ما الذي كان، وما يزال، يجري داخل الحركة الشعبية - شمال؟

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
عادل القصاص
مشاركات: 1539
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 4:57 pm

مشاركة بواسطة عادل القصاص »

خبر:




على هامش القمة الإفريقية: وفد رفيع من الحركة الشعبية يلتقي بأطراف مهمة




إلتقي صباح اليوم وفد من الحركة الشعبية مكون من الرئيس مالك عقار والأمين العام ياسر عرمان والناطق الرسمي مبارك أردول بأطراف إفريقية ودولية على هامش قمة الإتحاد الإفريقي المنعقدة بأديس أبابا، ومازالت إجتماعاته متواصلة، وقد إلتقى بالرئيسين ثامبو أمبيكي وعبدالسلام أبوبكر من الآلية الرفيعة، بحضور ممثل الأمين العام للأمم المتحدة فينك هايثوم الذي عقد بدوره إجتماعاً آخراً مع الوفد، كما إلتقى المبعوث النرويجي وممثلين من ألمانيا، ووفد من لجنة خبراء الأمم المتحدة وأعضاء من مجلس السلم الإفريقي وسيواصل الوفد لقاءاته، كما سيتوجه لعدد من البلدان الإفريقية لشرح رفض النظام لأي عملية سياسية متكافئة وإنتهاكات حقوق الإنسان وإعتراض العمليات الإنسانية لاسيما في المنطقتين ودارفور، وقد سلم الوفد رسالة مكتوبة للآلية الرفيعة حوت معالجة لمستجدات الوضع الإنساني والسياسي .

مواقف جديدة من العملية السياسية والإنسانية:

الحركة الشعبية ملتزمة بالحل الشامل في السودان ولن تتراجع الي حركة إقليمية وتعطي أولوية قصوى لمعالجة الوضع الإنساني، وإنها عقدت في هذا الصدد ورشة عمل بالعاصمة التنزانية دارالسلام في أواخر مايو الماضي، قامت فيه بمراجعة شاملة للقضايا الإنسانية والعملية السياسية والمقترح الإمريكي وتوصلت لمواقف جديدة وهي :

أولاً: وثيقة الإتحاد الإفريقي حول وقف العدائيات الإنساني صممت من عنصرين رئيسيين هما، إجراءات العملية الإنسانية ووقف العدائيات من جهة، ومن جهة آخرى ربطت ذلك بعملية سياسية على أساس خارطة الطريق التي وقعتها قوى نداء السودان في أغسطس ٢٠١٦م، وأكدت الحركة للآلية الرفيعة إن النظام قد تنصل عن خريطة الطريق وعقد على نحو منفرد حواره الوطني، الذي لم يكن شفافاً أو شاملاً ولم يفضي الي حلول، ولذا فإن العملية السياسية اللأزمة لوقف العدئيات لم تعد موجودة، ولابد من عملية سياسية جديدة التي لاتستطيع خارطة الطريق الحالية تلبيتها.

ثانياً: الحركة الشعبية ملتزمة فقط بحل القضية الإنسانية ولن تشارك في أي مفاوضات سياسية.

ثالثاً: آخذين في الإعتبار التخريب الذي ألحقه النظام بخارطة الطريق فإنه لا توجد عملية سياسية تشارك فيها الحركة الشعبية.

رابعاً: الحركة الشعبية طالبت الآلية الإفريقية بأن تبنى أي عملية سياسية في المستقبل على الأسس الآتية:

أ- أن يعترف النظام بالأزمة السياسية العميقة وبوقف الحرب عبر عملية سياسية شاملة والتي يجب أن تعالج جذور القضايا.
صورة العضو الرمزية
عادل القصاص
مشاركات: 1539
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 4:57 pm

مشاركة بواسطة عادل القصاص »

مقال:



الأركان الثلاثة الثابتة للحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال

بقلم: علي الزَّين




التنظير في الحركة الشعبية لم يُولد وينمو في الرواق الأكاديمي ولا صالونات الثقافة بل في أقسى ظروف المواجهة والكفاح والمسلح. والأزمة الأخيرة هي حلقة من سلسلة أزمات متلاحقة كنتاج لتلك الظروف المستمرة ولكن هنالك ثلاثة أركان ثابتة:

1- النشاط النقدي الجاد
2- التمسك بالمشروع
3- القناعة التامة بضرورة بقاء واستمرار الحركة الشعبية كمؤسسة نضالية للمهمشين وأصحاب التغيير

‪ومع أنه لم تعد الحوجة للحركة الشعبية محدودة بـ(المهمشين) بالمعنى الكلاسيكي المعروف؛ فالمهمشون الآن حالة واسعة من معظم جماهير شعبنا ينتمون إلى مناطق وإثنيات وثقافات متنوعة، ولا يمكن حصرهم في شكلٍ واحد. هنا نحتاح إلى توسيع المواعين التي تحمل الحركة صوتها ومعاناتها وأحلامها وبحيث تضم كل المهمشين اقتصادياٍ وسياسياٍ وفكرياً واجتماعياً وثقافياً ومناطقيا ودينياً. صحيح قد تتعارض بعضها مع بعض أحياناً. ولكن الحركة مطالبة بصياغة علاقة جديدة تبلور التعاطي مع تعارض تلك المصالح ومع أولوياتها ترتيباً أو تاجيلاً، خاصة ما تمر به مناطق النزاع المسلح والحوجة للإبقاء على مؤسسة الجيش الشعبي كمعادل ضروري لميزان القوي في الصراع.

نتطلع إلى منافستو يوضح دور الحركة في تغيير موازين القوى ودعم جميع المهمشين في مناطقهم وأماكن وجودهم وخلق التلاحم والتراكم المطلوب لقطع رأس علاقات الهيمنة والإخضاع، ويظهر فيه وبصورة قاطعة الهدف البعيد للحركة، ويجب أن نقولها من دون أدنى مهادنة الوصول لقمة السلطة وإنهاء تلك الوضعية التاريخية المأزومة بالسودان.
صورة العضو الرمزية
عادل القصاص
مشاركات: 1539
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 4:57 pm

مشاركة بواسطة عادل القصاص »

بيان:





بيان لأعضاء وجماهير الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال




التاريخ: 5/7/2017

بهذا ننوه أعضاء وجماهير الحركة الشعبية في المناطق المحررة، معسكرات اللاجئين، المهجر ومناطق سيطرة النظام بأن القيادة الجديدة منذ وصولها إلى المناطق المحررة مازالت منهمكة في مشاورات مع مؤسسات التنظيم بهدف ملئ الفراغ بعد التطورات الناجمة عن ثورة تصحيح المسار إلى حين تكوين آليات التحضير للمؤتمر الاستثنائي ولجان للاتصالات.

عليه، ننوه بأن أي حديث عن تكليف القيادة لآليات ولجان تحضيرية للمؤتمر الاستثنائي في أي من الدوائر الثلاث (معسكرات اللاجئين - المهجر - مناطق سيطرة النظام) هو حديث سابق لأوانه ريثما يتم الإتصال رسمياً وعبر القنوات التنظيمية المعروفة.



أرنو نقوتلو لودي
الناطق الرسمي باسم الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان-شمال
صورة العضو الرمزية
عادل القصاص
مشاركات: 1539
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 4:57 pm

مشاركة بواسطة عادل القصاص »

الجزء الثاني من المقال المطول لأحمد ضحية عن الحركة الشعبية:



الانقلاب في الحركة الشعبية: تقرير المصير- فزاعة قميص عثمان

بقلم: أحمد ضحية



(٢)




"لقد تعلمنا التحليق في الجو كالطيور، والغوص في البحر كالأسماك، لكننا لم نتعلم أبسط الفنون: ألا وهو (فن العيش معا) كإخوة و كأخوات"
مارتن لوثر كينج



ما دعاني للكتابة بهذه (الشفافية): نقدا لأنفسنا ابتداء، لدرجة الخوض في أمور داخلية، محلها التنظيم. ذلك لأن الشفافية هي إحدى الوسائل الأساسية، التي تجنبنا الأزمات الخطيرة، كالأزمة الراهنة.
وبذات الشفافية سنواصل كتابتنا، في هذه السلسلة التي ابتدرناها في المقال السابق، بحديث عام، عن (الاستقالة الأخيرة) للرفيق الحلو، والتي ليس لدينا أدنى شك في (عدم مبدئيتها)، و ان الرفيق الحلو قدمها ك (تكتيك) فقط لإحداث تعديلات محددة، في موازين القوى داخل التنظيم لصالحه. وما لم يضعه في اعتباره أن السحر، كثيرا ما ينقلب على الساحر، إذ يبدو واضحا الآن، أنه يعجز عن السيطرة على هذا (التكتيك) غير محسوب العواقب! فعمليا تجاوزت الأمور، حد (تعديل في التوازنات) إلى إحداث (انقسام في التنظيم والجيش) بدخول لاعبون آخرون: كالقوميين النوبة و الإسلامويين، و (توجيههم للاستقالة) بما يخدم أغراضهم!
هل نحن نفتري على (القومويين النوبة)، الذين لا يتعدون عدد أصابع اليدين والقدمين، والذين في الحقيقة لا يخفون انتماءاتهم للتوجه القديم للحزب القومي- فيليب غبوش، و الذي واجهه من قبل القائد الراحل (يوسف كوة) بقوة، إدراكا منه لخطورة هذا التوجه، على قضايا النوبة كمجموعة لها خصوصيتها في السياق العام للتنوع السوداني، من جهة وكمكون غني بثقافته وارثه ومعارفه، بين مكونات الأمة السودانية، من جهة أخرى.
هل نفتري عليهم، عندما نتهمهم أنهم ومجموعة محدودة من ذوي التوجه الإسلاموي، عمدوا إلى توظيف استقالة الرفيق الحلو، لتمضي في هذا الاتجاه الانقسامي الخطير، الذي لا يخدم سوى مصالح النظام؟
وهل نحن نفتري على هذه المجموعة المحدودة نفسها، عندما نزعم أنها هي التي ظلت في الخفاء، تتناغم مع الحملة المسعورة، التي شنتها أجهزة النظام وابواقه، لتشويه صورة الحركة وقادتها، بتلفيق الأكاذيب التي يجيدونها؟ لثقتهم التامة، أن الرفيقين عقار وعرمان، يقفان حجر العثرة القوي، أمام طموحاتهم الشخصية، التي في سبيلها بذل بعضهم بالفعل للغرب وعودا مستجدية ل (إطلاق يده في الموارد) مقابل (دعمه لحقهم في تقرير المصير) فبئس التوجه وبئس الطموح!
اذا كان متوقعا من ذوي الانتماءات السابقة (المعلنة) للجبهة الإسلاموية، بما تشكل عليه وجدانهم الاسلاموي الانتهازي الطفيلي، الذي لا ينتمي من الأساس لوطن، أن ينشطوا في هذا الوقت بالذات، حتى ليتكشف سلوكهم عن خلايا كانت نائمة، ونشطت ابتداء من اللحظة التي تسربت فيها (الاستقالة الأساسية الأولى) التي قدمها الحلو للرفيقين ياسر عرمان ومالك عقار، والتي (تلت الاستقالة الشفاهية) التي كان الحلو قد قدمها في اجتماع بكبار الضباط، الذين اقنعوه وقتها أن يقبر الموضوع ويدفن، تفاديا للبلبلة في ظل الظروف المعقدة، التي ظلت الحركة تمر بها، وظل هذا الحدث طَي الكتمان!
إذا كان هؤلاء الإسلامويين، المختبئين داخل عباءة النوبة، يتماهون الآن في القومويين، بحيث يصعب الفصل بينهما.. فكلاهما ينشط في تبني قرارات، ضد رؤية الحركة، هي في الحقيقة قرارات (مؤتمر كل النوبة ٢٠٠٢) التي عالجها مفاوضو الحركة -وقتها- في نيفاشا وطرحوا بديلا لها (صيغة المشورة الشعبية) كحل للمنطقتين، فالمرجعية الجغرافية هي حدود ١٩٥٦، وبذلك تم إخراج المنطقتين، من حسابات تقرير المصير..
وتلك كانت علامة فارقة في براعة مفاوضي الحركة وحرصهم على وحدة السودان، و تكشف عن صدق الانتماء لهذا الوطن الواحد الموحد الكبير، كما تكشف عن المبدئية والأخلاقية في التعاطي مع قضايا وطننا المصيرية.
ولكن هل صمت القومويين وبقايا الإسلامويين، أو خلاياهم النائمة، على هذه الهزيمة النكراء لمشروعهم الانقسامي؟ قطعا لا، فمنذها يحاولون اقحام (حق تقرير المصير) في (مانيفستو الحركة ودستورها) حتى يتمكنوا من إعطاء هذا المبدأ مشروعية قانونية؟!
وعندما فشلت كل محاولاتهم، قرروا فرض (تقرير المصير) (بالانقلاب) على القيادة الشرعية..
وبطبيعة الحال ينشط أيضا في مثل هذه الظروف المعقدة، الانتهازيين وأصحاب الأغراض من غير الإسلامويين والقومويين، لتصفية حساباتهم (غير الموضوعية) مع الرفيقين ياسر عرمان وعقار، وبعض الرفاق الآخرين، يخدمون بذلك توجه السلطة والقومويين، سواء أرادوا ذلك أو لم يريدوا!
وقطعا ان مثل هذه التوجهات الانفصالية، البائسة شعب النوبة وحده، قادر على اسقاطها. فضلا عن المجموعات التي تساكنه، والتي تعي تماما أهمية مشروع الحركة الشعبية لمستقبل المنطقة في إطار السودان الكبير.
ان مصدر قوة مشروع الحركة الشعبية/ شمال في استلهامه لهذا التنوع الكبير لبلادنا الكبيرة، والذي تسعى جاهدة لعكسه خارجها، كمصدر قوة خلاقة لهذه الأمة، وليس عاملا لاضعافها وإذكاء نيران الانقسامات الاثنية والثقافية، التي بعد كل ما خاضته بلادنا من حروب لتحقيق المواطنة الحقة، يجب ألا نتنازل عنه بسهولة..
فالتنازل عنه لصالح الاثنيات، يعني ابتداء: أن دماء الآلاف المؤلفة من الشهداء في الهامش ضاعت هدرا. وان احزان ودموع ملايين الأرامل واليتامى لا تعني شيئا.. بل وإن نضالات القوى الوطنية الديمقراطية، التي تمثل أفكارها روافدا لمشروع (الحركة الشعبية كتيار أساسي له رؤيته المتجددة، التي تتفاعل مع رؤى القوى الأخرى، لخير هذا الوطن)، وما واجهه مناضلي هذه القوى الديموقراطية، من بطش وقمع وتعذيب في المعتقلات وبيوت الاشباح، حد القتل ليس لها ثمن! وان.. حتى أرواح قتلى الأوبئة والأمراض والفقر والجوع، التي تحلق فوق رؤوسنا، مضت إلى بارئها مجانا!
لذلك الأزمة الراهنة، لا تخص الحركة الشعبية وحدها، فهي تخص أيضا القوى الوطنية الديمقراطية، وتضعها أمام مسؤولية كبيرة تجاه قضايا الوحدة والانقسام، الذي كما علمتنا التجربة، يبدأ في الحزب وينتقل إلى الجسم العليل لهذا الوطن المنهك!
بل وتطرح الجدية في السعي يدا بيد، وكتفا بكتف، كخيار استراتيجي، لتحقيق دولة المؤسسات والقانون والمواطنة والعدالة، والفرص المتساوية، التي تهدم التحيزات بكافة أشكالها وأنواعها، والديموقراطية بمحتواها التنموي والاجتماعي، الذي وحده كفيل بصلب متناقضات التنوع، والقضاء على النزعات الاثنية.
و قبل القوى الوطنية نشدد على الحركة الشعبية نفسها، بأن صِمَام أمان وحدتها: (المؤسسات) فدونها لا يمكن إدارة التنظيم ومشروع الحركة، على نحو فاعل ومؤثر، يحقق أغراضها السياسية والاجتماعية، فالحركة لن تظل إلى الأبد ترفع البندقية..
وقطعا سيجيء الْيَوْمَ الذي تضع فيه هذه البندقية، بانتفاء الغرض الذي رفعت في سبيله، وهي اللحظة التي يجب أن تعمل لأجلها منذ الآن، ببناء حزب مدني حقيقي، ومؤثر بحواضنه الاجتماعية القوية، في هذا الفضاء المتنوع لبلادنا الكبيرة، للإسهام الفاعل مع القوى الوطنية الديمقراطية الأخرى، في إدارة الوطن. فقد مضى الزمن الذي تحكم فيه الأوطان، وفقا لرؤية أو تصور أحادي عرقيا او ثقافيا او عقديا او فكريا.
خاصة أن الأمة السودانية هي افريقيا مصغرة بمكوناتها الافريقية والعربية.. بدياناتها ومعتقداتها وأعرافها وتقاليدها وثقافاتها المختلفة، حيث لا يحق لمكوّن أن يستعلي ويهيمن على المكونات الأخرى.
والأمر كذلك لا يمكن ان تكون هذه الأمة تتبنى أفكارا ضد نفسها، وهو ما أدركته الحركة الشعبية في قراءتها لتجربة (تقرير المصير في الجنوب) هذا الجزء الذي سيظل عزيزا علينا، ونحلم بوحدته مع بقية أجزاء الوطن مرة أخرى، يدفعنا إيماننا، إن أعظم الأفعال تبدأ بالأحلام، التي نسعى بصدق لتحقيقها.
هذا الشعب بكل مكوناته هو الأمة وهو دولتها. هذا ما نؤمن به كحركة شعبية/ شمال، ونفضل لو اقتضى الأمر أن نبقى وحيدين، على أن نتنازل عن هذا الإيمان، الذي يشكل قاعدة موقفنا من هذا الانقلاب، وهو موقف ضد مواقف (الأفراد المخدوعين) الذين لا شك سيفيقون على الحقيقة، فتلك مسألة وقت، وعندها سيجدون تنظيمهم كعهدهم به يفتح ذراعيه لاحتضانهم، وهو موقف كذلك ضد مواقف فئات تنظر غير ما تنظر الحركة الشعبية، وفق رؤيتها للسودان الجديد، وتتعمد بتبنيها للمشروع وافراغه من مبادئه الأساسية، التشويش على الشعب، فيختلط الحابل بالنابل، ولا يعد يفرق بين أيهما على حق وأيهما على باطل! فتضيع وتختلط مقاصدنا بمقاصد غيرنا، وتضيع غايتنا في غاياتهم، هذا ما يريدون، لذا يجب أن نعي كيف نفوت عليهم الفرصة.
نحن لسنا حزباً سياسياً يخدم مصالح فئة معينة أو إثنية معينة، بل حزب يعبر عن مصلحة الأمة، ولذلك نحرص على تسمية الأمور بأسمائها، وإن كانت تسمية الأمور بأسمائها جارحة و حادة ومؤلمة، ولكن (آخر العلاج الكي!)
ولذلك يجب في حالة الطوارئ الداخلية الراهنة، أن نجدد جميعنا ثقتنا في القيادة الشرعية، وندعمها ونعمل معها على ترتيب البيت الداخلي، واستقرار التنظيم ومؤسساته، والعمل على وحدته وإعادة مساره إلى الطريق الصحيح، لتتمكن الحركة الشعبية فعلا، من القيام بدورها الوطني بكل قدراتها و بكامل طاقاتها.
نواصل.


[email protected]
صورة العضو الرمزية
عادل القصاص
مشاركات: 1539
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 4:57 pm

مشاركة بواسطة عادل القصاص »

مقال/تعقيب:




"تقرير المصير" و"السودان الجديد": خطان متوازيان لا يلتقيان (1 من 3): (جدلية الهامش والمركز، لن تُغطي عورة دعوة الانفصال)

بقلم: مهدي إسماعيل مهدي





يسُرني استهلال هذا المقال بإزجاء التهنئة لُإدارة وقُراء وكتاب صحيفة الراكوبة بمناسبة عيد الفطر المبارك، والتهنئة موصولة أيضاً للدكتور حيدر إبراهيم، الذي أكد لنا بمقاله -الشاحذ للفكر والتفاكر -بلوغه تمام التعافي وطمأننا بأن العارض الصحي الذي ألم به وآلمه وآلمنا جميعاً، لم يجبره على إلقاء سلاحه أرضاً، وأن زناد عقله الراجح لا يزال يقدح رؤى ناقدة تستند على التحليل الموضوعي للحقائق كما هي، ولعل الزخم الذي تجده مقالاته ما بين المادح والقدح، إنما يعود إلى حالة الاستعداد والتحفز (حد الغلو والتربص، والخروج عن النص أحياناً) التي تسود الساحة السياسية السودانية عموماً وساحة الحركة الشعبية على وجه الخصوص، على إثر الزلزلة الداوية التي تسببت فيها استقالة "الكومريد"/عبد العزيز الحلو، وماتبعها من تداعيات، يصفها مؤيدوه بالثورة التصحيحية، بينما يدمغها مناوئوه بالإنقلاب على ثوابت رؤية السودان الجديد.
وللمفارقة فقد سعى كُل فريق إلى اللواذ بمشروع السودان الجديد كحاضنة وأرضية فكرية لمواقفه، انطلاقاً من تفسيره الذاتي للمشروع الذي يدعي الطرفان أنهما يؤمنان به وينطلقان منه!!. ففريق "الفريق"/الحلو، يجد في نظرية "جدلية صراع المركز والهامش"-كما صاغها د. أبكر آدم إسماعيل، وهتفت بها جموع القوميين من أبناء جبال النوبة، بقيادة أمين زكريا قوقادي وعادل شالوكا وقمر دلمان ودريج (وأخيراً؛ عبدالعزيز الحلو)، إلى آخر عقد دُعاة تقرير مصير جبال النوبة- سبباً وجيهاً للمطالبة بتقرير المصير (المصطلح المهذب أو المُدغمس للانفصال)، وبالتالي فإنهم يعتقدون أن انفصال هذا المركز "المُهمش ثقافياً واجتماعياً"، هو الحل الناجع لقضية تهميشهم وإقصائهم عن صُنع القرار، طالما أن هذا المركز العروبي/الاسلاموي لا يُريد أن يتخلى طواعيةً (عبر التفاوض السلمي) أو قسراً (عبر الكفاح المُسلح) عن امتيازاته الاقتصادية واستعلائه العرقي وهيمنته الثقافية، التي اكتسبها أو اغتصبها منذ دخول العرب السودان، وتمكنهم بإنشاء مملكة سنار.
ويرى الفريق المناوئ للحلو (الوحدويون)، أن السبيل الأمثل لتشخيص ومعرفة أسباب نزاعات السودان (وغيرها من النزاعات في كثير من الدول والأمم التي في طور النشوء والتشكُل)- ومن ثم علاجها بطريقة علمية وموضوعية- إنما يكمن في الاستعانة بأدوات التحليل الاقتصادي الاجتماعي كالواقعية النقدية (Critical Realism) التي انطلقت من نقد الماركسية وانتهت بنفي الكثير من مقولاتها المركزية، وعملت على تطويرها وتطويعها لتتلاءم مع حقائق العصر، وذلك بعد تحريرها من أسر الحتميات الصمدية (Deterministic) التي ثبت خطلها عملياً، بشهادة ارتداد دول المعسكر الاشتراكي إلى رأسمالية الدولة بدلاً عن التقدم نحو الجنة الشيوعية الطوباوية الموعودة.
ولا مُشاحة في أن ينطلق د. حيدر (بخلفيته العلمانية) من هذه الأرضية الفكرية، واستخدامها كأداة (Approach/Paradigm) لتحليل الظواهر الاجتماعية، باعتباره باحثاً ثبتاً وخبيراً متمرساً في هذا الضرب المعرفي، كما لا يضيره شيئاً ولا يشينه البتة، الصدع بحقيقة أصوله العرقية التي لم يكن له يد في اختيارها، مع أننا نرى أن "جلابي ودنقلاوي وفلاتي" ليست أكثر من انتماءات وهمية لا معنى لها في أرض الواقع.
* -إن د. حيدر لم يكن الأول ولن يكون الأخير الذي يُعزي حروب ونزاعات السودان المتواترة، إلى العوامل الاقتصادية/الاجتماعية، فقد سبقه إلى ذلك السير/ د. دوجلاس جونسون (الذي اختير عضواً باللجنة الدولية لرسم حدود منطقة ابيي-لخبرته العميقة بالقضايا السودانية) وقد أسهب في كتابه بعنوان "الأسباب الجذرية للحروب الأهلية في السودان" في شرح أسباب هذه النزاعات، كما سار على ذات المنوال د. محمد سليمان محمد في كتابه "السودان حروب الموارد والهوية-الطبعة الأولى عام 2000" بالإضافة إلى مؤلفات بروفيسور/ ر. س. اوفاهي، ود. عبد الباسط سعيد، وغيرهم من البحاثة والأكاديميين، السودانيين والأجانب، الذين تناولوا نزاعات وحروب السودان من منظور التحليل الاقتصادي/الاجتماعي. كما أن تقارير مكتب البيئة بالأمم المتحدة (UNEP) عن السودان أشارت كثيراً إلى أن العامل الاقتصادي الناتج عن الجفاف والتصحر وتدهور الإنتاج الزراعي، يُعتبر من العوامل الأساسية في تفجر صراع الموارد الطبيعية المتناقصة (الماء والمرعى) وازدياد الطلب عليها، وبالتالي التسبب في ارتفاع وتيرة الحروب بين الرعاة والمزارعين.
ولقد أستندت على منهج التحليل الاقتصادي الاجتماعي (Socio-Economic Analysis) في دراستي البحثية عام 1980، عن مشاكل الزراعة الآلية في الحزام الطيني الفاصل بين شمال وجنوب السودان. والتي جاء فيها:


THE POLITICAL IMPLICATIONS:
……..“IT is not only the economics of mechanization at the farm level that have to be considered but also the impact of mechanization on the social and political framework and on the distribution of the economic power. The central clay plains belt of Sudan has a unique geo-political importance. By looking at the map of Sudan, we find that this belt separates the country into two distinct parts, the Northern part with its Islamic-Arabic culture, and the southern part with its Afro-culture. Because of this political position, stability in this belt is essential for the stability of the country as a whole. The demonstration effects of this region will influence the mode of production of future development projects in Sudan. The existing organizational structure, which is a capitalist mode of production, will lead to accumulation of wealth in the hands of the small elite. It could eventually create a mass of landless laborers, and this is an obvious area of potential class confrontation. It is no secret that Sudan is seeking decentralization and a regional system of government. This necessitates the fair distribution of development projects over all the different regions, so as not to make some regions dependent on others. The expansion in the mechanized area is presently concentrated in the northeast part of the region. It should be extended towards the western and southern parts to create the regional balance, which is badly needed. The existing organizational structure and leasing system is biased in favor of large farmers, and creates a group of suitcase farmers. No real effort has been made to help the traditional farmer. The credit services offered by the Agricultural Bank of Sudan (A.B.S.) and the Mechanized Farming Corporation (M.F.C.) should be directed towards the peasant farmer with a view to transforming traditional agriculture into a modern industry".
*- Problems of Mechanized Rain-fed Agriculture in the Central Clay Plains of Sudan, (Socio-economic Analysis) - Submitted in partial fulfillment of the requirements for the degree of Master of Science in Agricultural Economics (Development Planning). Wye College (University of London)-1980: By M.I. Mahdi Osman.

