الصادق المهدي،تصريح حول البدوي أم تخوف من"تيار الحالمين

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
نجاة محمد علي
مشاركات: 2809
اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
مكان: باريس

الصادق المهدي،تصريح حول البدوي أم تخوف من"تيار الحالمين

مشاركة بواسطة نجاة محمد علي »



الصادق المهدي، تصريح حول البدوي أم تخوف من "تيار الحالمين"؟

النص الذي أسماه الإمام الصادق المهدي "تصريح صحفي" بعد لقائه مع الدكتور إبراهيم البدوي. كان نصاً مرتبكاً سواءً من ناحية أسلوبية أو من ناحية عرض الأفكار التي تضمنها.
من ناحية الأسلوب، لسنا أمام تصريح صحفي "حول زيارة البدوي"، وإنما أمام وصف لما قاله الصادق المهدي لضيفه. وفي مثل هذا العرض كان من المفترض أن يوضح الصادق المهدي للمتلقي ما قاله الدكتور البدوي أيضاً. لكننا هنا أمام أسلوب غريب: قلت له... قلت... قلت للبدوي... أقول لك... إلى آخر هذا المونولوج. لكن ما الذي قاله البدوي خلاف إنه لن يراجع موقفه حول استقالته؟ هل كان ضيفاً زارَ وخفَّ وصمتَ؟ هل لم يكن له رأي؟ هل كان موافقاً طوال هذه الفترة التي ظلَّ الإمام خلالها يقول ويقول إلى أن انتهت الزيارة، أو في الحقيقة إلى أن صمت عن الكلام المباح؟
التصريح الصحفي لا يتضمن عبارات مثل قلت له وقال لي، ولا يأتي بضمير المتحدث. وحتى إن صدر بضمير المتحدث، فإنه يكتفي ببداية مثل: التقيت بالدكتور إبراهيم البدوي وأوضحت له...إلخ تتبعها نقاط واضحة مختصرة.
لماذا إذن خروج هذا الكلام الأحادي الجانب من لقاءٍ ثنائي؟ واضح أن الصادق المهدي أراد بهذا الخطاب أن يعرض للجماهير - بشقيها "الراشد" و"الحالم"- تصوره هو، لا تصور البدوي بالطبع، لحل الأزمة الراهنة التي تقع استقالة الدكتور البدوي في إطارها. أن يقدم رئيس حزب كبير ورئيس وزراء سابق تصوره لحل أزمة سياسية تمر بها البلاد أمر طبيعي، بل ضروري. لكن من غير الطبيعي أن يقدم تصوره وكأنه كان وليد لحظة لقائه بالبدوي. هذا من ناحية الأسلوب الذي يعكس إسراعاً وتعجلاً في خروج هذه الأفكار للجماهير دون ترتيب.

