رسالة حلّاق هندي إلى صديقه حول الشعر السوداني

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
íæÓÝ ÍãÏ
مشاركات: 71
اشترك في: الاثنين مايو 18, 2015 4:29 pm

رسالة حلّاق هندي إلى صديقه حول الشعر السوداني

مشاركة بواسطة íæÓÝ ÍãÏ »

كما قلت لك في رسالة سابقة، ليس في وسع المرء أن يسبر غور شخصية الإنسان من خلال سبائب شعر رأسه، أو نوع تصفيفة الشعر التي يرتاح إليها! ولا يبدو أن العلم احتاج إلى هذا النوع من الدراسات.. والأمر كهذا، نشأت عندي أسئلة ملِّحة حول تصفيفة الشعر الخاصة برتل من السودانيين الذين يتوافدون إلى صالون الحلاقة، هنا في دبي، وأرجو ألا تفسر أسئلتي كنوع من الترف الفكري المتحذلق؛ فعلى أقلّ تقدير، لم استطع، حتى الآن، تطوير تصفيفة شعر خاصة بالسودانيين، ولا اكتساب المهارة الكافية التي تلبي أذاوقهم، من ثم، تجنبني امتعاضهم المكتوم جراء ما يقع على رؤوسهم بفعل مكنات الحلاقة، رغم أنهم يدفعون بسخاء، ويحرص الواحد منهم على تخصيص حلّاق معيّن يرتاده كل مرة، بل يمضي السوداني أبعد من هذا بعمل الترويج المناسب لهذا الحلاّق بين أصدقائه، ويميل السوداني، في تصفيفة شعره، إلى حف شعر صفحات الرأس، إلى حد الصلع، من ثم يترك أعلى الشعر أغزر بشكل معقول، ولا مكان فيه لأي تمويجة، إذ يبدو، في هيئته تلك، كما لو أنه جندي زنجي في قوات المارينز.. كان نصيبي وافرًا من الترويج بين السودانيين، وعرفت من خلالهم أن الثقافة السودانية لا تعد الحلاقة عملًا نبيلًا، وربما شأن ثقافتهم كشأن الثقافة العربية القديمة التي تتّخذ أجرة الحلّاق مثالًا لتافهة العطية ووضاعتها، ويقول العرب في ذم الأجر الضئيل بعامة: "عطية مزين"! ولاعتبارات تتعلق باللغة، لا أستطيع أن أشرح للعرب، وللسودانيين هنا، أن أسلافنا من الحلّاقين الأوائل كانوا معظّمين، ويقومون بكثير من الأعمال الطبية التي تصل إلى عمل الجراحة، حتى أنهم كانوا في تنظيم نقابي واحد مع جمهرة الأطباء الجراحين، إلى أن قرر ملك من ملوك انجلترا قرارًا، منع بموجبه الحلّاقين من ممارسة الجراحة؛ ما يعني أن وضاعة مهنتنا، التي يكرِّسون لها، تمّ التمهيد لها بقرار سياسي. ولو كان الأمر يحلُّ بالأمنيات، لمكنتهم من مشاهدة مسرحية "حلّاق أشبيلية" التي كتبها بيار أوغستين في 1775، واسمعتهم الأوبرا التي ألّفها بايسيليو مستمدة منها؛ فالشاهد أن الأتراك، الذين ينسب إليهم الفضل في بناء الدولة الحديثة، لم يهتموا بنقل هذا النوع من الفنون المسرحية إلى السودان خلال حكمهم التّعس!
الأمر كهذا، لم أتوقع أن تنشأ بين السودانيين معاهد ومدارس لتدريس تصفيفات الشعر، ربما لا تنشأ مثل هذه المعاهد حتى بالنسبة للنساء! لذلك عادة ما اسأل: أين يتعلّم الحلّاق السوداني حلاقة الشعر، باستثناء رؤوس اليتامى؟ لا أستطيع الإجابة بشكل قاطع، لكن ربما أهمل السودانيون تصفيفات الشعر، قديمًا؛ لأن رأس السوداني لم يعتد على أن يكون حاسرًا، إلا في تاريخ لاحق بعد الاستعمار الخديوي الذي سيرد ذكره بعد قليل!
أنا لا أقصد السودانيين الذين تراهم في نشرات الأخبار التلفزيونية؛ فهؤلاء من إقليم دارفور، ووجودهم هنا قليل، إنما أقصد سودانيين يبدو أنهم يحملون جينات مختلفة قليلًا عن أولئك، ويحتلون الوسط الثقافي من السودان، ولا يمكن لهندي مثلي تمييز اختلاف جينات السودانيين إلا بالشعر؛ فشعرة الواحد من سكان الوسط خشنة وجافة و(...) وليس في مقدور أعتى الرياح تحريك شعرة من شعر السوداني طالما أن هذه الشعرة مثبتة على فروة رأسه! ورغم ذلك، فإن غالبيتهم عرضة للصلع، حتى في وقت مبكر من أعمارهم.
لا أستطيع تخيل نوع تصفيفة الشعر التي كانت سائدة بين السودانيين أيام الدولة السنارية (1504- 1821) أو التركية (1821- 1885)، وغالب الظن أنهم كانوا يهملون شعورهم إلى أبعد مدى من الاهمال، ويتركونه يتدلى، أو يجزونه تمامًا باستخدام الموسى، وحتى هذا الجّز لا يعهدون به إلى حلّاق مختص، إنما يقوم به أي فرد لمن رغب.
في الواقع، لا امتلك دليلًا مكتوبًا على ما سبق، ولا سندًا للزعم الذي سأزعمه بعد قليل، وكل ما في الأمر أنها مقاربات وضرب من التّخمين، وهو أن السودانيين، ربما، لم يعرفوا قص جزء من الشعر وتشذيبه إلا مع الدولة الخديوية التي استعمرت بلادهم بواسطة محمد علي باشا (1821) فجميع الرحالة الذين اهتموا بالكتابة عن تفاصيل حياة السودانيين في ذلك العصر، نسيوا التعليق على حلاقة شعورهم، وهذا الأمر في غاية الأهمية بالنسبة لي كحلاق، ولا أقابل بالتقدير جهود أيًّا من الرحالة الذين تذكروا وصف حتى الحذاء، ونسيوا ذكر أعلى ما في هامة الإنسان: شعره! فالشعر يمثل الهوية الحقيقية الأولى لأي إنسان، كما تناول ذلك الفيلسوف الألمعي (تزيفتان تودوروف). وبشأن السودانيين، يمكن الإشارة، بطرافة، إلى أن كل من الشرطة والجيش، هناك، يستخدمان شعر رأس الجندي كمكان مناسب يمكن من خلاله إنزال العقوبات الهازئة في الفرد غير الممتثل للقيم والتعليمات العسكرية؛ فسرعان ما يجد الجندي، المخطئ عسكريًا، شعر رأسه وقد فارق منبته، وأصبح مسار تندر وهزؤ بين الأصدقاء، وهذا ما يخشاه الجميع، رغم ما يكتب من صفحات مبهرة في شجاعتهم، وربما لم نكن لنجد تفسيرًا مناسبًا للعقوبة المار ذكرها، لولا إشارة تودودرف الذكية، وينبعي الآن التسليم بأن القصد منها التخريب لهوية الفرد الشخصية! بل يكون حلق الشعر هو أول فعل يقوم به الشخص المدني الملتحق بحياة العسكرية.
سأعود إليك قريبًا في رسالة أخرى،،،

