حامد فضل الله:صون الذات و قمع الآخر،إلى حيدر و عشاري

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

حامد فضل الله:صون الذات و قمع الآخر،إلى حيدر و عشاري

مشاركة بواسطة حسن موسى »



صونْ الذات وقمع الأخر

إلى حيدر وعشاري

حامد فضل الله \ برلين



بينما تسير ثورة الشباب بحراكها الشعبي ــ التي تحدت غطرسة النظام وهزت أركانه ــ بإصرار وعزيمة تدعو الى الدهشة والاعجاب من أجل اسقاطه ،يشهر البعض السكين في وجه الأخرين، قبل ان نمسك بالذبيحة.
أنني أود أن اشير هنا الى كاتبين، هما من ضمن أميز كتابنا ومثقفينا، الذين يتسمون بالنزاهة والأمانة ونضارة الفكر ووضوح الرؤية، ويتطرقون الى قضايا الوطن المستعصية والعمل بصدق على تجاوز وضعنا المأسوي، سياسيا واقتصاديا وثقافيا وفكريا. انني اريد ان ادخل في نقاش هادئ مع ما يكتبه حاليا عشاري أحمد محمود خليل وحيدر إبراهيم علي.
يكتب حيدر في أول مارس 2019ــ سودانايل، " دولة التطبيع والتنظيم العالمي للإخوان تحاول اختراق الثورة السودانية"، مشيراً الى لقاء قطر عن تحديات الانتقال الديمقراطي السلمي في السودان! ويشير الى السيناريوهات والمبادرات القطرية الخبيثة بإلحاق الإسلامويين السابقين أو المتمردين بركب الثورة ويشير ويناقش دور كل من التيجاني عبد القادر، محمد محجوب هارون وعبد الوهاب الأفندي، هؤلاء هم الذين سيناقشون وبلا خجل أو ندم " تحديات الانتقال السلمي الديمقراطي في السودان".
ويكتب عشاري في نفس التاريخ ونفس الموقع " الانقلاب العسكري الاِسلامي وانتهازية المثقفين".
مشيرا الى عبد الوهاب الأفندي، التيجاني عبد القادر، عبد الله علي إبراهيم، الطيب زين العابدين وخالد التيجاني النور، فهي مجموعة كبار المثقفين الإسلاميين الذين نفذوا عملية الاحتيال الواسعة النطاق، وثبتوا الخداع والتدليس، خلال الفترة منذ الأيام الأولى للحراك الشعبي عند نهاية ديسمبر 2018، في إطار الاتفاق بين الاِسلاميين، بجميع مكوناتهم، لتنفيذ هذا الانقلاب العسكري، كل واحد من هؤلاء المثقفين الخمسة كان له دور، وهو أدى دوره، وجميعهم مستمرون في برنامج الاحتيال...
أنني اتابع منذ سنوات طويلة ما يكتبه كل من الأفندي ، الطيب زين العابدين وحسن مكي، عن الوضع في السودان. تتسم كتاباتهم بالكثير من الموضوعية والعقلانية وتلامس قضايانا المزمنة والمستعصية بالتحليل بعيدا عن الهرج و الشعارات الجوفاء ــ دلوني على مقالات كتبها ثلاثتهم يدافعون فيها عن فساد الانقاذ) ــ واشير هنا الى مقال الأفندي الأخير في اليوم التالي لمقالي حيدر وعشاري بعنوان " ما بعد انقلاب البشير الخامس"، يحلل فيه الوضع الراهن واقتراحات للحل لا تختلف عن مطالب ثورة الشباب وهيئة المهنيين وكتاب أخرين. هل ما كتبه الاكاديمي الأفندي في السابق وما يكتبه اليوم ما هو الا تدليس وكذب ونفاق؟ وهل ينطبق هذا التدليس والنفاق والكذب ايضا على حسن مكي والطيب زين العابدين؟
وكذلك كيف يمكن أن نفهم ما كتبه حيدر؟ " لا يوجد من يطالب بعزل الاِسلامويين سياسيا في التجربة الديمقراطية القادمة لأن العزل مخالف للمبدأ الديمقراطي الأصيل".
أو قول عشاري عن حكومة محمد مرسي في مصر؟ " ... جاءت بانتخابات حرة، صحيحة، ونزيهة، تحت المراقبة وتأكيد الصحة والنزاهة، من قبل أعدائها المحليين والدوليين، التي لم يكن يغلب عليها شيء يدعو إلى الانقضاض عليها بقوة الجيش. ولا يغير من هذا التقدير حقيقة فساد الاِسلامية، كعقيدة سياسية، فالموضوع هنا مجاله الأخلاقية، وهو احترام قواعد اللعبة الديمقراطية..."
اليس هذا الهجوم على الاكاديميين الاسلاميين في الوقت الراهن، يشكك في مصداقية وأمانة مثل هذه الكلمات.
وهل من المستغرب بعد ذلك ان يعتبرها الأخر ما هي الا للاستهلاك المحلي الوقتي وذر الرماد في العيون، ناهيك عن التناقض في كلام عشاري.
لم ينج العلمانيون ولا الديمقراطيون ولا اليساريون ولا ياسر عرمان أو الحاج وراق ولا عبد الله علي إبراهيم الاِسلامي، كما وصفه عشاري (معلومة جديدة لي !) ولا حتى قيادة تجمع المهنيين من الهجوم الكاسح والنقد اللاذع لعشاري ولم يبق ما يهاجمه اللهم الا نفسه بنفسه، مما يذكرني بالقول الختامي لبطل رواية "اللجنة " لصنع الله إبراهيم": " وأخذت مكاني المفضل ــ خلف المكتب ... ثم رفعت ذراعي المعطوبة إلى فمي وبدأت أكل نفسي". ( الجملة مترجمة عن النص الالماني).
ماذا يخدمنا في هذه المرحلة، التذكير بأن الأفندي كان ملحقا إعلاميا في سنوات بيوت الاشباح وكتب رسالة جامعية بعنوان " ثورة الترابي"ــ هل ناقشنا بالفعل هذه الدراسة نقاشا اكاديميا وبينا ما جاء فيها من ضعف أو خلل؟ ــ أو التذكير بالدولة الاِسلامية الاِجرامية الفاسدة وخرافة "الجيش السوداني"، وان هذا الجيش كان دائما، ويظل عدوا للشعب السوداني ( هكذا بكل بساطة ! ) أو يذكرني أخر بأن عبد الله خليل سلم السلطة الى الجيش للقيام بانقلاب 1958 وأن الصادق المهدي المعارض اليوم لنظام الانقاذ، شارك في تقويض الديمقراطية عندما عمل على طرد نواب الحزب الشيوعي من البرلمان وحل الحزب الشيوعي نفسه أو التذكير بمسؤوليه الحزب الشيوعي في انقلاب هاشم العطا 1971 ومسؤولية حكومة الانقاذ والمعارضة في فصل جنوب السودان والقائمة تطول ..إنني لا انكر اطلاقا أهمية أثارة هذه المواضع، ولكن ليس في هذه المرحلة المفصلية في تطور ثورة الشباب.
لماذا نقوم في هذه اللحظة العصيبة التي يمر بها الوطن، بتجريح وتخوين الأخرين والتفتيش في ضمائر البشر، وفي الوطن تسيل الدماء وتهلك الأرواح وتمتلئ السجون، ونحن في الخارج نجلس في مقاعدنا الوثيرة، نراقب من التلفزيون الحراك الشعبي وصمود شباب الثورة و ندبج المقالات لننهش بها بعضنا البعض. أننا لا نريد الآن الاكاديمي الخالص، الاكاديمي الصِرف، أنني أكرر الآن ، مما يعني عدم نفيه ولكننا نحتاج الآن الى الاكاديمي السياسي، الذي ينير لنا الطريق ويناقش معنا كيف نتخطى هذا النظام الفاسد الظالم ونجلس جميعاً على قدم المساواة لنتفق على الخطوات الممكنة و القادمة، لنتجنب انحراف مسار الثورة وسرقتها.
انني لا اتكلم هنا عن علي عثمان أو النافع علي نافع أو علي الحاج وأمثالهم... ، فهؤلاء سياسيون حركيون، انما اتحدث عن اصحاب الفكر، الذين يكتوون بنار القلم وبوجع السؤال وعذاب الاجابة.
وتجربة الانقاذ، تجربة غنية لنا جميعا ودرس بليغ في مسارنا السياسي، وتكشف كيف يمكن ان يصل الانحطاط والقهر وفقدان الحس الأخلاقي والاِنساني، وكيف يمسك الجاهل والأهوج والفاسد بزمام الأمر ويتحكم في مصائر الناس لمدة ثلاثين عاماً، وتكشف في عين الوقت عن هواننا وخلافاتنا و أنانيتنا وحسدنا لبعضنا البعض . هنا تأتي مرحلة تقصي الحقائق والبحث والتحليل لمسار حياتنا السياسية والثقافية والفكرية وما اصابها من خلل منذ عهد الاستقلال 1956 حتى كارثة عهد الانقاذ.
بدعوة خاصة مني احتفاءً وتكريماً لعبد الله النعيم في أحدى زيارته الى برلين (2009 ) بعد مشاركته في ندوة علمية مقفولة في معهد الدراسات العليا، "بعنوان الشريعة والدولة العلمانية في الشرق الأوسط وأوروبا". لب الدعوة الطبيب والصحفي الراحل كمال حنفي، وقتها كان في زيارة علاجية لبرلين، بجانب . بهاء الدين حنفي سفيرنا السابق في المانيا و الأخ جعفر سعد والصديق المصري أحمد عز الدين.
لعلني اختتم مقالي هذا، بما قاله كمال خاتما به ذلك اللقاء، وهو تلخيص لنقاشنا الحميم والصاخب والمتنوع الذي دار حول مداخلة النعيم الاكاديمية وربطها بواقعنا السوداني، وتم نشر ذلك لاحقا في صحيفة الرأي العام بعنوان : " البصلة وقشرتها":
" النخبة السودانية ملفوفة القوام فهي تختزن بعضها.. وما نراه منها أحيانا هو مجرد القشرة.. النخبة السودانية مثل البصلة كلما ظننت أنك اخترقت طبقاتها واجهتك طبقة جديدة!.. ولينتهي الحوار إلى حقيقة مهمة هي أن جزءاً من خلاف النخبة السودانية هو خلاف على المصطلحات أكثر منه خلاف على المحتوى! خلاصة الخلاصة إن النخبة خير لها الجلوس مع بعضها من أن تكون متباعدة.. فالسواد السوداني الأعظم متقارب وهو في حالة تجاذب.. لكن النخبة هي التي تتنافر.. ولذلك فان بعضاً من حزمة المشكلات السودانية صناعة نخبوية!.. آه من النخبة السودانية.. آه من البصلة.. كلما حاولت اختراقها تنسكب منك الدموع.. لكنها ليست دموع عذاب وإنما دموع عذوبة!!.
برلين 4 آذار \ مارس 2019
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

الكاتب الدكتور حامد فضل الله قلم عميق دون شك ،
لكننا يتعين أن نتمهل في الأولويات :
هل من الممكن قبول الفكر الإقصائي المعادي للديمقراطية ، ونسمح له بأن يمارس نشاطه ضد الديمقراطية بدعوى أننا لا يجب ألا نستثني أحد؟
هتلر جاء بالديمقراطية وأطاح بها، كما بدأ مرسي بالإطاحة بالديمقراطية التي جات به !!
استثني البروفيسور عبدالله علي إبراهيم فهو يؤمن بالديمقراطية .
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

[size=24

الانقلاب العسكري الإسلامي وانتهازية المثقفين .. بقلم: د. عشاري أحمد محمود خليل
نشر بتاريخ: 01 آذار/مارس 2019


(1)

عبد الوهاب الأفندي
التيجاني عبد القادر
عبد الله علي إبراهيم
الطيب زين العابدين
خالد التيجاني النور.
هذه مجموعة كبار المثقفين الإسلاميين الذين نفذوا عملية الاحتيال الواسعة النطاق، وثبتوا الخداع والتدليس، خلال الفترة منذ الأيام الأولى للحراك الشعبي عند نهاية شهر ديسمبر 2018، في إطار الاتفاق بين الإسلاميين، بجميع مكوناتهم، لتنفيذ هذا الانقلاب العسكري.
كل واحد من هؤلاء المثقفين الخمسة كان له دور، وهو أدى دوره، وجميعهم مستمرون في برنامج الاحتيال، الآن قصد التغطية على مشاركتهم الثابتة في التخطيط للانقلاب العسكري، ودعمه، والتدليس على حقيقته، ومن ثم التزام الصمت إزاءه، باستثناء بعض المكلفين بالتصريحات الكاذبة.


(2)
لكن، يتعين علينا أولا ترتيب أمرنا، نحن الذين نعتقد في بديل للدولة الإسلامية الإجرامية الفاسدة/نظام الإنقاذ، نتاج فكر وتخطيط ورعاية الحركة الإسلامية السودانية.
وهو ترتيب أمرنا، على مستويين:
ألف، مستوى الشباب، من حيث مهامهم الأساسية، في هذه المرحلة وما بعدها، وهي المهام التي أورد بعضها في نهاية هذه المقال، في الخاتمة، وأعود إليها في مقال لاحق، وهي كذلك مناط هم كتاب آخرين.
باء، مستوى البالغين مقدمي الدعم، والمشاركين أحيانا في الحراك الشعبي، ومن بينهم المثقفون العلمانيون والديمقراطيون واليساريون، وقيادة تجمع المهنيين السودانيين.


(3)
فأركز في هذا المقال على دور هؤلاء المثقفين العلمانيين واليساريين والديمقراطيين، ودور قيادة تجمع المهنيين، من الذين كانوا طالبوا الجيش بالانحياز والتدخل، دورهم في الإسهام في تهيئة مناخ عام لمقبولية تدخل الجيش، مما أفضى إلى وضعية تسهيلية للانقلاب العسكري الإسلامي الثاني، والذي كما أسلفت خطط له ونفذه الإسلاميون، بكل طوائفهم، بما فيها أولئك الذين ينكرون مشاركتهم، مثل حزب المؤتمر الشعبي، وحزب غازي صلاح الدين.


انتهازية المثقفين
(1)
فجميع المثقفين اليساريين والديمقراطيين والعلمانيين، تحديدا أولئك الذين كانوا طالبوا بـ "انحياز الجيش"، وجدوا أنفسهم يَسَفون التراب سَفًّا، حتى بعد أن تحقق لهم مرادُهم، "انحياز الجيش"، الذي كانوا يدعون إليه، متوسلين مبتهلين، ليل نهار، لدى العسكر.


(2)
سفوفتُهم الترابَ اليوم هي ذاتُها سَفَّة رصفائهم الانتهازيين المصريين، الذين كانوا مثلهم توسلوا إلى الجيش، لينقذهم من أول حكومة ديمقراطية في تاريخ مصر جاءت بانتخابات حرة، صحيحة، ونزيهة، تحت المراقبة وتأكيد الصحة والنزاهة، من قبل أعدائها المحليين والدوليين، حكومة محمد مرسي، التي لم يكن يعاب عليها شيء يدعو إلى الانقضاض عليها بقوة الجيش.
ولا يغير من هذا التقدير حقيقةُ فساد الإسلامية، كعقيدة سياسية، فالموضوع هنا مجاله الأخلاقية، وهو احترام قواعد اللعبة الديمقراطية إن أنت كنت قبلتَها، بعلاتها، وشاركت فيها، لكنك خسرت في انتخاباتها، وحالة مصر ليست حالة السودان، لكن الموضوع هو هو، انتهازية المثقفين العلمانيين والديمقراطيين واليساريين، والاستثناء متاح لمن يريد الصياح أنه ليس من بينهم.
...
فبعد استجابة الجيش المصري لتوسلات أولئك العلمانيين المصريين، وتنفيذه الانقلاب، وبعد اقتراف الجيش المصري وقوات الأمن مذبحة رابعة العدوية وتقتيل الإسلاميين المعتصمين، مما كان هلل له عديمو الأخلاق من علمانيي السودان، ألحق عبد الفتاح السيسي بأولئك العلمانيين المصريين، من أهل اليسار و"الديمقراطية"، شر العذاب، ونكل بهم تنكيلا، مما كان جزاء استحقوه بجدارة، لا يلومون إلا أنفسهم، كعلمانيين انتهازيين متعجلين كسالى.


(3)
لن يكون السيسي السوداني، الفريق أول ركن عوض محمد أحمد بن عوف، نائب أول رئيس الجمهورية ووزير الدفاع، إلا ما هو السيسي الأصل، بفارق إسلامية السيسي المقلِّد.
وفي جميع الأحوال، شهدنا كيف خلع زعيم الإسلاميين المكلَّف، عمر البشير، جلابيته وعمامته وعباءته، وهي كانت القشب الأولانية المقترحة من ثلة المثقفين الإسلاميين المعروفة، للتمويه والكاموفلاج، لإخفاء طبيعة الحدث، الانقلاب العسكري الإسلامي، ثم شهدنا كيف بعد ذلك ارتدى عمر البشير بزته العسكرية، وظهر يتصنع صرة الوَش، للتعويض عما في دواخله من الفزع والخوَر.
وكذا شهدنا مجموعة الجنرالات المقبوحين، الملطخة أيديهم، جميعهم بدون فرز، بدماء المدنيين السودانيين، ضحايا الجرائم العالمية، التي كانت هذه العصابة العسكرية شاركت في التخطيط لها، وتنفيذها، وتغطيتها، جرائم الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب، ومفظعات التطهير العرقي والتعذيب، في دارفور، ومنطقة النوبة، وقبلها في جنوب السودان.
ولا ننس الجرائم العالمية عبر الحدود الدولية، ضد شعب اليمن الصديق، المقترفة بمشاركة قيادات الجيش المليشيا الإسلامية، في دور المرتزقة المُكاتَبين بالمال السعودي.


