الحجر الفكري

Forum Démocratique
- Democratic Forum
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

الحجر الفكري

مشاركة بواسطة حسن موسى »


الحجر الفكري بتاع السيمت


" الأشياء القليلة التي اعرفها أدين بها لجهلي"
(ساشا غيتري، مسرحي فرنسي ،1885 1957)ـ



قرأت في ثنايا فيس بوكو حرام نقدا للفيلم التوثيقي عن سيرة الأستاذ محمود محمد طه.النقد يحمل توقيع الأستاذ بدر الدين السيمت. عن "مركز دراسات التأويل"8 يونيو 2020.
استرعت انتباهي في المكتوب القصير نبرة الإستهجان أزاء مساهمات المشاركين في الفيلم التوثيقي الذي اشرف عليه نفر كريم في صدارتهم الصديق عبد الله الفكي البشير.و استهجان السيمت مبني على أن المساهمين لا يعرفون الأستاذ محمود بما يؤهلهم للخوض في سيرته.
كتب الأستاذ السيمت :
"..
كان جل المتحدثين من الذين لا يعرفون الاستاذ محمود ( ياسر عرمان وحيدر ابراهيم وحسن موسى وعبدالله الفكي البشير وثلة ممن يسمون بالمفكرين العرب ) او من الجمهوريين ( اسماء محمود ودالي وعبدالله ايرنست ) وبقية الجمهوريين الذين تنازلوا عن الاستاذ محمود واعلنوا توبتهم وتنازلهم عن الاستاذ محمود وكفروه وقد اذيعت تلك التوبة المهينة على الملأ في التلفزيون السوداني مباشرة بعيد اعدام الاستاذ الجليل في 18 يناير 1985.. 
»ـ
و بما أن اسمي وارد في قائمة" المتحدثين الذين لا يعرفون الأستاذ محمود"، أجدني مضطرا للتعليق على مكتوب السيمت الذي اخترع لنا "الحجر الفكري "قبل ان نتخارج من الحجر الصحي.طبعا أنا بعيد كل البعد عن الإحاطة بدقائق المشروع الفكري الشاسع لهذا" المسّاح" العظيم الذي دفع حياته ثمنا لتوغله في دروب الفكر الحر التي يراقب مداخلها الظلاميون العربسلاميون و شركاهم من كل دين.لكني أعقلن بعدي عن الإحاطة بدقائق مشروع الأستاذ محمود على أساس أن سعة مشروعي الفكري لا تطيق كل ما بطن الأستاذ محمود من جسيم التفاكير.[ و هل بيننا من يطيق كل ما في بطن الاستاذ محمود من تفاكير؟ مندري؟]، و بعدين كمان "شهرين سجن مافاضين ». شايف؟.
مايهمني من مشروع الأستاذ محمود يتعلق بأمتداد نظره النقدي في فضاء الحداثة السودانية و ذلك على زعم بكونه أحد أعمدة المشروع الحداثي السوداني المهمة. و قد شرحت موقفي هذا في اكثر من موضع بهذا المنبر،و مساهمتي في الفيلم التوثيقي يمكن قراءة نصها الكامل على هذا الرابط
https://sudan-forall.org/forum/viewtopic ... ight=&sid=
fab6b1a1cc15e45684e34242735773f6#80289

اما ما جاء في مكتوب السيمت عن "تنازل الجمهوريين" عن الأستاذ محمود و" توبتهم" المزعومة التي تمت تحت التهديد، فهي في نظري من نوع المؤاخذات الغوغائية التي لا تليق بقدر شخص قضى السنوات في رفقة الأستاذ محمود و تلاميذه الأماجد. أما رابعة الأثافي في مكتوب السيمت فهي في مزايدته الغليظة المبطنة بشبهة خيانة الثورة تجاه من ساهموا في الفيلم التوثيقي  :
"
.. ومن ضمن اغراض الفيلم ايضا تحسين وجه التلفزيون السوداني الذي ما زال انقاذيا على عهد الاستاذ فيصل محمد صالح ومسألة رابعة صادفت هوى القابضين على السلطة هي صرف الانظار عن موضوع فض الاعتصام لا سيما ان الثوار يستعدون ليوم الثلاثين من يونيو المجيد.
وسوف تظهر اشياء كثيرة اخرى لالهاء الثوار ولكن هيهات هيهات فان جذوة اكتوبر لم تمت وان نداء الحرية والسلام والعدالة خالد لا يموت فهو ما زال مشرقا وساطعا في القلوب التي في الصدور. »ـ
يا بدر الدين السيمت و الله بعد كدا مافضل ليك إلا شراب السجاير بس.
آخر تعديل بواسطة حسن موسى في الأربعاء يونيو 24, 2020 12:29 pm، تم التعديل مرة واحدة.
ياسر الشريف المليح
مشاركات: 1745
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:24 pm
مكان: ألمانيا
اتصال:

مشاركة بواسطة ياسر الشريف المليح »

سلام يا حسن وشكرا

بوستك لفت نظري لما كتبه الأخ بدر الدين السيمت. سأضعه كاملا مع رابطه لمن يريد أن يعلق هناك في الفيسبوك. وسأضع الفيديو بتاع الفيلم

https://www.youtube.com/v/nK43msD2O38

وسأعود للتعليق
ياسر
ـــــــــــــــــــ

https://m.facebook.com/story.php?story_ ... U&refid=52

بكل اسف فان الفيلم التوثيقي الذي بث قبل قليل علي قناه تلفزيون السودان عبارة عن محاولة يائسة لتزوير تاريخ الاستاذ الجليل/ #محمود_محمد_طه بمنتجة الافكار والاحداث لإخفاء وجه الاستاذ الروحي النضير الداعي للاصالة والفردية والاستقلال عن صلاة التقليد ...

تلك الصلاة التي لم يكن يؤديها الاستاذ محمود والتي كانت السبب في اعدامه بقانون الردة وقوانين الشريعة الاسلامية والتي ما زالت سارية المفعول حتى اليوم وما زالت قحت تصر على ابقاء هذه القوانين الجائرة حتى الموتمر الدستوري المزعوم
وقد ركز الفيلم على ابراز الاستاذ محمود كمفكر حداثي داعي للسنة وقد تم اعدامه لاسباب سياسية.

كان جل المتحدثين من الذين لا يعرفون الاستاذ محمود ( ياسر عرمان وحيدر ابراهيم وحسن موسى وعبدالله الفكي البشير وثلة ممن يسمون بالمفكرين العرب ) او من الجمهوريين ( اسماء محمود ودالي وعبدالله ايرنست ) وبقية الجمهوريين الذين تنازلوا عن الاستاذ محمود واعلنوا توبتهم وتنازلهم عن الاستاذ محمود وكفروه وقد اذيعت تلك التوبة المهينة على الملأ في التلفزيون السوداني مباشرة بعيد اعدام الاستاذ الجليل في ١٨ يناير ١٩٨٥
الفيلم من ضمن اغراضه اخفاء تنازل الجمهوريين عن الاستاذ محمود
بل ان عنوان الفيلم ( تجسيد المعارف على منصة الاعدام ) عنوان خاطئ.

ماهي المعارف التي جسدها الاستاذ محمود على منصة الاعدام ؟ الاستاذ محمود لم يكن داعية جهاد واستشهاد وانما كان داعية حياة وهو قد كتب بالحرف الواحد ان الله لا يريد من احد ان يموت في سبيله منذ اليوم بل يريد من كل الناس ان يعيشوا في سبيله
لقد كان الاستاذ محمود شهيدا في حياته العامرة المجيدة ولقد جسد الاستاذ افكاره الراقية في معيشته اليومية في خلقه الرفيع وفي سموه وفي ترفعه عن صغائر الامور وفي تركه لصلاة التقليد والعيش في اللحظة الحاضرة في سكون وفي سلام ... حياة كلها لله وفي الله وانا على ذلكم من الشاهدين.

اما موت الاستاذ محمود فقد كان خيارا بين ارادة الحياة وارادة الحرية فكان طبيعيا ان يختار الحرية ( الحرية لنا وسوانا )
والهوى نعمة الزمان ونعمى الخلد اسمى من الحياة وارفع
وما مثل الاستاذ يمدح بعدم خوفه من الموت ... فهو اكبر من ذلك بكثير..

اما الجمهوريون فقد اختاروا ترك الاستاذ على حبل المشنقة وتنازلوا عنه لا عن جبن وانما نتيجة توهمهم وايمانهم بالخرافة وعدم فهمهم للفكرة الجمهورية والادلة على ذلك كثيرة ادناها زعمهم ان الاستاذ محمود لا يموت ابدا وما زال كثيرون منهم يعتقدون بعودة الاستاذ الى الحياة
وقد ظهرت هذه الخرافة جلية في انهم لم يتنازلوا عن الاستاذ محمود عندما حكم عليه وعلى بعضهم بالاعدام في المحكمة الابتدائية وامام محكمة الاستئناف ورفضوا الاستتابة كما رفضها الاستاذ ولكن الجمهوريين عدلوا عن هذا الموقف المشرف عندما طلبت منهم الاستتابة بعد موت الاستاذ فقبلوها بعد ان تاكدوا من موت الاستاذ حسيا.

الجمهوريون الآن يريدون اخفاء ما لا يمكن اخفاؤه ومن ضمن اغراض الفيلم ايضا تحسين وجه التلفزيون السوداني الذي ما زال انقاذيا على عهد الاستاذ فيصل محمد صالح ومسألة رابعة صادفت هوى القابضين على السلطة هي صرف الانظار عن موضوع فض الاعتصام لا سيما ان الثوار يستعدون ليوم الثلاثين من يونيو المجيد.

وسوف تظهر اشياء كثيرة اخرى لالهاء الثوار ولكن هيهات هيهات فان جذوة اكتوبر لم تمت وان نداء الحرية والسلام والعدالة خالد لا يموت فهو ما زال مشرقا وساطعا في القلوب التي في الصدور.

استاذ / #بدرالدين_يوسف_السيمت
مركز دراسات التأويل
٩ يونيو ٢٠٢٠.
حامد بشرى
مشاركات: 137
اشترك في: الخميس يوليو 23, 2009 2:21 am

مشاركة بواسطة حامد بشرى »

وصلني الرابط للفديو ده من الصديق العزيز خالد المهدي وده كان ردي عليه

يا داب الله هون ليه أشوف هذا العمل والأنجاز الضخم . هذا فديو ومشاهد مؤثرة تعكس قامة الأستاذ الذي مشي الي الله طائعاً مختارا وفي ذات السياق توضح قصر قامتنا كسودانيين من مختلف الأتجهات بأن سمحنا لمثل هذا الجرم أن نكون شهوداً علي وقوعه . لم نستطع تغيير الحال الي عالم أفضل بدليل وقوع الانتكاسة وبصورة أسوء بعد أقل من 5 أعوام حيث أتوا من هم اكثر ظلامية وفي الحقيقة هم أتولودا من نفس الرحم الذي ساق محمود الي المشنقة .
أنت وبثينة لكم الفضل في مشاركتكم في هذا العمل الجليل ونشر المعرفة . نتمني ان نري فيلماً وثائقياً يحكم تاريخ ومساهمات الأستاذ في أستنارة العقل المسلم وحتي غير المسلم . دام فضلك
م


صورة العضو الرمزية
إبراهيم جعفر
مشاركات: 1948
اشترك في: الاثنين نوفمبر 20, 2006 9:34 am

مشاركة بواسطة إبراهيم جعفر »

التمس مني الأستاذ بدر الدين يوسف دفع الله السِّيمت نشر رده التالي على تعقيب الدكتور حسن موسي علي تعليقه المختصر على الفيلم الوثائقي "تجسيد المعارف علي منصة الاعدام" في هذا المنبر وها أنذا أفعل ذلك بناءاً على طلبه:




عبرت عن رأيي كما تعبر أنت..فأين الحجر الفكري؟

أطلعت علي تعقيب الدكتور حسن موسي علي تعليقي المختصر علي الفيلم الوثائقي "تجسيد المعارف علي منصة الاعدام". وقد ذكرت في تعليقي أن جل المتحدثين لا يعرفون الأستاذ محمود محمد طه.

أولا: جاء تعقيب د. حسن موسي مؤكدا صحة رأيي. فهو يقرر بحسب تعبيره: (طبعأ أنا بعيد كل البعد عن الاحاطة بدقائق المشروع الفكري الشاسع لهذا "المساح" العظيم)..وبالرغم من هذا التقرير الواضح فقد عاد د. حسن ليقيم الأستاذ محمود بقوله: (ما يهمني من مشروع الاستاذ محمود يتعلق بامتداد نظره النقدى في فضاء الحداثة السودانية وذلك علي زعم بكونه أحد أعمدة المشروع الحداثي السوداني المهمة)..فهل هذا الزعم صحيح؟ أم أنه تطفيف وطمس وتقزيم لقامة الأستاذ محمود؟ وضمه لمشروع لا علاقة له به؟

مع احترامي للمشروع الحداثي السوداني..والذي هو اجتهاد عقلي مقدر في مجاله..له ايجابياته وله سلبياته..ويمكن الحوار حوله في غير هذا المجال..الا أنني أتساءل: من هم هم أعمدة المشروع الحداثي السوداني الأخري والتي زعم الزاعمون أن الأستاذ واحد منها!

الأستاذ محمود كان يعمل في بعد آخر يختلف عن المشروع الحداثي في أبعاده وفي مضمونه..فهو صاحب تجربة روحية عرفانية متقدمة وكاتب في المعارف الالهية علي نسق عال ومتفرد..ليس هذا فحسب..وانما هو صاحب الرسالة الثانية من الاسلام.

والرسالة الثانية من الاسلام ليست مشروعا اصلاحيا..وانما هي بداية عهد جديد يكون فيه التقليد في العبادات وسيلة لسقوط التقليد..حيث يقف الانسان علي الأعتاب ويأخذ شريعته الفردية من الله كفاحا وبغير واسطة.

والأستاذ محمود يعتبر أن العبادات تقوم علي التصورات البشرية...أسمعه يقول:

(والحقيقة أن البشر في جميع عصورهم لم يعبدوا غير هذه الارادة البشرية..وحتي اليوم وفي أرقي أديان التوحيد ..وأعني به الاسلام..فان أرقي معتنقيه يعبدون من دون الله الها آخر هو ارادتهم البشرية...ولكنهم لا يفطنون الي ذلك ويحسبون أنهم يحسنون صنعا)

أسمع مرة أخري الأستاذ محمود يقول عن دعوته وعن حزبه: (الحزب الجمهوري دعوة الي مدنية جديدة تخلف المدنية الغربية الحاضرة..التي أعلنت افلاسها بلسان الحديد والنار...في هذه الحروب الطواحن...التي محقت الأرزاق..وأزهقت الأرواح) فالاسلام عند الأستاذ محمود:(ليس دينا بالمعني المألوف عن الأديان) ويستطرد الأستاذ محمود: (فالأفراد يتطورون في فهم الدين فيدخلون في مراتب الشرائع الفردية)..ولذلك فأن الأستاذ محمود يري أن المسلمين كأمة لم يجيئوا بعد وانما جاء طلائعهم علي مر الأزمان ويقصد بذلك الأنبياء كما هو مثبت في كتاباته.

أذن فالأستاذ محمود لم يأت لكي يجسد معارفه علي منصة اعدام...فهو يقول عن تلك المعارف: ( وقد خلفنا وراءنا عهد الدم المسفوح..في معني ما خلفنا العصر الناري..وأصبحنا نستقبل تباليج صبح النور المفاض...بل ان هذا النور قد استعلن علي القمم الشواهق من طلائع البشرية) فالأستاذ محمود اذن لا يمدح وتقام له المهرجانات وتدبج الأفلام التوثيقية لأنه لم يهاب الموت. فذلك أمر بسيط ينتظر من أي صاحب فكر عادى أوصاحب دين مستيقن من دعوته. وهو أمر بديهي وطبيعي في حق الحزب الجمهوري كما يعرفه الأستاذ محمود..لا كما يعرفه الجمهوريون..والذين ليس بينهم وبين الأستاذ محمود أرض مشتركة. أسمع الأستاذ محمود يقول عن استقتال الحزب الجمهوري في سبيل دعوته: (الحزب الجمهوري علي ثقة بربه..وعلي يقين بدعوته...وهو سيمضي في سبيله غير هياب ولا وجل...فان أغض ذلك مضاجع أقوام..فلا نامت أعين الجبناء) هذا ما قاله وفعله الأستاذ..ولم يفعله الجمهوريون. وامتناع الجمهوريين عن هذا الفعل لم يكن عن جبن ولا عن خور. وانما هو نتيجة طبيعية لفهمهم الخاطئ للفكرة الجمهورية ولعدم يقينهم بها. وهذا هو الموضوع الأصلي الذي حاول هذا الفيلم التوثيقي اخفاءه..واظهار الجمهوريين وغير الجمهوريين علي اختلاف فرقهم كممثلين ودعاة لفكر الاستاذ محمود.

ثانيا: أما قولكم: (ما جاء في مكتوب السيمت عن تنازل الجمهوريين عن الأستاذ محمود وتوبتهم المزعومة التي تمت تحت التهديد فهي في نظري من نوع المؤاخذات الغوغائية) فهو قول قد جانبه الصواب من جميع أقطاره. لأن توبة الجمهوريين ليست مزعومة. وانما كانت توبة معلنة ومتلفزة وحقيقية. وهي لم تكن تحت التهديد كما زعمت أنت..وذلك لما يلي:

-قبل تنفيذ الاعدام كان الجمهوريون يعتقدون أن الاستاذ محمود لا يموت موتا حسيا. هذه حقيقة لا ينكرها أحد من الجمهوريين ومن غيرهم. زيادة علي ذلك..فقد كانوا يقولون -كما هو مثبت في ادبياتهم المكتوبة-أن الشخص الوحيد الذي يسقط عنه التقليد هو المسيح المحمدى الذي يقوم بين الله وبين جميع الخلائق..فهو لا يموت موتا حسيا..فاذا تم تنفيذ حكم الاعدام فسوف تنهار هذه العقيدة وذلك ما حدث بالفعل. ولذلك كانت التوبة هي النتيجة الطبيعية لانهيار تلك العقيدة لانها لم تحدث الا بعد ان اعدم الاستاذ. وأحب هنا أن الفت نظر د. حسن موسي الي أن الجمهوريين الأربعة المحكوم عليهم بالاعدام قد رفضوا الاستتابة في المحكمة الابتدائية...ورفضوها للمرة الثانية في محكمة الاستئناف...ثم رفضوها للمرة الثالثة بعد تأييد نميري للحكم..فأين كان التهديد في هذه المرات الثلاث؟ فلقد كانوا يرفضون الاستتابة بكامل طوعهم واختيارهم وعلمهم بنتائج اصرارهم علي رفض الاستتابة..فما الذي جد في المرة الرابعة سوي وقوع الاعدام علي الاستاذ؟...أكثر من هذا تم حل التنظيم الجمهوري وايقاف نشاطه بواسطة الاستاذ سعيد الطيب شايب كبير الأخوان الجمهوريين والذي رفض الدعوة للفكرة الجمهورية منذ ذلك اليوم وحتي وفاته في 2002. ولكن بعد عودة الديمقراطية ظهر الجمهوريون كفرق مختلفة وأخذوا ينسجون عقائد جديدة احياء للعقيدة القديمة التي انهزمت..أو يعملون علي اخراج نسخة جديدة للاستاذ تناسب قامتهم مثل اظهاره كداعية اقرب للسلفية يقول بعدم تطوير العبادات والحدود..أو كعمود هام من أعمدة الحداثة...أو كمعارض سياسي و بطل شهيد علي منصة الاعدام..او كمفكر اسلامي "تجديدى" في العالم العربي...الخ.

بالأضافة الي هذه الصور المزيفة والتي ورد طرف منها في الفيلم الوثائقي...فما زال بعض الجمهوريين يتمسك بتلك العقيدة الباطلة كما ورد في تعقيب أحدهم علي نفس هذا الموضوع الذي نحن بصدده أن الاستاذ عائد للحياة مرة أخري..أو زعمهم أن الطبيب الذي كشف علي الاستاذ محمود عقب التنفيذ قد وجده حيا..أو أن الاستاذ قد فداهم كما فدى المسيح البشرية من الخطيئة وغير ذلك من الوان الدجل واشكال الخرافة. وهذا ما دفع صاحب هذا القلم لنقد الفيلم الوثائقي الذي يحاول اخفاء الحقيقة...وما علموا بأن الحقيقة لا يمكن أن تخفيها الأكاذيب. فكيف يعتبر د حسن موسي أن نقد الجهل والدجل والخرافة وابراز الحقائق كما وقعت مؤاخذة "غوغائية"!

