حصاد المطامير،"أبو الكلام" صلاح حسن أحمد

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

حصاد المطامير،"أبو الكلام" صلاح حسن أحمد

مشاركة بواسطة حسن موسى »






 


حصاد المطامير،"أبو الكلام"، صلاح حسن أحمد

كثيرة هي النصوص الأدبية المطمورة في بطون حواسيب الأصدقاء.ربما لأن أصحابها لم يجدوا لها منفذا للنشر أو لأنهم لم يهتموا بنشرها بعد أن إكتملت عندهم متعة إنجازها. هذه المرة أدركتني حظوة قراءة النص الروائي الشيق الذي جادت به قريحة الصديق صلاح حسن أحمد، الذي ظل مكنونا في حرز الحاسوب لأعوام. فألحيت على صلاح أن يأذن لي بنشر مقاطع من روايته " أبو الكلام" لقراء سودان للجميع و استجاب مشكورا.النصوص المنشورة هنا تمثل الفصول الثلاثة الأولى لمغامرات صبي يافع يتهيأ لمغادرة عالم الأطفال و دخول عالم الكبار.نوع من طفل شقي بين "الطريفي ولد بكري" و "هكلبري فين "ـ
و قد لفت انتباهي ، منذ البداية،أسلوب صلاح في مقاربة إشكالية السرد بعامية الحواضر السودانية مع إشارات ، عفوية للإنكسار الاسلوبي الحاصل بين الفصحى و العامية الأمر الذي يجرجر القارئ باستمرار للتفكر في الجيرة العصيبة بين المكتوب و المنطوق في مشهد الأدب السوداني المعاصر.ـ رغم أن مكتوب صلاح يفتح دروب التفاكير في إشكالية اللغة السردية،[على أثر الطيب صالح و آخرين،] إلا أن مقصدي من هذه الأسطر هو تقديم لمحة من عمل صلاح للقراء و لا أطيل.ـ
 
 …....................................................................... 
«أبو الكلام" 
 
الجزء الأول 
(1)
 
 
استاذ عبد العظيم سيبويه مدرس العربي قال لنا ان العربي الدارجي (يعني عربي الكلام) للكلام. لكن الكتابة لازم تكون بالعربي الفصيح لأن العربي الفصيح هو لغة الكتب والجرايد والاذاعة والجوابات والمكاتبات والأوراق الرسمية. وقال ان المكاتبات والأوراق الرسمية هي لغة المكاتب ولذلك فمن يريد ان يشتغل في اي وظيفة فلازم له ان يتعلم الكتابة بالعربي الفصيح. هذا هو ما قاله لنا استاذ عبد العظيم سيبويه (سيبويه هو مخترع القواعد وليس جد استاذ عبد العظيم لكننا نسميه سيبويه لأنه مدرس العربي وحافظ القواعد مثل سيبويه بالضبط).
وانا بصراحة اريد ان اطلع دكتور. لا موظف ولا تمرجي ولا مزارع ولا سائق لوري. وقلت هذا الكلام لاستاذ عبد العظيم سيبويه. فقال لي ان الذي يريد ان يطلع دكتور لازم ايضا يتعلم العربي الفصيح. وقال ايضا الذي يريد ان يطلع محامي او ضابط او حتى يشتغل نجار او جزار لازم يتعلم العربي الفصيح.
ومثل ما كل واحد عارف استاذ عبد العظيم معروف انه كذاب. حاج خضر الجزار ما يعرف القراءة وهو يشتغل جزار. ولما يأتيه جواب من ابنه في الخرطوم يفتح الجواب ومرات يمسك هذا الجواب بالمقلوب ويتظاهر بالقراءة (يتظاهر يعني يعمل) ويقول: والله الولد عال العال وأخباره عال العال بس احتمال يكون بحاجة الى بعض القروش (يعني مصاريف الجامعة). لكن كل واحد يعرف ان حاج خضر لا يعرف يقرأ ولازم يأخذ الخطابات الى بنته خديجة لأنها تعرف كيف تقرأ لأنها متعلمة وليس مثل ابوها الذي لا يعرف القراءة ولكنه يتظاهر بالقراءة حتى يظن الناس انه ابو القراية.
وايضا قال لي استاذ عبد العظيم سيبويه: انت يا بو الكلام في العربي الله يا الله، لكن في الحساب والعلوم خربان بالمرة. والما يعرف الحساب والعلوم ما يقدر يطلع دكتور. انت يا بو الكلام حتطلع افندي حتى لو طرت الى السماء. انت لك إما الافندية او الجيش.
ابو الكلام هذا هو انا. وهذا ليس اسمي الحقيقي الذي سماني به ابي وسمتني به امي الحبيبة يوم سمايتي. اسمي الحقيقي هو ابو الحسن. ولكن قالوا انني عندما تعلمت الكلام صرت اتكلم طول الوقت ولا اسكت ابدا. فقالت لي امي الحبيبة: انت ما ابو الحسن. انت ابو الكلام.
ومنذ ذلك اليوم صارت هي وابي يسموني ابو الكلام وصار الناس كلهم يسموني ابو الكلام وهكذا اصبح اسمي ابو الكلام لأن كل الناس نسيت ان اسمي الحقيقي هو ابو الحسن.
ورغم ان ابو الحسن هو اسمي في شهادة الميلاد وايضا اسمي الذي اكتبه على كراساتي ويكتبوه جماعة المدرسة على نتائج الامتحانات لكن الناس نسيوه وصاروا ينادوني ابو الكلام. حتى انا نفسي عندما يسألني شخص لا يعرفني ما هو اسمك اقول له ابو الكلام، لكني لم انسى ان اسمي الحقيقي هو ابو الحسن.
نعود الى موضوعنا المهم وهو: كيف عرف استاذ عبد العظيم اني غير شاطر في الحساب والعلوم وهو مدرس العربي وليس الحساب والعلوم؟ لا بد ان استاذ جاد الله (هذا هو مدرس الحساب) أخبره بأني بليد في الحساب، وان استاذ التوم (هذا هو مدرس العلوم) اخبره بأني بليد في العلوم. لا احد يكتم السر هذه الايام ولا احد يعرف يلم لسانه الزفر داخل فمه.
وأنا اول شيء لست بليدا وحأبقى دكتور غصب عن استاذ عبد العظيم وغصب عن استاذ جاد الله وغصب عن استاذ التوم. لكن طبعا استاذ عبد العظيم هو مدرس عربي وكذاب ولازم يقول ان كل انسان لازم يتعلم العربي الفصيح إذا كان يريد ان يطلع دكتور او محامي او نجار او جزار او ضابط او لا يطلع اي شيء، حسب ما يريده.
ممكن ان الذي يريد ان يدخل الجيش ويطلع ضابط لازم يتعلم العربي الفصيح لأنه يدخل الجيش عشان يعمل انقلاب ويبقى رئيس ويقرأ الخطابات من الاذاعة ولازم يقرأ بالعربي الفصيح عشان كل الناس تفهم. لكن حتى الرئيس لو قرأ بالعربي الفصيح، هذا لا يعني ان الناس تحبه وتقف له في الشوارع وتهتف له «عاش الرئيس عاش الرئيس». ومثلا ابي والناس مثل عم مكاوي وعم عثمان عندما يقعدوا بعد صلاة المغرب امام دكان عبد المحمود ويسمعوا الرئيس يتكلم في الاذاعة يقعدوا يشتموا فيه وفي حكومته واليوم الذي أتي الى القصر الجمهوري ومرات يقفلوا الراديو... طيب ما هي فايدة العربي الفصيح والرئيس نفسه لما يتكلم عربي فصيح فلا احد يريد يسمعه ويقفل الراديو في وجهه؟
وبالرغم من هذه المفارقة (يعجبني هذا التعبير) فلا بد من تعلم العربي الفصيح، لأن جدي قبل ان ينتقل الى جوار ربه (يعني يموت) قال ان العربي الفصيح هو لغة القرآن والحديث. وقال الله ذاته يقول: قرآنا عربيا. يعني مش قرآنا انجليزيا أو فرنساويا. ولذلك لا بد من تعلم العربي الفصيح.
والسؤال دلوقت هو: متى ننتهي من تعلم هذا العربي الفصيح؟ انا شخصيا اعتقد انني تعلمته بالكامل ولا داعي للف والدوران والتكرار. انا احفظ كان واخواتها وإن واخواتها عن ظهر قلب. إن واخواتها: إن أن كأن لكن ليت لعل لا. كان وإخواتها: كان أصبح أضحى ظل أمسى وبات وبقية الاخوات التي لا يمكن ذكرها جميعا في هذه العجالة (انظر الى تعبير التي لا يمكن ذكرها جميعا في هذه العجالة. هذا وحده يكفي للتخرج من الجامعة). وما يحيرني هو ان «كان» و«إن» لهما اخوات ولكن ليس لهما اخوان. بعض الناس هكذا وهذه مشيئة الله.
المهم متى يقولون لنا: خلاص انتم تعلمتوا العربي الفصيح ولا داعي لحضور حصص العربي بعد الآن؟ أو اذا ارادوا التمييز بين الشاطر والبليد فلماذا لا يقولون لي: يا بو الكلام خلاص انت تعلمت العربي الفصيح لأنك شاطر ولا داعي لحضورك حصص العربي بعد الآن؟
وهذا السؤال مهم لأننا ندرس العربي منذ ان دخلنا سنة اولى ابتدائي وحتى الآن. ونحن الآن ندرس المعلقات واعتقد ان هذا هو آخر شيء يمكن ان يتعلمه الانسان. فعندما اقرأ لأمي الحبيبة معلقة عنترة بن شداد هل غادر الشعراء من متردم ام هل عرفت الدار بعد توهم تنظر الي وكأني أرطن (رغم انها متعلمة الى الثانوي العالي). فتقول لي «اشرح» وأقول لها هذا كلام كبير، وهو فعلا كلام كبير لأنني انا نفسي لا افهمه مع انني وصلت الحد في العربي.
 
