اللجوء الي خبايا الذاكرة

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
يحيى فضل الله
مشاركات: 183
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:22 pm

اللجوء الي خبايا الذاكرة

مشاركة بواسطة يحيى فضل الله »

نص قصصي
===================
اللجوء الي خبايا الذاكرة
=================
يحيي فضل الله
==============
ناعم جدا هذا الليل ، ملمسه لا يحتمل الا الأنين ، اتجول في خبايا الذاكرة ، تتداعي الصور و اكاد لا احتمل هذا التتابع المتناثر في انسجة الهواجس و الظنون ، ليل ناعم يقذف بي في متاهات الانفعال ، ها هي النافذة مفتوحة علي دهمة هذا الليل ، اصوات لا اكاد استبين او اتذوق معانيها لاني مغلق الذهن ، مششت العاطفة ، لا اجد لي من مرقدي إرتياحا ، استدعي النوم ، اغمض عيوني ،انقر باصابعي علي حديد السرير المهتوك الكرش ـ انقر نقرات برتابة متعمدة احاول بينها ان اغفو و لكني و دون إرادتي اجدني يقظا تلك اليقظة القاتلة ، اتجول في خبايا ذاكرتي ، اتحالف مع قلقي و هواجسي و انتمي مجبرا الي وحدتي ، وحدة تقذف بي الي اللاجدوي ، شعور مميت ان تحس باللاجدوي ، اتمرد علي هذا الشعور المميت ، اتحرك من علي السرير الذي يئن ممتصا حركتي ، اقف في وسط الغرفة ، اتجه نحو الباب ، افتحه ، اقف برهة ، اغلقه ، هاربا من دهمة هذا الليل ، اضغط علي زر النور ، تضاء الغرفة المتناثرة اشياءها بفوضي هي فوضي عواطفي و إنفعالاتي ، اتجه الي منضدة في ركن الغرفة ، عليها بعض الصحف القديمة كنت قد نكتها من شنطة جلدية قديمة حتي اني انعتها بشنطة الذكريات ، وقتها كنت ابحث عن ألبوم صور قديم لعلي اجد صورة صديق لي من ايام الثانوية العليا ، صديقي مات في صيف العبور وكانت بي رغبة حارقة ان اتهجي ملامحه ، لعلها الملامح تعفيني من إرتباكات مفهوم الشهادة والشهيد ، هي رزمة من الصحف القديمة ، اتناول كومة منها ، احاول ان اهرب من ذاكرتي بالقراءة ، اجلس علي كرسي متهالك رافعا رجلاي علي حافة السرير ، كوم الصحف اضعه علي الارض ، كنت احاول ان اقرأ مبتعدا عن هواجسي :- (( تسلم الرئيس جعفر محمد نميري رسالة من الدكتور حسن الترابي رئيس المجلس الوطني - البرلمان - في السودان و قد سلم الرسالة امس الاول عبد العزيز شدو نائب رئيس المجلس الذي زار مصر ........... )) ، واقذف بالجريدة علي ارض الغرفة و من خبايا ذاكرتي ، اري فيما اري ، ازقة حميمة كنت اتجول فيها ، مقاهي كنت التقي فيها باصدقاء قدامي تبعثروا و تناثر من تناثر منهم و بدلوا تبديلا ، ها هي أمي اراها لاتستطيع مطلقا ان تتحمل غيابي ، امي ترفض ان تتذوق غيابي و كلما أهاتفتها من هذا البعد البعيد يأتيني صوتها ممنعا في فكرة الغاء كل هذه المسافات التي بيني وبينها :- (( اها انا الليلة عاملة ملاح بامية مفروكة ، بننتظرك بالغداء و كان ما جيت للغداء و جيت في الليل بتلقي حلة الملاح في المطبخ و الكسرة بتلقاها في الطبق و كان صحيتني بعمل ليك صلطة الطماطم بالدكوة و الشطة الخضراء و كمان خجيجه جات هنا و جابت ليك مدبدة دخن ...... )) ، (خجيجه) ، الصبية التي علمتني ان انحاز الي انوثتها ، اعرف ان حلمها بي قد تلاشي حيث لا واقع حقيقي يستوعب فكرة ان نصنع حياتنا و تتمادي امي في الغاء المسافات بيني و بينها و تمادت لابعد من ذلك و اصبحت تستدعيني في كل التفاصيل ، تستحضرني من غيابي :- (( انت امبارح وكت جيت بالليل ياشقي من حفلة نادي الهلال البنومك في الحوش شنو ؟ ، يعني ماحاسي بالرطوبة و لاما هاميك البعوض ........... )) ، امي ، اصبحت اخاف ان اهاتفها هروبا من دمعة تكلفني الكثيف من الهذيان حد الجنون ، (خجيجه) تمرح الان بين خبايا الذاكرة بثوبها الاخضر المربوط علي خصرها بحرفة انثوية ساحرة ، احس بخطواتها في دروب عاطفتي ، احسها بخطوات احلامها المتوثبة ، صوتها يدغدغ إرتعاشي المنتمي لتلك العذوبة ، لتلك الالفة المضاعة في تفاصيل الغياب ، شجرة الحراز التي كنا نلتقي عندها في امسيات تمتد الي بدايات الليل ، كم كنا نحلم ان يتوغل لقاؤنا الي نهايات الليل ، ليالي الصيف ، ها هي ( خجيجه) ، الصبية يانعة الاحلام تقترب بخطوات اليفة من حيث اقف انا تحت شجرة الحراز المعلنة خضرتها بتضاد متراكم الخبرة مع يباس الصيف ، ( خجيجة) لاتعرف كيف تدس لهفتها ولكنها تعرف كيف تدس الفرح بين مسام الروح ، دائما ماتترك في يدي ورقة صغيرة عليها تمارس كتابة احلامها و خواطرها البرئية بعد نهاية كل لقاء ، ضاعت تلك الاوراق الصغيرة المحتشدة بالعاطفة في حقيبة فقدتها بداء الرحيل المزمن من مكان الي مكان ، اوراق (خجيجه) ليست في شنطة الذكريات ، هاهي (خجيجة) تقترب و اقترب انا من تفاصيل فرحي
- امبارح ما جيت ليه ؟ -
- امبارح ؟ -
- ايوه ، امبارح ، امبارح مش كان يوم الخميس
- لا ، ما نحنا متفقين نتلاقي الليلة يوم السبت، انتي جيتي هنا يوم الخميس ؟
و انتظرتك لحدي الساعة سبعة
- معقول ؟
(خجيجه) ضاعت في الغياب ، هاهي تطل من الذاكرة متبرجة بعاطفتها النقية و محتشدة باحلامها ، اهرب مرة اخري من ذاكرتي و الوذ بالصحف القديمة ، لماذا كل هذا الحنين المفاجئ جدا في هذا الليل الناعم المتحالف مع كل ذلك الانين المعذب للدواخل ؟ ، لماذا علي ان اجادل كل هذا الحنين ؟ ، اتناول صحيفة من علي الارض ة اقرأ :- (( الحركة الشعبية تقلل من اهمية تعيين كاربينو نائبا لرئيس مجلس الجنوب )) ، اتجول بنظري في العناوين الكبيرة هاربا من كل هذا الشجن الخاص : - (( والي شمال دارفور يقول ان 2% من المدارس متوقفة لعدم سداد رواتب المعلمين ، المفوضية العليا لللاجئين قلقة لاستمرار تجميع اللاجئين السودانيين بأثيوبيا ، قبيل العيد ، الاسعار مرتفعة و المواطنون محجمون عن الشراء ، الصادق المهدي لا يسعي للمشاركة في السلطة وإنما للديمقراطية و رفع الظلم عن الشعب ، الحكومة زيفت الجهاد و خربت البلاد و إذلت العباد ، محاكمة خمسة شبان بتهمة إختطاف ورير التعليم العالي )) ، و تقذف بي القراءة الي سأم فأضطر ان ألوذ بذاكرتي مرة اخري ، احرض حنيني و انتمي الي شجني ، اهرب من ذلك العام المقلق الي الخاص الاكثر قلقا و لكنه قد يحيلني الي بعض التماسك ، و اري في خبايا الذاكرة شوارع احن اليها ، ازقة شاحبة ، اسواق تجولت فيها ، اماكن عديدة و مختلفة لها بي علائق و لي بها نسيج من علاقات تحرض شجني ، و اري فيما اري زرقة مياه بحيرة ( كيلك ) تتلاصف مع شمس خريفية المزاج ، كنت وقتها اتباهي بخاتم من العاج الناصع البياض و عليه نقطة منكير حمراء ، لطشة من منكير احمر علي بياض العاج الناصع ، كنت اتباهي بهذا الخاتم علي اصبعي و النقطة الحمراء احس ان فيها دفقة مرمزة من عاطفة (خجيجه) النقية ، الخاتم الابيض بنقطته الحمراء ادخلته (خجيجه) في اصبعي موثقة جموح علاقتنا نحو الممكن من الاحلام و ضد هذيان المستحيل ، بحيرة ( كيلك ) إبتلعت هذا الخاتم في جوفها و انا استحم فيها ، خرجت من البحيرة فاقدا خاتم (خجيجه) الابيض بنقطته الحمراء ، اكاد احس الان بشعور ذلك الفقد ، إنقبض مني الفرح وقتها و انكمش و لاذت افكاري بتفسير ميتافيزيقي بفقدي لذلك الخاتم ، خفت من ان يكون معني هذا الفقد هو فقد (خجيجه) ، تري ، لماذا بعد كل هذه السنوات و كل هذه المسافات ، لماذا تتجول (خجيجه) في دروب ذاكرتي ، هل هو ذلك الحنين الي براءة العاطفة؟ ، الي نقائها ؟، الي ذلك الانفعال الجياش المفعم بالاماني و الاحلام ؟ ها هي (خجيجه) مجرد ذكري ، مجرد فكرة في نسيج هذا الغياب.
هذا الليل ناعم جدا ، ملمسه لا يوحي الا بالانين ، الانين الذي يحتل الدواخل ، انين هامس و خافت ، احسه انا وحدي ، انا الذي باعدت بيني و بين فرحي تفاصيل هذا الغياب ، انزل رجلاي من علي حافة الكرسي ، اقذف بكوم الصحف علي ركن الغرفة ، انهض من الكرسي ، اقف في وسط الغرفة و علي ذهني تضج إرتعاشات الحنين و الشجن ، افتح باب الغرفة ، اخرج ، انظر الي سماء لا تنتمي مطلقا الي و اعرف انني امشي علي ارض لا تخصني في شئ ، اترك خطواتي تقودني الي حيث لا هدف ، امشي وذاكرتي تجادل بريق اللهفة في عيون (خجيجه) ، لماذا (خجيجه) ؟ ، و لماذا الان ؟ ، و انا اعرف ان في خبايا الذاكرة الكثيرات من اللواتي فرضن إشعاعهن الانثوي علي ذاكرتي ، ( إعتماد ) ، من كانت خطيبتي ، اورثتني مذاق الخيبة العاطفية الحارق و التي لا زالت تنهشني في الذاكرة التي انقب فيها الان و بكل ذلك التعب عن معني الصدق و البراءة ، انقب عن علاقة عاطفية بكر ، خارج مظاهر ذلك الزيف و اعرف ان جرج الخيبة العاطفية لن يندمل الا بلجوئي الي نقاء (خجيجه) ، باعتني (إعتماد) ، (إعتماد ) خطيبتي ، تلك التي اليها إنتميت ، باعتني هكذا فجأة ، باعتني مع تاجر طفيلي يملك مصنعا للظهرة ، كانت تخونني معه ، تتبعت خطواتها حتي كان ان شاهدتها تفتح باب سيارة فاخرة ، اظنها كريسيدا ، عربة ناصعة البياض و تجلس (إعتماد ) علي مقعدها الامامي ، كان قد حدث ذلك في شارع له عتمة و كنت اراقب ذلك الحدث مختبئا خلف جدار متهدم ، وتحركت تلك السيارة و بها (إعتماد ) الي حيث لا ادري ، لا ، ذهبت الي حيث ادري و توارت تلك العربة البيضاء عن عيوني و انا اتابعها و اخر ما رأيت منها هو ذلك النور الاحمر الذي شع من خلفيتها و هي تنحرف يسارا او يمينا ، لا اذكر ، ولكني اذكر تماما كيف ان النور الاحمر في خلفية العربة البيضاء احالني الي خاتم العاج الابيض و نقطة المنكير الحمراء التي اراها الان تشع امامي في نسيج دهمة هذا الليل الناعم جدا و الذي لا يحتمل ملمسه الي الانين .
صورة
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

