جنة المُصوِّر (يا عادل القصاص)

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
الصادق إسماعيل
مشاركات: 295
اشترك في: الأحد أغسطس 27, 2006 10:54 am

جنة المُصوِّر (يا عادل القصاص)

مشاركة بواسطة الصادق إسماعيل »

جنّة المُصوِّر

عزيز شلال


رأيت في رؤى النائم.. اني اجلس في طرف برندة زنكي وانا مُعطياً ظهري لي حوش يضرِبُ فيه شمسُ نهارٍ قائظ ذكر ..رأيتُ اني اسطر خطابا ل عماد عبد الله في ورقة فلسكاب، واجر نفس بين كل فقرة واخرى :
انشغلت بالدنيا وبهرجها ياعمدة..
جريت فيها جري الوحوش في البرية..
باريت هوى نفسك.. ملذاتها، ومعازفها وجلسات خُلصائها..
ترسم وتلون وتكتب وتغني وتقرأ الشعر...
جرى بك العمر وانت في اللهو مقيم..
كمثل بنطون السليم في الدميرة، مكنة مُعمرة، وخطر داهمُ ..
انتا ما تخيلت ابداً انو يوم حيجيك مَلك كريم من احد شوارع القيامة والعجاجة قايمة، والاجواء مغبرة، والناس جلاليبا وتيابا تتلاوح مثل الرايات من اتر الهبوب..ملايكة في كل الانحاء، بعضهم مشغول بتنظيم صفوف القيامة و بعضهم مشغول بتسليم الكتب في ميامن ومياسر الخلق..واخرين يطرقون سيوفا حادة على حجارة من سجيل..و اربعة غلاظ اشداء مشغولون بشد حبلِ الصراط المستقيم على حافة اخدود ضخمٍ ملتهب القاع..والناس بين مبتهل ضارعٍ وبين باكٍ ينتحب واخرين تعلوهم نظرة السرور وبعضهم ضاعت الايات القرانية من ثنايا فمه يقف مردداً آية واحدة يكررها كلما فرغ منها..وإذ كل ذلك يجيك المَلك شايل رسمتك بتاعة وش عبد الله بولا ديك، ويلفاك في دكان يؤمه المنتظرين في القيامة، قاعد مدنقر كدة فوق صندوق ببسي مقلوب، وعليهو اثر بقايا موية فول:
-انتا عبدُ اللهِ عماد عبد الله ؟
-لا انا عماد ..ما عبد الله..( وكأنك مرقت من مصيبة اوشكت على ان تقع)
يرد المَلك بقوة
- انتا عبد الله شئت ام ابيت، كلمة عبد الله دي هنا في المكان ده (واشار بيده لحركة دائرية ) بتسبق كافة الاسماء، كائنٌ من كان، كونهم عباد الله..يعني ذي (أمة الله) كده ..
يسال مرة اخرى:
- انتا عبدُ الله الفقير عماد عبد الله ؟
- آي انا (مُتحفزاً، مُصنقعاً إلى الأعلى محدقاً كمن يتقي الشمس)
-طيب هاك انفخ (ويمد ليك رسمة عبد الله بولا)
-انفخ شنو؟ (مع تكشيرة بسيطة بتاعة إستغراب)
-انفخ فيها الروح...(بي نبرة جادة حادة كدة)
-............................... (تململ فوق صندوق الببسي وحيرة) ..يازول كيف يعني؟
- زول؟؟ انتا هسي شايفني زول ...( يفرد جناحان عظيمان ناصعا البياض، يصل حدهما اخر الشارع في يسر ومرونة عالية، ويلمهم تاني في صوت هسيس مهيب مُتعاظم يشبه الصوت الذي يصدر اثناء ايقاف الطائرة لمحركاتها)
ترد انتا وقد دخل فيك رعب من سيلقون به فى جبل سركاب.. معليش ..بس انا ماقادر افهم يعن....
-يا عياش يابن الوليد؟(يصيح المَلك منادياً ومقاطعاً حديثك)
ويظهر من اول شارع القيامة، رجل مسربلٌ بقفاطين، ومُعمم بي عمة ملونة زاهية الالوان، يغلب عليها اللون الاخضر، ومجلد فوق تحت بسيور جلدية عريضة و مُتمنطقاً سيفاً..
-يالبيه ( يصيح الرجل في معنى "يـا لبيك" بس بلهجة دراجي السعوديه)
-ماذا نقلت مُعنعناً في (باب من صور صورة) الوارد في شروحات فتح الباري ؟
- ماقلت انا شيئاً، ولكن حدثني عبد الاعلى (متردداً)
- ياعبد الاعلى؟(يصيح الملك منادياً مرة اخرى)
- ويظهر عبد الاعلى على فرسٍ جهمٍ ابلج، مسروج، يزيد العجاجة غباراً وهو قادمٌ يصيح (يالبيك)
ياعبد الاعلى، ماذا قلت في (باب من صور صورة)؟
- انا لم اقل، ولكنه قول النضر بن انس بن مالك ثنا قتادة (متردداً وهو ينظر الى سيف عياش بن الوليد تارةً، وإليك وانت مقعى في صندوق الببسي مُستغرباً من هذا الامتحان الدقيق، وتبدو عليك امارات بداية الهلع، تارةً اخرى)..