لكن نحن ندرس ايضا نماذج من الأدب المعاصر (هذا ايضا كلام كبير. انظر الى كلمة الادب المعاصر وهي لمن لا يفهم الكلام الكبير معناها الادب المكتوب قبل شوية مش من زمان). فمثلا نحن ندرس قصيدة رائعة لشاعر اسمه ابو القاسم الشابي ويقول فيها اذا الشعب يوما اراد الحياة فلا بد ان يستجيب القدر ولا بد لليل ان ينجلي ولا بد للقيد ان ينكسر. وهذه القصيدة معلقة لأنها طويلة لكن معناها كما شرح لنا استاذ عبد العظيم هو ان الشعب اذا اراد شيئا فهو لا يغلب حيلة ويعمل ما يريده.
ولكن انا اشك في ذلك لأن جماعة ابي وعم عثمان كلما سمعوا الرئيس يتحدث في الاذاعة دائما يقولون للراديو: والله الشعب كرهك وكره خلقتك، روح في ستين داهية. وفي مرة قال الرئيس: دعونا لله ان ينعم علينا بالبترول ولكن لا حياة لمن تنادي. فضحك ابي وجماعته وكأنهم سمعوا احسن نكتة في الدنيا. وانا بصراحة صرت اضحك معهم ولكن بدون ان افهم هذه النكتة حتى لا يقولوا اني لا افهم. لكن الرئيس لا يروح لا في ستين داهية ولا في أربعين أو ألف. والسبب في هذا واحد من اثنين: 1- إما ان ابو القاسم الشابي هذا كذاب أو يقول كلاما هو نفسه غير متأكد منه لأن الشعب لا يعمل ما يريده. 2- واما ان الرئيس لا يسمع أبي وجماعته وهم يقولون له الشعب يكرهه لأنه عندما يتكلم في الراديو فهو لا يتكلم بنفسه وإنما الراديو هو الذي يتكلم لأن الرئيس لا يستطيع ان يدخل داخل الراديو ويتكلم منه. وأكيد ان ان هؤلاء الكبار (ابي وجماعته) بحاجة الى من يشرح لهم هذا الموضوع.
 
ونحن ايضا ندرس قصيدة طويلة مثل المعلقة اسمها الطلاسم (يعني الألغاز) وهي فعلا ألغاز لأن الشاعر (نسيت اسمه) لا يعرف من اين جاء والى اين هو ذاهب ويبدو انه محتار جدا لأنه كلما يسأل نفسه ولو سؤال بسيط يقول: لست ادري. هذه القصيدة لم تعجبني لأن الشاعر نفسه يعترف بأنه لا يعرف شيئا. ومثلا فهذا الشاعر يقول:
جئت، لا أعلم من أين، ولكنّي أتيت
ولقد أبصرت قدّامي طريقا فمشيت
وسأبقى ماشيا إن شئت هذا أم أبيت
كيف جئت؟ كيف أبصرت طريقي؟
لست أدري!
... وهكذا دواليك (هذا التعبير يعجبني جدا) لأن هذا الافندي الشاعر يسأل ولا يعرف الإجابة. يعني لا يعرف الذي به والذي عليه. وهو ايضا يسأل البحر، وماذا يقول له البحر؟ يقول: لست ادري. ويسأل الشجر، وماذا يقول له الشجر؟ لست ادري. وانا لست ادري لماذا كتب الشاعر هذه القصيدة وهو ليس يدري والذين يذهب اليهم ليس يدرون، وكان بإمكانه ان يرسل لي جوابا عن طريق المدرسة ويسألني لكنت اعطيته كل الإجابات تقريبا. على الأقل ما كان سيكتب هذه القصيدة الطويلة وما كان استاذ عبد العظيم سيطلب الينا حفظها كلها عن ظهر قلب (يعني صم).
ولكن يعجبني ايضا هذا التعبير: لست ادري. والحقيقة ان هذا تعبير خطير ويعجبني جدا جدا. ولماذا يعجبني جدا جدا الى هذا الحد؟... لست ادري.
ملحوظة: وهكذا دواليك يعني نفس العينة.
 
وايضا نحن ندرس قصيدة أخرى لشاعر عراقي افتكر اسمه بدر الدين اسمها قصيدة المطر أو انشودة المطر أو شيء بهذا الشكل إذا اسعفتني الذاكرة (يرجى الانتباه لهذا التعبير وهو اذا اسعفتني الذاكرة). ويقول هذا الشاعر في هذه القصيدة عيناك غابتا نخيل ساعة السحر. ويذكرني هذا البيت ببيت شعر آخر يقول: عيونك وردة رموشها جناين. وبدر الدين هذا شاعر مفوّه (شاعر مفوّه يعني شاعر جيّد) ويكتب بلغة مفهومة عدا بعض الكلمات.
وعندما سألت علي ود الشيخ الذي يجلس خلفي في الفصل عن ساعة السحر هذه قال إنها ساعة السحور. فقلت له إن العيون في ساعة السحور تكون مكبّسة (يعني مقفولة من شدة النعاس) وان الشاعر العراقي هذا لم ينجح في اختيار الوقت المناسب لوصف حبيبته. فقال: احتمال، ولكن عبارة عيناك غابتا نخيل أحسن من عبارة عيونك وردة رموشها جناين. اعتقد ان ود الشيخ من أولاد الشمالية ولذا فهو يعتقد ان النخيل أفضل من الجناين.
(تذكرت ان الشاعر الذي كتب قصيدة الألغاز اسمه ايليا ابو ماضي. وانا لست ادري جنسيته ولكني ادري انه ليس سوداني لأن اسمه ليس فيه محمد او احمد او محمود او عبد الفلان).
 
[2] 
استاذ عبد العظيم سيبويه جاء لنا لنا بخبر كالزفت والزفت أحسن وهو ان تعلم العربي الفصيح سيستمر الى ان ندخل الثانوي العالي والجامعة ايضا وربما بعد ذلك. يعني لا خلاص من العربي الفصيح وسيك سيك معلق فيك. لكن استاذ عبد العظيم قال لنا ان الكتابة من احسن الطرق لتحسين اللغة والخط.
وعندما سألناه: وماذا نكتب؟ قال اي شيء. وقال اكتبوا مذكراتكم مثلا. يعني الواحد لما يرجع البيت في آخر النهار يقعد يكتب الحصل في يومه.
ولم تعجبني هذه الفكرة. لكن الاستاذ عبد العظيم قال لنا ان كل العظماء يكتبون مذكراتهم، يعني لما يرجعوا لبيوتهم آخر النهار كل واحد يقعد يكتب ما حصل في يومه ويكتب رأيه في ما حصل ويحصل. ولذا قررت ان اكتب مذكراتي كل يوم في اخر النهار. هذه شيمة العظماء كما قال سيبويه (شيمة العظماء يعني الله خلقهم عشان يكتبون مذكراتهم).
 
وبمناسبة عيناك غابتا نخيل وعيونك وردة رمشوها جناين كانت مفاجأة سارة ذات يوم بعدما انتهينا من ماتش دافوري ساخن (لأن كرة الشراب كانت جديدة) وجلسنا جميعا تحت شجرة اللالوب. فقد اخرج مصطفى مكاوي من جيب جلابيته كتابا قديما لكنه من اغلى الكتب وقال لنا إن ابن عمّه احضره له من الخرطوم. هذا اهم كتاب في الوجود لأنه كتاب رسائل الحب والغرام. فقرأناه كله صفحة صفحة الى ان الظلام صار حالكا وصارت القراءة مستحيلة (حالكا يعني من دون نور). وعندما طلبنا منه تسليفنا هذا الكتاب قال ان هذا الكتاب ليس للتسليف. هو اصلا اناني ولا يحب مساعدة الآخرين في وقت الشدة.
لكني حفظت من هذا الكتاب الخطير بعض الجمل ولا شك انني سأستخدمها في خطاباتي لـ«س». لكني لا ارسل هذه الخطابات لأن «س» اهلها صعبين وخاصة اخوها الكبير بدر الدين الذي يشبه العمالقة، وإذا وقعت هذه الخطابات في يدهم فهذا يوم الهلاك. وايضا فلا طريقة للحصول من «س» على قبلة على طريقة الافلام التي نراها في السينما (قبلة يعني بوسة)، ولذا فلا فائدة من إرسال خطاباتي اليها. ثم ماذا يحدث حتى إذا ارسلت خطابا اليها ولم يقع في يد ابوها ولا اخوها العملاق ولكنها جاءت واشتكتني لأبي؟ والله أروح فيها لأن أبي رجل صعب. المهم الجمل الخالدة التي اعجبتني في كتاب رسائل الحب والغرام هي:
حبيبتي: إذا غابت الشمس فيكفيني ضوء عينيك وإذا غاب القمر فوجهك ألف قمر.
حبيبتي: لا أحزن إذا فرّقوا بيننا وكبلوا حبنا بالأغلال في سجون الحرمان، فلا شيء يفرق بين قلبينا لأنهما قلب واحد.
حبيبتي: من السهل أن تطرد جيشا استعمر وطنك ولكن من المستحيل أن تطرد حبا استعمر قلبك.
حبيبتي: العمر زهرة والحياة فترة والحب مرة فتذكريني... تذكريني لأن الذكرى ناقوس يدق في عالم النسيان.
وغير ذلك من مشاعر الغرام الدفّاق (والله انا نفسي شاعر مفوّه لكنها لا تعطي حريفاً) لكني لم احفظ كل الجمل الراقية في هذا الكتاب المجنون. لا بد من استلاف هذا الكتاب الخطير الذي يرفض مصطفى الأناني تسليفه. وانا لي احد الاقارب في الخرطوم ويمكن يبعث لي نسخة من هذا الكتاب المهم. لكن طبعا اذا قلت له اشتري لي نسخة من هذا الكتاب فسيعلم انني عاشق وأكيد سيرسل خطابا الى والدي يقول له ابو الكلام بيحب وندخل في ألف مشكلة. 
(3)
 