(4)
فهذه هي، أمامنا، مجموعة العسكر الإسلاميين الحاكمة، برئيسها الحاضر، وبما سنلاقيه تباعا، من أذنابها، ومن فروعها، دائما بمادية العسكر والإسلاميين المعروفة لدينا، على مدى ستين عاما ويزيد، مادية الإجرام والاستبداد والخداع، المركوزة في الوقائع الثابتة في الأرشيف.
وكذا ينتهي الفرق بين الإسلامي المدني والعسكري، فهما سيان، في كيان موحد، تجمعهم "الإسلامية"، بشرها، ويجمع بينهم هذا الانقلاب العسكري الإسلامي الثاني.


(5)
فليعترف المثقفون الديمقراطيون واليساريون والعلمانيون، المحددون بأسمائهم وبهوياتهم وبعناوينهم، الذين كانوا فلقوا رؤوسنا بدعوتهم إلى انحياز الجيش وتدخله، فليعترفوا الآن بملكيتهم هذا الشطن الإسلامي الجديد، لكنه المجدَّد، وليعترفوا بدورهم، كدعاة انحياز الجيش وتدخله، في تهيئة مناخ عام، وتخليق هيئات عقلية، داخل الجيش، وفي المجال العام، حتى بين بعض الشباب، لتسويغ ذلك تدخل الجيش في الأمر السياسي السوداني.


(6)
وليعترف هؤلاء المثقفون، المحسوبون على العلمانية، بينما العلمانية محورها التفكير المتعمق، والأخلاقية، لا المنفعية، بملكيتهم هذي مراسيم الطوارئ، والتوجيهات العسكرية، وتعليق ما تبقى من وعد ألهبته عبقرية ثورة الشباب، بشأن الحريات.
وها هي الثلة العسكرية اللئيمة الماكرة تستدعي ذات أولئك دعاة الانحياز والتدخل، من العلمانيين عديمي القدرة على التفكير، أن تعالوا للحوار، لكن الآن تحت الجزمة العسكرية، في قطعيتها لا ترقى إلى مقامية النعل من صنعة حذَّاء.


(7)


فلماذا يتباكى هؤلاء العلمانيون دعاة انحياز الجيش؟
هل كانوا يتوقعون أن مطلبهم قبل أيام قليلة، "انحياز الجيش"، سيأتيهم في رسالة حب بالواتساب؟
أم كانوا يظنون أن "الانحياز" يقتصر معناه على مجرد تعبيرات في مفردات خاوية، تأتيهم من طرف الجيش، عن النوايا العسكرية الطيبة، وعن فهم العسكر مطالب الشباب، وعن رؤية الجيش للتغيير السياسي؟


(8)
وللتمثيل لهؤلاء دعاة تدخل الجيش في السياسي، من المثقفين العلمانيين/الديمقراطيين/اليساريين، وهم كثر في خيبتهم، أحدد ثلاثة، الحاج وراق، ياسر عرمان، وقيادة تجمع المهنيين، حتى لا يزوغ هؤلاء الثلاثة، لأنهم كانوا الأكثر ضجيجا في ولعهم بالعسكر، وحتى لا يلتبس الأمر بشأنهم في فوضى التفكير لدى كثير المصطفين دعاة تدخل الجيش.


(9)
على المستوى الظاهري، يبدو أن الذي يجمع بين شتات دعاة تدخل الجيش، من المحسوبين على العلمانية، هو تصديقهم "خرافة الجيش السوداني"، التي أنتجها ذاتهم هؤلاء الدعاة، بأنفسهم، ثم صدقوا خرافتهم، ومن بعد، نسجوا منها روايات عددا، تجد بعضها منثورا تم تخليقه تخليقا، من العدم، في التسجيل الصوتي للحاج وراق، وفي خطاب ياسر عرمان.
وبدون حياء، حوَّلت قيادة تجمع المهنيين هذه الخرافة مثيرة السقم إلى هتاف ممعن في البذاء، "جيش واحد شعب واحد"، فرضته قيادة التجمع على الشباب في مظاهرة أم درمان، فالتقطه منها عملاء جهاز الأمن المندسون بين المتظاهرين، وحتى لوري الجيش، وفيه شباب مدنيون مع عساكر يهتفون، كان خدعة إسلامية. وحسنا فعل الشباب المقاومون الذين أدركوا هرائية الهتاف ونبذوه.


(10)
لكن، وعلى المستوى الأعمق، فإن الذي يجمع، حقيقة، بين العلمانيين دعاة تدخل الجيش مصدقي الخرافة، هو استحواذ أدمغة هؤلاء الدعاة بذكورية عسكرية مفترضة، يراها الدعاة مُجَسْدَنة في رجال الجيش الأشداء، القادرين، في تصورات هؤلاء مسخ العلمانية، على حسم النزاع السياسي الدائر، حسمه بالقوة العسكرية، لمصلحتهم هم، العلمانيين، دعاة انحياز الجيش وتدخله.
فلكأنهم، هؤلاء العلمانيين المغرورين، الخيارُ الأوحدُ، والمفضلُ، لدى العسكر، بينما لدى العسكر طلابُ انحيازٍ أشكالٌ وألوانٌ، من المحلي إلى الأجنبي، ومنهم من هو مستعد للبذل، مليارات الدولارات رشاوى لكبار الضباط المفروشين للبيع، وكله عند الإسلاميين مفروش للبيع، خاصة القوات النظامية، المخصخصة بالكامل.
وفي نهاية الأمر، ليس هؤلاء العسكر في الجيش، اليوم، إلا المليشيا الإسلامية، ومن ثم لا يمكن أن يكونوا إلا كما هو معروف عنهم، بإسلاميتهم أو بدونها، وهو عداؤهم للشعب السوداني. والأرشيف حاضر، بوقائعه الدامغة، منذ بدايات استقلال السودان.
فللنظر، بتفصيل أوفى، في خطاب العلمانيين دعاة انحياز الجيش وتدخله، وفي مسارات تفكيرهم، وواضح القصد مما قد يبدو تعميما على كل العلمانيين، والاستثناء دائما متاح:


أولا، ياسر عرمان
(1)
لم يعد ياسر عرمان سياسيا مهما، ليس بسبب تجريده من كل سلاح، وقد كان تجريده من كل سلاح أفضل ما حدث له، وإنْ هو لم يفهمه؛ بل لم يعد ياسر سياسيا فاعلا، بسبب إثبات الشباب المدنيين المقاومين فشلَ كامل برنامجه، وعدم جدوى "النضال المسلح" مما يظل ينادي به.


(2)
أما ادعاء ياسر بدعمه الحراك الشعبي، فلا قيمة إضافية تذكر لهذا دعمه المدعى به، وينقضه من أساسه خطاب ياسر المهادن للصادق المهدي، الثابتة جرائمه العالمية، بما فيها الرق والمذابح العرقية وتجويع مواطني جنوب السودان.
وحيث لم يعد من مكان، في مجال ثورة الشباب، لمثل هذي انعدامية الأخلاقية السياسية، عقيدة السياسيين المعارضين المحترفين أهل النظام القديم. وقد تجاوزت ثورة الشباب جميع هؤلاء السياسيين المعارضين المحترفين، مثل ياسر عرمان، واعتمد الشباب القطيعة الفكرية والتنظيمية، مع كل الكيانات القديمة، بما فيها الحركات المسلحة.


(3)
وبالدرجة الأولى، لم يعد من قيمة لهموم ياسر عرمان أو مُزازاته وراء سرابيات المجتمع الدولي، بعد أن ظهرت جموع السودانيين في المهجر، كالقوة/المعرِفة المدنية الشعبية، الموزعة عبر الفضاءات الجغرافية والأسفيرية، وغير الخاضعة لاحتيال كيانات المجتمع الدولي، من أمبيكي، إلى الترويكا، إلى الاتحاد الأوربي، إلى مجلس الأمن.
فثورة الشباب لا تحتاج هذا المجتمع الدولي، بتركيبته الراهنة، وأجندته الوحشية، وبعدم أخلاقيته، بل أصبح هذا المجتمع الدولي خصما لثورة الشباب، عبر الدول العميلة في مصر والسعودية والإمارات وقطر، وعبر عملائه في الاتحاد الأفريقي، اتحاد حكام أفريقيا الطغاة الفاسدين، وكذا عبر عمالة الإسلاميين أنفسهم، بل مباشرة عبر دعم الاتحاد الأوربي مليشيات حميدتي الإجرامية، التي تسوم المهاجرين الشباب من الجنسيات الأفريقية المختلفة صنوف العذاب، وليست حركة الشباب السودانية معزولة عن هموم الشباب المهاجرين، من كل الجنسيات.


(4)
منذ الأيام الأولى للهبة الشبابية، وبتاريخ 25/12/2018، بدأ ياسر عرمان يصدر البيانات والأقوال يتوسل فيها إلى الجيش أن ينفذ انقلابا عسكريا، ضد عمر البشير.
لم يفهم ياسر عرمان، مثله مثل بقية العلمانيين المنادين بتدخل الجيش، أن المؤسسة العسكرية هي أهم كيانات نظام الإنقاذ/الدولة الإسلامية الإجرامية الفاسدة، وهي ليست خارج النظام وليست مستقلة عنه، وهي أصلا مؤسسة إسلامية، وتمت خصخصتها بالكامل قصد ضمان حماية مكاسب الحركة الإسلامية في السودان، وهي مكاسب مالية واقتصادية ورمزية.
بينما الإسلاميون يفهمون جيدا هذه الحقيقة البسيطة، أن الجيش مليشيا إسلامية، لكنهم بالطبع يدلسون عليها، قصد خدع الغافلين والمغفلين.


(5)
خلص ياسر عرمان، من تحليلِه الوضعَ الراهنَ، مباشرة بعد ظهور الشباب في الشوارع في شهر ديسمبر، إلى أن "الجيش" لا محالة سيتدخل ليُمسك بمقاليد الأمور (بيان ياسر في صفحته في سودانايل 25 ديسمبر).
وقد ثبت فعلا ما توقعه ياسر، ليس بسبب ذكاء سياسي قد يدعيه، وإنما بسبب قرار الإسلاميين تنفيذ انقلاب عسكري من نوع لم يكن ليخطر بذهن ياسر عرمان، وذهنه مشوش بسبب غشاوة خرافة الجيش التي يعتمدها ويروج لها.
فالذي كان استحق أن نتوقف عنده، في ذلك الوقت، هو ادعاء ياسر عرمان، بغير أساس، أنه "عند لحظة حاسمة، لابد أن ينحاز الجيش لإحداث التغيير"، وهو لم يقصد، عندئذ، إلا التغيير لصالحه أو صالح معسكره، ولم يفكر قط في أن الجيش سيتدخل لصالح قبيلته.
فها قد جاءت اللحظة الحاسمة، بعد شهرين من ترحيب ياسر عرمان بأي تدخل للجيش، لكن بغير ما كان أراده ياسر عرمان، فقد كانت اللحظة الحاسمة هي إدراك الإسلاميين، والجيش كالمليشيا الإسلامية، التهديد الوجودي لدولتهم الإجرامية الفاسدة، التهديد يأتيهم من الشباب المخيفين، فتدخل الجيش، منحازا إلى مجموعته العرقية-الطبقية، مجموعة الإسلاميين، مما كان أمرا طبيعيا.


(6)
نلاحظ أن اللغةَ كانت استعصت على ياسر عرمان، عند كتابته ذلك بيانه، المنشور أيضا في سودانايل 25/12/2018.
ولأن اللغة تُلَغْوِنُ (هايديجر)، أي إنها تتحدث أصالة عن نفسها، فهي بيَّنت لياسر عرمان، حتى قبل شهرين، وعلى لسانه، أن فكرته الغريبة، وتوقعاته غير المنطقية، وغير المسنودة بدليل من التاريخ أو من الحجة أو من سداد التفكير، لم تكن أصلا ذات قابلية لأن تَنْكَتِب، أي هي كانت فكرة مستعصية، بسبب خطلها الذاتي، على الكتابة الصادقة، فاختار لها ياسر الكتابة الاحتيالية، التي لا مفر منها، حين يريد الكاتب غصب اللغة لتعبر عما هو غير صحيح وغير حقيقي.
في ذات خطابه في ديسمبر 25/2018، واصل ياسر عرمان تلك الكتابة غير الصادقة، وأضاف إلى فكرته المتهافتة بعض "حركات"، منها تَخريجة ابتدعها ياسر لتسويغ رغبته التحتانية الجامحة في أن يتدخل الجيش، وياسر مغرم بالجيوش.
عندئذ، كتب ياسر، لتبرير ما كان واضحا تهافته، أن "الوجود الفاعل والكثيف للجماهير"، عند "تدخل الجيش وانحيازه لإحداث التغيير"، سيعين الجيش ليمضي في ذلك انحيازه وإحداثه التغيير! وهي لغته في ذلك بيانه بتاريخ 25 ديسمبر 2018.
لكن لم تكن من صحة موضوعية لأي من ادعاءات ياسر أن الجماهير كانت ستكون قادرة على ضمان أن الجيش، المسحور به ياسر، سيكون منحازا لهذه الجماهير، لتحقيق ما أسماه ياسر حلم التغيير المنشود، هكذا، بعد أن يقبض هذا الجيش، المجرد عند ياسر من كل تاريخية سياسية، ومن إجرام، على ما يسمى "السلطة"، لصالح معسكر ياسر عرمان.


(7)
وفعلا، قبض الجيش على "السلطة". ووجد ياسر عرمان نفسه يسف التراب سفا، مثله مثل غيره من المثقفين اليساريين المنادين بانحياز الجيش وتدخله.
ولأن ياسر عرمان يعتمد السياسة لعبة غير أخلاقية، يتقلب فيها السياسي كيفما يشاء دون مبدئية ودون اكتراث لما هو خارج الذات، فهو قرر ألا يعترف بخطل ذلك قراره دعوة الجيش إلى التدخل، وألا يعترف بخطل تقديره وفيه وعده أن الجيش بل سيتدخل "لصالح الجماهير"، بينما الجيش، نكرر دائما، لم يكن إلا تلك المليشيا الإسلامية، وهي لم تكن لَتنحاز، أو لَتتدخل، إلا لصالح المجموعة العرقية الدينية، مجموعة الإسلاميين.


(8)
بعد هذا الانفضاح المدوي لضعف التفكير والتقدير، قرر ياسر عرمان نسجَ تحليلٍ مراوغٍ أدخل في الكذب، لتفسير معنى هذا الانقلاب العسكري. أدخل في الكذب، لأن ياسر يعرف حقيقة هذا الانقلاب العسكري، ومع ذلك قصد إلى الالتفاف حولها، بالمراوغة، ومن ثم تثبيت ما هو مدرك أنه محض خداع.
وفي ذلك تحليله، أنشأ ياسر منظومة متكاملة منسوجة بالغش، لتحل محل الحقيقة المعروفة لديه، وهي الحقيقة تصرخ تقول لياسر إنْ هذا إلا انقلابٌ عسكري إسلاميٌ، لصالح جميع فصائل الإسلاميين، وضد شباب الثورة، وهو ليس انقلابا ضد أي من السياسيين المعارضين المحترفين، لأن النظام القديم كان أصلا عارف ليهم، وعارف كيف يجيبهم، في اللفة، للحوار، تحت الجزمة، كما كان الحوار في الخرطوم أو في أديس أبابا.


(9)
تلك كانت منظومة الاحتيال بالكتابة، في المقال الذي كتبه ياسر عرمان، بعد الانقلاب العسكري الإسلامي مباشرة، في سودانايل، بعنوان (خطاب البشير محاولة شراء الوقت من الجميع .. الطوارئ في مواجهة الثورة، والجيش في مواجهة الإسلاميين .. المؤتمر الوطني في خبر كان).
فلا نتحدث هنا عن أخطاء في الكتابة غير مقصودة بسبب سوء التقدير أو نقص المعلومات، بل عن الكتابة العارفة القاصدة، تتحدث عن نفسها، وتفصح عن حقيقة الاحتيال المنسوج فيها، رغم أنف كاتبها.
والجواب من عنوانُو، فقد اختزل ياسر الأمرَ الخطير، أمر الانقلاب العسكري الإسلامي الثاني، في نص "خطاب البشير"؛ ثم قدم تحليلا باهتا مشحونا بمُقحَماتٍ لا يصدقها ياسر، وحدد، بالغش، ما اعتمدهم بأنهم المستهدفون بإعلان حالة الطوارئ:
الجيش؛ بينما الجيش، يا ياسر، هو صاحب الانقلاب، ومنفذه، وحاميه، وهو الذي يقول لك الآن، بالواضح: تعال للحوار، تحت الجزمة!
الإسلاميون؛ بينما الإسلاميون إنما هم سعداء أيما سعادة، بهذا الانقلاب العسكري، الثاني، وقد تحقق حلمهم في الجيش، المليشيا الإسلامية التي كانوا أنشأوها ورعوها، وها هي تدخلت قصد إنقاذهم من ثورة الشباب، ومن المحاكمات، ومن التجريد من الأرصدة والممتلكات المنهوبة؛
والآن ستمنع هذه المليشيا الإسلامية كل محاولة للمساس بأهم مكاسب الإسلاميين، "الدولة الإسلامية العميقة"، وفي هذه الدولة العميقة تهيمن عضوية الحركة الإسلامية في جميع المؤسسات الحكومية وغير الحكومية؛
المؤتمر الوطني؛ وهو ليس إلا من عضوية الحركة الإسلامية ومن أعوانها المذعورين، لم يصدق أي منهم، من قبل، أن الله موجود، وفي صَفهم، وها هو البيان جاءهم في هيئة المليشيا الإسلامية الرائعة، "الله في!"
وقد تحدث الأستاذ محمد الحسن الأمين عن المؤتمر الوطني، ودافع بقوة الكذب الإسلامي عن الانقلاب العسكري؛
المجتمع الإقليمي والدولي؛ وهما كيان موحد لا أهمية له في المنعطف الراهن، غير قدرتهم على الخداع ودعم نظام الإنقاذ. ويبدو جليا أن ياسر عرمان يعيش الحسرة على غيبة المحتال الأفريقي أمبيكي، عميل الإسلاميين، وصنعة الاتحاد الأفريقي، دائما اتحاد حكام أفريقيا الطغاة الفاسدين المجرمين، كله ثابت بوقائعه في الأرشيف.
• انتخاب البشير، وهو المستهدف الأخير في قائمة ياسر لم يكترث له أحد أصلا.