- آتوني بقتادة (المَلك ينادى وقد بدا صبره في نفاذ، وصورة بولا تتارجح بين يديه في غبار القيامة)..ويظهر قتادة واثر انعُم الجنة عليه بادية، ويساله المَلك الكريم ذات السؤال،فيجيب قُتادة في ادب واحترام جم (سمعتُ ابن عباسٍ يقولها )... بن عباس طبعاً ابوه العباس همسيلف... العباس جد الجعليين والبطاحين والسروراب والحماداب والفتحياب والعزوذاب وجد اسحق احمد فضل الله...
هنا المَلك يقوم يلكزك بي برواز الصورة بتاعة بولا: قوم..قوم اتحرك ارح..
- وين؟ (انتا في حيرتك وخوفك العظيم)
- عايزينك معانا في مضارب بني العباس...
- اننادي على بن عباس ليأتيك (يقول احد الفضوليين من منتظري الحساب ممن جذبهم المشهد القيامي مُتذلفاً المَلك)... لايرد عليه المَلك، ولكن يحدجه بنظرة فيها حدرة...
يمسكك من لياقة قميصك بيمناه وصورة بولا بيسراه، وتمشوا كلكلم نحو مضارب بني العباس في جنة عرضها السموات والارض...
عند باب الجنة الخشبي الضخم والمزخرف بزخرفات اسلامية مُذهبة وخضراء، يقف المَلك الكريم مُتأدباً في حضرة سيدنا رضوان حارس الجنان (ملاكٌ باهر الضخامه، سمح المُحيا، يرتدي ثوباً ابيض من الدمور الناصع) ويساله الدخول لاداء مهمة تحقيق في رسمة بولا.. وان بعض لشهود المبجلين في الجنة والنعيم المقيم وانه بحوجة لسماع شهاداتهم .. يفسح المَلك الكريم رضوان عن الطريق فاتحاً الباب ليعُم نسيمٌ ودعاشٌ آثر يكتسح البرايا والاشواق متخللاً مسام الجلد ، فيدخل الجمع الكريم تباعاً وفي هدوءٍ وتؤدة يليقان بمقام وجلال المكانِ المدهش، شاهقين مافيهم نفرٌ يزفُر..من لذةِ نسيم الجنان، الواحد فيهم ما عايز يضيع زمن في الزفير..
ورايتك في منامي وانتا بتكورك في اداء مسرحي:
(النسيم من فاس، هبّا في المُجلد عطّر الأنفاس، بالجلاد والند، يا قاسم الأرزاق أرجو منك مدد، أرجو منك العون أرجو بسط اليد)
واول ما انتا جيت ماري قدام سيدنا رضوان خاشي، (تك) ختا ليك الحربة قدام راسك، قائلاً:
- وين؟؟ انتا البتكورك ده وين إنتا خاشي؟؟
تستنجد انتا بالنظر الى المَلك الجابك..وتقول في سرك ( انا معاهم)
- ده معاي..ده الرسام خريج كلية الفنون الجميلة (يقول المَلك موجهاً حديثه الى سيدنا رضوان في ادب)..
يهز رضوان راسه بعلامة الرفض ..قائلاً بصوتٍ حاسم: ينتظر هنا بس. ويلزك ورا بي طرف عود الحربة .. ترجع تترتح سبعين ذراعاً لي ورا ، وانتا خاتي يدك في الم في محل لزة الحربة..
يقف الملك المُحقق لكي يقيم الموقف متكئاً على برواز صورة بولا..ويمضي الاخرون نحو شأنهم في جنة الرضوان بعد ان شهدت افواههم والسنتهم بما سمعوا وشاهدوا..
هذا وبينما كاد التحقيق يذهب ادراج عجاج ريح القيامة ..يظهر فجاة من داخل دغل جهنميات بيضاء ووردية في الجنة رجلٌ نحيل القامة، اشعث بذقنٍ غير حليقة وشاربٍ كث..واقف لط من خمر الجنة، و يحمل شهادةً حمراء يعلوها شعار منجل ومطرقة متقاطعان ومكتوب عليها (مكسيم غوركي ليترشر إنستيتيوت)..
ومبرزاً الشهادة الحمراء والعمل الصالح، لى سيدنا رضوان يقول في صوت كله نِعَم، وواضح ذي صوت حمدي بدر الدين: انا الزول ده بشفع ليهو..
