اتحاد الكتاب السودانيين. لا في العير لا في النفير

Forum Démocratique
- Democratic Forum
صورة العضو الرمزية
نجاة محمد علي
مشاركات: 2809
اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
مكان: باريس

اتحاد الكتاب السودانيين. لا في العير لا في النفير

مشاركة بواسطة نجاة محمد علي »



بيان اتحاد الكتاب السودانيين
لا في العير لا في النفير



الخطاب الذي بعث به اتحاد الكتاب السودانيين للرئيس الأمريكي يدعو للتعجب في قراءة "كتـّـابنا" للأزمة اللبنانية الأخيرة قراءة تبسيطية خارج سياقيها التاريخي والراهن. ومما يزيد التعجب أن يكون هذا الخطاب ممهوراً بتوقيع مؤرخ سوداني كبير، لا نملك سوى أن نثمِّن عالياً مساهمته التي قدمها في مجال تدوين تاريخنا، سواءً اختلفنا أو اتفقنا معه في مواقفه السياسية والفكرية.

من ناحية أخرى أود أن أوضح أيضاً إعلاني التام لتضامني مع الشعب اللبناني ومع ساحته الثقافية والفكرية التي قدمت أمثلة ساطعة في التضامن مع القضايا العادلة، واستبسلت في صمودها ضد الرجعية في لبنان من جانب، وفي وجه العدوان الإسرائيلي خلال عقد كامل منذ بداية الحرب اللبنانية في ثمانينيات القرن المنصرم من جانب آخر، ولا زالت تستبسل، وقدمت للعالم مساهمات سامقة في مختلف ساحات المعرفة والإبداع الإنسانيين، ولا زالت تقدم. ففي هذه الأيام نشهد حملة غوغائية تبسيطية وساذجة تدين إبداء أي تضامن مع الشعب اللبناني، بدعوى عنصرية اللبنانيين تارة ً، أو لأن اللبنانيين لم يتضامنوا مع قضايانا ومع أزمة شعبنا في دارفور تارةً غيرها، أو لأننا أفارقة ولا يهمنا العرب تارة ً أخرى. إن التضامن مع الشعوب لا يتحدد وفقاً لموقفنا من حكوماتها، أو تبعاً للصور النمطية الموجودة في أذهاننا عنها، وإنما يمليه علينا واجب التضامن الإنساني الذي لا بد لنا من أن نعلي من قيمته، فكيف يحق لنا أن نعيب على أحد عدم تضامنه إن لم تكن روح التضامن مغروسة في نفوسنا نحن؟ النظر إلى التضامن بين الشعوب من منظور هذا التبادل الشبيه بمقايضة تجارية بائسة لا يليق بأناس يسعون لغرس روح التضامن، ويدعون لنبذ العنصرية، ولبسط العدل وتحقيق المساواة. وهذا موضوع يمكن أن نعود إليه بعد تناول موضوع خطاب اتحاد الكتاب السودانيين الموجه إلى جورج بوش.

ملكيون أكثر من الملك
إسرائيل حليف طبيعي للولايات المتحدة، وضمان مؤكد يكفل لها حماية مصالحها الاستراتيجية في المنطقة. هذه حقيقة معروفة وواضحة. إن نظام جورج بوش حينما يقف مع إسرائيل، إنما يدافع عن حليف أمريكا المؤكد في المنطقة، ويدافع عن مصلحة مباشرة تتمثل في استمرار وجود هذا الحليف. لذا، فإن توجيه النصح لجورج بوش و"لفت انتباهه" إلى "الضرر" الذي سيحيق بالسياسة الأمريكية من جراء استمراره فى "توهُّم أن إسرائيل هى الضامنة الأساسية لمصالح أمريكا فى الشرق الأوسط" (!!!) ليس أمراً تبسيطياً فحسب، وإنما يدعو أيضاً للإشفاق على "كتابنا" من فرط طيبتهم وبساطتهم. إلا إذا ما كان كتابنا يعرضون أنفسهم بديلاً لإسرائيل كـ "ضامن أساسي" لحماية المصالح الأمريكية.

عرضة خارج الزفة
اشتعلت الأحداث الأخيرة في لبنان في سياق عالمي متوتر بسبب النشاط النووي الإيراني وما يمكن أن ينذر به من مخاطر تهدد وجود إسرائيل كما تهدد عدداً من دول المنطقة. وحين شنت إسرائيل عدوانها على لبنان كانت تستهدف مواقع حزب الله التي من الممكن أن تكون مغروسة وسط الأحياء المدنية، كما يعتقد خبراؤها ويتفق معهم عدد من المحللين العالميين. لذا كانت إسرائيل تدافع بشراسة عن وجودها، الذي ساهمت الولايات المتحدة وستساهم في حمايته من المخاطر بصفة عامة، ومن الخطر الإيراني المحتمل في الوقت الراهن على وجه الخصوص. إنه من غير اللائق أن تفوت على اتحاد كتابنا مثل هذه الحقائق البسيطة الواضحة. فإن كان لهم من نصح يوجهونه للرئيس الأمريكي، فقد كان بالأحرى أن يكون نصحاً له بالتفاوض الدبلوماسي مع إيران الجهة التي تهدد إسرائيل بالأصالة قبل أن تهددها بالوساطة. فهذا هو "النصح" و"لفت الانتباه" الذي تحتاجه المنطقة لدرء خطر الكارثة القادمة التي قد تحدث إذا ما شنت أمريكا وحلفاؤها "حملة تأديبية" ضد إيران.
حزب الله كيان سياسي لبناني له تمثيله البرلماني، ووجوده على الساحة السياسية اللبنانية يكفله مبدأ الديمقراطية. أما أن تكون له مليشياته الخاصة داخل دولة من المفترض أن يكون لها جيشها النظامي، ففي هذا مساس بسيادة الدولة اللبنانية، لذلك فإن حل هذه الأزمة ـ والأزمات التي ستأتي بعدها لا محالة، طالما ظل لحزب الله قواته الخاصة ـ يكمن في مساعدة الدولة اللبنانية في تعزيز جيشها الوطني القادر على حماية حدودها ومواطنيها في وجه أي عدواني خارجي، إسرائيلي أو غيره. هذا هو الضمان الوحيد لأمن لبنان وشعبه. وقد كان بالأحرى على اتحاد "كتابنا" ـ طالما كان دافعهم التضامن مع الشعب اللبناني ـ أن يطلب من جورج بوش ومن الأسرة الدولية دعم الدولة اللبنانية من أجل تعزيز جيش وطني مضعف، بدلاً عن الإشادة بتنظيم سياسي يحاول أن يفرض قواته بديلاً لجيش دولته. إلا أن عدم الوقوف على السياق العالمي الراهن هو السمة التي وسمت، للأسف، خطاب اتحاد الكتاب السودانيين، فطعن "كتابنا" دون أن يدروا في حق مشروع للدولة في لبنان، هو حقها في أن يرقى جيشها إلى مستوى الذود عنها.
هذه العرضة خارج الزفة لا تجعل لمناشدة "كتابنا" للرئيس الأمريكي قيمة مؤثرة.

مؤرخ يوقع خارج السياق التاريخي
يختتم "كتابنا" خطابهم للرئيس الأمريكي بالتأكيد على حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على كامل ترابه الوطني، بينما تنص القرارات الدولية ـ والتي وقعت عليها الدولة الفلسطينية نفسها ـ على بناء دولة فلسطينية داخل حدود ما قبل يونيو 1967. هذه "الدقسة" غير المناسبة كان من الممكن غض الطرف عنها لولا أن خطاب اتحاد الكتاب السودانيين قد جاء ممهوراً بتوقيع مؤرخ كبير.

النجّار بابه مخلّع
حصدت الحرب في دارفور مئات الآلاف، ولم يتوجه اتحاد كتابنا بنداء لكتاب ومثقفي وفناني العالم للتضامن مع شعبنا. ولم نسمع أنه أقام ندوات أو محاضرات أو نداءات محلية أو إقليمية أو عالمية للتضامن مع مواطنينا في دارفور، بينما العالم كله يدين التشريد والقتل الجماعي ويعرب عن تضامنه مع أهل دارفور.
وأخيراً، لماذا وجه "كتابنا" هذه المناشدة لجورج بوش، وليس للمنظمات الأمريكية الثقافية والإنسانية، أولاً وقبل كل شئ؟ وجه الفنان اللبناني مارسيل خليفة مناشدة لفناني العالم للتضامن مع شعبه، ماذا كان سيضير كتابنا لو أنهم وجهوا رسالة مثلها لرصفائهم في العالم؟ أما كان ذلك أفضل لهم وأكرم من العرضة خارج الزفة، من الحرص على مصالح الولايات المتحدة أكثر من رئيسها نفسه، من التحليل التبسيطي ومن الكتابة خارج السياق؟
نجاة


حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

مشاركة بواسطة حسن موسى »

.

صورة
.
صورة العضو الرمزية
قصي مجدي سليم
مشاركات: 269
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 9:42 pm

مشاركة بواسطة قصي مجدي سليم »

[align=right]
وجودي هنا لتأكيد تضامني مع هذا النقد المسئول...
لي عودة
لو كنت فارسا: لعبأت نشابي بالفرح.. وصوبت نحو البشرية جمعاء.. لا أخطئ أحدا.
لو كنت ملاك موت: لصعدت عاليا عاليا.. وهويت الى الأرض أدق عنقي (عادل عبد الرحمن)
_________________
الفكر أكسير الحياة
(الأستاذ محمود)
مازن مصطفى
مشاركات: 1045
اشترك في: الأربعاء أغسطس 31, 2005 6:17 pm
مكان: القاهرة
اتصال:

مشاركة بواسطة مازن مصطفى »

..
آخر تعديل بواسطة مازن مصطفى في الأحد يناير 06, 2013 11:48 am، تم التعديل مرة واحدة.
صورة العضو الرمزية
ÃÈæ ÈßÑ ÓíÏ ÃÍãÏ
مشاركات: 318
اشترك في: السبت فبراير 04, 2006 5:08 pm
مكان: Dubai
اتصال:

مشاركة بواسطة ÃÈæ ÈßÑ ÓíÏ ÃÍãÏ »

شكرا لمن كتب هنا ناقدا ومتضامنا فمنذ ان قرات العرضحال في مكان غير هذا وانا "مغيوظ"... انا ليس بكاتب ولكن الكتاب هم من تطوعو بالتعبير عنا - واقعنا ثقافتنا اوجاعنا افراحنا اتراحنا همومنا موتنا وحياتنا - وبالتالي انا معني وكل ملح الارض السودانية معني بما يقول الكاتب وما يقال عنه وباسمه .. والسؤال :
من وكل هؤلاء عن كتابنا ؟ وليه يعني كاتبيين لبوش ..
اشار الي صديق بان اذهب الي قوقل وادخل الكلمة :
Failure
فوجدت لماذا كتبو لبوش

حاولو وابحثو في قوقل كما ذكرت اعلاه ..

ابوبكر
abubakr sidahmed
Blogger:sidahmed.blogspot.com
صورة العضو الرمزية
قصى همرور
مشاركات: 278
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 11:07 pm

مشاركة بواسطة قصى همرور »

هذا مقال في الصميم..

حين قرأت عنوان الرسالة من اتحاد الكتاب السودانيين لأول مرة، لم تبد لي أي رغبة في قرائته، وبعد أن قرأته، بإيعاز من قصي مجدي سليم، تذكرت العبارة التي ذيل بها مؤتمر الخريجين خطابه إلى المستعمر الانجليزي: (خادمكم المطيع)، وما تحمله -علاوة على الضعة- من نقص فادح في الوعي السياسي..

ولعل في مثل هذه الرسالة العجيبة يتضح حجم الأزمة الأساسية بين مثقفينا، وهم الطليعة التي نتوسم فيها قيادة تيار التغيير..

