سلمية سلمية ضد السعودية

Forum Démocratique
- Democratic Forum
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

سلمية سلمية ضد السعودية

مشاركة بواسطة حسن موسى »



"سلمية سلمية ضد السعودية" هو هتاف المنازعة السياسية القادمة بين الشارع و شبكة مراكز القوى الإقليمية التي اورثنا اياها النظام البائد.
مقالة نسرين مالك في الغارديان على الرابط ادناه تضيئ مخاوف القوى الإقليمية المحافظة من عواقب ثورة السودانيين

https://www.theguardian.com/commentisfr ... -al-bashir


سأعود
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

ثورة اليتامى

مشاركة بواسطة حسن موسى »




الحكيم و الناتو


".. حينئذ اتت امراتان زانيتان إلى الملك ووقفتا بين يديه. فقالت المراة الواحدة استمع يا سيدي اني انا وهذه المراة ساكنتان في بيت واحد وقد ولدت معها في البيت. وفي اليوم الثالث بعد ولادتي ولدت هذه المراة ايضا وكنا معا ولم يكن معنا غريب في البيت غيرنا نحن كلتينا في البيت. فمات ابن هذه في الليل لانها اضطجعت عليه. فقامت في وسط الليل واخذت ابني من جانبي وامتك نائمة واضجعته في حضنها واضجعت ابنها الميت في حضني. فلما قمت صباحا لارضع ابني اذا هو ميت ولما تاملت فيه في الصباح اذا هو ليس ابني الذي ولدته. وكانت المراة الاخرى تقول كلا بل ابني الحي وابنك الميت وهذه تقول لا بل ابنك الميت وابني الحي وتكلمتا امام الملك ".."
فقال الملك ايتوني بسيف فاتوا بسيف بين يدي الملك.
فقال الملك اشطروا الولد الحي اثنين واعطوا نصفا للواحدة ونصفا للاخرى.
فصرخت المرأتان بصوت واحد: بأي حق تنطق بحكم كهذا؟!اعطها الطفل و لا تميته!
قال الملك: ويلكما! هذه امور تتجاوز أفهام النساء.
فوقع سيف السياف على راس الطفل فشطره شطرين و أخذت كل امرأة شطرها المدمّم و خرجت.
و لما سمع جميع اسرائيل بالحكم الذي حكم به الملك اصابتهم حسرة و روع و سألوا سليمان : كيف لم يلهمك الله حكما اقل إيلاما من هذا الذي نطقت ؟
قال سليمان: إن الله لا يتدخل في شؤون حلف الناتو .

من " الكتاب المقدس" بتصرف
,,,,

و هكذا صرنا بعضا من شؤون حلف الناتو لأن الولايات المتحدات على قهر الشعوب تعول على تعاون نظام ورثة البشير لرعاية مصالحها في إفريقيا و الشرق الأويط و مع أجهزتها الأمنية الضالعة في الحرب ضد عيال المسلمين في الشرق الأوسط و لأن الإتحاد الأوروبي يعول على جنجويد البشير لوقف هجرة الأفارقة نحو شمال المتوسط و لأن ممالك النفط تعول على مرتزقة البشير في المواجهة العسكرية السعودية الإيرانية التي اختاروا لها أرض اليمن و لأن مصر السيسي تعول على نظام البشير في منازعة إتفاقية مياه النيل . باختصار قضيتنا بايظة و دمنا مفرّق بين قبائل رأس المال المعولم و هلمجرا
لكن الشعب السوداني سيظل يواصل الإحتجاج[ السلمي حاليا] لأن ه يعرف أن لا مخرج من الأزمة الطاحنة إلا بتصفية تركة البشير.
سأعود
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

عذراً للتكرار
آخر تعديل بواسطة عبد الله الشقليني في الأحد سبتمبر 08, 2019 10:00 am، تم التعديل مرة واحدة.
صورة العضو الرمزية
الوليد يوسف
مشاركات: 1854
اشترك في: الأربعاء مايو 11, 2005 12:25 am
مكان: برلين المانيا

مشاركة بواسطة الوليد يوسف »

وهناك ايضاً مشاريع التنين الصيني باعادة فتح دروب تجارية قديمة كانت قد عصفت بها الرياح الصناعية فظننا انها قفلت والى الابد منذ عهد السندباد ومارد الجرة وبساط الريح ، اعني مشروع طريق الحرير بشقيه البري والبحري ونقاط ملتقياته في مخارج الطاقة ومداخل البضائع، السيطرة على المضائق، هرمز وباب المندب... زمان كنا نحسب ان موقع السودان الجغرافي كجسر يربط بين افريقيا وآسيا نعمة نحسد عليها فدارت دورة الايام فصارت فيما يبدو النعمة نقمة؟
السايقه واصله
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

عذراً للتكرار
آخر تعديل بواسطة عبد الله الشقليني في الأحد سبتمبر 08, 2019 10:01 am، تم التعديل مرة واحدة.
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

و الملوك إذا دخلوا قرية..

مشاركة بواسطة حسن موسى »



2
يوم ملوك المجوس

في ذلك اليوم المشهود
مر ملوك المجوس في قريتنا
و عهدوا إلينا بصندوق من التصاوير
عجيب
في أحشائه رجل يتكلم في لسان الأعاجم
و ينبّئنا بتصانيف الشقاء الواقع علينا في كل ساعة
كنا عن صندوقنا في حال من الرضاء العام
بل كنا منه على أشدّ ما يكون الإمتنان
حتى جاء يوم مشهود آخر
اضمحلّت فيه التصاوير و انقطع الكلام
فتعجّبنا جميعا و انتظرنا اسبوعا
بلا جدوى
قال حكماء قريتنا : لنفتح الصندوق
ففتحناه و روّعنا مرأى القزم الميّت
و نتن جثته التي تخللها التحلّل العام
صلينا عليه و دفنّاه و عدنا لشؤون دنيانا
من حين لآخر يتذكر الحكماء حادثة الصندوق
و يتحسّرون على ذلك الزمان
الذي كانت أنباء بؤسنا فيه
تبلغنا في لسان الأعاجم
..


ثورة السودانيين على نظام الإستبداد المتلبس بلبوس الدين ليست الأولى لكنها الأطول.و رغم ذلك عانت هذه الثورة من تجاهل ظاهر من طرف الأعلام الذي لا يمكن أن يدّعي يوما انه كان يجهل ما يدور في حواضر السودان. و من يتأمل في نوع الإستجابات الإعلامية لثورة السودانيين الراهنة لا يملك إلا أن يتعجب من التجاهل الطويل الذي عانته ثورة السودانيين الأخيرة من طرف أجهزة الأعلام الإقليمية و العولمية.و ربما يتفهّم الملاحظ اشاحة الأعلام العربي (الخليجي و السعودي و المصري ) عن بذل اخبار ثورة السودانيين في بداياتها،بأن ذلك الأعلام العربي ظل لفترة يقدم تلك الثورة بأسلوب مضلل :فهي حينا ثورة جياع بسبب رفع الدعم الحكومي عن الخبز ، أو هي ثورة تحركها اصابع اجنبية اسرائيلية و صهيونية معادية للإسلام و العروبة بلا بلا بلا. ذلك ان اي ملاحظ يعرف أن اعلام بلاد العربان مُصمَّم على قاعدة الإمتثال التام لإرادة السلطات السياسية التي ظلت تتعامل مع نظام الإسلاميين السودانيين كحليف مهم في تدبيرها السياسي الشرق أوسطي . و لعلنا عانينا سياسيا من عواقب هذا الحلف في اكثر من مناسبة ثارت فيها حفائظ السودانيين لأن الأمير فلان أو الملك فلتكان أو الرئيس ألعبان صرّح بدعم نظام البشير في وجه الهبة الثورية في الشارع السوداني . ففي بداية حركة الإحتجاج السياسي نقل الأعلام العربي تصريح أمير قطر و و تصريح رئيس مصر بدعم نظام البشير ضد ثورة الشعب، ثم وافتنا الجريرة، بتقرير ينقل "
عن مسؤولين مصريين وسودانيين قولهم إن مصر والإمارات والسعودية تواصلت مع الجيش السوداني عبر قنوات سرية لتشجيع إزاحة الرئيس السوداني المعزول عمر البشير من السلطة
وذلك بعدما اكتسبت الانتفاضة الشعبية ضده زخما خلال الأسابيع التي سبقت الإطاحة به. ».. »
ونقل التقرير المنسوب لوكالة الأسوشييتدبرس
"عن أربعة مسؤولين أمنيين مصريين، ما وصفوه بالتواصل والدعم الهادئ الذي قدمته الحكومة المصرية للفريق أول عبد الفتاح البرهان، أحد أبرز القادة العسكريين السودانيين والذي يقود الآن المجلس العسكري الحاكم.
قال هؤلاء المسؤولون، الذين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم بسبب الطبيعة السرية لعملهم، إنهم شاركوا في ترتيب المحادثات مع البرهان، وفي بعض الحالات كانوا حاضرين فيها.
مصر دعمت البشير في البداية، حيث رحب به الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في القاهرة في يناير/كانون الثاني.و
منعت الشرطة المصرية مظاهرات كان يعتزم عدد من أفراد الجالية السودانية الكبيرة في مصر القيام بها ، واحتجزت عددا من الناشطين السودانيين الذين سلموا إلى الخرطوم، وفقا لنشطاء حقوقيين دوليين « . » قال المسؤولون إن الدول العربية الثلاث تواصلت بعد ذلك مع البرهان واللواء محمد حمدان دقلو، المشهور باسم “حميدتي”، قائد قوات الدعم السريع في السودان.
كان هذان الرجلان قد ساعدا في تنسيق نشر القوات السودانية في اليمن ضمن التحالف السعودي الإماراتي في اليمن، وقد رفض الجيش وقوات الدعم السريع أوامر من البشير لتفريق الاعتصام بعنف خارج مقر القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية، كما اجتمع البرهان وحميدتي مع المتظاهرين لمناقشة مطالبهم. » .. ».
قال مسؤول مصري إن قادة الجيش السوداني كانوا “يخشون الانقسامات داخل القوات المسلحة لأن ضباطا من الرتب الدنيا وقفوا مع المحتجين. أكد المسؤول: نصحناهم بمحاولة إيجاد مخرج آمن للبشير”.
قال المسؤول إن مصر اقترحت أن يتنحى البشير ويتوجه إلى السعودية... »
في 11 أبريل/ نيسان أعلن الجيش انتهاء حكم البشير الذي دام 30 عاما."ـ
الرابط
https://sudaneseonline.com/board/500/ms ... 99147.html





من يتأمل في تقرير الجريرة القطرية المنسوب لوكالة الاسوشييتدبرس لا يملك إلا أن يتأنّى أولا عند الإضمار العام بأن مصر السيسي تملك أسباب الحل و الربط في الأزمة السياسية السودانية التي تؤرق منام الخليجيين و السعوديين الذين ظلوا يعولون على وجود الجيش السوداني و مليشيات حميدتي في حرب اليمن.و المراقب يتأنى ثانيا عند الثقة العالية التي يبسط بها محرر التقرير التركيب الكبير للأزمة السياسية السودانية فيختزلها لمجردصرف مجموعة الأشخاص المهيمنين على أجهزة السلطة و تولية طاقم جديد من العسكريين محلهم . هذا الإستسهال منع رهط " الخبراء الأجانب" في الشأن السوداني من رؤية تعقيد المشهد السياسي السوداني و ألهمهم تنكير المحتجين المعتصمين في شوارع الحواضر السودانية و طمس هويتهم الإجتماعية.و موقف استسهال الإشكالية السياسية السودانية ربما وجد اصله في عادات التفكير السياسي للمسئولين العرب الذين القت بهم ملابسات جيولوليتيك النفط في حوش السودانيين الذي هو في خيالهم وكالة من غير بواب يسكنها شعب طيب و كريم [ ترجم :غشيم ] و مسالم [ ترجم :كسول] و فقير [ترجم :مرتزق] إلى آخر الكليشيهات الدارجة في الخيال السياسي الشعبي . و ربما وجد استسهال تعقيد الواقع السوداني عند الأعلاميين العرب، اسبابه في كون العربان بنوا فكرتهم عن السودان من خلال منظور علاقة القوى في مشهد جيوبوليتيك النفط. و هو مشهد يقف فيه ولاة بلدان النفط في موقف اليد العليا التي تملك أن تمنح أو تمنع بينما يقف ولاة البلدان الشرقاوسطية الفقيرة، مثل السودان و مصر و لبنان و تونس و المغرب و موريتانيا و الصومال و بنغلاديش و هلمجرا، في موقف اليد السفلى التي تتسول عطايا الأثرياء من أجل البقاء.في مثل هذا المشهد فصاحب اليد العليا لا يحتاج لأن يجهد نفسه لتفهم اشكاليات من ينتظرون عطاياه. لكن مشهد اليد العليا و اليد السفلى لا يؤدي إذا نظرنا إليه من منظور جيوبوليتيك النفط الذي يتجاوز الخيال السياسي الضيق لولاة البلدان النفطية الذين لا يدور بخلدهم أن أناسا غيرهم و يفكرون بأسلوب مغاير يقاسمونهم نفس العالم، بل يقاسمونهم نفس البلدان التي يتولون أمر إدارتها. و نظرة سريعة للتركيبة الديموغرافية لمجتمعات الخليح و السعودية تنبئ بنوعية القنبلة السياسية الموقوتة التي يجسدها الواقع الديموغرافي لبلدان النفط بين اقلية " ممتازة" من " السكان الأصليين" و أغلبية مقهورة بدون حقوق من الأجانب المهاجرين العاملين داخل بلدان النفط لأكثر من جيل.كل هؤلاء المهاجرون مضطرون لعقلنة شروط وجودهم ضمن واقع التناقضات السياسية المحتملة التي ستجلب التغيير في علاقات القوى الإجتماعية المتفاعلة داخل مجتمعات البترو أبارتايد.و حين تتوصل جماهير المهاجرين لمحك الإختيار بين من يعرض عليهم شروط بقاء اكثر انسانية كمواطنين ذوي حقوق و واجبات في البلدان التي يقيمون فيها و يعملون فيها منذ عقود طويلة، و من يعرض عليهم أفق الإستبعاد و الإستعباد تحت نظام"الـ أبارتايد العربسلامي" الغاشم ،فهم قمينون بما هو اكبر من ذلك الشيئ الذي يسمونه بـ "الربيع العربي". إنهم قمينون بالثورة، ثورة من نوع جديد خارجة على كل توقعات اختصاصيي العالم العربي و خبراء الإسلامولوجيا و علماء الإستشراق السياسي المأجورين لدوائر رأس المال المعولم. هذا الإحتمال ، إحتمال الثورة الإجتماعية العارمة التي تقتلع كل ثوابت العالم العربسلامي البائد ، هو الذي يروّع ولاة بلدان النفط الذين اكتشفوا ، على حين غرة، أن ثورة الشعب الأعزل السلمية تملك أن تطالهم و هم في علياء امتيازهم الطبقي المذنب.
و روع ولاة بلدان الشرق الأوسط من ثورة السودانيين يجد اسبابه في وعي القائمين على امر البلدان العربسلامية بالهشاشة البالغة لمؤسسة الدولة التي يفترض أنها وسيلتهم لقهر شعوبهم. لكن هذه الدولة اثبتت قلة كفاءتها السياسية في إدارة المجتمعات التي تهيمن فيها شريحة محدودة من الطبقة الوسطى الحضرية وجدت نفسها بلا حول و لا قوة أمام هجمات منظمات بدائية من شاكلة داعش و بوكوحرام و هلمجرا.و لو لا المساعدات الكبيرة من دول حلف شمال الأطلنطي و روسيا لكانت دولة داعش هيمنت اليوم في الأرض التي يتظاهر بحكمها ولاة بلدان العربسلاميين.
سأعود
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

الجنرال فولتير

مشاركة بواسطة حسن موسى »

3


"الجنرال فولتير"




في موقع الإعتصام
طالت إقامتنا
و تعودنا على زيارات الصحفيين و المبعوثين
و السفراء الأجانب
الذين تقاطروا تضامنا مع عدالة حركتنا السلمية.

ذات صباح زارنا الجنرال فولتير في موقع الإعتصام
ففتشناه و رحبنا به و افسحنا له براحا في حلقة النقاش .
قال لنا الجنرال فولتير :قد اختلف معكم في الرأي لكني مستعد لأن أضحي بحياتي دفاعا عن حقكم في الدفاع عن رأيكم.
قلنا : الجاك.
قال الجنرال فولتير : فد اختلف معكم في الرأي لكني مستعد لأن أضحي ببيتي الفي كافوري دفاعا عن حقكم في الدفاع عن رأيكم.
قلنا : الجاك تاني.
قال الجنرال فولتير : فد اختلف معكم في الرأي لكني مستعد لأن أضحي بسيارتي اللاندكروزر دفاعا عن حقكم في الدفاع عن رأيكم.
قلنا : الجاك تالت.
قال الجنرال فولتير : فد اختلف معكم في الرأي لكني مستعد لأن أضحي بآيفوني الأحدث دفاعا عن حقكم في الدفاع عن رأيكم.
قلنا : الجاك رابع.
فاستشاط الجنرال فولتير غضبا و قال : نان الجاك يسوّيه ليكم بلا ضنب؟
..
الفرنسيون شعب يعشق فكرة أن فرنسا هي موطن حقوق الإنسان و يبذلون أدبا كثيرا في سبيل نشر هذه الفكرة.لكني وجدت صعوبة كبيرة في فهم تجاهل الأعلام الفرنسي لأحداث ثورة السودانيين.و لا عجب فأنا رغم معاشرتي القوم لاربعين عاما و نيف و رغم معرفتي ببلاغة لسانهم أراني محتارا في الكيفية التي آمن بها من شرورهم الملفلفة في ثنايا خيراتهم العميمة. خطر لي ان هذا الأعلام الفرنسي الجالس في حجر ربّة حقوق الإنسان،و الذي انتظر اكثر من شهرين قبل ان يغطي ما يحدث في الشارع السوداني، لا بد له من اسباب وجيهة يسوّغ عليها هذا المسلك الغريب تجاه حركة احتجاج سلمي واسعة يقوم بها الشعب الأعزل في مواجهة الرصاص و يبذل فيها العشرات الشهداء من اجل السلام و الحرية و الديموقراطية.