يلتفتُ إليه سيدنا رضوان في هدوء ويلتفت إليه الملك المُحقِق في إستغراب، كما ويلتفت بقية الشهود الذين كانوا قد قطعوا ما لايزيد عن فرسخٍ كامل في عرصات الجنة
يساله المَلك المُحقق: انتا منو؟؟
(انا في منامي لم استغرب انو سيدنا رضوان لم يساله ذات السؤال، فسيدنا رضوان يعلم ان الرجل دخل جنته غير ظالمٍ لنفسه وكتابه في يمينه، وهو يحفظ كل اهل الجنة فتلك مهمته)
يرد الرجل على سؤال المَلك المُحقق: انا فيصل ساولين ماجستير علم الجمال من معهد غوركي... كنتا ساكن الديم وبعرف الزول كويس..الزول ده زول جميل..وان الله جميلٌ يحبُ الجمال..
ويخشعُ الحضور جميعاً مطرقين بي وجوههم لذكر اسم الجلالة مقصوداً لذاته وهم يرددون في وقت واحد ورزمٍ واحد، وقلب واحد (سبحانه جلت قدرته وعلا شأنه واحدٌ احدٌ لاشريك له)
- وتلقى نفسك في الجنة..ويغفرِ الله لمن دخلها وشم ريحها ..
يبتسم سيدنا رضوان في رضى، وهو يغلق الباب خلفكم منتظراً مزيداً من اهل الجنان، عرجى ومكاسير، فهو يذكر ان صاحب الوجه المرسوم ايضاً قد عبر من هنا..
اديتنا كتابك (حكايات الديم الغميسة) بي يمينك، وسيعطيك الله بذات اليمين ياعمدة..فابشر بما قدمت يداك..
[align=right] [align=right]
صورة العضو الرمزية
الصادق إسماعيل
مشاركات: 295
اشترك في: الأحد أغسطس 27, 2006 10:54 am

مشاركة بواسطة الصادق إسماعيل »

وأدناه يا قصاص السيرة الذاتية ل(شفيع) عماد عبد الله، المبجل صاحب الحظوة في الجنة فيصل ساولين، وكالعادة فقد اخترت أنا العنوان لسردية عزيز شلال (دكين) أعلاه



: يوسف ميرغني ده زول صُعلُوق ساكت .. آآآآ ، يكتر يقلّل و رحمة سكينة أمي أشطب ليك حنانو من قائمة الأحياء ، بلد مطلوقة تمام .
قال رئيس اللجنة قال .. لجنة بتاعة إيه ياخي .. آآآ ، الله يرحمك يا عم مرغني .. صحي النار تلد الرماد .
واحد طربنش زيّو طُز من سبحان الله ما بيعرفا آآآآآ .. يبقى هو سيد البلد ؟؟ !! ، شي عجيب .
( ثم مستدكاً بنرفزة ) و بعدين يا سيد .. إنت لو عندك كلام مفيد غير سيرة يوسف مرغني و يوسف طيارة .. أحسن تقولو ولّلا أركب الشارع .. آآآآ ، الراس ده .. ما بتفتكر الله خلقو لينا لحاجات أفيد .. ؟؟
يقول ذلك و لا ينزل ساقيه الممدودتان على الكرسي البلاستيك أمامه . ينحني ليلتقط القزازة البيضاء القصيرة مربعة الزوايا قابعةٌ تحته ، يصب منها في الكأسة الصغيرة أم أضان ، مقداراً قياسه حاسة السمع فقط : شرررررروو ، يدلق المشروب في جوفه دفعة واحدة ، ليعيد قزازته بحرص حيث كانت و .. يتنحنح ليبصق .
ذات الجلابية مفتوحة الأزرار ، في ذات موضع الكرسيين ، أمامه " المنتزهة " - هكذا يسمي فسحة الأرض الفضاء المربعة أمام البيوت - بين الباب الكبير الأخضر ستة و ستين أبو تلاتة ضلف و شباك الصالون ، الطاولة الدائرية نفسها و عليها الراديو ذا الجلد البني مهتريء الحواف ، و ذات الصينية الألومنيوم ، ذات السفنجة " قمر بوبا " الحمراء ( يسميها برطوش ، و يسمي مركز الشرطة التُمنَه ، و المقابر يسميها الجبّانة و دكان يعقوب هو كنتين ياغوب ، و الحفلة يسميها القلوبة ، يطلق على المصلاية التبروقة ، و صيوان المناسبات عنده التُزْلُك ، الحمام عنده هو المستراح ، و الصالون ديوان .. و هكذا غرامه بالمسميات العتيقة ) زادت الشعرات البيض على رأسه الأشعث و لحيته غير الحليقة دائما و شاربه الكث ، هزُلَ وجهه قليلاً .. و ازداد حنقا .
يتزايد عدد متحلقي مجلسه كلما اللليل أليَل ، كل من مرّ من طارقي الشارع الترابي الضيق يلقي عليه السلام : أستاذ فيصل .. كيف أمسيت . يرد بترحاب لا يشبه حالة حنقه المقيم ..
: مرحب معتصم ، كيفك .. تمام ؟ .. إتفضل .
أهلاً يا خالة .. إشا الله كويسين .
قديس يا كلب , وينك .. أخبارك عندي .. آآآ ، إتفضل .