والشكر للأستاذة نجاة..
Conventional is neither neutral nor convenient
عمر التجاني
مشاركات: 228
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 6:28 pm

مشاركة بواسطة عمر التجاني »

الأخت نجاة والأخوة المتداخلين
لكم عاطر التحايا
أتمنى أن يعذرني الجميع في إستعمال لفظ ما درج علي استعماله الناس في هذا المنبر، وهو لفظ الصفاقة إنها صفاقة متناهية. أن كاتب تاريخ مثلما ذكرت الأخت نجاة يغرد السرب. علاوة على تجاهله للوقائع الراهنة على الساحة الدولية، أرى أنه أيضا أساء لبلده في الوقت الراهن الذي يواجه فيه بلدنا ظرفا وضعه في مفترق الطرق.
وأحب أن أؤكد أني لا أزال على العهد في تأييدي المطلق لقضية الشعب اللباني .ولكن بعيدا عن أطروحات حزب حسن نصر الله وذلك لقناعتي أن قضية تحرير التراب اللبناني لا تتم وفق طروحات الحركات الأسلامية أيا كان موقعها .
تايد الناس لقضية لبنان وفلسطين يجب أن يتم بعيدا (حسب رأي أنا)عن العروبة والأسلام والتأييد يجب أن يكون على أساس أنها قضية تحرر وطني ومسألة أنسانية في المقام الأول.
تحياتي وفي انتظار تكملة موضوع الأبن قصي مع خالص التحيات
صورة العضو الرمزية
ãÍãÏ ÚÈÏ ÇááØíÝ ÅÏÑíÓ
مشاركات: 79
اشترك في: الأربعاء ديسمبر 14, 2005 12:29 am
اتصال:

مشاركة بواسطة ãÍãÏ ÚÈÏ ÇááØíÝ ÅÏÑíÓ »

الاستاذة نجاة وبقية المتداخلون

هنالك ظاهرة اسمها (اعراض ستوكهولم STOCKHOLM SYNDROME )
وهي ان تستسلم الضحية لمزاج المجرم او المختطف وتاتمر باوامره
وتتكيف مع متطلباته .
هذا ما حدث بالضبط مع بعض قيادات منظماتنا ونقاباتنا
الحل الوحيد هو ممارسة الديمقراطية واقتلاع هذه
القيادات بالانتخاب والمؤتمرات .
زي ما قال حسن موسى برسمه المعبر انه
( حركاتم بقت قردية ).
.
.
.لطفي
كلما اتسعت الرؤيا ضاقت العبارة
الإمام النفري
صورة العضو الرمزية
نجاة محمد علي
مشاركات: 2809
اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
مكان: باريس

مشاركة بواسطة نجاة محمد علي »


حسن موسى،
سلام

وشكراً على الرسم الذي يبرز شر البلية.


قصي مجدي سليم،
شكراً على المشاركة وفي انتظار عودتك لإثراء الحوار.


لكما تحياتي وللجميع
نجاة
صورة العضو الرمزية
نجاة محمد علي
مشاركات: 2809
اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
مكان: باريس

مشاركة بواسطة نجاة محمد علي »


مازن مصطفى،
سلام

تقاليد وأعراف العمل العام تسمح لاتحاد الكتاب السودانيين (مثلما لأي اتحاد آخر أو نقابة أو تنظيم من تنظيمات المجتمع المدني) بإصدار البيانات فيما يختص بالقضايا الهامة، محلية كانت أم إقليمية أم عالمية. وحينما تتحدث اللجنة التنفيذية باسم الاتحاد، فإن عليها أن لا تتجاوز نطاق التكليف الذي كلفتها به القاعدة التي انتخبتها، ولا بد لها أيضاً أن تتقيد بالحد الأدنى الذي تتفق عليه هذه القاعدة حينما يختص الأمر بقضية قد تختلف حولها الآراء. مما لا شك فيه أن قاعد اتحاد الكتاب السودانيين التي انتخبت لجنته التنفيذية تنتمي لمشارب سياسية وفكرية مختلفة، وبذلك لا يحق للجنة التنفيذية أن تتحدث باسمها في قضايا سياسية تختلف الآراء حولها. الشيء الذي كان من الممكن للجنة التنفيذية لاتحاد الكتاب السودانيين أن تفعله في هذه الحالة هو إعلان تضامنها الإنساني مع الشعب اللبناني وشجب العدوان الذي تعرض له، لا غير. وحتى هذه الخطوة كان من الأفضل لها أن تتم في عمل مشترك مع التنظيمات الشبيهة، كاتحاد الكتاب الأفارقة، الاتحاد العام للكتاب العرب، اتحاد الكتاب العالمي، أو بمنتهى البساطة عبر تنظيمات الكتاب والأدباء والفنانين في الولايات المتحدة، وذلك لتكوين مجموعة ضغط مؤثرة، وبشكلٍ لا يتجاوز نطاق التضامن الإنساني. أما مخاطبة رئيس دولة من منظور سياسي، فهذا يتعارض مع وظيفة اتحادات الكتاب ورسالتها.

اللجنة التنفيذية لاتحاد الكتاب "تنوب عنك وتتخذ موقفاً باسمك"، ولكن...
التمثيل والإنابة هما الركيزة الأساسية لمبدأ الديمقراطية. وحينما نختار من يمثلنا في الهيئات المختلفة، فإننا نفوضه للإنابة عنا وفقاً للشروط التي تحدد حدود هذه الإنابة. ومن هذا المنطلق، فإن اللجنة التنفيذية للاتحاد غير ملزمة بالرجوع للأعضاء عند اتخاذ أي قرار أو خطوة أو لدى إصدار تصريح أو بيان طالما تمّ عملها في إطار ما يخوله لها دستور الاتحاد وما يسمح به مبدأ الإنابة. وأي خروج للجنة عن نطاق هذا التفويض لا يكون سوى تعبير عن رأي أعضائها الخاص وليس عن رأي أعضاء الاتحاد. وهذا هو ما فعلته لجنة اتحاد الكتاب السودايين بإصدارها لهذا البيان الذي يعبرعن وجهة نظر سياسية لا يمكن أن تكون بالضرورة وجهة نظر كل أعضائه، علاوةً على العثرات الأخرى التي أشرت إليها من قبل.

أما تساؤلك:
"كيف صيغ مثل هذا البيان؟"
فعلمه عند اللجنة التنفيذية لاتحاد الكتاب السودانيين التي يمكنك، كعضو بالاتحاد، مساءلتها.

نجاة

صورة العضو الرمزية
قصي مجدي سليم
مشاركات: 269
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 9:42 pm

مشاركة بواسطة قصي مجدي سليم »

في الطريق قريبا تقرير من الصحفي الشاب مامون التلب عن بيان اتحاد الكتاب
لو كنت فارسا: لعبأت نشابي بالفرح.. وصوبت نحو البشرية جمعاء.. لا أخطئ أحدا.
لو كنت ملاك موت: لصعدت عاليا عاليا.. وهويت الى الأرض أدق عنقي (عادل عبد الرحمن)
_________________
الفكر أكسير الحياة
(الأستاذ محمود)
مازن مصطفى
مشاركات: 1045
اشترك في: الأربعاء أغسطس 31, 2005 6:17 pm
مكان: القاهرة
اتصال:

مشاركة بواسطة مازن مصطفى »

..
آخر تعديل بواسطة مازن مصطفى في الأحد يناير 06, 2013 11:47 am، تم التعديل مرة واحدة.
حسن موسى
مشاركات: 3621
اشترك في: الجمعة مايو 06, 2005 5:29 pm

فتح الباب لفهم غبائن الكتاب

مشاركة بواسطة حسن موسى »

فتح الباب لفهم غبائن الكتّاب


الحساب ولد:
من ينظر في عواقب رسالة "إتحاد الكتاب السودانيين" لفخامة جورج دبليو بوش يلاحظ بسهولة أن التنوّع في وجهات نظر المعترضين على هذه الرسالة إنما يتكشّف عن غبائن كثيرة كامنة عند عدد من الكتّاب تجاه هذه المؤسسة التي يفترض أنها تمثلهم. وغبائن الكتاب السودانيين على إتحادهم تنطوي على جُغوب وجخانين متنوعة، نفسية وأدبية وسياسية، ناهيك عن تجليّات الغضب الأعمى العاير الذي ينتهز حالة عكر الرؤية بين الأدب والسياسة ليكيل للخصوم السياسيين في قبيلة الكتّاب السودانيين صاعات قديمة مؤجّلة.
ويبدو أن لوضعية الإتحاد الخاصة ـ ضمن المشهد السياسي السوداني ـ أعني وضعيته كمنظّمة للعمل العام تتميز بحساسية يسارية، أكبر الأثر في إنمساخ قضية الرسالة الموجهة لجورج دبليو إلى مناسبة لتصفية حسابات، مسكوت عنها، مع الإتجاه اليساري المهيمن على توجّهات الإتحاد مثلما هو مهيمن على توجّهات عدد كبير من منظّمات العمل العام المتحركة في المجال الثقافي. وهذا الواقع التاريخي المميـَّز لعمل الجمعيات الثقافية في السودان، أعني واقع صلة القربى الآيديولوجية مع تيارات الفكر اليساري، ومع الشيوعيين السودانيين على وجه الخصوص، هو أمر في طبيعة ميراث حركة الحداثة في السودان، وهو ميراث لليساريين السودانيين ـ داخل و خارج الحزب الشيوعي ـ فيه مساهمة نوعية عالية.
و عبارتي: "تصفية حسابات مسكوت عنها مع الإتجاه اليساري" يمكن أن تقرأ: "تصفية حسابات مع المثقفين السودانيين عامة"، وضمن ملابسات معيّنة يمكن لنفس العبارة أن تقرأ : " تصفية حسابات مع الصفوة" عديل، كون مفردة "الصفوة" استقرت في معجم الغوغائية الأسافيرية كنوع من شتيمة سهلة في متناول يد الأميين المسلحين بقناعات الرضاء العام المبرّئة للذمة الوطنية وبالدبلومات الأكاديمية المبرئة للذمة الطبقية. وسب المثقفين ـ الذي يتم على يد نفر معتبر من المثقفين (يعني: مِن دقنُه و افتل لُه)، ـ باب عامر في أدب التخلّق الآيديولوجي لأبناء وبنات الطبقة الوسطى العربسلامية في السودان. هذا الباب لا بد من فتحه على مصاريعه النفسية والجمالية والسياسية فتدخل منه ريح النقد القادر على خلخلة القناعات الآيديولوجية البائدة للنفر الذي لا يكون حب الفقراء عنده بغير رجم هذا الشيطان الأكبر الملقّب بـ "المثقفين".

"رؤية المثقفين"..حجوة أمضبيبينة:
وعبارة "المثقفين السودانيين" تتردد في نصوص المعترضين على بيان إتحاد الكتاب السودانيين بأسلوب قاسمه المشترك التعميم الجائر الذي يصوّر المثقفين السودانيين كما لو كانوا كيانا آيديولوجيا منسجما، كيان قوامه "الكتاب السودانيون". كما لوكان "إتحاد الكتاب السودانيين" هو الجهة صاحبة الولاية على فئة المثقفين السودانيين. وهذا، بلا شك، جور كبير في حق المثقفين الذين لا ينتجون النصوص الأدبية كالتشكيليين والموسيقيين وأهل الفنون المشهدية، ناهيك عن البحّاث العاملين في مجالات البحث العلمي الأخرى التي لا تطالها وسائل الأدب التعبيري.
إن إطلاق عبارة "المثقفين السودانيين" بغير فرز آيديولوجي يجرّد المفهوم من بعده التاريخي ومن دلالاته الإجتماعية ليجعل منه نوعا من مجاز غير مسئول مفتوح للغاشي والماشي بلا أدنى إعتبار لإختلاف المواقف السياسية بين هؤلاء وأولئك من أطراف النزاع الإجتماعي المستعر بين المثقفين السودانيين.
في هذا المشهد ترد عبارة الأستاذ قصي مجدي سليم في نصائحه الموجزة لإتحاد الكتاب السودانيين:
" كان من الأفضل طرح حلول عملية أكثر تستصحب رؤية المثقفين السودانيين التي هي من رؤية العالم و لكنه بدلا من ذلك ذهب إلى مزايدات وهتافات لا فائدة منها".
https://sudan-forall.org/forum/viewtopic ... 64f9239135
و في إنتظار أن ينشر الأستاذ قصي م.سليم "ردّا مطوّلا "، كما وعد، أتوقع أن يتفضل بإيضاح ما يعنيه بـ "رؤية المثقفين السودانيين"، وتفصيل إضافي في ما أسماه بـ "رؤية العالم" التي طرحها كأصل لـ "رؤية المثقفين السودانيين". ويا حبّذا لو تكرّم وشرح لنا كيف سيقوم العرب بضمان مصالح أمريكا بدلا من إسرائيل طالما هو ليس ضد الفكرة كما جرت عبارته: "عموما أنا لست ضد الفكرة ".
والأستاذ قصي سليم ليس وحده في هذا الإستخدام الجائر لعبارة "المثقفين السودانيين"، فالأستاذ قصي همرور ـ على اهتمامه المشهود بدقة العبارة ـ لم يقاوم إغراء الإنتفاع بعبارة "المثقفين السودانيين"، و ذلك في رسالة تلغرافية ينتقد فيها رسالة إتحاد الكتاب السودانيين لجورج دبليو فكتب في نفس بوست نجاة محمد علي بمنبر "سودان للجميع"، "إتحاد الكتاب السودانيين لا في العير ..":
"و لعل في مثل هذه الرسالة العجيبة يتضح حجم الأزمة الأساسية بين مثقفينا، وهم الطليعة التي نتوسم فيها قيادة التغيير".
طبعا لا يغيب على فطنة الأستاذ قصي همرورـ الذي أحسبه أنا "بين مثقفينا"ـ لا يغيب عليها أن عبارة "المثقفين" هكذا، حافية من التحديد الطبقي، تبقى عاطلة عن الإحاطة بتناقضات المشهد السياسي السوداني.
فالدكتور حسن الترابي ـ مثلا ـ مثقف سوداني، مثله مثل الأستاذ محمد إبراهيم نقد أو الأستاذ محمود محمد طه أو الصادق المهدي أو الدكتور جون قرنق. وفي هذا الأفق نتساءل عن موقع مثقف كالترابي من "رؤية المثقفين السودانيين" ومن "رؤية العالم"، و لأي حد يضلع الدكتور حسن الترابي في"الطليعة التي نتوسّم فيها قيادة التغيير"؟

