَ غـِنيً
وله من رقع الجُبـّةِ
ألوانِ الحديقه
والعصـا
في غربةِ الدنيـا الرقيقه
وله طاقيـةُ ذاتَ قرونِ
نهضـت
فوق جبيـنٍ واسـعِ
رقـّـقـهُ ضوءُ اليـقيـنِ
وفتي ًفي حلقةِ الطـار
تثـنـّي وتأنـّي
وبيـمناهُ عصاهُ تـتحنـّي
لعِبـاً حرّكهُ المـدّاحُ غـَنـَّي
راجعِ الخـطوِ بطـارِ
رجـّع الشـوق َ وحنـَّـا
ليلة المولد
يا سـِر الليالي والجمـالِ
وربيعاً فتن الأنفسَ
بالسحرِ الحلالِ
[u]


https://www.l7n.me/audio/4d73616d
آخر تعديل بواسطة إبراهيم جعفر في الأربعاء ديسمبر 18, 2019 2:06 pm، تم التعديل 5 مرات في المجمل.
محمد عثمان أبو الريش
مشاركات: 1026
اشترك في: الجمعة مايو 13, 2005 1:36 pm
اتصال:

مشاركة بواسطة محمد عثمان أبو الريش »


بوست مطمئن جدا.

شكرا لكل الناس الهاربين والصامدين وخصوصا حسن موسى.

أردت ان اعلق على كلام كتبه حسن عن رؤية او مفهوم الأستاذ محمود محمد طه للمشرق والمغرب.
وارجو المعذرة فكنت عارف محل النص لكن الان نسيته.. ولكن خلاصة الكلام
كان ان محمود يرى الشرق والغرب حاجتين مختلفتين.. وهذا عكس فهم الأستاذ تماماً، وقد كتب كثيراً
عن ان الحضارة الغربية مادية لا قيمة فيها سوى قيمة المادة.. الدولار.. وهى تختلف في كيفية
انتاج الدولار وتوزيعه فقط. ففي الشرق الشيوعى تولت الدولة تشغيل الشغيلة ودفع مرتباتهم، حين في
الغرب الرأسمالي، أوكلت هذه المهمة للرأسماليين.. وفى كلا الحالتين الخادم مسحوق والمخدم مرموق.
إذا محمود كان يرى الشرق والغرب فرعان في شجرة.

Freedom for us and for all others
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

آية

مشاركة بواسطة حسن موسى »

أنت هيأتَ القدر
ثم أدخلتَ نذيـراً للبشر
أيـة ً منك ونـوراً




سلام يا ابراهيم الخليل و شكرا على بسط هذه القصيدة البديعة
بس كمّل جميلك صحح ألف "آية" ينوبك ثواب





و نيخاو يا محمد عثمان
و شكرا على التعقيب العامر بالتفاكير
سأعود موضوع الشرق و الغرب فصبرا

عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »


مداخلات حسن موسى النقدية تصلح كتاباً كثيفاً في النقد ، ويتعين أن يخرج من الملف إلى فضاءات الكُتب ، بتقسيمات طفيفة في موسيقى الكتابة ، رغم أنها متعة النقد الثري من المكتوب....
( لم أعثر على نص بروفيسور عبدالله علي إبراهيم ولكن على ما أذكر إن الغابة هي المقصود الفرار إليها حسب نص ب. عبدالله حيث منعت غرائز "شعراء الغابة والصحراء" القيود المجتمعية في الصحراء من تفريغ غرائزهم !!!!) .
وأرى إن كان أعلاه ما قصده فهو غريب على ب .عبدالله . وأعتبره من باب الشتيمة .
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

Re: آية

مشاركة بواسطة حسن موسى »

[quote="حسن موسى"][size=24]أنت هيأتَ القدر
ثم أدخلتَ نذيـراً للبشر
أيـة ً منك ونـوراً




سلام يا ابراهيم الخليل و شكرا على بسط هذه القصيدة البديعة
بس كمّل جميلك صحح ألف "آية" ينوبك ثواب