... يتمدد المساء على الديم ، قريةٌ مدنية في قلب مدينة مُسلمة أمرها للمجهول . تعج فيه التفاصيل بالناس والحكايا .
( فيصل ساولين ) َدََرَسَ علم الجمال في معهد غوركي ، و عاد .. ليُدرّس – مغضوباً عليه - التاريخ و الجغرافيا للمدارس الإبتدائية بعد أن حاصره المحاصرون حيث كان يعمل في مصلحة الثقافة .
: يا ود قال ليك إحالة من مصلحة الثقافة لمصلحة البلد .. ، بعدين بووووو للصالح العام .. أهو كلو مصالح .. آآآآآ .
الود مختار حسين .. الدياشي ود خالتنا العوقة داك .. آآآ ، نزلوه المعاش .. ما بَعرف رتبتو مارشال وللا بتاع .. ، تاني يوم طوالي ظبطوه ليك معتمد محلية مين كده ما عارف .. آآآآ ، يعني عوارتو ديك ح يفكها في الناس المساكين ، بقّوها عوارة حكومية مؤسسة .. آآآ ، طلّع ميتين مريم خالتي و البواليس الكانو شغالين معاهو .. شفت كيف ، هسع رقوهو يتم الناقصة و يفكها في البلد .. ديسقزتينق .
العوقة ودوهو الصالح العام و نحنا التالف العام .. آآآ .
يا ود البلد كلها عايمة قت ليك .. هانت الزلابية . غايتو أنا من هنا , و رحمة سكينة أمي آآآ ما عندهم صالح تاني يودوني ليهو غير عمك صالح بتاع القش ..
يا لصوص يا أولاد الهِرمة ، قاعد ليكم أنا آآآآ .. و الحشاش يملا شبكتو .
و قد كان قاعد ليهم .
لا يمتنع عن رصد كل ما يقوم به رجال السلطة في الحي و الوقوف لهم شوكة حوت في كل ما يفعلون .
يبدأ من سوق الديم يعاين هذا و يحدد لذاك ماذا يجب , و يسأل عن من كشوها من ستات الشاي و النسوة فارشات المصاطب , يتونس معهن و يهرش الخضرجية رافضاً أسعار الخضار المكتوبة , و غير المكتوبة يطالب بلوحات تحمل أسعارها .
يكابس زريبة الفحم و يطالبهم بفرز الفحم الطقطاق عن السناري الجيد , الشاف لسه نيء و طلحكم فشنك يا عوض الكريم , النسوان ح يطلقوهم بسبب جشعكم يا كلابات .
و يزوم كالأسد في نقطة الشرطة : محكمة شنو التودو ليها الناس .. آآآآ , حراستكم دي أخير منها الباستيل يا حيدر , حقو الواحد يحشرك فيها هسع عشان تفسخك السخانة و ريحة البول تعمل ليك استنقلينا , عملتوها زريبة مواشي يا ربش آآآآ , و رحمة سكينة أمي باكر بيجيكم الدور يا أمة يا دلمة ..آآآآ , و الحساب ولد بعدين يا كلابات .
يمضي نزولاً من سوق الديم و حتى كشك التلج جهة مقابر فاروق , و يغرّب حتى سوق السجانة ثم ينزل جنوباً حتى ديم القنا .. يتفقد الناس و يسب و يسخط و يسلّم و يشيل الفواتح و يشرب الشاي و يجلس مع هذه الشلة و تلك و يزجر الصبية و ...
( فيصل ساولين ) صفع ناظر المدرسة حين رفض الأخير إعادة تسجيل الطلبة في السنة النهائية الذين لم يسددوا مصاريف درس العصر ، فأحالوه للجنة تحقيق قضت بفصله .
عاد ليمارس التدريس من منازلهم .
أخته الكبرى " ست زكية " صاحبة الروضة الشهيرة أوكلت إليه مهمة تدريس شفع الحلة الشواطين الذين لم يعد بمقدورها ضبطهم ، فآمنوا .
لا نجرؤ كنا على مناداته بغير : أستاذ فيصل .
نغيب و نعود لها الخرطوم ، و عنها يغيب و يعود العسكر ( يا ساقية جحا ) ،و ترحل عنها روائح حليب الصباح المُقنن ، و عنها تسكت أصوات موسيقاها الليلية و ضجيج مسارحها و منتدياتها و جلساتها و حواراتها و غناها القديم مشبوب الكمانات عفيّ الكلام .
نكبر ما كبرنا و تتشعب بنا دروب المعايش و الحياة ، هدتنا السنوات فرجعنا نلتمس سكينة عاقلة من بعد رعوناتنا الهاتفة ( الخواف ربّى عيالو ) .
كملنا القراية و تخرجنا و هاجرنا إلى أصقاع الدنيا و عدنا ، لقينا مكياج الخرطوم كثيفاً و رخيصاً و .. محزناً .
" مصطفى عفانتي " كان يحذرنا عند ارتيادنا ديسكو الهابي لاند – في زمان سحيق القدم - و قبل أن " نطبُق "
: الشكوسة البُدرتا تقيلة ما حبابا ، بتكون خاشّة ليبتون لشين كونري ، دي طوالي تكبّر اللفة منها .. قول ليها طريقك أخضر يا أبو الدقيق .