*- تكمن أزمة تخلف السودان وغيره من الدول التي يُطلق عليها مواربةً "الدول النامية" في تخلف وسائل الإنتاج وعدم عدالة علاقاته، ومن هنا ينتج الحيف الاقتصادي (نظرية فائض القيمة) الذي يتبلور في تهميش فئة حتى حد الإملاق والإدقاع، وثراء فئة حد الفُحش والتخمة، وهذا التباين لا يتقيد بالموقع الجعرافي أو الأصل العرقي أو المذهب الديني أو الخلفية الثقافية، ولقد صك الراحل د. جون قرنق هذه الرؤية وصاغها في مشروع"السودان الجديد"، الذي تبلور في اتفاقية السلام الشامل (اتفاقية نيفاشا 2005) التي تأسست على إزالة الظُلم الاقتصادي والإقصاء الثقافي والاستعلاء العرقي، الذي يتجسد في أشكال ومظاهر عديدة (سلوكية وثقافية وتراتيبية اجتماعية،، إلخ)، وقد عالجت اتفاقية نيفاشا هذه المظاهر السالبة، من خلال النص على المُشاركة في السُلطة السياسية على مستوى المركز (48% للمؤتمر الوطني، و32% للحركة الشعبية، و14% للمعارضة الشمالية، و6% للمعارضة الجنوبية) وقسمة ثروة البترول مناصفة بين المركز والاقليم مع تخصيص نسبة 4% للمُجتمعات المحلية (48% للحكومة المركزية، و48% لحكومة الجنوب و2% للدينكا و2% للمسيرية) ، وهذا لحمة وسداة اتفاقية السلام الشامل 2005.
*-لا شك في أن حق تقرير المصير: حق إنساني أصيل، وللذين يرون فيه حلاً لتهميشهم الاقتصادي وتمييزهم الاجتماعي وإقصائهم الثقافي، الحق "كُل الحق" في المطالبة به شريطة أن يتم ذلك بالصوت الجهير دون إدعاءٍ كذوب بالباسه ثوب الوحدة أو إدعاء تحرير السودان كُله، لأن الدعوة في هذه الحالة تكون "كلمة حق أريد بها باطل". رغم القناعة الراسخة بأن وجود ظُلم أو تمهيش على أي فئة اجتماعية، لا يُبرر انفصالها، إذ ثبت بالدليل القاطع (حالة جنوب السودان) أن الانفصال والانعزال، لا يعني سوى الهروب إلى الأمام)، وبالتالي لا ولم ولن يحل أزمة الإقصاء و/أو التهميش، بل قد يفاقمها، كما حدث في دولة جنوب السودان. بالإضافة إلى أن الانفصال مسار باهظ التكلفة، بل وغير مُمكن في حالة إقليم جبال النوبة نتيجة التداخل العرقي والتصاهر الأسري، وقد يؤدي إلى استقطاب حاد على أساس أثني صريح، مما يعقد المسألة أكثر ويدفع بالقبائل ذات الأصول العروبية إلى الاصطفاف مع المركز دفاعاً عن سُبل كسب عيشهم وحقوقهم المُكتسبة في النار والماء والكلأ (فالناس شُركاء في ثلاثة). وعلينا ألا ندفن رؤوسنا في الرمال ولنتعظ بتجربة الجنجويد في دارفور، وحرب المراحيل والدينكا في جنوب كُردفان (صراع الهامش والهامش، كما قال د. حيدر)، ومجازر الإبادة بين الهوتو والتوتسي في رواندا، ومقتلة السُنة والشيعية الماثلة بين أيدينا.
وعلى كُل حال فإن علاج التهميش الواقع على أي فئة اجتماعية لا يكون بانفصالها و "فرز عيشتها"، وإنما يكون بإزالة أسباب هذا التهميش، ومن ثم التعايش على أساس المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات، غض النظر عن أي تمايز أو امتياز، فالمرأة مثلاً؛ تُعد من أكثر الفئات الاجتماعية عُرضةً للتهميش والقهر، فهل تطالب بحق تقرير المصير والانفصال؟؟ ولئن جاز لها ذلك على المستوى الفردي/الأسري، إلأ أنه لن يُعالج قضيتها على المستوى الفئوي - أو حتى على مستوى الأسرة) لأنها قد تخرج من قهر وتهميش الزوج لتقع في أتون قهر وتهميش الأب و/أو الاخ!!!، طالما أنها تعتمد عليهم اقتصادياً ومالياً، ولذلك فإن علاج مُشكلتها يكمن في المساواة والعدالة في الحقوق والواجبات والمُشاركة في السُلطة والثروة (وهذا لب وجوهر رؤية السودان الجديد ومعالجته للنزاعات السودانية) ولذلك فإني فإن رؤية السودان الجديد لا ترى في حق تقرير المصير حلاً، بل إنها ربما تتناقض معه وتنفيه، رغم الإقرار به كحق إنساني أصيل من حقوق الإنسان التي كفلها العهد الدولي لحقوق الإنسان، وليس هنالك أدنى شك في أنه لا يعالج قضية تهميش أو إقصاء أي فئة اجتماعية أو مجموعة اثنية أو طبقة اقتصادية، أياً كان موقعها الجغرافي أو تصنيفها الاجتماعي.
*-ثمة ضباب كثيف يُحيط بمصطلح "جدل الهامش والمركز" وماذا نعني به، إذ يبدو أن الكُل يُغني على ليلاه، فالبعض يقول إنه صراعاً ثقافياً، بينما يراه آخرون من منظار عدم التوازن التنموي. ولعل جُل الصادحين ينتهون إلى توصيفه وتعريفه جغرافياً، كصراع بين مركز السُلطة الذي تمثله العاصمة المثلثة (لحم الراس أو كرش الفيل)، وبين الأقاليم (الأكثر تجانساً عرقياً وثقافياً واقتصادياً)، فالعاصمة أصبحت بفضل نزاعات وحروب الهامش الجغرافي أكبر مستوطنة عشوائية للمُهمشين في السودان، ولم ينزح إليها هؤلاء القادمين من الهامش الجغرفي لكي ينشروا ثقافاتهم أو فنونهم أو آدايهم أو لغاتهم المحلية، وإنما أتوا إليها ليسدوا رمقهم ويضعوا قليلاً من شوربة الماجي "وجداد الله كتله" في بطونهم الخاوية. بل أن عبد الله بن سعد بن أبي السرح لم يأت إلى أرض رُماة الحدق من أجل نشر رسالة الاسلام (التي ارتد عنها، وهو من كتاب الوحي، ولم ينفذه من القتل بعد فتح مكة إلا شفاعة شقيقه في الرضاعة-عثمان بن عفان)، فابن أبي السرح، عاد راجعاً أدراجه تاركاً أجدادنا في كُفرهم بعد أن أبرم اتفاقية البُقط التي تعلمون نصوصها جيداً (365 عبداً فرز أول، وقناطير من الذهب والعاج وريش النعام). ولماذا نذهب بعيداً ونغوص في أغوار وأضابير التاريخ، فكتب تاريخنا الحديث، تقول لنا بدون لف ودوران، أن عامل خليفة المسلمين العثماني "الخديوي محمد علي باشا" أتى إلى السودان غازياً (1821) من أجل ذهب بني شنقول وسواعد العبيد المفتولة (عناصر الإنتاج الاقتصادي التقليدي)، ولم يأت مُبشراً بالمشروع الحضاري!!!.

في الجُزء الثاني من هذا المقال نستعرض مبررات ومسوغات انقلاب الفريق الحلو أو ثورته التصحيحية (حسب موقعك من إعرابها)، وما إذا علاجها بشق الحركة عمودياً وافقياً أم أن هنالك ثمة طريق ثالث كفيل بتصويب أخطائها والحفاظ على رؤيتها ووحدتها (علماً بأن الرفيق الفريق كان جُزءاً أساسياً من عدم المؤسسية التي أشار إليها غيره باكراً).
أما الجُزء الثالث والأخير (بإذن الله) فسوف يكون اسهاماً متواضعاً بالرأي وخارطة طريق، للخروج من هذا المأزق الذي يشبه "بيضة أم كتيتي-كان شلتها بتقتل أمك، وكان خليتها بتقتل أبوك) !!.

* خاتمة ومناشدة:
نُناشد إدارة صحيفة الراكوبة ألا تجبر كُتابها على التعامل مع الأشباح الذين يتوارون خلف أسماء مُستعارة (وجلهم من الدجاج الإلكتروني)، إذ أنهم تعليقاتهم لا تُضيف أي قيمة للحوار بل تُفرغه من محتواه وجدواه وتنحرف به بعيداً عن مقاصده؛ علماً بأن كُتاب هذه المقالات يجودون بوقتهم ويرهقون أعصابهم ويشحذون فكرهم لتقديم ما ينفع الناس.

بريتوريا-جنوب افريقيا.
(6/يوليو/2017)

[email protected]
صورة العضو الرمزية
عادل القصاص
مشاركات: 1539
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 4:57 pm

مشاركة بواسطة عادل القصاص »

أحمد ضحية يواصل:



الانقلاب في الحركة الشعبية: تقرير المصير - فزاعة قميص عثمان

بقلم: أحمد ضحية



(٣)




سنعود لاحقا لمناقشة أهمية المجهودات الدبلوماسية، التي تجري الآن، للتأكيد لجماهير الحركة والمتعاطفين معها إقليميا ودوليا، انها رغما عن وقائع الانقلاب، وسعيه لفرض (واقع جديد)، إلا أن الحركة الشعبية تؤكد، أنها ستظل متمسكة برؤيتها ومشروعها لحل قضايا السودان، وبمواقفها المعلنة وتحالفاتها..
ورغبة منا في هذه السلسلة من المقالات، لا بكشف الحقائق فقط، بل وايضاً، تحويل مسار مهاترات (بعض الرفاق)، الذين وقعوا أسرى دعاية (القومويين والاسلامويين والانتهازيين) في مجموعة الحلو، في وسائل التواصل والإعلام، إلى مجرى (الموضوعية)، سنناقش ما عبروا عنه (قبيل وبعيد وأثناء الانقلاب) كجزء من الخطوات (المرتبة والمخطط لها، بعقلية التحشيد والاستقطاب) للتهيئة العامة، ومن ثم (الباس ارباع الحقائق، ثوب الحقيقة الكاملة، للترويج لقناعات تنطوي على خلاف ما تظهر)، اهمها ان هذا التوجه الانقلابي، هو (ثورة تصحيحية!)، بينما في الحقيقة هو لكل ذي بصيرة وبصر، لا يعدو أن يكون (ردة سوداء، تكفر بالمشروع والرؤية التي تدعيها جزافا)!
سنناقش كل هذه الأمور وفقا لأهميتها في سياق سردنا، وقناعتنا أن في الأخير (يبقى ما ينفع الناس ويذهب الزبد جفاء)، وأن محاولات (لي عنق الحقيقة) بدفوعات تعبر عن (وعي زائف) بطبيعة هذه الأزمة، لا محالة ستتهاوى بحكم منطقها نفسه، والذي يتناغم مع مخططات النظام، في تقسيم وتجزئة السودان..
وفِي التأكيد على ذلك سنتناول لاحقا بالتحليل (التقرير الأمني المفبرك)، الذي سربته الأجهزة الأمنية للنظام مؤخرا، عن اجتماع مزعوم ل (اللجنة الأمنية والاستخباراتية لإدارة الأزمات)، بمكتب مدير جهاز أمن ومخابرات النظام، بتاريخ ١٨/٦/٢٠١٧ بحضور: البشير، بكري، غندور، ابن عوف، ممتاز، عطا، ابراهيم محمد الحسن، ابراهيم محمود وإبراهيم أحمد عمر.
وكان أحد أجندته الثلاثة الأساسية: (تطورات الأوضاع داخل الحركة الشعبية).
سنناقش كيف يعمل هذا التقرير المفبرك، على دعم التوجه الانقلابي للحلو، لضرب التوجه الحقيقي للحركة الشعبية، على عكس ما زعم في (حيثياته المفبركة)، التي رمى منها لتعميق الانقسام والتشرذم، خلال رسم بورتريه له، يدعم التصور الذي يتبناه الحلو، ضد توجهات قيادتها الشرعية!
وحتى لا تتفرع بِنَا المسائل، وبعضها يمسك بتلابيب بعض، سنتناول تشابكاتها لاحقا، لذا سنفرد (اولا) هذا المقال والذي يليه للرسالة الوثيقة: (BEWITCHING OF THE LIBERATION
Genesis of the SPLMN split of 2017
التي هي قيد الترجمة للعربية الان، والتي سرد فيها الرفيق عقار، تسلسل الوقائع والأحداث داخل القيادة، ونشأة الانقلاب، خلال تسليطنا الضوء على مواقف الرفيق الحلو خلال هذه الأحداث، والتي كانت تشير بوضوح، أن الرجل (يتلكك) وقد انتوى شيئا غامضا، لم يعبر عنه بصراحة، وقد وضح فيما بعد، إن هذا الشيء الغامض هو (الانقلاب على الشرعية) التي ظل يناورها من آن لآخر، بإثارة قضايا تافهة أو باحتجاجات عبثية أو بتقديم استقالته (زهدا في القيادة) ريثما تكتمل استعداداته للانقلاب، ليستولى على التنظيم، ويغير من طبيعة ومسار مشروعه ورؤيته، وفقا للقناعات (التي عرفت عنه)، بضرورة تقسيم السودان، إلى خمسة دول!
يقول الرفيق مالك عقار، في رسالته الداخلية - الوثيقة المشار إليها:
"في يوليو ٢٠١٥ اتخذ قرارا بعقد اجتماع للسلطة التنفيذية، في بلد مجاور، للتحضير لاجتماع قيادة الحركة الشعبية لتحرير السودان. وصل عبد العزيز من جبال النوبة، وكان يعاني من مشاكل صحية أثرت على بصره وسمعه.
وتم عقد الاجتماع في الفترة من ١ الى ٥أغسطس ٢٠١٥واتخذت في هذا الاجتماع عدة قرارات، منها تعيين الجنرال (جقود مكوار مرادا) رئيسا للأركان، ليحل محل الفريق عبد العزيز آدم الحلو.
وكانت خلفية هذا القرار، توصية من الرفيق عبد العزيز نفسه، الذي كان قد ناقش هذه المسألة أولا مع الرفيق ياسر عرمان، مشيرا إلى أن سكان جبال النوبة (يشكون) من أنهم غير ممثلين في القيادة العليا للحركة، ما جعله شخصيا، أي عبد العزيز، (يشعر بعدم الارتياح)، ولهذا السبب أوصى بجقود.
وكان الرفيق ياسر (لتهدئة مخاوف النوبة) قد اقترح إخلاء موقعه للجنرال جقود، و الذي كان قد عمل معه سابقا في ملف الدبلوماسية والسلام.
لكن كان رد عبد العزيز أن الجنرال جقود سيكون (ملائما أكثر لرئاسة الأركان)، مؤكدا أنه سيكون على استعداد، لتسليم هذه المهمة إلى الجنرال جقود، مع الاحتفاظ بموقعه كنائب للرئيس فقط (..) وهكذا اتخذنا ثلاثتنا قرارا بتعيين الجنرال جقود مكوار، رئيسا لهيئة أركان الجيش الشعبي لتحرير السودان - شمال"
وليس ثمة أدنى شك أن (سكان جبال النوبة)، لم تكن لديهم أي شكوى، تتعلق بالتمثيل في القيادة العليا، وإنما الحلو مرر هذه المزاعم، لتعضيد موقفه شخصيا وسط النوبة، بإظهار نفسه أمامهم كمحارب، حريص على مصالحهم، دونا عن غيره من أعضاء المجلس القيادي. ويتضح الآن أن تلك، كانت خطوة مدروسة، لاستقطاب موقفهم المؤيد للانقلاب مستقبلا، و (اختطاف الحركة من مشروعها ورؤيتها)، خاصة أن القيادة الشرعية، كانت مهمومة وقتها، بإرساء قيمة مهمة في نقل السلطة، إلى قيادة جديدة، إذ تشير رسالة الرفيق عقار هنا.. إلى هذا المعنى البعيد كل البعد، عن أفكار (التشبث بالسلطة واحتكارها) والتي تم التدليل عليها -هذه القيمة- مسبقا بتعضيد مقترح الحلو نفسه، بتعيين جقود لرئاسة هيئة الأركان..
يمضي عقار في الرسالة- الوثيقة قائلا:
"ومن ثم ناقش الاجتماع اللاحق -بعد ذلك الاجتماع الذي تم فيه تعيين جقود- الحاجة إلى نقل سلمي للسلطة، فقد مضت خمس سنوات علينا في القيادة، ولذلك ناقشنا في هذا الاجتماع عدة نماذج لنقل السلطة، انطلاقا من واقع نضال التحرير، متناولين سلبيات وإيجابيات هذه النماذج:
١. رأينا في النموذج الأول، أن يتنحى ثلاثتنا فورا مفسحين المجال لقيادة جديدة. ولكننا ندرك أن لهذا النموذج عيوبه التي تغلب على مزاياه. إذ قد تفضي هذه الصيغة في نقل السلطة، إلى حالة من الارتباك، تعوق عمل الحركة، فضلا عن ما قد تولده من تساؤلات داخل التنظيم.. بين الأعضاء.. وخارجه بين المتعاطفين مع الحركة. الى جانب ان هذه الصيغة، لا توفر الوقت الكافي للقيادة (الحالية والقائمة) للتحضير لتسليم مسؤولياتها للقيادة (الجديدة)، فضلا عن تهيئة أعضاء الحركة وجماهيرها والمتعاطفين معها اقليميا ودوليا.
ولذلك انتقلنا لنقاش نموذج آخر لنقل السلطة، يتمثل في:
٢. النقل التدريجي للسلطة في غضون فترة تتراوح بين ١٨ شهرا، ابتداء من (تنحية مجلس القيادة) بعد ستة أشهر وتعيين بديل؛ ونائب الرئيس للتنحي عن منصبه بعد ١٢ شهرا والرئيس بد ١٨ شهرا: وهذا من شأنه أن يتيح الاستعدادات الكافية للقيادة (المتنحية والجديدة) كما أنه يبدو أكثر تنظيما. ويمكن إنجازه بطريقة سلسة.
وهكذا شرعنا في تحديد مجموعة القيادة المقبلة، فناقشنا الخيارات المتاحة. وتوصلنا لتحديد أسماء بعينها، وعرضنا عليها الأمر، وقد تقبلوا الفكرة والصيغة، لكنهم ترددوا وطلبوا مهلة من الوقت للرد على المقترح، إذ كانوا يَرَون أن التوقيت يشكل مشكلة، وغير ملائم. لكننا أصررنا وأوضحنا أن الاقتراح سيقدم كجزء من جدول أعمال اجتماع مجلس القيادة القادم. والصوت الوحيد الذي رفض هذا الاقتراح (اقتراح نقل السلطة لقيادة جديدة) هو عبد العزيز الحلو، نائب الرئيس. محتجا بأن الوقت لم يحن بعد لتقديم مثل هذا الاقتراح. ولذلك أرجئ تنفيذ المقترح إلى اجتماع مجلس القيادة، و تنفيذ الاتفاقية الوطنية"
ورفض الحلو هنا لاقتراح نقل السلطة، لقيادة جديدة، يثير أسئلة مشروعة: فهل كان يخشى أن يتعثر تنفيذ مخططه الانقلابي؟ أم أن ذلك كان مؤشرا على إصابته بلعنة (احتكار السلطة) التي تقلب خلال السنوات، من ثمانينيات القرن الماضي حتى الآن، على مواقع مهمة من مستوياتها، داخل التنظيم والجيش؟ هل حسب الرجل و (فكر) انه في حال تسلم قيادة جديدة، سيجد نفسه (بلا شك) يبدأ من الصفر، كيما (يكون ويحشد) مواقف ضدها، تسند (مشروعه الانقلابي)، وبالتالي سيستغرق تنفيذ مشروعه وقت طويل؟
لن نجيب على هذه الأسئلة، سنترك أمر الإجابة عنها لفطنة القاريء.
يواصل عقار حديثه:
"(..) وفي اجتماع القيادة ببريتوريا، جنوب أفريقيا. وخلال المناقشات التي دامت سبعة أيام، كانت هناك ملاحظات قليلة بشأن بعض المجموعات، وإن كانت صغيرة. وقد أبدى عبد العزيز ملاحظات هامة، بشأن مجموعة الأمن، إذ رأى أنه لا ينبغي إدراجها في الوثيقة الموحدة، محتجا بأنه أمر صعب، لأنه يعني: أن العملية برمتها، قد تنتهي دون تحقيق النتائج المرجوة منها. وكان الحل الأول الذي تم الاتفاق عليه، هو تشكيل لجنة من المجموعات الرئيسية، يقودها الحلو شخصيا، لإعادة صياغة الوثيقة الموحدة، وتعديلها وفقا لاقتراحاته. ولم تشكل تلك اللجنة. فاقترحنا حل توفيقي: أن يعيد عبد العزيز الحلو نفسه، صياغة القسم المتعلق بالترتيبات الأمنية، بطريقة يرى أنها مناسبة لإدراجها في الوثيقة. ولم يتم ذلك.."
واضح خلال ما سبق من سرد الرفيق عقار، ان الحلو شخصيا كلّف بقيادة اللجنة المسؤولة عن اللجان، وقد تركت له حرية إعادة صياغة الوثيقة وتعديلها، وفقا لاقتراحاته، ومع ذلك لم تشكل هذه اللجنة؟؟!!
وأيضا لم يقم بصياغة الجزء المتعلق بالترتيبات الأمنية، والذي (ترك أمره له) كحل وسط.. فلم يفعل فيه شيئا، مع أنه (هو من تقدم بالاحتجاج فيما يخص هذا الجزء؟؟!!) فما الذي كان يعنيه كل ذلك، سوى إعاقة العمل (كسبا للوقت) لتنفيذ أجندة خفية؟!
تواصل الوثيقة:
"(..) بعد ذلك اشتكى عبد العزيز، من سبب قيام الحركة بصياغة وثيقة برنامجية، قبل اعتماد بيان. ولذلك اقترحت مشروع نص لبيان، وأرسلته له بالبريد الإلكتروني في ٩ يونيو ٢٠١٦ سعيا إلى الحصول على رأيه، حتى يمكن عرضه في الاجتماع المقبل لمجلس القيادة. ولم يشهد مشروع البيان هذا النور حتى الآن؟!
ولا يوجد مشروع التمثیل في الحكم الذاتي للمنطقتين، والذي قمت بإرساله عبر البرید الإلکتروني في نفس الیوم. وقد أدى عدم الحصول على أي رد بهذا الشأن، إلى توقف العمل في برنامج الحركة، دون ان يتقدم بتفسير معقول.
لذلك من المثير للدهشة (شكواه في استقالته) من عدم وجود هذه الوثائق! التي عمل هو شخصيا على تعطيلها!
نواصل.


