تعليق حول تشكيليون ضد صالة العرض

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
صلاح حسن عبد الله
مشاركات: 212
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 11:40 am

تعليق حول تشكيليون ضد صالة العرض

مشاركة بواسطة صلاح حسن عبد الله »

نشر بجريدة الرأى العام عدد ( 27 / 5 / 2005 )
محجوب كبلو وتعليق حول : ( التشكيليون ضد صالة العرض )

مع الود اللازم كصديق للأستاذ صلاح حسن – أمين الشئون النظرية بالإتحاد العام للفنانين التشكيلين السودانيين – والإشارة باهتمامه الإيجابى المتمثل فى تصديه اللا متوانى لكل ما يطرح من قضايا التشكيل الذى إنعكس بصورة عملية فى كتابه المهم الذى صدر مؤخراً بعنوان ( مساهمات فى النقد التشكيلى ) وينعكس أيضاً فى إستجابته الفورية لإستطلاع : تشكيليون ضد صالة العرض ، والذى نشر على هذه الصفحات فى الإسبوع المنصرم .
أما فى ما يخص هذا التعقيب المستفيض فنحن نتفق معه ( موضوعياً ) تماماً وبتطابق فى الرؤية إلى حد كبير ولكن نختلف معه على المستوى ( الشكلى ) ولا أقول على المستوى الشكلى ( فقط ) لأنَّ الإختلاف على المستوى الشكلى لا يقل أهمية عن الإختلاف على ( الموضوع ) لأنَّ الإخطاء الشكلية أو الإجرائية تغيب كثيراً من الحقائق ويضيع ما هو أكثر من الحقوق .
من ذلك التدقيق فى وعينا الجماعى الذى يحيل كل فعل ينطوى على ما يخالف الرا ى إلى آلية ( المؤامرة ) .
فبعد المقدمة الطويلة للتعقيب حول تاريخ صالة العرض – وهى مقدمة ثرية ولا شك – تناول فيها مساهمات الرواد التشكيليين وتوصل فيها إلى أنَّ ( شكل الممارسة لدى هؤلاء الهواة لا تحمل أى مواصفات من نوع المواصفات مما أنتجته حركة الحداثة الغرب أوروبية ) ثمَّ يقفز الكاتب من هذا الإستنتاج المعقول الذى نتفق حوله إلى هذا الإستدراك التوجسى المفارق :
( بالطبع فإنَّ ما طرحه علاء الدين لن يجد القبول بكل هذه الأريحية ) لِمَ ؟ ثمَّ يضع الإستطلاع الذى قمنا به كمثال لعدم القبول بكل تلك الأريحية التى يطلبها لأراء علاء الدين . وكأنَّ الأفكار تحيا بمثل تلك الأريحيات المستوهمة ، لا بالصراع الذى يعتبر الحوارأهمَّ وأرقى تجلياته . وذلك حين يقول ( مثال لذلك ماجاء على صفحات الرأى العام ) ( ففى سبيل تعزيزه لوجهة نظره قدَّم محرر الرأى العام الثقافى أطروحة اأستاذ إبراهيم الصلحى . . .إلخ ) قَّدمها الأستاذ محجوب كبلو كأطروحة ( تصادم بقوة ما ذهب إليه بيان الحديقة التشكيلية . . إلخ ) .
هذا مثال لما أوردناه من أخطاء شكلية مهمة تكفى لطمس وتغييب كثير من عناصر الحوار وتؤدى إلى جملة من الإلتباسات .
والحقيقة فإنَّ الأستاذ صلاح قد وقع فى إلتباس جوهرى فى خلطه بين الرأى والمعتقد الخاص لمجرى الحوار بين صفته المحايدة كمستطلع لآراء مهتمين ذوى خصوصية حول قضية محددة بدون أى تدخل فى ما يذهبون إليه من أراء أو ما يما يتوصلون إليه من نتائج . إلى هذا الحد تنتهى مهمة مستطلع الرأى .
ولعله من البدهى أنَّ من حق محرر الإستطلاع عرض ما شاء من القضايا أو الظواهر ومن حق الذين تستطلع آرائهم عدم الإجابة ورفض الإستطلاع برمته لذا لا يمكن ان يعتبر مجرد عرض القضية يعنى إنحيازاً ما لوجهة نظر ما أيضاً . وهذه سابقة نقدية لا شك يا صديقى صلاح حسن .