صورة





[/quote]

سلام مجدد يا ابراهيم الخليل
نبهني صديق مشترك لخلل جديد في أبيات المجذوب التي بذلتها لنا و هو يتصور
" ان هناك خطأ اسفيرياً..وانت صديقنا حسن، كمل جميلك، وعدل «ادخلت» بـ «ارسلت». هذا ما تقوله لي ذاكرتي وذائقتي."
و بما أني بعيد عن إرشيفي المجذوبي فلا سبيل لي للتحقق من الخلل لكني اثق في ذاكرة الصديق الشاعر و في ذائقته،
فلو كان ديوان المجذوب في متناول يدك فأرحمنا ينوبك ثواب
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

East is East West is West

مشاركة بواسطة حسن موسى »

سلام و نيخاو يا محمد عثمان
أظنك تقصد هذا المقطع من كلامي في إشكالية الشرق و الغرب
:
"ويمكن فهم إتفاق النور حمد مع عبد الله علي ابراهيم [ و آخرين ] في كون الأثنين يلتقيان عند رؤية فصامية للعالم كشرق في مواجهة الغرب.أو كما قال الخواجة كبلنغ " الشرق شرق و الغرب غرب و لن يلتقيا .." إلخ. و كون النور حمد منخرط ـ على نهج كبلنغ ـ في ثنائية الشرق/ الغرب ، فهذا أمر متوقع من تلميذ مخلص لتعاليم الأستاذ محمود محمد طه الذي أرهق ثنائية الشرق [ الروحي]/الغرب[ المادي] صعودا و هبوطا على ضوء تقلبات جيوبوليتيك زمن الحرب الباردة.ذلك ان النور و الأستاذ محمود ، مثل جملة المفكرين المسلمين ، و قيل مثل كافة عيال النصارى و اليهود الذين خبروا العالم من منظور الأنثروبولوجيا الكولونيالية [ الإستشراقية] ، يتموضعون في العالم إما كشرقيين في مواجهة الغربيين أو العكس. هذه الوضعية تجرف الجميع للإنغلاق في نوع من قياس أقرن لا يبالي بالتاريخ و لا بتناقض المصالح الإجتماعية بين الفرقاء، كونه يؤدي بالجميع إلى مسد " حرب الحضارات " الذي كان جورج دبليو بوش يتوعد به المسلمين في السابق، أو مسد " حوار الحضارات " الذي صار مبارك أوباما يراود به عيال المسلمين عن انفسهم ،إن نبذوا التعصب الآيديولوجي و العنف و جنحوا للإعتدال."



و كما ترى فمأخذي الرئيسي على معارضة الشرق بالغرب يتلخص في كونها معارضة تفترض تاريخا للغرب غير التاريخ الذي للشرق. لكن في فهمك الذي طرحته لرؤية الأستاذ محمود ما يشي بكون الشرق [ شرق المعسكر الإشتراكي] و غرب الرأسمالية الليبرالية راكبين سرج واحد، هو سرج الحضارة المادية. فلو سخيت لينا و شرحت وجهة نظرك بتفصيل أكثر ينوبك ثواب و أجر عظيم و كدا.
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

و خير صديق في الزمان كتاب

مشاركة بواسطة حسن موسى »

عبد الله الشقليني كتب:
مداخلات حسن موسى النقدية تصلح كتاباً كثيفاً في النقد ، ويتعين أن يخرج من الملف إلى فضاءات الكُتب ، بتقسيمات طفيفة في موسيقى الكتابة ، رغم أنها متعة النقد الثري من المكتوب....
( لم أعثر على نص بروفيسور عبدالله علي إبراهيم ولكن على ما أذكر إن الغابة هي المقصود الفرار إليها حسب نص ب. عبدالله حيث منعت غرائز "شعراء الغابة والصحراء" القيود المجتمعية في الصحراء من تفريغ غرائزهم !!!!) .
وأرى إن كان أعلاه ما قصده فهو غريب على ب .عبدالله . وأعتبره من باب الشتيمة .









