عثمان حامد سليمان و "الظلام"

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
ÃÈæ ÈßÑ ÓíÏ ÃÍãÏ
مشاركات: 318
اشترك في: السبت فبراير 04, 2006 5:08 pm
مكان: Dubai
اتصال:

عثمان حامد سليمان و "الظلام"

مشاركة بواسطة ÃÈæ ÈßÑ ÓíÏ ÃÍãÏ »

اعزائي سلام ... اصبح صبحي اليوم وفي بريدي كتاب .. احب ان اهدي كتابا لا تلفزيونا –رغم كثرة القنوات اليوم-.. اهداء الكتاب فيه صدق وحميمة وغير مداهنة واحترام لعقلك كبير ...حسبت المظروف في حجمه الصغير يحمل كاتلوجا وما اكثر البائعيين اليوم فتحته وشبه لي كاتلوجا بورقه المصقول وتصميمه الانيق بالوان ثلاث احمر واسود وابيض .. قصص "مريم عسل الجنوب يليها غناء في العدم"عثمان حامد سليمان " ... تذكرت انه "عثمان " لم اكن اعرف عثمان حتي الاسبوع الماضي رغم ثلاث عقود عشناها في بلد واحد .. كان وسيط العلاقة اقلنا غربة وعمرا احمد العربي .. لم اقابلهما وجها لوجه بعد ولكننا تخابرنا هاتفيا لمرات قليلة في الاسبوعيين الماضيين .. احمد العربي ربما راي في قارئا فهداني الي احد صناع القراءة ..عثمان كان مشغول كما ذكر لي بالسفر الي البلد وسافر ولكنه اهداني كتابا ..عثمان كا عرفت مصرفي قدير يكتب بمزاج هاوي وبدقة من يتعامل مع البنكنوت ولكنه "وصاف"تحسب جمله وحروفه لوحات مصورة ...
فور استلامي الهدية صرت اقرا ..(الكتاب مجموعة قصص قصيرة ).. قرات الاولي فاعجبت بها . القصة الاولي هي " الظلام ".. عثمان يصف الظلام في افعال للبشر مظلمة فتكاد ان تراه .. لست الا بقارئ ولا املك براعة النقاد في تشريح الحرف والجملة ولكنني اعجبت بما قرات واردتكم ان تشاركوني
________________________________________
الظلام
-----------------------------------------------------------
شمس ضامرة أخرى هذا الصباح تستند على قوانم متمالكة .
بيوت المدينة ساكنة في الرماد، الشوارع مسكونة بالعتمة ، الحواvي بالنحيب المتقطع والنسيم غريب الدار.
رضعت ليلى من أثداء الظلام وتقرفصت وحيدة في قعر الدار.
طرقات خفيفة كأنها الفاجعة تزحف على خشب الباب ، كالمكيدة تكمن خلف الأعمدة . نهضت أمها الكفيفة وهي تتحامل على قوائمها . نفضت عنها غبار الفيبوبة . كانت ليلى تقف متحفزة عند الردهة الأمامية ينحدر بصرها نحو الجدار الذي يجرحه الباب .
انساب فيض من الضباب وتململ الهوا ء المموم ، فرنت ليلى إلى فرجة الخشب ، وعندما لمحته في حلته السمراء توارت مسرعة إلى الداخل .
بدا الطارق في وقفته الوجلة وكأن الحرب قد لفظته ، بالغبار على سترته ، كأنه ذبابة الخندق ، كأنه جريح عابثة القناصه ومثلوا به في احتفال الرصاص والقنابل .
"ديفتح بوابة الذاكرة بعد أن نفاه القادة عن وليمة أوسمة
الذهب وأخرجه الجنود من احتفال نجوم الفضة .
تدخل أسرابه كترياق المدافع وهي تسقط دخانها فوق ملاجئ العدم . ينفر من ذاكرته كقاتل يتشبث بعظامه يحاصره الفراغ
يهرب شهوده من أمامه وهو يترافع عن مهمة الصدى والوجوم . يبدو كمن طحن المغيب نهاره فأصبح من طرائد
اليأس ، يرمي سهام الرماد على منازل العرس وتسقط أشلاؤه في . مجاهل الرمل .
