الاديب بشرى الفاضل يفوز بجائزة كاين للادب الافريقي

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
الصادق إسماعيل
مشاركات: 295
اشترك في: الأحد أغسطس 27, 2006 10:54 am

الاديب بشرى الفاضل يفوز بجائزة كاين للادب الافريقي

مشاركة بواسطة الصادق إسماعيل »

من صفحة حمور زيادة بالفيسبوك
د. بشرى الفاضل يفوز بجائزة كاين للأدب الافريقي، عن قصته "حكاية البنت التي طارت عصافيرها".
مبروك استاذنا بشرى ومبروك للأدب السوداني

(اجابة عن السؤال المكرر عن ان القصة قديمة، جائزة كاين تقدم للادب الافريقي المنشور المترجم للانجليزية. القصة الفائزة ترجمت العام الماضي وقدمها ناشرها للجائزة . لا يحق للمؤلف المشاركة انما يرشحه الناشر )
محمد سيد أحمد
مشاركات: 693
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 8:21 pm
مكان: الشارقة

ىىىى

مشاركة بواسطة محمد سيد أحمد »

الف مبروك
للاديب بشرى الفاضل


هذه العصافير اشجتنا من زمان
صورة العضو الرمزية
عادل القصاص
مشاركات: 1539
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 4:57 pm

مشاركة بواسطة عادل القصاص »

تهانيَّ الحارة لبشرى.

هذا شرف لنا.
صورة العضو الرمزية
عادل القصاص
مشاركات: 1539
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 4:57 pm

مشاركة بواسطة عادل القصاص »

Bushra al-Fadil wins 18th Caine Prize for African Writing


[align=left]
Bushra al-Fadil has won the 2017 Caine Prize for African Writing, described as Africa’s leading literary award, for his short story entitled “The Story of the Girl Whose Birds Flew Away”, translated by Max Shmookkler, published in The Book of Khartoum - A City in Short Fiction (Comma Press, UK. 2016). The Chair of Judges, Nii Ayikwei Parkes, announced Bushra al-Fadil as the winner of the £10,000 prize at an award dinner this evening (Monday, 3 July) held for the first time in Senate House, London, in partnership with SOAS as part of their centenary celebrations. As a translated story, the prize money will be split – with £7,000 going to Bushra and £3,000 to the translator, Max Shmookler.

“The Story of the Girl Whose Birds Flew Away” vividly describes life in a bustling market through the eyes of the narrator, who becomes entranced by a beautiful woman he sees there one day. After a series of brief encounters, tragedy unexpectedly befalls the woman and her young female companion.

Nii Ayikwei Parkes praised the story, saying, “the winning story is one that explores through metaphor and an altered, inventive mode of perception - including, for the first time in the Caine Prize, illustration - the allure of, and relentless threats to freedom. Rooted in a mix of classical traditions as well as the vernacular contexts of its location, Bushra al-Fadil's "The Story of the Girl Whose Birds Flew Away", is at once a very modern exploration of how assaulted from all sides and unsupported by those we would turn to for solace we can became mentally exiled in our own lands, edging in to a fantasy existence where we seek to cling to a sort of freedom until ultimately we slip into physical exile.”

Bushra al-Fadil is a Sudanese writer living in Saudi Arabia. His most recent collection Above a City's Sky was published in 2012, the same year Bushra won the al-Tayeb Salih Short Story Award. Bushra holds a PhD in Russian language and literature.

Bushra was joined on the 2017 shortlist by:

Lesley Nneka Arimah (Nigeria) for 'Who Will Greet You At Home' published in The New Yorker (USA. 2015)
Read ‘Who Will Greet You At Home’
Chikodili Emelumadu (Nigeria) for ‘Bush Baby’ published in African Monsters, eds. Margarét Helgadóttir and Jo Thomas (Fox Spirit Books, UK. 2015)
Read ‘Bush Baby’
Arinze Ifeakandu (Nigeria) for ‘God’s Children Are Little Broken Things’ published in A Public Space 24 (A Public Space Literary Projects Inc., USA. 2016)
Read ‘God’s Children are Little Broken Things’
Magogodi oaMphela Makhene (South Africa) for ‘The Virus’ published in The Harvard Review 49 (Houghton Library Harvard University, USA. 2016)
Read ‘The Virus’
The panel of judges was chaired by Nii Ayikwei Parkes – member of the Caine Prize Council and Director of the Ama Ata Aidoo Centre for Creative Writing at the African University College of Communications in Accra, the first of its kind in West Africa. He is the author of the novel Tail of the Blue Bird (Jonathan Cape, UK. 2009) which was shortlisted for the Commonwealth Writers’ Prize in 2010.

Alongside Nii on the panel of judges are: Chair of the English Department at Georgetown University, Professor Ricardo Ortiz; Libyan author and human rights campaigner, Ghazi Gheblawi; distinguished African literary scholar, Dr Ranka Primorac; and 2007 Caine Prize winner, Monica Arac de Nyeko.

As in previous years, the winner of the Caine Prize will be given an opportunity to take up residence at Georgetown University at the Lannan Center for Poetics and Social Practice. The winner will also be invited to speak at the Library of Congress. Each shortlisted writer receives £500, and Max Shmookler, translator of Bushra al-Fadil’s shortlisted story (originally written in Arabic) receives £250. The winner is invited to take part in the Open Book Festival in Cape Town, Storymoja in Nairobi and Ake Festival in Abeokuta, Nigeria.

Last year the Caine Prize was won by South African writer Lidudumalingani for his story “Memories We Lost” from Incredible Journey: Stories That Move You (Burnet Media, South Africa. 2015). Lidudumalingani has since gone on to win a Miles Morland Scholarship and is currently writing his debut novel, Let Your Children Name Themselves.

The New Internationalist 2017 anthology, The Goddess of Mtwara and other stories, is now published and it includes all of the shortlisted stories along with 11 other short stories written at the Caine Prize 2017 workshop in Tanzania. You can buy the anthology at https://newint.org/books/fiction/caine-prize-2017/. The anthology is also available from 11 African co-publishers who receive the print ready PDF free of charge.



المصددر:


https://caineprize.com/press-releases/20 ... an-writing
صورة العضو الرمزية
Elnour Hamad
مشاركات: 762
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:18 pm
مكان: ولاية نيويورك

مشاركة بواسطة Elnour Hamad »

التهنئة الحارة للصديق بشرى الفاضل
((يجب مقاومة ما تفرضه الدولة من عقيدة دينية، أو ميتافيزيقيا، بحد السيف، إن لزم الأمر ... يجب أن نقاتل من أجل التنوع، إن كان علينا أن نقاتل ... إن التماثل النمطي، كئيب كآبة بيضة منحوتة.)) .. لورنس دوريل ـ رباعية الإسكندرية (الجزء الثاني ـ "بلتازار")
صورة العضو الرمزية
موسى مروح
مشاركات: 172
اشترك في: الأحد نوفمبر 06, 2011 9:27 am

مشاركة بواسطة موسى مروح »

تهانينا للصديق العزيز بشرى الفاضل.
خبر رائع وجائزة مستحقة.
وسعادة إضافية بإمكانية الرفقة والمؤانسة الجميلة حينما يأتي إلى واشنطن.
محمد سيد أحمد
مشاركات: 693
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 8:21 pm
مكان: الشارقة

ررر

مشاركة بواسطة محمد سيد أحمد »

جائزة بشرى
تستحق الاحتفال فى الموقع
صورة العضو الرمزية
نجاة محمد علي
مشاركات: 2809
اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
مكان: باريس

مشاركة بواسطة نجاة محمد علي »

جائزة بشرى
تستحق الاحتفال فى الموقع


سلام محمد سيد أحمد
زي ما إنت شايف، عندنا عنوان فوق مرفوع في أعلى صفحة المنبر من نوفمبر 2016، وللآن لا زال معلقاً. يعني عاجبنا يكون عندنا عنوان قديم معلق على الرغم من مرور أحداث عديدة تستحق كلها الاحتفاء بها ورفعها في واجة المنبر؟ (مثلاً، هل تعتقد أن ظهور كتب بولا والاحتفاء بها في الخرطوم، لا يستحق الاحتفال؟) نحن ببساطة معطلين عن عمل أشياء فنية كثيرة بالموقع. الصور، على سبيل المثال، لا تظهر، ومعالجة هذه المشكلات تحتاج لإمكانيات على أكثر من صعيد. ونحن أناس رقيقو الحال، أيضاً على أكثر من صعيد، ونجابد في إدارة هذا الموقع بالعون الذاتي، كلٌ بقدر ما أوتي من مقدرة. فالكواشف أخواني، واحد تعرف حاله، والآخر تراكا شايفه يساهم بالكتابة والمشاركة مع غيره من الأصدقاء الساندين بالكتابة هذا المكان الجدير بتوسم الخير فيه.
فعليك الله روّق المنقة.

