لبِنةٌ في بناء الدولة وأفقٌ مفتوحٌ أمام الثورة

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
عادل القصاص
مشاركات: 1539
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 4:57 pm

لبِنةٌ في بناء الدولة وأفقٌ مفتوحٌ أمام الثورة

مشاركة بواسطة عادل القصاص »

لبِنةٌ في بناء الدولة وأفقٌ مفتوحٌ أمام الثورة


أفقٌ مفتوحٌ أمامنا، نحن شعبَ هذا المكان السودانيِّ العامر بحضارة تُرفرِف لها جَنَباتُ العالم، وهي تُصفِّق لهُويَّته في أرض النشيد الإنساني الهائل التعَدُّد والاختلاف. نعرِف مكاننا الجذريَّ ونُعرِّفه، بمحبة، بين جغرافيا العالم الكبير.
أفقٌ مفتوحٌ أمام الثورة، وكأنَّ العالم قد خُلق للتوِّ. فاتنا الكثير، أيْ نعم؛ لكنْ أمامنا الأكثر حياةً وغِنًى وغناءً. ثورتنا ابتدأت بين الناس في الأرض، منذ أنْ خلق الله لنا نهراً وحكمة وطيوراً وحيواناً وسهولاً وغاباتٍ وجبالاً. تعثَّرنا قليلاً، مثلما يتعثَّر النهر أحياناً أمام صخرة، لكنه لا ينسى أبداً معنى الجَرَيان. حُورِبنا كثيراً، بسيوف شتّى، لكننا على خيولنا الأبدية، نعرف قيمة الركض والرفض في الأرض، كما أنَّ سهامنا لا تَطيش.

استأصلت الإنقاذُ بتأصيلها الفرديِّ الظلاميِّ كلَّ مشروعٍ صغيرٍ للنور في حيواتنا، فمرَّت ثلاثون عاماً حُسُوماً، كانت خَصماً على حياتنا من كل منبع وأفق ورؤى. فمنذ اللحظات الأولى من ليل الإنقاذ، أُغلقت دُورُ الكُتَّاب ومراكز الفكر والوعي والتنوير، وأغلقت دُورُ السينما وأظلمت شاشاتُها بقرار من عقل مظلمٍ وقلبْ مُعتَم، لا يعرف للضوء نافذة ولو صغيرة بين شِغافه. كما أن المسارح صارت مطارحَ بيوتٍ للعسكريين وخياماً للعنكبوت، فنما الصمت في كواليسها وعرَّش البؤس. فلم تُتركْ للمسرح ولو شجرةٌ صغيرةٌ يستظلُّ تحتها روَّادُه ومبدعوه في نهاريَّات انهارت سقوفُها، تحت وطأة القهر، على كل قلب أمين. غادر الغناءُ حيشان البيوت وانحبس الرقص في الذبح. لكن الشعر، بطبيعته، قد عافر حتى توافر على المعنى؛ دون الحصول على حقِّه الإنساني في نشيد الجماعة المبتهجة بصوته الغنائيِّ الجميل.
وكذا ما يلي من فنون شعبية، وتعبيراتٍ ثقافية متنوِّعة، وإبداعاتِ جماعاتٍ مُنسابةٍ في المكان بأصلها وفصلها الحياتيِّ المعتاد.
أفقٌ مفتوحٌ أمام النهر ليمشي مشيته الطبيعية في الطبيعيِّ من الناس والأشياء. ولكي تتوفَّر المباني لمعانٍ وفيرة بين الناس، يجب أن تُوافي الإرادةُ الجماعية معنى العيش الكريم تحت ظل هذا المكان الجميل: السودان، والذي وهبه الله من عند رزقه، خيرَ ما أعطى الإنسانَ من كنز بين قدميهِ يكمُن، وفي قلبه وعقله يكون.