(10)
فخلاصة الأمر هي أن اعتماد ياسر عرمان عقيدة الانقلابات العسكرية، ودعم هذه العقيدة بالترويج لخرافة الجيش، وبنسجه الروايات غير القابلة للتصديق، كله يبين هوية ياسر عرمان وماهيته، كالسياسي المحترف المشغول بالسياسة كلعبة قذرة، لعبة ليس فيها مكان للأخلاق أو المبدئية، أو الحقيقة.
وما لجوء ياسر عرمان إلى المراوغة، في الكتابة الاحتيالية، إلا لكي يمرر علينا ما هو تَصَنَّعه أن تقديراته الأولية كانت صحيحة، وهو مدرك أنها تقديرات مسكونة بالخطأ وبالخطل.
ينحصر تفكير ياسر عرمان، مثله مثل الدعاة الآخرين، بشأن تدخل الجيش، في المنفعية والغائية، على المدى القصير، مما هو أصلا تفكير غير أخلاقي، فيه الضيق والضجر بالتحليل السديد، وفيه طرد مقتضيات التفكر والتأمل، وهو من نوع الهرولة المتسارعة إلى استبدال ما هو محض خرافة عن "الجيش"، بما هو واضح وضوح الشمس، أن الجيش السوداني ليس إلا تلك المليشيا الإسلامية، ذاتها التي اقترفت الجرائم ضد الإنسانية، وجريمة الإبادة الجماعية، وجرائم الحرب، وشتى المفظعات الجماعية والفردية (جنوب السودان، دارفور، منطقة النوبة، واليمن).


(11)
فعند ياسر عرمان، كل المواقف غير الأخلاقية مقبولة، ما دامت هذه المواقف تحقق أغراضه السياسية، وحتى هذي أغراضه السياسية تظل متناقضة وغير مفهومة، من مبهمات الأحلام بالعودة إلى العسكرية، وإلى ما يسمى النضال المسلح، و"الجيش الوطني"، وبقية الكلامات الخاملة.
فهذي أفكار ياسر، بشأن الجيش، والنضال المسلح، والتغيير، لم تعد تجد إلا أذنا واحدة من أذنين، أذنا فاردة لدى الصادق المهدي، مكافأةً من الصادق لياسر عرمان على قبوله أداء دور ضابط العلاقات العامة، مهمته تزيين صورة الإمام، بمثل خدعة أن الصادق المهدي "جزء من النسيج الاجتماعي السوداني"، فيتعين قبوله في صفوف المعارضة.
أقول لياسر، وماذا عن قادة الإسلاميين المجرمين الفاسدين المحتالين، جميعهم، أليسوا مثل الصادق كذلك من ذات هذا النسيج الاجتماعي السوداني اللعين؟
والثابت هو لزوم اعتماد معيار الأخلاقية، عند اتخاذ القرارات الصعبة.


ثانيا، الحاج وراق
(1)
طلع علينا الحاج وراق في الأول من فبراير 2019، قبل أيام قليلة من الانقلاب العسكري الإسلامي، ببيان مسجل صوتيا، توسَّل فيه الحاج وراق إلى الجيش أن يتدخل، وطالب الحاج وراق اليساريين والعلمانيين والديمقراطيين أن يقبلوا تدخل الجيش، وأن يطرحوا جانبا ما اسماه هو "الأوهام" التي يعتمدونها عن الجيش، في تصوره.
https://www.youtube.com/watch?v=Mymj3ZL_1SA


(2)
قال الحاج وراق، يتفلسف، قصد إقناع نفسه، إن ضباط الجيش والجنود "في النهاية، هم بشر، وعندهم أهواء ومصالح ومشاعر، وما دام هم بشر، في لحظة ما، يمكن يتخذوا موقف غير الموقف المطلوب منهم من النظام".
تلك كانت أماني الحاج وراق، أن يتدخل ضباط الجيش والجنود لصالح موقف سياسي يخالف مصلحة نظام الإنقاذ؛ أي، أن يتدخل الجيش لصالح الموقف الذي يعتمده الحاج وراق!


(3)
اِستخدمَ الحاج وراق لغة الفيلسوف الألماني كارل شميت عن حتمية الصراع بين الطرفين المتناقضين، هنا العلمانيين والإسلاميين، وعن لزوم التمييز بين "العدو والصديق"، وسأل الحاج وراق ناس الجيش:
"من هو العدو؟ أهو الشعب أم مجموعة الخمسين [قادة الإسلاميين]؟"
ثم عزز الحاج وراق سؤاله إلى قيادة وضباط وجنود الجيش، وفصَّله على النحو التالي:
"مُش جا الوقت المناسب، بحيث إنو الجيش يتخذ موقف، لصالح شعبو، ضد مجموعة اللصوص [الإسلاميين] دِيَّة؟"
باختصار، يعني أعملوا انقلاب عسكري!


(4)
يعرف الحاج وراق، الآن، أن الجيش رد مباشرة، وبصورة حاسمة، على سؤاله، ومطلبه، وعلى حذلقته بالتفلسف.
رد الجيشُ على الحاج وراق، بأن انحاز هذا الجيشُ، بطريقته، وتدخل بانقلاب عسكري، انقلابٍ فيه دحض نهائي لكافة أشكال المحاجة بالمغالطة والتمنيات والأوهام، مما كان سجله الحاج وراق، صوتيا، مع صورته الفوتوغرافية، في اليوتيوب، بعنوان "رسالة إلى القوات المسلحة السودانية، الحاج وراق، سياسي وكاتب".


ثالثا، قيادة تجمع المهنيين
(1)
عندي، يظل تجمع المهنيين السودانيين؛ حتى بعد هذا المقال، هو الكيان الممثِّل لثورة الشباب، لكنه المتعين عليه إجراء تغيير في القيادة ومكوناتها، لضم ممثلين للشباب غير المهنيين.
وذلك بصرف النظر عن انتقادي قيادة التجمع، أو اقتراحي للشباب تنحية الطبيب محمد ناجي الأصم والأستاذ الجامعي د. محمد يوسف محمد.
ليس عندي، لتبرير موقفي من قيادة التجمع الحالية، غير ما تفرضه الكتابة الصادقة، في مسار كتابتها، وهي تركب إنشاءها متماسكا بالصدقية وبالأمانة، ومركوزا على ما يتوفر من وقائع حاكمة، والتزوير هنا أعتمده واقعة حاكمة.
وبسبب خطورة الموقف السياسي، يجب ألا نخاف من القفزة الاستدلالية، وهي بناء مستخلصات بالرغم من غياب كامل الأدلة والبينات، وعندما تكون القفزة سائغة، وهي ليست بالطبع قفزة مجانية، بل لها أسبابها، في سياق محدد بوقائعه الحاكمة، وبالأخلاقية.
ولأن القفزة الاستدلالية ذات قابلية للدحض، يجب أن نذكر أنه لا يمكن دحضها إلا بتناولها في تفاصيلها وفي منطقيتها، والرد الصريح عليها، وإلا ثبتت.
فأنطلق من أهمية الأخلاقية في الكتابة، أن أكتب فقط ما أعتقد أنه صحيح في ذاته، غير مكترث إلى ما إذا كانت النتيجة الخارجية على الكتابة ستكون جيدة أم سيئة، على المدى القصير، والصحيح يحمل قوته وديمومته على المدى البعيد.


(2)
بعد بيان ياسر عرمان في ديسمبر 25/2018، بأيام قليلة، بدأ تجمع المهنيين السودانيين يمهد لتسويغ فكرة تدخل الجيش منحازا إلى الجماهير، وجاء التمهيد في "إعلان التحرير والتغيير" الذي نشرته، مزوَّرا في جزء محوري فيه، قيادةُ التجمع.
فلنتذكر هنا أن الطبيب محمد ناجي الأصم قيل إنه "تم اعتقاله"، وكان القول جاء في بداية شهر يناير 2019، بعد قليل من تقديمي الإثبات أن محمد ناجي الاصم زوَّر إعلان الحرية والتغيير، وبعد أن تحديته، كتابةً قرأها قبل "اعتقاله"، أن يرد، بصورة شافية، بشأن أية لا علاقة له بالإسلاميين، أو بجهاز الأمن.
وكان التزوير ثابتا، بدليله، فلا يمكن إنكار حدوثه.


(3)
ولنتذكر أن ما زوره محمد ناجي الأصم كان حذفه من إعلان التحرير والتغيير، في الفيديو، عبارة "أولا، التنحي الفوري لعمر البشير".
وواضح الآن، أن ذلك التزوير، غير المفهوم تماما في حينه، في بداية يناير 2019، وهي كانت بداية التخطيط لهذا الانقلاب العسكري الإسلامي، لابد كان جاء ليكون متسقا مع ذات ما نراه اليوم، وهو قيادة عمر البشير للانقلاب، وكذا اليوم نرى التزوير متسقا مع التصريحات عن فتح أبواب الحوار مع الشباب وتجمع المهنيين، حيث لابد سيكون الطبيب محمد ناجي الأصم حاضرا، ليمثل التجمع والشباب.


(4)
ومما يدعم إثارة الشكوك، المشروعة، عن الطبيب محمد ناجي الأصم، المقال في سودانايل الذي كتبه الإسلامي د. عبد الله علي إبراهيم، من العدم، بدون أية مناسبة، بتاريخ 10 فبراير 2019، حين صعَّد المثقفون الإسلاميون حركتهم، بالكتابة الاحتيالية، أيضا لابد في سياق الإعداد لذات هذا الانقلاب العسكري الإسلامي الثاني.
وجاء مقال عبد الله بعنوان: "وا حلاتي دا ما الأصم: دعوا الرصانة ترفرف فوق سماء الوطن".
والترجمة هي: أليس هذا هو محمد ناجي الأصم، الرصين، .....؟ ويمضي المقال في التهيئة إلى أن محمد ناجي الأصم مؤهل تماما لقيادة "الشباب"، بالإضافة إلى قيادة تجمع المهنيين التي عرفناه في سكرتاريتها.

(5)
قال عبد الله إنه راجع "النِّتْ"، بعد أن نبهه الأستاذ عبد العزير حسن الصاوي، إلى "كتابات للدكتور محمد ناجي الأصم، العضو القيادي بتجمع المهنيين، حبيس جهاز الأمن القومي، منذ الرابع من يناير الجاري. وتتواتر الأخبار بأنه يخضع لتعذيب أشفق الناس على حياته".
علما أن الصاوي أحد المثقفين المقبولين لدى مجموعة المثقفين الإسلاميين، ويرد اسمه كثيرا لدى الأفندي، وشارك في ندوة الدوحة.
والبقية من النسج الاحتيالي لتلميع الأصم موجودة في مقال عبد الله، من مصدره في مقالين وحيدين لمحمد ناجي الأصم، منشورين في صحيفتين، النيلين، وهي جريدة جهاز الأمن، وسودانيزأونلاين، غير المعروف أمرها.
كتب عبد الله:
"راجعت النت، ووجدت كتابات للأصم عن التغيير تامة النضج. وطمأنتني على فكرة ... أن ... مثل الحراك الاستثنائي، الذي يؤجج بلادنا، إما أنتج قادته، وأما أنه بسبيل إنتاجهم.
ولم يصدُق قولي عندي، إلا حين ... قرأت للأصم. ورأيت رصانة تأسرني في الشباب، وحسا بالقيادة شفيفا ورحبا".


(6)
كنت كتبت عن ظاهرة الجزوليدفعلية، وموضوعها انتهازية واحتيال الطبيب الإسلامي الجزولي دفع الله، الذي تسلق إلى رئاسة وزراء حكومة الانتفاضة 1985، بعد أن كان أخفى عضويته في تنظيم الإخوان المسلمين، ومن بعد أنكر عضويته في الجبهة الإسلامية.
ومن ثم كنت أقصد أن الطبيب محمد ناجي الأصم قد يكون من معسكر الإسلاميين، مثله مثل الجزولي دفع الله.
(7)


فرد رد عليَّ د. عبد الوهاب الأفندي، وكان يدافع عن محمد ناجي الأصم، دون أن يذكر اسمه أو اسمي، في مقاله (البشير يريد إسقاط النظام)، بتاريخ 5 فبراير 2019، وهو المقال في تاريخه الذي يسجل، وفق متابعتي وقراءتي اللصيقة خطاب الإسلاميين، الشروع في الإعداد الفعلي للتهيئة لتنفيذ الانقلاب العسكري، المتفق عليه بين الإسلاميين.
هذا ما كان كتبه الأفندي، في تسويغ واضح لتقديم محمد ناجي الأصم، في المستقبل القريب، كممثل ثورة الشباب، يفاوض نيابة عنهم، وليمثلهم في أية تركيبة حكومة تكنوقراط يفرضها الجنرالات قادة الانقلاب العسكري الإسلامي:
كتب الأفندي:
(ويمكن أن تضطلع شخصياتٌ ذات جذور نقابية [اقرأ الأصم]، وحتى عسكرية، بدور انتقالي مشروط، ولكن لا الجيش ولا النقابة هما أداة حكم ديمقراطي.
(وعليه من السذاجة استغراب [اقرأ، استغراب عشاري في سذاجته] غَلَبة توجهات النقابيين [اقرأ، ناجي-الجزولي] السياسية، لدى انخراطهم في الحكم الانتقالي، فالحكم شأن سياسي، لا نقابي، والخيارات التي تتخذ فيه خيارات سياسية.
(وقد وقع الشيء نفسه في ثورة أكتوبر عام 1964، حين انكشف انحياز كل ممثلي النقابات والمنظمات المهنية في حكومة أكتوبر لخيارات الحزب الشيوعي، الذي أصبح له ثمانية وزراء في الحكومة، مقابل ممثل واحد لباقي الأحزاب!)
وهكذا، كان الأفندي يعد لظهور الأصم على حقيقته السياسية، بعد تسلق سلم النقابة إلى الوزارة، مثله مثل السلف، بمن فيهم من الشيوعيين.


(8)
أما د. محمد يوسف محمد، فأعرفه وأثق فيه. لكن الكتابة الأخلاقية تفرض فرضا أن أعرض إلى ما أراه غريبا، بشأن د. محمد يوسف في قيادة التجمع.
فلنتذكر جيدا أنه كان تم "اعتقال" د. محمد يوسف ثلاث مرات على الأقل، وفي كل واحدة من المرتين الأوليين كان د. محمد يوسف، "المعتقل"، يظهر، فجأة، هكذا، من السماء، دون إنذار سابق أنه كان تم إطلاق سراحه، في المرة الثانية أو في المرة الأولى.
فما يتعين تسجيله هنا هو أن مثل هذه الخدع، من قبل قيادة التجمع، لا تليق بمن يتصدى للعمل السياسي العام، بمخاطره المعروفة، خاصة ممن هو في مقامية د. محمد يوسف محمد.


(9)
فيتعين على د. محمد يوسف محمد، الآن، أن يفسر بصورة واضحة، وكافية، ومقنعة، ملابسات اعتقاله مرتين، وإطلاق سراحه في كل منهما، ثم اعتقاله مجددا، ولا نعرف اليوم ما إذا كان يظل معتقلا، كما كان تم نشره، أم تم إطلاق سراحه.
كذلك سيتعين على د. محمد يوسف أن يفسر، الآن، سر تزوير الفيديو، تحديدا تفسير مسح النص "أولا، التنحي الفوري للبشير". خاصة وأن ذلك المسح التزويري يمكن تفسيره، الآن، بطريقة مختلفة، في سياق هذا الانقلاب العسكري الإسلامي، بقيادة ذات عمر البشير، مما كان مفاجأة، خاصة وأن بيان التحرير والتغيير كان زَوَر بالتحديد العبارة "أولا، التنحي الفوري لعمر البشير"، بأن مسحها. فهل كان الطبيب محمد ناجي الأصم على صلة بمجموعة الإسلامية التي كانت، في نهاية ديسمبر 2018، تخطط للانقلاب العسكري، وتناقش دور عمر البشير؟
أي، هل كان مسح عبارة "التنحي الفوري لعمر البشير" بسبب تغيير لدى الإسلاميين بشأن دور عمر البشير، من الدعوة إلى تنحيه، إلى قبوله قائدا للانقلاب العسكري؟
والنصوص المختلفة تتحادث فيما بينها، كل نص يسائل النصوص الأخرى أن تفصح عن حقيقتها، بإزالة التناقضات وأسباب التشكك.


(10)
جاء تمهيد قيادة التجمع لـ "انحياز الجيش" في عبارات فضفاضة متهافتة في ذلك "إعلان التحرير والتغيير"، وهو كان إعلانا هزيلا ذا قابلية أن يقبل التوقيع عليه حتى المؤتمر الوطني ذاته، لأن لغة الإعلان كانت تُبقي على استمرارية الدولة الإسلامية العميقة، كما هي، دون تغيير، وكانت اللغة في الإعلان تُغازل القواتِ النظاميةَ، ذاتها الإجراميةَ الفاسدةَ، معذبة الشعب السوداني، وتناديها باسم الدلع، "إخواننا وأبناءنا"، تعالوا معانا، بس ما تضربونا عليكم الله، ولكأن ثورة الشباب كانت عند تجمع المهنيين لعبة هزلية:
(وندعو إخواننا وأبناءنا، في كافة القوات النظامية، للانحياز إلى جانب الشعب، ومصلحة الوطن والمواطن، وعدم التعرض للمواطنين العزل، بالقتل أو التنكيل، لحماية البشير ونظامه الذي سقط فعلياً أمام إرادة الجماهير الباسلة.)