 
 الفيلم الذي شاهدناه في يوم سعيد من الاحداث النادرة عندنا لأن البلدة ليس فيها سينما ولذلك عندما يذهب الناس الى الخرطوم او ام درمان او مدني يحرصون على مشاهدة السينما وافلام المغامرات والافلام الهندية الراقية.
في الصباح ذهبنا الى المدرسة ووقفنا امام استاذ منصور الناظر في الطابور اليومي. (هذا الناظر رجل صعب جدا وخالي الذهن لأن رأسه صلعة بالكامل. وفي مرة قال لنا مصطفى الاناني ان هذا الرجل يشبه ممثلا خواجة يسمى كوجاك خالي الذهن ايضا فسميناه كوجاك).
فقال لنا هذا الناظر كوجاك ان البريتيش كاونسيل (هذا اسمه بالانجليزي واسمه بالعربي المجلس البريطاني لكن كوجاك قال اسمه الانجليزي وهو البريتيش كاونسيل) قال ان جماعة البريتيش كاونسيل سيأتوا الينا بالسينما ويعرضوا فيلما انجليزيا في مدرستنا بعد صلاة المغرب والكل ممكن يحضر.
ولذلك في ذلك اليوم لم نفهم اي شيء من الدروس لأن عقولنا كلها كانت في السينما التي ستأتي الينا. وعندما خرجنا من المدرسة في نهاية الحصص سرنا في مجموعات تهلل لهذا الحدث السعيد، وكانت مجموعتنا تهتف:
واحد اتنين سرجي مرجي
انت حكيم واللا تمرجي
أنا حكيم بداوي الناس
من الحمى ووجع الرأس
المسكين يأكل اللقمة
والعيان يشوف الحكما
والغنيان يشوف السينما
والغنيان... يشوف السينما
يشوف شنو؟...... يشوف السينما
يشوف شنو؟....
وهكذا دواليك... (هذا التعبير حلو فعلا). وكان هذا اليوم منذ الصباح مثل يوم العيد او يوم العرس وخاصة ليلة الدخلة، الناس كلهم منشرحون ويريدون ان يأتي المساء بسرعة لمشاهدة السينما. والسينما ليست جديدة علينا لأن وزارة الاعلام ترسل الينا السينما الجوالة مرة كل كم شهر – أحيانا مرة واحدة في السنة – لكن يوم السينما يبقى مثل يوم العيد لأن الناس كلهم ينبسطوا 24 قيراط ولا يتكلمون الا عن السينما في هذا اليوم. وفي هذا اليوم ايضا فكل واحد غنيان لأنه سيشاهد السينما لأن العيان يشوف الحكما والغنيان يشوف السينما وهذا ايضا سبب آخر للانبساط.
ولكن هناك ايضا بسطاء العقول (هذا تعبير خطير ويعني الجرابيع). ومثلا فإلى اليوم عندما تأتي الينا السينما يذهب بعض الصغار الى وراء الشاشة ليروا ماذا وراءها. هؤلاء صغار وعقولهم كالبهايم ولا يستطيع احد ان يلوم عقولهم الصغيرة لأنهم صغار ولم يكبروا بعد ويفتكرون ان الاشياء التي يشاهدونها على الشاشة اشياء حقيقية ولا يعرفون ان ما يشاهدونه على الشاشة صور مثل الصورة التي أخذناها في الاستديو انا وابي وامي واذا قلبت ظهرها فلن ترى شيئا. لكن اولئك الصغار صغار ولا احد يلومهم وسيعرفون الحقائق عندما يصبح عمرهم مثل عمري. واعتقد ان على وزراة التربية والتعليم ان تنتبه لموضوع الشاشة والصور فتعلم الصغار ان السينما هي السينما اي انها صور فقط وليست هي الدنيا. هذا هو رأيي الذي اقوله لأن استاذ عبد العظيم قال لنا ان العظماء في مذكراتهم يقولون رأيهم في ما يحصل.
وفي العصر الباكر توزعنا على مجموعات ايضا على الطريق الذي سيأتي منه جماعة البريتيش كاونسيل. وقلت لأصحابي: انتبهوا، عربية البريتيش كاونسيل راقية جدا ولا تشبه اللواري المهلهلة التي نعرفها والكتابة عليها حتكون بالانجليزي لإنها عربية الانجليز. وبالطريقة دي نعرف انها عربية السينما.
فنظروا الي شذرا (يعني نظروا الي زي انت بتقول شنو؟) وقال لي مصطفى: يعني اكتشفت الذرة يا بو الكلام؟
وبصراحة فأنا لست ادري ما هي العلاقة بين عربة السينما والذرة لكن مصطفى مجنون احيانا (واناني لا يريد تسليف كتاب رسائل الحب والغرام). وفعلا عندما أتت عربة السينما الانجليزية كانت كما توقعتها... باص ابيض طويل مثل الصاروخ عليه كتابة بالانجليزي هكذا:
THE BRITISH COUNCIL 