نجاة
محمد سيد أحمد
مشاركات: 693
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 8:21 pm
مكان: الشارقة

ررر

مشاركة بواسطة محمد سيد أحمد »

سلام نجاة

المشاكل الفنية سبب معقول

والاحتفال فى الموقع ليس مسؤولية الادارة

انا مستغرب تهنئة بشرى تمت من اربعة اعضاء فى البورد فقط

والمنقا رايقة
بالرغم من درجة الحرارة الوصلت عندنا 52
محمد سيد أحمد
مشاركات: 693
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 8:21 pm
مكان: الشارقة

مقال لصلاح شعيب نقلا عن الراكوبة

مشاركة بواسطة محمد سيد أحمد »

AM
صلاح شعيب

قبل فترة وجيزة كتبت مقالا عن مثابرة الروائيين لإحداث التراكم في الرواية السودانية بعد الانفجار الكبير في هذا الضرب. وأعربنا حينذاك عن الأمل في أن يحقق لنا روائيو البلاد وجودا متقدما على المستوى القاري، والإقليمي، والدولي. وما خاب الظن. إذ بعد شهر تقريبا صحونا على نبأين مهمين. الأول هو فوز الروائي عبد العزيز بركة ساكن بجائزة سين السويسرية لعام 2017. ولَم يلبث الشهران أن يمرا إلا وتضاعف فرحنا بفوز الروائي بشرى الفاضل بجائزة كين للقص الأفريقي لذات العام. وفي هذا العام أيضا حملت البشريات نبأ دخول رواية الأستاذ أمير تاج السر "منتجع الساحرات" الى قائمة البوكر العربية. وكما يعلم كثيرون أن أميرا ظل يثابر في هذا المجال لسنوات طويلة، ويسهم أيضا بكتابات قيمة حول شؤون الرواية، والثقافة، والفن، عموما.
ولعل ما يميز الأستاذ أمير وسط الروائيين هو دأبه المستمر للاشتغال على مستوى التنوير عبر الصحافة الثقافية التي تذكرنا مقالاته بعهدها الذهبي. إذ كنا نقرأ لعلي المك وعبدالله الطيب ومحمد عبد الحي وسامي سالم ومصطفى سند وعيدروس وعبد الوهاب حسن خليفة وعيسى الحلو وعبد الهادي صديق ويوسف عيدابي وعبد القدوس الخاتم الذي رحل أخيرا. ونرجو أن نذكر أنه قبل كل هذه الأنباء المفرحة أن "شوق الدراويش" للروائي حمور زيادة نالت جائزة نجيب محفوظ للرواية التي نظمتها الجامعة الأميركية بالقاهرة عام 2014. ورغم الجدل الموضوعي، وغير الموضوعي، الذي فجره فوز حمور إلا أننا حزنا على مكان عليٍ في ذلك المحفل الإقليمي، وهذا هو المهم. واعتقد أن قيمة العمل الروائي تأتي حينما يتكثف النقد حول الفكرة اتفاقا، أو اختلافا. بل إن منتجات الفنون جميعها عرضة على الدوام للنقد، والهجوم معا. وأحيانا يتجاوز النقاد هذه المنتجات لينالوا من سيرة المنتج أكثر من تحليل، أو تأويل، إنتاجه. وهذا أيضا أمر مفهوم بالنظر إلى درجات الاهتمام، وأولوياته، ونوعيته، عند الناقدين.
وبرغم أن هناك مدارس نقدية تركز على النص، وتفضل قتل المؤلف، ولكن هناك أخرى تبحث في نوايا الكاتب، وتدرس تاريخه بمعزل عن النص لتقول مثلا عنه إنه يخدم إمبريالية محددة. ونقد الروائي، لا عمله، ليس بدعا. فالمفكرون، والكتاب، والمعلقون الإعلاميون، في العالم كله، وليس فقط في عوالمنا الإقليمية، كثيرا ما يشكون من تجاوز أفكارهم المطروحة عن عمد ليتم الإزراء بسيرهم، أو تتبع أخبارهم الخاصة.
بشرى كان يمثل لنا أستاذ جيل، ويجلس هناك في قمة العطاء المحدث مع مبدعين مميزين. وهم من بعد أساتذة له يكبرونه سنا. حين صدرت مجموعته من دار نشر جامعة الخرطوم في النصف الثاني من الثمانينات تلقفناها مثلما يتلقف الجائع خبز الطابونة الطازج. والكتاب حينذاك ثروة. لا نتبادله إلا مع الثقاة ولا نستعيره إلا من الأقربين. بل إننا في زمن قريب كنا نجمع الملاحق الثقافية، والمجلات، في دواليبنا الخشبية، ونتفاخر بامتلاكها. وفِي ذلك الوقت كان بشرى نجما وسط جيله الحداثي الذي عُرف بإتقان أكثر من فن. تجد أستاذنا يحيي فضل الله بمجموعته التي أصدرتها ذات الدار: حكايات وأحاديث لم تثمر. يقرض الشعر، ويخرج المسرحيات، ويمثل فيها. وحين أشرفنا على الملفات الثقافية كان ينفحنا بمقالاته النقدية. وهناك البشير سهل والفاتح مبارك وأمفريب والسر السيد وصلاح الزين ويحيي حسن الطاهر وقاسم أبو زيد وعبد اللطيف علي الفكي. وهؤلاء كلهم كانوا يتقنون الكتابة النقدية، وفي ذات الوقت يبدعون، كل في مجاله. بشرى كان بخلاف كتابته القصصية يكتب شعرا جميلا. ظاهره السهل الممتنع. ولكنه كان يضج بالترميز الكثيف. وهذا الشعر الفصيح العامي هو نهج بشرى وبعض الشعراء من مرحلته.
وحين التقى صاحب "حكاية البنت التي طارت عصافيرها" بمصطفى سيد أحمد في روسيا وصلنا من هناك شريط كاسيت طازج. كان المغني يصدح بكلمات بشرى: "نفسي في داخلك أعاين" و"سافر مطارات الوداع ضجت قدامك وراك". ذلك الشريط كاد يتهتك من كثرة استماعنا له. وكثيرا ما كنا نحمله في جيوبنا حتى إن وصلنا محل مرطبات قايضت جماعتنا السماع للشريط بكوبين أو ثلاثة من العصير. وبعد فترة نمت صداقتنا مع أصحاب المرطبات حتى إنهم أدمنوا مصطفى. وكثيرا ما نمر بجانبهم، ويلحفنا صوت مصطفى في غدونا ورواحنا. حين أتى بشرى من روسيا فرحنا بمقدمه بعد أن نال درجة الدكتوراة في اللغة الروسية. وبينما كان الصمت الثقافي المصطلح المصكوك حينذاك يغيم الساحة الثقافية خرج بشرى للحديث في الندوات. أذكر له ندوتين مهمتين خفنا أنه سيعتقل بعدها. الأولى في دار حزب الأمة الحالي وكانت الهيئة القومية للآداب والفنون تشغله في عام ١٩٩٠. إذ كان الراحل التشكيلي أحمد عبد العال قد دخل مع النظام وظل يبشر بأسلمة الفن، محاولا استقطاب المبدعين للهيئة. في تلك الندوة تحدث في المنصة ثلاثة من المبدعين وكان بشرى وسطهم. تحدث عن الكبت الثقافي والمعاناة التي يواجهها المبدعون. وعندما علا التصفيق راح بشرى يزيد في نقده الذي لم يعهده الناس في تلك الفترة بعد أن اختفى الكثير من المثقفين. وقد كان توقعنا أن بشرى سيعتقل يومئذ لا محالة، ولكن لم يمسه الوكلاء.
الواقعة الثانية كانت في عطبرة. سيرت هيئة عبد العال قافلة ثقافية إلى هناك وكنا قد تلقينا دعوة من الصديق مزمل سليمان رئيس رابطة العنادل الثقافية بعطبرة. وكان بشرى ضمن المدعوين الذين أذكر من بينهم خورشيد وخليل عبدالله الحاج وجراهام ومحيي الدين فارس والماحي سليمان ومهدي محمد سعيد ومصطفى سند وإسحق أحمد فضل الله وعلي يس وعبد الرحيم المظاعني وصلاح فرج الله وسعدية الصلحي وعمر الفاروق، وغير هؤلاء كان هناك عدد هائل من المبدعين، والكتاب.
في تلك الندوة تحدث الأستاذ إبراهيم العوام عن مدرسة الواحد التشكيلية ولكن يحيي فضل الله وبشرى تصديا له. وصف يحيي المدرسة بأنها ركوب للموجة كما قالها بالحرف. قاصدا أن عبد العال والعوام أسسا تلك المدرسة الفنية تواءما مع جو الأسلمة الذي يغطي البلاد. وأتى بعده بشرى ليتحدث عن الكبت الثقافي والأوضاع المهينة التي كان المبدعون يعانونها من اعتقال وتعذيب وعسف. ولكن الشاعر صديق مجتبى هاجم بشرى ودافع عن النظام. بشرى من جانبه استمر في نقده حتى حدث هرج ومرج ضبطه مقدم الندوة بعد صعوبة. وقد كان كل أعضاء البعثة الثقافية يتخوفون من اعتقال بشرى بعد الندوة. ولكن عدنا لمقر الإقامة بالدامر في ذلك الليل البهيم وبشرى يجلس في وسط الحافلة التي أقلتنا.
ولعلي أذكر بشرى بتلك المشكلة التي نشبت بين محيي الدين فارس وصديق مجتبى في منتصف الطريق حتى إن فارسا أوقف الحافلة وأخذ بغضب حقيبته ونزل من الحافلة ليقول إنه عائد إلى عطبرة ليقضي الليل مع صديقه العطبراوي، والذي غنى له "لن أحيد". ولكن بشرى ومصطفى سند ذهبا إليه واقنعاه باستحالة المهمة وأصلحا بين الاثنين.
لم يبق بشرى في السودان طويلا بعد تلك الأيام إذ وجد نفسه ضمن المحالين للصالح العام من جامعة الخرطوم فغادرنا الى السعودية ليعمل بإحدى صحفها. ولكن ظل من هناك يواصل في الكتابة للخرطوم القاهرية الى أن جاء الإنترنت لنلتقي به عبر المنابر الثقافية ووسائل التواصل الاجتماعي. وقبل أعوام ساءنا جدا وفي ذاكرتنا تاريخه المشرف كمثقف أن يتقبل من علي عثمان جائزة زين، وألقينا عليه باللوم على هذا الصنيع. ولعله تقبل رأينا بصدر رحب.
أما عبد العزيز بركة ساكن فقد حرمتنا ظروف الغربة من التعرف عليه من قرب. وأذكر أنني حين عدت للسودان عام 2006 تعرفت عليه بعد انتهاء ندوة عقدتها جماعة القصة حاضر فيها الأستاذ معاوية البلال الذي كان عائدا للتو من مهجره في أستراليا. قرأت لساكن "الجنقو مسامير الأرض" و"مسيح دارفور" واستمتعت بقدرته السردية التي اتفق النقاد قبل حيزه على الجائزة أنه يمثل صوتا روائيا جديدا ومميزا. وبالمقابل قرأت معظم ما كتب عنه خصوصا أنني لا ادعي امتلاك مفاتيح نقد الرواية. وربما اعترف أن متابعة الروايات، والأفلام، والمسلسلات، هي نقطة ضعفي الكبيرة، مع أنني أملك عشقا خرافيا للمسرح. ولذلك لم استطع تنمية ذوق كبير في معرفة الأشياء التي تعمق العمل القصصي بخلاف متانة السرد، وجزالة اللغة، والقدرة على توظيف بناء قصصي محكم. وربما جاءت معضلتي أنني برغم قراءتي لنقد الروايات وجدت أن المعايير في العمل السردي متقلبة ويصعب الاتفاق حولها، وغير هذا فإن العمل الروائي مفتوح على أسئلة الكون، والأيدلوجيا، والبيئة، والسياسة، وحياة المجتمعات، ومن هنا تتعدد التفاسير للعمل الروائي. ولاحظت أن هناك نقادا كبارا يعظمون رواية ولكن هناك متمكنين يحطون بقيمتها ذاتها. ولكن على كل حال ذهبت معظم الأحكام والانطباعات في صالح بركة ساكن، وهكذا قفز ليحتل مكانا عليا في مستوى جيله والأجيال التي سبقه حتى حاز على جائزة الطيب صالح التي تتعهدها مركز عبد الكريم ميرغني.
حين كنت أقدم برنامجا ثقافيا يوميا عبر إذاعة عافية دارفور قصدت استضافة ساكن لأفهم رؤاه الفكرية والثقافية، ولكن لظرف أسري طارئ كلفت الزميل ناصف صلاح الدين بإجراء المقابلة ولعله توفق في محاورته ربما بشكل أفضل مني، كون ان الصديق ناصف يفهم في السرد الروائي أكثر مني.، ولكونه قرأ كل روايات الجيل واستطاع عمل مقاربات في أسئلته بشكل يدل على تمكنه من معرفة روايات بركة ساكن.
من خلال الروايتين اللتين قرأتهما لعبد العزيز بركة ساكن، معززا بالدراسات والمقالات النقدية التي تناولت أعماله، أحسست أن ساكنا ينزع إلى معالجة قضايا التساكن داخل منظوماتنا الإثنية. وبصورة أخري يمكن القول إنه يتبنى منهجا سودانويا في النظر إلى كيفيات الحلول للقضايا المجتمعية، وربما أحيانا يكشف عن حرص على التطرق إلى المسكوت عنه داخل بنية الثقافة السودانية. وخلاف ذلك لا مناص من التأكيد أن ساكنا يمثل جزءً من تيار ثقافي يمثل القطيعة مع معطيات الثقافة المركزية. وأيا كان الاتفاق مع رؤيتي المختزلة هذه كما بدت لي، فإن المهم هو أن الروائي ساكن حاز على التقدير الأدبي المحلي والعالمي وترجمت أعماله لبعض اللغات. وما فوزه بجائزة سين السويسرية سوى حسم لجدل كبير حول قدرته ككاتب روائي مميز. ومهما كانت آراء القلة الذين ينتقدونه فإن مشروع ساكن الثقافي النقدي الطابع إشكالي في حد ذاته. بل إن كل المشاريع الثقافية، والفكرية، المحلية والعالمية، والتي تعتمد ثيمات الإصلاح، تعد عرضة للرفض هنا، وهناك بحكم الطبيعة الجدلية للبشر في مقاومة التجديد. فالطيب صالح نفسه، كمثال أقرب إلينا، شكا من بعض الدراسات التي عالجت رواياته، وفوقا عن ذلك جاء الاتهام بعروبيته في مقابل السودانوية التي افترضها بعضنا فيه، لتعمق حزنه على كتابات كثيرة انتاشته خارج محور السياق السردي.
ليس أمام ساكن، والحال هكذا، إلا المزيد من الإصرار على مراكمة العمل الروائي ما دامت نفسه قادرة على خلق مجالات للحوار حول رؤاه، وأفكاره، ذلك رغم أنه كثيف الإنتاج في ظل هذه الفترة القصيرة التي عرف فيها. وكما قلنا إن هذا الحوار بموضوعيته، وغير موضوعيته، سيظل يعقب الإنتاج الفني. ولكن يبقى الحكم للجمهور، وهو المعني بالأمر. إذ إننا نعرف أن العمل الإبداعي لا يمكن أن يجد كل الرضا أو القبول من المتلقين. ولا بد أن غاية الكاتب هو إثارة ذهن قراء الرواية ليقفوا على بينة من تصوراته بعد الاستمتاع ببنائية العمل الروائي، وتناقضات شخوصه، والسرد الذي يلتقط التفاصيل المهمة التي ربما لا يراها الرجل العادي. على أن النجاح الباهر الذي حققه ساكن للرواية السودانية سيفتح مجالا للروائيين الشباب لتجاوز عقدة الطيب صالح، كما يرى بعض النقاد، ليؤكدوا أن حواء السودانية قادرة على إنجاب غير الروائي العظيم الذي عرف بالسودان، ويعد من أكثر الأدباء العرب، والأفارقة، الذين ترجمت أعمالهم للغات الإنسانية.
إن فوزنا بجائزتي سين وكين وسط هذه الإحباطات السياسية مؤشر كبير إلى أن بلادنا تحتاج فقط إلى الاستقرار حتى يعيد العالم الاعتبار لقيمة الفرد السوداني، وعمله. وما من شك أبدا أن الجائزتين قد حفزت الكثير من الأدباء، والروائيون خصوصا، على المثابرة في العطاء. فالذين لم يشملهم الاعتراف المحلي والعالمي أمامهم الفرصة لتجويد أعمالهم حتى ينالوا ما يستحقون من اهتمام محلي، وإقليمي، ودولي. ونأمل أن يفهم الإخوة الروائيون أن فوز ساكن، وبشرى، هو فوز لمشهدهم الروائي جميعا، وهم يتناوبون فيه لقيادة الوعي السوداني نحو وطن للديموقراطية، والتسامح، والتقدم. وما من شك أن كل أعمالنا الروائية تتكامل بعضها بعضا لتمنح المتعة لقرائها، وتنشط أذهانهم، وتحرض عقولهم على الانفتاح.