ويذهب التعقيب فى حركته الحرة إلى أنَّ تقديم المحرر لرأى الأستاذ الصلحى فى أول الإستطلاع فى مقابل الرأى الآخر للحديقة وهوخط تقسيم الأراء الرئيسى إلى أنَّه إنحياز وترميز ( من شخص هو من مناهضى الترميز ) . ولعلَّ فى الذهاب هذا المذهب عسفاً كبيراً وهو مما ندعو الله ضمن دعائنا عدم تحميلنا ما لا طاقة لنا به .

ولعلنا نكتفى فى هذا المشكل الغريب حول إمكانية عرض الآراء المختلفة بالمقولة الفقهية :
ناقل الكفر ليس بكافر
أما عن شعرى ليلة إفتتاح الحديقة التشكيلية فانا أزيد على ذلك أنَّنى عضو مؤسس فى جماعة الحديقة التشكيلية وقد كنت واحداً ممن تشرفوا بعرض البيان عليهم قبل إطلاقه . ولكن كما أسلفت فقد حدث إلتباس فى التعقيب بين ذلك وبين حيدتى فى الإستطلاع .
إلى ذلك ياصديق أنا فى غاية السعادة لما حواه تعقيبك من آراء موضوعية ووصف ودقة علميين غاية فى الإفادة وإن إختلفنا حول الشكل .
محجوب كبلو
صلاح حسن عبد الله
مشاركات: 212
اشترك في: الثلاثاء مايو 10, 2005 11:40 am

تعقيب على تعليق ( تشكيليون ضد صالة العرض )

مشاركة بواسطة صلاح حسن عبد الله »

تعقيب على تعليق ( تشكيليون ضد صالة العرض )
صلاح حسن عبد الله
صدَّر الأستاذ محجوب كبلو تعليقه بجريدة الراى العام ( عدد 27 / 5 / 2005 ) رداً على تعقيبنا السابق بكثيرمن كلمات الود اللازم للصداقة . وهى صداقة نأمل لها ألا تفسد للخلاف قضية . وبلا أى توجس ، فلنحسب هذا الخلاف كخلاف من باب ( خصومة العقلاء ) على نحو ما نطالعه فى أدبيات حسن موسى ( جريدة جهنم العدد 22 – مارس 2003 م ) . وقد كان طرح الأستاذ محجوب كبلو موفقاً فى تحديد مستوى الإختلاف كـ( إختلاف شكلى ) . ولكن الإستاذ كبلو استطرد ضمن تعليقه ( أنَّ الإختلاف على الشكل لايقل أهمية عن الإختلاف على الموضوع لأنَّ الأخطاء الشكلية أو الإجرائية تغيب كثيراً من الحقائق ويضيع ما هو أكثر من الحقوق ) . وطالما كان الأمر هو كذلك ، إذا ً فما بقى لدينا بعد ذلك من نقاط للإتفاق . وعليه يبقى تجذير نقاط الإختلاف هو لازمة ضرورية لفرز الخيط الأبيض من الأسود قبل ان ننزلق إلى مهاوى اللهث فى البحث عما هو موضوعى وماهو غير موضوعى ، ونحيل المساجلة بالتالى إلى دفاعات تؤدى إلى دافعات اخرى وهكذا حتى ينفد المداد اللازم للإمساك بما هو جوهرى فى موضوع المناقشة لتطويرها وفتح آفاقها . وهى مناقشة لا نستبعد لها ان تطول كثيراً .