الخرطوم متكلفة المكياج هذه تخبيء قبح الدنيا تحت بهارج مكياجها الرخيص .
أتذكرها – محسوراً - فاتنةٌ لا تشبهها ناصيةٌ في الدنيا .
نتعرف إلى قبح سوأتها كل نهارات إجازاتنا القصيرات ، و نجلس في مساءات التعب إلى فيصل ساولين ، فيُسقط عنها آخر خيوط زيفها ، و يشرح - في ألمٍ عظيم - كل ما التهمته عيناه من صحف اليوم و ما التقط من أخبارها عبر الراديو الناشيونال الترانزيستور الصغير ( صاحبه الصدوق ) .
يحلي حديثه بالمفردات الأجنبية كلما ارتخى جسده الهزيل في كرسيه و تناقص منسوب الزجاجة تحته .
: الناس دي زي عندها علة باركنسون هسع .. آآآآ ، يعني ذي كانط فوول أص نو مور .. آآآ ، حكمة التاريخ بتقول ليهم الرجفان بدا .. شايف كيف ، و دورنا نحنا في اللعب وكتو جا يا دلاقين .. آآآآ .
البلد راسا مشقوق ياخ .. يعني خالطه موية و زيت .. آآآآ ، و رحمة سكينة أمي ح تصّلب و تبطّل قريب مافي شك ، لتّقوها بشوية كضب و غشغشة و نيفاشا و عكاشه و مش عارف إيه ، نوو يوز ياخي .. نوو يوز .. آآآآ ، بقينا زي عربية عمك عوض سعيد دي ، طلع دينا باللتيق الكتير و الخرمجة .. آآآآ ، شفع الحلة هدّا حيلم ياخ بالدفرة الكتيرة .. آآآ ، يقوم من الصباح يقرا ليها الفاتحة و جزُ عمّ كلو .. شفت كيف ، بعد ده كلو عجاجتها رابطة.. آآآآ ، تيبيكال زي حفرة الدخان الإسمها محطة بري الما قادرة تنور كبري كوبر الجنبها .. سو ريديكيلس .. آآآآآ ، لغاية ما ربك رب الخير ريحها ليك منو و ريّح الود عصام شاكيرا و المكنة عضّت .. شايف كيف .
البلد دي لازم تتشال و تتقلب أب سايد داون .. آآآآ ، و طوالي مكنتها الخريانة دي تترمي في أقرب كوشة تاريخ مع المكنات الكتيرة بتاعة الكوامر و الكرور الهناك .. شايف كيف ، و تتربط محلها مكنة جديدة خاضعة للشروط و المواصفات القياسية .. آآآ ، مكنة أصلية .. جينوين ، جودتها مضمونة بمزاجنا ياخ .. شايف كيف .
و خليني بعد داك أشوف لي سروال كاكي ساكت ، وللا دقينة زي شرك الطير حايمة بي جاي .. آآآآ ، و رحمة سكينة أمي إلا يدخلو في كستبانة .
لم نر سكينة أمه تلك التي لا يحلف بإلاها . قالت عنها أمي أنها كانت " مَرَه حارّة " .
: تحلف إسم الله من شدتا و لضتا تقول راجل ، صوتها زاتو صوت رجال .
شفت زكية الهسسسع دي ، سكينة الله يرحمها كانت منجضاها نجاض بالقراية .
لاكين النصيحة ليك يا الله كانت شاطرة خلاس . من يوما الدخلت المدرسة و هي الأولى دي ما فكتا ليهم .. عيني باردة .
نان لاكين هي زكية سغيرة !! زكية ما سغيرة و الله ، نديدة صفية بت نعمة عمتي ، هسع صفية صلاة النبي مُنَى بنية إخلاص بتّها عرّستْ ، إلا لاكين زكية ضيعت عمرا كلو في القراية ، لامِن بارت .. مخيّر الله .
أها سكينة مسّكوها نحو الأمية هي و آمنة بت العمدة الله يرحما هي كمان .
الإتنين نضامات و يقعّدن الكلام ده لامن تستغرب . من وكتا داك ، و انتي يا صفية تحرشي في الحريم على أبو القاسم راجل ستنا بت بشير .
قالت ليهن ضلالي ما يمشن يسمعن كلامو ، غاشي الناس بالنبي قال و الرسول سوّا ..
وهو تِحت تِحت كاتل الجدادة و خامي بيضا .
مسّكوهو الجمعية سفّاها عدّما التكتَح ، لامِن قرضا ، بقت يخربا خراب الصِح داك الما كِضِبْ .
أها لامن فاطنة أحمد إبراهيم كان يجيبا الإتحاد النوسايي .. سكينة دي الله يرحمها و زكية و فيصل القاعد ده يرصو الكراسي و يرشو الأرض .
عاد سكينة دي اليوم داك .. بس أم العروس .
