فيما وراء الفرحة

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
عادل القصاص
مشاركات: 1539
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 4:57 pm

فيما وراء الفرحة

مشاركة بواسطة عادل القصاص »

فيما وراء الفرحة


من الطبيعي، بالنسبة لي على الأقل، ألا يمر قرار تعيين قُصي همرور مديراً لمركز البحوث والاستشارات الصناعية – وفي هذا الوقت بالذات – بغير شبهات.
منذ هرولته نحو المنصب، وهي الهرولة التي خرقت مبدأ قحت القائل بإمتناع عضويتها القيادية عن المشاركة في الحكومة الانتقالية، لم أستبشر خيراً بمدني عباس مدني. طبعاً لم يفاجئني ذلك السلوك من أحد قيادييْ قحت، التي يكمن أحد أسباب رجرجتها، كجسد تنظيمي سياسي ملفَّق، ذي قيادات يغلب عليها المتهافتين، في مثل هذا القيادي. بل، أكثر من هذا، إنني أزعم أن بعض – إن لم يكن جُل – ترشيحات قحت لـ (وموافقتها على) بعض أعضاء الطاقم التنفيذي الأعلى للحكومة الانتقالية جاء متسقاً مع حساسيتها السياسية المتدنية. ففي النهاية، الجود بالموجود.
وُلِدَت الحساسية السياسية لمدني عباس مدني في إطار "حركة الطلاب المحايدين" في جامعة الخرطوم. وثمة أسباب موضوعية أدت لنشوء هذا الحركة في منتصف ثمانينيات القرن المنصرم، ككيان طلابي ذي أولوية – حصرية تقريباً عند تأسيسه وردحاً من سنواته الأولى – على تحسين الشروط الداخلية (ذات الصلة بالخدمات) للبيئة التعليمية لطلبة الجامعة، عبر روابط الكليات. في هذا المضمار، قدمت حركة المحايدين إنجازات نالت تقديراً عالياً في محيط الجامعة، لا سيما بين منتصف ثمانينيات ومستهل تسعينيات الألفية الماضية. ولأن العناصر التكوينية للحركة كانت خاليةً، عند التأسيس وردحاً من السنوات الأولى، من عنصرٍ و/أو تقليدٍ ظل سائداً في الحركة المطلبية الطلابية السودانية داخل الجامعة، هو العنصر/التقليد السياسي – وذلك في وقتٍ كانت فيه (وما تزال طبعاً) التنظيمات السياسية الطلابية داخل الجامعة (كما غير الطلابية خارج الجامعة) تعاني من فقر في الرؤية والممارسة السياسيتين – فإنها – حركة الطلاب المحايدين – كانت موقعاً للتكالب السياسي، لا سيما من قِبَل "الجبهة الديموقراطية" و"الإتجاه الإسلامي".
ولما كان الواقع العام للبلد يقتضي، عقب إنقلاب 1989، استنهاض إرث المقاومات السياسية المتعددة، بما في ذلك إرث الحركة الطلابية، ورغم أن حركة الطلاب المحايدين نشأت بهدف تحييد الحركة الطلابية سياسياً، إلا أنها – حركة الطلاب المحايدين – استجابت لواجب المرحلة، حيث انتزعت – للمرة الأولى منذ عدة سنوات – اتحاد طلاب جامعة الخرطوم من الإتجاه الإسلامي عام 1991.
على أن المهم من ذلك ما يتصل بالخلفية التكوينية السياسية لمدني عباس مدني. فالمرجح أنه كان ينتمي للتيار السياسي-الآيديولوجي، المتأثر بنزعة دينية محافظة، داخل حركة الطلاب المحايدين. من اللافت أيضاً أن النظام السابق (وليس البائد) ترك منظمة "نداء" التي أسسها ويرأسها مدني دون المضايقات والعوائق المعهودة التي درج على وضعها في طريق عمل المنظمات الطوعية، غير ذات الصلة بالنظام. أضف إلى ذلك، ثمة ما يثير الريبة في الهدف من وراء تعيين أحد المواطنين – من الفاعلين في لجان المقاومة بالأحياء، الذي درج على توجيه انتقادات متوالية لطريقة عمل وزير الصناعة والتجارة – في هذه الوزارة؛ حيث كانت النتيجة أن أقلع هذا المواطن عن نقده.
