في سيرة الغول الوفي

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

في سيرة الغول الوفي

مشاركة بواسطة حسن موسى »




…...........


كتبت هذه الكلمةلإلقائها في أمسية تأبين بولا بإتحاد الكتّاب السودانيي يوم 5 يناير 2019,
ثم حالت ملابسات دون القراءة فتحدثت عن بولا حديثا يلامس الأفكار الرئيسية في مكتوبي. و أنا أنشرها هنا كمحاولة للتوثيق لكلامي في تلك الأمسية العامرة بمشاعر الود الصادق تجاه شخص نكن له كثير من الحب و التقدير.





تعرفنا على بولا أول مرة حين قدومنا لكلية الفنون من الأبيض ، محمود عمر و شخصي، و قد عرّفنا النور حمد، القادم من تجربة" طلائع الهدهد" في حنتوب الثانوية ببولا، ثم اكتشفنا أن آدم الصافي ، القادم من تجربة" طلائع القندول" بالقضارف الثانوية، كان على معرفة وثيقة ببولا. ـ لا أذكر كيف إلتأم عزمنا على السكن في العنبر رقم 9 من داخلية ال إس تي إس، و ربما كان في الأمر شيء من توارد الخواطر و القلوب الشواهد. في عصر ذالك اليوم جاء بولا لداخلية الإس تي إس و استقر بيننا يقرأ اشعارا من ديوان " أمتي" لمحمد المكي إبراهيم.و أظن أن قراءة تلك العصرية الصائفة كانت فاتحة سلسلة من القراءات الجماعية المتنوعة التي شغلت خواطرنا لسنوات بالتفاكير الخصيبة من ماركس و بول كلي و الطيب صالح و المجدوب و لورنس داريل أوسكار وايلد و محمود محمد طه و فولكنر و أدونيس و الماغوط و صلاح عبد الصبور و الأبنودي و غيرهم .ـ


أذكر أننا ،في سنوات كلية الفنون ،كنا نتعلم الرسم كفاحا من مصادر متنوعة لم يكن للأساتذة النظاميين فيها حظ يذكر[ بإستثناء القلة ] ذلك لأننا وجدنا أنفسنا منذ البداية في حالة مواجهة نقدية حادة مع ممثلي المؤسسة الذين استنكروا علينا الأسئلة المبدئية ـ المشروعة في نظرنا ـ التي كنا نطرحها عليهم في موضوعات التربية الفنية و علم الجمال و البعد السياسي للممارسة الفنية ذلك ـ و الحق يقال ـ أننا دخلنا على مجتمع الكلية كغرباء ـ و طوبى للغرباء الذين يحيون سنة الفن بعد اندثارها ـ في تلك اللحظة التاريخية التي استعرت فيها اسئلة مجتمع ما بعد "ثورة أكتوبر 1964
كانت غربتنا مفهومية أكثر منها زمانية ذلك أننا خرجنا من رحم تناقضات مجتمع ما بعد الإستقلال التي تمخضت عن ذلك الحدث الأدبي التاريخي الجليل الذي اصطلح السودانيون على تعريفه بـ " ثورة أكتوبر64
لنجدنا في مواجهة مؤسسة ما زالت قاعدة في حرز ذاكرة إستعمارية عرابها المشترك الأعظم كان الإداري البريطاني جان بيير غرينلو مؤسس التربية الفنية في سودان الحكم الثنائي.ـ



يقول بولا معرفا جماعة السبعينيات التي تحلقت حوله.
"
..
أنها لم تكن جماعةٌ في معنى وحدة المنطلقات الفكرية والمرجعية، وحجم المساهمات التأسيسية، إلا بتمييزٍ دقيقٍ بين النواة والكتلة، وهذا مما ليس لي سبيلٌ للخوض فيه هنا أيضاً. وأتمنى أن لا أُسأل عنه في المستقبل القريب لأنني لن أستطيع الإجابة في شروط "وجودي" الحالية. وأكتفي من أمره المعقد بالقول إن "مجموعتنا"،كانت في تقديري، في ذلك الزمان "السحيق" البهيم، نموذجاً طيباً، ولا أقول عالياً، لمعني "الوحدة في التعدد". كان كل فردٍ عالماً قائماً بذاته، وقائما بوجوده ضمن "المجموعة" ايضاً، التي تربطه بها أوصر المحبة والتضامن والاحتفاء بفرادة مساهمته، وليس الانتماء إلى "دوغما جماعية" مغلقة، مكتفية، بذاتها فرحةٌ بها
"