[email protected]
صورة العضو الرمزية
عادل القصاص
مشاركات: 1539
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 4:57 pm

مشاركة بواسطة عادل القصاص »

الانقلاب في الحركة الشعبية: تقرير المصير – فزاعة قميص عثمان

بقلم: أحمد ضحية


(٤)




سنواصل في هذه الحلقة، سردنا لشهادة الرفيق عقار، وكنا قد توقفنا في المقال السابق، عند ضرورة نقل السلطة لقيادة جديدة، ورفض الحلو لهذا المقترح، وبعيدا عن رفض الحلو، نجد أن عملية (انتخاب وليس تعيين أو اختيار) قيادة جديدة، خلال مؤتمر يواجه فيه الجميع أخطاءهم، تظل من الأولويات المهمة، بل وان عقد مؤتمر يجمع الطرفين، تحل فيه كل المشكلات، وتنتخب فيه قيادة جديدة، هو الأساس الذي يجب أن يتم البناء عليه، لمصلحة وحدة الحركة، وخطورة ما يمكن أن يفضي إليه الانقسام، نظرا لطبيعة تكوينها، وتعقيدات المكونات السكانية للجغرافيا، التي تتحرك فيها (الأراضي المحررة – معسكرات اللاجئين – مناطق سيطرة النظام)، التي من شأن انقسام يرفع لواء (تقرير المصير) تفجيرها، وبالتالي لن ينحصر التفجير في حدود (ج.كردفان) بل سيتعداه.

ونحن هنا (لسنا ضد حق تقرير المصير) من (حيث المبدأ)، فهو (حق لأي شعب)، ولكن في أي مناخ، وأي ظروف، وتحت ظل أي نوع من النظم، يمارس هذا الحق؟

وهل هو بالفعل، تعبير عن (إرادة حرة) واعية بخياراتها؟

هذه هي نقطة الخلاف الجوهرية، فضلا عن أن (تجربة الجنوب)، جعلت الحماس لممارسة هذا الحق، بريقه يخبو، وفِي ظني الشخصي، أن الغرب نفسه لم يعد راغبا كما مضى، في (جنوب اخر)!

والاهم من كل ذلك، أن الدعوة لتقرير المصير، والسعي لحشد شعب النوبة، للالتفاف حول هذه الدعوة، ستؤدي للنتيجة نفسها في التحليل النهائي: (تكريس سلطة نظام الخرطوم)، التي أسهم انفصال الجنوب في مد عمرها، وليس العكس بأن يضعف هذه السلطة كما كان متوقعا، ولذلك في تقديري الشخصي، أن توجه الحلو الحالي، سيؤدي للنتيجة نفسها، وبصورة أعمق!

لذلك نرى أن مشروع (نقل السلطة لقيادة جديدة) بتنحي (القيادة الثلاثية الحالية) على خلفية شهادة الرفيق عقار (كان) سيكون مدخلا لحل الاشكالات، التي كما أكدنا في مقالنا الأول، أن الجميع لهم فيها نصيب، وجميعهم أيضا جزء من الحل.

ولذلك لن نمل الحديث، عن ضرورة عقد (مؤتمر حقيقي) لمعالجة كل المشكلات، والالتفات لبناء المؤسسات، كي تصبح الحركة أكثر فاعلية، كتنظيم (منتخب القيادة)، لتعبر بالفعل عن إرادة عضويتها! وتوفر لها القدرة الفورية، التي تستمدها، من مشروعيتها كقيادة (مفوضة) على معالجة المشاكل، التي قطعا، لا تتراكم إلا في ظل غياب المؤسسات!

نواصل في شهادة عقار، الذي يسرد:

“(..) وفي اجتماعات نداء السودان، وتحالف الجبهة الثورية في باريس، طلب الأمريكيون تمديد عضوية COH = وقف العدائيات، الثنائية لتشمل آخرين، ولا سيما مع وجود جميع فصائل الجبهة الثورية، التي يمكن أن توقع.

غضب عبد العزيز من التوقيع من قبلنا، على الرغم من استشارته حول الاتفاق، عن طريق البريد الإلكتروني (…) وواصل عبد العزيز بعد ذلك، الاستجابة بشكل غير متناسب مع مجريات الأمور، بل وأبدى موقفا عدائيا، تجاه القضايا الهامة، وكذلك الأحداث التافهة، التي لا ترقى إلى موقف! حتى بدى كأنه يعارض كل شيء، فقط لأجل المعارضة أو نكاية فينا، دون منطق محدد!

(..) وفي ١٣ يوليو٢٠١٦ قدم عبد العزيز استقالته الفورية، من منصبه كنائب لرئيس الحركة. وجاءت (استقالته الوثيقة) مؤلفة من ثلاث صفحات، مستشهدا بـ الانتقادات المتزايدة، من قبل النشطاء السياسيين من أبناء النوبة، ودور الانتماء الإثني، في السياسة السودانية.

واقترح أن يتم شغل موقعه من قبل النوبة. وقد ناقشنا الثلاثة رسالته، على أمل إقناعه بسحب الاستقالة. و قدمنا في ذلك ​​حججا قوية، بما في ذلك استقالتنا نحن في هذا السياق.

ولاحظنا أن عبد العزيز، يتعمد إثارة أسئلة لا معنى لها، من شأنها أن تسبب الانقسام داخل الحركة، وتضعفها في نهاية المطاف.

وكان واضحا أن سلوك عبدالعزيز، بمثابة الوقود للدعاية اضد الحركة، من قبل أجهزة النظام. وما تبذله هذه الأجهزة، من جهود لتصوير الحركة، على أنها مجزأة على أسس عرقية ودينية ومناطقية، وكان ذلك أحد الأسباب الرئيسيّة، لاستهداف الدعاية الحكومية المضادة، الرفيق ياسر عرمان، ولنا، واتخاذ ياسر هدفا رئيسيا لدعاية حكومية منظمة!

(..) وتشجيع سياسة الدوائر الإنتخابية الإثنية، التي تهدد السودان نفسه، وهو الشر الذي يتعين محاربته.

(…) كل ذلك دفعنا لإعادة النظر مرة أخرى، في الفكرة التي ناقشناها في وقت سابق، لنقل السلطة إلى قيادة جديدة: فبدلا من استقالته وحده، اقترحنا إعادة النظر في فكرة استقالة كل القيادة في آن واحد. ولكنه رفض مرة أخرى هذا الخيار، ثم وافق على سحب استقالته.

(..) وفي وقت لاحق، تم إبلاغنا، بأن عبد العزيز قدم استقالة مماثلة، أمام ١٣ كادرا عسكريا من كبار الضباط في جبال النوبة، في يونيو ٢٠١٦ قبيل مغادرته الجبهة. وردا على ذلك، اقترح عقد مؤتمر لضباط الجيش الشعبي لتحرير السودان، لمناقشة المسائل التي أثارها. وقبل الفكرة وسحب الاستقالة. وقبل سبعة أيام من مؤتمر الضباط المقرر، سافر من المنطقة ولم يعود أبدا.

(..) وفي ٧ أغسطس ٢٠١٦ دعا الاتحاد الأفريقي لحقوق الإنسان السودان، إلى إجراء مناقشة وتوقيع خريطة الطريق. وكان عبدالعزيز، قد شارك في وقت سابق، مع لجنة الدراسات في مناقشات، مع السلطات الإثيوبية والمبعوثين الخاصين، بشأن سبل المضي قدما هذه المرة، ومع ذلك، كان مترددا. وكان في نفس المدينة يوم التوقيع على خارطة الطريق، ثم غادر أديس في نفس الليلة من ٩ أغسطس، مما يدل على عدم الاهتمام بالتواجد هناك، لبدء محادثات السلام، التي بدأت في اليوم التالي في ١٠ أغسطس.

وكان القصد من هذه الأعمال بوضوح، أن تنأى الحركة بنفسها عن أي تطور، وعن عملية صنع القرار الجماعي. وفي أغسطس ٢٠١٦ خلال الجولة الخامسة عشرة، من المحادثات التي ركزت على وقف العدائيات، وإمكانية وصول المساعدات الإنسانية.

أثارت الخرطوم أسئلة بشأن الترتيبات الأمنية. واستدعت الحالة ردا من وفدنا. وقد أرسل مشروع اقتراح إلى الرئيس ونائب الرئيس، وهو آلية عملنا وتقاليدنا بين الأعضاء التنفيذيين الثلاثة، لكي تتخذ القرارات بناء على مشاورات وتوافق في الآراء.

ورد عبد العزيز مبدئيا في ١٢ أغسطس قائلا:

“إن المشروع موجود وينبغي إدراجه” (كان هذا بريد إلكتروني إلى الدكتور أحمد سعيد و Cc.d للجميع). أما الموقف الثاني فقد جاء في اليوم التالي ١٣/ أغسطس، عندما اقترح إدخال تحسينات على المشروع، وأنهى رسالته ب: “لدينا أسباب كثيرة للمحافظة على جيشنا لأطول فترة ممكنة”. بالإضافة إلى تلقي رسالة بريد إلكتروني، من الدكتور أحمد سعيد، أن الاقتراح بصيغته المقدمة، قد قدم بالفعل إلى الفريق الرفيع المستوى، المعني بالتنفيذ الرفيع المستوى، ورفضه وفد الحكومة.. اقترب مني عبد العزيز، مشتكيا من أن لجنة الدراسات، قد انتهكت التقليد القديم: أن القرارات الخطيرة، التي تؤثر في مستقبل الحركة، يجب أن تخضع لتوافق الآراء. وادعى أن عرض الوثيقة، قد انتهك هذه القاعدة.

واتفقت على مقابلة وفد المفاوضات، لدى وصولهم من أديس أبابا. وعقد الاجتماع في ١٦ أغسطس. وعبر عبد العزيز عن غضبه من الوفد، وسأل عن سبب تقديم الوثيقة؟ وقال إن المشروع كما قدم، يشكل تنازلا كبيرا للقطاع الأمني، ويقوض موقفنا، حول ضرورة وجود الجيشين، خلال الفترة الانتقالية وبعدها. وحاول الوفد، برئاسة لجنة الدراسات، تفسير تسلسل الأحداث عبثا، على خلفية موقفه الذي لا هوادة فيه.

واقترحت أنه حتى لو كانت الوثيقة قد قدمت، فإنه لا يزال بإمكاننا إما سحبها أو تحسينها، على الرغم من أنها رفضت بالفعل، من قبل وفد الحكومة، وثانيا، لأنها وثيقة المبادئ التوجيهية، وسوف تختفي عندما تتحول إلى نص اتفاق. ثالثا، اقترحت أيضا أن نتمكن من تجاهل الوثيقة منذ رفضها، ووضع مشروع جديد تماما، يشمل كل النقاط.

واقترحت أيضا أن ندعو إلى عقد اجتماع للقيادة، لاستعراض جميع أنشطة الحركة، العسكرية والسياسية والتنفيذية، والتحالفية والإنسانية وملف السلام برمته. ومن بين الاقتراحات التي طرحت مرة أخرى في اجتماعنا، أن نائب الرئيس يمكن أن يقود ملف محادثات السلام، مع وجود أو غياب لجنة الدراسات كما يشاء، ولكن مرة أخرى رد عبد العزيز سلبا، قائلا إن لجنة الدراسات يجب أن تستمر، في قيادة الجبهة التفاوضية.

وكان هذا الاجتماع القشة التي قصمت ظهر البعير. وفي اليوم الثاني غادر عبد العزيز إلى بلد في شرق أفريقيا.

(..) في ٢٢ أغسطس ذهبت إلى نفس البلد، اقترحت لقاء معه، ووافق على مقابلتي دونا عن ياسر. وعندما جاء كان يتأبط شرا، حتى أنه رفض أن يتناول جرعة ماء، وقال: “جئت لأقول لك شيئا واحدا: أنا لن أعمل معك من الآن فصاعدا، لانك غير جاد وغير جدير بالثقة!”

وعلى الرغم من أن قوله كان صادما، الا انني قررت امتصاصه، والاستماع إليه، ومعرفة دوافعه. لكنه رفض الحديث وأراد أن يذهب، ولكن الجنرال جقود الذي كان حاضرا تدخل، وطلب منه أن يستمع إلى ردي. وسألته أن يشرح لي الأسباب، التي تجعله يعتقد بعدم جديتي؟ فقال:

“لقد اتقفتم مع الوفد وتبنيتم موقفهم.. مع انك قلت لي أن لا اقلق بشأن تقديم الوثيقة، فمبادئها ليست جزءا من الاتفاق – وهذه إهانة لعقلي”.

حاولت أن أطرح أسئلة أخرى، لأننا نعرف بعضنا البعض، منذ العمل السري الذي قمنا به معا، في أوائل الثمانينات، قبل انضمامنا إلى الحركة.

(..) ثم تدخل الجنرال جقود وأثار مخاوف وشواغل محددة، حول أن تؤدي هذه المحادثة، لتقسيم وحدة الحركة. كما قام بتذكير عبد العزيز، بأن لا ينسى نصيحة الراحل يوسف كوة، الذي طلب منه تولي القيادة في جبال النوبة، وكان ذلك استجابة من يوسف كوة نفسه، لنصح عدد من قادة النوبة. وما زال الجنرال جقود يسأل عبد العزيز، إذا كان مهتما برئاسة الحركة؟ لكن عبد العزيز كان غاضبا، ورفض الاقتراح على الفور. وقال له جقود أن موقفه ليس صحيحا، وأنه ينبغي أن يكون معقولا، للحفاظ على وحدة الحركة.

هذه هي الطريقة التي انتهى بها هذا الاجتماع، مع إصرار عبد العزيز على عدم جديتي، وإعلانه أنه لن يعمل معي، كان الرجل مشحونا. وأصبح واضحا أننا نتجه إلى مشكلة في الحركة.

(..) وفي نهاية أغسطس، طلبت منا السلطات في جوبا، أن نأتي لحضور اجتماع. وقد افترضنا أنه يتعلق بالزيارة الأخيرة، التي قام بها النائب الأول لرئيس لجنوب السودان، إلى الخرطوم. وبيانه أنه سيخلي أراضي جنوب السودان، من الحركات المسلحة الدارفورية، والحركة الشعبية لتحرير السودان، في غضون ٢١ يوما.

وصلت لعبد العزيز رسالة من سلطات جنوب السودان. ووافق على السفر: فقد دعي ثلاثتنا، الى جانب اثنين من القادة، إلى الاجتماع.

وقبل يوم واحد من رحيلنا، أبلغني الحلو أنه لن يذهب إلى جوبا، بسبب مشكلة صحية. واقتناعا مني بأن هذا ليس السبب الحقيقي، اصررت عليه وطلبت عقد اجتماع. واستمر في الرفض، وهكذا سافرنا إلى جوبا بدونه.

وكان قد حاول منع الجنرال جقود من الذهاب معنا، بحجة أن السلطات في جوبا سوف “تسلمنا” إلى الخرطوم. ما كان يعنيه، هو أن ياسر وأنا قد نوقع اتفاقا تحت الضغط: و ردنا عليه وقتها كان: “إذن الأولى أن تذهب معنا، لمنعنا التوقيع على هذا الاتفاق”. وقد تابعنا بطبيعة الحال اجتماعاتنا في جوبا في ٤ سبتمبر، وأطلعته فيما بعد بالتفصيل، بشأن الاتفاق المبرم بين جوبا والخرطوم. وفي ١٦ سبتمبر، دعا الرئيس الأوغندي إلى إجراء مشاورات، تشمل أعضاء حكومة الخرطوم، التي كانت استمرارا للتعهدات السابقة. وكان من المقرر أن تستمر لجنة الدراسات في ١٧ سبتمبر. سألت عبد العزيز ضرورة تعزيز لجنة الدراسات فرفض (..) وتطور الاجتماع بوصفه اجتماع تفاكري، أسهمت فيه الحركة إسهاما كبيرا.

(..)

وفي ٧ نوفمبر ٢٠١٦ التقى المبعوث الأمريكي الخاص إلى السودان وجنوب السودان، بالرئيس وأعضاء مجلس القيادة في أديس أبابا، وأخبرهم بأن الولايات المتحدة، تتقدم باقتراح شجعت الخرطوم عليه. وأكد لفظيا أن الولايات المتحدة، ستقوم بتقديم المساعدات الإنسانية اللازمة للمنطقتين.

وفي حين قبلنا فكرة الاقتراح من حيث المبدأ، نهشتنا عدة شواغل وأسئلة. واستمر الاجتماع في اليوم التالي، و الذي حضره مدير الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، مقره نيروبي. طالبت الحركة الشعبية لتحرير السودان، بتقديم نص مكتوب للاقتراح الأمريكي، من أجل تمكين القيادة من مناقشته، داخل هياكل الحركة. وطلبنا أيضا من ١٨ من كبار القادة، حضور حلقة عمل، لأن الاقتراح ينطوي على قبول الحركة، بتحول كبير في موقفها من الدخول عبر الحدود. لسوء الحظ، رفض عبدالعزيز المشاركة في هذه العملية، على الرغم من المراسلات اليومية عبر البريد الإلكتروني

(..) بين أغسطس ٢٠١٦ وفبراير ٢٠١٧ حاولت منع هذا الانقلاب في بداياته، والذي كان يتطور، فكتبت ١٧ رسالة بريد إلكتروني، واتساب، سكايبي.. لتشجيع الرفيق لقبول دعوة القيادة، زائد للاجتماع في جبال النوبة، لمناقشة مجموعة من القضايا. وجاء اقتراح المكان عمدا، للسماح لعدد أكبر من ضباط الجيش، من الفرقة الأولى بالحضور، وخلق جو من السلامة والهدوء: عبد العزيز نفسه لم يكن جزءا من هذا الجو في مقره هناك، في جبال النوبة منذ يوليو ٢٠١٥ وسوف تكون فرصة له ليكون “في المنزل”. تم تجاهل جميع مراسلاتي، باستثناء رد واحد تلقيته، والذي لم يتناول مقترحاتي مباشرة، لكنه حث لجنة الدراسات، على عدم إصدار بيانات، تتناول أهداف الحركة قبل اجتماع القيادة في يونيو ٢٠١٧.

ووصف تصريحات الأمين العام، بأنها تتناقض مع مشروع السودان الجديد. تمت قراءة هذا الرد على أنه استعداد على الأقل لحضور اجتماع في يونيو ٢٠١٧ ولكن لماذا كان ذلك بعيدا عن الحقيقة.

خلال الفترة نفسها، تسربت بعض المراسلات لأحد أعضاء الحركة، مع صحفي في الخرطوم. وذكرت هذه الاتصالات، أنه تم التخطيط لعقد اجتماع في جبال النوبة، يتخذ قرارا بتخلي لجنة الدراسات عن موقفها ومسؤوليتها، عن مفاوضات السلام، وغير ذلك من أمور. وقيل إن عبد العزيز كان وراء كل ذلك. لأنه كان غاضبا من الأمين العام (..)

(..) لم تؤخذ التسربات على محمل الجد، لأنها كانت -حسب اعتقادي- كمقترحات نظرية: تبدو ساذجة جدا!

نواصل.



[email protected]
صورة العضو الرمزية
عادل القصاص
مشاركات: 1539
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 4:57 pm

مشاركة بواسطة عادل القصاص »

تعقيب من حيدر إبراهيم:



نظرة إلى المستقبل

بقلم: د. حيدر ابراهيم علي





ظن البعض أنني غاضب بسبب الحملة التي تعرضت لها بسبب اقترابي من نقد الابقار المقدسة.لست غاضبا ولكنني حزين وساخط لتآكل النموذج السوداني… المهذب الكيّس،الودود . وساخط علي بعض نجاحات الجبهة في " اعادة صياغة الانسان السوداني وصار البعض يشبه عدوه في سلوكه وأخلاقه.

وحاول البعض تهدئة خواطري بالقول أنها طريقة السودانيين ولم أقبل هذا التعميم لأن لي تجربة رائعة ونبيلة اثناء الازمة الصحية الأخيرة تجبرني علي تجاوز كثير من السفه في اختيار الألفاظ والصفات مثل أوصاف العنصرية مجانا والسقوط واحدهم في بحثه عن عنوان مثير اختار وصف فكري بالترامبية فجاء بعنوان عوير واشتر.
لم اغضب لأنني اعلم انني لست المقصود بتجريدة رماة الحدق ولكنها رسالة الي كل من تسول له نفسه الاقتراب من ابقار الهامش المقدسة.
كان التربص والترصد والترصد واضحا والغرض مرض لنزع قناع النفاق
عن هذا الشخص الدعي والذي ظل يخدع الناس لسنوات طويلة.
مازلت مصرا علي كل الآراء التي ذكرتها ليس عنادا ولكن تلقيت كثيرا من سقط القول ولم يفند أحد بموضوعية ما طرحت بل لم يحاول احد من الهامشيين الكرام فهم مقصدي الحقيقي من الكتابة.
لذلك أعيد المناقشة من البداية. فرضية المركز والهامش تدليس مبتذل لنظرية سمير امين عن التبعية أو التطور غير المتكافئ حيث قسم العالم الي مركز واطراف بين قطبي:الرأسمالية في أعلي مراحلها -الامبريالية مقابل المستعمرات السابقة/دول العالم الثالث.هل حاول اصدقاؤنا السودايون تكييف أو تبيئة هذه النظرية علي واقعنا أم حولوها الي شعار خاو وجروا بها فرحين بغنيمة فكرية يتباهون بها؟
اعتراضي ايضا هو أن لكل نظرية مكونات معينة فهل نجدها في النسخة السودانية؟ تتكون النظرية عادة من مفاهيم (concepts) وهي أقرب لمنظومة مصطلحات (terminology) ولكنها أعمق وأوسع في دلالاتها.وتطرح أي نظرية مقولات (categories). لم أجد هذه العناصر في فرضية الهامش والمركز،لذلك تجرأت علي نقدها لكي يصفني د.قندول ابراهيم بالعنصرية بدم بارد،وبالمناسبة في مجتمعات حكم القانون والمواطنين المتحضرين مثل تفصل فيه المحاكم الجنائية كقذف وسب شخصي. وسألت نفسي ناس قندول وهم معارضة زينا يردوا علي مقال بهذه الطريقة فلما يكونوا في السلطة حيعملوا فينا ايه؟ بالتأكيد سوف يقطعوننا من خلاف أو نرجم تأسيا باسلوب ردع الجبهة.

تقوم فرضية المركز والهامش في الحقيقة علي نقاش الهوية الذي لم يحسم. وهو بدوره مفهوم تجريدي غير موجود واقعيا ولكن يتم تكوينه أو صناعته اجتماعيا.أو كما يصطلح عليه في الانثروبولوجيا(socially constructed) ولايوجد هناك.فهو مصطنع وذاتي.
يهمني كثيرا تأثير هذه النظرية علي الشباب وطلاب الجامعات فهل تساعد في تنشئة سياسية صحية لاجيال المستقبل تساهم في بناء وعي قومي بين ابناء"الهامش" في وطن موحد. تألمت كثيرا حين علمت بأن أبناء دارفور لا يشاركون في مظاهرات اتحادات الطلاب في العاصمة باعتبار ذلك نشاط لأبناء المركز وبالتأكيد هناك تقصير ايضا في التضامن مع قضية دارفور، ولكن النتيجة واحدة شرخ في صرح الوحدة الوطنية,ووحدة الحركة الطلابية.

لم أنتقد خلافات الحركة الشعبية رغم أن الخلاف الحزبي مسألة عادية في حزبي وفي كل الاحزاب الشمالية. المسألة عندي تختلف لأن ياسر والحلو يجمع بينهما كفاح مسلح وقد وهبا الروح والحياة نفسها من أجل العمل السياسي. بينما خلافات بلال ومبارك الفاضل مثلا هي حول المصالح والامتيازات والاستوزار. لذلك خلافات الحركة ليست طبيعية ولا مقبولة ومؤلمة وتهز فينا كثيرا من القناعات والتوقعات. سعدت ببشارة ياسر عرمان بميلاد ثان للحركة وأن لديها رؤية جديدة، وأرجو ان تبدأ بنقد ذاتي شجاع.