 
اعرف هذا لأنني كتبتها بالفحم على باب عم ابراهيم كي لا انساها.
وتحت هذه الجملة عبارة انجليزية تانية لم يسعفني الوقت لتسجيلها (يرجى الانتباه لعبارة لم يسعفني الوقت هنا ايضا) ثم تحت الكتابة بالانجليزي كتابة بالعربي الفصيح:
المجلس البريطاني – وحدة التعليم المتنقلة
هذا الباص الأبيض لا يسمح الانجليز بالركوب فيه لأي إنسان سوداني الا الرئيس نفسه. ولا حتى نائبه. الرئيس فقط والبقية لا. وهذا الباص الأبيض الذي يشبه الصاروخ فعلا كانت شبابيكه عليها ستاير حمراء (اول مرة أرى شبابيك بص عاملين لها ستاير). فصرنا نركض (يعني نجري) وراء هذا الباص الخطير ونحن نصيح:
العيان يشوف الحكما
والغنيان يشوف السينما
والغنيان... يشوف السينما
يشوف شنو؟...... يشوف السينما
وعندما كنا نركض وراء هذا الباص السعيد انضم الينا بقية الصبيان الصغار (عددهم اما اربعين أو ألف واحد ولست ادري من أين طلعوا مثل النمل وكأن أحد ضرب لهم صفّارة). وصرنا في هذا التجمع الحاشد (لاحظ قولة التجمع الحاشد التي وحدها تستاهل النمرة الكاملة في العربي) اقول صرنا نركض في هذا التجمع الحاشد ونهتف حتى وصل هذا الباص الانجليزي مية في المية بوابة المدرسة ففتحها له عم حسب الرسول (هذا هو الغفير) وكان وراءه الناظر كوجاك نفسه واستاذ عبد الرحمن (هذا هو مدرس الانجليزي) واستاذ دافنشي (هذا هو مدرس الفنون الجديد. اسمه الحقيقي استاذ بلال لكننا سميناه استاذ دافنشي لأنه حكى لنا في اول حصة عن خواجة اسمه دافنشي وقال لنا ان هذا هو أخطر رسام في الدنيا. وهو فعلا اخطر رسام في الدنيا لأنه يرسم لوحات مثل بعض الصور الفوتوغرافية التي نشاهدها على المجلات).
وفي الأول رفض عم حسب الرسول الغفير السماح لنا بالدخول. ولذلك شعرنا بحزن شديد وكدنا نبكي من شدة الحزن. لكن كوجاك الناظر قال له خلّيهم يدخلوا عشان ينظموا الكراسي. فأطلقنا صيحات الفرح ودخلنا المدرسة ونحن في هياج وهرج ومرج (سأكتب تعليقي بعدين على هذا التعبير) حتى نهرنا كوجاك (وهو رجل صعب جدا كما قلت) فصمتنا واخرجنا الكراسي من الفصول الى حوش المدرسة ووضعناها في صفوف وراء بعضها البعض وفي كل صف عشرين كرسي كما قال كوجاك.
وجاء اهل البريتيش كاونسيل: تلاتة خواجات انجليز عيون كديس ومعهم خواجية ايضا عيون كديس وشعرها احمر، ولهذا سميناها حلاوة حربة. وعرفنا ان اسمها باربرة فسميناها بربة حلاوة حربة. وكان معهم واحد سوداني خواجة ايضا لأنه يشبه اولاد البلد واسمه مهدي لكنه يتكلم مع بقية الخواجات بالانجليزي ويتكلم معانا بعربي الله والرسول.
ونصب هؤلاء الجماعة من البريتيش كاونسيل الشاشة أمام الأزيار وخلف الكراسي وضعوا مكنة الافلام واسمها بالانجليزي بروجيك... يعني مكنة الافلام بالعربي الفصيح. والذي لا يصدقني فليسأل الخواجات نفسهم وسييقولوا ان اسم هذه المكنة بروجيك. هذا هو اسمها بالانجليزي اما بالعربي الفصيح فاسمها مكنة الافلام. وأما المفاجأة فكانت ان الخواجية بربة حلاوة حربة هي التي تعرف تشغيل هذه البروجيك وليس بقية الرجال الذين أتوا الينا. هذه البربة حلاوة حربة اكيد امرأة خطيرة.
وبعد قليل امتلأت المدرسة بالتلاميذ وكوجاك والمدرسين وحسب الرسول الغفير والآباء والامهات والاصدقاء والأقارب وناس لا نعرفهم اصلا أتوا من محلات بعيدة... احتمال اربعين أو ألف نفر وكأن أحد ضرب لهم صفارة ايضا. حتى حبوبة كلتوم (وهي حبوبة محمد إزيرق وعمرها لا يقل عن ألف سنة) شالوها على العنقريب وأتوا بها لتحضر هذه المناسبة السعيدة.
وعلمنا ان احد الخواجات اسمه آدم سبحان الله (هذا ليس اسمه الكامل إنما آدم وأنا اقول سبحان الله لأن اسمه آدم). لا بد ان اهله سمّوه اسما انجليزيا في يوم سمايته لكنه عندما كبر وجاء الى السودان اعجبته اسامينا فسمى نفسه اسما سودانيا وهو آدم. او ان الناس نسوا اسمه الانجليزي الحقيقي وصاروا يسمونه آدم. يعني مثلي انا لأن اسمي الحقيقي هو ابو الحسن وصاروا يسموني ابو الكلام.
وزاد من سعادة هذه المناسبة السعيدة ان ادم هذا اخرج كاميرا انجليزية لا بد ان سعرها اربعين او ألف جنيه على الأقل وصار يصورنا بالفلاش. واخذ كمية كبيرة من الصور لأن كل الناس صاروا يقولون له: صورة يا آدم. فيصورهم. ولكن انا لست من هؤلاء الأوباش الكرور (يعني الجرابيع) ولذلك فكنت اقول له: Picture ya Adam (يعني صورة يا ادم ولكن بلغته لأني ابو الكلام بالانجليزي ايضا).
وفجأة اصبحت المدرسة مثل الجامع لأن الجميع صلوا صلاة المغرب جماعة وكالعادة كان الرجال في المقدمة ومن خلفهم النسوان لأن النسوان قاصرات عقول (يعجبني هذا التعبير الذي تعلمناه من مدرس الدين الاستاذ جبر الله بسطونة وهو رجل دين وعالم جليل. وكان هذا الاستاذ هو الوحيد الذي لم يحضر لأنه يقول ان السينما رجس من عمل الشيطان ويسميها السوء نما).
وحتى هذه الصلاة التقط لها الخواجة ادم صورا كثيرة ولذلك فأنا اعتقد انها كانت صلاة فالصو لأن كل الناس كانوا ينظرون الى الكاميرا ولا يركزون على صلاتهم كما يحدث في المسجد يوم صلاة الجمعة.
وبعد هذه الصلاة التي كانت سريعة وأي كلام استعد الناس للمناسبة السعيدة وجلس كوجاك والاساتذة والكبار في صف الكراسي الأول والثاني ومنهم شيخ الأمين وعم مكاوي وعم ابراهيم وعم عثمان سنجة وبقية جماعة الدكان وايضا جماعة البريتيش كاونسيل (عدا الخواجية الخطيرة بربة حلاوة حربة لأنها كانت تشغل البروجيك). ولاحظت ان ابي رفض ان يجلس في الصف الأول مع ان شيخ الامين عزمه للجلوس وجلس في الصف الثاني (ابي لا يحب شيخ الامين ولست ادري لماذا واعتقد لأنه لا يعجبه العجب ولا الصيانم في رجب). وجلسنا نحن وراءهم ومن لم يلقى له كرسي وقف على رجليه لأن العدد صار كبير جدا كيوم الحشر (يعني يوم القيامة).
ثم اعطى الخواجات كوجاك مكرفونا ولكنه لم يكون مثل المكرفون الذي يغنّي فيه الناس ولكن مثل المكرفون الذي يعلقونه ويخرج منه الصوت العالي. أي ان هؤلاء الخواجات اختصروا المسألة وصار ممكن ان يتكلم الإنسان في المكرفون الكبير مباشرة.
ووقف كوجاك وألقى خطابا حماسيا لكننا بصراحة لم ننتبه الى ما قاله لأننا كنا مشغولين بأنه يتكلم في المكرفون الذي يعلّي صوته مباشرة. وبعدما انتهى من خطابه صفق له الناس وكأنه الرئيس مع انه كان خطابا قصيرا وليس كخطابات الرئيس الطويلة. ثم قدم هذا المكرفون السحري لأحد الخواجات (سميناه المُحنّك لأن نصف وجهه كان حنكا) فوقف وقال بالانجليزي الفصيح:
Good evening (يعني مساء الخير وهذه من اول الجمل التي تعلمناها في الانجليزي وصفقنا له لأننا فهمنا ما قاله لنا).
ثم قال كلاما آخر بالانجليزي الفصيح ايضا لكننا لم نفهمه. فقدم المكرفون السحري للخواجة السوداني فترجم لنا ما قاله هذه الخواجة الانجليزي. وبصراحة فلم نتابع ما قاله الخواجة السوداني بالعربي الفصيح لأننا كنا نحاول فهم ما قاله الخواجة الانجليزي بلغته الفصيحة ولكن بدون فائدة. يعني حصص الانجليزي التي اخذناها كلها ضاعت في الفارغ. ولست ادري لماذا لا يغيرون مدرس الانجليزي (استاذ عبد الرحمن) ويعينون الخواجة السوداني من جماعة البريتيش كاونسيل في مكانه. على الأقل كنا الآن فهمنا ما قاله الخواجة المحنك.ـ
المهم في الآخر قدم الخواجة السوداني المكرفون لهذا الخواجة الانجليزي فقال
:
Thank you. Have a good time.
وترجمة هذا الكلام الخطير الذي اعرفه كلمة كلمة هي: شكرا. خذ وقتا جيدا. (وحياة الله انا نفسي خواجة ولكن لا حياة لمن تنادي).
وبعد ان قال المحنك شكرا خذ وقتا جيدا، صفقنا له تصفيقا طويلا ثم بدأت المناسبة السعيدة. فرفع هذا الخواجة نفسه يديه للخواجية الخطيرة صاحبته بربة حلاوة حربة فبدأت تشغل البروجيك. وعرضوا علينا فيلما ظهر فيه الرئيس نفسه وهو يصافح مدير البريتيش كاونسيل الانجليزي وصفق الناس للرئيس عندما شاهدوه وهو يبتسم.
لكن الناس كانوا في وادي وابي في وادي لأنه صرّ وجهه واصبح في غاية الزعل لما رأي الرئيس واقول بصراحة اني سمعته يقول: يحرق يومك. لكنني لست في غاية التأكيد بالكامل. يعني متأكد تسعة وتسعين في الميّة ولكن ليس مية في المية انه قال: يحرق يومك. لكن انا سمعتها يحرق يومك. لأني كنت اجلس وراءه واستطيع ان أراه وأسمعه. ولماذا قال ذلك للرئيس إن كان قال ذلك فعلا كما سمعت بأذني مع ان كل الناس كانت تصفق لرئيس البلد؟
ابي قال ذلك لأن ابي رجل صعب ولا يعجبه شيء ويصر وجهه خاصة عندما يتحدث مع الكبار عن الحكومة والرئيس والسياسة. وأبي بشكل عام لا يعجبه العجب ولا الصيام في رجب كما تقول امي. وهو فعلا رجل صعب ولا يعجبه العجب ولا الصيام في رجب ولكن لا يستطيع اي مخلوق ان يقول له ذلك في وجهه، حتى اصحابه الذين هم في عمره وكبار مثله لا يستطيعوا ان يقولوا له ذلك. لكن امي الحبيبة تقول له ذلك والعجيبة انه لا يضربها، لكن هذا لا يعني انني ايضا يمكن ان اقول له هذا لأن هذا يعني علقة بالكرباج. يعني ميتة وخراب ديار كما تقول امي في بعض المناسبات.
وبعد فيلم الرئيس واخبار البلد رأينا فيلما ايضا عن الزراعة في بلاد الانجليز وشاهدنا تركتور أكبر من بيتنا وعرفنا انه يحصد المحاصيل ولا داعي للناس يحصدون بأيديهم كما يفعل الناس في الحواشات عندنا. فعلا بلاد الانجليز فيها عجايب. ورأينا صبيانا مثلنا لكنهم انجليز عيون كديس وهم سعداء يتأرجحون على مرجيحة (يعني طوطحانية). وهذه المرجيحة ليست مرجيحة حقيقية مثل التي رأيناها مرة في مكان اسمه المقرن عندما ذهبنا في رحلة مدرسية الى الخرطوم. ولكن هذه المرجيحة كانت لستك تراكتور علقوه من غصن شجرة كبيرة وصاروا يتأرجحوا به ويضحكوا ويصرخوا وكان شكلهم في سعادة ما بعدها سعادة. وبصراحة فانا حسدت هؤلاء الصبيان الانجليز وتمنيت لو كنت معهم وانا اتأرجح على هذه المرجيحة الخطيرة وإن كانت مرجيحة غير حقيقية وإنما لستك تركتور معلق في شجرة. لكنها كانت مرجيحة سعيدة ولا يستطيع احد ان يغالط في ذلك.
ثم شاهدنا مصانع الانجليز وهي تنتج القماش. وصفقنا جميعا لأننا عرفنا أن هذا القماش هو قماش من قطن الجزيرة السوداني، وهذا يعني انه بدون قطن الجزيرة لكان الناس في العالم كله يسيرون عريانين ملط.
ثم شاهدنا فيلما طويلا عن رجل يحب امرأة ويتمنى أن يقبّلها لكنه لا يستطيع أن يقبلها الا في آخر لقطة في هذا الفيلم. وبصراحة ففي البداية شعرنا بالنعاس ونحن نتابع هذا الفيلم الطويل (بعض الصغار ناموا وشخروا وأيضا حبوبة كلتوم نامت على العنقريب الذي احضروها فيه) وكنا نفضل ان يكون هذا الفيلم كاوبوي او فيلم هندي راقي.
لكن القبلة في النهاية كانت مفاجأة سارة وعم الضحك والهرج والتصفيق عندما قبل البطل المرأة أخيرا وصار جادين يكبّر: الله اكبر الله اكبر، وأدخل محمد إزيرق اصبعين في فمه وأطلق عددا من الصفارات العالية الطويلة. سأطلب منه ان يعلمني التصفير بهذا الشكل مع ان امي الحبيبة تقول ان الصعاليك فقط هم الذين يصفرون بهذا الشكل. لكن القبلة كانت ساخنة وتستاهل الجلسة الطويلة وصفارة الصعاليك وكل هذه الهلولة.
ولكن والحق يُقال (انتبهوا لهذه العبارة: الحق يُقال) ان بطل هذا الفيلم السعيد ليس بطلا حقيقيا لأنه لم يكن من نوعية جيمس بوند ولم يكن هناك عصبجي يقتله في الآخر كالعادة. لكن القبلة كانت مفاجأة سارة وسعيدة كما يشهد الجميع لأن كل الناس استقبلوها بالتصفيق والهتافات والتهليل.
صورة العضو الرمزية
الصادق إسماعيل
مشاركات: 295
اشترك في: الأحد أغسطس 27, 2006 10:54 am