في مطلع السبعينيات ،كنا عصابة من الرسامين تحلقت حول بولا،على أولوية الرسم، و ربما على أولوية الممارسة الإبداعية على كافة الممارسات الوجودية الأخرى.و بذرائع المباحث المعملية في التشكيل كنا نتحرّى المعارف المغايرة بدون خوف من عواقب الخروج على المواريث والأعراف الجمالية و السياسية السائدة آنذاك. كنا نرسم و نتفاكر و نكتب و نغني و نحب و نكره بنهم لا يعرف الحدود، في حيز الضيق السياسي و المفهومي لتلك الأيام التي هيمن العسف فيها على حياة السودانيين بعيد إنقلاب الشيوعيين على النميري في 1971. وفي ثنايا مناقشاتنا و شجاراتنا و هرجنا اليومي تخلقت و تبلورت بيننا جملة من المفاهيم الفلسفية السياسية التي سككنا منها فصاحتنا النقدية المغايرة في اسئلة الهوية الجمالية و السياسية لعملنا كرسامين. و صاغ بولا معظم هذه المفاهيم في بلاغة جديدة كسبت لقضية التشكيل في السودان قطاعات واسعة من القراء الذين لم تكن أسئلة التشكيل عندهم مما يستدعي التفكر.و أظن أن أكثر النخبة المثقفة في السودان قد تنبه للتبعات السياسية للتجربة الجمالية بعد متابعته لمسلسل “ مصرع الإنسان الممتاز” الذي كان ينشر على حلقات أسبوعية في جريدة “الأيام” اليومية. في هذه النصوص عالج بولا إشكالية سؤال الحداثة في أوجهه الجمالية و السياسية بمنهج يؤصل لنسخة محلية من تحقق الحداثة في السياق السوداني.ـ و ذلك لأن إشكالية صراع الحداثات كانت و ما زالت في قلب المناقشة المركبة التي بدأناها في حلقات كلية الفنون في مطلع السبعينيات.في تلك الفترة كنا على وعي بكون ثنائية التقليد و الحداثة [و الشرق و الغرب و الروح و المادة..] هي وهم آيديولوجي غايته تغبيش الوعي النقدي بالبعد التاريخي لحركة الصراع الإجتماعي. معظم أبكار الحركة الثقافية كانوا يلبّكون تفاكيرهم بالتناقض الزائف بين التقليد و الحداثة و فيهم من نصب نفسه قيـّما على التقليد و فيهم من نصب نفسه قيّما على الحداثة.ـ تعلّمت حركتنا، التي سمّاها بولا لاحقا بـ «  حركة الحداثة الطليقة »، أن تقف على مسافة نقدية من التقليد المحروس و من الحداثة المحروسة. و لم يكن بيننا من يبالي بالحرب على التقليد التراثي المزعوم شرقيا أو إفريقيا أو محليا ، مثلما لم يكن بيننا من يبالي بالحرب المعاكسة على الحداثة المزعومة غربية. كنا ننظر للشرق و للغرب كبريق نجمين أفلا منذ عهود غابرة و ساعدنا ذلك الموقف على إهمال بُعد القداسة في عنايتنا بالتراث المحلي مثلما ساعدنا على إهمال الأبعاد العرقية و الشوفينية في عنايتنا بالتراث الغربي الذي وصلنا في متاع الهيمنة الإمبريالية على مجتمعاتنا. و تعلمنا من المنظور الإجتماعي التاريخي الذي طرحه ماركس أن المجتمع المزعوم غربيا ، مثله مثل مجتمعنا المزعوم شرقيا، لا يفلت عن طائلة صراع تناقض المصالح الطبقية.ـ..
في 2004، كتب بولا يشرح مفهومنا للحداثة التي سماها الحداثة الطليقة بقوله :ـ

"الحداثة التي لا تخشى أحداً ولا تطلب الإذن من أحدٍ، لا تسعى إلى انتزاع "الاعتراف" بمشروعيتها من أحد". والمعني ب"أحدٍ" و"من أحدٍ" هنا هو على وجه الخصوص "المركزية الثقافية "الإمبريالية الرأسمالية" الأوروبية بالأصالة، الأمريكية بالإحالة (أو بالوراثة إن شئت)، التي ظلت تحتكر الحداثة من غير أن ينازعها أحدٌ في ذلك (حتى حسن موسى لا ينازعها في ذلك. أما "أنا" فأنازعها نزاعاً شديداً ليس هذا مجال التفصيل فيه

و أنا أحتفل بعبارة بولا الأخيرة “ حتى حسن موسى لا ينازعها في ذلك” كونها تحفظ لي ،و له، تلك المسافة الخصيبة العامرة بالإختلافات مع شخص من وزن بولا و هي مسافة مكنتني من إثراء الحوار الخلاق الذي اتصل عبر السنوات الطوال مع بولا و مكتنا من تقعيد خلافاتنا و اتفاقاتنا على مقعد النقد الخلاق.ـ.