في البداية قلت لنفسي : ربما كمنت اسباب تجاهل الإعلام الفرنسي لثورة السودانيين في واقع بعد الشقة الجغرافية بين فرنسا و السودان سيما و للقوم مثل معروف فحواه" بعيد من العين بعيد من القلب"، و قد شرح بعض الباحثين العارفين بخفايا الإعلام الفرنسي ان الآلة الأعلامية تدبر اولوياتها وفق منطق ميزان العواطف الشعبية الذي هو وجه من وجوه علم الذوق الفرنسي و الله اعلم.
كتب "ماتيو كازنيف" :
"حكايات الحياة الخاصة للنجوم و المشاهير تستقطب اهتمام الجمهور الفرنسي اكثر من الأخبار العالمية التي يكلّف جمعها و توثيقها و تحليلها نفقات عالية.لذلك قلما يحبذ مدراء التحرير وضع احوال العالم في مقدمة اولويات التحرير. و البلدان القريبة جغرافيا و ثقافيا تتحصل على عناية اعلامية اكثر من غيرها. و مثال التغطية الأعلامية للعمليات الإرهابية يضيئ الدينامية التي تحكم الخيارات التحريرية في إعلام فرنسا.
في يوم 31 أكتوبر 2017 شهدت نيويورك عملية ارهابية ادت لمقتل ثمانية اشخاص و جرح أثني عشر شخصا حين قام سائق بدهس المارة بسيارته . »ـ يقول كازنيف أن إذاعة" فرانس أنتير"، الأذاعة الحكومية الرسمية الأكثر حضورا بين المستمعين الفرنسيين، خصصت لعملية مانهاتن ،في نشرة الثامنة الصباحية،تغطية استمرت لستة دقائق و عشرين ثانية، في حين ان عملية مقاديشيو الأرهابية التي حدثت قبلها باسبوعين،و التي تعتبر الأكثر فظاعة في تاريخ إفريقيا بسبب إرتفاع عدد قتلاها الذي بلغ 512 ، هذه العملية الإرهابية لم تحظ بأكثر من واحد و عشرين ثانية في نشرة الثامنة الصباحية لأكثر إذاعات فرنسا انتشارا : فرانس أنتير. »ـ,
و تتساءل الصحافية الفرنسية سيسيل مارتان عن مشروعية حجة قرب أو بعد الشقة الجغرافية لأن كل من نيويورك و مقاديشيو تقعان على مبعدتين شبه متعادلتين بالنسبة لباريس : نيويورك 5845 كلم و مقاديشيو 6625 كلم, و تضيف أنه بين يوم 1نوفمبر ليوم 7 نوفمير أثار الأعلام الفرنسي موضوع عملية نيويورك ثلاث مرات دامت في جملتها لمدة واحد و عشرين دقيقة و خمسة عشر ثانية.اي ما يعادل خمسة عشر مرة المدة التي خصصها الأعلام لعملية الصومال. و يبدو أهمال الاعلام الفرنسي لما يحدث في إفريقيا جليا حين ننظر لعدد المراسلين الذين يوافون اعلام فرنسا بأخبار القارة.فالإذاعات الفرنسية المهمة مثل إذاعة "فرانس انتير" و إذاعة" إر تي إل" او " أوروب 1 «  لا تملك مراسلين دائمين في إفريقيا و القنوات التليفزيونية المهمة مثل" فرانس 2 » أو "تي إف 1 » لا تعمل إلا مع مراسلين مستقلين في القارة. و في الصحافة المطبوعة نجد صحيفة في اهمية " لوموند" تعتمد على مراسلين دائمين أثنين يغطيان أحداث القارة من جوهانسبيرغ و من تونس،أما صحيفة » لوفيغارو » فليس لها أي مراسل في القارة. »ـ
أنظر مقالة تيو كازنيف على الرابط

https://www.monde-diplomatique.fr/2018/ ... AVES/58475

.
طبعا بعد الشقة الجفرافية بين فرنسا و إفريقيا لم يمنع الفرنسيين ،الذين يحتلون موقع حظوة سياسية في قيادة الإتحاد الأوروبي مع الألمان لفضل قدراتهم العسكرية، لم يمنعهم من ارسال الجنود و العتاد لأبعد انحاء القارة الإفريقية لتأمين مصالحهم في الصومال و في مالي وفي ليبيا و في جمهورية إفريقيا الوسطى. بل ان الأمر وصل بالإتحاد الأوروبي ـ في أطار ما يسمى بـ[ بروتكول الخرطوم] لحد التفاوض مع قادة الجنجويد السودانيين و منحهم المساعدات المالية لتكليفهم بإيقاف سيل المهاجرين الأفارقة الذين يعبرون الأراضي السودانية نحو أوروبا.
انظر الرابط

https://europa.eu/rapid/press-release_ME ... 832_en.htm

و أيضا

https://eastafricamonitor.com/sudanese- ... -blocking..


قلت في الاسطر السالفة أن الخطاب السياسي الدارج بين ساسة فرنسا لا يخلو من مداهنة العواطف القومية للشعب الفرنسي بتذكيره أن فرنسا اخترعت مفهوم حقوق الإنسان للبشرية جمعاء و أن احترام مبادئ حقوق الإنسان جزء اصيل من الهوية الثقافية الفرنسية. و في العقود الأخيرة التي صعد فيها نجم ساسة اليمين المتطرف المعادي للمسلمين، اتخذ ساسة اليمين من الإلتزام بحقوق الإنسان ذريعة عالية الكفاءة للطعن في أهلية الفرنسيين المسلمين للإنتماء للأمة الفرنسية لأن عقيدة هؤلاء المسلمين لا تحترم مبادئ المساواة في الحقوق بين الرجال و النساء. و فيما وراء فئة الفرنسيين المسلمين المنحدرين في الغالب من اصول شمال و غرب إفريقية، يستخدم اليمين الفرنسي الأسلام كفزّاعة ضد المهاجرين الوافدين من القارة الإفريقية أو من الشرق الأوسط باعتبار أن كل هؤلاء المهاجرين المسلمين يشكلون خطرا على الهوية الثقافية النصرانية للمجتمع الأوروبي الذي يعرّفونه كمجتمع ابيض و نصراني قائم على مبادئ حقوق الإنسان.
طبعا ساسة فرنسا، من اليمين أو من اليسار، مستعدون لأن يبلعوا إدعاءاتهم الإنسانية الحضارية بلا تردد حين يتعلق الأمر بمصالح فرنسا الإقتصادية. في الثمانينيات لام نفر من الناشطين اليساريين حكومة الرئيس الإشتراكي فرانسوا ميتيران،لاموها على مواصلة بيع العتاد الحربي لنظام الأبارتايد في جنوب إفريقيا,و كان رد ميتيران : إذا لم نبع الاسلحة لنظام الأبارتايد فسيقوم آخرون ببيعها لهذا النظام. و قبل أسابيع اثار بعض الصحفيين فضيحة استخدام السعودية و الأمارات للأسلحة الفرنسية في قصف اليمن الذي راح ضحيته عدد كبير من المدنيين. و قد سخر الجميع من رد وزيرة الدفاع في حكومة الرئيس ماكرون حين صرحت بأنه ليس لديها معلومات مؤكدة عن حقيقة استخدام السعوديين الاسلحة الفرنسية في الهجوم على الأراضي اليمنية لأن الأسلحة الفرنسية يفترض فيها ان تستخدم في اغراض الدفاع فقط..

كتب بنوا رايسكي[ في4 مايو 2019]،و هو صحافي و مؤرخ سياسي فرنسي، كتب مقالة ناقدة للعلاقات الفرنسية السعودية تحت عنوان :

"حليفتنا العربية السعودية حيث الرؤوس المقطوعة تطفو في النفط"

"قبل ايام قامت المملكة السعودية بقطع رؤوس 37 شخصا بالسيف علانية. معظم الاشخاص المعدمين ينتمون للأقلية الشيعية المعروفة بعدائها السياسي لنظام آل سعود. و إذا كانت الرؤوس تتدحرج في الغبار امام جمهور غفير فذلك لان قطع الرؤوس استعراض يستقطب اهتمام الكثيرين في المملكة فضلا عن كون السلطات تنتفع به في ارهاب الخصوم السياسيين المحتملين, بعض الضحايا تعرضوا للصلب و تركت جثثهم معلقة لأيام حتى يدركها التحلل. و الصلب، تاريخيا، هو اقصى عقوبة مصحوبة بالإذلال الجسدي لأن الرومان كانوا يخصّون بها العبيد الآبقين وكل ثائر على السلطات مثل السيد المسيح. و رغم أن سلطات المملكة قامت بقطع 107 من الرؤوس منذ بداية العام 2019، إلا أن هذه المذبحة الشنيعة لم تثر أدنى أحتجاج من طرف الرؤساء الغربيين الذين لا يشك أحد في مدى الاشمئزاز العميق الذي يعتمل في دواخلهم من هذا المسلك . و لكن لا أحد يطالب الرؤساء الغربيين بالإفصاح عن ما يعتمل في دواخلهم. »ـ
يقول رايسكي :
"و في الواقع فإن المملكة السعودية هي حليفتنا، لكنها ليست صديقتنا بأي حال، و علاقتنا بها زواج مصلحة لا مكان فيه للعواطف.فمن يملك أن يقاوم سحر مليارات البترودولار؟ من يملك أن يقاوم وعد الإستثمارات و العقود المحتملة من هؤلاء العرب الموسرين الذين لا يشبهون في شيئ اخوانهم العرب المهاجرين البؤساء. »ـ
و يواصل بنوا رايسكي : » ذلك أن مصلحة الدولة تعلو على مقتضيات الضمير الإنساني في سلم الأولويات، فحين زار ملك السعودية بلادنا ليقضي الصيف في الـ "كوت دازير » خصخصنا له و لحاشيته [ ألف شخص]شاطئا بحاله و جاء المحافظ بنفسه للترحيب به.ـ و من الممكن ايضا أن ننظر لتسامحنا مع المسلك البربري غير المقبول كنوع من الإلتواء العنصري من جانبنا.و سنقول و يجللنا احساس بالخزي : »هؤلاء الناس ليسوا مثلنا، يجب ان نتفهّم ظروفهم" و نلجأ للعبارة الجبانة"أن لهم تقاليدا عريقة لا بد أن نحترمها".
و في هذا المشهد فالرؤوس ال37 التي قطعت ما هي إلاّ بعض من العواقب السلبية للعادات و التقاليد الحضارية العربية العريقة التي لا يليق بنا إنتقادها.لأننا إن فعلنا فعلى رؤساء بلداننا القبول بمبدأ ان كل الحضارات ليست متساوية.و هذا موقف يرفضونه لأنهم اشخاص مهذبون. »ـ
الرابط :

https://www.atlantico.fr/decryptage/357 ... i-?yahoo=1

هؤلاء الرؤساء المهذبون هم في الواقع حفنة من المجرمين الذين سيدينهم التاريخ في المستقبل بجرائر التواطوء مع القتلة و اللصوص و بتهمة عدم تقديم المساعدى للشعوب المعرضة لأخطار الموت و الإبادة. نعم سيخرج لنا من يرجونا ان " نتفهم"ظروف هؤلاء الروؤساء المهذبين الممضطرين بدورهم لـ " تفهم" الطغاة الصغار الذين يسومون شعوبهم القهر و الذل و التقتيل باسم الدين.فبأس حكام المملكة السعودية لا يأتي من كونها تملك أن تشتري العتاد الحربي البائر من الأوروبيين أو أنها توقع على عقود الإستثمار و التبادل التجاري ببلايين الدولارات،بأس المملكة السعودية يأتي من كونها صارت قادرة على معاقبة من يتجاسر على انتقادها في ابسط بديهيات الحياة الإنسانية. و لا بد أن الرؤساء المهذبون المتفهّمون قد تأملوا طويلا في العقاب الذي حل بدولة متحضرة من وزن كندا " بعدما نشرت السفارة الكندية بالرياض تغريدة على تويتر عبرت فيها عن قلق بلادها البالغ إزاء الاعتقالات الإضافية لنشطاء المجتمع المدني ونشطاء حقوق المرأة في السعودية، ومن بينهم الناشطة سمر بدوي، وحثت السفارة على الإفراج فورا عن جميع النشطاء السلميين في مجال حقوق الإنسان »ـ.استدعت المملكة سفيرها في كندا و طردت السفير الكندي و جمدت العلاقات الدبلوماسية و التجارية، "ونددت وزارة الخارجية السعودية بما عدته تدخلا سافرا في الشؤون الداخلية ومخالفا للأعراف الدولية، ورأت أنه يعد تجاوزا كبيرا على أنظمة المملكة وعلى السلطة القضائية وإخلالا بمبدأ السيادة. »ـ

الرابط

https://www.aljazeera.net/news/arabic/2018/8/5/اعتقالات-الناشطين-توتر-العلاقات-بين-السعودية-وكندا

طبعاعقاب الـ " تجاوز" و الـ " تدخل" الكندي في الشأن السعودي الداخلي لا بد ان ينبه الأوروبيين المتفهمين للمزيد من التفهم بحكم طبيعة التمدد الواسع لهذا "الشأن السعودي الداخلي" الذي صار يشمل ما يحدث في اليمن و ما يحدث في السودان و مصر و ليبيا و هلمجرا..و في هذا المشهد" يتفهم" الجميع من رهط الساسة و الاعلاميين الأوروبيين ضرورة مراعاة النسخة السعودية من التقاليد و الأعراف الدبلوماسية الدولية.و قد يقول قائل «  يا ديجانقو افرز" لأن فرنسا، معقل حقوق الإنسان بلد يكفل حرية التعبير للصحفيين الشرفاء بلا بلا بلا.و أقول لحضرة القائل :يازول مافي فرز ولا يحزنون، الأعلام الفرنسي كله مملوك لدوائر رأس المال التي يساهم فيها البترودولار بنصيب "سيف ديموقليس" المعلق فوق رقاب مدراء التحرير.و الاستثناء الذي يؤكد القاعدة يتمثل في صحيفة " لوكنار أنشينيه" الساخرة التي تصدر ورقيا بدون إعلانات
Le Canard Enchainé
و صحيفة" ميديا بارت"
Mediapart
الرقمية التي اسسها ناشطون يساريون على رأسهم "إدوي بلينيل" في 2008

و قد نشرت "لوموند ديبلوماتيك" [14 ديسمبر 2018] وثيقة مهمة اعدها الصحافيان" ماري باير" و"جيريمي فابر" تحتوي على قائمة بالأسر و المؤسسات المالية و الصناعية التي تمتلك الصحف و القنوات الإعلامية المهمة في فرنسا.و فيها نقرأ أن "مؤسسة قطر للإستثمار"
Qatar Investment Authority
و مؤسسة "لا غاردير" الصناعية
LaGardère SCA
تمتلكان مجلة " باري ماتش" و إذاعة "أوروب 1 » و " لو جورنال دو ديمانش". بينما يمتلك رجل الأعمال الفرنسي " باتريك درايي" صحيفة " ليبيراسيون"و مجلة " ليكسيبريس"و إذاعة مونتي كارلو"و قناة "بي إف إم تي في"، أما " لو فيغارو" و "لوفيغارو ماغازين" فتمتلكهما "مجموعة شركات داسو" للتصنيع الحربي، و تمتلك شركة أسرة "بويغ" العاملة في مجال أعمال البناء و الإتصالات قناتي " تي إف 1 » و " إل سي إي". أما مجلة " لوبوانت" فيمتلكها الصناعي الثري "فرانسوا بينو ».و يمتلك الصناعي "فنسنت بولوري" قناتي " كنال بلوس" و "سي نيوز "، و يتقاسم المليارديرات "إكزافييه نيل" و "دانييل كريتينسكي" و" ماثيو بيغاس" ملكية كل من " لو موند" و" كورير إنترناشيونال " و "لا في" و " تيليراما" و " لا نوفيل أوبسيرفاتور".

غايتو مسيو فولتير الضحك شرطو و الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه.

سأعود
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

رحمته واسعة

مشاركة بواسطة حسن موسى »



"رحمته واسعة"

قالوا أن رجلا كان يهمل الصلاة ويفطر في شهر الصوم.
و قالوا أنه كان يقطع الطريق و ينهب الناس و يكذب و يزني و يشرب الخمر و يلعب الميسر و و و..
قالوا أن الرجل مرّ يوم البعث أمام باب الجنة و هو في طريقه للنار.

وقالوا إن رضوان ناداه :
«يا زول تعال هنا»! ّ ً
قالوا إن الرجل لم يلتفت وظن أن حارس الجنة يتوجه لشخص آخر غيره، وتلفت حوله ولم ير أحدا.
ناداه رضوان مرةثانية:«
يازول هوي! أيوه أنت ،الواقف تتلّفت ده،تعال أدخل!»
وفتح رضوان باب الجنةعلى مصراعيه. عَّجبالرجل وقال : لابَّدأن رضوان شّبهني على شخص آخريشبهني!وقاللرضوان: «
يا سيدنا أنا عارف محلي في النار بهناك وأنا ماشي ليه عديل»!
قالوا إن رضوان أصر وقال للرجل: «
"يا زول قلت ليك أدخل هنا ! إنت مابتفهم العربي ولاشنو!؟»
قالواإنالرجل حاول أن يشرح لرضوان أنه كان يفعل «السبعة وذمتها»، وأن لا فرصة له في الجنة لكن رضوان مسكه من ذراعه وجذبه داخل الجنة ودّفره لغاية مالقى ليه محل تحت شجرةجوافة ن تحتها جدول وقَّعده هناك وقال ليه « :
"ده محلك ومافي غلط " و مشى جاب ليه أكل و شراب و قال له :
"يا زول أقعد هنا إنت في الجنة!».
قالوا إن الزول قعد في الجنةوشويةشويةبقى يتعود عليها واستقر به المقام وحلا له الجو و الخضرة و الحور العين يطوف عليه ولدان بأباريق و أكواب من فضة، غيرأن أصوات لقوم يضحكون ويهللون كانت تصله من وراء حا ئط قريب ،لكنه لم يكن يَرى شيئاً فالحائط عال! فانتظرالرجل حتى مَّرعليه رضوان في واحدة من جولاته التفقدية وسأله:«أها يازول مبسوط؟» ـ
«آي مبسوط»،
«كل شيء تمام؟» ـ
«أيوه الحمد لله، لكن بس عندي سؤال بسيط لو سمحت!»..
«سؤال شنو؟
قول ما تخاف!»
قالوا إن الرجل تنحنح وقال: «
في ناس ورا الحيطة دي أنا سامعهم يومهم ُكله يضحكوا ويهللوا!
الناس ديل ُمُنم؟!».
قال رضوان ضاحكاً: ديل الأخوان المسلمين، قايلين ُروحهم براهم في الجنة».
قالوا إن الرجل استغفر وقال: «فعًلا رحمته واسعة!»