(11)
يجب أن نقرأ نص "إعلان التحرير والتغيير" في تناصه مع كل نصوص الخطاب الإسلامي، ومع نصوص الممارسة الإسلامية، بشأن الانقلاب العسكري الثاني:


(12)
الآن يمكن أن نقارب بصورة جيدة فهم سبب تزوير محمد ناجي الأصم النص "أولا، التنحي الفوري لعمر البشير"، بقراءة جديدة: أن محمد ناجي الأصم كان تم توجيهه من قبل الإسلاميين بحذف عبارة "أولا، التنحي الفوري لعمر البشير"، في سياق لابد كان تم فيه الاتفاق بين الإسلاميين على قبول عمر البشير رئيسا للانقلاب العسكري.


(13)
والآن يمكن أن نفسر حركات مجموعة المثقفين الإسلاميين، منذ بداية الحراك الشعبي، بما فيها الكتابات الاحتيالية من قبل المثقفين الإسلاميين الخمسة الكبار، التجاني عبد القادر، عبد الوهاب الأفندي، خالد التجاني النور، عبد الله علي إبراهيم، والطيب زين العابدين.
والآن يمكن أن نفسر حتى الظهور المفاجئ لتجمع المهنيين السودانيين وإقحام نفسه في تسيير المظاهرات، مباشرة عندما اتخذت ثورة الشباب منحى لم يكن يتوقعه أحد، في الأسبوع الأخير من ديسمبر 2018.


(14)
ولا يعني ذلك أن تجمع المهنيين كذبة كبرى، وأراه كيانا له أساس في الواقع، إذ لا يمكن اختزاله في الطبيب محمد ناجي الأصم، لكن لابد من الحذر، ومن إجراء تغييرات، أهمها تنحية محمد ناجي الأصم ومحمد يوسف محمد، وكلاهما مفترض أنه "معتقل"؛ وضمان تمثيل الشباب، في عضوية قيادة التجمع، حيث وصول الشباب إلى موقع اتخاذ القرار.
وما لم يحدث هذان التغييران، فورا، يفقد تجمع المهنيين مشروعيته.


(15)
لقد انطوى كامل خطاب تجمع المهنيين، (وندعو إخواننا وأبناءنا، في كافة القوات النظامية، للانحياز إلى جانب الشعب، ...)، على فهمٍ فاسد أَطَّرَ العلاقةَ بين القوات النظامية وتجمع المهنيين، فهمٍ مفاده أن تجمع المهنيين قرر، من وراء ظهر الشباب أصحاب الحدث الثوري، "إعادة تأهيل" القوات النظامية، وفيها الجيش بماضي جرائمه العالمية، وفيها الشرطة الفاسدة، حتى النخاع.
وكذا شملت إعادة التأهيل، من قبل تجمع المهنيين، قوات جهاز الأمن، التي ظل كاملُ برنامجها، على مدى ثلاثين عاما، منذ إنشاء حسن الترابي بيوت الأشباح 1989، متمحوِرا في تعذيب المعارضين، على الطريقة الإسلامية: بالتجسس عليهم، وملاحقتهم، والقبض عليهم، وضربهم، وحبسهم، وتجويعهم، وإهانتهم بالألفاظ البذيئة من قاموس الإسلاميين الخاص، واغتصابهم جنسيا، واستهدافهم بالقتل، بشتى الوسائل، من بينها القسوة المفرطة في التعذيب المفضي إلى الموت، وأخيرا القنص بالبنادق ذات المناظير، والدهس بالسيارات المتحركة.


(16)
مهما تسترت قيادة التجمع وراء الكلمات في إعلان التحرير والتغيير، فلا تعني دعوتها الجيش، أهم كيانات القوات النظامية، إلى "الانحياز"، إلا ما يفهمه الجيش بـ "الانحياز"، من لغة مثل هذه الدعوة.
ومع ذلك، فالجيش لم ينفذ هذا الانقلاب العسكري استجابة لدعوة من التجمع أو من غيره من كيانات المعارضة، بل استجابة لقرار صدر من الحركة الإسلامية السودانية.
لكن همي هنا هو أن ما فهمه الجيش من تلك دعوة تجمع المهنيين، لانحياز الجيش وتدخله، وكذا من دعوات أخرى من قبل علمانيين وديمقراطيين ويساريين، يُحسب سلبا على هؤلاء الدعاة، وهو الفهم الذي يتلخص فيما يلي:
• إن كافة جرائم الجيش، بما فيها الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب، والمفظعات المريعة، مثل التطهير العرقي والتعذيب، تم غسلها، وأصبح الجيش، فجأة، عند العلمانيين وتجمع المهنيين، بريئا من كل الدماء، ومن كل استحقاقات الانتصاف والعدالة، للضحايا في قبورهم، أو في معسكرات التشريد، أو في عزلتهم في القرى والمدن؛
• إن عمالة الجيش السوداني، كجيش مرتزقة في خدمة شيوخ الخليج، في حربهم العدوانية ضد شعب اليمن الصديق، أصبحت عمالة مقبولة لدى هؤلاء أهل اليسار؛
• إن فساد المؤسسة العسكرية، واستغراق كبار الضباط في نهب الممتلكات العامة والأراضي والمال العام، واندراجهم في مستنقع العمولات، أصبحت موضوعات لا ينشغل بها هؤلاء أهل اليسار؛
• وحتى هيئات كينونة الجيش، كمؤسسة حزبية، وكمليشيا عرقية-إسلامية تتصرف بعقلية العصبية الدينية، شعارها الله أكبر، ما أخفت الشعار إلا بعد التوجيهات من أمريكا، فهذي طبيعة الجيش السوداني، حياته في ماديتها، كلها أصبحت خارج الإطار الإدراكي لدى قيادة تجمع المهنيين، أو لدى العلمانيين، جميعهم طلاب انحياز الجيش وتدخله في الأمر السياسي.
علما أن الذي يراد للسودان، المختلف، بفعل ثورة الشباب، والمنشأ من أول وجديد، هو ألا يكون فيه مكان للجيش في السلطة التنفيذية العليا، أو في محل القرار السياسي، بل أن يأتمر الجيش لتوجيهات الساسة المنتخبين، ومنها إمكان إصدار قرار بتنفيذ تغييرات في هيكلة الجيش، وفلسفته، وعقيدته، وربما حتى حله، وإنشاء قوات استراتيجية حديثة محله، وإحالة الجنود والضباط، بعد المحاكمات على الجرائم والإفساد، إلى وظائف أخرى في مشروعات الحكومة، وفي مشروعات خاصة.
• ودونك ماضي حكم الجيش خمسين عاما من بين ستين تقريبا، منذ الاستقلال، وهو ماض مصبوغ بالاستبداد، وقلة الأدب، والاستعراض الفارغ.
وبالرغم من كل الوقائع الثابتة أعلاه، نلاقي عدم قدرة دعاة تدخل الجيش في السياسة، هؤلاء العلمانيين والديمقراطيين واليساريين، وتجمع المهنيين، عدم قدرتهم على مجرد الشوف، شوف العين، دع عنك عدم قدرتهم على التفكير أصلا.


(17)
هكذا، بفعل العلمانيين والديمقراطيين واليساريين مصدقي خرافة الجيش، أدرك هذا الجيش، المطلوب انحيازه وتدخله، أن جرائمه العالمية المريعة، وفظيع فساده، وعار عمالته للأجنبي، وتصيره مليشيا حزبية دينية، واستبداده في الأرض السودانية، منذ الاستقلال، أصبحت كلها طي النسيان.
وهو مما قوَّى شكيمة العسكر لتنفيذ انقلابهم الإسلامي، لكن فعل العلمانيين بالطبع لم يسبب الانقلاب، والذي تقع مسؤوليته الكاملة على الإسلاميين.


(18)
والنقطة التي يتعين ألا تغيب عنا هي أن هذا الجيش كان دائما، ويظل، عدوا للشعب السوداني.
وما هذا الانقلاب العسكري الإسلامي، الثاني، إلا الإثبات الإضافي لمشاعر العدوان التي يكنها الجيش ضد الشعب السوداني، ممثَّلا الشعب هنا في الشباب الذين خرجوا في مظاهرات حاشدة، رفضوا بها الدولة الإسلامية الإجرامية الفاسدة، بما فيها مؤسساتها جميعها، وأهمها مؤسسة الجيش ذاتها، التي لا تختلف في إجرامها أو فسادها أو احتيالها عن بقية مكونات المُركَّب الكلي، كامل نظام الإنقاذ/الحركة الإسلامية السودانية/الدولة الإسلامية الإجرامية الفاسدة.
ودونك الإثبات المتمثل في قيادة الانقلاب العسكري الإسلامي، المتفق عليها، منذ نهاية ديسمبر 2018 أو أول يناير 2019، وهي قيادة أوكَلتها الحركة الإسلامية مجددا إلى عمر البشير، قصد توحيد جميع الإسلاميين، وجميعهم كانوا يواجهون خطرا وجوديا من قبل الشباب الثائرين، فوحدتهم كانت ضرورية لكل منهم.


(19)
فالمسألة هنا، عن أن الجيش عدو لشعب السودان، مسألة وقائع، وليست مجرد تقريرات سبقية، أو أقوالا مبنية على أيديولوجيا.
وهذا التقدير، أن الجيش عدو الشعب، تكييف موضوعي، وقانوني، وتقييمي على مستوى الأخلاق، وإلا لم يكن من معنى لأن هذا الجيش هو الكيان الذي اقترف جريمة الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، والمفظعات من كل نوع في السودان، وعبر الحدود الدولية، وهو الجيش الذي يتحمل المسؤولية الكبرى في تدمير السودان، وفي إقامته استبداد الحكم الشمولي وضمانه استمراريته، خلال خمسين عاما من ستين منذ استقلال السودان.


(20)
ما أن أدرك هذا الجيش، المليشيا الإسلامية، أن تجمع المهنيين، وفيه تحالف اليساريين والديمقراطيين والعلمانيين، وبعض السياسيين التقليديين الذين لا وزن لهم، غفر للجيش، كمؤسسة، وكضباط أفراد، إجرامَه وفساده واحتياله، حتى استبطن هذا الجيش فهما سوَّغ له المضي قدما في تنفيذ المخطط الانقلابي المتفق عليه منذ نهاية ديسمبر 2018، وربما قدرت قيادة هذا الجيش أنها ستتمكن من الدفاع عن قرارها بالإشارة إلى دعوات العلمانيين والتجمع وقبائل اليسار إلى الجيش لينحاز وليتدخل في فضاء السياسة، مجددا.
ويظل همي التدمير النهائي لفكرة تدخل الجيش في السياسة.


(21)
كانت طريقة الانحياز والتدخل من قبل الجيش هي الطريقة الوحيدة التي يعرفها الجيش، طريقة الحكم العسكري، بالمراسيم والتوجيهات، والقمع والقهر والعنف المقنن، مما هو الآن بين أيدينا، لا يُلغي حقيقتَه البينةَ بهدلةُ العلمانيين، أو تذاكيهم بالقول إن الطوارئ ليس فيها شيء جديد.
إن استهبال هؤلاء المثقفين اليساريين والديمقراطيين والعلمانيين، استهبالهم بلغة الاحتيال، في رد فعلهم على الانقلاب العسكري الإسلامي، استهبال لا يعرف حدودا.
وأرى أن المثقف الانتهازي، خاصة من معسكر العلمانيين، أكبر التحديات أمام الشباب في ملاقاتهم التفكير في "البداية الجديدة"، لإنشاء السودان من أول وجديد. وكان عنوان مقالي الأول عند بداية الهبة الشبابية هو "لزوم الحذر من المثقفين ...".


(22)
لقد كانت تلك التوسلات للجيش، من العلمانيين الانتهازيين، هي الأكثر أهمية لقيادة الجيش، بالمقارنة مع مطالبة المثقفين الإسلاميين للجيش، وأغلبها سرية، أو هي خداعية بعد فعل الاتفاق بين الإسلاميين على تنفيذ الانقلاب العسكري، المطالبة أن يتدخل الجيش لحسم فوضى الشباب المعارضين المقاوِمين.
فهؤلاء الأخيرون، المثقفون الإسلاميون، هم أصحاب الحق في الجيش المليشيا الإسلامية، بينما لم يكن أهل اليسار عند الجيش إلا ناس قريعتي راحت، ولا قيمة لهم عند الجيش، المليشيا الإسلامية، إلا بمقدار غبائهم في دعمهم "خرافة الجيش"، وترويجهم شعار "جيش واحد شعب واحد".


(23)
فلنقبل أنه ما جعلَ قيادةَ الجيش تُنفذ الانقلاب العسكري الإسلامي، في معية الإسلاميين، وأن تقبل بعمر البشير رئيسا للانقلاب، رغم سقوطه إلى الحضيص، إلا التفافُ جميع الإسلاميين، بمن فيهم المثقفين، حول فكرة "الانقلاب العسكري الإسلامي الثاني"، هذه المرة لإنقاذ السودان من "الفوضى"، وحيث لم يكن للإسلاميين من مخرج غير هذا الانقلاب العسكري.
ولا يهم كثيرا إنْ كان عمر البشير، كقائد الانقلاب، دلدولا، أم هو كان فاوض الإسلاميين المتآمرين بالحجة والتهديد أو بالابتزاز، ومن ثم كسِب موقعه قائدا للانقلاب المتفق عليه لدى الإسلاميين جميعهم، وهو أفضل السيناريوهات لجميع الإسلاميين، بسبب أن عمر البشير لديه بطانته، بما في ذلك في الجيش نفسه.


(24)
وكل ما عداه، من نوع انتقاد بعض الإسلاميين، مثل غازي صلاح الدين، أو الطيب زين العابدين، لحالة الطوارئ، أو لعمر البشير قائدا للانقلاب، لا قيمة له، وكله خداع إسلاميين، وجميع الإسلاميين، أكرر، متحدون خلف الانقلاب، على أقل تقدير، لأنه يعطيهم مساحة للتفكير في الخطوات القادمة، قصد حماية أنفسهم من كل محاكمة على جرائمهم الثابتة، ومن كل تجريد من الأرصدة والممتلكات المنهوبة، وقصد ضمان استمرارية الدولة الإسلامية العميقة باقية في المؤسسات الحكومية والخاصة.


(25)
فلأغراض الخداع، قبل أيام قليلة، أوكل الإسلاميون إلى د. الطيب زين العابدين الدعوة المرائية للجيش أن ينحاز، وأن يتدخل، بينما كان د. الطيب على علم تام أن قرار تنفيذ الانقلاب العسكري كان أصلا تم الاتفاق عليه بين الإسلاميين والجيش منذ نهاية ذلك ديسمبر 2018.
فلنسجل أن د. الطيب زين العابدين كتب مطالبة التدخل بالواضح في مقاله في سودانايل يوم 16 فبراير 2019، بعنوان ماكر قصد به الطيب عدة معان، كيدا في العلمانيين وهم كانوا المقصودين بالعنوان: "النُصح بمُنعرج اللّوى لعلهم يستبينوه ضحى الغد"، على النحو التالي:
(يتوجب عليه [الجيش]، حينئذٍ، أن يتدخَّلَ، لإزاحة هذا النظام، الذي استلم السلطة بانقلاب عسكري، واستدامها بالبطش والاستبداد ونهب الأموال. وذلك حماية لأمن المجتمع السوداني، من انتشار الفوضى والعنف، اللذان يمثلان خطراً حقيقيا على البلاد، كما حدث في بلاد أخر [جميع الشولات مضافة].)
نعرف الآن أن د. الطيب كان يخادع، وكانت كتابته أعلاه غير موجهة للجيش، فالجيش كان على علم، وكان دور د. الطيب تهيئة الرأي العام لتدخل الجيش، وهو التدخل الذي كان معروفا سبقا لمجموعة المثقفين الإسلاميين، وأيضا كان الطيب يريد الخداع والتلهية عن وشوك وقوع الانقلاب العسكري ذاته، بالإضافة إلى النكاية في العلمانيين الغافلين.
لهذا السبب كانت حجج الطيب في تبرير طلبه تدخل الجيش ضعيفة للغاية، مما اسميته استهباله واحتياله في المحاجة. حيث لم يكن الطيب يقول الحقيقة، بل كان أصلا يقصد الاستهبال على الشعب السوداني، موضوع عداء الإسلاميين.


(26)
كذلك كان قادة وضباط الجيش يعرفون بصورة جيدة وعميقة أن الطيب زين العابدين حادب على حماية الدولة الإسلامية المهددة من قبل ثورة الشباب، وحادب على حماية المؤسسة العسكرية، أهم مكونات الدولة الإسلامية العميقة.
لكن لم تكن هناك عرفة أعمق، لدى قيادة الجيش وضباطه، من معرفتهم بانتهازية المثقفين العلمانيين المنادين بانحياز الجيش وتدخله.
إذ تعتقد قيادة الجيش، وضباطه الإسلاميون، من التجارب السابقة، أن بعض هؤلاء المثقفين العلمانيين سينبطحون يلحسون بين رجلي كل ضابط في الجيش، إن هو الضابط انتصب منحازا، ومباشرة تدخَّل، كما هم المثقفون العلمانيون أرادوا له الدخول، وإنهم العلمانيون، في تقدير الجيش، سينصاعون للأوامر باللحس، ثمن انحياز الجيش إليهم، بالفهم الوحيد لمعنى عبارة "انحياز الجيش".
لسوء حظ العلمانيين، فاتت عليهم فرصة اللحس، فقد فضل الجيش عليهم الملاحسة مع المثقفين الإسلاميين، فانحاز إلى جانب القبيلة، بانقلاب عسكريٍّ إسلاميٍّ في تركيبته، وفي مقاصده.


رابعا، العلمانية غير الأخلاقية
(1)
هؤلاء المثقفون من أهل اليسار والديمقراطية، والذين تجمع بينهم العلمانية، في شكلها غير الأخلاقي، والعلمانية الأصل تعتمد الأخلاق في السياسة، تجدهم في هذه انتهازيتهم، وهي لا تتغير، وتجدهم في لولوتهم، وهي بدون طائل وبدون نهاية، وفي محاجتهم البليدة وهي من أدواتهم القارة، تجدهم اليوم يحاولون التدليس على الحقيقة الظاهرة عيانا، حدث الانقلاب العسكري الإسلامي، فيلوون عنق الحقيقة بين يديهم، يدَّعون بالمراء أن الذي حدث لم يكن انقلابا عسكريا، بل هو حالة طوارئ كانت قائمة أصلا!