[email protected]





0 | 0 | 0


Tweet
محمد سيد أحمد
مشاركات: 693
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 8:21 pm
مكان: الشارقة

ررر

مشاركة بواسطة محمد سيد أحمد »

حمور زيادة
بركة ساكن
بشرى الفاضل


وهل من مزيد
صورة العضو الرمزية
عادل القصاص
مشاركات: 1539
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 4:57 pm

مشاركة بواسطة عادل القصاص »

كتب مأمون التلب:



بشرى الفاضل: الجوائز المُستَحقَّة تأتي دائماً متأخِّرة

بقلم: مأمون التلب


تنقيب الظلام


(1)

عندما سَمِعتُ بنبأ ترشّح بشرى الفاضل لجائزة "البوكر" الأفريقيّة– وهو لقب جائزة "كين"- عن قصّته "حكاية البنت التي طارت عصافيرها"، عرفت مباشرةً أن النص سيفوز، وما ذلك إلا لعظمة تلك القطعة الأدبيّة، وتأثيرها الذي خلَّف بصمةٍ على أجيالٍ من القراء والكتاب بعد نشرها لأوّل مرة؛ إنني سعيدٌ لسببٍ آخر شخصي، فحكاية البنت هذه كانت أوّل ما سَمِعتُ من "أدب الكبار" كما كُنّا نسمّيه حينها ونحن أطفال، نجلس في الإجازات الصيفيّة، طوال الظهيرة، نستمع لقصص "المكتبة الخضراء" وأساطيرها بأصواتِ بنات خالتي نعمات، وقد كانت مي بادي، الرَسّامة، هي من قرأت عليَّ القصّة مُنفرداً، والمنشورة في مجلة الثقافة السودانية، وكنتُ كمَن مسَّني برق!