[size=24]
آخر تعديل بواسطة íæÓÝ ÍãÏ في الأحد أغسطس 21, 2016 4:32 pm، تم التعديل مرة واحدة.
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

نعيما

مشاركة بواسطة حسن موسى »


نعيما يا يوسف و شكرا على هذه " الحلاقة" الرفيعة.
نحن في إنتظار بقية الرسائل
و لو سخيت ابسط علينا بعضا من ردود الصديق[ الحجّام ؟] الهندي المقيم في واشنطون و الأجر على الله.
صورة العضو الرمزية
مصطفى آدم
مشاركات: 1691
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 5:47 pm

مشاركة بواسطة مصطفى آدم »

أعتقد أن حلاّقك يا يوسف تعامى عن ابتكار السودانيين للتقليعات الغريبة التي يختص بها لعيبة الكرة النجوم ... ف "قمبور" رونالدو البرازيلي لم يكن سوى قمبور أطفال السودان... في السابق. وقس على ذلك !
íæÓÝ ÍãÏ
مشاركات: 71
اشترك في: الاثنين مايو 18, 2015 4:29 pm

كل جيل معلق من قمبوره

مشاركة بواسطة íæÓÝ ÍãÏ »

نعم الله عليك يا دكتور
كان يمكن أن أباري رسائل الهنود، على كثرة ألوانهم، الحمراء وغير الحمراء، واتعهدها بالكتابة؛ لكن حباني الله بصديق خوّاف، وهو شديد التأثير عليّ؛ يزعم هذا الصديق أن جميع الناس المشغولين بالكتابة والتدوين هم في حرب ضروس مع الله، وعادة لا ينجوا الوحد منهم من البهدلة والشلهتة! فخفت على عمري الوحيد.
بالمناسبة، لم يقل صديقي شيئًا عن الرسامين؛ لكن يبدو أنهم يخوضون الحرب نفسها!
عزيزي مصطفى آدم
شكرًا على وجودك في هذا الصالون الهندي، وشكرًا لانتصارك لـ (العرف) السوداني.. والشاهد أن حلّاقي الهندي شديد التذكر لهذا النوع من الحلاقة الطفولية، وشديد التذكر لحلاقات التسعينيات من شاكلة: كارلويس ومارينز، وربما الكابوريا؛ وما زال حلاّقي ينظر إلى الجيل المغرم بحلاقة (أحمد وحسين) الصادق أخوان وشركائهم.. وكل جيل معلّق من قمبوره!!
[size=24]
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