سلام يا شقليني
و خير صديق في الزمان .....كتاب إلكتروني يطوي بك الدنيا و أنك هاهنا
اشكرك على عنايتك بمكاتيبي لكن شغل الكتب دا " فول تايم جوب" و أنحنا اليومين دي شهرين سجن مافاضين.
أما بالنسبة لنص عبد الله فلو كنت تقصد " تحالف الهاربين" فأظنه في كتابه " الثقافة و الديموقراطية" كان ما نخاف الكضب.
و بعدين كمان أظن ان " الشتيمة " ليست هي العبارة المناسبة في توصيف موقف عبد الله من شعراء الغابة و الصحراء.
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

اختلاط نقد الشعر الحديث ونقد النثر

يمكن للشِعر العمودي والشعر المقفى أن يختلف عن النثر بموسيقاه ، وتظل المعاني نثرية ومباشرة ، وتبقى قريبة الشبه بالنثر . أما الشعر الحديث الذي ابتدعه النور عثمان أبكر ومحمد المكي إبراهيم وأضرابهم لا يتم تناوله بوسائل النقد النثري . لأن الكتابة النثرية وإن كانت شاعرية المحتوى أحياناً ، فهي قضية لفظ ومعنى ، لكن الشعر الذي ميّز أصحاب الغابة والصحراء لا يمكن اعتباره كقصاد المديح والهجاء وما شابه من أغراض الشعر القديم . واتجه ب.عبدالله وفق مداخلتنا السابقة إلى معالجة النصوص الشعرية وكأنها نثر . وهنا يأتي الخلاف معه ،وهو الذي دعانا أن نقول بأن مثالنا أعلاه ، يعتبر من باب الشتيمة . وليس نقداً للشعر . ويمكننا أن نفصل كل قصيدة تتناول الغابة والصحراء من غيرها من القصائد .
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

سياسة الغابة و الصحراء

مشاركة بواسطة حسن موسى »

سلام يا شقليني
أظن أن مآخذ عبد الله على أدب ناس الغابة و الصحراء لا تقتصر على ما ورد في أشعارهم فقط لأن هؤلاء الناس انتجوا أدبا نقديا لا يمكن تجاهله و بالذات في منظور السياسة السودانية.
صورة العضو الرمزية
إبراهيم جعفر
مشاركات: 1948
اشترك في: الاثنين نوفمبر 20, 2006 9:34 am

مشاركة بواسطة إبراهيم جعفر »

هي عُجالة القطع واللصق الإنترنيتي يا سلطان الزمان... أنا اعتذرُ هنا عنها، كثيراً، طبعَاً... قد علمتني الأيام أن الاعتماد على ذاكرتي/حافظتي وذائقتي قد يكن، في كثير أحوال، أفضل من الاتكاء على مثل تلك العجالة العصرية الإلكترونية في بسط ما قد أبسط هنا من مكاتيب... قد ذكرني ذلك بأني كنتُ قديماً، قبل هذا العصر الإلكتروني العنكبُوتي، يا سلطان الزمان، أصحح، وفق ذاكرتي السمعية والأدبية وذاتقتي في الغناء فحسب، ما قد كانوا ينشرونه قديماً في كُتيِّبات "مختارات الأغاني" السودانية... نعم، قد ضعفت الذاكرة الآنَ، بمثقالين أو أكثر، غير أنها ما تزالُ، والحمدُ للألوهة المُنعِمَة، في كثيرِ أحيانٍ، أكثر جدارةً بالوثوق فيها من القص واللصق الإنترنيتي... وحسّع، بعد ملاحظاتك في شان قصيدة "المولد" دي، راجعتها وصححت فيها كم حاجة زيادة على القلتهِنْ، بمقتضي الذاكرة والذائقة، في الشعر والغناء معاً، فتأمَّلْ!
أضف رد جديد