جرت مياه كثيرة تحت جسور العاصمة المثلثة منذ أن أطلق الرئيس عمر البشير قولته المتحدية للمواطنين المعارضين : الما عاوزنا يطالعنا في الشارع.فما الذي جعل المعارضين العزّل يخرجون للرئيس في الشارع و لا يبالون بالهراوات و الغاز المسيل للدموع و الإعتقال و الرصاص؟
و ما الذي ألهم الرئيس انتقاد "قانون النظام العام " الذي صنعه لإرهاب المواطنين، ليركن للسلم و يتداعي للحوار الوطني من جديد؟
بل ما الذي الهمه أن يبذل تفاصيل سيرته الجسدية على الملأ السياسي[ سنه و ذراعه إلخ] كقرائن يائسة عن انتمائه لشعب الفقراء الذين خرجوا مطالبين بتنحيه؟
و ماذا حدث لآيديولوجيي الإسلام السياسي المحلي و الإقليمي حتى نفضوا يدهم من نظام الإنقاذ و مشروعه الحضاري الإسلامي؟

الإجابة على كل هذه الأسئلة تتلخص في عبارة بسيطة : الإنهاك. و الإنهاك في المعاجم هو الضنى و التنقـُّص. يقال : نهكته الحمّى و اضنته و نقصت لحمه فهو منهوك. و مثلما انهار نظام النميري المنهك أمام هبة الشارع في 1985 فنحن اليوم نشهد انهيار نظام الإسلاميين السودانيين الذي انهكه التخبّط و سوء التدبير السياسي و الإقتصادي و الفساد الأخلاقي حتى يئس اقطابه الآيديولوجيون من أي فرصة إصلاح امامه فقعدوا يأملون في فرصة نظام جديد لا يقصيهم من النادي السياسي السوداني مستقبلا. لكن النظام الذي دام ثلاثين عاما بنى خلالها شبكة من العلاقات و المصالح المتشابكة لا يملك أن يذهب هكذا " بصَمّة خَشْمُه "و يترك السودانيين بفتحون صفحة جديدة بيضاء يكتبون عليها برنامج التنمية و الإصلاح الإجتماعي الذي تنتظره الشعوب السودانية.إنه سيتشبّث بكل الذرائع الممكنة حتى يطيل من عمره و يحافظ على امتيازات سدنته المذنبة.و لعل أول الصعوبات التي تطرح نفسها امام النظام الديموقراطي الذي سيحل محل نظام الإسلاميين تتلخص في تصفية تركة نظام الإسلاميين بأقل الخسائر الممكنة. و حين أقول « بأقل الحسيائر الممكنة « فذلك لأن الخسارة واقعة لا محالة.لأن العقود الثلاثة ـ و قيل الأربعة، إذا حسبنا سنوات " النهج الإسلامي " النميرويةـ التي ساد فيها خطاب الإسلاميين في السودان ، هي عمر جيلين من السودانيين.و سيادة خطاب الإسلاميين في المشهد الإجتماعي لم تنتج عن رغبة فئة اجتماعية بعينها أرادت تحقيق اليوتوبيا الإسلامية وسط السودانيين و لكنها نتجت عن تناقضات جيوبوليتيك الشرق الأوسط في منتصف السبعينيات، و التي تخلّقت ضمن شروطها مسوخ سياسية غريبة على ثقافات السودانيين الدينية .بل أن الخطاب الإسلامي الوهابي الوافد من ثنايا جيوبوليتيك البترول سعى للتخلص من المشاريع الإسلامية التي ولدت في التربة السودانية سواء خرجت من ثنايا التقليد الديني الصوفي أو خرجت من ثنايا حركة التحرر و الإصلاح الديني مثل يوتوبيا "الأخوان الجمهوريين" الذين سعوا لتحديث الدين من خلال مفهوم " الرسالة الثانية من الإسلام"، و هو المشروع الذي حاربه الأخوان المسلمون لغاية تصفية محمود محمد طه رائد الحركة الجمهورية بعد إدانته في المهزلة السياسية المعروفة بـ " محكمة الردة الثانية" (1985) ـ
و تركة نظام الإسلاميين في السودان، و التي يصعدها بعض الكتاب و الصحفيين لمقام " الدولة العميقة " مهمة قد تطول زمانيا ،لأن كل واحد من الأربعين حرامي الذين تحلقوا حول نظام حزب المؤتمر الوطني تمخض فولد أربعمئة حرامي جديد و هكذا "دواليبك". لكن حرامية نظام البشير لم يصنعوا أية دولة، لا عميقة لا سطحية، وذلك لأنهم ببساطة كانوا في عجلة شديدة من أمرهم الذي هو أمر " إنهش و اهرب"، يعني بالعربي كدا : الموضوع كله " سرقة و بس".كانت هتافات المتظاهرين الأكثر شعبية ضد ديكتاتورية ابراهيم عبود [ 1964] و ضد ديكتاتورية جعفر النميري [1985] تطلب السلام و الحرية و الديموقراطية، بينماتصدّر شعار " ضد الحرامية" جل الهتافات التي استهدفت تغيير نظام الإسلاميين.ربما لأن القوم الذين اغتصبوا السلطة بذريعة "المشروع الحضاري الإسلامي" لـ"إنقاذ" السودان، انحطوا بالدولة السودانية لدرك ّالـ " كليبتوقراطية" و هي " دولة الحرامية".

ّ "دولة الحرامية" هي الدولة التي تربى في كنفها العسكريون الكبار الذين يزعمون لمجلسهم مهمة المحافظة على أمن و سلامة البلاد، بينما هم في الحقيقة يفاوضون اليوم للمحافظة على امتيازاتهم المذنبة التي راكموها عبر عقود طويلة و للإستمرار في خدمة مصالح كفيلهم العربسلامي في السعودية و الأمارات.
ّ "دولة الحرامية" هي أيضا الدولة التي خرج للدفاع عنها الداعية الإسلامي عبد الحي يوسف و شركاه متذرعين بالدفاع عن الشريعة. أي و الله" الدفاع عن الشريعة" و الأجر على الله بالبترودولار لأن الجنيه السوداني ما بسوى.

و تظاهرة عبد الحي تبدو مشاترة لمراقب الحراك الثوري الذي عم الأرياف و الحواضر السودانية في الأشهر الأخيرة ،لكن شتارتها الظاهرة تضيئ وجها معتما من وجوه حركة الإصلاح الديني في السودان، هو الوجه السعودي الذي ظل لعقود طويلة ـ و مازال ـ يستأسد آيديولوجيا [بجاه البترودولار] على مسلمي السودان بذريعة امتلاكه للدين الصحيح.طبعا جسامة الإمكانات المادية و السياسية التي تستفيد منها حركة الإصلاح الديني السعودي لم تنجح في تمليكها المشهد الأسلامي السوداني العامر بتعددية عالية في المناظير الفكرية الدينية هي ضمانة حمايته ضد تأثيرات بروباغاندا البتروإسلام. لكنها مكنت عبد الحي يوسف و صحبه من عرض عضلات جهاز الدعوة الوهابية المعولمة في السودان، لأن جمع المتظاهرين الذين خرجوا دفاعا عن الشريعة و جهروا بعداء الديموقراطية و العلمانية، احتوى على عشرات من الطلبة المسلمين الأجانب في "جامعة إفريقيا العالمية "التي يحتل فيها عبد الحي يوسف وصحبه مواقع الحظوة الإدارية و الأكاديمية. هؤلاء الطلاب الأجانب لا يجهلون هشاشة موقفهم الإداري كأجانب يتطفلون على شأن سياسي سوداني و وطني، لكنهم ـ في قرارة نفسهم الداعية ـ لا يقيمون في السودان بوصفه وطن المواطنين السودانيين ، لا، إنهم يقيمون في السودان بوصفه حيز آيديولوجي اسمه" دار الإسلام"،و التي هم فيها أصحاب حق و حملة مواطنة اسلامية معولمة.من هذا الوطن المعولم يملك مجاهدو جامعة إفريقيا العالميةـ إحتياطي "داعش" و بوكوحرام "ـ أن ينطلقوا للجهاد في " دار الحرب" الواسعة بلا حدود.

و في هذا المشهد لفتت انتباهي كلمة سديدة لاستاذنا و صديقنا عبد الله علي ابراهيم، نشرها في منبر " سودانايل" ،[ الرابط
https://sudanile.com
]. و قد تعرض عبد الله في كلمته لإشكالية" المرأة و الشريعة في السودان"، و ذلك من خلال نقده لحركة الدعاة الإسلاميين الأخيرة التي جسدتها تظاهرة الداعية عبد الحي يوسف و شركاه المدافعين عن الشريعة ضد الديموقراطية و العلمانية.
لكن كلمة عبد الله نوهت أكثر من مرة بصفة عبد الحي يوسف كـداعية " أجنبي" على تاريخ الحركة الإسلامية السودانية التي هي ، في نظر عبد الله حركة وطنية [ و هيهات]. يقول عبد الله :
"..
والشيخ عبد الحي نتاج هذه الشبكة السعودية المُفرخة للدعاة. فالشيخ سطحي الاحتكاك بمسألة الإسلام في السودان. فقد نشأ في مصر وعاد ليدرس في إحدى المدراس المصرية ثم إلى السعودية التي تخرج من إحدى جامعاتها الدينية. وبالنتيجة خُفيت عنه مسألة الإسلام في السودان التي أوجزها الدكتور حسن الترابي في الابتلاء بالحداثة. بمعنى آخر: كيف نجمر إسلامنا من فوق اجتهاد رشيق في خضم الحداثة التي اكتنفتنا لقرون. ويستوي في مغالبة هذه المسألة الترابي والأستاذ محمود محمد طه وأستاذنا عبد الخالق محجوب ولكل شيخ طريقته. ولا تخطر هذه المسألة لعبد الحي وكثير من الدعاة لأنهم تربوا على عقلية وهابية عن رقة دين الآخرين الذين هم موضوع إصلاح وتهذيب أو تكفير... »ـ

طبعا كلمة عبد الله في حق الداعية عبد الحي يوسف ، كـ "عميل أجنبي" غريب على المناقشة السودانية، تنطوي على ميل لإقصائه خارج دائرة المتكلمين في المنازعة السياسية الدينية في السودان[ أي كوز ندوسه دوس]، لكن المشكلة التي تواجهنا اليوم هي أن المناقشة السودانية ما عادت مقفولة للأعضاء فقط. لأنها صارت "وكالة من غير بواب" مفتوحة للغاشي و الماشي.و لم نعد نملك امكانية تحديد المساهمين فيها. يعني إذا المنازعة السودانية صارت مبذولة للأمير فلان و الرئيس فرطكان و المحلل الإسلامولوجي بهلوان فمن باب أولى أن " نوسّع قدها " و نخوض فيها و نحن على وعي بجملة الشروط التي تتلبسها.طبعا عولمة المنازعة السودانية تنطوي على بعد جديد هو كونها تمنحنا، نحن الحفاة العراة ، الحق في ان نتطفل على المنازعات المجاورة في بلدان العربسلاميين و غير العربسلاميين لنقول لهم " يا حضرات الرؤساء و الملوك، الشعب بتاعكم يريد تغيير النظام، و أنحنا رأينا كيت و كيت و مصلحتنا كيت و كيت و كيت، فكيف الدبارة؟".
فعلا رحمته واسعة..
سأعود
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

عولمة الشريعة في السودان

مشاركة بواسطة حسن موسى »


سلام للصحاب و المتابعين الكرام
هاهي كلمة عبد الله التي استرعت انتباهي و أنا ابذلها للقراء هنا ـ بعد اذن عبد الله ـ ليطّلع عليها المهتمون بأمر الإسلام المعولم في السودان فضلا عن أهميتها من منظور اشكالية المرأة و الشريعة في السودان




للنساء بهتان: الشيخ عبد الحي يوسف وغربته عن مسألة الإسلام سودانياً .. بقلم: د. عبد الله علي إبراهيم

نشر بتاريخ: 18 أيار 2019

 
توقفت عند صفة "الدعاة" التي

تطلق على أيامنا على رجال الوظيفة الدينية في الدولة وغيرها الذين تتجمع كتاحة عدائهم لثورة ديسمبر. واستغربت لأنهم لم يوصفوا ب"رجال الدين" التي كانت لهم قديماً. وكنا فهمنا من "الدعاة" قبلاً أنهم من تبعثهم مؤسسة دينية كالأزهر في شهر رمضان لاستنقاذ من تتهمهم برقة الدين. فالداعية بهذا المعني حالة من الوصاية على دين غيره. فكيف للرجل، أو المرأة، أن يكون داعية لقومه ممن هم على دينه. ولذا جاء في الإنجليزية في فساد الأمر "إنك كمن يبشر (بتعليم المسيح) أمام جوقة كورال". والكورال هي الجماعة التي تنشد الغناء الديني في الكنيسة. فجوقة الكورال لا تحتاج إلى مبشر بدينها الذي تصدح به في الكنيسة.
وبدا لي أن غلبة إطلاق "دعاة" على "رجل دين" أثر من شبكة الدعوة الإسلامية السعودية. فقد كانت ترسل بعوث الدعاة، الذين تنشئهم في جامعاتها الدينية، إلى أنحاء العالم بوصفها القيم على الإسلام والمعنية بصحته على خطة الوهابية. وقرأت كتابات لمتاعب جمهرة المسلمين في أفريقيا مع هؤلاء الدعاة كمثل صراع جماعة الإزالة (إزالة البدع وإقامة السنة) مع الصوفية الغالبة في نيجيريا. وقرأت لمن كتب عن نزاع ضم اليدين (القبض) إلى الصدر، وهو رأي الوهابية، وإرسالهما (السدل)، وهو رأى الشيعة والمالكية التي عليها غالب مسلمي أفريقيا.
والشيخ عبد الحي نتاج هذه الشبكة السعودية المُفرخة للدعاة. فالشيخ سطحي الاحتكاك بمسألة الإسلام في السودان. فقد نشأ في مصر وعاد ليدرس في إحدى المدراس المصرية ثم إلى السعودية التي تخرج من إحدى جامعاتها الدينية. وبالنتيجة خُفيت عنه مسألة الإسلام في السودان التي أوجزها الدكتور حسن الترابي في الابتلاء بالحداثة. بمعنى آخر: كيف نجمر إسلامنا من فوق اجتهاد رشيق في خضم الحداثة التي اكتنفتنا لقرون. ويستوي في مغالبة هذه المسألة الترابي والأستاذ محمود محمد طه وأستاذنا عبد الخالق محجوب ولكل شيخ طريقته. ولا تخطر هذه المسألة لعبد الحي وكثير من الدعاة لأنهم تربوا على عقلية وهابية عن رقة دين الآخرين الذين هم موضوع إصلاح وتهذيب أو تكفير.
قرأت لعبد الحي كتيباً عن المرأة هو "كلمات للمرأة". والكتاب عبارة عن "رجيم" للمرأة حتى لا تتخطفها حبائل كثيرة عَدَّدها لأنه يفترض فيها السقوط. ولا يثق في أنها ستكتفي بخطاب الاسلام لها مباشرة كمُكلفة. فعبدالحي لا يري النساء إلا نمامات كاذبات لهن بهتان "في جلسات لاغية وكلمات لاهية". ويصور خروجهن للعمل العام كتزعم للمؤتمرات ويتصدرن الاحتفالات يلوحن بأيديهن ويرفعن اصواتهن. وهذا ما لن تقرأه أبداً لمثقف سوداني من أي ملة من الملل منذ عقود. ولكن تجده عند عبد الحي الغريب عن التقليد الإسلامي السوداني في الابتلاء بالحداثة. والجندر واسطة عقد هذا الابتلاء.
ولبيان غربة عبد الحي عن مسألتنا الإسلامية سأعرض في غد لكلمة نعيت فيها مولانا شيخ محمد الجزولي، قاضي قضاة السودان (قضاة الشرع). ونوهت فيها باجتهاده الشرعي الرشيق الذي دخلت به النساء حرم القضاء الشرعي في النصف الثاني من الستينات. وكان مولانا رجل دين اجتهد لتوطين الحداثة في ديننا. وهو على خلاف من عبد الحي الداعية الذي امتلك ناصية الدين الصحيح في ظنه منقطعاً بتعليمه الأجنبي عن مسألة الإسلام سودانياً.
[email protected]


فطانة شيخ محمد الجزولي وخبط عبد الحي يوسف .. بقلم: د. عبد الله علي إبراهيم

نشر بتاريخ: 19 أيار 2019



"إلى روح مولانا نجوى فريد وإلى مولانا رباب أبو قصيصة لذكرى أحاديث عن المرأة القاضية بحضور المرحوم مولانا شيخ الجزولي".