أما من ناحية الأفكار، فمن الواضح أن الإمام الصادق يريد حلاً عاجلاً يسد به الطريق أمام "الحالمين" (العبارة التي وصف بها الثوار والتيارات السياسية التي تسندهم). هؤلاء الحالمون نفسهم الذين استهان بإرهاصات هبتهم فسماها "دخان مرقة". فخرج المارد من حفرة القمع والإرهاب وكسر حاجز الخوف بصورة شدت أنظار كل العالم ليحيي هذه الثورة بانحناءةٍ كبيرة. يعترف الإمام بأنه "فوجئ" بأن لا يجد مقترح عقده الاجتماعي أذناً صاغية من رئيس الوزراء، فيقول: "إن حزب الأمة كان يتوقع أن يكون إصلاح مجلس الوزراء ضمن إجراءات العقد الاجتماعي الجديد المقترح (...) ولكننا فوجئنا بالإجراء الذي اتخذه رئيس الوزراء". ولأن الإمام يدرك دور مليونية 30 يونيو في هذا "الإجراء الذي اتخذه رئيس الوزراء"، لم يجد أمامه سوى التحذير من هذه المليونيات. هذا "التيار الحالم" يخيف بالفعل. وهو باعتراف الإمام "كان ينادي بالمليونية لدعم أية طلب، وينادي بمنازلة المجلس العسكري، ويقرر الإضراب العام المفتوح والعصيان المدني المفتوح، وهلم جراً". "التيار الحالم" لم يكن ينادي بكل ذلك وحسب، ولكنه سيظل ينادي به كلما استشعر ضرورة المناداة به. ولذلك فهو يخيف.
يشدد الإمام تحذيره من "التيار الحالم" ويصف في المقابل تياره الراشد بـ"تحقيق التوازن". لكن لمن يوجه الإمام هذا التحذير؟ هل للحكومة أم للمؤسسات الحاكمة الأخرى؟ هذا سؤال مهم يضمر في داخله الإجابة عليه. لا يا حضرة الإمام، "التيار الراشد" لم يحقق توازناً، وإنما سارع لاقتسام كعكة لم يصنعها، وإنما صنعها هذا المارد "الحالم" من ثمار حلمه الخلاق الذي أنتج ثورة عظيمة.
أجل، "التياران على طرفي نقيض حول الإدارة المالية والاقتصادية". فهذا المارد "الحالم"، والثورات وليدة الحلم بالعدل والانعتاق، ينتظر دولة على قدر هذا الحلم. والثوار لا يجهلون أهمية المعارف ولا يجهلون دور علم الاقتصاد. ولكن عن أي قوانين اقتصادية تتكلم؟ فالاقتصاد ليس علماً كالعلوم الطبيعية، فهو لا يتأسس على ثوابت أو على قوانين وقواعد صالحة لكل زمان ومكان. إنه علم متحرك متعدد الأنماط تتنوع أشكاله تبعاً للسياقات والمصالح. والإمام يعلم. وهو يعلم أيضاً أن "المنظمات الاقتصادية الدولية" لا تستجيب لاحتياج شعبنا لاقتصاد عادل يحقق له الرفاه. وأن تجاربها في بلادنا، وفي قارتنا، لم تسفر سوى عن ديون ولم تعمل سوى على تشجيع الفساد وخدمة مصالح هذه المنظمات والدول والمؤسسات والأفراد الذين يقفون وراءها. "لن يحكمنا البنك الدولي... لن يحكمنا الاستعمار" ليس شعاراً حالماً، فأين ما حلَّ البنك الدولي حلَّ الاستعمار بشكله الحديث الأكثر بشاعةً من شكله القديم. دعوتك الصريحة للدكتور البدوي بمراجعة موقفه من استقالته هو دعوة صريحة لهذه المؤسسات المالية الدولية لتجعل من بلادنا مورداً للمواد الخام، وهو ما تفعله في غيرنا من البلدان الفقيرة، ومرتعاً للنهب تحت مسمى "الاستثمار". إذن فلتستعد ويستعد البنك الدولي وتوابعه لمليونيات "حالمة" قادمة. فهذا الشباب الثائر يستشعر المخاطر بحسه السليم، فمن ركائز علم الاقتصاد أيضاً الاعتماد على حس الشعوب وقدرتها على خلق قوانينها وأنماط انتاجها.

صورة العضو الرمزية
نجاة محمد علي
مشاركات: 2809
اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
مكان: باريس

مشاركة بواسطة نجاة محمد علي »