لم أتعرَّض لتجربةٍ مشابهةٍ لمدّةٍ طويلةٍ من الزمن والعمر، ولكنني، عندما عثرتُ على الأدب مرةً أخرى في حياتي، عرفته من أوّل نظرة، وتذكّرت مباشرةً هذه الحكاية، "حكاية البنت التي طارت عصافيرها".

إذاً، نهنّئ الكاتب الكبير أستاذنا بشرى الفاضل على هذا الفوز المستحق.

لنصٍّ كان له كبيرُ أثرٍ على مسيرة الأدب السوداني والعربي والأفريقي.

(2)

أنتهزُ فرصة فوز الكاتب بشرى الفاضل لأهنِّئ أصدقاءً أعزّاء لي عَمِلوا من خلف الكواليس، أوّلهم صديقي العزيز الكاتب والمترجم الأمريكي ماكس شموكلر، مُترجم النص من العربيّة إلى اللغة الإنجليزية، لما بذله من جهدٍ في النص، وأهنّئ أيضاً عزيزتنا الشاعرة نجلاء عثمان التوم المقيمة في السويد الآن لمساهمتها القيّمة في الترجمة حسب ما تابعت، ثمّ أُهنِّئ رافائيل كورماك، الذي قام بتحرير "كتاب الخرطوم" مع ماكس شومكلر، وقد كان (الممر) قد نشرَ حواراً مُترجماً معه في أعداده الأولى، وقد ترجمته إلى العربية لصالح (الممر) الكاتبة نبأ محيي الدين. لقد أخرج هذا الكتاب أشكالاً مختلفة في الأدب السوداني إلى النور، وتحديداً قصة البنت التي طارت عصافيرها.

(3)

زار ماكس شموكلر الخرطوم في العام 2012م، والتقينا بمكاتب صحيفة سيتيزن الإنجليزيّة، حيث كنت أعمل سكرتيراً للتحرير، وقد دُهشتُ جدّاً من فصاحة هذا الشاب ومعرفته الواسعة بالآداب العربية وبحثه الدؤوب في دروبها، وقد كان يبحث عن أدبٍ سوداني. فبعد الزيارة التي سجّلها لاتحاد الكتاب السودانيين أخبرني عن الإشارات والاقتراحات العظيمة التي وجدها من الأستاذ كمال الجزولي، وكان فعلياً قد اشترى مجموعة مقدّرة من الكتب. دعوته لمفروش، وفعلاً حضر واشترى الكثير من المجلات والكتب والإصدارات القديمة والحديثة. وقضينا أمسيةً في مرسم الفنان التشكيلي عبد الله محمد الطيب في حضرة الفن والشعر والأدب.

في مرحلةٍ لاحقةٍ جاء رافائيل كورماك من بريطانيا في رحلةٍ لاكمال درجة الدكتوراة حول تأثير الأدب الإغريقي على الأدب العربي الحديث، وجاء يبحث عن نصوصٍ سودانيةٍ تأثّرت به. رافائيل زار (مفروش) وحضر ندوة الشاعر عاطف خيري الشهيرة بمنتدى دال الثقافي، وكتب مقالاً منشوراً حول الحدث باللغة الإنجليزيّة، وكيف أنه لم يرَ في حياته جمهوراً محبّاً للشعر مثلما رأى في ذلك اليوم؛ حيث امتلأت القاعة والمدرجات واضطر المنظّمون لتركيب سماعاتٍ خارج القاعة، فأعداد من في الخارج كانت هائلة.

(4)

الكثير من الأخبار الجيدة تجيءُ من هنا وهناك؛ يبدو أن الكثير من الثمار قد أينَعت وقد حانَ قِطَافُها– بإيجابيّةٍ تامّة- فقد أسعدني حقّاً صدور كتاب الفنان التشكيلي العظيم والمفكّر الدكتور عبد الله بولا (بداية مصرع الإنسان الممتاز)– تفاصيل الخبر منشورة- هذه السلسلة التي لم تقرأها أجيالٌ عديدةٌ نسبةً لصعوبة الحصول عليها، هي اليوم في طبعة جديدة صادرة من الخرطوم، وجماعة الفيلم السوداني تستعد لطباعة العدد الثاني من مجلة (السينما)، وها نطالع أعداداً متنوعةً وخلاَّقة من مجلة (الحداثة السودانية) الصادرة الأسبوع الماضي في عددها (السادس) والتي تُثبتُ اختلافها وجدّتها في كل عددٍ يصدر.


ألف مبروك الدكتور بشرى الفاضل،

لقد عُجنِت بنتُكَ وحكايتها في أفئدة السودانيين منذ أن نُشرت إلى يومنا هذا.


--------------------------------


نُشر بملحق (الممر) - صحيفة السوداني - 7 يوليو 2017م
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

رفقا بالقوارير

مشاركة بواسطة حسن موسى »

كتب مأمون التلب
""

إذاً، نهنّئ الكاتب الكبير أستاذنا بشرى الفاضل على هذا الفوز المستحق.

لنصٍّ كان له كبيرُ أثرٍ على مسيرة الأدب السوداني والعربي والأفريقي..."


يامامون إنتوا " الممر" بتاعكم دا مزلقان؟ 8-) 8-) 8-)
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »



الروائي والشاعر الدكتور بُشرى الفاضل / وجه آخر

كتب وهو في السنة الثانية بآداب جامعة الخرطوم في سبعينات القرن الماضي:
إني أرنو لصيدٍ لا يقاوِم
حاك لي حبل نجاتي
وأنا في اليمِ ممكونٌ
ولا أعرف ذاتي
*
أعلاه جزء من تجاربه الشِعرية التي لا يحب الحديث عنها ، لأنها في نظره تجربة فطيرة و منخفضة الشاعرية. ألحّيتُ عليه أن يضمها لروزنامة أشعاره ، وإن تطلّب ذلك تعديلها . لم يزل عند رأيه حتى الآن . سابقاً قدّمها ذات أمسية لسكرتارية الصحيفة الطالبية الحائطية الثقافية " مواقف " .حضر إلى الطابق الثاني وطرق الغرفة رقم ( 18) من مبنى داخلية طلاب جامعة الخرطوم ، التي كان يفصلها عن مبنى وسط جامعة الخرطوم في السبعينات طريق هو " شارع الجامعة "المشهور .وكانت هي غرفة اجتماعات سكرتارية الصحيفة.
فُتَح باب الغرفة ، وترك القصيدة التي ذكرنا مطلعها عند أول قادم لفتح الباب، ولم ينبس ببنت شفة . أودع طالب السنة الثانية آداب: " بشرى الفاضل " قصيدته التي اقتبسنا بعض أبياتها أعلاه ، ثم انسحب وابتلعته الظُلمة.
*
جاءت سكرتارية الصحيفة الحائطية الثقافية" مواقف " . أصيبوا جميعاً بالدهشة : كيف يكون هناك طالباً بهذا الاخضرار الكثيف ولا يتعرفون عليه؟!. كيف لا يتعرفون على هذا المُبدع الذي سيصبح جسداً أصيلاً ضمن مُحرري صحيفة " مواقف " الحائطية "بقهوة النشاط " التي أزالها " الجهل النشط "من الوجود في مُقبل السنوات ؟!.
*
في الصباح كانت سكرتارية " الصحيفة الحائطية الثقافية " تُلاحق الطالب" بشرى الفاضل " .ونشأت صداقة بينهم دامت إلى تاريخ اليوم . كنتُ حينها أقوم بالأعمال الفنية الجمالية لصحيفة الحائط الثقافية " مواقف " ، دون مشاركات أخرى . بيننا وبين الآداب حينها بون شاسع. كان الراحل الطالب " كمال النَّقر " يقوم بالخط العربي للصحيفة الحائطية ، ويُصحح بموسوعيته الموضوعات ، ويشرف على طقس الاخراج . ويُدقق أيضاً على الوقائع التاريخية . و كان تم فصله سياسياً من كلية القانون منذ أيام الحكم العسكري الأول . تحول مديراً لأحد المدارس الشعبية ، وامتحن الشهادة السودانية مرة أخرى عام 1971 ، وعاد للجامعة ملتحقاً بآداب جامعة الخرطوم! .
كان من ضمن مُحرري الصحيفة تلك " الدكتور حالياً " مبارك بشير سليمان " الشاعر الغنائي المعروف والمكنوز ثقافة ، و كذلك البروفيسور " صلاح حسن الجرّق " المختص الآن في الفن الأفريقي والثقافة بجامعة " كورنيل " بنيو يورك. والإنسان المُبدع في كل ضروب الفن " صلاح حسن أحمد ". والأخير هو مؤلف المسلسل الإذاعي في السبعينات " الحياة مهنتي " وكاتب السيناريو ، وكان حينها مساعد المخرج " صلاح الدين الفاضل " في تلك التجربة ،وكان " صلاح حسن أحمد" وقتها طالباً في السنة الثالثة في آداب جامعة الخرطوم !. ولاحقاً أصبح بعد تخرجه من الجامعة مُحرراً في المجلة الإنكليزية " سوداناو " تحت إشراف الأستاذ " بونا ملوال " وزير الإعلام في السبعينات ، ثم رحل بعد ذلك مُحرراً في " الـ بي بي سي " العربية في لندن ، ثم انتقل مُترجماً في صحيفة "الشرق الأوسط" التي تصدر في لندن .
*
لم تكُن المجلة الحائطية ، إلا وتتبع منهاج صحافة الحائط الثقافية التي كان من محرريها " بروفيسور "علي المك " أو الشاعر "صلاح أحمد إبراهيم " في أواخر خمسينات القرن الماضي، عندما كانا طلاباً في جامعة الخرطوم .
لم تكُن الصحيفة الحائطية الثقافية " مواقف " إلا من تُراثنا الثقافي ، رغم كثير من الأمواه التي جرت تحت جسور التاريخ. تُراث كبير منذ منتدى جماعة الهاشماب و جماعة أبو روف، قبل تكوين مؤتمر الخريجين . لم تكُن الثقافة منذ الثلاثينات طارئة على حياة المثقفين . رغم ارتدادنا إلى الوراء !.