قلت أمس إن الشيخ عبد الحي يوسف أجنبي على تقاليد الإسلام والسياسة في السودان التي كان مدارها، وما يزال، توطين الحداثة في إسلامنا. وسبب غربته هذه إنه ممن ترعرع في شبكة الدعاة الوهابية التي طابقت بين سدانتها للحرم الشريف وصواب إسلامها الوهابي على ما عداها. فالداعية بإطلاق أجنبي عن مجتمعه حتى لو كان منه لأنه مبعوث لتغيير، أو تصويب، دين أهله أو غير أهله الخطأ بالضرورة من محض نصوص. فالنص عنده لا يتنزل على مسلمين في كنف مجتمع ومعاد بل قلم تصحيح لهم كحالة معاد خالصة. وسمعت من هتف في لمُلام نصرة الشريعة أمس "الشريعة ولا القوت".
كانت مواطنة المرأة هي مدار مواطأة الحداثة للشريعة عندنا. ونقلت لكم أمس رأي عبد الحي الشاطح الفظ في النساء. فقال في كتابه "كلمات للمرأة" إن المرأة تحدق بها حبائل كثيرة عَدَّدها لأنه يفترض في المرأة السقوط، ولا يثق في أنها ستكتفي بخطاب الاسلام لها مباشرة كمكلفة. فعبدالحي لا يري النساء إلا نمامات كاذبات لهن بهتان "في جلسات لاغية وكلمات لاهية". ويصور خروجهن للعمل العام كتزعم للمؤتمرات ويتصدرن الاحتفالات يلوحن بأيديهن ويرفعن أصواتهن. وسيكون معيباً بحقه لو ظهرت أي امرأة في لمُلام نصرة الشريعة حتى لو كانت في مقام النائبة المحترمة السيدة سعاد الفاتح.
لو توقف عبد الحي هوناً عند النساء قضاة الشرع عندنا لعرف أنه خَالِف عن سماحة الإسلام عندنا الذي لم تُشكل عليه مواطنة المرأة حين أزف وقتها. فما اعترفت الدولة بتلك المواطنة بعد ثورة أكتوبر 1964 بتزيين جيدها بحق التصويت حتى وجدت المرأة طريقها إلى سدة القضاء الشرعي بعد القضاء المدني. وكان ذلك بفضل قاض عدل سبط هو مولانا المرحوم شيخ محمد الجزولي (1910-1999)، قاضي قضاة السودان في السبعينات، الذي وسع الدين والمجتمع خلافاً لعبد الحي أب ماعوناً نصوصي أشرم.
تخرَّج المرحوم من قسم القضاة في أصيل كلية غردون القديمة عام 1940 قبيل أن تُصبح هي المدارس العليا التي تدرجت حتى أصبحت جامعة الخرطوم المعروفة في 1956. ومن دفعة المرحوم في الكلية المراحيم الرشيد نائل المحامي ومولانا البداني ومولانا مجذوب كمال الدين من أعرق مواطني بري المحس. وقد عاصر المرحوم البروفسير عبد الله الطيب في الكلية. وقال لي البروفسير عبد الله الطيب مرة إن المرحوم كان أول دفعته، وهمه منصرف إلى قراءة القانون في حين كان الرشيد نائل والبُداني يقرضان الشعر. وكان المرحوم البداني مولعاً بقراءة مجلة مخصصة للسينما والنجوم.
عاش المرحوم التاريخ العاصف الذي ابتلى الله به القضاء الشرعي من لدن تأسيسه. فحين جاء إلى القضاء الشرعي في الأربعينات كان الجهاز كله في حالة دفاع عن وجوده ضد سياسة الحكم غير المباشر التي أسسها الاستعمار. فكان هدف هذه السياسة أن تُصفَّي المحاكم الشرعية (وصُـفِّيت منها 12 محكمة بالفعل في الثلاثينيات) لتحل محلها محاكم الإدارة الأهلية التي منحها الإنجليز سلطة النظر في قضاء الأسرة. وقال لي المرحوم مرة إنه لم يقبل عرضاً بالتحول إلى القضاء المدني لأن القضاة الشرعيين كانوا يخشون ضياع قضاء الشرع بسبب هذه الإغراءات للهجرة للقضاء المدني.
جاء مولانا المرحوم للقضاء الشرعي بأمر باهر سيبقى واحدة من أبر أياديه على الإسلام والأسرة والوطن. فقد عيَّن في 1970 مولانا نجوى كمال فريد، الطالبة النشاز في قسم الشريعة بجامعة الخرطوم، قاضية شرعية في وجه تحفظ جمهرة القضاة. وكانت هذه جسارة منه مساوية لجسارة مولانا نجوى نفسها. فنجوى قد تخرجت من مدرسة اليونتي الثانوية وما كانت تُحسن لف الثوب حين التحقت بقسم الشريعة الرجالي جداً. وكانت تهوى علم النفس وأرادت أن تدرسه بالجامعة. غير أن أستاذها نبهها إلى إن علم النفس لم يكن يدرس يومها بالجامعة، وحَسَّن لها أن تلتحق بقسم الشريعة لأنها أقرب العلوم إلى علم النفس لاتصالها بقضاء الأسرة [من هذا الأستاذ الرشيد؟ لله درُّه]. وحين تخرجت مولانا نجوى عينها المرحوم آخذاً بالمذهب الحنفي الذي يبيح قضاء المرأة. غير أنه تردد في أمر جلوسها للحكم في القضايا، فحجبها عن المحكمة، وشغلها بالبحث والرأي في فقه القضايا.
وقصة مولانا نجوى تستحق أن تُروى وتُذاع. فلم يصدق أحد قرارها بالالتحاق بقسم الشريعة أو مصيرها من بعد ذلك. فمن ذلك أنه كان تعيينها في أول أبريل 1970 فكان أصدقاؤها يقولون لها إن تعيينك هذا "كذبة أبريل". وانفتح الباب بعد ذلك للبنات يتدافعن بالمناكب إلى منصة قضاء الأسرة. حتى إنني كلما قرأت إعلانات المحاكم الشرعية في الصحف ونظرت إلى أسماء القضاة النساء يوقعن "صدر بتوقيعي وختم المحكمة" قلت في نفسي: "هذه من بركات شيخ الجزولي" فهو بهذا الصنيع قد مكن للمرأة أن تستمع، من موقع القرار، إلى دراما الزوجية والوالدية المثيرة. والأخطر من ذلك شأناً أنه أتاح للصفوة من النساء أن يستمعن لفقيرات النساء الطالبات للحضانة أو النفقة أو الطلاق للضرر. وهذه مدرسة في التعليم من أسفل تشتد الحاجة إليها في وقت استأثرت الأفنديات، البرجوازيات، العصريات بشاغل المرأة وأصبحت أوجاعهن الحقة وغير الحقة هي أوجاع سائر النساء.
وأيدي المرحوم الخضراء شتى. فقد رعى أبحاث الدكتورة كارولين فلوهر-لوبان، أستاذة الأنثروبولوجيا بكلية رود أيلاند بالولايات المتحدة، حين جاءت في أوائل الثمانينات ترغب في دراسة التجربة السودانية في قضاء الأسرة الشرعي. وكتبت الدكتورة فلوهر-لوبان في ظل حفاوة المرحوم وعنايته بحثاً لم أر أميز منه في احترام التقليد الشرعي السوداني الحديث من حيث انفعاله بمستجدات وأزمات المجتمع. وهذا تقريظ مرموق للقضاء الشرعي من ماركسية مؤكدة الخطر والصفاء في مقام الدكتورة فوهر-لوبان. وقد أهدت كتابها المعنون: "الشريعة والمجتمع في السودان، 1987" إلى مولانا المرحوم عرفاناً بفضله على الكتاب.
سبق المرحوم إلى الدار الآخرة قبل أن يرى الكتاب مترجماً في العربية بفضل الدكتور محجوب التيجاني ومنشوراً في ألمانيا بفضل الأستاذ البشير سهل. كان سيُسعده أن يقرأ السودانيون هذا السفر في العربية ليقفوا على الطريقة المتأنية التي أخذ بها قضاة الشرع أمر الأسرة والإسلام إلى غاية طيبة برغم أنهم ظلوا يعملون في بيئة طاردة مؤسفة وظالمة.
صعد المرحوم إلى بارئه وقبره ظاهر يزار بمدافن وجوه الختمية بمقابر المحجوب ببحري. ولا أفوت الوقوف عند قبره والترحم عليه كلما ساقني الظرف إلى تلك المقابر. كانت في مولانا فطانة في أمر يخوض مثل عبد الحي فيه بقلم أحمر ونصوص كزة من إرساليته التبشيرية .
[email protected]
"

سأعود
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

بدون تعليق

مشاركة بواسطة حسن موسى »

بدون تعليق

"..

وصل نائب رئيس المجلس الانتقالي بالسودان، المعروف باسم "حميدتي"، إلى جدة بالمملكة العربية السعودية، ليل الخميس 23 مايو.

والتقى ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، في جدة، الخميس، نائب رئيس المجلس الانتقالي السوداني، الفريق أول محمد حمدان.

وجرى خلال اللقاء بحث العلاقات الثنائية بين البلدين، وكذلك استعراض مستجدات الأحداث على الساحة الإقليمية.

وحضر اللقاء وزير الدولة عضو مجلس الوزراء السعودي، الدكتور مساعد بن محمد العيبان، ووزير الدولة للشؤون الخارجية عضو مجلس الوزراء السعودي، عادل بن أحمد الجبير.

فيما حضر من الجانب السوداني المتحدث الرسمي باسم المجلس العسكري السوداني، الفريق شمس الدين كباشي.

نقلت " العربية" أن الوفد العسكري السوداني الذي يزور السعودية خلال لقائه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، أكد على وقوف السودان مع المملكة ضد كافة التهديدات والاعتداءات الإيرانية والميليشيات الحوثية.

كما دان الاعتداءات الأخيرة على ناقلتي النفط في مياه الخليج والاعتداءات الصاروخية المتكررة من جانب ميليشيات الحوثي.

وأعلن الوفد بقاء القوات السودانية في اليمن في إطار الشرعية.

 »


أطرف عبارة في تقرير العربية هي العبارة الأخيرة التي تنتهي بـ " بقاء القوات السودانية في اليمن في إطار الشرعية "
غايتو الله يستر لو بكرة الإيرانيين دفعوا ليهم أجر الإرتزاق بأكثر مما يفعل السعوديون فالقوات السودانية ستبقى في السعودية نفسها "في إطار الشرعية" برضو. و في بيزنيس الحرب المعولمة مافي زول عنده قشة مرة. و لا نستبعد أن نسمع السعوديين يهتفون " سلمية سلمية ضد السودانية" بلا بلا بلا.


سأعود
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

بدون بعليق و" بس"

مشاركة بواسطة حسن موسى »



نشر اعلام المجلس العسكري الإنتقالي خبر زيارة رئيسه لدولة الأمارات.و جاء في البيان:

إختتم رئيس المجلس العسكري الإنتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان مساء اليوم زيارة رسمية الي دولة الإمارات العربية إستغرقت يوما واحدا أجري خلالها مباحثات مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة

تناولت الزيارة العلاقات الثنائية بين البلدين وتطورات الأوضاع بالبلاد. وكان في استقباله بمطار الخرطوم نائب رئيس المجلس العسكري الإنتقالي الفريق أول محمد حمدان دقلو وعدد من المسؤولين بالدولة.

وأوضح الناطق الرسمي بإسم المجلس العسكري الإنتقالي الفريق الركن شمس الدين كباشي إبراهيم في تصريح صحفي أن المباحثات تناولت العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل دعمها وتعزيزها. وأبان أن رئيس المجلس نقل لولي عهد أبوظبي إدانة السودان للهجمات التي تعرضت لها الإمارات مؤخرا وتضامنه معها في حقها في الدفاع عن نفسها وأعرب عن تقدير السودان حكومة وشعبا لمواقف الإمارات الداعمة للسودان.
ولفت كباشي الي أن رئيس المجلس العسكري قد أطلع ولي عهد أبوظبي علي تطورات الأوضاع بالسودان وجهود المجلس والقوي السياسية للوصول إلي حلول مرضية تعزز مكاسب الثورة وصولا إلي ديمقراطية مستدامة.

وأشار الناطق الرسمي إلي أن ولي عهد أبوظبي أكد تقدير بلاده للسودان حكومة وشعبا وثقته في قدرة أبنائه علي تجاوز المرحلة الراهنة والتوجه نحو المستقبل بروح الوفاق الوطني.

وقال إن ولي العهد جدد حرص بلاده علي مساندة السودان وإستعدادها لدعم مشروعات التنمية بالسودان بما يحقق الإزدهار والتنمية لشعبه حاثا الأطراف بالسودان علي تعزيز قيم الحوار من أجل الوصول إلي حلول ترضي طموحات الشعب السوداني.

إعلام المجلس العسكري الإنتقالي الخرطوم 26مايو2019

سأعود
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

لقاء تجمع المهنيين بسفراء المملكة المتحدة و المملكة السعودية

مشاركة بواسطة حسن موسى »





نشرت لجنة العلاقات الخارجية بتجمع المهنيين السودانيين بيانا حول لقاءات لجنة العلاقات الخارجية لتجمع المهنيين مع سعادة السفير البريطاني وسفير خادم الحرمين الشريفين. و قد جاء في البيان:

التقى يوم أمس السبت وفد من لجنة العلاقات الخارجية لتجمع المهنيين السودانيين بسعادة السفير البريطاني بمنزله بالخرطوم. ناقش اللقاء الأوضاع في السودان والدور الذي يمكن أن تلعبه بريطانيا ودول الترويكا والاتحاد الأوربي في دعم الاستقرار في السودان. كما أمن سعادة سفير المملكة المتحدة على الانتقال السلمي لسلطة مدنية ودعمهم لهذا الإتجاه ووقوفهم مع مطالب وتطلعات الشعب السوداني.
من ناحية أخرى التقت لجنة العلاقات الخارجية ظهر اليوم وبطلب منها في لقاء أولي، بسعادة سفير خادم الحرمين الشريفين لدى السودان وذلك في سفارة المملكة بالخرطوم. طالب وفد التجمع سفير المملكة بدعم خيارات الشعب السوداني في إقامة سلطة مدنية انتقالية، كما تطرق النقاش للعلاقات بين السودان والمملكة العربية والسعودية في المستقبل وأكد الطرفان على ضرورة أن يستمر التعاون بين البلدين خصوصاً وأن العلاقات بين الشعبين الشقيقين علاقات أزلية وتاريخية.

وتأتي هذه اللقاءات في إطار جهود التجمع لعكس رؤيته حول المرحلة المقبلة من تاريخ السودان لكافة الأطراف الدولية والإقليمية .

لجنة العلاقات الخارجية
تجمع المهنيين السودانيين
26 مايو 2019
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

الإستعمار السعودي الأماراتي المصري في السودان

مشاركة بواسطة حسن موسى »


استرعت انتباهي مقالة الصديق النور حمد حول موضوع تناقض المصالح المادية و الإستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط و عواقب المنازعة الشرقأوسطية على الشأن السياسي السوداني. كتب النور في مقاله المعنون: السودان و منعطف الإستعمار بالوكالة:ـ

"..

الرابط

https://sudanile.com/index.php/منبر-الرأي/267-9-9-5-8-7-8-1/115843-السودان-ومنعطف-الاستعمار-بالوكالة-بقلم-د-النور-حمد


"


تسلط هذه المقالة إضاءةً على الجانب الآخر للانغماس السعودي الإماراتي في شؤون الثورة السودانية، ومحاولاتهما المستميتة قطع الطريق عليها، فبالإضافة إلى رهاب الديمقراطية الذي تعاني منه الممالك الخليجية، وحرص بعضها الشديد على إفشال ثورات الشعوب العربية، حتى لا تنتقل إليها العدوى، هناك جانبٌ آخر، يتمثل في العقود المجحفة لخطف أراضي السودان التي وقّعها الرئيس البشير ومنظومته الفاسدة مع أطرافٍ عربيةٍ عدة. من هذه الأطراف السعودية التي تزرع القمح في السودان، مستغلة أراضيه ومياهه الجوفية الوافرة. وهناك أيضًا دولة الإمارات، التي تذكر بشأنها صحيفة الاتحاد الإماراتية أنها تستحوذ على 58% من جملة استثمارات الدول الخليجية، في مجال الزراعة في السودان.
السعودية، والإمارات تقفان الآن سدًا أمام الثورة السودانية، لمنعها من أن تبلغ هدفها في إقامة نظام ديمقراطي. لا تريد هاتان الدولتان اللتان خطفتا مساحاتٍ مقدّرةً من أراضي السودان أن تقوم حكومةٌ سودانيةٌ منتخبةٌ، تملك قرارًا مستقلًا، وخاضعة لمحاسبة شعبها، بمراجعة هذه العقود. وهي عقودٌ جرى بموجبها منح أراضي السودان، ولفتراتٍ تصل إلى قرنٍ كامل. وغنيٌّ عن القول إن النخب السياسية السودانية التي تنادي بالديمقراطية، لا تقف ضد عروض الاستثمار من الدول العربية في السودان، ومن غيرها من مستثمري العالم. بل هي تعرف أهمية ذلك، وترحّب به أشد الترحيب، فالسودان يملك من الأراضي الصالحة للزراعة، ومن المياه، ما لا يملك القدرة على استغلاله، في ظروفه الحالية. ولكن من المهم جدًا ألا تكون هذه الاستثمارات على حساب حياة شعب السودان، وأراضيه ومياهه وبيئته، من غير أن يحصل منها على مقابل مجزٍ. لا بد من الشفافية في منح عقود الاستثمار، وخصوصاً في الأراضي، لأن ذلك متعلق بمستقبل أجيالٍ من السودانيين لم تولد بعد، ومتعلق بالحفاظ على الموارد الرئيسية ذات الوزن الاستراتيجي الثقيل، وعلى سلامة البيئة، واستدامة التوازن فيها.
بسبب فقدان الرئيس البشير كل بطاقات المناورة الممكنة، من أجل البقاء في الحكم، وبسبب انهيار اقتصاد البلد، بسبب فساده وفساد عصابته، اضطر في سنواته الخمس الأخيرة، للّجوء إلى الارتزاق بالدم السوداني. أرسل مع لورد الحرب محمد حمدان (حميدتي) آلاف الجنود السودانيين، وربما معهم من هم ليسوا سودانيين، للاشتراك في حرب اليمن. وقد أصاب هذا الخيار القذر السودانيين بالغثيان بسبب قذارته، وبسبب أن للشعبين السوداني واليمني، صلات تاريخية بالغة الطول، ومحبة متبادلة راسخة. المفارقة أن الارتزاق بالدم في اليمن سبق أن رفضته الجارة مصر، حين جرى عرضه عليها، في بداية الحرب. فعلت مصر ذلك، على الرغم من أنها عضوٌ في الحلف السعودي الإماراتي. ولكن حين قُدِّم هذا العرض للرئيس البشير المتشبث بكرسيّ الحكم، بأي ثمن، قبله من دون تردّد.