حفلت الردود بشخصيات كاركاتورية رغم ادعاءات الثقافة والفكر فقد اراد احدهم وصفي بالانفصام ونسي نفسه فقد سرد لنا زيارته لهارفارد وتفاخر بتمسحه ببروفسور فوزي وفريزر ولكن -من الواضح- انه لم يتعلم منهم الموضوعية ولم يسمع منهم بنظرية في الأدب تقول ب "موت المؤلف" وهي تتعامل مع النص فقط. صاحبنا هذا يظن ان التمسح بالكبار يجعل منه كبيرا بالعدوى. وسوف يرفع ذلك من قدره ويسمح له باجراء تحليل نفسي للآخرين. هذه نماذج بشرية رضيت عن جهلها ورضي جهلها عنها.



[email protected]
صورة العضو الرمزية
عادل القصاص
مشاركات: 1539
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 4:57 pm

مشاركة بواسطة عادل القصاص »

بيان:




الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان "ش"

البيان الختامي لإجتماع القادة العسكريين والسياسيين والأدارات المدنية ومنظمات المجتمع المدني بإقليم جبال النوبة / جنوب كردفان





إنعقد ولمدة ثلاثة ايام بالمناطق المحررة إقليم جبال النوبة / جنوب كردفان، أجتماع تاريخي حضره (753) من القادة العسكريين والسياسيين والادارات المدنية وممثلي منظمات المجتمع المدني، وزعماء الادارة الاهلية ورجالات الدين وممثلي اتحادات المرأة والشباب والارامل وأبناء الشهداء والمعاقين.
شرف الاجتماع وخاطبه الفريق عبد العزيز ادم الحلو رئيس الحركة الشعبية والقائد العام للجيش الشعبي لتحرير السودان، واللواء جقود مكوار مراده رئيس هئية اركان الجيش الشعبي والرفيق سليمان جبونا محمد حاكم إقليم جبال النوبة والرفيق قاضي عمر رامبوي رئيس مجلس التحرير والرفيق التجاني تمه الجمري الامين العام للحركة الشعبية بالاقليم.
و وقف الأجتماع علي تداعيات الراهن السياسي، لا سيما التسريبات الواردة في محضر أجتماع اللجنة السياسية والامنية والاستخباراتية الذي عقده البشير مع قادة اجهزته الامنية منتصف يونيو، كما أطلع الاجتماع علي ترتيبات إنعقاد المؤتمر القومي الاستثنائي، وأستعرض الاجتماع التدابير اللازمة لعودة التعافي والتسامح بإقليم النيل الازرق، وحيا الاجتماع نضالات الجيش الشعبي لتحرير السودان وإنحيازه لرؤية ومشروع السودان الجديد.

عليه خرج الاجتماع وأكد الآتي:

1- مواصلة الكفاح المسلح ووسائل النضال الاخري لحين إسقاط نظام الإقلية المستبّدة في الخرطوم وإعادة بناء الدولة السودانية وعلي إسس جديدة.
2- التأكيد بأن مجلسي التحرير في اقليم النيل الازرق وجبال النوبة / جنوب كردفان، قد مارسا سلطاتهما في غياب المؤسسات القومية المعنية، وأن كافة القرارات التي صدرت من المجلسين دستورية ونافذة.
3- التأكيد بما لا يدع مجالا للشك وفقاً للوثائق المتوفرة بأن الرئيس والامين العام السابقين المقالين، قد عقدوا صفقات سرية مع جهات معلومة بغرض التخلي عن حمل السلاح والجيش الشعبي لتحرير السودان، مما يعتبر خيانة للمشروع والرؤية والاهداف ودماء الشهداء.
4- التأكيد بأن المؤتمر القومي الأستثنائي ستكون مهامه إجازة المنفستو والدستور ، بناء هياكل الحركة الشعبية وإنتخاب القيادة القومية وتحديد الهدف الإستراتيجي من عملية التفاوض.
5- طالب الاجتماع الالية الافريقية رفيعة المستوي والاتحاد الأفريقي ودول الترويكا بالاستجابة لقرارات مجلسي تحرير الإقليمين، باعتبارهما المعنين بالقرار.
6- ناشد الاجتماع كل القوي السياسية وقوي التغيير بضرورة التعامل مع القيادة الجديدة.
7- إشاد الاجتماع بالخطوة الشجاعة والثورية التي إعلنها التحالف النوبي بإنضمامه للحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان.
8- التأكيد علي ضرورة وحدة الحركة الشعبية والجيش الشعبي والالتزام برؤية السودان الجديد.
9- من خلال الأجتماع تم التسامح والعفو ،والتأكيد علي الوحدة والتماسك بين قيادة الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان.
10- تفويض رئيس الحركة الشعبية والقائد العام للجيش الشعبي الفريق عبد العزيز ادم الحلو بتكوين مؤسسات إنتقالية لتسيير العمل لحين قيام المؤتمر القومي الاستثنائي.


المناطق المحررة – أقليم جبال النوبة / جنوب كردفان
الجمعة 7 يوليو 2017م
صورة العضو الرمزية
عادل القصاص
مشاركات: 1539
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 4:57 pm

مشاركة بواسطة عادل القصاص »

بيان:



قيادة الحركة الشعبية تصل الي جنوب إفريقيا لبحث القضية السودانية والتضامن مع تحالف القوى الديمقراطية والتقدمية الحاكمة في جنوب إفريقيا




وصل وفد من قيادة الحركة الشعبية مكون من الرئيس مالك عقار والأمين العام ياسر عرمان في الخامس من يوليو الجاري الي جنوب إفريقيا، وأتت الزيارة متزامنة مع مؤتمر السياسات الذي عقده حزب الموتمر الوطني الإفريقي، والمؤتمر ال(14) للحزب الشيوعي في جنوب إفريقيا، وتشمل أيضاً لقاءات مع إتحاد عام النقابات (كوساتو)، وإتحاد عام منظمات المجتمع المدني بجنوب إفريقيا(سانكو)، والذي إلتقى به الوفد صباح اليوم، حيث عقد لقاء مع رئيس (سانكو) رتشارد مدكاني ونوابه، وهو أيضاً رئيس إحدى اللجان البرلمانية في برلمان جنوب إفريقيا، ومما يجدر ذكره إن (سانكو) قد وجد كتنظيم منذ عام 1960م، وقد ناقش الوفد مع (سانكو) قضايا السودان والتطورات في جنوب إفريقيا والقارة الإفريقية، وتناولت الإجتماعات قضايا العطالة والفقر وعدم المساواة والعنصرية والإثنية والإسلام السياسي وتجربته في إفريقيا والسودان، وقضايا النهب الإقتصادي التي تتعرض له إفريقيا والتغيير المناخي والتدهور البيئي، والخلافات الداخلية في حركات التحرر الوطني التي أدت الي إختفاء بعضها من الخارطة السياسية، وضرورة وحدة السودان على أسس جديدة والإبتعاد عن تمزيق ماتبقى من السودان، وكذلك الأوضاع التي تمر بها الحركة الشعبية في السودان، وإستعداد الحركة الشعبية للدخول في مرحلة ثانية لتطوير رؤية السودان الجديد، وقضايا تمثيل النساء والشباب، والإستعمار الداخلي الذي مازال يمارس في جنوب إفريقيا، وسيطرة الإحتكارات وقضايا الأرض التي أخذت بالقوة من الإفارقة ومازال تشكل مأزقاً في تطور جنوب إفريقيا.
كما إلتقى الوفد بالأمين العام للحزب الشيوعي في جنوب إفريقيا ونوابه وتناول معه قضايا التضامن بين حركات التحرر الوطني، وإستمع الي تنوير مفصل حول التحديات التي تواجه التحالف الحاكم في جنوب إفريقيا والتكتلات التي برزت للمرة الأولى في داخل حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، وتردي السياسات على المستوى العالمي، وسيلتقي الوفد بإتحاد عام نقابات جنوب إفريقيا وقيادات برلمانية، وقد اثار الوفد في لقاءاته موضوع المحكمة الجنائية وقضايا حقوق الإنسان في السودان، وإستمع لرؤية التحالف الحاكم ولاسيما من قيادات الحزب الشيوعي و(سانكو) الذين أكدوا على عدم الإفلات من العقاب ولكنهم طالبوا ببناء آليات إفريقية قادرة على تحقيق العدالة للأفارقة في داخل إفريقيا، وأن تقوم محاكم إفريقية جادة وقادرة على تعقب الجناة وتدار بواسطة الأفارقة أنفسهم، وأكد الطرفان على ضرورة التضامن مع الشعب السوداني وتحقيق السلام العادل والديمقراطية للسودانيين.
وتاتي الزيارة في إطار رؤية الحركة الشعبية لتنمؤ وتتطور كحركة قومية لكل السودانيين، وعدم السماح بتراجعها وإنحسارها في المنطقتين أو منطقة واحدة، وأن تعمل مع القوى الوطنية والديمقراطية السودانية لتكوين كتلة تاريخية بين قوى الهامش والمدن، وحدها القادرة على إيجاد أجندة جديدة لمستقبل السودان، والتمسك برؤية السودان الجديد بعيداً عن الإنغلاق الإثني والجغرافي والمناطقي، وضرورة أن ترتبط بحركات التحرر الوطني الإفريقي وحركات الإستنارة والتقدم العالمي، مهما كانت المصاعب التي تواجهها الحركة الآن.

إن الحركة الشعبية تبدي إهتمام كبير وتضامن مع شعب جنوب إفريقيا وحزب المؤتمر الوطني الإفريقي أقدم حركات التحرر الوطني الإفريقية والذي يبلغ عمره (105) عام، وتوالى على رئاسته (12) رئيس، وهو يمر بتحديات كبيرة في هذا لوقت تستدعي التضامن معه من كآفة القوى الوطنية في إفريقيا.


مبارك أردول
الناطق الرسمي
الحركة الشعبية لتحرير السودان
8 يوليو 2017م
صورة العضو الرمزية
عادل القصاص
مشاركات: 1539
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 4:57 pm

مشاركة بواسطة عادل القصاص »

بيان:



الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان/شمال
إقليم النيل الأزرق



وسط حشود جماهيرية غفيرة بالمناطق المحررة بإقليم النيل الأزرق إلتقى الرفيق/اللواء ركن/جوزيف تكا علي حاكم إقليم النيل الأزرق المكلف وقائدالجبهة الثانية مشاة بالمواطنين في المناطق المحررة يرافقه عدد من القيادات السياسية والعسكرية على رأسهم الرفيق/إدريس عبدالله الجاك نائب الحاكم والسكرتير العام والعميد ركن/الجندي سليمان والعميد ركن/إستيفن أحمدوالعميد ركن/بابكرمحمد وقادة الشعب والوحدات والأفرع والإدارات المدنية والأهلية حيث خاطب المواطنين حول أحداث النيل الأزرق وتداعياته وعن التطورات السياسية والأمنية التي طرأت في الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحريرالسودان/شمال، وأكد أن الحركة الشعبية والجيش الشعبي قوية ومتماسكة برؤية السودان الجديد وتؤيد قرارات مجلسي التحرير جبال النوبة والنيل الأزرق وتجدد عهدها مجدداً لمضي قدماً لتحقيق أهداف ورؤية المهمشين، ولا تنازل ولا تراجع عن مطالب شعبنا في بناء دولة ديمقراطية قائمة على الحرية والعدالة والمساواة كما أكدا أيضاً بأننا قادرين على حماية مواطنينا ومناطقنا المحررة وناشد المواطنين على ضرورة الوحدة والتماسك ونبذ كل أشكال التفرقة ودعا لتعزيز التعايش السلمي بين مكونات الإقليم وشجعهم على الاهتمام بالموسم الزراعي. ومن جانبه عقد الرفيق/الحاكم عدة اجتماعات توعية مع الفعاليات الأهليه والمدنية ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات التنظيمية والتنظيمات الشبابية والمرأة وناشدهم على الترابط والوحدة لتحقيق أمال وتطلعات السودان الجديد.

النضال مستمر والنصرأكيد.


قيادة الجبهة الثانية مشاة
المناطق المحررة
١٠/٧/٢٠١٧م
صورة العضو الرمزية
عادل القصاص
مشاركات: 1539
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 4:57 pm

مشاركة بواسطة عادل القصاص »

اضطلعتُ، قبل بضعة أسابيع، على "المقال" التالي، الموقَّع باسم محمد جلال هاشم، في قروب "المَمَر". غير أن الشك راودني فيما إذا فيما إذا كان هذا "المقال" يعود إلى محمد جلال لأنني كنت قد لمست فيه بعض الفراغات وعجلة في بعض الصياغات، التي استبعدت أن تكون قد فاتت عليه. فبعثت إليه بصورة من "المقال" عبر رسالة خاصة طيها استفساري عن عودته إليه؛ كما طيها رجاء أن يسمح لي بنشره في حالة جاء رد بالإيجاب. فأوضح لي بأن "المقال" يعود إليه حقاً. لكنه أضاف موضحاً أنه كان عبارة عن خطاب خاص وجهه عبر وسيط خاص لأحد أصدقائه رداً منه على استفسار من الأخير. غير أنه - الخطاب - تسرَّب، بكيفيةٍ ما، إلى بعض قروبات الواتساب، وأنه غير راضٍ عن وغير متحمسٍ لنشره. فاحترمت رغبته وقدَّرتُ الملابسات التي أوردها؛ وبالتالي صرفت النظر عن نشره. على أن نفس الخطاب/"المقال" استمر في الانتشار عبر عدد من القروبات مما ولَّد نقاشاً محتدماً داخل بعضها. فما كان من محمد إلَّا أن كتب توضحياً بغية تعميمه على بعض القروبات التي نشرت "المقال"/الخطاب. كما أرسل نسخاً من التوضيح عبر وسائط خاصة إلى بعض الأصدقاء. وكنت من بين هؤلاء الأصدقاء. فما كان مني إلَّا أن سألته أن يسمح لي بنشر توضحيه ولكن مسبوقاً بنشر الخطاب/"المقال" الذي استدعي التوضيح حتى يقف القارئ/القارئة هنا على أكبر قدر من جوانب الصورة. فوافق مشكوراً. وها أنذا أبدأ بنشر "المقال"/الخطاب (بنفس العنوان الذي بلغني به)، يليه نموذج من التعقيبات التي استدعاها، وهو مقال لمبارك أردول، ثم التوضيح.

تنويه من صاحب الخيط:

سيلاحظ القارئ/القارئة أن ثمة بعض الكلمات والحروف موضوعات بين قوسين مستطيلين [ ]. ولقد قمت بهذه الإضافات حتى يستقيم المعني لديكما. فأرجو من الصديق محمد جلال أن ينبِّهني إن لم يكن ما فعلت يتناسب مع مقصده:





دكتور محمد جلال هاشم يكتب عن عرمان والحركة المستقلة





[ياسر عرمان] له علاقة وثيقة [بالأزمة] كونه أحد أطرافها. لكنه لم يصنع الأزمة، بل كان أحد ضحاياها. في زمن يعود لحوالي 2005م [تم] تحذير أبناء الحركة المستقلة بالحركة الشعبية أنه لن تقوم لهم قائمة طالما ظلت مقاليد الأمور في يد ياسر عرمان. ذلك لخشية الأخير منهم لكونه لا يزال ماركسياً من جانب ولكونهم يمتلكون فكراً مخالفاً للماركسية من الجانب الآخر. وكان واضحاً أن الطريقة الوحيدة التي ستسمح لهم بالصعود أعلى سلم القيادة بموجب ما يستحقون وما يتمتعون به من مؤهلات هو الخضوع التام لياسر، وهو ما كان دونه خرط القتاد. هذا بصورة عامة. أما بخصوص أبكر آدم إسماعيل، وهذه شهادتي كمعايش لصيق لتلك الفترة، فقد ناصبه ياسر عرمان العداوة وبادر بها حيث كان يعلم أنه رأس الحربة في لفيف أبناء الحركة المستقلة الذين انضموا للحركة الشعبية وفق منهج التحليل الثقافي. ومكائد ياسر عرمان لأبكر آدم إسماعيل مما يعرفه جميع أبناء الحركة المستقلة داخل الحركة الشعبية. من ذلك مثلاً طرد أبكر آدم إسماعيل وفريقه الذي كان يعمل بهمة ونشاط في تأسيس مدرسة جون قرنق الفكرية، حيث أمرهم بإخلاء مباني الحركة بالمقرن. استجاب أبكر آدم إسماعيل في صمت دون أن ينبس ببنت شفة.
في كل هذا لزم أبكر آدم إسماعيل جانب الصبر الجميل، وانكفأ على العمل الفكري والثقافي والعلمي بالميدان، أي بجبال النوبة، بعيداً عن ياسر عرمان. هناك عطف على وضع المناهج الدراسية التعليمية لمدارس بالمناطق المحررة وفق خطاب السودان الجديد؛ كما داوم على إدارة مدرسة فكرية تأهيلية لأعضاء الحركة الشعبية كان لها ولا يزال الدور الأكبر في ترفيع وعي أعضاء الحركة الشعبية بقضايا الهامش والمركز. كل هذا دون أن تكون هناك أي صلة تربطه بياسر عرمان لحرص الأخير إبعاده واقصائه.
ولكن ما إن بدأت الخلافات تدب بين القيادة الثلاثية (مالك عقار وياسر عرمان من جهة وعبد العزيز الحلو من جهة أخرى) حتى تمت جرجرة أبكر لوسط دائرة الصراع بوصفه المحرِّك الخفي لعبد العزيز الحلو. ويرى الكثير من المراقبين أن هذه الخطوة تنطوي على جملة أخطاء قاتلة من حيث النظر والتدبير. فمن حيث النظر، كان ينبغي أن يعلم مالك عقار وياسر عرمان أن عبد العزيز الحلو ليس ذلك الإمِّعة. كما يخشى أن تكون هذه النظرة تستبطن عقلية النخَّاس (وهنا نجد أن المعني هو ياسر عرمان) الذي لا يمكن ان يعترف بالفضل لشخص يرى أنه في مرتبة العبيد. وبهذا يقصد من يتبنون هذا الرأي أن الموضوع يحتمل عدة إسقاطات، أولها النظرة الدونية التي يقطنها ياسر عرمان لكلا عبد العزيز الحلو ومالك عقار، ثم لأبكر نفسه. وبموجب هذه النظرة واستقامة مالك عقار لها تكمن ياسر عرمان من فرض سيطرته على الأول. وقد نجح ياسر عرمان في فرض سيطرته على عبد العزيز الحلو باتخاذ[ه] لمالك عقار كدرع يتوقى به شكوك عبد العزيز الحلو وتحوطاته. وقد نجح ياسر في هذا إلى حد كبير لولا وجود أبكر آدم اسماعيل بجانب عبد العزيز الحلو، حيث حذرت من الخط الذي يقوده ياسر عرمان متخفّياً وراء مالك عقار.
الذين رفعوا هذا التحليل قبل أكثر من سنتين تنبئوا بأن ياسر عرمان، بموجب طبيعة شخصيته النَّخَّاسية، لا يرى أن أبكر آدم إسماعيل، بوصفه مجرد عبد من جبال النوبة، يمكنه أن يحدث كل هذا الفرق. عليه، لا بد من شخصية شمالية تقف وراء هذا الأمر. هنا جاءت الترشيحات على أن هذه الشخصية هي محمد جلال أحمد هاشم وما يتبع ذلك من فكر وأعضاء الحركة المستقلة الذين يحملون فكر منهج التحليل الثقافي ومن[ظ]ور المركز والهامش في تحليل الأوضاع الراهنة واستشراف المستقبل. على هذا وقع جميع أبناء الحركة المستقلة المنضوين داخل الحركة الشعبية تحت طائلة التآمر ضد ياسر عرمان ومالك عقار ومن والاهما.
هذا هو سوء النظر والتقدير الذي[هما] أورثهما سوء التدبير الذي تمثّل في المزيد من الاستقطاب والإقصاء والحيلولة دون أن تنفتح عضوية الحركة الشعبية على جبهات القتال كون ذلك سيؤدي إلى ترصيص صفوف من يحملون فكر منهج التحليل الثقافي وصراع الهامش والمركز ميدانياً، أي أنهم جميعاً سوف يصبحون ذ[وي] طابع فكري عسكري، وهو ما لا يريده مالك عقار وياسر عرمان. كان من نتيجة سوء التدبير هذا أن تم إغلاق جبهتي القتال دون إنضمام أعضاء الحركة الباقين. فمثلاً تم رفض جهود أحمد بلقة الناجحة في تثوير الآلاف من أبناء دارفور وتجهيزهم للانضمام لجبهات القتال. وعندما أصر على موقفه، تم فصله. كما كان من نتائج هذا ان شعر كلا الشعبين بجبال النوبة والنيل الأزرق أن القتل المجاني مستمر عليهما لأنهما مجرد محرقة في قربان طموحات القيادة الثلاثية، ذلك ليس فقط في ظل غياب الحركة الشعبية كتنظيم وكرؤية، وأيضاً في ظل مسايرة [عبد] العزيز الحلو للخط الذي كان يقوده مالك عقار وياسر عرمان، بل أكثر عندما شرع الأخ[ي]را[ن] في حملات الفصل الجماعي لقيادات ليس لها وزنها فحسب. بل يعرف الجميع مفاصل خلافها مع مالك عقار وياسر عرمان. وهكذا بدأت أصوات التذمر والاحتجاج تارة من تلقاء جبهتي القتال متساوقة مع رصيفاتها القادمة من الجبهات المدنية للحركة بداخل السودان وخارجه.
[لـ]م يفشل مالك عقار وياسر عرمان في إدراك أبعاد الأزمة فحسب، بل أوغلا بلا رويَّة ولا حكمة في خطهما القائم على القمع المؤسسي الإجرائي ثم الاقصاء لينتهي الأمر بالفصل إلى أن وصل حد التصفية الجسدية مثلما حدث [لـ]لعميد سيسي في النيل الأزرق. وقد أدى جميع هذا لبروز الوعي الاثني في منطقتي جبال النوبة والنيل الأزرق كنتيجة منطقية للمحرقة التي ظلت تدور رحاها لحوالي ثلاثين عاماً هلك فيها الحرث والنسل مع انفضاض باقي قطاعات الشعب السوداني ومواصفاته لحياتهم وكأن شيئاً لا يحدث، بما في ذلك القطاعات المدنية في الحركة الشعبية.
هنا كان عبد العزيز أكثر ذكاءاً من رفيقيه مالك عقار وياسر عرمان، إذ تمكن [من] أن يخترق حجب المستقبل ويرى التسونامي القادم. وهكذا اتخذ خطوته الاستباقية التي حو[ا]ها بيان استقالته.
إن أخطر ما حواه خطاب استقالته أمران؛ الأول هو الاستقالة نفسها بما يعني أن على مجلس تحرير جبال النوبة أن يواجه لوحده مالك عقار وياسر عرمان. أما الأمر الثاني فهو إظهار قناعته بالأهلية الإثنية كشرط للقيادة، وهذا مكسب كبير لمجلس تحرير جبال النوبة يتساوق ومطالبه بتقرير المصير لشعب جبال النوبة. وهو اعتراف لا بحسب لصالح عبد العزيز الحلو، بل إنه يثبت أن الأخير لا يمكن أن يشكل خطراً في مواجهة المطلب الشعوبي لجبال النوبة، وإلا فإنه في حد ذاته يمهد الطريق للتخلص من عبد العزيز الحلو في المستقبل. لكن متى؟ عندما يتم التخلص من مالك عقار وياسر عرمان. وبهذا جاء رفض استقالة عبد العزيز الحلو وتنصيبه رئيساً للحركة وقائداً أعلى للجيش الشعبي. أي اتخاذه درعاً لمواجهة رفيقيه مالك عقار وياسر عرمان.
بخصوص شوطنة ياسر عرمان وتطويره بأنه ينطلق في أعماقه من عقلية نخَّاس الرقيق، فإني لا أتفق مع هذا الرأي، ذلك دون تنزيه ياسر عرمان من جملة نقائصه القاتلة. ففي رائيي، وهو رأي قلته قبل أكثر من عشر سنوات، أن ياسر عرمان قد تم تأهيله لدرجة عالية كيما يُقاد تحت قيادة رشيدة وسديدة؛ إلا أنه لم يتم تدريبه بالمرة ليقود بوصفه الرجل الأول برشاد وسداد. فهو في أعماقه لا يزال ماركسياً مع حنين خفي [لـ]لحزب الشيوعي الذي لا يني يذكره يفشل أول مشروع قيادي له، ذلك عندما قاد انشقاقاً في الجبهة الديموقراطية بجامعة القاهرة فرع الخرطوم منتصف ثمانينات القرن العشرين انتهت به كعضو مطرود، وهي منقصة لا تعدلها من منقصة في ثقافة الماركسيين الشيوعيين، ذلك لأن الشيوعي بحسب مقولاتهم عندما ينحدر للقاع فإنما ينحدر عمودياً. [فأصبح] هذا الأمر هاجساً مقلقاً لياسر عرمان ولم بتخلص منه إلا عبر خطة بروزه للسطح مرة أخرى من منصة الحركة الشعبية تحت قيادة جون قرنق الذي لم يكن بعيداً عن الماركسية واليسار بحكم جيله في حركة عموم أفريقيا تحت التأثير الكبير لرودني. وتحت قيادة جون قرنق ظهرت قدرات ياسر عرمان لا بوصفه الرجل الأول، بل بوصفه رجلاً يعمل بجد وبهمة كيما يترقى في سلم القيادة، لكن لا لاحتلال الموقع الأول. وكان قدر ياسر عرمان أن يصبح قيادياً سياسياً، لا عسكرياً، كونه (بحسب معلومات موثقة) لم يمسك بمسدس منذ أن بلغ رتبة النقيب. في قيادة الحركة الشعبية، عمل ياسر عرمان مع شخصيات عالية التعليم، الأمر الذي يجمع رفاق دربه في الحركة أن ذلك ولَّد فيه مركَّب نقص جعله يرتكب جملة من الأخطاء القاتلة، من قبيل اتهامه بإبعاد جميع القيادات التي تحمل درجات علمية عالية. فمثلاً، تحرَّى ياسر عرمان وهو قائد المعارضة بالمجلس الوطني لاحقاً رئيس قطاع الشمال ألا يكون له أي تعامل مع د. محمد يوسف مصطفى منذ 2005م عندما كان الأخير وزير الدولة بوزارة العمل لدرجة ألا يتبادل معه ولو كلمة مجاملة أو تحية برغم التقائهما مراراً وتكراراً إلى عام 2012م عندما تزوج شقيقه عبد الفتاح عرمان كريمة د. محمد يوسف مصطفى، فبادر ياسر لحمل سماعة التلفون وتبادل التهنئة مع د. محمد يوسف مصطفى. أذكر أن مجموعة من قيادات الحركة الشعبية من حاملي الدرجات العلمية العالية كانوا قد تحاوروا معي حول هذه النقيصة في شخصية ياسر عرمان. في عام 2008م كنت في معهد دراسات العالم الغربي والإسلامي بجامعة إكسيتار Exeter ببريطانيا، وكان بروف. تيم نيبلوك هو مدير المعهد. وقتها انتهزت فرصة اختلائي بتيم نيبلوك وفتحت في فكرة تسجيل ياسر عرمان كطالب ناضج على أن يجلس لامتحان إلحاقي Access Course لينتقل بعده مباشرة للتحضير لدرجة Mphil/PhD، وهو أن يبدأ كطالب ماجستير قابل للترفيع للدكتوراة في حال أثبت جدارته. وهذا نظام معمول به في أغلب جامعات الغرب، ما كان يعني أن يحصل ياسر عرمان على درجة الدكتوراة في العلوم السياسية خلال خمسة أعوام كحد اقصى. تحمس تيم نيبلوك [لـ]لفكرة، خاصة وأنه كان يعرف ياسر، كما تحمس أن يكون نظام الدراسة بطريقة part-time student، ما يعني أن ياسر عرمان لن يكون مطالباً بالمكوث في بريطانيا. بعدها تناقشنا في إمكانية أن يكون د. الواثق كمير أو خلافه مشرفاً محلياً.. إلخ. عدت إلى السودان وناقشت ياسر عرمان في هذا الأمر، لكنه رفضه ببساطة. وقد كان رأي الكثيرين أن ياسر عرمان رفض هذا العرض الذي لا يمكن أن يُرفض بسبب فقدانه للثقة في نفسه أكاديمياً.
في هذا يذهبون إلى أن مسألة فقدان ياسر عرمان للثقة في نفسه تتم تغطيتها بمسوح زائفة للثقة المطلقة في النفس. إلا أن المواقف الفاصلة تكشف عن حالة انعدام الثقة بسهولة ويسر. فمثلاً انسحابه من الترشيح لرئاسة الجمهورية كان بسبب انعدام الثقة في النفس، إذ اتضح أنه لم تكن هناك أي جهات داخل الحركة الشعبية قد طلبت منه الانسحاب. كذلك لا يزال ياسر عرمان يعمل من خلف قيادة مالك عقار حتى ولو كان يشعر بأنه أكثر تأهيله للقيادة منه.
وهذه هي النقطة التي نريد عبر مناقشتها تبرئة ياسر عرمان من تهمة عقلية النخَّاس. فهو فعلاً يعتقد أنه أكثر تاهيلاً من مالك عقار وعبد العزيز الحلو، لا بوصفه أنبل منهما عرقاً، بل لعميق إيمانه أنه صعد في سلم القيادة كسياسي، بينما صعد رفيقاه بوصفها قادة عسكريين ميدانيين. ولكنه في الواقع يقبع في الخلف لعميق إحساسه بعدم الثقة في النفس.
وبعد، خط مجرد مفاكرات انتزعتها من سفر قيد الكتابة منذ فترة عما يدور داخل الحركة الشعبية. وقد أسقطت الكثير من الفقرات، كما اختزلت بعضها، فعسى ألا يكون ذلك على حساب وضوح الفكرة، ودمتم جميعاً.