(2)
لكن أسوأ مغالطاتهم هي أن "انحياز الجيش" لم يكن من النوع الذي كانوا قصدوه أو الذي كانوا دعوا إليه!
فلكأنه كان عندهم عقد زواج مكتوب مع الجيش، لينحاز إليهم الجيش يأتيهم حرثا بالطريقة التي يفضلونها.


(3)
لا يدرك هؤلاء العلمانيون عشاق الجيش، أنهم، إن كانوا يريدون دخول الجيش، بالطريقة التي يفضلونها، كان يتعين عليهم أن يفعلوا ما فعله المثقفون الإسلاميون المذعورون، المشغولون بإنقاذ الحركة الإسلامية/نظام الإنقاذ/الدولة الإسلامية العميقة.
وقد شملت طريقة المثقفين الإسلاميين توزيع الأدوار بينهم، كل منهم كان له دور محدد في مخطط محكم للخداع والتدليس وتمكين الجيش:


أولا،
التيجاني عبد القادر وعبد الوهاب الأفندي، ودورهما إجراء الاتصالات مع دولة قطر، المعادية لطموحات الشعب السوداني، ونشر أخبار عن لقاءات يعقدونها مع الاتحاد الأفريقي والمجتمع الأوروبي، بالإضافة إلى نشر مقالات تهاجم عمر البشير، وتحصر مشكلة النظام فيه، وإضافة حديث عن الفوضى المحتملة، وعن الدماء التي ستسيل مثلما حدث في الثورة الفرنسية، ومن ثم الدعوة إلى تصالح مع العلمانيين، بشروط إسلامية تعجيزية، فيها استبعاد ما يسمونه "الإقصاء"، ويقصدون عدم تفكيك الدولة الإسلامية العميقة، والإبقاء عليها كما هي دون تغيير في تركيبتها من عضوية الحركة الإسلامية؛


ثانيا،
نشر مقالات إلهائية، أحيانا للتضليل، ولإرسال الرسائل الكاذبة أو المغلفة؛


ثالثا،
عقد ندوة في الدوحة، بإيجارة رموز الحراك الشعبي، والتكليف مدفوع الثمن لبعض المثقفين الرُّحل غير المعروفة لهم من هوية غير حب الاستعراض، وخدع بعض المثقفين اليساريين ذوي المواقف، قصد تلويث سمعتهم، وكراء بعض الشخصيات غير الإسلامية، جميعهم، وغيرهم، لمشاركة عتاة المثقفين الإسلاميين، المعروفين أو السريين، في "النقاش"، وكله كان لتلهية المثقفين المعارضين عن مهامهم الملحة في دعم ثورة الشباب، ولبث انطباع خداعي عن وفاق يتم إنشاؤه بين الإسلاميين والعلمانيين، بينما كان هؤلاء المثقفون الماكرون شاركوا في التخطيط لتنفيذ هذا الانقلاب العسكري الإسلامي، قبل الندوة بأكثر من سبعة أسابيع.
كانت ندوة الدوحة امتدادا لمنتدى نيروبي، الممول من قبل جهاز الأمن، وكان التمويل لندوة الدوحة أيضا من جهاز الأمن/نظام الإنقاذ، ومن دولة قطر، المعادية لشعب السودان، والمستخدِمة المال لشراء عمالة أهل الإنقاذ، ولتعزيز وضع الحركة الإسلامية السودانية.


(4)
ومع ذلك، ما كان الجيش، المليشيا الإسلامية، لينحاز إلى صالح الحراك الشعبي، أو إلى صف العلمانيين دعاة تدخل الجيش، حتى إذا كان هؤلاء العلمانيون نفذوا ألف مرة ما نفذته مرةً واحدة مجموعة المثقفين الإسلاميين المعروفة.
فالذي قصدته، هو لزوم بذل الجهد المنظم، واعتماد الأخلاقية الصارمة، فلسنا مثل الإسلاميين.
ما كان الجيش لينحاز إلى صف الحراك الشعبي، لأن الجيش أصلا كان قالها بصراحة، أكثر من مرة، إنه لن يسمح بإسقاط النظام الإسلامي.
ولأن الجيش، وهو مليشيا إسلامية، يحتقر تجمع المهنيين، ويحتقر الشباب المناهضين للدولة الإسلامية، لا يغير منه كذب عثمان بن عوف وزير الدفاع عن رؤية للتغيير السياسي في السودان، لدى الجيش، وكان تم تكليف الأفندي بالترويج لهذه الفكرة المخترعة، أيضا لأغراض الخداع.


(5)
لا ينظر الجيش إلى دعاة تدخل الجيش، من العلمانيين واليساريين والديمقراطيين المعارضين، وقيادة التجمع، إلا وهم كما كان وصفهم عمر البشير، القائد العام لقوات الشعب المسلحة، زعيم الإسلاميين، وقائد الانقلاب العسكري، بعد أن كان أهل اليسار تحدوه بدعمهم المظاهرات الشعبية.
وقد وصفهم البشير بأنهم "الخونة والمرتزقة والعملاء"، ووعدهم بالتقتيل على الطريقة الإسلامية، أنه سيقطع رؤوسهم، "حَنْجِزَّهم إن شاء الله، حنكتلهم [أو، حنقبضهم] واحِدْ واحِدْ، ونْوَرِّيكُم ليهم، واحد واحد، وحَتْشوفوهُم واحِدْ واحِدْ، إن شاء الله".
ولم ينس عمر البشير توصيف هؤلاء العلمانيين واليساريين والديمقراطيين بأنهم من "المغرضين ... الحارسين الواتْسابْ والكيبورد"، ولم ينس تكرار أنهم من الناس "العُملا والخَونة والمرتزقة".
فالكلام واضح، من هذا رئيس الانقلاب المكلف، لكن لم يفهمه في وقته دعاة انحياز الجيش وتدخله، من المعتقدين في خرافة "الجيش السوداني".


(6)
حقا، لقد كان من السذاجة بمكان، ومن الغباء السياسي، أن يتوقع العلمانيون والديمقراطيون واليساريون، المحددون بأسمائهم، أن ينحاز الجيش إلى جانبهم، وكأن الجيش كيان كما هو في خيالهم كَمٌّ مجرد، بدون تاريخية، وبدون مصالح، وبدون عضوية الأغلبية الساحقة من ضباطه في الحركة الإسلامية.
وأصلا كان الاتفاق مستحيلا، حتى إذا كانت قيادة التجمع، والشخصيات العلمانية المعارضة، ذهبت شخصيا تتوسل لدى الجيش أن يتدخل تقول له إنها ستمكنه من نفسها، دع عنك أن تكون هذه الكيانات اكتفت بإرسال القبلات عبر هواء الأسافير.


(7)
فالذي أردتُ تبيينه بهذا العرض هو أن الدعوة إلى "انحياز الجيش"، أو إلى "تدخل الجيش"، لا يمكن إطلاقها هكذا عفو الخاطر، ثم أن تتوقع، بسبب حذلقتك، كمثقف علماني، أن الجيش سينحاز ويتدخل لصالحك، وكأن الجيش كيان إلهي محايد، قاعد فوق في السماء، فلا يعيش في ذات واقع الإفساد الإجرام والاحتيال الذي يشكل جوهر العقيدة السياسية لنظام الإنقاذ، وهي عقيدة الإسلامية، التي لا تعيش ولا تنشأ أصلا إلا بهذي ثلاثية الاحتيال والإجرام والإفساد، وكلها الثلاثية مجسدنة في مؤسسة القوات المسلحة، مما كله مسنود بوقائعه الدامغة في الأرشيف.


(8)
نعم، لقد ظل الإسلاميون يعقدون الاجتماعات السرية مع الجيش، منذ بداية الهبة الشبابية في ديسمبر 2018، وخلال الأسبوع الأول من بداية يناير 2019، وخططوا لهذا الانقلاب العسكري.
وهم لابد تركوا توقيت تنفيذ القرار الأساس، وشكل استلام السلطة، والتفاصيل، لقيادة الجيش، ومجموعة الصغيرة من قيادات الحركة الإسلامية، بمشاركة علي الحاج.
ثم تلقوا الدعم التقني في كيفية الاحتيال على الشعب السوداني، وإصلاح الخطاب، وكتابة خطاب الانقلاب، من المثقفين الإسلاميين المعروفين، عبد الوهاب الأفندي، التجاني عبد القادر، عبد الله علي إبراهيم، خالد التجاني النور، والطيب زين العابدين.
وفي النهاية، تقرر تنفيذ الانقلاب المتفق عليه، بعد أن أدرك الإسلاميون في الجيش، وفي جميع كيانات الدولة العميقة، انفضاح إجرامهم وفسادهم واحتيالهم، على الملأ، وأدركوا أن ثورة الشباب، إن هم تركوها تستمر، فهي حتما ستطيح بهم وبكامل مشروعاتهم وصناعتهم في مجال الفساد، وأن المحاكمات على جرائمهم ستُعقد، وأن الأرصدة والممتلكات التي نهبوها ستُسترد إلى الشعب، وأن الدولة الإسلامية العميقة ذاتها سيتم تفكيكها.
وما كان الإسلاميون، في جميع المؤسسات، بما فيها الجيش، ليقبلوا بهذا المصير.


خامسا، التفسير النفساني لولع المثقفين بالجيش
فكيف نفسر ولع هؤلاء المثقفين العلمانيين واليساريين والديمقراطيين، الذين نادوا بانحياز الجيش وتدخله، كيف نفسر هذا ولعهم بضباط الجيش؟


(1)
الذي أراه هو توق هؤلاء المثقفين إلى ذكورية العسكر، وهو التفسير على مستوى النفسانيات، بأنه توق مشدود إلى الأشواق الدفينة، المستحوِذة على أدمغة هؤلاء المثقفين، العلمانيين، فيخرِّجونها في خطاب خرافة الجيش، خطاب الزهو بذكورية العسكر، أن العسكر، في اعتقاد هؤلاء المثقفين العلمانيين، بأسمائهم، حتى لا يتطاير الشرر يصيب المثقفين العلمانيين العارفين، هم أبطال الحل الشافي، لحسم فوضى حميدتي وكتائب علي عثمان وقوات جهاز الأمن.


(2)
ولكأن هؤلاء العلمانيين يريدون منافسة المثقفين الإسلاميين في عشق العسكر، إذ يعتقد الإسلاميون، من جانبهم، أن ذكورية العسكر هي الحل الشافي لفوضى الشباب، خاصة فوضى الشابات معذِّبات الإسلاميين.
وهكذا، كل يغني لفوضاه.


خاتمة
في جميع الأحوال، سيُلحق الشباب الهزيمةَ الماحقة بالإسلاميين، بجيشهم، وهم اليوم متحلقون حول انقلابهم العسكري الإسلامي الثاني.
أسجل هنا بعد ما أراه المهام الملحة، في هذا المنعطف في مسار ثورة الشباب:


أولا،
لزوم إدراك الشباب حقيقة الانقلاب العسكري، من حيث إسلاميته، ومشاركة جميع كيانات الإسلاميين في قبول فكرته، وفي التخطيط له، والتكتم على ماهيته، ودعمه بعد حدوثه، بما في ذلك بالتغطية على طبيعته، ونشر الخداع بتصنع بعض الإسلاميين أن لا علاقة لهم به، أو أنهم يرفضونه، أو هم ينتقدونه.
فكله كله محض خداع إسلامي مثيلٍ للخداع بشأن الانقلاب العسكري الإسلامي الأول، 1989.
وهو انقلاب عسكري هدفه الأساس وأد ثورة الشباب.


ثانيا،
أهمية التفكر من قبل الشباب بصورة متعمقة في حقيقية الإسلامي، كإسلامي، من حيث إجرامه وفساده واحتياله، واستقراء الدلالات التي يجليها هذا التفكير المتعمق، وتأثير ذلك في تكييف كيفية التعامل مع هذا "الإسلامي"، الذي تتعزز يوميا المعرفة باهترائه الأخلاقي.
ثالثا،
يتعين على الشباب قبول قدرهم، وهو المقاومة المستمرة، قصد إسقاط الدولة الإسلامية الإجرامية الفاسدة، أيا كانت الأشكال التي يتخذها هذا الكيان الشطني، لكن دون الانشغال بتوقيت السقوط ذاته. وهنالك لزوم التفكير في تطوير استراتيجيات وتكتيكات مستحدثة للمقاومة.


رابعا،
اعتماد سلمية المقاومة، بالسلمية القائمة على التفكير والتدبير، وعلى شحذ العزيمة، والتسلح بالأخلاقية، وهي سلمية محكومة بالسياق والظروف، وليست سلمية مطلقة في جميع الأحوال.
فالمقاومة العنيفة ضد قوات الأمن، وقوات الجيش المليشيا الإسلامية، المقاومة بالأجساد المتراصة، دون أسلحة نارية، أو أسلحة بيضاء قد تقتل، والتصدي بالقوة الجسدية العنيفة ضد الاعتقال، واقتحام أماكن الاعتقال، لتحرير المعتقلين، خاصة النساء، كلها أشكال مقاومة تندرج في "السلمية"، المعرَّفة بمشروعية الدفاع عن النفس، وعن ذوي القربى، وهم جميع المقاومين، بدون استثناء، في مراكز الاعتقال، أو في بيوتهم، أو في الشوارع والميادين، أو في المؤسسات التعليمية، أو في أي مكان آخر.


...


عشاري أحمد محمود خليل
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »


دولة التطبيع والتنظيم العالمي للإخوان تحاول اختراق الثورة السودانية .. بقلم: د. حيدر إبراهيم نشر بتاريخ: 01 آذار/مارس 2019


مازالت رائحة مصافحات وعناقات المطبعين مع رئيس الكيان الصهيوني في مؤتمر وارسو حتى قامت دولة التطبيع ومقر التنظيم العالمي للاخوان المسلمين وأكبر قاعدة أمريكية في الشرق الاوسط وصديقة ايران في الخليج العربي والتي تستضيف هذه الايام بطولة تنيس للسيدت لا تشارك فيها سيدة قطرية واحدة، بالإعلان عن ما أسمته قطر ملتقى عن تحديات الانتقال الديمقراطي السلمي في السودان! وبعد شهرين من انطلاق ثورة سلمية هزت أركان النظام الاخواني في السودان ووصلت الثورة مرحلة لا تحتاج فيها لنصائح قطرية ولا للسناريوهات والمبادرات .ولكنها محاولة خبيثة لتحقيق هدفين :

الأول : تشويش مواقف الثوار وبذر الشقاق والفتنة
الثاني : إلحاق الاسلامويين السابقين أو المتمردين بركب الثورة كما يظهر في أسماء المدعوين منهم .
وينظم الملتقى المركز العربي للدراسات والسياسات والذي يديره د/ عزمي بشارة والذي أعرفه مناضلأ شرسأ حتى دخل الكنسيت وكاتبا ثاقب الفكر صاحب كتاب ” المجتمع المدني” وذلك قبل أن يجرفه سيل البترودولار ويلقي به في داخل عباءات الشيوخ والأمراء .
وبشارة لم ينظم ندوة للتضامن مع احتجاجات العودة الاسبوعية رغم أنه فلسطيني لأن دولة التطبيع لن تسمح له بذلك!
ولذلك يفرض وصايته على المستضعفين السودانيين لانه يعلم انهم مجاملون ومؤدبون . وهو لايستطيع اقتراح مثل هذا الملتقى
علي السوريين او العراقيين او اليمنيين . لذلك استطاع حسب قائمة المشاركين أن يجمع يساريين مع إسلامويين سابقين لم يقدموا نقدا ذاتيا لتأييدهم وحماسهم غير المحدود للانقلاب بداية التسعينيات . وحتى الآن لم يصدروا إدانة واضحة للتعذيب في بيوت الاشباح ولا لفصل الجنوب ولا لتفشي الفساد ولا الانحلال السياسي .
أورد فيما يلي مواقف بعض المشاركين من الانقلاب :
كتب التيجاني عبدالقادر مقالأ عن تجربة الانتقال للحكم الاسلامي ” بعد إدانة النظام الديمقراطي الغربي والمجتمع السوداني . يكتب ” كيف تستطيع طليعة إسلامية ما أن تدير دولة حديثة . كيف يتم الانتقال من الواقع الراهن الذي ارتبطت به مصالح فئات كثيرة وألفه الجميع الى وضع آخر لم تر صورته من قبل؟ وعليه فإن رجل الدولة المسلم المعاصر سيجد نفسه في مواجهة واقع معقد، ومصالح متقاربة وعلاقات شائكة! ولا عليك أإلا أن تلج باب الاجتهاد الواسع فإذا أصاب في اجتهاده فتح بابا رأسيا للنهضة الاسلامية العالمية وإذا أخطا وفرمادة جديدة للمسلمين تعينهم على استدراك أخطائهم واستئناف مشروعهم النهضوي .
أمام هذه االضغوط الداخلية والخارجية لم يكن أمام ثورة الإنقاذ إلا أن تحتمي بالعمق الشعبي متجاوزة الأعراف الاستعماريه والاطر النظامية والتقلدية التي كانت تمرعبرها السلطة والثروة. لكي تنجح منهجية التجاوز الشعبي هذه علينا أن نذكر النماذج الآتية من المساقات التي سارت عليها ثورة الإنقاذ :
(1) الدفاع الشعبي
(2) الدبلماسية الشعبية
(3) الغذاء الشعبي
(4) التعليم الشعبي المستمر
(5) نظام المؤتمرات الشعبيه
” المرجع: المشروع الاسلامي السوداني ، قراءات في الفكر والممارسه ، الخرطوم معهد البحوث والدراسات الاجتماعية1995م ص 41حتي 67،.
مشارك آخر هو محمد محجوب هارون وكتب في نفس الكتاب ” استقبل السودان عشية الثلاثين من حزيران (يونيو) 1989م حقبة جديدة في تاريخه السياسي المعاصر .
اعتبره عديد من المراقبين مختلفا عن الانقلابات السابقة .
إلا أن الثابت الآن أنه يحظى بقبول جيد في الشارع السوداني …. ومن بعد ثلاث سنوات من عمر النظام فإن من الثابت الان انه يتبني توجها إسلاميا واضحا يمكن وصفه بانه مشروع إسلامي سوداني في حالة التكوين (ص 74) .
ويضيف ” هذا النظام كما يقول منظرون يحقق” المثال (الحرية ) ويستلهم الواقع ( البيئة السياسية )
أما عبدالوهاب الافندي فكان الملحق الاعلامي للنظام بلندن في سنوات بيوت الأشباح ورافق الترابي في لقاءاته الإعلامية التي أنكر فيها التعذيب وانتهاك حقوق الانسان حتى بعد أن رفع المحامي عبد الباقي ساقه البديلة كدليل على التعذيب ولم يكن بامكانه ان يفعل غير ذلك وهو صاحب كتاب رسالة جامعية بعنوان ” ثورة الترابي”.
هؤلاء هم اللذين سيناقشون وبلا خجل او ندم ” تحديات الانتقال السلمي الديمقراطي في السودان ”
ولكن الهدف الحقيقي هو أن دولة التطبيع والهرولة والتنظيم العالمي للاخوان وخلايا الاسلامويين المتمردة تخشى سقوط ما تراه تجربة اسلامية للحكم في السودان . وتحاول إنقاذ الإنقاذ بمثل هذه الملتقيات التعيسة .
لا يوجد من يطالب بعزل الاسلامويين سياسيا في التجربة الديمقراطية القادمة لان العزل مخالف للمبدأ الديمقراطي الأصيل .
ففي المانيا بعد سقوط النازية تمت محاكمة النازيين في نورمبرج ولكن سمح لهم بتكوين حزبهم القومي وشاركوا في الانتخابات . لذلك نحن نرفض أن يشوش الاسلامويون المتمردون أو غيرهم على ثورة الشباب السودانية وان يحاولوا اللحاق بركبها واحتلال مواقع متقدمة .
ومن ناحية أخرى على الديمقراطيين السودانيين أن يتحلوا بقدر من الحصافة والكياسة وعدم المجاملة في معركتهم مع الاسلاميين وأزلام دويلة التطبيع، وان تكون مواقفهم صريحهة وقاطعة في صد أي محاولة للاختراق أو التشويش . وشق الصف الديمقراطي وإرباك شعارات الثورة باسقاط النظام وتصفية النظام بأكمله ومنذ السنوات الاولى .
ارفعوا اياديكم عن ثورة الشباب وأبعدوا عن السودان مالكم المفسد والمخرب ، وكفى شراء أخصب الاراضي السودانية بأسعار بخسة .
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