حرص التعقيب فى بدايته وفى نهايته على تأكيد مساحة واسعة من الإتفاق فى وجهات النظر ( انا غاية فى السعادة لما حواه تعقيبك من أراء موضوعية ووصف ودقة علميين فى غاية الإفادة ) . ولكن التعقيب الذى تكون من 535 ( خمسمائة وخمسة وثلاثون ) كلمة فقط - بلغة العاملين على أجهزة الحاسوب والصحفيين - وبعد تأكيده على مدى واسع من الإتفاقات ، إحتشدت فيه جملة من العبارات من نوع ( الأخطاء الشكلية أو الإجرائية ، المؤامرة ، الإستدراك التوجسى ، الأريحيات المستوهمة ، الإلتباس الجوهرى ، طمس وتغيب كثير من عناصر الموضوع ، العسف الكبير ، المشكل الغريب ) . فكيف نفسر كل هذا الحشد من العبارات فى هذا التعقيب المقتضب جداً الذى أكد ، وبقليل من القرائن الموضوعية ، كثير من نقاط إتفاقه فى الرؤية مع تعقيبنا السابق ( نتفق معه موضوعياً تماماً وبتطابق فى الرؤية إلى حد كبير ) . فياترى ما الذى سيحدث إذا إنتفت نقاط الإتفاق ؟ وأى نوع من الكلمات المضادة كان سيتم حشده فى حالة الخلاف الشامل الكامل على مستوى الشكل والموضوع ؟ وما الذى كان سيحدث إذا تمدد التعقيب ليشمل صفحة كاملة او حتى نصف صفحة من صفحات الصحيفة . أعتقد أنَّ الإقتصاد فى إستخدام أحكام القيمة وما شابه من عبارات هو مسألة ضرورية حتى نحصل على مردود اً على من المجادلة بدون أن ننصرف عما هو جوهرى فى الموضوع ، وحتى يكون تطوير الموضوع نفسه ممكن .
الدخول فى حوار مع الصحفيين المحترفين لا يخلو من صعوباته . لسبب جوهرى وهو أنَّ الصحيفة ( أى صحيفة كانت ) لها إستراتيجياتها فى الترويج لنفسها كصحيفة . والملاحظ هو أنَّ أغلب الصحف اليومية أصبحت تصدر اليوم ، و فى أغلبها ، باهتمام مؤكد لإصدار ملاحقها الثقافية ، والتى يبدو أنَّ الإستغناء عنها أصبح أمر غير ممكن . وتلك ظاهرة تستحق التوقف عندها لرصدها وللتعرف عليها وعلى أصلها . وبدون أن يصيبنا أى نوع من الفرح غير المؤسس أوغير الموضوعى ، فلنا أن نتساءل : ما الذى يحدث من حولنا ؟ هل الإهتمام بالملاحق الثقافية هو نتيجة إهتمام حقيقى وأصيل تجاه الحياة الثقافية ، أم هو نتيجة منطقية لكساد بضاعة الخطاب السياسى والخطاب الرياضى مما كانت تعتمد عليه الصحف فى الترويج لبضاعتها فى زمن سابق ؟ هل إنتبهوا مؤخرأ للعمل الثقافى ووجدوا فيه التعويذة الناجزة لفك طلاسم الشفرة المستعصية ؟ أم ماذا ؟ أرجو ألا تفهم هذه الأسئلة من باب الإستنكار لما يحدث ، ولكن لأن نرصد ما يجرى من حولنا ونتعرف عليه ونفحصه هو أمر يخص حياتنا ، الحياة التشكيلية ومستقبلها ، هو محاولة لأن نسترد حقنا فى إبداء وجهة نظرنا حول هذا المستقبل ( مستقبلنا ) . وهو مستقبل يهمنا بنفس القدر الذى يبديه اهل الصحافة والصحفيين تجاه مستقبل ملاحقهم الثقافية . صحيح أنَّ لكل طرف من أطراف الحركة الإجتماعية أهدافه واستراتيجياته وتاكيتكاته سواء أن أعلنت هذه الأهداف والإستراتيجيات أم لم تعلن ، وذلك هو أمر لا أعتقد انَّ الراغبين فى المحاورة سيختلفون عليه . وعليه فلنتناول المسألة بما تستحق من الإهتمام . وإذا إلتقت أهداف واستراتيجيات اى طرفين من أطراف الحركة الإجتماعية فى أى جزئية من جزئياتها فإنَّ التفاكر حولها يصبح ممكناً ، وهو أمر أعتقد انَّه هو الآخر مفروغ منه . وعلى كل حال فإنَّ إستراتيجية الصحف لا بد أن تقابلها إستراتيجيات اخرى من قبل المثقفين والمبدعين .