ثالثا: أما قولكم :(أما رابعة الأثافي في مكتوب السيمت فهي في مزايدته الغليظة المبطنة بشبهة خيانة الثورة تجاه من ساهموا في الفيلم الوثائقي) ثم أورد د. حسن حديثي في نقد التلفزيون السوداني ونقد القابضين علي السلطة واثباتي ان جذوة اكتوبر لم تمت وان نداء الحرية والسلام والعدالة خالدا لا يموت وانه لا يزال مشرقا وساطعا في القلوب.

ولست أدري أين المزايدة الغليظة والمبطنة في هذا الكلام!! فليعلم د. حسن موسي بأنه لا توجد مزايدة ولا يوجد شئ نخفيه ونبطنه. فنحن نقول صراحة في بياناتنا العديدة وفي جميع منصات اعلامنا أن الثورة قد سرقت..وأن التفاوض مع العسكر ومشاركتهم السلطة قد أدى لاجهاض الثورة...وان الحكومة التنفيذية هي حكومة بلا سلطات وبلا مال ولا سلاح...وما المكون العسكري لمجلس السيادة الا وجه الانقاذ الذي سفك الدماء في دارفور وغيرها وهو المسؤول الأول عن مجزرة فض الاعتصام. لذلك فالتلفزيون ما زال في قبضة الانقاذ..التي تحاول تجميل وجهها وتضليل الشعب ببث بعض الآراء المغايرة لاتجاهاتهم السلفية المعروفة مثل الفيلم الوثائقي موضوع هذا المقال.

بدر الدين يوسف السيمت_مركز دراسات التأويل
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

الحجر الفكري ياهو

مشاركة بواسطة حسن موسى »




سلام يا إبراهيم الخليل و شكرا على مناولة مكتوب الأستاذ بدر الدين السيمت. العامر بالتفاكير
و سلام يا بدر الدين السيمت و شكرا على العناية بتعقيبي على ما كتبت في خصوص الفيلم الوثائقي "تجسيد المعارف على منصة الإعدام".
أولا بالتبادي ،عشان نتجنب سوء الفهم المجاني الذي أراه يلبّك تناولك لبعض نقاط مكتوبي، أقول بأن عنواني" الحجر الفكري" مبني على ما لمسته أنا من تعويلك على فهمك الديني لأدب الأستاذ محمود،، لكي ترفع عن الآخرين ـ جمهوريين أم غير جمهوريين ـ أي أهلية فكرية يسوغون عليها الخوض في سيرة الأستاذ محمود. و كل حجتك في ذلك أنهم لا يفهمون فكر الأستاذ. أو هم يفهمونه غلط لأنهم يصرّون "على ابراز الاستاذ محمود كمفكر حداثي". و بما أني، من واقع عنايتي بإشكالية الحداثة السودانية، أعتقد أن الأستاذ "مفكر حداثي" ،فإن إهمالي للبعد "الروحياتي" [ حتى لا أقول الروحي أو الروحاني] في أدب الأستاذ محمود يتأتى من طبيعة مبحثي الفكري المتخلّق ضمن فردانية فهمي لأسئلة الوجود.و في هذا المشهد ساغ لي القول، في معرض مناكفة بعض اصدقائي الجمهوريين ، بأني "جمهوري غير نظامي". و أهو زي ما قال المغني :أنحنا أولاد بلد الحداثة "نقعد نقوم على كيفنا" و مافي زول يحجر علينا.
أما "البوليغ" الجد جد فهو في عبارتك : "اما الجمهوريون فقد اختاروا ترك الاستاذ على حبل المشنقة وتنازلوا عنه لا عن جبن وانما نتيجة توهمهم وايمانهم بالخرافة وعدم فهمهم للفكرة الجمهورية والادلة على ذلك كثيرة ادناها زعمهم ان الاستاذ محمود لا يموت ابدا وما زال كثيرون منهم يعتقدون بعودة الاستاذ الى الحياة". ياخي الجمهوريين أحراريعتقدوا زي ما عاوزين طالما هم ما جبروا زول يشاركهم أعتقادهم، و إذا عاوزين يعتقدوا في حتمية عودة الاستاذ أو في حتمية انتصار نادي الهلال في الدوري القادم فمافي زول يحجر عليهم و أنا ، في هذا الموضع، موضع الإعتقاد الحر، عندي ليك سؤال [إنصرافي؟ منهجي؟ مندري؟] بخصوص عقيدتك في ما سميته بـ »جذوة أكتوبر »، و هي ، في نظري الضعيف، خرافة دارجة تواضع عليها جمهور اليساريين السودانيين لحوالي نصف قرن،و فحواها أن « ثورة أكتوبر 1964 » ستعيد نفسها «  لمّا يطل في فجرنا ظالم» [ هاشم صديق]،حتى أن نموذج "ملحمة "أكتوبر 64 انمسخ لسلسلة من طقوس الدراما الشعبية يستذكرها المناضلون في شكلها البسيط الذي يمكن تلخيصه في أربعة فصول هي "الخروج"و "الإستشهاد"و "العصيان" ثم "السقوط»: أها يا بدر الدين السيمت ،شنو البخلي عقيدة الأخوان الجمهوريين في عودة الأستاذ خرافة و عقيدتك إنت في " جذوة اكتوبر" حقيقة؟ عشان إنت باين عليك متيقن، بدون أسباب منطقية ، بكون " جذوة أكتوبر لم تمت وان نداء الحرية والسلام والعدالة خالد لا يموت"؟ ياخ "جذوة أكتوبر" دي ماتت لحوالي عقدين من الزمان النميري و ثلاثة عقود من الزمان البشيري ، تاني شنو؟و إذا "جذوة أكتوبر" دي محتاجة ليها لإنتظار يدوم ثلاثة عقود أخرى فالرماد كال حماد. و خلاصة كلامي هي أن هذا الشيئ الذي نسميه الشعب لا "يبدو"[ ولا يكون] في كل "ثورة" إلا بطريقة اصيلة لا تكرر سابقتها .و عليه فثورة مارس أبريل" ثورة ماريل" 85 التي اطاحت بنظام النميري ليست نسخة من ثورة أكتوبر 64 و لا ينبغي لها و ثورة ديسمبر 18 هي خلق أصيل مغاير لعبقرية الثورة السودانية في تعليم تقاطع "الآن" والـ "هنا".شايف؟
و بعدين يا بدر الدين السيمت ياخ، و الله أنا ذاتي عندي قول في فهمك لأسباب اعدام الأستاذ محمود، لأنك إذا كنت بتعتقد أن الإستاذ أعدم لأنه لا يصلي الصلاة "الحركية. « 
"تلك الصلاة التي لم يكن يؤديها الاستاذ محمود والتي كانت السبب في اعدامه بقانون الردة وقوانين الشريعة الاسلامية"، فقولك يطرح مشكلة مفهومية تحتاج للتأني، عشان أنا، و نفر من قبيلة الحداثيين اليساريين، نعتقد أن مسألة الصلاة كانت ذريعة لتمويه الدافع السياسي وراء إعدام الأستاذ محمود.ذلك لأن الأستاذ محمود كان آخر صوت سوداني يجهر بالدعوة لنظام إقتصادي متجاوز للرأسمالية و للشيوعية .و سدنة راس المال في السودان و في الشرق الأوسط ، و في صدارتهم الأخوان المسلمين،كانوا أداة طيعة في يد حلفاء دوائر رأس المال في المنطقة. و هذا يردني للقول بأن خطورة الأستاذ محمود كمفكر حداثي تتأتي من كونه قعّد معارضة حداثة رأس المال على مقعد الدين و أدخل حرس الرجوع في المجتمع الإسلامي المعاصر في ذلك الموضع الحرج من وزة الحداثة .و إذا رأيت أن فهمي دا غلط فبطريقتك و أنا لا أحجر عليك أي طريقة تراها، وقد جاء في حكمة الشعب أن " العافية درجات".

و فضلا عن جريرة عدم الفهم التي ألصقتها بالمساهمين الكرام في الفيلم الوثائقي فأنت تزيدهم جرم التآمر على التزوير،حسب قولك في مفتتح تعليقك على الفيلم الذي وصفته بكونه" محاولة يائسة لتزوير تاريخ الاستاذ الجليل/ #محمود_محمد_طه بمنتجة الافكار والاحداث لإخفاء وجه الاستاذ الروحي النضير الداعي للاصالة والفردية والاستقلال عن صلاة التقليد « .
هسع يا بدر الدين السيمت أنا لوقررت أعمل فيلم وثائقي عن تجربتك الدينية و قمت منتجت أفكارك و سطتها سواطة سياسية لإخفاء وجهك الروحي النضير و شيطنة وجهك السياسي، فإنت ما عندك طريقة تحجر علي، لكن ممكن تعبر عن وجهة نظرك بكوني تجاوزت الحقيقة و المنطق في كيت و كيت و بعدين أنا أجيك راجع و أغالطك من جديد دفاعا عن وجهة نظري و دا اسمه "الصراع الفكري" وهو لمعلوميتك لا يفلت عن طوائل الصراع الطبقي [ ياخي أكتبها "دواس" عديل كدا]و في الحاجة الإسمها الصراع الطبقي قول الحق وارد مثلما أن التزوير وارد، بس كل زول شايف تزوير في حتة مفروض يفضحه بالأدلة و الحساس يملا شبكته.و هسع أنا طالبك شرح بالبراهين على إتهامك لمن ساهموا في الفيلم و من صنعوه بالتآمر على "تزوير تاريخ الأستاذ الجليل محمود محمد طه".
المهم يا زول،موضوع الجمهوريين و تركة الاستاذ محمود،موضوع طويل و مجوبك و ما فينا زول بقدر يمسكه بيد واحدة، لكني حاولت في هذه الكليمة الإقتصار على الجوانب التي تضمن لنا صيانة المناقشة عن الإنزلاق في الدروب "الروحانياتية" التي قد تفسد علينا منفعة الحوار في ما يهم "الشعب" [ يا لها من كلمة] من سيرة هذا "المسّاح" العظيم الذي اعاد رسم خرائط الدين و السياسة في السودان بطريقة فريدة.
سأعود
ياسر الشريف المليح
مشاركات: 1745
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:24 pm
مكان: ألمانيا
اتصال:

مشاركة بواسطة ياسر الشريف المليح »

تعليق على مقال الأستاذ بدر الدين السيمت الذي ينتقد فيه الفيلم الوثائقي "تجسيد المعارف على منصة الإعدام"

كتب الأستاذ السيمت:
بكل اسف فان الفيلم التوثيقي الذي بث قبل قليل علي قناه تلفزيون السودان عبارة عن محاولة يائسة لتزوير تاريخ الاستاذ الجليل/ #محمود_محمد_طه بمنتجة الافكار والاحداث لإخفاء وجه الاستاذ الروحي النضير الداعي للاصالة والفردية والاستقلال عن صلاة التقليد ...
وكتب في موضع آخر من المقال الناقد للفيلم:
بل ان عنوان الفيلم ( تجسيد المعارف على منصة الاعدام ) عنوان خاطئ.

ماهي المعارف التي جسدها الاستاذ محمود على منصة الاعدام ؟ الاستاذ محمود لم يكن داعية جهاد واستشهاد وانما كان داعية حياة وهو قد كتب بالحرف الواحد ان الله لا يريد من احد ان يموت في سبيله منذ اليوم بل يريد من كل الناس ان يعيشوا في سبيله
لقد كان الاستاذ محمود شهيدا في حياته العامرة المجيدة ولقد جسد الاستاذ افكاره الراقية في معيشته اليومية في خلقه الرفيع وفي سموه وفي ترفعه عن صغائر الامور وفي تركه لصلاة التقليد والعيش في اللحظة الحاضرة في سكون وفي سلام ... حياة كلها لله وفي الله وانا على ذلكم من الشاهدين.
أما ما يجدر ذكره فهو أن عبارة "تجسيد المعارف" وردت على لسان الأستاذ محمود نفسه، وذلك في آخر جلسة له بين الجمهوريين في يوم الجمعة 4 يناير 1985 ، في ختام مؤتمر عقد بمناسبة الاحتفال بذكرى الاستقلال، قبل يوم واحد فقط من إلقاء القبض عليه وإلحاقه بالجمهوريين الأربعة في تلك المحاكمة الشهيرة. وأنا هنا أضع حديث الأستاذ محمود كاملا كما نقل من شريط التسجيل:
(الزمن اضطرنا لنوقف الحديث، الكلام القيل طيب جدا .. أفتكر مؤتمرنا دا لابد أن يؤرخ تحول عملي فى موقف الجمهوريين.. زي ماقلنا قبل كدا : الناس سمعوا مننا كثير ، الكلمة المقروءة ، والمكتوبة .. نحن عشنا زمن كثير فى مجالات عاطفية .. الإنشاد، والقرآن، والألحان الطيبة.. وجاء الوقت لتجسيد معارفنا ، وان نضع أنفسنا فى المحك ونسمو فى مدارج العبودية سمو جديد.. الصوفية سلفنا ونحن خلفهم.. كانوا بيفدوا الناس، الوباء يقع يأخذ الشيخ الكبير، الصوفي الكبير وينتهي الوباء.. دي صورة غيركم ما يعقلها كثير..
الجدري فى قرية التبيب تذكروها؟ كان في كرنتينة فى القرية لا خروج ولا دخول.. الشيخ الرفيع ود الشيخ البشير أخو الشيخ السماني مات بالجدرى في القرية ..
شيخ مصطفى خال خديجه بت الشريف، هو صديقنا وبزورنا كثير قال: حصلت وفاة ومشيت أعزي.. مر على الشيخ الرفيع ، ( أخو الشيخ السماني ، شيخ المقاديم الهسع بيعطروا ليكم حلقات الذكر ديل ) .. قال لي بمشي معاك .. قال: مشينا سوا إيدو في إيدي كان فيها سخانة شديدة.. وصلنا محل الفاتحة واحد قال ليهو يا الشيخ! المرض دا ما كمَّل الناس؟؟ الشيخ الرفيع قال: المرض بنتهي، لكن بشيل ليهو زولاً طيب.. قمنا من المجلس وصلنا البيت والسخانة كانت الجدري! ومات الشيخ الرفيع ووقف الجدري..
السيد الحسن أيضا مات بوباء وانتهى الوباء..
وفى سنة 1915م الشيخ طه مات فى رفاعة بالسحائي، وكان مستطير بصورة كبيرة وما عندو علاج وما كان بينجى منو زول، الما يموت يتركو بي عاهة.. مات الشيخ طه والمرض انتهى..
الحكاية دي عند الصوفية مطَّردة ومتواترة، العلمانيين تصعب عليهم .. انتو هسع لابد تفدوا الشعب السوداني من الذل والمهانة الواقعة عليهو والجلد.. واحد من الأخوان لاحظ قال: القيمة من المسيرة أن تشاهدوا الجلد الواقع.. واحدة من الأخوات قالت : العسكرى شاب والمجلود شيخ كبير والقاضي واقف يستمتع.. وهي مسألة أحقاد وضغائن ونفوس ملتوية تتولى أمور الناس..
قد تُجلدوا.. ما تنتظروا تسيروا فى المسيرة وتحصل معجزة تنجيكم.. هي بتحصل لكن ماتنتظروها.. خلوا الله يجربكم ما تجربوا الله.. تعملوا الواجب العليكم، تنجلدوا ترضوا بالمهانة.. ومن هنا المحك البيهو بتكونوا قادة للشعب العملاق.. ويكون فى ذهنكم قول الله تعالى : (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين) وآية ثانية: ( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه: متى نصر الله؟ ألا أن نصر الله قريب..)
ما أحب أن تصابوا بخيبة أمل من العقبات البتلاقيكم في الطريق.. ويكون مؤكد الأمر النحن بنواجهو محتاجين ليهو في الداخل.. كل أمر يساق ليكم يقويكم وهو عناية من الله ولطف.. ولكن الناس يسوقوا أمرهم بالجد، وكل واحد يدخل في مصالحة ورضا بالله.. تواجهوا أمركم لتفدوا شعبكم وبعضكم بعض لترتقوا درجات فى واجبكم وعبادتكم.. أمركم قريب ومعنيين بيهو.. انتم محفوظين.. لكن ماتفتكروا الطريق مفروش أمامكم بالورود.. استعدوا في قيامكم بالواجب المباشر تكونوا دائمي النعمة وموضع نظر الله وعنايتو.. ثقوا بيهو.. ان شاء الله أمركم قريب والله إدخركم للأمر دا.. وانتم اليوم الغرباء بصورة كبيرة، كل المجتمع السودانى في كفة والجمهوريين في كفة.. الجمهوريين مطلوبين ، الناس الطالبنكم فداية ليكم، وظلماتكم نور.. أنتم موضع عناية، تقبلوا العناية، وسيروا راضين بالله، بالصورة دي يكون ختام مؤتمرنا).. انتهى.

وهنا أجيب عن تساؤل الأخ بدر الدين: "ماهي المعارف التي جسدها الاستاذ محمود على منصة الاعدام ؟"
أهم المعارف التي جسدها الأستاذ محمود كانت إلتزام الواجب المباشر بتطبيق مبدأ المواجهة السلمية والعصيان المدني دفاعا عن المستضعفين في وجه القوانين الجائرة الظالمة بقصد تغييرها. جدير بالذكر أن الأستاذ محمود سبق أن قال: "إنت في موقف الثورة، إن كنت بتخضع للقانون الفاشل الظالم، إنت ما بتغيّر. الثورة إنتفاض على كل ظلم، مهما كان الظلم مسلح ومحمي!!". ولذلك قرر الأستاذ محمود والجمهوريون الأربعة الذين يخضعون للمحاكمة بسبب منشور "هذا.. أو الطوفان" الذي يطالب بإلغاء قوانين سبتمبر، وباللجوء إلى الحل السلمي لمشكلة الحرب في جنوب السودان، قرروا مقاطعة تلك المحكمة بعدم التعاون معها وبعدم الاعتراف بالقوانين التي شُكِّلت على أساسها. فما كان من قاضي المحكمة إلا أن حكم عليهم الخمسة بالإعدام شنقا. وتداعت الأحداث إلى أن تم تنفيذ حكم القتل على الأستاذ محمود، ثم حدثت في اليوم التالي مهزلة استتابة الجمهوريين الأربعة التي أكرهوا عليها إكراها.
يواصل الأخ بدر الدين السيمت بعد تساؤله عن المعارف التي جسدها الأستاذ فيقول:
الاستاذ محمود لم يكن داعية جهاد واستشهاد وانما كان داعية حياة وهو قد كتب بالحرف الواحد ان الله لا يريد من احد ان يموت في سبيله منذ اليوم بل يريد من كل الناس ان يعيشوا في سبيله

تمجيد موقف الأستاذ محمود على منصة "الإعدام"، بوصفه تجسيدا للمعارف، لا يعني تمجيد الجهاد الأصغر الذي يتضمن القتال، فذاك بحسب الفكرة الجمهورية يعتبر منسوخا؛ وهو أيضا لا يعني مجرد تمجيد الشجاعة والثبات، وإنما يعني فيما يعني التأكيد على أصالته وتفرده، وإعطاء الدليل والبرهان على صحة دعوته. وفي نفس الوقت فتح بموقفه ذاك لتلاميذه الأربعة، وغيرهم من الجمهوريين، أن المواجهة في القمة قد حدثت على يده هو ولا تستلزم من أحد أن يموت في سبيلها.
ولكن الأستاذ بدر الدين يقول:
اما الجمهوريون فقد اختاروا ترك الاستاذ على حبل المشنقة وتنازلوا عنه لا عن جبن وانما نتيجة توهمهم وايمانهم بالخرافة وعدم فهمهم للفكرة الجمهورية والادلة على ذلك كثيرة ادناها زعمهم ان الاستاذ محمود لا يموت ابدا وما زال كثيرون منهم يعتقدون بعودة الاستاذ الى الحياة
وقد ظهرت هذه الخرافة جلية في انهم لم يتنازلوا عن الاستاذ محمود عندما حكم عليه وعلى بعضهم بالاعدام في المحكمة الابتدائية وامام محكمة الاستئناف ورفضوا الاستتابة كما رفضها الاستاذ ولكن الجمهوريين عدلوا عن هذا الموقف المشرف عندما طلبت منهم الاستتابة بعد موت الاستاذ فقبلوها بعد ان تاكدوا من موت الاستاذ حسيا.