الحرب تضرم الهذيان فيشتعل مسرح الغابة بحمى السنابل
ويفر الطير من الأوبئة . يقود القاتل موته فوق جثة القتيل "
كان للطارق عينان صخريتان ، ربما فولاذيتان . لكن هذه
السيدة لا تبصر، إنها كفيفة كثيرة التوجس ، تعي الصمت
وتستظل بشجرته العالية . مضى عليها أكثر من عشرين سنة وهي ساهرة لا تنام تستشعر الهواء الداخل بقرنيها الخبيئين
- تصوب أنبوب أنفها على شقوق خشب المدخل ، لا يهدأ شهيقها، لاتغفو وهي تحرس بابها .
تشممت عتبات دارها ومدت أذنيها تتسمع الخربشات على خشب الباب
أما الفتاة ليلى، فقد كانت جوهرة الدار، يبت ق حسنها في عيني أمها الكفيفتين ، كانت ترفل في حرير الغواية ، زهرة نارية تحرق قلوب الفتيان . تفتحت براعمها الحلوة في أكباد الغزلان . جسدها لدن كطينة الينابيع الأنثوية الطيعة ، نضرة كسنبلة البهاء في رداء الفل والياسمين ، تتدلى عناقيد الأعناب والرمان من أفصانها الريانة ، كوكب ساطع ومضيء في عليائه . طير غريد يتفنى بعافية الفجر الطالع ، حديقة كبيرة أزاهيرها مغموسة في الندى البهمج .
كانت الفتاة ليلى لا تخرج من دار أمهاكثيرأ ، كانت تخشى النظرات التي تخدش رقتها وخفرها ، تفر من تربص الفتيان بها وتفزع من الوقوع في حبائلهم ، كانت ترى عند كل منعطف فخأ منصوبأ ، فالعيون لا تففل من حسنها الباهر، وكانت هواجسها تصور لها وثوب غاصب بليل .
الباب قلق بهرج الطرقات . بيد مرتعشه فتحت الام بابها فباغتها الواقف خلفه بجماع كفه تدحرجت منكفئة اثر تصاعد اللطمة الصاعقة علي صدغها.
خطا فوق جسدها الهامد، كان يحسب أن الحياة قد فارقته . لم يترجل من صهوة الرغبة ، أسرج جوادأ أصهب . تراجعت ليلي وهي تلوذ بحصون من وهم
انتشرت حمى انتباه الجسد، توترت أقواس واشرأبت نوايا نفثتها تلافيف مشحوذة كالخناجر. أياد مروحية تدور ثملة. مناجل مسننة تشتاق لقطف فاكهة طازجة وحلوة . جسد يقظ يفصح عن عداء ويصرخ بالشرور، يشهر سيفه الشبقي ليقطر به رقابأ محرمة .
ركض إليها شاهرأ خنجر المجون ، استدارت لتحتمي بالأركان ... حطم أسوارها ومزق الأستار، انقض عليها كذئب لاهث . قاومت اكتساحه بأظافرها وأسنانها ومنعت لنفسها دفاعات ، لكنه أحكم عليها حصار المذبحة المجنونة ، أشعل فوقها نيران عراكه ، اقتنصها بسهامه الجارحة فغرقت ، مزق ثوبها في النزيف .
تساقطا معأ ، هي في العري والامتهان ، وهو في استراحة الأوردة المهتاجة .
هبط طائر السكون ، خرجت أبواق الضجير من هيئتها ودخلت
في معطف الصمم ، هوت الفرفة في بئر الصمت بحوائطها
الظلام جوف ابن أوي وبوابة الطين الأعمى.
الظلام سقوف تطبق على أرضياتها بقرات سوداوات بلغت
سن يأسها وتيبست ضروعها .
الظلام نقيض حسنها ، نقيض العصافير، الزهور وااحفيف .
الظلام ثوب من القطران ، دلاءه مملؤء بالهواجس
على بعد خطوتين من المذبحة نهضت أمها ، قامت من انحنائها ، انطلقت شرارات من عزيمة الجمر، طقطقت النار، كشرت النمرة العمياء عن أنياب كالحراب المسنونة ، أشهرت أظافر ظامئة تشتاق للدم ، عوت عوا ء طويلأ ومجروحأ . دهمته كقاطرة حديدية تندفع بقوة مجنونة . اكتسحته بأعصايرها الغاضبة . عندما ارتطم الجسدان ، أنشبت أصابعها في عنقه وشددت قبضتها على خناقه ، كزت أسنانها . لا فكاك ...تلجلج وارتج جسده متراقصأ .