الإمام الصادق المهدي يصرح حول البدوي
تصريح صحافي


زارني أمس د. إبراهيم البدوي، وبعد واجب العزاء في وفاة عمتي قال لي إنه بعد الاستقالة الأخيرة لن يراجع موقفه.
قلت له إن حزب الأمة كان يتوقع أن يكون إصلاح مجلس الوزراء ضمن إجراءات العقد الاجتماعي الجديد المقترح، لأن الإصلاح المطلوب جذري ويتناول كل منظومة مؤسسات الفترة الانتقالية، ولكننا فوجئنا بالإجراء الذي اتخذه رئيس الوزراء، وكنا قد بعثنا له لجنة تبين له رأي الحزب، لجنة التقته يوم 8 يوليو الجاري.
قلت له، أي لدكتور البدوي، منذ انتصار الثورة ظهر في إدارة شؤونها تياران: تيار راشد وتيار حالم.
التيار الحالم كان ينادي بالمليونية لدعم أية طلب، وينادي بمنازلة المجلس العسكري، ويقرر الإضراب العام المفتوح والعصيان المدني المفتوح، وهلم جراً.
التيار الراشد حرص على أن تكون آلية المليونية والاعتصام في الأمور المهمة تجنباً لصياح الذئب الذئب المشهور. ويرى التحالف مع العسكريين في الفترة الانتقالية ضرورياً. ولعلك تعلم أننا أول من نادى بضرورة الاعتصام لمواجهة النظام المباد. ولولا التوازن الذي حققه موقف التيار الراشد لأورد التيار الحالم مورد التيه.
التياران على طرفي نقيض حول الإدارة المالية والاقتصادية. فالتيار الراشد يرى ضرورة الالتزام بقوانين علم الاقتصاد، وضرورة الاعتراف بالمؤسسات الاقتصادية والمالية الدولية للتوافق معها لا لمواجهتها بالعداء، لا سيما ودول كثيرة فعلت ذلك فكوريا الجنوبية الرأسمالية وفيتنام الشيوعية كلاهما حقق تنمية اقتصادية باهرة في توافق لا تناقض مع المنظمات الاقتصادية الدولية، أقول توافق لا مجرد امتثال كما حققت ماليزيا.
وفيما يتعلّق بموقفك لعلك تعلم أن حزب الأمة القومي لم يقترح اسمك لأن مبدأنا كان تجنب المحاصصة. ولكن عندما تم تعيينك لم نعترض لأنك فعلاً مؤهل.
والآن نحن ننظر للأمر من زاوية وطنية. ففي نهجنا حتى المحاصصات في الحكومات الائتلافية نقدم فيها المصلحة الوطنية، ونأتي بمستقلين كالمرحوم حمزة ميرغني وزيراً للمالية في حصة حزب الأمة في الستينات، والفريق عبد الماجد حامد خليل وزيراً للدفاع في حصة حزب الأمة في الثمانينات.
وأقول لك: إذا تأكد أن إدارة المالية سوف تكون ذات ولاية على المالية، وإذا كان النهج المعتمد هو احترام قواعد علم الاقتصاد والحوار التوافقي مع المؤسسات الاقتصادية والمالية الدولية، وإذا كان المبدأ السائد في مجلس الوزراء هو المسؤولية التضامنية فأنا من باب المصلحة الوطنية لا من باب التقدير لنفسك ولا من باب مصلحة حزبية سوف اترافع معك لمراجعة موقفك من الاستمرار في الاستقالة، أما بغياب تلك الأسس فسوف أوافقك على موقفك تماماً لأن التيار الحالم سوف يودي بالاقتصاد الوطني.
ولعلمك نحن من حيث المبدأ ندعم مؤسسات الفترة الانتقالية دعماً يحقق جدواها ويحميها من خزعبلات التيار الحالم. إن لنا شرعية تاريخية وشعبية وفكرية فإذا جارينا الحالمين نخون تلك الشرعيات.
ورجائي لك أنه إذا لم تعد للوزارة بالأسس المطلوبة أرجو أن تبقى في السودان وأن تؤسس –مثلاً-think tank اقتصادي لاستيلاد الأفكار المطلوبة لإصلاح الاقتصاد في السودان، وتأهيله لجذب دول الخليج والأسرة الدولية إلى مشروع مارشال تنموي للسودان يفيده ويفيدهم، فالعالم؛ لا سيما بعد كورونا، سوف يواجه مجاعة في مناطق كثيرة، والسودان مؤهل للمساهمة في سد النقص الغذائي.
الحماسة الثورية مهمة جداً ولكن ينبغي مراعاة التوازن لأن:
من لم يقف عند انتهاء قدره تقاصرت عنه طويلات الخطى
وللمسؤولين في الفترة الانتقالية نقول باستمرار: صديقك من صدَقك لا من صدّقك.

الصادق المهدي
11 يوليو2020م


نقلاً عن صفحة الأستاذة رباح الصادق في فيسبوك

.
صورة العضو الرمزية
نجاة محمد علي
مشاركات: 2809
اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
مكان: باريس

مشاركة بواسطة نجاة محمد علي »

عن مؤسسات ال Think Tanks التي يقترحها الصادق المهدي، كما اقترحها من قبل بشرى الفاضل، أقدم هنا مقتطفات من
مداخلات لعبد الله بولا في التعقيب على مقترح بشرى حول هذه المؤسسات وعلى أطروحته عن الفكر الخالي من الحمولة الإيديولوجية، الأطروحة التي
أدت ببشرى ومجموعة من الأشخاص معه، إلى فكرة تأسيس حزب (خالي من الحمولة الأيديولوجية؟!) سمعنا عنه مؤخراً

نجاة



الفكر الخالي من "الحمولة الأيديولوجية" أقرب إلى الاستحالة
ومؤسسة الـ"Think Tanks" اختراع لتمكين النظام الرأسمالــــي
عبد الله بولا

مقتطفات من مداخلات بمنبر الحوار الديمقراطي
كتبها خلال الفترة من 6 إلى 10 فبراير 2006