كان يمكن للأستاذ بدر الدين أن يقارن موقف الجمهوريين الأربعة بعد مقتل الأستاذ محمود، بموقف تلميذ السيد المسيح الأكبر بطرس عندما أنكر معرفته وعلاقته بمعلمه المسيح، حتى قبل حدوث الصلب، ويذكر كيف أنه تذكر في إنكاره الثالث أن المسيح سبق أن أخبره بأنه سينكره ثلاثا قبل أن يصيح الديك. هذه فرصة أن أذكِّر الأخ بدر الدين بأسئلة له تمت في جلسة داخلية للجمهوريين مع الأستاذ في أوائل السبعينات حول حادث إنكار القديس بطرس. الأسئلة موجودة بالصوت وقد سبق لي أن وضعتها بالصوت وبالكتابة داخل تعليق لي على لقاء الأخ بدر الدين مع الأخ الصحفي صلاح شعيب وذلك في بوست في سودانيز أونلاين باب "أخبار وبيانات" بتاريخ 25 يونيو 2018 هنا:
https://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/ ... c=flatview
وبهذه المناسبة أريد أن أعيد تقديم تلك الأسئلة التي كنت قد طرحتها على الأخ الأستاذ بدر الدين وأرجوه أن يتفضل بالإجابة عليها:
1. هل ما زال الأستاذ بدر الدين يؤمن بعودة إعجازية للمسيح؟
2. فإن كان يؤمن فما هو تصوره لتلك العودة ؟
3. وهل تصوره يختلف مما ذكره الأستاذ محمود في الإجابات المذكورة؟
4. إذا لم يعد الأخ بدر الدين يؤمن بعودة المسيح بصورة إعجازية فما هو تصوره لانتصار الخير في الأرض وحلول السلام، وهل له علاقة بما يسميه هو جذوة التأويل؟

مع خالص الشكر والتحايا له من قبل ومن بعد..

ياسر الشريف
صورة العضو الرمزية
إبراهيم جعفر
مشاركات: 1948
اشترك في: الاثنين نوفمبر 20, 2006 9:34 am

مشاركة بواسطة إبراهيم جعفر »

[b]طلب مني الأستاذ بدر الدين يوسف دفع الله السيمت نشر هذا الرد على رد د. حسن موسى الأخير عليه: [/b]




عزيزي الدكتور الفاضل حسن موسى

تحيتي وتقديري

اتضح لي من ردك أن هناك مسألة أساسيه تستحق الإجلاء، قبل الخوض في جوانب الموضوع المختلفة ... فأنا لم أعول علي فهمي الديني لأرفع عن الجمهوريين وغير الجمهوريين ، أي أهلية فكرية للخوض في سيرة الأستاذ محمود ، كما تقول أنت ... وإنما قررت بعض الوقائع التاريخية ، والحقائق الثابتة والمنطقية ... منها حقيقة محددة جدا: وهي أن الأستاذ محمود يعمل في حقل الروح وراء عالم المادة ... والمفكرون الحداثيون يستندون علي التفكير المادى المعتمد علي العقل والحواس ... هذه مجرد حقائق.

وبطبيعة الحال فالمفكر الحداثي (من منطلقه وضمن فردانية فهمه لأسئلة الوجود) يمكنه أن يعلق بما يشاء علي الحقل "الروحي" الذي يمثله الأستاذ محمود ... كما يمكن للأستاذ محمود أن يعلق أيضاً علي الفنون ... أو أي موضوع آخر كما يشاء ... وقد كتب فعلا عن الإسلام والفنون ، من غير ان يجر الفنانين من مجالهم ويجردهم منه ، او يعتبرهم روحانيين، فلكلٍ مبحثه ومجاله ... ويظل الحوار بين الطرفين مستمرًا ، و حافظاً لكل ذي حق حقه.

بالبناء على ما تقدم ، فإن الزعم بأن الأستاذ محمود هو "أحد أعمدة الحداثة " فيه ظلم للأستاذ محمود ، وظلم لفكر الحداثة في آن معا ... كما أنه - وهذا هو المهم - فيه إخفاء لحقيقة الأستاذ محمود وجوهر فكرته عمدًا أو جهلا ... وهذا ما دفعني للتصدى لنقد الفيلم الوثائقي موضوع الحوار.

وما يزال سؤالي لك قائماً: من هم أعمدة الحداثة الآخرين؟ لأنه بالإجابة على هذا السؤال يتضح مدى الخطأ في هذه المقولة.

ويجدر بالذكر هنا أن الاستاذ محمود قد تحدث حديثًا واضحًا عن قصور التفكير المادى و انتقد أساليب الكتابة عند التقدميين والحداثيين والشيوعيين في زمانه في مواضع عديدة ، منها قوله :

((والأساليب الشيوعية في اللغة العربية محشوة بالألفاظ الغريبة، التي يستعاض بها عن عمق الفكر)) وأورد أمثلة كثيرة لذلك ثم استطرد ليقول: (( هذه مجرد أمثلة مما تطفح به جرائدنا الآن ، وهو حديث يزيد في الحيرة الحاضرة ، وينشر القلق الفكري ، ويوهم أنصاف المتعلمين أنهم حين يرددون هذه العبارات في كتاباتهم ، إنما يظهرون بمظهر المثقف الفاهم ، وقد تورط في هذا الظن أناس ليسوا شيوعيين ، بل أنهم ليعادون الشيوعية أشد العداء)). كما حذر الأستاذ محمود من زغل التحصيل وتعقيد التفلسف و التنطع الذي عادة ما يصحب التعليم.

أما قولك ((حاولت في هذه الكليمة الإقتصار على الجوانب التي تضمن لنا صيانة المناقشة عن الإنزلاق في الدروب "الروحانياتية" التي قد تفسد علينا منفعة الحوار ) موضوع حوارنا ليس عن (الروحانياتية) أو عن الروح. و إنما نحن بصدد تقرير وقائع حدثت وكشف ما تم فيها وحولها من تزوير و من وضع لها في غير موضعها.

وعلي أي حال فان ( الروحانياتية) التي تريد أنت ابعادها عن الحوار هي جوهر مبحث الأستاذ محمود ، شئنا ام أبينا.

فاذا أردت الخوض في هذا الموضوع الهام ، فإن له مجاله ومكانه الذي يختلف اختلافا كليا عن موضوع هذا الحوار ... وان لم ترد ذلك، فلك ما تريد.

أما ما وصفته أنت ب (البوليغ) في قولي واعقبته ب: ((ياخي الجمهوريين أحرار يعتقدوا زي ما عاوزين طالما هم ما جبروا زول يشاركهم أعتقادهم، و إذا عاوزين يعتقدوا في حتمية عودة الاستاذ أو في حتمية انتصار نادي الهلال في الدوري القادم فما في زول يحجر عليهم)) والغريب أن يعتبر الدكتور الفاضل أن اي نقد يوجه لجهة ما ، حجرا فكريا ... فبيان الحقائق ونقد المواقف أمر مطلوب للحرية نفسها ولإثراء الحوار.

ثم إنك تماديت في هذا الفهم وكتبت: ((هسع يا بدر الدين السيمت أنا لو قررت أعمل فيلم وثائقي عن تجربتك الدينية و قمت منتجت أفكارك و سطتها سواطة سياسية لإخفاء وجهك الروحي النضير و شيطنة وجهك السياسي، فإنت ما عندك طريقة تحجر علي، لكن ممكن تعبر عن وجهة نظرك بكوني تجاوزت الحقيقة و المنطق في كيت و كيت و بعدين أنا أجيك راجع و أغالطك من جديد دفاعا عن وجهة نظري و دا اسمه "الصراع الفكري" وهو لمعلوميتك لا يفلت عن طوائل الصراع الطبقي [ ياخي أكتبها "دواس" عديل كدا] و في الحاجة الإسمها الصراع الطبقي قول الحق وارد مثلما أن التزوير وارد، بس كل زول شايف تزوير في حتة مفروض يفضحه بالأدلة و الحساس يملا شبكته. و هسع أنا طالبك شرح بالبراهين على إتهامك لمن ساهموا في الفيلم و من صنعوه بالتآمر على "تزوير تاريخ الأستاذ الجليل محمود محمد طه)).

وبالطبع فمن حقك أن تقول عن جذوة التأويل ما تشاء ، ومن حقي ومن حق غيري أن ينتقد رأيك ، ومن حقك أيضا أن تعود وتدافع عن رأيك مرات ومرات كما تشاء ... وذلك عندى ليس صراعا فكريا أو "دواسا" كما تفضلتم ، وإنما هو حوار منطقي لاستجلاء الحقائق ، ليس فيه منتصر ولا منهزم ، وليس هناك (حساس ليملا شبكتو) إنما هناك انتصار للحقيقه أينما وجدت ... و هذا أمر طبيعي يحدث في جميع المجالات الفكرية و الثقافية و الروحية أيضا ... فاختلاف الرأي لا يفسد للود قضية.

فيما يتعلق ببراهين تزوير سيرة الأستاذ محمود ، فإنها كثيرة ، وهذا الحوار يتعلق بواحدة منها ، وهي اقحام الاستاذ محمود في مجال لا ينتمي اليه (الحداثة) مما يخفي وجهه الحقيقي (الروحي) ... وقد فصلنا ذلك في غير هذا الموضع وسوف نعود لمزيد من التفصيل.

ختاما ، فاليك تعقيبي عن قولك : ((بخصوص عقيدتك في ما سميته بـ "جذوة أكتوبر"، و هي ، في نظري الضعيف، خرافة دارجة تواضع عليها جمهور اليساريين السودانيين لحوالي نصف قرن(....) شنو البخلي عقيدة الأخوان الجمهوريين في عودة الأستاذ خرافة و عقيدتك إنت في " جذوة اكتوبر" حقيقة؟ )'

في حقيقة الأمر ، ما كتبه قلمي عن جذوة أكتوبر ليس عقيدة، وإنما هو رأي وتحليل لسير حركة التاريخ في السودان وفي العالم ... وهو رأي يحتمل الخطأ أو الصواب. وذلك أمر يختلف جذريا عن عقائد الجمهوريين أو غيرهم من أصحاب العقائد الدينية أو غير الدينية والغريب حقا أنك تعتبر أن جذوة أكتوبر "خرافة دارجة"... خلافا لرأي الأستاذ محمود الذي يرى أن جذوة أكتوبر لم تمت ... وبهذا المنطق يصبح "أحد أهم أعمدة الحداثة" مدافعا عن "الخرافة الدارجة"!


بدرالدين يوسف السيمت- مركز دراسات التأويل[/b
]
ياسر الشريف المليح
مشاركات: 1745
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:24 pm
مكان: ألمانيا
اتصال:

مشاركة بواسطة ياسر الشريف المليح »

هذا تعليق من صفحة "جذوة التأويل" في فيسبوك:
شكرا الأخ الدكتور ياسر الشريف علي ايراد تعقيبك هنا علي صفحة جذوة التأويل...مرفقا اسئلتك القديمة والتي كنت قد نشرتها في موقع سودانيزاونلاين. كما تعلم فالاستاذ بدرالدين ليس عضوا في سودانيزاونلاين ولا سودان فور اوول..وسوف يتولي الاستاذ بدرالدين الرد عليك هنا علي صفحة جذوة التأويل...ولك منا خالص الشكر والتقدير....اما بالنسبة لقولك في منبر سودانيزازنلاين عن المحاضرة التي قدمها الاخ صلاح شعيب (لاحظت أن شريحة الفيديو الموضوعة في يوتيوب قد تم حذفها لسبب لا أعلمه. هذه شريحة بديلة موجودة في الفيسبوك)..فاننا ندعوك ان تراجع هذا الكلام لأن الفيديو كان وما زال موجودا علي قناة التأويل في اليوتيوب ولم يتم سحبه قط...ادارة الصفحة
وهذا تعليق ملحق إلى السابق:
الاخ الفاضل ياسر الشريف...نرجو ان تكون قد قرأت ردنا عليك أعلاه..استمعنا للشريط المسجل الذي اوردته انت ونسبت سؤالين وردا فيه للاستاذ بدرالدين..ولكن الملاحظ أن الشريط لا يوجد فيه تاريخ...كما أنه يبدأ مبتورا ولا يوجد فيه اي حديث سابق للسؤال من الاستاذ محمود..قبل الرد علي اسئلتك...نرجو ايراد التسجيل كاملا لمعرفة السياق ولمعرفة اسم السائل..لانه لا يوجد ما يدل علي أن السائل هو الاستاذ بدرالدين؟. كما نرجو التفضل ب مكان وزمان الحديث. شكرا لك ادارة الصفحة
وكان هذا تعليقي على الردين:

السادة إدارة صفحة "جذوة التأويل" في فيسبوك. أسئلة الأستاذ بدر الدين كانت في جلسة داخلية للجمهوريين وقد قام الأخ مصطفى الجيلي باقتطاع الجزء الذي به أسئلة بدر الدين وبتول والعم فضل ووضعهم في شريحة فيديو أخرجها بالصور. سأحاول إيراد الجلسة كاملة من شريط التسجيل الصوتي ولكن أنا متأكد لو الأستاذ بدر الدين سمعها فسوف يتذكرها، وأنا متاكد من صوت الأستاذ بدر الدين حسب معرفتي السابقة له منذ أن التحقت بالجمهوريين في 1972. أيضا وجدت شريحة صلاح شعيب كاملة في قناة "جذوة التأويل" في يوتيوب ووضعتها في صفحة "بيانات وأخبار" https://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg... . الجدير بالذكر أن التعليق أو كتابة مداخلة في باب "بيانات وأخبار" وباب "آراء حرة ومقالات" ليس مقتصرا على الأعضاء في منبر سودانيز أونلاين وإنما هو مفتوح للجميع. الكتابة في "المنبر العام" لسودانيز أونلاين هو المقتصر على الأعضاء فقط. وصحيح طبعا أن سودان فور أوول أيضا للأعضاء فقط.
ياسر الشريف المليح
مشاركات: 1745
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:24 pm
مكان: ألمانيا
اتصال:

مشاركة بواسطة ياسر الشريف المليح »

بحثت عن رابط الندوة المفتوحة التي تحدث فيها الأخ بدر الدين فوضعتها في صفحة "جذوة التأويل" في فيسبوك ومعها تعليق توضيحي:

السادة إدارة صفحة "جذوة التأويل" في فيسبوك. تحية طيبة. هذا هو رابط الندوة الكاملة التي جاءت فيها أسئلة الأخ بدر الدين. https://www.alfikra.org/talk_view_a.php?talk_id=172 وهي ندوة مفتوحة لكل الأسئلة. وقد جاءت أسئلة الأخ بدر الدين في الجزء الثامن حسب التقسيم الموضوع في صفحة موقع الفكرة الجمهورية. للأسف لم يتم ذكر تاريخ الندوة بالضبط ولكن من المؤكد أنها بعد حادثة محكمة الردة، أي بعد يوم 18 نوفمبر 1968 وقبل قيام انقلاب مايو عام 1969، وذلك لأن حدث محكمة الردة ورد في الندوة، كما أن الإشارة إلى الحزب الجمهوري أيضا وردت في الندوة. وطبعا بعد انقلاب مايو تم حل الحزب الجمهوري وصار النشاط باسم الأخوان الجمهوريين. أيضا المرجح أن الندوة كانت في العاصمة الخرطوم وهي كانت مفتوحة للجمهوريين وغير الجمهوريين.
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

الحقيقة؟؟

مشاركة بواسطة حسن موسى »


الحقيقة؟

سلام يا ياسر و شكرا على رفد الخيط بالمزيد من الوثائق.

سلام يا إبراهيم الخليل
و التحية مجددا للأستاذ الفاضل بدر الدين يوسف السيمت

شكرا يا بدر الدين السيمت على مواصلة هذه المناقشة المشوّقة ، و وجه التشويق فيها هو في كونها تتكشف، في كل مرة، عن المزيد من الإلتباسات المفهومية حتى أن القارئ العادي[ على وزن "رجل الشارع العادي »] قد يظن باستحالة التوصل فيها لأي حد من الإتفاقات الدنيا العريضة التي يمكن أن نعول عليها في دفع المفاكرة للأمام.
أول ما قد يبدو من إلتباسات مناقشتنا يتلخص في كوني أتكلم من موقع الفكر المادي بينما أنت يا بدر الدين السيمت تتكلم من موقع قد تسمّيه موقع الفكر الروحي. و اختلاف موقع المتكلم يعطب التداول الفكري بيننا لأني كمتكلم "مادي" ـ لو جاز لي توصيف نفسي بهذا المصنف العجيب ـ لا أجد للروح مكانا في جهازي المفهومي بينما أنت كمتكلم" روحي" تقبل بثنائية الروح و المادة، و تقدّم الأولى على الثانية.و خلاصة كلامي هي أن حضور الروح في أي مناقشة يستوجب التوجس و قيل "يجيب الهوا" عديل كدا، كما جرى في حادثة يهود المدينة الذين خاطروا بسؤال النبي عن أمر الروح.قال : »
كنت أمشي مع النبي في حرث بالمدينة وهو متوكئ على عسيب قال: فمر بقوم من اليهود فقال بعضهم لبعض: سلوه عن الروح قال بعضهم: لا تسألوه فسألوه عن الروح فقالوا: يا محمد ما الروح فقام فتوكأ على العسيب قال: فظننت أنه يوحى اليه فقال: ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا قال: فقال بعضهم: قد قلنا لكم لا تسألوه. »ـ شايف؟
أها يا بدر الدين أنا زاهد في علم الروح حقك دا، لأنك ـ على قول المثل الشعبي غير المعروف ـ "لا تستطيع رؤية الروح في غرفة مظلمة حين لا يكون الروح موجودا بالغرفة" ،ربما لأن الروح في الأرض بعض من تخيّلنا، مثله مثل الغول و العنقاء و الحب والشيطان و الإله و السعادة الأبدية، فكلها كائنات مفهومية تظهر لمن يعتقد فيها و هذه مشكلتي:فأنا أتوجس من الإعتقاد، لماذا؟ مندري؟
لكن زهدي في علم الروح لا يمنعني من الخوض في سيرة أي من أهل الروحانيات الذين يأكلون الطعام و يمشون في الأسواق فأختلف مع بعضهم و أتحالف مع بعضهم الآخر بحكم كونهم يسهمون في المنازعة الطبقية الكبيرة التي يتخلّق في ثناياها تاريخنا الراهن و القادم. و من هذا المدخل اسوّغ لنفسي الخوض في الطرف المادي من سيرة الأستاذ محمود الروحاني كـ "زول" معاصر و فاعل في الإشكالية الحداثية التي نكابد عواقبها الإجتماعية في السودان و في غيره. و من نفس المدخل أسوغ لنفسي مواصلة هذه المناقشة التي تتجاوز شخصينا لتلامس هموم غيرنا.

و ثاني إلتباسات مناقشتنا هذي يمكن تلخيصها في تلك الكلمة الفتـّانة التي تضبط عليها إيقاع خطابك داخل لحنية الدين و تستمد منها طاقة اليقين في وجه أسئلة التيه الوجودي الكبير، و هي كلمة:"الحقيقة".في قولك :
"..
قررت بعض الوقائع التاريخية ، والحقائق الثابتة والمنطقية ... منها حقيقة محددة جدا: وهي أن الأستاذ محمود يعمل في حقل الروح وراء عالم المادة.. »ـ فأنت هنا، يا بدر الدين السيمت، تصنع من فهمك لـ"عمل" الأستاذ محمود حقيقة ثابتة، بل و تصعدها لمقام الوقائع التاريخية.و في هذا الموقف يصعب عليك،أن تتقبل فهمي أنا لـ "عمل" الأستاذ محمود الحداثي في إشكاليات قسمة السلطة و الثروة ضمن واقع السودانيين.
و في قولك :
".. 
الزعم بأن الأستاذ محمود هو "أحد أعمدة الحداثة " فيه ظلم للأستاذ محمود ، وظلم لفكر الحداثة في آن معا ... كما أنه - وهذا هو المهم - فيه إخفاء لحقيقة الأستاذ محمود وجوهر فكرته عمدًا أو جهلا"
"
و هذا جور مفهومي مجاني في حقي لأني بذلت حججي في توضيح موقف الأستاذ محمود كمساهم مهم في توطين فكر الحداثة في السودان.ذلك أني من منظوري "المادي" أتأمل في المطالب المطروحة في أدب الأستاذ محمود و أصنف مطلب الحرية و مطلب الديموقراطية و مطلب المساواة في الحقوق و مطلب الإشتراكية و مطلب الكرامة الإنسانية في باب مطالب حركة الحداثة السودانية.و لو شئت فقل هي مطالب حركة الحداثة في أي مكان. أو كما جرت عبارة مولانا "جيمس أوبنهايم" :"نريد خبزا و نريد ورودا"
We want bread and we want roses
و حين تنفي فكرتي القائلة بحداثة الأستاذ محمودفي عبارتك الموجزة التي ترميني فيها بظلم الأستاذ محمود و ظلم فكر الحداثة في آن معا، فأنامضطر لمطالبتك ببذل الحيثيات التي بنيت عليها مثل هذا الحكم عشان الموضوع ما يبقى "طق حنك ساكت"، ولا شنو؟
المهم يا زول من تأملي في استخدامك لفكرة " الحقيقة" " وليس هناك (حساس ليملا شبكتو) إنما هناك انتصار للحقيقه أينما وجدت ".بدا لي أنك تعتقد في وجود كائن اسمه الحقيقة جاثم في حرز مكنون في انتظار ان يتوصل الناس إليه في واحدة من لحظات الكشف الروحي إياها.و أنا لا أحجر عليك أن تعتقد في طبيعة " الحقيقة" وفق منهجك الروحانياتي، لكن رؤيتي لحقيقة الاستاذ محمود كرائد حداثي تجد سندها في العمل السياسي و الفكري اليومي الدؤوب الذي قاده الأستاذ محمود لعقود طويلة و توّجه بتلك الوقفة الجليلة فوق منصة الإعدام التي شيدها له خصوم سياسيون وراءهم كفلاء شرق أوسطيون لهم باع في استغلال الدين في فضاء السياسة.و حين أقرأ مكتوبك الذي تقول فيه يا بدر الدين السيمت بأن عنايتي بالوجه السياسي للأستاذ محمود تنطوي على " اقحام الاستاذ محمود في مجال لا ينتمي اليه (الحداثة) مما يخفي وجهه الحقيقي (الروحي) . »ـ فأنا أراك تنكر على الأستاذ محمود مساهمته السياسية الجليلة بذريعة كونك لا تطيق امتدادات عمل الأستاذ خارج دائرة الروحانيات. طبعا لم يخطر ببالك أن الأستاذ ربما كان يرى بعدا روحانيا، [إقرأ" بعدا جماليا"] في عمل السياسة أيضا، لكن "العافية" ـ كما تقول حكمة الشعب ـ "درجات". أما بخصوص تهم التآمر على تزوير التاريخ و الحقائق التي حفزتك على انتقاد من ساهموا في الفيلم الوثائقي فأنا ما زلت عند مطلبي بتقديم البينات على التآمر و التزييف، و بالله يا بدر الدين السيمت هسع في تزييف اكتر من قولك : " فاختلاف الرأي لا يفسد للود قضية. »ـ؟، عشان الناس الكتلواالاستاذ محمود ما كتلوه في رقبة أو إنقلاب أو تمرد مسلح،الأستاذ محمود اغتيل على يد حفنة من المجرمين الذين لم يتمكنوا من مقارعته الحجة بالحجة في ساحة الفكر فشنقوه.