محمد جلال أحمد هاشم
آخر تعديل بواسطة عادل القصاص في الأربعاء يوليو 12, 2017 6:13 pm، تم التعديل مرة واحدة.
صورة العضو الرمزية
عادل القصاص
مشاركات: 1539
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 4:57 pm

مشاركة بواسطة عادل القصاص »

تعقيب مبارك أردول:





هل سيرث أبناء الحركة المستقلة الحركة الشعبية بقيادة الرفيق الحلو، سؤال لدكتور محمد جلال هاشم؟

بقلم: مبارك أردول






عودة مرة أخرى للتعليق ومناقشة ما كتبه دكتور محمد جلال هاشم بعنوان "عرمان وأبناء الحركة المستقلة" والتي كنت قد ناقشت عجز المقالة وتركت صدرها باعتبار إنه يحتاج لهدوء ووقت حتى أتمعن مقاصده ويستطيع القارئ بدوره التوقف عند ردي له، فقد قال دكتور محمد جلال في صدر مقالته ".... في زمن يعود لحوالي 2005م م تحذير أبناء الحركة المستقلة بالحركة الشعبية أنه لن تقوم لهم قائمة طالما ظلت مقاليد الأمور في يد ياسر عرمان .ذلك لخشية الاخير منهم لكونه لا يزال ماركسياً من جانب ولكونهم يمتلكون فكراً مخالفاً للماركسية من الجانب الآخر. وكان واضحاً أن الطريقة الوحيدة التي ستسمح لهم بالصعود أعلى سلم القيادة بموجب ما يستحقون وما يتمتعون به من مؤهلات، هو الخضوع التام لياسر وهو ما كان دونه خرط القتاد. هذا بصورة عامة، أما بخصوص أبكر آدم إسماعيل، وهذه شهادتي كمعايش لصيق لتلك الفترة، فقد ناصبه ياسر عرمان العداوة وبادر بها حيث كان يعلم أنه رأس الحربة في لفيف أبناء الحركة المستقلة الذين انضموا للحركة الشعبية وفق منهج التحليل الثقافي. ومكائد ياسر عرمان لأبكر آدم إسماعيل مما يعرفه جميع أبناء الحركة المستقلة داخل الحركة الشعبية"...أنتهي الإقتباس.

أولاً لا أدري هل هنالك تنظيم داخل الحركة الشعبية بهذا المسمى "أبناء الحركة المستقلة" أم لا؟ ومن هو رئيسه؟ وكيف هو هيكله وعلاقته بالحركة الشعبية؟ لأنني حسب معرفتي أن أي شخص انضم للحركة ينضم إليها كفرد ولا توجد تنظيمات داخل تنظيم، وحتى فكرة الإندماج رفضها دكتور جون قرنق من قبل فترة لتنظيمات كثيرة، وطلب من أفرادها الانضمام كأفراد. وبما أن التصريح نفسه يشير إلى ذلك، وهو شي خطير يجب التحقق من صحته عبر الجهات المختصة، حتى لا يحدث إختطاف لمشروع الحركة الشعبية. لكن لا أريد أن أتوقف عن مدى صحة إتهام جلال للرفيق ياسر بأنه كان صحيحاً يقف ضد أبناء الحركة المستقلة أم لا؟ وحتى ولو صح ذلك فهل هذه حسنة أم مسبة؟ فأعتقد إن مهام أي أمين عام وككل الأمناء العامين في أيٍّ من التنظيمات عليهم أن لايسمحوا بوحود تكلتلات خطيرة مثل هذه، تأخذ طوابع تنظيمية أو إثنية وداخل الحزب، دعك أن يصرح بها جلال مستنكراً ذلك صراحة، وعليه كأمين عام المحافظة على وحدة التنظيم الفكرية والسياسية حسب المشروع الذي يتبناه الحزب أو الحركة، وعليه أيضاً المساواة بين كوادرها ومراقبة ذلك بشكل دقيق، فهذا الأمر لا جدال عليه الآن، ومع ذلك هو ليس موضوعي في المقالة هذه.

والذي أستوقفني هو المفهوم الضمني حالياً أن الحركة الشعبية التي سيرأسها الرفيق عبدالعزيز سيحتشد ويتكالب عليها أبناء الحركة المستقلة وسيرثونها باعتبار أن العارض قد ذهب وخلى لهم المقام (حسب كلام د. محمد جلال هاشم)، وهذا ليس الأمر إذا كان دخولهم إليها كأفراد وجنود مقاتلين ويأخذون مواقعهم في صفوف الجيش والحزب معاً فلا غضاضة في ذلك، ولكن لن يكونوا هناك حتماً، بل سيأتون لشغل مواقع متوهمة صنعوها هم لأنفسهم ويفتكرون أن في الحركة فراغ في مواقع التنظير والتفكير والعمل السياسي وغيره (Software) ويتركوا الجيش وبقية (Hardware) لناسه وحسب مفهومهم أن الناس أصلاً مقاتلين وليسوا بمفكرين وهم في حاجة إليهم.

وهذا ليس هو الأمر أيضاً، بل موضوعي إلى أي إتجاه سيقود عملهم في التفكير والتنظير هذه؟ ووفقاً لما أضافه دكتور محمد جلال هاشم في نفس المقالة عداء عرمان لأبكر آدم إسماعيل، وقال "هذه شهادتي كمعايش لصيق لتلك الفترة" بأن عرمان كان يعلم إن أبكر هو "رأس الحربة في لفيف أبناء الحركة المستقلة الذين انضموا للحركة الشعبية". ولكن وفق ماذا كان الانضمام؟ هل كقناعة لمشروع الحركة الشعبية وهو السودان الجديد؟ لا بل نترك لكم الإجابة عند د. محمد جلال فقال (وفق منهج التحليل الثقافي)، وحتى نبعد من الخلط فمنهج التحليل الثقافي ليس هو مشروع السودان الجديد بل مشروع أقل سقفاً منه، سنبينه لاحقاً، ولكن نتوقف عنده قليلاً هنا لنعود إليها لاحقاً. وبالإضافة لتلك المقالة فقد رشحت إلى معلومات من القاهرة أنهم يقومون بإعداد دستور حالياً بديل لدستور 2013م والذي تصدر معارضته أبكر آدم إسماعيل وأيضاً منفستو وبالتنسيق مع أبكر، ودستورهم الجديد ومنفستوهم قائم على منطلقاتهم (جدل التحليل الثقافي) حسب دكتور جلال، وليست قضايا المناضلين في أرض الواقع وهذا هو الدور الذي يعتقدون أنه عليهم القيام به الآن، وحتى إن كانت بروسترويكا (إعادة البناء) يا رفيق فقد قال عنها الزعيم الصيني ديينغ شياو بيينغ من قبل يجب أن لا تأتي من أعلى إلى أدني (Top down approach) كما فعلها غورباتشوف بل عليها أن تكون من صنع الشعب الصيني نفسه وعليه أن يقطع النهر بنفسه ويتحسس الحصى بإرجله.

وإذا تركت أمر التغيير في المركز أياً كان لوقت لاحق وركزت حديثي هذا عن قضايا القوميات المهمشة (الخصوصيات) وخاصة قضايا عضوية الحركة من جبال النوبة، وبما أن الحركة الشعبية التي يقودها الرفيق عبد العزيز يقف معها العضوية في الجيش والحزب من جبال النوبة (بغض النظر عن التفاصيل) ويثقون بانها سوف تجلب لهم الحقوق، فأقول، النضال في جبال النوبة لم يبدأ بالحركة الشعبية بل قد بدأ قبلها منذ الخمسينيات أو قبلها ضد النظام في المركز، منذ إتحاد عام جبال النوبة كأول جسم منظم جمعهم وبعدها تراكمت نضالات الحركة السياسية في جبال النوبة حتى وصلنا إلى الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان، وفي كل المراحل كانت القضايا الثقافية واحدة من القضايا وليست الكل كما يستند عليها جماعة (منهج التحليل الثقافي) هؤلاء، ولما هم يريدون الانضمام للحركة لتغيير مشروعها ومرتكزاتها لا المساهمة في تطويرها وتقديمها.

الأصل الذي بدأ وحرك النضال في جبال النوبة (موضوع النقاش) كانت قضايا المشاركة السياسية في السلطة، ومن ثم القضايا الاقتصادية المتمثلة في ملكية الأراضي كلها وخاصة المشاريع الزراعية، وتأتي بعدها القضايا الأجتماعية وأخر قائمة الإهتمامات كانت القضايا الثقافية، ومازالت القضايا حسب ترتيبها أعلاه تشكل الأولوية في تصدر لأئحة المطالب التي يناضل من أجلها المناضلين في جبال النوبة، ولذلك كانت الحركة الشعبية هو التنظيم الوحيد الذي وجدوا أنفسهم فيه، والتي تكاملت فيها الأهداف مع الوسائل، وبذلك تفوقت على الحزب القومي السوداني الذي ترأسه الأب فيليب غبوش، وعندما أطلق لهم القائد المعلم يوسف كوة مكي دعوته الشهيرة بأن يأتوا ويلتحقوا به في الحركة الشعبية، بعد أن بعثه تنظيم الكمولو في إجتماعهم الشهير لم يترددوا من الالتحاق به.

خطورة تغيير المسار والأهداف والأولويات كالتي يحاول جماعة التحليل الثقافي القيام الآن (بعد أن خلى لهم الجوء حسب محمد جلال) إنه لن يخاطب جوهر القضايا والأجندة التي ناضل من أجلها المناضلين في جبال النوبة وضحوا بأرواحهم وأموالهم منذ تأسيس إتحاد عام جبال النوبة مروراً بحركة كمولو وحركة مبارك الماشا والحزب القومي بفروعه المختلفة، ولن يجلب لهم الحلول التي يرجونها، فالقضايا الثقافية إذا أُخذت وحدها دون بقية الحزمة من حقوق سياسية وإقتصادية وغيرها (كما يطرحها قرنق مبيور) فسوف تظلون مهمشين سياسياً وأقتصادياً وبالبساطة قضية مثل (أراضيكم لن تكون في أيديكم)، ولو أخذت القضايا الاقتصادية أيضاً دون بقية الحزمة فسوف تظلون مهمشين سياسياً وثقافياً وكما يقول المثل (سلطة في الساق ولا مال خناق). ولو حُلَّت قضايا التمثيل السياسي دون بقية الحزمة فسوف تظلون مهمشين إقتصادياً وثقافياً (مثل السود في جنوب إفريقيا)، وحتي يقع عليكم حديثي أعلاه، والذي قد يعتبره البعض كلام أفندية (ساكت)، عليَّ أن أعطي نماذج عن بقية شعوب العالم الذين ناضلوا قبلنا وحسب ما أنجزوه من الحزم أعلاه والتقصير الذي لاقوه:

السود في جنوب إفريقيا:

بعد نضال طويل قادهم المؤتمر الوطني الأفريقي استمر عشرات السنين تحصلوا على حقوقكم السياسية والثقافية وأخذوا السلطة من البيض وأصبحت ثقافتهم جزء من الثقافة المكونة للثقافة القومية وأصبحت لغاتهم معترف بها. ولكن ظل الاقتصاد وما ارتبط به من أراضي زراعية ومناجم ذهب وغيرها في يد البيض فوجدوا السلطة فقط دون المال وأصبحوا كالذي في يده (حبال بدون بقر). لذلك برزت الآن حركة قوية داخل حزب المؤتمر الوطني الأفريقي بعد أكثر من عشرين عام من الانتصار السياسي لتنظيم الصفوف مجدداً من أجل إستكمال النضال والحصول علي بقية الحقوق خاصة الاقتصادية وقد أطلقوا عليها إسم المرحلة او الوجه الثاني من النضال والتحرر، يعني الحقوق السياسية وحدها مع الثقافية لا تكفي دون بقية الحزمة.

أيضاً الأمهرة في إثيوبيا:


بعد الثورة التي قادتها جبهة تحرير التقراي ومن ثم جبهة تحرير شعوب إثيوبيا والسيطرة على الحكم في إثيوبيا، أصبحت لغة الأمهرة اللغة الرسمية في كل البلاد وثقافتهم ببقية محدداتها جزء من الثقافة القومية في إثيوبيا ولكنهم يشكون حالياً بأن ذلك غير كافي، وأن السلطة السياسية وبالتالي الأقتصادية في يد قومية التقراي (عماد ثورة تحرير أثيوبيا)، ولذلك حدثت حركة إحتجاجات قوية ضد الحكومة بغرض الحصول على بقية الحزمة.

في تنزانيا:

أقام المعلم جوليوس ناريري نظام لغى فيه قضيتين أساسيات هما مكلية الأراضى وجعلها لصالح الدولة ورفض الاعتراف باللغات المحلية وعدم إعطائها أي مجال من الظهور. وفي المقابل استلم السلطة السياسية ولكن هذا غير كافي إطلاقاً. فالفقر منتشر في تنزانيا برغم أن السلطة في يدهم منذ أمد بعيد. وحالياً بدأت تحدث إحتجاجات لتغيير ذلك الوضع خاصة في زنزبار وغيرها ضد حكومة الرئيس مغفولي.

وحتى نظريتهم المنطلقة من أن ذلك يرجع لسبب جلف الثقافة الإسلاموعروبية والتي بنوا عليها هؤلاء تفكيرهم، ليس سليم، كيف غير سليم؟ دعني أشير إلى ذلك بمثا.، وقبل المثال يجب أن لا يُفهم أن هذا تبرير أو تغيير لموقف من الاستبداد الذي يحدث في السودان من الحكومات المركزية بإسم الدين تارة والعروبة تارة أخرى. ولكن الأمر أعمق من ذلك بكثير. فدولة جنوب السودان مثلاً بعد الإستقلال في 2011م كأقرب نموذج لنا نجد أن النظرية هذه ليس لها مكان، بحيث لاتوجد ثقافة مسيطرة ولا لغة مفروضة، فأي شخص يتحدث لغته بحرية ويعبر عن ثقافته بحرية. وبل تتم تغطيتها في وسائل إعلام الدولة، والتي تجمعهم هي لغة المستعمر البريطاني كلغة رسمية وهم متفقين عليها. ولكن مع ذلك هنالك حرب ونزاع بين مجموعات كانوا رفقاء بالأمس. لماذا؟ لا لأن أحد يريد فرض دينه أو ثقافته. لأن ذلك شي محسوم وليس محل جدال. ومع ذلك يعتبر الناس أنفسهم مهمشين ومافي عدالة. لماذا؟ لأنهم يعتبرون أن السلطة في يد مجموعة محددة بإعتبار الرئيس من جهة، ولا توجد آلية يتم عبرها تبادل السلطة هناك. ونجد أن الجهة التي أاتي منها الرئيس في الجنوب هي أصلاً هامش (حسب التصنيف) وفي المقابل باعتبار الباريا أو المنداري هم أهل المركز العاصمة وأن العاصمة جوبا أو تركاكا هي أرضهم فهم حالياً يقولون أنهم مهمشين، وهم أهل المركز طبعاً، ولكنهم ينظرون للقادم من أويل مثلاً بأنه المسيطر أي القادم من الهامش والذي همشهم، ولو أسقطنا نظرية جماعة أبكر آدم على واقع الجنوب فإنها لن تقول لنا سوى مقولة واحدة وهي إن المهمشين همشوا المركزيين، ولكن ليس عبر الفرض الثقافي والديني أو اللغوي، بل عبر شي آخر وهو السيطرة السياسية وتركوهم أحراراً في ثقافتهم. وهذا أيضاً كانت نتيجته حروب وتشرد ولجوء. وهذا يؤكد أن منهج التحليل الثقافي التي يبنون عليها نظريتهم ويستندون عليها ناقصة وليست عميقة ولا شاملة. وهذا يؤكد أن الأمر ليس كله مربوط بالقضايا الثقافية وحدها بل بمن في يده السيطرة على كل الحزمة سياسية وإقتصادية وإجتماعية وثقافية ومجتمعة، وبالتالي هي التي تحدد بدورها المسيطرين على المهمشين، وبالتالي يكون النضال قائم من أجل الحصول عليها كلها وليس جزءاً منها.

ولذا فإن أي تنظير ينطلق من مخاطبة القضايا الثقافية وحدها دون بقية الحزمة فإن ذلك يعتبر تقليل لسقف المطالب وتضييع للنضالات، وحتى ولو رقصتوا الكرنق في تلفزيونات السودان ودرستم لغاتكم وضربت أجراس كنائيسكم في سماء الخرطوم بحرية ولكن السلطة السياسية والإقتصادية لم تكن في يدكم، فستعرفون إنكم مازلتم مهمشين، وفي حاجة لمرحلة أخرى من النضال.

ولذلك المشروع الذي يطرحه دكتور جون قرنق يعتبر أكثر خطورة على المستفيدين في المركز من مشروع أبكر ومحمد جلال، لأن مشروعهم لا يلامس الجوهر بل القشور ويترك المركز كما هو مسيطر سياسياً واقتصادياً. وأما مشروع قرنق هو الذي يحدث التغيير الجوهري في كل الحزم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ويعالجها معاً وبعدالة ولصالح جميع السودانيين. وإن مشروع السودان الجديد يرتبط بإعادة هيكلة الدولة السودانية وتفكيك دولة ما بعد الاستعمار وأيضاً تفكيك دولة النخب المرتبطة بمصالحها بغض النظر عن إثنياتها أو ثقافتها فهم يلتقون في فكرة نهب ثروات المزارعين والراعاة والعاملين وجموع شعبنا ويمتصون الخيرات ويسخرون الربح لصالحهم، ويذهبون أبعد من ذلك بحيث يقومون بدور وكلاء الإمبريالية العالمية.
ومشروع السودان الجديد ليس فقط مشروع يبحث عن التمثيل السياسي كما يصوره البعض، بل يسعى لإعادة الهيكلة والتي تتمثل وفق الحزمة أعلاه، وليس أستبدالاً لضحايا بضحايا آخرين وليس بنفي آخرين أو النضال من أجل الالتحاق بالنظام.

ففي الختام، المسألة كلها مرتبطة مع بعض كحزمة واحدة يجب أن لاتسمحوا بتفكيكها من بعض، سياسية وأقتصادية وإجتماعية وثقافية، ووضُعت كحزمة واحدة مترابطة في مشروع السودان الجديد والذي هو أشمل وأعمق من مشروع (جماعة) منهج التحليل الثقافي، وأي محاولة حالياً لالغاء رؤية قرنق وإستبدالها كما تريدون أن تجعلوا من جبال النوبة حلبة جديدة لتجريب مشروعكم هذا، وهو مخالف لإستجابة المناضلين للنداء الذي وجهه المعلم يوسف كوة، ومرفوضة يجب أن لا تسمحوا لهم بذلك، فالمناضلين يعلمون لماذا يناضلون وماذا يريدون.

