كتاب جديد..حُمّيد وفشل النُخب السُّودانية

Forum Démocratique
- Democratic Forum
أضف رد جديد
سيد أحمد العراقي
مشاركات: 624
اشترك في: الأحد يونيو 21, 2009 11:44 pm

كتاب جديد..حُمّيد وفشل النُخب السُّودانية

مشاركة بواسطة سيد أحمد العراقي »

من موقع البركل
حُمّيد وفشل النُخب السُّودانية
قراءة في جدلية المركز والهامش (الآن بالمكتبات)
تأليفم الأستاذ صلاح هاشم السعيد

تصدير
أحمد إبراهيم أبوشوك


انطلق مؤلف هذا الكتاب، الأستاذ صلاح هاشم السعيد، من فرضية تقضي بأن النخب السُّودانية قد فشلت في إدارة التنوع الثقافي والسياسي والعرقي في السُّودان في ظل دولة وطنية آمنة، ترعى حرمة البلاد، وحقوق العباد. ومن جانب آخر تؤكد هذه الفرضية طرفاً مما جاء في كتاب الدكتور منصور خالد "النخبة السودانية وإدمان الفشل"؛ إلا أن السعيد يتميز عن خالدٍ، بحجة أنه يعالج فشل "النُخب الخَبوب" من وحي نصوصٍ شعريةٍ مستقاةٍ من ديوان الشاعر محمد الحسن حسن سالم (حميد)، وتمتلك تلك النصوص قدرة إكتنازية فائقة على بسط المعاني المتعددة، والمشاهد المتقابلة، والألفاظ الدارجة المعبرة عن كنه المشكلات المطروحة وتداعياتها، وربط حوارها الشعري القصصي بشخصيات دائرية لها وجودها القيمي، وجدلها النوعي مع المركز، بعيداً عن النَظْم النمطي الآلي للقصيد؛ لأنها تميل إلى النَظْم الإشكالي، المسكون بالاستبطان، والتوليد، والتأويل في حوارات "نحن" و"هم"، وجزئياتهما (هو/هي) المنفعلة بقضايا المهمشين (نحن)، التي تُؤكد فشل النخب السُّودانية، وفلسفاتها التأملية التي لا تلامس أطراف الواقع، بل ترجِّح كفَّة المصالح القطاعيَّة على المصلحة العامة.
عند هذا المنعطف تبرز القيمة التكاملية بين حميد والسعيد؛ لأن قراءة السعيد لنصوص حميد المتمثلة في مشكلة المركز والهامش، قراءة متفردة، حيث أنها وضعت النص الشعري في إطاره الفلسفي الواسع، ثم فككته بنيوياً، مستخدمةً أسلوب التغذية الراجعة في النقد الأدبي، علماً بأن السعيد نشأ في البيئة نفسها التي شكلت مفردة النص الشعري عند حميد، وبذلك استطاع أن يكشف الأبعاد الخفيَّة للمعاني المستبطنه في النص، ويُولِّد منها شروحاً تتجاوز المعاني السطحية لألفاظ النصوص، في ظل حضور واعٍ بجدلية المركز والأطراف. ويتجلى هذا الحضور في قوله:

"في اعتقادي أنَّ خروج النصّ الشعري عن الدارجة، أو العاميَّة، ليس طمساً وخروجاً عن الذات الأصيلة فقط، بل يُعدُّ خروجاً عن فرادة لغة الإفصاح نفسها، وخروجاً عن الذاتية التكوينية، وعن الصياغة، كما أنَّ روح النصَّ تفقد رموزها الدلالية، ودوافعها الانفعالية، فتصبح ذاتية الموضوع مقعدة، ويصبح الشاعر منفياً داخل لغة الآخر. مما يعد انصياعاً واندراجاً تحت تراث الآخر وثقافته، مهما كانت الدوافع بريئة، فاللغة ليست مجرد قالب، أو شكل، بل هي جوهر وذاتية الإدراك للوجود نفسه."