وفي تقليبي للصفحات الاسافيرية التي حوت كتابات نقّاد رسالة "إتحاد الكتاب السودانيين" لجورج دبليو، وقعت على إستخدام أكثر تحديدا لمفهوم "المثقفين السودانيين" أورده الأستاذ مرتضى جعفر في بوست صدقي كبلّو عن إتحاد الكتاب السودانيين في سودانيزأونلاين
https://www.sudaneseonline.com/cgi-bin/s ... 1156441431
ووجه التحديد في استخدام الأستاذ مرتضى جعفر يكون في إنتباهه للبعد الآيديولوجي لمفهوم "المثقفين السودانيين" كونه يحدد للمثقفين السودانيين موقعا واضحا في خريطة النزاع الإجتماعي في السودان.
كتب الاستاذ م. جعفر:
"والذي احتواه البيان هو تعبير أعمق عن أزمة الهوية في السودان وتصريح لا يكتنفه أي إلتباس عن أزمة إستلاب المثقف، وقيل الإنسان السوداني، بواسطة الثقافة العربية الإسلامية الطارئة في تاريخ وحياة شعبنا".
بيد أن جهد التحديد الآيديولوجي لا يعصم الأستاذ م جعفر من تمطيط ما أسماه بـ "أزمة إستلاب المثقف" "بواسطة الثقافة العربية الإسلامية" لتشمل "الإنسان السوداني" بحاله. ووجه الغفلة في حديث الأستاذ مرتضى جعفر يكمن في كونه يعطي العربسلاميين ـ الذين هم جزء من كل ـ حق إحتكار تمثيل "الإنسان السوداني" رغم أن طموحه السياسي الإبتدائي هو إنصاف السودانيين غير العربسلاميين من تغوّل "الثقافة العربية الإسلامية الطارئة في تاريخ وحياة شعبنا". وغفلة الأستاذ مرتضى جعفر(عن حقوق السودانيين غير العربسلاميين)، وغفلات الأستاذين قصي سليم وقصي همرور(عن تحديد تعريف تاريخي لفئة المثقفين)، لا يمكن تفسيرها بقلة الحيله الفكرية، لأن فهم أمر بهذه البساطة لا يحتاج لمكيدة فكرية واسعة. وفي نظري أن غفلات الأستاذ مرتضى جعفر والأستاذين همرور وسليم، إنما تجد تفسيرها المنطقي في إنسياقهم وراء الإنفعال، وهو مسلك يكشف عن الغبن المقيم بين سطور تعالج ـ من الظاهر ـ خراقة الأداء السياسي لإتحاد الكتاب السودانيين في هذه المسألة المحددة، مسألة الأزمة اللبنانية الإسرائيلية.
طبعا قِصـَر مداخلتَيْ القُصيّين لا يتيح للقارئ التوغّل وراء أسباب "غبنهما" الذي أزعمه زعما لا يخلو من شبهة القراءة المغرضة ـ حتى إشعار آخر ـ والغرض (الذي هو مرض) يبرره إطلاعي على آراء سابقة لكليهما في مسائل الثقافة والسياسة السودانية..

طلاسم كمال الجزولي:
لكن الأستاذ مرتضى جعفر يتوكّر أبعد منهما في تصفية حساباته مع "الثقافة العربية الإسلامية" في السودان.
وحين أقول "يتوكّر" فأنا أعني أن صاحبنا لا يتورّع عن إصطناع أوهى الذرائع الإعتباطية بسبيل دحض خصومه الآيديولوجيين، كما في حالة الشاعر كمال الجزولي، الذي يبدو أن مرتضى جعفر يراه كناطق رسمي باسم الثقافة العربية "الطارئة" في السودان:
كتب الأستاذ مرتضى جعفريحتج على إلتزام الشاعر كمال الجزولي بعلامات الشكل على زعم أن كمال الجزولي يتعمّد تحصين كتابته بطلاسم التشكيل العربية "حتى تصبح غير قابلة للقراءة"، إن إنتوى أمثال الأستاذ مرتضى جعفر "خوض مغامرة قراءتها" فتأمّل...
يعني علامات الشكل المقصود منهاتقييد الكتابة بالحركات ورفع اللبس عنها، صارت هي نفسها مصدر اللبس. طيب ياخي إنت وكت كتابة العربان دي ما بتـنقري ليك بعلامات الشكل ـ التي هي عناصر أساسية في إيضاح المعنى المكتوب وبالذات للقارئ غير الملم بقواعد النحو العربي (من شاكلة مقطوع الطاري رئيسنا السابق جعفر محمّد نميري) ـ أحسن تمشي تشوف ليك دبارة كتابة تانية..كتابة بلا قواعد.
ولو جيت للجد مافي لغة في الدنيا تستغني عن عناصر الإبانة والتحديد، ولو رفعت علامات الشكل عن تراث الأدباء العرب لما بقي فيهم نفّاخ النار. ولو مكضبني أسأل محسن خالد ـ" ذلك المحسن حيّاه الغمام" (المجذوب) ـ كَوْنَهُ آلَى عَلَى نَفـْسـِهِ أَنْ يُحـْسـِنَ عَلَى كُـتـَّابِ "سُودانِيزأُونلايِن" بِشيئٍ مِنْ عِلْمِهِ فِي خَيْطٍ نَافِعٍ عُنْوانُهُ "إصْلاحُ الكـِتابَةِ بِالْمـِنْبَرِ". طبعا مشكلة محسن خالد مع كتاب سودانيز أونلاين يمكن تلخيصها في المثل الصيني الذي يقول: يمكنك أن تأخذ البقرة لغاية النهر لكنك لا يمكن أن تجعل البقرة تشرب إن لم تكن ترغب في الشراب.
ولمعلوميتك يا أستاذ: تراث الأدب العربي ليس ملكا للعرب وحدهم حتى وإن زعمت العرب غير ذلك. وهو على أقل تقدير "غنيمة حرب" مثله مثل غيره من غنائم حروب التداخل الثقافي التي يتقاسمها الغالب والمغلوب بالتساوي. ودونك مثال الكتابة العربية التي انتفع بها أقوام فارس والأتراك والماليزيين والهندوستان، رغم أن لغاتهم الأصلية تأسست خارج نظام اللغات السامية الذي خرجت منه العربية. وكلنا نعرف أن رسم العربية قد تطوّر نحو المزيد من علامات الضبط والتحديد مع إتساع رقعة إستخدام العربية. ذلك أن العرب استمروا، لأكثر من قرن، يكتبون لغتهم بطريقة تقريبية، أي بدون تنقيط الباء والتاء والنون والياء، ربما كان تفسير هذا الصبر على إبهام الكتابة كل هذا الوقت يتفسّر بأن الإنتفاع بالكتابة لم يكن يتعدى مهمة تذكير القاريء بنص محفوظ في الذاكرة الشفاهية الحية. و قد استمر هذا الحال حتى قام الخليفة الأموي عبد الملك (685 ـ 705) باصلاح لنظام الكتابة تم ضمنه تبنّي النقاط لفرز و تمييز القيم الصوتية للحروف العربية.
وبالتوازي مع التطور في رسم الكتابة العربية استمر تطورها، على صعيد التنظيم الجمالي التشكيلي لعلامات الكتابة، بفضل تضافر جهود التشكيليين العرب والعجم الذين أورثونا هذا النوع الفني الفريد المسمى بفن الخط العربي.
وإذا كان مجرد إلتزام الشاعر كمال الجزولي بإثبات علامات الشكل على مايكتب "يحرّق روح" مرتضى جعفر وشركاه لهذا الحد، فلابد أن الويل والثبور وعظائم الأمور تتربّص بالبروفسير يوسف فضل حسن الذي لا بد أن جريرته تتلخّص في كونه كتب جزءا مهما من تاريخ "العرب في السودان"، فساهم بذلك في تأصيل علاقة بعض السودانيين بهذه الثقافة العربية "الطارئة"، والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه.

أسامة الخوّا....
أما أسامة الخوّان ـ عفوا "الخوّاض" ـ والقلم ينْبُو أحيانا عن رسم الكلام ويُصحِف (في "إنزلاق لاإرادي مقصود" يسميه أهل التحليل النفسي بالـ
Lapsus)، لينبّئ عن ما في الخاطر، وخاطري كما تعلمون ما يزال ينتظر تفسيرا (أو تعويضا أو حتى مجرّد إعتذار) في شأن تلك الدويلارات التعيسة التي تبرع بها مثقفون مقشِّطون في عزّ الثمانينات لدعم مشروع عمل عام غايته إصدار مجلة ثقافية إسمها "تكوين" في الخرطوم. (أعني الخمسين دولارا "الأمانة " التي خانها أسامة الخوّاض ـ بإعترافه ـ بغير وجه حق.
يقول أسامة في ذلك النص الذي أسماه" مشهد النسيان" :
"ولتوفير الدعم المالي اللازم لاصدار "تكوين" قام عبد اللطيف بطباعة تذاكر للتبرّع، وتمكنّا من جمع ما يساوي خمسين دولارا. وفي ذلك الوقت كان علي الذهاب للدراسة في جامعة صوفيا في بلغاريا، وكان جيبي خالي الوفاض، فاستأذنت عبد اللطيف في أخذها، فوافق على ذلك .."