نقطف من مقال د. عشاري مآخذه على د. محمد يوسف أحمد المصطفى وليس محمد يوسف محمد كما ذكر عشاري

كود: تحديد الكل

(8) 


أما د. محمد يوسف محمد، فأعرفه وأثق فيه. لكن الكتابة الأخلاقية تفرض فرضا أن أعرض إلى ما أراه غريبا، بشأن د. محمد يوسف في قيادة التجمع.
فلنتذكر جيدا أنه كان تم "اعتقال" د. محمد يوسف ثلاث مرات على الأقل، وفي كل واحدة من المرتين الأوليين كان د. محمد يوسف، "المعتقل"، يظهر، فجأة، هكذا، من السماء، دون إنذار سابق أنه كان تم إطلاق سراحه، في المرة الثانية أو في المرة الأولى.
فما يتعين تسجيله هنا هو أن مثل هذه الخدع، من قبل قيادة التجمع، لا تليق بمن يتصدى للعمل السياسي العام، بمخاطره المعروفة، خاصة ممن هو في مقامية د. محمد يوسف محمد.


لم أجد في هذا المقال ما يشين د. محمد يوسف ، فقد بان أنه لا يعرف اسم الرجل !
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

من حامد للشقليني

مشاركة بواسطة حسن موسى »


سلام يا الشقليني
محول لعنايتك و عناية القراء تعليق الأخ د. حامد فضل الله على ما جاء في سودان للجميع ، الجمعة 8 مارس 2019 ، حتى يكون مفهوما للقاريء .





الأخ الأستاذ عبد الله الشقليني
ملاحظتك " لكننا يتعين أن نتمهل في الأوليات"، ثاقبة وجديرة بالاِهتمام والتمعن، وهي في صيغتها المختصرة رداً على المقالات الثلاثة لكل من حيدر وعشاري وحامد.
فلك الشكر.
حامد فضل الله، 9 مارس 2019
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

شرك المثقفين (1)

نقطف من مقال دكتور حيدر إبراهيم :
أما عبدالوهاب الافندي فكان الملحق الاعلامي للنظام بلندن في سنوات بيوت الأشباح ورافق الترابي في لقاءاته الإعلامية التي أنكر فيها التعذيب وانتهاك حقوق الانسان حتى بعد أن رفع المحامي عبد الباقي ساقه البديلة كدليل على التعذيب ولم يكن بامكانه ان يفعل غير ذلك وهو صاحب كتاب رسالة جامعية بعنوان ” ثورة الترابي
*
المنظمة السودانية لمناهضة التعذيب ..(بخصوص عبد الباقى عبد الحفيظ الريح المحامى)
ونذكر بمقالات متعلقة بالمحامي : عبدالباقي عبد الحفيظ الريح:
https://sudaneseonline.com/board/160/ms ... 47238.html

*
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

تحية للدكتور حامد فضل الله
وتحية للدكتور حسن موسى
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

عن الدكتور الطيب زين العابدين
معروف أنه كان رئيس مجلس شورى الإخوان المسلمين قبل انقلاب الإخوان عام 1989. وهو ضمن 3 رفضوا الانقلاب . ولكنه بدأ يكتب المقالات التي تنقد الإنقاذ بملمس ناعم ، عام 1992 . وبعدها انزلق للنقد للإنقاذ . وتلك خصيصة أمنية للإخوان ، ألا تحبط التنظيم : تنتظر حتى تنجح الحركة في عملها التي تعترض عليه ولا تفشله حتى ، يقف على أرجله . ومن ثم توجه نقدك . وهو ميثاق بين كل المنتمين لحركة الإخوان المسلمين.
نضيف إلى ذلك ، أنه لا يختلف عن الإنقاديين إلا في التكتيك ، فهو يؤمن بالحكم الإسلامي الإستئصالي ولم يعتذر .
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

ليس دفاعـاً عن الشاب محمد ناجي الأصم ولكن ضد العقلية التي يمثلها عشاري محمود .. بقلم: إسماعيل التاج
التفاصيل C نشر بتاريخ: 13 آذار/مارس 2019 < الزيارات: 235

12 مارس 2019

ضد من؟

أفرد د. عشاري أحمد محمود خليل مقالين بتاريخ 3 يناير و11 مارس 2019 على موقع سودانايل يدمغ فيها الشاب د. محمد ناجي الأصم بالتزوير في إذاعته لإعلان الحرية والتغيير. اطلعتُ على المقال الأول وأنا بالسودان وكتبتُ رداً لم أنشره في وقتها حتى لا ندخل في مماحكات لا تساعد الحراك الثوري وقتها وأيضاً لتوظيف الوقت في مسائل وأمور أكثر حيوية تتعلق بالحراك على أرض الواقع. الواقع، حيث رائحة البمبان والإطارات المحروقة تتسرب إلى الرئتين في عشقٍ كامل للحياة والتغيير ورائحة هتافات الشباب القوية تنسل إلى مسارب الروح فتعبر بها إلى سماوات التغيير الحتمي القادم والمضمخ بدماء الشهداء الذين كان من الممكن جداً أنْ يكون د. محمد ناجي الأصم أحدهم. فهل كانت شهادته ستكون تزويراً أيضاً؟ شباب امتهنوا طريق الخلاص تخطيطاً وتنفيذاً وحملوا رؤوسهم في أكفهم ابتغاء سودان جديد خالٍ من سطوة الإنقاذ وفسادها وقتلها لكل ما هو جميل. وخفف من غلواء المقال الأول لعشاري وأحكامه الانطباعية وتجاوزاته وقسوته، مقال جاد به الشاعر فضيلي جماع في اليوم التالي مباشرة، الجمعة 4 يناير في ذات الموقع، وإنْ كان فضيلي سار في ذات الدرب الذي مشى فيه عشاري من حيث التشكيك في البيان الذي أدلى به الشاب محمد ناجي الأصم، ولكن فضيلي توقف خطوات من دمغ البيان بالتزوير وطالب بتوضيحات بدلاً عن ذلك. وفي تفقده الكريم لحال الوطن والثورة وما يحدث على أرض الواقع، تلقيتُ مكالمة في أو حوالي 20 يناير من الأخ فضيلي، ثلاثة أيام تقريباً بعد استشهاد د. بابكر عبد الحميد، تطرقتُ فيها عرضاً لما كتب د. عشاري وفضيلي نفسه في أمر البيان الذي أذاعه الشاب محمد ناجي الأصم، وقلتُ لأخي فضيلي أنني كتبتُ رداً ولم أنشره ونحتاج أنْ نمضي للأمام (نمشي لي قدام). وأذكر في ذلك اليوم كنتُ بمعية الأخ أحمد حنين الذي تحدث أيضاً مع فضيلي.

في مقال ثاني طويل تجاوز 7400 كلمة نشره د. عشاري يوم الأثنين 11 مارس في موقع سودانايل، عاد د. عشاري مرةً أخرى ليبحث في ذات الأمر. حسناً، لا بأس في ذلك. لن نبحث عن الدوافع من وراء النشر، فالمقال يتحدث عن نفسه، ولن أدمغه بما دمغ به الآخرين من اسلاموية وعمالة للنظام. لا يحق لي ذلك. سوف أتطرق للمقالين. دون خوض في ارسال أحكام جزافية من حيث المبتدأ على كتابة عشاري.

فما الذي أضافه عشاري في مقاله الثاني وهل يختلف عن المقال الأول بتاريخ 3 يناير؟
• هذه المرة يزعم د. عشاري أنه حسم أمر التزوير بصورة نهائية (اثبات التزوير على الشاب محمد ناجي الأصم). ثم يعود ليناقض نفسه.
• يدعو عشاري إلى الزامية منع الطبيب محمد ناجي الأصم من تمثيل الشباب المقاومين، أو التحدث باسمهم، لدى أية جهة حكومية، أو غير حكومية.
• يزعم عشاري أنَّ الأصم يعمل لمصلحة نظام الإنقاذ. ويقع على الأصم إثبات العكس.
• يطالب عشاري تجمع المهنيين تـنحية الطبيب محمد ناجي الأصم من القيادة والسكرتارية.
• يطالب عشاري بمنع الأصم من التحدث باسم التجمع أو نيابة عنه، مع النظام، أو مع أية جهة
• يطالب عشاري بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة، لاستجواب محمد ناجي الأصم فيما ينسبه إليه د. عشاري.
• يطالب عشاري بطرد محمد ناجي الأصم من التجمع، أو إعادة تأهيله.
• يزعم عشاري أنَّ الطبيب محمد ناجي الأصم غير مؤهل، أخلاقيا لتمثيل الشباب
• يعمل عشاري على شيطنة الأصم بقوله (يضحك علينا الأصم، لأنا، في تقديره، جموع أغبياء، تمكَّن هو، الطبيب، بذكائه، وهو تذاكيه، من تمرير خدعته الخبيثة).

أمَّـا سبب عودة د. عشاري للكتابة مرة أخرى حول الشاب محمد ناجي الأصم فهو أكثر غرابة وعدم تماسكية. إذ أنه يستدعي أربعة مقالات لـ د. عبد الله علي إبراهيم، نشرها خلال شهر ( 10 فبراير – 10 مارس)، لها علاقة بتجمع المهنيين السودانيين والدكاترة والأصم. ويشير عشاري في مقاله إلى (أفعال الخداع والتدليس مما نسجه عبد الله في هذه المقالات الأربعة) مع تأكيد عشاري على اسلاموية عبد الله علي إبراهيم وتكليفه (من النظام لأداء هذه المهمة المعيبة). وهذا موضوع لا ناقة لنا فيه ولا جمل، وعبد الله علي إبراهيم أكبر وأقدر على التصدي لهذه المزاعم، إنْ رغب في ذلك.

إنْ كان ثمة ملاحظة على مقال د. عشاري الثاني فهي تنصيب نفسه وصياً على الشباب وعلى تجمع المهنيين السودانيين، وراسماً لهم خارطة طريق للتخلص من الشاب محمد ناجي الأصم بعد أنْ شيطنه، نعم للتخلص من محمد ناجي الأصم وليس التخلص من نظام الإنقاذ.

لقد فات على عشاري محمود أنه منذ مقاله الأول في 3 يناير أنَّ تجمع المهنيين السودانيين صار لحناً يعزفه آلاف السودانيين داخل الوطن وخارجه في تلاحمٍ غير مسبوق مع أي مكون أنتجه السودان حديثاً، وأنَّ التجمع يعمل في تناغم وتدبير محكمين في شراكة حقيقية مع الفاعلين على أرض الواقع من قوى الحرية والتغيير وقوى المجتمع المدني والتجمعات الشبابية والطلابية وقطاعات واسعة من الشعب السوداني في الفرقان، الأحياء، القرى والمدن، دون التقليل من حجم التحديات التي تواجه التجمع وثورة ديسمبر 2018، ودون تخوف أو تردد في تصحيح المسار والاستماع والاستجابة لمكونات الشعب السوداني التي تنشد التغيير مستفيداً من التقييم الموضوعي للتجربة. جرت مياه كثيرة تحت جسر المقال الأول لعشاري في 3 يناير 2019، ولكن يبدو أنه لم ينتبه لها أو آثر وتعمد عدم الانتباه لها ليمضي عشاري في استعادة شريط مقاله الأول في بداية يناير ذلك المقال الذي تجاوزته الأحداث وتحوُّل التجمع إلى رمزية أمل مع بقية مكونات الشعب السوداني للخلاص من الإنقاذ ومشروعها الذي قاد الوطن إلى دمار غير مسبوق.

تناقضات وارتباكات د. عشاري:
أولاً: ينم مقال د. عشاري عن عدم إلمام بواقع الحال. يقول عشاري: (تحدثت مع الأستاذ صلاح شعيب، الممثل الرسمي لتجمع المهنيين في أمريكا، وطلبت منه أن يثير هذا الموضوع مع قيادة التجمع)، في وقتٍ يعلم فيه الداني والقاصي، والعدو والصديق، أنه لا يوجد تمثيل لتجمع المهنيين بالخارج.

ثانياً: سعي عشاري الحثيث للفصل بين الأصم والثورة، مثلما حاولت الإنقاذ الفصل بين الشباب وبقية مكونات الثورة، فلقنها الشباب درساً في الوعي. ممارسة نفس التكتيك الانقاذي. يقول عشاري: (إذ لن يؤثر شيء في ثورة الشباب، ولن يوقفها مثل هذا الإسناد للأصم.). أي أنَّ تجريم الأصم لن يوقف الثورة. مع ملاحظة أنَّ الشاب محمد ناجي الأصم لم يدعي ملكيته أو قيادته للثورة حتى نستطيع الخوض في المسألة ابتداءاً.

ثانياً: تحت ما أسماه د. عشاري (المحادثة مع صلاح شعيب)، وواضح أنها محادثة هاتفية، إلاَّ أنَّ عشاري يطلب (ألا يرد عليَّ شعيب بصورة خاصة، بل أن ينشر ما توصل إليه، في العلن). مكالمة هاتفية "خاصة" من عشاري، ويطلب الرد أنْ يكون علناً. أمرٌ مدهش ومذهل.

ثالثاً: بالرغم من بدايته لمقاله بإثبات التزوير على الأصم فيقول: (فأقدمُ في هذا المقال، مجددا، الإثباتَ، هذه المرة بطريقة نهائية وحاسمة، أن الطبيب محمد ناجي الأصم زوَّر "إعلان الحرية والتغيير")، إلاَّ أنه يعود لاحقاً للقول (لكن، قد أكون أخطأت في تفسير ما كيفته "تزويرا"، وهو تنازل مني شكلي وغير جاد، أقدمه قصد ترك الباب مشرعا للتوضيح من قبل قيادة التجمع. فالمسألة مسألة وقائع، في جميع الأحوال، والوقائع تدين الطبيب محمد ناجي الأصم، بصورة نهائية وحاسمة). هذا الاقتباس وحده يوضح حجم الارتباك والضبابية التي دخل فيها د. عشاري. فبعد الدمغ بالتزوير يعود ليترك الباب مفتوحاً بأنه قد يكون أخطأ في تكييفه للتزوير. ليترك الباب مفتوحاً للتوضيح من طرف تجمع المهنيين. يسير الآن عشاري في ذات الخط الذي أبتدره فضيلي جماع في مقاله بتاريخ 4 يناير في سودانايل مطالباً بالتوضيح بدلاً عن الإدانة. ولو لم يشر فضيلي إلى ذلك لما تنبه عشاري وربما استمر في أحكامه الجزافية. وربما وجد عشاري مخرجاً الآن لأحكامه الجزافية فيما جاء به فضيلي. وبالرغم من ذلك يستمر عشاري في ربكته وارباكه للقاريء، فينهي جملته بإدانة الشاب محمد الأصم بصورة نهائية وحاسمة رغم اقراره واعترافه بأنه قد يكون أخطأ في تكييف التزوير. وهكذا يدور عشاري في ثلاثية (تأكيد التزوير-خطأ في التكييف-تأكيد التزوير). وفي قمة الصلف والغرور يقدم تكييفه الخاطيء في قالب تنازل، لأنه هو الذي لا يُعلى عليه ولا على كتاباته المتناقضة وغير المتماسكة. هل يستطيع شخص بمثل هذا الارتباك المغلف بالصلف أنْ ينصب نفسه قــيِّـماً وحاكماً وقاضياً ووصياً ؟

وإنْ أردنا الاستزادة في تناقضات عشاري، ها هو تحت بند (4) من الفقرة رابعا، "السؤال عن تجمع المهنيين: إن يبد لكم يسؤكم"، يقول: (إن الكلام الوحيد الجدير بالنظر الآن، بشأن الأصم، هو هذا خطابي الذي فيه أسند الاحتيال للطبيب محمد ناجي الأصم، مرتكزا على البينات المادية). أي بيناتٍ مادية تركن إليها مرة أخرى وأنت القائل والمُـقـر قبل ذلك بظنية الخطأ في تكييف التزوير؟ كيف فات عليك عدم التدقيق في تناقض كهذا؟


من ناحيتي، يجب التأكيد على أنَّ الشاب محمد ناجي الأصم ليس محصناً ضد النقد، ولكن "التجريم" المغلظ والانطباعي غير مستساغ وينأى بالإنسان عن الموضوعية ويجعل المتابع يبحث عن الهدف والغرض والدافع وراء مثل هذا "التجريم"، خاصة عندما يكون تجريماً ممنهجاً يُعاد تدويره كلما خطى تجمع المهنيين خطوة، "واثق الخطوة يمشي ملكـاً" في قلوب الشباب الثائر والشرفاء من أبناء وبنات الوطن.