أعرف أشخاصاً، يشتركون مع قصي في التأهيل الأكاديمي الرفيع، الخبرة المهنية، وميزة النقد المنهجي الإستراتيجي للحكومة الانتقالية، عُرِضَ على أحدهم أكثر من منصب مماثل ومنصبين آخرين أرفع (وهو، شأن قصي، مؤهل للأرفع منها جميعاً). غير أنه لم يستجب لأيٍّ من المناصب التي عُرِضَت عليه لأنها، بحسب نظرته، تجعله مجرد مُنفِّذٍ لسياسياتٍ طالما ظلَّ ضدها. بكلمات أُخَر، المناصب التي عُرِضَت عليه لا تُجلِسه – رغم الأهمية التي تبدو عليها للوهلة الأولى – على طاولة إتخاذ القرارات المصيرية و/أو تحديد السياسات الإستراتيجية (البديلة لما ظلَّ ضده). كما أبدى هذا الشخص ملاحظة حول تعارض بعض الوظائف التي طُرِحَت عليه وعلى آخرين مع الأسس العادلة للعرض، أي أنها لم تُطرَح للمنافسة النزيهة عبر إعلان عام عنها. مجمل القول، ما كان عصياً على هذا الشخص أن يتبيَّن وجهيْ العُملة الواحدة لما عُرِضَ عليه: (1) تجميل وجه حكومة ذات ارتباكات وتعثرات متزايدة (والأرجح أن تستمر هكذا) تسببت فيها خيارات إستراتيجية ليست سديدة، و(2) إسكات صوته النقدي.
منذ نقده المنهجي، الإستراتيجي المواظب، للبروسِّس الذي قاد إلى تكوينها، ظل قُصي، أيضاً، ناقداً مثابراً لأوجه عديدة للحكومة الانتقالية. بل إنه توصَّل، عبر أكثر من تلميح وتوضيح، إلى أن "الثورة قد سُرِقَت"؛ كما سبق أن نبَّه إلى أن القائمين على أمر قيادة التغيير يفتقدون التأهيل ولم يكونوا جاهزين.
والآن هو داخل على وظيفةٍ (أو "ورطة"، كما نعتها هو بدقة مثالية) تعمل في سياق يتحكَّم فيه، أكثر ما يتحكَّم، "سارقي الثورة"، البائنين والمتخفين، وممن يفتقدون التأهيل والجاهزية. هو داخل على وظيفةٍ أحد أبرز خصائصها – بحكم طبيعتها التكوينية – لا تضعه حول طاولة إتخاذ القرارات بشأن تحديد السياسات الإستراتيجية، وإن وضعته في موقع له طبيعة استشارية وتوجيهية (غير مُلْزِمة في أغلب الظن).
من المعروف أن الوزير الذي عيَّن قُصي في هذا المنصب لا يملك ربع المؤهلات التي يحتازها الأخير، والتي تؤهله ليكون وزيراً كفؤاً للصناعة. فلماذا لم يتم تعيينه كوزير دولة بوزارة الصناعة والتجارة، أو، على الأقل وكيلاً لها، إذ هذه هي المناصب التي يمكن أن تجعله يتمتع – بنسب متفاوتة – بفاعلية ذات صلة عضوية برسم السياسات وتحديد الإستراتيجيات؟
كما من المعروف أن الوزير تعرَّض، بدءً من تهافته على المنصب الذي يشغله الآن إلى معظم (إن لم يكن طوال) فترة عمله، لإنتقادات عريضة خاصة بأداء وزارته. فهل القصد، من وراء تعيين قُصي في هذا المنصب، تحسين صورة الأول، المساهمة في تجميل وجه الحكومة وإسكات الصوت النقدي للأخير؟
آخر تعديل بواسطة عادل القصاص في السبت مارس 28, 2020 1:42 pm، تم التعديل مرتين في المجمل.
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