إستقلال منابر المثقفين والمبدعين أصبح اليوم هو أمر أكثر إلحاحاً من أى وقت مضى . صحيح أنَّ هذه الإستقلالية هى أمر صعب ومكلف فى زمن اكثر صعوبة وأعلى تكلفة ، ولكنها ضرورية . وهو أمر يلزمه حوار طويل وجاد وسط المبدعين . وعلى كل حال فإنَّ إستقلال منابر المبدعين هو ما سنعمل له بشكل عقلانى . وإلى حين الوصول إلى هذا الشكل المستقل من المنابر فليس أمامنا من سبيل سوى أن نتنكب مشاق الخوض فى متاهات إستراتيجيات العمل الصحفى ، وهى إستراتيجيات تهم الصحفيين أكثر من كونها تهم المبدعين إلا فى حدود نظرة الصحفيين إلي المبدعين كموضوعات قابلة للإستثمار وليس كذوات فاعلة فى موضوع الإستثمار .
الإقتضاب الشديد للتعليق أحدث ربكة حول موضوع المناقشة أكثر مما قدم من الإفادات المتوقعة من شخص مستنير فى قامة الأستاذ محجوب كبلو ( الحقيقة أنَّّ الأستاذ صلاح حسن قد وقع فى إلتباس جوهرى فى خلطه بين الرأى والمعتقد الخاص لمجرى الحوار وبين صفته كمستطلع لآراء مهتمين ذوى خصوصية حول قضية محددة بدون أى تدخل فى ما يذهبون إليه من آراء أو ما يتوصلون إليه من نتائج . إلى هذا الحد تنتهى مهمة مستطلع الرأى ) . ولكن فمن أفتى بأن مهمة مستطلع الرأى تنتهى إلى هذا الحد ؟
وعلى كل حال فإنَّ هذه العبارة تنفى العبارة التالية لها او أنَّ العبارة التالية لها تنفيها ( ولعله من البدهى أنَّ من حق محرر الإستطلاع عرض ما شاء من القضايا أو الظواهر ) فيا ترى متى أصبح القراء هم مجرد وعاء لتلقى ما ينتجه الكتاب ، يعرضون عليهم ما شاءوا من القضايا او الظواهر ، وبكل هذه الأريحية المستوهمة أو غير المستوهمة ، ثمَّ ينهون مهمتهم تجاههم وقت ما شاءوا . إنَّ ذلك لن يؤكد سوى تكريس النظر إلى القراء كموضوعات للكتابة وليس كذوات لها إستقلاليتها وككائنات لها القدرة على الفعل خارج أطروحات الكتاب . إنَّ الكتابة والإستطلاع هما مسئولية لم ولن تنتهى إلى هذا الحد ، بدليل أنَّّ المناقشة حول موضوع الإستطلاع مازالت مستمرة حتى اللحظة ، وستستمر حتى يتم إستجلاء كل ما يمكن إستجلائه من وجهات النظر ، خاصة وانَّ التعليق قد أحال القضايا الرئيسية والجوهرية جانباً ( تاريخ وإشكاليات صالة العرض ، تاريخ وإشكاليات نشوء حركة الحداثة فى غرب أوروبا ، مفهوم المغامرة فى العمل الإبداعى ، الحماية البلاطية والحماية الجماعية ، المفهوم الفلسفى للتجريد ، شروط تطور حركتنا الإجتماعية ، مشكلة الترميز ، إقتراحات الحلول التى قدمها من تمَّ إستطلاعهم ، أطروحات الحديقة التشكيلية ، ثمَّ محاولة ضبط العنوان والتى فارقها عنوان الإستطلاع مفارقة الطريفى لى جملو ) . لقد ترك تعليق الأستاذ كبلو كل القضايا الرئيسة جانباً ، وبدلاً عن ذلك سعى فى إتجاه تأكيد حياديته . إلا أنَّ محاولة الظهور بمظهر الحياد لن تفيد هنا فى شىء بعد أن اكتفى التعليق فى أغلب حالاته بتأكيد هذا الحياد المستحيل . ونحن بدورنا نتساءل ( الحياد لماذا؟ ) ولماذا الحياد أصلاً فى زمن أخذت فيه ( المويات تتفارز ) بشكل اكثر وضوحاً؟ إنَّ الحياد هو أطروحة أصبحت مهملة بعد أن شاخت وأصبحت فى ذمة التاريخ . لقد كانت نائلة الطيب على حق فى حوارهما مع حسن موسى فى عبارتها( إذا نظرت إلى الشجرة فلا تقل إنَّك محايد ) . والحق يقال أنَّه لا يوجد شخص محايد ، وحتى الصامتون فهم أيضاً غير محايدين . فهم منحازون ، فى المستوى الأدنى من صمتهم ، هم منحازون لموقفهم .
