هل أنصف بعدها؟

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
عدنان زاهر
مشاركات: 287
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 8:52 pm

هل أنصف بعدها؟

مشاركة بواسطة عدنان زاهر »

لقد تم نشر هذا النص في سودانايل في العام السابق. قررت اٍعادة نشره متبوعا بنصوص مكملة له.

هل أنصف بعدها؟

عامين ركضا منذ أن رحلت من حياتنا بدون اٍذن مسبق. اٍنسللت بحذر لا يعرف عنك. انسحبت فقط، تاركة فراغا ممتدا وشجنا مقيما. جرت العادة في عالمنا أن من يرحلون بلا عودة لا يستأذنون، وأفكر دوما ماهي الحكمة من ذلك؟! أولاً، الحكمة من الفراق ؟‍‍‍‍‍‍‍! وأخيراً، الحكمة من كتمان الرحيل؟!

يبدو أن ذلك مدخلاً فلسفياً يفسد متعة التوحد ولكي أوصد الباب أمام أسئلة من هذا القبيل تفتقر الى الاٍجابات المنطقية، سوف أحاول التماسك وأن أبدو عمودياً في تصرفاتي. سأتزود بجرعة من (الرجالة) السودانية للتشجع واثبات الذات. أحاول التشبث بالأسلوب السوداني في التعبير، ذلك الأسلوب المتحفظ المتقتر في الاٍفصاح عن العواطف حتى لا يبدو وقع قولي غريباً. كان أستاذي الوقور في سنين الدراسة الأولى وأبان حصص الاٍنشاء يردد في اصرار عجيب على مسامعنا (السلام اٍبتداءا ثم السؤال عن الأحوال). سنين طويلة لم أسمع عنه شيئا هل رحل هو الآخر ؟! سوف أستعير أسلوبه في الكتابة كاملاً فقد افتقدت الجرأة منذ عامين على اٍلغاء ذلك السؤال والكتابة.

السلام لك وكيف الأحوال ؟ هل يبدو السؤال معقولاً ؟ أم لديه وقعاً آخر لديكم ؟ أعلم أن ردك سيكون متأخراً قليلاً، فقد انتقلنا الى بلد بعدها لا توصفه الكلمات، بلد يمتطي شتاءها باقي الفصول. ومما يزيد الأمر صعوبة في هذا البلد البعيد تلك (الرطانة) التي يستخدمونها في التواصل. لا تشفقي، فقد اضطررت أن (أرطن) مثلهم، حتى (الشفع) قد أصبحوا يجيدون تلك (الرطانة). أتساءل ما هو الدافع لتلك الحذاقة في التقاط الأشياء هل هو قانون الضرورة ؟ أم قانون البقاء ؟ أم كلاهما معاً ؟!!

من أين أتتنا تلك الفكرة (الكولمبسية) في الاٍنتقال الى أرض جديدة؟ هل كانت فكرتك؟ أم فكرتي؟ أم هي الظروف التي دفعتنا لذلك الاٍختيار؟ على العموم أؤمن اٍن عامل البعد لا يعفي من التواصل ولكن سبباً - مجرد حديث - أتكئ عليه عند تأخر الرد.

أحوالنا تبدو متماسكة في ظاهرها تمشي الى الأمام اٍذا كان ذلك (الأمام) يعني الاٍنتظام في الدراسة، الاٍندماج والتمدد، مداورة الحياة، والاٍنخراط في الهرولة الاٍنسانية الجماعية.

ولكن هل كل ذلك يعطي معنى للحياة ؟!! في حواراتنا الحميمة في أمسيات الخريف المنعشة بأم درمان لم تكن هذه الأشياء مدرجة في فهمنا للحياة !

أعرف الحساسية والشفقة التي تتصفين بها لمعرفة أحوال (العيال). شغفك لمعرفة أدق التفاصيل الصغيرة عنهم لارضاءك سأحاول رصدها واشباع فضولك رغم علمك تضجري من ذكر التفاصيل وميلي الى ذكر الخطوط العريضة في تناول الأشياء. هل تلك العادة (كسل أم إزدراء للحياة).