مرة و نحن في واحدة من حلقات نقاشنا في كلية الفنون، أخرج لنا بولا عبارة الفنان سالم موسى الفريدة  :"الحقيقة تبدو و لا تكون". و شغلتنا قولة سالم موسى زمنا و قلّبناها على أكثر من نار و شققناها طولا و عرضا و اظننا خلصنا منها إلى تركيب ريبة مشروعة بموضوعة " الحقيقة" كصورة متبدّلة مخاتلة لا تعويل عليها حين تبدو و لا غنى عنها حين تكون .و أظن أن السهولة البادية في إستجابة موضوعة الحقيقة لإلتواءات السلوك الروحانياتي هي المسؤولة عن استشراء جائحة الحقيقة في بنى التفكير الديني على إختلاف الأديان السماوية و الأرضية. طبعا فولة الحقيقة الدينية تفيض عن سعة هذه المناقشة لكني سأعود لتقليبها كلما سمحت تفاكير هذا الخيط.
سأعود لسيرة "أعمدة الحداثة" في السودان فصبرا.
صورة العضو الرمزية
إبراهيم جعفر
مشاركات: 1948
اشترك في: الاثنين نوفمبر 20, 2006 9:34 am

مشاركة بواسطة إبراهيم جعفر »

تعقيب آخر من الأستاذ بدر الدين يوسف دفع الله السيمت على د. حسن موسى:

عزيزي الدكتور الفاضل حسن موسي

مودتي وتقديري

أولا: أحب ان الفت نظركم الكريم إلى أنك قد أخرجت قولي (اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية) من السياق الذي قيل فيه، الي سياق آخر يختلف جذريا عنه، ثم سميته تزييفاً وبنيت عليه أحكامك...لذا أرجو التفضل بقراءة السياق مرة أخرى.

لقد كتبت : ((هسع يا بدر الدين السيمت أنا لوقررت أعمل فيلم وثائقي عن تجربتك الدينية و قمت منتجت أفكارك و سطتها سواطة سياسية لإخفاء وجهك الروحي النضير و شيطنة وجهك السياسي، فإنت ما عندك طريقة تحجر علي، لكن ممكن تعبر عن وجهة نظرك بكوني تجاوزت الحقيقة و المنطق في كيت و كيت و بعدين أنا أجيك راجع و أغالطك من جديد دفاعا عن وجهة نظري و دا اسمه "الصراع الفكري" وهو لمعلوميتك لا يفلت عن طوائل الصراع الطبقي [ ياخي أكتبها "دواس" عديل كدا]و في الحاجة الإسمها الصراع الطبقي قول الحق وارد مثلما أن التزوير وارد، بس كل زول شايف تزوير في حتة مفروض يفضحه بالأدلة و الحساس يملا شبكته.و هسع أنا طالبك شرح بالبراهين على إتهامك لمن ساهموا في الفيلم و من صنعوه بالتآمر على "تزوير تاريخ الأستاذ الجليل محمود محمد طه)).

قد رددت عليك بقولي: (وبالطبع فمن حقك أن تقول عن جذوة التأويل ما تشاء...ومن حقي ومن حق غيري أن ينتقد رأيك.. ومن حقك أيضا أن تعود وتدافع عن رأيك مرات ومرات كما تشاء...وذلك عندى ليس صراعاً فكريا أو "دواساً" كما تفضلتم.. وإنما هو حوار منطقي لاستجلاء الحقائق.. وهو أمر طبيعي يحدث في جميع المجالات الفكرية والثقافية والروحية أيضا.. فاختلاف الرأي لا يفسد للود قضية).

ذلك هو السياق الذي وردت فيه العبارة (اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية)...ومنه يتضح لك وللقراء انني اتحدث عن الخلاف الذي بيني وبينك ، والذي اسميته أنت الصراع الفكري...هذا هو الذي لا يفسد للود قضية بالنسبة لي..وسيظل حبل المودة من جانبي ممدودا لك، ولكل من يختلف معي في الرأي...كما هو الشأن في أي مناقشات فكرية بين الباحثين والدارسين..ولكنك أقحمت موضوع الاستاذ محمود اقحاما في سياق حديثي، مما قد يربك القارئ... ولست أدري سبباً للخلط والإقحام؟
ثم لم تكتف بذلك وذهبت تتهمني بالتزييف!! فكتبت:

(بالله يا بدر الدين السيمت هسع في تزييف اكتر من قولك: " فاختلاف الرأي لا يفسد للود قضية. »ـ؟).

اغتيال الاستاذ محمود قد كان جريمة قتل بواسطة حفنة من المجرمين، على حد تعبيرك. وذلك قول صحيح كل الصحة ولكنك أوردته في غير محله مما يغير السياق. موضوع اغتيال الأستاذ محمود، لم يكن اختلافا في الرأي أو عجزا عن مقارعة الحجة بالحجة، كما ذهبت الى ذلك انت. السلفيون لم تكن لهم حجة، ولم يقدموا رأيا حتى يومنا هذا. كتب الاستاذ محمود عن زعيم جبهة الميثاق في ميزان الإسلام والثقافة الغربية وساق فيه حججا كثيرة...وأكد فيه: "ونحن إذ نستقبل هذا العمل نؤكد، لمن عسى يحتاجون لتأكيد، أن شخصية الدكتور حسن موضع حبنا، ولكن ما تنطوي عليه من زيف وادعاء هو موضع حربنا". فأنت تري اذن أن اختلاف الراي لم يفسد للود قضية عند الاستاذ محمود... والجدير بالذكر ان دكتور الترابي لم يرد ولم يقارع الاستاذ محمود بأي حجج، وانما كان يتآمر، شأنه شأن اخوانه في محكمة الردة 1968 وبقية الظلاميين والذين لم يكونوا يقارعون الاستاذ حجة بحجة على طول المدى. وهم عندما اغتالوه شنقاً في تلك الجريمة النكراء لم يغتالوه لمجرد خلاف في الرأي...وانما اغتالوه كمهووسيين دينيين متعصبين لا يعرفون عن الحجة او الحوار شيئا ولم تكن لديهم حجة اصلا ليقارعوا بها الاستاذ ... فالقول بأنهم عجزوا عن مقارعة الحجة، أعطاهم فضيلة لا يستحقونها.

ثانيا: فيما يتعلق بقولك: ((وحين تنفي فكرتي القائلة بحداثة الأستاذ محمودفي عبارتك الموجزة التي ترميني فيها بظلم الأستاذ محمود وظلم فكر الحداثة في آن معا، فأنامضطر لمطالبتك ببذل الحيثيات التي بنيت عليها مثل هذا الحكم عشان الموضوع ما يبقى "طق حنك ساكت"، ولا شنو؟ المهم يا زول من تأملي في استخدامك لفكرة " الحقيقة" " وليس هناك (حساس ليملا شبكتو) إنما هناك انتصار للحقيقه أينما وجدت ".بدا لي أنك تعتقد في وجود كائن اسمه الحقيقة جاثم في حرز مكنون في انتظار ان يتوصل الناس إليه في واحدة من لحظات الكشف الروحي إياها)).

لقد سلفت الاشارة في تعقيبي السابق، إلى أنك، وكل أصحاب الاقلام، لهم الحق، بطبيعة الحال، في أن يتناولوا منتوج الأستاذ محمود من منطلق مجالهم (حداثي...سياسي...الخ)..وهذا هو ما يحدث فعلياً، وهو أمر طبيعي، ليس فقط فيما يتعلق بالأستاذ محمود، ولكنه ينطبق علي أي عارف آخر..

قد نختلف أو نتفق في مستوي ذلك التناول أو طبيعته، أو مدى جودته أو ضعفه...كل ذلك أمر مشروع...

أما التزوير الذي أتحدث عنه أنا فهو إخراجك للأستاذ محمود من مجاله الاساسي (الروحي) والذي منه نبع حديثه عن الديمقراطية والاشتراكية والكرامة...الخ) واعتباره واحداً من أهل الحداثة وهذا وصف مضلل للأستاذ محمود، يمحو جوهر فكرته الروحية... أكثر من ذلك أنك تعتبر (أن حضور الروح في اي مناقشة يستوجب التوجس وقيل يجيب الهوا عديل كدا) ولقد سبق لك أن قلت (إن الانزلاق في الدروب الروحانيتيا قد تفسد علينا منفعة الحوار في ما يهم الشعب).

من أجل أن يرتفع اللبس عن هذه النقطة البديهية، حتى لا نعود لها ... على سبيل المثال البسيط، لو تحدث طبيب عن مسألة هندسية.. ثم قام مهندس فتناول نفس تلك المسألة من منظوره كمهندس ... هل تحتاج أن تجعل من ذلك الطبيب أحد أعمدة الهندسة بسبب خوضه في مسألة هندسية، وتستبعد كونه طبيباً في الأصل!

أقول قولي هذا وليس غائباً عني التداخل بين حقول المعرفة الانسانية.. ولكن لكل حقل حدوده ومميزاته وصفاته وابعاده وموضوعه.

أما تأملك فيما اسميته "فكرة الحقيقة" وما بدا لك من تأملك انني أعتبر الحقيقة "كائن جاثم في حرز مكنون". فأنا لا أعتبر أن الحقيقة "فكرة". ولا أعتبرها "كائن جاثم في حرز مكنون".. ولي أقوال مكتوبة ومسموعة تجري على عكس تأملك. ولكن ليس هذا مجال الخوض فيها. ولكن الشاهد هنا انني كنت أتحدث عن وقائع تاريخية حدثت في الماضي. وما يحدث في الماضي وقائع ثابتة وحقيقية، مثلا: الأستاذ محمود درس في كلية غردون. هذه حقيقة ثابتة عندي وعند كل من يعرف الأستاذ... ولكن هذا لا يمنع أن يجادل فيها الناس...علما بأن جدلهم ـوعدمه لن يغير من تلك الحقيقة التاريخية الثابتة.. وذلك هو الفهم الذي قصده لكلمة "الحقيقة" حين انتقد الفيلم الوثائقي وموقف الجمهوريين في 85 لأنها وقائع الماضي الثابتة والتي جرى تزويرها ومحاولة اخفائها في هذا الفلم وفي غيره.

وختاما، لك أكيد مودتي.


بدرالدين يوسف السيمت
مركز دراسات التأويل
٢٤ يونيو ٢٠٢٠

حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

في إختلاف الرأي و فساد الود

مشاركة بواسطة حسن موسى »





في إختلاف الرأي و فساد الود


سلام يا أبراهيم الخليل و الشكر مجددا على المناولات و السلام يا بدر الدين السيمت مع جزيل الشكر على القراءة الرشيدة.فما كل يوم نحظى بخصوم يتفحصون المكاتيب بمثل أناتك.و قد عدت لقراءة مكتوبك السابق و تنبهت لغفلتي التي اودت بي في مقام سوء الفهم المجاني الذي كنت أحذرك منه. و فعلا أذنبت في حقك حين أخرجت قولتك" إختلاف الرأي لا يفسد للود قضية" من سياق لسياق غيره و لا عذر لي ، فبالله "امسحها لي فوق راسي" جزاءا وفاقا على عجلتي، و قد جاء في الأثر أن" العجلةمن الشيطان". و بما أني ضعيف الإعتقاد في "الشيطان"،بيكوظ اوف عادات الفكر المادي و كدا، فلك ان تضيفها لحساب الطلاشة، طلاشة المشيب التي تدركنا بعد أن نتخارج من طلاشات الشباب. [و في الطلاشة شبهة شباب لو تدري].

و قد عملت بنصيحتك التي تقول فيها"أرجو التفضل بقراءة السياق مرة أخرى" فقرأته من جديد لكن عبارتك " إختلاف الرأي لا يفسد للود قضية" وقفت لي زي "شوكة الحوت "التي يزعم اهلنا الكردفانيون الذين لا يأكلون الحوت، بأنها "لا بتمرق و لا بتفوت ".و لو تأملت يا بدر الدين السيمت في تركيب هذه العبارة العجيبة لوجدتها تعمل على منطق المرآة في المقابلة بين مفهومي " إختلاف الرأي" و" فساد الود"، حتى ليظن المرء ان سبب الود بين الناس كامن في إنتفاء الإختلاف في الرأي و طبعا الود بين الناس مطلوب لكن طلب الود لا يعني نهاية الإختلاف في الرأي.فأنت تقول :ـ
"ذلكهو السياق الذي وردت فيه العبارة (اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية).ومنه يتضح لك وللقراء انني اتحدث عن الخلاف الذي بيني وبينك ، والذي اسميته أنت الصراع الفكري...هذا هو الذي لا يفسد للود قضية بالنسبة لي..وسيظل حبل المودة من جانبي ممدودا لك، ولكل من يختلف معي في الرأي...كما هو الشأن في أي مناقشات فكرية بين الباحثين والدارسين...."
لكن يا بدر الدين السيمت أنحنا ودّنا المشترك الذي نصون عليه خلافنا في الرأي هو ود نسبي حاصل في مقام تحالف مفهومي سياسي يتيح لنا مواصلة هذه المناقشة مثلما يسوغ لنا أن نتقاسم الفرحة السياسية بإندحار نظام الأخوان المسلمين في السودان، و أنا أعول عليه في بناء مشروع عمل سياسي مشترك يثمر لصالح أولويات الديموقراطية و التنمية في السودان و العدالة. يعني مسألة فساد الود تعتمد في النهاية على مدى الخلاف و على نوعيته بين الفرقاء المتواددين.و هناك مستويات من إختلاف الرأي لا تطيق أي ود بين الفرقاء، و الأمثلة وفيرة عند جماعات السودانيين الذين توصلوا لحمل السلاح في وجه مخالفيهم [الإسلاميين ؟]في الرأي ، ببساطة لأن رأي هؤلاء الإسلاميون الذين سادوا ثلاثين عاما في السودان كان ـ و مازال ـ يتلخص في قتل من لا يشاركهم قناعاتهم الفكرية او السياسية. و الأجر على الله.
طبعا أنت لا تؤمن بأن للقوم قناعات فكرية حتى يكون عندهم رأي أصلا،كما جرت عبارتك :
" موضوع اغتيال الأستاذ محمود، لم يكن اختلافا في الرأي أو عجزا عن مقارعة الحجة بالحجة، كما ذهبت الى ذلك انت. السلفيون لم تكن لهم حجة، ولم يقدموا رأيا حتى يومنا هذا. كتب الاستاذ محمود عن زعيم جبهة الميثاق في ميزان الإسلام والثقافة الغربية وساق فيه حججا كثيرة...وأكد فيه: "ونحن إذ نستقبل هذا العمل نؤكد، لمن عسى يحتاجون لتأكيد، أن شخصية الدكتور حسن موضع حبنا، ولكن ما تنطوي عليه من زيف وادعاء هو موضع حربنا". فأنت تري اذن أن اختلاف الراي لم يفسد للود قضية عند الاستاذ محمود... « 
أها يا بدر الدين السيمت هنا الفرق كبير بين ودّنا المشترك أنت و أنا و ود الأستاذ محمود تجاه حسن الترابي .لأنه إذا كانت قضية الود مصانة عند الاستاذ محمود و هو يعالج سيرة الترابي،فذلك ود من طرف واحد. لكن من الصعب القبول بأن ود الترابي كان محفوظا تجاه الأستاذ محمود أو تجاه أي من خصومه السياسيين الذين أودت بهم خصومة الترابي و شركاه إلى الموت. لكني يا بدر الدين السيمت حين أتأمل في عبارتك التي تسلب فيها مبدأ الحجة من الإسلاميين السلفيين ألمس فيها نبرة غضب يحيد بك عن الموضوعية في تناول سلوك السلفيين السياسي. لأن "هؤلاء الناس" ،مهما كانت درجة خصومتنا معهم ـ ظلوا، و مازالوا ـ جزءا أصيلا من فرقاء الحركة السياسية الحديثة في السودان و في غيره من بلاد المسلمين.و أنا أراك تتخلص من مشقة التأني عند دوافعهم[ الظاهرة و الخفية]، و تشيح عن ملابسات الجيوبوليتيك الشرق أوسطي التي تمخّضت عنهم بذريعة سهلة فحواها أن القوم مجرد"مهووسين دينيين متعصبين لا يعرفون عن الحجة أو الحوار شيئا"، ثم تستنتج من ذلك أن من قال"بأنهم عجزوا عن مقارعة الحجة، أعطاهم فضيلة لا يستحقونها". و أنا أظن أن حجتك في نفي السلفيين من فضاء السلوك السياسي العقلاني بكونهم مجرد مهووسين تنطوي على خلل منهجي يعمي بصيرتك النقدية عن رؤية الواقع الإجتماعي الطبقي الذي يتحرك فيه "هؤلاء الناس".و اي مراقب للحياة السياسية للإسلاميين السودانيين يعرف حجج الإسلاميين و يرى ضعفها و انتهازيتها و غوغائيتها لكن ضعف الحجة و انتهازيتها و غوغائيتها لا يلغي صفتها كحجة و على قدر اهل العزم تأتي العزائم.و لو كان في مقدورنا أختيار الخصوم الذين نحلم بهم لكنّا أنتقينا خصومنا بين الاشهم و الأعلم و الأوسع خيالا بين الإسلاميين المتوفرين في سوق المنازعات الفكرية.لكن ياها دي قسمتنا و قدرنا أن نصارع اراذل الإسلاميين و نرهقهم صعودا بكل الوسائل حتى تنفتح بصائرهم و يعوا قدر الإنسان الكامن في دخائلهم..