العزيز يحي فضل الله .
لك التحية وكثير الاحترام ،

فقلمك أراه دوماً يخضّرُ فتُوة مُبدعة

يحق لي لعن الزمان الذي لا يُمهِلني حتى أقرأ ما أحببت ،
إلا صُدفة . تُلِّح عليَّ الغرائب وتُغلِظ عليَّ التفاصيل .
تجذبني أنوار الكآبة لأحتمي بقهرٍ يُجبِرني ،
ولا يتسع لأقرأ ما يتعين عليَّ قراءته .

على رخام الذاكرة ، يكتُب الذهن التفاصيل ، ولا ينسى .
الصورة النقية الصادقة ، دوماً تقف تؤنب الزمان عن الهجران .
ربما الدُنيا أرحب من بيئة حانية على ضفة العُمر ، تصلُح هي لقضاء
عطلة سنوية ، ولا تصلُح لقضاء كُل العُمر .
من يعرف أكثر ، يأخذه الحنين إلى البساطة ودُنياها الجميلة .

ما كتبت أراه مشروعاً تختبئ من بين ثناياه رواية .
لك الشكر أن لامست ذاكرة الراوي حنيني إلى الماضي .
صورة العضو الرمزية
يحيى فضل الله
مشاركات: 183
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:22 pm

مشاركة بواسطة يحيى فضل الله »

الاخ عبد الله الشقليني
هميم التحايا و كثير الود و التقدير
ازعم انني متابع جيد لما تكتب هنا و هناك و لا زالت بي رغبة للتداخل معك حول الكاتب الدرامي المتميز صلاح حسن احمد والذي لي معه نوع من العلائق الفنية فمشروع تخرجي في المعهد العالي للموسيقي و المسرح - رحمه الله - كان اخراجي لمسرحيته ( حكاية تحت الشمس السخنه ) و سافعل لان الكتابة عن صلاح حسن احمد تحتاج الي طاقة من التأمل كثيفة تستدعي بالطبع نوع من المكيدة الحريفة للتخلص من بعض التفاصيل اللزجة
عبد الله الشقليني - بيكاسو- كما يحلو لاصدقاء مشتركين بيني وبينك
شكرا لانحيازك لهذا النص القصصي حد ان تري فيه مدخل لرواية واتمني ان اكون عند حسن الظن فان حسن الظن عبء
واسمح لي ان اهديك هذا النص القصصي القصير جدا لصلاح حسن احمد احفظه في ذاكرتي منذ زمن طويل
(( دخلت نملة و اخذت حبة و خرجت
دخلت نملة و اخذت حبة و خرجت
دخلت نملة و اخذت حبة و خرجت
دخلت اخري اخذت حبة و خرجت
دخلت نملة اخذت حبة و خرجت
إلا ان جاءت نملة عمياء
فأخطأت المدخل
و تبعها الباقون ))
ودي شحتفه خفيفة فيما يخص عوالم صلاح حسن احمد
كثيف شكري
و ما تنقطع
صورة
بشرى الفاضل
مشاركات: 353
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 8:31 pm

مشاركة بواسطة بشرى الفاضل »

شكرا يا يحيى على هذا النص .سآخذه معي للبيت لأستريح به من بعد يوم عمل شاق. تحياتي للاستاذة هادية والعيال . ولك مثلها يا بيكاسو.
نصار الحاج
مشاركات: 120
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:59 pm

مشاركة بواسطة نصار الحاج »

جميل يا صديقي
وجميلة هذه القصة، هذه التفاصيل والحياة - هذه الذاكرة الحيّة
هذه السِّيَر المتعددة
التي أيقظتها الذاكرة لتلامس الراهن في كل أبعاده.
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

عزيزنا يحي فضل الله
تحية وكثير احترام لك .

وما أريحيتك إلا من الأدب الجمَّ ، فبفنَّك يتعين علينا أن نُفاخِر .
فقلمك ثري بقدر عُلو مرتبة ما تكتُب . وحاشا أن أكون في
موضع تقييم ما تكتُب . وهبتنا أنت في صفحة السماوات أكثر مما نستحق .
وأخالف هُنا صديقنا حسن موسى ، من أن حلو الحديث لمنْ تودَّهم ،
يستنفر الحس الإبداعي لديهم ، وليست مكرُمة لا تُفيد .
لديَّ حديث أسرَّه أحد أصدقائي من الكُتاب واسترشد به دوماً، أحسبه الأديب :
عثمان حامد سليمان
وهو نفسه صاحب الملاحظة التي يُسرِف دوماً في ترديدها :
[ يتعين علينا دوماً أن نُدقق على ما نكتُب من شكليات اللُغة ،
فربما يتيسر لما نكتُب أن يُصبح في الحُلم القادم نصاً يصلُح للدراسة ،
ثم يحتَجِب النص بسبب عدم توخي الدقة الإملائية ! ]

ولم أزل أنا في تنقية العيوب في كتابة العربية السودانية أو
الفصيحة وفق ما تيسر ، ولم أصل المُراد ..
عزيزنا يحي