أقول:
أما أسامة "الخوّان" ـ بغير تصحيف، كونه خوّن نفسه وخوّن صديقه ـ فهو ينتفع برسالة إتحاد الكتاب السودانيين لفخامة جورج دبليو في تصفية حسابه الخاص بطريقتة النرجسية المعهودة. فالرجل يبدأ بإحتجاج فقهي لا علاقة له بمحتوى النزاع الراهن حول الرسالة الموجهة لجورج دبليو، وهو إحتجاج على إستخدام إسم إتحاد الكتاب السودانيين.
كتب أسامة الخواض في سودانيز أونلاين( 25/8):
"ليس من حق إتحاد الكتاب السودانيين" الثاني" أن يتحدّث باسمنا لأن الإسم هو لمنظمة نقابية محددة ومعروفة، وكان عليهم أن يسموا منظمتهم الجديدة باسم آخر". حقا هناك لحظات تصبح "القُحّة" فيها أزرط من "صمّة الخشم"..
يعني أسامة صمت الدهر كله عشان يجي الليله يطعن في المشروعية القانونية لإسم "إتحاد الكتاب السودانيين"، كما لو كانت الدنيا قايمة وقاعدة على خلاف حول من أحق بملكية الإسم. على كل حال أظن أن هذه هي المرة الأولى التي يمكن لأسامة الخواض فيها أن يتفق في الرأي مع خصومه الذين يعتبرون "التناص " عبارة مهذّبة لفعل "لإنتحال". المشكلة هي أن ناس إتحاد الكتاب هم، بالضرورة، "غير متابعين" للأدب النقدي الرفيع الذي أنتجه أسامة الخواض في موضوع "التناص".
ولو كانوا ناس الاتحاد عارفين أسامة حيطلع ليهم بي حجة رهيبة زي دي، كان عملوا حسابهم ومشوا أقنعوا ناس حزب الله والإيرانيين والإسرائيليين والأمريكان إنهم ما يهجّجوها عشان أسامة الخواض يمكن يصحى ويجي يغالطهم في المشروعية القانونية لإسم الإتحاد. أقترح على ناس الإتحاد تغيير الإسم ليصبح "إتحاد كتّاب السودان التاني، مش بتاع أسامة الخواض و"الله ما شقّ حنكا ضيّعُه".
ولما لم يهتم أحد بإحتجاج أسامة الخواض على إسم الإتحاد عنّ له أن يجرب الإنخراط في زفّة الغاضبين الحانقين التي يختلط فيها الحابل بالنابل على تباين الإنتماءات السياسية. والغاضبون على إتحاد الكتاب السودانيين طبقات ومذاهب:
فالأستاذ "مازن" يستنكرـ في سودان للجميع ـ مجرد مبدأ "إقامة بيان باسم الكتاب" ويتهم كاتبي البيان بالتآمر وتدبير البيانات من وراء ظهر العضوية: "من قال أن هذا هو موقف "الكتاب" السودانيين؟
من قال (بالإنابة عني تماماااااااا) أن هذا هو موقفي (وأنا عضو بهذا الكيان)"..
"من حدد أن إتحاد الكتاب ينوب عني و يعلن موقفا ما بإسمي..و دون أن أعلم حتى"..
"هل هي أغلبية ما إجتمعت في ساعة ما؟
لم يحدث...."
أما الأستاذ صلاح شعيب فيكتفي بالتساؤل:
"هل هذا الإتحاد هو إتحاد الكتاب اللبناني أم السوداني؟"(25/8)، ومن وراء مازن وصلاح شعيب تتكشّف الأسافير عن أقلام كثيرة مغبونة وغاضبة غضبا يجعلها تعترض على مبدأ وجود الإتحاد نفسه وتستعجل دفنه بليل، وبينها من لا يتورّع عن وصم إتحاد الكتاب السودانيين بالخيانة وبالعمالة لنظام الإنقاذ في الخرطوم، بل و للحركة الأصولية الشرق أوسطية بالمرّة. في هذا المشهد نقرأ لـ "السنجك" الذي اقترح ـ في سودانيز أونلاين ـ:
"أن يسمّى هذا الإتحاد" إتحاد كتّاب السلطة"، و يا أخوان ورُّونا أعضاء الإتحاد دا منو عشان نعرفهم للدنيا والزمان"(25/8)،كما نقرأ لـ "عمر علي" الذي كتب: "هذا الإتحاد الذي يصلح إتحادا لكتاب حزن الله و حماس أو القاعدة أو إيران الملالي.."(25/8).
وحين يحاول قلم عاقل مثل رؤوف جميل ترشيد مسار الإنتقادات الغاضبة بقوله:
"إن إنتقادنا لبيان إتحاد الكتاب ليس الغرض منه التخوين"..."و إنما الهدف الأساسي منه أن نأخذ نفس طويل لقضايانا الوطنية ونجعلها دائما في الأولوية"، يستنتج أسامة الخواض في عجلة كبيرة أن "مبدأ أولوية القضايا السودانية " يجعل من الإتحاد "إتحادا سلطويا وعروبي الإتجاه.."(25/8). وبعدها بثلاثة أيام يعود أسامة "الخوّاف" ـ عفوا "الخوّاض" ـ ليسحب كلامه ويعتذر:
"وأحب أن أسحب كلامي وأعتذر عنه بخصوص عدم شرعية الإتحاد.." (طيّب والخمسين دولار بتاعة "تكوين" عملت لينا فيها شنو؟ ولاّ الحكاية كلها بقت طناش في تناص؟).


أسئلة مازن..
قلت أن الغاضبين على إتحاد الكتاب كثر وأن غضبهم يتكشّف عن تلاوين كثيرة نفسية وسياسية وجمالية إلخ. وفي "إلخ" يمكن إدراج أنواع سوء الفهم التنظيمي المتعلق بتقنية الاداء ضمن الجسم التنظيمي الذي يلتقي عنده أعضاء الإتحاد، وقد أشارت نجاة في تعليقها على مداخلة الأستاذ مازن إلى شيئ من هذا فيما يخص مسألة التفويض الذي يعطيه العضو للجنة التي ساهم في إنتخابها. ومسئولية اللجنة على قدر كبير من التركيب بعضه قانوني وبعضه معنوي يدخل في منطقة "الذوق" والحساسية، وهذا البعض المعنوي يصعب تدبيره بغير علاقة قرب معنوي بين القاعدة واللجنة التي يفترض أنها تمثلها. وهذا القرب المعنوي ممكن رغم تشتت الكتاب السودانيين عبر جغرافيا المنافي لكنه يقتضي وقتا وجهدا يبدو أنهما لم يتوفرا للجنة إتحاد الكتاب، لماذا؟ مَنْدَرِي.
غير أن ما يثير الإهتمام في أسئلة الأستاذ مازن هو مزجه بين التدبير التنظيمي لعمل اللجنة والتدبير الجمالي لفعل الكتابة بما يعطي الإنطباع بكونه كان يتوقع من لجنة الإتحاد مستوى من الكتابة التعبيرية التي يراها تجسيدا لفرادة الكاتب المبدع. فكأن الأستاذ مازن يطالب ناس اللجنة بتطبيق برنامجه الشخصي لإنجاز الكتابة الإبداعية.
وهذه، بلا شك، مطالبة متعسّفة في مشهد العمل الجمعي المناط بلجنة منتخبة على إتفاقات السياسة أكثر منها على إتفاقات التعبير الأدبي.
كتب الأستاذ مازن ـ بين الدهشة و الضحك ـ :
"هل من الممكن إقامة بيان باسم الكتاب؟.."
"و كيف يصاغ".."لطالما أضحكتني فكرة الرواية بكاتبين إذ أنها تعني ضمنا موقفا كوميديا" .." من العالم.."
"موقفا يرى بتطابق ما بين ذاتين لدرجة إشتراكهما في نص واحد..و بدون وضع أي فروق بين ما يكتبه س أو ص.."
"من يفترض أن أثنان يتفقان على لغة واحدة؟؟؟تضع تأويلا مشتركا لقول مشترك(13 علامة استفهام) و بين الكتّاب(45 علامة استفهام ). ولعل غبن الأستاذ مازن واستهجانه يعبران عن ما يعتمل في دخيلته من خلال الإستخدام المغالي في علامات التنصيص فكأنه يريد إسماع صوته للقراء من خلال علامات التنصيص على شاشة الحاسوب.
ولو سعى بعض أعضاء لجنة إتحاد الكتاب للإجابة على أسئلة الأستاذ مازن لقالوا له:
ـ نعم يا أستاذ، من الممكن إقامة بيان باسم الكتاب لأنهم فوضونا لتمثيلهم.
ـ كيف ؟
ـ بالطريقة الإنت شايفها دي.
أما عن فكرة "الرواية بكاتبين" فمازن سيجد بين أعضاء اللجنة من سيذكره بأن البيان ليس نصا تعبيريا وإنما هو توليف ـ وقيل كولاج ـ لأفكار أشخاص متنوعي المشارب كل منهم يعبر عن سياسية مغايرة.
و حتى لو أعتبرنا الأمر من وجهة نظر أدبية بحته فكل الكتاب في إتحاد الكتاب السودانيين لا ينتجون بالضرورة كتابة أدبية تعبيرية، كون الأدباء في الإتحاد هم جزء من كل، هذا الكل فيه فلاسفة مثلما فيه مؤرخون كما فيه بحّاث في سوسيولوجيا الثقافة ونقّاد في الفنون غير القولية كالموسيقيين والتشكيليين إلخ. وفوق هذا وذاك، فالأستاذ مازن لن يعدم من يذكره بأكثر من حالة، في تاريخ الأدب التعبيري العالمي، قُيّض للأدباء فيها مباشرة الكتابة الإبداعية بأكثر من قلم ضمن نفس النص. وهو على كل حال إحتمال قديم من إحتمالات الخلق الأدبي، أصوله في الشرق ضاربة في القدم، كما في تقليد الـ "هايكو" الياباني الذي يتعاقب فيه الشعراء ضمن نفس الشكل الأدبي ولقرون أو في تقليد التخميس عند الشعراء العرب الذين كانوا يتنافسون تشطير البيت الشعري. وفي تقليد التخميس
أنظر مقال الدكتور محمد جمال صقر في رابط مجلة "أفق" الأدبية:
https://www.ofouq.com/today/modules.php? ... e&sid=2160
وتقليد الأدب الأوروبي الحديث عامر بالأمثلة على شيوع تقنيات الكتابة بأكثر من قلم في آن، وذلك على إضمار فحواه أن القارئ هو الذي يعطي النص معناه وإن تعددت مقاصد كتّابه. وهو إضمار استقر منذ عقود على مفهوم الفنان "مارسيل دوشان" للـ "ريدي ميد" أو الأثر "الجاهز"
Ready Made
في مشهد العلاقة بين الفكرة الجمالية ومسندها المادي، يقول مولانا مارسيل دوشان: "المشاهد هو الذي يصنع الأثر الفني" (و حتى أعود لعواقب حكاية الـ "ريدي ميد" في مقام منفصل أرجو أن تراجع مبولة مارسيل دوشان المسماة "نافورة " وحمّالة زجاجات النبيذ الفارغة المسماة "قنفذ" و"عجلة الدراجة" المثبتة على مقعد، وهي بين أعماله التي صارت من أشهر أيقونات الفن "المفهومي" ـ لو جازت ترجمتي لعبارة "كونسيبشوال آرت" الذي يرجّح كفّة الفكرة على كفّة الصناعة.. و هيهات)

وتتنوّع أساليب الكتابة المتعددة الأقلام اليوم، من اسلوب "الجثة الرائعة"
Cadavre Exquis
الذي ابتدعه السورياليون، (بول إلوارو أندريه بريتون) عام 1925، على لعب نصوصي أكثر حرية من منطق "الهايكو" الياباني، واستخدموه في ابتداع النصوص والتصاوير الجديدة بحيث يضيف كل مساهم لجسم النص (أو للصورة) ما يروق له. ولعبة "الجثة الرائعة" تقوم على تمرير ورقة مطوية على عدد من الكتاب بحيث يكتب كل منهم على إحدى طياتها كلمة أو عبارة (أو أن يرسم صورة) دون علم بما قد كتبه الآخرون قبله وفي النهاية تفرد الورقة ويكتشف الجميع النص الذي تكوّن بطريقة عشوائية. والغرض من اللعبة هو استخراج الصور الأدبية الجديدة من ثنايا المقابلات العشوائية التي لا يحكمها منطق العادات الأدبية. وعبارة "الجثة الرائعة" نفسها تمثل إستهلال نص مركّب بين بريتون و إلوار هو: "الجثة ـ الرائعة ـ ستشرب ـ النبيذ الجديد"
أنظر الرابط:
https://fr.wikipedia.org/wiki/Cadavre_exquis




و سيجموند فرويد كمان..