.."

سأعود
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

سلمية ضد الحرامية الفي السعودية

مشاركة بواسطة حسن موسى »








سلمية ضد الحرامية الفي السعودية


جاء في الأثر أن " الشريعة عليها بالظاهر"
و في مشهد هذا الظاهر يمكن التأمل في نص حد السرقة. و هو حسب الشريعة واضح  بدون لبس:
" و السارق و السارقة فاقطعوا ايديهما جزاءا بما كسبا نكالا من الله و الله عزيز حكيم"[5،38، المائدة.
و خلال العقود الثلاثة الماضية التي ساد فيها حكم "الكيزان" لم تعد السرقة سلوكا استثنائيا يعيب صاحبه بل صارت ـ بذريعة التمكين ـ اسلوبا في الكسب يتواطأ عليه اعضاء العصبة المتأسلمة، بل و يقنّنون له الحجج القانونية التي تيسر لأعوانهم من لصوص المال العام الإلتفاف على الحدود الشرعية.طبعا لا يخطر ببال الإسلاميين الذين تمكنوا من سرقة المال العام طوال سنوات هيمنتهم على الدولة، لا يخطر ببالهم أن الشعب السوداني المسلم يملك أن ينقلب عليهم و يطبق عليهم حد السرقة "جزاءا و نكالا من الله »ـ ربما لأن فكرتهم السائدة عن الشعب السوداني تحبسه في صورة الشعب الطيب الغشيم الحليم الذي تعود على قبول كل شيئ ، على هدي مقولة «  عفى الله عما سلف » بلا بلا بلا..

قصة الاستاذ سعد مدني ، في خيطه المعنون " التحلل من المال الحرام "، تلخص ببلاغة مأسسة الفساد في نظام اسلاميي السودان. تقول الحكاية:
"
كوز لصاحبو: ياخي تعال نسرق لينا عشرة مليار
و بعدين يا طلعنا منها ب " فقه السترة" او قانون " التحلل من الثراء الحرام"
سرق الكوزين مبلغ العشرة مليار..
و اشتروا بها عقارات في وسط الخرطوم..
و بعد اربع سنوات باعوا العقارات بتلاتين مليار..
و عندها تم اكتشاف سرقتهم..
و لم تنجح كل محاولاتهم لسترهم ب" فقه السترة"
اتصلوا بكل الكيزان الكبار..و ذكروهم بالهدايا التي اعطوها ليهم
من خراف و سيارات و مصاحف هذا غير تبرعهم للحزب و لبناء اربعة مساجد
في محافظة شرق النيل..
المهم في النهاية تمت احالتهم لقانون " التحلل"
موظف الثراء الحرام: يا " اخواني" لازم ترجعوا مبلغ العشرة مليار الشلتوها
من المال العام، و بعد داك نطلق سراحكم..موافقين ولا موافقين..
احد الحرامية الكيزان: موافقين يا سيادتك..بس ادونا فرصة شوية انت عارف
احوالنا بقت صعبة شوية و انشاء الله بعد سنة سنتين تكون عندك العشرة مليار
موظف الثراء الحرام: سنة واحدة يا " اخواني"، ولا ح نسجنكم...
الحرامي الكوز التاني: خلاص ..خلاص يا زول سنة..سنة..هسع خلاص فكنا ورانا صلاة
و صايمين بكرة...
موظف الثراء الحرام:خلاص ح نطلق سراحكم هسع..بس توقعوا على التعهد دا..بارجاع المال الحرام
احد الحرامية الكيزان: جيبوا يا سيادتك..نوقعو هسي.. و نتخارج..و ما تنسى تدينا رقم حسابك البنكي
موظف الثراء الحرام: و دا داير كلام..انا مجهز ليكم رقم حسابي و تلفوني..تلقو في الظرف الابيض الهناك دا. »ـ

الرابط
https://sudaneseonline.com/board/460/msg/التحلل-من-المال-الحرام-1398596005.html


جاء في
"قانون مكافحة الثراء الحرام و المشبوه لسنة 1989م"

الفصل الخامس

أحكام ختامية

التحلل من الثراء الحرام و المشبوه

13-(1) يجوز لكل شخص أثرى ثراءً حراماً أو مشبوهاً أو ساعد في الحصول عليه أن يحلل نفسه هو أو زوجه أو أولاده القصر في أي مرحلة قبل توجيه الاتهام إليه.

(2) لأغراض البند (1) يتم التحلل برد المال موضوع الثراء الحرام أو المشبوه و بيان الكيفية التي تم بها الإثراء. »ـ

و قد تجلت طبيعة هذا القانون الذي يقنن للفساد في الفضيحة الداوية التي أدهشت السودانيين في أبريل2014، و هي تتلخص في أن لجنة التحقيق في قضايا سرقة المال العام حققت مع بعض منسوبي مكتب والي الخرطوم" عبد الرحمن أحمد الخضر". قامت لجنة التحقيق بتطبيق "فقه التحلـّل" وفق "قانون الثراء العام لعام 1989"و اكتفت اللجنة باسترجاع ما قيمته 17 مليون جنيه ،و هو مبلغ يقل عن قيمة المال الذي تمت سرقته ،و قامت اللجنة بإطلاق سراح لصوص المال العام وسط دهشة المواطنين.

أول مرة عرفت فيها بمفهوم " التحلل من المال الحرام " ، بدا لي كما لو كان الأمر مزحة ثقيلة ـ مما تزخر به منتديات الأسافير ـ غايتها السخرية من الأسلام ، لكن فضولي المتواضع في فقه حد السرقة ردني لحقيقة هذا المفهوم الغريب الذي ينضاف لترسانة المفاهيم الفقهية التي مازالت تفعل في حياة المسلمين،بالذات حين يقوم الإنتهازيون بنبشها و تفعيلها وسط دهشة عيال المسلمين، و ذلك رغم أن منطق الزمان و الحس السليم تجاوزاها.يقول د. محمد محمود في دراسة قيمة موضوعها "نقد حد السرقة" ،أن فقهاء حد السرقة يعرفون هوية السارق حين " لا يكون له في المتاع المسروق ملك أو شبهة ملك"فحد السرقة،" القطع" ،لا ينفذ في الوالد الذي يسرق مال ابنه لإعتبار القرابة. » "و إن قامت شراكة بين السارق و المسروق منه و سرق من المال المشترك فإنه لا يُقطع لحقه فيه. و لا يُقطع السارق من بيت المال إن كان مسلما لأن له فيه شركة أو شبهة شركة، فإن مال بيت المال مال المسلمين و هو أحدهم، فإنه إذا احتاج يثبت له الحق فيه بقدر حاجته".
[أنظر مجلة ا"لعقلاني "رقم 6 التي يصدرها" مركز الدراسات النقدية للأديان، لندن، يوليو 2016
ترى كم هو "حق" حرامية مكتب والي الخرطوم في مال الشعب السوداني؟ مندري؟
لكن مأسسة الفساد في السودان لم تقتصر على بعض العاملين في ولاية الخرطوم، فهؤلاء الناس هم في الحقيقة بمثاية الطرف البارز من جبل جليد دولة الفساد، التي بناها الإسلاميون في السودان خلال عقود طويلة.و في مشهد
دولة الكليبتوقراطية " الإسلامية نشط الإسلاميون المتمكنون من مفاصل الدولة في السودان، نشطوا في بيع موارد السودان البشرية و ثرواته المادية للأفراد و الجماعات و الحكومات الأجنبية على مدى ثلاثة عقود من الزمان. هذه الخيانة الكبرى هي ما يسميها سدنة النظام البائد الماثلون في المجلس العسكري بـ" إحترام الإتفاقات مع القوى الخارجية » و ترجمتها، في فقه السرقة :" استلام المال المسروق"ـ. كتب النور حمد في كلمته عن " السودان و منعطف الإستعمار بالوكالة" :ـ
"..
كبار ضباط القوات المسلحة السودانية، الذين يدّعون الآن أنهم انحازوا للثورة الشعبية، هم من نفس المجموعة التي صنعها البشير، وباع بها الدم السوداني، وباع بها مجمل استقلالية القرار السوداني للخارج. ولقد اتضح منذ البداية ارتهان المجلس العسكري، الكامل، للأجندة السعودية الإماراتية والمصرية في السودان، فالبيان الأول الذي أذاعه الفريق عوض بن عوف، الرجل الذي أجلسوه مكان البشير عقب إزاحته، تضمن فقرة لافتةً، ليس مكانها البيان الأول. تشدّد تلك الفقرة على الإبقاء على كل الاتفاقات مع القوى الخارجية. وما من شك أن هذه الفقرة أملتها على المجلس كلٌّ من السعودية والإمارات لكونهما قد خطفتا أراضي سودانية شاسعة، وفق اتفاقيات مجحفةٍ لم يُشرك فيها شعب السودان. جرت وراء الكواليس، لا يعرف الرأي العام السوداني أي شيء عن بنودها، أو أخطارها المستقبلية، أو ما يمكن أن تعود به للسودان من نفع."

"
السعودية و الأمارات ، بفضل ثروات النفط الضخمة، هما اليوم من أثرى بلدان العالم اليوم.و في مقدور اعراب النفط، لو استثمروا ثرواتهم بشيئ من الخيال التنموي، في مقدورهم النهوض بمجمل مجتمعات الشرق الأوسط و افريقيا و تحقيق تنمية و سلام يحول منطقة الشرق الأوسط لجنة الله في أرضه، لكن اهلنا قالوا: « مرمي الله ما بنرفع" و قد كتبت علينا مكابدة حروب العربان الغبية و الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه يسواه.
كتب النور حمد :
"..
السعودية، والإمارات تقفان الآن سدًا أمام الثورة السودانية، لمنعها من أن تبلغ هدفها في إقامة نظام ديمقراطي. لا تريد هاتان الدولتان اللتان خطفتا مساحاتٍ مقدّرةً من أراضي السودان أن تقوم حكومةٌ سودانيةٌ منتخبةٌ، تملك قرارًا مستقلًا، وخاضعة لمحاسبة شعبها، بمراجعة هذه العقود. وهي عقودٌ جرى بموجبها منح أراضي السودان، ولفتراتٍ تصل إلى قرنٍ كامل. وغنيٌّ عن القول إن النخب السياسية السودانية التي تنادي بالديمقراطية، لا تقف ضد عروض الاستثمار من الدول العربية في السودان، ومن غيرها من مستثمري العالم. بل هي تعرف أهمية ذلك، وترحّب به أشد الترحيب، فالسودان يملك من الأراضي الصالحة للزراعة، ومن المياه، ما لا يملك القدرة على استغلاله، في ظروفه الحالية. ولكن من المهم جدًا ألا تكون هذه الاستثمارات على حساب حياة شعب السودان، وأراضيه ومياهه وبيئته، من غير أن يحصل منها على مقابل مجزٍ. لا بد من الشفافية في منح عقود الاستثمار، وخصوصاً في الأراضي، لأن ذلك متعلق بمستقبل أجيالٍ من السودانيين لم تولد بعد، ومتعلق بالحفاظ على الموارد الرئيسية ذات الوزن الاستراتيجي الثقيل، وعلى سلامة البيئة، واستدامة التوازن فيها.
"

طبعا ليس في مقدور السودانيين، حاليا على الأقل ، إقامة حد "استلام المال السوداني المسروق" على المسؤولين في السعودية و الأمارات و على غيرهم من ضباع دوائر رأس المال المعولم الذين اختطفوا مقدرات البلاد و مواردها، لكننا لن نتوانى في ملاحقتهم قضائيا إلى أن نخلص حقوقنا منهم . و من جهة أخرى، ففي مقدورنا تطبيق حد السرقة على المسؤولين السودانيين الذين سرقوا و باعوا حق الشعب ، و هي خطوة ، لو تمت، فهي ستطرح سابقة رمزية و عدلية تنفع في ترهيب أي حرامية محتملين في المستقبل و إثنائهم عن سرقة مال الشعب.
الجهات الأجنبية التي تواطأت مع حرامية السودان و اشترت منهم ما لا يملكون ، هذه الجهات الأجنبية ، إذا أرادت التأسيس لعلاقات تعاون و تبادل و صداقة متينة مع الشعب السوداني ،لا بد لها أن تجلس على طاولة المفاوضات مع ممثلي الشعب و تقبل إعادة النظر في جملة المعاهدات و الإتفاقات التجارية و السياسية التي أبرموها مع نظام عمر البشير المجرم. و قد جاء في بلاغة الشعب السوداني " أكلوا أخوان و اتحاسبوا تجّار".

سأعود

حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

مليك واق الواق

مشاركة بواسطة حسن موسى »




مليك واق الواق

يزوركم غدا مليك واق الواق..
يجوس في أسواقكم..
يدخل بيت الخليفة.. و جامع الخليفة..
يخرج للصيد في صحرائكم..
فاستقبلوه..
و افرحوا لمقدمه..
ثم أكرموه فهو ضيفكم..
و حينما يغادر البلاد..
انزعوا لافتات الترحيب من على الجدران..
و اصنعوا منها مآزر و سراويل و أكفانا..
واستعدّوا..
بعد غد يأتي إليكم مليك دولة الجليد..
هاتوا مآزركم و سراويلكم و أكفانكم..
و اكتبوا عليها : حللت أهلا..
نزلت سهلا..
وافرحوا لمقدمه..
فهو لن يأخذ شيئا منكم..
سوى ريش نعام ذكر حر بالغ..
و بعض ألسنة العصافير..
و غصن آبنوس..
و سبعة أرطال من ضوء الشمس..
ينشئ بها مزرعة للدفء و الضياء في بلاده الجدباء..
و اعلموا ان الحياة رائعة..
أليس جميلا أن تدخلوا السعادة في قلوب ملوك الأرض؟

علي المك
مدينة من تراب 1974
..

تحت عنوان :

تداولت الوسائط الخبر الذي نشرته صحيفة "التيار" منسوبا للدكتور محمد ناجي الأصم ، المتحدث باسم تجمع المهنيين، و ذلك تحت عنوان لا يخلو من الإثارة :
"
محمد ناجي الأصم: الحكومة المدنية لن تستعجل سحب القوات السودانية من اليمن"
يقول الخبر :
"
كشف القيادي بـ(تجمع المهنيين السودانيين) د. محمد ناجي الأصم عن عدم تعجلهم حال استلام السلطة بسحب القوات السودانية المشاركة في حرب اليمن، وقال: “لا يمكن أن تأتي حكومة مدنية جديدة وتعلن سحب القوات السودانية من اليمن مباشرة، لأنها تحتاج لإجراءات ومتابعة، واتخاذ أي قرار مثل هذا يأخذ بالتشاور مع السعودية والإمارات، وأي اتفاقية فيها ضرر مع الشعب السوداني نحن ما معاها”.

ووصف الأصم السخط الشعبي تجاه التدخل “الإماراتي – السعودي – المصري” في الشأن السوداني بـ”المبرر”، مشيراً إلى أن تلك الدول لديها تخوف بأن مصالحهم سوف تهدد حال وجود نظام مدني ديمقراطي، لذلك يتدخلون في المشهد السياسي السوداني الحالي والمستقبلي. »

وقعت على الخبر في خيط بذله الصديق دكتور ياسر الشريف في
الرابط :

https://sudaneseonline.com/board/500/ms ... 61247.html

و بصرف النظر عن صحة التصريح المنسوب للدكتور الأصم، فقد أثار الخبر أكثر من خاطر، بالذات في هذه اللحظة من عمر الثورة السودانية.
و قد علق د. ياسر الشريف متسائلا عن ما استوجب هذا التعليق من طرف د. الأصم : »
..
من أين لناجي الأصم معرفة ما ستفعله الحكومة المدنية؟؟ وهل هو مخول للحديث باسم حكومة مدنية لا تزال في رحم الغيب بين شد وجذب؟ كان الأجدر به أن يقول أن هذا الموضوع سابق لأوانه. ثم ما هي الحدود الزمنية لـ "عدم استعجال" سحب القوات السودانية أو بالأصح القوات التي تعمل كمرتزقة تذهب معظم عوائد أموالها لحميدتي والدعم السريع ويصل المقاتلين الفتات. أليس هناك سياسي رشيد يقول "الصاح صاح والغلط غلط" أم أنهم لن يستبينوا الحقيقة إلا بعد أن تصل صواريخ الحوثيين إلى السودان؟؟"
كتب امير بوب معلقا على احتجاج ياسر الشريف

"..
بالعكس ، تصريح الأصم دا موفق رغم انو جا متأخٌر جدا
لأنو من البداية كان لابد من ضبط الخطاب السياسي و الدبلوماسي
و العمل على تطمين العالم الخارجي ، خاصة الدول التي لها اتفاقات مبرمة و مصالح في السودان
تهديد مصالح أي دولة يعني دفعها للوقوف ضدك و ضد مشروعك و إنحيازها للطرف الآخر .
الناس كان بتنادي بضرورة ان يقوم تجمع المهنيين بتشكيل لجنة علاقات خارجية و دبلوماسية لمخاطبة العالم و تطمينه من قبل الحكومة المدنية القادمة و عدم المساس بمصالح تلك الدول
بل العمل على حل اي خلاف او نزاع بشكل سلس و مدروس
قرار سحب القوات من اليمن مثلاً ليس قرار رغبوي او من نوع امسك لي و اقطع ليك
بل يحتاج لزمن و ترتيبات تضمن مصالح و كرامة البلدين.
حتى الخطاب فيما يخص قوات الدعم السريع ، لم يتم ضبط الخطاب سياسياً و النظر لتبعاته و تأثيراته
لأنو المطالبة بالحل الفوري لتلك المليشيات غير عملي و بمثابة اعلان حرب على تلك القوات
بالتأكيد ستسعى جاهدة لعرقلة وصولك للسلطة لانك ببساطة ستعمل على حلها !!
و اكبر دليل و رد فعل هو تحول موقف حميدتي وواضح جداً تخوٌفه من سيطرة قحت على السلطة
و قد أشار في اكتر من مناسبة انو الناس ديل ما عايزيننا و جايين عشان يتخلصوا مننا !!
بينما المنطق يقول بدمج الأفراد المؤهلين منها للقوات المسلحة و دي برضو عملية بتاخد زمن و تسبقها تهيئة و خطوات كتيرة !
.....
المشكلة انو الناس تعاملت مع الكثير من المواقف بعقلية الثوار و الخطاب كان حاد و صدامي جدا و أغفلت البعد السياسي و الدبلوماسي و لذلك حدثت التدخلات الخارجية و أثٌرت في مسار الثورة
السياسة دي حنكة و مراوغة و بعد نظر وضبط الخطاب مهم عند مخاطبة الآخر بعيداً عن النوايا !! »ـ
....
كتب عبد السلام مالك الحاج : »
ده افضل تصريح وينم عن وعي ونضج سياسي .....هي رسالة تطمين الامارات والسعودية والامريكان من خلفهم وحتى لا يستعديهم وعلى الاقل مغازلةلهم في الوقت الراهن ...وبعد الحكومة المدنيةالشعب هو البيقرر"ـ.

