عتبات النص في رواية غيث عدنان،ح.فضل الله

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

عتبات النص في رواية غيث عدنان،ح.فضل الله

مشاركة بواسطة حسن موسى »






عتبات النص في رواية الكاتب غيث عدنان*


د. حامد فضل الله / برلين


أعارني مشكوراً الأخ عصام الياسري مدير منتدى بغداد للثقافة والفنون ــ برلين، رواية الشاب غيث عدنان الموسومة "حب مخير في مجتمع مسير" وحسب علمي، أنها إبداعه الأول، فقرأتها باهتمام وترقب وفضول، حيث أنني لم التقٍ بالكاتب الا مرة واحدة، عندما تعرض الى أحداث الاِنتفاضة الشعبية في وطنه العراق ــ أثناء محاضرة أستاذ الاقتصاد السابق والكاتب العراقي المعروف الدكتور كاظم حبيب، التي اقيمت قبل اسابيع ــ شارحاً لنا، كشاهد عيان، مسار وتطور الأحداث، و عزيمة الشباب واصرارهم على تخليص الشعب العراقي من سلطة السياسيين العملاء الفاسدين، بموضوعية وشفافية، مما يذكرني بانتفاضة شبابنا في السودان، التي كنست سلطة المؤتمر الوطني الغاشمة والفاسدة.
أقوم الآن كقارئ بتقديم انطباعي وملاحظاتي عن الرواية، من حيث استعرض الكاتب روايته وسط نخبة من المهتمين العرب في امسية أدبية نظمها المنتدى.
الكتاب من القطع المتوسط ويضم حوالي 100 صفحة، اما الصفحات المكتوبة لا تتجاوز الـ 80 صفحة،
فهناك كثير من الصفحات بيضاء فارغة، لا ادري إذا كان وراء ذلك هدف فني.
ابدأ ملاحظاتي مستخدماً بعض نقاط، ما يسمى عتبات النص.
ــ يمكن ان نطلق على رواية غيث، بأنها رواية قصيرة أو قصة طويلة.
ــ اختار الكاتب اسلوباً جديداً في بناء روايته، مستفيدا من ثورة الاتصالات والثقافة الالكترونية وتأهيله
العلمي، في ظل الاِقبال الكثير على الثقافة الالكترونية والاتصال، والاِعراض عن الثقافة المقروءة. فكان الاتصال بين المحبين، يتم عبر الرسائل الاِلكترونية فقط.
ــ الغلاف الأمامي: ونقرأ عنوان الرواية " حب مخير في مجتمع مسير". فالعنوان واضح لا لبس فيه،
على عكس، ما تحتفي به احياناً عناوين بعض الكتب، بتعابير أو بصور مجازية.
ــ نشاهد في اسفل الغلاف الأمامي صورة مظللة لشاب وشابة، وفي أعلى الغلاف، نور ساطع وثلاثة
عيون أو أعين مفتوحة. الصورة المظللة أشارة الى أن هناك " ما يدور في الخفاء"، والنور الساطع والأعين المفتوحة، تكشف المستور والمسكوت عنه.
يريد الكاتب أن يعبر عن التنازع بين الفرد والمجتمع في المجتمعات العربية المحافظة. فالفرد هنا لا يملك حرية ترتيب حياته (المواجهة بين ساندرا ووالدها، ثم الامتثال والاِذعان) بل كل افراد المجتمع تسيرهم الاعراف المجتمعية والدينية والعشائرية والقبلية. الفرد يريد أن يمارس حقه الطبيعي ويختار ويحقق حريته ورغباته الفردية ويمارس حريته مع من يختاره حبيبا، لكن عيون المجتمع له بالمرصاد. (مجتمع مسير).
لقد نجح الفنان التشكيلي ليس في ترجمة عنوان الراوية على الغلاف فحسب، بل في مضمون الرواية
بأكملها.
ــ أفتتح الكاتب روايته بمقدمة ــ الروايات في وقتنا الحاضر، قلما تجد لها مقدمات، احيانا استشهاد ببيت شعر أو جملة قصيرة لكاتب معروف ــ لخص فيها مضمون الرواية بإسهاب، لا مبرر لها، فالرواية نفسها قصيرة و تقلل المقدمة في عين الوقت من فضول وتشوق القارئ لمتابعة النص.
ــ تتخلل الرواية تعابير جميلة، ممتلئة بالوجد والهيام، بحكم موضوع الرواية، وهو الحب، بجانب تعابير تقريرية وتراكيب لغوية غاية في البساطة والعفوية.
ــ توجد فقرة في صفحة 25 تحتوي على 13 سطراً، لا تتخللهم علامات الوقف. هذا يسبب الكثير من
العناء للقاريء، أين يقف، ليسترد انفاسه أو معاودة التفكير أو استخلاص المعنى الصحيح.
ــ جاء في المقدمة : "ريان وساندرا وهى أسماء ليست حقيقية بل هي كانت أسماء أطفالهما".... وفي
الصفحة قبل الأخيرة نقرأ: "ولا نعلم ما إن تزوجت ساندرا حتى الآن ولكن نعلم كل ما نعلم عنه بأن
ريان بقي وفياً". هنا تناقض.
ــ أن محاولة الحبيبة ساندرا الانتحار بتناول كمية كبيرة من الحبوب، تم اقحامها في السرد بصورة مفتعلة، وغير مقنعة للقارئ، لينفعل وجدانيا معها.
ــ تحفل الرواية ببعض الأخطاء النحوية، وهي ليست بالقليلة، ولا تخطئها العين وكان من الممكن تحاشيها بسهولة، لو تم تدقيق النص قبل دفعه للنشر.
ــ اريد أن أُشير الى ما هو بديهي، أي إمكانية الاختلاف المطلق في قراءة النص باختلاف القارئ نفسه.
ــ رواية الشاب غيث، هي الوليد الأول له. أنني كطبيب اختصاص، في أمراض النساء والتوليد، أقول،
بأن الولادة كانت مبكرة، فجاء المولود، خفيف الوزن، ضعيف البنية ولكنه كامل الأعضاء. غيث يمتلك ناصية القص وموهبة السرد، مع خيال خصب وطموح مقدر. إذا ثابر على قراءة الروايات والقصص العالمية والعربية الجيدة ، من أجل أثراء مخزونه اللغوي والتعبيري، سوف يأتي المولود الثاني، تام الوزن، قوي البنية وكامل الدسم، في الشكل والمضمون وسوف يجلب السرور والبهجة والمتعة الأدبية والوجدانية، للقاري والمتلقي. وأختم بالمثل: " العترة بتصلح المشية ".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* غيث عدنان، حب مخير في بلد مسير ــ دار النشر، "دار ومكتبة"ــ بغداد 2018
برلين فبراير 2020


أضف رد جديد