ولربما استغنى الأستاذ مازن ـ بشيء من التريّث ـ عن كل الإجابات المحتملة من طرف لجنة إتحاد الكتاب، ذلك أن كل هذه الظواهر الأدبية مبذولة لمن يطلبها منذ زمان طويل. وأظن أن غضبة مازن (وآخرين بما فيهم شخصي الضعيف) لا يمكن فهمها كمجرد حالة في نقص المعلومات بالنسبة لتاريخ أساليب الخلق الأدبي. وذلك لأن الأستاذ مازن كتب مستهجنا وليس طالبا لمعلومات. وفي مشهد الإستهجان تلمس أسئلة مازن منطقة غميسة في تقليد العمل العام في السودان هي منطقة التفويض. والتفويض أشكال شتى تتراوح بين التفويض القانوني الفقهي والتفويض الرمزي والنفسي الذي يملك أن ينمسخ إلى نوع من "عُصاب الإحالة" حسب ترجمتي لعبارة الـ "ترانسفير":
Transfert
وأنا أفضل ترجمة عبارة "ترانسفير" بـ "الإحالة"، مؤقتا، حتى أحفظ عبارة "النقل" لمفهوم مجاور آخر هو مفهوم الـ
Déplacement
وفوق كل ذي علم عليم..
ومفهوم"الإحالة" (الترانسفير)، في مشهد مولانا سيجموند فرويد، مفهوم مفتاحي في صرح التحليل النفسي الفرويدي، وفي هذا المقام، مقام المنازعة الحاصلة بين الكتاب وإتحادهم، بدا لي أن الإنتفاع بمفهوم "عصاب الإحالة" الفرويدي يمكن أن يساعدنا في الإحاطة بأبعاد هذا النزاع الذي رغم أنه يبدو بسيطا في ظاهره، إلا أن كواليسه عامرة بتعقيدات العلاقة المركبة بين أهل الإبداع واهل السياسة في السودان. وبهذا أسوّغ لنفسي دعوة مولانا سيجموند فرويد ضمن هيئة المحكّمين في النزاع الأخير للكتاب السودانيين ولجنة إتحادهم الميمون.
طوّر فرويد مفهوم عصاب الإحالة
La névrose de Transfert
(في س .فرويد و ج. بروير"دراسات في الهستيريا") ضمن إهتمامه بعناصر المقاومة لدى المريض موضوع التحليل النفسي. ويرى فرويد أن عصاب النقل لدى المريض موضوع التحليل النفسي إنما يعبر عن تفاقم لظواهر السلوك العادي في الحياة اليومية: "ينبغي الإعتراف بكون القابلية على تركيز الطاقة الجنسية على أشخاص بعينهم هي مسلك طبيعي لكل رجل سوي"..."لكن الميل العصابي للإحالة، الذي لاحظناه لدى بعض الحالات المرضية، يمثل نوعا من التطرّف الخارق للعادة لهذه القابلية الطبيعية" (س. فرويد، مقدمة للتحليل النفسي). وضمن العلاقة العلاجية بين المحلل النفسي والمريض يمكن لهذه القابلية العامة للنقل أن تتخذ أبعادا مغايرة. فهي تنزع للتركيز على شخص المحلل النفسي نفسه. وهذا مسلك يمكن تفسيره بالأمل الكبير في الشفاء الذي حفّز المريض للإنخراط في علاقة التحليل النفسي مع الطبيب المحلل .وهكذا فالمريض الذي يضع كل آماله بالشفاء على شخص الطبيب المحلل يجد نفسه كما الطفل أمام ذويه، فهو في حالة تعويل تام عليه. والتشابه مع الوضعية الطفولية الأولى للمريض، حين كان يعوّل على حب والديه للبقاء، هذا التشابه يملك أن يستدعي سلسلة من التداعيات والمقاومات في نفس الوقت الذي يشكّل فيه نوعا من دينامو محرك يسهّل إنفراج الأزمة.
وما العلاقة بين حالة المريض النفسي وطبيبه المحلّل مع حالة المثقفين السودانيين مع حزب الشيوعيين؟
أظن أن موقف التعويل العاطفي المفرط للمريض على شخص الطبيب المحلل يمكن أن يجد له تشابها في نوع العلاقة التي بناها عدد كبير من المثقفين السودانيين مع الحزب الشيوعي السوداني، معوّلين عليه تعويلا آيديولوجيا و نفسيا، بوصفه مؤسسة سياسية وفكرية ذات ثقل رمزي مميَّز لا يضاهيه ثقل أي مؤسسة أخرى من مؤسسات السياسة الحديثة في السودان. ولقد تكون الثقل الرمزي الذي يتمتع به الحزب الشيوعي في خاطر المثقفين السودانيين ـ بل وفي خواطر القطاع الأعظم من المتعلمين ـ عبر تاريخه المجدول من المعارك والمواجهات والتضحيات والأحداث الجليلة، السياسية والأدبية والفنية التي تحفظها ذاكرة السودانيين في أفق العمل العام. فتاريخ الحزب الشيوعي السوداني يتداخل مع تاريخ الحركة الوطنية والنضال ضد الإستعمار، مثلما يتداخل مع تجليات كفاح الجماهير الشعبية في الحواضر والأرياف في العهد الوطني. ورغم الحجم العددي المتواضع لأعضاء الحزب الشيوعي السوداني إلا أن قيادة الحزب عرفت كيف تستثمر النفوذ الفكري والنفسي للحزب الشيوعي السوداني لإستمالة قطاع واسع من المثقفين السودانيين لصالح المواقف السياسية للحزب الشيوعي السوداني. وفي وسط حركة المبدعين السودانيين ـ التي كان الشيوعيون يطلقون عليها "جبهة الإبداع " ـ يمكن القول بأن مبادئ الفكر الماركسي، التي يسهر على حراستها الشيوعيون السودانيون، ظلت وما زالت تلهم الخطاب الجمالي لعدد كبير من الكتاب والفنانين الناشطين في الفضاء الثقافي السوداني. وعندما حصل الشقاق الكبير بين الحزب وسلطة مايو الذي أدى لأحداث "حركة 19 يوليو التصحيحية"، وما أعقبها من عسف ممنهج ضد كل ما يمت للشيوعيين بصلة، دفع عدد كبير من المبدعين الديموقراطيين المتعاطفين مع الحزب الشيوعي والمحسوبين (من قبل السلطات) على الشيوعيين، دفعوا غاليا ثمن تعاطفهم مع مواقف الحزب الشيوعي السوداني وذلك دون أن يخطر ببالهم لوم الحزب على عواقب سياساته ومواقفه تجاه سلطة مايو، ومن كان يجرؤ على لوم الحزب في عز سنوات القهر الدامي الذي عمّ الحياة السياسية بعد أحداث يوليو؟. والمبدعون الديموقراطيون، على كل حال، ما كان لهم من سبيل آخر يشرّفهم بخلاف التعاطف مع الحزب الشيوعي، حتى تحت شروط العسف والقهر الديكتاتوري، وذلك موقف عام إتصل طوال عهود الإستبداد التي كابدتها البلاد، سواء تم التعاطف أيام نظام عبود أو أيام نظام النميري أو أيام نظام البشير/الترابي. ذّلك أن الحزب الشيوعي إستطاع، ضمن كل شروط القهر، أن يصون صورة الجسم الوطني الديموقراطي والتقدمي المطارد من قبل سلطات القهر والإستبداد. وتلك الصورة الغالية تعتبر رأس مال رمزي جليل قلّما تمتعت به منظمة سياسية حديثة بمثل ما تمتع به الحزب الشيوعي السوداني. وتحت أنظمة القهر لم يكتف الحزب الشيوعي المحظور بالمحافظة على بناه التنظيمية فحسب، بل استطاع المحافظة على رصيد ثقة الجماهير في أحكامه و في إرشاداته السياسية والجمالية وصان فاعليته وسط حركة المبدعين. ولعل أنصع الأمثلة التي تجسّد تماسك نفوذ الحزب الشيوعي وسط المبدعين السودانيين في سنوات السبعينات هي تلك الوريقات المطبوعة بالرونيو التي كانت تصدر باسم الحزب الشيوعي مثل مطبوعة "كاتب الشونة" ( تحت إشراف عبد الله علي إبراهيم) وتخاطب المبدعين السودانيين في قضايا الثقافة والديموقراطية، من وراء ظهر قنوات الأعلام الرسمي ومن وراء ظهر أجهزة الأمن. ولكن بخلاف قنوات العمل الثقافي السري كان نفوذ الحزب الشيوعي واضحا في التوجّه الفكري المضمر في المطبوعات الثقافية الرسمية التي كان يشرف عليها محررون يساريون، ينطقون، بطريقة مباشرة أو بطريقة غير مباشرة، عن فكر الحزب وعن خطاب الحزب الغائب عن ساحة السياسة، الحاضر في ساحة الثقافة. وقد لعب قياديون شيوعيون مثل عبد الله علي إبراهيم ـ قوميسير الحزب في جبهة الإبداع في السبعينات ـ دورا محوريا في تقعيد النفوذ الفكري للحزب الشيوعي وسط قطاع واسع من المثقفين الناشطين في الحركة الثقافية.
أقول: إن قدرة الحزب على البقاء والعمل، من تحت الأرض، ضد سنوات القهر الطويلة، ساهمت في إكسابه صورة المؤسسة البطولية التي تستحق ثقة المقهورين لأنها تبدو لهم كمستودع لإحلامهم ولآمالهم في الخلاص. لكن ظروف العمل السري الطويل لعبت دورا مهما في ضمور مساهمة الحزب على صعيد التربية الديموقراطية للجماهير، ذلك أن الحزب، تحت ضغط أولويات التأمين ـ و لو شئت قل "عقيدة التأمين"ـ لم يكن يملك حيلة ناجعة لمواجهة إنكماش البراح التعليمي الضروري لكل صراع ديموقراطي للأفكار، وقد شهدنا أكثر من مرة تذمر الرفاق الشيوعيين المنظَّمين من إضمحلال تقليد الحوار الديموقراطي داخل الجسم الحزبي. لكن كل هذا الواقع لم يمنع صورة الحزب كـ "مخلّص" من أن تتضخّم بإضطراد في خاطر المتعاطفين كلما تردّت الحياة الديموقراطية في الساحة السياسية السودانية وكلما ضاقت فرص الحياة الحرة بفعل أنظمةالإستبداد. وقد ساعدت مواقف الحزب التاريخية في النضال ضد الإستعمار ومساهمته المشهودة في إنجاح "ثورة أكتوبر 1964"، ساعدت في تثبيت صورة الحزب كـ "مخلّص" منتظر بين نفر واسع من غير الشيوعيين النظاميين.
كل هذا الواقع هيّأ عدد كبير من المبدعين السودانيين القريبين آيديولوجيا من الحزب الشيوعي السوداني والذين فوضوا أمرهم إلى الحزب، هيأهم إلى الإنزلاق لموقف مشابه لموقف "عصاب الإحالة" في المعنى الفرويدي. لكن "الإحالة " العاطفية التي مارسها المبدعون السودانيون تبقى "إحالة بالوكالة"، إن جاز تعبيري، أعني "إحالة" غير مباشرة تتوسل إلى الحزب من خلال مؤسسات العمل العام الواقعة تحت دائرة نفوذه. ولعل الحماس الذي قوبل به إحياء إتحاد الكتاب السودانيين لا يضاهيه في الوزن العاطفي إلا الخيبة المجلجلة التي عبّر عنها نفر واسع من الكتاب المستهجنين لرسالة لجنة إتحاد الكتاب لـ "صاحب الفخامة جورج دبليو ..".