مشاركة بواسطة الصادق إسماعيل »

في سنار الثانوية كنا ساكنين في الداخلية
وبنرجع لبيوتنا يوم الخميس في مصنع سكر سنار
ويوم الجمعة بنجي راجعين للداخلية تاني
لكن بنكون جينا بالمصاريف، ويوم السبت بالليل بنمشي
حلواني المدينة، بنشتري باسطة وبسبوسة وحليب وبنقعد
نضرب لمن الله يغفر لينا.
الشاهد في الموضوع، كنا بنشتري باسطة وبسبوسة
والاتفاق انها تكون كيلو باسطة وكيلو بسبوسة، لكن صاحبنا مصطفى كمال
كان طوالي بيقول للحلواني (كتِّر لينا من البسبوسة يا خي)، مصطفى كمال
نقلوهم مصنع سكر الجنيد السنة البعدها، لكن نحنا واصلنا المشي للحلواني بدون مصطفى
وبقينا نقول للحلواني (كتِّر لينا من مصطفى كمال) فيضحك ويزيدنا (حَمْلَ بعيرٍ من البسبوسة).

فهسع يا دكتور حسن موسى
عليك الله (كتِّر لينا من صلاح حسن أحمد)
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

باقي كلام ابو كلام صلاح حسن

مشاركة بواسطة حسن موسى »

سلام يا الصادق
حمل بعير من البسبوسة ليس في مسطاعي لكن هاك هوادة من كلام ابو كلام صلاح حسن احمد









(4)


في تلك الليلة لم استطع النوم بدون مشاكل لأنني كلما انام احلم بأنني اقبل «س» على طريقة بطل الفيلم الذي قبل محبوبته في آخر الفيلم. وأحيانا احلم بأنني اقبل «س» ونحن الاثنين نتأرجح على مرجيحة لستك التركتور الانجليزية مية في المية في وسط الحقول الانجليزية مية في المية ايضا.
لكني ايضا اخجل من حكاية هذا الحلم لأننا انا و«س» نزلنا من المرجيحة وعملنا قلة الأدب. وكانت اول مرة في حياتي احلم فيها بهذا الحلم الغريب لأني أول مرة اعمل قلة الادب. وحكيت في ما بعد لجادين ان احد اصحابي حلم انه يعمل قلة الأدب مع واحدة من نسوان الحي (قلت له ان صاحبي هو الذي حلم حتى لا يعرف اني انا الذي حلمت).
فقال لي بصوته الذي يشبه صوت الديك ان هذه الواحدة ليست من نسوان الحي وانما بت ابليس. وقال ان بنت ابليس تأتي الى الرجال كلهم في الاحلام و«تحلبهم» كما قال. وسألته عن معنى تحلبهم فشرحه لي (لن اشرح هذه الكلمة لأن جادين استخدم كلاما وسخا ولا يمكن شرحه بالعربي الفصيح، ولكن هذا الحلب الذي تحدث عنه جادين لا علاقة له بحلب الغنم والبقر). وسألته: هل تأتي بت ابليس للنسوان ايضا؟ قال النسوان لا تأتيهم بت ابليس وإنما يأتيهم ود ابليس اخوها.
بيني وبينكم محظوظ ود ابليس الكلب.
المهم اني في واحد من هذه الاحلام في يوم الفيلم السعيد صحوت مذعورا ولم اعد النوم حتى الصباح. كنت مع «س» (لا اعرف الآن إن كانت «س» فعلا او بت ابليس) كنا على المرجيحة السعيدة فظهر الرئيس من اين لست ادري وفجأة ظهر وجه ابي ايضا. اعتقد انه كان يريد ان يقول للرئيس بالانجليزي الفصيح: يحرق يومك، لكن الرئيس نفسه اختفى واختفت «س» ايضا ولما وجد ابي ان الباقي فقط هو انا صرّ وجهه وصرخ في وجهي: يحرق يومك! فصحوت مذعورا لأن هذا الكلام خلعني خلعة ما بعدها خلعة. وكان النوم بعد هذا غير ممكن لأن الفراش نفسه صار مبلول، ولست ادري هل من قلة الادب مع «س» بت ابليس او من بولة اطلقتها بعدما قبض علي ابي بالجرم المشهود (بالجرم المشهود يعني في عز العملة السودة مع «س» بت ابليس).
وكنت ايضا غاضبا اشد الغضب لأن ابي يعثر عليّ في اي مكان اذهب اليه حتى لو اخذت «س» الى بلد الانجليز نفسهم وفي حقول انجليزية مية في المية. ابي حتى في الأحلام سيك سيك معلق فيك. حظ مثل الزفت والزفت افضل.

امس لم يغمض لي جفن (يعني ما قدرت انوم). والسبب هو انني كنت غضبانا جدا. أشد الغضب. وأمضيت الليل كله وانا افكر في احسن طريقة للانتقام من اشخاص معينين اولهم ابي الذي دخل في احلامي السعيدة مع «س» او بت ابليس (لا يهمني إن كانت ابليس نفسه وليست ابنته فقط). وقررت ان احسن طريقة للانتقام منه هي:

1 - يكون ابي نائما ويحلم بأنه مع خواجية الانجليز عيون الكديس بربة حلاوة حربة (الخواجية الخطيرة من جماعة فيلم البريتيش كاونسيل والتي تشغل البروجيك). فيأخذها الى انجلترا والى نفس المرجيحة التي كنت اتمرجح فيها مع «س». وان يكون هو على هذه المرجيحة وهو يقبل هذه الخواجية أم شعر احمر. وفجأة يقفز له وجهي في وجهه. لن اقول له ما قاله لي لأنه ابي ولا يمكن ان اقول له: يحرق يومك... لأنه ابي. ولكن ما ان يبدأ قلة الأدب مع هذه الخواجية سيقفز وجهي الى وجهه وأصرخ فيه بأعلى صوتي: واه! فيصحو مذعورا لأنني خلعته ولا يستطيع النوم حتى الصباح لأن فراشه كله مبلول.
لكني فكرت في ان هذه مشكلة عويصة لأن ابي سيصحو من النوم غاضبا وقد آكل منه علقة من أسوأ ما يكون ولن ينفع معه ان اقول له انه هو الذي يحلم ولست انا. وبعد تفكير شديد هداني عقلي الى فكرة أحسن بكثير.
سأجعل كوجاك الناظر هو الذي يأتي اليه في الحلم ويخلعه. وإذا صحا ابي غاضبا فلن يأتي الي واذا ارد فليذهب الى كوجاك ويحصل ما يحصل. وهكذا اكون ضربت عصفورين بحجر واحد (هذا التعبير البليغ شرحه صعب على بسطاء العقول والذي لا يفهمه فمعليش. ربما في المرة المقبلة).