و بمناسبة "الدخائل" دي استرعت انتباهي عبارتك التي تقول فيها : »أما التزوير الذي أتحدث عنه أنا فهو إخراجك للأستاذ محمود من مجاله الاساسي (الروحي) والذي منه نبع حديثه عن الديمقراطية والاشتراكية والكرامة...الخ) واعتباره واحداً من أهل الحداثة وهذا وصف مضلل للأستاذ محمود، يمحو جوهر فكرته الروحية.... « 
أها يا بدر الدين السيمت،خلينا من تهمة" تزوير" الأستاذ محمود التي صرفتها للجميع بدون فرز، هسع أنا بكتب في كلامي دا ، و بدون أي اعتبار لعقيدتك الروحية، شايفك زول حداثي و مسلم إصلاحي.و دي طبعا وجهة نظري التي استنتجتها من النظر في أدبك المبذول على الملأ ،و فهمي لموقفك لا يجعل مني مزورا أو مضلل امثلما فهمك أنت للاستاذ محمود ككائن روحاني لا يجعل منك مزورا أو مضللا.و دا يجيبنا لسيرة أعمدة الحداثة السودانية الذين سألتني عنهم، و هم في نظري كثر أفرزهم على مواقفهم من طوائل الصراع الطبقي السوداني.لأن الحداثة في السودان، رغم أنها طرحت نفسها ضمن ملابسات الهيمنة الإستعمارية، إلاّ أن أهل السودان في حركتهم المعادية للهيمنة الإستعمارية عارضوا حداثة رأس المال الإستعماري بحداثة التحرر.و في هذا المشهد أورثنا الأستاذ محمود أدبا حداثيا نعتد به في مشهد حداثة التحرر.
و لي كلمة قديمة في هذا الصدد بخصوص ما عرف بـ "حادثة رفاعة"[1946] جاء فيها :

« 
وفيما وراء الشقاق الفقهي حول الأحاديث النبوية الضعيفة والقوية يبقى موضوع الخفاض علامة مهمة في المنظور التاريخي لتأسيس الحداثة السودانية ضمن ملابسات النضال ضد الهيمنة الاستعمارية. وذاكرة الحركة الوطنية تحفظ لمناقشة الخفاض خانة حظوة ضمن مشهد الخلط والاشتباه وسوء الفهم )العفوي والمقصود(الذي أجّج له متكلمون، فيهم مستعجلون وفيهم مغرضون، في موضوع معارضة الأستاذ محمود محمد طه )وأهل رفاعة(لقرار السلطات الاستعمارية بتجريم من يمارس الخفاض. 
وقد سجنت سلطات الاستعمار الأستاذ محمود لموقفه المعارض لقرارها وتظاهره ضد تجريم الخافضة وأسرة الطفلة المخفوضة. والصراع بين الأستاذ محمود وسلطات الاستعمار كان ـ ومازال؟ـ صراعا بين نسختين متعارضتين للحداثة. رغم أن النظر المستعجل ـ أو المغرض سياسياـ يملك أن يقرأه كصراع بين الحداثة والتقليد. فمشروع الحداثة الاستعمارية يتلخص في ضرورة تحديث المجتمعات المستعمَرة بالقوة وبأسرع ما يمكن بغاية دمجها في منطق تنمية رأس المال الاستعماري. وفي هذا المنظور يمكن فهم المشاريع التي تستهدف أوجه التنمية المادية، كالتعليم الوظيفي وبناء الخدمة المدنية الحديثة وتطوير المواصلات وتنظيم التجارة على أسس السوق العالمي ومكننة الزراعة وتوجيهها الخ. . والمشاريع التي تستهدف أوجه "إعادة" التربية الـ "رمزية" للمجتمع المحدّث كتسويغ النمط الأوروبي للحياة الاجتماعية في الملبس والمأكل والمسكن، وقبول أمور كانت تتعارض مع التربية التقليدية والدينية كقبول نظام المحاكم المدنية التي همّشت من النظام القضائي الموروث من المجتمع التقليدي أو قبول التعامل مع النظام المصرفي القائم على الربا وتعليم الفتيات وقبول حظر الاسترقاق والتخلي عن بعض أوجه الممارسات الثقافية التي صنّفتها السلطات الاستعمارية في باب "العادات الضارة" كخفاض الفتيات الخ. 
وفي هذا الأفق، استفردت السلطات الاستعمارية بالمشروع الحداثي واحتكرته وحرّفته ليتطابق مع المشروع الاستعماري، وغررت بالسودانيين الذين انخرطوا فيه حين استشعروا بالغريزة المنفعة الكامنة في طياته التقنية في مجالات التعليم و الخدمات الصحية والمواصلات وتنمية البيئة الخ. 
ومن الجهة الأخرى انطوى مشروع الحداثة السودانية، على الأقل في نسخة الأستاذ محمود، على طعن مبدأي وجذري في شرعية قوامة المستعمرين على المشروع الحداثي. وكان موقف الأستاذ محمود يتلخص ببساطة في كون المشروع الحداثي هو مشروع اختيار حر وواعي ضمن كفاح الناس لتملك مصائرهم. وطالما لم يتوصل السودانيون لقناعة التخلي عن تقليد الخفاض فليس من حق السلطات الاستعمارية أن تفرض عليهم خياراتها الثقافية والأخلاقية. ووجه الاشتباه في الصراع بين الأستاذ محمود والسلطات الاستعمارية يكمن في أن موقف محمود، على حداثته الأصيلة، يملك أن يقرأ كدفاع عن التقليد قبل الرأسمالي في أحد أكثر تعبيراته بربرية، بينما تنفرد السلطات الاستعمارية، التي هي أصلا غير معنية بحداثة التنوير الانساني، بدور حارسة قيم الحداثة والتقدم والتنوير. 
ولا شك أن محمود محمد طه كان واعيا بطبيعة التركيب اللاحق بسؤال الخفاض كأحد محكّات إشكالية الحداثة، مثلما كان عارفا بمخاطر الاشتباهات السياسية التي تترصّده عند منعطفات الحداثة في الساحة السياسية السودانية. وأظن أن قناعته بأهمية تقعيد الحداثة في السودان كفعل اختيار حر وواعي هي التي جعلته يقبل التعرض لمشقات الاعتقال ومشقات سوء الفهم بين قطاع من المتعلمين السودانيين الذين لم يفهموا أن الغاية من موقفه كانت هي إنقاذ المشروع الحداثي في السودان، بل وانتزاعه انتزاعا من قبضة السلطات الاستعمارية ، وليس الدفاع عن خفاض الفتيات. 
«
أنظر خيطي" جيوبوليتيك الجسد العربسلامي في السودان" على الرابط : 
https://sudan-forall.org/forum/viewtopic ... e3f128be6e

و طبعا موقف الاستاذ محمود الحداثي الوطني التحرري لم يخرج من فراغ ، لأنه يستبطن داخله جملة المواقف المهمة في تاريخ حركة التحرر السودانية، ذلك أن محمود الذي ولد في 1909، بعد عقد واحد من تأسيس الدولة الإستعمارية الحديثة في السودان، و بعد سنة واحدة من إنتفاضة "عبد القادر ود حبوبة "[1908]، لا بد له أن يضمر في حنايا وجدانه الوطني ذاكرة ثورة 1924 التي أسست للفرز السياسي بين "الشعب" المعادي للإستعمار، من جهة و أعيان الأرستقراطية الدينية و القبلية الموالين للإدارة الإستعمارية من الجهة الأخرى.
و في منظور الفرز فبركت الإدارة الإستعمارية نوع الزعماء السودانيين المكلفين برعاية مصالح رأس المال و فرضتهم على الشعب السوداني. و قد أورثنا الـ"سير" عبد الرحمن المهدي، في مذكراته، سيرة وافية عن الظروف التي مكنته فيها الإدارة البريطانية من أن يتصدر طليعة الرأسمالية الوطنية مقابل قيامه بتدجين الوحش المهدوي الجريح في مطلع القرن العشرين.[ أنظر نصي" محاولات سودانية في تملك الحداثة" على الرابط :
https://www.sudan-forall.org/forum/viewt ... 78791e81fd

لكن المهم في الأمر هو أن محمود كان يقف من سؤال الحداثة في موقع الرائد الواعي بطبيعة دوره و العارف بقدر الخصومة الواقعة بينه و بين فرقاء صراع الحداثات في السودان. »قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو و لكم في الأرض مستقر و متاع إلى حين"[ الأعراف].يعني الصراع الطبقي دا إلا يكتبوا عليه :هذا صراع طبقي؟ و لا كيف؟

سأعود

صورة العضو الرمزية
إبراهيم جعفر
مشاركات: 1948
اشترك في: الاثنين نوفمبر 20, 2006 9:34 am

مشاركة بواسطة إبراهيم جعفر »

تعقيب من الأستاذ بدر الدين يوسف دفع الله السيمت على د. يوسف الشريف المليح:



عزيزي الفاضل الدكتور ياسر الشريف

تحيتي ومودتي وتقديري

أود أن اشكرك علي اهتمامك وعلي تعليقك الذي أوردته في هذا الخيط أعلاه

أولاً: فيما يتعلق بعبارة "تجسيد المعارف" التي وردت على لسان الأستاذ محمود.. هذه العبارة قد وردت علي لسانه وهو يخاطب الجمهوريين.. ويخصهم بقوله:

"ترضوا بالواجب العليكم...تنجلدوا...ترضوا بالمهانة" كما نقلت أنت عن الأستاذ.

وإني لأستغرب كيف جاز للدكتور ياسر أن يسحب خطاب الأستاذ محمود للجمهوريين علي الأستاذ محمود نفسه! فمن البديهي أن المخاطب (بكسر الطاء) يتحدث الي المخاطبين (بفتحها) في أمر يخصهم هم.. ولا يتحدث عن نفسه.

ومن الثابت أن الجمهوريين لم ينفذوا توجيه الأستاذ محمود. فلم يتم جلدهم.. ولم يرضوا بالمهانة... بل فعلوا عكس توجيه أستاذهم تماما. فتنازلوا عن الفكرة...ووصموا أستاذهم بالكفر.. إن لم يكن بلسان المقال فبلسان الحال.. ثم قاموا بحل الحزب الجمهوري وعطلوا نشاطه ولم يحركوا ساكنا بعد تنفيذ الحكم علي الأستاذ الجليل.

من هنا يتضح أن تخصيصك لعبارة "تجسيد المعارف" وحصرها في الأستاذ محمود قول يجانبه الصواب...مما يجعل عنوان الفيلم الوثائقي (تجسيد المعارف علي منصة الاعدام) عنوانا خاطئا...بل ومزورا لوقائع التاريخ.. لا سيما أن عبارة تجسيد المعارف لم يكن لها علاقة بمنصة الاعدام في الوقت الذي وردت فيه على لسان الأستاذ.

ثانياً: أما حديث الفداء والشيخ الرفيع...فتلك لم تكن المرة الأولي التي تحدث فيها الاستاذ عن الشيخ الرفيع...فقد سمعت هذه القصة منه مرارا منذ الستينات من القرن الماضي..وفي هذا الحديث بالذات طلب الأستاذ محمود من الجمهوريين أن "يواجهوا أمرهم..ويفدو شعبهم" كما أوردت في حديثك..ولكن ما حدث هو أن الجمهوريين لم يواجهوا أمرهم ولم يفدوا شعبهم...بل أنهم تنازلوا عن الأستاذ محمود فور تنفيذ الحكم.

وقد سبق للاستاذ محمود أن نبه الجمهوريين وحذرهم من أن يقفوا مع أنفسهم في ديباجته العظيمة المؤرخة في 30 أكتوبر 1984 قبل تنفيذ الحكم بأقل من ثلاثة شهور.. حيث أورد الآيات من 144 حتي 160 من سورة آل عمران..ثم قال: "ومشكلتنا كلها واردة في قوله تعالي "وطائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية" ثم مضي الأستاذ محمود ليقول "وسبب الخوف جهلنا وحرصنا علي سلامة أنفسنا".

أورد لك هنا نص الآية كاملة حتي يتبين لك قصد الأستاذ الجليل: "ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاسًا يَغْشَىٰ طَائِفَةً مِّنكُمْ ۖ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّـهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ ۖ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الْأَمْرِ مِن شَيْءٍ ۗ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّـهِ ۗ يُخْفُونَ فِي أَنفُسِهِم مَّا لَا يُبْدُونَ لَكَ ۖ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا ۗ قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَىٰ مَضَاجِعِهِمْ ۖ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّـهُ مَا فِي صدوركم والله عليم بذات الصدور"

فأنت تعلم كما أعلم أن الأستاذ لم تكن له مشكلة.. ولم يكن حريصا علي سلامة نفسه..ولم يكن يظن بالله غير الحق.. فهو إنما يخاطب الجمهوريين بكل أولئك.

لكل تلك الاعتبارات الهامة يحدوني أمل وطيد أنك سوف تراجع قولك: "وفي نفس الوقت فتح بموقفه ذاك لتلاميذه الأربعة، وغيرهم من الجمهوريين، أن المواجهة في القمة قد حدثت على يده هو ولا تستلزم من أحد أن يموت في سبيلها".

أود أن ألفت نظرك الكريم الي أن الأستاذ محمود قد فعل الفعل الصحيح وقام بالواجب فيما يليه هو.. دون أن يفرض وصاية علي أحد..وقد وقف الأستاذ وقفته الشهيرة بابتسامته الخالدة كفرد حر..يعبر عن حريته..وفعله كفرد حر يعبر عن نفسه وإرادته وحريته. وبالطبع فان الفرد الحر الكامل غاية في ذاته ويستحيل أن يكون وسيلة أو فداء لغيره.

ولو فرضنا جدلا وتمشيا مع منطقك بأن الاستاذ كان يري أن المواجهة غير لازمة على الجمهوريين وانما ملزمة له هو في القمة.. فكيف يمكن أن تفوت على حصافته ودقته أن يبلغ ذلك للجمهوريين الأربعة المحكوم عليهم بالإعدام منذ صدور قرار المحكمة الابتدائية أوعند الاستئناف! فقد كان هناك متسع من الوقت لابداء ذلك التوجيه، ولو طلب ذلك منهم لفعلوا...ولكنه لم يطلب ذلك منهم..لماذا؟ لأنه أراد لهم أن يقوموا بواجبهم ويواجهوا أمرهم حسب النص الذي نقلته أنت عن الأستاذ.

فان كنت تقصد أن تنفيذ الاعدام قد كان فداء للجمهوريين أو للشعب السوداني.. لإزالة "وباء" قوانين الشريعة الاسلامية، فان شيئا من ذلك لم يحدث في الواقع...بل إن العكس تماما هو الذي حدث.. لأن قوانين سبتمبر ظلت قائمة حتى أثناء فترة الديمقراطية عقب ثورة أبريل 85.. وهي ما تزال قائمة اليوم.. بل أن حكم الردة نفسه قد أصبح قانونا إلي يومنا هذا. أكثر من هذا فقد تم تطبيق الشريعة الاسلامية في أبشع صورها ولمدة ثلاثين عاما تم فيها اذلال الشعب واهانته وتم فيها فصل الجنوب وتثبيت أركان النظام القضائي الفاسد الذي لم يعترف به الاستاذ محمود.. واعتبر محكمتهم مجرد "مهزلة".. ولكن من المؤسف حقا أن الجمهوريين في عام 1986 قد فارقوا موقف الأستاذ الرافض للاعتراف بشرعية المحكمة وادانته لخضوعها للسلطة التنفيذية...حيث قاموا بمنحها الشرعية واستأنفوا حكمها للمحكمة العليا.. التي أبطلت الحكم شكلا فقط.. ولكنها في الموضوع قررت أن الردة من المسائل الثابتة في الشريعة فتركتها كما هي..وفوق هذا وذاك لم يطالب الجمهوريون بمحاسبة ومساءلة المجرمين الضالعين في هذا العمل الشنيع ولم يحاسب أحد الي يومنا هذا علي جريمة اغتيال الأستاذ محمود.

من الثابت أن الجمهوريين كانوا يعتقدون أن الاستاذ لن يقتل.. وكانوا يشيعون أنه لا يموت باعتبار أن الإنسان الكامل أو الأصيل الواحد في مقام الاسم (الله) لا يموت موتا حسيا..وقد أستعلن هذا الظن بعد طرح موضوع الأصيل الواحد في عام 1982 (أي قبل التنفيذ بثلاث سنوات تقريبا). أذ أنه علي أساس فكرة الأصيل الواحد فقد أصبح منطقيا لدى الجمهوريين أحد خيارين: أما أن يكون الأستاذ محمود هو الأصيل الواحد الذي لايموت..أو أن يكون الأستاذ محمود ليس هو الأصيل الواحد وبالتالي عليه أن يعود الي التقليد مرة أخري! فلما تم تنفيذ الحكم علي الأستاذ اصبح الجمهوريين أمام أحد خيارين مرة أخري...أما انكار مقام الاستاذ محمود وانكار أصالته..أو أن يستمروا في اعتقادهم بانه الاصيل الواحد وفي هذه الحالة لا بد لهم من ايجاد تبرير او تبريرات لاعدامه، مثل أحاديث الفداء...أو عودة الاستاذ للحياة مرة أخري..أو الادعاء بأن الطبيب الذي كشف عليه وجده حيا..أو أن التنازل قد تم تحت الاكراه....الخ من التبريرات التي تنشأ عادة عند انهيار مثل تلك العقائد.

والجدير بالذكر أن موضوع الاصيل الواحد في 1982 قد كان هو السبب الوحيد لخروجي من الفكرة الجمهورية..وقد أوضحت ذلك في مواطن عديدة آخرها في الرد علي أحد الجمهوريين في صفحة جذوة التأويل التي أوردت أنت رابطها هنا مشكورا..ويمكن لمن شاء الرجوع اليه في مظانه.

ثالثاً: أما قولك أن موقف الاستاذ قد كان من أجل "التأكيد على أصالته وتفرده، وإعطاء الدليل والبرهان على صحة دعوته"!! فهو قول منكر أشد النكر.. وأعتقد أنك خليق بمراجعته.

أن تفرد الأستاذ وأصالته وصحة دعوته لا تحتاج للإثبات.. لا على منصة إعدام ولا في أي مكان آخر.. فاذا كان الاستاذ كما تقول يقصد أن يثبت دعوته ويبرهن على صحتها في 85 فماذا كنتم تتبعون من قبل؟ هل كنتم تتبعون رجلا لا يثق في أصالته وتفرده وإنما هو ما زال يسعي لإثبات ذلك؟
أسمع قول الاستاذ محمود عن أصالته وتفرده والصلة التي تربطه بالمدعوين...حين يقول "أنها صلة الداعية الي تقليد محمد.. على أن يكون التقليد وسيلة الي الاستقلال عن التقليد -الي الأصالة- وحين أدعو الي الأصالة عن طريق التقليد انما أدعو الي تجربة خضتها...وعرفتها...وأستطيع أن أستخرج سندها وأدلتها من أصل الدين...كما فعلت مثلا في رسالة الصلاة".

فأنت تري اذن أنه لم يكن هناك شئ يحتاج للاثبات أو البرهان..وكيف يبرهن علي صحة دعوته رجل إلهي الدماء...سماوي القلب..مثل الأستاذ محمود! أليس هو القائل: "لا أحب أن أزايل مقامي هذا قبل أن أؤكد لك، أن الأرض في تفكيري، قد التحقت بأسباب السماء!! فلست أري أرضا ولا سماء، وانما وحدة اتسقت فيها العوالم، من الدراري الي الذراري، في غير تفاوت نوع، وأكاد أقول، ولا تفاوت مقدار، وأنما هو التعاون المتضافر، في الدلالة علي وحدة المعاني القائمة وراء تعدد الشخوص، وحدة يستوي فيها، جبريل وأبليس، في كمال البلاغة والتبليغ".

أخيراً وليس آخرا..دعني أسألك ومن ورائك الجمهوريين: ماذا كان يفعل الاستاذ محمود منذ عام 1951؟ الا تكفي حياته العامرة بالذكر والحضور والاستقامة والعلم الفياض دليلا علي أصالته؟ وتفرده؟ وصحة دعوته؟ وهل هناك تجسيد للمعارف أعظم من حياته المباركة التي قال عنها: " فصلاتي، وصومي، وحجي، وزكاتي، هي في مجموعها، وفي تفريقها، حياتي كلها...في منشطي ومكرهي..في يقظتي ونومي..في صحتي ومرضي..وهي حياة يجب أن تكون لله راضية به...مصححة لحالها في الرضا...حتي تبلغ بذلك أن تكون فرحة بالله أشد الفرح".

ولا أريد أن أستطرد في أيراد النصوص الأخري التي تؤكد ذات المعني فهي مبذولة وأنت بها عليم..وغني عن البيان أن الأمر ليس في النصوص فقط...وانما في تطبيقها ومعيشتها ومعرفة الحكمة من ورائها.. وذلك هو ما جسده الأستاذ.

رابعاً: بخصوص التسجيل الذي نسبته لشخصي – ومع تحفظي عليه – فالمهم في الأمر، هو اجابة الاستاذ محمود علي السؤالين وليست شخصية السائل.

اجابة الاستاذ محمود تدين موقف الجمهوريين، والذي لم يكن يشابه موقف القديس بطرس على الإطلاق. فالأستاذ محمود يقول إنه في حالة الحرج لا يسعفك إلا الإيقان.. ويرفع عنك الايمان.. على ضوء ذلك الكلام الواضح هل كان الجمهوريون في 18 يناير 85 على الإيقان؟ الذي هو حظ الأصلاء.. أم علي الايمان الذي هو حظ المقلدين؟ فان كانوا على الإيمان فبماذا كانوا يؤمنون؟ هل كانوا يؤمنون بأن الأستاذ هو الاصيل الواحد؟ أم أن الأستاذ كان مقلدا؟ أم ماذا؟

فإذا كان الجمهوريون مؤمنين، فأين وكيف ومتي تمت ممارسة أي نوع من أنواع الإكراه ضدهم؟ وما هو محتوي الايمان الذي أكرهوا وقلبهم مطمئن به؟ أو ليسوا هم نفس الجمهوريين الذين كانوا ينتظرون الأستاذ أن يبرهن على صحة دعوته ويؤكد على أصالته وتفرده علي منصة الإعدام؟

بالأضافة الي كل ما تقدم فأن القديس بطرس قد اعترف، وندم على تنازله عن السيد المسيح، وأعلن توبته على الملأ، وتم صلبه منكس الرأس حسب طلبه، جزاءً على تنازله وانكاره لسيده المسيح.