قصي همرور مالو؟

مشاركة بواسطة حسن موسى »



سلام يا عادل
كتبت:
"..منذ نقده المنهجي، الإستراتيجي المواظب، للبروسِّس الذي قاد إلى تكوينها، ظل قُصي، أيضاً، ناقداً مثابراً لأوجه عديدة للحكومة الانتقالية. بل إنه توصل، عبر أكثر من تلميح وتوضيح، إلى أن "الثورة قد سُرِقَت"؛ كما سبق أن نبَّه إلى أن القائمين على أمر قيادة التغيير يفتقدون التأهيل ولم يكونوا جاهزين.
والآن هو داخل على وظيفةٍ (أو "ورطة"، كما نعتها هو بدقة مثالية) تعمل في سياق يتحكم فيه، أكثر ما يتحكم، "سارقي الثورة"، البائنين والمتخفين، وممن يفتقدون التأهيل والجاهزية. هو داخل على وظيفةٍ أحد أبرز خصائصها – بحكم طبيعتها التكوينية – لا تضعه حول طاولة إتخاذ القرارات بشأن تحديد السياسات الإستراتيجية، وإن وضعته في موقع له طبيعة استشارية وتوجيهية (غير ملزمة في أغلب الظن).
من المعروف أن الوزير الذي عيَّن قُصي في هذا المنصب لا يملك ربع المؤهلات التي يحتازها الأخير، والتي تؤهله ليكون وزيراً كفؤاً للصناعة. فلماذا لم يتم تعيينه كوزير دولة بوزارة الصناعة والتجارة، أو، على الأقل وكيلاً لها، إذ هذه هي المناصب التي يمكن أن تجعله يتمتع – بنسب متفاوتة – بفاعلية ذات صلة عضوية برسم السياسات وتحديد الإستراتيجيات؟
كما من المعروف أن الوزير تعرَّض، بدءً من تهافته على المنصب الذي يشغله الآن إلى معظم (إن لم يكن طوال) فترة عمله، لإنتقادات عريضة خاصة بأداء وزارته. فهل القصد، من وراء تعيين قُصي في هذا المنصب، تحسين صورة الأول، المساهمة في تجميل وجه الحكومة وإسكات الصوت النقدي للأخير؟"



يا عادل لا يغيب على فطنتك ان منصب الوزير منصب سياسي و كمان ـ في محل السياسة ـ قالوا:"العندو ضهر ما ينضرب على بطنو". و السيد الوزير دا، زيو و زي اخوانو، جابهم للوزارة ضهر اقوى من ضهر أخونا قصي همرور. لكن أنحنا احسن لينا يكون مدير مركز البحوث و الإستشارات الصناعية زول زي قصي همرور بدل ما يجينا واحد من حزب العنقالة إياه.عشان قصي دا انحنا شايفنو و متابعين تفاكيره و بنثق في احكامه و سلامة حسه و لو اختلفنا معه. و هو زول حريف مافي زول يغشو في شغل السياسة السودانية. و كمان لو غلّط علينا يوم بنمشي نشتكيه لتماضر تقعدو في علبو بواحدة من عباراتها القواطع.
سأعود
صورة العضو الرمزية
الصادق إسماعيل
مشاركات: 295
اشترك في: الأحد أغسطس 27, 2006 10:54 am

مشاركة بواسطة الصادق إسماعيل »

حول التعيين بمركز البحوث والاستشارات الصناعية
(Industrial Research and Consultancy Centre - IRCC)

مساء 19 مارس، تم الإعلان عن خبر تعيين شخصي في مركز البحوث والاستشارات الصناعية (وهذا اسمه الذي أعرفه - وسنسمّيه اختصارا "مركز البحوث" في بقية هذا المكتوب)، وهو وفق معلوماتي مؤسسة "شبه حكومية" (parastatal)، أي تتبع لهيكل القطاع العام للدولة لكن تحظى باستقلالية نسبية عن الوزارات والمؤسسات السيادية، ويُفترَض بها - أي المؤسسات شبه الحكومية، أو الموازية للدولة - أن تكون أذرعا استراتيجية تستثمر فيها الدولة لخدمة أجندة قطرية، تنموية وهيكلية معيّنة، لا تقتصر على القطاع العام فحسب وإنما تتفاعل مع بقية القطاعات الفاعلة في البلاد (كالقطاع الخاص والمجتمع المدني، وأحيانا بعض الشركاء الدوليين والإقليميين). بالنسبة لمركز البحوث هذا، فهو يعد الذراع الفني لوزارة الصناعة والجهة الرسمية للاستشارات الصناعية للقطاعين العام والخاص، أي أنه يشتغل على البحوث والتطويرات المعنية بتحسين أوضاع الصناعة في السودان، بكافة محاورها. في هيكل الدولة العام، يتبع مركز البحوث هذا لوزارة الصناعة والتجارة (بخلاف الكثير من مراكز البحوث الأخرى المماثلة له والتي تتبع لوزارات أخرى أو أحيانا لمجلس رئاسة الوزراء مباشرة).