يذكرك كثيرون بأنك كنـز جرفته سيول المهاجر ،
وأعتقد جازماً أن وراءها خيراً كثيراً أن تفتقت تلك الأريحية
الأدبية ، دونها أنت كنتَ ستركُض وراء معايش السودان
ولن تجد الوقت لتهبنا تلك البُرهة الرشيقة من أدب القص .
شكراً لك

بيكاسو
صورة العضو الرمزية
يحيى فضل الله
مشاركات: 183
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:22 pm

مشاركة بواسطة يحيى فضل الله »

الاخ الصديق بشري الفاضل
تحيات ذاكيات و عارمات بالشوق و الود و الاحترام
تذكر ؟ ، مرة كتبت لي تقول (( شيمه هي ام إنقاذ ؟ ، تلك التي فرقتنا ؟ )) و الشيمه يا بشري لم تكف عن الدوران و تتعدد الدوائر مثلما( تكاثرت الافيال ) المقولة المسرحية التي فجرها الكاتب المسرحي السوري الراحل ( سعد الله ونوس ) في النص المسرحي ( الفيل يا ملك الزمان )
كلما يصادفني اسمك ، احس اننا بيننا رسائل مؤجلة
اتابع تضاريسك في الرأي العام و افرح لانك تتعاطي معي هذه الفكرة الجميلة ، فكرة عدم الغياب عن السودان عبر الكتابة و تجدني مثابر جدا علي تنفيذها بحرفة و احتراف
سأتمرد يا بشري علي حالة الرسائل المؤجلة
شكرا علي إشهارك الاهتمام بالنص و سأتباهي بذلك
تحياتي لكل الاسرة
و ما تنقطع
صورة
مصطفى مدثر
مشاركات: 935
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 10:26 pm
مكان: هاملتون-كندا

Re: اللجوء الي خبايا الذاكرة

مشاركة بواسطة مصطفى مدثر »

صديقي يحيى

"أوراق (خجيجه) ليست في شنطة الذكريات"

لكنها هناك.
بيد أني ....
أحتاج أن أتعاطى مع اعتماد.
أو
أحتاج نجما في سماء الهزيع الاخير من ليلة السبت.
قرأت نصك بتمعن جديد.
صورة العضو الرمزية
يحيى فضل الله
مشاركات: 183
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:22 pm

مشاركة بواسطة يحيى فضل الله »

الاخ نصار الحاج
نعم يا صديقي ، هذا الراهن ال ( بكل ابعاده ) يذهب منثورا في التشظي و ( منثورا ) هذي لبست من نثر و لكنها من تناثر ، وهكذا راهن لابد ان يكون متحالفا مع تعددية حادة من التشظيات و انكسار الاحلام و تبدل القناعات و لبس ثمة من يقين واظن ان اجمل الشعر يلعب في هذه المنطقة
شكرا يا نصار علي مرورك هنا و لا زلت انتظر رواية ( الحديقة السرية ) لصديقي الشاعر الجميل الراحل محمد القيسي ، شفتا ؟ ، انا لايوق كيف ؟
هميم الود و الاحترام
و ما تنقطع
صورة
صورة العضو الرمزية
يحيى فضل الله
مشاركات: 183
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:22 pm

مشاركة بواسطة يحيى فضل الله »