أما الجمهوريون فهم لم يعترفوا حتى الآن بتنازلهم عن الأستاذ..ولا يعتبرون ذلك التنازل خطأ..ولم يندموا...ولم يتوبوا...بل ذهبوا لتبرير خطئهم بالتعليلات الواهية المنوه عنها أعلاه.

خامساً: للاجابة علي اسئلتك المحددة بشأن رأيي في موضوع المسيح فأنا أري أن المسيح هو مجرد مثل، يشير الي شعور الانسان بانتمائه الي المكون شعورا يجري في الدم واللحم والأعصاب، ويذوب في الكيان والوجدان في كل لحظة. "ان هو الا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني أسرائيل" وبنو اسرائيل نفسهم مجرد مثل.. شأنهم شأن جميع كلمات القرآن "ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل"...اذن فعيسي مثله مثل آدم "ان مثل عيسي عند الله كمثل آدم" ..وانما كانت كلمات القرآن وحروفه رموزا وأمثالا لأن عقولنا المحدودة لا تصل الي المطلق..ولكن المطلق يصلها "فما كان لشركائهم فلا يصل الي الله..وما كان لله فهو يصل الي شركائهم".

أذن فالمسيح ليس شخصا بعينه...وإنما هو رمز الكمال في كل الناس نساء ورجالا، الذين انتصروا علي أنفسهم، وكانوا في حالة عقلية وقلبية واحدة، في سكون وسلام وأمن "أن المتقين في مقام أمين" والمقام الأمين هو مقام الفطرة التي فطرنا الله عليها "فطرة الله التي فطر الناس عليها"..وهو مقام واحد ومقعد واحد مدخر لكل الناس "في مقعد صدق عند مليك مقتدر".

ولكن ذبذبة عقولنا بين الماضي والمستقبل هي التي تمنعنا من الثبات على هذه الحالة الطبيعية في اللحظة الحاضرة.. وبذلك المعني فقد كان الأستاذ محمود مسيحا.. شأنه شأن الكمل من الصالحين والصالحات. ولذلك فقد كان الجمهوريون ينشدون أمامه دون اعتراض منه: "أنت ابن مريم فينا".. أو "قد أتي القيوم في أنحائنا من منزل الأخرى".

بل إن الأستاذ محمود نفسه كان يقول عن المسيح "إنه فيكم...يظهره القرآن".

وعلي أساس ذلك الفهم قال شاعر الجمهوريين:

أن انتظارك عائد...ظن بأنك غير حاضر
فالآن أنت لمن يري في كل شيءٍ جد ظاهر

والرمزية في التصوف الاسلامي معروفة ومفهومة..وقد كان النابلسي يرمز لنفسه بمجمع البحرين، وبالخضر، وببلاد الشام كلها فيقول:

أنا البلاد..وأهلها أنا
والشام من دون البرية شامي

وقد كان الأستاذ محمود يرمز لنفسه "بالسودان" و"بالحزب الجمهوري" في مواطن عديدة.

إذن فالاعجاز مسالة نسبية تتعلق بعلمك بالأسباب، وفهمك للأمثال، وشهودها شهودا ذوقيا "وشهد شاهد من بني أسرائيل علي مثله". فأنت مثلا كطبيب تعلم أن مجرد النظر بالعين الشحمية هو معجزة يشترك فيها العقل والعين وعناصر أخري عديدة بطريقة معقدة...ولكنها معلومة الأسباب..وكلما ترقينا في معرفة الأسباب بطلت المعجزات بمعنى أنها افعال نعتبرها خارقة للطبيعة...وبهذا العلم وبالسمو والترقي فيه..وبظهور الأفراد الأحرار الذين حققوا الأمن والسلام في نفوسهم ينتصر الخير علي الشر، ويكون كل الناس أئمة بدون مأمومين. ووارثين لله من غير اتباع لأحد "ونريد أن نمن على الذين أستضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين".

علي هدى ذلك الفهم يتجاوز الناس الظاهر المحسوس بالخوض في المعاني الدقيقة، ذلك الخوض الذي حث عليه الأستاذ محمود بقوله:

"وإنما يجب الخوض في المعاني الدقيقة التي تجاوزت الظاهر المحسوس وهذا يعني التأويل.. بهذا الفهم فان التأويل ليس ترفا ذهنيا، وانما هو ضرورة لبعث الاسلام. وبالتأويل أيضا ينفتح الباب لمعرفة النفس البشرية التي تعاني من الخوف والقلق...فيتم لها بهذه المعرفة وحدتها وسلامتها".

وما عملنا في جذوة التأويل إلا خوض في المعاني الدقيقة، ودراسة للنفس البشرية، يقوم الامر فيها علي فهم القرآن فهما دقيقا علي بصيرة ويقين..ثم موالاة البحث الحر والدراسة العميقة المستأنية دون وصاية علي أحد. ولكن لا يتسع المجال هنا لتفصيل ما نقوم به في جذوة التأويل.. فأرجو أن يكون فيما قيل اضاءة تكفي للرد علي تساؤلاتك.

ختاما تظل الاسئلة التي طرحتها عليك آنفا قائمة.. وأرجو أن اسمع منك عليها ردا...ما هو ايمان الجمهوريين "او يقينهم" الذي رفع عنهم "او ثبتوا عليه" في 18 يناير 85؟

وهل يعتقد الجمهوريون أن الأستاذ محمود هو الأصيل الواحد؟ أي في مقام الله الحي الذي لا يموت؟ أم أنه مقلد؟

فاذا كان الأصيل واحدا كما هو مقرر عندكم، فما هي عقيدة الجمهوريين في النبي الكريم؟ هل هو مقلد أيضا؟

وماذا عن بقية الأنبياء؟ هل هم جميعا مقلدون؟!! لأنه إذا كان الأصيل واحدا فلا بد أن يصبح سواه مقلدا بحسب فهمكم.

أرجو أن تقبل مني خالص التحيات الزاكيات الناميات.



بدرالدين يوسف السيمت
مركز دراسات التأويل
29 يونيو 2020


ياسر الشريف المليح
مشاركات: 1745
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:24 pm
مكان: ألمانيا
اتصال:

مشاركة بواسطة ياسر الشريف المليح »

سلام يا أخي الكريم الأستاذ إبراهيم جعفر والتحية للأخ الأستاذ بدر الدين السيمت.

وشكرا لك على توصيل رد الأخ بدر الدين، وشكرا له على الاهتمام بمواصلة الحوار، وسأعود بالتعقيب بإذن الله.

ياسر
ياسر الشريف المليح
مشاركات: 1745
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:24 pm
مكان: ألمانيا
اتصال:

مشاركة بواسطة ياسر الشريف المليح »

إلى الأخ بدر الدين السيمت وإلى متابعي هذا الخيط

تحية طيبة

يقول الأخ بدر الدين:
أولاً: فيما يتعلق بعبارة "تجسيد المعارف" التي وردت على لسان الأستاذ محمود.. هذه العبارة قد وردت علي لسانه وهو يخاطب الجمهوريين.. ويخصهم بقوله:

"ترضوا بالواجب العليكم...تنجلدوا...ترضوا بالمهانة" كما نقلت أنت عن الأستاذ.

وإني لأستغرب كيف جاز للدكتور ياسر أن يسحب خطاب الأستاذ محمود للجمهوريين علي الأستاذ محمود نفسه! فمن البديهي أن المخاطب (بكسر الطاء) يتحدث الي المخاطبين (بفتحها) في أمر يخصهم هم.. ولا يتحدث عن نفسه.
كان الأستاذ محمود يقصد نفسه في المقام الأول ويقصد الجمهوريين في المقام الثاني بدليل قوله "الصوفي الكبير" و"الشيخ الكبير" وقوله "ونسمو في مدارج العبودية". راجع العبارة مرة أخرى:
((وجاء الوقت لتجسيد معارفنا ، وأن نضع انفسنا فى المحك ونسمو فى مدارج العبودية سمو جديد.. الصوفية سلفنا ونحن خلفهم.. كانوا بيفدوا الناس، الوباء يقع يأخذ الشيخ الكبير، الصوفي الكبير وينتهى الوباء..)) انتهى..
قولك:
ومن الثابت أن الجمهوريين لم ينفذوا توجيه الأستاذ محمود. فلم يتم جلدهم.. ولم يرضوا بالمهانة... بل فعلوا عكس توجيه أستاذهم تماما. فتنازلوا عن الفكرة...ووصموا أستاذهم بالكفر.. إن لم يكن بلسان المقال فبلسان الحال.. ثم قاموا بحل الحزب الجمهوري وعطلوا نشاطه ولم يحركوا ساكنا بعد تنفيذ الحكم علي الأستاذ الجليل.
الجمهوريون الأربعة الذين كانوا مع الأستاذ محمود لم يكن الحكم عليهم بالجلد، وإنما بالقتل شنقا إذا لم يتراجعوا عن موقفهم السابق، علما بأنهم أجبروا على حضور مقتل الأستاذ أمام أعينهم. ومن هنا يجد الإنسان المنصف العذر للجمهوريين الأربعة وللجمهوريين عامة في الرضوخ للإكراه ثم التراجع، وإعطاء النفس فرصة للتفكير، وهذا ما قد حدث من جُل الجمهوريين. نعم هو موقف مهين ومذل وذلك كان نصيبهم من الرضا بالمهانة. وأنا أستغرب جدا قولك في ردك على الأخ حسن موسى:
ثانيا: أما قولكم: (ما جاء في مكتوب السيمت عن تنازل الجمهوريين عن الأستاذ محمود وتوبتهم المزعومة التي تمت تحت التهديد فهي في نظري من نوع المؤاخذات الغوغائية)فهو قول قد جانبه الصواب من جميع أقطاره. لأن توبة الجمهوريين ليست مزعومة. وانما كانت توبة معلنة ومتلفزة وحقيقية. وهي لم تكن تحت التهديد كما زعمت أنت..))
انتهى

"لم تكن تحت التهديد"؟؟!! أليس الإجبار، تحت القيود والجنازير، على حضور تنفيذ القتل على الأستاذ محمود، ثم الوعيد بمصير القتل شنقا إذا لم يعلنوا توبتهم ورجوعهم، هو قمة التهديد والإكراه؟؟
قولك:
ولو فرضنا جدلا وتمشيا مع منطقك بأن الاستاذ كان يري أن المواجهة غير لازمة على الجمهوريين وانما ملزمة له هو في القمة.. فكيف يمكن أن تفوت على حصافته ودقته أن يبلغ ذلك للجمهوريين الأربعة المحكوم عليهم بالإعدام منذ صدور قرار المحكمة الابتدائية أوعند الاستئناف! فقد كان هناك متسع من الوقت لابداء ذلك التوجيه، ولو طلب ذلك منهم لفعلوا...ولكنه لم يطلب ذلك منهم..لماذا؟ لأنه أراد لهم أن يقوموا بواجبهم ويواجهوا أمرهم حسب النص الذي نقلته أنت عن الأستاذ.
من قال لك أنني أقول بأن الأستاذ "كان يرى أن المواجهة غير لازمة على الجمهوريين وإنما ملزمة له هو في القمة"؟؟ عبارتي كانت هكذا: "وفي نفس الوقت فتح بموقفه ذاك لتلاميذه الأربعة، وغيرهم من الجمهوريين، أن المواجهة في القمة قد حدثت على يده هو ولا تستلزم من أحد أن يموت في سبيلها". المقصود هو أن الأستاذ لا يفرض على أحد من الجمهوريين أن يموت في سبيل الدعوة. ولكنه برهن على صدقه بموقفه من التهديد بالقتل ومن تنفيذه. "ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة ابراهيم حنيفا واتخذ الله إبراهيم خليلا".
أنت لا شك تعرف محتوى منشور المواجهة الذي أخرجه الجمهوريون في أعقاب محكمة الردة عام 1968:

((المواجهة هي معرفة وسلوك بمقتضى المعرفة.. معرفة يهتدي بها الفرد تجعله يميز بين دقائق الأمور.. وقمة المعرفة تجعل الفرد ملزما أن يسير خلف الله ذلك باتباع رضوان الله، وهو الرضا به، فينا وحولنا..
والمواجهة في الحيز العملي تقع على درجات ثلاث:ــ
1. مواجهة في القمة.. وهي العمل بالفكرة بلسان الحال، ولسان المقال، ونشرها بين الناس بلسان رطب صادق يتحمل في ذلك الأذى، ولا يرد الأذى.. ولا يحسبن أحد أن هذا السلوك يمكن للفرد أن يستوحيه في لحظة المواجهة، فإنه لا يمكن أن يتيسر لك أن تعمل إلا وفق ما أنت عليه.. فالمواجهة سيرة وتربية طويلة فإن احتمال الأذى من الناس، وكف الأذى عنهم لا يكون إلا بمعرفة الحكمة من ذلك.. فالمواجِه لا يرى أعداءه في الخارج، وإنما يستدل بما في الخارج على أعدائه في داخله..
2. مواجهة أقل من ذلك.. يعمل جاهداً على نشر الفكرة بسمته وقوله ويحاول أن يتحمل الأذى، وقد يرتد فيرد الأذى، دون تدبير منه مبيّت، ثم هو غير راض عن نفسه بعد ذلك.
3. مواجهة أقل الدرجات.. يحاول جهده نشر الفكرة وحين يعجز عن المواجهة لاعتبارات عنده هو.. فهو إن كان في مجلس أو اجتماع أثير فيه هذا الموضوع لا يملك إلا أن ينصرف لأنه لا يملك أن يفعل أكثر من ذلك وهو بعد غير راض عن نفسه ولا حاله.
"هناك سلوك الفكرة الجمهورية منه براء ، وهو سلوك من يجعل من الفكرة موضوعا للأنس وتزجية الفراغ، بروح الهزار، والمداعبة.. فهو ان طُعن في الفكرة، بروح الهزار والنكتة تضاحك، هذا السلوك ، الفكرة الجمهورية منه براء ..")) انتهى

قولك:
أود أن ألفت نظرك الكريم الي أن الأستاذ محمود قد فعل الفعل الصحيح وقام بالواجب فيما يليه هو.. دون أن يفرض وصاية علي أحد..وقد وقف الأستاذ وقفته الشهيرة بابتسامته الخالدة كفرد حر..يعبر عن حريته..وفعله كفرد حر يعبر عن نفسه وإرادته وحريته.

أتفق معك في قولك هذا. ولكني أختلف مع بقية الفقرة حيث تقول:
وبالطبع فان الفرد الحر الكامل غاية في ذاته ويستحيل أن يكون وسيلة أو فداء لغيره.
فالفداء أو الوسيلة تكون معيبة حينما تكون مفروضة على الفرد ولكنها تكون نبيلة حينما يتخذها الفرد من تلقاء نفسه فداء لمن يحب.
أما بخصوص قولك:
فان كنت تقصد أن تنفيذ الاعدام قد كان فداء للجمهوريين أو للشعب السوداني.. لإزالة "وباء" قوانين الشريعة الاسلامية، فان شيئا من ذلك لم يحدث في الواقع...بل إن العكس تماما هو الذي حدث.. لأن قوانين سبتمبر ظلت قائمة حتى أثناء فترة الديمقراطية عقب ثورة أبريل 85.. وهي ما تزال قائمة اليوم.. بل أن حكم الردة نفسه قد أصبح قانونا إلي يومنا هذا. أكثر من هذا فقد تم تطبيق الشريعة الاسلامية في أبشع صورها ولمدة ثلاثين عاما تم فيها اذلال الشعب واهانته وتم فيها فصل الجنوب وتثبيت أركان النظام القضائي الفاسد الذي لم يعترف به الاستاذ محمود.. واعتبر محكمتهم مجرد "مهزلة"..

الصحيح أن نقول أن وقفة الأستاذ محمود في مواجهة قوانين سبتمبر قد كانت فداء للشعب السوداني وهي عملية ذات أثر مستمر بدأت بثورة الشعب على ديكتاتورية النميري، وإبطال قوانينه وتجميدها في فترة الديمقراطية. وصحيح أن نظام حكم الإخوان المسلمين أعاد العمل بتلك القوانين وأضاف لها مادة الردة، بعد أن لم تكن موجودة فيه، وحوَّل الحرب في جنوب السودان لحرب جهادية، إلا أنه فشل في إخضاع الجنوب بعد عقد ونصف من المعارك، واضطر في النهاية إلى اتفاقية السلام الشامل التي جاءت بقرنق وبعده سلفاكير نائبا للرئيس، واضطر نظامهم لإشراك الجنوبيين في حكم الشمال والجنوب، وتقاسم الثروة والسلطة، إلى أن انفصل الجنوب بمعظم ثروات السودان النفطية، وبعد عقد آخر سقط نموذج حكم الإخوان المسلمين في السودان، إلى أن تمت الإطاحة بالرئيس البشير وحكومته نتيجة انتفاضة شعبية، قادها الشباب، والنساء بوصفهن أكبر من وقع عليه الإذلال والإرهاب الإخواني السلفي.
قولك:
ولكن من المؤسف حقا أن الجمهوريين في عام 1986 قد فارقوا موقف الأستاذ الرافض للاعتراف بشرعية المحكمة وادانته لخضوعها للسلطة التنفيذية...حيث قاموا بمنحها الشرعية واستأنفوا حكمها للمحكمة العليا.. التي أبطلت الحكم شكلا فقط.. ولكنها في الموضوع قررت أن الردة من المسائل الثابتة في الشريعة فتركتها كما هي..وفوق هذا وذاك لم يطالب الجمهوريون بمحاسبة ومساءلة المجرمين الضالعين في هذا العمل الشنيع ولم يحاسب أحد الي يومنا هذا علي جريمة اغتيال الأستاذ محمود.

اللجوء إلى المحكمة العليا لإبطال الحكم على الأستاذ والجمهوريين، الذي حدث بعد الانتفاضة ضد نظام نميري، لم يكن هو الوضع الأمثل، ولكنه بالتأكيد خطوة نحو الوضع الأمثل والذي يُضم إليه أيضا المطالبة بمحاسبة ومساءلة المجرمين الضالعين في ذلك العمل الشنيع.
أكتفي الآن بهذا القدر من التعقيب على مداخلتك، وسأعود للمواصلة إن شاء الله.
مع خالص المودة والتقدير.
ياسر الشريف
ياسر الشريف المليح
مشاركات: 1745
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:24 pm
مكان: ألمانيا
اتصال:

مشاركة بواسطة ياسر الشريف المليح »


مواصلة لما سبق

كتب الأخ بدر الدين
من الثابت أن الجمهوريين كانوا يعتقدون أن الاستاذ لن يقتل.. وكانوا يشيعون أنه لا يموت باعتبار أن الإنسان الكامل أو الأصيل الواحد في مقام الاسم (الله) لا يموت موتا حسيا..وقد أستعلن هذا الظن بعد طرح موضوع الأصيل الواحد في عام 1982 (أي قبل التنفيذ بثلاث سنوات تقريبا). أذ أنه علي أساس فكرة الأصيل الواحد فقد أصبح منطقيا لدى الجمهوريين أحد خيارين: أما أن يكون الأستاذ محمود هو الأصيل الواحد الذي لايموت..أو أن يكون الأستاذ محمود ليس هو الأصيل الواحد وبالتالي عليه أن يعود الي التقليد مرة أخري! فلما تم تنفيذ الحكم علي الأستاذ اصبح الجمهوريين أمام أحد خيارين مرة أخري...أما انكار مقام الاستاذ محمود وانكار أصالته..أو أن يستمروا في اعتقادهم بانه الاصيل الواحد وفي هذه الحالة لا بد لهم من ايجاد تبرير او تبريرات لاعدامه، مثل أحاديث الفداء...أو عودة الاستاذ للحياة مرة أخري..أو الادعاء بأن الطبيب الذي كشف عليه وجده حيا..أو أن التنازل قد تم تحت الاكراه....الخ من التبريرات التي تنشأ عادة عند انهيار مثل تلك العقائد.