2- مصطفى الأناني: سأحصل على واحدة من تلك المجلات التي يبيعونها في الخرطوم وكلها صور بنات عريانات (سمعت ان بعض الصور فيها ايضا قلة الادب على المكشوف). ويعرف مصطفي الأناني ان معي هذه المجلة الخطيرة فيأتي الي وهو يحمل كتاب رسائل الحب والغرام ويقدمه لي. طبعا هو يريد ان اسلفه المجلة. لكنني ولا التفت اليه حتى.
فيتوسل الي (يعني يشحدني)، ثم يقدم لي الكتاب ومعه اربعين او ألف جنيه دفعة واحدة ويقول لي: والله يا بو الكلام انا آسف جدا جدا. أرجوك خذ هذا الكتاب ومعه هذه الأربعين أو ألف جنيه ودعني فقط القي نظرة سريعة جدا على هذه المجلة الخطيرة ولو صفحة واحدة فقط... أو صورة واحدة فقط. عندها سأواجهه واقول له بالفم المليان رائعة المطرب العظيم محمد وردي:
بعد ايه بعد ايه بعد ايه
بعد ايه جيت تصالحني بعد ايه
اعتذارك ما بفيدك، ودموعك ما بتعيدك
العملتو كان بإيدك، وأنا ما لي ذنب فيه
فيرفع مصطفى المبلغ، احتمال الى ألفين جنيه لكني اقول له: بعد ايه بعد ايه بعد ايه؟
ثم يدخل يده في جيب جلابيته ويخرج منه كتاب رسائل الحب والغرام الجزء الثاني (ابن الهرمة لم يرينا هذا الكتاب) ويقدمه لي ايضا. ومع كل ذلك اقول له: بعد ايه بعد ايه بعد ايه؟
فيجلس ويبكي ويعض اصابع الندم حتى تدمي اصابعه (يعني تكب الدم). فيحاول أخذ الكتابين رسائل الحب والغرام الجزء الأول والجزء الثاني معه لكنه لا يستطيع لأن اصابعه كلها معضوضة ولا تستطيع حمل اي شيء فيذهب الى غير رجعة ويترك لي المال وهذا الكتاب الخطير والكتاب الخطير الآخر وهو الجزء الثاني.
وهكذا فسوف يتعلم مصطفى الأناني الدرس وهذا الدرس هو ان لا يكون انانيا لأن قريبه في الخرطوم سيبعث اليه بكتب اخرى في رسائل الحب والغرام وعندما نأتي اليه ونطلب منه تسليف هذه الكتب الخطيرة فسيسلفها لنا فورا.

3- استاذ جاد الله (مدرس الحساب) واستاذ التوم (مدرس العلوم): سأكتب خطابا بالانجليزي الفصيح الى البريتيش كاونسيل حتى يتوسطوا لي لمقابلة خواجة اسمه انشتاين (هذا الخواجة هو الذي اخترع الحساب والعلوم). واقنع هذا الانشتاين بأن ينظم امتحانا من اصعب ما يكون لاستاذ جاد الله واستاذ التوم. وعندما تطلع نتائج هذه الامتحان يكون استاذ جاد الله اخذ خمسة من مية في امتحان الحساب واستاذ التوم خمسة من مية في امتحان العلوم.
فيقول انشتاين لاستاذ جاد الله: كيف عامل استاذ حساب وانت لا تفقه شيئا في الحساب وتقول ان ابو الكلام لا يفهم في الحساب؟ انت الذي لا تفهم.
ثم يلتفت الى استاذ التوم ويقول له: وانت ايضا كيف عامل استاذ علوم وانت لا تفقه شيئا في العلوم وتقول ان ابو الكلام لا يفهم في العلوم؟ انت الذي لا تفهم.
ولهذا السبب يقرر كوجاك (وهو رجل صعب وربما أصعب من ابي نفسه وايضا لا يعجبه العجب ولا الصيام في رجب) يقرر ان يطرد استاذ جاد الله واستاذ التوم من المدرسة. فنرتاح منهما الى الأبد ويحملني التلاميذ على أكتافهم لأني خلصتهم من هذا البلاء ويهتفون لي: ابو الكلام بطل تمام... ابو الكلام بطل همام.

4- استاذ عبد العظيم سيبويه مدرس العربي... هذا الاستاذ عندي له انتقام خاص:
سيصحو ذات يوم (بكرة القريبة هذه) فيجد نفسه في سوق عكاظ وسط العرب والجمال وهو يلبس جلابية العرب والعقال. وبينما هو يسير بين الجمال (حوالي اربعين أو ألف جمل) ولا يدري لماذ وجد نفسه في سوق عكاظ ولماذا يرتدي جلابية العرب والعقال ويريد ان يسأل احد باعة التمر عن الحاصل، في هذه الاثناء يظهر له فجأة عنترة بن شداد (وهذا رجل صعب صعب بالجد. أصعب من ابي ومن كوجاك ومن كل الناس وقتل اربعين او ألف فارس من قبل، وهو متخصص ايضا في قتل أساتذة العربي).
فينزل عنترة من حصانه ويقول لاستاذ عبد العظيم في وجهه بصوت مثل زئير الأسد: ويحك يا اخا العرب. هل حفظت معلقتي بالكامل؟
فيتلعثم استاذ عبد العظيم (يتلعثم يعني يتمتم) فيستل عنترة بن شداد سيفه ويضعه على رقبة استاذ عبد العظيم ويقول له: معلقتي التي اقول فيها هل غادر الشعراء من متردم وهل عرفت الدار بعد توهم هل حفظتها بالكامل يا استاذ عبد العظيم سيبويه افندي؟
فيبول استاذ عبد العظيم في جلابية العرب التي كان يرتديها لأنه يعرف ان عنترة متخصص ايضا في قتل أساتذة العربي.
وفي هذه اللحظة اظهر انا فأقول لعنترة بن شداد: يا عم عنترة استاذ عبد العظيم لا يقصد ان يزعلّك وهو رجل مسكين ولا يستطيع ان يحفظ معلقة عظيمة مثل معلقتك فلا تقتله بهذا السيف الخطير.
فيقول لي: اما ان يسمّع معلقتي التي اقول فيها هل غادر الشعراء من متردم وهل عرفت الدار بعد توهم واما ان امزقه إربا إربا (يعني اقطعه حتة حتة... اعوذ بالله).
وعندما يسمع استاذ عبد العظيم ان عنترة يريد ان يمزقه اربا اربا يبول في جلابية العرب التي كان يرتديها مرة اخرى. فيرق قلبي لحاله (يعني أحن عليه) وأقول لعنترة بن شداد: خلاص يا عم عنترة، انا اسمّعها بدلا من هذا الرجل المسكين.
وفعلا اسمّع المعلقة بالكامل وبالعربي الفصيح ايضا، فيتبسم عنترة ويقول لاستاذ عبد العظيم: لم اشاهد مخلوقا أشطر من ابو الكلام، فتعلم منه يا استاذ عبد العظيم سيبويه. وكمان لك عين تسمي نفسك سيبويه؟ ويحك!
فيبوس استاذ عبد العظيم يدي ويقول لعنترة: فعلا ابو الكلام اشطر تلميذ في المدرسة وتعلم العربي الفصيح حتى الحد ولا داعي لحضوره حصص العربي بعد الآن. وسأتوسط له حتى لا يحضر حصص الحساب وحصص العلوم ايضا.
... ابن الهرمة!
محمد عثمان أبو الريش
مشاركات: 1026
اشترك في: الجمعة مايو 13, 2005 1:36 pm
اتصال:

مشاركة بواسطة محمد عثمان أبو الريش »

كلام خارج النمط المألوف

ملحوظـة: كلمــة "النمط" دى ما قاعد أفكها ساى.. لكن احتراما للأخ حسن.
Freedom for us and for all others
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

باقي كلام أبو الكلام تاني..

مشاركة بواسطة حسن موسى »

سلام يا محمد عثمان و شكرا على " النمط" و لو عندك شبيهاتها فلا تبخل بهن، فذلك وجه من وجوه " أجر المناولة" أتقاسمه مع صلاح حسن أحمد.








(5)



أمس حصلت كارثة فظيعة مرتين. يعني كارثتين.
الاستاذ جبر الله بسطونة مدرس الدين كما قلنا رجل دين وعالم جليل. ولكن سأكون صريحا ودوغريا ولا داعي للف والدوران واقول ان هذا الاستاذ الجليل ايضا يقطع الخميرة من البيت كما تقول امي الحبيبة عندما تصف شخص ثقيل الظل.
وهذا الاستاذ يقطع الخميرة من البيت لأن حصص الدين الأكثر بياخة في العالم وبلا طعم وعندما تبدأ واحدة من هذه الحصص نشعر بأنها أطول من يوم الصيام في شهر رمضان، وجميعنا نغالب النعاس وبعضنا يغرق في النوم. وحصل مرة ان السر عثمان نام في هذه الحصة وشخر بصوت عالي وأخذ خمسة جلدات من بسطونة هذا الاستاذ عقابا له على النوم والشخير ايضا في حصته.
وهذا الاستاذ دائما دائما يحمل بسطونة الخيزران في يده ويجلد بها التلاميذ لأقل سبب. ومثلا تكون انت سائرا في أمان الله الى الأزيار لتشرب كوب ماء اثناء حصة الفطور. فيظهر هذا الاستاذ امامك فجأة وكأنه خرج من جوة الأرض ويقول لك: حافظ سورة المعارج؟ وقبل ان تجاوب يكون اعطاك جلدة بالبسطونة التي يحملها دائما دائما. ويكرر السؤال: حافظ سورة المعارج؟
وحتى إذا كنت حافظ سورة المعارج فأنت تنساها بعد هذه الجلدة ولا تسمّعها له فتأكل علقة خمسة جلدات لأنه يصبح غضبانا جدا لأنك لم تحفظ هد السورة. يعني الذي يحفظ هذه السورة والذي لا يحفظها نفس الشيء لأنهم يأخذون خمسة جلدات في الآخر.
أو يسألك هذا الاستاذ الرهيب: ما معنى ويل للمطففين؟ والذي يعرف معنى ويل للمطففين والذي لا يعرف معناها يأخذ خمسة جلدات في الآخر لأن الذي يعرف معناها ايضا ينساها لأن هذا الاستاذ يحدث في نفسه خلعة عميقة ما بعدها خلعة.
ولهذا السبب اطلقنا على هذا الاستاذ اسم الاستاذ بسطونة. وهذا هو الاسم الذي سمّاه له التلاميذ. ولكن كوجاك والاساتذة وبقية الناس لا يسمونه بهذا الاسم وإنما يسمونه الاستاذ جبر الله وهذا هو اسمه الذي سماه به اهله في يوم سمايته (جبر الله وليس الاستاذ جبر الله لأنه عندما ولدوه لم يكن استاذا).
والاستاذ بسطونة لا يخوّف التلاميذ ويضايقهم وحدهم لأنه يضايق المدرسين ايضا. فقبل ايام (او اسابيع لست ادري بالضبط) كان استاذ جاد الله (مدرس الحساب) يعذبنا كالعادة بكلام الطير في الباقير. لكنه في ذلك اليوم قال كلاما مفهوما عن الخطين المتوازيين. فقال هذان الخطان هما خطان يسيران مع بعضهما والمسافة بينهما لا تتغير ولا احد من هذين الخطين يلمس الخط الثاني ولو وصلوا القمو ورجعوا. وقال: إذن المتوازيان خطان لا يلتقيان.
وفجأة سمعنا صوت استاذ بسطونة يقول: إلا بمشيئة الله.
ثم رأينا هذا الاستاذ يقفز الى داخل الفصل ويقاطع الاستاذ جبر الله ويأخذ طبشيرة ويكتب على السبورة:
المتوازيان خطان لا يلتقيا إلا بمشيئة الله