سأعود
صلاح حسن عبد الله
مشاركات: 212
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 11:40 am

عبد الله بولا الناقد

مشاركة بواسطة صلاح حسن عبد الله »

عبدالله بولا الناقد
كلمة محمد أبوسبيب في حفل تأبين بولا المقام في إتحاد الكتاب السودانيين
السبت 5 / 1 /2019

في كتابه "سوسيولوجيا النقد العربي الحديث" يقول الدكتور غالي شكري "شهداء النقد في عصور الإنتقال كآلات التنبيه إلى أن الثورة في الهواء."
وفي حفل تأبين الأديب الناقد الأمين علي مدني المقام في نادي الخريجين سنة 1926 أنشد سرور والأمين برهان مرثية إبراهيم العبادي، يقول شطرها الأخير:
مات الكان بهدد طه والعقاد : وين متل الأمين ليهو البيان إنقاد
المناسبتان تدفعان إلى الذاكرة بسيرة عبدالله أحمد البشير. فمغادرة بولا في أيامنا هذه التي تضج بما هو آتي، تبدو مغادرة أقرب إلى الإستشهاد، والقرينة الجامعة بين الحالتين هي تجليات الرمز والرسالة. فكل ما كتبه عبدالله من نقد يبدو حاضراً ومتجسداً في الذاكرة في هذه الأيام.
كذلك كان عبدالله مثل الأمين علي مدني، ناقداً مصادماً لايلوي على شئ. الأمين صادم وهدد كبار الشعراء من حملة الآيديولوجية العربوإسلامية في بواكيرها في عشرينات القرن الماضي، وعبدالله صادم وهدد غول الآيديولوجية العربوإسلامية في سبعينات القرن الماضي.
تجاوز عبدالله محاذير القرابة والصداقة والزمالة تركيزاً على الموضوع والحقيقة كما يراها. وهذه سمة التفكير الفلسفي النقدي في أصوله.
كذلك تبدو مقولة نقد النقد حاضرة في مشروعه النقدي، فقد كان متوجساً حتى تجاه ما يكتب، وهذه أيضاً فضيلة التفكير الفلسفي النقدي الذي إستوعب صاحبه وشكل رؤيته.
وأخيراً وليس آخراً، أحدث عبالله زخماً غير معتاد في حركة النقد والتنظير الفني التشكيلي، زخماً سيظل مصدر صحة وعافية في جسد هذه الحركة. فقد حفزت كتاباته ودفعت إلى الساحة بالعديد من الأقلام، وأثارت الكثير من الجدل، وليس هناك أعظم من الفكرة التي تدفع إلى التفكير والكلمة التي تحض على الكتابة.
رحم الله عبدالله بولا وأسكنه فسيح جناته وألهم أسرته وزملاءه جميل الصبر.
صلاح حسن عبد الله
مشاركات: 212
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 11:40 am

تابين عبد الله بولا

مشاركة بواسطة صلاح حسن عبد الله »

المداخلة السابقة هي حسب تكليف الأخ ابوسبيب لشخصي برفع كلمته التي القاها في ليلة تابين عبد الله باتحاد الكتاب السودانيين، وقد لزم التوضيح.
ابتدرت الفكرة وسط مجموعة من اصدقاء وتلاميذ عبد الله بولا ( عبد المنعم الخضر، عصام عبد الحفيظ،الامين محمد عثمان، عبد الحق الدودو، علاء الدين الجزولي، فتحي محمد عثمان، صلاح حسن عبد الله والسر السيد عن اتحاد الكتاب.
الكلمات التي القيت كانت لكل من:
- حسن موسى
- محمد عبد الرحمن ابو سبيب
- علاء الدين الجزولي
- النور حمد
- نجاة محمد علي
- صلاح حسن عبدالله
- وشارك بشرى الفاضل برسالة صوتية
واعتذر محمد عبد الرحمن حسن بسبب المرض . وتغيب هشام عمر النور بسبب الاعتقال. كما اعتذر هاشم صالح عن ارسال رسالة صوتية
شاركت نوار عبد الله بولا بالغناء
وقدم الليلة نادر السماني عن اتحاد الكتاب
المسية موثقة بطرف اتحاد الكتاب.
ىمل ان اتمكن من تقديم كلمتي على سودان فور اوول
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

تحية للمثقف الجريء ، وتحية لكل المشاركين في التأبين . لم استطع في زيارتي للسودان لمدة 13 يوم من لقاء صديقتنا الأستاذة نجاة محمد علي. ألف تحية للجميع.
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

أشهد بعشرتي له أنه كان من أعرق الأنبياء
أضف رد جديد