(هبة الله) ذات الثلاثة أشهر عند رحيلك عنا أصبحت (فتا) تتحدث لغتين العربية والاٍنجليزية ولا تتقن أحداهما! يبدو أن تلك مشاكل هجرة ولا أقول غياب أم لأني بطبعي أكره العتاب وأهلنا يقولون (اللوم يجيب الجفا) . هبة (تكابس) الحياة وتأخذها عنوة ، ( مرة أخرى قانون البقاء).

خالدة أو لودي كما تحب أن يطلق عليها يشع من عينيها الذكاء وأكثرنا فطنة في تعلم لغة الفرنجة، وفهم تعاريج الأرض الجديدة. اٍنها تتعلم سريعا.

فاطمة (يمة) لا زالت بقلقها المعتاد وفي تقديري اٍنه ازداد حدة بعد غيابك. لا تعرف ما تريد وتود الحصول على كل الأشياء دفعة واحدة لا زالت تمتاز برقتها المعتادة، لماحة وفطنة مولودة بها. أحاول أن أفرد لها مساحة من الاٍهتمام كاتفاقنا على ذلك ولكني لا أجد وقتا.

هند بعنادها المعروف وذكاءها الحاد المستغل (عند الطلب) واعتدادها بنفسها تمضي بخطوات واثقة نحو المستقبل. هي تعرف ما تريد وبالمناسبة هي لا زالت على رغبتها القديمة في دراسة الهندسة.

سارة (سرورة) المسئولة، ثيرمومتر التوازن في أسرتنا، بجديتها، تفردها، رقتها، ذكاءها هي لا زالت الأولى حتى على أبناء الخواجات وكفى. لك أن تفخري بهم فهم يدرسون بامتياز ملفت ويساعدوني باقتدار في (مداقشة) الحياة.

أتدرين ماهو القاسم المشترك بينهن - هو العناد - وتلك هي آفة أسرتنا وبالمناسبة هل يورث العناد؟!

أستعيد كثيراً هذه الأيام حديثنا مع شقيقتي خالدة في (العمارات) أتتذكرينه ؟ رغبتها أن ننجب عدداً كبيراً من الأطفال ومناكفتي لها بأنها تطلب ما لم تفعله هي في زمانها ، أتساءل الآن مندهشاً هل كانت تدري حوجتي مستقبلاً بأن أرى وجهك متجدداً في أكثر من شخص ؟!!!

اٍنصاف، الآن جاء دوري للحديث عن نفسي. أمارس كل أنواع الاٍدارة من التجوال متنقلا بين مدارس البنات المختلفة حتى طهي الطعام وغسل الأطفال. كم أتضامن اليوم مع النساء وأحس بالخجل لافتقاري السابق للعدل والمساواة الحقيقية للنساء، هكذا نحن جنس الرجال دائما يأتينا التعلم متأخراً.

بالمناسبة نسيت شيئا طريفا لم أخبرك به، (هبة الله) تناديني (ماما بابا) أو كما تقول هي

Mami-Dadi. حاولت أن أصححها ولكن عجزت عن ذلك فتركت الأمر كما هو وكما تعلمين فهي مسألة تتعلق بالمفاهيم تزول بالنضج والمعرفة . أطهو كما يفعل (أجعص) الطهاة في الفنادق ذات الخمسة نجوم . سلمى علقت على ذلك بأنني أملك المؤهلات لفتح مطعم في (كندا) رددت على مزاحها بجدية (محامي طباخ ما جاية).

رغم تميزي في عمل الطعام لم أعد أذق له طعماً، أتناول وجباتي بميكانيكية التعود هل يمكنني التذوق وأنا وحيداً؟

باختصار أحاول والعيال في تصميم وعزيمة أن نخلق (هارموني) في حياتنا رغم قناعتي بعدم اٍمكانية استرجاع أنغام الأيام السابقة. هل هنالك شيئا آخر يجب اٍعلامك به، فقد أصبحت أنسى كثيراً في هذه الأيام فالهرم هنا يأتي مبكراً كالشتاء.