كتب ياسر

سلام يا عزيزي عبد السلام مالك

حتى لو افترضنا أن الأصم مخول لأن يصرح مثل هذا التصريح، فهو مؤشر على الانتهازية وليس على الحصافة السياسية. وقد قلت أنت بنفسك:


Quote: هي رسالة تطمين الامارات والسعودية والامريكان من خلفهم وحتى لا يستعديهم وعلى الاقل مغازلةلهم في الوقت الراهن ...

تطمين بالباطل؟ تطمين ومغازلة بالمشاركة في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في اليمن وبالارتزاق؟؟ الأفضل للسودان إذن أن يخسر الإمارات والسعودية على أن يشارك في هذه الجريمة، فالحق حق والباطل باطل. أما أمريكا فبها مجتمع مدني ورأي عام يدين ما يحدث في اليمن، وهو على استعداد أن يقف إلى جانب السودان في هذا الموقف الصحيح.

ياسر

الرابط
https://sudaneseonline.com/board/500/ms ... 61247.html


و من ردود افعال المعلقين ـ الذين يبدو ان معظمهم يعلق من خارج السودان [بكوز اوف نو انترنيت في السودان] ـ تتكشف امام القارئ حيرة قطاع من السودانيين الذين ازعجتهم عواقب هذه الثورة المتمددة كل يوم في مساحات أوسع و التي يبدو انها عرقلت على البعض مصالحهم فـ "جنحوا للسلم" [ الأنفال]. أي و الله جنحوا للسلم عديل كدا ، و ذلك على أمل أن تتركهم السعودية و الأمارات ومصر وإسرائيل و أمريكا و روسيا و الصين و تشاد وإريتريا و واق الواق يواصلوا ثورتهم "على حل شعرهم" و يعملوا دولة الديموقراطية و الحكومة مدنية التي تتم فيها الأمور" بالغانون"[ و التصحيف مقصود] .
يا عالم إنتوا قايلين روحكم وين؟
الثورة بتاعة السودانيين دي ما ثورة على نظام عمر البشير وحده و إنما هي ثورة على مجمل جيوبوليتيك النفط الذي هو في اصل حروبات الشرق الأوسط التي تجسد الطرف البارز من جبل جليد صراع طبقات زمن العولمة. يعني بالعربي كدا انحنا طرف اصيل في المنازعة الطبقية المدممة بين شعوب الشرق الأوسط لأننا ، منذ ستينيات القرن العشرين قبلنا الإنخراط في حرب القوميين العرب ،ضد اسرائيل، بدون أي مسافة نقدية نعقلن عليها هوامش المناورة تقدما أو نكوصا ، ثم انخرطنا في حرب الكويت إلى جانب صدام حسين ايضا بدون أية مسافة نقدية . و قبل أن تدركنا حرب اليمن بعث الصيارفة المتأسلمين بأبناء و بنات الشعب السوداني في جبهات قتال مريبة باسم الجهاد ، يوم في جنوب السودان ، يوم في أفغانستان و يوم في سوريا و آخر في نيويورك و الأجر على الله بالريال أو بالبترودولار. في النهاية أدركتنا حرب اليمن فانخرطنا فيها بدون أي فهم سياسي بخلاف الإرتزاق و بعنا فيها كرامة ذلك الشيئ الذي كنا نحسبه جيشنا الوطني فإذا به ينمسخ بين عشية و ضحاها لعصابة من الجنجويد الملقطين من فقر بلدان السهل الإفريقي البائس.جمعتهم و دربتهم دولة عمر البشير و باعتهم لولاة السعودية و الخليج يستخدمونهم في قتل الفقراء في اليمن.
ثورة السودانيين الراهنة هي ضد فلول نظام عمر البشير و ضد كفيلهم السعودي الأماراتي و ضد كفيل كفيلهم الأوروأمريكي الذي يبيعهم العتاد الحربي البائر و يحميهم من شعوبهم حين تثور.
كيف يجنح السودانيون للسلم و في مواجهتهم غول متعدد الرؤوس كلما قطعنا له رأسا في السودان أو في تونس أو في الجزائر نمت له رؤوس أخر في مواضع جديدة من هذا الشرق الأوسط الأهبل الذي يملك من الثروات ما يمكنه من شراء السلام و الحرية لكافة بلاد المسلمين.
و فكرة الجنوح للسلم، و ترجمتها " الدبلوماسية" و "الأعتدال" و "ضبط الخطاب" و "الحنكة" و" المراوغة »،[ يعني بالعربي كدا : الفهلوة]، هي فكرة لا بأس بها، لولا أنها تقرأ في هذا السياق كموقف انتهازي بائس لا ينطلي على أي من خصوم الثورة السودانية الأراذل المذكورين أعلاه.
و لو قفزنا فوق تصريح د. الأصم و ردود الأفعال التي أثارها، يمكننا بقليل من الخيال تصور الواقع السياسي الجديد الذي سيتخلق في سودان ما بعد نهاية نظام عمر البشير.بعد الفترة الإنتقالية المقبلة، سيتوصل الفرقاء في السودان لصيانة ميثاق ضمان الديموقراطية و الحكومة المدنية، و ستزال آثار العهد البائد في بضعة سنوات و سيمثل عمر البشير و شركاه أمام محكمة العدل الدولية و سينساهم الناس في محابسهم الأوروبية أو في منافيهم العربية. في هذا السودان الديموقراطي المدني سيتعرف السودانيون على جيرانهم الأزليين القريبين و البعيدين من جديد. و سيضطرون للتعامل معهم في سوق العولمة الكبير الذي يشتري الناس فيه و يبيعون كل شيئ لكل من يستطيع إليه سبيلا .في هذا السوق الواسع سيعود السعوديون و الأماراتيون و المصريون و الأتراك و الإيرانيون و الأوروبيون و الأمريكان و الروس و الصينيون و الواقواقيون و سيفتتح المزاد المعولم حول خيرات السودان المادية و المعنوية. و سيكون هناك من يرغب في شراء الأرض أو الذهب او البترول أو اليورانيوم او الثروة الحيوانية مثلما سيهلّ علينا من يرغب في شراء النيل أو الغابات أو رمال الصحراء ، أو الآثار التاريخية أو حظيرة الدندر أو مقرن النيلين، و بيت الخليفة و بوابة عبد القيوم و لا ننس من يريد شراء العقول و الخبرات و الكرامة و العروض و هلمجرا.و ينتصب السؤال العويص : لأي حد نحن مستعدون لمواجهة هذا الواقع الجديد؟ مندري؟
سأعود
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

قبّة حديد سعيدة بت إبراهيم

مشاركة بواسطة حسن موسى »




قُبّة حديد سعيدة بت إبراهيم

قلت في كلمتي المتشائمة أعلاه أننا، بعد إزالة آثار حكم الإسلاميين سنجد أنفسنا في مواجهة المصير القاتم المتمثل في التجار المفترسين المسلحين بالبترودولار و الذين لا يستنكفون عن شراء كل ما عزّ في بلادنا و لايبالون بقشـّة مُرّة. مع " هؤلاء الناس" سيتوجب علينا خوض معركة شرسة غير متكافئة الأطراف ضد عدو لا يرحم حتى نتمكن من البقاء على شرط الحرية.
هذه المعركة حاصلة منذ أن وعى السعوديون و الأماراتيون أن واقع الثراء الفاحش الذي خلقه اقتصاد النفط لن يدوم. و أن العالم مقبل على تحولات إقتصادية و بيئية ذات عواقب سياسية تستوجب التحسّب و استباق الكوارث المحتملة.
و في هذه الوضعية لا مخرج للسودانيين إلا بمكيدة وجودية كبيرة.و إذا فشلت المكيدة الوجودية الكبيرة فسندخل في قُبـّة سعيدة بت ابراهيم، [عمّة عبد الله علي ابراهيم]، الحديدية الحصينة التي قيل أن "راسها في السماي و قعرها في الماي"، و لو فشلت قبة حديد سعيدة فسندخل في ذلك الموضع الحرج من وزّة تناقض المصالح الطبقية المستعر في بلاد العولم، و ذلك مصير لا نتمناه لصليح، لكن المُنطر يركب الصعب. و لمن لم يسمع بقبّة حديد سعيدة بت ابراهيم، فهي قد وردت في كلمة لعبد الله علي ابراهيم أراد منها تحصين " تجمّع المهنيين و كنداكاته و أعلان الحرية و التغيير و شبابه و موكب 30 يونيو جملة"..

و دعاء عمة عبد الله علي ابراهيم، السيدة سعيدة بت ابراهيم ود شقتت، في تحصين أهلها هو نوع فريد من الأدب الرفيع الذي يصنعه شعراء و شاعرات الشعب في حيز العفوية الفانية الفالتة من طوائل التقييد المدرسي.و لولا أن عبد الله، الكاتب السياسي المزدان بأدب الأنثروبولوجي، تنبّه لدعاء سعيدة الشاعرة لكنا عبرنا الوجود دون أن يسعدنا الحظ بقراءة أدب هذه العمة السعيدة. و قد تعودت ـ مثل الكثيرين ـ سماع أدعية أمي التي تطلب فيها من الله ، بعد الصلاة ،أن "يغطي" عيالها المشتتين ، في ذلك الزمان، في شعاب الدنيا الواسعة و أن يلم شملنا جميعا في الدنيا و في الآخرة. لكن دعاء امي ، لو قارنته بدعاء عمة سعيدة بت ابراهيم، سيبدو لك أقرب لأدب المراسلات الإدارية الذي هو أيضا وجه مشروع من وجوه التعبير الأدبي.
قال عبد الله : »
كنا نسمع عمتي سعيدة بت إبراهيم ود شقتت تحصن أسرتنا بدعاء منغوم متى اقبلت على النوم ليلاً. فلا تهجع إلا وقد شيدت بالكلمات سداً بعد سد دوننا وآفات الدنيا ومنغصاتها. فلا يغمض لها جفن إلا أن تسلمنا بيتاً من أخوتها بعد بيت إلى أمين الوداعة.
وبنيت على عبارات عمتي هذا الدعاء لتحصين الحشد العظيم لقوى الحرية والتعبير

حصنتكم بالدايم الما بعدو دايم
الخالق اللبن في ضرع البهايم
يحبس الحايم (الشيطان) من النايم
أمسينا عليك واتكلنا عليك
الحل والربط بين يديك
يا عامل عمل الله عليك
(وهنا موضع تلاوة قائمة بيوت الأسرة لأخوتها واخواتها)
تجمع المهنيين وكنداكاتو
إعلان الحرية والتغيير وشبابو
وموكب 30 يونيو جملة
دخلتكم في قبة حديد
راسها في السماي (السماء)
وقعرها في الماي
مفاتيحها يا لطيف يا لطيف

ع ع ابراهيم

https://sudaneseonline.com/board/7/msg/1561838559.html


و في خلاص القول، فقضيتنا ـ قضية الحرية و السلام و العدالة و التنمية ـ مجوبكة و بايظة من أصلها وكمان جو عربان ترامب أدُّوها سوط ،فزاد طيننا بللا على بلل و الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه. و وكرتنا المركبة في جيوبوليتيك البترول تجعل بقاؤنا فيه حارا مثلماتجعل خروجنا منه مما لا يُنكوى به. طبعا أي عاقل سينصحنا أن نبعد عن شر العرب و نغني لهم، لكن كلام القصيـّر لا يُعوّل عليه في بلاد صارالعقلاء فيها دَقـَشـّمْ ساكت .
و بما أننا لن نتخارج غدا ـ بأخوي و أخوك ـ من زفت الطين الذي وَحّلنا فيه عمر البشير و صحبه، فمن باب أولى نفتح بصيرة الشعب الصابر حتى يفهم مقدار الأذى الواقع عليه ،اليوم و غدا، من جراء إنخراطنا الأعمى في صراعات بلاد النفط.
ينبغي لنا أن نتفحص ما يجري في هذه البلاد التي صار ولاتها الجهاليل المدهنون يتطفلون في شؤوننا خبط عشواء و يأمروننا بأن نفعل و أن لا نفعل و لا يبالون بالعواقب طالما اعتقدوا أن المال يشتري كل شيئ . طبعا المشكلة التي تواجهنا هي ان المال ـ في هذا العصر الساقط ،من برج خليفة ـ صار يشتري كل شيء تقريبا ،من طاعة الحلفاء المأجورين في البلاد العربسلامية لود و حماية التجار الأوروأمريكيين.لكن المال لا يشتري الذكاء السياسي، لأن الذكاء السياسي ينبثق من إرادة التغيير الحضاري عند الشعوب ، و هذه عبارات لا يعرفها القاموس السياسي لملوك ممالك النفط .لا لأنه قاموس غبي لا يفهم في الذكاء السياسي و إنما لان لا مصلحة و لا ناقة لأهله في لغة مفرداتها معادية لمصالحهم.هذا الذكاء السياسي الذي كشف عن وجهه المشرق في ثورة السودانيين السلمية باغت ملوك النفط و حلفائهم من العسكر المرتزقين في السودان الذين كانوا يتوقعون معارضة عنيفة يسوغون عليها القمع الدموي للخصوم السياسيين، فخابت توقعاتهم و هزمهم شباب لا يحملون سلاحا غير الهتاف : "حرية سلام و عدالة ».لقد أجبر المتظاهرون السلميون نظام العسكر المتأسلمين و كفيلهم السعودي الأماراتي على التراجع غير المنظم مثلما أجبر حلفائهم الأوروأمريكيين على إعادة النظر في ثوابت سياساتهم السودانية الشرقأوسطية.خيار المعارضة السلمية مكلف، و تكلفته لا تقل عن صعوبات خيار المعارضة المسلحة الذي اضطر إليه سودانيو الهوامش في دارفور و في جنوب كردفان و في جنوب النيل الأزرق. لكن خيار المعارضة السلمية يتميز بقدرته على زعزعة استرايجيات القمع الأعمي لأن المعارض السلمي يقف على قوة معنوية و على تراث رمزي يتجاوز الأفق المحلي للسياسة السودانية. المعارض السلمي يقف في مواجهة سلطات الإستبداد على خشبة مسرح سعته العالم بحاله. و هو مسرح يضطر العسكريون السودانيون لدخوله بدون تحضير و بجهل تام بنص المسرحية التي انجروا إليها في عجلة فرضت عليهم من قبل الخصوم. في هذا المسرح المعولم كل معارض سلمي يسقط برصاص سلطات الإستبداديتحول لقذيفة سياسية جبارة لا يعرف الطغاة الصغار و كفيلهم السعودي الأماراتي كيف يتصرفون معها.

.لقد عشنا زمانا كنا نظن فيه استحالة انهيار الإتحاد السوفييتي و استحالة تحول الصين للرأسمالية الليبرالية أو استحالة سقوط شاه إيران، أو استحالة إنهيار نظام الأبارتايد في جنوب إفريقيا. لكن كل هذه الأنظمة ذات البأس و التي كانت أقوى بمراحل من نظام ملوك النفط، انهارت و حلت محلها أنظمة معاكسة.و غدا حين تضيق بلاد النفط بولاتها و تنهار أنظمتهم الهشة من جراء اضطراب سوق النفط و قلة حيلة الولاة المتخبطين فسيلتفت الملوك النفطيون حولهم ، كما تلفت شاه إيران ، بحثا عن دعم الحلفاء و تضامن الأصدقاء، و سوف ينكرهم الحلفاء كما أنكروا شاه إيران و يفر منهم الأصدقاء فرار السليم من الأجرب ، و قد يتحفظون على ثرواتهم في المصارف الأوروأمريكية بذريعة رد حقوق الشعوب و يفاوضون الولاة الجدد في صدد إعادة الأرصدة المنهوبة للشعوب الصابرة.في تلك اللحظات سيتذكر ملوك النفط عيال المسلمين طالبين عونهم باسم الإسلام أو باسم العروبة أو باسم الجيرة و العشرة الطيبة و ربما باسم الإنسانية و حقوق الإنسان و غير ذلك من كلام الشعراء. هل بمقدور عيال المسلمين تجنب اللدغة الثانية من نفس الجحر ؟ مندري ؟.
أقول قولي هذا و استغفر الله لي و لكم إن كنت قد جوبكت عليكم إشكالية الثورة السودانية في منظور جيوبوليتيك النفط. لكن شلاقتي جرتني للنظر في التشبيك السياسي و الإقتصادي الذي يدبر عليه أهل البأس تصريف شؤون العولمة.