سعدتُ جداً بمشاركتك في هذا الحوار*، وبمداخلتك المحيطة المبصرة. سوى أنك، كما عبَّرتُ لك، قد جُدتَّ عليَّ فيها "بما لا استحقه من توقعات"، وأضيف هنا وصفات من قبيل "الرؤى الثاقبة". فالواقع أن رؤاي هي رؤى إنسان تستشكل وتستعصي عليه أمور الوجود الإنساني في وجوهه المختلفة، ويسعى بقدر ما يستطيع لأن لا يغريه القبول باليقين السهل في النظر إلى قضايا هذا الوجود الكبرى. وأحاول بقدر ما أستطيع أن أستعصي على إغراءات ميتافيزيقا "الوجود الجاهز المكتمل النهائي" في كل صوره ومذاهبه. وهكذا ترى أن رؤيتي مستشكلة ومتسائلة أكثر من كونها "ثاقبة".
بخصوص القضايا التي تشكل عظم ظهر تعقيبك على مشروع بشرى الفاضل** المقترح، أود أن أوضح أنني لا أتفق معه في "مقولتَيه" التاليتين:

ـ مقولة "ضرورة إلغاء الحمولة الأيديولوجية من أي مشروع يهدف إلى بناء السودان"؛
ـ ومقولة "أن الفكر يجب أن تُخصص له بيوت الخبرة الخاصة به (Think Tanks)".

ففي اعتقادي "المستشكل"، إن الفكر الخالي من "الحمولة الأيديولوجية"، "الفكر الخالص"، الذي تتوفر له حيازة "الموضوعية" الكاملة النقاء، هو مطلب أقرب إلى الاستحالة إن لم يكن مستحيلاً أصلاً. ولعل هذه مناسبةٌ أعلن فيها قلقي وانزعاجي من السهولة العجيبة التي يصنف ويصف بها نفرٌ من كتابنا وكاتباتنا الشابات والشبان، على وجه الخصوص، بعض الكتابات والأقوال والأفكار التي لا تروقهم بـ"الأيديولوجية". كما يقلقني اعتقادهم واعتقادهن الإيماني اليقيني بأن ما يسمونه، على وجه الإطلاق، بـ"تيارات" "ما بعد الحداثة"، وهم وهن يعنون ويعنين بذلك أن التيارات التي روَّجت بصفةٍ خاصة (لا بصفةٍ حصرية) لفكرة "نهاية الأيديولوجيا"، معفاةٌ ومبرأة بالفعل من الأيديولوجيا، وتصدر عن محض عشقٍ وإخلاصٍ صافيين للحقائق "الجزئية" و"النسبية" "القائمة" والمجردة. وهذه هي الرؤية التي أطلق عليها أستاذنا يورغن هابرماس مسمى "إيديولوجية القائلين بنهاية الأيديولوجيا". وأخشى أن تكون قد بدأت تجوز حتى على مفكرين ومبدعين من أهل النظر النقدي "المشاكس" العصي، مثل بشرى، والمحصَّن ضد حيل الأيديولوجية المهيمنة، أيديولوجية الرأسمالية الليبرالية (هذه الميدوزا "بت السبعة سعالي"، المتعددة الرؤوس والوجوه). وسوف أعود إلى هذا الموضع الشديد التعقيد بالمزيد من الفحص والتفصيل لاحقاً.
أما مقولة بشـرى الثانية: "إن الفكـر يجب أن تخصص له بيـوت الخبرة الخاصة به (Think Tanks)"، فأخشى أن يكون قد ألهمها إياه واقع بؤس حال بلادنا المزمن المُوئِس بحق من "صحوة" وعيٍّ جماهيريةٍ شاملةٍ ممكنة، تقوم على نهضةٍ ثقافية وفكريةٍ طليقةٍ وعميقة (دون ما حاجةٍ إلى مسوغ من شاكلة مؤسسات الـ Think Tanks) مثل الصحوات الكبرى التي أشعلت ثورة 1924، وثورة أكتوبر وانتفاضة مارس أبريل، وأعقبت الأخيرتين، إذا تأملنا بعمقٍ سديدٍ مميِّز في القيم (قيمة الديمقراطية واحترام التعدد والاختلاف) التي أسستها ورسختها هذه "الصحوات الكبرى" في الوعي وفي اللاوعي الجمعي في بلادنا، ولم نكتف من ذلك بالظاهر الموئِس بالفعل. وهو "ظاهرٌ" تؤسسه وتحميه، أي تجعل منه ظاهراً أصلاً، مؤسسة الاستبداد والرأي الواحد القائمة.
الـ"Think Tank"، فكرة، من "اختراع" الشرائح والفئات الأكثر محافظةً بين فئات وشرائح الطبقة الرأسمالية الأمريكية. وهي في اعتقادي فكرةٌ في غاية البؤس من زاوية النظر إلى دور الفكر المؤسس والمحرر للوعي. والذي شرطه الأول حريته وابتعاده عن هيمنة الطبقة الحاكمة ودولة الطبقة الحاكمة. والحال أن مؤسسة الـ"Think Tank"، في تجربتها ونموذجها الأمريكي والعربي، وهما النموذجان اللذان شهدتهما مشهد العيان في العديد من المؤتمرات الدولية التي حضرتها، وما زلتُ أحضرها وألخصها هنا بحكم عملي، وهما نموذجان بائسان جداً، النموذج الأصل والنموذج المقلد: مجموعة تكنوقراط عالية التدريب في علم الحيل الأيديولوجية، تمَّ اختيارها، لتعمل على تكريس أوضاع الهيمنة القائمة، وتصورها على أساس أنها حقائق أزلية، وعلى أنها أقسام (من قسمة) وأقدار طبيعية، غير قابلة للنقاش. وتنصرف إلى معالجة ومباصرة أدوائها العديدة، البنيوية، على أساس أنها أعراض لمشكلات فنية، تقنية وليست أصولاً مركوزةً في النواة الصلبة لبنية النظام القائم. وحتى حِيَل التشخيص ومقترحات العلاج التقنية هذه إنما هي للمزيد من تمكين نظام الهيمنة والاغتراب القائم، أعني النظام الرأسمالي، الغول الأكبر في عصرنا هذا، والمزيد من تغريب وإفراغ الوعي، باسم "التحديث والإصلاح". وهذا وجه من وجوه ما أسماه أستاذنا هنري لوفيفر، بـ"أيديولوجية التكنوقراط". علماً بأن التكنوقراط، من أكثر الذين يتحدثون، ويؤمنون "حقاً"، في كثيرٍ من الأحيان، بأنهم مبرءون من الأيديولوجيا! باختصار، أنا مع فكرة مؤتمر يتفاكر فيه أصحاب وصاحبات الاختصاصات المختلفة المتصلة بالنهضة الديمقراطية والعلمية والثقافية في بلادنا، للمساهمة في صياغة نموذجٍ إرشادي للديمقراطية ولحقوق الإنسان والتعدد الثقافي، والعدالة الاجتماعية في بلادنا. مؤتمرٌ يكون مفتوحاً على الشارع وعلى قضايا الشارع وإنسان الشارع، على كافة منظمات المجتمع المدني التي تتوخى نفس القيم والأهداف، كما يريد له بشرى بلا شك، ولهذا ينبغي أن يستبعد فكرة الـThink Tank ، التي أقترح أن يستبدلها بمساهمة قطاع الخبراء الفنيين، المقتنعين بذات هذه الأهداف، في المشروع المقترح. إذ أن الفكر النقدي الشافي الحقيقي ليس له، في تقديري، من "Tank" تحتكره وتشكل مرجعيته أصلاً. وذلك بحكم طبيعته التي تستوجب الحرية والمسئولية والطلاقة.