آه ... أسكن في غرفة ممتدة الأرجاء تسع لسكن عائلة بأكملها ! كم أحس بها خاوية، خالية، مسترجعة للصدى وباعثة للتوحش.

أخيراً أود أن أهمس في أذنك لا اٍنصاف بعدك في هذا العالم الرمادي متجهم القسمات . أود أن أطلب شيئا بسيطا. أطمح في الرد على هذا الخطاب. طلبي المتواضع يدخل في مفهوم العدل. فهل يا ترى أطلب مستحيلا !! ً


عدنان زاهر
صورة العضو الرمزية
نجاة محمد علي
مشاركات: 2809
اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
مكان: باريس

مشاركة بواسطة نجاة محمد علي »

.

الأستاذ عدنان زاهر،

دعني أشد قوياً على يديك، واحتضن زهراتك الرائعات.
ولتبقى ذكرى أمهن طيبة وعطرة.

نجاة

.
مصطفى مدثر
مشاركات: 935
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 10:26 pm
مكان: هاملتون-كندا

مشاركة بواسطة مصطفى مدثر »

"أتساءل الآن مندهشاً هل كانت تدري حوجتي مستقبلاً بأن أرى وجهك متجدداً في أكثر من شخص ؟!!!"
عدنان أنا هنا ولا يمسح دمعتي الاّ تماسكك وتفاؤلنا جميعا!!
مصطفى مدثر
صورة العضو الرمزية
عدنان زاهر
مشاركات: 287
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 8:52 pm

ردود

مشاركة بواسطة عدنان زاهر »

الأستاذة نجاة

الشكر على الكلمات الرقيقة. الحياة لازم تمشي ما عندها طريقة ولكن رغم ذلك يظل الحزن أنيسا.
عدنان


أخي مصطفى

التحية
الشكر أجزله على الكلمات المتفائلة.
عدنان
ÚãÑ ÅÏÑíÓ ãÍãÏ
مشاركات: 72
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 9:44 pm

مشاركة بواسطة ÚãÑ ÅÏÑíÓ ãÍãÏ »

عزيزى
الفاضل

عدنان


ان تكتب عن نفسك انت قوى.....ان تبكينا ثم تعالج دموعنا وتصبرنا بكلماتك...فأنت كبير......

شكرا ليك...
ãÍãÏ ÇáÌÒæáí
مشاركات: 329
اشترك في: الأحد مايو 15, 2005 10:06 pm

مشاركة بواسطة ãÍãÏ ÇáÌÒæáí »

.. .. .. .. ..
عدنان..
اطال الله عمرك لتتذكر ..
واطال الله عمرك لتربى ..
واطال الله عمرك لتروى .. وتحكى ..
واطال الله عمرك لتمنحنا الأندهاشه ..
واطال الله عمرك ونورها( بالبنات ) ..والله يرحم امهن رحمه واسعة..
وماتفقد تانى عزيز ياعدنان..
ولك الموده ..
والحب ..




.. .. .. .. ..
تخريمه ..
( الماعندو محبه ماعندو الحبه .. والعندو محبه ماخلى الحبه )
صورة العضو الرمزية
عدنان زاهر
مشاركات: 287
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 8:52 pm

رد

مشاركة بواسطة عدنان زاهر »

الاخ عمر
التحية والشكر اجزله
عدنان



الاخ محمد
لك الشكر. دعواتك مباركة
عدنان
زائر

مشاركة بواسطة زائر »