خبر التعيين صحيح، وقد أتى وفق فحص للسيرة الذاتية والمؤهلات المتصلة بالمهام المتوقعة، وهو وظيفة فنّية وإدارية تقوم على مسؤولية العمل مع فريق المركز (من باحثين وفنيّيين وإداريين وغيرهم) لاستيفاء المركز لأهدافه بما يساهم بدفع عجلة التنمية الصناعية في البلاد قدما، بالتنسيق مع الفاعلين المعنيين في كافة البلاد. الاختيار يأتي من وزارة الصناعة والتجارة (تحديدا من الوزير)، ويبدو في هذه الحالة أن التصديق على قرار التعيين يأتي من رئاسة مجلس الوزراء.

للمزيد من المعلومات العامة عن مركز البحوث والاستشارات الصناعية يمكن الاطّلاع على هذه الوصلة: https://www.sudaress.com/suna/1019972

في هذه الظروف، ووفق هذا السياق، أحب توضيح مسائل مهمة، للجميع:

أ/ مراكز البحوث والاستشارات، بطبيعتها، أماكن للفحص والتقييم الموضوعي والتأهيل الفني، والنظر في المدى الزمني المتوسط والبعيد للقضايا المعنية (في أغلب الأحوال، إذ لا تنظر في القضايا ذات المدى القصير إلا في حالات نادرة)، لأن طبيعة البحوث مجملا أنها لا تؤتي خلاصاتها في إطار زمني سريع. تتنوّع تخصصات مراكز البحوث وعلاقاتها بسلطة الدولة، لكن تخصصات هذا المركز واضحة ومفهومة، ومستوى استقلاله من الحكومة نسبي لكن مهم لفهم وضعه.

ب/ مراكز البحوث والاستشارات ليست مراكز صنع قرار، لكنها تمد صنّاع القرار بالذخيرة المعرفية الخبيرة وبالتوصيات المبنية على الدلائل المعرفية (evidence-based policy recommendations). أحيانا، وحسب السياق، يلعب من هم في قمة هذه الهياكل دور الاستشاريين والناصحين (advisors) لصنّاع القرار ومقرري السياسات في الدولة في قضايا تتعلق باختصاصهم. بنفس القدر، تقدم مراكز البحوث استشارات وتوصيات عامة، على مستوى المجتمع والقطاعات الإنتاجية المعنية. كل قنوات الاتصال هذه (مع صناع القرار ومع المجتمع) تتطلب قدرات اتصالية في شرح وتبسيط المسائل الفنية ثم تقديمها لأصحاب المصالح (stakeholders) في باقات يمكنهم الاستفادة العملية منها. وفق ذلك، فإن جانبا مهما من مراكز البحوث هو جانبها الإعلامي/المعلوماتي العام.

ج/ مثل حال الكثير من التعيينات غير السياسية في القطاع العام وشبه العام، هنالك شروط مهنية على المرشحين استيفائها، ثم هنالك عوامل اختيار تتنوّع بين ملء فراغات الكفاءة المماثلة في مؤسسات متعددة في البلد (مثل الجامعات ومؤسسات البحوث الأخرى) وبين انشغال بعض الكفاءات الأخرى في مناصب أخرى (أو وجودهم خارج البلاد في التزامات قد لا يستطيعون أو لا يريدون تغييرها حاليا). وفق كل ذلك، ليس المجال مجال افتراض بأن منصب إدارة مركز بحوث كهذا يعني أن صاحبه أفضل شخص في هذا المجال في البلاد، أو شيء من هذا القبيل. هي فقط عملية استيفاء شروط ضمن عدد محدود من المرشحين الذين تجاوزوا تصفيات معيّنة وأبدوا استعدادا لقبول المهام وتحمل مسؤوليتها. كذلك، باعتباره مساحة بحوث وتطوير، فإن نجاح مركز البحوث في استيفاء أهدافه يعتمد على فريق كامل من الكفاءات والخبرات التي تعمل سويّا بقدر مطلوب من التناغم والتفاهم.