(2)

" بشرى الفاضل " خرج عن سماوات خيالنا المعهود بغرابة ما يُكتبه . في الشِعر و في القصّ وفي الرواية .هو ذهنٌ متّقد ، لا سقف لأحلامه أو رؤاه أو أقاصيصه. سماواته أرحب مما كُنا نتخيل . بدأت بذرة إبداعه منذ السنة الأولى في متوسطة " المدينة عرب " .وازدهرت في ثانوية " حنتوب "، حيث نما إبداعه في حُضن " طلائع الهُدهُد " التي أسسها أستاذ الفنون بحنتوب ولاحقاً الدكتور " عبد الله بشير بولا ".

(3)

كثير من أصحاب الرؤيا ، والابداع الرصين يقفون في مفترق طُرق عصيّة على السير في أرضية حجارتها . دائماً تشغلهم الكتابة للجمهور الخاص ، وللجمهور العام. استخدم الدكتور " بُشرى الفاضل " المُفردات عاديّة التداول ، ونسج منها قصصه في منعطف العُمر منذ سبعينات القرن الماضي . زاوج هو بين اللغة المتوسطة الدلالة ، ليصنع منها مردة خيال عِظام ، لا يوقف صعودهم حواجب أو متاريس سماوية . لم تكُن لغته مُقعّرة ، بل مُنسابة وادعة .وتنأى أساليبه عن البلاغة المُركبة رغم مقدرته ، فيسهُل للعامّة قراءة ما يكتُب، بل وتمسّ وجدانهم ،وسط دهشة منْ يقرأ أو منْ تقرأ .فتصويره للأحداث يذوب في خيال فنتازيا مُترفة ، ولكن لقصصه تذكرة عودة إلى الواقع لمَنْ يقرأ العِبر. يُلبِس الكائنات غير البشرية روحاً وحياة كأنها بشر ، ويتناول الواقع بخفة ومهارة وجاذبية . يضع الأشياء في مواضع المفاجآت المُدهشة . يأخذ من تُراث البيئة و يُلبسها جسوماً أخرى.

(4)

وُلد دكتور " بشرى الفاضل " في " أرقي " قرب " الدبّة "في شمال السودان، ونشأ في قرية مغروزة مع أفقر قُرى الجزيرة . عندما أرسلته جامعة الخرطوم للاتحاد السوفيتي السابق لينجز الماجستير والدكتوراه في علم اللغويات ، عاد خلال إحدى العُطلات إلى قريته في الجزيرة . قرية هي بلا كهرباء مثل سائر قرى الأرياف في زمان السبعينات. مواقد الكيروسين تنتشر في البيوت والنادي الليلي الوحيد . أحضر معه هدية للقرية من الاتحاد السوفيتي ( جهاز تلفزيون و صندوق بطارية مرفقة معه) وأهداهما لنادي القرية ، حيث يتجمع النسوة والرجال ، الشيب والشباب لمشاهدة الساحر المُضيء !.
*
كان الأمس عنده مرتفع القامة بإصراره أن يطوِّر ذاك الواقع قدر ما يستطيع. كانت الحياة التي يحبها " بشرى الفاضل " هو أن يكون بين فقراء القرية مشاركاً أفراحهم وأتراحهم رغم فراق المهاجر . لم يزل يحِنّ إلى تلك الأيام رغم تقلبات المهاجر وقسوة الحياة، فحمل هموم أهل وطنه ، يلاحظها القارئ المُدقق في دواخل نصوصه الإبداعية . تجده كما يقول دائماً، يحاول هو الخروج من تحت الأرض إلى الحياة، إلى حيث يستنشق هواء الطبقة التي إليها ينتمي. وتلك مصائر كثير من أصحاب المهاجر . يبدؤون كل يوم تجربة ولادة عسيرة .
*
بعد عملية تضييق البؤبؤيين في عينيه ، في الاتحاد السوفيتي السابق ، تمكّن من رؤية أفلام السينما .ولولا رخص أمر العلاج هناك لما تيسر له أن يرى كما يرى عامّة الناس .

(5)

حضر لزيارة أسرتنا في ثمانينات القرن الماضي ، وفاجأنا بعزفه أغنية بآلة العود ، كتب شعرها و غناها للصغار وسط فرحهم وفرحنا جميعاً . هل لم يزل يقبع الطفل في بطن ذاكرته و يتقافز ؟ .
إن الوعاء الثقافي الذي وسع كل الآفاق ، كان يُحفِّز "الدكتور بشرى " ليُجرِّب الموسيقى والشِعر والقص والرواية ، والتحرير الصحافي ، والكثير الذي لا نعرف ، ابتغاء أن يكتمل قمره الثقافي بدراً .

(6)
كان صديقاً للشاعر " عبد الرحيم أبو ذكرى ". قضيا جزءاً من سنوات حياتهما معاً في الاتحاد السوفيتي . وعندما رحل " عبد الرحيم أبو ذكرى " هناك ،كتب قصيدته " سال الشِعر في الطرقات " يرثيه :
*
سال الشعر في الطرقات
إلى روح الشاعر الصديق عبدالرحيم أبو ذكرى
*
وهل صفصافة تُنبيك
عن أخبار نافذةٍ
بشاهقةٍ
تألقْ نيزكٌ فيها
وخرّ على التوسلِ
والمهانة والجليد؟
تأوه
طار منه الدمُ
غاص الجسم في صدأ الحديد
وذاب القلبُ
سال الشِّعر في الأسفلت والطرقات
تمرُ فجيعة أخرى
فيرحل عن قوافينا أبو ذكرى
ترى من رمدِ الأشياء في عينيه
من … من رجِّ احباطاتنا الكبرى
وقد سكنت بقارورات مهجته
فكدّرها ؟
أمِن حزن على وطنٍ تباعد عن مخيّلته
فكان الموت،
أم صمت النشيد؟
*****
وبات الليلُ مسكوناً بفكرته
وطورها من الأنقاض للهرمِ
وأخرجها من الظلمات والعدمِ
ودحرّجها وسطّرها وحبّرها
وظل بقربها شبحاًً
فصارت سلماً لرحيله الليلي
مأوىً يستريح به
إذ الأوطان في مستنقع الظلمة
وظلت في سريرته
رخاماً قُدََّ من إرما
وجنات من الحطمة
وظن بأنها تحميه بين الأرض والسقف
من الألمِ
ولم يسنده في أيامه السوداء
أهل الصبر والقلم
تمر فجيعة أخرى
فيرحل ليس عن سقمٍ
أبو ذكرى
*
عبد الله الشقليني
17 مارس 2017

*
الرابط :

https://sudaneseonline.com/board/7/msg/% ... 08854.html

*
صورة العضو الرمزية
عادل القصاص
مشاركات: 1539
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 4:57 pm

مشاركة بواسطة عادل القصاص »

الصادق،

التحايا، المودة والتقدير لك، ولضيوفك (وضيوف بشرى طبعاً) الأعزاء.

تفكرَّت في "النداء" الحميم، وربما الأسيان، لمحمد سيد أحمد بأن نصنع مائدة حفية لأجل بشرى. فما رأيكم/رأيكنَّ - وقد أضاف الشقليني عنصراً مهماً لهذه المائدة - بأن نقوم بتجميع مواد/نماذج مختلفة، لبشرى وعنه (نماذج قصصية، شعرية، مقالات، حوارات، دراسات، فيديوهات، مثلاً)، ونجلبها إلى هذا المائدة. فمن شأن عمل كهذا، فيما يستجيب لفكرة/نداء الاحتفاء، فإنه أيضاً يمكن يلعب دوراً توثيقياً - جزئياً طبعاً - قد يعين بعض الدارسين والدارسات، بل وحتى بعض أصحاب وصاحبات الفضول الأبيض.