و اليوم داك كدي الله يقدّر مره من نسوان الديم ده تغيب من الليلة الساسية ، سكينة ما بتبقي ليها في رقبتا و تمسكا ليها تار بابكر الصديق .
عصمان راجلا الله يرحمو كان طيب خلاس ، يعلم الله هدي و رضي ، مافي زول في الديم ده إنت يا عصمان غلّطتَ عليهو .
شغال كان في السكة حديد مع ناس أحمد أخوي ، أها بقى شويعي و دخل مع ناس الشفيع ديل بي تقلو . ناس الأمني ديل يوم كدي ما غبّو من الحلة ، الساعة و التانية جايين قابضينو ، الله يرحمو كان زول آخره ، مات بالمراريا .
سكينة الله يرحما سنة بعدو ما تمتا و صاحب الوداعة أخد وداعتو ، ماتت و الله و فيصل ده يا حليلو خلّتو شافع في الأولية .
...
ساولين التي يحمل فيصل إسمها كانت تسكن حلة الحلب .
منتزهتين خلفنا إلى الجنوب .
و نسميها كنا " حلة الحلب " لأن ثلاثة من بيوتها يسكنها ناس عمك كامل شامي ، ناس سميعه بت الخواجة ، ناس إدوار الترزي .
ساولين هي ابنة إدوارد من زوجته الزاندية التي تركها في الجنوب و عاد بالطفلة .
خلاسية شديدة الحسن و طويلة . خفيفة الدم ودودة .
دمها الهجين خلق منها أسطورة و رمزاً عشقه كل رجال الحي و نساءه و شبابه ، تقص شعرها الأجعد الجميل قصيراً كما الصبية و تلبس البناطلين كانت ، و في الحفلات ترقص دون أن يدعوها أحدهم .
فاز بقلبها فيصل . سحرتها شخصيته المختلفة و لغته المختلفة ، رقصه و لبسه و اهتماماته .. و صمته الهاديء .
صارا أشهر عشاق أوائل السبعينات جنوب محطة السكة حديد ، و لازم فيصل دكانة عمك إدوارد الترزي لزمان طويل محشورٌ فيها نهاراً - دكانة قديمة بباب زنكي يعصر مدخلها - و في الليل يقتعد أمامها.
حلة عجيبة حلة الحلب ، الحياة فيها أصخب وقعاً من بقية حلاتنا .
ساولين و إخوتها و الجيران و شباب الحي و أناس كُثُر ، يسمعون بوب مارلي و ينقاشون إقتصاد السوق و ضلوع المخابرات المصرية في مجزرة بيت الضيافة و تخلي الروس عن جوزف بروز تيتو ، و أن البلوستارز دون صلاح بتاع الدرمز بقت تعبانة ، و شرحبيل ليس بأقل من ستنباري في عزفه على الجيتار ، و أن سهرة تحت الأضواء ليلة أمس كانت مملة ، ثم أحسن مذيع هو ضو البيت ، و أن كمال عبدالوهاب لديه مدفع في رجله اليسرى ، الرئيس القايد بيكفّت الوزرا ، و أن ماريا التي عناها صلاح أحمد إبراهيم هي كريستينا إبنة ميخائيل فاوستو الإغريقي تاجر القماش بسوق أمدرمان . ....
.....
2
: دكتور منتصر معليش ياخ .. آآآ ، زكية دي شكلها زي تعبت تاني كده .
كنت و منتصر واصلين إلى باب الحوش في نفس الوقت إثر الطرق المتصل في إلحاح .
لم يكن صوته الذي نعرف ، يبدو منهكاً و ضعيفا في وقفته مستنداً إلى الجدار عند كتف الباب . سأله منتصر عن الحاصل شنو ، أجاب بأنه وجدها علي الأرض بين المستراح و البرندة .
ثم أردف في حدة نعرفها فيه : يعني يا منتصر .. لو أنا عارف الحاصل ليها شنو كنت جيتك ياخ .. آآآآ ؟
زكية كانت كويسة في أمانة الله لغاية ما اتعشت و نامت ، شفت كيف .. أنا دخلت أنوم زي إطناشر و حاجة , قلبي أكلني ياخ آآآآآ ، قمت أشوفا ، خشيت جوه لقيتا أهو .. واقعة على الأرض و غمرانه .
هرولنا ثلاثتنا , وجدنا النعيم " نون " قد سبقنا .
فحصها منتصر ، مستلقية في الغرفة البعيدة في آخر المنزل ، مرتي الأولى التي رأيت تلك الغرفة .. و هي الأخيرة .
غرفة فقيرة بعرش بلدي من الجريد و الحصير ، بابها خشبي بضلفة واحدة ، لم أتبين لوناً للجدار ، تبينت فقط خطوط بنيات من أثر الأمطار تمتد عليه رأسية من حافة السقف و تغيب خلف الأ ثاث الزاهد .
طاولة خشبية مستطيلة قصيرة تتوسط الغرفة ، تغوص أرجلها قليلا في رمل الأرضية ، عليها مناديل ورقية و جكٌ معدني و مبخر فخاري قديم .