ÇáÚÒíÒ ÚÏäÇä
ÇáÊÍÇíÇ
ÏÇÑ Èíäí æÈíä ÇáÇÓÊÇÐÉ /ãäì ÚæÖ ÎæÌáí ÍÏíË ÚãíÞ Íæá ßÊÇÈÇÊäÇ Íæá ãä ÝÞÏäÇ æÚä ÇÍÒÇääÇ ÊÚáíÞÇ Úáì ßÊÇÈÇÊåÇ Íæá ÇáãÑÍæã ÇáÎáíÝÉ/ÚæÖ ÎæÌáí ¡ æßÇä ÌÒÁ ãä ÇáÍæÇÑ ÇääÇ Ýí ÇáÓæÏÇä áã äÌÊåÏ ßËíÑÇ Ýí åÐå ÇáßÊÇÈÉ ÇáããíÒÉ ¡ ÇäåÇ ÔíÁ äÍÊÇÌå ÈÔÏå Çä äßÊÈ ÏæãÇ Úä ãä äÍÈ ÇáÇÍíÇÁ ãäåã æÇáÇãæÇÊ Úä ÇÓÑäÇ ¡ Úä ÍíÇÊäÇ æÚãÞ ÇÑÊÈÇØäÇ Èßá æÇÍÏ ãä ÇÝÑÇÏ åÐ ÇáäÓíÌ ÇáÚãíÞ .
ãËáÇ áÞÏ ÑÍá æÇáÏí ÇáÓÑ ÊÇÈÑ ãäÐ ÇáÚÇã 1998 ¡ áã Çßä ãæÌæÏÇ åäÇß ÓÇÚÊåÇ ¡ ãÇÒÇá ÍÒäí ßÈíÑÇ æÇáãí ÇßÈÑ ¡ ÇÎÊÒä ßá ÚÈÑÇÊí ¡ Çáì ãÊì áÇ ÃÏÑí ¿ æáßä ÝÔáÊ ßá ãÍÇæáÇÊí ÈÇáßÊÇÈÉ Úäå¡ ãÇ Ãä ÇãÓß ÈÇáÞáã æÇÔÑÚ Ýí ÇáßÊÇÈÉ Úäå ÍÊì ÊÚÊÕÑäí ÓÍÇÈÉ ãä ÇáÍÒä æÇáÃáã áÇ ÃÞæì ÈÚÏåÇ Úáì ÝÚá Çí ÔíÁ Óæì Çä ÇÈßí ..
ÇáÊÍíÉ áß ÚÏäÇä
ÝáÞÏ ÌÚáÊ ãä ÍÒäß ÚáíåÇ .. ÊÌÑÈÉ ÊÚáãäÇ ãäåÇ ÌãíÚÇ Çä äÍÊãá ÇÍÒÇääÇ ..
áåÇ ÇáÑÍãÉ ..æíÏíß ÇáÕÍÉ æÇáÚÇÝíÉ æíÎáí áíß ÇãíÑÇÊß
ãÚ ÊÞÏíÑí
صورة العضو الرمزية
عدنان زاهر
مشاركات: 287
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 8:52 pm

مشاركة بواسطة عدنان زاهر »

الأخ أيمن تابر

التحايا والاعتذار على الرد المتأخر لظروف. ابتداءا الرحمة على الوالد العزيز.
دار نقاش في نفس الموضوع الذي تطرقت اليه مع بعض الأصدقاء ، وكانت الوجهة الغالبة التعبير صراحة عما نحس به. وفي رأيي تلك وجهة جديدة تناقض ما جبلنا عليه من كتمان العواطف ، كما تعني الوقوف ضد ( تابو) الحديث عما نحس به دون خجل ودون احساس بالذنب. اضافة الي ذلك لا يمكن استمرار الحياة بذلك الانفصام (دون تعميم) ، عالم للناس وعالم خاص مختوم عليه بالشمع الأحمر. مسألة غير معقولة ..مش كدة!
مع الشكر والتحايا
عدنان

هنالك مجموعة نصوص مرتبطة بنفس الموضوع وهي على التوالي:
1- (أم جركم) تتطلع لخريف آخر
2- الرسالة الثالثة
3- حنين
سأحاول نشرها.
أضف رد جديد