(( يذكرك كثيرون بأنك كنـز جرفته سيول المهاجر ،
وأعتقد جازماً أن وراءها خيراً كثيراً أن تفتقت تلك الأريحية
الأدبية ، دونها أنت كنتَ ستركُض وراء معايش السودان
ولن تجد الوقت لتهبنا تلك البُرهة الرشيقة من أدب القص . ))
تعرف يا بيكاسو ، كنت اركض وراء معابش السودان و كان عندي درج مثل ادراج الثانويات العامة والعليا ، درج تقشر طلاؤه الاخضر و جاور هذا التقشر الاخضر بإلفة هارمونية خربشات لونية متعددة من الوان الزيت و قد كان هذا الدرج مهمل و مرمي في ركام ورشة النجارة بقسم المسرح بالمعهد العالي للموسيقي و المسرح ، العمارات شارع 57 ، احمد عمر ( النجار ) ، هكذا كانوا ينادونه طلاب و طالبات قسم المسرح و علي اصابع هذا الرجل الجميل ، احمد عمر النجار كان يتم تنفيذ ديكور العروض المسرحية علي خشبة مسرح قسم المسرح الموسوم و بقصدية جمالية متعمدة ب ( مسرح تاجوج) ، في ظهيرة مكثفة بالبروفات استعدادا لعروض التخرج
كحلت ذلك الدرج و عرفت انه يخصني بمعيار فاسناذنت احمد عمر النجار لاخذ ذلك الدرج الي غرفتي بداخلية نمرة إتنين و باريحية متناهية قال لي احمد عمر النجار ( خلاص يا كوفنجي ، انا بوصل ليك الدرج ده لحدي الداخلية مع حسين السواق ) و ( كوفنجي ) هذي كانت لقبي ، وصل هذا الدرج الي غرفتي بالداخلية و لم بفارقني الا حين فارقته انا هاربا من السودان في العام 1995م و علي هذا الدرج يا بيكاسو كتبت معظم نصوص كتابي الاول ( حكايات و احاديث لم تثمر ) و جادل هذا الدرج طزاجة وتنفيذ معظم نصوص (تداعيات) وتحمل معي هذا الدرج عبء الانحياز الكثيف للسرد و ما يداهمني من خواطر و اشعار و ما ابحاثه ويبحاثني من مواد مناهج دراسة المسرح ، كان هذا الدرج خطوة من اهم خطواتي نحو احتراف الكتابة ، كان الدرج مكيدتي للركض مع و علي و وراء وامام و خلال معايش السودان و لو حاولت ان اكتب حالات فقدي و افتقادي لذلك الدرج احتاج الي توظيف طاقة من الحنين اتفادها الان باستبدال الدرج بالكي بورد و بإبدال و نفي فكرة الطوطم وقداسة المكان ، ساحتاج الكثير من الدمع كي استعيد ذلك الدرج و سيجتاجني الكثير من الهذيان كي يستعيدني ذلك الدرج وبين الدرج و الكي بورد تنشبح تفاصيل المهاجر واخاف جدا من تشبيح تفاصيل الوطن و للمعايش في المهاجرشبكة من الرهق و التعب و تحسس التبدلات حد البداهة و الانفصام قد تستحيل معها تلك البرهة القصصية و علي كل لازلت اوظف ذلك الدرج كمكيدة متحصنة بالتكنولوجيا و مندغمة مع إستراتجية تفجبر الذاكرة و متحالفة مع فكرة تطويع الادوات لصالح العمل الابداعي ، شئ اخر مهم جدا لمن يتعاطي مع مختلف المجالات الابداعية و هو ان المهاجر لها فوائد جمة ، مثلا ، حين شاهدت بالية ( بحيرة البجع ) احسست بغين كثيف و السبب في ذلك انني تذكرت ان التلفزيون السوداني يتهرب من اعادة التمثيليات القديمة لان الاستاذة الممثلة تحية زروق رأسها كاشف ، فتأمل
كثيف شكري لمنحي الفرصة لهذا الاندلاق الحميم
و ماتنقطع
صورة
ÎÖÑ ÍÓíä Îáíá
مشاركات: 106
اشترك في: الخميس يونيو 30, 2005 4:36 am
مكان: الخرطوم

مشاركة بواسطة ÎÖÑ ÍÓíä Îáíá »

شكراً الاستاذ يحي فضل الله

نص بديع قرأته لاكثر من مرة أعاد لذاكرتي سلسلة كتاباتك الاسبوعية في صحيفة الصحافة في عدد الثلاثاء المتميز .
شكراً مرة أخري عزيزي يحي .

خضر
لو رحت من نفسك بعيد
أو سقت في جواك بلد
برضك حتاخد في الطريق
سجنك معاك وللأبد
صورة العضو الرمزية
يحيى فضل الله
مشاركات: 183
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:22 pm

مشاركة بواسطة يحيى فضل الله »

صديقي في التفاصيل و الهذيانات و ما يترواح بينهما من سرد و سارد و مسرود
مصطفي مدثر
لك ذلك ، بس ، لابد من مكيدة كي تتعاطي اعتماد و كي تجادل الهزيع الاخير من ليلة السبت
هل تذكر يا مصطفي اغنية ليلة السبت لصلاح بن البادية
هل إبلغوك وشاية كذبا
عني يا حلوتي فصدقت ؟
ام خفت اعين عازلين لنا
في الحي فأحجمت ؟
ام ان مكروه إلم بك
لا قدر المولي تأخرت ؟
و هل مذاق السبت هنا كمذاق الخميس هناك في السودان الذي عايشناه و حين هربنا هرينا به ؟
و لا زال سؤالك الحريف قائما ، (هل يمكن توطين الروح ؟ )
و ما تنقطع يا حميم
صورة
صورة العضو الرمزية
يحيى فضل الله
مشاركات: 183
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:22 pm