غرفة شحيحة .. نظيفة و حميمة ، عنقريبين بملاءات خُضر ، دولاب ضخم جهة اليسار ، الطاولة أقصى الركن الجنوبي تكومت عليها و من تحتها أرتال من كتب و دفاتر و صحف و علب الأدوية و قصاصات من كل صنف و لون .
ستارة مهترئة الأطراف و ثمة رائحة ليست عطراً .. لكنها مريحة .
لم تكن المسجاة بلا حول تلك هي ست زكية التي عرفت ، أقرب حجماً كانت إلي جسد طفلة هزيلة منها إلى السيدة الحديدية التي علمت معظم رجال و نساء الحي .
نظرات النعيم ( نون ) أرعبتني ، يبحلق بسعة عينيه إلى لاشيء وكل شيء ، و يعود لتستقر عيناه الهلعتين على سعتهما فوق وجه منتصر ، تستجديانه معجزة تجعل المرأة " تسل " عليه لسانها الذي سلخته به طوال سنين :
هووي يا متخلف ها .. أمسك خشمك عليك .. ، عاين الخلقة و سيدا .
ترد بذلك حين ينغص عليها ( نون ) المرقة في معية نساء الحلة :
جبتي خبر منو الليلة ؟.. أقعدي باري لي البكيات و أقرضي الناس كده بي توبك عبدالواحد ده .
يضحك لحمبكتها و كعادته يهز رأسه : و الله إنتي وهم ، رايحه ليك نقه بس .. هسع أنادي ليك شريفة تجضمك كده لمن تآمني .
: كدي يا يُمه ، سجمك و سجم شريفة معاك .. شبهينا و إتلاقينا ، شريفة قال ، أحمد شرفي إشا الله .. يا المعولق يا المبشتن .
( نون ) جيء به الديم صغيرا ، أحضروه للعلاج في الخرطوم من علة ما ، تعافى و بقي عند خاله .
لم يرتد مدرسة ، علمته شوارع الديم ، ظل ذكاؤه فطريا كارثيا متقدا . لميضا يخشى فلقة لسانه الناس ، عمل ميكانيكا تحت الشجرات في طرمبة الغالي .. و لم يفلح .
لم يفلح في محل الباسطة أيضا .
وسيما طول بعرض و حبيباً شهيرا .
لصيقاً بفيصل هو ( نون ) ، و يؤثره فيصل على بقية خلق الله . يظلان في نكاف ما لقيتهما :
عامل لي ناقش أي حاجة ، و الله يا جاك إنت ما ناقش أبو النوم زاتو ... قوم فرتق بلا فقر معاك يااا .
: شفتو ليكم تخلف مانع زي ده ؟ .. آآآا ، واحد دلوكة ساكت .. آآآ طربنش أوريجينال ، شفت كيف .. يتفاصح في حاجة لو قعد لجنى جناهو .. ما ح يفهما .
بوم أصلي زي ده .. آآآ ، يقوم يقدك براسو الفارغ .. ياخي إتلهي . أطفح كاسك ده و يللا .. أقطع وشّك .
النعيم يقرش الحافلة الهكرة التي يقودها منذ فترة بعد أن تركها له معاوية طمبل و عاد إلى البلاد البترولية .
كل ليلة بجانب عناقريب حامد المكوجي يقرش نون حافلته .
دكانة المكوجي حامد القديمة تقف منذ وعينا بذات حوائطها الجالوص في زاوية بيت ناس عبدالصادق بطرف المنتزهة الشرقي .
إخوة ثلاث : حامد ، سماني و الصادق الراجل ، يكوون و يغسلون و يصلون طوال النهار , صوت إذاعة أم درمان تسليتهم الوحيدة ، يتعشون فولاً و يكثرون عليه من زيت السمسم و الجبنة من بعد صلاة المغرب .
ثلاثتهم في نفس التوقيت تجدهم متقرفصي زاوية دكان الطيب في الناصية المعتمة عند شوالات الفحم .
و يمدون عناقريبهم بعد التاسعة مساءا تحت مربع حبال الغسيل فوق رؤوسهم بين الشعبتينن الخشبيتين . يشخرون الليل بطوله وعكاكيزهم تحت الفرشات الدلاقين التي يتوسدون . و عند صلاة الفجر ينطلق صوت الصادق مؤذنا من الزاوية المبتناة من الطين في منتصف الحلة .
الصادق أصغرهم , لا يبدأ آذانه إلا بعد نحنحة قوية : أححاااااا .. فأسماه الناس بالصادق الراجل .
يقرش النعيم حافلته الهالكة عند العناقريب الثلاث بعد ان يجلد ثلاثتهم بلسانه السليط : تعال جبد معانا يا حامد , عشان بكره دي تقابض بت المسيد المكسراك دي , تعرسا و تتجارخ يا معلم و تفكنا من ريحة صابونك المعفن داك .. في اختراع إسمو صابون بودرة يا فور أوفور يا داقس . فيسبونه كعادتهم و يسرع إلى فيصل محملاً بكيس كيسين عشاءاً و محدقات روحية .