مواصلةً للمبادرة السخية من الشقليني، أنقل هذا الحوار، الذي كان بشرى قد نشره في هذا المنبر (بعد أن نُشِر في "ملف تخوم" بصحيفة "الأحداث") قبل ثمانية أعوام تقريباً:





حوار مع بشرى الفاضل

أجراه: محمد عبد المنعم





س 1: عُرفتَ شاعراً منذ (الَفقَس) وحتى الديوان. ثم أُشتُهرت قاصاً للقصة القصيرة وكذا الطويلة أيضاً، وكتبت الرواية، ثم أنت ناقد تساجل نفسك وغيرك وتزمع الآن نشر أعمالك بألوانها العديدة، إلى جانب أنك حالياً صحفي كاتب في السياسة والفكر وغيرها..من هو بشرى الفاضل من كل ذلك؟

ج 1: عُرفت...أُشتُهرت...تساجل...تزمع..كاتب..ها أنت يا صديق وبكلمات دقيقة ترصد حركتي لأنك تعرفني وتلخصها منتقداً من بين السطور. فلا شك أنك تقول كغيرك أنني لم أحقق نفسي شاعراً (سينس) أن القصة فرضت نفسها وألقت بظلالها علي مجمل إنتاجي. حسبك أن تعلم أنني مقل في هذه الجبهات جميعها وأن ما أكتبه هو شيء واحد مع ذلك وكله يندغم في طوبة محجوب شريف (أنا طوبة ما سوَّيت). وليس هذا عن تواضع بل عن معرفة بما يفعله الزمن بالكتابات جميعها وإن تطاولت. آمل أن يحفظ لي الزمن حين نلتحق بدورة الكربون القصيدة الواحدة والقصة الواحدة والأجزاء من الرواية، وإن كان أدائي في هذا الضرب الأخير تعثر كثيراً رغم المحاولات. أحياناً أحس بأنني كاتب ذو صوت بعده واحد (مونو) وبالتالي فلا أقوى على تعقيد وتعددية أصوات الرواية كما ينبغي وهو طلب عسير وشاق. لست ناقداً كما تعلم وأعلم ولكنني أعكس قراءاتي علي الورق وأكثر ما أكتب عنه يصدر عما أحبه من أعمال الشباب، وكم من أمنياتي أن أتصل بالكتابات الجديدة وأفكار الشباب الطالع. لكن تصدني عوائق كثيرة من بينها عدم الخروج حتى الآن من جب حياتي الخاصة الشائكة. ولك أن تعجب إن علمت بأنني حتى الساعة لم أقرأ لشباب جرى التنويه عنهم وفازوا بجوائز وأشاروا لأقدامهم الراسخة في مجال السرد أمثال الصويم. وبي توق شديد لقراءة الأعمال الكاملة للشاعرة المميزة نجلاء عثمان التوم وكذا الشاعرة ميرفت. أنت أشرت للديوان علي استحياء، هكذا غفل عن اسمه، وهي لغة مهذبة فيك أعرفها منذ ربق الحداثة ذلك لأنك قرأت أنت المجموعة الشعرية ولم يقرأها القراء لأنها لم تصدر لذا جاءت تسميتك الظريفة له كما لو أنه كتاب سيبويه. المهم يا عزيزي هي مجموعة أشعاري كلها منذ السنة الثانية بكلية الآداب جامعة الخرطوم وحتى اليوم؛ ولك أن تدهش إذا علمت أن كل الشعر الذي سأضمنه المجموعة من فترة الجامعة ثلاث قصائد فقط هي "هكذا أبصر نفسي" و"الفَقَس" و"إنني أرنو لصيد". أما بقية الشعر فسأسقطه وكدت أسقط "الفَقَس" أيضاً؛ لكن سأثبتها ضمن المجموعة لتاريخيتها لأنها فازت ضمن نصوص الشعراء الشباب لعام 1975م لأن فيها بصمتيْ تقييم الشاعر الراحل المجذوب رئيس لجنة التحكيم وروح الكاتب الراحل عبد الله حامد الأمين، وهو من كد فأقام تلك المسابقات التي كانت سنوية. أما القصيدة الأولي مما ذكرت هنا فلأنني ثبتها على باب غرفتنا بداخلية السوباط بالبَرَكس وكانت كلها أبيات قليلة تقول:

هكذا أبصر نفسي
عاثر الخطو "عيياً" وخجولاً

كتب الوالد في دفتر يومياته:
(يُرتجى منه ولكن ليس في كل الأماكن)

هل خبرتم ثمَ شخص ناضر في قلبه والعود ساكن؟

كلمة "عيياً" الواردة في السطر الثاني هنا أدخلها أستاذي وصديقي عبد الله بولا حين اطلع على القصيدة فيما بعد عام 1975م مستبدلاً بها كلمة أخرى أقل جودة لم أعد أذكرها. وكما ترى يا عزيزي محمد، فكتابتي الشعرية، كما النثرية، تغري بتدخل الأصدقاء، فيصلحون ما عن لهم وينسبون الشعر أو النثر لي. لقد تدخل أصدقائي في جامعة الخرطوم في القصص الأولى التي كتبتها "حملة عبد القيوم" أول قصة و"ذيل هاهينا" ثاني قصة و"حكاية البنت" ثالث قصة، وقد كتبتها جميعاً بعد تخرجي من السنة الخامسة بكلية الآداب. ويقول كثيرون إنني لم أعد أكتب مثلها فربما يعود ذلك للسبك الذي أتاحه التأليف الجماعي لهذه القصص.

س 2: لطالما اصطدم لدينا الثقافي بالسياسي، وفي أنحاء الدنيا الأخرى الثقافي أُقنوم بذاته والسياسي والإداري مضمار آخر. ذاك بإبداعه وقوانين تطوره وهذا بخطابه وأدواته. نسأل وفي بالنا قول لك في ندوة الصحفيين السودانيين بالمملكة السعودية بأن قامة المبدعين السودانيين أطول من قامة وزارة الثقافة. أترى أن الدولة عبر أجهزة الحكومة مسئولة عن رعاية الإبداع والمبدعين ثم الإنتاج والنشاط العقلي في مجموعه؟


ج 2:
دعني أقتطف لك قولاً أتحفنا به الأستاذ أبوبكر الأمين قبل أيام فيما يخص اصطدام الثقافي بالسياسي. وهو قول على جمال عباراته لا أتفق معه كما لا أتفق مع بادرة السؤال عن الاصطدام فمن قال لأبي بكر بأن يترك للسياسة بأن تأخذه كل هذا المأخذ؟ لماذا لم يقم، وهو الفنان الذي أعرف في نواح شتى، بأن يقدم لأجهزتها التي عمل فيها أو بقربها العطاء الأمثل بالطريقة التي تريحه؟ يقول أبوبكر: "هاهي السياسة تأخذنا بعيداً عن الأغنيات لكوننا علقنا على مشجبها آمالاً كبيرة وأحلاماً كثيرة وهي تعدنا بنبيذ وحفنتين من العطاء ولكنها إذ تأخذنا – تأخذنا أخذاً وبيلا – ينسينا دوماً أننا نملك معها بعض الأدوات الأخرى الصالحة أيضاً للمساعي النبيلة. تريدنا السياسة أن نحملها "أجنة واحدة" متعددة الأغراض لتنوب عن كل حقول المعرفة وساحات الفعل. لكن السياسة، رغم كل شيء، حفظتنا فلولاها لتهنا في وادٍ غباش يتراقص سرابه فوق بعض".
فيما يتعلق باستهلال السؤال، فإنني أري أن السياسي ثقافي. فالأساتذة نقد والصادق المهدي ومنصور خالد والخاتم عدلان مثقفون وساسة في الوقت عينه. أما أُقنوم الثقافي في الغرب الذي تقول بنأيه في بعض أنحاء الدنيا؛ ولعلك تشير إلى العالم المتقدم. فربما يكون أمره صحيحاً فيما يخص المثقفين المهنيين غير العضويين أما من تستحثهم ضمائرهم لقول شيء فيما يجري حولهم من سياسات فمثقفون ساسة. أحياناً يوشك هؤلاء أن يصبحوا ساسة – مثقفين كما في حالة اللساني الأشهر نعوم تشومسكي فيما يتعلق بموقفه من السياسة الأمريكية المعاصرة وموقفه من عدوان إسرائيل. كلنا نذكر موقف الفيلسوف برتراند راسل من السلاح النووي وحرب فيتنام وموقف انشتين والعديد من مفكري وعملاء وأدباء العالم من قضايا مماثلة.
أما الفرعية من سؤالك عما قلته أنا خلال ندوة الصحفيين السودانيين بمدينة الرياض (العاصمة)! – أنظر كيف أصبحنا نحتاج لتعريف الأسماء بصفات بسبب غفلة بعض السلطات في بلدنا في تسمية الأحياء وترك الحبل فيها على الغارب – ما قلته في تلك الندوة هو إن قامة الأدباء أطول من قامة وزارة الثقافة. وإجابة على سؤالك أقول نعم يجب أن تكون الدولة مسؤولة عن رعاية المبدعين سيما في بلد مثل بلدنا جل، إن لم يكن كل، مبدعيه من الفقراء . أنظر كيف قضى معاوية محمد نور وخليل فرح ما كابده التجاني يوسف بشير والمجذوب وهؤلاء مجرد أمثلة. حتى من حالفه الحظ في النشر من كتابنا أمثال الطيب صالح باتوا يشكون في الآونة الأخيرة مما جناه عليهم أغلب الناشرين من سوء في النشر ومنع لما ضمت عليه الأيادي من دنانير. ما ضر أن تقوم وحدة في وزارة الثقافة للنشر المجود والترجمة بحيث تطبع ربع مليون نسخة بالإنجليزية ومثلها بالعربية ومثلها بالفرنسية لعمل يتفق مجلس مخصوص من المحكمين على جودته وليس بالضرورة أن يكون من أعمال من سلفوا فليكن من أعمال الشباب: شاعرة شابة أو شاعر، ناثر شاب أو ناثرة، ولدينا من هؤلاء نجباء عديدون. ما ضر لو جاءت المحصلة النهائية ولو بعد عقد مبالغ طائلة فلنعظ منها المبدع المنتج 10% مقدماً من قيمة سعر الغلاف. هذا كفيل بأن يجعله متفرغاً لعمله مدي الحياة ويضمن له الضمان الاجتماعي. الوزارة أيضاً يجب أن تقوم بإحياء الإصدارات القديمة: مجلة "الخرطوم"، "مجلة الثقافة" كما يمكن أن تشتري حقوق الإصدارات الخاصة التي كابد بعض الأدباء ممن رحلوا على إصدار أعداد يتيمة أو قليلة منها: مجلة "القصة" لصاحبها الراحل عثمان علي نور ومجلة "القلم" وغير ذلك كثير. أين الغاليريهات الحكومية؟ أين مسارح الدولة على أحدث المواصفات العالمية في كل عاصمة من عواصم الولايات؟ وقس على هذا الكثير.