12 يوليو 2017م
صورة العضو الرمزية
عادل القصاص
مشاركات: 1539
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 4:57 pm

مشاركة بواسطة عادل القصاص »

توضيح محمد جلال هاشم:




هذا توضيح لبعض الأصدقاء فيما نسبه لي من يمشون بين الناس بالفتنة، متهمين لي بأني قد وصفت ياسر عرمان أنه يفكّر بعقلية نخَّاس.
إن ما نشروه باسمي في موقع قالوا إنه يحمل اسم Sudan Voice ليس مقالاً، بل مداخلة مجتزأة من محاورة مع صديق لي في قروب واتساب مقفول، لكن تم تمريرها من قبل شخص ثالث إلى شخص رابع من خارج القروب بحسن نية، ومنها انتشر. وعليه، لم أسمع أبداً من قبل بهذا الموقع إلا خلال هذه المنازعات، كما لم أطالعه أبداً. وفي رأيي ارتكب هذا الموقع خطأً جسيماً عندما أورد ما نسبه لي ممهوراً باسمي، ثم أرفق مع ذلك صورتي ليوهم القراء بأنني قد نشرت فيه مقالاً. وهذا جزء من فوضى الأسافير. وقد طار بعض خفيفي العقول من ذوي الأحلام العصافيرية مضافاً إليهم من يمشون بين الناس بالفتنة الذين يقراون بطريقة «ويل للمصلّين» ما استعرضته من آراء لغيري فنسبوها لي ومن ثمّ أقاموا مناحة حول كيف أتهم ياسر عرمان بأنه يفكِّر بعقلية نخَّاس، بينما كان ذلك رأياً لآخرين قمت باستعراضه ثم رفضته. ومن هؤلاء من مشى بين الناس يؤلِّبهم ضدي على أنني قد أتيت أمراً إدَّا، فما عاد إلا وهو يجرجر أذيال الخيبة.
الكلام في أصله كان عبارة عن حوار بيني وبعض أصدقائي منقول من قروب واتساب. وما قلته كان استعراضاً مختزلاً لآراء صدع بها آخرون ثم آراء لي عبارة عن استعراص مختزل لاقتباسات غير منظمة من فصل لكتاب لي قيد التأليف حول لماذا سقطت الحركة الشعبية في معيار فكرها عندما عجزت عن أن تلتزم بخطاب السودان الجديد الوحدوي بمثلما فشلت في تطبيق الديموقراطية داخلها في جانب، ثم كيف فشلت في مراجعة نفسها فكرياً وتنظيمياً عندما استقبلت مرحلة حروبها ضد حكومة الخرطوم من جانب؛ ثم فيما بينها عندما اندلع القتال والاحتراب بين صفوفها بالجنوب في جانب آخر. والكتاب يعالج قضايا الحركة الشعبية في السودان الموحد ثم في الشمال وفي الجنوب بعد الانفصال. وقد استعرضت في الكتاب (وهو من الحجم الصغير) آراء البعض في ياسر عرمان واتهاماتهم له بالعنصرية مرة وبالخيانة للحركة مرة أخرى، ثم فندتها جميعاً (وهذا بالضبط ما فعلته في مفاكراتي بالواتساب مما تم نشره زوراً على أنه مقال لي). وبعد ذلك قمت باستعراض عيوب ياسر كما عرفته، خاصة وأنني قد تنبأت مسبقاً بما حدث له الآن وذلك منذ أعوام. وفي نظري أكبر هذه العيوب هي أولاً عدم تأهيله ليقود من موقع الرجل الأول، وهو عيب يشترك فيه معه جميع القادة الميدانيين الذين عملوا تحت قيادة جون قرنق المباشرة. ثانياً، عدم ثقة ياسر عرمان في نفسه، وتغطيته لهذا الأمر بالتظاهر بالثقة المطلقة. كل هذا أتناوله بموضوعية وعلمية ما أمكنني. ففي رأيي يتحمل مالك عقار وعبد العزيز الحلو وياسر عرمان وفاقان أموم وإدوارد لينو، ودينق الور، ولوكا بيونق وسلفا كير، وجيمس واني ايقا وغيرهم وغيرهم، مسئولية ما يحدث في الحركة الشعبية في شقي البلاد بدرجات ولو كانت متفاوتة إلا أنها مسئولية مباشرة. بخصوص ثلاثي القيادة بالحركة في الشمال، يتمثَّل أولاً فشلهم في عدم القدرة على الوصول لرؤية فكرية تستوعب مستجدات ما بعد الانفصال وعودة الحرب (الدستور، المنافيستو، مراجعة أوجه القصور الفكرية والتنظيمية والسياسية التي أدت إلى فشل مشروع السودان الجديد مرحلياً ممثلاً في انفصال الجنوب، وكيف أن خطاب التحرير لا يزال هو المخرج من الأزمة .. إلخ). ثم ثانياً تنظيمياً نسبة لطريقة إدارتهم لتنظيم في حجم الحركة الشعبية. فقد أقعدوا الشقَّ المدني بالداخل وتركوه ليس فقط دون تنظيم، بل رفضوا مبادرات إعادة تنظيمه من الداخل. هذا بجانب قفل المشاركة في القتال بالجبهتين على أبناء المنطقتين، الأمر الذي ولَّد هذه النزعة القومية جرَّاء التقتيل المجاني من قبل نظام الخرطوم ضد المدنيين إذ عجز عن أن يأخذ بناصية المقاتلين. هذا فضلاً عن الفشل في إنجاز المهام التي أُوكلت لهم عشية اختيارهم كقادة مؤقتين قبل سبع سنوات. هذا ما أنا عاكف على كتابته، ليس من باب الشماتة، بل من باب المسئولية التاريخية.
نعم، أنا أعلم بأن هناك من يرفضون المساس بأيٍّ من هذه الشخصيات، كلٌّ على حدة أو كمجموعة، ومنهم من يعتبر هذا خطاً أحمر. وهذا ما أسميته بالعقل الطائفي الذي يبحث عن صنم يعبده لا لأي أهلية قد حازها الصنم (وحتى لو حازها)، بل لحاجتهم لعبادة صنم واتباعه عسى ولعل أن يبلغ بهم مرافئ الأمان. وإلا فيم برزت في شارعنا السياسي شعار «دايرين ديكتاتور عادل»؟ عليه، أقول للذين يرفضون أن أمِسَّ شخصية ياسر عرمان (أو مالك عقار أو عبد العزيز الحلو، أو حتى محمد عثمان الميرغني أو الصادق المهدي .. إلخ) أن يعلموا بأنني إن كنت أخشى المواجهات وتبعاتها، لكان ألزم لي أن أخشى نظام المؤتمر الوطني الذي في مقدوره أن يلحق بي الأذى وبأسرتي، ولكنت قد لملمت سقط متاعي وطلبت اللجوء السياسي ببريطانيا التي مكثت بها سنين عددا، بدلاً من أن أعود لوطني وأنا لا أحمل من متاع غير جوازي السوداني، لا لشيئ غير أن أعمل من داخل وطني للقضاء على نظام الإنقاذ الذي نكابده ونصارعه ونناضل ضده ما وسعنا ذلك في حياتنا اليومية. لهذا، فليتهيَّأ عبدة الأصنام وأصحاب العقل الطائفي لكتابي الذي سيصدر عن الحركة الشعبية الذي أنعى فيه عدداً من القيادات التي ينظر لها البعض على أنها تاريخية طالما تنكبوا سواء السبيل، وذلك في معرض نعيي للحركة الشعبية نفسها إذا ما سارت على هذا المنوال. فإن كان كلامي المجتزأ والمبتور عن سياقه قد أثار «كدايس» أقلامهم ذات الأحبار المضروبة، فإني أخشى أن كتابي ربما زاد من إحساسهم بالمرارة وربما أكثر.
تُعتبر الحركة الشعبية التنظيم الوحيد في تاريخ السودان الذي أصبح حزباً جماهيرياً دون أن يكون له أي سند طائفي أو ديني. وهذا إنجاز غير مسبوق. إلا أنها أيضاً التنظيم الوحيد الذي تخلى عملياً عن فكره الثوري الوطني في غضون 5 سنوات أدت إلى تشظِّي الوطن، فذهب الجنوب، وربما تذهب مناطق أخرى. كل ذلك لأنها تنصلت عملياً عن خطاب السودان الجديد وعن خطها الوحدوي الذي جذب لها أفئدة الملايين (بينما ظلت تتمسك به نظرياً). كما إنها أعطتنا أفشل تجربة للحكم في تاريخ أفريقيا، ألا وهي تجرية جنوب السودان كدولة مستقلة. في الجانب الشمالي تعتبر تجربة قطاع الشمال تحت قيادة ياسر عرمان لسنوات فريدة في نوعها كونها تمثل مسلسلاً من الفشل الذريع على الأصعدة التنظيمية والفكرية، ربما باستثناء الصعيد السياسي، فضلاً عن تكريسها لديكتاتورية الفرد ومسألة العقل الطائفي الذي يؤمن بالشخصية الملهِمة المخلِّصة للبشر. وقد تعقدت الأمور عندما تم ضم جنوب كردفان والنيل الأزرق لقطاع الشمال حيث تم تكريس العقل الطائفي بتشكيل القيادة الثلاثية بوصفها قيادة تاريخية. ولكن هذه القيادة لم تفعل شيئاً غير مواصلة مسلسل الفشل المستمر. ففكرياً لم تقم بأي مراجعة لسنوات الفشل التي أفضت إلى انفصال الجنوب. وتنظيمياً فشلت فشلاً ذريعا ومع سبق الإصرار في بناء الهياكل التنظيمية، خاصة تنظيم الجماهير العريضة بالداخل التي لم تتركها في العراء فحسب، بل منعتها من إدارة نفسها ذاتياً. كما لم تتمكن من وضع دستور يحكم أداءها. كل هذا وهي تخوض حرباً، ما يعني تعرُّض مئات الآلاف للموت. ومن المؤسف أنها اتخذت من مسألة الحرب عذراً، بينما الواجب الملح هو أن يتم تلافي جميع أوجه القصور لأنها تخوض حرباً. فالحزب جيد التنظيم يكون في وضع أفضل لخوض حرب ولو لم تكن شرسة، فما بالك بخوض حرب أكثر من شرسة ضد نظام على استعداد لقتل مواطنيه بمئات الآلاف.
في تحليلنا لمجمل هذا الفشل الاستثنائي لا مناص من أن نقوم بتحليل سياسي وفكري ونفسي للشخصيات القيادية، عسى أن نتمكن من فهمٍ عميق لهذا الفشل الذي من المؤكد تقف خلفه أسباب موضوعية وأخرى ذاتية. وهذا ما فعلناه بخصوص القيادة الثلاثية لهذا الفشل، بل تجاوزناهم ايضاً بإجراء ذات التحليل لشخصيات من الجنوب أيضاً. وفي ظني أن هذا أقل ما يمكن أن نقوم به تجاه الأرواح التي أُذهقت في الحروب التي فُرضت على الحركة الشعبية بالشمال، لكنها عجزت عن إدارتها بكفاءة، أو الحروب غير الضرورية التي ورَّطت الحركة الشعبية بالجنوب نفسها فيها.
ضحايا العقل الطائفي الذين لا يريدوننا أن نمِسَّ ياسر أو مالك أو الحلو أو فاقان أموم .. إلخ، هؤلاء عليهم أن يهيِّئوا أنفسهم لما سنقوله، وليشربوا من ماء البحر إذا لم يعجبهم كلامي.
وأشير بوضوح في كتابي (بمثلما أشرت في مفاكرتي المشار إليها أعلاه وتم نشرها زوراً على أنها مقال) إلى الخطا التاريخي في شوطنة ياسر عرمان ومالك عقار وغيرهما بقصد حرق شخصيتهما. فهما كغيرهما من قادة الحركة الشعبية، بالرغم من جسيم الأخطاء القاتلة التي ارتكبوها، لا يزالون يتمتعون بجميع مزايا النضال التي اكتسبوها في مسيرتهم الطويلة بجانب خبرات متراكمة في العديد من الأصعدة القيادية القتالية والسياسية. وعليه، لا ينبغي التعامل معهم باعتبار أنهم شخصيات منتهية الصلاحية.
لقد تساءل البعض عما أسموه بالزج بي في أتون معركة أنا غير معني بها. ولكم استغربت من هذا. فلا أحد يحتاج للزج بي في أتون معركة مراجعة أي حزب سياسي. فالحزب السياسي هو مشروع حكومة محتملة. وعليه، ليس من المنطق أن ننتظر إلى أن يصل الحزب المعني للحكم كيما نقوم بنقده. وعليه، بالأحرى أن أقوم بهذا ككاتب ومراقب للأحداث وقضايا الصراع السياسي والثقافي. ففي كل الأحوال حتماً سأجد نفسي أكتب عن الحركة الشعبية. وطبعاً كما يعرف من يتابعون كتبي، هذه ليست المرة الأولى التي أكتب عنها، وقطعاً لن تكون الأخيرة.
إلا أن ما أقلقني فعلاً وأثار كل هذه الزوبعة لدرجة مطاردتي من قبل العديد من أبناء وبنات الحركة المستقلة، طالبين أن أُبيِّن لهم موقفي، فهو الزج بمنهج التحليل الثقافي في هذا الصراع. وطبعاً كما يعلم الجميع، جاء في بيان مالك عقار الثاني أن هذه المؤامرة تعمل على استبدال خط السودان الجديد بخطاب آخر إثني اسمه منهج التحليل الثقافي. هذا هو ما جعلني أستعرض الرأي القائل بعداء ياسر عرمان للمستقلين الذين بالحركة. وهو بصراحة رأي سمعته من قبل أكثر من 10 أعوام دون أن أوليه كبير اهتمام. لكن إدراج منهج التحليل الثقافي ضمن أجندة الصراع جعلني أراجع نفسي باسترجاع الرأي القائل بذلك، ومع ذلك لا أزال غير مقتنع به. وكنت في قروب خاص ببعض منسوبي الحركة الشعبية قد كتبت عشية صدور خطاب مالك عقار المشار إليه أعلاه بأن مفاصل الصراع الحالي أدائية وليست فكرية. ثم ناشدت جميع الأطراف بألَّا تنحو لإلباس القضية بعداً فكرياً غير موجود، مشيراً إلى أنه من الصعب الآن التمييز بين خطاب السودان الجديد وبين منهج التحليل الثقافي.
على أي حال هذه بعض توضيحات ما كنت سأتجشم عناء تسطيرها لو لم يكن الأمر كله يقع في دائرة المسئولية العامة، أخلاقياً وتاريخياً. فالزوبعة التي اندلعت بخصوص ما قلته وما لم أقله لا محالة سوف تتبدد عما قريب؛ وكان من الممكن ألَّا يجد مثيرو فتنتها مني ردَّاً لهم بخلاف «وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما»، لولا أن المسألة لها بعدها العام. على هذا سأعكف في مقبل الأيام لأرد على ما كتبه بحقي الأخ علي عسكوري، لا دفاعاً عن نفسي، بل استعراضاً مني لطبيعة هذه الشخصية التي صعدت في سلَّم قيادة الحركة الشعبية إلى أن أصبح رئيس الحركة في ولاية نهر النيل خلال سنيِّ اتفاقية نيفاشا الخمس. فحلقاته العشر التي خطَّها بخصوصي تتحدث عنه بأكثر مما تتحدث عني. وهذه فرصة نادرة لا يتيحها لأعدائه إلا شخص عديم الحصافة، قصير النظر، وهي صفات تنأى بحاملها عن سدَّة القيادة. سأكتب عنه وعن غيره تحت عنوان «القيادات التي تُقاد ولا تقود». لقد دأبت على ألَّا أشغل بالي بمن يتهجَّمون عليَّ، دالقين ما بأمعائهم الفكرية، وكل إناء بما فيه ينضح. فكما يعلم جميع أصدقائي عني، فأنا لا يعنيني الحاضر في شيئ، كما لا أكتب له. إنني أكتب للتاريخ وأقلق من حكم التاريخ عليَّ عندما نختفي جميعاً من سطح الأرض ونسكن باطنها. عليه، كتابتي عن الأخ علي عسكوري. كما أشرت أعلاه، ليس للدفاع عن نفسي، بل لتحليل عينة معملية للشخصيات الرخوة التي صعدت سلالم قيادة الحركة الشعبية عن انتهازية من جانب، ثم عن خلل إداري كبير عندما فضَّلت القيادات العليا هذه الشخصيات الرخوية لإمِّعيَّتها وخنوعها. وطبعاً هذا التحليل سوف يشمل شخصيات أخرى غير الأخ علي عسكوري، إلَّا أن الأخير يتفوَّق عليها في أنه مع انتهازيته لا يلتزم الصمت، بل يتكلم ويتكلم بلا وازع من أخلاق أو ضمير، ثم دون أن يزن الكلام. ومن لا يزن الكلام، كان كمن يزني به. وعلى هذا يكشف عن مقاتله على بؤس تدرّعه وتوقّيه. هناك بعض حلقات مما كتبه لم أقع عليها بعد ولا زال السعي جارياً للحصول عليها. بعد ذلك سوف نشرع في الكتابة عنه، ولسنا في عجلة من أمرنا طالما أنَّا نكتب للتاريخ.


محمد جلال أحمد هاشم
صورة العضو الرمزية
عادل القصاص
مشاركات: 1539
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 4:57 pm

مشاركة بواسطة عادل القصاص »

حوار:





مع باقان أموم.. إعترافات وافادات مثيرة في الذكرى السادسة للانفصال:



- فشل مشروع السودان الجديد في الجنوب سببه خيانة القيادة



- سلفا كير قاد عملية خيانة المشروع لأسباب يعرفها هو والتاريخ سيحاكمه



- الحركة الشعبية تم اختطافها من قوى رجعية وتدميرها كحزب سياسي



- انفصال الجنوب مرة أخرى وارد لكن الخطر المحدق هو انهيار الدولة



- سلفا هو المسؤول عن خيبة الأمل



- القيادة الحالية لم تعمل أي شيء سوى نسخ فشل الدولة السودانية (بي ضبانتها)



- الخلافات بين عقار وعرمان والحلو حقيقية



- سلفا كير أجهض المشروع لكن الحلم مازال قائماً



- أنا الآن لاجئ سياسي في أمريكا.. وليست لدى مشكلة في زيارة الخرطوم








حاوره: فتح الرحمن شبارقة





في الذكرى السادسة للانفصال التي تمر هذه الأيام دون فرحة في الجنوب ولا دمعة في الشمال، سعت "الرأي العام" لاستنطاق قيادات من العيار الثقيل في الحركة الشعبية لقراءة المشهد المتفجر في الجنوب. ولحيثيات مختلفة كان باقان أموم أوكيج، هو الأنسب فيما يبدو لتقديم اعترافات وقراءات جريئة عن أحوال وأهوال الجنوب ومصير مشروع السودان الجديد هناك، بل حتى مصيره الشخصي بعد أن لجأ سياسياً إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

تواصلت مع باقان عبر الهاتف مساء أمس في مقر إقامته بولاية كلورادو الأمريكية، فوجدته هو هو.. ذات باقان الذي يحتفظ بقاموس خاص ووضوح فوق المعدل سواء كان في المعارضة أو الحكم أو حتى لاجئاً سياسياً، حيث أفرغ رشاشه المحشو غضباً في وجه الرفاق الحاكمين بالجنوب، ودون أن يستخدم (ساتر) فيما يبدو، أطلق كلماته كما الرصاص في وجه الرئيس سلفا ومن اتهمهم بخيانة مشروع السودان الجديد وسرقة فرحة الجنوبيين الذين انسربت إلى دواخلهم خيبة الأمل في ذكرى ميلاد دولتهم، فإلى مضابط الحوار:


* أين باقان أموم اليوم.. جسديا ومعنوياً، أي (مكان اقامتك وفاعليتك)؟

- أنا الآن لاجىء سياسي في كولورادو بالولايات المتحدة الأمريكية، ومازلت مؤمناً بقضية بناء مجتمع جديد بصرف النظر عن الأخطاء والإخفاقات، فمسيرة المجتمع البشري فيها انعطافات كثيرة سلبية وإيجابية وبالتالي الناس لازم تكون عندها (روح طويلة)، وهذا هو المكان الموجود فيه.

* كيف مرت عليك ذكرى انفصال الجنوب هذا العام والتي لم يُحتفل بها في جوبا؟

- نحن نهنئ شعب جنوب السودان باختيارهم للاستقلال، ولكن هذه الذكرى تأتي وجنوب السودان يرزح تحت حرب أهلية طاحنة ومدمرة بسبب خروج القيادة الحالية في جنوب السودان من الرؤية وفشلهم في تطبيق مشروع وطني جامع لبناء أمة وبناء دولة في جنوب السودان.

* في ذكرى انفصال الجنوب هذه الأيام. من الذي أفسد عليكم الفرحة..سلفا أم مشار ربما؟

- الذي أفسد الفرحة على شعب جنوب السودان هو خروج القيادة ممثلة في سلفا وأعوانه من رؤية الحركة الشعبية لبناء دولة حديثة ديمقراطية علمانية قائمة على المواطنة، وفشل القيادة في تنفيذ مشروع الحركة الشعبية الذي عبر عنه د. جون بوضوح بأن مشروع بناء الأمة يجب أن يكون قائماً على القواسم المشتركة لأي شعب سواء أكان شعب جنوب السودان أو شعب السودان وهذا هو الذي يقود للاستقرار ولتفجير طاقات الشعب لبناء مجتمع جديد تسوده العدالة والرفاهية.

* لماذا فشل مشروع السودان الجديد حتى في الجنوب الذي تسيطر عليه الحركة بالكامل؟

- الفشل يرجع لخيانة القيادة للمشروع وعدم قدرتها على تنزيل المشروع لأرض الواقع. وطبعاً التاريخ يحكم على القيادات بقدرتها أو فشلها في تنفيذ مشروع معيّن، فالقضية هي في القيادة.

* الكل أُصيب بخيبة أمل من إدارة الحركة الشعبية للجنوب..من المسؤول عن ذلك؟

- المسؤول عن ذلك هو سلفا كير، فهو رئيس الحركة الشعبية ورئيس حكومة جنوب السودان وهو الذي قاد عملية خيانة المشروع لأسباب يعرفها هو، والتاريخ سيحاكمه على ذلك فيما فشل ونجح في تنفيذه.

* زار د. مشار الخرطوم وهو معارض وربما أقام فيها لبعض الوقت وكذلك لام أكول.. هل يمكن أن يمكث باقان بالخرطوم معارضاً؟

- نعم، مافي أي اشكال سواء أكنت معارضاً أو في الحكومة. وأنا زرت الخرطوم حتى بعد استقلال جنوب السودان، وكنت مسؤولاً عن ملف بناء العلاقات أو المفاوضات لوضع أسس جديدة للعلاقات بين البلدين.

* هل ما زلت على تواصل بالسياسبين في الشمال؟.. ومع من تحديداً؟

- مع بعضهم، والتقيت قبل فترة بوزير خارجية السودان.

* وماذا دار في لقائك مع بروف غندور؟

- ناقشنا العلاقات بين الدولتين وقضية إحلال السلام في جنوب السودان ودور السودان في ذلك، وكذلك ناقشنا مشكلة الحرب في السودان وكيفية إيقافها.

* هل يمكن أن تكون هنالك كونفدرالية بين دولة الجنوب والسودان؟

- الأولوية والقضية الأهم الآن هي كيف نحقق الاستقرار في كل من جنوب السودان والسودان ونمنع انهيار الدولة وننقذ الوضع من التدهور المفضي لخلق منطقة تعم فيها الفوضى وتغيب عنها الدولة سواء أكان في جنوب السودان أو في السودان. وما يقود لانهيار الدولة في جنوب السودان يؤدي لآثار سلبية على كل من السودان وأثيوبيا ويوغندا. وإذا حققنا الاستقرار في كلا الدولتين يمكن من بعد ذلك أن نفكر في شكل العلاقات بين الدولتين، والنقطة الأساسية هي لابد من بناء علاقات تعاون وجيرة فيها تبادل للمنافع لتعيش الدولتين في سلام واستقرار.

* وهل اكتشفت ذلك فجأة؟ أين كان الجوار الأخوي والآمن عندما كنت خميرة عكننة وتمضي في الاتجاه المعاكس لذلك..هكذا سيقول البعض وهم يقرأون إجابتك السابقة؟

- إذا أنت رجعت للحوار الأخير الذي أجريته معك قبل الانفصال، أنا متأكد ستجد أن موقفي هو "إذا حدث انفصال سنعمل لبناء علاقات جيرة وتعايش سلمي وتعاون وتبادل للمنافع بين البلدين" وهذا موقف مبدئي وليس وليد اللحظة.

* في ذات الحوار قلت فيما أذكر إن الجنوب لن يتحول إلى دولة مشاغبة، ولكن تحوَّل فيما يبدو؟

- هذا تم بسبب خروج القيادة عن رؤية ومشروع الحركة الشعبية وهو الذي أدى للدولة المنهارة الآن والتي تعيش حالة احتراب مع ذاتها، والقيادة الحالية لم تعمل أي شيء سوى نسخ فشل الدولة السودانية (بى ضبانتها).

* بعد كل هذه السنوات..كيف تنظر إلى تجربة الحركة الشعبية؟

- الحركة الشعبية تم اختطافها من قوى رجعية وتم تدميرها كحزب سياسي، وباسم الحركة الشعبية يتم ارتكاب جرائم ويتم تنفيذ برنامج رجعي قبلي طائفي في جنوب السودان، وهو نفس المشروع الذي قام من أجل مشروع الحركة الشعبية للتغيير ولبناء المجتمع الجديد القائم على العدالة والمساواة دون تمييز بسبب العرق أو القبيلة، وهذا المشروع تم اجهاضه من قبل سلفا كير وتبنى مشروع رجعي معادي لمشروع الحركة الشعبية لذلك تشتت الحركة كتنظيم ولكن المشروع والحلم مازال قائماً وباقٍ كما حلم به المؤسس القائد الراحل الدكتور جون قرنق، وهذا هو المشروع الذي نتمسك به.