سأعود
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

سلمية سلية ضد الشعراء

مشاركة بواسطة حسن موسى »




سلمية سلمية ضد الشعراء





هويولوجيا الأرانب


و أنا أقلب صفحات فيس بوكو[حرام] وقعت على هذه الحكاية العامرة بالعبر في إشكالية الهوية السياسية التي تمسك بخناق الفرقاء السودانيين بسبب الأزمة الراهنة.هذه الحكاية ،من عيون الأدب السلافي، تلخص ببلاغة الأزمة السياسية الحاصلة في السودان من جراء مسلسل الإنتحالات الجاري بتدبير القوى المحلية و الإقليمية المضادة لثورة السودانيين.فلجنة التحقيق في مجزرة فض الإعتصام المتواطئة مع جنجويد مجلس الدعم السريع تنتحل هوية النيابة العامة و جنجويد الدعم السريع ينتحلون هوية القوات المسلحة و "مجلسالدعمالعسكريالإنتقاليالسريع »[و التصحيف مقصود]، ينتحل هوية السودان بينما بعض ممثلي الحرية و التغيير ينتحلون هوية الشعب السوداني.أما على الصعيد الإقليمي فالكفيل المصري ينتحل صفة الخبير الأجنبي في شؤون السودان لدى كفيله السعودي و الآماراتي بينما ينتحل عاهل السعودية و الأمارات[ و العاهل في المعجم هو الملك الأعظم أو المرأة التي لا زوج لها] هوية حامي البتروحرمين من تغوّل إيران لدى الكفيل الأوروأمريكي الذي ينتحل بدوره هوية حامي الكون من عيال المسلمين الغلابة الذين يهددون مصالح قوى رأس المال لمجرد كونهم يطالبون بالحرية و السلام و العدالة..

قالوا أن وزارة الثروة الحيوانية.[ يا شباب ،زمان ، في "الزمن الجميل"، كانت عندنا وزارة للثروة الحيوانية ]، اصدرت إعلانا عن وظيفة شاغرة لأرنب.

‎لم يتقدم أحد غير دب عاطل عن العمل. وتم قبوله وصدر له أمر تعيينه .

‎وبعد مدة لاحظ الدب أن في الغابة أرنب معيّن بدرجة وظيفية هي ( دب )ويحصل على راتب ومخصصات وعلاوة دب .

‎أما هو فكل ما يحصل عليه مخصصات أرنب !!!!.

‎تقدم الدب بشكوى إلى مدير الإدارة وحُوِّلت الشكوى إلى الإدارة العامة ، وتشكلت لجنة من ( النمور ) للنظر في الشكوى ، وتمّ استدعاء الدب والأرنب للنظر في القضية.

‎طلبت اللجنة من الارنب أن يقدم أوراقه ووثائقه الثبوتية. كل الوثائق تؤكد أن الارنب دب.

‎ثمّ طلبت اللجنة من الدب أن يقدم أوراقه ووثائقه الثبوتية فكانت كل الوثائق تؤكد أنّ الدب ارنب.!!!!

‎فجاء قرار اللجنة بعدم أحداث أي تغيير لأن الأرنب دب والدب أرنب بكل المقاييس والدلائل.

....

‎لم يستأنف الدب قرار اللجنة ولم يعترض عليه.

‎وعندما سألوه عن سبب موافقته على القرار أجاب :

‎كيف أعترض على قرار لجنة ( النمور ) ، التي تشكلت من مجموعة من (الحمير) ، وكل أوراقهم تقول أنهم نمور !! .........





ثورة الشعراء

تجربة الإعتصام أمام القيادة العامة للقوات المسلحة هي عمل سياسي فريد في نوعه.و للابد أن الشعب السوداني ـ و ربما شعوب مجاورة ـ ستستنبط من هذه التجربة العظيمة جملة من الدروس السياسية المفيدة في منظور إشكالية المقاومة السلمية.و رغم أن بعض المراقبين يروجون لثورة السودانيين كـ " ثورة شباب"،ربما لانها فتحت باب السياسة على مصراعيه لجموع الشباب الذين ظلوا لسنوات طويلة مستبعدين عن الممارسة السياسية الحرةمن كل رقابة، و ربما لأن الشباب الذين يصونون الحراك الثوري في الفضاء العام ـ المادي و الإسفيري ـ يمتلكون حيوية الحركة بطاقة أعلى من غيرهم .لكن أي مراقب مدقق لتفاصيل الأحداث يلمس ـ إلى جانب الشباب ـ الحضور النوعي السودانيين من أكثر من جيل في مختلف مراحل هذا الحراك الثوري،ثم هناك ذلك الحضور الشبابي الغميس المسكوت عنه عند مروجي " ثورة الشباب". أعني حضور الشباب في الجانب المظلم من المنازعة السياسية، حيث يصطف شباب الإسلاميين الذين ارتضوا لأنفسهم حمل السلاح لقتل الخصوم السياسيين العزل ،و زد على هؤلاء شباب هوامش الفقر السوداني [و الإفريقي] الذين وجدوا في الإرتزاق العسكري وسيلة لكسب العيش و لو أدّى بهم هذا الكسب لقتل المعارضين العزل.
لكن تجربة الإعتصام مهمة كونها،عبر ديمومتها الزمانية و المكانية الطويلة نسبيا ،مكنت المعارضين السودانيين، الذين صبروا على أذى نظام الإنقاذ عقودا ، مكنتهم من التعرف على بعضهم البعض كـ " ثوّار" ، يواجهون عدوا مشتركا و يؤملون في مشروع إجتماعي مشترك قوامه الديموقراطية و السلام و العدالة، مثلما مكنتهم من تنظيم المناقشة العامة من خلال قنوات حوار عفوية حول الهم السياسي المشترك.و ذلك بحكم التضامن العفوي الذي ظل ينبت ،كما "قش الخريف"، بين المعتصمين.
باختصار كانت تجربة الإعتصام مدرسة سياسية تعلم فيها الشباب ،و الشيب، بناء اشكال جديدة في العمل السياسي المشترك غايتها إسقاط نظام الإسلاميين بوسيلة العمل السياسي السلمي.هذا العمل السياسي السلمي، تكشّف بفضل تجربة الإعتصام، عن ثراء و تعدد الأشكال النضالية التي تتجاوز شكل المواكب و الهتاف التقليدي لبناء شبكات عمل عام بروح أكثر تخصصية في إدارة التعبير السياسي، كان أكثرها جلاءا أعمال مجموعات الأدباء و الشعراء و الفنانين ، بينما حفلت كواليس الإعتصام بتجارب مهمة في إدارة المستوصفات الميدانية و تنظيم إعاشة المعتصمين و غير ذلك.

و لعل أول منافع تجربة الإعتصام تتلخص في كونها ألهمت الثوار هجران اللغة العربيةالرسمية المزعومة لغة فصحى، و التي فسدت بفعل الإستخدام الغوغائي من طرف إعلام الإسلاميين،نحو لغة مغايرةتتكئ على صدى التقليد الأدبي التحريضي الذي صنعه شعراء الشعب الكبار من طينة من شغبة المرغمابية و مهيرة بت عبود و بنونة بت الملك للحاردلو و خليل فرح و محجوب شريف و حميد و القدال و غيرهم ممن صعّدوا الكلام العادي لمقامات الخلق الأدبي الكبير.أو كما جرت عبارة محمد طه القدال يخاطب الطاغية من داخل المعتقل
"..
ياصاحب المشروع
في قصرك العالي
الصوت هناك مسموع ؟
دم الشهيد بي كم؟
ولا السؤال ممنوع
دم الشهيد غالي
والانكسر في الروح
ما بجبرو الوالي
ارواح تزف ارواح
وبرضو اللسان مبلوع
راح الوطن باباح
جربنا لحس الكوع
جرب معانا وضوق
لومرة واحدة الجوع
من قبل ما نسميك
الريس المخلوع
بالواضح المكشوف
فتش معانا وشوف
وين اختفي الزراع
وين اترمت احزاب
مين عسكر الاطفال
واستخبر الطلاب
مين شرد العمال
من فوبية الاضراب
نحن اكتفينا خراب
نحن استوينا سنين
نحن انطفينا عقود
سنوات طوت سنوات
كانت وعود في وعود
قدمنا ليك فلذات
ضحينا بالموجود
فوق الصبر صابرين
والصبر ليهو حدود
نحن بنكورك سير
وانت في طريق مسدود
لوشفتا عوج الضل
كان استقام العود
كان استراح الكل
والفي المنافي يعود
جرب معانا وشوف
خيبة رجا العشمان
والخاطر المكسوف
رعشة اصابع الام
في مدة المصروف
جرب معانا وشوف
ياساهي يالاهي
يااالامر الناهي
في قصرك الواهي
علمن بالله
قبال حروف النهي
الامر بالمعروف


و وراء شعار "سلمية سلمية" الذي يرفعه المتظاهرون فإن الإنخراط في المعارضة السلمية يؤدي بالمنخرطين في منظور تقليد نضالي سياسي موغل في عمق التاريخ.و الوعي بالتاريخ يؤدي بهم في أرض الكدح الفكري الذي لا تستغني عنه حركة تنشد التغيير الإجتماعي.لكن المتأمل في البعد المفهومي لشغل " سلمية سلمية" الحاصل وسط حركة الإحتجاج الشعبي على حكم الكيزان في السودان، لا يلمس كدحا فكريا يتجاوز حد الهتاف ليعانق إشكالية المعارضة السلمية.ربما لأن الحراك الثوري الراهن لم يجد متسعا من الوقت لعقلنة مفهوم المقاومة السلمية بمستوى يليق بفداحة الكلفة التي يبذلها الشعب في مواجهة عسف الإسلاميين المتعسكرين. و النتيجة هي أن العطل الفكري يثلم مضمون الهتاف الثوري و يجعله عرضة لإنتحالات المغررين و المؤججين من كل شق.فالمتظاهرون الشباب [بل و الأطفال]الذين يدفعهم الحماس لمواجهة رصاص العسكر و هم يهتفون " سلمية سلمية" ، موقنون تماما أنهم يعرضون حيواتهم للموت. لكن يقين الموت لا يلهمهم التراجع؟ لماذا؟ لأن الأدب السياسي الهتافي المبذول في الفضاء الإحتجاجي يقول" الطلقة ما بتكتل... » أي و الله «  الطلقة ما بتكتل.. ".
أنظر رابط فيديو آلاء صلاح و هي تهتف مقاطع من قصيدة أزهري محمد علي

https://www.youtube.com/watch?v=AmFtSPpub3I

و القصيدة التي تحولت لهتاف تقول :

الطلقة ما بتقتل .. بقتل سكات الزول
يا والدة أعفيلي ..
وعدي القطعتو معاك ..
إنو الكﻼم ممنوع .. في شلة الحكام
يا والدة دمي بفور .. لما البلد تغلي ..
لما العساكر ديل .. الشوهو اﻹسﻼم
جايبين تفاهاتم ..
سجنونا باسم الدين ..
حرقونا باسم الدين ..
حقرونا باسم الدين ..
كتلونا بإسم الدين ..
الدين بريء يمة ..
الدين بقول الزول .. إن خلى حقو يموت ..
بيخاوي في شيطان ..
الدين بقول تمرق ..
تمرق تقيف في الضد .. وتواجه الحكام ..
الدين بقول الزول .. إن شاف غلط منكر ..
ما ينكتم يسكت ..
ببقى الغلط ستين ..
كوز السجم بيغرف .. في خيرنا ويتمتع ..
نحن السقينا النيل .. من دمنا الفاير ..
ما بننكتم نسكت .. في وش عميل جاير ..
الخوف عديم الساس .. وأنا جدي ترهاقا ....
حبوبتي كنداكة .. وعبد الفضيل الماظ
فراس بشيلو الرأس ..
يمة الشباب بحيو .. وأنا بالسكوت ميت ..
هزاع ... وسنهوري .. أيمن ولي الدين ..
حازم وفاء وأحمد .. ديل كلهم حيين
أكرم صهيب أحمد .. ومحمد الخاتم ..
مازن ... منى ... وعاصم .. ﻻبسين حرير أخضر
سندس وإستبرق .. وأنا " دمي " بتفرّق
ساكت وبتفرج .. وأم در عروس النيل ..
ﻻبسة الرحط والحق .. مليان بخور ولبان ..
ويزغردن نسوان .. للكل يوم عرسان
وانا يمة دمي بفور ..
ما بنكتم وأسكت ..إﻻ العسس ده يغور ..
إن كان سجن يمة .. سجناً يكوسو رجال ..
سجناً مﻼن ثوار .. ما قالوا فيو سرّاق ..
ما أندس فيو خائن .. مافيهو ولداً عاق ..
فيهو الشرف ذمة .. فيهو الغباش دفاق ..
الضاق لهيب الشمس .. راح يقهر الرقراق ..
وإن كنتي خايفة الموت .. يمة الرجال أحرار
شن فايدة العيشة .. والروح مولعة نار
الطلقة يمة جواز .. لي حقنا المقلوع
الطلقة يمة خﻼص .. لي زول خﻼص موجوع
الطلقة يمة طلوع .. من ذل مهانة وجوع
الطلقة يمة غسول ..
الطلقة يمة ثمن .. لي كلمة سمحة وقول
الطلقة يمة حياة .. لي زول جريح مقتول
زي وخزة الشوكة .. أقصر كمان في الطول
قال المناضل يوم ..
الطلقة ما بتحرق ..
بيحرق سكات .. الزول
بيحرق سكات الزول
والطلقة ما بتقتل ...
بقتل سكات الزول...



الشعراء ، في هذه المواجهة المكلفة، جعلوا من الشعر ترياقا للموت،لكن الشعراء ، عادة ، لا يموتون في شرخ شبابهم. الشعراء يعمّرون طويلا على أثر "لُبد و النسور الأُخَرْ" ، ربما لأنهم يقولون ما لا يفعلون. و هذا حق مشروع للشاعر: أن يقول ما يريد، لكن بعد داك "يشيل شيلتو"،و أنا ،هنا، بصدد " شيلة" شعراء التأجيج السياسي العظام، الذين أثـّثوا الفراغ المفهومي لفكرة المقاومة السلمية بآيات من شعر التحريض العاطفي الجامح. لأن الشاعر الذي يصمت عن استثمار النشطاء السياسيين لكلماته يصبح شريكا في التغرير المفهومي الواقع على شبيبة السودان المدممة برصاص الإستبداد.و هو استثمار سياسي يجني ثماره غالبا، أولئك القوم الذين يستنكفون من الخروج مع العامة في غبار الإحتجاج الشعبي. مؤخرا سخر السودانيون من الصادق المهدي ،زعيم طائفة الأنصار ، حين أنكر اشتراكه في مظاهرة ابتدرها حوله شباب حزبه من المحتجين على سياسات نظام الإسلاميين ،
أنظر الرابط
https://sudaneseonline.com/board/500/ms ... 08918.html

https://sudaneseonline.com/board/7/msg/1557188525.html

و زعم أنه كان متوجها لأداء واجب عزاء في نفس الشارع الذي مر فيه المتظاهرون.و رُبّ صدفة أشنع من ألف وعد ،أو كما قال :ـ 
الطلقة ما بتكتل كيف؟ الطلقة بتكتل، و ود المهدي و ود الميرغني عارفين الطلقة بتكتل و كذلك أهل الأولاد و البنات الماتوا برصاص العسكر برضهم عارفين الطلقة بتكتل و ناس المجلس الجنجويدي الإنتقالي عارفين الطلقة بتكتل و كذلك العسكر المأجورين لحماية نظام الإسلاميين برضهم عارفين الطلقة بتكتل، و الكفيل السعودي و الأماراتي و المصري وناس الإتحاد الأوروبي و أمريكا ذات العماد،و الروس و الصينيين و ناس الأمم المتحدة على قهر الفقراء ،كلهم عارفين الطلقة بتكتل زي سكات الزول.
ياخ الأمم المتحدة بتاعة الساعة كم؟ الشباب الثوري ذات نفسه مقتنع إنو الطلقة بتكتل، و بعد داك تشوفهم كاشفين صدورهم و كاتبين عليها " حباب الطلقة"، و هناك أكتر من فيديو في النيت فيهو الشباب يهتفوا :
أنحنا منو؟
ثوار بحري
دايرين شنو؟
دايرين الموت
الموت وينو
الموت قدام.
أو
ترى ما الذي جعل قادة الرأي الذين صمّموا حركة الإحتجاج السلمي يسكتون عن هذا التغرير الوخيم الذي يتوسل للكسب السياسي بوسيلة التعبير البلاغي الأدبي؟ مندري؟

سأعود
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

و أيمن المقامر

مشاركة بواسطة حسن موسى »



عقلنة السلمية

من يتأمل في سجل الهتافات التي جادت بها حركة الإحتجاج الشعبي يكاد يقطع بأننا شعب من الشعراء.فكل هتاف درة من عيون الأدب الشعبي،و في نفس الوقت هو قذيفة سياسية ناجعة تصيب قلب خطاب البرباغندا الرسمية للنظام :

" طير طير يا بشير"
و هو قلب منطقي لهتاف الإسلاميين الموالين لعمر البشير :
 » سير سير يا البشير".
أو
"يا العنصري المغرور
كل البلد دارفور"
و الذي جسد رد الشعب على إدعاء عمر البشير في خطاب له بأن الإحتجاجات السياسية في السودان تحركها بعض الحركات الجهوية المسلحة في دارفور
أو
"تكسر حنكك تكسر سنّك ما عايزينّك ما عايزينّك",
في إشارة ساخرة من الشعب لخطاب عمر البشير الذي حاول فيه مداهنة عواطف الأهالي الفقراء بقوله أنه في شبابه عانى الفقر و اضظر للعمل اليدوي حتى أنه كسر سنه. أو :
"تجار الدين ضربوا التموين"
في إشارة للفساد الذي يتستر وراء الدعوة الدينية لسدنة النظام الكيزاني.
أو
"يا خرطوم ثوري ثوري
لن يحكمنا لصوص كافوري"
و الإشارة لعمر البشير و أقربائه الذين أثروا و بنوا القصور الفارهة في حي كافوري بالخرطوم.