ولذلك يقدح السعيد في نظرة المثقف المركزي الاستعلائية التي تريد أن تنمِّط خصوصية لغة الأطراف في لغة وسط تقوم على شتات غير مستقر. واستناداً إلى هذه الجزئية يعمم المؤلف الأستاذ صلاح هاشم السعيد بأن فشل النخب السودانية في إدارة التنوع، وتوظيفه لصالح بناء الدولة الوطنية، هو الذي "أوصلنا لما نحن فيه الآن من شتات،وموت، ودمار، واحتراب، وتمزق."
يرى السعيد أن البُعد المقابل للبُعد الثقافي ووسيطه اللغوي هو البُعد السياسي الذي يمثل أم الكوارث؛ لأن النخب المركزية في الخرطوم تحاول دوماً أن تدير التنوع السياسي في إطار تشريع واحد، لأمة واحدة، وذلك وفق منطلقات تاريخية وفلسفات تأملية، يضيق صدرها في مراجعة التجربة الإنسانية القابلة للخطأ والصواب، ومدى تماهيها مع متطلبات الواقع السوداني. ولذلك يرى السعيد أن: "المشروع الذي قادته النخب منذ الاستقلال وحتى اللحظة الراهنة، أوصل السودان إلى اتجاه معاكس للأهداف التي تحدثت عنها الأدبيات الحزبية، والإيديولوجيات الانقلابية، كما أجهض اجتهادات جادة في "الفكر اللاسلطوي"، كمصدر لتكوين مجتمع مدني بنوع من الاستقلالية عن الدولة." ويعني المؤلف هنا:

"إمكانية التأسيس لوعي اجتماعي وثقافي عام يتمتع بخصائص لاسلطوية، يوظف لحياة عامة. بمعنى عدم حصر دور النخب في إنشاء دولة تحكم المجتمع بشكل أفضل، بل أيضاً العمل على توجيه المفاهيم، إلى ثقافة شعبية مقبولة بشكل طوعي بدون فرض من قبل الحاكم، أو في اتجاه تعزيز الاستقلالية الذاتية للمجتمع عن ذات الدولة، استقلالية لا تعتمد على أي سُّلطة أخرى خارج الإنسان، وتبرز بشكل طبيعي "من التغيير" كقدرة تنظيمية لاسلطوية، أي من مشيئة الناس، وليس تنفيذاً لإرادة حاكمة، ونحن نتساءل: إن كانت ثوراتنا ناجحة، أو استطاعت أن تغير الإنسان، وتطيح بعقلية وثقافة سلطوية منتشرة في المجتمع، وليس "فقط" في أنظمة الحكم.!! مشروعية الأسئلة نابعة من إدراكنا بأن السودان دخل عصر التعنصر والتخندق، حتى انتهينا إلى إشعال التوترات الجهوية والقبلية."