* ألا يزعجك أن تتهم بالخيانة الوطنية في جنوب السودان بسبب سعيك لوضع بلادك تحت الوصاية الدولية الذي عدَّه تعبان دينق في حوار أجريته معه ضرباً من الخيانة؟

- الجنوب الذي يحكمونه، والمشروع الذي يفرضونه، هو مشروع لتدمير الجنوب. وبالتالي لإنقاذ جنوب السودان فإن واحدة من المقترحات التي قدمتها في 2014 أنه لإنقاذ جنوب السودان من الانهيار ومن الإبادات الجماعية ومن التطهير العرقي والحرب القبلية الشعواء المدمرة للكل فإن الطريق يمكن أن يكون بنشر قوات تدخل دولية لوقف هذا الدمار ولإنقاذ المواطن.

* عفواً..ألا يزعجك أن تتهم بالخيانة الوطنية لهذا الطرح الذي قدمته؟

ارتفعت نبرة صوته قليلاً وهو يقول:

- لا يزعجني..خيانة ماذا؟ أنا مع مشروع السودان الجديد في جنوب السودان، مشروع لبناء دولة ديمقراطية مستقرة قائمة على المواطنة، وهم يبنون في دولة مضطربة قائمة على الهيمنة القبلية والحروب والعداء ضد المواطنين، وبالتالي الدولة التي يتكلمون عنها (أنا ما جزء منها ولا عندي ولاء ليها)..عندي ولاء لمشروع هو الحل لجنوب السودان.

* من تقصد تحديداً عندما تقول (الدولة التي يتكلمون عنها)؟

- أقصد الناس الذين يحاولون اتهامي، ولذلك أنا لست منزعجاً من اتهام من أي نوع لأني ليس لدي ولاء لذلك المشروع المدمر لجنوب السودان.

* في ظل المشاكل الموجود بالجنوب، هل يمكن أن يتعرض إلى خطر انفصال جديد..من الاستوائية أو من أعالي النيل ربما؟

- هذا وارد. لكن الخطر الأكبر ليس الانفصال لأي إقليم من أقاليم جنوب السودان، وإنما الخطر الأكبر هو انهيار الدولة وتشتتها إلى فوضى، وهذا هو الخطر المحدق الآن ليس على شعب جنوب السودان فحسب وإنما على كل الإقليم، وكل العالم يجمع على ذلك. وهذا ما رأيناها منذ 2013 وحاولنا أن نمنعه، وأنا شخصياً تحدثت مع سلفا كير كي لا يدخل البلد في حرب - لأنه هو الذي بدأ الحرب - وناقشته وواجهته شخصياً وطرحت له مشروع بديل هو أننا نقوم بتوحيد كل الشعب ضد المرض والفقر والجهل وإذا كان محتاج لعدو فالمرض والفقر والجهل هم الأعداء.

* سلفا كير في خطابه لشعب جنوب السودان بمناسبة الاستقلال قال أمس الأول أن الاستفتاء لو أعيد مرة أخرى سيختار الجنوبيون الانفصال..هل توافقه على ذلك؟

- صحيح لو خيُّر الجنوبيون مرة ثانية سيختارون الانفصال، فالقهر والتهميش لا يمكن أن يكون خياراً.

* ما هي الوصفة التي يمكن أن يتعافى بها الجنوب برأيك؟

- أولاً هناك ضرورة لابتدار عملية سياسية شاملة من جديد يشارك فيها كل أصحاب المصلحة في جنوب السودان وكل الأطراف للرجوع للمشروع لبناء دولة ديمقراطية حديثة قائمة على المواطنة في جنوب السودان، والاتفاق على ترتيبات انتقالية جديدة وتنفيذ برنامج انتقالي لإعادة بناء أجهزة الدولة، والاتفاق على دستور دائم في جنوب السودان يحدد أو يؤطر لكيفية إدارة الجنوبيين لشؤونهم العامة وكيف يحكمون أنفسهم، ونتوقع لحل إشكالية تنفيذ البرنامج وفشل أشكال الإدارة الإنتقالية المكونة من أطراف النزاع، ويمكن أن يفكر المشاركون من القوى الوطنية في جنوب السودان في إسناد المهام لحكومة انتقالية مشكلة من التكنوقراط وبعدها تجرى الانتخابات وأي من السياسيين يريد أن يخدم شعب جنوب السودان عليه أن يطرح نفسه لإرادة الشعب من دون أي صراع عنيف حول السلطة.


* كيف تنظر للخلافات بين رفاقكم السابقين في الحركة الشعبية عقار وعرمان والحلو، وهل هي خلافات حقيقية؟


- نعم هي خلافات حقيقية ومؤسفة، ونابعة من التفسيرات المختلفة لمشروع السودان الجديد، ونأمل أن يتجاوزها وهم كقوى مكوِّن أساسي من مكونات القوى السياسية السودانية، ونأمل أن يشاركوا مشاركة إيجابية في حل الأزمة السياسية السودانية لتحقيق دولة جارة مستقرة وهذا من صلب اهتمامنا، وواحدة من اهتماماتنا الرئيسية هو بناء دولتين جارتين تعيشان في سلام واستقرار وبينهما تبادل للمنافع.


* خصومك يقولون: إنك مثل عود الكبريت..اشتعلت مرة واحدة ضد الشمال ثم انطفيت..ولا قدرة لك على الاشتعال مرة أخرى؟

ضحك قبل أن يقول:

- أنا مؤمن بمشروع السودان الجديد وأعمل لبناء دولة حديثة وسأواصل المساهمة في هذا الاتجاه. ومصدر الطاقة هو الإيمان عدالة القضية وسيظل الحلم مشتعلاً في وجداني طوال حياتي، هذا المشروع النبيل هو الذي يُعطي معنى لحياتي.
صورة العضو الرمزية
عادل القصاص
مشاركات: 1539
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 4:57 pm

مشاركة بواسطة عادل القصاص »

تعقيب علي الدوك على المقال الأول لحيدر إبراهيم، ذلك الذي انتقد فيه أطروحة المركز والهامش:





الكفاح العنصري المسلح وأدمان سياسة الفهلوة وتغييب الوعي ... تعقيب على د. حيدر إبراهيم

بقلم: علي الدوك






نظل نؤكد بأن أخوتنا ومواطنيننا من الساسة والمثقفين (الجلابة)، أدمنوا سياسة الفهلوة والمراوغة وممارسة أساليب تغييب الوعي التي ربما مكَّنت أسلافهم بدرجة ما من إدارة الوطن السوداني في العقود الأولى من الاستقلال: الخمسينات، الستينات والسبيعينات ... غير أن هذه الأساليب والسياسات لم تعد صالحة في عهد الثورة المعلوماتية وانتشار الوعي، بل على العكس تماماً مثل هذه الحيل والأحابيل التي تلغي العقل وتشكك في صالحية وعيه ومقدرة إداركه للأشياء مقززة ومستفزة للغاية ومولدة لردات فعل أعنف وأكثر تدميراً وتخريباً للنسيج الأجنماعي مما هو عليه... عندما يغالط علماء ومثقفين على درجة عالية من الوعي والتجربة الواقع ويقفزون على حقائق التاريخ القربب والمعاش، فيحدثوننا عن ماهية وأساس أسباب الصراع السياسي المزمن والمستمر على مدار 6 عقود متواصلة فى السودان على أنه صراع اقتصادى اجتماعى، أي نتاج تفاوت وتراتب طبقي أقتصادي إجتماعي في بلد ظل معظم مواطنيه يعانون شظف العيش ونقص الغذاء وأساسيات الحياة الأولية، وطن ما زالت تستوطنه الأمراض البدائية المنقرضة في معظم بلدان ودول العالم الحديث، كالملاريا والكوليرا، والبلهارسيا .. إلخ الأمراض البدائية، وذلك نفياً وإنكاراً لجدلية أغلبية ساحقة مغيبة وممتهنة (هامش) وأقلية بسيطة مكوشة ومحتكرة لكل مقومات البلاد ومقدراتها السياسية والاقتصادية (مركز) ... يحدثوننا عن تفاوت طبقي اقتصادي واجتماعي في وطن يهاجر علماؤه وأكاديميه وأطباؤه ومهندسيه وأساتذة جامعاته إلى دول الخليج النفطية للعوز وسد الرمق بتأشيرات سائق عائلة خاص وعمال تربية مواشي.

الجدير بالذكر أنه وطوال حقب الصراع والحرب الأهلية المستمرة على مدار 62 عاماً أو ما تعارف عليه بثورات الكفاح الثوري المسلح التي خاضها الهامش ضد المركز، ظلت العلاقات بين الثوار والمعارضة الشمالية (الجلابة) أحزاب وشخصيات سياسية وأكاديمية يكتنفها الغموض والشكوك وعدم الثقة، وذلك بسبب عدم الصراحة والشفافية في الطرح والتشخيص السياسي لأس الأزمة والمشكل السوداني وبالتالي التواضع على أطروحات لحلول جزرية تخاطب أساس الأزمة ولب المشكلة وليس إفرازانها كما درج في غالب الأحيان الساسة والمثقفين (الجلابة).

فبينما ظلت وما زالت تتمحور جل أحتجاجات ومطالب ثوار الهامش، ومنذ اندلاع أول تمرد سياسي مسلح، على مناهضة وتقويم التراتب الهيكلي القبلي المعيب لجهاز الدولة ومراكز السيطرة وصنع واتخاذ القرار بمؤسسات الدولة الوطنية السودانية، والتي ظلت وما زالت محتركة بصورة شبة مطلقة وحصرية لمنسوبي قبائل الأقلية الثلاث الحاكمة منذ الأستقلال، والتي لا تتجاوز نسبة تعداد منتسبيها ال 5% من جملة سكان السودان (13 دائرة جغرافية انتخابية لولايتي نهر النيل والشمالية من أصل 271 دائرة جغرافية لعموم السودان)، إلا أن الساسة والمثقفين (الجلابة) ظلوا وما زالوا يلتجأون للتمويه والتركيز على قشور الأزمة وافرازاتها كنوع من المراوغة والتسويف والتتفيه والوصم بالعنصرية والجهوية على كل من يجرؤ على مخالفتهم الطرح للمشكل والأزمة السودانية المزمنة والمستمرة منذ فجر الأستقلال، يحاولون في اصرار وتعنت على حصر طرح القضية على أنها أزمة سلطة حاكمة وأحزاب أيدلوجية وطائفية فاسدة الفكر والعقيدة، متجاهلين مع سبق الاصرار والتعمد التركيبة الهيكلية المعيبة لجهاز الدولة ومؤسساتها الأكثر حيوية (الجيش، جهاز الشرطة، الأمن، السلطة القضائية، المنظمومة الاقتصادية ووسائل الإعلام المريئة، المسموعة والمقروءة) التي تمثل روح وكيان الدولة، والضامن لتحقيق العدالة الأجتماعية والاقتصادية والسياسية وإتاحة الفرص المتساوية للتقاضي وإدارة الخصومات والاختلافات أمام المحاكم ببن المواطنيين ... وكذا الدور المنوط بمؤسسات الدولة في التخطيط والتنظيم والتوجيه والتقنين لسياسات والكابح لممارسات الأحزاب والجماعات والأفراد التي أُتخذ منها شماعة الفشل السياسي والاقتصادي، كغطاء على التركيبة الهيكلية الجهوية المعيبة لجهاز الدولة ومراكز السيطرة واتخاذ القرار بمؤسسات الدولة الوطنية الأكثر حيوية.

علماً بأنه لولا قبضة هذه المؤسسات ذات التركيبة القبلية والبنيان الهيكي التراتبي المعيوب لصالح أقلية القبائل الثلاث الحاكمة، لما أستطاعت الأحزاب الطافية والجماعات الأيدلوجية وقادة الأنقلابات العسكرية المغامرين المنحدرين جميعاً من ذات الأقلية أم 5% من بسط هيمنتها وسلطانها وتطبيق سياساتها الجهوية المجحفة ضد الأغلبية الميكانيكية الساحقة من مكونات الطيف الوطني السوداني وعلى مدار 6 عقود متتالية.

حتى عندما تجرأت الحركة الشعبية وطرحت رؤيتها للحل النهائي للأزمة والمتمثل في مشروع إعادة الهبكلة الشاملة لجهاز الدولة ومراكز القرار والسيطرة بمؤسساتها الوطنية، هاجمها أصدقاءها من المعارضة الشمالية بنفس ضراوة أعدائها من متطرفي نظام المتأسلمين الحاكم والقابض بالحديد والنار في مراكز السلطة والثروة في الخرطوم.

لذلك، ما لم يتواضع معارضي النظام من الساسة والمثقفين (الجلابة) من أمثال الدكتور حيدر إبراهيم على مرتكزات واضحة في تناول وتشخيص الأزمة الوطنية المزمنة والمستمرة على مدار 6 عقود متواصلة، وتسمية الأشياء بمسمياتها الحقيقية والمتمثلة في ضرورة تقويم البناء الهيكلي المعيب لجهاز الدولة وفك ارتهان مؤسسات الدولة الوطنية المحورية لأقلية جهوية محددة، فأن محاولات الإلتفاف على معارضة الهامش المسلحة أو محاولات تذويبها واستردافها في كياناتهم التاريخية، لن يعدو أن يكون أكثر من حرث في البحر وزيادة تأزيم للأزمة أكثر مما هي عليه.



[email protected]
صورة العضو الرمزية
عادل القصاص
مشاركات: 1539
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 4:57 pm

مشاركة بواسطة عادل القصاص »

تعليق من آدم شريف:




ليس دفاعاً عن د. حيدر إبراهيم، ولكن تلك هي حقيقة الصراع

بقلم: آدم شريف المحامي





في مقاله بصحيفة الراكوبة الغراء فتح د. حيدر إبراهيم — كعادته — نافذة هامة للنقاش حول قضايا بلادنا؛ فانبرى له الكثيرون ما بين مؤيد ومعارض وإن كانت بعض الردود اتسمت بمخاشنات لفظية.
إن الصراع في بلادنا ليس صراعاً عرقياً أو دينياً أو جهوياً، وهو صراع استمر منذ أن نالت بلادنا استقلالها السياسي في العام 1956، وقد فاقمت الجبهة الاسلامية من حدة هذا الصراع باستيلائها عنوة على السلطة في العام 1989، وإنما الصراع يتجذر في التشكيلة الاجتماعية الاقتصادية، تلك التشكيلة التي قوامها القوى المنتجة في بلادنا من رعاة ومزارعين وحرفيين وعمال صناعات صغيرة، هذه القوى المنتجة لا تملك وسائل انتاجها، تلك الوسائل مملوكة لأفراد أو جهاز الدولة، وهذه القوى المنتجة لا تستفيد من ريع أو فائض انتاجها الذي يذهب لمالكي وسائل الإنتاج وفق نظرية فائض القيمة Surplus value — وقوام التشكيلة الاجتماعية هي ماتعرفه الماركسية وفق قوانينها الموضوعية بالبناء التحتي في مقابل البناء الفوقي الذي يتكون من تصورات ورؤى وأفكار الطبقة المسيطرة اقتصادياً — وهذه الطبقة ذات طبيعة (كمبرادورية) أي تقوم بدور الوساطة والسمسرة للرأسمالية العالمية في بيع منتجات المنتجين والاستئثار بفائض القيمة، ذلك الفائض الذي لا يعود للمنتجين في شكل خدمات وتنمية وزيادة منتجاتهم أو توفير الرعاية والعناية البيطرية لمواشيهم أو توفير مدخلات الإنتاج لمنتجاتهم، وغني عن البيان أن جهاز الدولة منذ أن أنشأه المستعمر كانت مهامه توفير تلك المواد الخام والمنتجات للأسواق الرأسمالية، وهو ذات الجهاز الذي ورثته الطبقة المسيطرة اقتصادياً فيما عرف وقتها بعملية (السودنة)، ولما كانت طبيعة التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية هو الطابع الجماعي للإنتاج فإن هذه التشكيلة بتلك الصفة لا يمكن تصنيفها إثنياً أو عرقياً، بل يستوي المنتجون في غرب السودان وشرقه ووسطه وشماله وجنوبه، كما أن الطبقة المسيطرة اقتصادياً وبالتالي تشكل قوام جهاز الدولة، فإنه كذلك لا يمكن تصنيفها جهوياً أو اثنياً، فهي تضم مجموعة انتهازيين يغبشون وعي الجماهير عن حقيقة طبيعة الصراع وذلك من أجل الوصول لكراسي الحكم عبر صناديق الاقتراع، أو مجموعة برجوازية صغيرة تستولي على السلطة عبر انقلاب عسكري، وهكذا كان تـاريخ السودان حتى استيلاء الجبهة الاسلامية على الحكم في العام 1989، وهي حزب الرأسمالية الطفيلية، قلب نظام الحكم في البلاد للاستئثار بثروات البلاد تحت مظلة تطبيق شرع الله والتوجه الحضاري وهي خدعة كذبها الواقع، إذ أن النظام أبرز أسوأ وجه للرأسمالية الطفيلية، وما محاولته كسب ود الأمريكان إلا دليل على ما نقول، وهذا النظام بشراهته تلك التي لم يسبقها إليه غيره من الأنظمة التي تعاقبت على حكم السودان — في اكتناز ثروات السودان في باطن الأرض أو ظاهرها وبيع تلك الثروات للرأسمال العالمي، وحتى يتحقق له ذلك سعى للمحافظة على السلطة بكافة الأشكال من اشعال للحروب في أنحاء البلاد وقتل وقمع المعارضين، حتى وصل به الحال فصل ثلث البلاد. إنني أتفق تماماً مع توصيف د.حيدر لطبيعة الصراع في أنه ذو طابع اقتصادي اجتماعي، وقد ذهب الاستاذ/الطيب الزين في رده على د.حيدر ابراهيم (الراكوبة 26/6/2017) إلى أن أحد أبناء الهامش في السودان لم يتولى السلطة يوما كتأكيد على طبيعة التهميش — كما ذهب الكاتب —. ولكن الواقع أن مسألة التهميش لم ولن تزول إن تولى السلطة عبدالواحد نور أو مني أركو أو عبدالعزيز الحلو أو أي من قادة مؤتمر البجا في ظل جهاز دولة هكذا حاله وتلك طبيعته كم وضحنا أعلاه —– إن إزالة التهميش في بلادنا يرتبط ارتباطاً موضوعياً بإنجاز وتحقيق الثورة الوطنية الديمقراطية، تلك الثورة التي تنجز الديمقراطية بأبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والتي فيها تتتحقق التنمية المتوازنة والحكم الرشيد وما يتضمنه من سيادة حكم القانون والفصل بين السلطات، والمساواة بين كافة أبناء الوطن دون تفرقة بسبب النوع أو العرق أو المنبت الاجتماعي أو الرأي والانتماء السياسي، وجعل تلك التفرقة جريمة يعاقب عليها القانون. كما أن الإعلام الحر يساعد على تنمية تقافات كل المجموعات العرقية وإظهارها والتعبير عنها مما يوفر التلاقح بين الثقافات المختلفة لخلق ما يُعرف بالمثاقفة توطئة لإيجاد ثقافة سودانوية ثرة. إنني أتفق مع د. حيدر أن طول بقاء هذا النظام أوجد لدى بعض مثقفينا ميلاً للعنف اللفظي، تأثراً بعنف النظام الفعلي واللفظي، كما أن سياسته في إعلاء الوجه العروبي للسودان دون غيره من وجوه وإزكاء النعرة القبلية والعنصرية الضيقة واستمالته لبعض القبائل ضد بعضها الآخر تطبيقاً لسياسة فرق تسد من أجل بقائه في السلطة لأطول أجل ممكن، كل ذلك أوجد لدى البعض منا اليأس من هزيمة هذا النظام والانكفاء قبلياً أو جهوياً، وما شعار تقرير المصير لإثنية معينة اوجهة محددة الذي يروج في هذه الأزمنة، ماهو إلا روح انهزامية وتثبيط للهمم في مواجهة المعركة الكبرى معركة إسقاط النظام وإقامة البديل الديمقراطي. فلتكن دعوتنا لنتضامن جميعنا في شرق السودان وغربه وسطه وشماله وجنوبه، ونعمل سوياً لإسقاط هذا النظام الفاشستي الفاشل وإقامة البديل الديمقراطي في وطن خير ديمقراطي، بل يحدونا الأمل في استعادة الوحدة مع جنوبنا الحبيب في وطن بلا تمييز ينعم بنوه بخيراته دون تفرقة لأي سبب كان، فهل هذا بمستحيل على شعب هزم دكتاتوريتين عسكريتين سابقتين.

[email protected]

صورة العضو الرمزية
عادل القصاص
مشاركات: 1539
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 4:57 pm

مشاركة بواسطة عادل القصاص »

مداخلة من صديق أمبده بخصوص أطروحة المركز والهامش وما دار حولها مؤخراً من خلافات:




حرب الهامش ضد الهامش: مداخلة

بقلم: د. صديق أمبده





-1-

عقب مقال الدكتور حيدر الأول حول خلافات الحركة الشعبية (سودانايل 22/6/2017) بعنوان "حرب الهامش ضد الهامش وتهافت شعار السودان الجديد"، انهالت عليه ردود وتعقيبات اتسمت لغة العديد منها بالخشونة والعنف اللفظي، وهي لغة غير مقبولة في أدب المساجلات ولا تضيف شيئاًً لحجة كاتبها. ورغم ذلك فإن بعضها قد أثار نقاطاً موضوعية أوضحت عدم معقولية التعميمات والنتائج والإسقاطات التاريخية التي أوردها الدكتور حيدر في مقاله المذكور في إطار تسفيهه لما أسماه جدلية المركز والهامش بحسبان أنها لا ترتكز علي تنظير متماسك. ورغم عنف لغتهم فإن عدداً من المعقبين قد أثنوا علي الدكتور حيدر ومواقفه التاريخية واسهاماته الثقافية وجهوده الراسخة والمستمرة في مجال الاستنارة مما لا ينكره إلا مكابر، في نفس الوقت الذي عبروا فيه عن خيبة أملهم في صدور المقال من شخص في مقامه.
هذه مداخلة حول الموضوع وليست رداً علي مقالات الدكتور حيدر. ولكن للأسف أجد نفسي أيضاً مختلفاً مع الأخ الدكتور حيدر في الكثير من تعميماته وقطعياته مثل (لقد أثبت صراع الحركة الشعبية أن فرضية جدل المركز والهامش وهم كبير) وأن (الصراع في السودان ليس إثنياً ولا جهوياً بل هو صراع اقتصادي-اجتماعي قد يلبس أحياناً أقنعة ثقافية) أو أن (فرضية الهامش والمركز تقود بالضرورة إلى عنصرية مضادة وتخريب أي محاولة للوحدة الوطنية القائمة على حقوق المواطنة) أو أن (فرضية المركز والهامش تدليس مبتذل لنظرية سمير أمين عن التبعية أو التطور غير المتكافئ) من بين نقاط أخرى كثيرة.
وأعتقد كذلك في أن الدكتور حيدر لم يكن محقاً في رفضه جملة واحدة كل التعقيبات والردود حيث يقول في مقاله الثالث (نظرة إلي المستقبل -سودانايل 7 يوليو2017) "مازلت مصراً على كل الآراء التي ذكرتها ليس عناداً ولكن تلقيت كثيراً من سقط القول ولم يفند أحد بموضوعية ما طرحت بل لم يحاول أحد من الهامشيين الكرام فهم مقصدي الحقيقي من الكتابة". والحق يُقال فإنني أرى أن بعض التعقيبات بها تفنيد لكثير من مقولات الدكتور حيدر أو نقاط جديرة بالرد، مثل تعقيبات الأساتذة محمد عثمان (دريج) (سودانايل 28 يونيو2017) وعلي الدكوك (الراكوبة 27 يونيو 2017 ) رغم العنف اللفظي في المقالين. إن دمغ التعقيبات فقط "بأنها من سقط القول" يمكن أن يدخل في باب الاستعلاء على الخصوم، ولا أعتقد أن الرد على بعض النقاط الموضوعية كان سيقلل من مقام الدكتور حيدر ويمكن أن يتم ذلك بعد تقريع المعقبين علي لغتهم العنيفة إن أراد.
هنالك أسئلة أرى أن الإجابة عليها مهمة في قضية "الهامش مع المركز"، وهي: هل هنالك مظالم تاريخية للهامش من قبل المركز (والمركز هنا هو الوسط والشمال النيلي المسيطرة نخبه على الحكم منذ الاستقلال) أم لا؟ وهل على المظلوم أن ينتظر حتي يقوم هو أو غيره بصياغة نظرية تفسِّر له ولغيره ما وقع عليه من مظالم حتي يحق له أن يقوم بأي نوع من الاحتجاج سلمياً كان أو غير سلمي؟ وهي بعض ما يفهم من مقال الدكتور حيدر. وهل على الهامش المتظلم أن ينتظر حتي تتحقق بعض "الأمنيات" الهلامية؟ "إن ازالة التهميش في بلادنا يرتبط ارتباطاً موضوعياً بإنجاز وتحقيق الثورة الوطنية الديمقراطية" (آدم شريف المحامي-الراكوبة 26 يونيو 2017).
قناعتي أن الإجابة على السؤال الأول هي بالإيجاب، وعلي الثاني بالسلب لأن الهامش يرى أن المركز هو الذي يهيمن علي السلطة وفشل أن يكون عادلاً في توزيع الموارد بل وعاملاً حاسماً في الإقصاء من المشاركة الفاعلة (وليست الديكورية) في السلطة نفسها والدلائل (علي قفا من يشيل)، كما أن من التعسُّف أن نطالبه بأن يبحث عن تناقض رئيسي في صراعه لأخذ حقوقه قبل أن يبدأ في الإحتجاج. إن المؤشِّرات التي توضح أن حظوظ الأقاليم والولايات الطرفية (الهامش) ليست متساوية فيما يختص بالتمتع بالخدمات الاقتصادية والاجتماعية على قلتها، كثيرة ومتوفرة. كما إن نسبة ذلك "التخليف"، كما في لغة الدكتور حيدر، إلى المركز هو شيء طبيعي نتيجة لتركيز السلطة في يد نخب المركز على اختلاف مشاربهم السياسية، سواء كان ذلك عن قصر نظر أوغيره، هو كذلك مما لا يحتاج إلى برهان. لكن لمزيد من التأكيد يمكن أن نشير إلى ما جاء في كتاب الدكتور عبده مختار الصادر في 2010 عن دار عزة للنشر (دارفور: من أزمة دولة إلى صراع القوى العظمى) الذي جاء فيه "حققت حكومة الإنقاذ أكبر مشاركة للقبائل في الحقب المختلفة حيث بلغ عدد القبائل التي شاركت فيها حتي 1998 أربعون قبيلة يأتي أولها الجعليون بنسبة 19.4% يليهم االدناقلة بنسبة 16.1% ثم الشايقية 12.8% (صفحات 52-53)". (أي أن معامل التركيز للثلاثة قبائل المذكورة 48.3%). وهو ما يؤكد ما جاء في الكتاب الأسود (2001) الذي قوبل بانتقادات واسعة من الأجهزة الإعلامية وتمت نسبته للمؤتمر الشعبي المعارض حينها. ويجدر بالذكر هنا أن الكتاب الأسود نفسه قد اتضح أنه مستخلص من دراسة أعدتها رئاسة الجمهورية كما جاء في مقال للأستاذ خالد فتحي (خليل إبراهيم الرجل الذي قال لا - سودانايل 27 ديسمبر 2011) "ففي اجتماع مع القوى السياسية امتد إلى الفجر ببيت الضيافة في 14 يوليو 2008 قال السيد المشير عمر البشير رئيس الجمهورية أن الكتاب الأسود هو بالأساس دراسة أعدتها رئاسة الجمهورية للاطلاع على خارطة المشاركة السياسية في السلطة على مستوى المركز."
إن مظالم الهامش "جمرة بتحرق الواطيها" وقد تم التعبير عنها منذ عقود، ولكن للأسف النخب السياسية ممثلة في الحكومات المتعاقبة مدنية وعسكرية لم تلفت نظرهم تلك المظالم واعتبروا انهم يصدُرون في سياساتهم وتصرُّفاتهم عن رؤى وطنية وأنهم قوميون في المقام الأول وكل ما عداهم جهوية وربما عنصرية. لقد بدأت تلك الاحتجاجات منذ أواخر الخمسينات من القرن الماضي، ولكن بشكل أوضح في النصف الأول من الستينات عندما ظهرت حركات من الهامش تطالب بالعدالة في توزيع الموارد وفي المشاركة في السلطة واتخاذ القرار منها اتحاد جبال النوبة، اتحاد البجة وجبهة نهضة دارفور. ويمكننا أن نشير علي الأقل إلى أهداف واحدة من هذه الحركات المطلبية وهي جبهة نهضة دارفور.
جاء في كتاب الدكتور يوسف تكنة -2013-"دارفور- صراع السلطة والموارد 1650-2002) ما يلي "كانت مطالب كل من منظمتي جبهة نهضة دارفور ومنظمة سوني السرية ( وكلاهما أُنشئ في عام 1964) عقب ثورة أكتوبر - تتمحور حول المساواة بين أبناء دارفور وأبناء الشمال في الحقوق والواجبات، المساواة في الوظائف العسكرية والمدنية، في مجال تقسيم السلطة والثروة وفي مجال التنمية والخدمات والطرق والبنيات التحتية" (ص 89). ويضيف في مكان آخر "استشعرت الأحزاب السياسية خطرها (جبهة نهصة دارفور) فاتهمتها بالعنصرية والجهوية وأنها حركة انفصالية. وقد شملت الحملة الدعائية في الصحف أن مثل هذا التنظيم الإقليمي المطلبي لايمت إلى الوطنية السودانية بصلة، مما أضطر لجنتها التنفيذية إلى عقد مؤتمر صحفي لتوضيح موقفها المطلبي المتمثل في حق مواطني دارفور في المشاركة السياسية ونيل دارفور نصيبها من الثروة من خلال مشاريع التنمية والخدمات الاجتماعية حتي تلحق بباقي مديريات السودان الشمالية ويطمئن المواطن بدارفور على عدالة الدولة." (ص 84). وللأسف فإن مواطن دارفور (والهامش عموماً) مازال يبحث عن ذلك الإطمئنان بعد أكثر من ستين عاماً من الاستقلال.
مما يجدرذكره أن قيادة حركة سوني العسكرية السرية قد تشكلت حينها من قبائل مختلفة عربية وغير عربية، كما أن لجان جبهة نهضة دارفور قد ضمت على وجه التقريب كل أعيان مدن دارفور الرئيسية من كل الأحزاب والمجموعات الإثنية المختلفة. والمطالب المشروعة أعلاه لم تُقابل إلا بالاستنكار والاتهام بالعنصرية والجهوية، صب الملح على الجرح، أو في قول الخواجات –معدَّل- "وكمان جابت ليها اساءة". وهو سلوك كان متواتراً في رفض مطالب الهامش في المشاركة واستنكار ذلك وكأنما الهامش تحت الوصاية (انظر الفقرة حول "التضامن النيلي" أدناه). إن النخب السياسية كانت ولازالت مصابة بحمى الاستئثار بالسلطة ومزاياها، والسلطة في الدول النامية هي المصدر الأول للثروة كما هو معلوم. أنظر إلى النخبة الحاكمة اليوم، أين كانوا وأين هم الآن؟ للسطة في الدول النامية بريق هو بريق الكنوز التي ترقد تحت أسنِّة أقلام متخذي القرار والمقدرة على تنفيذ مايريدون، ولذلك ينظر هؤلاء إلى المشاركة في السلطة علي أساس أنها تفريط و"اختراق" ودون ذلك فلتدم الحروب أو يتمزق الوطن "ما مهم".
إن تأييد ودعم الحركات المسلحة من قبل غمار الناس في الهامش ضعيف في رأيي وكثير من أبناء الهامش وأنا منهم لا يؤيدون الحركات المسلحة، وقد ازداد عددهم خاصة بعد الدمار الهائل للبنى التحتية في الهامش وللخسائر المادية والبشرية الجسيمة وإهدار حقوق الانسان وللجرائم المختلفة المصاحبة للحرب، مما لا يمكن تعويضه تحت أي تسوية كانت ومما لا يعيد مناطق الصراع إلى ما كانت عليه بعد عشرات السنين. وزادت كذلك بعد خيبة أملهم في القيادات التي شاركت في السلطة ولم تستطيع تحقيق أي شيء يذكر لأبناء الهامش، وسقوط كثير منهم في "نعيم" السلطة أو "مستنقعها". كذلك عدم اختلاف أولئك المشاركين في السلطة عمن سبقوهم فيها من الحزب الحاكم سواء كان ذلك فساداً أو غيره من سوءات الحكام. ولكن في جميع الأحوال، في وجود المظالم، تبقى خيارات التعبير مفتوحة كل حسب قناعاته، ويتحمل مسئوليتها بالمشاركة، الناكرين والمستخفِّين بتلك المظالم من النخب الحاكمة.

-2-

إن ردود الفعل اللفظية العنيفة التي طالت الدكتور حيدر ربما كان لها أسبابها التراكمية (والله أعلم). من هذه الأسباب خيبة أمل عامة لأهل الهامش في عدد كبير من المتعلمين والمثقَّفين من أهل الوسط والشمال النيلي، فيما يبدو عليهم أو يبدر منهم أحياناً من عدم قناعة بأن للهامش قضية أصلاً (يرد كثيراً أثناء المناقشات قول "ما كل السودان مهمش" إلخ) ، وكذلك عدم الشعور بالمواطنة والحقوق المتساوية لأبناء الهامش مثل ما يظهر من خلال قرارت غير مدروسة مثل الكشَّات (في زمن سابق) التي تختار أهدافها للترحيل خارج العاصمة باللون واللهجة (إسمع قصيدة شاعر الشعب محجوب شريف "آدم في الكشًّة")، أو عدم جدِّية الحكومات المختلفة في الاستماع إلى الاحتجاجات التي تتم علي استحياء (حتي لا يوصف قائلها أو يوصم بالعنصرية) أو حتى التي تمَّت بصوت السلاح، ودونك عدم تنفيذ "الإنقاذ" لبنود إتفاقيات السلام المختلفة وحتي توصيات مؤتمراتها حول دارفور (مؤتمر كنانة كمثال). وكذلك جراحات الكلام التي لا تبرأ مثلما يُنشر في الصحف. فالتعليقات والأعمدة في الصحف السيارة تجد فيها ما يستنكر المطالب "الجهوية" (التي تعني عند الكثيرين الغرب والشرق والجنوب الجديد) ومنها ما يستخِف بها أو يفسِّر المطالبة بالمشاركة في اتخاذ القرار والحكم إلى أن المقصود ليس "كَدَّة" في الحكم وإنما الإقصاء أو حتي أكثر منه (الثأر)، ويتم في المجالس تدوال قصص الحزام الأسود حول المدن والنوايا المبيتة للانقضاض إلخ . والترجمة لكل ذلك "على الشريط "، وتبدو بوضوح ليس فقط في عدم الجدية في معالجة المظالم التأريخية بل وفي "التضامن" لعدم التفريط في المكتسبات التأريخية للحكم ومزاياه.
وخير مثال لذلك الوصف الدقيق لميكانزمات "الكنكشة" المهلكة عند متنفذي الإنقاذ الذي جاء في مقالي الدكتور عبداللطيف سعيد حول ما أسماه "التضامن النيلي" (الصحافة 13 و 27/2/2012 ) من "أن هذا التضامن لا يعتمد على الكفاءة الشخصية، ولكنه يعتمد على التعاضد والتكاتف .... فهذا التضامن يحمي أفراده ويقدمهم ويحفظ لهم المناصب، بل ويتخلص من كل منافس لهم بغض النظر عن مؤهلاته الشخصية والأكاديمية. ففي كل المؤسسات يكون أعضاء التضامن هم القادة ويكون الآخرون هم الكمبارس" ويضيف "هناك واقع (سياسي) موجود بالفعل، خلقته عوامل تاريخية وجغرافية وإثنية وثقافية وجعلت هذه الصفوة النيلية تتضامن وترى لنفسها الحق دون سواها في الحصول على القيادة والثروة والسلطان، وترى أنها بموجب هذه العوامل مسئولة عن الآخرين، وأنها لو تركتهم في السودان يديرون شئونهم بأنفسهم لضاع السودان".
وللأسف هذا (فيما يبدو) هو ما يستبطنه كثير من متعلمي ومثقفي الوسط النيلي – ناهيك عن العامة – من حيث عدم قبولهم لمجرد فكرة أن يكون على رئاسة الدولة شخص من الهامش (عبَّادة وغرَّابة إلخ في قولهم). وأرى أن القبول بهذا هو بداية التصالح الحقيقي والمواطنة الحقة. وبالطبع فهذا لا يحلُّ قضية "الهامش والمركز" لكنه يذهب بعيداً نحو تنفيس "بالون" الغبن التاريخي. إن حل القضية رهين بمحاولات جادة لمعالجة جذور المشكلة وتجسيدها في عدالة توزيع الموارد والتمييز الإيجابي لِحِين، والمشاركة الحقيقية في السلطة بإعادة هيكلة مؤسسات الحكم ليرى الجميع أنفسهم فيها، وقد يعني ذلك محاصصة المواقع القيادية لفترة طويلة حتي يتم وضع أسس لإدارة الدولة يقبلها الجميع. إليك أمثلة أخرى:
الأستاذ إبراهيم دقش في عموده "عابر سبيل" (الخرطوم 10 ابريل 2014) يقول "جاتكم تارَّة، الجهوية، ومن داخل المجلس الوطني وعلى رؤوس الأشهاد فقد طالب (النائب) كمندان جودة رئيس الجمهورية بتعيين مساعدين للرئيس من جنوب كردفان النيل الأزرق أسوة بالسلطة الإقليمية لدارفور والشرق.... وذهب إلى أبعد من ذلك فطلب معرفة نصيب النيل الأزرق من الوزارات الاتحادية". ويضيف السيد دقش "في كل الأحوال الواحد يكتشف أن "قومية" السودان قد ارتحلت وفي غفلة منا (كذا!)بعد أن (تمرمطت) وأغفلت تاركة البلاد تحت رحمة الجهويات والقبليات والترضيات .." يعني السيد دقش لم يرى أي جهوية في أن يكون الرئيس ونائب الرئيس ووزراء غالبية الوزارات السيادية من إقليم وجهة واحدة لأكثر من ربع قرن إلا حينما رفع السيد النائب كمندان جودة صوته مطالباً بمساعد رئيس. أنظر إلي هذا (الكيْل).
أما سيف الدين البشير فقد كتب غاضباً في عموده -"هذا كتابي" (الوطن 27 اكتوبر 2005) تحت عنوان "ليست ورقة حمدي بل وجدان أُمَّه" ( أنظر كيف تنادوا يستغلون ورقة حمدي (التي أشتهرت فيما بعد بمثلث حمدي) للنيل من الحضارة الغالبة وتقديمها علي أنها متغوِّلة علي حقوق الاخرين؟ ........دعهم يهلِّلون لسماجة مبعوثة حقوق الانسان.. ولخطرفات متمردي دارفور، ولموالاة طلاب الكراسي لكل من يحمل هراوة ضد الحضارة الغالبة... لكن الحضارة الغالبة لن تسكت بعد اليوم... ليس هنالك تهميش في السودان وإنما فقر ورثناه من ظروفنا وفساد حكوماتنا السابقة.(!).. لا يوجد تهميش ثقافي وليس ذنب المركز الحضاري أنه يحمل ديانة للناس جميعاً." السيد سيف الدين لا يرى في الذين انتقدوا ورقة حمدي إلا مجموعة من المغرضين واليساريين والشيء الذي جمعهم هو ربما (حقدهم) علي ما أسماه الحضارة الغالبة وقد عرَّفها بأنها "المديرية الشمالية من بحري حتي أسوان، بحسبانها بوابة الحراسة والكياسة والسياسة منذ تهراقا". ويقطع بأنه ليس هنالك تهميش ولا يحزنون، (كلَّو حقد ساي). فماذا يمكن أن يُقال لمثله؟
ومثال آخر ما جاء في مقال للسيد راشد عبدالرحيم في عموده "إشارات" في صحيفة (الرأي العام 14/3/2014 ) بعنوان "الأزمة هي أبناء دارفور" فيقول" ليست دارفور أكثر تهميشاً من بقية السودان... والشمال هو الذي يعاني بما لا يُقارن من الأوضاع المأساوية والتهميش الحقيقي .. ولكن أهل الشمال لا يرفعون السلاح وأبناء الشمالية في الجامعات هم الذين يعانون ويفقدون سنوات الدراسة (هل وحدهم؟) بسبب هذا الصراع الذي يقوم به أبناء دارفور". لو نظر السيد راشد إلى تقاريرالمؤسسات الدولية التي صدرت بالتعاون مع حكومة السودان وأي دراسات حول التباين في حظوظ الأقاليم المختلفة من التنمية علي ضعفها لرأى أن مؤشِّرات ولايات الهامش هي الأسوأ وأن المظالم حقيقية، وحتي تحت سوء الأحول فإن "الظلم بالمساواة عدل". وفي كل العالم تعمل الدول التي تعرضت لحروب أهلية وصراعات داخلية على معالجة المظالم حتى تنعم بالسلام والاستقرار ولا تنفي تلك المظالم جملة واحدة. وإذا كان السيد راشد موضوعياً لرأى بالعين المجردة الاستئثار بالسلطة وتركيزها في مناطق دون أخري. فهل يعتقد السيد راشد وأمثاله أن ذلك شيء طبيعي ويجب أن يتم تقبله على طول الخط. أم أنه فعلاً يرى أن الآخرين (مواطنون من الدرجة الثانية) يجب أن يلعبوا دور "الكومبارس" (كما ورد أعلاه) ولا يشاركوا في السلطة؟
إن الذي يقود إلى عنصرية مضادة (كما أشار الدكتور حيدر) ليس هو فرضية الهامش والمركز وإنما استمرار المظالم وبعضها على أسس عنصرية واضحة للأسف في النصف الثاني من حكم الإنقاذ. ودونك كمثال قول الأستاذ محمد عبدالقادر سبيل ("كيف استجدت العنصرية في حياتنا ومؤسساتنا العامة" الصحافة 18/8/ 2011 ) والذي تقدم إلى عدد من الوظائف هو مؤهل لها فقيل له "إنت من وين؟ " وتم حرمانه منها "لأني لست من شعب الله المختار" على حد قوله (هو من النيل الأزرق). من المعلوم أن إستمارة الرقم الوطني تحتوي على خانة للقبيلة، وربما بعض الوزارات ذات الأهمية تحتوي فورمات التقديم للإلتحاق بها علي ملء خانة عن القبيلة أيضاً.
إن آراء الدكتور حيدر في مقاله الأول قد كتبت على عَجَل، فيما يبدو لي، وهو ما يفهم من قوله في المقال الثالث (بل لم يحاول أحد من الهامشيين الكرام فهم مقصدي الحقيقي من الكتابة) مما يعني أنه لم يوضِّح أو لم ينتبه إلى ما يمكن أن تثيره الجمل القطعية الواردة في المقال من سوء/عدم فهم لمقاصده. وجملة آرائه الواردة في المقال قد تنطبق عليها إشارة الأستاذ كمال الجزولي في مقال أخير ( درس انتفاضة 1985- سودانايل يونيو 2017) من أنه "ما يزال يتحتَّم على قوى المعارضة في المركز استيعاب درس القصورالأساسي لإنتفاضة 1985، من حيث ضرورة الاقتراب بدرجة كافية من حركات (الهامش) والتَّعرُّف اللَّصيق على همومها ....حتَّى لا تجد نفسها عاجزة حتَّى عن الاستيعاب السَّليم للأحداث، دَعْ عنك تحليلها بما يمكِّن من اتِّخاذ الموقف السَّليم تجاهها."
أما عن قول الدكتور حيدر في مقاله الأخير عن قندول "وسألت نفسي ناس قندول وهم معارضة زيَّنا يردُّوا على مقال بهذه الطريقة فلمُّا يكونوا في السلطة حيعملوا فينا إيه؟ بالتأكيد سوف يقطعوننا من خلاف أو نرجم تأسياً بأسلوب ردع الجبهة" (نظرة إلى المستقبل - سودانايل 7يوليو2017)، فأعتقد أن غضبته قد أدخلته في مكان لا يحب أن يكون فيه وهو الميدان الذي تلعب عليه "الإنقاذ" في تخويف أهل الوسط من "شرور" ناس الهامش.
لكن مهما يكن فإن اعتقادي هو أن مواقف الدكتور حيدر يمثلها ما جاء في رده علي الطيب مصطفي من أنه "لم يتغير موقفي الداعم لمظلومية مايسمى بالمهمشين ولكننا نختلف في التحليل".



12 يوليو 2017


[email protected]
صورة العضو الرمزية
عادل القصاص
مشاركات: 1539
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 4:57 pm

مشاركة بواسطة عادل القصاص »

بيان:




طلاب الحركة الشعبية لتحرير السودان
مركزية جامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية


بيان توضيح



نبا إلى علمنا في مركزية جامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية كقاعدة وقيادة، بأن بيان منفردا تم إصداره من قبل الرفيق مزمل تركي ممحورا باسم مركزية جامعة القرآن الكريم يرفض فيه تأييد قرارات مجلسي التحرير ويدعم إنشقاق الرفيق مالك عقار وياسر عرمان وجزء من الذين سموا انفسهم بنساء السودان يسعون لتغويض مشروع السودان الجديد وتقزيمه. تم كتابته البيان من قبل الرفيق مبارك اردول واستندنا في ذلك على متابعة الاتصالات التي جرت بينه وبين الرفيق مزمل وآخرين واللغة التي كتب بها البيان لأننا نعرف الرفيق مزمل جيدا ونعر لغته وكنا جزءا من البيانات التي أصدرتها مركزية جامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية، هذا البيان لا يعبر إلا عن الأشخاص الذين قاموا بكتابته، نحن في مركزية جامعة القرآن نأييد القرارات التصحيحية لمجلسي تحرير جبال النوبة/جنوب كردفان والنيل الأزرق، ونأييد القائد عبدالعزيز آدم الحلو.

عاش مشروع السودان الجديد
عاشت الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان


مركزية جامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية
الخرطوم-السودان
13 يوليو 2017م
صورة العضو الرمزية
عادل القصاص
مشاركات: 1539
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 4:57 pm

مشاركة بواسطة عادل القصاص »

بيان:





الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال

إقليم النيل الأزرق - مجلس تحرير الإقليم

بيان رقم (4)





إلى جماهير الحركة الشعبية الأحرار وإلى كل أعضاء مشروع السودان الجديد

تحية ثورية وبعد

يشرفنا كثيراً بأن نصدر لكم هذا البيان التصحيحي رداً على بيان رقم (5)
المزيف والإدعاءات الإعلامية المضللة التي بدأت تظهر على السطح فى الوسائط الاعلامية منذ انفجار الأزمة في إقليم النيل الأزرق بتاريخ 22/5/2017 وخاصة البيانات التي تخرج من مجموعة مالك عقار ياسر عرمان وبالأخص البيان رقم 5 الصادر بتاريخ 10/07/2017 باسم مجلس تحرير الإقليم النيل الأزرق الذى وضح فيه بان الرفيق القائد الحلو ليس له الحق في التدخل في شؤون النيل الأزرق وعليه نوضح الآتي:

1/ البيان رقم 5 الذى صدر بتاريخ 10/07/2017 باسم مجلس تحرير الإقليم النيل الأزرق بتوقيع بشير سيفا مطر يمثل إثنية واحدة فقط.
2/ مالك عقار قد فقد شرعيته كرئيس للحركة الشعبية بعد اندلاع أحداث مايو 2017 التي راح فيها عدد كبير من الأرواح من ابناء النيل الازرق مما ادي الي إقالته من رئاسة الحركة الشعبية عبر مجلس تحرير الإقليم النيل الأزرق.
4/ نؤكد أن مجلس تحرير اقليم الأزرق الحالي يمثل كل قوميات النيل الأزرق وهم موحدون ويقفون خلف القائد الفريق عبدالعزيز آدم الحلو.
4/ الحركة الشعبية بإقليم النيل الأزرق يتمتع بوحدة قوية متماسكة شعبياً وعسكرياً.
5/ نؤكد لكم بأن الرفيق القائد الحلو هو الرئيس الشرعي للحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال وهذا مطلب شعبي.
6/ أن خطة نظام المؤتمر الوطني التي وردت في التقرير السري بتاريخ 18/6/2017 بتفكيك الحركة الشعبية بدأت تظهر الآن ومن بينها البيان رقم (5) المزيف من مجموعة مالك عقار المدعومة من نظام الخرطوم.

ودمتم ودامت نضالات الأحرار والنضال مستمر والنصر أكيد.


عبدالمنعم الحاج عبدالله
رئيس المجلس تحرير الاقليم النيل الازرق
14/7/2017
المناطق المحررة
أضف رد جديد