بهذا الفهم الذى يفارق أطروحات الحياد ، ويستعيض عنها بالحياة فى تلافيف حركة الصراع الإجتماعى ، وضمن تباين مواقف أطراف الحركة نفسها ، بهذا الفهم نقول أنَّ بيان الحديقة التشكيلية لن يجد القبول بكل هذه الأريحية ، والتى لا نطلبها كأريحية مستوهمة أو غير مستوهمة على نحو ما جاء فى التعليق ( .. ثمَّ يضع - يقصد صلاح حسن - الإستطلاع الذى قمنا به كمثال لعدم القبول بكل تلك الأريحية التى يطلبها لآراء علاء الدين الجزولى . وكأنَّّ الأفكار تحيا بمثل تلك الأريحيات المستوهمة لا بالصراع الذى يعتبر الحوار أهمَّ وأرقى تجلياته ) إنتهى .
أولاً كلمة ( صراع ) الواردة اعلاه تحتاج إلى توضيحات اكثر ، فأى شكل من أشكال الصراع هو المعنى ؟ وحتى بعد التوضيح اللازم فمتى كانت الأفكار تحيا بالصراع الذى يعتبر الحوار أهمَّ وأرقى تجلياته ؟ كانت تلك واحدة من الأطروحات القديمة على بساط البحث التشكيلى ( لا يتم التغيير بتغيير المفاهيم وحدها . والمفاهيم التى تهتم بتغيير المفاهيم فقط هى مفاهيم مختلة ومخادعة . وفى الوقت نفسـه لا يتم التغيير ، تغيير الواقع ، إلا بتغيير المفاهيم التى تقف عقبةً دون التغيير – عبد الله بولا – كتاب مساهمات فى الأدب التشكيلى ص 171 ) . فالأفكار ليست معنية فى ذاتها كافكار وإنَّما كأوعية حاملة لنذر التغيير . فالأفكار تحيا وفقاً لما تفرزه حركة التركيب التحتى للبنية الإجتماعية صعوداً وهبوطاً . ولن نكون من السذاجة بحيث نقدم طلباً ، ضمن ملابسات الصراع الإجتماعى ، لأى جهة كانت لقبول اطروحات الحديقة التشكيلية بأريحية مستوهمة أو غير مستوهمة . ولكنا نلمس عدم قبول هذه الأطروحات كواقع تاريخى موضوعى . وتلك مسألة معقولة جداً لمن يحاول ان يفهم مسار حركة التطور الإجتماعى . وهنا تزول الغرابة فى كلمة ( بالطبع ) الواردة فى تعقيبنا السابق ، فهو طبع مؤصل فى مجرى الحركة الإجتماعية وصراعاتها التاريخية .