ويربط السعيد هذه الرؤى بكفاءة عالية مع نصوص حميد المبثوثة في تلغرافات ست الدار بت أحمد جابر، وزوجها الزين ود حامد، وموت عبد الرحيم الذي كان فداءً؛ لظلم الأيدى العاملة الذي تسببت فيه القلة الرأسمالية الطفيلية الهاضمة لحقوق السواد الأعظم من الناس.
بهذا العمق المفاهيمي المدرك لاستبطانات النصوص الشعرية لحميد كانت قراءة صلاح هاشم السعيد قراءةً لما وراء الألفاظ والصياغات الظاهرة؛ لأنها حاولت أن تضع النصوص المختارة في إطارها السياسي، والثقافي، والاجتماعي، والنفسي؛ لتقدم للقارئ شروحاً ذات عمقٍ، وفلسفات ناظمة لمفردات النصوص وشخوصها، وبموجب هذا الفهم السامق سقطت الحواجز الوهمية القائمة بين الشاعر وخطاب المشكلات المحلي، وبين خصوصية الأطراف وفشل النخب المركزية في إدارتها. وبتوظيف آليات النقد الأدبي توظيفاً بارعاً استطاع السعيد أن ينقل الشاعر المثقف حميد من حياده الصوري ودائرة النخب اللاخلاقية إلى دائرة واقعه الأخلاقي السامي، المسكون بقضايا المهمشين، والذي يتجسد فيه وصف الدكتور هشام شرابي أن المثقف هو الشخص الذي يمتلك وعياً اجتماعياً، يمكِّنه من رؤية المجتمع وقضاياه من زوايا متكاملة، وتحليل تلك القضايا على مستوى نظري متماسك، يعكس قدرة المثقف المهنية وكفاءته الفكرية. ومن زاوية أُخرى تتوافق رؤية شرابي مع رؤية الشاعر حميد والناقد السعيد التي تنعت النُخب السودانية بإدمان الفشل، وترى أن التعليم النظامي، أو الكسب المعرفي المتراكم عن طريق الخبرة، لا يمنحان المنتمين إلى النُخب صفة المثقفين الأخلاقين؛ افتراضاً بأن المعرفة في حد ذاتها لا تشكل ثقافة، وإنما الثقافة تتشكل وفق أنماط الوعي الاجتماعي، والقدرة على الإسهام في حل القضايا المجتمعية، وفق منظومة أخلاقية تقدم العام على الخاص.
بهذا العمق المعرفي نظم الأستاذ صلاح هاشم السعيد كتابه القيم في خمسة فصول، سبقتها مقدمة وختمتها خاتمة، مستهلاً ذلك بتقديم لكاتب هذه السُطور، أو بالأحرى بكلمة كُتبت في رثاء حميد بعنوان "الشاعر محمد الحسن حسن سالم (حميد) ... يا حسرة على مشروع لم يكتمل بعد!". ويبدو أن السعيد انتخبها تقديماً لكتابه، محسناً الظن بصلاحية نصها مدخلاً لقراءة شخصية حميد، وأبعاد مشروعه الشعري، فمشرعية هذا التبرير متروكة لحصافة القارئ. وأعقب السعيد هذا التقديم بمقدمة، تناول فيها واقع المركز المأزوم والظروف التي خرج فيها حميد بصفته مفكراً مزعجاً للخطاب المركزي الباخس لإسهامات الأطراف وحل مشكلاتها المزمنة. وفي ضوء هذه المقدمة ولج المؤلف إلى بوابة الفصل الأول التي كُتِبَ عليها "المسألة المحلية وعبقرية حميد"، ثم انتقل إلى الفصل الثاني المعنون بـ "الغنا عند الشايقية وإسهامات حميد"، حيث قدم صورة ذهنية للبيئة الشاعرية التي نشأ فيها حميد، واتجاهاتها الشعرية الناظمة لمفردات القصيد في نواحي السافل. ويأتي الفصل الثالث على النسق ذاته مناقشاً "حميد ومفهوم المركزية الثقافية"، ومعرجاً على موقف الشاعر من القبلية والمسألة القومية، وخاتماً هذه المداخلات بقراءة نقدية في معالجة المعرفة التاريخية في السودان، وأوجه قصورها، علماً بأن المؤرخين لا ينتجون الماضي كما هو، بل يعيدون تركيب أحداثه بصورة أقرب إلى الحقيقة. وينتقل المؤلف في الفصل الرابع من قراءة الواقع قراءة تجريبية، معضدةً بنصوص حميد الشعرية إلى قراءة الواقع قراءة تحليلية من خلال نص ست الدار بت أحمد جابر، معتقداً أن النصّ قد أقام علاقة "تكاملية مباشرة" مع القارئ، حيث حشد المشهد الحركي بأصناف التعبير والحواس، مشكلاً تفاعلاً كاملاً بين لغة الصوت والمشهد، حرفاً، وإشارة، وعبارةً، حتى استطاع أن يوحد بين (الأنا "هو" والأنا "نحن") في صور كلٍ واحدٍ تطابقت بين جنباته "أنا" النص و"أنا" الجمهور. ويختم المؤلف هذه الصورة الجدلية لصراع الذات المهمشة من طرفٍ والآخر السالب لحقوقها من طرف آخر بفصلٍ خامسٍ عنوانه: "رمزية الفناء في نصّ عم عبد الرحيم: موت الجسد وتفكيك الأبنية السلطوية". وأخيراً يستقيم ميسم هذه الفصول بخاتمة بديعة عن الشاعر حميد مفادها:

أنَّ "حميد صورة أصيلة لبيئته ومواريث أهله، وليس مجرد تقليد أو مشابهة، لكن هذا لا يعني بأن نصَّه في كلياته، اجتزاء لحظة، أو إحداث نسخة "طبق الأصل" عن الموجود أصلاً ـ بمعنى، أن اللحظة الشعرية عنده، لا تنظر "فقط" إلى الأشياء في ذاتها، دون تدخُّل، ودون واجب إعطاء رأي، أو وجه نظر "متروكة للواقع". بافتراضه، "حميد"، وجود أو ذات واعية خلف النصّ، سبق لها وأن اختارت لحظة ميلادها، كـ"موضوع معرفي"، وتحملت عبء الإدراك، وإحالة اللحظة إلى ظاهرة تجليها كمفاهيم، ربما انسياقاً وراء الرغبة في امتلاكها وتوجيهها، وإحالتها إلى "نصٍّ"، يدعم رؤية أو فكرة ما. إذن لا يجوز القول "تماماً" بحيادية "حميد".