مشاركة بواسطة يحيى فضل الله »

الاخ خضر حسين خليل
إنحيازك لهذا النص يحسسني بجدوي ما ارتكبه من حماقات في الكتابة
واسمح لي ان اتباهي بذلك
مع حميم الود و كثيف التقدير و الاحترام
و ماتنقطع
صورة
صورة العضو الرمزية
يحيى فضل الله
مشاركات: 183
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:22 pm

مشاركة بواسطة يحيى فضل الله »

مصطفي مدثر
معليش ، سهوت فسهي الكي بورد
نسبت كلمة مهمة في اغنية ( ليلة السبت)
هي ( ترقبنا ) في المقطع ده
ام خفت اعين عازلين لنا
في الحي ترقبنا فأحجمت ؟
مهمة جدا ( ترقبنا ) دي و لا شنو ؟
صورة
صورة العضو الرمزية
ãÍãÏ ÈåäÓ
مشاركات: 406
اشترك في: السبت فبراير 25, 2006 4:26 pm

مشاركة بواسطة ãÍãÏ ÈåäÓ »

يا صاحب التداعي النقي الذي يربك مثل اشجان صديقنا المرهف الفنان عبد الحكيم عامر/ياصاحب عمر الدوش وكفى/ياصاحب شفوت ومهمشي الحله/ ياحكاي وجع الزباله/ياصاحب سينما الابيض/ياقلما يسبر اشواق ماسحي الاحذيه والنشالين /ياصاحب اغتيه مثل(ضلك وراك ما بشبهك);يا ساكن امبده يا امبده ساكناك ماعندك طريقه,ابلغك شوقي ;واقول في حضرة التداعي:
البت اللابسه قميص الحب البلدي
ذي شمس ادور عنها في ظلمات...
وتدور في خلدي
صورة العضو الرمزية
يحيى فضل الله
مشاركات: 183
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:22 pm

مشاركة بواسطة يحيى فضل الله »

إلي بهنس ، تحديدا قاطعا و متقاطعا مع امبده التي كنت اسكنها و كانت تسكنني و لا مناص لي من اساكنها الان بغربة حريفة و يا له من مذاق يا بهنس ، ان نشتم رائحة المكان بقرن إستشعار الذاكرة و هاك يا بهنس عمر الدوش ده
[size=24]
سؤال
=============
عمر الدوش
===============

جِيتْ أسألِك
يا طفلَة الألم الرضيع
تدِّينى خاطْرِك شان أضيع
فى شوق موزّع فى الزحام
يا عذاب الريح للخيام
يا صهيل كَسر اللِّجام
يا خِتَام قبل البدايَهْ
يا بدايّهْ بدون خِتَام
جيتْ أسألِك مين علّمِك
إنّو الزمن فى مرَّهْ ناقِص
ومرّهْ تــــــام
جيت أسألك
الشوق مكتّف فى الطريق
والخوف مداخل للفريق
جيت أسألِك
مين علّمِك لُغة الزهور
مين علمك غضب الحريق
وانت باحَهْ
وانت واحًهْ
وانتِ ذاتِك سكَّة الزول للمضيق
فارْدَهَ السواعد
للزوابع والمطر
للْهَم يَولْوِل للشّجر
عايز أسألِك
مين علّمِك
!لَمّ السلامــَهْ مع الخــطــر



صورة
صورة العضو الرمزية
نجاة محمد علي
مشاركات: 2809
اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
مكان: باريس

مشاركة بواسطة نجاة محمد علي »

يحيى والجميع
سلام

لمعة هذا النور الأحمر في نصك:
ولكني اذكر تماما كيف ان النور الاحمر في خلفية العربة البيضاء أحالني إلى خاتم العاج الابيض ونقطة المنكير الحمراء التي اراها الان تشع امامي في نسيج دهمة هذا الليل الناعم جدا و الذي لا يحتمل ملمسه الي الانين .