وقال: المتوازيان خطان لا يلتقيان الا بمشيئة الله. كل شيء بمشيئة الله. فاهمين يا ولاد؟
فقلنا: فاهمين.
فقال: جيد. إذا الله قال الخطان المتوازيان يلتقيان فهما يلتقيان. وإذا قال لا يلتقيان فهما لا يلتقيان. يبقى المتوازيان خطان لا يلتقيان الا بمشيئة الله. واضح؟
فقلنا: واضح.
فسأل الفصل: ما هما المتوازيان؟
وقال الفصل: خطان لا يلتقيان الا بمشيئة الله.
فقال: جيد.
ثم خرج.
وبعدما خرج الاستاذ بسطونة تنهد استاذ جاد الله مثل الشخص الذي ينزل من ظهره شوال رمل وقال لنا: اسمعوا يا ولاد، الدين شي والحساب شي. انا استاذ الرياضيات واقول لكم المتوازيان خطان لا يلتقيان وما تسمعوا كلام اي شخص آخر يقول اي شي آخر. فاهمين؟
فقلنا: نعم.
فسأل الفصل: : ما هما المتوازيان؟
وقال الفصل: خطان لا يلتقيان.
فقال: جيد.
وواصل استاذ جاد الله الحصة لكن اعتقد انه كان زعلان من استاذ بسطونة لأنه دخل على الخط بدون انذار والحصة ليست حصة دين أصلا وإنما حصة رياضيات. وهو لم يقول لنا انه كان غضبان من استاذ بسطونة ولكن كان واضح انه كان غضبان بدون ان يقول لنا ذلك. والحقيقة اننا صرنا سعداء جدا لأنه اصبح معنا استاذ يعرف ان الاستاذ بسطونة انسان مؤلم كما يقول ابي عندما يتحدث عن شخص لا يعجبه.
وأمس حصلت كارثة فظيعة كما قلت وتدخل فيها البسطونة التي يحملها معه استاذ بسطونة دائما دائما. ففي بداية حصة الدين قال هذا الاستاذ انه سيقسم حصته الطويلة (أطول شيء في العالم) الى قسمين. وفي القسم الأول من هذا التقسيم شرح لنا ان الدين يسر وليس عسر.
وقال: مثلا اليسر يعني اذا المؤمن ما وجد الماء للوضوء فيسمح له بالتيمم وهكذا دواليك (دائما يقول هذا التعبير: وهكذا دواليك).
وقال: يعني الدين رحمة وتسامح...
وقال أشياء كثيرة من هذا النوع من اللت والعجن الذي لا يُفهم والذي يفلح فيه ايضا الشيخ مبروك إمام الجامع عندما يقرأ خطبه الطويلة (اطول من يوم رمضان نفسه) قبل صلاة الجمعة. والحقيقة ان ذلك الاستاذ الجليل (استاذ بسطونة) يتكلم ايضا بلغة سوق عكاظ في معظم الاحيان (مثل الشيخ مبروك ايضا) ولذلك فكل تلاميذ الفصل تقريبا لا يفهمونه. وفي القسم الثاني من هذا التقسيم قال لنا إنه فترة سؤال وجواب وقال: أنتم تسألون وأنا أجيب. هل من سؤال؟ أي سؤال عن أي شيء؟ وردد هذه العبارة ألف مرة بدون ان يسأله اي أحد لأن كل واحد يخاف ان يسأله سؤالا لا يعجبه فينهال عليه ببسطونته المخيفة.
وعندما لم يجد هذا الاستاذ من يسأله قال اننا جميعا اغبياء لأننا لا نقدر حتى على السؤال. فقام إزيرق يرضيه وسأله السؤال الآتي: ما هو الاستمناء؟
وفجأة صر استاذ جبر الله وجهه حتى صار كله عيون واسنان من شدة الغضب وصار يشتمنا جميعا ويقول ان اهلنا لم يربونا واننا جميعا قليلين الادب. ثم جلدنا جميعا خمسة جلدات بالبسطونة لكل واحد. الفصل كله، الواحد وراء الثاني.
وبعدما أخذ كل واحد في الفصل هذه الخمسة جلدات المجنونة جلسنا جميعا كالدجاج الممعوط بدون ان نفهم السبب في هذا المعط الرهيب. ثم قال استاذ بسطونة بصوت مثل زئير الأسد: إني أرى رؤوسا قد اينعت وحان قطافها يا حمير يا كلاب. وحفظنا هذا التعبير لأن الاستاذ نفسه كتبه على السبورة هكذا:

إني أرى رؤوسا قد أينعت و حان قطافها



ونقلت هذا التعبير الخطير على نشافة الحبر. ومع اني لم افهم معناه بالضبط الا ان الطريقة التي قاله بها استاذ بسطونة وحتى الطريقة التي كتبه بها كانت تقول انه لم يكن مبسوطا ابدا بل كان غاضبا اشد الغضب.
وايضا فإن استاذ بسطونة لم يكتب بقية الكلام وهي يا حمير يا كلاب. ورغم ان عجيزتي (يعني صلبي) كانت تؤلمني من تلك الجلدة الساخنة إلا ان ذهني كان مشغولا ايضا بهذا السؤال الآتي: كيف نحن حمير وكلاب ايضا؟ إما حمير او كلاب. ربما كان الاستاذ يقصد ان بعضنا حمير وبعضنا كلاب لكنه لم يقول ذلك، وانشغل ذهني ايضا بالسؤال الآتي: هل انا من جماعة الحمير ام من جماعة الكلاب؟ وهل أحسن ان يكون الإنسان من جماعة الحمير أم الأحسن ان يكون من جماعة الكلاب؟
ولم تخلص هذه الحصة الساخنة بالجلد فقط لأن الاستاذ بسطونة قال لنا جميعا: في نهاية اليوم مافيش اي واحد يروح لأهله، تقعدوا هنا في الفصل الى صلاة العصر، وإذا خرج اي واحد الى أهله ياخذ عشرة جلدات مرة واحدة.
لا نروح لأهلنا فأين نتغدى؟ لكننا لم نقدر ان نسأله هذا السؤال فيرد علينا بالبسطونة جميعا كما هي العادة عندما نسأله سؤالا لا يعجبه.
وانشغل ذهني ايضا بالسؤال الآتي: ما هو هذا الاستمناء الذي الذي جاء لنا بهذه المشكلة؟ وبعدما ذهب استاذ بسطونة الى مكتب المدرسين سألت إزيرق: يا إزيرق ما هو هذا الاستمناء الذي جاء لنا بهذه المشكلة؟ فضحك هو وشلته في الصفوف الخلفية، وقال: يعني (...).
هذه النقط بين القوسين هي الكلام الذي قاله إزيرق (وهو كلام مكون من كلمتين) لكنهما كلام لا يمكن كتابته لأنهما كلام وسخان. وأحسن طريقة لشرحه هي كلام جادين عندما قال ان بت ابليس هي التي تحلب الرجال عندما يحلمون بها. وهذا الحلب في كلام إزيرق لا يحتاج الى بت ابليس لأن الإنسان هو الذي يفعله في نفسه (من فهم فهم ومن لم يفهم فهو من بسطاء العقول ومعليش... ربما في المرة المقبلة).
وفي هذا اليوم فكرت ايضا في طريقة للانتقام من الاستاذ بسطونة مثل انتقامي الرهيب من استاذ عبد العظيم (مدرس العربي) واستاذ جاد الله (مدرس الحساب) واستاذ التوم (مدرس العلوم). لكن استاذ بسطونة مختلف لأنه استاذ الدين. وهؤلاء ناس إذا غضبوا من شخص معين يكتبون له التعاويذ والبخرات وينتقمون منه اشد الانتقام. ومثلا فهم يجعلونه ماشي في الشارع في أمان الله فيظهر له لوري فجأة وكأنه خرج من جوة الأرض ويضربه ويوديه في ستين داهية، او يصحو الصباح من نومه فيجد ان اعضاءه التناسلية اختفت، أو طلعت له قرون في رأسه. واسأل ناس الخرطوم نفسهم يقولون لك: ابعد عن الشر وغني له. ولذا فأنا اقول دائما ان الاستاذ بسطونة رجل دين وعالم جليل. وانا بصراحة دائما اقول هذا حتى لا يكتب لي واحدة من هذه البخرات المخيفة. ولهذا ايضا فلن اكتب الاسماء الأخرى التي يسميها إزيرق وجماعته من الصفوف الخلفية لهذا الاستاذ الجليل.