* الحديث موجَّه هنا إلى عضو منبر الحوار الديمقراطي الراحل سيف الدين محمود.
** المعني هنا المقترح الذي قدمه خلال ذلك النقاش عضو منبر الحوار الديمقراطي بشرى الفاضل.

صورة العضو الرمزية
نجاة محمد علي
مشاركات: 2809
اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
مكان: باريس

مشاركة بواسطة نجاة محمد علي »


كتب الصادق المهدي في تصريحه الصحفي أعلاه:
  • التياران على طرفي نقيض حول الإدارة المالية والاقتصادية. فالتيار الراشد يرى ضرورة الالتزام بقوانين علم الاقتصاد، وضرورة الاعتراف بالمؤسسات الاقتصادية والمالية الدولية للتوافق معها لا لمواجهتها بالعداء، لا سيما ودول كثيرة فعلت ذلك فكوريا الجنوبية الرأسمالية وفيتنام الشيوعية كلاهما حقق تنمية اقتصادية باهرة في توافق لا تناقض مع المنظمات الاقتصادية الدولية، أقول توافق لا مجرد امتثال كما حققت ماليزيا.
في ما يتعلق بماليزيا (وسأبحث عن حالة فيتنام)، يتضح أن هذه المعلومة مغلوطة حينما نسمع كلام الرئيس الماليزي مهاتير محمد في هذا المقتطف من لقاء طويل معه أجرته معه قناة الجزيرة في أربعة عشر حلقة. يوضح الرئيس الماليزي أن بلاده لم تضع لشروط صندوق النقد الدولي ولا بالاستدانة منه أو من البنك الدولي. هذا الرفض هو الذي مكّن ماليزيا لتحقق نهضتها الاقتصادية والمالية التي يعرفها العالم الآن. يبدو أن الصادق المهدي يريد دعم فكرته بأي ثمن.

https://www.youtube.com/v/gT6q-qNK5c4

.
أضف رد جديد