د/ بالنسبة لي، فهذا النوع من مراكز البحوث مألوف، إذ منذ العام 2013 وأنا متّصل في العمل مع مراكز مثله حول افريقيا عموما، وخاصة في تنزانيا. كذلك، في العام 2016 تحديدا قمت بمسح واسع لهذه المراكز في تنزانيا وكينيا وماليزيا، مع مسح أكبر للكتابات والبحوث المتنوعة عنها دوليا، ضمن مشروع أسفر عن إصدارات بحثية حول تاريخ وهياكل هذه المراكز في البلدان النامية وقدراتها في رفد أجندة التنمية الصناعية في بلدانها وأقرب السياسات العامة نجاعة في جعل هذه المراكز تؤدي مهامها على أفضل وجه. علاوة على أني أعمل في مركز شبيه بهذه المراكز ولصيق بها منذ ثلاث سنوات (خارج السودان).

هـ/ كمواطن سوداني، لدي آراء ومواقف سياسية واجتماعية وثقافية معلنة، ليس في الأوضاع العامة للسودان فحسب وإنما في السياق الحالي تحديدا كذلك. مواقفي وآرائي هذه لم تتغيّر، وهي معروضة كما هي في مواضعها. من الناحية الأخرى، هذه الوظيفة العامة محددة فنيّا وإداريا في مهامها، وأنا ملزم، بعد قبولي بها، بالالتزام بإطار مهامها، قانونا وأخلاقا. سأعمل جاهدا على أن لا أخلط بين مساحات العمل والرأي بما يضر الغايات الصحاح والمصالح العامة وأخلاق المهنة. منذ بضعة أشهر، وقبل أي بوادر لهذا التعيين، سجّلت كذلك موقفا عاما حول إمكانية قبول توظيفات كهذه في هيكل الدولة الحالي، في هذه المرحلة، وفق شروط ذكرتها وأعتقد أن هذا التعيين يستوفيها. من تلك الناحية صرت أمام استدعاء لمحاولة الربط بين التنظير والتطبيق، لم أسع لها ولكن لا أستطيع تجاهلها.

و/ الشيء الطبيعي في مثل أوضاع التعيين هذه، ونظرا لكوني جديدا على مركز البحوث هذا تحديدا، وعلى العمل في ظروف السودان الحالية، هو أني سأقضي فترة مقدّرة من محاولة استيعاب الأوضاع، والاطّلاع على المادة المتاحة حاليا والتعلّم ممن هم في الميدان، في القطاعات المختلفة، واستيعاب حجم مركز البحوث وقدراته والتوقعات التي تحدد قنوات عمله. كذلك ينبغي لي بناء ألفة مع الأجندة العامة في السودان حاليا حول آفاق الصناعة والتنمية الصناعية في البلد. لا يعني ذلك أني خالي الوفاض تماما من رؤية واستراتيجيات وأدوات أنوي المساهمة بها ولكنها حاليا ينقصها الاتصال الكافي بالواقع السوداني كما يجب. لذلك، في الفترة القادمة، والتي تتجاوز الشهر وأكثر، لا أتوقع أن يكون بمقدوري تقديم أي تصريحات أو تعميمات واثقة، سواء للإعلام الاجتماعي أو الرسمي، حول هذه المهمة. أرجو تفهّم ذلك.

ز/ في الأوضاع العادية، ما كنت بحاجة لأن أذكر هذا، لكن الأوضاع الحالية غير عادية، ولذلك ينبغي أن أقول الآتي: هذه الصفحة، وصفحات أخرى خاصة بي على منصات الانترنت، كانت دوما خليطا بين القضايا العامة، الجادة، والمساحة الشخصية. لا أنوي تغيير ذلك المنوال ولا أجد أني مضطر لذلك حاليا. لست في وظيفة دستورية أو سيادية أو تعيين سياسي، كما لست شخصية ذات تأثير اجتماعي أو سياسي واسع في المجتمع السوداني عموما؛ وأحب أن احتفظ بالقدر الممكن - قدر الإمكان - من مساحتي الشخصية المعتادة والممكنة في هذه المنصات. ينبغي أن تكون هنالك منصات مؤسسية مختلفة للتواصل بين مركز البحوث وبين المهتمين من الجمهور وأصحاب المصالح.