هل مات ام هي تستميت في خنقه؟
بدأ يهبط متأرجحأ بين ساعديها ، هوى على صدرها ، كأنه
معلق بها، كأن قامته قد ارتسمت في حضنها .
اخذ جسده يتقلب في تلاحمه بجسدها كمن يريد ان يتوحد بها. لفظ اخر انفاسه مات هناك وهي مدهوشة فزعة وهو قابع بلا حراك يسبح في خضم حبر ظلامها الاسود يشد جسدها الي اسفل يكاد يطيحها بثقله بدات تحس الما مبرحا جسده المتعلق بجسدها ينغرز كانه نصل يمزق اوصالها
انفطع أنبنه وتلاشت رويدأ رويدأ ريحه .
عندما خرجت أمها إلى الطريق كانت ترتعش من الحمى وكانت السموم تدخل مدية الريح في رئة المدينة فتنفتح لها بوابات الجهات الأربع ، نثار، اقتحام ، هبوط وايلاج في الأنقاض البائسة البرصاء.
جلست المدينة على خاصرة النهر وقد غادرتها الخضرة والنضار وزحف الاصفرار على بريتها . جبينها مجدور وعرباتها العريانة تستلقي على أسرة طرقاتها الموبوة ، تقاطعت أرتالها الأولى. تقافزت حسراتها البكماء صوب الهاوية ، تظاهرت باشتعال الغبار وأسقطت أشجارها أجنة الظل ، فعكرت نهار الحديقة ، تعاقب عليها ليال ونهارات كثيرة ة وبللت أقدامها مياه النهر الكبير.
بركة ماء مسورة بالعشب بصقها النهر، كراكي وبجعات وطيور ملونة لحتقط ديدان الطين . الجسر الحديدي يظلل النهر الهادئ، ينعس على دهانه الأخضر الباهت .
تتفتح أرحام النهر الهادئ تستقبل لقاحات الطمي الأزرق على مشهدة من الصيادين والأسماك . يخرج أطفال سمر يتعابثون بالأحبال السرية والشباك البيضاء وبأشرعة المراكب وبالخشب الطافي فوق الماء.
على رقعة متهتالكة من أرض طينية مرتجفة ، شمالأ على مرمى من رؤية النهر والمدينة ، أقعت أم ليلى وأناخت بحملها الذي اهترأت أطرافه وتساقطت . تأوهت ، فامتلات عيناها بالدمع .فاضتا . بكت جسدها الذي أخذ في التصدع ، جروحها المفتوحة النازة ولهاتها التي تشققت .
خرجت به إلى الطريق وهي تحمله وشاحأ بشعأ وتأتزر بجسده الذاوي.
هيأ بموته استعراضأ للمارة الذين خرجوا من أقنعتهم لشوارع المدينة ومسحوا جفونهم بزيت الدهشة .
سفحت عافيتها وهي تخطو به تسبقها عيون الفضول ترقص في محاجرها . يستجمع الصبية المشردون بعض البذا ءات وتقافزون من قدامها ومن خلفها ، كأنهم طيور يتيمة تنقب عن أعشاش الشمس.
هي ماضية بحملها تؤوي قيحأ في منطاد، تنتفغ بموت الذي تحمله بين ذراعيها ويتورم جسدها يصبر أسيرأ للتفسغ .
كانت تتجول وفي قيادها رعب الجسد البارد المتحلل ، تحاصرها دهشة المارة وأسئلتهم المعلقة ... اصطبغ جلدها بحناء الجثة والتصاق لحمها الصمفي النتن الذي يطعنها بأشواكه.
عادت تنشد لروحها ، تقغ على مزمار الدمع والنهنهات المتقطعة
"خبئي يا بنيتي بذرة الذعر التي ستنتفغ في أحشامك ،
خبئي لهاتك،
خبئي انهيارك ،
جثته تنتفغ هناك في العراء بعد أن رأها أهل المدينة ، قابعة . أنت في قعر الدار تنزفين من اعتداء أشيائه .
سنعود معأ للجهر بالرائحة , نسدل الأمس لسكون النهر، لتحلل نسيج الماء, لاضمحلال القمر, لتكلس الشمس ،
لتوحش النجوم ولخيانات الظلام ».
abubakr sidahmed
Blogger:sidahmed.blogspot.com
أضف رد جديد