يشبه لمعان في إطار سيارة عابرة في كلمات مصطفى مدثر:
هذا الذي يعتريك يسمونه
الحزن
ويبدو عليه
وذاك دليل حصارك
يلمع في إطار سيارة عابرة


"عمل مدبر"، أم مصادفة؟ مثل هذه المصادفات التي تذخر بها النصوص، مثلما يذخر بها تراث الإنسانية. هذا التشابه في النصوص الذي قد يأتي محض صدفة، عن قصد، أو نتيجة للتشابه بين "تراثات" البشر و"تواريخهم"، أو نهلهم من نفس المنابع. هذا التشابه لا يختلف عن التشابه بين ملاح البامية المفروكة الذي جهزته أم الراوي في حكايتك هذه، مع ملاح البامية المفروكة الذي تطبخه صديقتي التشادية عيشة، مع شوية اختلافات "ثقافية" طبعاً. أو كارتداء الأبيض في بعض الطقوس الدينية الهندية واللون الأبيض في ملابس الإحرام، أو تشبيه وجه الحبيبة بالقمر في العديد من ثقافات الأرض، أو تشابه لحن هدهدة للأطفال من السودان، مع لحن هدهدة أخرى في بلاد الإسكيمو. إنها فكرة بديهية وبسيطة نابعة من طبيعة البشر، اختصرها/ اختزلها بعض النقاد في مصطلح "التناص". ولفظة "التناص" هي في رأيي ترجمة غير موفقة لمصطلح يعبر عن مفهوم تشابك وتشابه وتداخل وتفاعل النصوص وتأثرها ببعضها البعض، في آن. إن تشابه النصوص، بل وكل تجارب البشر بوجهٍ أعم، وتأثرها ببعضها، قد لا يتجاوز التقارب بين ومضة ضوء على "خلفية عربة" أو "إطار سيارة"، وقد يمتد ليشمل تاريخاً كاملاً، كهذه الإهرامات المكسيكية التي تشبه أهراماتنا وإهرامات مصر، على سبيل المثال.

يحيى،
في قسم الترجمة بالموقع نص للكاتب النيجيري بن أوركي ترجمه الأخ إبراهيم جعفر وأهدى إليك ترجمته.
http://sudan-forall.org/sections/tarjmat/pages/ibrahim_jaffar-benokri01.htm

مودتي
نجاة

صورة العضو الرمزية
يحيى فضل الله
مشاركات: 183
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:22 pm

مشاركة بواسطة يحيى فضل الله »

الاخت الصديقة , الاستاذة نجاة محمد علي
هذا إصطياد حريف و تلمس متمهل لعلائق و علاقات النص و هي صفات تحتاجها الدراسة النقدية للنص الابداعي في مختلف اشكاله و تجلياته
(( لابد من التفاصيل )) كما يقول الكاتب الدرامي و الشاعر و المترجم السوري ممدوح عدوان ، و البنية السردية لابد لها من التفاصيل و اكاد اجزم ان اللعبة السردية هي قدرة ان يتحكم السارد في التفاصيل ، التفاصيل في حيويتها القصوي في التفاعل و الانفعال مع بعضها البعض ، في إنسجامها وتنافرها و في ما بين الانسجام و التنافر
نجاة
اطربني هذا الالتقاط - ضوء السيارة العابرة - في نص مصطفي مدثر الشعري و - و ضوء السيارة الاحمر في نصي ، علق مصطفي - الشاعر - حصاراته علي إطار سيارة عابرة و مزج الراوي في نصي بين ضوء السيارة الاحمر و نقطة المنكير الحمراء و هذا ما وصفته بتفعيل التفاصيل في النص الابداعي و علي كل سيمضي النص الابداعي حثيثا نحو تفعيل فاعليته دون ان ينتظر النقاد حتي يتخلصوا من مغبة طشاش المصطلح و اللغة المطلسمة
كثيف شكري و احترامي
و ما تنقطعي
صورة
صورة العضو الرمزية
يحيى فضل الله
مشاركات: 183
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:22 pm

مشاركة بواسطة يحيى فضل الله »

الاخت الصديقة نجاة محمد علي
كتبت ( اطربني هذا الالتقاط - ضوء السيارة العابرة ) و اقصد إطار سيارة عابرة هي قد تفهم داخل السياق و لكن الدقة مهمة
قرأت نص الكاتب النيجيري - بن اوركي -
هذا نص مربك و مشاكس الي حد الاسئلة الكونية و انا ممنون للصديق ابراهيم جعفر و هو يخصني بإهداء النص و لعله يقرأ ما يكتب هنا و الم منه بطرف الكتروني
نجاة
هل يمكن نقل هذا النص الي المنبر فهو نص جدير بتفعيل حوار مثمر حول فنون السرد
تحياتي لبولا و البنات
و ما تنقطعي
صورة
أضف رد جديد