أو :
"لا زيتون و لا جبنة أنحنا الصادق ما عاجبنا"
التي تطعن في اهلية الصادق المهدي للحديث باسم ثورة السودان.
أو
"فكّوا دربنا وجعتوا قلبنا"
التي هتفت بها متظاهرات ضد قانون النظام العام الذي يستهدف النساء و يضيق عليهن.


و هناك هتافات تتمدد لتصبح قصائد تهدر بها جموع الشباب[ و الأطفال] الذين يبتدعون القذائف البلاغية في مواجهة جنجويد مسلحين صمّ بكم لا يدرون شيئا من أمر الواو الضكر.
"نحنا الجيل الراكب راس

ملوك الصبات واسياد الرصات

مفتحين وقانشين الحنك، واقعة لينا و البنسلين ما بيمشي فينا،
صااااابنها،،، "


.بل أن الهتاف الشاعري تمدد و احتل مساحة حفلات اعراس الطبقة الوسطى الحضرية فصار المغني يختم الحفلة بالهتاف الغنائي وبين يديه جوق جامح بهيج من المحتفلين الذين يستمتعون بلحظة حرية جمعية غير مسبوقة في تاريخ محفل العرس التقليدي .
أنظر رابط الفيديو على يوتيوب

https://www.youtube.com/watch?v=tVlfyXkyp-c

ثم أن تجربة الإعتصام انتجت ظاهرة الثائر الهتّاف الذي يرتجل الشعر عفو الخاطر كما في حالة محمد يحيى محمد بشير الملقب بـ" دسيس مان"و الذي صار نجم شباب الإعتصام و انتشرت هتافاته الطريفة الساخرة في وسائط التواصل الإجتماعي.
أنظر رابط الفيديو

https://www.youtube.com/watch?v=Ie4SnRYVFJY


و قد وقعت مؤخرا على " تنكي ترنكي ترلّة خُشـّي البنكي"و هو عرض هتافي عجيب ارتجله جمع من الشباب يؤدونه في روح من البهجة الطفولية التي تمزج بين العبارات السوريالية التي يغلب المبنى الصوتي فيها على المعنى الأدبي مع العبارات الهتافية المباشرة ضد البرهان و مجلسه و ضد حميدتي و قوات دعمه السريع.
أنظر رابط الفيديو في يوتيوب :

https://www.youtube.com/watch?time_cont ... C8Q8yfMzdc

هذا النوع من العروض الهتافية الذي يعتمد على الطرافة و روح المرح يبدو كما حلقة الوصل بين الأدب الهتافي الرصين و لعب الطفولة البريئة الذي يستمد خامته من الأحداث السياسية الجارية في الفضاء العام ، كما في حالة اللعب الهتافي البريئ الذي ابتدعته مجموعة الأطفال التي ترقص على طين ماء الخريف و هي تردد:
"قوة البشير
قوة فاسدة..
حركات حركات
جننوا البنات،
قوة فاسدة"

أنظر الرابط :

https://www.youtube.com/watch?v=CSo1ifKwmkc


هذا الفيديو الذي انتشر على نطاق واسع ألهم الكثيرين إعادة تدويره بشكل واع كتعبير عن استشراء الإرادة المعارضة للنظام بين كافة قطاعات الشعب.
أنظر الرابط :

https://www.youtube.com/watch?v=1E8FSRs7bm8


كل هذا العمل السلمي، رغم أنه لم يتعد مرحلة الهتاف، إلا أنه كشف عن كفاءة سياسية جبارة من أول نتائجها إجبار الإسلاميين على التراجع غير المنتظم و اضطرارهم للتخلص من رؤوس النظام بسبيل إنقاذ " تلت المال".و حين اقول أن العمل السلمي لم يتعد مرحلة الشعار المرفوع في الفضاء السياسي، فذلك لأن تبني استراتيجية العمل المعارض السلمي ضد نظام استبدادي يتحرش بالمواطنين و يهددهم بالقتل،[ أو كما صرح عمر البشير  مرة في إحدى خطاباته: الما عاوزنا يلاقينا في الشارع]، هي شيئ مستحدث في المنازعة السياسية السودانية التي خبرت الحرب الأهلية الأطول من نوعها في جنوب السودان ،مثلما خبرت ، بسبب نظام عمر البشير ، تعدد بؤر الحرب الأهلية في دارفور و جنوب كردفان و جنوب النيل الأزرق.و كون أغلب السودانيين تبنوا خيار المعارضة السلمية بدلا من المواجهة المسلحة مع النظام الإسلامي العسكري، فذلك موقف ربما وجد تفسيره ، من جهة أولى في أن المعارضين تيقنوا من أن نظام الإسلاميين ، بعد ثلاثة عقود من الإستبداد السياسي و الفساد المالي و التخبط الإقتصادي باسم الدين، قد وصل لنهاية المضمار، و أن إفلاسه الشامل لا يترك له أي هامش مناورة لإطالة عمره. و صار السودانيون ، على تباين انتماءاتهم السياسية،يتقاسمون قناعة عميقة بنهاية نظام الكيزان، و هو ما سهل خروج جماهير الحواضر المحتجين على غلاء المعيشة ، بل و ألهمها الإنخراط الجمعي في الدعوة لإسقاط النظام. و من جهة ثانية فخيار المعارضة السلمية للنظام الإسلامي الدموي ربما وجد جذوره في الميراث الرمزي للحركة السياسية السودانية السلمية التي أجبرت ديكتاتورية الفريق إبراهيم عبود على التنحي عن سدة السلطة في 1964 ، مثلما أجبرت ديكتاتورية الماريشال الإمام جعفر نميري على التنحي في 1985.
لكن قصر الفترة الزمنية للحراك المعارض في1964 و 1985 لم يتح للقوى الثورية الطامحة للديموقراطية فرصة بناء أشكال جماهيرية متقدمة للعمل السلمي المعارض.و ربما كانت استطالة زمن الحراك الثوري المعارض لمجلس العسكريين الإسلاميين، فرصة طيبة أمام جماهير المعارضين لبناء شبكات عمل سياسي تليق بجسامة مفهوم المعارضة السلمية و تؤهل الشعب السوداني لتولي أمر نفسه و حل منازعاته باسلوب سلمي بعد إزاحة نظام الإسلاميين.

الشباب المسلم ضد الإسلاميين :

و هناك إعتبار آخر يتعلق ب التحول في نوعية المعارضين الشباب الذين يعبرون عن مزاج سياسي مغاير، لأن النظام الذي دام ثلاثة عقود من الزمان وجد نفسه في مواجهة جيل جديد من المعارضين يختلف في اسلوب وجوده و في طرائق مقاربته للعمل السياسي عن جيل الآباء الذين تخلقت ثقافتهم ضمن نفس جيوبوليتيك الحرب الباردة التي مكنت الساسة الإسلاميين في السودان من الإستيلاء على السلطة باسم الدين. هؤلاء المعارضون الجدد المنضوون تحت مسمى " الشباب" الفضفاض هم قوم تربوا في ظل المؤسسات التعليمية و الثقافية و السياسية لنظام الإسلاميين، و فيهم قطاع كبير ممن صدقواـ في لحظة ما من يفاعتهم السياسيةـ مزاعم النظام الآيديولوجية حول أولويات " المشروع الحضاري الإسلامي"، [ هي لله لا للجاه إلخ]، و فيهم نفر انخرط طوعا في جبهات الحرب الجهادية لإعلاء راية الدين في حرب الجنوب أو في حروبات سودانية[ في دارفور و النيل الأزرق] أو إقليمية [ في أفغانستان و العراق و سوريا و اليمن].لكن القطاع الأكبر من هؤلاء الشباب الذي التزم الصمت تجاه النظام لعقود، يتصرف اليوم من واقع خيبة الأمل الجسيمة في المبادئ التي رفعها دعاة "المشروع الحضاري الإسلامي" في السودان. ذلك المشروع الذي انمسخ من مقام الحلم الطوباوي الجميل لنوع من كابوس طويل مريع و انحط في سنوات قلائل لدولة الفساد و الحرب و العنصرية و اللصوصية و الجوع و العسف البوليسي...و حالة الإحباط السياسي و الأخلاقي التي كابدها جيل الشباب الذي ترعرع في المؤسسات التربوية و السياسية لنظام الإسلاميين السودانيين ، مسؤولة لحد كبير عن إنقلاب الشباب الغاضب على نظام الإسلاميين. و من يتأمل في الأسلوب الذي يدبر عليه الشباب حركة احتجاجهم يلمس بسرولة أن هؤلاء الشباب الذين نفضوا يدهم من مؤسسات الإسلاميين لم ينسلخوا عن الإنتماء للدين ـ كما فعلت قلة مغبونة نظام الإسلاميين ،[ انظر حادثة الشاب محمد صالح الدسوقي الذي طالب المحكمة الشرعية بشهادة توثق إرتداده عن الإسلام [2017].الرابط :ـ

https://www.sudan-forall.org/forum/viewt ... 9d8838749f
فهؤلاء الشباب في جملتهم مسلمون متمسكون بدينهم كما بدا في كافة أحوال حركتهم و سكونهم قبل و أثناء و بعد تجربة الإعتصام.و لغتهم مشبعة بالتعبير الديني العفوي الذي يرد كل شيئ إلى الله.و لا عجب فهم عيال مسلمين مثلما هم، بطريقة ما، نتاج عمر بحاله من الأدلجة الإسلامية المكثفة التي تتخلل المناهج التربوية مثلما تتخلل الثقافة السائدة السياسية و الجمالية،و قد تضافرت عليهم جملة من المؤسسات الدينية المحلية و الإقليمية التي استشرت و استأسدت في الفراغ السياسي السوداني بجاه البترودولار الذي اغدقه السعوديون و القطريون على حلفائهم السودانيين عبر السنين. هؤلاء الشباب المسلمون، الذين خلصوا إلى فرز عيشتهم من الكيزان،ورعون يؤدون الصلاة في موعدها و يصومون رمضان في موقع الإعتصام و قد تسمعهم يهللون و يكبرون في المظاهرات بنفس الحماس الديني الذي يلهم زبانيتهم التهليل و التكبير، كلما سال دم الضحايا على الأرض.ثم تراهم يتسارعون نحو الموت و أفئدتهم عامرة بمشاعر الإستشهاد و قديتواعدون على اللقيا في الدار الآخرة و غير ذلك من قناعات المؤمنين. هؤلاء الشباب مزجوا العقيدة الدينية بالعقيدة الوطنية و نظموا الأحلاف مع العلمانيين من كل مشرب على غاية اسقاط نظام الكيزان.

تقليد الأدب الشعبي الشفاهي يتكشف ـ في الفضاء السياسي الراهن ـ عن ثقافة الهتاف الجديدة المتحولة كل يوم هي في شأن. و هي في جوهرها ممارسة مشهدية تقتضي من أهلها حدا ادنى من الخبرة بالتقنيات المسرحية. فموكب المتظاهرين الذي يبتدر المسيرة على هتافات موحدة يظل قمينا بالتحول حسب قدرة الهتافين الجدد على الإندغام في المشهد و حقن هتافاتهم في الصوت الجمعي للمتظاهرين. كما أن الجمهور يملك القدرة على انتخاب هتافات بعينها لأسباب متنوعة قد تتعلق بصدق الهتاف في التعبير عن حالهم أو بسبب طرافة الهتاف أو بسبب وقعه الموسيقي الناجع.
هذا الهتاف الرائج في كل المظاهرات ضد نظام الإسلاميين و ضد المجلس العسكري الإنتقالي، و الذي ينادي بالثأر للقتلى على مبدأ العين بالعين و السن بالسن :" الدم قصاد الدم ما بنقبل الدية"،يتعارض مع مبدأ السلمية الذي رفعه تجمع المهنيين في بداية الحراك الثوري ضد نظام الكيزان.و له قرابة سياسية مع الهتاف الرائج الآخر : »أي كوز ندوسه دوس، ما بنخاف ما بنخاف ما بنخاف". و تعارض المعاني المضمنة في الهتافات شيئ مشروع لأنه يضيئ التعدد و التباين في الحساسيات السياسية التي يتكون منها جسم الحراك الثوري المعادي لنظام الإسلاميين. و قد شهدت شريط فيديو لمظاهرة بعض أهل الطرق الصوفية بطبولهم و دفوفهم يهتفون : » لا إله إلا الله الكيزان أعداء الله".

و مؤخرا راج في وسائط التواصل فيديو بذله الشاب الثائر "أيمن حسن" المعروف وسط الشباب بـ"أيمن المغامر"، و فيه يسرد وقائع مجزرة فض الإعتصام من تجربته الشخصية كشاهد عيان. و أيمن شاب جامعي يحمل دبلوما في الصيدلة، و هو من الوجوه المعروفة بين جماعات الشباب المعتصم.
و سرده للأحداث مؤثر في محتواه كما في أسلوبه لأنه ينهض على عفوية صريحة يغلفها غبن كبير لم يفقدها الأولوية التي اعلنها أيمن في مطلع حديثة و هي : ذكر ما جرى بالتفصيل و بدون "فلتر".


https://www.youtube.com/watch?v=T1LAytmZ9jU

و رغم عسر المهمة : ذكر ما جرى بدون فلتر ، إلا أن أيمن بذل قصارى جهده في وضع المشاهدين في قلب بشاعة فض الإعتصام .لفت انتباهي في ختام شهادة أيمن ذلك المقطع المؤثر للأبن البار بوالديه، فهو بعد تغيبه في المعتقل لحوالي اسبوع يعود للدار فيسأله أهله : » كنت وين؟ "فيرد ايمن
"..كنت مع اصحابي"و هي كذبة بيضاء قصد منها أيمن حمايه والده من صدمة الإعتقال و التعذيب الذي تعرض له ، سيما و الوالد مريض بالسكري.يقول :» » و الله لا كنت مع اصحابي و لا يحزنون، الحاج عنده سكري، اقعد اقول ليهو في مشاكل زي دي ليه؟".. » » إنت بقيت راجل طلعت الشارع، أبقى راجل كمّلها براك، كان متّ تموت لنفسك شهيد، ترفع ناس بيتكم، بعدين يوم القيامة تدخلهم الجنة.. »ـ.
وراء صورة الـ"راجل" الضكران الذي لا يهاب الموت ، و صورة الإبن الشهم البار بوالديه، يبذل لنا أيمن صورة الثائر المؤمن الذي لا يراوده اي شك في أن الإستشهاد في سبيل الوطن يضمن له و لأهله دخول الجنة.لأن أهل الشهيد ـ حسب الأدب الديني المتداول ـ يستفيدون من شفاعته في دخول الجنة.و تقليد المسلمين يمنح الشهيد أكثر من إمتياز بخلاف دخول الجنة، و بعض المفسرين يستندون على الحديث  الرائج:ـ
"قالَ رسولُ الله صلَّ الله عليه وسلَّم: إنَّ للشّهيدِ عندَ اللهِ عزَّ وجلَّ سِتَّ خِصالٍ: أن يُغفَرَ له في أولِ دَفعةٍ من دمِه، ويَرى مقعدَه من الجنَّةِ، ويُحَلَّى حُلَّةَ الإيمانِ، ويُزَوَجَ من الحُورِ العِينِ، ويُجارَ من عذابِ القبرِ، ويأمنَ من الفزعِ الأكبرِ، ويُوضَعَ على رأسِه تاجُ الوَقارِ الياقوتةُ منه خيرٌ من الدُّنيا وما فيها، ويُزَوَّجَ ثِنتَينِ وسبعينَ زوجةً من الحُورِ العِينِ، ويُشَفَّعَ في سبعينَ إنسانًا من أقاربِه)،[19] فاختصَّ اللهُ الشَّهيدَ بستِّ خِصالٍ لمْ تُمنح لِغيرِهِ في مَجموعِها، فيُغفَرُ لهُ بأولِ دَفقةٍ من دمِهِ أو أوَّلِ صبَّةٍ منهُ، ويرى مَقعَدهُ من الجنَّةِ فَيطْمئِن، ويُحلَّى حُلَّةَ الإيمانِ، ويُجارُ من عذابِ القبرِ، ويُحفَظُ ويُأمَّن، ويُلبسُ تاجَ الوقارِ تَكريماً لهُ وتعظيماً لقدرِه، ويُزوَّجُ من الحورِ العينِ اثِنتينِ وسَبعينَ تَحديداً لا تكثيراً، ويُشفَّعُ في سبعينَ من أقارِبِهِ. »ـ
للإستزادة أنظرالرابط :ـ

https://mawdoo3.com/ما_هو_أجر_الشهيد#cite_note-vrKMFI6x2q-19

سحرتني شجاعة هذا الشاب و ثوريته المسلحة بالإيمان الديني[ و" الإيمان يحرّك الجبال"،انجيل مارك]، كما سحرني بره بأهله لأنه قادر على توليف كل هذه الخصال الدينية مع تجربته في تحصيل المعارف العلمية التي تشهد عليها شهادة الصيدلة التي حصلها بعد سنوات قضاها في رحاب الكدح العلمي. ترى ما معنى هذه التجارة السحرية التي تهجس خواطر عيال المسلمين فيبيعون و يشترون باسمها بضاعة الموت و الحياة بين الدنيا و الآخرة و هم مطمئنون لأن "الطلقة ما بتكتل" و لكنها جواز مرور لحياة افضل في الجنة؟ و ما هي هوية هذا العلم الذي يتحصله الشباب في جامعات السودان فيؤهّلهم لقبول الموت؟
مندري؟

سأعود
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

عذرا للتكرار
آخر تعديل بواسطة عبد الله الشقليني في الأحد سبتمبر 08, 2019 10:03 am، تم التعديل مرة واحدة.
الفاضل البشير
مشاركات: 435
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:56 pm

مشاركة بواسطة الفاضل البشير »

هدموا بيت أبي بكر لإقامة فندق هيلتون.. وحولوا بيت السيدة خديجة
إلى مراحيض عامة.. وأزالوا الرواق العثماني.. لماذا حولت
السعودية #مكة إلى مدينة رأسمالية خالية من الروحانية،
ولماذا حرصوا على ترميم آثار ملوكهم فقط وهدموا آثار الصحابة؟

منقول.
وهذا اخر يتوجع.


https://www.youtube.com/watch?v=aS0XrlbpzXg
أضف رد جديد