الخواف ربّط عياله

مشاركة بواسطة حسن موسى »


سلام يا يوسف

ياخي صديقك الخواف دا[و الخواف ربّط عياله] قول ليهو و الله أنحنا مشغولين بالكتابة و بالرسم لكن الحرب الضروس مع الله ليست في جدول أعمالنا. لكن عباد الله الغلبوا الهدّاي ما بنخليهم يعبروا الوجود هلمّجرّا ساكت ،و كل ما نظبطهم متلبسين بانتحالات مجرمة في حقنا نديهم على راسهم، و قيل نحلق ليهم، أما حديث القمبور فهو يحتاج لخيط مستقل فواصل كفاحك و ما تنشغل بثرثراتنا.



صورة
íæÓÝ ÍãÏ
مشاركات: 71
اشترك في: الاثنين مايو 18, 2015 4:29 pm

مشاركة بواسطة íæÓÝ ÍãÏ »

سلام يا دكتور حسن.. لو كانت يدي مطلوقة لكتبت (في مديح القنابير) متأسيًا بالنور اللحمر الذي امتدح طيظ الوزة.. غير أنني أقلُ، هذه الأيام، قليلة خمشتها بيدي وسعت إليها كراعي.. بالمناسبة، لماذا يقول السودانيون في دارجتهم "قليلة"، وهم يشيرون إلى عكسها؟ هل تستطيع (قلقلة القاف) عكس المعنى إلى هذا الحد!!؟
صورة العضو الرمزية
حاتم الياس
مشاركات: 803
اشترك في: الأربعاء أغسطس 23, 2006 9:33 pm
مكان: أمدرمان

نعيماً..

مشاركة بواسطة حاتم الياس »

لدى الأندية الخرطومية الكبرى الهلال والمريخ والمورده وغيرها بعض الأشخاص الذين افنوا عمرهم فى محبة النادي والأخلاص لشعاره وهم ليسوا مجرد مشجعين عاديين وأنما لديهم قدرات وموهبه فى معرفة ناشئة الكره من لعيبة ميادين الحواري والدرجات الصغرى هؤلاء الجماعة من متصوفة الحياة الكروية بين المورده والهلال والمريخ يسمونهم (الكشيفين) .صديقى التشكيلي عادل حامد خرج من مدرسة الأحفاد باتجاه موقف شندي بعد مكالمه وصلته فى منتصف اليوم الدراسي تقول أن زوجته تضع مولودهما الأول (عادل ينسب بعض الأمور للخوارق) ولما كانت الأحفاد مجاوره لأستاد الهلال وجد فى تلك الظهيرة بص ممتلئ بالمشجعين الذاهبين نحو عطبره لتشجيع فريقهم فى مباراته ضد الأمل عطبره , لافتة القماش المعلقة على البص كتب عليها رابطة مشجعي الهلال رحلة عطبره لمؤازرة الفريق. وقف عند الباب وطلب من منسق الرحلة أن يسافر معهم لعطبره وكشف له باخلاص عن هويته الهلاليه بعد ان أخبره منسق الرحلة بأن العضوية المسافرة مسجله لديه فى كشف لكنه بعد ذلك سمح له بكرم ان يرافقهم قال لى أن ميثاق قوي وودود نمأ فى الطريق بينه وبين أولئك المشجعين جعل أنتماءه القديم للهلال يتصدر أولويات أحساسه الذاهب نحو اتبرا وسط تلك الضجه والنقاشات والهتافات وأحاديث صحبة السفر حتى أنه أصر على حضور المباراه وشجع ثم عاد لرؤية مولودته الأولى (أوراد)..أنا هنا ماذا أريد أن أقول, نعم أنا من سجلت يوسف حمد لموقع سودان فور أول لذا اشعر باننى (كشيف) قديم فى مدرجات نادي الهلال كما أننى أكتب بعد (حلاقة شعر) مضمخه بروائح كلونيا الشبراويشي
íæÓÝ ÍãÏ
مشاركات: 71
اشترك في: الاثنين مايو 18, 2015 4:29 pm

تحت رعاية حاتم إلياس

مشاركة بواسطة íæÓÝ ÍãÏ »

عشت طوال عمري ابحث عن الرعاية، الآن وجدتها عند صديقي الماركسي حاتم إلياس المحامي؛ وبالحق هو من اكتشفني، وجاء بي إلى هنا كسوداني في (سودان للجميع)، وبالطبع بعد أن بدد الكثير من عقبات نفسي.. شكرا يا حاتم على الرعاية، وأرجو ألا تكون (رعاية بي قيد)!
مودة ترقى إلى صلة الرحم
أضف رد جديد