و يوسف فضل "ظابط عظيم" كمان:
ونحن حين ننتخب من يمثلنا في منظمة تضم المبدعين المعارضين من ذوي القربى الآيديولوجية فموقفنا يعتمد على مبدأ التفويض على التمثيل. و"التمثيل" ينطوي على قبول طوعي بالغياب للجسم المادي مقابل حضور رمزي يقوم به من فاز بعقد التفويض. ذلك أن التفويض تعاقد بين الجسم الحقيقي والجسم التمثيلي. وعَقْد التفويض يتجاوز البعد القانوني ليعبر عن نوع ألطف من التعاقد الأخلاقي المضمر بين القاعدة واللجنة التي تمثلها، وهو تعاقد أدبي معنوي لا يستغني عن الإستثمار العاطفي من قبل القاعدة تجاه الصورة الإيجابية التي يفترض أن من فاز بالتفويض يحملها.والمشكلة في مثل هذه الوضعية، وضعية التعويل العاطفي، هي أن هذا الاستثمار العاطفي القابل للتضخّم المرضي يملك أن ينقلب إلى ضده في حالات الغضب العارم إذا ما تضعضع رصيد الثقة المودع لدى المفوَّضين بسبب الحسرة وخيبة الأمل. وحين نتفحّص حجم الغضبة الأخيرة على لجنة إتحاد الكتاب فسنلاحظ بسهولة أنها تتجاوز، في حجمها، مجرد الإعتراض على خراقة الأداء عند لجنة إتحاد الكتاب السودانيين. وأظن أن رسالة إتحاد الكتاب لجورج دبليو ـ بما أثارته من غضب عارم ـ هي القشّة التي طلّعت دين البعير الشيوعي بين المبدعين. فالمبدعون الديموقراطيون الغاضبون على إتحاد الكتاب عبروا عن موقف "عصاب الإحالة" بشكل أصيل. "إحالة" التعبير العاطفي العارم من موضع لا يطاق إلى موضع محتمل معقول. أعني: من موضع الحزب الشيوعي السوداني المتعالي على أي نقد بحكم إحتمائه بحظوة المعارضة وحظوة المطاردة وحظوة مكابدة العسف الديكتاتوري، بإختصار:حظوة الميراث التاريخي الناصع (ولا صوت يعلو فوق صوت المعركة)، إلى موضع "إتحاد الكتاب السودانيين" الذي هو بلا أي حصانة أدبية كانت أو سياسية، فكأنه "ضل الفيل" المبذول للطعن وللنقد المجاني وغير المجاني بغير تبعة، وفي الواجهةـ و قيل: في "وش المدفع" ـ شيخ كبير مثل يوسف فضل، هذا الباحث الأكاديمي والمؤرّخ البعيد تماما عن الحزب الشيوعي والبريئ ـ في نفس الوقت ـ من شبهة الإنتماء لقبيلة الشعراء و أهل الأدب التعبيري الناطقين في خطاب اليسار و الضالعين ـ بطريقة أو بأخرى ـ في المناورات السياسية للحزب الشيوعي السوداني..ترى هل كان يوسف فضل يتوقّع مثل هذه الغضبة المضرية حين رضي بوضع إسمه على بيان لجنة إتحاد الكتاب؟ مندري..وما أدرى يوسف فضل بمكائد السياسة السودانية، بين ألاعيب الساسة المتأدّبين وتكتيكات الأدباء المتسيّسين ، وهو الرجل الفاضل النادر الذي اختار الإنقطاع لتكوين البحث الاكاديمي السوداني بينما استنفذ أبناء جيله طاقاتهم في "تكوين" أنفسهم بالمعنى البلدي الأناني للعبارة السودانية" فلان كوّن نفسه"؟
كون رسالة "إتحاد الكتاب السودانيين" لجورج دبليو تحمل توقيع البروفسير يوسف فضل حسن ليس أمرا بريئا. فقد كان من الممكن أن تصدر الرسالة تحت توقيع "لجنة إتحاد الكتاب السودانيين"، بغير تحديد للأسماء. فالإتحاد ـ حسب تقاليد العمل العام التي تربينا عليهاـ هو منظمة للعمل العام ليس لفلان أو لعلان حق شخصنتها بوضع إسمه أو إسم من يعزّه على بياناتها. فبيانات الحزب الشيوعي مثلا تنزل ممهورة باسم لجانه وهيئاته دون أن يعرف القارئ من هو الشخص أو الأشخاص الذين كتبوا البيان. وأظن ـ غير آثم ـ أن من وضعوا اسم البروفسير يوسف فضل حسن على رسالة إتحاد الكتاب قصدوا إستغلال الوزن الأكاديمي للرجل في فضاء السياسة. وذلك في معنى
"يوسف فضل زاتو معانا". وهو موقف ينطوي على نزوع لتأسيس تراتبية نجومية بين الكتاب على أساس حظهم من الشهرة، مثلما ينطوي على إستهانة بقدر الكتاب الذين لا حظ لهم من الشهرة يمكنهم من فرض أسمائهم على بيانات الإتحاد. وأنا أستبعد أن يكون يوسف فضل قد سعى لفرض إسمه على بيان إتحاد الكتاب. وأغلب الظن أن القوم عرضوا عليه أن يوقّع على البيان ففعل من باب أدب المجاملات السودانية إياها. والمشكلة ليست في كون يوسف فضل رضي بأن يضع إسمه على بيان الإتحاد، لا، المشكله هي في كون لجنة إتحاد الكتاب تضم نفرا يتعامل مع الكتاب بمنطق الـ "ستار سيستيم" الهوليودي. وفي النهاية، تبدو مساعي شخصنة مواقف العمل العام كتعبيرعن الإلتواءات المـَرَضية الكثيرة التي لحقت بتقاليد العمل العام الديموقراطي، في العقود الثلاثة الأخيرة، وهي الفترة التي ضيّقت فيها سلطات الإستبداد، في السودان، على منظمات العمل العام ومنعتها من تطوير أشكال عملها بأسلوب حر وخلاق. أقول هذا و في خاطري المناقشة التي دارت هنا في موضوع العمل العام أبان حملة علاج الشاعر محجوب شريف، والتي إنتقدت فيها سعي المنظمين إلى تجاهل تقاليد العمل العام الديموقراطي وإمتثالهم لعادات التنظيم العشائري والشللي للعمل العام.
أنظر الرابط
https://sudan-forall.org/forum/viewtopic ... 5591#10256
ومناقشات أخرى بينها المناقشة التي ما زالت مفتوحة في موضوع "الجمعية السودانية لضحايا التعذيب"
أنظر الرابط
https://sudan-forall.org/forum/viewtopic ... 5591#10529


و قد عبّر الاستاذ عبد اللطيف ع الفكي ـ في براءة لا يحسد عليها ـ عن شيء من هذا الإلتواء الذي أصاب تقاليد العمل العام الديموقراطي في رسالته التي يحكي فيها ظروف العمل على بعث إتحاد كتاب السودان في منتصف الثمانينات:
".. نجحت الإنتفاضة وبدأنا في تأكيد الدعوة لقيام الإتحاد. فكتبت الدعوة بعنوان (الدعوة لقيام إتحاد كتاب السودان)، فعرضتها لأسامة ولمحمد خلف فوافقنا عليها. كان في رأيي أن هذه الدعوة يجب أن تكون ممهورة بإسم معروف ليس من الشباب. حتى نتمكن من توفير دار من قبل الحكومة الإنتقالية. ذهبت إلى محمد عبد الحي وعرضت عليه صيغة الدعوة فرفض الفكرة من أساسها. فمنه توجهتُ إلى علي المك في مكتبه وشرحت له الفكرة فقبلها. وقلت له هذه هي الدعوة التي كتبتها فاقرأها حتى يكون توقيعك فيها. فقال لي (أنا ما بقراها يا عبد اللطيف، الموضوع ده كويس جدا، إنت وقِّعْ وأنشرها). فنشرتها في الأيام ممهورة باسم علي المك أولا ثم اسمي."
انظر الرابط:
https://www.sudaneseonline.com/cgi-bin/s ... 31&msg=113
يقول عبداللطيف: "..نجحت الإنتفاضة و بدأنا في تأكيد الدعوة لقيام الإتحاد.." وفي نظري الضعيف فشهادة عبداللطيف توثّق لخيانتهم لروح الإنتفاضة نفسها، كونهم لم يجدوا أفضل من مداهنة جهل الحكومة الإنتقالية بضرورة تنظيم الكتاب من خلال الإصطفاف وراء العجول المقدَّسة.كما أراهم وقعوا في شر أعمالهم حين ساغ لهم أن ينظموا بعث الإتحاد بطريقة صغار الإنقلابيين في الجيش، الذين ينظمون الإنقلاب أولا ثم يشرعون في البحث عن "ضابط عظيم" يستخدمونه كواجهة أو كقناع، من وراء ظهره يدبّرون أجندتهم الخاصة. وعبداللطيف يزيد الطين بللا على بلل حين يقول: "ذهبت إلى محمد عبد الحي وعرضت عليه صيغة الدعوة.."، أيوه، محمد عبد الحي هيمسيلف، ذلك الشاعر العظيم الرجيم الذي صار ينشّ الذباب عن خراء السلطان في أجهزة البروباغاندا المايوية ـ تحت إشراف إسمعيل الحاج موسى ـ ويغض الطرف عن خطابات الفصل التعسفي ـ باسم "الصالح العام" ـ للمبدعين الديموقراطيين، من مرؤوسيه في وزارة الثقافة.
ولماذا انتفضتم إذن على نظام النميري يا حضرات الكتاب الأماجد إن كان العمل التأسيسي لإتحادكم يحتاج لمباركة الشاعر الأكثر ضلوعا في سياسات النظام المايوي؟
المصيبة أن عبد اللطيف ع الفكي و شركاه الذين رضوا بالهَمْ، لم يتصوروا للحظة إحتمال أن لا يرضى بهم هذا الهمْ الذي كرّسوه "ظابطا عظيما" في نظام النجومية الثقافية الخرطومية. عجبي، فمحمد عبد الحي "رفض الفكرة من أساسها". لماذا ؟ مندري. ربما كان الأجدر بعبد اللطيف أن يعرض عليه فكرة تأسيس إتحاد لكتّاب "الإتحاد الإشتراكي" أو حتى إتحاد لكتّاب "حزب الأمة "، ومن يدري؟ فـربما قبل عبد الحي الإنتفاع بفكرة "إتحاد إشتراكي لكتاب حزب الأمة" و"كل شي في الحيا جايز" ( رمضان زايد).
المهم يا زول، عبد اللطيف رجل هميم مثابر، طلع من مكتب محمد عبد الحي ليدخل مكتب علي المك وشرح له الفكرة فقبل علي المك الرجل الـ "ماهر المقامر" (مدينة من تراب)، و نشر عبد اللطيف الدعوة الممهورة بالوكالة باسم علي المك الذي لم يكلف نفسه حتى عناء قراءة البيان المنشور في جريدة الأيام. ويختم عبد اللطيف رسالته االتصحيحية لطلال عفيفي بـ "فهذا ما كنا نودّه و نرومه" ولا حول ولا قوة إلا بالله. إن كان هذا هو إتحاد الكتاب "الأصلي" الذي استبسل أسامة الخواض لإثبات ملكيته له واستمات عبد اللطيف في الجري وراء "ظبّاطه العظام" ليبصموا على وثائقه فأحسن ليكم تلمُّوا إتحادكم عليكم وتمشوا تشوفوا ليكم شغلانة تانية، لأن شغلانة إتحاد الكتاب "أبو نجوم" دي بقت ما بتخارج زول. ولا شنو؟

وما الذي يحنق الكتاب السودانيين على الحزب الشيوعي السوداني؟
ما يحنق الكتاب السودانيين على الحزب الشيوعي السوداني كثير وأوّله غياب المقروئية السياسية لبعض مواقف الحزب من تطورات السياسة السودانية في السنوات الأخيرة. وبالذات فيما يخص الشروط التي ضلع عليها الشيوعيون في برلمان نظام الإنقاذ. ناهيك عن الإشارات المترددة المحيِّرة التي يطلقها بعض مسئولي الحزب في صدد المصالحة ("الوطنية؟") مع نظام الإسلاميين. وكل هذا يحدث في غياب موجهات للمناقشة حول خيارات الشيوعيين السودانيين. وهي خيارات تهمنا كديموقراطيين وكمبدعين واعين بصلة القربى الأيديولوجية التي دأبنا على صيانتها مع هذا الحزب الذي لا يزال يتسمّى بالشيوعي. وخيارات الحزب الشيوعي السياسية تهمنا بقدر ما يترتب عليها من عواقب رمزية ومادية تؤثر في وجودنا المادي والنفسي والسياسي وفي عملنا الإبداعي.
أظن أن هذه المصالحة ال "كيري" التي يقودها بعض مسئولي الحزب الشيوعي السوداني في مناورات تبدو كما لوكانت مبادرات فردية "دريبات قش" لا تعني المؤسسة، إنما تعبر في قراءتنا عن واحد من أمرين:
إمّا أن هناك حالة من الإضطراب الآيديولوجي والتخبط السياسي داخل الدوائر التي تصنع القرار في الحزب بحيث صار كل زول يجتهد بطريقته الخاصة، أو هي تعبر عن نوع من مكيدة سياسية كبيرة يعرفها الشيوعيون ويعملون عليها بجد للخروج بالبلاد من المأزق الراهن. و ربما كانت هذه المكيدة السرية من التعقيد بحيث تتجاوز مقدرتنا على الفهم، و بالتالي فالقوم لا يرون ضرورة لإشراكنا في المناقشة، وفي كلتا الحالتين قضيتنا بايظة. فما العمل؟
العمل؟ مندري.. و لو في زول فيكم شايف ليهو دبارة عمل اليقولها.