المساجلة حول هذا الـ ( طبع ) نجدها فى تاريخ المساجلات التى ترسمتها الحركة التشكيلية ، وبلا كلل ، فى سبيل تلمسها لآفاقها ، المكلفة والمرهقة ، بداية بالمساجلات المطولة وسط التشكيليين والتى توصل بموجبها عبد الله بولا ، ضمن مسلسل مصرع الإنسان الممتاز ، إلى صياغة مفهوم للعمل التشكيل يعتمد التشكيل كتشكيل ( التشكيل هو علم صياغة الأشكال المرئية – كتاب مساهمات فىالأدب التشكيلى ص 162 ) . لم يكن الوصول إلى صياغة مثل هذا المفهوم أمراً سهلاً بأى مقياس من المقاييس . راجع فى ذلك الإعتراضات التى واجهها عبد الله بولا من قبل بعض التشكيليين يوم ان تمَّ وصف المفهوم الذى طرحه عبد الله بولا بأنَّه مفهوم يراد له أن ( أن يضلل القارىء العادى ) أو ( أن يثير حفيظة التشكيلين ) وأنَّه ( يرمى إلى تجريح لا مبرر له ) وأن منطلقه هو ( منطلق هجومى بحت لا عدالة فيه ويأخذ القضايا أيضاً من زاوية عدائية وشخصية وبالتالى فهو لا يقدم عملاً ناضجاً ) ويمكن ( أن نطلق عليه نصف نقد أو نصف تحليل ) وأنَّ القضية على هذا النحو هى ( قضية تفشى وإنتقام وحتماً ستترتب عليها خطوة نلغى فيها الأقلام ونعود لإتخاذ أساليب أخرى ) جريدة الأيام صفحة الوان الفن والأدب عدد 3 / 8 / 1976 – كتاب مساهمات فى الأدب التشكيلى ص ) . والحال هكذا فأى أريحية هذه التى إفترض الأستاذ كبلو أنَّنا نطلبها لقبول آراء علاء الدين ؟
تراكم الخبرات والمعارف هو الذى اتاح لعلاء الدين ، الذى كان طرفاً أصيلاً فى المساجلات السالفة ، و على مدى كل هذه السنوات ، أتاح له إمكانية صياغة بيان الحديقة التشكيلية بالشكل الذى ظهر به .
وطالما حرص الأخ كبلو على تذكيرنا بانٍّه عضو مؤسس فى جماعة الحديقة التشكيلية وبانَّه قد كان واحداً ممن تشرفوا بعرض البيان عليهم قبل إطلاقه ، طالما كان حريصاً على ذلك فلنذكره أيضاً بما حدث ليلة إعلان بيان الحديقة التشكيلية عندما قدمت الدعوة لأربعين صحفياً لم يحضر أى منهم . ولم يعتذر منهم سوى الأستاذ مرتضى الغالى . وللتاريخ ، وبدون التجنى على الناس نحفظ للصحف والصحافين الذين تناولوا البيان فى الأيام التالية حقهم كاملاً غير منقوص . فقد قامت بنشر البيان فى الأيام التالية لصدوره ثلاث من الصحف ( جريدة الصحافة عدد 16 / 10 / 2001 ) ، جريدة الأيام عدد ( 13 / 10 / 2001 ) وجريدة الشارع السياسى عدد ( 18 و 23 / 10 / 2001 ) . ثمَّ تناوله بالتعليق كل من الدكتور مرتضى الغالى - جريدة الخرطوم ( 2 /10 / 2001 ) والأستاذ نجيب نورالدين جريدة الخرطوم - ( 6 / 10 / 2001 ) ، والأستاذ محجوب بشير كبلو - جريدة الحرية ( 10 / 10 / 2001 ) ، ثمَّ الأستاذ يسن حسن بشير - جريدة الأيام ( 15 / 10 / 2001 ) والأسـتاذ من الله عبد الوهاب جريدة الخرطـوم ( 18 / 10 / 2001 ) .
وعلى كل حال فإنَّ الطرح سيستمر ، وتبلور الآراء سيستمر ، ليس بالطلبات التى يمكن أن تقدم إلى أى جهة كانت بل وفقاً لما تمليه شروط وضرورات الواقع التاريخى الموضوعى . وخارج ذلك فلا نملك شيئاً من الأفكار الحالمة والمحلقة فوق واقعها أو مما يمكن أن تقدم له الطلبات ليجد الأريحيات التى إفترضها محرر الإستطلاع وهو إفتراض لن يجد له مايسنده فى طرحنا السابق . نأمل فى المواصلة من طرف الأستاذ محجوب كبلو صديق التشكيليين القديم الجديد . وليفرد فى ذلك من أجنحة الخلاف ما هو أوسع بدون أن يلوى على شىء . فلا شك أنَّه ، وبما إحتازه من سعة فى المعارف وسعة فى الأفق ، سيكون وبلا شك أكثر قدرة على الإفادة من كثيرين آخرين . وفى كل الحالات فيبدو أنَّ الحوار سيستأنف من مرحلة متقدمة .
شكرنا له مع يقيننا التام أنَّ إختلاف الرأى لن يفسد للتشكيل قضيةً .
صلاح حسن عبد الله
أضف رد جديد