والجدير بالذكر أن موضوع الاصيل الواحد في 1982 قد كان هو السبب الوحيد لخروجي من الفكرة الجمهورية..وقد أوضحت ذلك في مواطن عديدة آخرها في الرد علي أحد الجمهوريين في صفحة جذوة التأويل التي أوردت أنت رابطها هنا مشكورا..ويمكن لمن شاء الرجوع اليه في مظانه.
القتل والموت.. والوجود والحياة

أبدأ هذه المداخلة ببيت الشعر الذي سمعه الناس من الأستاذ محمود في أيام مواجهة محكمة الردة الأولى عام 1968:
ولست أبالي حين أقتل مسلماً ** على أي جنب كان في الله مصرعي

وطالما ردد المنشدون أبيات العارفين التي تذكر القتل في حضرة الأستاذ مثل أبيات الشيخ ابن الفارض التالية:
هو الحُبّ فاسلم بالحشا ما الهَوى سهلُ
فما اختارَهُ مُضْنى به وله عقْلُ
وعِشْ خالياً فالحُب راحتُهُ عَناً
وأَوّلُهُ سُقْمٌ وآخرُهُ قَتْلُ
ولكنْ لديّ الموتُ فيه صَبابةً
حياةٌ لمَن أهوى عليّ بها الفضل
نصحْتُك عِلماً بالهَوَى والذي أرى
مخالَفَتي فاختر لنفسكَ ما يحلو
فإن شئتَ أن تحيا سعيداً فمُتْ بِهِ
شهيداً وإلاّ فالغرامُ لهُ أهْل


نعم، كان الجمهوريون ينتظرون تنزل مقام الحقيقة المحمدية، الأصيل الواحد، مجسدا يمشي على الأرض بحسب قول الله تعالى: "يلقِ الروح من أمره على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاق" وقوله تعالى: "هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر". ولعل الأخ بدر الدين يذكر ما قاله الأستاذ محمود في تلك الجلسة يوم 30 أبريل 1982 للجمهوريين، وتوجيهه لهم بأن لا يقولوا عنه أنه هو الأصيل وإنما يقولوا قوله وهو"أنا أرجو أن أكون الأصيل وعلى شك" وشرح معنى الشك بأنه الشك الذي هو فوق اليقين، أو هو شك العارف الذي لا يأمن مكر الله، وذلك لأنه لم يطَّلع الغيب ولم يتخذ عند الرحمن عهدا. ولعله أيضا يذكر كلام الأستاذ أن المسلم كامل الإسلام، وهو الإنسان الكامل، لم يدخل الوجود الأرضي بعد، وأن النبي صلى الله عليه وسلم حققه بالنزع ساعة الموت، وبذا، ظل المقام مشدودا إلى الأرض، يمد ولايات الأولياء والصالحين من برزخه. أكرر، المهم هو أن الأستاذ محمود كان يقول عن نفسه أنه يرجو أن يكون الأصيل وعلى شك. ولكن ذلك لا يعني أنه ليس صاحب شريعة فردية، فذلك أمر ثابت، وهو على يقين به.
إذن قولك التالي من الفقرة المقتبسة بعاليه:
((من الثابت أن الجمهوريين كانوا يعتقدون أن الاستاذ لن يقتل.. وكانوا يشيعون أنه لا يموت باعتبار أن الإنسان الكامل أو الأصيل الواحد في مقام الاسم (الله) لا يموت موتا حسيا.. وقد أستعلن هذا الظن بعد طرح موضوع الأصيل الواحد في عام 1982 (أي قبل التنفيذ بثلاث سنوات تقريبا).))
هو قول غير دقيق، فالأستاذ لم يزعم لنفسه ذلك المقام.
ثم إنك تقول في نفس الفقرة المقتبسة بعاليه:
((أذ أنه علي أساس فكرة الأصيل الواحد فقد أصبح منطقيا لدى الجمهوريين أحد خيارين: أما أن يكون الأستاذ محمود هو الأصيل الواحد الذي لايموت..أو أن يكون الأستاذ محمود ليس هو الأصيل الواحد وبالتالي عليه أن يعود الي التقليد مرة أخري!))
وهو أيضا قول غير دقيق، إذ أن الثابت هو أن الأستاذ محمود لم يكن هو الإنسان الكامل وقتها، ولكن في نفس الوقت لم يكن يوجد ما يمنع تحققه بذلك المقام، وبالتالي لم يكن هناك ما يوجب تخليه عن شريعته الفردية التي هو على يقين، وقد تمت له بعد شهود ذاتي.
ولكنك تقول مواصلاً:
(( فلما تم تنفيذ الحكم علي الأستاذ اصبح الجمهوريون أمام أحد خيارين مرة أخري...أما انكار مقام الاستاذ محمود وانكار أصالته..أو أن يستمروا في اعتقادهم بانه الاصيل الواحد))
وأقول لك بأنه لا يتوجب على الجمهوري إنكار أصالة وفردية الأستاذ محمود، بل إن الذي حدث يؤكد الفردية ويؤكد الأصالة، بدون أن يؤثر ذلك في عقيدة نزول الإنسان الكامل التي بشَّر بها الأستاذ في تلك الجلسة. مجرد اعتقاد الجمهوري في أن الأستاذ محمود قد قتل، بذلك المشهد العيسوي، يعني أنه صار حيا بكيفية غير معروفة أو مشعور بها، والقرآن لا يحوجنا إلى تفكير طويل فهو يقول: "وَلَا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَٰكِن لَّا تَشْعُرُونَ"..

هذا خطاب من الأستاذ ردا على سؤال أرسله صاحبه مكتوبا عن طريق الأخ سعد أبو نورة، وجدت أنه يستحق أن يوضع ضمن هذا التعقيب وبعده قصيدة الشيخ النابلسي "إن الوجود الحق شيء واحد":


الوجود والحياة
بسم الله الرحمن الرحيم
حضرة الإبن المبارك..
تحية طيبة
أما بعد فقد وصلني منك على يد إبني سعد سؤالك هكذا.
تعريف مختصر لكلمتي (1) الوجود (2) الحياة
(1) للوجود معنى خاص ومعنى عام.. والوجود ليس ضده العدم.. فإن العدم ليس هناك، وإنما هو تصور ذهني يقوم على الوهم.. والوجود واحد.. وليست له بداية ولا له نهاية.. هذا هو الوجود الذاتي.. الوجود المستغني بذاته عما عداه.. وهو وجود الله من حيث ذاته.. وهو وجود غيب وما وجود الشهادة إلا دليل عليه.. وما هو غيره وإنما هو مظهره في عالم المحسوس.. فالوجود في هذا المستوى إنما هو ظهور الغيب في عالم الشهادة – ظهور المعنى المجرد في عالم الجسم المحسوس – المُدرَك بالحواس ومنها العقل.. ظهور الأجرام .. أما بالمعنى الخاص فهو وجود الحياة الكاملة بكمال العقول والشعور.. وهو نتيجة للتطور وترقي الوجود العام.. وجود وبروز الأجسام – فالوجود العام هذا يتطور ويترقى يطلب أن يكون في كمال الوجود المستغني بذاته عما عداه.. في هذا المستوى تلتقي الحياة بالوجود فيكون لهما معنىً واحدا.
(2) وللحياة أيضا معنى خاص ومعنى عام، فأما المعنى العام فهو مجرد بروز المادة العضوية من المادة غير العضوية، وتلك هي الحياة في أدنى دركاتها، وهي حياة الخلية الواحدة وأدنى مراتبها أن تتحرك وتتغذى وتتناسل. وأما المعنى الخاص فهو نتيجة لتطور الحياة من مستوى حياة الفكر وحياة الشعور وهذه هي حياة الإنسان الكامل، وهو، مهما بلغ، إنما هو نسبي الكمال، ويطلب دائما أن يكون مطلق الكمال.. وهو ها هنا يلتقي بالوجود المستغني بذاته عما عداه، وهذه هي النقطة التي يلتقي فيها معنى الحياة بمعنى الوجود كما سبقت الإشارة.

أخشى أن يكون في هذا الكلام غموض، ولكنك طلبت تعريفا مختصرا للوجود وللحياة.. وما في التعريف المختصر متسع للشرح.. أرجو ان تجد فيه ما يحفزك الإستزادة وشافي البيان.
لك التحية

محمود محمد طه


ــــــــــــــ
ـــــــــــ

إن الوجود الحق شيء واحد * يا سعد من يُجلى له فيشاهد

وجمال علوة واضح متكتم * وعليه من حسن المِلاح شواهد

قف ساعة حتى أعلمك الهوى * يا من يبيت وللهوى هو عابد

إن المحبة فيك كدر صفوها * جهل بمن تهوى لأنك جاحد

فلو انمحى عن عين ناظرك السوى * لعرفت من لهواه أنت القاصد

لكن عيونك عن مرادك في عمى * وتظل تنكر ذاته وتعاند

هو ظاهر في كل شيء باطن * أبدا إليه كل شيء ساجد

عود العلا ضربت به يده على * طبل الملا فالعالمون قصائد


لمصلحة تذكيرك بكلام الأستاذ في جلسة الأصيل في 30 أبريل 1982، كما أخذ من التسجيل، وأيضا لتعريف القراء به، اخترت هذا الجزء من كلام الأستاذ عن الأصيل والحقيقة المحمدية والحديث عن الوجود وعن الحياة:

((مقرر أنو الأصيل واحد.. والأصيل هو الحقيقة المحمدية.. الأصيل هو الذات المحمدية في مواجهة الذات الإلهية.. كأنو الحقيقة المحمدية، ودا وارد عندكم، أنها أول قابل لتجلِّي المطلق، هي مقيِّدة المطلق، هي صاحبة مقام الوسيلة.. اللي هو بين المطلق وبين القيد.. بين الخالق في إطلاقه وبين الخلائق من قمتها إلي قاعدتها.. والخلائق شكلها هرمي.. قمته، وقاعدته في أدنى الحيوات وفيما هو إصطلاحياً ما بيسمى ((حي)) دا كلو كأنو هيكل المخلوقات، وتجي العبارة عنه في القرآن في ((ثم استوى علي العرش)) أو ((الرحمن علي العرش استوى)).. ((العرش)) المخلوقات كلها.. قمتها ((الرحمن)).. استوى علي عرشها، و((الرحمن)) إسم في الإنسان الكامل.. ودي الحقيقة المحمدية أل نحن بنقول فيها هي أول قابل، كأنها هي بين المطلق وبين القيد، الوجود كلو ممدود من الحقيقة المحمدية.. والحقيقة المحمدية هي القابلها النبي يوم عرج بيهو.. النبي عرج بيهو من مكة ليقابل الحقيقة المحمدية اللي هي حقيقة لاهوتية، هي ((الله))، هي ربه.. فكأنما، ودي الصورة أل بتجيكم في كلامنا هنا أنو المعراج اليوم أو الهجرة اليوم، نفس الحكاية، وبالمناسبة نحن مقبلين على المعراج، والشهر دا لازم يجد حياتو الشديدة هي الهجرة الروحية.، المعراج هو الهجرة الروحية.. والهجرة المعروفة من مكة للمدينة هي الهجرة الجسدية.. والمعراج والهجرة شئ واحد، يختلف إختلاف مقدار.. النبي عُرج بيهو ليلاقي حقيقتو دي، عُرج بيهو كما بنقول من النفس السفلى إلى النفس العليا.. بعدين هو في حياته في الأرض، باستمرار، ينمّي علمو، وينمّي حياتو وينمّي وجودو ليلاقي حقيقتو.. ولمّن قال: ((ومن الليل فتهجد به نافلة لك، عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً)) المقام المحمود هو دا.. هو مقام الوسيلة اللي بيختصم فيه الملأ الأعلى والملأ الأسفل وهو مقام واحد في الوجود كلو.. وكان النبي ساعي ليهو، بصورته دي.. وبالمناسبة دي برضو، وقيلت قبل كده، أنو جبريل ما بلاقي الله، بلاقي الذات المحمدية يجيب منها القرآن لمحمد في مكة.. القرآن من محمد وإلى محمد! بتجي بيهو عبارات زي دي، ودا معناها، جبريل بلاقي الذات المحمدية يجيب منها القرآن لمحمد.. والذات المحمدية ذات إلهية، هو ((الله)).. إسم ((الله)) دا علم عليهو هو، ولأنو الذات المطلقة لا تسمى، الإشارة تقصر عنها.. وجود الذات المحمدية هو إشارة للوجود المطلق..))


أكتفي إلى هنا بهذا القدر مع وعد بالمواصلة لبقية نقاط الأخ بدر الدين.

مع خالص المودة وفائق التقدير

ياسر الشريف
ياسر الشريف المليح
مشاركات: 1745
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:24 pm
مكان: ألمانيا
اتصال:

مشاركة بواسطة ياسر الشريف المليح »

مواصلة لما سبق

كتب الأخ الأستاذ بدر الدين السيمت:

ثالثاً: أما قولك أن موقف الاستاذ قد كان من أجل "التأكيد على أصالته وتفرده، وإعطاء الدليل والبرهان على صحة دعوته"!! فهو قول منكر أشد النكر.. وأعتقد أنك خليق بمراجعته.

أن تفرد الأستاذ وأصالته وصحة دعوته لا تحتاج للإثبات.. لا على منصة إعدام ولا في أي مكان آخر.. فاذا كان الاستاذ كما تقول يقصد أن يثبت دعوته ويبرهن على صحتها في 85 فماذا كنتم تتبعون من قبل؟ هل كنتم تتبعون رجلا لا يثق في أصالته وتفرده وإنما هو ما زال يسعي لإثبات ذلك؟

أسمع قول الاستاذ محمود عن أصالته وتفرده والصلة التي تربطه بالمدعوين...حين يقول "أنها صلة الداعية الي تقليد محمد.. على أن يكون التقليد وسيلة الي الاستقلال عن التقليد -الي الأصالة- وحين أدعو الي الأصالة عن طريق التقليد انما أدعو الي تجربة خضتها...وعرفتها...وأستطيع أن أستخرج سندها وأدلتها من أصل الدين...كما فعلت مثلا في رسالة الصلاة".

فأنت تري اذن أنه لم يكن هناك شئ يحتاج للاثبات أو البرهان..وكيف يبرهن علي صحة دعوته رجل إلهي الدماء...سماوي القلب..مثل الأستاذ محمود! أليس هو القائل: "لا أحب أن أزايل مقامي هذا قبل أن أؤكد لك، أن الأرض في تفكيري، قد التحقت بأسباب السماء!! فلست أري أرضا ولا سماء، وانما وحدة اتسقت فيها العوالم، من الدراري الي الذراري، في غير تفاوت نوع، وأكاد أقول، ولا تفاوت مقدار، وأنما هو التعاون المتضافر، في الدلالة علي وحدة المعاني القائمة وراء تعدد الشخوص، وحدة يستوي فيها، جبريل وأبليس، في كمال البلاغة والتبليغ".

أخيراً وليس آخرا..دعني أسألك ومن ورائك الجمهوريين: ماذا كان يفعل الاستاذ محمود منذ عام 1951؟ الا تكفي حياته العامرة بالذكر والحضور والاستقامة والعلم الفياض دليلا علي أصالته؟ وتفرده؟ وصحة دعوته؟ وهل هناك تجسيد للمعارف أعظم من حياته المباركة التي قال عنها: " فصلاتي، وصومي، وحجي، وزكاتي، هي في مجموعها، وفي تفريقها، حياتي كلها...في منشطي ومكرهي..في يقظتي ونومي..في صحتي ومرضي..وهي حياة يجب أن تكون لله راضية به...مصححة لحالها في الرضا...حتي تبلغ بذلك أن تكون فرحة بالله أشد الفرح".

ولا أريد أن أستطرد في أيراد النصوص الأخري التي تؤكد ذات المعني فهي مبذولة وأنت بها عليم..وغني عن البيان أن الأمر ليس في النصوص فقط...وانما في تطبيقها ومعيشتها ومعرفة الحكمة من ورائها.. وذلك هو ما جسده الأستاذ.
نعم الأستاذ جسَّد بحياته فكرته كأحسن ما يكون التجسيد ولكن مع ذلك هو ممتحن. ولكني أراك متناقضا؛ فإن كنت حقا ترى "أن تفرد الأستاذ وأصالته وصحة دعوته لا تحتاج للإثبات.." فلماذا تركت أنت دعوته وخرجت منها؟؟ ولماذا لم تقبل قوله لك بأن الأصالة، بمعنى الشريعة الفردية وسقوط التقليد، هي حظ فرد واحد في تلك المرحلة؟؟ طبعا هو يثق في أصالته ولكنه يعرف أنه مخاطب بقوله تعالى: ( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه: متى نصر الله؟ ألا أن نصر الله قريب..).. ولهذا، أعتقد أنك من أكثر الناس حاجة لظهور برهان صدق الأستاذ محمود في دعوته، والذي هو موقف تجسيد الصدق.

قال الشيخ ابن الفارض في تائيته الشهيرة:

فَلمْ تَهْوَني ما لم تَكنْ فيَّ فانِياً * ولم تَفنَ ما لا تُجْتَلى فيكَ صورتي
فدَعْ عنكَ دَعوى الحبِّ وادعُ لِغيرِهِ * فؤادَكَ وادفَعْ عنكَ غَيَكََ بالَّتي
وجانِبْ جنابَ الوَصْلِ هَيهاتَ لَم يكُنْ * وها أنتَ حيٌّ إن تكن صادقاً مُتِ
هُو الحُبُّ إِن لم تَقضِ لم تَقضِ مأرَباً * منَ الحُبِّ فاخترْ ذاكَ أَو خَلِّ خُلَّتي
فقُلْتُ لها روحي لديكِ وَقَبْضُها * إليكِ ومَن لي أن تكونَ بقَبضَتي
وما أَنا بالشَّاني الوفاةَ عَلى الهَوى * وشأني الوَفا تأبى سِوَاهُ سَجِيَّتي
وَماذا عَسى عَنِّي يُقالُ سِوى قضَى * فُلانٌ هَوى مَنْ لي بذا وهْو بُغْيَتي

ــــــ
ويقول في نفس التائية:

وإني إلى التهديد بالموت راكن * ومن هوله أركان غيري هُدَّتِ
ولم تعسفي بالقتل نفسي بل لها * به تسعفي إن أنت أتلفت مهجتي
فإن صح هذا القال منك رفعتني * وأعليت مقداري وأغليت قيمتي

أما الشيخ النابلسي فيقول:
وإني لأدري أن طرق وصاله … تدور على الأقوام فيه الدوائر
ولكن له سلمت نفسي فإن يرد … هداها وإن يضلل فما هو جائر


ويقول أيضا
وجه من أهواه لاح * فاختفى نور الصباح
فاسقني الكأس الطفاح * في غبوق واصطباح
لم تقل أهل السماح * موسم الأفراح راح

هذه دعوى الوجود * تمنع القلب الشهود
فهو في أسر القيود * وجنازير الحدود
ليرى حال الأسود * في ملاقاة الكفاح


فموقف مواجهة حكم القتل هو وقوف على عتبة الشهود الذاتي، لقاء الذات الإلهية كفاحا، وقد قابله الأستاذ بموقف "ما زاغ البصر وما طغى"، وهذا تخلص من الخوف وتحقيق لوحدة الفكر والقول والعمل. وقد قال الشيخ ابن الفارض في نفس التائية ما أراه مقربا للصورة:

وطاحَ وُجُودِي فِي شهُودِي وَبنتُ عَن * وُجُود شهُودي ماحيا ً غيرَ مُثبِتِ
لعلك تذكر قول الأستاذ محمود للدكتور مصطفى محمود حول مسألة هزيمة الخوف من الموت:

وأول الدلائل على أن الدكتور مصطفى لم يرح رائحة اليقين قوله من صفحة 240: (لا إله إلا الله .. إذن لا معبود إلا الله ..
(ولن يعبد بعضنا بعضا .. ولن يتخذ بعضنا بعضا أربابا ولن نقتتل على شيء وقد أدركنا أنه لا شيء هناك ..
(ولن يأخذنا الغرور وقد أدركنا أننا خيالات ظل تموج على صفحة الماء ..
(ولن نفرح بثراء ولن نحزن لفقر ولن نتردد أمام تضحية ولن نجزع أمام مصيبة فقد أدركنا أن كل هذه حالات عابرة ..
(وسوف تلهمنا هذه الحقيقة أن نصبر على أشد الآلام .. فهي آلام زائلة شأنها شأن المسرات ..
(لن نخاف الموت.
وكيف يخاف ميت من الموت؟؟)
إنتهى حديث الدكتور مصطفى .. وأنت، حين تقرأه، يخيل إليك أنه يمكنك تحصيل هذا الإدراك في جلسة واحدة، أو في أيام قلائل، بعدها تملك الصبر على (أشد الآلام) ..
وما هو هذا الإدراك؟؟ هو إدراكنا (أننا خيالات ظل تموج على صفحة الماء)!! وهل نحن حقا خيالات ظل؟؟ أم هل نحن خلائف الله في الأرض؟؟
و(لن يخاف ميت من الموت) يقول الدكتور، ثم يردف: (وكيف يخاف ميت من الموت؟؟) فهل رأيت كيف يرى الدكتور انتصارنا على الخوف من الموت؟؟ هو يراه في اليأس من الحياة، وفي اليأس من القدرة على الفرار من الموت .. (وكيف يخاف ميت من الموت؟؟) .. والحق غير ذلك .. فإن انتصارنا على الخوف من الموت إنما يجيء من إطلاعنا على حقيقة الموت، ومن استيقاننا أن الموت، في الحقيقة، إنما هو ميلاد في حيز جديد، تكون فيه حياتنا أكمل، وأتم، وذلك لقربنا من ربنا .. وبالموت تكون فرحتنا، حين نعلم أن به نهاية كربنا، وشرنا، وألمنا .. قال تعالى عنه: (لقد كنت في غفلة من هذا، فكشفنا عنك غطاءك، فبصرك اليوم حديد) .. وإنما بالبصر الحديد ترى المشاكل بوضوح، وتواجه بتصميم ..
وعندما اشتدت بالنبي غصة الإحتضار، وقالت السيدة فاطمة البتول: (وا كرباه لكربك يا أبي !!) أجابها المعصوم: (لا كرب على أبيك بعد اليوم) .. وقد سمى الله، تبارك، وتعالى، الموت (اليقين) فقال: (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) و (اليقين)، أيضا، العلم الذي لا يكاد يكون فيه شك، والذي به تتكشف الحقائق المستورة وراء الظواهر .. وإنما سمي الموت اليقين لأن به اليقين، ولأن به يتم اليقين الذي يكون قد بدأ هنا عند العارفين، وإنما يكون بدؤه بالموت المعنوي الذي هو نتيجة العبادة المجودة .. وعن هذا الموت المعنوي قال المعصوم (موتوا قبل أن تموتوا) .. وقال عن أبي بكر الصديق: (من سره أن ينظر إلى ميت يمشي في الناس فلينظر إلى أبي بكر) هذا هو اليقين الذي باطلاعنا عليه، لا نتحرر من خوف الموت فحسب، وإنما به قد يكون الموت أحب غائب إلينا ..
وما هو الإدراك الذي به توصل الدكتور إلى مثل هذا القول الذي قاله: (وكيف يخاف ميت من الموت؟؟) ؟؟
إنه من غير شك الإدراك الذي تعطيه العقول لحقيقة الموت – الإدراك الذي يعطيه النظر – وهو إدراك قاصر، ومخيف .. فإن الموت، كما يعطيه النظر العقلي، هو، عند أكثر الناس، نهاية، به تنقطع الحياة، وتسكن الحركة، ويتصلب البدن، ويعود إلى تحلل، ونتن، ويستحيل إلى تراب .. ألم يقل الدكتور نفسه في صفحة 237: (أين كل هذا؟ تحت الردم .. انتهى .. أصبح تربا .. كان حلما في مخيلة الزمان وغدا نصبح، أنا وأنت، تحت الردم ..) إن هذا هو الموت كما يعطيه نظر العقول غير المرتاضة، ولكن الموت، كما تعطيه حقائق القلوب السليمة، والعقول الصافية، فهو شيء يختلف اختلافا كبيرا .. ولا عبرة بالعقول غير المرتاضة بأدب القرآن فإن علمها ليس بعلم، لأنه يقف عند الظاهر، ولا يتعداه إلى بواطن الأمور .. وقد قال تعالى في ذلك: (وعد الله، لا يخلف الله وعده، ولكن أكثر الناس لا يعلمون * يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا، وهم، عن الآخرة، هم غافلون) فهم لا يعلمون اللباب، وإنما يعلمون القشور، (يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا) ولا يكون بعلم القشور تحرير من الخوف .. هذا هو مبلغ علم الدكتور، وهو به يظن أنه (لن يخاف الموت ..) ويقول، فيما يشبه البداهة، (وكيف يخاف ميت من الموت؟) ألا ترى أنك قد هونت صعباً، وأرخصت عزيزاً؟؟ أني لأرجو أن تحدث مراجعة لأمرك هذا ..