ولأنَّ المثقف دائماً مايضع قدماً في أرض المستقبل، فإنه لا يستبق الوقائع بعقله وفكره فحسب؛ بل إنه، وبروحه المفتوح، يتشابك مع أفق المستقبل بامتداداته في زمن التغيير الدائم، آملاً في حياة بسيطة وغنيَّة تضع الناس جميعاً أمام مسؤوليتها في العيش الكريم، وحق التعبير الحر، والكتابة على جسد الحياة بلذَّة ومعنى.
عانت دولتنا، لأكثر من ستة عقودٍ (هي عمر دولة ما بعد الاستقلال)، هشاشتها المُتقلِّبة، بين فشل الطبقة السياسية في وضع البلاد في مسارٍ الديمقراطية، وظلاميَّةٍ عسكرية ديكتاتورية تطلُّ كلما استحكمت حلقاتُ بناء الدولة لتحكُمَ ما شاء لها الله، عقدين أو ثلاثة.
وطِوال هذه الحلقة السوداوية، لم تسنح فرصةٌ لبناء دولة المؤسسات المستقلة والقانون والحريات والسلام المنشود؛ مثلما سنحت الفرصةُ في ثورة ديسمبر المجيدة بعد أن فتح شهداء الثورة وأبطالُها آفاقَ الحلم بدولة سودانية تُعبِّر عن أشواق الشعب بكامل تعدُّداته الثقافية.
والآن، وبإذن هذه الثورة العظيمة، نضع أقدامَنا الخضراءَ أمام عتبةٍ جديدة للمستقبل؛ والذي نرجوه جميلاً وعامراً. ولن يكون كذلك، إلّا إذا انخرطنا جماعاتٍ وأفراداً، دولة وشعباً في عمليَّات شاقَّة من هدم القديم المُتكلِّس من الرؤى والأفكار والمباني، والانغماس الكُلِّي، بروح الجمْع الثوريَّة، في تأسيس حياة ثقافية ديموقراطية حُرَّة تليق بإنسان هذا المكان الذي له من مكتسبات حضارةٍ راسخةٍ، مختلفةِ السِّمات واللغات، ما يجعل التعدُّد والتنوُّع جنَّتَنا بين البشر، ويا له من قَدَر تاريخيٍّ لو تعلمون عظيم!
يأتي الثلاثون من يونيو بمعناه الثوريِّ العظيم، والمواكبُ في طريقها نحو اكتساب حقِّها في وطن لا يسع الجميع فقط؛ بل يُرفرف بهم على أفقٍ سواء، بما فيها من مواكبَ متدفِّقةٍ ذاتِ جداول حيَّةٍ في أرض الفكر والفن والأدب.
30 يونيو، نخرج ليكون للفكر والفن حقُّهما في القول والعمل، نخرج لتُردَّ للثقافة مستحقاتُها من دُورٍ وبنيات تحتية ومواردَ وفضاء آمن ومُعافى، ننتفض لنحرِّرَ عقل الدولة الهشَّ من ظلام عداوة الفن لنور المواطنة والمدنية، نخرج حتى لا نسقط من ثقوب النسيان والإهمال، ونخرج بالواجب الذي تفرضه اللحظةُ التاريخيةُ علينا، نحو إكمال الثورة وصونها.
30 يونيو موكب ستعقبه مواكب حتى تُردِّدَ دولتُنا - التي ينشدها الحلم المُشترك - نشيدَ الثقافة والفنون.

تجمُّع المثقفين والمبدعين السودانيين
30 يونيو 2020م


الموقِّعون:
١_عبدالله عيدروس
٢_الأصمعي باشري
٣_رماح عبدالقادر
٤_ربيع يوسف الحسن
٥_حاتم الكناني
٦_عادل القصاص
٧_مغيرة حسين حربية
٨_ نادر السماني
٩_خطاب حسن أحمد
١٠_محمد نجيب محمد علي
١١_خالد عبدالوهاب
١٢_يوسف حمد
١٣_بابكر الوسيلة
١٤_عصام عبدالحفيظ
١٥_ سارة الجاك
١٦_ حامد بخيت
١٧_أزهري محمد علي
١٨_محمد نعيم سعد
١٩_عمر دفع الله
٢٠_الصادق الرضي
٢١_حافظ حسين
٢٢_عباس الحاج الأمين
٢٣_ مناف محمد
٢٤_هيثم عوض خيري
٢٥_امل فاروق ابو عيسي
٢٦_عثمان النصيح
٢٧_اشرف ابوعكر
٢٨_سيف جبريل
٢٩_مريم محمد الطيب
٣٠_يحيي فضل الله
٣١_هادية بدرالدين
٣٢_الصادق شيخ الدين
٣٣_محمد كوبر
٣٤_عبدالمحيد حسن
٣٥_الرشيد أحمد عيسى
٣٦_هيثم بيناوي
٣٧_عبدالرحمن الشبلي
٣٨_حاتم محمد علي
٣٩_ الصافي مهدي
٤٠_ حسام عبدالسلام
٤١_نوري أحمد
٤٢_ محمد اليسع
٤٣_ كمال يوسف علي
٤٤_ مأمون التلب
٤٥_عبد الله محمد عبد الله
٤٦_محمد عثمان (دريج)
أضف رد جديد