ويبقى السؤال: إذا كان الشاب محمد ناجي الأصم هو أحد قادة الشباب الذي يقود تجمع المهنيين السودانيين، ولو قدم ما قدم حتى الآن لكفاه، فماذا قدم د. عشاري من جهود لإزالة نظام الإنقاذ المستبد الذي جثم على صدر الشعب السوداني 30 عاماً؟ وماذا يمثل؟ أسئلة حقيقية وليست للاستهزاء أو التقليل من شأن د. عشاري. نأمل منه أنْ يطلعنا على دوره بدلاً من نصب مشانق التشكيك والاقصاء والتجريم لشباب قدم الكثير ويُنتظر ويُرتجى منهم الكثير، ويثق فيه الشرفاء من أبناء وبنات الشعب السوداني.


عودة إلى المقال الأول بتاريخ 3 يناير 2019
ملحوظة: لا أرى سبباً للقاريء لمتابعة هذا الخيط المكرور. ولكن فقط لحفظ التسلسل وتأكيد منهجية عشاري في الحرص الدؤوب على تجريم الشاب محمد ناجي الأصم وتجمع المهنيين السودانيين.

حول حكم التزوير الذي أصدره د. عشاري في حق تجمع المهنيين السودانيين

نشرت سودانايل دوت كوم (sudanile.com)، بتاريخ 3 كانون الثاني/يناير 2019 مقالاً طويلاً تجاوز الأربعة ألف كلمة لـ د. عشاري أحمد محمود خليل تحت عنوان (قيادة تجمع المهنيين السودانيين)، كتبه د. عشاري من موقع تواجده حالياً في سياتل، الولايات المتحدة الأمريكية. ورغم محاولة د. عشاري التأكيد على أنه ليست لديه أوهام عن دور له في تغيير مسار الأحداث السارية نسبةً لتواجده خارج السودان، إلاَّ أنَّ بوصلة المقال واضحة الهدف: النيل من تجمع المهنيين السودانيين وتقزيمه والتقليل من دوره والتشكيك في قيادته.
أحكام مسبقة وكيل اتهامات غير مسبوقة أصدرها د. عشاري في حق تجمع المهنيين السودانيين وفي حق قادته. الغريب في الأمر انَّ عنوان المقال يشي بشيء آخر، تحسبه انتقاداً (انتقاد قيادة تجمع المهنيين). بينما يطفح المقال ليس بالاتهامات، بل بالإدانات المسبقة. ويدحض د. عشاري كثير من مزاعمه وأحكامه بنفسه.

أولاً: يقول د. عشاري: (يريد تجمع المهنيين السودانيين اختزال جميع مكونات المعارضة في كيانه). ولم يقدم دليلاً واحداً لإثبات هذا الزعم. وفي تضادٍ تام لزعمه، لم يذكر د. عشاري موقف قوى وطنية فاعلة مثل قوى الاجماع الوطني ونداء السودان والتجمع الاتحادي المعارض وكتلة القوى المدنية، وكثير من تجمعات المهنيين التي باركت حراك تجمع المهنيين السودانيين، وأصدرت منفردةً او بالتضامن مع التجمع بيانات ومواثيق في إطار قوى الحرية والتغيير. مما ينفي عملياً مزاعم د. عشاري في احتكارية تجمع المهنيين السودانيين للحراك الحالي في السودان، ناهيك عن محاولة اختزال مكونات معارضة لها مكانتها ووسائلها الخاصة في مناهضة نظام الإنقاذ. ويؤكد هذا مشاركة تجمع المهنيين السودانيين التوقيع على (إعلان الحرية والتغيير) على قدم المساواة مع قوى نداء السودان وتحالف قوى الاجماع الوطني والتجمع الإتحادي المعارِض وآخرين. ويضم تجمع المهنيين السودانيين الكثير من الروابط والمبادرات والشبكات والنقابات الوطنية مثل شبكة الصحفيين، نقابة الأطباء الشرعية، لجنة المعلمين، مبادرة استعادة نقابة المهندسين، لجنة الأطباء المركزية، التحالف الديمقراطي للمحامين .. الخ

ثانياً: يوضح د. عشاري الهدف من المقال هو تبيان خطورة الانجراف وراء سراب "تجمع المهنيين السودانيين"، دون الكشف عن ماهية الكيان وهوية قياداته. ولتبرير ذلك يذهب د. عشاري بعيداً في التقليل من المخاطر الأمنية في حق قيادة التجمع، ونسي أنَّ مبدأ الحماية هو أول المباديء في أي حراك أو تحرك، بما في ذلك حماية الشهود، ناهيك عن قادة حراك يواجهون عسف سلطوي غير مسبوق في تاريخ السودان. نلاحظ الكلمات المغلظة والمثبطة للهمم التي يستعمها د. عشاري مثل كلمتي (إنجراف) و (سراب). وكأنَّ جموع آلاف السودانيين التي خرجت للشوارع لا تستطيع التمييز ولا تعرف مقصد سراها ولا إرادة لها أو عقل تميز به وتعرف به مصلحتها، في انتظار إرشادات الطريق القويم من سياتل.

ثالثاً: يرى د. عشاري من موقعه البعيد في سياتل (الغشَّ والخداع والتزوير في سلوك قيادة تجمع المهنيين السودانيين). نلاحظ الأحكام وليست الاتهامات التي ساقها د. عشاري. نعم، نصَّـب نفسه مدعياً وقاضياً. ولكن ماهي أسباب صدور هذه الأحكام القاسية في حق تجمع المهنيين؟ يبدو السبب أكثر غرابة. من الأفضل الأتيان كاملاً بنص ما كتبه د. عشاري. بداية الاقتباس (التزوير في فيديو "إعلان الحرية والتغيير"

فأقدم في هذا المقال خلاصة ما توصلت إليه، بالقراءة المتمعِّنة في كامل خطاب تجمع المهنيين السودانيين، وبالتحديد بعد إجرائي تحقيقا في مدى صدقية نص "إعلان الحرية والتغيير" في الفيديو المنشور في موقع تجمع المهنيين السودانيين في الفيسبوك، وفي رابط نشرته سودانايل، بتاريخ 31 ديسمبر 2018/1 يناير 2019.

https://www.facebook.com/SdnProAssociat ... 584770732/
أركز بالتفصيل على هذا الفيديو، بالتحديد، الفيديو بالتحديد، وأعتمد النص المكتوب من أدلة الإثبات الخارجية على الفيديو.

إذ تَبين لي أن هذا الفيديو جرى فيه تزوير خطير ذو دلالات سياسية. ولا يكون التزوير إلا متعمدا، وإلا لسبب ذي أهمية للمُزَوِّر). نهاية الاقتباس.

ثمَّ يدلف د. عشاري إلى تعريف التزوير والتدليس والاحتيال والقصد والنية الشريرة والاتفاق الجنائي. ورغم حكمه بالتزوير إلا أنه يعود في مقاله إلى مسألة (التفسير الاستنتاجي) ليهدم حكمه المسبق!!!، كما يقدم د. عشاري وعداً لمن يرغب في إجراء تحقيق خاص في تقديم بينات إضافية لإثبات التزوير في حال نفى قادة تجمع المهنيين وقوع أي تزوير!!!

ثم يعود د. عشاري – في كرمٍ فياض منه كما يقول – ليحاول إيجاد عذر مفاده (أنَّ كتابة "إعلان التحرير والتغيير" عملية دينامية ومتغيرة، وفيها شد وجذب بين الكيانات المختلفة المشارِكة في إعداد البيان). ولكنه يحذر تجمع المهنيين السودانيين من الاستفادة من هذا الكرم. أقول لعشاري، التحولات العملياتية والديناميكية على أرض الواقع – إنْ وُجِـدت – كفيلة بتحويل حكم التزوير إلى صفةٍ أقل غلظة وأقل عدائية. ولكن، د. عشاري لا يرى ذلك. بل يستمر في حكمه المسبق على قادة التجمع بالتزوير.

عموماً، من ناحية منهجية، لم يوضح لنا د. عشاري آلية (التحقيق) و(التحقق) التي اتبعها للوصول لحكمه خاصةً وأنه يستعمل كدليل شريط فيديو؟ كما لم يوضح لنا أي وسيلة اتبعها لفحص وتحليل ما يُعرف بال metadata وهل استعان بخبير في مجال الميتاداتا لمعرفة إنْ كان الفيديو قد تم التلاعب به tampered with وأيضاً إلى أيْ مدى تحقق من أصل الفيديو خاصة على ضوء تلميحه بإعمال مقصٍ ما على الفيديو (ويشمل ذلك تحققه من ال authenticity ، وطريقة المحافظة على الميتاداتا ونقلها من يدٍ إلى يد).
من ناحية أخرى، لم يكلف د. عشاري طرح أسئلة بدهية في هذ المقام، مثل التحقق من تجمع المهنيين السودانيين أيهما صدر أولاً البيان أمْ التسجيل؟ أو أيهما التالي للآخر؟ وأيهما يستحق التصحيح والتصويب أو حتى التحديث، وهي أمورٌ متعارفٌ عليها. كما لم يوضح لنا د. عشاري إنْ كان طرح أسئلة لقادة تجمع المهنيين السودانيين لمعرفة مكمن الحقيقة ومن ثمَّ تقديم النصح والمشورة أو النقد. وكل هذه النقاط هي مؤشرات لمعرفة القصد من الكتابة أو الطرح وفي أي خانة يصب.

رابعاً: يطلب د. عشاري من (قيادة تجمع المهنيين أن تدحض ما أدعيه، وأن توضح ملابسات ما أسميه تزويرا، وما قد تسميه هي بالطريقة التي تراها). غض النظر عن خلفية د. عشاري الأكاديمية وخبرته العملية، يبدو هذا الطلب غريباً جداً وهو خطأ فادح جداً. من المعروف لدى العامة أنَّ عبء الإثبات يقع على المدعي أو الجهة التي تمثله. وفي الأمور الجنائية مثل جريمة التزوير، يكون تجمع المهنيين السودانيين في حِـلٍ من دحض مزاعم د. عشاري. إذ يقع عليه عبء إثبات ذلك. ولكن في مقام تنقله بين الاستنتاجات والأحكام المسبقة ثمَّ محاولة أيجاد عذر صاحب عملية كتابة الإعلان، والإتكاء على سابقة الجزولي دفع الله، تجعل ما ساقه د. عشاري في مقام العدم. بل نلاحظ تنقله بين اصدار الاتهامات، والإدانات، ثم يعود لمربع الاستنتاجات، ثم يطلب من (المتهم) إثبات براءته في خللٍ جسيمٍ لمبدأ براءة المتهم إلى أنْ تثبت إدانته. وهو مبدأ سارت به الركبان في عالم اليوم المتقارب إسفيرياً بفعل التكنولوجيا الحديثة، والذي بات يعرف أنَّ مبدأ افتراض البراءة هو من مباديء المحاكمة العادلة. هنا، في هذه الحالة من التضارب وتداخل الاختصاص، والتي يسقط فيها د. عشاري حقوقياً وعدلياً، يـقف د. عشاري ضـد د. عشاري.

خامساً: لعل د. عشاري يهنأ الآن بعد تناقل الأنباء عن اعتقال محمد ناجي الأصم عقب بروز اسمه كأحد أعضاء سكرتارية التجمع، وهو ما يبدو أنه مطلب لـ د. عشاري لمباركة هذا الكيان، لأنه من منفاه في سياتل الرائعة والوديعة – صاحبة "الساهر في سياتل" كما يقول ذلك الفيلم الرائع للجميلة ميغ ريان وتوم هانكس - يرى (أنه لا يمكن لتجمع المهنيين أن يتعلل بما قد يسميه مقتضيات "السرية"، أو الظروف الأمنية "في الداخل"، كأسباب لاختفائية قيادته). هكذا يقرر عشاري حول المسألة الأمنية بكل البساطة والتبسيط في جو سياتلي يخلو من عسف سلطة مستبدة ورائحة غاز مسيل للدموع يدخل حتى حلة الملاح في البيوت واعتقالات تعسفية مصحوبة بتعذيب ممنهج للشباب.

بالدارجي كدا، "الساهر في سياتل" الأنيقة الوديعة، هو لا يشبه المساهر بتاعنا وغير العندنا نحن في السودان حيث تنـتـفي كل أنواع المتعة والفرح وأمسيات جمال وحكاوي الخرتوم بالليل في سودان الإنقاذ. ما قبل الإنقاذ كان المساهر هو بتاع اسماعين حسن (البدور يساهر الليل يسافر، بجناح الشوق يزور نجماً بعيد ضوَّاي... الإذا وصفولو أرض الحور تلاقي قوافلو طول الليل تشق التيه، تجر النم مع الحاردلو في الدوباي). امكن فياقة، وامكن لا. المساهر عندنا هو الزول الغالبو النوم، السهران، العندو أرق. والأيام دي بالتحديد، المساهر هو الشاب البكون بفكر في نجاح مظاهرة بكرة، الشابة البتكون بتفكر في تحريك الجامعة، هو الأب البكون بفكر في كيفية زيارة ابنو أو بنتو في المعتقل. هي الأم البتكون تدعو لفلذة أكبادها شاحدة الله ما يصيب جناها وجع أو يغشاهم شر تعذيب في المعتقلات. المحامي البكون رجع منتصف الليل من محاكم الطوارئ. المحامية البتكون بتكتب في مذكرة عشان ما يتم تنفيذ حكم جلد في بناتنا وقداما سويعات للاستئناف. المساهر هو صاحبنا أب شعر أبيض داك البكون رجع بيتو منتصف الليل وجاهو اتصال مجرد الدخول للبيت انو لازم يجي راجع لقسم الشرطة عشان يضمن مجموعة تانية من الشباب تم تحويلها من قسم آخر بعد منتصف الليل. المساهر هو الطبيبة/الطبيب البكونوا بسعفوا في شباب الثورة في عيادات متحركة وقلوبهم تدق هل الشاب دا ح يحيا ولا ح يستشهد، دا إذا ما اكتشفوا إنو المصاب زميل أو زميلة كانوا عاملين اسعاف ميداني في قلب المظاهرات. وسهر لسهر يفرق. عشان كدا، قادة تجمع المهنيين أصلو ما يظهروا لأنهم ما عايشين في جو سياتلي. وسهرهم غير، مثل أحلامهم وتطلعاتهم. وبعيداً عن الحماية، ما يظهروا كمان عشان يزيد وجع وتململ وأرق وسهر وفرفرة حسين خوجلي وطاهر حسن التوم والهندي عز الدين. وربما نضيف ليهم آخرين.

سادساً: ولكن لأنَّ القصد هو التجريم، والتجريم وحده، فإنَّ د. عشاري يتبع سياسة (وقوع الحافر على الحافر) فـينحى لماضي انتفاضة مارس/أبريل 1985 ويستدعي ذكرى د. الجزولي دفع الله، ليؤكد أنَّ حكمه (المسبق) بالتزوير والخداع والغش على قادة تجمع المهنيين السودانيين تدعمه سابقة سياسية. نعم، هكذا. بكل بساطة، يحاول د. عشاري سوق القاريء للوصول لهذه النتيجة. يقول د. عشاري: (فخدعة تزوير الفيديو من قبل قيادة تجمع المهنيين السودانيين شكلٌ مستحدث من أشكال جُمَّاع الاحتيال السياسي مما أسس له في الحياة السياسية السودانية الدكتور الجزولي دفع الله). أية كارثة يسوقنا إليها د. عشاري؟

سابعـاً: ما قاله د. عشاري في حق الأحزاب لا يعنيني.
أعتقد شخصياً أنْ د. عشاري نفسه قام بأكبر عملية تزوير، قام بترتيبها وعرضها في مقال غير متماسك ليدمغ قادة تجمع المهنيين السودانيين بالتزوير. ولأنه يعرف تماماً مآلات مقاله حاول مسبقاً أنْ يذكرها بنفسه فيما يُعرف بسياسة تغطية الظهر والتي يستعمل لها الناطقين باللغة الإنكليزية كلمات غير محببة.

لقد وضع د. عشاري نفسه في خصام غير مبرر مع الواقع السوداني من (سياتله)، ربما لأسباب نجهلها ولم يفصح عنها، وحاول تغليفها في إطار (التزوير) ليدمغ قادة تجمع المهنيين السودانيين بمسبةٍ كريهةٍ لشيء في نفس عشاري وليس في مصلحة التغيير وقواه الحقيقية الفاعلة الآن على أرض الواقع القاسي والمرير والمشحون بالاعتقالات لمجرد الخروج للشارع في تظاهرة، ربما من غير عودة مرة أخرى للبيت. كما حاول تجريد التجمع من المكاسب التي حققها على أرض الواقع، بإشاراته المتعددة إلى (هبة الشباب الأولية) في محاولة لـنـفي دور التجمع اللاحق والثقة التي نالها والتفاف قطاعات كبيرة من الشعب السوداني حوله.