قليلاً بعد ذاك لتبدأ مشاوير العنكبة الليلية بينهما ، تتسع دائرة الحضور و تأتلف الأصوات بالقهقهات ، و الديم يحلو مساؤه .
حملناها ، الطرقات في الليل وادعة .. كل شيء صموت في رهبة .. حتى ماكينة الحافلة الهدار أمسى خفيضا .. و بعدت المستشفى كما لم تكن قبلاً .
نون لا يلتفت ولا يتكلم ، منتصر قربه ساهما في قلقه ، و أنا في آخر المقاعد أدعو .
الطرقات في الليل وادعة .. و الخرطوم نائمة على أحلامها إلا من نشيج فيصل المكتوم ، مسندا إلى كتفه رأس أخته زكية ( آخر علاقات رحمه على الأرض ) ، المرة الأولى التي يحتضنها فيها منذ تآخيا .. و هي الأخيرة ...
...
3
بركة الماء خضراء ..
أسمينا الطحالب فوق سطحها ( خره القعونج ) ..
و كنا بعد خضراً .. نصطاد القماري و أم قيردون الحاجة .. و ود أبرق .. و السمبريات و قدوم أحمر في حوش فاروق ..
بركة الماء خضراء في البقعة شمال شرق المقابر ..
القبور هنا لا تشبه القبور عند جهة الجنوب ..
هنا القبور بأحجار مُلس .. و أعمدة و درابزين حديدية محلاة بعناية ..
الشواهد هنا أيضا حجرية من رخام مصبوبٌ مختوم ..
ثمة قبر كالضريح الإنقليزي ..
باشا أظن المرحوم كان أو بك ..
الخط المحفور على الرخام فارسي في أغلبه ..
منقوشٌ في صنعة حريفة بآياتٍ خطها الثُلُث ..
الآيات ليست ( كل من عليها فان ) كما يكتبها الغلابة على شواهد الحديد الفقيرة , بدهاناتها الرخيصة " أخدر ستة و ستين " ..
لكنها آياتٌ حسان : ( يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضيةً مرضية ) .
امتلأت المقابر و حاصرتها من جهتها الشرق الهيئة القومية للكهرباء بمبناها النعيم البارد الحجري المزجج ..
و الرطانة الأجنبية تحاصر موتاها من جهة الشمال بمعهد ليل كثيف الشجر ..
نهرول كنا مطاردين صيدنا الطير , جريا من أول المقابر حتى حائطها الجنوب دون ان نعثر فوق شاهد حديدي لقبرٍ من الديم فقير الهيئة , أو دُرّابة ضخمة لقبر من أفقر الأحياء لمرحومٍ من جهة كوشة الجبل ..
الآن تكدس الموتى قبراً يزاحم قبرا .. ليس بينهم شبر لموطيء قدم ..
و الطير ملّ من شح خبز الزائرين لرفع الفاتحة على المراحيم منذ عهد الملك فاروق ملك مصر و السودان .. فقد ارتفع سور المقابر و صار لها حراسٌ و أبواب و تدابير أمنية .. فلا كعك يدخل يوم العيد , ولا للميتين عشاء يغني فيه الصبية : الحارة ما مرقت .. ست الدوكة ما ظر .....
ولا تُرش القبور بماء يبرد على سكانها حرّ الرقدة الطويلة .
بركة الماء خضراء .. ساكنة .
و القبر طويلٌ يعلوه حصى أغبش ..
بضع أكياس توشوش حول الشاهد الواحد .. تبغي فكاكا .
حرٌ سموم .. و الرجل الواقف بعيدا مستظلٌ بشجيرة شوكية بعد منحي إذن الدخول يستعجلني الخلاص ..
( الفاتحة )
( هذا قبر المرحوم فيصل عثمان عبدالكريم )
( توفى في يوم 16 / 9 / 2006 )
( الفاتحة ) ....
...
نشرها عماد ب سودانيز اونلاين فى 2007

صورة العضو الرمزية
عادل القصاص
مشاركات: 1539
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 4:57 pm

مشاركة بواسطة عادل القصاص »

يا للغبطة، أيها العزيز الصديق، بمناولة هذا السرد المدهش والممتع حقا، لعزيز شلال ولصديقنا عماد عبد الله. لم أكن أعرف أن لعماد علاقة شخصية بعزيز. فيا مرحى. ومكمن الدهشة والمتعة الإضافية - هذه المرة - في نص عزيز هذا تتمثَّل في هذا "التصعيد السحري": عالم الآخرة ووساطة الجنة، بسبب صناع الجنة الأرضية، بولا، عزيز، فيصل، عماد عزيز والقائمة حبلى.
وسم عماد، كما سرده - كما سرد عزيز - يضع المرء في أرجوحة غالبا ستستعيرها الجنة!

وإلى حين عودة، لك، لكم، المقالدة يا صديقي.
أضف رد جديد