نهايتو..
ما الذي يحنقني أنا مع الحزب الشيوعي السوداني؟
أنا كديموقراطي يحنقني تبديد رأس المال الرمزي الجليل الذي بناه الشيوعيون والديموقراطيون معا عبر جهود وتضحيات لاحصر لها. يحنقني تبديد رأس المال الرمزي للحركة التقدمية السودانية في مناورات سياسوية فطيرة يلفها الغموض والإبهام:
قبل فترة خرج علينا مسئول حزبي من وزن الدكتور فاروق كدودة بتصريحات غريبة عن طبيعة سودانية ترعى الود بين الأضّاد وتجعل نقد والترابي ياكلوا أخوان أخوان رغم إختلاف المصلحة الطبقية. قال الدكتور كدودة قولاته المشهودات متظاهرا بأنه يعبر عن رأيه الشخصي كفرد وليس عن رأي الحزب.. إلخ..
أعلى هامان يا فرعون؟
منذ متى كان الحزب الشيوعي السوداني يحفظ لمسئوليه هامش مناورة شخصي يتيح لهم لعب دور الإلكترون الحر؟
ثم مر علينا زمان رأينا صورة تمثل محمد وردي، أيوه محمد وردي هيمسيلف ـ قــــاااعد يغني لعمر البشير وصحبه. ومحمد وردي ليس فنانا موسيقيا فحسب، إنه شخصية مفتاحية ذات وزن نوعي معتبر في تاريخ حركة اليسار السوداني، بل هو نصب ثقافي حي، عمره الفني الطويل وتجربته السياسية الثرة تتمازج مع اللحظات المهمة في تاريخ السودان الحديث. هذا المحمد وردي الذي واجه كل الديكتاتوريات وهو في عز الشباب، بنى بأسه الرمزي الجليل في ذاكرة المقاومة الشعبية للإستبداد من خلال سلسلة طويلة من المواقف السياسية المشرفة، فما الذي يجعله يقبل الجلوس في معية آخر الطغاة ليرفّه عنه؟ وما ذا يمكن لفنان كمحمد وردي أن يغني لتطريب السلطان الجاهل؟ هل يغني "أصبح الصبح" أم "أي المشانق؟"؟ ترى أي نوع من التوجيهات الحزبية، المكشوفة أو المضمرة، أقنعت محمد وردي بأن يفعل تلك الفعلة العجيبة؟ وماذا سيجني محمد وردي من تطريب السلطان الجاهل؟ وأي منفعة تعود على حزب الشيوعيين من التضحية بمبدع من وزن وردي على مذبح الهشاشةالسياسية السودانية الذي تضرب؟ وما ذنب السودانيين حتى يتم التمثيل بأحد أفضل رموزهم الثقافية على هذا النحو المزري؟
بعد كدودة ووردي فوجئنا بالبشير في القطينة يشيد بمحمد إبراهيم نقد ويعانق فاطمة أحمد إبراهيم عناقا حارا لايعرف أحد بعد ما هو "حُكم الشرع" فيه. وإن كنت أشير لـ "حُكم الشرع" في شأن هذا العناق الحار فذلك لأني بحثت عن "حُكم الحزب" عبر وسائل اعلامه الرسمية وسألت أصدقائي الشيوعيين المنظمين ولم ينفعني بحثي في شيئ.
المشكلة هي أن هذه المصالحة "الوطنية" التي لا تقول إسمها لم تمنع نظام البشير من الإستمرار في مصادرة حقوق الناس وقهرهم وتقتيلهم كلما شرعوا في التعبير سلميا عن مطالبهم.
ولو عدنا لمطالبات الكتاب للجنة إتحادهم فمن الطبيعي أن لجنة الإتحاد، "ضُل الفيل"، ما زالت سادة دي بطينة وديك بعجينة ولا عجب، فإعلام الحزب عامل أضان "الخامل" طرشاء، و يا اخوانا هوي أنحنا قرضنا بي جاي. فلو كنتوا راقدين ليكم على راي قولوه هسّع دي. ولو رايكم كمل كمان أحسن تخلّوا القدّة دي وتمشو تشوفو ليكم بيزنس تاني ينفعكم، ولا شنو؟
مازن مصطفى
مشاركات: 1045
اشترك في: الأربعاء أغسطس 31, 2005 6:17 pm
مكان: القاهرة
اتصال:

مشاركة بواسطة مازن مصطفى »

..
آخر تعديل بواسطة مازن مصطفى في الأحد يناير 06, 2013 12:46 pm، تم التعديل مرة واحدة.
مازن مصطفى
مشاركات: 1045
اشترك في: الأربعاء أغسطس 31, 2005 6:17 pm
مكان: القاهرة
اتصال:

مشاركة بواسطة مازن مصطفى »

..
آخر تعديل بواسطة مازن مصطفى في الأحد يناير 06, 2013 12:46 pm، تم التعديل مرة واحدة.
صورة العضو الرمزية
نجاة محمد علي
مشاركات: 2809
اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
مكان: باريس

مشاركة بواسطة نجاة محمد علي »


الصديق أبو بكر سيد أحمد،
تتساءل:
"من وكل هؤلاء عن كتابنا ؟"

"هؤلاء"، وكـَّـلهم عن كتابنا كتابنا أنفسهم. والعينو في راسه يعرف خلاصه.

نجاة

صورة العضو الرمزية
نجاة محمد علي
مشاركات: 2809
اشترك في: الأربعاء مايو 04, 2005 1:38 am
مكان: باريس

مشاركة بواسطة نجاة محمد علي »


العزيز قصي همرور،

من المؤكد أن تذييل خطاب للمستعمر بعبارة مثل "خادمكم المطيع" هو مذلة للنفس. وأكون شاكرة لك لو تمكنت من مدنا بمرجع خطاب مؤتمر الخريجين الذي أشرت إليه.
مؤكد أنك لا تضع "مثقفينا" كلهم في "سلة" واحدة (لعله الغبن، كما قال حسن موسى؟). فبينهم من هم في خندق التنوير والاستنارة، وطليعة جديرة بأن "نتوسم فيها قيادة تيار التغيير" (ليس وحدهم بالطبع). لذلك، فإن التمييز أمر لا بد منه. وعلى كل حال، لا أعتقد أنه يمكن ـ بصفة عامةـ وضع كل الكتاب ضمن المثقفين، وفي اتحاد كتابنا هذا على وجه الخصوص. ولعله مما يسند رأيي الكيفية التي أُعلن بها عن التقديم لعضوية الاتحاد من على الأسافير في صورة "هايصة" (أنظر بوست سلمى الشيخ سلامة بسودانيز أون لاين في هذا الصدد. ولا أدري إن كانت الأستاذة سلمى قد بادرت بذلك الإعلان بصورة شخصية أم بتكليف. وبما أنه لم يصدر من الجهات المسئولة عن قيادة الاتحاد أي اعتراض على ذلك الإعلان، فإن كلا الاحتمالين ممكن. فلو كانت الأستاذة سلمى مكلفة بذلك، فتلك هيصة حقيقية. أما إن كانت متبرعة ولجنة الاتحاد التزمت الصمت، فذلك أهيص). ليس لي اعتراض على أن يقدم الاتحاد إعلاناً عن فتح باب عضويته لمن يرغب فيها من "الكتاب"، ولكن ليس بتلك الصورة التي رأيناها، حيث تقدم لنيل عضوية الاتحاد كل من تعلم الحجامة على ظهور اليتامى في الأسافير، وهذا مما ينقص من هيبة أي مؤسسة، ناهيك عن اتحاد للكتاب.

صورة العضو الرمزية
حاتم الياس
مشاركات: 803
اشترك في: الأربعاء أغسطس 23, 2006 9:33 pm
مكان: أمدرمان

مشاركة بواسطة حاتم الياس »

تحياتى

البيان أو الرسالة يبدو لى أنها جاءت متأثره بموجة (حوار الحضارات) والسيل الوافر من الأحاديث والندوات والكتب التى سال مدادها حول هذا المفهوم فكرة تقسيم العالم الى(ثكنات) حضارية تختلف طرائق حياتها وسبلها وهى فى الأصل حيلة أمبريالية صدرت لنا لنكتشف أن معاناتنا وحروباتنا قصة دين ولبس وحقوق مرأه وليس فى ورطة علاقة (التبعية) والأستنزاف اليومى والأفقار للعالم الثالث..البيان من صدى ذلك القول ولاشك عندى ومن سوده يعتقد فيها..لكن على المستوى المؤسسى لاأعتقد أن أعضاء الأتحاد قد ناقشوا البيان قبل اصداره فهم فى فرحتهم بالميلاد الثانى نسوا مستحقات الميلاد الثانى الفكرية والثقافية والفرق بين وجود (الجسم) ورفده بحياة الديمقراطية والحوار الجاد لا التواطؤ خلف كلمة (ماخلاص) بمعنى صريح واجب العضوية التى يبدو أنها أكتفت (بأم فريحانة أنا كاتب) ونست واجب الكاتب اليقظ والمثابر فى تحرى الأمور على نحو دقة وعقلانية تلتمس الموقف الصحيح فى قضايا الداخل والخارج..يعنى عندى المسألة لاتعدو أن تكون سلبية فادحة فى المتابعة والتقييم وباى حال لم أنل شرف عضوية هذا الأتحاد والتى يبدو أنها مفتوحة واْن كنت أقدر جداً وجوده كأتحاد وأرى أن ماخدث ربما كان خطأ أجرائى

من جهة أخرى أو جهة البلد

يبدو أن الوقوف كثيراً على مشاهد الأشخاص لن تفيد فى تحليل لكامل السياق فهولاء الأبطال الذين (غنوا للسلطان) و(قالدوه بحنية الأمهات) أو(تبوبروا بالمال والجاه) ليسوا أنتقاء فريد وأستثنائى من حقائق الخطأ والصواب فى بعدها الموضوعى وبالتالى يصح القياس لاعلى التنظيم الطافح بسعادة فوق تاريخ النضال والمعتقلات ويستمتع الأن بفترة (المعاش) السياسى بل على كل الحقبة من 1989 وحتى الأن ومابينهما النفط وطبقة وسطى محاطة بأغراءات البيزنس كوادر من المهندسين المحامين الأساتذة وغيرهم أكتفوا بأن يكونوا على (هامش الملف المطلبى) للناس...أعتقد أنو أنو الناس لو مشت لقدام فى مسألة البيزنس دى بتنفع فى التحليل وقديماً قراءت (بأن الهوية الطبقية للطبقات فى العالم الثالث والدول الطرفية) غير ثابته يعنى ممكن الواحد الليلة يكون مكانيكى وبكره يبقى رجل أعمال ...وطيب البمنع شنو الناس تتقالد!!
صورة العضو الرمزية
قصى همرور
مشاركات: 278
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 11:07 pm

مشاركة بواسطة قصى همرور »

التحية للجميع..
وأخص التحايا للأستاذ حسن موسى والأستاذة نجاة.. في إطار التعقيب على رسالتيهما..