ح/ لا شك عندي أن أي مهمة، ذات مسؤولية عالية نسبيا، في الدولة السودانية، في هذه الفترة، هي عبارة عن ورطة وامتحان عسير أكثر من كونها تشريفا، بالنسبة لأي شخص يهمه أن يبقى مخلصا لقيم عليا، كما لست ممن يجيد الخطاب التفاؤلي والتطميني، ولا أرى أن هذا مكانه. قبول هذا التكليف لم يكن قرارا سهلا، على المستوى الشخصي، ولست واثقا من أني اخترت الخيار الصحيح، وقد أنجح أو أفشل في هذه المهمة (أو ربما يثبت أن قرار قبولي كان خاطئا وحينها عليّ تحمّل مسؤوليته والتصرف الصحيح وفق تلك الخلاصة)، لكني حتى الآن واثق من القراءة المنطقية والأخلاقية والتهيؤّات المهنية التي جعلتني أقبل خوض التجربة. أتوقع تحديات حقيقية، وأرجو أن لا أفقد بوصلتي أثناء خوضها. يضاف لذلك فإني لا أربط نجاح أو فشل مركز البحوث في مهامه في المرحلة القادمة بشخص واحد، وعلى ذلك فإني أفضّل النظر له على أنه مركز صاحب دور محوري ومفيد في المرحلة الحالية والمراحل المستقبلية، وأرجو أن أكون مفيدا لهذا المركز ولأهدافه أو، إذا لم أستطع أن أكون مفيدا، أن لا أكون عقبة أمام تحقيقه لتلك الأهداف. المجاهيل كثيرة. سنرى.

ختاما، سأعمل جاهدا على عدم تخييب ظنون من أحسنوا بي الظن - وتلك ورطة كبيرة كذلك - كما أرجو أن أستطيع استيعاب كل ما يفيد من نقد أو مناظير مغايرة تبغي نفس المطامح الإيجابية لأهل السودان.

قصي همرور
صورة العضو الرمزية
عادل القصاص
مشاركات: 1539
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 4:57 pm

Re: قصي همرور مالو؟

مشاركة بواسطة عادل القصاص »

حسن موسى كتب:

قصي دا انحنا شايفنو و متابعين تفاكيره و بنثق في احكامه و سلامة حسه و لو اختلفنا معه.

والله يا حسن أنا برضو واحد من أكتر الناس - وأظنك عارف، يشهد المنبر ده - حفاوة بقصي وتفاكيره (وإن اختلفت معه في بعض الجزئيات أو بعض محاولات التوطين) ومن أكثر متابعيه انتظاما. وبرضو كنت - وما أزال - من أوائل من ابتهج بخبر تعيينه ومن أوائل مهنئيه وداعميه (وعنوان المقال ده جا مخصوص كده للتذكرة). والحقيقة فكرة المقال كلها جات عشان التذكرة: إنو داخل على عالم مليان ضهور ما حقتو. ولو قريت تهنئتي بخبر تعيينه ومحاولتي الأولى للتأمل فيه، حتلمس خيط أسى، حذر وتنبيه (أزعم إنو في المقال ده برضو موجود): الحكومة دي كل يوم بتثبت إنها ما حقتنا. دي حقت (قحت؟) ناس تانين يا حسن، وإنت برضو عارف كده. عندنا فيها شويه ناس، لكن ما كل الناس، زيما المفروض، وحتى ما عندنا فيها معظم الناس. ولو كان تم تعيين قصي في صف وبصلاحيات الناس الحقننا، كان الزول بكون أكتر اضمئنانا وأقل توجسا. وقصة الحكومة دي كل يوم بتثبت إنها ما حقتنا، قصي مش عارف ده وبس، بل ساهم - بعينه الإستراتيجية - في إنو نتوصل لي ده. والهاجس لأنها ما حقتنا اختارت تعينه هنا وفي الوكت ده لأنو أزعجها شديد، بالذات لأن نقده لاقي قبول واسع ومتزايد، من الشباب بالذات. واحد من أصحابنا المشتركين قال لي ما معناه: نكنكش في الوظيفة الأدونا ليها دي ونمشي لقدام. قلت ليهو: ياخي دي حاجة محزنة ومؤلمة إنو الحكومة دي حولتنا لشحادين لحقنا.

صورة العضو الرمزية
عادل القصاص
مشاركات: 1539
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 4:57 pm

مشاركة بواسطة عادل القصاص »

شكرا جزيلا أيها الصديق الصادق على مناولتك لهذا البيان الشخصي، الذي أصدره قصي، بُعَيد تعيينه. فهو حقا مفيد في هذا السياق لأنه يلقي ضوءا على المركز وطبيعته، طبيعة صلته بالحكومة، موائمة إمكانيات قصي له، كما موقف قصي من الوظيفة والحكومة نفسها.
أضف رد جديد