يتواصل

ياسر الشريف
عبد الله الشقليني
مشاركات: 1514
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:21 pm

مشاركة بواسطة عبد الله الشقليني »

الأكرم بدر الدين سيميت وأصدقاء الملف
تحياتي

وأثمن على مشاركة الجميع ، وأرجو أن تكون مساهمتي امتداد الملف.
أولا الحقائق التاريخية هي نسبية، وأقرب لها للحقيقة أكثرها أدلة. إن المقدسات هي في أذهان البشر، الذين يفترضون القداسة في البشر. لقد أسهم محمود في تـأويله في الحداثة (بتوضيحه أن الجهاد وتعدد الزوجات و الجهاد و الرق والرأسمالية وعدم المساواة بين الرجال والنساء وتعدد الزوجات ليست أصلا في الإسلام ، و أن صلاة الحركات هي مرحلية للعابد.)

لقد سرّب النائب العام الترابي للرئيس نميري مذكرة اعتقال محمود وأربعة من تلاميذه، وقد وقّع على الورقة الرئيس وحملها النائب العام لقضاة الطوارئ ، الذين لم يصدقوا مساواة قضاة الفقه بالقضاة الآخرين المدنيين، وكم السلطات الممنوحة لهم. وقدموا وثيقة الاتهام ممهورة ، بأن ليس للرئيس سلطة في تغيير الحكم لأنه شرعي ، وأن المتهم قد استنفد زمن الاستتابة منذ العام 1968 حين حكم عليه شيخ الزين بتكفيره.

وكان الترابي قد سبق أن قال لدكتور جعفر ميرغني ، عندما كان الأخير عضوا في التنظيم ،( إن هذا الرجل سيسحب البساط من تنظيمنا) .

نما لعلمي من مصدر موثوق بأن محمود طلب من تلامذته أن يستتيبوا بعد اعدامه ، لأن لديهم مهام أخرى. بعد أن تأكد التجهيز لإعدامه. ومنعا لعمل قبة لمدفنه ، تم إرسال الجثمان لغرب أم درمان بواسطة فيصل مدني مختار ( عضو مجلس انقلاب 1989 اللاحق) و قُبِرَ جسده غرب ام درمان ما بين 20 كيلو إلى 30 كيلو في الصحراء قرب جبال المرخيات ، كما تحدث عن ذلك الضابط الطيار الذي قال أنه نقل الجثمان ومعه مساجين ليقوموا بدفن " المفكر الشهيد " في المكان الذي حدده كما ذكرنا. في الصحراء حتى لا يعرفه أحد . في المنطقة التي بيّنها قائد الطائرة حيث ذهب فترة ، ثم عاد بعد الحفر والدفن ، والتقط المساجين ، وعاد بهم بالطائرة .

*
ياسر الشريف المليح
مشاركات: 1745
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:24 pm
مكان: ألمانيا
اتصال:

مشاركة بواسطة ياسر الشريف المليح »

مواصلة لما سبق :

كتب الأخ الأستاذ بدر الدين السيمت:

رابعاً: بخصوص التسجيل الذي نسبته لشخصي – ومع تحفظي عليه – فالمهم في الأمر، هو اجابة الاستاذ محمود علي السؤالين وليست شخصية السائل.

اجابة الاستاذ محمود تدين موقف الجمهوريين، والذي لم يكن يشابه موقف القديس بطرس على الإطلاق. فالأستاذ محمود يقول إنه في حالة الحرج لا يسعفك إلا الإيقان.. ويرفع عنك الايمان.. على ضوء ذلك الكلام الواضح هل كان الجمهوريون في 18 يناير 85 على الإيقان؟ الذي هو حظ الأصلاء.. أم علي الايمان الذي هو حظ المقلدين؟ فان كانوا على الإيمان فبماذا كانوا يؤمنون؟ هل كانوا يؤمنون بأن الأستاذ هو الاصيل الواحد؟ أم أن الأستاذ كان مقلدا؟ أم ماذا؟

فإذا كان الجمهوريون مؤمنين، فأين وكيف ومتي تمت ممارسة أي نوع من أنواع الإكراه ضدهم؟ وما هو محتوي الايمان الذي أكرهوا وقلبهم مطمئن به؟ أو ليسوا هم نفس الجمهوريين الذين كانوا ينتظرون الأستاذ أن يبرهن على صحة دعوته ويؤكد على أصالته وتفرده علي منصة الإعدام؟

بالأضافة الي كل ما تقدم فأن القديس بطرس قد اعترف، وندم على تنازله عن السيد المسيح، وأعلن توبته على الملأ، وتم صلبه منكس الرأس حسب طلبه، جزاءً على تنازله وانكاره لسيده المسيح.

أما الجمهوريون فهم لم يعترفوا حتى الآن بتنازلهم عن الأستاذ..ولا يعتبرون ذلك التنازل خطأ..ولم يندموا...ولم يتوبوا...بل ذهبوا لتبرير خطئهم بالتعليلات الواهية المنوه عنها أعلاه.
ما فهمته منك هو أنك تقصد الجمهوريين الأربعة الذين حُكم عليهم بالقتل وأعطوا فرصة التوبة والرجوع في ثلاثة أيام. ما حدث هو أنهم قرروا فيما بينهم أن يكتبوا مكتوبا للرئيس نميري بواسطة مدير السجن يعلنون فيه قبولهم بشرط التوبة ويحفظوا حياتهم، وقد أقرهم على ذلك كبير الجمهوريين الأستاذ سعيد شايب الذي التقاهم صباح السبت 19 يناير عندما ذهب واستلم متعلقات الأستاذ محمود من سلطات السجن وطلب مقابلتهم فاُذن له. ولكن قضاة النميري، وهيئة علماء دولته من الإخوان المسلمين والوهابية وبعض المتصوفة كالشيخ عبد الجبار المبارك، أصروا على إخراج جلسة مصورة هي ما عرف بجلسة الاستتابة، بالرغم من أن المحكوم عليهم كانوا بالفعل قد أعلنوا رجوعهم قبل تلك الجلسة. كل من يشاهد تلك الجلسة يدرك أن الأخ عبد اللطيف بذل كل ما يستطيع كي يقبل على نفسه مذلة إعلان التوبة، ولا يقبل أن يصف أستاذه بالكفر ولكن الطغاة أصروا على إكراهه على وصف الأستاذ بالكافر المرتد، فرضخ مجبرا. وغني عن الذكر أن الجمهوريين الأربعة قد استمروا على قناعتهم بدعوة الأستاذ محمود للإسلام، منذ خروجهم من السجن، وكذلك غالبية الجمهوريين، مع إقرارهم بضعفهم وما أكرهوا عليه. وهذا يعني أن قلوبهم كانت مطمئنة بالإيمان. أيضا أعتقد أنني أحتاج لتذكيرك بأن القديس بطرس لم يعلن توبته على الملأ، كما أن التوبة ليس من شروطها أن تعلن على الملأ، فهي بين المرء وربه. المهم هو أن الجمهوريين عليهم أن يتذكروا حديث الأستاذ في أمسية الجمعة 4 يناير الشهير بحديث الفداء وقد سبق لي وضعه في واحدة من مداخلاتي بعاليه، خاصة هذه الكلمات:
((ما أحب أن تصابوا بخيبة أمل من العقبات البتلاقيكم فى الطريق.. ويكون مؤكد الأمر النحن بنواجهو محتاجين ليهو فى الداخل.. كل أمر يساق ليكم يقويكم وهو عناية من الله ولطف.. ولكن الناس يسوقوا أمرهم بالجد، وكل واحد يدخل فى مصالحة ورضا بالله.. تواجهوا أمركم لتفدوا شعبكم وبعضكم بعض لترتقوا درجات فى واجبكم وعبادتكم.. أمركم قريب ومعنيين بيهو.. انتم محفوظين.. لكن ماتفتكروا الطريق مفروش أمامكم بالورود.. استعدوا فى قيامكم بالواجب المباشر تكونوا دائمى النعمة وموضع نظر الله وعنايتو.. ثقوا بيهو.. ان شاء الله أمركم قريب والله إدخركم للأمر دا.. وانتم اليوم الغرباء بصورة كبيرة، كل المجتمع السودانى فى كفة والجمهوريين فى كفة، الجمهوريين مطلوبين ، الناس الطالبنكم فداية ليكم، وظلماتكم نور.. أنتم موضع عناية، تقبلوا العناية، وسيروا راضيين بالله، بالصورة دى يكون ختام مؤتمرنا)) انتهى.
مرة أخرى أشعر بأهمية تكرار قول الأستاذ في الرد على السائل في تلك الجلسة التاريخية وآمل أن الأخ بدر الدين أيضا يتأملها، فهي التي تعني عندي عبارة الأستاذ محمود التي قالها له "سوف نلتقي":

((هو بطبيعة الحال المريدين والسالكين دائماً معرضين للشك! دي بتحصل، لكن ما أفتكر أنه، يعني ـ هو بطرس بصورة خاصة الأنكر المسيح في الموقف الحرج داك ـ ، والسبب بيكون، أنه في ساعة الحرج، وفي ساعة الضيق، الإيمان ما بستقر بيرفع، ليكون الإنسان في ساعة الضيق مالي مركزه، عايز أكثر من مجرد الإيمان، عايز اليقين.. ولو تذَّكروا في، أظنها، في وقعة هوازن، في وقعة هوازن الأصحاب كلهم جَروا، إلا النبي وأبو بكر وعمر وعلي والعباس. حتى عثمان جرى، بعدين نزل القرآن"إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا". أها هنا كأنو الخوف العنصري هو المترسب في قلوبنا، ما بيرفع إلا بعلم اليقين، الإيمان بغطي عليه، بعدين عند النكبة برتفع هو ويُرفع الإيمان. فيبقى الإنسان يتصرف بدوافع الخوف الغريزي القبيل. الحاجة اللي خلت بطرس، وهو أكبر الحواريين، ينكر المسيح أنو ما بلغ اليقين بالمسألة دي، بعدين ظل ندمان عليها طول وقته لغاية ما هو صُلب، زي ما صُلب المسيح، فطلب من الناس اللي صلبوه، أنه ما يصلبوه زي ما صلبو سيدو .. يصلبوه منكس.. المسيح صلبوه كدا ، هو طلب يصلبوه منكس رأسه لي تحت، وكان باستمرار يشعر بمرارة إنكاره للمسيح، وندمه عليها، زي ما كان عثمان يشعر بندمه على أنه فَرَّ في اليوم داك. فالمسألة هي بقى مسألة أنه لنكون نحن ثابتين، عند ساعة النكبة في ساعة الصفر، في الضيق، عايزين نكون فعلاً الأنوار مالية قلوبنا، والخوف خرج منها. ودي ما حصلت ليهم هم.))انتهى

يتواصل
مع خالص المودة وفائق التقدير
ياسر الشريف
ياسر الشريف المليح
مشاركات: 1745
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:24 pm
مكان: ألمانيا
اتصال:

مشاركة بواسطة ياسر الشريف المليح »

مواصلة لما سبق مع مقال الأخ الأستاذ بدر الدين السيمت..

كتب الأخ بدر الدين:

خامساً: للاجابة علي اسئلتك المحددة بشأن رأيي في موضوع المسيح فأنا أري أن المسيح هو مجرد مثل، يشير الي شعور الانسان بانتمائه الي المكون شعورا يجري في الدم واللحم والأعصاب، ويذوب في الكيان والوجدان في كل لحظة. "ان هو الا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني أسرائيل" وبنو اسرائيل نفسهم مجرد مثل.. شأنهم شأن جميع كلمات القرآن "ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل"...اذن فعيسي مثله مثل آدم "ان مثل عيسي عند الله كمثل آدم" ..وانما كانت كلمات القرآن وحروفه رموزا وأمثالا لأن عقولنا المحدودة لا تصل الي المطلق..ولكن المطلق يصلها "فما كان لشركائهم فلا يصل الي الله..وما كان لله فهو يصل الي شركائهم".

أذن فالمسيح ليس شخصا بعينه...وإنما هو رمز الكمال في كل الناس نساء ورجالا، الذين انتصروا علي أنفسهم، وكانوا في حالة عقلية وقلبية واحدة، في سكون وسلام وأمن "أن المتقين في مقام أمين" والمقام الأمين هو مقام الفطرة التي فطرنا الله عليها "فطرة الله التي فطر الناس عليها"..وهو مقام واحد ومقعد واحد مدخر لكل الناس "في مقعد صدق عند مليك مقتدر".

ولكن ذبذبة عقولنا بين الماضي والمستقبل هي التي تمنعنا من الثبات على هذه الحالة الطبيعية في اللحظة الحاضرة.. وبذلك المعني فقد كان الأستاذ محمود مسيحا.. شأنه شأن الكمل من الصالحين والصالحات. ولذلك فقد كان الجمهوريون ينشدون أمامه دون اعتراض منه: "أنت ابن مريم فينا".. أو "قد أتي القيوم في أنحائنا من منزل الأخرى".

بل إن الأستاذ محمود نفسه كان يقول عن المسيح "إنه فيكم...يظهره القرآن".

وعلي أساس ذلك الفهم قال شاعر الجمهوريين:

أن انتظارك عائد...ظن بأنك غير حاضر
فالآن أنت لمن يري في كل شيءٍ جد ظاهر

والرمزية في التصوف الاسلامي معروفة ومفهومة..وقد كان النابلسي يرمز لنفسه بمجمع البحرين، وبالخضر، وببلاد الشام كلها فيقول:

أنا البلاد..وأهلها أنا
والشام من دون البرية شامي

وقد كان الأستاذ محمود يرمز لنفسه "بالسودان" و"بالحزب الجمهوري" في مواطن عديدة.

إذن فالاعجاز مسالة نسبية تتعلق بعلمك بالأسباب، وفهمك للأمثال، وشهودها شهودا ذوقيا "وشهد شاهد من بني أسرائيل علي مثله". فأنت مثلا كطبيب تعلم أن مجرد النظر بالعين الشحمية هو معجزة يشترك فيها العقل والعين وعناصر أخري عديدة بطريقة معقدة...ولكنها معلومة الأسباب..وكلما ترقينا في معرفة الأسباب بطلت المعجزات بمعنى أنها افعال نعتبرها خارقة للطبيعة...وبهذا العلم وبالسمو والترقي فيه..وبظهور الأفراد الأحرار الذين حققوا الأمن والسلام في نفوسهم ينتصر الخير علي الشر، ويكون كل الناس أئمة بدون مأمومين. ووارثين لله من غير اتباع لأحد "ونريد أن نمن على الذين أستضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين".

علي هدى ذلك الفهم يتجاوز الناس الظاهر المحسوس بالخوض في المعاني الدقيقة، ذلك الخوض الذي حث عليه الأستاذ محمود بقوله:

"وإنما يجب الخوض في المعاني الدقيقة التي تجاوزت الظاهر المحسوس وهذا يعني التأويل.. بهذا الفهم فان التأويل ليس ترفا ذهنيا، وانما هو ضرورة لبعث الاسلام. وبالتأويل أيضا ينفتح الباب لمعرفة النفس البشرية التي تعاني من الخوف والقلق...فيتم لها بهذه المعرفة وحدتها وسلامتها".

وما عملنا في جذوة التأويل إلا خوض في المعاني الدقيقة، ودراسة للنفس البشرية، يقوم الامر فيها علي فهم القرآن فهما دقيقا علي بصيرة ويقين..ثم موالاة البحث الحر والدراسة العميقة المستأنية دون وصاية علي أحد. ولكن لا يتسع المجال هنا لتفصيل ما نقوم به في جذوة التأويل.. فأرجو أن يكون فيما قيل اضاءة تكفي للرد علي تساؤلاتك.
نعم، الأستاذ محمود كتب في إهداء كتاب "القرآن ومصطفى محمود والفهم العصري" هذه العبارات البليغة الموحية لأكثر من معنى:
إلى الذي ظلت البشرية ..
تنتظره
وتترقب ظهوره ..
إلى الإنسان!!
ثم .. إلى الرجال والنسوان
هل تحلمون به؟؟
إنه فيكم!!
يظهره القرآن ..

فواحدة من معاني هذه العبارات هي شخص المسيح المنتظر، ومعناها الآخر هو ما أشرت أنت إليه وخلاصته "بكماله كل النفوس تُكمَّل". لذلك فإن قولك "أذن فالمسيح ليس شخصا بعينه..." يتعارض مع آيات محددة تشير إليه كشخص مثل قوله تعالى "هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر وإلى الله ترجع الأمور" وآيات سورة القدر "تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر"، وآيات سورة عم "يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا" وآيات سورة الزمر "وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاءَ اللَّهُ ۖ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ * وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ"..
وهنا أريد أن أذكِّرك بإجابة الأستاذ على العم فضل في تلك الجلسة التي مر ذكرها عن معجزة نزول المسيح:

((المسيح مات ورفع روح.. بعدين بينزل روح.. وهو الوقت البجي فيهو المسيح هو في الحقيقة بعث الأرواح كلها.. موش المسيح وحدو البيبعث .. كل الأنبياء والأولياء والصالحين بيبعثوا لتملأ الأرض عدلاً كما ملئت جور.. ويبعثوا: بتجي أرواحهم في أجساد ماشة في الأرض هسع ( يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ ) .. من يشاء من عباده ، دا، فيهم الدرجات المختلفة: في ناس على قدم النبي وفي ناس على قدم موسى وفي ناس على قدم عيسى وفي ناس على .. بالصور دي.. المسيح الأخير بكون من أم وأب، في الأرض وبتكون معجزته في ناحية تانية، في كمالاتو- كمالات عقله وجسده.. كمالات خلقه.. كمالات مقدرته وقوته، علمه وإرادته وقدرته وحياته، هي البتكون المعجزة.))انتهى.
إذن المسيح الأخير هو شخص مثلما كان الأنبياء والرسل من قبله هم أشخاص.

يتواصل في حلقة أخيرة

مع خالص المودة وفائق التقدير

ياسر الشريف
أضف رد جديد