قال الأستاذ حسن:
فالأستاذ قصي همرور ـ على اهتمامه المشهود بدقة العبارة ـ لم يقاوم إغراء الإنتفاع بعبارة "المثقفين السودانيين"، و ذلك في رسالة تلغرافية ينتقد فيها رسالة إتحاد الكتاب السودانيين لجورج دبليو فكتب في نفس بوست نجاة محمد علي بمنبر "سودان للجميع"، "إتحاد الكتاب السودانيين لا في العير ..":
"و لعل في مثل هذه الرسالة العجيبة يتضح حجم الأزمة الأساسية بين مثقفينا، وهم الطليعة التي نتوسم فيها قيادة التغيير".
طبعا لا يغيب على فطنة الأستاذ قصي همرورـ الذي أحسبه أنا "بين مثقفينا"ـ لا يغيب عليها أن عبارة "المثقفين" هكذا، حافية من التحديد الطبقي، تبقى عاطلة عن الإحاطة بتناقضات المشهد السياسي السوداني.
فالدكتور حسن الترابي ـ مثلا ـ مثقف سوداني، مثله مثل الأستاذ محمد إبراهيم نقد أو الأستاذ محمود محمد طه أو الصادق المهدي أو الدكتور جون قرنق. وفي هذا الأفق نتساءل عن موقع مثقف كالترابي من "رؤية المثقفين السودانيين" ومن "رؤية العالم"، و لأي حد يضلع الدكتور حسن الترابي في"الطليعة التي نتوسّم فيها قيادة التغيير"؟

أشكر الأستاذ حسن على مناطق حسن ظنه بي في العبارة أعلاه.. ولرأيه عندي اعتبار عظيم..

ورغم حيرتي التي أصابتني لبرهة، في كيف أبدأ هذا التعليق، أحاول أن أدلف مباشرة إلى النقطة الأساسية في نقد الأستاذ حسن لموقفي..

هذا هو قولي:
"و لعل في مثل هذه الرسالة العجيبة يتضح حجم الأزمة الأساسية بين مثقفينا، وهم الطليعة التي نتوسم فيها قيادة التغيير".

لا أستبعد أن تخونني دقة العبارة في أي وقت، وتحت أي ظرف، وهي قد فعلت ذلك من قبل.. غير أني أعجز عن رؤية ما رآه الأستاذ حسن في مقولتي أعلاه.. إن قولي (حجم الأزمة الأساسية بين مثقفينا) لا يعني عندي، بأي حال من الأحوال، غير تصوير لحجم الأزمة، دون أي "غبن" مستطير، جامع، لا يستثني أحدا!

في واقع الأمر، عبارتي أعلاه لا تشير إلا لكثرة المواقف التي اتخذها مجموع من مثقفينا (ولي عودة لكلمة "مثقفينا" هذه) عبر تاريخ طويل، لا تمثل حلقة اليوم (هذه الرسالة من اتحاد الكتاب السودانيين) سوى جزء من كل.. ولعل الأستاذ حسن نفسه قد ذكر أمثلة كثيرة على هذا الأمر في رسالته أعلاه، وفي كتابات كثيرة له.. فأين هو الإشكال الذي يراه الأستاذ حسن في عبارتي هذه؟
طبعا قِصـَر مداخلتَيْ القُصيّين لا يتيح للقارئ التوغّل وراء أسباب "غبنهما" الذي أزعمه زعما لا يخلو من شبهة القراءة المغرضة ـ حتى إشعار آخر ـ والغرض (الذي هو مرض) يبرره إطلاعي على آراء سابقة لكليهما في مسائل الثقافة والسياسة السودانية..

لست أسعى لمطالبة الأستاذ حسن بأن يبرر لنا "غرضه" عن طريق الآراء السابقة التي اطلع عليها لنا (القصيين) في مسائل الثقافة والسياسة السودانية، ولكني أتمنى أن يسعفه الوقت لفعل ذلك، سعيا وراء محاكمة فكرية منصفة (وأرجو عدم استهوال كلمة "محاكمة"، إنما هي "حاجة على قدرنا كده").. فالأستاذ حسن قد اتهمنا - علاوة على الغبن - بأننا غفلنا عن "تحديد تعريف تاريخي لفئة المثقفين"، ولا أريد له أن يغفل عن تحديد مبررات اتهامه لنا بالغبن، حتى لا يتورط فيما أشار إلى تورطنا فيه..

وعلى العموم، فإن نظرتي الشخصية لكلمة "المثقف" لها وجهان.. أوردهما هنا تعويضا عن غفلة لم أحسب حسابها:

الوجه الأول: هناك استعمال لغوي شائع لكلمة "المثقف"، هو قريب، بعض الشيء، مما وصفه الأستاذ حسن حين قال "فالدكتور حسن الترابي ـ مثلا ـ مثقف سوداني، مثله مثل الأستاذ محمد إبراهيم نقد أو الأستاذ محمود محمد طه أو الصادق المهدي أو الدكتور جون قرنق".. الاستعمال اللغوي الشائع لهذه الكلمة قريب من هذه (وأنا لم أغفل بقية المعنيين بهذه الكلمة على الإطلاق، من غير الكتاب، وليست هناك أي إشارة مني لذلك).. هذا الاستعمال اللغوي الشائع غير صحيح في نظري! ولكني، من واقع تخاطبي بلغة توصل دلالات معينة لمتلقيها، أتواضع كثيرا على هذا الاستعمال الشائع، وسعيا وراء استخدامه الحالي ريثما أعمل، بإضافة وعوية "قدر الحال"، على توجيه المعنى اللغوي الشائع ليطابق المعنى اللغوي الأصيل، أو المعنى اللغوي الذي أراه أصيلا.. وعلى العموم فإن استشهاد الأستاذ حسن بـ"الترابي والصادق"، كمثقفين سودانيين، إنما يساق كدليل على رأيي في "حجم الأزمة الأساسية بين مثقفينا"..

الوجه الثاني: في نظري، فإن المثقف الحق له تعاريف كثيرة، تؤدي كلها لمعنى واحد، أو تصاقبه.. مثلا، المثقف هو، كما جاء في "المنجد" في اللغة: (ثقف الرمح: قومه، وسواه.. وثقف الولد فتثقف: هذبه، وعلمه، فتهذب وعلم، فهو مثقف، وهي مثقفة.. وهذا مستعار من ثقف الرمح.. والثقاف آلة تثقف بها الرماح).. يقول شاعرهم:

إنا إذا عض الثقاف برأس صعدتنا لوينا
نحمي حقيقتنا وبعض الناس يسقط بين بينا

ويقول الأستاذ محمود محمد طه، في الدلالة الشائعة لكلمة "المثقف" (وآفة الثقافة، بهذا المدلول، إنما هي أن المثقف قد يحمل شذرات كثيرة من المعارف من غير أن تتأثر بها أخلاقه، تأثيراً كبيراً، ومن غير أن يتحرر بها فكره، تحريراً كبيراً) (من كتاب الثورة الثقافية).. ويذكر لي قصي سليم، حسب ذاكرتي، أن الأستاذ عبدالله بولا قد عرف جانبا مهما في المثقف قبل اليوم، وهو بمعنى أنه "من طابق عمله قوله" (ونرجو من الأستاذ بولا أن يعيننا بالتصحيح المطلوب إذا خانتنا الذاكرة هنا).. كل هذه التعاريف، وغيرها، أتفق معها.. ولكن هذا لا يجعلني أتعسف في استخدام الكلمة بمدلولها الشائع، في إطار التواصل اللغوي من الناس، "ريثما أعمل، بإضافة وعوية "قدر الحال"، على توجيه المعنى اللغوي الشائع ليطابق المعنى اللغوي الأصيل، أو المعنى اللغوي الذي أراه أصيلا"..

وعن نفسي، فإن كل ما راعني من تلك الرسالة الممهورة باسم اتحاد الكتاب هو محتواها، لا غير.. ولا أستطيع استدراك سبب آخر، شخصيا، يأتيني بغبن.. كما أني لم أشعر، لوهلة، أن هذا الاتحاد يمثلني، ولم تشغلني هذه المسألة في إطار نظرتي النقدية للرسالة..

وبعد هذا، سأسمح لنفسي بالحديث قليلا عن قصي مجدي سليم.. (وخليه يجي يسألني بعدين)..

بداية، أرجو من الأستاذ حسن أن يعدل لنا الرابط الذي اقتبس منه كلام قصي سليم أعلاه، حيث أن الرابط الذي أورده إنما هو نفس رابط هذا الخيط، وهذا الخيط ليس فيه تلك الفقرة التي اقتبسها الأستاذ حسن من كتابة قصي سليم..

وأمر آخر.. أنا لم أقرأ لقصي سليم هنا أنه ذكر أنه عائد بـ"رد مطول"، إنما قرأت له، أعلاه، أن هنالك قريبا "تقرير من الصحفي الشاب مامون التلب عن بيان اتحاد الكتاب".. ومأمون التلب عضو بهذا المنبر، وهذا التقرير قد صدر بالفعل، في جريدة السوداني، في الأسبوع الماضي، غير أن اتصالي التلفوني الأخير بقصي سليم أنبأني بأنه لم يتمكن من الدخول للإنترنت منذ فترة طويلة، لعلها كانت منذ آخر مداخلة له هنا، ولعل هذا هو السبب وراء عدم إيراده هذا التقرير هنا.. وعلى العموم، ها هي الوصلة للتقرير في جريدة السوداني:

https://alsudani.info/index.php?type=3&i ... 09810&bk=1
(تنبيه.. التاريخ المذكور في أعلى الصفحة هو تاريخ عدد اليوم، وليس تاريخ إصدار المقال.. وهذه مشكلة تقنية "ما ظريفة من ناس الجريدة")..

وللأستاذة نجاة أقول أني، بالطبع، لم أقصد جميع المثقفين، ولا أظن أن عبارتي كانت تستحمل هذا الفهم.. وعلى العموم فهذا لا أنفي به رأيي أن "معظم" مثقفينا اليوم، ومنذ تاريخ الاستقلال، ينطبق عليهم توصيفي ذلك.. ولا أدري إن كنت بحاجة لكي أكرر أن تأييدي لمقالك لم يكن فيه أي دافع غبن، اللهم إلا إن كانت حالة الحزن من الوضع المتردي لمثل تلك الرسالة "غبنا"..

وعن عبارة "خادمكم المطيع" فهي قد قيلت في آخر الرسالة التي أرسلها مؤتمر الخريجين إلى الحاكم البريطاني، في عهد رئاسة إبراهيم احمد بتاريخ 3/4/1942.. جاءت الرسالة الى الحاكم العام على طريقة: "يا صاحب المعالي يتشرف مؤتمر الخريجين العام ان يرفع لمعاليكم بصفتكم ممثلين لحكومتي صاحب الجلالة الملك جورج السادس ملك بريطانيا العظمى والملك فاروق ملك مصر.. الخ" وذيلت الرسالة بالتوقيع: "خادمكم المطيع ابراهيم احمد رئيس مؤتمر الخريجين".. ولقد قرأت هذه الرسالة في مصادر كثيرة، غير أني الآن أتيت بهذا المصدر عن طريق البحث في الانترنت (الحركة الوطنية وثورة رفاعة والخفاض الفرعوني (1-2) - محمود خيري أحمد - الصحافة).. ولم أتمكن من معرفة اليوم، فمشكلة جريدة الصحافة مثل تلك التي عند أختها "السوداني"، غير أن نظام البحث في موقع الجريدة كفيل بإيجاد المقال من عنوانه أو اسم كاتبه..

مع وافر ودي..
Conventional is neither neutral nor convenient
صورة العضو الرمزية
قصي مجدي سليم
مشاركات: 269
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 9:42 pm

مشاركة بواسطة قصي مجدي سليم »

فالدكتور حسن الترابي ـ مثلا ـ مثقف سوداني، مثله مثل الأستاذ محمد إبراهيم نقد أو الأستاذ محمود محمد طه أو الصادق المهدي أو الدكتور جون قرنق. وفي هذا الأفق نتساءل عن موقع مثقف كالترابي من "رؤية المثقفين السودانيين" ومن "رؤية العالم"، و لأي حد يضلع الدكتور حسن الترابي في"الطليعة التي نتوسّم فيها قيادة التغيير"؟


أنجعل المسلمين كالمجرمين، مالكم كيف تحكمون؟؟
أعتقد أننا (نحن)من نريد تعريفا من الأستاذ حسن (عن المثقف) (من هو)؟؟
وبعدها يمكننا الكلام أو التعقيب أو الرد.
لو كنت فارسا: لعبأت نشابي بالفرح.. وصوبت نحو البشرية جمعاء.. لا أخطئ أحدا.
لو كنت ملاك موت: لصعدت عاليا عاليا.. وهويت الى الأرض أدق عنقي (عادل عبد الرحمن)
_________________
الفكر أكسير الحياة
(الأستاذ محمود)
أضف رد جديد