إنْ كان د. عشاري وجَّـه حكمه القاسي بالتزوير – وهو حكمٌ جائر وغير مؤسس وغير ذكي – لتجمع المهنيين السودانيين بالتزوير، فإنَّ شاعرنا فضيلي جماع رغم تبنيه ملاحظة تباين بين البيان والفيديو مثار الحديث لم يتبنَ فضيلي خطاً عدائياً وحكما جُـزافياً ضد تجمع المهنيين السودانيين، فتساءل عـمَّـن بتر الفيديو.

وأخيراً، إنْ كان يقع عبء كبير على د. عشاري لتوضيح ما لم يوضحه، إنْ رغب في ذلك، فإنَّ عتاب المحب يجعلني استغرب موقف صديقنا وشاعرنا فضيلي جماع الذي لم يـرَ في حراك تجمع المهنيين السودانيين وقادته وردةً جميلةً تنبت في أرض الوطن الشاحب ويريدنا هو أيضاً أنْ نمشي على حبلٍ مشدود إلى الأبد بمساندته لأحكامٍ مسبقة – غير قوية المتن ولا الدفوع - أصدرها د. عشاري في حق تجمع المهنيين والشاب الأصم لشيءٍ في نفس د. عشاري.

أقف بقوة ضد العقلية التجريمية التي يتمتع بها د. عشاري ويحاول اسقاطها على الشاب د. محمد ناجي الأصم وتجمع المهنيين السودانيين. وأقف بقوة مع حق الجميع في النقد مهما كانت قسوته في حق تجمع المهنيين السودانيين وفي حق قادته.

كل التقدير لمكونات الشعب السوداني المختلفة التي التفت حول تجمع المهنيين السودانيين، وقادته، من أجل التغيير القادم نحو تغيير يتجاوز النظام ومؤسساته إلى إحداث تغيير في طريقة ومناهج يريد البعض سوق الناس إلى التسليم بها والتسبيح بحمدها بصفتها حقيقة مطلقة. تغيير ضد تلك العقليات.

للإطلاع على المقال الأول، د. عشاري
3 يناير 2019

https://www.sudanile.com/index.php/منبر-الرأي/1040-2-6-3-0-7-7-5/111410-قيادة-تجمع-المهنيين-السودانيين-بقلم-د-عشاري-أحمد-محمود-خليل



للإطلاع على مقال أستاذ فضيلي جماع
من الذي قام ببتر الفيديو الأصل يا تجمع المهنيين؟ .. بقلم: فضيلي جمّاع
4 يناير 2019
https://sudanile.com/index.php/منبر-الرأي/1077-2016-10-23-12-56-44/111442-من-الذي-قام-ببتر-الفيديو-الأصل-يا-تجمع-المهنيين؟-بقلم-فضيلي-جمّاع



للاطلاع على المقال الثاني، د. عشاري
11 مارس 2019
https://www.sudanile.com/index.php/منبر-الرأي/1040-2-6-3-0-7-7-5/113115-مسألة-الطبيب-محمد-ناجي-الأصم-بقلم-د-عشاري-أحمد-محمود-خليل


إسماعيل التاج
مــواطــن
[email protected]
12 مارس 2019


https://www.sudanile.com/index.php/منبر-الرأي/34-0-6-8-3-1-6-8/113166-ليس-دفاعـاً-عن-الشاب-محمد-ناجي-الأصم-ولكن-ضد-العقلية-التي-يمثلها-عشاري-محمود-بقلم-إسماعيل-التاج
*
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

عفريت الإسلاميين

مشاركة بواسطة حسن موسى »



عفريت الاِسلاميين

سلام يا حسن موسى و يا عبد الله الشقليني
شرك المثقفين
ــ يكتب الشقليني عن الطيب زين العابدين، بأنه اعترض منذ البداية على انقلاب الإنقاذيين، ولكن طلب منه التريث في نقدة حتى تتمكن الانقاذ من السيطرة على الحكم. كيف يمكن لأكاديمي و أستاذ جامعي ومربي ، ان يقوم بهذا الدور الوضيع؟ وما قيمة نقده المكثف الآن وهو على هذا المستوى الأخلاقي، وما قيمة اعتذاره، الذي اشار اليه الشقليني، من شخص تعود على التكتيك والتمويه والانصياع.
ــ عثمان ميرغني صحفي مشهور ومعارض شرس لحكومة الانقاذ، ودفع الثمن: اصابة في ماله ( ايقاف صحيفته عدة مرات ) وفي جسده ( السجن). أليست هذه ايضا البهلوانية الانقاذية، التعويض المالي السخي يعود له باللفة. اما الحبس فهو الآن مع الأصم في غرفة " مكندشة "!!. وربما يقول لك أخر: صحيح انه مناضل ومعارض ولكن ما قيمة ذلك، فهو في النهاية إسلامي وبس!!
ــ " هذا شرف لا ندعيه وتهمة لا ننكرها ". هكذا يتم التلاعب والتحايل بالكلمات على الشعب، بدلا من الاعتراف الصريح ، بان الحزب الشيوعي شارك ايضا في تقويض الديمقراطية في عام 1971. وله في تمويه حزب الأمة (1958 ) خير مثال.
ــ يكتب الشقليني: " استثني البروفيسور عبد الله علي إبراهيم فهو يؤمن بالديمقراطية ".
فكيف تستقيم ديمقراطية عبد الله وهو يتماهى ويساند حكما استبداديا دكتاتوريا، حسب ما تتحفنا به الصحافة الالكترونية ، بعد أن اصبح البروف عبد الله الشغل الشاغل لبعض الكتاب . هل ما يكتبونه هراء وكذب وضغينة وتصفية حسابات؟ يا لبؤسنا.
ــ الأمثلة من هذا القبيل لا حصر لها وقضية لا طائل من وراءها الآن، ونحن في هذا الظرف العصيب في اشد حاجة للتضامن من اجل انجاح الثورة الشبابية والحراك الثوري، بدلا من التخوين والتفتيش في الضمائر ونشر البلبلة والفتنة. وأخشى من أن تُدمر الانتفاضة الشعبية من قبل ممن يدعون أنهم انصارها. ولا يغيب عن ذهني في عين الوقت، قول وتنبيه الشقليني: " لكننا يتعين أن نتمهل في الأوليات". وهو ما يعني ضمنياً " الحذر واجب".
حاشية:
ــ قيادي انقاذي كبير، تربطني به المهنة وعملنا سويا لفترة قصيرة في بداية تخرجنا وفرقتنا السبل، لنلتقي بعد غياب طويل في المانيا والتي عاش فيها بعد المفاصلة سنوات طويلة. سألته عن رأيه في ما يكتبه الأفندي من نقد عاصف ومكثف عن نظام الانقاذ، فجاء رده " أنه يكتب ليقتاد ".
الأفندي الذي ترك المنصب الدبلوماسي الرفيع والدخل المضمون، يصبح كاذبا ومخاتلا وبائعا للضمير من اجل لقمة العيش. لم ترض المعارضة ولا حكومة الانقاذ عن الأفندي، وهذا هو مصير كل كاتب يمسك بالقلم ويكتب ما يؤمن به.
هذا القيادي الكبير، الذي وصف الرئيس البشير من قبل، بأنه شخص موتور، ليعود الآن طائعا ومطيعا ومستشارا يستشار.
ــ من قال سلم تسلم، ثم استسلم ليسلم ( في حلة خوجلي)؟
حامد فضل الله \ برلين
14 . 03 . 2019






عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

[color=blue]شرك المثقفين (2)

ربما هي تجربة في أكتوبر 1964 وأبريل 1985 ، هي السبب ، بل تحمل الداء في بطنها ولأن الثورتين لم يكملا إزالة أرذال التجربة الديمقراطية ، فعاد الطحين وعاد الشقاق بين التقليديين وأصبحت الجمعية التأسيسية أو البرلمان ساحة للمباراة الكلامية ، دون إنجاز. عزا البعض لاستعجال الأحزاب التقليدية في انتخابات عام 1965 ، واستعجال الإخوان المسلمين الانتخابات سريعاً بعد انتفاضة 1985 , للعودة للانتخابات دون فترة انتقالية مناسبة ، تمكن الإنسان السوداني من تطوير التجربة الديمقراطية بما يناسب السودان بتوعه العرقي والثقافي .
ولكن الخير في القليل الذي سمح للمرأة السودانية بالتصويت ، بل دخول البرلمان . وهو بكل المقاييس انتصار لثورة أكتوبر دون شك.
نقطف من رد دكتور فضل :[/
color]

الأمثلة من هذا القبيل لا حصر لها وقضية لا طائل من وراءها الآن، ونحن في هذا الظرف العصيب في اشد حاجة للتضامن من اجل انجاح الثورة الشبابية والحراك الثوري، بدلا من التخوين والتفتيش في الضمائر ونشر البلبلة والفتنة. وأخشى من أن تُدمر الانتفاضة الشعبية من قبل ممن يدعون أنهم انصارها. ولا يغيب عن ذهني في عين الوقت، قول وتنبيه الشقليني: " لكننا يتعين أن نتمهل في الأوليات". وهو ما يعني ضمنياً " الحذر واجب".

إن بعض الأقلام ترى أن تمديد الفترة الانتقالية سوف يصلح تلك العيوب . ويتم تبني دستوراً وقوانين تحفظ حقوق الثقافات المتباينة ، وتسقط الدستور الديني وأذرعه الشرعية التي ملت الشعوب السودانية من التكرار . وتسلخ من القوانين بما يوافق الحريات التي كفلها حقوق الإنسان . وهي كافية مع فصل سلطة التشريع عن سلطة التنفيذ وعن سلطة القضاء ، ويكون الأخير هو رمانة القياس ، ويحكم ويحاكم الجميع.

هذا الطرح لا يوافق عليه الإسلاميون ، ولا يوافق عليه حزب الصادق المهدي أو الختمية . الإسلاميون يجاهرون بعدائهم لكل القوانين غير الإسلامية ، وحزبي الأمة والختمية يخافون الجهر بمعاداة الشريعة ، وذلك هو مربط الفرس.
من يقف مع دستور علماني ، يخرج الدين من القوانين التي يشترك فيها الجميع ، ويبقى الدين شعيرة اجتماعية دون أن تمس قوانين الدولة أو دستورها.
والآخرون يعتبرون منْ يدعو إلى العلمانية كافر!
مثل الذين عنيناهم من الإسلاميين هم إسلاميون ، يريدون تطبيق الشريعة على كل السودان ، وأنا أرى أنهم لا يؤمنون بالديمقراطية ، لأنهم بوصولهم لسقف السلطة فسيقذفون بسلم الصعود ، ونعيش دكتاتورية كما ذقناها ونذوقها اليوم.
عبدالله الشقليني
14 مارس 2019
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

عبد الله الشقليني كتب:[color=blue]شرك المثقفين (2)

ربما هي تجربة في أكتوبر 1964 وأبريل 1985 ، هي السبب ، بل تحمل الداء في بطنها ولأن الثورتين لم يكملا إزالة أرذال التجربة الديمقراطية ، فعاد الطحين وعاد الشقاق بين التقليديين وأصبحت الجمعية التأسيسية أو البرلمان ساحة للمباراة الكلامية ، دون إنجاز. عزا البعض لاستعجال الأحزاب التقليدية في انتخابات عام 1965 ، واستعجال الإخوان المسلمين الانتخابات سريعاً بعد انتفاضة 1985 , للعودة للانتخابات دون فترة انتقالية مناسبة ، تمكن الإنسان السوداني من تطوير التجربة الديمقراطية بما يناسب السودان بتنوعه العرقي والثقافي .
ولكن الخير في القليل الذي سمح للمرأة السودانية بالتصويت ، بل دخول البرلمان . وهو بكل المقاييس انتصار لثورة أكتوبر دون شك.
نقطف من رد دكتور فضل :[/
color]

الأمثلة من هذا القبيل لا حصر لها وقضية لا طائل من وراءها الآن، ونحن في هذا الظرف العصيب في اشد حاجة للتضامن من اجل انجاح الثورة الشبابية والحراك الثوري، بدلا من التخوين والتفتيش في الضمائر ونشر البلبلة والفتنة. وأخشى من أن تُدمر الانتفاضة الشعبية من قبل ممن يدعون أنهم انصارها. ولا يغيب عن ذهني في عين الوقت، قول وتنبيه الشقليني: " لكننا يتعين أن نتمهل في الأوليات". وهو ما يعني ضمنياً " الحذر واجب".

إن بعض الأقلام ترى أن تمديد الفترة الانتقالية سوف يصلح تلك العيوب . ويتم تبني دستوراً وقوانين تحفظ حقوق الثقافات المتباينة ، وتسقط الدستور الديني وأذرعه الشرعية التي ملت الشعوب السودانية من التكرار . وتسلخ من القوانين بما يوافق الحريات التي كفلها حقوق الإنسان . وهي كافية مع فصل سلطة التشريع عن سلطة التنفيذ وعن سلطة القضاء ، ويكون الأخير هو رمانة القياس ، ويحكم ويحاكم الجميع.

هذا الطرح لا يوافق عليه الإسلاميون ، ولا يوافق عليه حزب الصادق المهدي أو الختمية . الإسلاميون يجاهرون بعدائهم لكل القوانين غير الإسلامية ، وحزبي الأمة والختمية يخافون الجهر بمعاداة الشريعة ، وذلك هو مربط الفرس.
من يقف مع دستور علماني ، يخرج الدين من القوانين التي يشترك فيها الجميع ، ويبقى الدين شعيرة اجتماعية دون أن تمس قوانين الدولة أو دستورها.
والآخرون يعتبرون منْ يدعو إلى العلمانية كافر!
مثل الذين عنيناهم من الإسلاميين هم إسلاميون ، يريدون تطبيق الشريعة على كل السودان ، وأنا أرى أنهم لا يؤمنون بالديمقراطية ، لأنهم بوصولهم لسقف السلطة فسيقذفون بسلم الصعود ، ونعيش دكتاتورية كما ذقناها ونذوقها اليوم.
عبدالله الشقليني
14 مارس 2019
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

شرك المثقفين (3)
ليس من شك في دور المثقفين الإيجابي والسلبي . وهو أمر تسبب فيه المتعلمين في مؤتمر الخريجين ، حينما تساءل المستعمر :
- منْ تشكلون أنتم من جماهير السودانيين ؟ . كلكم أقل من ثلاثة آلاف؟
وذلك حينما قارن المستعمر الإنكليزي بين زعماء القبائل والنظار والشيوخ وقادة الطائفية .
لقد كان ضربة قاصمة في وجه المتعلمين ، فمال الكثيرون لتكوين الأحزاب الطائفية .
هؤلاء المثقفون جاء من بطون المتعلمين السابقين.
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

شرك المثقفين.حامد فضل الله

مشاركة بواسطة حسن موسى »



شرك المثقفين (4)
يثير الأخ عبد الله الشقليني في كلمات قليلة وواضحة، قضايا عويصة وفي غاية الأهمية:
ــ دور المثقفين (الاشارة الى المتعلمين في مؤتمر الخريجين).
ــ قضية العلمانية والكفر.
ــ الدين كشعيرة اجتماعية
اتمني ان يشارك اصحاب الاختصاص في نقاش هادئ ومعمق على صفحات "سودان للجميع"، عن: دور المثقف السوداني في قضايا الوطن منذ الاستقلال، و مدي ارتباطه بالطائفية كما في السابق.
تراجع العلمانية في السودان والعالم العربي وانتعاش للحركات الاِسلامية المسيسة للدين.
هل هناك علاقة جدلية بين الدين والفكر والتطور الصناعي ... إلخ.
ــ اشار د. حيدر الى المركز العربي للدراسات والسياسات الذي يديره د. عزمي بشارة
لعله ايضا من المفيد النقاش حول مراكز الابحاث العربية، مثل مركز عزمي بشارة \ الدوحة ــ قطر أو مركز دراسات الوحدة العربية \ بيروت ـ لبنان. هل هذه فعلا مراكز ابحاث حقيقية تنويرية، حيث يعمل ويشارك فيها بالكتابة عدد كبير من المفكرين والمثقفين السودانيين و العرب.
ــ الأخ الشقليني، أرجو عدم مخاطبتي بـ الدال، فهي تجعل مسافة بيني وبينك، ولا اعتقد أنك ترغب في ذلك.
حامد فضل الله
برلين، 16 .مارس. 2019
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »


اقتطف من رد حاد فضل الله:

{الأخ الشقليني، أرجو عدم مخاطبتي بـ الدال، فهي تجعل مسافة بيني وبينك، ولا اعتقد أنك ترغب في ذلك.
حامد فضل الله }
*

يبدو أن الصداقة في الأغلب هي الباقيةوأعتذر إن كانت جفوة .. . وأعتقد أن الصديق حسن موسى ، يكرر وجعه من أن( الدكترة )
تقف بين المرء وأصدقائه الحقيقيين .
أنا لا أقصدها ، ولكن طبيعة النقاش وما اعتدتُ عليه ، وما تطلبه لغة التوثيق ...
احترت في أمري
فهي ليست مقصودة في ذاتها .

*
يبدو أنك يا حامد ، لمست رأس الخيط في تداعي المتعلمين حتى أصبحوا مثقفين في حاضرنا ،رغم أن المحجوب والتجاني ومحمد عشري الصديق وعبدالله عشري وجمال محمد أحمد والهادي آدم والخليل وعلي عبداللطيف والأزهري وقليلين غيرهم

تطور نهجهم في الحياة ،وتطورت ثنائية :
جمعية أبوروف
وجمعية الهاشماب
*
وثنائية :
الهلال
والمريخ
*
وثنائية :
الشوقيين
الفيليين
......
أضف رد جديد