س 3: في الساحة أصبح مؤخراً لكل جماعة أو لون من الفن والاهتمام منتديً. هل تتابع المنتديات في الوطن؟ في رأيك: هل تجدها تيارات تغني الحصيلة النهائية وتحقق ثراء التعدد أم ترى فيها تفرق يضر بحركة الفن والثقافة إنتاجاً وتلقي؟


ج 3:
للصديق هاشم محمد صالح قصيدة من زمن الطلب حيث درسنا معاً بالثانوية بحنتوب يقول في ختامها: "فلتزدهر الشموس على كل المدارات". هاشم لم ينشر قصيدته تلك ولم ينشر كل شعره ولم يتبق له فيما يتعلق بمسألة نأيه عن النشر والقراء إلا أن نعرفه بأنه هو الشقيق الأكبر للصحفي المعروف فيصل محمد صالح. لكن لا بأس. شعر هاشم موجود وربما يعود يوماً من حالة اللا أدرية أو عدم الرضا المندغمة في النزوع نحو الإتقان فينشر شعره البديع للناس. نعود من الإستطرادة مستندين على عبارة هاشم فنقول فلتزدهر شموس المنتديات والمنابر على كل المدارات. هذا من علائم الصحة والعافية لحياتنا الثقافية وواقعنا المتعدد المنوع الخصب الذي لا يمكن أن تحتويه نظرة آحادية. ثقافتنا موجودة في شبكة ثقافات وتعبر عنها عدة أجيال في آن واحد ويعتريها تغير مستمر. فإذا ألهمت الرد تشكل في كلمات أخرى – كما يقول عبد الصبور في مأساة الحلاج – تبغي رداً. في "تضاريس" رقم 54 وهي حلقات من عامود في الأفكار الأدبية والنقدية أداوم على نشرها كل أسبوع بصحيفة "الرأي العام" أطلقت دعوة أهلية لتنظيم الحياة الثقافية السودانية وتطرقت لهذا الموضوع من طرف فقلت: مما لا شك فيه أن الفوضى وعدم التنظيم مما تتسم به معظم جوانب الأداء السوداني تصيب برشاشها الحياة الثقافية السودانية فالإصدارات تنشأ وما تلبث أن تتعثر وتجارب إنشاء جمعيات أهلية للمثاقفة تكرر نفسها هنا وهناك. أحياناً تكون لحركية ناشط شأنها في قيام جمعية لا تلبث أن يخبو بريقها بخفوت صوت ذلك الناشط أو مجموعة الناشطين. وتقوم جماعات جهوية ببث حبهم المعلن عنه للمكان الذي نشأوا فيه خلال جمعيات ثقافية تجد أن اسم المكان المنطقة، المدينة، الحي يلعلع عبر مكبرات الصوت بأكثر من الفعالية الثقافية المثبتة في أضابير أوراق تلك الجماعة. لا يمكن لكاتب واحد مهما أوتي من قدرات ومن فسحة في الوقت أن يطلع على الإرث الإنساني العلمي الفكري الثقافي. ومن هنا تجيء ضرورة قيام جماعات أهلية طوعية عديدة تطلع كل جماعة منها بقسم من أقسام ذلك الإرث تعاقبياً وآنياً. وفي ظل غياب ريادة جسم حكومي يحفز قيام مختلف تلك الجمعيات وأعنى وزارة الثقافة فإنه يمكن لاتحاد الكتاب السودانيين أن يسهم في ذلك. وفي رأيي إن أكبر فجوة في هذه الثقافة حالياً هي تلك التي نحن ننتمي إليها مثلاً أو ربما بأكثر من غيرها وإن أبعدتنا عنها السياسات الغشيمة وأعني فجوة نأينا عن الثقافة الإفريقية. وفي خطوة عملية فإنني أدعو اتحاد الكتاب وغيره من المنظمات الأهلية التي تشاركه الهم الجسيم إلى فتح نوافذ لترجمة الكتابات المتميزة في الثقافة الإفريقية والتعريف بها وبكتابها وإقامة جسر قوى متصل بين كتابنا وهؤلاء الكتاب لا يكون جسراً من ورق المناسبات بل من اسمنت الوشائج التي بيننا. صحيح إن الكثير من تلك الكتابات يصلنا لكنه يصل إما بصورة متقطعة غير منتظمة أو عبر لغات أجنبية وللمتخصصين. ما أعنيه هو أن تكون تلك الصلة مبذولة للتيار الرئيس من القراء السودانيين وهؤلاء سيقومون بايصاله من بعد لنسيج المجتمع السوداني ككل. والشيء نفسه ينطبق على آداب الأمم الأخرى كالأدب الصيني والأدب الياباني وآداب أمريكا اللاتينية والأدب الروسي وآداب أمريكا وأوربا وأستراليا. فلو كان في مقدورنا تحفيز جماعات من الشباب مادياً لدراسة تلك الآداب والثقافات، أي دراسة الإرث الإنساني دراسة منهجية، فإن ذلك سيختصر الطريق أمام الأجيال الصاعدة كما يقينا شرور تكرار وإعادة التجارب. ولا ينبغي حصر مثل هذا المجهود الشاق على مقاعد الدرس في كليات الجامعات. لايمكن لكاتب واحد أن يقضي عمره بين أضابير الكتب؛ فمتي يا تري سيكتب؟ لكن ذلك الكاتب يقيناً ستصدر فكرته ناقصة وإن كانت موهبتها بائنة إن لم يتم صقلها عبر المضاهيات بما سبقها أو شابهها من أفكار. لذا فإن جملة جمع رحيق العالم التي أدعو لها هي الكفيلة بإنتاج عسل سوداني طبيعي ومنقى والأهم من ذلك أنه سيتم صنعه عبر الفلترة، عبر التنقية والمثاقفة، وهذا هو السبيل الذي أرى أنه سيؤدي إلى نضج كتاباتنا وأفكارنا. والشيء نفسه ينطبق علي أجيالنا الطالعة في القرى والبوادي البعيدة. فالمثاقفة، أي إدخال عنصر التعليم في الثقافة، يدرأ الكتاب الشباب من إعادة إنتاج عيسى الحلو ببذل الجهود لإيصال كتابات هذا الكاتب الكبير المثابر إليهم حيثما كانوا عن طريق إحياء المكتبة المدرسية وعلى هذا قس، فبقية المسائل كلها تفاصيل.

س 4: سأل عيسي الحلو: "من أهم النقاد الذين ناصروا الكتاب الجدد؟" أجاب بركة ساكن "هناك النقاد الشباب..وهناك بشرى الفاضل..فقط " هل أنت شاب مستمر! هل هي رفقة حانية؟ وكيف يكون الكاتب الجديد ومن الكاتب القديم؟

ج 4:
أنا لست شاباً مستمراً بالتأكيد. لكن بسبب قلة ما نشرت فأبدوا كما لو أدخل ساحة الكتاب لأول مرة حتى للكثير من كبار المبدعين. هناك طبقة شمع بين الأجيال المختلفة ساهمت في زيادة سمكها الأنظمة الشمولية. حسبك أن تعلم أنني وعلى الرغم من سنوات عمري المتقدمة لم أظهر عبر شاشة التلفزيون السوداني إلا مرة يتيمة عندما سعي عليَّ الكاتب المصري صنع الله إبراهيم عام 1986م واستضافني مشكوراً في حلقة أعدوها له في تلفزيون السودان. بهذا الغياب أكون كاتباً جديداً في الظهور والنشر فقط لكل من يطالع هذا الحوار ويتعرف عليَّ لأول مرة؛ وذلك بسبب طبقة الشمع آنفة الذكر وبسبب قصر القامة مما ذكرت أيضاً وبفعل الاستقطابات الآيدولوجية. لو قدر لي وكنت مسؤولاً عن مؤسسة ثقافية لأسقطت الحمولة الآيدولوجية في التعامل مع المبدعين إلى حد الصفر، فحتى من قمع الناس فكرياً يمكن هزيمته بالفكر لا بالمنع. تمتعني كتابات بعض الشباب الجديد وأرى رأي المجذوب، الذي لم تتح لي فرصة لقائه قط إلا مستمعاً عندما كنت طالباً بالسنة الأولى بآداب جامعة الخرطوم، رأيه الذي يقول بأن الأجيال الجديدة أفضل منا. وهذا القول يؤكده الواقع والمنطق فهم ورثة التراث ويضيفون إليه. لكن ذلك لا يعني أنهم (عزاز من جم). هناك طفرات تأتينا بخليل فرح، فالدوش، فمحجوب شريف، فالقدال وحميد، فعاطف خيري؛ وهؤلاء على سبيل المثال وهناك طفرات تأتينا بملكة الدار، فرقية وراق، فنجلاء التوم، فميرفيت، كمثال على مبدعات كثيرات.