في أول هذا الحبس الإجباري الذي ادخلنا فيه استاذ بسطونة جلسنا صامتين كالتماثيل لأننا حتى ذلك الوقت كنا كالدجاج الممعوط. ورغم ان اليوم كان مثل اي يوم اخر فقد شعرنا فجأة بأن الفصل سخّن وصار مثل القلّاية وخفنا فعلا لأننا بعد قليل قد نصبح مثل الدجاج بالطوّة خاصة واننا كنا دجاجا ممعوطا، يعني جاهزين للطبخ.
ثم سمعنا واحدا مننا يقول وكأنه يبكي: والله جيعان. وفجأة صار جاري سمير الحلبي يتنفس بصوت عالي كالشخص الذي كان يجري مسافة طويلة وبعد قليل صار ينفنف ثم صار يبكي بالجد. فجاء دقش وهو من جماعة الصفوف الخلفية ومن أرجل الرجال لأنه كله عضلات ووقف امام سمير الحلبي وصار يعيّره ويحاكي بكاءه ويقول بصوت مثل صوت النسوان: انا عاوز ماما... فين ماما؟ (لأن سمير حلبي وفيه عرق مصري لأن امه تشبه المصريين ويقول ماما رغم ان ابوه حذره وقال له لا تقول ماما امام الناس وقول يُمّه).
ولم يترك دقش سمير في حاله حتى قال له السر عثمان: دقش، الرئيس يناديك. فترك دقش سمير ورجع الى الصفوف الخلفية الى عصابته ورئيسها إزيرق. وأكيد سمير تنفس الصعداء (يعني ارتاح) لأنه ليس رجل شدائد ودائما يعاني من مشاكل إزيرق وعصابته واليوم يكفيه خمسة جلدات وحبس ثم يأتيه دقش مكشرا انيابه مثل الغول.
وبعد قليل صار بعض التلاميذ من شلة مصطفي الأناني يمثلون مسرحية فكاهية ويتأوهون (يعني يقولون آه آه) ويبكون من الجوع (يتظاهرون فقط بالبكاء – مش زي سمير الحلبي - ولكن الحقيقة ان الجوع كان اسخن من الجلدات الخمسة التي اخذناها) وكان هؤلاء التلاميذ يقولون في مسرحيتهم: لقمة لله... لقمة للجيعان يا مؤمنين... من لقمني لقماً صرت له عبداً... مَن لقّم مسلما لقمة من لقم الدنيا لقّمه الله لقمة من لقم يوم القيامة... اين اموال المساعدات الامريكية؟... وهكذا دواليك. وصرنا نضحك على هذه المسرحية الفكاهية.
ولكن ما أحرقني حقا هو ان مصطفى الأناني خرج من موضوع الجوع الى موضوع آخر حساس جدا فقال: من السهل أن تطرد جيشاً استعمر وطنك ولكن من المستحيل أن تطرد حباً استعمر قلبك. وهذا تعبير سرقه هذا الأناني من كتاب رسائل الحب والغرام الذي يملكه والذي يرفض تسليفه لأي شخص مع انني انتقمت منه أسوأ انتقام.
وبعد قليل كان إزيرق يقف وسط شلته ويحاكي الرئيس السوداني نفسه ويخطب بصوت جمهوري (يعني بصوت كبير مثل جمهورية السودان) ويقول: أنا رئيس كل السودانيين العاجبه والما عاجبه برضو انا رئيسه، وصرفت الأوامر الى قوى الأمن حتى تضرب المخربين والمرتزقة وتمزقهم إربا إربا. ولن نسمح لأعداء الثورة والمرتزقة بالتخريب وتضليل الشعب وسنضربهم بيد من حديد ونعلقهم على المشانق مثل الشرموط على حبل الغسيل. عاشت الثورة. واختتم كلمته قائلا: إني أرى رؤسا قد اينعت وحان قطافها. ولما سألنا إزيرق عن المعني الحقيقي لهذه العبارة الخطيرة قال إنه لا يدري معناها بالضبط لكنه يدري انها شتيمة من أفظع الشتائم وإلا لما قالها لنا الاستاذ بسطونة.
فسألت مصطفى لأنه يعرف هذه الأشياء فقال أينعت يعني صارت مثل الليمون الذي نضج واستوى في الشجر وصار جاهزا للقطع. يعني بسطونة هذا يريد ان يقطع رؤوسنا مثل الليمون المستوي؟ أكيد هذا الرجل مجنون وقتّال قتلة ولا بد من البلاغ عنه في نقطة البوليس... وكنت سأقول هذا الكلام لمصطفى لكن إزيرق قفزة واحدة من مكانه ووقف امام الفصل وقال لنا بلغة فصيحة: تريدون مشاهدة الاستمناء؟ فصحنا جميعا: نعم نعم ودخلنا في هياج وهرج ومرج.
وقال إزيرق: استجابة لطلب الجمهور الكريم: السينما الحلمنتيشية بالخرطوم تقدم فيلم: «الاستمناء الرهيب».
فصرنا نخبط على الأدراج ونهتف جميعا وكأننا في مظاهرة: استمناء... استمناء... استمناء...! وصار إزيرق يرقص على دقتنا هذه ورقص ورقص. ثم رفع قميصه الى رقبته وأنزل رداءه الى ركبتيه. ثم بدأ ينزل لباسه...
ولكن في هذه اللحظة بالضبط (يعني عندما كان إزيرق ينزل لباسه بالضبط) حدثت كارثة فظيعة أخرى. فقد رأينا استاذ بسطونة فجأة بدون اي انذار. فجأة وبدون اي انذار وجدناه امامنا... ومنذ متى الله يعلم. لكننا وجدناه امامنا مثل الظل الذي دخل القش ولم يقول كش. أو انه دخل القش وقال كش فعلا لكننا لم نسمعه لأننا كنا نخبط على الأدراج ونهتف استمناء استمناء. وكنا نظن ان هذا الرجل الرهيب ذهب الى ميس المدرسين ليتغدى وينام العصرية. لكننا وجدناه واقفا امامنا وكأنه خرج من بطن الأرض ونحن لا نعرف من اين جاء ومتى جاء. فأوقف الجميع الخبط على الأدراج والهتافات وصاروا وكأن على رؤوسهم الطير (سأشرح هذه العبارة الخطيرة في وقت لاحق لأن القصة مثيرة جدا ولا وقت للشرح الآن).
كان استاذ بسطونة واقفا مثل بسطونة الخيزران التي يحملها في يده وينظر الى إزيرق وإزيرق ينظر اليه ولم يتكلم أحد مسافة أطول من يوم الصيام في شهر رمضان. ثم خرج هذا الاستاذ الرهيب من الفصل فجأة ووقف إزيرق في مكانه وقميصه مرفوع ورداءه في ركبتيه ويداه على لباسه وفمه مفتوح وكأنه يريد ان يقول شيئا لكنه لا يستطيع الكلام. وكان لا يتحرك من مكانه وكأنه مدقوق بالمسامير، ونحن ايضا لا نتحدث ولا نتحرك وكأننا تماثيل. وفجأة ايضا عاد استاذ بسطونة وفي يده الكرباج العنج هذه المرة (هذا كرباج كوجاك نفسه ولا نراه الا في المناسبات الكبيرة).
وأمر الاستاذ إزيرق بأن يعيد رداءه الى مكانه، ثم بطحه على الطربيزة وجلده خمسة جلدات أسخن من النار بهذا الكرباج المخيف. وكانت كل جلدة اسخن من الثانية لأن الاستاذ نفسه كان يزأر كالأسد مع كل جلدة وإزيرق صار يبكي ويولول (مع انه هو الذي يجعل الناس تبكي وتولول في العادة) وسمير الحلبي يبكي ويلول معه ونحن ايضا شعرنا بالكرباج في عظامنا وكأن الاستاذ يجلدنا نحن ايضا.
وبعد هذه الجلدة الرهيبة التفت الينا استاذ بسطونة فكدنا نبول في لباساتنا لأن هذا يعني انه سيجلدنا جيمعا بهذا الكرباج الرهيب. لكنه قال لنا بصوت كالرعد: يللا... كل واحد يجري على اهله. انتو ما تستاهلو تعليم يا غنم... غوروا من وجهي يا كلاب. روحوا يحرق دينكم ودين التدريس!
صورة العضو الرمزية
مصطفى آدم
مشاركات: 1691
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 5:47 pm

مشاركة بواسطة مصطفى آدم »

غوروا يحرق دينكم... الراجل أفلس :
كتبت لصلاح عندما أرسل لي أبوالكلام قبل عدة سنين أنه تمعّن كثيرًا في الجزء الأول من رواية فوكنر الصوت والصخب ( حسب ترجمة جبرا إبراهيم جبرا للعنوان الأصلي (The Sound and the Fury) على لسان بنجامين ( بنجي) الذي توقف نموه العقلي في عمر الخامسة... واستفاد من التكنيك الفوكنري لصياغة رواية أبو الكلام في عمر بداية المراهقة... فأبدع دونما أي شك في ذلك.
[size=24]
صورة العضو الرمزية
مصطفى آدم
مشاركات: 1691
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 5:47 pm

مشاركة بواسطة مصطفى آدم »

وتفوز رواية "أبوالكلام" بجائزة الطيب صالح ( الأصلية) من مركز عبدالكريم ميرغني لهذا العام.
أضف رد جديد