هكذا جاءت فصول كتاب الأستاذ صلاح هاشم السعيد بمقدمتها وخاتمتها نصّاً بديعاً، ومكملاً لما عناه حميد في نصوصه الشعرية؛ لأنَّ المؤلف ذهب ما وراء النصوص، وربطها بواقعها التجريبي وأبعادها التجريدية، لذا انتج نصّاً تحتاج قراءته إلى تدبر وتبصرٍ لازمين. تمنيتُ لو كان حميد حيَّاً، وقُرأت عليه فصول هذا الكتاب؛ لنسمع رأيه فيها؛ لأنه كان دائماً يقول: النصَّ بعد إطلاقه في الهواء الطلق ليس ملكاً لحميد، بل هو ملك للقارئ الحصيف، يوظفه حيث شاء، وكيف يشاء. فالتهنئة الصادقة للأستاذ صلاح هاشم السعيد الذي انتج هذا الكتاب الفريد في موضوعه، والجرئي في تناوله.


الناشر: مركز عبد الكريم ميرغني بأمدرمان، 2015م
محمد عبد الجليل الشفيع
مشاركات: 155
اشترك في: الجمعة إبريل 01, 2011 11:11 am

مشاركة بواسطة محمد عبد الجليل الشفيع »

الشكر لك سيد أحمد وللصديق صلاح السعيد
صلاح أحد المستكنهين العظام لتلافيف الفلسفة الحميدية والعارفين بحق
بتفاصيل لغة حميد الدارجة المبينة ..

مقود الوطن لا زال بيد هذه النخب وهي تواصل حرثها
البائس وعلى رأسها صخرة سيزيف المعلومة النهايات كالانتخابات
القادمة في الوطن السليب ..

وبالتأكيد ما بين أشعار حميد وتحليلات صلاح السعيد (يطيب الجلوس)
سيد أحمد العراقي
مشاركات: 624
اشترك في: الأحد يونيو 21, 2009 11:44 pm

مرحبا الأستاذ محمد

مشاركة بواسطة سيد أحمد العراقي »

[b]لك التحية والإحترام أستاذنا محمد

الأستاذ صلاح هاشم السعيد عميق التناول وسلس الأسلوب وأكيد ان كتابه سيضيف ويعين في قراءة أشعار الراحل الخالد/ حميد

لكم الود
[/b]
أسامة الخواض
مشاركات: 962
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:15 pm
اتصال:

مشاركة بواسطة أسامة الخواض »

[size=18]مبروك صدور كتاب الأستاذ صلاح هاشم السعيد.

كيف يمكن لنا أن نشتري نسخة من الكتاب؟

مبروك مرة أخرى صدور الكتاب.
أسامة

أقسم بأن غبار منافيك نجوم

فهنيئاً لك،

وهنيئاً لي

لمعانك.

لك حبي.



16\3\2003

القاهرة.

**********************************
http://www.ahewar.org/m.asp?i=4975
محمد عبد الجليل الشفيع
مشاركات: 155
اشترك في: الجمعة إبريل 01, 2011 11:11 am

مشاركة بواسطة محمد عبد الجليل الشفيع »

طالما الموضوع:

حُمّيد وفشل النُخب السُّودانية
قراءة في جدلية المركز والهامش (الآن بالمكتبات)
تأليف الأستاذ صلاح هاشم السعيد

أبشر يا أسامة .. سأقابل صلاح السعيد خلال هذا الأسبوع
واستلم منو نسختين (لي .. ولك) ومتى ما توفر لي عنوان
إقامتك ستصلك النسخة بالبريد في محلك .. فقل (لصحائف
النقد استعدي) والأجر لسيد أحمد العراقي.
أسامة الخواض
مشاركات: 962
اشترك في: الاثنين مايو 09, 2005 7:15 pm
اتصال:

مشاركة بواسطة أسامة الخواض »

مبروك صدور الكتاب، وقد كتبت في بوست عن المثقفين في منبر آخر، كلاما شبه مطول.

أشكر لك يا أستاذ محمد مبادرتك.

سمعت أن من الهدايا المفضلة لعبدالخالق محجوب "الكتب".

و العبدلله أيضا كذلك.

عنواني ليس سرا وهو بالانجليزية:

472Monroe Street Apt.2
Monterey,CA, 93940
USA
أسامة

أقسم بأن غبار منافيك نجوم

فهنيئاً لك،

وهنيئاً لي

لمعانك.

لك حبي.



16\3\2003

القاهرة.

**********************************
http://www.ahewar.org/m.asp?i=4975
أضف رد جديد