س 5: أنت رثَّاء مشهود وبكَّاء معدود، نثراً وشعراً، تمثُل مرثياتك في علي المك وأبي ذكرى شواهداً علي الدموع. لا نود أن نقف عند حدود المناحة في فجيعة أبي ذكرى، غير أنك ألقيت فيها من الأسئلة ما يتوجب أن تتوفر لها الإجابات عند نفر قليل: "من رجَّ إحباطاتنا الكبرى وقد سكنت بقارورات مهجته فكدرها؟"؛ "أمن حزن على وطن تباعد من مخيلته يكون الموت؟ أم صمت النشيد؟". الافتراض أن بشرى الفاضل من ذلك النفر القليل عن الراحل "تري من رمد الأشياء في عينيه؟"؛ "هل صفصافة تنبيك؟" أو تنبينا؟

ج 5:
قال لي فلاديمير زوجالوف، وهو الأستاذ المشرف على رسالة أبي ذكرى للدكتوراة وكانت عن ترجمات أعمال تشيخَوف (تُقرأ تشيخف بفتح الخاء) في الوطن العربي، إن أبا ذكرى كان مكتئباً في الشهور الأخيرة قبل حادثة وفاته الفاجعة؛ وقال لي إنه كان يشكو من عودة قصر نظره وإنه كان محبطاً. وتأسى زوجالوف من أنه لم يكن يدري أن حالة أبي ذكرى كانت ستقوده لما أقدم عليه. قال لي أحد طلاب الدراسات العليا وهو عربي كان يسكن في حجرة مجاورة للحجرة التي كان يسكن فيها أبو ذكرى أنه شاهد أبا ذكرى وهو يلقي بأوراق كثيرة بعضها محروق من خلال مصب القمامة في الطابق عشر بالبناية التي كانوا يسكنون بها في شارع "استرا بيتيانوفا"، وهي نُزُل تابع لكلية الاستشراق إحدى كليات أكاديمية العلوم الوسفيتية. قال لي الطالب السوداني "شان"، وهو كان رئيس عام اتحاد الطلاب السودانيين بالاتحاد السوفييتي ويسكن ببناية قريبة من البناية التي حصل فيها الحادث، كلمات طيبة عن أبي ذكرى وأنه، أي "شان"، فوجئ بما جري وهو أول شخص يصل بعد المسؤولين السوفيت لجثمان الراحل ووصفه لي مما كان أكبر باعث على قصيدتي التي ذكرت أنت مقطع منها هنا. أبو ذكرى إنسان رقيق وحساس للغاية وهو يشعر بأن وطنه جنى عليه إذ أنه جاء للسودان لتلقي العزاء في وفاة والده في ديسمبر عام 1982م ومنعوه من العودة للدراسة حتى توسط له الشاعر الراحل عوض أحمد خليفة، فعاد بعد محاولتين عاثرتين وكانت الطائرة تجيء من موسكو للسودان مرة كل شهر. أقسم لي بعدها في موسكو بعد عودته أنه لن يعود للسودان قط. وهو وعد أنجزه إذ لم يعد للسودان إلا وهو مسجئ. وإذا نظرنا إلى ظروف بعثته وقطع الموارد المالية الحكومية عنه حين غير تخصصه وقفل من رومانيا حيث ابتعثوه لدراسة الفلكلور وجاء إلى موسكو لدراسة الأدب الذي يحب، وإذا نظرنا إلى حالات الفقد التي مني بها: موت الوالد موت المجذوب وموت الانتفاضة، وموت عبد الحي في فترات متقاربة، فضلاً عن نزوعه للانكفاء على ذاته، فربما نحرز مسببات موته. لدي قصيدة أخرى جاءت بالعامية عنه:

أبو ذكرى..عطرك...والناس قيام
كأنك مدير الكلام
وصوتك غلالة حزن
حرير القوافي البسيل من نسيجك مدام
وحسك تسير بيهو ركبان
محكم ضلوعا الشجن
نزكيهو لي شول
غناوة وطماية ...
بصوت زي يزن
رأيتك معلق على باب زحام
كأنك هدير الكلام
فقمت وجريت
أصارع عقارب الزمن
أبو ذكرى برداً على الصيف من الحرقان
كلامك ولا فيهو زلة لسان
رزانة رصانة
وقوف دوغري
زي قيف من الفيضان
كأنك مدير الكلام
رحيلك مع الليل
سكوت نو ملعلع
في وسط الظلام

اكتوبر 1999م

س 6: ثم رحل عديد من المبدعين، النور والطيب أقرب حدثاً في الفقد. أترى أن الرحيل يقطع اكتمال المشروع؟ هل انعقد لكل راحل اطاره الابداعي في حياته بما نقول عما هو أكثر من خانة كل منهم من حيث الإنتاج كثرة أو قلة؟

ج 6:
في العقدين الأخيرين فقد السودان العديدين من رموزه الإبداعية في المجالات جميعها ممن تركوا بصماتهم الواضحة في مسيرة الثقافة السودانية، آخرهم في مجال الكتابة الإبداعية كانوا الراحلين النور عثمان أبكر وخوجلي شكر الله والطيب صالح. ظل الراحل خوجلي شكر الله في الداخل بعيداً عن الأضواء، ذلك لأن الأضواء كانت منشغلة كثيراً بالطبول والضجيج. أضاف شكر الله كثيراً للوعي بفن القصة وانقطاعه بمثابة نموذج ومؤشر لحالة عدم تواصل الأجيال وأخشى أن يكون لدى المقربين منه ما لم ينشره وما ظل حبيساً ينتظر مع الحسرة غب الأدراج. أما غربة النور والطيب صالح الطويلة فقد مس ضررها الأجيال الجديدة من حيث نقصان التثاقف مع هذين الرمزين وتبادل الأفكار. فكلا الراحلين يؤثر عنه حسن المؤانسة وحسن التخلص من الثرثرة وحسن نقل الأفكار عبر هذه المؤانسة. كلمات النور من شعره ستظل أبداً يقظى يرن صليل أجراسها فينا فهي منسية في الصورة الشعرية فقط لكنها في حضور تام وزاه بين الأجيال. رنا نجم الطيب صالح نحو أفق بعيد ثم خبا وقد سار إبان حياته أطول شوط يبلغه مبدع سوداني في اتجاه هذا الأفق البعيد.



المصدر:

https://www.sudan-forall.org/forum/viewt ... 0d608cca73
آخر تعديل بواسطة عادل القصاص في الأحد يوليو 23, 2017 7:51 am، تم التعديل مرة واحدة.
صورة العضو الرمزية
عادل القصاص
مشاركات: 1539
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 4:57 pm

مشاركة بواسطة عادل القصاص »

التالي رباطٌ يقود إلى حوارٍ أجراه مؤخراً برنامج "عالَمُ الكُتُب" بالقسم العربي لإذاعة البي بي سي مع بشرى الفاضل بمناسبة فوزه بجائزة كين:



https://soundcloud.com/bbc-arabic/k3krag4wxyrt
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

حظّك

مشاركة بواسطة حسن موسى »

سلام يا صفوة
و شكرا على تنبيهنا لمقابلة ع عبد الرازق :"عالم الكتب" بتاع الإذاعة البريطانية
فالمقابلة ، على قصرها ، حافلة بما لذ و طاب. و لو لقيت شهرين سجن برجع ليها بشوية تفاكير .
في الإنتظار عندي "سؤال انصرافي" يابشرى عشان سمعتك تقول إنك هجرت التنظيمات السياسية بسبب حظوظ النفس المستفحلة فيها. و قد جاءت عبارتك:ـ لأن حظوظ النفس كما موجودة في الأفراد موجودة في التنظيمات السياسية . و زدت عليها ضرورة " أن تكون هناك نخب تشتغل مع التنظيمات السياسية لتوحيدها"[ إقرأ :"لترشيدها و تجنيبها مزالق حظ النفس"]. أها، يا بشرى إنت النخب دي فالتة كيف من "حظ النفس"؟ عشان لو كانت فالتة من حظ النفس أحسن نشغلها محل التنظيمات السياسية و كفى الله المؤمنين شر الحظوظ، أما لو كانت برضها ضالعة في حظ النفس فالرماد كال حماد و كذا..
سأعود
أضف رد جديد